رواية ملاك الاسد اسد وهمس كاملة جميع الفصول بقلم اسراء الزغبي

رواية ملاك الاسد اسد وهمس كاملة جميع الفصول بقلم اسراء الزغبي

رواية ملاك الاسد اسد وهمس كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة اساء الزغبي رواية ملاك الاسد اسد وهمس كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية ملاك الاسد اسد وهمس كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية ملاك الاسد اسد وهمس كاملة جميع الفصول

رواية ملاك الاسد اسد وهمس كاملة جميع الفصول بقلم اسراء الزغبي

رواية ملاك الاسد اسد وهمس كاملة جميع الفصول

تجرى هنا وهناك تنظر في كل مكان بعيونها المتسعة بانبهار من هذه المنطقة الراقية بمنازلها وسياراتها فارهة الثمن حتى وجدت ضالتها.

همس بفرحة عارمة: الله أخيرا لقيتك
انطلقت بسرعة تجاه ضالتها فدخلت من بوابة هذا المنزل الضخم حيث كان القدر في صفها لأول مرة وجعل أصحاب المنزل ينسون غلق بوابة الحديقة الشاسعة بأزهارها وورودها متعددة الألوان.

وعند هذه النقطة اتسعت عينيها أكثر وأكثر فأصبحت في غاية الفتنة
أزهار وورود ملونة؟
وهل تحتاج أكثر من هذا؟! بالطبع لا
اندفعت هذه الصغيرة للحديقة الشاسعة تقتطف ما تقدر يداها الصغيرة على حملها من الأزهار والورود فجمعت حوالى ثمان أو تسع ورود كبيرة بألوان مختلفة.

جمعتها خلال تلمسها لشفتيها بلسانها الصغير متخيلة نفسها تأكل وجبة لذيذة بثمن هذه الورود!

نعم؟!
هل كنت تتخيل أنها تقتطفهم لأجل الاستمتاع برائحتها؟!
بالطبع ملاك مثلها يعشق الزهور والورود
ولكن إن اتبعت عشقها وسارت وراء رغباتها
فكيف تعيش؟!
تلك الورود تجلب لها المال لتشترى وجبة تعيش عليها ليوم كامل
ولكن للقدر رأى آخر فقد قطع عليها لحظتها الرائعة مع البستان رجل كبير السن غاضب بشدة من رؤية زهوره تُقتطف وتسرق أمام عينيه!

أمسك العجوز عكازه ورفعه عاليا منطلقا إليها صارخا بأعلى صوته عليها
الرجل وهو يجرى تجاهها: إنتى يا حرامية ابعدى عن الورد والله مهسيبك
همس بفزع وهي تقبض على الورود التي قطفتها وقد تركت لساقيها الصغيرتين القصيرتين العنان: أنا، أنا، أنا معملتث حاجة.

قالت جملتها بتلعثم ثم جرت بأقصى سرعة خارج هذا المنزل وقد حمدت ربها أن الرجل كان عجوزا بطئ الحركة فإذا كانت أرنبا فهو سلحفاه.

أرنبا وسلحفاه؟! بربك همس اصمتى واجرى فقط إذا نال منك لن يتركك
وأخيراً ابتعدت عنه
همس: الحمت لله، الحمت لله، كنت هموت
إيه ده أنا رحت فين؟
الله إيه المكان التحفة ده؟
دا طريق فيه عربيات كتيرة! هقدر أبيع الورد بثرعة
يلا يا همث بطلى كلام وثوفى ثغلك بقى
بدأت همس تجرى من سيارة لأخرى لتبيع الورود وهي سعيدة
على الرغم من خوفها من ذاك العجوز وحزنها الشديد لبعدها عن منطقة راقية تجلب لها الرزق إلا أنها فرحت كثيرا.

وقد انتقلت من الرقى إلى الجنة
فهذه كقطعة من الجنة على الأرض
المنطقة كانت راقية جدا بالمطاعم والشركات والسيارات وكل شيء بها
بدأت تعمل كالعادة بهمة وهي تتمنى أن تبيع تلك الوردات القليلة بثمن كاف لإشباعها
ولكن متى كان المال يكفيها؟!

بمكان آخر يتميز بالرقى والثراء الشديد فهذه المنطقة نالت شرف بناء قصر عائلة ضرغام عليها.

في إحدى الغرف الواسعة والتي تستطيع أن تجعلها منزل وحدها
ولما لا؟! فهذه غرفة الأسد أكبر غرفة بالقصر بما تحتويه من حمام واسع وصالة رياضة كاملة بجميع الآلات.

على فراش واسع حيث ينام شاب طويل عريض المنكبين ذو عضلات متناسقة بالرغم من ضخامتها أنفه حاد أرستقراطى وعيونه لا متسعة ولا ضيقة مناسبة لوجهه بلونهما الرمادى وشعره حالك السواد وحاجبيه المعقودان.

يدق الباب دون فتحه فمن الأحمق الذي يدخل عرين الأسد بقدميه؟! لينزعج ويعقد حاجبيه أكثر وأكثر وهو يقول للخادمة.

أسد بغضب شديد: أنا مش قلت محدش يصحينى وأنا هصحى لوحدى في الوقت اللى أنا عايزه
الخادمة بخوف شديد وارتجاف: حححضرتك أنا قولت كده لماجد بيه بس هو زعق وأصر إن حضرتك تنزل دلوقتى.

أسد بصياح: امشى بررره وأنا هنزل في الوقت اللى عاوزه
الخادمة: بس...
زمجر كالأسد وكان هذا كافى لترتعب الخادمة حتى كادت تفقد وعيها فجرت بسرعة للأسفل.

بالطابق السفلى حيث تجتمع عائلة ضرغام
الخادمة وهي تدمع: ماجد بيه أسد بيه بيقول هيصحى في الوقت اللى عايزه وطردنى بره وزعق في وشى.

ماجد بقسوة: ميزعق ويطرد براحته دا أسد حفيدى ابن الغالى ويا تتحمليه يا تمشى ويلا شوفى شغلك.

ذهبت الخادمة وهي حزينة
فالجد عطوف ورقيق القلب إلا أنه لا يظهره ذلك حتى لأعز أحفاده
معروف هو بالقسوة الشديدة على الكل، يعتقد أن الحب خسارة كبيرة ولو كان مثل من يتعاملون بقلوبهم لما كون هذه الإمبراطورية.

سعيد بغضب: هو حضرتك يا بابا هتفضل مدلع أسد كده دا حتى مش أكبر حفيد ليك عشان أقول إن دى معزة خاصة.

ماجد بغضب أكبر: اتكلم عدل معايا يا سعيد أنا أعمل اللى عايزه وبعدين دا أسد ابن الغالى صلاح ابنى يعنى مش أى حد وبعدين أنا حر.

سعيد بتراجع خوفا مما يستطيع والده فعله: يا بابا مش قصدى والله أنا قصدى إنه المفروض فيه عدل يعنى أسد لا هو أكبر حفيد ليك ولا الصغير ولا حتى الوحيد ما إنت عندل ولادى التلاتة
ما شاء الله سامر ابنى أكبر منه بخمس سنين وأول حفيد ليك وغير كده مخلص جامعة مش لسة بيدرس في سنة أولى زى أسد.

ماجد: بس عمره مكان في كفاءة أسد متنساش إن أسد بدأ يشتغل من سن 14 سنة يعنى بعد موت أبوه وأمه الله يرحمهم بسنة واحدة ومع إنه كان لسة صغير بس أصر إنه يشيل الحمل ورا أبوه ومحدش ياخد شغل أبوه غيره وكان قدها وغير كده سامر مين اللى بتتكلم عنه ابنك الفاشل الصايع اللى شغال خمرة ونسوان واللى دخلناه هندسة خاص بعد ما كان ساقط ثانوى ولولا إن أسد بيشرف على كل الممتلكات كان ضيعنا ولا سمر بنتك اللى مقضياها وهي لسة في تالتة ثانوى بس ما شاء الله على سمعتها اللى زى الزفت ومقضياها نايت كلاب.

سعيد بأمل: طب ابنى شريف مهو زى أسد ومحترم والسنة دى آخر سنة ليه وغير كده يعرف كل حاجة في الشغل.

ماجد: وهو عرفه لوحده يعنى ما أسد هو اللى بيوجهه وصدقنى اللى بيشفعلك عندى دايما انت وسامر وسمر هو شريف لإنه محترم ومعدنه أصيل ومبيهونش عليه أهله سامع يا سعيد
سعيد بخضوع: أيوة يا بابا سامع
كل ذلك أمام سمية زوجة سعيد وسمر وسامر الذين يزدادون حقدا بينما شريف لا يهتم بهذا الحديث فهو يتكرر كل يوم وما يهمه هو أسد وجده فقط.

سعيد في سره: والله لأوريك إنت وأسد بتاعك ده يعنى في الأول تحب ابنك صلاح ومراته ناهد أكتر منى ومن سمية وقولت ماشى لكن تيجى تانى وتفضل ابنهم على ولادى لا مش هسكت أبدا على كده والأيام بينا.

بعد أن نهض من فراشه استحم ومارس الرياضة وكأنه آلة اعتادت على مهامها ينفذ دون إحساس أو شعور وكيف يأتى الشعور والإحساس وهما قد أخذا معهما كل شيء.

والداه كانا كل شيء له فهما الحب والحياة، جده قاس دائما وعمه وزوجة عمه وأبنائه لا يحبونه أبدا سوى شريف الذي يعتبره أخاه وصديقه وذراعه الأيمن وسامر صديقه المفضل في طفولته والذي تحول لشخص لا يعرفه ولكنه متأكد أن والديه السبب في كرهه له ومهما حدث لن يعوض أحد حنان الوالدين ولكنهم قد تركوه في عمر الثالثة عشر وحيدا وبعد عام من موتهما أصر ألا يتولى أحد المسئولية بعد أبيه سواه وفي أشهر قليلة علم كل شيء عن الشركات والمصانع والمستشفيات والفنادق والمطاعم وكل ممتلكات العائلة فأصبح اسما على مسمى.

أسدا يهابه الجميع حافظ على كل ما تمتلكه العائلة بل زادها ونماها
هبط حيث الغرفة المخصصة للطعام
أسد بصوت ميت وبارد: صباح الخير
رد الكل التحية إما بلامبالاة أو حقد أو مرح
شريف بمرح لتخفيف الجو: يا ساتر يارب قل أعوذ برب الفلق إيه يا عم مالك شايل طاجن ستك ليه اضحك يا حبيبى هو حد ضامن عمره
ولا إنت بقى عشان لسه مقطقط ومسمسم ومز كده وعندك 18 سنة يبقى خلاص ضامن عمرك لا يا حبيبى مش لاعب.

أسد بقرف مصطنع: مقطقط ومسمسم؟! في واحد محترم يقول كده وبعدين إيه 18 سنة دى على أساس إنك عندك 70 سنة ما إنت أكبر منى بأربع سنين بس
يعنى يعتبر زيى ولا هو حسد على الفاضى
شريف بمرحه المعتاد: لا اوعى تفهمنى غلط أنا مش بحسد أنا بقر وبحقد بس
أسد: يا ريتك ما فهمتنى الصح، الغلط كان أرحم
بدأوا بتناول الطعام وسط جمود الجد وأسد وحقد سعيد وسمية وسامى وهيام سمر بأسد وابتسامة شريف.

أسد: الحمد لله أنا رايح الشركة يلا يا شريف
شريف: طيب جاى أهو
خرجا للشركة ليلتفت ماجد لابنه
ماجد بتهكم: إيه يا سعيد مش شايف سامر راح يشوف مصالحه يعنى ولا هو كلام على الفاضى.

سامر بغير نفس: أوووف قايم أهو يا جدى سلام
ماجد: سمر اوعى تكونى فاكرة إنى مش عارف شغل النايت كلاب كل يوم ها أنا مش هسكت كتير.

سمر بزهق: حاضر يا جدو، أنا طالعة فوق
وتفرق الجميع، ذهب كل شخص لمكانه المعتاد ولكن بأحداث غير معتادة...
تجرى من سيارة لأخرى محاولة البحث عمن يترأف بحالها فمنهم من ينظر لها باحتقار ومن ينظر باشمئزاز وسخط ومن ينظر بشفقة وغيرها من النظرات
همس بدموع بعينينها وهي تتلمس بطنها الصغيرة التي تصدر أصواتا لا تتناسب مع حجمها: خلاث اهدى متزعليث لو مث لقينا فلوث هناكل من الزبالة زى كل مرة
ثم عادت لعملها مرة أخرى حتى وجدت ضالتها
سيارة فخمة بها شاب وسيم ينتظر إشارة المرور ليتحرك فركضت له بسعادة وهي تقول.

همس بفرحة: ورد يا بيه
نظر لها الشاب بخبث ووقاحة لم تدركها عينيها البريئة
الشاب: أيوة طبعا يا حبيبتى بس إدخلى العربية عشان مش عارف أتحرك
همس بسعادة: حاضر
دخلت السيارة وأغلقت الباب وهي تتخيل وجبتها التي ستتناولها بثمن هذه الورود
قد لا توفر لها وجبة كاملة ولكنها ستفى بالغرض
قال الشاب بوقاحة: تعالى بقى حطيلى وردة في جيب الجاكت
همس ببراءة: طب متحط إنت.

الشاب بكذب: مش هعرف لو الإشارة فتحت ومتحركتش هتحصل مشكلة ولازم أبقى مستعد
همس بابتسامة: طب خلاث ماثى
وقفت على مقعد السيارة واقتربت منه لتضع وردة حمراء في جيبه
استغل قربها منه وظل يشم رائحتها الطفولية الرائعة الممزوجة بالبراءة والتي لم يطمرها الزمن مهما مر
وضع يده على خصرها فخافت وابتعدت عنه بسرعة وهي ترتعش ووضعت بقية الورود في السيارة وأمسكت مقبض السيارة مستعدة للخروج ووجهت كلامها للشاب.

همس: هات الفلوث بقى عثان أمثى
الشاب: طب استنى بس
وحاول الاقتراب منها لكنها ابتعدت أكتر وهي تحاول فتح الباب بالرغم من عدم علمها بما يريده لكنه يزعجها ويقلقها
ابتسم بخبث فقد أصبحت إشارات المرور في صفه فتحرك بسرعة مع السيارات قبل أن تستطع الخروج
همس ببكاء شديد وصراخ: بطّل، ضعايزة أمثى، وقفهااااااا
كل هذا والشاب يحاول لمسها بطريقة مقززة وهي تبكى
الشاب بخوف: يا نهار اسود دا فيه ظابط بيفتش أعمل إيه دلوقتى.

فتح باب السيارة من جانبها وألقاها بعيدا بلا رحمة
تدحرجت على الأرض وجرحت ركبتيها وأجزاء من ذراعيها حتى استطاعت الوقوف بالرغم من حزنها الشديد لفقدانها المال والورود إلا أنها فرحت بالتخلص منه فهو يقلقها
وفي وسط تفكيرها اصطدمت بفتاة ما تكاد لا ترتدى ما يسترها
الفتاة بغضب وتدعى منى: إنتى غبية ومتخلفة إزاي الأشكال دى تقف هنا إنتى مش عارفة إنتى فين
همس وهي تقوس شفتيها بزعل طفولى: هكون فين يعنى.

منى: إنتى في منطقة الأسد يا غبية
همس بانبهار وهي تنظر في كل اتجاه: الله فين، فين، ثورينى معاه بث من بعيد لاحثن يكلنى
منى: بجد متخلفة أسد ده إنسان صاحب الشركة اللى وراكى دى يا حيوانة
همس وهي تنظر وراءها بانبهار وبراءة: الله إيه المبنى ده يا بخته أكيد عنده أوض كتير ممكن لو طلبت منه يثلفنى وحدة هيديهالى
منى باشمئزاز: أنا مش عارفة واقفة معاكى ليه أصلا
همس: طب بالله عليكى دخلينى معاكى.

منى: هو إحنا رايحين المراجيح
همس: طب إنتى بتعملى هنا إيه طيب
منى: لولا إنى مضطرة مكنتش هقف مع أمثالك على العموم مستنية حد يجيبلى ورق نسيته في البيت
همس بفضول طفولى: ورق إيه
منى بغرور: ورق يخلينى أشتغل هنا
همس بحزن بسرها: يا ريتنى كان معايا فلوث كنت اثتريت ورق زيه يا خثارة
جاءت فتاة أخرى وأعطت منى بعض الأوراق فأخذتها ولكنها أثناء استعدادها للدخول انزلقت فوقعت على الأرض.

استغلت الفرصة وأخذت أوراقها التي تناثرت وجرت بأقصى سرعتها
منى بصياح: يا حرامية تعالى هنا
ولكنها كانت ابتعدت مختبئة بإحدى الأماكن القريبة
همس وهي تحدث الاوراق محتضنة إياها لصدرها: الله هثتغل بيكى وهيبقى معايا فلوث كتير
لازم أرجع الثركة بث أما تمثى البت دى الأول
بعد فترة وقد يئست منى من البحث فذهبت وهي تندب حظها بينما فرحت همس وجرت إلى الشركة.

دخلتها بسهولة فمن بحجمها من الصعب رؤيته فقد تخفت في مجموعة فتيات جاءوا من أجل الوظيفة الجديدة
في مكتب أسد
أسد بصياح: يعنى إيه يا شريف الورق اختفى
شريف: اهدى يا أسد هنعرف أكيد هو فين
أسد بغضب عارم: وإيه لازمتها أما نعرف ما هو اللى خده يقدر يصوره وبعدين يرجعه وغير كده دى تانى مرة تحصل
شريف: خلاص بقى يا أسد وبعدين الأوراق مش مهمة أوى، كده كده إنت مش بتسيب الأوراق المهمة هنا.

أسد وقد بدأ يهدأ: خلاص ماشى أخرج دلوقتى وقول لتسنيم تبدأ تدخل البنات
شريف بغمزة: تحب أساعدك وأشوف معاك قصدى مؤهلاتهم يعنى
أسد بابتسامة خفيفة: لا يا خفيف دى وظيفة ليا أنا أبقى شوفلك سكرتيرة خاصة وشوف براحتك طبعا قصدى مؤهلاتهم يعنى
خرج شريف وهو يضحك وقد بلغ تسنيم بالأوامر وبدأت الفتيات تدخل واحدة تلو الأخرى
دخلت همس للغرفة ومعها الأوراق.

همس وهي تنظر الموجودين: ينهار اثود هما قالعين ليه وبعدين كلهم كبار ليه هو مينفعث ثغيرين يجوا هنا ولا إيه، لا يا همث أكيد ينفع إنتى معاكى الورق متقلقيث هتثتغلى
نظرت سكرتيرة مكتب أسد للموجودين وقبل أن تنادى على الاسم التالى رأت همس
تسنيم وهي تتجه صوبها
تسنيم: إنتى يا حيوانة إزاى تدخلى كده
همس بعيون متسعة: أنا مث حيوانة
تسنيم: لا دا إنتى قليلة الأدب كمان مش عارفة إزاى سمحولك تدخلى.

همس ببراءة: الكل دخل اثمعنا أنا بقى
تسنيم بقرف: بعيدا عن إنك عندك خمس ست سنين كده إلا إنك جاية من الشارع يعنى جربوعة ولو مطلعتيش حالا هنادى الأمن يا معفنة إنتى
همس بصوت عالى وطفولى مغمضة عينيها بشدة: أنا عندى ثت ثنين ونث وأنا مث جربوعة ومث معفنة
وقبل إضافة كلمة أخرى
فتح الباب فجأة وخرج منه شاب بالرغم من صغر سنه الذي لا يتجاوز الثامنة عشر إلا أن له هيبة وهالة مخيفة تجعل القلوب ترتعد رعبا.

الشاب بصراخ وحدة: إيه الهمجية دى
تسنيم بخوف ممزوج بإعجاب: يا فندم البت دى جاية من الشارع عايزة تشتغل في الوظيفة الجديدة لا وكمان سرقت cv بتاع وحدة تانية وجاية بيه على إنها هي
أسد بعيون حمراء من شدة الغضب وهو ينظر في كل الاتجاهات بحثا عن تلك الفتاة ولكنه لا يجدها
كل من تطلع لهن يظهر من ملابسهن الترف واستعدادهن للوظيفة جيدا
أسد: هي فين أنا مش شايفها
همس ببراءة وعيون متسعة طبيعيا: أنا هنا بُث تحت.

قالت ذلك وهي تمسك بجزء من بنطاله بيدها الصغيرة وتحركه في كل اتجاه حتى ينتبه لها
نظر لأسفل فوجد طفلة تكاد تصل لركبتيه
ولكنها ليست مجرد طفلة يا الله على هذا الجمال إنها كالملاك الصغير البريء والذي بالرغم من تلوث جسدها بالتراب وفستانها الطفولى الصغير القديم جدا إلا أن الدنس والتراب لم يستطعا أن يخفيا ملامحها كأنه يستحى من ذلك.
بالرغم من كل هذا إلا أن عيونها غريبة حقا لا يعرف لونها من بعيد كالثلج المتساقط في ليلة ظلماء
كل هذا دار بخلد أسد وهو ينظر لها كأن العالم توقف في هذه اللحظة
ما بك يا أسد إنها طفلة لا يجب عليك التفكير هكذا أنت الأسد لا أحد يؤثر بك لا تنسى من أنت
همس بانبهار: إنت أثد ثاحب الثركة ثح
أسد محاولا التماسك وهو يوجه كلامه لهمس: تعالى ورايا
فرحت وذهبت وراءه رافعة رأسها بشموخ وكأنها تقول أنا فزت ودخلت مكتبه.

أسد بعدما جلس على مقعده: اقفلى الباب وراكى
حاولت ولكنها لم تستطع فهى قصيرة جدا ولكنها لم تيأس فقد ذهبت لمقعد لترفعه ولكنها لم تستطع أيضا
نظرت له ببراءة وكأنها تقول لقد فعلت كل ما بوسعى
يا الله لا أستطيع سأنفجر ضحكا ما كتلة البراءة واللطافة هذه أريد التهامها كاملة، كم هي لذيذة
ماذا؟! ما بك أسد إنها طفلة
تحرك وأغلق الباب ثم عاد بمقعده مرة أخرى
أسد وهو يشير على كرسى مقابلا له: اقعدى.

جلست همس بصعوبة لطول الكرسى أو بالأحرى لقصرها
وهنا ولم يستطع كتم ضحكته أكثر فانفجر ضاحكا التهمها كلا من الكرسى والمكتب فلم يعد بإمكانه رؤيتها
أسد: ههههههههه طب ارفعى نفسك شويتين تلاتة أنا مش شايفك
تأففت، أكثر ما تكرهه في حياتها هو السخرية من قصرها
قامت وجلست على سطح المكتب أمامه مربعة رجليها
همس: ها هثتغل امتى
أسد بسخرية وهو يجاريها: مش لما أشوف مؤهلاتك الأول.

أسد بجدية: ممممم اسمك إيه الحقيقى لإنى متأكد إنك إما سرقتى الملف أو شوفتيه فقومتى وخداه
همس بخزى: همث
أسد: طب فين عيلتك
همس بحزن: مث ليا حد انا معرفث مين بابا
وماما ثابتنى لوحدى من وأنا 4 ثنين
حزن أسد بشدة عليها ثم قال: طب إنتى عايشة فين
همس: في الثارع
يا الله ماذا يفعل الآن هل يتركها في الشارع
لا مستحيل سيكون خطرا على كتلة اللطافة تلك
آااه وجدتها ملجأ سأرسلها لملجأ لتتربى مع غيرها
من الفتيات و، والأولاد؟!

لا لا لا لا مستحيل أن أتركها مع أولاد يتمتعون بجمالها
يا الله ما بك أسد إنها طفلة اتركها في الملجأ
وهنا رد قلبه مستحيل أتخلى عنها إنها لى
وبعد حوار طويل أقنع أسد نفسه أنه فقط يخاف عليها لذلك سيأخذها ويهتم بها
أسد: همس إيه رأيك تعيشى معايا وأجبلك أكل ولبس ولعب كتير اعتبرينى صاحبك
ماذا هل تتوقعون أن يجعلها تعتبره أب أو أخ لها هذا من رابع المستحيلات
همس بفرحة: بجد
أسد: أيوة بجد يا ملاكى.

همس بتعجب: ملاكى!، بس أنا اثمى همث مث ملاك
أسد: عارف بس أنا حاسك الملاك بتاعى فهتبقى ملاكى
همس: خلاث وإنت هتبقى أثدى
هل سمعتم صوت ضربات قلبه يكاد يجزم أن من بالخارج سمعها اهدأ أسد إنها تثق بك لا تخيفها
أسد: يبقى خلاص تعالى بقى
حملها أسد ووضعها على أريكة أمامه حتى يستطيع رؤيتها جيدا
أسد وهو يملس على شعرها الأسود الناعم: خليكى هنا هخلص وهنخرج مع بعض ماشى
همس: ماثى.

وبدأ أسد يختار سكرتيرته الخاصة ووقع اختياره في النهاية على فتاة جميلة محجبة ترتدى ملابس محتشمة تسمى ياسمين
فوجهها الأبيض البشوش الخالى من مستحضرات التجميل يدل على احترامها وغير ذلك فقد أحبتها همس وهو يريد من يهتم بملاكه أثناء انشغاله بعمله
أسد وهو يحمل همس: يلا بقى يا ملاكى خلصنا تعالى نروح الأول نرتاح وبعدين نروح المول نشتريلك حاجات
همس: ماثى
وهنا دخل شريف.

شريف بمرحه المعتاد: يا أهل الد، إيه ده مين دى
أسد: دى همس الفرد الجديد في عيلتنا
وحكى أسد له باختصار ما حدث
شريف وهو يقترب: يا ربى على الجمال، بقى دى جاية من الشارع؟! ده على كده إحنا جايين من المقابر بقى يخربيت حلاوتها متجوزهالى يا عم بما إنك بقيت أبوها
قال جملتها وهو يلاعب خديها الممتلئين وسط ضحكات همس فقد أحبته.

أسد بغضب وصراخ وقد أعمته الغيرة وأبعد يد شريف بعنف: احترم نفسك يا شريف متقربش منها تانى وأنا مش أبوها
شريف: يخربيتك براحة الله، بس برضو حلوة
لو كانت النظرات تقتل لوقع شريف صريعا
شريف: خلاص يا عم أنا خوفت بجد بس دلوقتى محدش هيوافق عليها في القصر.

أسد بلا مبالاة وهو يلاعب همس التي بدأت تنام: غصب عنهم هيوافقوا ولو موافقوش هخدها وهمشى وإنت عارف إنى ملياردير ومعايا فلوسى الخاصة اللى أقدر أعيش بيها ألف سنة من غير فقر
بس جدك هيخاف أبعد عنه وهيضطر يوافق
شريف: خلاص إنت وراحتك على العموم أنا قربت أخلص وهبقى أروح يلا سلام
أسد: سلام
نظر أسد لملاكه فوجدها نامت على يديه بسلام وهي مستندة على كتفه.

ظل يتأملها ويتفحص كل إنش بها ثم اقترب برأسه منها ودفن رأسه في عنقها وهو يشتم رائحتها الطفولية
قبل أعلى جبينها وشعرها اللامع
أسد: إنتى دخلتى عرين الأسد ومش هتطلعى منه أبدا إلا وأنا معاكى واليوم ده هو موتنا لإن حتى الموت لما ياخدك هياخدنى معاكى
ياسمين: فتاة جميلة محجبة بعيون عسلى عمرها 21 مازالت تدرس في الجامعة ومع ذلك فهى لها مؤهلات عالية وشديدة الذكاء.
خرج من مكتبه حاملا همس النائمة بسلام وعمق في أحضانه فمر على تسنيم
أسد ببروده المعتاد: إياكى ثم إياكى أشوفك بتتعملى معاها كدا تانى دا أول تحذير ليكى
نهضت مصدومة من حديثه عن تلك الشمطاء الصغيرة
اقترب أسد من تسنيم ناظرا بعينيها مباشرة مما أربكها من هالته الجذابة والمخيفة بنفس الوقت
أسد: المرة دى تحذير عشان مكنتيش تعرفى بس المرة الجاية فيها موتك وإنتى عارفة أنا أقدر أعمل إيه كله إلا هي فاهمة.

عقدت الصدمة لسانها ولم تجب عليه
أسد بصياح: فااااااهمة
تسنيم بخوف: أيوة أيوة فاهمة حضرتك
ابتسم أسد بجانبية: شاطرة أتمنى تنفذى اللى فهمتيه بقى
ابتعد عنها فأدركت الآن أنها كانت تحبس أنفاسها
أسد بصرامة: مش عايز إزعاج النهاردة أو بكرة كل الشغل توديه لشريف ولو حاجة ضرورى تستنينى أما أرجع كمان يومين.

رحل أسد دون أن يبالى حتى بردها ولم يهتم فكل ما يريده بين يديه، في أحضانه تنام بأمان وكأنها تعلم أن من تحتضنه يفديها بروحه فقررت الاطمئنان وترك زمام الأمور له
بينما وقفت تسنيم وهي تغلى من الغضب: ماشى والله لأوريكى يا جربوعة بقى يزعقلى عشانك، بس ليه مهتم بيها أوى كده؟!، لازم أعرف
خرج من الشركة وركب سيارته بالمقعد الخلفى آمرا السائق بالتحرك إلى القصر.

أسد بهمس لتلك النائمة على أقدامه: مش عارف إيه الجديد فيكى يخلينى أتشد ليكى بالطريقة المرعبة دى، اللى تخلينى ممكن أقتل أى حد يقرب منك أو يلمسك أو حتى يبصلك مجرد نظرة
مش عارف ليه بنجذبلك وبعدين الإنجذاب بييجى ليه، إنتى لسة طفلة صغيرة
عشان البراءة ممكن إنتى عندك براءة بس معاها طفولة
وأى حد ينجذب لواحدة بريئة بس عاقلة وكبيرة ومناسبة ليه مش طفلة بريئة
ولو قولنا متعلق بحاجة جديدة دخلت حياتى.

فإنتى مش أول طفلة أشوفها أنا بنيت ملاجئ كتير وبزور أطفالهم كل مدة ومحدش شدنى وشوفت أطفال لناس بشتغل معاهم بنفس براءتك منكرش إنى كنت بحب أهزر معاهم بس كمان كنت بحس معاهم بأبوة إنما إنتى، أنا حتى مش قادر إنى أقولك أنا أبوكى أو أخوكى لما شريف قالى إنى هكون أبوكى اترعبت من مجرد الفكرة دى، خوفت تعتبرينى فعلا كده، واتخيلت إنى بسلمك لجوزك، صدقينى عمرى ما اترعبت قد ما اترعبت لما اتخيلت ده، عشان كده أنا هعوضك عن شعور الأب والأخ اللى مفتقداهم بس عمرى ما هسمح إنى أكون أبوكى أو أخوكى فعليا.

مش عارف ده عشق ولا تملك ولا مجرد إعجاب بس اللى أعرفه إنك أكيد هتغيرى حاجات كتير في حياتى يا كل ما أملك
ثم لثم جبينها بلطف
ضمها إليه أكثر وأكثر عله يشعر بالأمان
في مكان آخر بإحدى المنازل الفخمة ما
سمر: أوووف بقى
مازن بوقاحة وهو يتفحصها على الفراش: مالك بس يا جميل
سمر بزهق: إزاى لحد الآن مش حاسس بيا دا أنا مجنونة بيه ومستعدة أعمله كل اللى عايزه وبردو مش قابلنى في حياته.

مازن: معلش يا جميل سيبك منه وخليكى معايا أنا
قالها وهو يقترب منها مرة أخرى
سمر وهي تبعده: اللى بينا سد فراغ مش أكتر أنا أدفعلك وإنت تعمل اللى أنا عاوزاه غير كده متعشمش نفسك كتير
مازن بزهق: إيه لازمته الكلام ده يعنى
سمر: عشان حساك بدأت تنسى نفسك لأ فوق إنت من غيرى كان زمانك لسة مرمى في المطاعم عمال تجرى على شغل من مطعم للتانى فمتنساش أصلك ولا تنسى أنا مين.

مازن بتشفى وشماتة: وهو لما إنتى جامدة أوى كده ليه مش معبرك
سمر بغضب: ماااازن احترم نفسك أنا بعشقه ومش عايزاه ييجى غصب
مازن: أسد ضرغام ييجى غصب؟! ده إزاى ده إن شاء الله
سمر: عادى لو قولت لجدو إنى مش بنت هيبقى عايز حد يدارى الفضيحة وهيلاقى مين غير أسد يعنى
مازن: بس ده يموتك.

سمر: جدى ميهمهوش غير الفلوس والسلطة والسمعة لكن الباقى لا، يعنى مثلا هو عارف إنى مش بحضر ولا دروس ولا مدرسة وبكلم رجالة كتير ودايما في النايت كلاب وبيكتفى بتحذير بس، يعنى برأيك ماجد بيه ميقدرش يمنعنى مثلا، لا يقدر طبعا بس طالما محدش طلع كلمة وحشة على العيلة يبقى خلاص مش همه
مازن: طب ومعملتيش كده ليه
سمر: قولتلك بعشقه ومش عايزاه يتجوزنى غصب
لأ عايزاه يحبنى بس فعلا لو مجاش بمزاجه هجيبه غصب.

ثم أردفت بوقاحة وهي تغمزه: مش كفاية كلام ولا إيه
مازن: طبعا يا قمر
لينغمسوا فيما حرمه الله
في قصر ضرغام
يدخل أسد القصر حاملا ملاكه ليقف الجميع مستغربين لهذه الطفلة والتي لا يروا فيها إلا ترابا فقط
سمية بقرف: مين دى؟!
أسد ببرود بعد أن جلس على الأريكة
وعلى قدميه همس
أسد: دى ليها اسم وهو همس
سعيد: وبتعمل إيه هنا يا ابن صلاح
أسد: هتعيش معانا يا، أخو صلاح.

سامر بغضب وصوت مرتفع: يعنى إيه هتعيش معانا هي زريبة هنلم فيها بهايم المقرفة دى تطلعها بره مش ناقصين هبل على المسا
خرج الجد من غرفته على أثر الصوت العالى
ماجد بغضب: فيه إيه
سامر بحقد: شوف ابن الغالى بتاعك جايب واحدة من الشارع وعاي..
توقف عن الكلام وتراجع للخلف بخوف عندما وجد أسد يقوم فجأة حاملا همس.
نظر له أسد باستهجان ثم صعد لأعلى لغرفته وهو يقول: أنا مش هتناقش دلوقتى لسببين الأول إن ملاكى تعبانة وعايزة تنام وهتصحى على الصوت العالى والتانى إنى مش هعيد كلامى مرتين فهستنى سمر وشريف أما ييجوا وبعدين نتناقش ومش عايز أى إزعاج ثم صعد ببرود وكأنه لم يفجر أى قنبلة بكلامه هذا
سمية بغضب: شايف يا عمى بيعمل إيه مهو من دلعك.

ماجد بغضب وهو يضرب الأرض بعكازه: سمية احترمى نفسك إنتى نسيتى أصلك ولا إيه وأسد ليه حساب معايا بس زى ما قال لما نتجمع كلنا
صعد لغرفته هو الآخر تاركا الثلاثى الحاقد يخططون
سمية: إيه إحنا هنسكت ولا إيه
سعيد: لأ طبعا نسكت إيه ده هو لوحده وواكل الفلوس علينا أمال أما يجيبلنا واحدة تكمل مسيرته لأ والواضح إنها من الشارع يعنى هيصرف عليها كتير.

سامى: وحياتكوا لأخليه يجيلى راكع هو وكل اللى بيحبهم. مهو لو ابنك شريف يساعدنا ضده، لكن ده غبى 00000 ما قولتلكم من الأول نعرفه إن جدى كاتب كل حاجة لأسد وهو أكيد هيساعدنا، دا حقنا
سعيد بارتباك: لا، انت وعدتنا مش هتقول لحد
سامر باستغراب: ليه يعنى
سمية: خلاص بقى يا سامر، وبعدين معلش يا حبيبى بكرة يعقل ويعرف إن ملوش غيرنا وخلينا نستنى أما نشوف النقاش المهم أوى عن الشوارعية دى
في الأعلى بغرفة أسد.

وضعها برفق على سريره وقبل جبينها
أسد: معلش مضطرين نستحملهم، لولا إنى عارف إن مهما كان جدى قاسى إلا إنه شهم وبيحمى كل اللى تحت إيده حتى لو عدوه كنت خدتك بعيد بس كان هيبقى بالى مشغول وخايف لسمية وسعيد واولادهم يأذوكى بس متقلقيش إنتى هتبقى معايا في كل لحظة ومش هسيبك أبدا.

وغطاها جيدا ثم ابتعد عنها ليغير ملابسه فخلع الجاكت الخاص به والذي امتلأت بعبقها الطفولى الرائع فاستنشقها دون كلل أو ملل وكأن العالم يتوقف على ذلك وأثناء استكماله تغيير ملابسه لاحظ على قميصه قطرات دم
أسد باستغراب: إيه الدم ده أنا متعورتش من حاجة
ثم جاء بباله ملاكه فجرى إليها برعب وهو خائف وانتشلها من فراشه متفحصا إياها حتى وجد جروح تملئها
يا الله إن الدماء من ركبتيها وساقيها ماذا حدث لها.

أسد بحزن: آسف يا ملاكى إنى مأخدتش بالى من جرحك
وضعها على الفراش مرة أخرى وأحضر علبة الإسعافات وأثناء محاولته لتطهير الجرح ظهر الألم على معالم وجهها فاستيقظت وتثاءبت وهي تفرك عينيها بطفولية شديدة
كل ذلك تحت نظراته الحانية
همس وهي تنظر للغرفة بانبهار: الله، إحنا فين يا أثدى
أسد بفرحة لأنها مازلت مصرة على الاسم الذي لقبته به ولم تنساه: إحنا في بيتى يا ملاكى واللى هو بقى بيتك دلوقتى.

همس: بجد، أنا هعيث هنا الله، وهبقى زى الأميرات اللى بثوفهم على المحلات
أسد: أيوة يا حياتى وهتبقى أحسن كمان
ثم تذكر جرحها فأمسك يدها وهو يطهرها
همس وعينيها بدأت تمتلئ بالدموع: أثدى لأ بتوجع أوى وبيحرقنى
أسد بمواساة: بس بس يا حبيبتى إحنا خلصنا أهو، بس خلاص شطورة
ثم قبل عينيها الباكيتين لتضحك بطفولة وهي تقول
همس بطفولة: أنا قوية ومكنتث خايفة إنت اللى كنت خايف
سحرته ضحكتها ودعا أن تظل دائما تضحك فهذا يكفيه.

أسد بمرح غير معتاد: بتجبيها فيا يا مكارة على العموم ماشى ياستى هعديها، المهم دلوقتى قوليلى اتعورتى من إيه؟!
بدأت همس تحكى له ما حدث معها ولم تنتبه لذلك الذي أصبحت عيونه حمراء بشده وحدقتيه اسودا بطريقة مخيفة ووجهه احمر وانتفخ كأنه سينفجر فاحتضنها بسرعة حتى لا تراه بهذه الحالة
أسد وهو يحاول كبت غضبه: خلاص يا ملاكى متخافيش أنا جنبك دايما. قوليلى بقى تاكلى تحت ولا هنا، ملاكى إنتى سمعانى.

أبعدها قليلا ليجدها نامت من جديد فابتسم عليها ثم أكمل تغيير ملابسه وعند إنتهائه وضعها كاملة فوقه فأصبح هو سريرها وهي غطاؤه ونام ولأول مرة والبسمة على وجهه وهو يشعر بحنان وأمان غريب بجانبها.

مازن: 25 سنة تخرج من كلية حقوق ذو ملامح جميلة هادئة متمكن في مجاله وكان من الأوائل في جامعته ولكنه لم يحظى بأى فرصة لفقره الشديد ولأنه تربى في ملجأ وظل يعمل في المطاعم حتى قابل سمر واضطر للإتجاه لهذه الطريقة حتى يعيش.
استيقظ فجرا وأحس بثقل خفيف على صدره فنظر لهذا الثقل فوجد ملاكه نائمة بسلام وقد احمر وجهها بسبب آثار نومها وهي تحتضنه بيديها الصغيرتين وقد أحاطته بقدميها الصغيرتين حول خصره فكان مشهدا رائع بها دفء وحنان
لا يعلم لما لوهلة تخيلها تحمل أطفاله منتظرة إيه من العمل
ودعا خالقه أن يحقق مراده سرعان ما أزالك الفكرة من رأسه مستغفرا ربه.

ظل يتأملها لمدة ليست قصيرة حتى أذان الفجر فحاول أن يتحرك بخفة دون أن يوقظها ولكنها استيقظت
ظلت تتثاءب وتفرك عينيها ثم نظرت؟لى أسد فابتسمت بشدة
همس: ثباح الخير يا أثدى
أسد: صباح النور يا ملاكى، يلا بقى بما إنك صحيتى فلازم ناخد شاور عشان نبقى حلوين
همس: يعنى إيه ثاور
أسد: يعنى تستحمى يا حبيبتى
همس بحماسة: الله في هنا نافورة
أسد: نافورة ليه؟!
همس ببراءة: أنا كنت بثتحمى فيها.

أسد بغيرة شديدة وبدأ يضغط على خصر همس دون قصد: بتقلعى هدومك وتستحمى إزاي أدام الناس
همس بتألم: آه إنت بتوجعنى
أسد بعدما انتبه لنفسه خفف قبضته وقبل جبهتها: آسف، آسف يا حبيبتى، أوعدك مش هيحصل تانى
همس ببراءة ولطف: مثامحاك خلاث وأنا مث هزعل منك أبدا، وأنا مث بقلع هدومى أنا بثتحمى بيهم
وأخيراً أخرج أنفاسه براحة
أسد: طب تعالى بقى تاخدى شاور وتغيرى هدومك عشان هتتفرجى عليا وأنا بصلى.

همس: بجد، يلا أنا عايزة أتعلم إزاى أثلى، بث هو، يعنى..
الأسد بحنان: مالك يا حبيبتى متخافيش أو تترددى أبدا وإنتى معايا
همس: أصل أنا أتكثف إنك تثوفنى بثتحمى وأغير هتومى
انفجر أسد ضاحكا على ملاكه وكلامها المضحك ولكنه شعر بالفخر بأنها تحافظ على نفسها حتى أمامه
سرعان ما تحول لحزن
فهو متأكد أن كلامها غير سليم لوحدتها وعدم تواصلها مع الأشخاص.

أسد في سره: طب مين هيساعدها أكيد مش رجالة بس برضوا مش عايز ستات يشوفوها؟!؟!
المهم مصلحتها
أسد: خلاص يا ملاكى خليكى هنا وأنا هنزل هنادى على خدامة تساعدك
همس: ماثى
حملها واضعا إياها على الفراش وهبط لأسفل
بعد مدة جاء مع خادمة
حملها حتى وصل بها للمرحاض قبل جبهتها ثم تركها
أسد في الهاتف: ها لقيتوه
الرجل: أيوة يا باشا حظنا إن كاميرات المبانى عرفت تجيبه وجيبنا الفيديو.

أسد: تبعتلى الفيديو، وتروقه كويس وبعدين لبسه قضية مش أقل من خمس سنين سجن
الرجل: حاضر يا باشا، والفيديو ثوانى ويبقى معاك
أسد: تمام
أغلق الخط وبعد ثوانى وصل له الفيديو فرأى ملاكه تقذف من السيارة وكأنها لا تسوى شيئا
ضغط على يده بشده ثم مسح الفيديو
أسد لنفسه: دا جزاء أى حد يفكر يمس ملاكى بسوء
بعد مدة خرجت الخادمة
الخدامة: أسد بيه همس ملهاش هدوم جديدة تلبسها.

أسد: أولا متنطقيش اسمها قولى الهانم الصغيرةثانيا امسكى ده
وأعطاها قميصا أبيضا له فأخذته الخادمة وألبست همس
خرجت همس مرتدية القميص وما إن نظر لها أسد حتى انفجر في الضحك حتى كادت أن تنقطع أنفاسه
يا الله سأجن منها بالتأكيد! هذا ما فكر به أسد وهو يراها كالخيمة البيضاء ذات رأس صغير بالمنتصف
قميصه قد تحول إلى جلباب عليها.

جزء ليس بالصغير منه على الأرض فأصبحت قدماها غير ظاهرة كيديها التي يغطيها نصف الكم والباقى على الأرض مثل أخيه في الأسفل
نظرت الخادمة ببلاهة وهيام لأسد بالرغم من أن عمرها ضعف عمره! لكن من لا يتمنى نظرة من أسد؟!
وكأن الله حقق لها أمنيتها فنظر لها أسد ولكنها نظرة قاتلة؟!
خرجت مسرعة بارتباك من غرفته
رفعت همس ذراعيها لأعلى ليحملها
حملها بحنان وهدوء
همس بخجل سحره: إنت جعان يا أثدى؟!

أسد متصنعا الغباء فهو يعلم بجوعها ويريدها أن تقولها صريحة ولا تخجل منه: لأ
نظرت له همس بصدمة ثم قالت
همس: لأ إنت جعان ومكلتث يلا عثان آكل. قثدى تاك، ثم قطع كلامها صوت معدتها العالى الذي يصرخ ويعنفها فهذا ليس وقت خجل
ضحك أسد وسط خجل همس ثم قال بلطف
أسد: تعالى يا حبيبتى هصلى علطول وهننزل تاكلى كتير واقعدى هنا شوفينى بصلى إزاي وأنا هعلى صوتى
وبعد انتهائه من الصلاة انطلق بها لأسفل
في مكان آخر.

ارتدت سمر ملابسها واستعدت للخروج
سمر: سلام يا مازن وخد دول فلوس يكفوك شهر بحاله
مازن بقرف ليس منها فقط بل من نفسه أيضا: تمام
بس خلينى أوصلك بعربيتى كدا كدا أنا نازل أشترى حاجات
سمر بتهكم وشماتة: قصدك العربية اللى جبتهالك. على العموم أوكى يلا
خرج مازن وسمر ونزلت بعيدا عن القصر حتى لا يراها أحد
أثناء عودة مازن لشقته وجد مجموعة من الشباب تجرى خلف فتاة ما
مازن وهو يترجل من سيارته: إيه اللى بيحصل هنا.
ما إن رأته الفتاة حتى ارتمت في أحضانه
أحس مازن بشعور غريب عليه فأصبح قلبه ينبض بشدة وبدون وعى منه قرب أنفه ليشم عطرها يا الله إنها رائحة الياسمين
بينما الحال لم يختلف عندها فبالرغم من خوفها إلا أنها أحست بأمان ودفء غريب معه
خرج كل منهم من سكرته على أيدى انتشلتها من أحضانه
نظر بغضب لهؤلاء الثلاثة فعرف على الفور أنهم سكارى
مازن بهدوء مفتعل: سيبوها
أحد الشباب: طب مهى تكفينا كلنا يا برنس.

مازن بغضب وغيرة لا يعرف سببها: ماشى يا روح أمك
وفجأة أصبح هذا الشاب على الأرض ينزف الدماء من وجهه
خاف الآخران ففرا بسرعة وهما يحملان صديقهم فاقد الوعى
الفتاة: شكرا بجد مش عارفة من غيرك كان ممكن يحصل إيه
مازن بعصبية وهو يمسكها من ذراعيها: مهو مفيش واحدة محترمة بتخرج الفجر من بيتها وماشية كمان في شوارع زبالة
الفتاة بدموع: أنا آسفة بس المفروض إن حضرتك متحكمش من غير متعرف حاجة وعلى العموم شكرا تانى.

وكادت أن تذهب ولكن منعها مازن محاولا أن يهدأ: خلاص يا ستى أنا اللى آسف بس خلينى أوصلك مينفعش أسيبك تمشى كده
الفتاة وقد اقتنعت بكلامه: ماشى
مازن بابتسامة وفرحة لأنها وثقت به: تعالى يلا
في السيارة
مازن: بالمناسبة اسمى مازن وإنتى
الفتاة: ياسمين
يا الله كنت متيقن أن اسمها كرائحتها الزكية
مازن: طب إنتى فين بيتك وإيه اللى خرجك بالليل كده
ياسمين: أنا كنت بجيب دوا لماما وبيتى في..

مازن: أوكى بس حاولى متخرجيش تانى بالليل كده
هزت ياسمين رأسها موافقة وهي تستغرب حالها فهى كانت دائما الفتاة المتمردة حتى ولو كانت على خطأ ما بها الآن خاضعة له؟!
في قصر ضرغام
هبطت همس للأسفل محمولة كالعادة فوجدت مائدة بها كل ما كانت تراه سواء على الأوراق أو في المطاعم أو التلفاز بالرغم من أنها لم تذقه يوما أو تعرف اسمه ولكن شكلهم كان كاف لوصفهم
أسد للخادمات: جهزتوا كل أنواع الأكلات اللى قولت عليها.

ردت إحداهما: أيوة يا بيه وعملنا عصير ولبن لهم، قصدى الهانم الصغيرة
فهى علمت من صديقتها ما حدث ألا تنادى الطفلة باسمها
أسد برضا: تمام روحوا إنتوا ناموا والوقت اللى ضاع منكوا في التحضير بالليل خدوا قده أجازه بكرة واللى مصحاش هو اللى يشتغل
الخادمات بسعادة: حاضر يا بيه
برغم عصبيته وبروده إلا أنه حكيم وعادل كمن هم في الخمسين من عمرهم
نظر أسد لهمس فابتسم بشدة على مظهرها.

عينيها متسعتان ويكاد يخرج منها قلوب موجهة للمائدة وفاتحة فمها للغاية
أسد وهو يقبل وجنتها: يا ربى على الجمال ده عايز أكلك
همس ببراءة: ماثى كلنى بث ثيبلى الأكل ده ليا لوحدى
ضحك أسد بشدة وقال: يا حبيبتى كل حاجة ليكى لوحدك
ثم تنهد وأضاف في سره: حتى أنا
جلس أسد مع همس وهو يطعمها حتى شبعت
ثم أخذها لأعلى ليناموا فغدا يوم شاق لهما
في منطقة شعبية
مازن: فين بيتك؟!
ياسمين: اللى هناك ده
ياسمين: أيوة هنا، سلام.

مازن: سلام
وظل يراقبها وهي تبتعد حتى دخلت منزلها فتنهد وتحرك لمنزله
دخلت ياسمين منزلها
أمها وتدعى ثريا: مين اللى كنتى راكبة معاه يا ياسمين
ياسمين: دا مازن يا ماما، وحكت كل ما حدث
ثريا: ما أنا قولتلك نستنى بكرة تجيبى الدوا مسمعتيش كلامى، بس يا حبيبتى مكنش ينفع يوصلك لحد البيت لو حد شافك هيطلع كلام وحش
ومينفعش تركبى معاه أساسا.

ياسمين: خلاص آسفة يا ماما والله مفكرت في كده وبعدين خدى بقى الدوا يلا عشان قلبك ميوجعكيش
ثريا: حاضر يا حبيبتى
في الطريق إلى منزله رن هاتفه
مازن: ألو
المتصل: ..
مازن بصراخ والدموع في عينيه: إييييييه أنا جاى حالا
ثم أغلق الهاتف وهو يسرع بالسيارة ويصرخ بشدة والدموع تنهمر على وجنتيه ثم صرخ فجأة
مازن: لاااااااااااااااا
في مكان ما
الشاب: إنتى غبية بتسرقيلى ملفات ملهمش لازمة أنا عايز ملفات مهمة.

الفتاة: وأنا ذنبى إيه؟ وبعدين إنت نفسك مش عارف تجيبهم أنا هعرف
الشاب: تسنيييييم إنتى نسيتى أنا مين ولا إيه تشوفى الملفات المهمة بيخبيها فين أنا بدور في كل حتة مش لاقى حاجة
تسنيم: خلاص هحاول مع إنه بقى مش بيطيقنى أكتر بعد الجربوعة الصغيرة دى
الشاب: أما نشوف البيه هيعمل إيه تانى
في قصر ضرغام
بغرفة سعيد وسمية
سعيد: بقولك إيه يا سمية متكلمى مع سمر مينفعش اللى بتعمله ده، دى لسة راجعة البيت من شوية.

سمية: سيبها تعيش حياتها البنت في ثانوية ومضغوطة الله
سعيد: والله ساعات بحس إنى فعلا مليش إلا شريف اللى هيبقى سندى وسامر اللى شكلنا هنضيعه
سمية: إنت بتفرق بين شريف وسامر ليه، الواد سامر بيصعب عليا
سعيد: وهو فين سامر، ابنك لسة بره لحد الآن، والله خايف يطلع كلام أبويا صح وأنا اللى غلط.

سمية بخوف أن يذهب كل ما تفعله هدر: إنت هتنسى معاملة أبوك ليك ولا إيه فاكر أما كان بيحب صلاح أكتر منك وبيحققله كل اللى هو عاوزه مع إنك الكبير
سعيد وقد أعماه الحقد مرة أخرى: ودى حاجة تتنسى معاكى حق يا سمية
سمية بخبث: يبقى تعقل بقى ونفكر إزاى نخلص من المشاكل مع إنى قولتلك حلها كذا مرة
سعيد: وأنا قولت مستحيل أنفذ اللى في دماغك ده على جثتى
سمية بسرها: مهو شكله فعلا في الآخر هيبقى على جثتك.
في مكان ما حيث ملجأ تابع لعائلة ضرغام
يجرى بين الطرقات والدموع في عينيه
دخل غرفة ما فوجد الطبيب واقف أمام هذا الجسد الهزيل وعلامات الأسف على وجهه
اقترب مازن منها وهو يبكى: ماما، قالوا إنك عايزانى أنا جيت يا روحى
نظرت له المرأة بوهن فهى على حافة الموت: قوله يطلع يا مازن عايزة أتكلم معاك لوحدك
خرج الطبيب بعدما طلب ذلك
مازن وهو يحاول الابتسام: جرى إيه يا سوسو بتدلعى وعاملة نفسك عيانة ليه.

سعاد بابتسامة وهي تتلمس وجهه: خلاص يا مازن أنا عمرى لغاية هنا وبس أنا ربيتك من أول لحظة جيت فيه هنا كنت إنت لسة بترضع وعيلتك ماتت بعد ما البيت ولع بيهم ووقتها ابنى كان مات
فخدتك واعتبرتك ابنى ورضعتك وفضلتك عن كل اللى كانوا في الملجأ وإنت كنت نعم الابن ماعدا في حاجة وحده بس
مازن: إيه يا ماما الكلام ده ارتاحى بس
سعاد: أنا هرتاح فعلا بس بعد ما أقولك اللى أنا عايزاه.

ثم أضافت ببكاء: مكنتش أعرف إنى أم فاشلة كدة لدرجة إن ابنى يبقى زانى ويعيش من فلوس حرام
مازن وهو يحاول التكلم: ما..
سعاد: اسمعنى للآخر يابنى إنت بقالك مدة متغير وبتغيب كتير فخليت حد من الميتم يراقبك وعرفت إنك على علاقة بسمر ويا ريته جواز لأ دا بالحرام.

عارف نتيجة الحرام ده إيه يا مازن، إن الدوا اللى بتجيبه ليا طلع مضروب وزودلى التعب وهو اللى بيموت فيا بالبطئ دلوقتى، أنا مش بعاتبك لأ أنا بشكرك لإنى مكنتش هقدر أعيش بعد اللى عرفته عنك ده، بس لو عاوزنى أسامحك وأرضى عنك روح لأسد إنت رفضت كتير تروحله وتطلب منه المساعدة ودلوقتى أنا بترجاك تروحله وتخليه يسامحك ويحميك من ماجد واللى هيعمله فيك لو عرف وأسد فيه الخير هو اللى خد باله من الملجأ ده وبيوفرله كل حاجة وكان بيعتبرنى أمه التانية ومتأكدة إنه هيسامحك.

مازن وهو يحتضنها بانهيار وبكاء شديد: حاضر هعمل كل اللى إنتى عاوزاه بس سامحينى ومتسبينيش إنتى اللى باقيالى، ماشى، ماما مش بتردى ليه
نظر لها مازن
وجدها صامتة فروحها قد ذهبت لخلاقها
ظل مازن يحتضنها وهو يبكى بشدة وكيف لا فهى من عوضته عن كل شيء
دخل الطبيب بعد سماع البكاء فعلم بموتها وأبعد مازن عنها وبدأ باتخاذ الإجراءات لدفنها وكل هذا ومازن صامت لا يشعر بأى شيء
في قصر ضرغام.

يستيقظ أسد على صوت الهاتف فيسرع بالإجابة حتى لا تستيقظ ملاكه ثم يزيحها من عليه ويضعها على الفراش بهدوء ويخرج للشرفة
أسد: ألو
المتصل: أستاذ أسد معايا
أسد: أيوة مين معايا
المتصل: أنا مدير الملجأ اللى حضرتك مسئول عنه
وحبيت أبلغ حضرتك إن مدام سعاد ماتت انهاردة وإحنا هنغسلها والدفنة كمان ساعتين
انصدم أسد بشدة فهو كان يحبها فقد عوضته قليلا عن حنان الأم
أسد بجمود: ساعة بالظبط وهكون هناك متدفنش إلا أما آجى.

المتصل: حاضر يا فندم
أغلق أسد الهاتف ثم تنهد بحزن
شعر بأيدٍ صغيرة تشد على بنطاله ليخفض بصره فيجد ملاكه تنظر له ثم ترفع يديها ليحملها
ليتنهد وهو يزداد تعلقا بهذه الصغيرة
حملها بين يديه
ليتوقف نبضه وهو يشعر بشيء ناعم ورطب على خده ليجدها كرزتى ملاكه الممتلئتين تعانقان وجنته
ابتعدت عنه فبدأ قلبه بالنبض من جديد وابتلع ريقه بصعوبة وهو ينظر لها بشرود
همس: متزعلش يا أثدى
أسد وهو ينظر لها ببلاهة: هااا.

همس: أنا ثوفتك زعلان وحزين فقولت أثالحك زى أحمد
أسد عاقدا حاجبيه والصغيرة تفتك به فكيف لها أن تنطق اسم أحد آخر غيره
أسد بغضب شديد وبدأ الضغط علي خصرها بيده: مين أحمد ده
همس ببراءة وتألم: دا ثاحبى كنت لما بزعل كان بيبوثنى من خدى بث هو بعد عنى وبقى بيثتغل في مكان تانى
احمرت عيونه بشدة واسودت حدقتيه وهو يتخيل أحد يقبل ملاكه.

أسد بصراخ وعصبية وهو يصيح بها: إزااااااى إزاااى تخلى حد يبوسك إيااااااكى حد يعمل كدة تانى إنتى فاهمة، فااااااهمممممة
قوست شفتيها لأسفل ثم انفجرت في بكاء طفولى مرير وهي تدفعه بيديها وتحاول النزول
أسد بعدما تدارك نفسه وخاف بشدة من فكرة كونها أصبحت تهابه ولا تريده وعند هذا الحد وقد توقف قلبه.

ليتلمس وجهها بلهفة وسرعة شديدة: بس بس بس يا حبيبتى أنا، أنا آسف أرجوكى سامحينى مش قصدى والله، ملاكى، ملاكى بصيلى أنا. أنا أسدك، اوعى تخاف منى أرجوكى
سقطت دمعة من عينيه؟! نعم يبكى فهذه هي أول مرة يبكى بعد موت والديه
أقسم ألا تسقط دموعه أبدا ولكنها جعلته يخلف وعده وهو لم يقضى معها حتى يوم كامل
ظلت دموعه تتساقط وهو يتنفس بصعوبه وشيء واحد يجول في خاطره( ملاكه تكرهه، ملاكه تبكى بسببه، ملاكه ستتركه).

ليسقط أسد على الأرض وهي مازالت في أحضانه تبكى
ليتظر لها بوهن ويهمس بخفوت شديد: ملاكى
فتنظر له وتتوقف عن البكاء وبقايا دموعها على وجنتها
ثم تحرك يدها الصغيرة لتزيل دموعه ويفعل هو المثل
اندفعت لأحضانه فحاوطها بذراعيه ضخام الحجم وشدد من احتضانها حتى كادت تنكسر عظامها
ولكنها لم تبالى فهى بأحضان أسدها وأمانها
الذي انكسر قلبها عندما رأته يبكى
همس بصوت متحشرج: خلاث أنا آثفة يا أثدى بث مث تعيط.

أحس بالراحة لأنها لازالت تعتبره أمانه
أسد بحب وقد عاد لرشده وتماسكه: أنا اللى آسف يا ملاكى أوعدك هحاول أغير من نفسى ماشى يا قلبى
بالرغم أنها لم تفهم ما يقصد إلا أنها أرادت ابتسامة منه فقط فهزت رأسها له موافقة
فرح أسد بشدة ثم تذكر خبر موت سعاد فأبعد همس عنه وحملها لإعادتها للفراش مرة أخرى
أسد: حبيبتى خليكى هنا دلوقتى وأنا ورايا مشوار وراجع علطول
همس: لأ خدنى معاك أنا خايفة.

كاد أن يوافق أسد لكنه تذكر وجود أطفال في عمرها وأكبر منها بسنوات قليلة وقد تعتاد عليهم وهو لن يسمح بذلك أبدا
أسد محاولا الهدوء فأكثر شيء يكرهه في حياته هو دموعها
أسد: مش هينفع يا حبيبتى ومتخافيش أنا مش هغيب عليكى
همس: خلاث ماثى بث مث تتأخر
أسد مقبلا وجنتها بقوة: ملاكى تؤمر وأنا أنفذ، من عيونى يا حبيبتى مش هتأخر عليكى حاولى تنامى بس
همس: حاضر.
ذهب لغرفة الملابس وغير ملابسه وقبلها على جبينها وخرج متجها للملجأ
في مكان آخر
الشاب: ها عرفتى تجيبى حاجة
تسنيم: لا لسة والمفروض هييجى بكرة بس هحاول تانى
الشاب: خلصى أنا محتاج ورق مهم مش صفقات بملاليم فاهمة
تسنيم بزهق: أوووووف حاضر حاضر
في قصر ضرغام
شعرت بالملل فحاولت الوصول لمقبض باب الغرفة حتى تخرج وقد استطاعت بالفعل
أثناء سيرها في الممر سمعت صوت سعال قوى من إحدى الغرف فاتجهت لها وفتحت الباب بصعوبة.

عند دخولها وجدت رجل يسعل بشدة ووجهه أحمر يكاد يختنق فجرت ناحيته بسرعة
همس ببراءة: عمو إنت كويث
ماجد باختناق ويشير بعينيه ويديه لأحد الأدراج فتجرى للدرج وتخرج كل ما به وتعطيه له
أخذ أنبوبة التنفس الخاصة بالربو وظل يتنفس حتى عاد لون وجهه طبيعيا
همس: إنت كويث يا عمو
ماجد بصرامة محاولا عدم الضحك على شكلها المضحك بقميص أسد: عمو مين أنا عندى 70 سنة يا بنت إنتى.

همس بذهول وهي فاتحة فمها: هااااا هو إنت جمعت أعمار كل اللى هنا ليه أنا عايزة ثنك إنت بث
لم يستطع الجد تمالك فانفجر ضاحكا لأول مرة منذ ما يقارب الثلاثون عاما
أصبح جامدا قاسيا بعد وفاة حبيبته وزوجته فاطمة
حاول تمالك نفسه ولأول مرة ينظر لها بحنان
مس على شعرها قائلا: إنتى عارفة إنك بتفكرينى بواحدة غالية عليا
همس وبدأت تندمج معه: مين
ماجد: فاطمة.

همس بثرثرة طفولية: مين فاطمة، وتعرفها منين، وبفكرك بيها ليه، وهي حلوة ذيك كده، وهي في..
ماجد مقاطعا إياها: بس بس في إيه براحة هقولك كل حاجة واحدة واحدة
ماجد: فاطمة دى مراتى الله يرحمها وجدة أسد كانت بنت عمى وأنا اللى ربيتها بالرغم من إنها كانت أصغر منى بتلات سنين بس، بس كنت بعتبرها بنتى لغاية ما بدأنا نحب بعض واتجوزنا وخلفنا سعيد وصلاح بس ماتت بعدها بكام سنة وسابتنى لوحدى.

همس ببراءة وهي تحرك يدها على كتفه د تواسيه وقد قوست شفتيها بحزن: خلاث متزعلث أنا هكون مكانها وهخلى بالى منك وهكون مراتك بث إنت اضحك بث
ماجد: هههههههههههههه وهو أنا أطول القمر ده يبقى مراتى، المهم دلوقتى احكيلى إنتى مين وجيتى هنا إزاي
بدأت تحكى له كل شيء
في الملجأ
تم دفن سعاد وسط حزن الجميع
عندما استعد أسد للرحيل أسرع مازن له
مازن: حضرتك أستاذ أسد مش كدة
أسد: أيوة مين حضرتك؟

مازن: أنا مازن ابن سعاد اللى هي ربيته
نظر له أسد نظرة أربكته ولكنه تماسك فقد عزم على التغير والتكفير عن ذنوبه
مازن: ممكن نتكلم في أى أوضة لوحدنا
بعد مدة ليست بالقصيرة
وفي إحدى الغرف
يقف أسد وهو يلهث بشدة من ذلك المجهود
بينما ذلك المسكين يئن بألم وينزف من جميع أنحاء جسده.

أسد ببرود: دا عقاب ليك، ولعلمك سعاد قالتلى كل حاجة قبل ما تموت بكام يوم، وده اللى خفف عقابك، أنا كنت هقتلك بس هي اللى حلفتنى وأقنعتنى إن موتك مش هيحل حاجة
كل هذا وسط دهشة مازن
مازن بصدمة: يعنى كنت عارف
أسد: أيوة ومتفكرش إن ده عقابك بس لأ إنت اعمل حسابك إنك هتجوز سمر بس أما تكمل 21 سنة
مازن وقد خطر بباله ياسمين، لا يعلم لماذا فكر بها ولكنه كره أن يكون لأحد غيرها
مازن: بس..

أسد: مفيش بس، اللى قولته هيحصل وإنت أساسا هتتجوزها لمدة بسيطة وبعدين تطلقها
مازن: ماشى
مد أسد يده له ليساعده فيقف مازن
أسد وهو يحتضنه: أنا دلوقتى سامحتك لإنك جيت وحكيتلى الحقيقة وعشان لما لمست سمر مكنتش بنت يعنى مش إنت السبب الرئيسى وغير كده إنت اتعاقبت خلاص
بالمناسبة بكرة هتجيلى الشركة وهتدرب مع المحاميين عندى عشان تبقى المحامى الرئيسى لشركاتنا وأنا عارف قد إيه إنت شاطر في مجالك.

احتضنه مازن بشدة ونظر له بامتنان
مازن بسعادة: بجد شكرا ليك، ماما كان عندها حق، يا ريتنى كنت روحتلك من الأول
أسد: أنا دلوقتى أخوك يعنى احكيلى كل حاجة وامسك دى مفاتيح شقة قريبة من الشركة وتسيب شقة سمر وكل حاجة خاصة بيها وتقطع علاقتك بيها خالص
مازن: مقدرش أقبل الشقة
أسد: خدها وأبقى رجعها لما تلاقى مكان تانى تمام
مازن: بجد شكرا
أسد: يلا بقى ظبط أمورك وبكرة ألاقيك في الشركة
ثم خرج أسد متجها إلى قصره.

قبل دخوله لغرفته سمع ضحكات من حجرة جده صدم بشدة هذه أول مرة يسمع ضحكات جده
دخل لغرفة الجد
ذهل وهو يجد ملاكه تجلس على قدم جده و يضحكان بشدة وهو يحيطها بيديه
قبض على يديه بشدة حتى نزفت وتكاد عروقه تخرج واحمرت عينيه بشدة تكاد تفتك بهما
أسد بصياح شديد ولأول مرة ينطق اسمها: همممممممممس.
أسد بصراخ شديد: همممممممس
فزعت همس وارتجفت بشدة ولكنه كان كالأعمى لا يرى سوى مشهد احتضان رجل لملاكه هو وحده
جرى أسد ناحية همس وهي تبكى بشدة من الخوف
وانتشلها بعنف من جده وظل يهزها بشدة وهو يصرخ بها.

أسد بصياح: قولتلك إنتى ملكى أنا، ليا لوحدى إزاى سمحتيله يحضنك، إنتى غبية مش بتفهمى، إنتى ليا، اليوم اللى هتبعدى فيه عنى هو آخر يوم في حياتنا، أنا لو حسيت بس إنك ممكن تحتاجى حد غيرى أو تميلى ليه، وقتها هقتلك وهموت نفسى معاكى، حتى الموت مش هسمحله إنه يفرق بينا، ولو حد فكر يقرب منك أنا مش هقتله بس لأ أنا هقتله هو وكل اللى بيحبهم عشان يكون عبرة للى يفكر يقرب منك تانى، حتى لو مين مش هيفرق معايا.

وظل يصرخ بها بهستيرية وهي تبكى بشدة ولم تسمع أى شيء مما قاله فهى في حالة خوف شديدة
نظر ماجد بصدمة شديدة لحفيده الحكيم الذي تحول لعاشق حد النخاع ومتهور طائش وكل هذا بسبب طفلة صغيرة
نظر الجد لهمس وقد أشفق عليها مما سيحدث لها في المستقبل على يد هذا المختل حاول ماجد الصراخ على أسد ليبتعد عنها فقد تحول وجهها بالكامل للون الأحمر وهي تسعل بشدة وتكاد تختنق
ماجد: أسد سيبها البنت مش بتتنفس.

ولكن كيف لصوته أن يسمع وسط كل هذا الصراخ والبكاء
ظل أسد على حاله وهو كالمجنون لا يدرى ما يفعله كل ما يراه الآن هو شكل معشوقته وهي بأحضان ماجد فهو رجل بالنهاية مهما كان عمره
يغار عليها من النساء فما بالك بالرجال
عندما كانت الخادمة تساعد همس في الاستحمام كانت الغيرة تأكل روحه وقلبه أحس بالإختناق
لا يعلم ما هذه القوة الخارقة التي منعته من اقتحام المرحاض وقتل هذه الخادمة.

وفي أقل من ثانية عم الهدوء في كل مكان
فقدت همس وعيها بالكامل وسقطت بين يديه كالجثة الهامدة التي سحبت منها روحها
فزع أسد بشدة واتسعت عينيه
أحس بالإختناق
لم يتحرك من مكانه بل ظل ينظر لها ولكل مكان حوله كأنه تائه وهو كذلك هي طريق الهداية الذي أرشده الله إليه
كان ماجد أول من خرج من صدمته فهز أسد سريعا حتى يوقظه من صدمته هو الآخر
الجد: أسد، أسد فوق، همس هتموت يا أسد
هتموت رنت هذه الكلمة في ذهنه.

ماذا أتتركه وحده بعدما أسقته من نعيمها فليلة واحدة نامت بين أحضانه جعلته يعشقها حد الإدمان فحضن منها يكفيه ويزيل همومه حضن واحد منها يشعره بالأمان الذي حاول العثور عليه
عندما استعاد وعيه حملها بسرعة وصرخ في جده أن يتصل بالطبيبة
عند مازن
كان يأخذ أشيائه التي جاء بها من ماله الخاص وترك كل شيء خاص بسمر
اتصل بها وقطع علاقته نهائيا
لم تبالى أبدا فقد بدأت تمل منه.

ترك مازن السيارة أيضا وأخذ سيارة أجرة متجها إلى شقته
تذكر مقابلته مع ياسمين
تمنى لو يقابلها مرة أخرى
لكان الوضع أسهل لو لم يكن سيضطر للزواج بسمر عاجلا أم آجلا ولكنه متأكد أنه يفعل الصواب ولن ينحرف عنه أبدا
بقصر عائلة ضرغام
في غرفة سعيد وسمية
سمية: سامع الصريخ اللى فوق ده، ده صوت أسد.

سعيد: أيوة صح، بس خلينا في حالنا أنا بصراحة زهقت من اللى بنعمله ده، أنا قعدت وفكرت مع نفسى ولقيت كل حاجة كنا بنعملها كانت غلط
سمية: نعم يا خويا، غلط إيه إنت نسي.

ولكنه قاطعها صارخا: سمية أنا سكتلك كتير اتعدلى أحسنلك أنا مش عايز حاجة غير إنى أصلح الباقى وأربى سامر وسمر بعد ما فشلنا في كده وهما صغيرين مش عايز مستقبلهم يبقى زيى ويندموا في الآخر أسد وأبوه وأمه عمرنا ما شوفنا منهم حاجة وحشة وأنا عارف إنك بتعملى ده كله ليه فخلينى ساكت ولو حسيت إنك بتخططى لحاجة قسما عظما لأرجعك من الشارع اللى جبتك منه فاهمة
سمية بوعيد: فاهمة
بالأعلى.

دخل أسد بسرعة إلى غرفته ووضعها على الفراش ونظر لها
ثانية، ثانيتان، وانفجر في بكاء مرير لأول مرة في حياته يبكى بهذه الطريقة بعد موت والديه.

أسد ببكاء شديد وهو يقبل رأسها كإعتذار لها: أنا آسف سامحينى يا حياتى يا ريتنى أموت قبل ما أرعبك بالطريقة دى اعذرينى يا حبيبتى بس إنتى مستبدة يا ملاكى، أيوة مستبدة إنتى خليتينى أعشقك بجنون ومبصش لأى حد غيرك وتيجى إنتى في الآخر متحبينيش وكمان تخلى غيرى يحضنك ويلمسك، إنتى السبب يا ملاكى، إنتى السبب، إنتى اللى خليتينى مجنون بيكى أنا قلبى واجعنى أوى وفي صراع كبير جوايا عقلى بيقولى لو بتعشقها سيبها تعيش حياتها ومتأذيهاش وقلبى بيقولى لو بتعشقها احبسها وخليها ليك إنت لوحدك مش عارف أسمع كلام مين بس في كلا الحالتين أنا هفضل أعشقك، عارفة أنا طول عمرى بفكر دايما في غيرى وبشوف مصلحتهم، لكن إنتى لأ إنتى الحاجة الوحيدة اللى هكون أنانى فيها، إنتى الحاجة الوحيدة اللى هفكر في مصلحتى وبس واللى هتكون معاكى إنتى وبس، أنا وعدتك إنى هتغير بس مش عارف، اصحى وساعدينى أتغير أرجوكى عشان خاطر أسدك يا ملاكى، عالجينى يا ملاكى، وحشنى أوى أسمع اسمى منك والبراءة اللى دايما مرسومة على وشك ووحشتنى عيونك الغريبة اللى بتتغير بحالاتك، بتبقى رمادى لما بتغضبى، وبتبقى خضرا أما تفرحى، وبتزرق لما بتخجلى يلا يا ملاكى اصحى وورينى بقية الألوان، لسة في حاجات كتير عايز أعرفها عنك، لسة عايز أعيشك في الجنة اللى اتحرمتى منها، أسدك بيترجاكى إنك تصحى وترجعى الروح ليه تانى.

ظل يتحدث معها ودموعه لا تتوقف حتى دق الباب فأزال دموعه بسرعة فليس لأحد الحق برؤية ضعفه سوى ملاكه فقط لا أحد غيرها
أسد: ادخل
دخل ماجد ومعه طبيب في الأربعين من عمره
أسد بصرامة شديدة وقد عادت عينيه للقتامة ولونها الأسود: مين ده؟
ماجد باستغراب: ده الدكتور يا بنى
أسد: أنا عايز دكتورة مش دكتور إزاى تجيبه وإزاى تفكر إنى ممكن أسمحله يقرب من ملاكى.

ماجد: لأ بقى لحد هنا وكفاية، البنت هتموت ابعد عن غيرتك دى دلوقتى أهم حاجة هي
أسد وهو ينظر له بغضب فهو لم ينسى قربه من ملاكه: وإنت مالك إنت عايز إيه منها ها هي هتحبنى أنا حتى لو مش حبتنى فغصب عنها هتكون ملكى وأنا هوفرلها كل حاجة وعشقى هيكفينا إنه يعيشنا بسعادة
ماجد بتهكم: مهو واضح السعادة فعلا لسة البنت مكملتش يومين معانا ودى بقت حالتها اهدى كده يا أسد دا أنا يمكن أكون أكبر من جدها كمان.
أسد: حتى لو إنت أبوها أو جدها فعلا متقربش منها واطلع بره مع الزفت ده وهات دكتورة
ماجد: ماشى يا أسد بس بص على همس كده الاول
نظر أسد لها ليجدها نائمة لا حول لها ولا قوة وقد ازرق وجهها واحمر فخاف بشدة وقرر التخلى عن غيرته لبعض الوقت لسلامتها فقط وبعدها سيحاسب الطبيب
أسد: ماشى تكشف عليها بس قسما برب العزة لو تجاوزت حدودك لأكون مموتك إنت وعيلتك كلها.

فحصها الطبيب وهو يرتعش بشدة وسط نظرات الغضب والغيرة الحارقة من أسد ونظرات الشفقة من الجد على حال حفيده وهذه الطفلة الجميلة التي تذكره بحبيبته الراحلة وأمنيتها في أن تنجب فتاة وتسميها همس ولكنها توفت قبل أن تحقق أمنيتها
بعدما انتهى الطبيب من الكشف.

الطبيب براحة: هي بس اتعرضت للخوف الشديد وده خلى عندها ضيق تنفس بتمنى متتعرضش للزعل أو الخوف الزيادة لإن الواضح إن جسمها ضعيف جدا وياريت تهتموا بأكلها أكتر من كده وفي احتمال إنها أما تصحى متفتكرش الحاجة اللى خوفتها ودا ياريت يحصل عشان متتوترش كتير
اطمئن أسد وتمنى لو تنسى فعلا فهذه ستظل نقطة سوداء في حياته ويتمنى ألا تكون كذلك في حياتها أيضا.

وفي أقل من دقيقة كان الطبيب يفترش الأرض وهو مصاب بشدة وفوقه أسد وهو يلهث وسط صدمة الجد
أسد: دا عشان قربت منها ولمست دماغها وقلبها وقبل ما تخرج تشوفلى أفضل دكتورة هنا في مصر ولو احتجت تجيبها من برة هاتها عشان هتكون مسئولة عن همس وبس وياريت تكون أكبر من أربعين سنة مفهوم
الطبيب بخوف وألم وهو يزحف للخارج: حاضر يا أسد بيه من بكرة هتكون عندك
خرج الطبيب فنظر ماجد لأسد
ماجد: تعالى عايزك برة
ثم خرج.

نظر أسد لملاكه وقبل جبينها ثم غطاها جيدا وخرج لجده
في مكان ما
الشاب: اجهزى يا تسنيم أسد المفروض يرجع بكرة من أجازته فأكيد هيرجع يديكى ملفات تانية حاولى تخليه يثق فيكى أكتر وأكتر
تسنيم: تمام ماشى بس أكيد كله بحسابه
الشاب: هتلاقى حسابك في البنك زاد للضعف بس يارب تفيدينى المرة دى بس
تسنيم: متقلقيش يا باشا اللى عايزه هيحصل
الشاب: يلا أنا همشى أنا بقى
في غرفة الجد
الجد: إيه اللى حصل ده.

أسد ببرود: المفروض أنا اللى أسأل إزاي تقرب منها بالشكل ده
ماجد: أنا مش همنعك عنها يا أسد عشان أنا كنت زيك في يوم من الأيام مع إنى كنت بعرف أتحكم
في غيرتى بس هعديهالك، اللى عايز أقوله حاول متزعلهاش يا أسد، ومتقلقش أنا هشرح الموضوع للى هنا وهعرفهم حدودهم عشان ميدايقهاش أى حد منهم
أسد: شكرا يا جدى.

ماجد بنبرة ذات مغزى: أسد، إنت عارف كويس إيه اللى هيعكر حياتك معاها، وأنا لحد الآن عند رأيى، لو عايز أنا مستعد أوديك من بكرة وهكون جنبك دايما
صمت قليلا ثم نظر له بشرود: ملاكى هي أمانى وعلاجى الوحيد
مش محتاج حاجة غيرها هي وبس
خرج بهدوء فتنهد الجد وهو يدعو لحفيده بالصلاح
دخل أسد غرفته فوجد ملاكه تستيقظ
انطلق بلهفة صوبها واحتضنها بشدة وقد عادت له روحه.

همس: إيه اللى حصل يا أثدى أنا كنت في أوضة جدو ومث فاكرة حاجة تانى
أسد بغضب حاول إخفائه لأنه تذكر جلوسها في حضن غيره: ولا حاجة يا حبيبتى
ثم أضاف بعتاب: ينفع كده يا حبيبتى مش اتفقنا تفضلى هنا
همس بحزن لأنها خالفت أوامره: أنا آثفة يا أثدى بث أنا زهقت فمثيت، وهو كان زعلان عثان تيتة ماتت وأنا كنت بطبطب عليه بث خلاث والله مث هعمل كده تانى أبدا.

أسد بسعادة: خلاص يا حبيبتى اتفقنا دلوقتى بقى هتيجى معايا عشان نشترى لبس جديد لملاكى العسل ده
همس: الله هثترى لبث جديد
أسد: أيوة يا حبيبتى وخدى الفستان ده إلبسيه أنا خليت الخدامة تجيبه على ما أشتريلك هدوم
همس: ماثى بث عايزاها تثاعدنى ألبثه
أسد بحدة: لأ إحنا شطار وهنلبسه لوحدنا ولو احتجتى حاجة ابقى ناديلى يلا بقى ادخلى الأوضة دى
أسد في سره: قال أجيب ست تساعدها قال.

بعد مدة خرجت همس وقد ارتدت الفستان بعد معاناة
اتجها للمول واشتروا العديد من الألعاب والملابس لها
قضوا وقتا ممتعا ثم أحضرها لمطعم فخم وتناولوا غداءهم
عند خروجهم من المول وورائهم العديد من الرجال يحملون الأكياس وهم خافضين الرأس
لم ينسوا تحذير أسد لهم بعدم النظر أو التحدث معها أبدا وإلا فهم يعرفون مصيرهم
أسد وهو يحمل همس: فرحانة يا ملاكى
همس ببراءة وضحكة طفولية لطيفة: أوى أوى يا أثدى.

أسد: يلهوى على القمر يا ناس
ثم قبلها بقوة من خدها لتضم شفتيها بصدمة
همس: عيب يا أثدى إنت قولتلى مخليث حد يقرب منى
أسد: لأ يا حبيبتى أنا محترم
همس: امممممم ماثى
عادا للقصر مرة أخرى فوجدوا الجميع في انتظاره
سمر بصوت عالى: أهلا بالبيه اللى جايب شرشوحة من الشارع ومش عارفين إذا كانت بنت حرام بقى ولا لأ جايب ال دى لي..
وقبل أن تكمل جملتها كانت على الأرض بسبب صفعة أسد لها وسط صدمة الجميع.
سمر بصياح: بتضربنى يا أسد، بتضرب بنت عمك عشان خاطر واحدة من الشارع
أسد بصرامة: وأقتلك كمان لو حاولتى بس تضايقيها
ثم أضاف بقسوة وصرامة أكثر
أسد: الكلام للكل سواء كبير أو صغير ملاكى خط أحمر ولو حد قرب منها هقلبها دم، وصدقونى ده مش مجرد تحذير وخلاص، لأ اللى قولته هنفذه
صعد لأعلى مع همس تاركا خلفه شعلة من الحقد والكره
في غرفة أسد
وضعها على الفراش ثم نظر لها فوجدها عابسة ويكاد ينفجر وجهها من الاحمرار.

أسد بقلق: مالك يا حبيبتى في إيه
أدارت همس وجهها للجهة الأخرى بعبوس لطيف وهي تزم شفتيها وتمدها للأمام
همس: مفيث
سحرته حركتها البسيطة فنظر لها بتوهان
أسد وهو كالمغيب: لا فيه حاجة قولي يا ملاكى حصل إيه
همس وقد نظرت له: متضربث حد تانى يا أثدى عثان بخاف منك وبزعل
أسد وقد نظر لها بصعوبة: حاضر يا حبيبتى اللى تؤمرى بيه يتنفذ
همس بفرحة وهي تتمسك بذراعه: بجد يا ثدى يعنى وعد.

أسد وهو ينظر لذراعه بسعادة: أوعدك مش هضرب حد قدامك تانى
ثم أضاف في سره: بس هضرب كتير من وراكى، شكلك هتخلينى مجنون بيكى أكتر وأكتر
همس: طب يلا عايزة ألبث فثتان جديد
أسد: حاضر يا ملاكى
ثم اختار لها فستان محتشم وذهبت لترتديه بسعادة
في الأسفل
سمر بغضب: والله هقتلها الجربوعة دى
اقترب منها سعيد.

سعيد بغضب: احترمى نفسك يا سمر أنا سكتلك كتير إنتى وأخوكى سامر بس من النهاردة لأ أسد وهمس محدش ييجى ناحيتهم أنا كنت زى الأعمى مش بشوف غير اللى بتقولوه بس، لكن خلاص كل حاجة دلوقتى بقت واضحة عندى
اتجه سعيد إلى ماجد
سعيد بحزن وخزى ودموع: أنا آسف يا بابا سامحنى على كل حاجة، مقدرش أنكر إنى لسة زعلان وبحس بالغيرة من أخويا الله يرحمه بس صدقني مش حقد، أنا آسف سامح ابنك يا بابا
ماجد بجمود: تعالى يا سعيد.

وأثناء اقترابه منه صفعه ماجد على وجهه
ماجد: دى عشان لسه فاكر إنى فضلت أخوك عليك.

ثم احتضنه ماجد بشدة وقد دمعت عينيه: ودى عشان أخيرا عرفت غلطك أنا عمرى ما فرقت بينكم يا سعيد، أخوك للأسف كان عنده سرطان عشان كده كنت بهتم بيه والشركات وكل حاجة كنت بوكله بيها، دى كانت زى حجة عشان نلاقى سبب في غيابه لما كان بيحضر جلسات الكيماوى محدش يعرف بده غيرى أنا وأسد وكمان عرفنا بالصدفة، عارف ليه مكنش عايز حد يعرف، عشان ميشفش نظرة الحزن في عيونا يا ابنى، والحمد لله اتشفى منه بس الواضح كان مكتوب عليه الموت، معداش أسبوع ومات هو وناهد في حادثة، أنا كنت أقدر أقولك من الأول سبب اهتمامى، بس لأ، كنت عايزك تحس بغلطك لوحدك، وإنت دلوقتى أثبتلى إنك ابنى أنا وفاطمة فعلا.

كل هذا وسط دموع سعيد وبكائه الشديد فقد شعر بالذنب يقتله
ونظرات الحقد والتوعد من سمية وسمر وسامر
شريف بسعادة ومرح لكى ينهى التوتر: لأ بقولك إيه أنا مش أنفحت شغل في الشركة وآجى على النكد أنا جعاااان يا بشر
ماجد بنظرة نارية لشريف
شريف بخوف مصطنع: طب الحمد لله أنا شبعت أنا بقى تصبحوا على خير
ليضحك ماجد وسعيد عليه
شريف: أنا هطلع أنا بقى أغير وأنزل عشان ناكل
سامر: وأنا هطلع أشم شوية هوا برة
في شقة مازن الجديدة.

مازن وهو يتذكر ياسمين وملامحها الهادئة الجميلة
مازن: آاااه مش عارف إنتى عملتى إيه فيا
يا ياسمينتى حاسس إنك كتبالى سحر أو رميتى تعويذة تخلينى أتعلق بيكى، شكلى كده حبيتك، يارب يسرلى أمرى وخليها من نصيبى يارب والهمنى بحل للتدبيسة بتاعت سمر يارب
في بيت ياسمين
ياسمين وهي ممدة على السرير.

ياسمين بهيام: ماااازن، الله اسمه حلو أوى، في إيه يا ياسمين حرام اللى بتقوليه ده، ده واحد غريب عنك وكمان مشوفتيهوش غير مرة واحدة ومتعرفيش عنه حاجة غير اسمه
ثم أضافت بهيام أكثر: بس اسمه حلو أوى زيه بالظبط
ثريا بصوت عالى: ياسمين يلا يا حبيبتى العشا جاهز
ياسمين: حاضر يا ماما
الشاب في الهاتف: يلا بقى يا تسنيم اجهزى هو هينزل بكرة الشركة تانى دورى في أى ملف يديهولك كويس يمكن يكون مهم، وحاول تقربى منه.

تسنيم في الهاتف: خلاص حاضر مش لازم تعيد وتزيد
الشاب: أما نشوف ياختى
بعد دقائق في قصر ضرغام
نزل سامر وشريف لحجرة الطعام ونزل بعدهما أسد وهو يحمل همس
جلس أسد وهمس على قدميه
شريف مداعبا همس من وجنتيها: همس القمر عاملة إيه، يخربيت جمال..
وقبل أن يكمل جملته وجد من يدفع يده بعنف شديد لدرجة صدمت يد شريف بالطاولة
شريف وهو يتألم: آه آه، إيه يابنى الغباء ده.

أسد بصرامة وصوت جهورى وقد عادت حدقتى عينه للسواد الحالك: شريييييف لآخر مرة هحذرك إياك تتكلم معاها أو تلمسها والكلام ده لكل الموجودين سواء صغير أو كبير
نطق آخر كلمه وهو ينظر لجده الذي ابتسم بخبث على حال حفيده فقد جن بالتأكيد
تذكر أسد ملاكه التي على قدميه فقلق من أن تكون خافت منه فنظر لها.

ثم انفجر ضاحكا عليها فقد كانت شديدة اللطف وهي تنظر إلى كل الأطباق بعيون متسعة والحيرة على وجهها وتضع اصبعها تحت شفتيها وهي تخطط بماذا تبدأ الأكل
بينما صدم الجميع فالأسد يضحك؟! عدا ماجد الذي أصبح يتوقع أى شيء من حفيده
أسد بحنان وهو يقبل وجنتيها: ملاكى محتارة تبدأ بإيه صح؟
همس ببراءة: أيوة يا أثدى
سمر بسخرية: ملاكى وأثدى؟! إيه الشغل الأوفر ده.

أسد بقسوة: معلش يا سمر أصل إنتى متعرفيش حاجة عن الحب أو الأصح إن اللى بتحبيه مش معبرك فإزاى هتسمعى الكلام ده
نظرت لهمس بحقد فقد أصبح ظاهر للعيان مدى عشق أسد لهذه الطفلة وجاء في بالها العديد من الخطط للتخلص منها فهى ستكون عقبة جديدة في طريقها إلى أسد
أسد لهمس بحنان: كل اللى على السفرة ملكك يا حبيبتى واللى مش هتاكليه النهاردة هيتعملك منه بكرة تانى، يلا بقى عشان ملاكى الحلوة تاكل.

بدأ أسد يطعم همس وسط سعادتها وضحكاتهما غير عابئين بما حولهم
سمية في سرها وهي تكاد تشتعل منها: إن ما خليتكم كلكم تندموا مبقاش سمية
سامر في سره: اضحك براحتك يا أسد مين عارف إذا كانت هتدوم ولا لأ
انتهى الجميع من الأكل
ذهب أسد مع همس لغرفته
وغيرت همس ملابسها لمنامة من اللون الوردى برسوم طفولية تصل لركبتيها وبحمالتين فأظهرت نقاء بشرتها
أسد في سره: احم إيه ده لا متفقناش على كدة.

أسد لهمس: حبيبتى اقعدى على السرير على ما أغير هدومى أنا كمان وبعدين ننام
بعد مدة خرج أسد وهو يرتدى بنطال فقط
عندما رأته همس شهقت ووضعت يدها على عينيها
همس بخجل وصدمة: إلبث حاجة يا أثدى عيب كده
انفجر أسد ضاحكا ثم قال وهو ينزع يدها وقد افتتن بوجنتيها الحمراوين: لاااااا دا إنت لازم تتعودى على كده أنا اتحملت امبارح أنام بالقميص عشان كان أول يوم لكن أنا متعود أنام كده فتتعودى إنتى كمان.

همس ببراءة: لا أتكثف أثوف حد عريان
أسد بغيرة شديدة وبعض الحدة: حد مين إنتى مش هتشوفى أى شخص كده غيرى أنا وبس فاهمة يا ملاكى
همس: خلاث فاهمة متزعلث
أسد: ماشى يلا بقى عشان ننام
ثم حملها ووضعها كاملة فوقه فقد اعتاد على ذلك وحاوطها بذراعية بقوة كأنه خائف من أن تتركه أو تكون سرابا فحياته بدونها أصبحت مستحيلة.
وفي كل صلاة له يظل يدعو ربه ألا يتفرقا أبدا ويموتا معا في نفس اللحظة ونفس الطريقة فهو يخاف أن يموت قبلها ويتركها للذئاب تدنس براءتها او تحب أحد بعده
كما موتها قبله سيجعله يقتل نفسه بالتأكيد ليلحق بها وهو يخاف ذلك
سيخسر كل شيء سواء رضا الله أو لقاء ملاكه في الجنة
خرج من أفكاره على تلك التي رفعت رأسها وظلت تتلمس لحيته الخفيفة التي بدأت تنبت منذ سنة تقريبا.

همس ببراءة وهي تتلمس لحيته ووجهه: إنت حلو أوى يا أثدى
ثم قبلت لحيته أسفل شفتيه عند ذقنه
بدأت تعلو أنفاسه وتضطرب وقد انتشرت الحرارة في كامل جسده
ملس أسد على شعرها الأسود الطويل الذي تجعله طليقا دائما
أسد بحنان وهو يحاول ضبط نفسه: نامى يا ملاكى، نامى يا حبيبتى
قبل صلاة الفجر بمدة بسيطة استيقظ أسد فهو معتاد على ذلك
أسد وهو يحاول أن يوقظ همس: ملاكى يلا اصحى عشان تشوفينى وأنا بصلى.

همس بنعاس وتذمر طفولى: لأ ثيبنى يا أثدى أنام ونبى ووعد هثحى بكرة
لم يجادلها أسد فقد كان اليوم طويلا ومجهدا
قام أسد وأدى صلاته ثم أحس بحركة في الطابق فخرج من الغرفة
وجد شريف يدخل غرفته
أسد باستغراب: إنت كنت فين يابنى
شريف بحزن: كنت بره القصر قاعد شوية مع نفسى
أسد بحنان أخوى: طب مالك شكلك زعلان من حاجة، تعالى نتكلم في أوضتك
داخل غرفة شريف
أسد: ها مالك بقى.

شريف بتنهيدة: فاكر ياسمين اللى اتعينت سكرتيرة خاصة ليك
أسد: أيوة مالها
شريف: شكلى كده بدأت أحبها بس بلاقيها دايما سرحانة وفي عيونها النظرة اللى بشوفها في عيونك لهمس وخايف تكون بتحب حد
أسد بحدة وغيرة لا تناسب الموقف: أولا متنطقش اسمها، الخدامين بينادوها الهانم الصغيرة، وإنت تقدر تناديها الصغيرة والأحسن ولا تناديها ولا تكلمها، دا بس توضيح عشان منزعلش من بعض.

ثم بدأ يهدأ: وبعدين أنا ممكن أساعدك تقرب منها لو لقيت قبول منها ناحيتك، غير كده مش هقدر أساعدك لو هي فعلا بتحب حد تانى
شريف بسعادة: طب هتساعدنى إزاى لو في قبول
أسد: هقربها منك وهخلى معظم شغلها معاك
شريف: بجد شكرا يا أسد
أسد: العفو يلا نام إنت بقى
ذهب أسد لغرفته ونام بسعادة وهو يشعر بوجهها الصغير تدفنه أكثر في عنقه وكأنها شعرت به
في الصباح
في شقة مازن.

استعد مازن للذهاب لأول يوم عمل له في الشركة وقد كان يشعر بسعادة غريبة لا يعرف سببها لكنه أقنع نفسه أنها بسبب وظيفته الجديدة وتخلصه من ذنوبه
اتجه للشركة وقلبه ينبض بعنف ولا يعرف سببه
في شقة ياسمين
ياسمين: ماما أنا هروح أنا بقى الشغل
ثريا: ماشى يا حبيبتى ربنا معاكى
ذهبت ياسمين للشركة وهي تشعر بضربات قلبها التي تتزايد ولا تعرف السبب فهذا ليس أول يوم لها حتى تتعرض لكل هذا الاضطراب
في قصر ضرغام بغرفة أسد.

استيقظ أسد فوجد همس جالسة بجانبه تنظر له وهي واضعة يدها أسفل ذقنها
أسد وهو يقبل وجنتيها: صباح الجمال، ملاكى بتبصلى ليه
همس: أثل ثكلك حلو أوى وإنت نايم
أسد بتنهيدة قوية وفي سره: شكلك مش ناوية على خير يا ملاكى
أسد لهمس: يلا يا حبيبتى خدى شاور عشان هنروح الشركة وأنا هستناكى على متخلصى
همس: طب فين الخدامة تثاعدنى.

أسد بحدة وهو يتذكر غباءه عندما سمح لأحد يرى جسد ملاكه: لأ، أنا قولت نعتمد على نفسنا أنا هظبط كل حاجة في الحمام وإنتى استحمى ماشى
همس: ماثى
وبعد مدة كانت همس تستحم وأسد في الخارج
أسد في الهاتف: ها كتبتها باسم سعيد ضرغام
المتصل: أيوة يا فندم هم، قصدى الهانم الصغيرة بقت بنت عمك رسمى دلوقتى
أسد: تمام كده عايزك تقدملها في أفضل حضانة
المتصل: حاضر يا فندم تؤمر بحاجة تانية
أسد: لا خلاص كده.

تذكر أسد حديثه بالأمس مع عمه بعدما خرج من غرفة شريف
فلاش باك
بينما يتوجه أسد لغرفته سمع صوت بكاء في غرفة عمه فاقترب من الباب فسمع بكاء عمه وهو يدعو ربه أن يسامحه ويدعو لأخيه وزوجته بالجنة وأن يحمى أسد وأولاده من كل شر فتردد قليلا ثم طرق الباب
خرج سعيد وعيونهم حمراء
سعيد: أسد في حاجة يابنى؟!
احتضنه أسد قائلا: على فكرة أنا مسامحك
بكى سعيد واحتضنه قائلا: أصيل يا بنى وبتفكرنى بصلاح وناهد ربنا يرحمهم.

أسد: آمين
سعيد: صحيح يا أسد إنت متعرفش فين أهل همس أكيد ليها حد
أسد في سره: يارب ميكنش ليها حد غيرى أنا
أسد: تقريبا ملهاش وبصراحة مش عارف أسجلها باسم إيه عشان أدخلها الحضانة
سعيد: طب متسجلها على اسمى يا أسد
أسد بغيرة شديدة: وهي ليه تاخد اسمك إنت، أنا مش عايز اسمها يجتمع مع اسم أى راجل غيرى
سعيد: طب فكر كدة لو كتبتها باسمك هي هتقدر تعتبرك حد غير أبوها، لا طبعا غصب عنها هتحس إنك بقيت أبوها.

أسد بعدما فكر: ماشى بس مش هيسببلك الموضوع ده مشاكل كتير
سعيد: متشغلش بالك إنت ابدأ الإجراءات ولو احتجت حاجة أنا موجود
أسد: تمام
باك
عاد أسد للواقع على همس وهي أمامه بشعرها المبلل الذي ازداد لمعانا
أسد: استنينى بقا يا حبيبتى على ما أتدرب شوية وهاخد شاور ونروح الشركة
همس: طب خدنى معاك
أسد: تعالى يا قلبى
أخذها إلى صالة الرياضة الخاصة بها فنظرت همس لها بانبهار
همس بذهول: الله أنا عايزة أتدرب معاك يا أثدى.

أسد بخبث: متأكدة
همس: أيوة
حملها أسد وذهب إلى ( المشاية) ثم حملها وظل يجرى على (المشاية) وهو يحملها وصوت ضحكاتهما ترتفع
ثم مددها أسد على الأرض ومال فوقها وهو يمارس (الضغط) وكلما نزل لأسفل قبلها على جبينها أو وجنتيها
وظلا هكذا وسط الضحكات وألمرح
بعد الانتهاء استحم أسد وتناولا افطارهما وقد تكفل أسد باطعام همس ثم اتجها إلى الشركة
في الشركة.

كان يسير وهو ينظر لكل مكان لا يعرف أين يتوجه حتى توقف فجأة فاصطدمت فتاة به من الخلف
مازن وهو يستدير
مازن: أنا آس. ياسمين؟!
ياسمين: مازن؟!
مازن: أنا آس، ياسمين؟!
ياسمين بزهول: مازن؟! إنت بتعمل إيه هنا؟
مازن: أنا هشتغل محامى في الشركة هنا، دا أول يوم ليا، وإنتى بتعملى إيه؟
ياسمين بابتسامة لم تستطع التحكم بها: أنا بشتغل هنا من حوالى يومين، أنا سكرتيرة أسد بيه الخاصة
مازن بفرح هو الآخر: بجد؟! طب كويس هنشتغل مع بعض يعنى أنا مش قادر أوصفلك سعادتى
ياسمين بخجل وتوتر: أنا، أنا كمان سعيدة بوجودك معانا.

كل هذا تحت مسمع أسد الذي حزن على حال شريف فهو قد أدرك أنهما عاشقان لبعضهما فتكفى لمعة عيونهما
أسد وهو يقترب حاملا همس
أسد: أهلا يا مازن كويس إنك جاى في معادك إزيك يا ياسمين
ياسمين: الحمد لله حضرتك
همس بسعادة لياسمين: إزيك يا ياثمين وحثتينى
ياسمين وهو تضحك بحب لهذه الطفلة الجميلة: إزيك إنتى يا قمر
همس: الحمد لله
تضايق أسد من غزل ياسمين بملاكه وكاد أن يعنفها فلا يحق لأحد التغزل بملاكه غيره.

مازن لهمس: طب مش هتسلمى عليا أنا كمان يا قمر
انتشرت الغيرة في كل جزء من أسد فعقله يصور له أكثر من طريقة لتعذيبه وقطع لسانه الذي تغزل بملاكه ويديه تحثانه على لكمه حتى يكسر فكه الذي تفوه بهذا الكلام وقبل أن يفعل أى شيء من هذا
همس لمازن: مث هينفع أثدى هيزعل وأنا مث عايزاه يزعل
نظر أسد لها بفخر فيومان فقط كانا كافيان لتدرك أنها ملكه ثم نظر لمازن بتحدى وترقب كأنه ينتظر منه تعليق حتى ينفذ ما برأسه ويقتله.

مازن بضحك واستغراب: ماشى يا ستى خلاص
أسد: يلا يا ياسمين على مكتبك عشان ورانا شغل كتير بس عدى الأول على محمد وخليه يشرحلك باختصار عن أهم الأحداث اللى حصلت في الشركة والصفقات والناس اللى بنتعامل معاهم، وإنت يا مازن تعالى ورايا على مكتبى عشان عايزك
ثم تحرك دون إنتظار أى إجابة منهما
نظر مازن لها بغيرة واضحة: ومين محمد ده إن شاء الله.

ياسمين: ده موظف هنا كان المفروض أروحله من أول يوم عشان أفهم الشغل أكتر بس هو كان في أجازة ولسة مخلصها
مازن وقد احمر وجهه من الغضب: واو لأ واضح إنك مهتمية بيه أوى، على العموم متروحيش مكتبه لوحدك خدى بنت معاكى وإياكى تقفلى الباب أو تكلمى معاه في حاجة غير الشغل فاهمة
نظرت له ياسمين بزهول وفمها مفتوح
اقترب مازن بخبث: اقفليه أحسنلك عشان أنا على أخرى ومش هقدر أمسك نفسى أكتر من كده.

ياسمين بعدم فهم: هو إيه اللى أقفله؟
اقترب مازن أكثر ثم لمس شفتيها بإصبعيه وهو يقول: ده
ضغط على شفتيها باصبعيه حتى أغلقه وهو مخدر تماما
ابتعد مازن عنها فجأة ليلملم ما بعثرته تلك الياسمين
مازن: متنسيش اللى قولت عليه
تركها وذهب ليسأل عن مكتب أسد تاركا خلفه تلك المزهولة
ياسمين بصدمة: إيه اللى حصل ده.

ثم أضافت بسعادة وهيام وهي تتلمس شفتيها: يخربيته وهو مز كده، ده كان هيوقفلى قلبى، بس لحظة هو بيغير عليا، أيوة بيغير أنا مش بتخيل، يارب لو فيه خير قربه منى، ولو شر، قربه منى بردو بس بعد ما تهديه
لاحظت بدء قدوم الموظفون للشركة فأزالت يديها سريعا وذهبت لوجهتها ولم تنسى أن تأخذ احدى زميلاتها معها
في المصعد
أسد: يا ملاكى متخافيش والله مفيش حاجة.

همس بخوف وهي تتمسك بعنقه وتلف قدميها حول خصره وتضمه بشدة إليها: لأ لأ هيقع بينا يا أثدى وهموت دا بيطلع لفوق
أسد وهو سعيد بتمسكها به ولكن عندما ذكرت الموت خاف بشدة وضمها إليه أكثر: إياكى تجيبى سيرة الموت يا ملاكى وبعدين يا حبيبتى متخافيش أنا جنبك والأسانسير مش هيقع ولا حاجة متقلقيش ماشى
همس بخوف وتوتر: ماثى
في قصر ضرغام
تجمع سعيد مع سمية وسامر وسمر
سعيد: أنا جمعتكوا عشان عايز أكلم معاكوا شوية.

ثم وجه كلامه لسامر
سعيد: سامر يا ابنى أنا عارف إنك طيب ومعدنك أصيل وجواك خير يمكن أكتر من شريف كمان بس للأسف بسببنا إنت خبيت الخير ده ومنعته، أنا غلط كتير وندمت، مش عايزك إنت كمان تندم يا حبيبى
سامر بحقد: أندم على إيه إنت عارف إن معانا حق، إحنا حقنا أسد واكله علينا.

سعيد: بجد، طيب هو جدك كتب حاجة باسم أسد، لأ مكتبش عارف ده معناه إيه، إنكم هتورثوا بعدل ربنا، يعنى إنتم إللى واكلين حقه، لما هو يشتغل ليل نهار وفي الآخر ياخد ذيك إنت وشريف يبقى أكيد إحنا اللى ظالمينه
سامر بذهول: إزاى إنت قولت إنت وماما إن جدى كاتب معظم أملاكه لأسد.

سعيد بحزن: كدبنا عليك، وقتها إنت كنت متعلق بأسد وزى الأخوات وبتقف في وشنا لما بنحاول نضره فمش لاقينا طريقة غير دى وعشان كده كنت بمنعك تكلم جدك عن الورث عشان متعرفش الحقيقة
سامر بحزن: حرام عليك يا بابا اللى عملته فيا ده إزاى تعمل كده إنت دمرتنى وخليت أسد يكرهنى إزاي هيسامحنى بعد اللى عملته فيه.

سعيد: صدقنى أسد أصيل وهيسامحك وهو مش ناسى أبدا أيامكم مع بعض لما كنتم صغيرين، دا حتى هو اللى طلعك من المصيبة اللى كنت هتقع فيها من سنة، فاكر أما في واحدة اتبلت عليك إنك اغتصبتها، هو اللى كشفها ومرضاش يظهر في الصورة لإنه عارف إنك هترفض مساعدته
سامر بحزن: أنا هروحله الشركة لازم أخليه يسامحنى
خرج مسرعا ليصلح ما كسره والديه.

سعيد لسمر: وإنتى يا هانم، لو متعدلتيش والله يا سمر لأحبسك في البيت شغل النايت كلاب كل يوم خلاص انتهى السواق هيكون معاكى في كل حتة وهيقولى على كل خطوة بتمشيها وبتمنى تفوقى لمزاكرتك بقى
ثم وجه كلامه لسمية
سعيد بحدة: أنا مش هكرر اللى قولته كتير يا سمية، أسد تبعدى عنه خالص
تركهم سعيد وذهب لغرفته.

سمر بغضب: شايفة يا ماما، دلوقتى إحنا اللى بقينا غلطانين، من ساعة ما الشرشوحة دى جت وكله ضميره صحى وبقى بيوجعه أوى
سمية بحقد: متقلقيش يا قلب أمك أنا هاخد حقنا كلنا
في مكان ما
الشاب في الهاتف: تسنيم خلاص إلغى كل حاجة مش عايز مساعدتك
تسنيم: ليه
الشاب: مفيش منك فايدة واحتراما للعشرة أنا مش هتكلم بس لو نطقتى بجد هتزعلى
تسنيم: خلاص ماشى، بس بردو أسد هيبقى ليا.
الشاب: مليش دعوه بده أنا ليا الملفات لو اتسرق منها حاجة هلبسهالك على طول
تسنيم: أووووف خلاص عرفت الله
وصلوا للطابق الذي به مكتب أسد
خرج أسد وهي مازلت في أحضانه
تسنيم بعدما أغلقت الهاتف ورأتهم في ذلك الوضع
تسنيم بذهول وحقد: يا بنت الكلب وحضناه بكل بجاحة، إن ما وريتك، بس ماشى الأيام بينا كتيرة.

أسد لتسنيم: في موظف جديد اسمه مازن أما ييجى دخليه علطول وأول ما يطلع تيجيلى عشان نخلص الشغل اللي اتراكم اليومين دول
تسنيم بدلع وهي تضع يدها على صدره: ما هو حضرتك اللى غيبت عنا، وبصراحة إنت وحشتنا أوى
قبل أن يزيل يدها عنه
سمع صرختها فنظر لها سريعا، وجد يدها في فم ملاكه وهي تعضها بشدة وقد ورمت يد تسنيم واحمرت بشدة
تسنيم ببكاء: آاااااااه ابعدى إيدى، إيدى سيبها.

تصنع أسد الجدية بصعوبة كبيرة فهو يريد أن ينفجر ضاحكا
أسد بجدية: خلاص يا ملاكى سيبيها
تركتها همس بهدوء وبراءة وكأنها لم تكن شرسة منذ قليل
همس لتسنيم بكبرياء اكتسبته مؤخرا منذ ظهور أسدها في حياتها: دى عثان تقربى منه تانى، وإنتى اللى ثرثوحة مث أنا
فرح أسد كثيرا بكلماتها
أسد لتسنيم التي مازالت تبكى: اللى ملاكى تقوله يتنفذ علطول، ومتنسيش تنفذى اللى قولته من شوية
ثم تركها ذاهبا
نظرت تسنيم لهمس بغضب.

أما همس فقد أخرجت لها لسانها بطفولة لتغيظها
ضحك أسد بخفوت على حركتها
دخل أسد مكتبه وأجلس همس على قدميه فوجدها عابسة بطفولة وهي تربع يديها أمام صدرها
قبلها أسد بين حاجبيها حيث موضع عبوسها
أسد بلطف وحنان ينافى ما كان عليه أمام تسنيم: ملاكى زعلانة ليه
همس بعتاب: عثان إنت حلو وكل البنات بتحبك
أسد ضاحكا: ودا يزعلك ليه
همس: عثان إنت أثدى بتاعى، زى ما أنا ملاكك بتاعتك.

يا الله، كم يعشقها ويتمنى لو يظل كلامها هكذا حتى عندما تكبر
أفاق على صوت طرق الباب
أسد للطارق: ادخل، تعالى يا مازن
مازن: أيوة يا أسد بيه
أسد: أولا اقعد، ثانيا اسمى أسد بس إنتى بقيت صاحبى ماشى
مازن بسعادة: ماشى يا أسد
بدأ أسد يشرح له كل شيء عن عمله حتى انتهوا
أسد: لو في أى استفسار تانى أبقى اسألنى، ودلوقتى روح لأحمد محامى الشركة وهو هيعرفك الباقى
مازن: تمام.

ثم أضاف بخبث: بالمناسبة يا أسد حاول تستنى عليها أما تكبر شوية
أسد وقد اصطنع عدم الفهم: تقصد إيه
مازن بخبث أكبر: أقصد الشركة اصبر عليها أما تكبر وتبقى من أحسن الشركات ولا إنت إيه رأيك
ثم اتجه الباب وقبل خروجه.

مازن: على فكرة إنت مكشوف أوى، كفاية غيرتك اللى بجنون عليها، وحضنك اللى مبتخليهاش تفارقه، والفستان اللى أنا متأكد إنك إنت اللى جايبه لإنه محتشم جدا ومش مبين حتى رقبتها، وشعرها اللى خليتها تلمه، صدقنى أنا متأكد إنها هتحبك أما تكبر، اصبر بس عليها ومتتسرعش في اى حاجة وهي اللى هتجيلك بنفسها
خرج مازن
أسد في سره: شوفتى عملتى فيا إيه يا ملاكى شقلبتى حالى خالص
نظر أسد لها فوجدها نامت على قدمه.

فأخذ جاكته الذي وضعه على ظهر الكرسى وغطاها به واحتضنها أكثر
بعد مدة من تأمله لها طرق الباب فأذن للطارق بالدخول
شريف وهو يجلس: يا أهلا أخيرا شرفتنا يا راجل، يلهوى على القمر اللى نايم ليك حق تقول عليها ملاك
أسد بصرامة وقد ظهرت بوادر الغضب عليه واشتدت يديه على همس: شريييييف احترم نفسك وإلا قسما بالله أندمك على كل كلمة بتقولها ولا هيهمنى حد
شريف بخوف: خلاص يا عم براحة.

ثم أضاف: المهم عملتلى إيه في موضوع ياسمين
أسد: مش هينفع
شريف: هو إيه اللى مش هينفع
أسد: ياسمين ومازن اللى حكتلك عنه بيحبوا بعض وأنا مش هفرقهم عن بعض أبدا
شريف بغضب: نعم، إنت بتتخلى عن أخوك عشان واحد غريب ماشى يا أسد بس خليك فاكرها ثم خرج غاضبا
أسد: ياربى ع..
وقبل أن يكمل كلامه طرق الباب مرة ثالثة
أسد بغضب: هو إنتو واقفين بالدور إيه اليوم اللى مش هيعدى دا ياربى، ادخل
دخل سامر وهو خافض الرأس: ممكن نتكلم.
سامر: ممكن نتكلم؟
أسد: تعالى يا سامر خير
تقدم سامر منه في خزى وفجأة سقطت دمعة من عينيه ولم يستطع التحدث
قام أسد ثم وضع ملاكه بحنان على مقعده فكان بالنسبة لها كسرير كبير وقبلها بعشق من جبينها
اتجه أسد إلى سامر وأخذه إلى ركن بعيد في مكتبه حتى لا تستيقظ ملاكه
أسد وهو يزيل دموع سامر
أسد بهدوء: مالك فيك إيه.

سامر: أنا آسف، سامحنى على كل اللى عملته فيك، بس صدقنى مكنش في إيدى حاجة أعملها غير إنى أكرهك بعد اللى قالوه عليك..
أرجوك سامح..
وقبل أن يكمل احتضنه أسد
أسد بحنان أخوى: مش سامر ضرغام اللى يترجى حد أبدا، دا إنت اللى معلمنى إن مهما غلطت أصلح غلطى من غير ما أعتذر، هتيجى بقى دلوقتى وتخلف كلامك، لا يا عم مش لاعب
قال آخر جملة في مرح لا يظهر إلا لأحبائه فقط.

شد سامر على حضنه وابتسم بسعادة لأنه استعاد أكثر شخص كان مقربا منه حتى أكثر من شريف
ابتعد أسد عنه قائلا: عرفت غلطك واعتذرت وأنا قبلت، يلا بقى زى الشاطر كدة تشوف شغلك اللى إنت رميه عليا، أنا مش هفحت نفسى في شغل كتير تانى
سامر بخبث ومرح وهو ينظر لهمس: واشمعنا المرة دى ولا عشان الفترة دى احلوت أوى باللى فيها
وفجأة وجد سامر نفسه على الأرض بعدما تلقى لكمة من أسد.

سامر: آااااه يا متخلف بهزر، إيه مبتهزرش يا رمضان
أسد بتهكم وجدية: لأ مبهزرش يا خويا، إلا ملاكى يا سامر سامع، أنا آه بحبكم بس ملاكى حاجة مختلفة، واللى هيقرب منها هيبقى بيلعب في عداد عمره، سامع، ويلا بقى على شغلك
سامر: خلاص يا عم عرفنا إن هم..
أسد بنرفزة: يوووووه بقى لإمتى هتنيل أقول محدش ينطق اسمها، قولوا عليها الصغيرة والأحسن متكلموش عنها أبدا.

سامر بجدية: أسد عشقك ليها شيء جميل بس اللى مش جميل غيرتك الشديدة دى إنت ممكن تخسرها إديها شوية مساحة تاخد راحتها وبعدين دى طفلة ي..
أسد مقاطعا: سامر متحولش، ملاكى بقت بتاعتى خلاص وأنا مستحيل أضرها أنا أموت ولا أعمل كدة، المهم سيبك من الموضوع ده وروح شوف شغلك
سامر: ماشى يا عم متزوقش
ثم اتجه إلى الباب وقبل أن يخرج.

سامر: أسد حاول تصالح شريف، أنا شوفته طالع من مكتبك متنرفز، أنا مش عارف إيه اللى حصل، بس شريف بيحبك وأنا متأكد إنه دلوقتى زعلان جدا إنه زعلك
أسد: متقلقش يا سامر مش محتاج توصينى على أخويا وصاحبى، يلا إنت على مكتبك وشوفلى تسنيم عايزها
سامر: النظرة اللى في عينيك دى عارفها ودلوقتى أقدر أقول الله يرحمك يا تسنيم، أنا هناديهالك، ووالنبى اتوصى بيها لاحسن هي تشل أساسا
خرج سامر بينما اسودا حدقتى أسد.

أسد بغضب: هو أنا محتاج توصية
في مكتب محمد
هند: ياسمين أنا كدة مش هخلص شغلى إنتو بقالكوا كتير أنا هروح أنا أشوف شغلى
اتجهت للخارج وأغلقت الباب خلفها
كل هذا تحت صدمتها ودار في خلدها ما سيفعله ذلك المازن إذا علم ما حدث
حاولت ياسمين الوقوف لفتح الباب فقال محمد سريعا
محمد بلهفة: متقلقيش يا ياسمين إحنا قربنا نخلص
ياسمين بانزعاج: آنسة ياسمين لو سمحت، ياريت تخلى الألقاب محفوظة.

محمد بابتسامة متجاهلا كلامها: يلا نكمل شرح
ياسمين في سرها وهي على وشك البكاء من خوفها: نهار إسود لو مازن عرف، دا أنا هتنفخ، يارب أعيش النهاردة بس أكون وصيت أم إبراهيم على ماما، هتوحشينى يا ياسمين والله كنتى طيبة وبنت حلال
في مكتب مازن
بدأ مازن العمل ثم فكر في ياسمينته واجتاحته رغبة لمعرفة ما تفعله الآن
خرج وسأل عن مكان مكتبها
وعندما دخل لم يجدها
مازن: هي فين؟!

ليليتها سودة لو طلعت لسة عند الزفت اللى اسمه محمد دا، دا أنا هموتهم بإيديا ماشى يا ياسمين والله لأوريكى
اتجه مازن لمكتب محمد بعدما سأل عن مكانه
صدم مازن عندما وجد الباب مغلق فاتجه ببطء ليسمع ما يدور بالداخل
محمد: إحنا كدة خلصنا يا ياسمين، بصراحة كدة كنت عايز أقولك إنى معجب بيكى جدا وكنت عايز آخد معاد مع ولى أمرك وأتقدملك رسمى.

لم تكد ترد عليه حتى فتح الباب بعنف وقوة أفزعتها هي ومن معها وما زاد الطين بله ذلك الكائن الغريب الذي دخل عليهما بوجهه الأحمر الغاضب وعينيه التي لا تقل حمارا عنه وصدره يعلو ويهبط لسرعة تنفسه فهذا الكائن لا يمت للبشر بصلة
اتجه مازن بسرعة لذلك الخائف بشدة وهجم عليه بالضرب المبرح حتى كاد يقتله وفقد وعيه من شدة الضرب الذي تعرض له
اتجه لها وهي تبكى بخوف.

مازن بينما يضغط على كتفيها بشدة وبصراخ شديد جعل موظفى الشركة يلتفون حوله
مازن: إزاااااااى، إزاي تعملى كدة قولتلك تاخدى حد معاكى ما إنتى لو محترمة نفسك مكانش اتجاوز حدوده، محدش ليه حق فيكى غيرى أنا وبس فاهمة، ردى عليا فااااااااهمة
ياسمين وهي تتنفس بصعوبة: فاهمة فاهمة
ثم فقدت وعيها بين يديه فحملها سريعا ووضعها على الأريكة
مازن بصراخ في الجميع: هاتوا ماية بسرعة
في مكتب أسد.

سمع أسد الصراخ فنزل لأسفل بعدما أغلق مكتبه بالمفتاح فهو لا يأمن أن يترك ملاكه هكذا ولكنه مضطر
أحضرت فتاة ما كوب ماء
ظل مازن يحاول إيقاظها وهو حزين وخائفة بشدة
حتى بدأت تفتح عينيها
أمر مازن الجميع بالخروج فحملوا محمد الذي مازال فاقد الوعى وتركوهما
بعدما تذكرت ما حدث منذ قليل بدأت تبكى بهستيرية مرة أخرى حتى احتضنها مازن بشدة.

مازن بحنان وعشق وهو يهدئها كما لو كانت ابنته الصغيرة: هووووش، بس يا حبيبتى خلاص أنا آسف يا روحى متعيطيش خلاص أنا آسف يا قلبى سامحينى بقى
قبل رأسها وهو يشدد من احتضانها
بالرغم من خوفها منه إلا أنها تمسكت به
فرح مازن بتمسكها الشديد به فاحتضنها أكثر حتى كادت أن تنكسر عظامها
تألمت كثيرا إلا أن رائحته الرجولية أسكرتها.
مازن بعدما وجدها بدأت تهدأ: ينفع كدة يا حبيبتى أنا مش قولتلك تاخدى بنت معاكى وافتحى الباب ليه خالفتى كلامى
ياسمين وهي مازالت في حضنه: أنا عملت كده والله بس، وبدأت تحكى له ما حدث
ياسمين: والله دا اللى حصل أنا مش بكدب عليك
مازن: خلاص يا حبيبتى ماشى أنا مصدقك
ثم أضاف بمرح: إنتى قافشة فيا كدة ليه يا بت اوعى تكونى بتتحمرشى بيا لااااا كله إلا الشرف، بس متقلقيش أنا قاعد على قلبك.

ابتعدت ياسمين بخجل ودفعته بقوة حتى سقط من الأريكة على الأرض بقوة
مازن بألم: آاااه يا بنت الجزمة
ياسمين بشهقة: إيه
مازن بعدما قام: ولا حاجة يا حبيبتى
ياسمين بخجل: حبيبتك؟!
مازن: يعنى ملاحظتيش روحى وقلبى ولاحظتى حبيبتى
ياسمين بخجل أكبر: يعنى أنا كل ده
مازن بعشق: إنتى أكتر من كده، ياسمين أنا بح..
قاطعهما أسد الذي كان واقفا منذ مدة
أسد بصرامة: ماااازن عايزك
ثم ذهب لمكتبه دون سماع ردهم
خجلت ياسمين بشدة.

مازن بخضة: قل أعوذ برب الفلق هما بيطلعوا امتى دول، أنا رايح أشوف ماله وإنتى عايز ابقى آجى وأشوفك لسة هنا، هط..
ذهبت ياسمين جريا وهي تقول
ياسمين: أنا مشيت خلاص أساسا
ضحك مازن عليها ثم اتجه لمكتب أسد
في مكتب ياسمين
ياسمين بضحكة: دا طلع بيحبنى بجد، يلهوى عليه قمر وهو متعصب حتى.

ثم تغيرت ملامحها للغضب والبؤس: بس الأستاذ أسد دخل وقطع اللحظة منه لله والله لأقطع عليه لحظاته مع همس، أما وريته، اسكتى ياختى تورى مين دا إنتى شبه الكتكوت المبلول قدامه
يلا حسبى الله ونعم الوكيل
في مكتب أسد
دخل مازن
أسد بصرامة: ممكن تشرحلى إيه اللى حصل ده يا أفندى
مازن: أنا معملتش حاجة واحد قل أدبه على ياسمين أسكتله يعنى
أسد: وهو عشان طلب إيدها يبقى قل أدبه.

مازن: والله، طب ماشى أنا بطلب إيد همس لما تكبر من..
لم يكمل كلامه إلا وقد جاءت لكمة عنيفة له
ابتعد أسد عنه ثم نظر لملاكه فحمد ربه أن نومها ثقيل جدا وإلا كانت استيقظت
نظر أسد لمازن وساعده على النهوض
مازن بألم: آه آه حسبى الله ونعم الوكيل يا أخى كسرت وشى هتجوز إزاى أنا دلوقتى، بس على العموم شوفت رد فعلك إيه مع إنك عارف إنى بستفذك بس وعملت فيا كده أنا بقى أعمل إيه وأنا شايفه بيتكلم جد.

أسد وبدأ يهدأ: ماشى يا مازن، بس حاول تتحكم شوية في نفسك وبعدين في فرق بينى وبينك، ملاكى أما تكبر مفيش حاجة هتمنعنا إننا نتجوز، لكن إنت، إنت ماضيك كله إسود وكفاية سمر وجوازك منها دى لوحدها تمنعها تبص في وشك حتى
مازن بقلق: أسد أبوس إيدك إوعى تقولها حاجة، إنت قولت هتجوز سمر كام شهر بس وكمان بعد حوالى خمس سنين يبقى بلاش تقول لياسمين دلوقتى وتبعدها عنى هموت والله من غيرها.

وضع أسد كفه على كتف مازن مواسيا له: متقلقش
يا مازن أنا مستحيل إنى أعمل كده بس حاول تعرفها ماضيك لإن مفيش علاقة بتتبنى على كدب
تنهد مازن قائلا: ماشى هحاول أنا هروح مكتبى بقى
أسد بمرح لينهى هذا التوتر: والنبى يا أخ ناديلى تسنيم وإنت خارج وأى حاجة هتحصل حاولوا تأجلوها على ما أصفى حسابى معاها
مازن باستغراب: ليه هي عملت إيه
أسد بغموض: عملت كتير، ناديهالى بس
مازن: حاضر
خرج مازن وبعد دقائق.

سمع أسد طرق الباب فأذن للطارق
دخلت تسنيم وهي مرتبكة فقد تجاهلت مناداته لها أكثر من مرة
تشعر بالتوتر ولا تعلم لماذا
بهدوء ذهب لمقعده وحمل ملاكه
جلس وملاكه نائمة في حضنه
أسد بهدوء مصطنع: ها، سامعك
تسنيم بتوتر: سامع إيه حضرتك
أسد وبدأ يغضب: من غير لف ولا دوران مين اللى خلاكى تسرقى الملفات
تسنيم: والله..

أسد: من غير كلام كتير أنا شوفتك في الكاميرا اللى نسيتى بغبائك تعطليها مع باقى الكاميرات، إنتى عارفة أنا ممكن أعمل إيه فيكى إنتى وعيلتك فاتقى شرى وقوليلى مين وراكى
تسنيم بخوف فهى تعلم أنه لا يمزح: حاضر هقولك، من كام شهر اتصل بيا حد، وطلب منى أساعده أجيبله ملفات وهو هيدينى اللى أنا عايزاه بس بعد مدة عرفت هو مين، طلع..
ثانية، ثانيتان
وانطلقت رصاصات كثيرة من زجاج مكتبه الذي يطل على الشارع.

نزل أسد بملاكه تحت المكتب وهو خائف بشدة عليها
احتضنها بشدة حتى لا يصيبها مكروه
بينما تلك الصغيرة استيقظت على صوت الطلقات فظلت تصرخ بشدة وهي خائفة وتبكى بهستيرية
أسد محاولا تهدأتها وسط الحلقات التي لم تنقطع بعد
أسد بخوف وسرعة: بس بس يا ملاكى اهدى يا حبيبتى
وبعد دقائق من الطلقات المتتابعة التي قد تكون تخطت العشرون طلقة
توقف صوت الطلقات
أخرج أسد رأسه من تحت المكتب فوجد كل شيء هادئ.

انتظر للحظات بعدما تأكد من أنه لم يصبح هناك خطر
حمل ملاكه التي مازالت تبكى بشدة فرفعها إليه حتى وجدها تصرخ بشدة وهستيرية غريبة لينظر لاتجاه عينها ليرى أبشع منظر في حياته
تسنيم ملقاة على الأرض وقد امتلأت الجدران وكل شيء بدمائها وخرجت أحشائها من بطنها لكثرة الطلقات وقد انفجر رأسها.

ليخفى رأس محبوبته في عنقه حتى لا ترى ذلك المنظر وهو لا يعرف ماذا يفعل ولكن من المؤكد أن كل ذلك وراءه شخص ما وسيعرفه بالتأكيد.
أسد محاولا تهدئة ملاكه: بس بس يا حبيبتى اهدى مفيش حاجة حصلت
ولكنها ظلت تصرخ بشدة حتى كادت تختنق
خاف أسد عليها
أسد: أنا آسف يا حبيبتى بس مفيش طريقة غير دى
ثم ضربها برأسه في رأسها ففقدت الوعى مباشرة
دقيقة فقط ظل يفكر وهو ينظر بأسف لتلك الجثة حتى تجمع كل من بالشركة وتعالت الصرخات والصيحات وأصوات البكاء
أسد بغضب: بس كلكوا اخرسوا خالص، الكل يروح بيته وسيبوا كل الشغل وبكرة أجازة للكل يلا.

صاح في آخر كلامه بغضب ثم أضاف
أسد: سامر، مازن، خليكوا عايزكوا
خرج الجميع وتبقى مازن وسامر معه
مازن بحزن على تسنيم: مين اللى عمل فيها كدة يا أسد، إحنا كنا تحت وفجأة سمعنا صوت ضربات نار
أسد: أنا اكتشفت إن تسنيم هي اللى كانت بتسرق الملفات وكانت هتعترف وتقول مين وراها بس للأسف تقريبا الشخص ده متابعها وموتها أما حس إنه هينكشف
سامر: خلاص يا أسد هو شكله خطر بلاش نلعب معاه المهم دلوقتى الجثة.

أسد: مازن اتصل بالبوليس ييجى والإسعاف كمان
مازن: حاضر يا أسد
خرج مازن
جلس أسد على مقعده وهو مهموم ويشدد على احتضانه لملاكه فهى من تعطيه القوة والدعم معا
اقترب سامر منه ووضع يده على كتفه مواسيا له
سامر: اهدى يا أسد كله هيعدى
أسد بهم وحزن: بالرغم من خيانتها بس زعلت إنها ماتت وحاسس إنى السبب أكيد عيلتها هتزعل أوى يلا ربنا يصبرهم
سامر: خلاص يا أسد صدقنى كله هيعدى.

أسد: أكتر حاجة مدايقانى وخايف منها هي ملاكى أما تصحى، مش عارف إزاى بغبائى سيبتها تشوف منظر زى ده، يارب ميأثرش عليها ولا على نفسيتها يارب
هنا وانفجر سامر ضاحكا رغم كل ما هم فيه
سامر بضحك: يا برودك يا أخى، كل الغم ده ومش هامك غير ملاك
أسد بابتسامة عاشقة وهو ينظر لملاكه النائمة بوله: صدقنى هي شقلبت حياتى كلها، بقت كل دنيتى عبارة عنها هي، حاسس إنى مكنتش عايش قبل كده، حاسس إنى مست..

توقف عن الكلام عندما أدرك شيء ما ثم نظر لسامر بنفس النظرة المرعبة عندما يتعلق الأمر بملاكه
سامر بخوف شديد: النظرة دى أنا عارفها كويس
سريعا وضع أسد ملاكه على المكتب وجرى ناحية سامر الذي حاول الفرار نادما بعدما أدرك ما قاله لكن ما فائدة الندم بعدما فك أسر ذلك الأسد لينقض عليه
سامر بألم شديد من اللكمات: آه آه بس خلاص آااااه.

أسد بغضب وصياح وقد أعمته غيرته: ده عشان بس تقول عليها ملاك تانى، الاسم ده بتاعى أنا وبس، عايزك بقى تبقى تتكلم عليها تانى، المرة الجاية هدشدشك في بعضك
سامر باندفاع: ما عشان إنت مفترى وابن جزمة
أسد بصياح: إييييييه؟
سامر بصياح هو الآخر فقد عمل بمقولة خدوهم بالصوت: هو في إيه محدش هيعرف يقف في وشك ولا إيه؟!
نظرة واحدة كانت كفيلة لجعله يتراجع
سامر: طبعا مفيش هو ده محتاج سؤال
أسد بعدما هدأ: شريف فين.

نظر له سامر بقرف: ما دا اللى فالح فيه تضرب والآخر تتكلم ببرود ولا كإن في حاجة لولا قلبى الطيب كنت عرفتك قيم..
تراجع عن كلامه عندما نظر لكتلة الغضب أمامه فرد سريعا
سامر: في البيت يا سيد المعلمين لسة زعلان بس اول ما أقوله على اللى حصل أكيد هييجى جرى وهو خايف عليك ليكون جرالك حاجة
أسد: طب يلا هوينا بقى وأما البوليس والإسعاف ييجوا خليهم يطلعوا علطول
خرج سامر
نظر أسد لملاكه وقبلها من جبينها مكان خبطته لها.

أسد باعتذار: آسف يا ملاكى سامحينى يا حبيبتى يارب تنسى المنظر ده أما تصحى
تنهد أسد ثم حملها لركن بعيد عن المكتب ومنظر الجثة
تمدد على الأريكة وهي في أحضانه وظل يفكر في من يريد أذيته
في قصر ضرغام
تتجمع أفراد العائلة في غرفة المعيشة
فيرن هاتف شريف فرد
شريف: أيوة يا سامر في حاجة
شريف: إيه طب أسد كويس
شريف: الحمد لله. طب أنا جاى حالا
الجد: فيه إيه يا شريف
حكى لهم شريف ما حدث.

سعيد: لاحول ولا قوة إلا بالله ربنا يرحمها يابنى. روح إنت يا شريف جمب ابن عمك لولا إنى بقيت بتعب من الحركة كنت رحت معاك
خرج شريف متجها للشركة
ماجد مفكرا: يا ترى مين السبب في ده
سمية في سرها: يعنى كل الرصاص ده واللى يتشل يا رب مجاتش فيه رصاصة حتى يلا ربنا ياخده ويريحنا
في الشركة بعدما نقلت الجثة إلى المشرحة
الضابط: إحنا هنتحرى في الموضوع ده يا أسد بيه بس محتاجين نعاين المنطقة والشركة.

أسد: عندك النهاردة وبكرة الشركة هتبقى فاضية وهيكون معاك سامر ومازن
الضابط: تمام
خرج الضابط ودخل شريف بعده مباشرة
شريف محتضنا أسد بخوف: إنت كويس يا صاحبى
أسد: متقلقش يا شريف أنا تمام
شريف: أنا آسف يا أسد على اللى قولته، أنا قعدت انهاردة أفكر في الكلام اللى قولته ولاقيت عندك حق، وبصراحة كويس إنك عرفتنى إنها بتحب حد وأنا لسة في مرحلة الإعجاب.

أسد: ولا يهمك يا شريف إنت أخويا، يلا أنا هروح أنا بقى تعبت انهاردة جامد
شريف: ارتاح إنت وأنا هقفل الشركة وكل حاجة وراك
أسد: تمام وإنت معاك سامر ومازن يساعدون
شريف: مين مازن ده
أسد: ده موظف هنا وصاحبنا الجديد اتعرف عليه هتحبوا هو طيب وأنا واثق فيه
شريف: خلاص ماشى
اتجه أسد لسيارته حاملا ملاكه معه وجلس في المقعد الخلفى وهي على قدميه
أسد: رجعنا القصر يا عم عبد الله
عبد الله السواق: حاضر يا بنى.

احتضن أسد ملاكه بعدما أنزل الستار الفاصل بينه وبين المقعد الأمامي ودفن رأسه في عنقها الأبيض الناعم
أسد بهمس: امتى هتكبرى وتكون ملكى، مستنى اليوم ده بفارغ الصبر يا ملاكى، اليوم اللى هتتزفى فيه وتتكتبى على اسمى، صدقينى خوفى من إنى أموت قبل ما تبقى مراتى أكبر من خوفى من الموت نفسه، أنا عارف إن فرق السن بينا كبير، بس أوعدك هعوضك عن كل حاجة، تكبرى إنتى بس وأنا هخليكى عايشة في جنة.
تنهد أسد ثم طبع قبلة سريعة على وجنتها
بعد مدة وصل أسد للقصر وبعد إجابته على أسئلة جده وعمه توجه لأعلى
وضعها على الفراش وبدل ملابسه وقبل أن يتمدد على الفراش رن هاتفه
أسد: أيوة خلصت موضوع الحضانة
المتصل: تمام يا باشا وتقدر الهانم الصغيرة تبدأ دراسة في أى وقت، وأنا نبهت على المدير إنها تعرف البنات والاولاد الهانم الصغيرة تبقى مين عشان ماحدش يدايقها
أسد بغضب: نعععععم مدير إيه وولاد إيه؟!

المتصل بتوتر: يا فندم الحضانة مشتركة
أسد: من بكرة تتحول لحضانة للبنات وبس، وحتى المدرسين الرجالة والمدير ينقلوا حضانة تانية وأنا هوصى عليهم، بس لو شوفت راجل في الحضانة هيبقى آخر يوم في عمره وعمرك
المتصل: تمام يا فندم بس المالك للحضانة راجل
أسد ببرود: يبقى من بكرة الحضانة تبقى باسمى، واللى قولت عليه يتنفذ، بعد بكرة ملاكى هتبدأ أول يوم حضانة ليها عايز كل حاجة تبقى تمام، مع السلامة
المتصل: سلام يا فندم.

أغلق أسد هاتفه وتمدد على السرير ورفع ملاكه ووضعها فوقه
أسد هامسا بتملك وغيرة وجنون: قال حضانة مشتركة قال، دا أنا مش طايق جدى يقربلك هطيق حد في عمرك، أنا لازم أبعد عنك كل راجل، لازم أكون الوحيد اللى في حياتك، مينفعش تعرفى حد غيرى أبدا، أيوة إنتى بتاعتى أنا، أنا وبس
ثم استنشق رائحتها التي تسكره حتى سقط في نوم عميق.

مر أسبوع وقد نفذ كل شيء أراده الأسد وقد بدأت غيرته تزداد كل دقيقة فأصبح يمنع عنها كل جنس آدم حتى أنه قسم مكتبه لغرفة أخرى صغيرة مجهزة بكل الألعاب وسرير وكل ما تحتاجه طفلة صغيرة حتى إذا اضطر للجلوس مع رجال لوقت طويل وضعها بها
وأكثر ما أسعده أن ملاكه لم تتذكر شيئا فشكر ربه ثم أخذها للمول واشترى كل ما يتعلق للدراسة
لم تصل الشرطة للمجرم فأصبحت ضد مجهول.

يتذكر جيدا أول يوم لها بالحضانة عندما أوصلها بنفسه وودعها
قضى يومه كله في غضب وعصبية شديدة فقد كان يشعر بمن انتزع قلبه فأحس بالاختناق الشديد ولم ترجع روحه إلا عندما سمع صوت الباب يفتح وصوت أقدماها الصغيرة على الأرض فارتمت بأحضانه وهي سعيدة ولكنه كان الأسعد
ظلت تحكى له كل شيء وهو يستمع دون ملل أبدا وقد أرضاه الشعور بأنه الرجل الوحيد في حياة ملاكه فحتى السائق الخاص بملاكه أنثى.

وهكذا المنوال طوال الأسبوع
أما ما جد في الشركة فقد تم توظيف فتاة جديدة تدعى ترنيم في الثانية والعشرين من عمرها بدلا من تسنيم وهي فتاة محجبة ذات جمال هادئ وقد أصبحت هي وياسمين أصدقاء وأحبتها همس بشدة وتم نقل مكتب ياسمين إلى مكتب ترنيم أو لنقل بجوار مكتب مازن الذي أصر على أسد أن ينقلها بجواره
خارج مكتب أسد حيث مكتب ترنيم وياسمين
يجلسان ويتحدثان في أمور عديدة بعدما أنهوا عملهم
ليدخل سامر وشريف.

سامر بنظرات عاشقة: إزيك يا آنسة ترنيم، أسد جوة؟
ترنيم: الحمد لله. وأيوة جوة حضرتك
شريف بنظرات حب: إزيك يا ترنيم عاملة إيه
ترنيم بخجل وحب: الحمد لله وحضرتك عامل إيه
شريف بابتسامة: بقيت أحسن بعد ما سمعت صوتك
تنهد سامر بحزن فقد عشق ترنيمة قلبه بشدة من أول يوم لها ولكنه تراجع عندما وجد نظرات الإعجاب المتبادلة بينها وبين شريف والتي تحولت لحب مؤخرا.

وعد نفسه أنه سيظل يعشقها لآخر نفس في عمره مهما حدث ولن يأخذ مكانها أحد أبدا
اتجه سامر لمكتب أسد فإذا ظل واقفا قد يقتل شقيقه الذي ينظر لترنيمة قلبه
ذهب شريف وراء سامر بعدما ابتسم لترنيم
تنهدت ترنيم وهي تنظر لشريف
ياسمين غامزة لها: الصنارة غمزت ولا إيه
ترنيم بسعادة: أصل شريف ده وسيم أوى وجنتل في نفسه وذوقه عاجبنى أوى
ياسمين: ربنا يسعدك يا حبيبتى
ترنيم: يا رب
في مكتب أسد.

ظل أسد وشريف وسامر يعملون حتى أخذهم الوقت ثم سمعوا صوت الباب يفتح والأقدام الصغيرة تتحرك ابتسم أسد بشدة وقد عرفها فمن هي سوى ملاكه الصغير
اتجهت له بسرعة بعدما ألقت حقيبتها والمعطف الذي ترتديه لبرودة الجو فهذه عادتها وارتمت في أحضانه وهي تضحك بسعادة ليحتضنها أسد ويجلسها على قدميه غير عابئ بشريف وسامر
شريف وسامر؟! رجلان أمام ملاكه إذا لم يتحركا من مكانهما سيقتلهما
أسد بغيرة: نكمل بعدين يلا إمشوا بقى.

خرجا دون التفوه بكلمة فقد جربا كل أنواع الضرب واللكم بسببه وغير مستعدان للمزيد
أسد وهو يقبل وجنتى معشوقته
أسد بعشق لا يقل أبدا: يلا احكيلى عملتى إيه انهاردة
بدأت همس تحكى له كل ما حدث معها بحركات يديها وتعابيرها التي تجعله ينفجر ضاحكا عليها بل ويريد أكلها
وبعد ساعة وقد انتهت من حديثها
بدأوا يأكلون الطعام الذي يصل في معاده دائما وهو بعد وصولها بساعة تكون انتهت من حديثها
ظل يطعم ملاكه وهي تطعمه.

رن هاتفه ليرد بغضب عمن قطع عليهم هذه اللحظة
أسد: أيوة مين معايا
أسد: إيييه أنا جاى حالا
حملها وركض بها للقصر
وضع ملاكه بغرفته بعدما أغلق الباب بالمفتاح وجعلها تنشغل بالألعاب
في إحدى المستشفيات حيت تتجمع الشرطة وجميع أفراد عائلة ضرغام
وصل أسد للمشفى ليجد الجميع يبكى.

أحد الضباط: إحنا جالنا بلاغ بوجود دم قدام باب شقة ما ولما روحنا لقينا جثة وبعد التحريات عرفنا إن اسمها سمر ضرغام وللأسف الجثة كانت ميتة والشقة عرفنا إنها شقة مشبوهة
شعر أسد بالصدمة والوجع فمهما فعلت ستظل ابنة عمه
أسد محاولا التماسك: وإيه السبب في موتها
الضابط: لحد الآن مش عارفين بس غالبا حالة اغتصاب لإن كان في تعذيب على جسمها
بعد مرور دقائق طويلة
خرج الطبيب.

الطبيب: يؤسفنى أقولكم إن المتوفية الواضح إنها كانت في حالة ممارسة مقدرتش تتحمل فماتت
أسد بصدمة: بس الظابط بيقول احتمال اغتصاب، ليه فعلا ميكونش كدة
الطبيب بثقة: أنا دكتور وعارف كويس اللى بقوله وده مش اغتصاب كان بإرادتها
انهار الجميع
سمية ببكاء شديد وصياح: بنتى، إنتوا السبب محدش كان بيهتم بيها، إنت السبب يا أسد لو كنت حبيتها مكنش حصل ده كله.

فقدت وعيها تدريجيا وسط بكاء سعيد وسامر وشريف وماجد الذي شعر أنه السبب فهو لم يهتم بحفيدته ولم يكن قريبا منها
أسد: ربنا يرحمها يا رب، أنا مسامحها على كل اللى عملته
سبع سنوات، مرت سبع سنوات بحلوها ومرها وقد تغير فيها الكثير من الأحداث
ف..
سبع سنوات، مرت سبع سنوات بحلوها ومرها، وقد تغير الكثير من الأحداث
فالجد، أصبح أكثر حنانا ومساندة لأحفاده وابنه، ولما لا.

ألم يفقد حفيدته بسبب إهماله؟!، وأخيراً قد أدرك أن الحياة قصيرة، لا يجب أن نضيعها على تذكر الماضى والبكاء، وساعده على ذلك تلك الصغيرة التي أضافت المرح في حياتهم جميعا، أصبحت أغلى أحفاده وقد كان سعيدا جدا عندما علم أنها سجلت على اسم ابنه أى على اسمه هو الآخر، بالرغم من أنه لازال يجلس في حجرته كثيرا لكنه على الأقل يبتسم عند خروجه منها ويجلس مع أحفاده ويساعدهم في الأعمال أحيانا.

أما سعيد فقد ازداد حبه لأسد الذي ظل يسانده في محنته، وقد عشق همس كثيرا فهى كانت تعويضا لابنته الحبيبة
ظلت سمية كما هي بل ازدادت حقدا على أسد والجد وتوعدت لهم بأشد الانتقام على موت ابنتها غير مدركة أنها السبب الوحيد في موتها..
لو كانت نعم الأم لكانت سمر نعم الابنة.

أخيرا اعترف مازن بعشقه لياسمينته بعدما توفيت والدتها وامتنعت عن العمل ظل مازن بجوارها حتى ساعدها واعترفا لبعضهما بحبهما وتزوجا والآن لديهما معاذ ذو الأربع سنوات
أما سامر فقد حاول كثيرا اقتلاع عشق ترنيمته من قلبه ولكن للأسف احتلت كيانه كاملا..
فكم مرة حاول أن يتزوج فتاة أخرى ولكنه إما يتركها
إما هي من تتركه لبروده معها..
وكيف لا وهو قد وهب كل مشاعره لترنيمته.

مازال يتذكر جيدا عندما أعلن شقيقه خطبته عليها منذ سنتين
بكى وقتها كالطفل الصغير ظل يبكى بهستيرية، أحس بانكسار قلبه، دعا كثيرا أن يموت، وقد كاد، فقد أتته ذبحة قلبية ولكنه أنقذ على يد أسد الذي كان يعلم ماهية مشاعره تجاه ترنيم، وسانده على الاستمرار
شريف وترنيم يعيشون فترة خطبتهما بسعادة
يوفر لها كل ما تريد وهي سعيدة به ووسامته المتناهية.

أما بطلنا، قد تغير فيه الكثير، أصبح قاسيا أكثر وعنيفا تجاه كل من يقترب من ملاكه، صار مهووس ومجنون بها، أصبح يمنعها من الخروج إلا وهي معه..
حتى المدرسة لا تذهب لها إلا للإمتحان فقط..
يذاكر لها
أنانى في حبها، يعترف بذلك..
لكنه يريدها أن تعتمد عليه هو فقط لا غيره..
حتى النساء لايريدهن في حياتها، يكاد يجن عندما يتذكر أنها قضت ست سنوات ونصف بدونه، تفعل ما تشاء ويقبلها من يشاء.

ولكنه يصبر نفسه أنها كانت طفلة لا تعرف شيء وستظل معه لا محالة، ولكن هل للقدر رأى آخر؟!
لا نعرف!
همس، وآااااه من تلك الصغيرة التي جننت أسدها وجعلته كالمجنون في حبها، ظلت همس كما هي بريئة ولطيفة، يحبها الجميع..
تعلمت من أسد الكثير وأولها
أن تتحلى بالشجاعة، فكان دائما يقول لها.

طالما أنا جنبك سيبى كل حاجة عليا. لكن، أول ما أبعد عنك وده مستحيل بس للاحتياط برده، وقتها اقتلى أى حد يقرب منك، وأنا أما أرجعلك هشيل وراكى، وأنا بتكلم جد تقتلييييه، فاهمة
وكانت دائما تهز رأسها له فهى تثق به أكثر من نفسها، ولكنها لم تستخدم هذه الشجاعة أبدا
وكيف تستخدمها وهو ملتصق بها كالعلكة؟!، حتى العلكة يمكن اقتلاعها لكن هو..
مستحييييييل..

ولكن وللحق هي تعشق التصاقه بها، كما تعشقه، ولكنها تخاف، فبراءتها قد أوصلتها إلى فكرة أنه يعتبرها ابنته وفقط هو من رباها، فهل سينظر لها كحبيبة؟!، أيتها الغبية لو تعرفى ما يدور في خلده تجاهك والذي لا يمت للأبوة والبراءة بصلة..
لتمنيت أن تنشق الأرض وتبتلعك من الخجل
في غرفة أسد
أسد نائم على السرير، وفوقه ملاكه بمنامتها الوردية المحتشمة بالرغم من أنها للنوم.

تنام فوقه برغم أنها كبرت إلا أنهما لا يستطيعان الافتراق أبدا، فهو يجعلها تنام معه دون أن يبرر لها السبب، فتعتقد هي أنه يخاف عليها كالأب الخائف على ابنته..
وعندما ظلت هي أيضا تنام كذلك، برر أنها تعتبره والدها لذلك لا تعترض أو تبتعد، يا الله كم يجعل العشق الناس أغبياء، يلغى عقولهم تماما
كانت همس تتأمله بحب وتتلمس لحيته
همس بهيام في سرها: يارب، يارب خليه يحبنى بقى أنا تعبت والله، ونفسى يحبنى زى ما بحبه.

استيقظ على لمساتها التي تفعل به العجب
نظر لها فوجدها شاردة ولم تنتبه لاستيقاظه
تمنى في نفسه أن تكون تفكر به هو وأن تكون لمساتها عشقا له وليست مجرد لمسات تلقائية
أسد وهو يقبل يدها: ملاكى سرحان في إيه
ثم أضاف بمكر: اوعى تكونى بتحبينى؟
همس بسرعة وتوتر خوفا من ابتعاده عنها إذا علم: لأ يا أسدى أنا بس، بفكر، إن، إن دقنك طولت ولازم تخففها عشان بتبقى أحلى وهي خفيفة شوية.

كم تمنى أن توافقه الرأى وتخبره أنها كانت هائمة به ولكنها حطمت آماله
أسد: خلاص يا ملاكى، تعالى يلا خففيها
همس بسعادة: ماشى
اعتاد منذ سنتين أن تخفف لحيته بنفسها
تذكر أول مرة فعلتها له
فلاش باك
منذ سنتين
دخلت همس الحمام دون طرق الباب فوجدت أسد بنصفه العلوى العارى والممتلئ بالعضلات وهو يمسك أدوات الحلاقة
شهقت همس بخجل من نصفه العارى والتي لازالت تخجل من عادته تلك بالرغم من مرور سنوات.

همس: آسفة يا أسدى والله مش قصدى، بحسبك نزلت
أسد بعشق: تعالى يا ملاكى
اقتربت فحملها ووضعها فوق حافة الحوض أمامه مباشرة فمهما كبرت لن يصل طولها حتى لبطنه
أسد: عايزة تعملى حمام
همس بخجل وإحراج: لأ، كنت هاخد شاور بس لاقيتك هنا
ثم أضافت بفضول شديد وهي تقرب رأسها له
همس: إنت بتعمل إيه، ها ها.

انفجر ضاحكا على منظرها الطفولى الرائع، فهو يعشق حركتها تلك ويحرص على جعل كلامه غامض ليترك العنان لفضولها فتروى عطشه بقربها
أسد: بحلق دقنى عشان طولت
همس بعبوس طفولى: لا، مش تشيلها كلها، شيل حبة بس
أسد بضحك: اسمها أخففها مش أشيل حبة، وعلى العموم، ملاكى تؤمر وأنا أنفذ
همس برجاء: طب اعمل حتة صغيرة وعرفنى إزاى هتخففها وأكملها أنا، بالله عليك
أسد: ماشى يا ستى.

بدأ يعلمها، وقد تعلمت بسرعة ولكن ذلك لا يمنع بعض الخدوش
فكانت تعتذر له واضعة أطراف اصبعيها على أذنيها من أسفل كإعتذار له
تعلمت هذه الحركة من الهنود الذين تعشقهم وتشاهدهم بدون علمه فآخر مرة كاد يحرق التلفاز بالنار بعدما وجدها هائمة في ممثل ما وقد حذف جميع القنوات وترك الكرتون فقط..

ولكن تلك المشاغبة لم تستسلم فقد أقنعت ماجد أن يجعل أحد يضيف قناتان للمسلسلات والأفلام الهندية ويجعل أسمائهم على اسم قنوات للأطفال سرعان ما تحولت لقنوات تعليمية ورياضية، لا تعلم كيف ولكنه ليس مهما
باك
أفاق من شروده على شدها ليده لتحثه على النهوض
قام معها بسعادة كطفل صغير يجعل أمه تفعل به ما تشاء
خففت ذقنه وخرج حتى تستحم
استحمت فوجدته في غرفة الرياضة ينتظرها ليبدأ بالتدرب معها..

أو بالأصح فلنقل بها فهى كانت الأداة التي يستعملها في كل تدريب وكم عشق ضحكاتها واستمتاعها بذلك
في فيلا ما بمنطقة فخمة بالقرب من قصر ضرغام
استيقظ مازن لينظر لياسمين بعشق
كان خائف من خسارتها ومع موت سمر أزيح حمل من عليه ولكنه ظل خائفا من بقية ماضيه
حتى قرر بعد زواجه بشهرين إخبارها الحقيقة
ابتعدت عنه في البداية وصرخت وانعزلت بعيدا عنه
ولكنها قررت مسامحته بعد مدة فهى تعشقه وهو ندم.

وكم كانت فرحته يومها عندما عادت لحضنه مرة أخرى وقد وعدها ألا يخفى عليها أى شيء أبدا
نظرت له ياسمين وجدته سارحا
ياسمين بحب: في إيه يا حبيبى
مازن وهو يقترب منها: ولا حاجة يا روحى بس مالك كدة احلويتى ليه
ياسمين: مازن عيب اوعى إحنا الصبح
مازن وهو يعتليها ويغمز لها: هتفرق يعنى
ياسمين: إنت قليل الأدب
مازن: طب خلينى أثبتلك إنى سافل بقى
كاد يقبلها ولكنه سمع طرقات مزعجة على الباب.
مازن مبتعدا وعلى وشك البكاء: لأ بقى كدة حراااام، الواد دا مش عاتق ولا ليل ولا نهار
انفجرت ياسمين ضاحكة ثم قامت وارتدت روبها
فتحت الباب ليركض صغيرها للداخل ويجلس على السرير
معاذ بحنق طفولى: إنتوا بتعملوا إيه أنا بخبط من الصبح
مازن بغيظ: وإنت مالك إنت
معاذ متجاهلا أبيه: يلا يا ماما عشان الحضانة
مازن: إنتى يا بت بتخمى والنعمة، الأطفال كلها بيكرهوا الحضانة والمدارس إلا ابنك، لااااااا مش لاعب، رجعيه تانى.

ياسمين بحنق وهي تجلس معهم: هو علبة تونة، يلا يا حبيبى عشان تلبس
مازن بغيظ: أيوة ونبى لبسيه دا ياما لبسنى
معاذ ببراءة: لبستك إيه يا بابا
مازن: الحيطة يا عين أمك
ياسمين بضحك: سيب الواد في حاله تعالى يا حبيبى عشان تلبس قبل الباص ما ييجى
حملت ياسمين معاذ وذهبت لغرفته
مازن بقرف: كتك داهية في حلاوتك إنتى وابنك، والله بدأت أشك إن الولا ده بيراقبنى ويعرف المواعيد، والنعمة لأطلعه عليك لما تتجوز بس
في قصر ضرغام.

في الأسفل بغرفة الطعام
ابتسم الجميع وهم يسمعون ضحكات تلك الصغيرة والتي تصاحبها بعض الضحكات الرجولية
الجد: يارب تدوم ضحكتهم على طول
أمن الجميع خلفه عدا من تحقد بشدة عليهم فتلك الضحكات كانت من حق ابنتها هي فقط
سعيد لماجد: بابا، بصراحة كده أنا كنت بفكر تانى إنه يخلى لهمس أوضة منفصلة عشان مينفعش كدة هي كبرت.

ماجد بسخرية: أولا يا ابنى بلاش همس دى، إحنا العضمة كبرت ومش حمل ضرب إنت ما شاء الله شايف ولادك متكسرين ووارمين إزاى، وهو كتر خيره إنه عملنا تخفيض وسامحلك تقولها بنتى وأنا أقولها حفيدتى، ده غبى ومتخلف ومش همه حد، وأنا يا أخويا عايز أموت موتة ربنا، مش مقتول على إيد واحد مجنون، بس أنا السبب، يا ريتنى كنت ربيته نص ساعة حتى
قال آخر كلامه بتحسر ومرح
لينفجر الجميع ضاحكا بينما سمية لا تطيق كلامهم أبدا.

أضاف ماجد بجدية: أنا عارف إن كلامك صح، أنا حاولت أقنعه وما شاء الله آخر مرة إنتو عارفين عمل إيه وبصراحة بقى أنا واثق إنه مش هيأذيها وهيعرف يتحكم في نفسه
فلاش باك
منذ نصف عام تقريبا في مكتب ماجد
استدعى ماجد أسد
أسد: أيوة يا جدى
ماجد بجدية وشجاعة مزيفة: بص بقى، أنا جيت معاك بالزوق مش نافع، فأنا مضطر أجبرك إن همس تنام في أوضة لوحدها
ثانية واحدة مرت، وعيناك لا ترى إلا النور.

وجد ماجد مكتبه قد انقلب رأسا على عقب وقد كسر كل ما بها وأسد في منتصف الغرفة يلهث بشدة
أسد وقد اقترب من ذلك الذي يلعن نفسه
أسد بهمس كفحيح الأفعى: المرة دى جت على قد المكتب، المرة اللى جاية حاسب يا حاج لاحسن تيجى في بنى آدمين
اتجه أسد للباب للخروج
ماجد: ولد أن..
نظر له أسد نظرة كانت كفيلة بإسقاط شعر ماجد
ماجد بتراجع وتقهقر: اعدل الجاكت يا حبيبى، تقريبا عليه تراب
أسد بسخرية: تشكر يا حاج.

خرج أسد تاركا ذلك الذي يلعن نفسه وابنه الذي تركه في وجه المدفع وحده
باك
انفجر سعيد وابنيه ضاحكين
ماجد بغيظ: اضحك ياخويا اضحك، بقى بتضحك عليا، تخلينا أناديله وتشجعنى وتقولى إحنا أكبر منه ونقدر نحكمه، وقبل ما ييجى بدقيقة تقولى هجيب الموبايل وآجى، دا أنا كنت هتبر منك يا شيخ
ثم تحولت ملامحه لحزن وقال بشرود: وبعدين سيبوه يمكن في يوم يسمع كلامى وحياته تتعدل
نظر سعيد له بحزن.

يعلم أن والده لا يتحدث عن نومهما معا بل على شيء آخر تماما والذي من المؤكد سيصبح عائق أمام ذلك الأسد لا محالة
سعيد بمرح مصطنع لإبعاد الحزن: خلاص يا بابا بقى، والله مش عارف إيه اللى حصل لما حسيت إنه قرب ييجى، وبعدين ليه تخليها تنام في أوضة لوحدها يعنى
الله ما إنت عليك برده كلام يا حج، قال نبعدها قال.

ماجد بصدمة: يخربيتك دا إنت اللى بقالك سنة عمال تعششها في دماغى لغاية ما باضت وفقست عليا أنا في الآخر يا خويا
ضحك سعيد وسامر وشريف بشدة على جدهما الذي تغير كثيرا واقترب منهم جميعا وأصبح مرحا
فصار الكل يشعر أنه صديقهم، ظل كل منهم يشكر همس بسره فبدونها ما تغير كل هذا
هبط أسد وفي يده همس بعدما أصرت أن تنزل هذه المرة على قدميها دون حملها فخجلها أصبح يزداد بشدة كلما تكبر وقد وافق أسد بعد إصرارها.

سامر بمداعبة لأسد: يا نهار إسود، إنتى ماشية على الأرض يا صغيرة، لااااا لو أسد عجز إحنا نسد مكانه، تعالى أشيلك
همس بالرغم من خوفها على سامر ولكنها لم تستطع منع ضحكتها عندما وجدت سامر يجرى لباب الغرفة ممسكا المقبض استعدادا للهروب خوفا من أسد
اتجه أسد له يركض وصدره يعلو ويهبط
سامر وهو يفتح باب القصر ومن توتره لم يستطع
سامر وهو على وشك البكاء: وحياة عيالك يا شيخ، والله ما قص..

انقض عليه أسد بااللكم حتى توقف بعدما سمع ملاكه وهي ترجوه أن يتوقف
اتجه أسد لها وحملها على رجله ليطعمها فهذا لن يتغير أبدا مهما أصرت عليه بأن تطعم نفسها
ظل يطعمها ويأكل معها ببرود تاركا ذلك الذي يلعنه ويزحف لطاولة الطعام ليكمل طعامه فهو يحتاج طاقة بعد هذه الجولة من الملاكمة
الجد بتشفى: تستاهل عشان تبقى تضحك عليا تانى
سامر بغيظ وهمس: حسبى الله ونعم الوكيل، عيلة جزمة صحيح.

همس بحزن على سامر صديقها: إنت كويس يا سامر
قرصها أسد من خصرها لتشهق بألم
أسد بغيرة وغيظ: قولتلك ما تنطقيش اسم أى راجل تقوليلهم يا أبيه، وياريت متتكلميش معاهم أساسا، هتموتونى ناقص عمر
همس متجاهلة ألمها لخوفها عليه: بعد الشر عليك يا أسدى
ابتسم أسد وظل يطعمها
شريف بعدما أنهى طعامه
شريف: الحمد لله، أسد معلش هاخد أجازة انهاردة، عايز افسح ترنيم شوية
أسد بتنهيدة ألم على حال سامر: ماشى يا شريف.

بينما ذلك العاشق فقد كادت تسقط دمعة من عينيه ونار الغيرة تأكله وهو يتخيلها مع شقيقه
سامر بحزم: أنا شبعت هسبقك أنا يا أسد على الشركة، وشريف قول لترنيم إنى محتاجها انهاردة في شغل ضرورى
شريف: يا ابنى ما قولتلك خليها سكرتيرتى أنا الخاصة وشوفلك سكرتيرة تانية
سامر بحزن: ياريت ألاقى غيرها، قصدى، إنت عارف هي شغالة معايا بقالها سنين وعارفة كل حاجة وبعدين إنت شغلك بسيط ومش محتاج سكرتيرة خاصة.

شريف: خلاص ماشى نبقى نخرج يوم تانى
شدد سامر على يديه ثم اتجه للخارج دون التفوه بكلمة
أسد في سره بحزن: ربنا يصبرك يا سامر، أنا بعشق وعارف شعورك كويس
بعد انتهاء همس من طعامها أخذها أسد للشركة معه
فهو لا يترك لها الفرصة لتبتعد عنه وتبقى مع غيره
يجعلها تجلس معه في مكتبه وإذا حضر رجل ما تجلس في غرفتها المخصصة لها داخل مكتبه
في فيلا مازن
ودع مازن وياسمين معاذ وركبا السيارة للذهاب للعمل
في السيارة.

مازن: أنا مش عارف إيه لازمة تمسكك بشغلك، ما إحنا ظروفنا عال العال يا حبيبتى، ليه تتعبى نفسك
ياسمين: يا حبيبى، أولا إنت مش بترضى تخلينى أعمل حاجة في الفيلا غير الأكل، وشغل البيت بتخلى حد ييجى كل يومين يعمله، يبقى أقعد أعمل إيه، وبعدين أنا بشتغل كام ساعة بس على ما معاذ ييجى وبروح وبقيت الشغل بعمله في البيت، وأسد كده كده مقدر ده ومش بيدينى شغل كتير.

مازن وهو يقبل يدها: ماشى يا حبيبتى أنا بس مش عايز أتبعك
ياسمين بعشق: طول ما إنت جمبى فأنا مرتاحة يا حبيبى
ابتسم مازن وظل يشكر الله على نعمته تلك
في شركة سعد الدمنهورى أحد المنافسين لشركات ضرغام
الشاب: أنا فكرت في عرضك ووافقت
سعد بسخرية: والله ما أنا بقالى سنين بقولك وكنت دايما تقول أنا تبت خلاص ومش هأذى أسد إيه اللى حصل.

الشاب: ميخصكش، وبعدين أنا فكرت إنى فعلا ممكن أحبه بس كنت غلطان، وغير كدة كان لازم أهدى مدة طويلة بعد تسنيم لإنه بدأ يكون حذر بزيادة عن اللزوم في شغله
سعد: تمام ماشى، بس عشان تبقى عارف أنا مليش في الدم، إنت ممكن تقتل تانى وتالت، لكن أنا لأ، أنا آه مش بحب أسد وعايز أضره بس آخرى كام ملف يتسرق إنما القتل ده مليش فيه.

الشاب بشر: خليلك الملفات يا خويا والقتل ده سيبه عليا أنا، ده أنا هحرمه من كل حاجة بيحبها، أنا ماشى أنا بقى وقبل ما تنفذ حاجة تقولى عليها
سعد: تمام.
في شركة ضرغام
وصل أسد مع ملاكه للشركة ظل يتطلع لمن حوله حتى يرى إذا كان أحد ما ينظر لها
لكنه لم يجد فالجميع رؤوسهم تكاد تلامس الأرض
لم ينسوا ما حدث لأحد الموظفين عندما ابتسم وحاول التحدث مع همس فقد ضرب بشدة ولم يسمعوا عنه أى شيء بعد ذلك
اتجه أسد مسرعا في خطواته ويشد همس معه حتى لا تظل في مكان به رجال لمدة طويلة
أخرج زفيرا طويلا بعدما وصل لمكتبه وقد أدرك الآن أنه يحبس أنفاسه.

جلس أسد على مقعده وأجلسها على قدميه
كل ذلك وهي عابسة بلطافة شديدة
أسد بحنان مقبلا ما بين حاجبيها حيث موضع عبوسها
أسد: ملاكى زعلانة ليه؟
همس: أولا أنا عايزة أنتظم في المدرسة إنت مش بتخلينى أروح كل الأيام زى الباقى ليه
أسد بصبر: يا ملاكى أنا قولتلك إن الناس اللى برة مش كلهم كويسين وأنا خايف عليكى ومش عايزك أبدا تتأذى، إنتى لو واثقة فيا هتخلينى أعمل اللى أنا عايزه بس الواضح إنك للأسف مش واثقة.

قال جملته الأخيرة بمكر فهو يعلم أن ذلك سيدفعها لتقبله من وجنته معتذرة له وتسمعه ما يروى عطشه ويؤكد ملكيته، وقد كان
همس بلهفة وسرعة وبراءة شديدة: لا لا لا، لا والله أنا بثق فيك أكتر من نفسى، لو كلامى هيخليك تفكر كده فأنا آسفة واحبسنى في الأوضة وأنا موافقة وهبقى مبسوطة بس انت متزعلش منى
آاااااه هذا ما أريد، لكن مهلا مهلا، أين القبلة، لا لن أتنازل عنها أب.
قطعت أفكاره باقترابها منه وتقبيلها له على خده.

آااااه، ها هي
بدأت تمتلئ عيناها بالدموع فأصبحت كالثلج اللامع
همس بنبرة مختنقة من البكاء: إنت لسة زعلان منى؟
أسد بسرعة: لا لا أزعل إيه أنا لو هزعل من الدنيا كلها مستحيل أزعل منك يا ملاكى أبدا
ابتسمت فكانت كاللوحة التي رسمها أفضل الفنانين
نظر لها ببلاهة ووله ثم أفاق على طرقات الباب
أسد: مين؟!
بالطبع لن يجعله يدخل دون أن يعرف من!
شريف: أنا شريف يا بنى مش هتبطل العادة دى.

تنهد أسد بحنق فهو يريد إبعادها عن عائلته أيضا
ولكنه عندما منعها عنهم لأسبوع فقط
مرضت بعدها من شدة البكاء لأنها تعتبر سعيد والدها وماجد جدها وشريف وسامر أخويها
لذلك هو مضطر لتقبل أولئك الحمقى حتى يتزوجها فقط وسيبتعد وقتها ولن يسمح لأحد غيره بأن يراها
شريف: يابنى إنت نمت جوة ولا إيه؟!
أسد: ادخل يا شريف
دلف للداخل وعندما وجد همس كاد أن يمازحها
ولكنه توقف بعدما وجد تلك النظرة.

تكلم شريف بتوتر وخوف: أنا، أنا، سلام
تنهد أسد قائلا: تعالى يا بابا، خلص عايز إيه
شريف: مفيش كان في كذا ورقة محتاجة تتراجع وبعدين نمضى عليها أنا راجعتهم ومضيت فاضل إنت وسامر
أسد باستغراب: سامر؟! هو لسة مجاش ده سبقنا بقالوا كتير
شريف: أنا استغربت بردو والمشكلة إنه حتى مجاش هنا لدقيقة واحدة، أنا سألت قالوا إنه مجاش خالص
أسد: راح فين ده؟! على العموم أما ييجى إبقى ابعتله الورق يمضى عليه وبعدين هاتوا.

شريف: ماشى يا برنس
خرج شريف بيننا تنهد الآخر
أسد بتفكير: يا ترى بتروح فين يا سامر وبتغيب كتيرأما ييجى أبقى أشوف ماله ده كمان
انتبه على تلك التي تنظر له ببراءة وعيون متسعة
أسد بابتسامة؛ ملاكى مالها؟!
همس: كنت مستنياك عشان أقول ثانيا
ضحك بشدة على براءتها ولطفها
أسد وهو يعض خدها الوردى الممتلئ: قولى يا ستى ثانيا
همس بألم: ثانيا أنا بطنى وجعانى
أسد بفزع: إييييييه، وإنتى ساكتة ليه، قومى هوديكى للدكتور.

همس: لأ والله مش وجعانى أوى أوى يعنى، هي بتوجع شوية وبعدين بتروح، تقريبا من الفطار، مش لازم دكتور إنت عارف أنا بخاف منهم
أسد وهو مازال خائفا: طب ماشى، بس الوجع لو زاد تقوليلي فورا، فاهمة
هزت رأسها بالإيجاب
همس: أنا هريح على الكنبة وهات فونك العب بيه على متخلص
قبلها أسد من جبينها: حاضر يا ملاكى
ذهبت وتمددت على الأريكة وظلت تلعب بالهاتف
وذلك العاشق ينظر لها كل مدة حتى اندمج في العمل.

خارج مكتب أسد حيث مكتب ياسمين
ياسمين: ههههههههه إنت عايز حجة وخلاص عشان تبقى معايا
مازن ببراءة مصطنعة: يعنى أنا غلطان إنى عايز أوصلك لمكتبك، لاحسن حد يعاكسك في الطريق
ياسمين ضاحكة: أمال لو مكتبى في دور تانى بقى، متستعبطش يا مازن دا أنا بين مكتبى ومكتبك هو باب وكام خطوة
مازن بغيظ: تصدقى إنتى ملكيش في الرومانسية، روحى جاتك داهية تكون في نفس حلاوتك كده
خرج وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة وسط ضحكات ياسمين.

في مكتب شريف
شريف في الهاتف: مش مصدق والله بينا كام خطوة بس ومضطر أكلمك فون
ترنيم: إنت عارف أسد بيه بيزعق عشان بتشغلنى
شريف: وسامر كمان وحياتك
ترنيم بسرحان: سامر، قصدى سامر بيه لسة مجاش، أنا، أنا هروح أقعد عند ياسمين على ما ييجى
شريف: طب بصى لما ييجى إبقى اتصلى عرفينى عشان عايزه يمضى على كام حاجة
ترنيم: حاضر، سلام بقى
في مكتب ياسمين
ترنيم بمرح: السلام عليكم يا أهل الدار
ياسمين: تعالى ياختى اقعدى.

ترنيم بغرور مصطنع: لاقيتك فاضية مش وراكى حاجة قولت أشفق عليكى وأسليكى إحنا عندنا ولايا وبنخاف عليهم بردو
ياسمين بتهكم: فاضية؟! آه فعلا دا حتى الورق والقلم اللى في إيدى يشهدوا
طب إنتى مش وراكى حاجة تيجى تشغلينى أنا ليه؟!
ترنيم: ياختى اتنيلى هو إنتى مشغولة أساسا. يارب أتجوز شريف بقى عشان يسيبونى أشتغل براحتى زيك
ياسمين بحرج: هو ممكن أسألك سؤال يا ترنيم
ترنيم باستغراب: ها قولى
ياسمين: إنتى بتحبى شريف بجد؟

ترنيم باستغراب: طبعا يابنتى، وهي مين الغبية اللى مش تحبه؟! دا كفاية وسامته وشياكته وطيب ودمه عسل يبقى ليه مش أحبه؟!
ياسمين: عشان اللى إنتى بتقوليه دا
ترنيم: مش فاهمة
ياسمين بتنهيدة: ساعات بحسك مفتخرة ومعجبة بيه وبس ويمكن كمان يكون إعجابك بوسامته وشياكته زى ما إنتى لسة قايلة أكتر من إعجابك بيه هو نفسه بس حاسة إنك مش بتحبيه لذاته
وبعدين إنتى بقالك كام سنة معاه وعمرى ما حسيت إنك بتغيرى عليه.

طب شوفتى لما شريف كان بيمدحنى مازن عمل فيه إيه
دا لإن مازن بيحبنى بجد لكن إنتى كنتى بتضحكى طول ما هو بيمدحنى حتى لما انضرب من مازن جامد كل اللى عملتيه إنك قولتيله تستاهل
إنتى لو بتحبيه بجد كنتى بقيتى ملهوفة عليه وإنتى شايفاه مجروح وبينزل دم
ولا لما واحدة من هنا عاكست مازن أنا هزقتها وكنت هضربها وقتها
دا كله بيدل على الحب الحقيقى
ترنيم بعدم اقتناع: إنتى معاذ هبلك ولا إيه أنا بحب شريف وعادى إنى أمدح فيه.

وبعدين مش لازم أغير عليه عشان أبقى بحبه يعنى وبعدين الغيرة يعنى حب عنيف وأنا هادية في حبى ليه
ياسمين: نعم؟! دا الحب يعنى غيرة
ترنيم: يخربيتك خلاص أنا مقتنعة بده يا ستى، وبعدين حتى لو مش بحبه ومعجبة بيه، الإعجاب ده كافى إنه يخلينا نعيش مبسوطين
ثم أضافت بفزع: يلهوى الوقت خدنا زمان أستاذ سامر وصل، سلام بقى هشوفك بكرة بإذن الله
في مكتب سامر.

دخل سارح بخياله يفكر في الكثير من الأمور ويحاول أن يعيد حساباته ولكن النتيجة كما هي
نظر لمكتب ترنيمته الذي يقع خارج مكتبه فلم يجدها
غضب بشدة واحمرت عيناه وظل يتنفس بصوت عال
سامر بغضب عارم: أكيد راحت عنده، مش قادرة تبعد عنه للدرجة دى، ماشى يا ترنيم
دخل مكتبه فإذا انتظرها قد يقتلها عند دخولها
دلفت ترنيم لمكتبها فظنت أنه لم يصل بعد
حمدت ربها على ذلك وجلست على مقعدها تنهى عملها.
بعد مدة قصيرة وجدت باب مكتبه يفتح ففزعت وما زاد الطين بله أنه وصل ولم تكن تعلم
اقترب سامر منها وملامح وجهه لا تنذر بخير
قرب وجهه من وجهها بينما المكتب فاصل بينهما
سامر وهو يجز على أسنانه وبصوت عالى: كنتى فيييييين ها؟ كنتى عنده، مش قادرة تستنى وقت الشغل يخلص حتى، إيه الحب مقطع بعضه للدرجة دى؟! الشغل شغل، لو إنتى مش قده يبقى تمشى وترحمينا بقى، فاااااااااهمة.

هزت ترنيم رأسها بالإيجاب بسرعة وهي تشهق وعلى وشك البكاء
تركها سامر ودخل مكتبه فإن ظل ثانية أخرى سيهجم على شفتيها المزمومتين بإغراء
في مكتب أسد
شعرت همس بشئ غريب يحدث فاتجهت للمرحاض لتعلم السبب
في المرحاض.

همس بشهقة خجل وغضب طفولى: يادى الكسفة السودة اللى أنا فيها، هعمل إيه دلوقتى ياربى، يعنى يوم ما تجيلى، تيجى في الوقت ده، ما أنا مستنياكى من شهور وعمالة أعمل احتياطاتى، تقومى تعمليها معايا وتحطينى في الموقف الزبالة ده، ياربى أعمل إيه دلوقتى، دا حتى الفستان أبيض، يا مصيبتى يانى
بالرغم من حفاظ أسد على براءتها وعدم السماح لها بأن تعرف أى شيء يخدش حياء الأنثى.

إلا أنه جعل إحدى الخادمات كبار السن تعلمها ذلك الشئ وكيفية التعامل معه لا أكثر ولا أقل
خارج المرحاض
أسد باستغراب: ملاكى غابت أوى في الحمام ليه، ليكون فيها حاجة
وعند هذه النقطة انتفض واقفا واتجه للمرحاض
ظل يطرق على الباب
أسد بقلق وفزع: ملاكى، ملاكى إنتى كويسة في حاجة؟
همس بخجل شديد وتوتر: أيوة، أيوة كويسة
أسد: طب اطلعى طمنينى.

همس بغضب طفولى وصوت عالى: أطلع إزاى، إنت بقيت قليل الأدب أوى يا أسدى، يا خسارة تربيتى فيك
انفجر أسد ضاحكا على صغيرته البريئة
أسد محاولا التماسك: بقى إنتى اللى مربيانى يا شبر ونص، دا حتى خسارة فيكى الشبر، على العموم أنا مستنيكى برة هخلص شغلى، وإنتى خلصى ال..
قاطعته همس صارخة: بس يا سافل
أسد بضحك: ههههههههه خلصى يا بت يلا
لم تعد تسمع صوته فعلمت أنه ذهب.

همس لنفسها: أعمل إيه، أعمل إيه، ياربى ده بقى في بقع على الفستان، بصى يا همس إنتى تجرى على الكنبة وتقعدى وتخليه يمشى آخر واحد في الشركة وبعدين تمشى وراه، تركبى العربية وتطلعى بعده الأوضة، أيوة تمام كدة، الله عليكى يا بت يا همس إنتى وأفكارك، بس بطنى بتوجعنى أوى بس لازم استحمل
بعد مدة في مكتب سامر
طلب سامر عدة ملفات منها مستخدما الهاتف
دخلت ووجهها أحمر بشدة مثل عينيها ومازالت الدموع تجرى على خديها.

ترنيم بحشرجة وهي عند الباب وتمد الملفات: اتفضل
سامر دون أن ينظر لها: أنا مهما طولت عمر ما إيدى هتبقى طولها خمسة متر عشان أمدها وآخد الملفات
اقتربت ترنيم وقد بدأت تخرج شهقات باكية منها
ترنيم: اتفضل
وأخيراً نظر لها وليته لم يفعل فقد لعن نفسه مليون مرة أنه السبب في احمرار ذلك الوجه الجميل بالرغم من فتنتها وهي باكية ولكن ذلك لم يمنع الغصة المؤلمة في قلبه
لم يستطع الاحتمال فقام سريعا وأخذها في حضنه.

اختفى جسدها الضئيل في جسده الضخم
كان احتضانه لها كإشارة للإنفجار في البكاء
ظلت تبكى بشدة وبصوت عالى وهي تلقى الملفات من يدها وتتمسك به دون وعى منها
تحتضنه بشدة كأنه طوق النجاة التي تخاف فقدانه
شعر بالحرارة تسرى في جسده وفرح بشدة عندما وجدها تتمسك به ولا تنفره
سامر مواسيا وهو يربت على ظهرها صعودا ونزولا مما جعل الكهرباء تسرى في جسدهما.

سامر: خلاص اهدى، أنا آسف، مكنش قصدى والله، أرجوكى متعيطيش، دموعك دى أغلى من إنها تنزل عشان أى حد، حتى لو أنا
ترنيم ببكاء: إنت زعقتلى وأنا معملتش حاجة غلط، أنا كنت عند ياسمين عشان إنت اتأخرت
سامر معتذراً: خلاص والله أنا آسف، متزعليش منى
ظلا على هذا الحال حتى هدأت
حركت رأسها في كل الاتجاهات عند صدره موضع قلبه.

تتمسح به كالقطة الصغيرة وتمسح دموعها مستخدمة ملابسه أو لنقل قلبه فهذه الحركة أشعرته أن قلبه يكاد يقفز من مكانه حتى يلامس وجهها دون أن يعوقه ملابسه
قطع عليهما اللحظة دخول شريف المفاجئ
شريف بصدمة: إيه ده؟
في مكتب أسد
خرجت وتحركت متطلعة لأسد مهما تغير اتجاه حركتها حتى جلست على الأريكة
نظر لها باستغراب وهو يراها لا تهدأ في جلستها وتتحرك كل دقيقة وتنظر له بابتسامة غريبة.

أسد باستغراب أثناء اقترابه منها: إنتى كويسة يا ملاكى
جلس بجانبها على الأريكة
لترتكب أغبى خطأ على الإطلاق عندما تحركت وهي جالسة مبتعدة عنه مسافة ليست بالقليلة تاركة له موضع جلوسها القديم فارغ
وكأنها تقول له أنظر!
يا لك من غبية أيتها القصيرة!
كاد يقترب أسد منها ولكنه تراجع عندما وجد بقعة دم موضع جلوسها السابق
فزع بشدة معتقدا أنه نزيف وقبل أن يتوفه بكلمة كان قد أدرك كل شيء
نظر لها بخبث وابتسامة.

أسد بمكر: ملاكى معلش هاتيلى الملف اللى على المكتب ده
همس بفزع: إيه، لا لا لا مينفعش قوم إنت
أسد وهو يتصنع الحزن: خلاص مش عايز حاجة يا ملاكى هقوم أنا مع إنى حاسس بدوخة بس مش لازم هقوم وخلاص
همس بتردد: طب، طب هقوم خلاص
قامت متجهة للمكتب وهي تتطلع لأسد وتعطى المكتب ظهرها ظلت تتراجع وهي تنظر لذلك الذي يكتم ضحكته بصعوبة
لم تنتبه للمقعد أمام المكتب فتعثرت به وسقطت على الأرض
همس بصراخ: آاااااااه.

هنا وانفجر في الضحك لمدة طويلة
بينما همس عاقدة ذراعيها أمام صدرها بغضب وهي مازالت على الأرض
قام أسد وحملها من خصرها ورفعها لأعلى حتى تعتدل في وقفتها
اقترب من أذنها هامسا
أسد بخبث: حاسبى يا ملاكى، ولا أقول يا أنسة ملاكى
نظرت له بفزع وخجل ثم دفعته وجرت ناحية الحمام
انفجر ضاحكا مرة أخرى على ملاكه التي نضجت، وتبقى القليل فقط وتصبح ملكه
كما يعتقد ولكن لا نعرف ما يدبره القدر أبدا؟!
شريف: إيه ده؟
ابتعدت ترنيم بفزع عن سامر وهي متوترة
بينما سامر للحظة تمنى أن يفهم شريف وجود علاقة بينهما ليتركها له
سرعان ما أدرك مدى أنانيته ومدى الأذية التي قد تتعرض لها ترنيمته الغالية فتراجع عن ذلك
شريف بعصبية: ممكن أعرف في إيه؟!
ترنيم بتوتر: أنا، أنا..
شريف وهو يقترب منها بعصبية: إنتى إيه؟! انطقى يا هانم
سامر: اهدى يا شريف، أنا زعقت لترنيم عشان في شغل ناقص وهي عيطت جامد ولو كنت سبتها كانت تعبت.

شريف وقد بدأ يهدأ: بس مش بالطريقة دى يا سامر
سامر: حاولت أتكلم معاها عشان تهدى بس عياطها كان بيزيد فاضطريت أحضنها.

شريف بتحذير: ماشى يا سامر أنا هعديها المرة دى عشان عندك شوية حق، بس مش الحق كله، على العموم أنا آسف بس مضطر بعد اللى حصل ده إن ترنيم تكون سكرتيرتى أنا وإنت تقدر تختار سكرتيرة من الموظفين الجداد، كدة كدة إحنا كنا هنخلى كام واحدة تسيب الشغل عشان في موظفين زيادة، أنا هديك الكشوفات وإنت اختار منهم واحدة
سامر بضيق: اعمل اللى تعمله
تضايقت ترنيم بشدة على تخليه عنها.

يتخلى عنها؟! ما بك ترنيم؟! أنتى مجرد خطيبة لأخيه؟! لماذا تهتمى بتخليه عنك؟
شريف: ترنيم تعالى على مكتبى يلا هتبدأى من النهاردة شغل معايا
ترنيم: بس مش بدرى، أقصد يعنى المفروض أدرب الموظفة الجديدة
شريف: لا متقلقيش أنا في دماغى واحدة عندها مؤهلات عالية ووظيفتها كانت قريبة من السكرتارية وهي هتقدر تفهم علطول، يلا تعالى لمى حاجتك وأنا هجيب ملفها لسامر يشوفها
ترنيم بابتسامة صفراء: حاضر.

خرجت ترنيم لمكتبها وشريف لمكتبه تاركين ذلك الذي يكاد يبكى وهو يراهم بذلك التقارب
سامر: ياربى، أنا دلوقتى اتأكدت إنها مستحيل تكون ليا، داوى قلبى وخليه يعشق غيرها يارب
في مكتب أسد
أسد وهو يطرق باب المرحاض ويجاهد في اخفاء ضحكاته
أسد: ملاكى افتحى متتكسفيس، طب إنتى هتقضى اليوم كله في الحمام، يابنتى اخرجى عشان نشوف حل طيب
همس بتريقة: نانانانانانا، وإنت مالك إنت؟! أنا هعرف أحلها، امشى إنت بس، إنت مصر تحرجنى.

أسد بضحك: طب خلاص خليكى عندك أنا هبعت حد يجبلك شوية حاجات عشان تعرفى تطلعى
قبل أن يتحرك سمع شهقتها واقترابها من الباب
فتحت همس الباب فتحة صغيرة وأخرجت رأسها الأصغر مشيرة له بإصبعها ليقترب
اقترب أسد وجلس على ركبته حتى يصل لطولها
همست في أذنه بخجل
همس: هو إنت هتقول للى باعته ده إن الحاجة دى لمين؟!
أسد: إنتى عايزانى أقوله لمين وأنا أقول
همس ببراءة: ليك إنت.

أسد بحدة: نعم يا روح أمك، لمين ياختى، ليه شيفانى أمك أدامك
همس برجاء: يا أسد بقى، إنت راجل مش مهم، لكن أنا بنت، يعنى سمعتى مهمة
أسد وهو يشد طرف أذنها ويضغط عليه
أسد: ما هو أنا عشان راجل يا روح خالتك مينفعش..
إنتى الدادة حفظتك من غير ما تفهمك ولا إيه
وبعدين سمعة مين ياختى اشحال لو مكنتيش لسة آنسة من كام دقيقة، آل سمعة آل
همس بغضب: مش عايزة حاجة
أغلقت همس الباب في وجهه لينصدم أسد.

أسد بزهول: هي قفلت الباب في وشى
ثم أضاف بسخرية: هما الستات كدة يتمسكنوا لحد ما يتمكنوا
ثم اتصل بدادة سعاد التي كانت مسئولة عنها أيضا
وطلب منها كل ما تحتاجه وأن تحضر إحدى الفساتين لملاكه
دخل لمكتبها فوجدها قد أخذت متعلقاتها
شريف: اسبقينى على مكتبى وأنا هديله الملف وهاجى علطول، زمانهم دلوقتى بيحطولك مكتب هناك
ترنيم: لا، أنا عايزة أشوف الملف بتاع السكرتيرة الجديدة معاكم
شريف باستغراب: ليه يا حبيبتى.

ترنيم بتوتر: عادى يعنى يا حبيبى، عشان أبقى أتعرف عليها ونبقى صحاب زى ياسمين
شريف: ماشى تعالى
دخلا مكتب سامر فوجده سارح وهو جالس على مقعده
شريف بمرح: مالك ياعم شايل طاجن ستك ليه، أمال أما تشوف سكرتيرتك الجديدة، دى مزة
سامر باصطناع المرح: أول مرة آخد منك فايدة
وللعجب لم تتضايق من إعجاب شريف بل أصبح لها فضول لرؤيتها
لكن بعد جملة سامر، شعرت بالاحتراق بداخلها وبشيء يؤلم قلبها.

ترنيم بضيق: على فكرة عيب اللى بيتقال ده، دى بنت، يعنى المفروض نحترمها
شريف: إيه يا حبيبتى بنهزر، إلا إذا كنتى بتغيرى عليا، دى حاجة تانية
سامر بحدة لم يستطع التحكم بها: شريف هات الملف أشوفه
أعطاه الملف. ففتحه بغيظ من تلك التي أمامه
ثانية واحدة وانفجر في الضحك
ترنيم باستغراب: هو في إيه
شريف بضحك: أصلك مشوفتيش صورة الموظفة الجديدة
ترنيم بفرحة حاولت أن تخفيها: إيه هي وحشة.

شريف: يابنتى قولتلك مزة وبياض بحمار وعيون خضرة بس وضعية الصورة نفسها
أخذت ترنيم الملف بحدة وغيرة من سامر الذي مازال يضحك
وكانت المفاجأة، فتاة ذات جمال فتاك أكثر مما وصفه شريف محجبة ولكنها في الصورة كانت تضم شفتيها بطريقة مضحكة وتجمع مقلتى عينيها فيما معروف ب الاحولال
بالرغم من أن الصورة مضحكة للغاية ولكن ترنيم عبست أكثر فكانت الصورة تظهر جمالها.

ترنيم: عادى يعنى مش حلوة أوى، وبعدين إزاى توافقوا على موظفة مستهترة وجايبة صورة زى دى
سامر وقد أراد أن يثأر لعشقه وقلبه: لأ بقى معلش يا آنسة ترنيم إنتى اللى مش بتشوفى كويس، دى كلمة مزة مش مدياها حقها، بس صحيح يا شريف إيه الصورة دى.

شريف بضحك: أنا لما سألتها قالت إن في حاجة نسيت تطبعها في الملف، فراحت تكتبها القلم طرش على الصورة، بقت الصورة كلها أزرق، اضطرت تستخدم صورة كانت معاها في المحفظة عشان كانت متأخرة، وهي دى الصورة اللى كانت معاها
قرر سامر أن يغيظ ترنيم بالرغم من الغصة التي في قلبه بعدما وجد وجهها احمر من الغضب معتقدا أنه نتيجة لغيرتها على شريف.

سامر: بس بصراحة أنا بشكر القلم اللى خلاها تحط صورة بالروعة دى وتمتعنا برؤية جمالها، ولا إنت إيه رأيك يا شريف؟
شريف: طبعا يا معلم
ترنيم بغيظ وهي على وشك البكاء: أنا في مكتبى الجديد يا شريف
تركته دون إنتظار أى إجابة
تنهد سامر بخفوت
يشعر بألم شديد في قلبه
شريف: مالها دى، المهم أنا رايح مكتبى، صحيح إنت اتأخرت النهاردة ليه وإنت طالع قبلنا
سامر بتوتر: ها، عادى أصل أنا مشيت في طريق تانى للشركة وكان زحمة.

شريف باستغراب: ماشى، سلام بقى
سامر بشرود: سلام
وصلت سعاد للشركة ودخلت مكتب أسد
أسد: إزيك يا دادة، هي في الحمام فهميها تعمل إيه وبعدين اطلعى والسواق مستنيكى تحت يوصلك
سعاد: الحمد لله يابنى، حاضر أنا داخله أهو
وبعد دقائق خرجت سعاد
سعاد: خلاص يابنى أنا فهمتها كل حاجة وهي هتنفذها دلوقتى، آه صح ابقى خليها تشرب سوائل دافية عشان بطنها وجعاها
أسد بقلق: هي تعبانة
سعاد: لا يابنى دى حاجة عادية
أسد: حاضر يا دادة.
خرجت من المكتب
في المرحاض
همس: أطلعله إزاى بس دلوقتى، يا كسفتك يا همس، بصى اطلعى ولو عمل حاجة والله هعضه، آه أنا مش ناقصة كسفة زيادة عن كدة
خرجت همس وحمدت ربها أنه لم يعلق..
ولكن يا الله إنه لا يكمل شيئا لآخره لوجه الله، تكفى نظراته الخبيثة نحوها وتلك الابتسامة على وجهه حتى وهو يعمل
بعد دقائق دخلت ياسمين وهي تحمل مشروب ساخن لهمس وبعد المزاح معها خرجت لتتابع عملها
أمسكت همس المشروب.

همس بتقزز وهي تجعد أنفها بلطافة: حلبة؟! أنا مش بحبها
أسد وقد أسر بمنظرها للمرة التي لا يعرف عددها: لا لازم تشربيها، دى الحاجة الوحيدة المفيدة اللى أعرفها في حالتك..
ثم أضاف بمكر: إلا إذا اضطرتينى أسأل ياسمين عن حاجات سخنة تانية مفيدة ووقتها لما تسألنى عن السبب هضطر أقولها ليه
ثانية واحدة بل أقل وكانت قد ارتشفت من الكوب
همس ببراءة: ههه أنا أصلا بحبها وهشربها، مين الغبى اللى مبيحبش الحلبة.

قالت آخر جملة بحسرة شديدة وهي على وشك البكاء
ضحك أسد بخفوت عليها
في القصر بغرفة سعيد
سمية بهمس في الهاتف: جرا إيه يا حبيبى بقالك سبع سنين بتقولى هنتقم هنتقم ومفيش أى حاجة بتحصل
المتصل: خلاص انتقامنا هيبتدى بس هيطول شوية لإنى عايز أدمره بالبطيء وأول خطوة هي إنك..
سمية بشر: لأ بجد برافو عليك بس أنا خايفة يكشفونى
المتصل: متقلقيش كلنا عارفين إنه بيعشق همس، فأكيد مش هيستغربوا ده، نفذى إنتى بس.

سمية: حاضر يا حبيبى، أنا هاخد حقى وحق بنتى منهم كلهم، سلام بقى سعيد طالع من الحمام
المتصل: سلام
أمام شركة ضرغام
خرج أسد مع ملاكه ممسكا بيدها حتى أدخلها السيارة وركب بعدها متجهين للقصر
كان ذلك تحت مرأى من سيدة في الثلاثينات من عمرها يبدو عليها الفقر الشديد وتحمل مناديل تبيعها
المرأة وتدعى منار: اللى أنا شوفته ده حقيقة ولا بيتهيألى، لا حقيقة دى شكلها متغيرش..
أكيد هي، لازم أقول لحمدى
في الشركة.

رن هاتفه فأجاب
الشاب: إنت متخلف أنا مش قولتلك أنا هتصل بيك
سعد: الله في إيه يا سامر أنا قولت يمكن عايزنى بس أنا غلطان
سامر: اوعى تنطق اسمى تانى يا غبى، افرض حد سمعك كل حاجة تبوظ
سعد: خلاص ماشى نسيت ياعم
الشاب بتهكم: طب متنساش تانى ياخويا ولو في جديد ابقى عرفنى سلام بقى عشان مشغول
اتجهت منار لإحدى المناطق العشوائية والفقيرة جدا
دخلت المنزل المكون من غرفتين واحدة للأكل والنوم والجلوس والأخرى حمام.

نظرت للجسد المرهق بسبب المخدرات لكزته برجلها في بطنه
منار بتهكم: قوم ياراجل إنت بقى الفلوس اللى أجيبها تخدها للمخدرات داهية تاخدك
حمدى بعدما أفاق: متحترمى نفسك يا ولية عايزة إيه
منار: إنت عارف أنا شوفت مين
حمدى: يارب تشوفى العمى يا شيخة، متخلصى مش فاضيلك أنا
منار بقرف: شوفت همس ياخويا
حمدى باستغراب: همس مين؟! اوعى يكون قصدك همس بنتنا!
منار: هي يا خويا..
وبدأت تحكى له عما رأته.

حمدى: دى لو هي هتجبلنا فلوس كتير
سرحت منار في الماضى وما حدث
فلاش باك منذ أكثر من تسع سنوات
تحمل منار تلك الملاك التي لم تكمل الخمس سنوات وتذهب لإحدى المنازل الفقيرة
منار وهي تصرخ: اطلع يا حمدى، اطلع يا جبان
خرج حمدى ووالده رأفت
حمدى: جرى إيه يا ولية عايزة إيه
رأفت: جرا إيه يا ست إنتى عايزة إيه
منار: أنا عايزة إبنك ال، يكتب عليا ياخويا، ما أنا مش هشيل المصيبة دى لوحدى
رأفت بإستغراب: مصيبة إيه.

منار: همس يا راجل يا خرفان إنت، بنتى وبنت إبنك اللى خلى بيا بعد ما فهمنى إنه هيتجوزنى وفص ملح وداب ولولا ولاد الحلال دلونى عليه بعد السنين دى كلها كنت زمانى لسة في الشوراع بدور عليه
رأفت: إنتى اتجننتى ولا إيه؟! أنا ابنى مستحيل يزنى.

منار: لا يا خويا عملها والدليل الداهية اللى في إيدى دى، والله لولا مكنش معايا فلوس كنت سقط الحمل وريحت نفسى، لكن هجيب منين بعد ما ابنك خلانى أهرب من أهلى وخد كل اللى حيلتى
رأفت بصدمة: إنت عملت كدة، انطق
حمدى: أيوة يا بابا بس..
هجم عليه رأفت بالضرب
رأفت: أنا مش عندى ابن دلوقتى، يا ريتنى ما خلفتك يا شيخ
ثم طرده من بيته وأغلق باب منزله
حمدى وهو يتهجم بالضرب على منار في الشارع غير مبالى بتلك الملاك الباكية.

حمدى: بقى أنا يا بنت، تعملى فيا كده
منار وهي تدفعه: خلاص يا خويا بقينا في الشارع، قول بقى هنعمل إيه، إحنا دلوقتى محتاجين بعض بعد ما أبوك الناقص سابنا ومشى وأنا اللى فاكرة إنه هياخدنى في بيته
حمدى محاولا التماسك فهى على حق كلاهما يحتاج للآخر
كل منهما يظن أن الآخر سيعمل وينفق على غيره ولكن الزمن أثبت لهما العكس
حمدى: خلاص إحنا هنتجوز، بس البت دى هنعمل فيها إيه، أنا مش حمل مصاريف كتير كفاية أنا وإنت.

منار بقسوة: معدش ليها لازمة يا خويا هنرميها في أى شارع معاها علبة مناديل تصرف نفسها بيها
حمدى: ماشى اتصرفى فيها انهاردة وبعدين نشوف هنعمل إيه بعد كده
باك
منار بطمع: دا إحنا هناكل من وراها الشهد.
سمع سامر طرق الباب فأذن بالدخول
رحمة: السلام عليكم، أنا رحمة سكرتيرة حضرتك الجديدة
سامر: إزيك يا آنسة رحمة، اتفضلى اقعدى
جلست رحمة ثم نظرت له بترقب
سامر بعدما تنهد: أنا إنسان عملى يعنى محبش الشغل اللى مش كامل، هتشتغلى معايا، يبقى شغلك يتعمل كله باتقان، لإنى مش هتهاون أبدا، تمام
رحمة بجدية: تمام يا فندم، أظن إحنا هيبقى شغلنا كويس لإن منطقك نفس منطقى.

سامر بإعجاب لجديتها المناقضة صورتها التي رآها: أوكى تمام، شريف قالى إنك مش محتاجة شرح لإنك فاهمة كل حاجة، على مكتبك هتلاقى ملفات، عايزك تدرسيها كويس عشان تفهمى الشغل أكتر وأكتر وأى حاجة تحتاجيها قوليلى وأنا هشرحهالك، ومعلش انهاردة هنتأخر شوية عن معاد الخروج
رحمة: أوكى يا فندم، مفيش مشكلة
سامر: تقدرى تروحى على مكتبك دلوقتى
رحمة: عن إذنك
خرجت رحمة بينما تنهد سامر قائلا.

سامر بهمس: كويس يا سامر، إنت أخيرا أعجبت بواحدة غيرها، حتى لو مش أعجبت برحمة نفسها، لكن على الأقل شخصيتها عجبتك ومناسباك، ودى خطوة حلوة، يارب أقدر أنساها للأبد يارب، وأعيش من غيرها
في مكتب شريف وترنيم
ترنيم بضيق: هو أنا هفضل في مكتبك كتير
شريف باستغراب: إنتى مضايقة؟!
ترنيم بتوتر: لا أبدا بس يعنى، إحنا كدة مش هنعرف نشتغل وأنا بحب يبقى ليا خصوصيتى شوية
اقترب شريف من مكتبها وحرك الكرسى ليجلس أمامها.

احتضن يديها بين يديه قائلا
شريف: إنتى عارفة يا حبيبتى إن مفيش أوضة خارجية برة مكتبى على عكس مكتب سامر وأسدفلو خرجتى تشتغلى برة أى حد معدى في الدور هيشوفك، وبعدين بالعكس ده قربك ده هيخلينا نشتغل كويس أوى
ثم غمز لها في نهاية كلامه لتبتسم له باصطناع وهي تسحب يديها
شريف ببعض الجدية: مش شايفة إن خطوبتنا طولت أوى يا حبيبتى، إحنا بقالنا أكتر من سنتين وإنتى كل شوية بتأجلى معاد كتب الكتاب والفرح.

ترنيم بتوتر: أصل..
شريف بحزم مقاطعا: لأ مفيش أعذار، والدك وموافق من أول ما اتخطبنا، وأنا مش هقدر أصبر كتير
ترنيم باستسلام وحزن: ماشى يا شريف اعمل اللى عايزة
شريف بسعادة: تمام يا قمر يبقى بإذن الله فرحنا الأسبوع الجاى ومعاه كتب الكتاب وهتفق مع أبوكى بكرة بعد الشغل
ترنيم بشهقة: بس دا بدرى أوى
شريف: لأ مش بدرى ولا حاجة، يلا يا حبيبتى بقى خلصى الملف ده عشان نروح بدرى
ترنيم باستسلام: حاضر.

اتجه شريف إلى مكتبه تاركا تلك التي تتخبط في أفكارها
ترنيم في نفسها: مالك يا ترنيم؟! مش ده شريف اللى بتحبيه؟! طب ليه عايزة تعيطى وتصرخى وتقوليلوا لا؟! اعقلى يا ترنيم، هتلاقى دى فترة ضغط بس وهتعدى بإذن الله
في منزل مازن
نظر لمحبوبته ليجدها سارحة
مازن بغيرة: بتفكرى في مين؟
ياسمين بابتسامة: دا إنت بتغير أوى بقى!

مازن وبدأ يغضب: ياسمين متخلنيش أتجنن، أنا حافظ تعابير وشك لما بتفكرى فيا، ودى مش تعابير وشك دلوقتى فممكن أعرف بتفكرى في مين؟
ياسمين بتنهيدة: بفكر في ترنيم
مازن باستغراب: ترنيم؟! اشمعنا؟!
ياسمين: مش عارفة، خايفة عليها ومنها، حاسة إنها هتدمر نفسها، أنا حاسة إنها مش بتحب شريف، هي بس معجبة بشياكته ووسامته، وخايفة ده يقلب عليها في الآخر.

مازن: بس هي بتبقى مبسوطة معاه ودا كفاية حتى لو مش بتحبه، العشرة والأيام هتخليها تحبه
ياسمين: يارب يا مازن
مازن وهو يحملها: تعالى بقى عشان في كلمة سر لازم أقولها في بقك، أصل بيحذروا من الودن، بيقولوا فتانة
ياسمين بضحك: ههههههههه والله، طب نزلنى عيب كدة معاذ يصحى
مازن: أبدا، وبعدين متنطقيش اسمه، النوع ده بييجى على السيرة بعيد عنك.

اتجه مازن لغرفتهما ومازال يحملها وسط ضحكاتها تارة وخجلها تارة أخرى من كلامه
ليرويها من عشقه الذي غمرهما منذ سنين ولا يقل أبدا
في قصر ضرغام
تمشى همس بجانبه بخطوات سريعة خائفة من أن يكتشف أحد آخر أمرها وتسحبه معها فهى لا تضمنه أبدا
همس بصوت خافت: يلا، بسرعة إنت تقيل وعجوز ليه، افرض حد شافنا
أسد باصطناع الصدمة: أنا عجوز!
همس بمشاكسة: أيوة عجوز، لكن أنا لسة بشبابى.

قرر أن يحرجها وهو ينظر لها من أعلى لأسفل: هو من ناحية شبابك فهو إنتى فعلا بقيتى في شبابك
همس بشهقة طفولية وهي تضع يديها على فمها
بلطف شديد جعله يتمنى أكلها
همس بخجل شديد: يا سافل، يا قليل الأدب
ثانية واحدة ووجدها فرت من أمامه لأعلى
ضحك أسد على صغيرته وصعد خلفها مباشرة حتى يستكمل استمتاعه بلطافتها وخجلها الذي يجعلها فتنة متحركة
في مكتب رحمة
كانت تعمل بجد حتى سرحت في سامر.

رحمة في سرها: يخربيت حلاوتك يا شيخ كنت هتوقفلى قلبى من نبضه، بس بس عيب يا رحمة إيه اللى بتقوليه ده اعقلى كده
حاولت الانشغال مرة أخرى في عملها حتى استطاعت في النهاية
أمام الشركة مباشرة حيث تقف تلك المرأة وزوجها مع الحارس
منار وهي تميل على الحارس غير عابئة بزوجها فلماذا تهتم وهو نفسه لا يهتم؟!
منار بمياعة وإغراء: ممكن أسألك سؤال يا حلو إنت؟
الحارس بتوتر من قربها: ها، آه طبعا اسألى حضرتك.

منار: من ييجى ساعة كدة كان في واحد باين عليه غنى أوى ومعاه بنت عندها ييجى 13 سنة ونص متعرفش هو مين؟!
الحارس: دا أسد بيه صاحب الشركة واللى معاه دى تبقى الهانم الصغيرة
منار في سرها: بيه وصاحب شركة؟! لأ وهانم صغيرة كمان؟ دى ولعت
منار: طب ممكن عنوانه عايزاه في حاجة مهمة تخص الهانم الصغيرة
الحارس بتوتر: خلاص ماشى هو في..
منار: تشكر ياخويا.

رحلت منار وحمدى الذي لم يهتم بأى شيء سوى جشعه وطمعه حتى كرامته ورجولته لا يهمانه فكما يقول هو الرجولة مش هتأكلنى عيش
حمدى: يلا هنروح دلوقتى أنا مش هقدر أستنى لبكرة
منار: ماشى يلا
في مكتب سامر
سامر بتعب: كفاية شغل بقى الوقت اتأخر
خرج سامر فوجد رحمة مازالت تعمل
سامر: آنسة رحمة الوقت أتأخر، كفاية شغل وخلينى أوصلك للبيت أحسن
رحمة بتردد: بس..
سامر: صدقينى مش هينفع تمشى لوحدك الأحسن أوصلك.

رحمة بعدما اقتنعت: أوكى ماشى
أخذت حاجياتها وسارت خلفه
أثناء دخوله المصعد وجد شريف قادم مع ترنيمة قلبه تنهد بضعف مازال الأحمق يدق الطبول فرحا كلما رآها حتى ولو كانت مع أخيه
في المصعد
لم تنطق ترنيم بأى حرف تجاه رحمة بالرغم من مظهرها اللطيف ولكنها تراها كالشيطانة ولا تعلم لماذا؟! هي أبدا لم تكن حقودة أو عدائية ولكنها تشعر برغبتها في خنقها وقتلها
طردت هذه الأفكار من رأسها فهى أصبحت تخاف من نفسها كثيرا.

وصلوا للطابق السفلى وخرجوا جميعا وقبل الخروج من الشركة
شريف بتذكر: استنى يا سامر كنت هنسى صحيح، مش تباركلى؟
سامر باستغراب: على إيه؟!
شريف وهو يمسك يد ترنيم مما حطم فؤاد ذلك العاشق وسبب الضيق لتلك الحورية
شريف بفرحة: أنا كتب كتابى وفرحى أنا وترنيم الأسبوع الجاى
وهنا وشعر كأنه سينفجر في الغضب والبكاء معا، إذا كان من الصعب جدا الوصول لها قديما، فأصبح من المستحيل الآن.

أسبوع واحد، أسبوع واحد وستصبح محرمة عليه قانونا وشرعا وعشقا
يا الله ألهمنى الصبر والقوة
سامر باصطناع الفرحة: ألف مبروك يا شريف إنت وآنسة ترنيم
رحمة: مبروك ليكم
شريف: الله يبارك فيكم، يلا سلام بقى
خافت ترنيم أن تترك سامر مع رحمة فيوصلها لمنزلها
ترنيم بسرعة: تعالى يا رحمة هنوصلك معانا
قرر الثأر لسنواته التي ضاعت في عشقها
سامر بجمود: لأ، رحمة مكانها معايا وجنبى زى ما انتى مكانك مع شريف وجنبه.

قال آخر جملة وهو يشعر بقلبه يضربه في صدره بعنف لكلامه ذلك
ترنيم بعدم فهم: يعنى إيه؟!
سامر: يعنى زى ما إنتى خطيبة شريف، رحمة خطيبتى واحتمال كبير فرحنا يبقى الأسبوع اللى جاى معاكوا
ترنيم بصدمة: إيه؟
احتضن شريف سامر وهو يضحك وبارك لهما
غير منتبهين لتلك التي شعرت بالأرض تميل بها وأقل حركة منها قد تسقط، أحست بالانهيار، أحست بأنها تريد أن تختلى بنفسها لتصرخ فقط..
عند عودتها لوعيها وجدت نفسها في السيارة.
لا تتذكر ما حدث، ألهذه الدرجة كانت شاردة، حتى أنها لم اشعر بشريف وهو يسحبها للسيارة
في قصر ضرغام تحديدا في غرفة الأسد وملاكه
دلفت همس لتستحم بينما خرج هو للشرفة
أسد في الهاتف: ألو أيوة يا مازن لازم أرن كذا مرة عشان ترد
مازن: يا عم خلاص المهم ها عاوز إيه
أسد: عايز كل حاجة تجهزلى انهاردة وبكرة نمضى
مازن بعقدة حاجب: امممم فهمت، خلاص ماشى
أسد بتردد: اللى بعمله ده صح، مش كدة يا مازن.

مازن بحنان: بص يا أسد قربك دلوقتى بقى غلط، هتقدر تبعد يبقى تمام وعملت اللى عليك، مش هتقدر يبقى ده الصح
ابتسم بارتياح وأغلق معه ثم ذهب ليستحم بغرفة أخرى
بعد مدة
كانا نائمان
أسد وهو يقبل رأسها: ملاكى إنتى دلوقتى كبرتى وبقيتى عارفة الصح من الغلط، مش كدة
همس بخجل: أيوة.

أسد: طب يبقى لازم نلتزم أكتر، إنتى ما شاء الله صلاتك تمام، بس أنا عايزك تبقى غالية أكتر في عين الناس كمان بعد ربنا، يعنى بمعنى أصح عايزك تتحجبى ها، إيه رأيك يا ملاكى
همس بعد أن رفعت رأسها عن صدره: أنا كدة كدة بحب الحجاب، بس، يعنى إزاى؟، قصدى لو اتحجبت مين هيشوفنى بشعرى؟
أسد بغيرة وحدة: مفيش حد هيشوفك بشعرك غيرى أنا وبس، مش مسموحلك تقلعى الحجاب خالص حتى لو مفيش غير دادة سعاد، فاهمة؟

هزت همس رأسها بخوف
أسد بتراجع بعدما رأى خوفها وقد لعن نفسه: بصى يا ملاكى، إنتى محرمة على أى حد غيرى أنا، تمام
همس بابتسامة: تمام يا أسدى، بس أنا قصدى إن حرام إنت تشوفنى بردو
نظر لها قليلا بشرود حتى أجاب قائلا
أسد بابتسامة: أنا مستحيل أكون السبب إنك تشيلى ذنوب
دايما هكون العصاية اللى تسندى عليها للجنة مش للنار
كل اللى هقولهولك اوثقى فيا وسيبى كل حاجة على ربنا ثم عليا وأوعدك مش هتندمى أبدا.

فصدقينى مش هخلى قلعانك حجابك أدامى سبب يشيلك ذنوب
أسندت رأسها موضع قلبه
همس في سرها: شوفتى يا غبية، بيقول كدة عشان هو بيعتبر نفسه أبوكى فعادى تقلعيه قدامه، أنا تعبت امتى يحبنى بقى
أيتها الحمقاء؟ أتتسائلين متى يحبك؟! السؤال الأصح هو متى يتوقف عشقه وهوسه عن النمو والتزايد؟!
أسد في سره: مش هسمح أبدا إنى أكون سبب يشيلك ذنوب، مش هكون عقبة قى طريقك للجنة بإذن الله، مهما كلفنى الأمر.

دقائق قليلة وسمعا أصوات عالية قادمة من الحديقة لينتفضان ليروا ما يحدث
أسد بحدة: إنتى رايحة فين، أنا مش قولت هتتحجبى
همس ببراءة: مهو مفيش حاجة ألبسها على راسى، انهاردة بس، ومش هقدر أقعد هنا لوحدى هخاف
أسد باستسلام خاصة بعد ارتفاع الأصوات أكثر: ماشى تعالى يا تعبانى
أمسك يدها وسحبها معه للحديقة ولكنه تراجع عندما وجد رجلا وحارس القصر واقفان وامرأة معهما.

رجلان؟! مستحيل يتركها تخرج، هي ملكه وحده، لن يسمح لها برؤية غيره أبدا أو يراها غيره
عاد للقصر بسرعة خوفا من أن تلاحظ ملاكه البرئ الرجلان حتى لو كانا بعمر والدها ولكن الرجل يظل رجل
دلف للداخل فوجد عمه وجده وزوجة عمه خرجوا من الغرف على صوت الضجة
يا الله! هل يقتل الرجال جميعا ليرتاح، يبعدها من رجلين ليجد آخرين في انتظاره، سيجن بالتأكيد.

حملها سريعا وجرى بها كالمجنون للمطبخ فهو المكان الوحيد الذي يضمن ألا تكون مع أى رجل
دخل وأمر النساء جميعا بالخروج عدا سعاد
خرج بعدما أمر سعاد ألا تتركها أو تسمح لأحد بالدخول لتلك الضجة التي تعلو وتعلو
في سيارة سامر
قطع سامر الصمت قائلا: أنا آسف على اللى قولته بس..
قاطعته قائلة: بتحبها صح؟
انصدم بشدة من سؤالها
هل مشاعره واضحة لتلك الدرجة؟! إذا لماذا لا تراها ولا تفهمها؟!

تنهد وقد قرر عدم الإنكار فلن يفيده بشيء
سامر بعيون لامعة تحبس الدموع: أيوة
رحمة وقد أحست بقلبها ينكسر: ممكن تحكيلى
سامر بتنهيدة: حاضر
في سيارة شريف
شريف بحب: مالك يا حبيبتى؟! فيكى حاجة
ترنيم بحزن ونبرة مختنقة فهى بالكاد تمنع نفسها من البكاء: لأ، تعبانة شوية من الشغل
شريف بقلق: تحبى تروحى تكشفى
ترنيم: لأ، هنام شوية وأكيد هرتاح
شريف: ماشى يا حبيبتى، بس لو التعب زاد ابقى قوليلى.

ترنيم باختصار فهى لا تريد التحدث: تمام
شريف: بكرة بإذن الله هبقى أروح لحمايا عشان نجهز كل حاجة
ترنيم بضيق: اعمل اللى تعمله
أوصلها شريف لمنزلها فخرجت من السيارة واتجهت لمنزلها دون توديعه حتى
تنهد شريف قائلا: يا ترى فيكى إيه يا حبيبتى؟
تحرك بسيارته عائدا للقصر
في سيارة سامر
قص عليها كل ما حدث ومشاعره وعشقه لترنيمة قلبه.

سامر: أنا دلوقتى قولتلك كل حاجة، رحمة أنا يمكن قلت موضوع جوازنا ده عشان أنتقم، بس دلوقتى بعد ما فكرت لقيت ده الأنسب، أنا عارف إنك معجبة بيا من نظراتك، وأنا معجب بشخصيتك الجادة واحترامك، فبتمنى تدى لعلاقتنا فرصة إنها تنجح، وأوعدك هبذل كل جهدى عشان أشيل عشقها من قلبى، ها إيه رأيك
فكرت رحمة ووجدتها فرصة حتى تكون بقربه فهى بحبها تستطيع أن تعوضه
رحمة بخجل: موافقة.

ابتسم سامر بلا روح: تمام، طب ممكن آخد معاد مع عيلتك عشان أطلبك رسمى، وجوازنا هيبقى معاهم في نفس اليوم
أراد أن يشغل نفسه في يوم عرسها فإذا لم يفعل قد يصاب بأزمة قلبية
رحمة بحزن: أنا مليش حد، بابا وماما ماتوا، ومعرفش حد من عيلتى تانى، هما مكنش ليهم أخوات أساسا
سامر بحزن لحالها: ربنا يرحمهم، طب يعنى تمام معاكى معاد الفرح
رحمة بابتسامة: تمام
أوصلها سامر إلى منزلها وودعها ثم غادر متجها للقصر.

في منزل سعد الدمنهورى
رن هاتفه فأجاب
سعد: ها، قدرت توصل لحاجة يا..
قاطعه قائلا: متنطقش اسمى يا غبى هتكشفنا
سعد بزهق: حاضر، المهم في ملفات جبتها ولا لأ
الشاب: لأ، وبعدين أنا فرحى كمان أسبوع وبصراحة أنا مش عايز أى حاجة دلوقتى، أنا فكرت ولاقيت إن أحسن حاجة أسيب كل حاجة لأسد دلوقتى يكبرها وأنا أبقى آخدها على الجاهز خاصة إنى داخل على جواز يعنى مش هبقى فايق لشغل وممكن كل حاجة تبوظ.

سعد بغضب: نعم، طب إنت وكدة كدة مهما طال الزمن هتقدر تاخد اللى عايزه من غير ما تخسر، لكن أنا لا، دا أنا كام أسبوع وأفلس، أنا محتاج كام ملف أقوم بيه، ولو لاقيتك فعلا رجعت في كلامك، هروح لأسد وأقوله إن ابن عمه بيكرهه وعايز يسرقه ويبقى عليا وعلى أعدائى
أغلق سعد الهاتف بوجهه
الشاب بغضب: ماشى، أنا جيت معاك بالذوق منفعش، يبقى تيجى بالدم
اتصل بأحد رجاله الذي جعله يعمل كخادم في فيلا سعد لوقت الضرورة.

قال للرجل بسرعة بعدما أجاب: تخلص عليه دلوقتى وتبعتلى صورة ليه
الرجل: حاضر يا بيه
خمس دقائق فقط ووصلت له رسالة مكتوب بها
تم وأسفلها صورة لسعد وقد قتل ذبحا
ابتسم قائلا بشر: عشان تلعب معايا تانى
في حديقة قصر ضرغام
تجمع الجد وسعيد وسمية وأسد أمام الحارس والرجل والمرأة
أسد بحدة: في إيه؟
الحارس بخوف: يا باشا الناس دول عايزين يقابلوا حضرتك ولما رفضت جريوا على القصر ومصرين يشوفوا حضرتك
أسد بجمود: امشى إنت دلوقتى.

ذهب الحارس لينظر أسد نظرة مرعبة لكلا المذعورين أمامه
أسد بغضب: إنتوا مين؟ وعايزين إيه؟
حمدى بشجاعة لا يملك منها ذرة: أنا أبقى حمدى ودى منار، إحنا نبقى أبو وأم همس، وعايزين ناخدها معانا
أسد بصدمة شديدة وكأن عالمه انهار: إييييه؟
أسد بصدمة: إيييييه؟!
حمدى: اللى إنت سمعته
أسد في نفسه بجنون وهستيرية: مستحيل، مستحيل، لا لا لا أنا مش هسمح لحد يكون في حياتها غيرى حتى لو اضطريت أقتلها وأقتل نفسى معاها، لا لا لا أنا مقدرش أضرها أبدا، بس هأذى أى حد يقرب منها حتى لو بيحبها، هي كانت ملكى أنا وهتفضل ملكى دايما
نظر ماجد وسعيد له ولسكونه وقد أدركا أنه الهدوء قبل العاصفة
بينما تلك الحية ابتسمت بشر.

سمية في سرها: الله، دى احلوت أوى، اللعب شكله هيكبر ويولع أكتر
قطع ذلك الصمت سامر وشريف اللذان وصلا في نفس اللحظة
شريف باستغراب: في إيه وإنتوا مين؟
سامر: مالكوا ساكتين ليه يا جماعة؟
حمدى بزهق: أووووف يا ربى، أنا حمدى أبو همس ودى منار مراتى وأمها، وجايين عشان همس ومن ساعة ما اتنيلت قولت كدة والكل ساكت
لحظة واحدة وكان على الأرض والدماء تنزف من كل جزء به.

أعماه الشيطان لا يرى سوى شيئان فقط وهما أن أحد ما سيأخذ ملاكه منه والآخر أن ذلك الحقير نطق اسمها على لسانه القذر
حاول الجميع إبعاده عن ذلك الذي كادت تنقطع أنفاسه
سعيد بعصبية: أسد سيب الراجل هيموت
سامر: أسد متتهورش، دا مهما كان أبوها وليه حق عليها
وثانية أخرى وكان سامر يترنح من تلك اللكمة التي وجهت له وبالطبع نعرف مصدرها.

أسد بصراخ: ليه حق عليها؟! أنا الوحيد اللى ليا حق عليها، أنا اللى ربيتها، أنا أول واحد علمتها إزاى تكتب وتقرا، أنا أول واحد أخدها للمدرسة، أنا الوحيد اللى كنت بسهر معاها وهي تعبانة، أنا اللى كان قلبى بينزف لما بتبعد عنى، أنا اللى كنت بموت في بعدها، جاى تقولى حقه هو عليها، لا، مستحيل، مستحيل أخلى حد يدخل حياتها غيرى، وقسما بالله اللى هيحاول يقرب منها ويدخل حياتها، وقتها أنا هخرجه بره الدنيا كلها، مش بعد كل اللى عملته ده ييجى ناس زيكم وياخدوها منى، فاهمين.

عم الصمت في كل مكان منهم من يراقب ما يحدث ومنهم من يترقب ما سيحدث
تعاطف شريف والجد وسعيد مع ذلك المجنون
يعرفان سبب تعلقه وتملكه الشديد لها
لو يستمع لهم فقط ستصبح علاقتهما أفضل ولكن كبرياءه يمنعه
شريف محاولا تهدئته: اهدى يا أسد محدش يقدر ياخدها منك
نظر له أسد بعيون حمراء وصدره يعلو ويهبط غير قادرا على التنفس بشكل جيد
أسد بابتسامة شر وهو يهز رأسه بهستيرية وجنون: محدش يقدر ياخدها منى أبدا.

قامت منار بمساندة حمدى ليقوم، منار التي ظلت صامتة خوفا من ذلك الأسد، وعلى الرغم من ذلك إلا أنها لم تستطع إخفاء نظرة الإعجاب الشديدة به، كم هو وسيم بملامحه الرجولية وجسده الملئ بالعضلات وقوته وشدته
الأصغر سنا بينهم جميعا إلا أن الجميع يهابه
نهض حمدى واقفا ومازال يترنح: بس دى بنتى وأنا هاخدها بردو وإلا هبلغ عنك
أسد بابتسامة مجنونة: مش لما تخرج عايش الاول
أنهى كلامه ولم يعطه فرصة للتفكير.

بل انقض عليه بالضرب مرة أخرى غير عابئ بكل من يحاول إبعاده عنه
ولكن لحظة ما هذا؟! إنه صوتها الناعم، هذه اللمسات، إنها لمسات يديها الصغيرتين
نظر للخلف فجأة ثم وجه بصره لأسفل ليفاجئ بملاكه الباكية ووجها الأحمر
تمد يدها لأعلى تمسك خصره وترجوه أن يتوقف
يا الله، هل رأتنى بذلك المظهر، أكيد ستعذرنى، يريدون قتلى ببعدها
همس بخنقة من كثرة البكاء فهى واقفة منذ البداية: سيب بابا يا أسد.

ماااااذا، هل قالت أسد، دون إضافة ملكيتها، هي لا تفعل ذلك إلا عند التضايق والغضب منه، هل فضلت والدها عليه، سأريك همس كيف تفعلين ذلك
مال أسد عليها ممسكا كتفيها بعنف شديد لا يناسب رقتها
أعماه الغضب الشديد فلم يعد يفرق من أمامه
أسد: أسد، دلوقتى بقيت أسد بس، ها، رددددى عليا، دلوقتى بقيت أسد بس، اتخليتى عنى بالسهولة دى، نسيتى كل اللى عملتهولك
همس بألم شديد: أسد إيدى بتوجعنى.

ماجد بحدة محاولا تخليصها من براثنه: أسد، سيب البنت، ابعد عنها
أبعده أسد صارخا به غير عابئ أنه جده
أسد بصراخ شديد ووجع: آااااااااااه، ليييييييه، لييييه مش بتحسى بيا، ليه عايزة تسيبينى لوحدى، لييييييه
أضاف محاولا أخذ أنفاسه: طب، طب اهدى، اهدى، بس قوليلى عايزة مين، إنتى عايزانى أنا صح، انطقققى ساكتة لييييه، قوليلهم إنك عايزانى أنا، يلاااااا قولى.

أرادت احتضانه أرادت الصراخ لتخبره أنها تعشقه أكثر من نفسها، أرادت اخباره ألا يسألها عن اختيارها، لأنها دائما وأبدا ستختاره هو
شعرت بيديها اقتلعت من كثرة الضغط عليهما فلم تستطع التفوه بكلمة من كثرة بكائها وألمعا
فهم صمتها خطئا، اعتقد أنها تريدهم..
اعتقد أنها تختارهم وتفضلهم عليه
أسد بغضب وقد أصبح في حالة اللا وعى
والجنون الفعلى: إنتى بتختاريهم هما، عايزاهم هما، ماشى هتروحلهم بس وإنتى جثة.

لحظة واحدة وظل يكيل لها بالصفعات على وجهها حتى كاد أن يطير رأسها الصغير بينما ظل الجميع يصرخ به وهم خائفون على تلك الصغيرة التي احمر وجهها بشدة وقد بدأت تفقد وعيها وتترنح وهي تصرخ بشدة
سعيد بصياح: أسسسسد، فوق، همس هتمووووووت، البت هتموت يا أسد
ولكنه لم يكن في وعيه أبدا كل ما يراه هي ملاكه تتركه وتذهب لغيره
ظل على حاله حتى أصبحت قطعة لحم مليئة بالدماء
وهنا وتوقف، نظر لها بصدمة وهو لا يدرى ما يحدث.

تطلع لكل الاتجاهات كأنه يبحث عنها، أو يلمح طيفها حوله ولكنه لم يجد، لم يسمع سوى بكاء الجد وسعيد، وشريف الذي دمعت عيناه، وسامر وسمية ومنار وحمدى وقد صدموا بما حدث
ما حدث؟! وما الذي حدث؟! لم يحدث شيء، كل شيء كما هو، أجل لم يتغير شيء، إنها مازالت في إنتظاره ليدخل ويحتضنها، ثم تنام فوقه
أنزل بصره لتلك الجثة الهامدة تحت قدميه ليبتعد فورا وكأن أحد قد ضربه بصاعق كهربائى
ظل ينظر لها لمدة طويله.

انفجر ضاحكا فجأة كالمجنون، حتى كاد يختنق من كثرة الضحك
اتجه بتعثر لجده محاولا التنفس
أسد بلا وعى وهستيرية ويحاول تجميع الأحرف بصعوبة: ه، ه، هو، إيه اللى، إيه اللى حصل، ملا، كى، فففين، أنا، أنا، أنا مش فاكر، حا، جة
صفعه ليستيقظ قائلا: ملاكك تحت رجلك، ملاكك بتموت، إنت السبب، إنت السبب، ياما قولتلك تتعالج، ياما قولتلك هتموت على إيدك!

أسد وهو يهز رأسه بهستيرية: لا لا لا لا، أنا مش مريض و، وأنا وعدتها هموت معاها، أنا لسة مموتش، أنا كنت بدعى ربنا إنه يموتنى معاها، وأنا متأكد إن ربنا، هيستجيب دعوتى، أيوة، أيوة هي في المطبخ، أنا هشوفها، أكيد مستنيانى
وقبل أن يتحرك نظر مرة أخرى لتلك الجثة الهامدة
ليسقط فجأة على ركبتيه أمامها
قرب وجهه منها يتأملها كالطفل الصغير الذي وجد شيء غريب فيقرر اكتشافه.

هذه الرائحة، إنها رائحتها الطفولية كالفانيليا الممزوجة بالبراءة
ماذاااااا؟! إنها هي، إنها ملاكى
انفجر في الضحك الشديد، دقيقة واحد وتحول الضحك للبكاء بهستيرية وشهقات متتالية، كادت تنقطع أنفاسه من كثرة البكاء ظل يناديها ويهزها لتستيقظ، ولكنها اختارت مصيرا آخر وأخذت قرارها وانتهى الأمر
احتضنها خلال بكائه العنيف
يقبل يديها
ويرجوها أن تنهض وتنام في أحضانه
لكن لا حياة لمن تنادي.

هنا وأخيراً أفاق أحد ما من صدمته
شريف بصراخ: إحنا واقفين ليه، يلا بسرعة شيلوه، ابعدوه عنها، خلينا نلحقها قبل ما تموت
أفاق الجميع عدا العاشقين اللذين يمرح كل منهما في عالمه
تلك النائمة تتذكر كل شيء مر في حياتها
بينما ذاك مستيقظ، ولكنه كمن في عالم الأحلام
يحتضنها ويحكى لها عن حبه وعشقه كأنها تسمعه
حاول شريف وسامر وسعيد إبعاده عن همس، وأخيراً استطاعا
أسد بصراخ: لااااا، ملاااكى.
صرخ وهو يرى غيره يحملها بين يديه حتى أنهكت قواه وسقط فاقدا وعيه
حمل سعيد همس لسيارته ومعه الجد متجها لأقرب مشفى من القصر والتي هي تابعة لهم
بينما سند سامر وشريف أسد إلى سيارة شريف وإنطلقا وراء سعيد تاركين سمية وحمدى ومنار في القصر
سمية بمكر: مالكم كده مش زعلانين على اللى حصل لبنتكم
منار بمكر لا يقل عنها: يمكن نفس السبب اللى خلاكى مبتسمة طول المصايب دى
سمية باعجاب: شكلنا هنشتغل كويس أوى مع بعض.

منار بتهكم: لا شكرا ياختى مش عايزين مساعدتك
سمية بغيظ: متعقل مراتك يا اللى اسمك إيه إنت
حمدى بقرف: اسمى حمدى ياختى، وبعدين هي مجنونة مثلا يا ولية إنتى، يلا يا منار ندخل جوة إحنا
سمية بغضب: نعم تدخل فين إنت وهي
حمدى بعصبية: متتكتمى يا ولية، وإنتى يا منار يلا ياختى إحنا ندخل
تحركت منار وهي تسند حمدى للداخل
منار: شايف ياخويا الولية بصالنا في السبوبة بتاعتنا
حمدى: سيبك منها مع إنها مزة يعنى.

تذكرت منار ذلك الأسد الذي أسرها وظلت سارحة به وهي تخطط عما ستفعله لتكسبه في صفها
أما في الخارج تقف تلك الحية وهي غاضبة
سمية: جتكوا داهية في قرفكوا، وأنا اللى كنت فكراكوا هبل طلعتوا شياطين، بكرة نشوف الفلوس هتبقى لمين فينا، يلا الحمد لله خلصنا من الزفتة دى، عقبال الباقى
في المشفى
تقف عائلة ضرغام والهم واضح على وجوههم
يقفان بين غرفتين للعاشقين.

شريف بقلق: أنا خايف أوى، الصغيرة لو حصلها حاجة أسد هيموت بعدها علطول
ماجد بحدة: بعد الشر عليهم، أسد حسابوا كبر أوى، وأنا هعرف أوقفه عند حده، وهيتعالج يا إما هيعمل اللى في دماغى
سعيد بحزن: يصحوا بس
بعد مدة قصيرة خرج طبيب من إحدى الغرف
سامر: ها أسد كويس؟
الطبيب: متقلقش هو بقى تمام، جاله إنهيار عصبى حاد، بس خد حقنة مهدئة وساعتين كدة وهيصحى بإذن الله، عن إذنكم
سعيد: الحمد لله.

شريف: فاضل الصغيرة، ربنا يستر، أنا هروح أقعد جمب أسد على ما يصحى
ماجد بتنهيدة: ماشى
بعد أكثر من ساعتان
في غرفة أسد
استيقظ وظل لدقائق لا يعرف شيء حتى تذكر بعض الأحداث ليقوم فجأة وبالرغم من الدوار إلا أنه لم يهتم
بدأت دموعه تتساقط وهو يتذكر كل شيء اتجه للباب لفتحه ولكن أوقفه شريف الذي خرج من الحمام
شريف: أسد الحمد لله إنك صحيت، اقعد ارتاح إنت لسة تعبان.

تجاهل كلامه وحاول إبعاده عن الباب ولكن لم يستطع فمازال المهدأ يؤثر عليه
أسد بغضب والدموع أبت أن تستقر في عينيه: ابعد يا شريف، ملاكى، ملاكى فين، إيه اللى حصلها، أنا السبب، أنا السبب
سقط على الارض باكيا وبدأ جسده في الارتعاش بشدة وهستيرية
شريف بقلق: أسد اهدى، اهدى.

أسد بصدمة وبكاء وقد عاد لأحلامه: هي كانت في حضنى، كنت مستنيها تكبر شوية، كنت مستنيها عشان نتجوز، عشان أقولها قد إيه بعشقها، بس، بس أنا موتها، أنا قتلتها بإيدى
نظر ليديه فخيل له بوجود دمائها
ضرب بقبضتى يده الأرض بغضب وهو يصرخ حتى انفجرت الدماء منهما
كاد شريف يتحرك لجلب الطبيب ولكن توقف عند سماعه لهمس أسد له.

أسد بتوسل وبكاء: شريف، أرجوك اسندنى وطلعنى بره، عايز أشوفها، أنا قلبى واجعنى أوى، حاسس إنه هيقف من كتر الخوف
وأمام إصراره اضطر شريف للموافقة فأسنده للخارج
أمام غرفة العمليات حيث نقلت همس لها بسبب النزيف الداخلى
يقف الجميع بحزن على تلك الصغيرة التي أحيت القصر ومن فيه فكان رد جميله أن يقتلها
اتجه بسرعة لهم يسألهم بجنون وهستيرية عنها
سعيد مهدئا: اهدى يابنى هي في العمليات.

أسد بفزع: إيه عمليات ليه، إيه اللى حصل.

ماجد بعنف وهو يصفعه: اللى حصل إنك السبب في كل ده، قولتلك جنونك وهوسك هيقتلها في يوم، قولتلك لازم تتعالج، قولتلك قلل حبك واتحكم فيه، اشبع بقى باللى حصل، إنت عارف هي خدت كام غرزة خياطة، عارف كام مكان اتخيط في جسمها، عارف عندها كام كسر، ها، لا وبعد ساعتين خياطة وبعد ما طلعوها، يفاجئوا بنزيف داخلى، ولسة حالا دخلوها العمليات تانى، ادعيلها، الدكاترة بيقولوا تقريبا مفيش أمل
قال ماجد آخر كلامه بدموع وبكاء.

لحظة واحدة تذكر فيها كل ما فعله، انفجر بعدها في بكاء مرير، أحس بالاختناق بشدة، أحس أنه كالطفل الضائع من أمه
ظل يبكى غير عابئ بمن تجمع من عمال وأطباء المشفى ليروا الأسد في انهياره
أول مرة يروه بتلك الحالة
كان دائما متماسك قوى شامخ لأجلها، ولأجلها فقط، فلماذا القوة الآن وقد ابتعدت عنه
ظل على هذه الحالة حتى مرت ساعات أخرى
وأخيراً خرج الأطباء وهم يزفرون براحة
انتفض متجها لأحد الأطباء.

أسد بتوسل وبكاء: أرجوك، أرجوك قول إنها عايشة، قول إنها لسة بتتنفس، قول إنى لسة هعيش معاها سنين كمان، أرجوك
الطبيب باستغراب مهدئا إياه: اهدى يابنى، الحمد لله إحنا وقفنا النزيف، احتمال تاخد أيام عشان تفوق بسبب الكدمات، بس بإذن الله متغبش أكتر من أسبوع، أنا مش هبلغ البوليس عشان عارفكم كويس وعارف إنكم مبتظلموش حد، إحنا هننقلها العناية المركزة وهنسيبها لغاية ما تفوق
سجد أسد على الأرض يبكى.

ظل هكذا لدقائق طويلة وهو يردد الحمد لله للمرة التي لا يعرف عددها
نهض عند شعوره بالباب يفتح مرة أخرى وذلك الجسد الهزيل الذي خفيت ملامحه فكل شيء بها عبارة عن اللونين الأحمر والأزرق
اقترب ومازال يبكى ويلعن نفسه
قبل جبينها المغطى بالقماش الأبيض مثل سائر جسدها
دفن رأسه في عنقها وهو يردد كلمة واحدة فقط
آسف.

ثم رفع رأسه وقرب أنفه من أنفها حتى يستنشق أنفاسها، ظل هكذا لدقائق يتنفس أنفاسها، فهو كالمخدر والعلاج لآلامه الداخلية التي لا علاج لها غيرها هي
الطبيب: أستاذ أسد الأحسن ننقلها للعناية دلوقتى هي لسة في فترة نقاهة، وتقريبا جسمها ضعيف من صغرها، وكمان الكدمات والعملية جاية في وقت حرج لأى ست
هز أسد رأسه ثم قبل معشوقته على وجنتيها وسمح للممرضات بالتحرك.

وأخيراً عادت له الحياة مرة أخرى، بعدما ظن أنها تركته للأبد
ماجد بحزم: شريف نادى لممرضة عشان جرح أسد ولما يخلص ييجى للأوضة اللى كان فيها عشان هنتكلم شوية
أغمض عينيه، لا يريد أن يرى نظراتهم، يكفى أنه كان سينتحر، لولا خوفه من الله أولا ومن أن تنجو ويموت هو تاركا إياها في هذه الحياة القاسية ثانيا.

الحياة القاسية؟! بربك أسد، لا يوجد قاس غيرك، كيف تفعل بملاكك هذا، أهذه الحماية التي وعدتها بها، أهذا الأمان الذي اقسمت على توفيره لها
خرج من أفكاره على صوت شريف يحثه على الذهاب لجده
نظر باستغراب له ليدرك أن يده عليها قماشة، ألهذه الدرجة كان شاردا حتى لم يلاحظ مرور الوقت
قام لجده ولا يعلم لماذا هو خائف كل ما يعرفه أن هناك شيء سيء سيحدث
دخل الغرفة وأغلق الباب بأمر من الجد ثم جلس.

ماجد بجدية: أنا قررت كذا حاجة، والقرارات دى أمر بالنسبة ليك هتنفذها غصب عنك
أول حاجة حمدى ومنار هيعيشوا معانا في القصر وهيقربوا من بنتهم
أسد بغضب: بس..
ماجد صارخا: اخرس، قولتلك دا أمر، اسمعنى للآخر، تانى حاجة همس هتتسجل على اسم أبوها الحقيقى لإن دلوقتى هيبقى حرام علينا لو عرفنا أبوها مين وسيبناها متسجلة على اسم حد تانى، أنا مش هجبرك تتعالج لكن..

سكت ماجد قليلا قبل أن يفجر قنبلته قائلا: تالت حاجة إنك، إنك هتتجوز جنى بنت خالتك
أسد بصراخ منتفضا من مقعده: نعععععم
ماجد بغضب وصراخ هو الآخر: هتنفذ اللى قولت عليه غصب عنك وإلا..
انتفض أسد صارخا: نعععععم أتجوز مين؟! لأ دا إنتو اتهبلتوا بقى..
قاطعه الجد صارخا هو الآخر: احترم نفسك يا أسد هتكبر على جدك ولا إيه، أنا قولتلك دا أمر مش طلب
أسد محاولا أن يهدأ: جدى، أنا مستحيل أتجوز غير همس، هي الوحيدة اللى ليها الحق إنها تشيل اسمى.

ماجد: إنت مضطر تنفذ اللى قولته وتتجوز جنى وإلا، إنت عارف دلوقتى همس متسجلة على اسم مين، يعنى بكلمة منى لسعيد أقدر أقنعه إنه يرفع عليك قضية بخطف بنته والتهجم عليها بالضرب عشان مشاكل في الورث، أنا عارف إنك ساعتين بس وتخرج من القضية دى، بس تخيل أنا أقدر أعمل إيه في الساعتين دول، أنا أقدر أنقل همس من هنا لمكان بعيد محدش يعرفه..
وأنا متأكد إنك عارف إن مهما نفوذك زادت عمرها ما هتوصل لنفوذى.

انتفض أسد من مجلسه صارخا
يحطم كل ما بالغرفة، وكيف لا وهو متأكد من صحة كلام ذاك العجوز الذي يستحيل أن يكن له الحب، كيف يحبه وهو يريد إبعاده عن ملاكه؟! كيف؟!
ظل يكسر كل شيء ويصرخ بصوت عال تجمع على إثره كل من بالمشفى، ولكن لا أحد امتلك الجرأة للدلوف
مرت دقيقة واحدة وانقلبت الغرفة رأسًا على عقب، حتى الفراش لم يسلم من غضبه.

أسد صارخا بوجع وغضب: آااااااااه، ليييييه، ليه كلكم بتكرهونى، ليه مش بتتمنولى الخير، ليه مصرين تكسرونى، آااه
سقط على الأرض باكيا بشدة وقد اهلكته الهموم والعقبات التي تقف في طريقه لملاكه، كلما ظن أنه اقترب منها يكتشف العكس تماما
يبكى بهستيرية، إذا نظرت له لن تصدق أنه من فعل كل هذا الدمار بالغرفة المسكينة.

راقبه الجد بخوفوحزن أكبر على حال حفيده وهو يفكر، هل كان مخطئ في قراره، هل ملاك لأسد فقط، هو يحبهما كلاهما ولذلك يريد مصلحتهما، يعتقد أنه إذا كان أبا وأخًا لها سيكون أفضل وأكثر أمانًا لكلاهما بدلا من أن يكون عاشقًا لها
ربت على كتف ذلك الذي مازال يبكى وقد علت شهقاته وارتجف جسده.

ماجد بحنان: أسد، إنت دلوقتى كبير كفاية إنك تاخد القرار الصح، جنى بتحبك وبنت طيبة، وبنت خالتك الله يرحمها اللى كنت بتعتبرها أمك التانية، نسيت جنى يا أسد، جنى اللى كنت بتحبها وإنت صغير، اللى كنت بتغير عليها، مش دى جنى اللى قلت إنك هتتجوزها أما تكبر، إيه اللى اتغير.

أسد بضعف وهو ينظر له: اللى اتغير إنى كبرت، اللى اتغير إنى وقتها كان عندى أقل من خمس سنين، يعنى طفل مش فاهم حاجة غير كلامكم وإنتو بتقولوا إن جنى لأسد، إنتو اللى حطيتوا الفكرة في دماغى، بس لو أنا كنت بحبها بجد كنت اتألمت على ألمها، كنت منعتها تسافر تكمل تعليمها برة، كنت اتوجعت عليها هي لما خالتى ماتت، مش أتوجع على خالتى وبس، لكن، لكن ملاكى حاجة مختلفة، ملاكى هي العشق اللى بجد، ملاكى هي الوحيدة اللى عيشتنى كل المشاعر، الحب والعشق لما بشوفها، الحزن لما بتبعد عنى أو أضرها من غير قصد، الغضب لما حد يزعلها أو يفكر يبعدها عنى، و، والغيرة لما حد يقرب منها، إنتو كلكو كنتم عايشين حياتكم عادى من غيرها، لكن أنا اللى كنت ميت من غيرها، ولما جت وعيشتنى، عايزين تاخدوها منى، ليه تبعدوها عنى وإنتو عارفين إنى مهووس بيها ومقدرش أتنفس من غيرها، ليه.

ثم أضاف بنبرة مترجية لأول مرة: جدى، أنا اللى حفيدك مش هيا، أنا اللى من صلبك، يبقى تفكر في مصلحتى أنا مش مصلحتها، حتى لو فكرت في مصلحة ملاكى، أنا متأكد إن مصلحتها معايا أنا، أنا أمانها، أنا أسدها، أنا العاشق ليها هي، وهي وبس مش حد غيرها، أرجوك فكر فيا، ارجع عن قرارك ده، متستخدمش قوتك على حفيدك.

ماجد بحنان: يا حبيبى أنا عشان بفكر فيك بعمل كده، أنا متأكد إن جنى هتنسيك حبها، جنى بتعشقك يا أسد، هي سافرت عشان تنساك لما لقت اهتمامك قل، بس في كل مرة كنت بكلمها كنت بحس بعشقها ليك، إديها فرصة، يمكن تعشقها هي وتنسى هم، حفيدتى.

أسد بإصرار: مستحيل، مستحيل أقدر أنسى ملاكى، ملاكى يعنى قلبى، صدقنى لو كان لسة في جزء ولو صغير جدا من قلبى فاضى، كنت إديت الجزء ده لغيرها يمكن أقدر أتخلص من عشقها، لإنه بيوجعنى أوى، لكن هي مش أخدت قلبى كله بس، لأ، دى أخدت كل حاجة فيا، روحى وجسمى وعقلى وقلبى وكيانى، كل جزء فيا بيناديها هي بسكل جزء عايز قربها وعشقها، أوعدك مش هأذيها تانى بس سيبهالى أشبع منها..
أنا لسة محققتش أحلامى اللى اتمنتها معاها.

ماجد بقسوة وإصرار: أنا حاولت معاك بالذوق منفعش، يبقى نرجع للغصب تانى، موافق ولا أبدأ آخد اجراءات
أسد بضعف وإنهيار وقد أدرك أن جده لن يتراجع أبدا: موافق، بس بشرط
ماجد بفرحة وأمل في إصلاح حياة حفيده كما يعتقد: إيه هو؟

أسد: علاقتى بملاكى تفضل زى ما هي، محدش يتدخل بينا، جنى لما تيجى تعرفها مكانتها إيه جنب مكانة ملاكى، لإن أى تجاوز منها تجاه ملاكى، مش هرحمها أبدا، وكمان حمدى ومنار ملهومش علاقة بملاكى أبدا، هما أبوها وأمها بالاسم مش أكتر، يعنى أنا المتحكم الاول والأخير بيها وبحياتها، وقبل متعترض على موضوع أمها وأبوها، أظن إنك ذكى كفاية إنك تعرف إنهم جايين عشان الفلوس وبس، وآخر حاجة بقى، ملاكى أول ما تم 18 سنة هخيرها إنها تكون بنتى وأختى بس، ووقتها مستحيل تكون زوجة أى حد لو هي مش زوجتى أنا، أو إنها تكون مراتى وحبيبتى وكل دنيتى وأوعدك وقتها هنفذ اللى هي هتختاره، ها موافق.

ماجد بتنهيدة: موضوع أبوها وأمها ماشى تمام، أما موضوع ال18 سنة بقى، فممكن أعرف جنى وضعها هيبقى إيه
أسد ببرود قاتل: ساعتها اللى ملاكى هتقوله هيتنفذ، يعنى لو قالت أطلقها هطلقها، لو قالت أسيبها مراتى هسيبها
ماجد بغضب يحاول التحكم به: وإنت ترضى بالظلم ده
أسد بهدوء: زى ما إنت رضيت بيه
ماجد: ماشى يا أسد، طب وهتعامل حفيدتى عادى إزاى بعد اللى عملته.

أسد بألم بعدما تذكر ما حاول نسيانه: هي أكيد هتنسى أما تصحى زى كل مرة بيغمى عليها
ماجد: ماشى يا أسد، أنا هتصل بجنى وأقولها تيجى
أسد: اعمل اللى تعمله، بس ملاكى متعرفش أى حاجة عن اللى هيحصل، أنا هفهمها بنفسى
خرج دون انتظار الرد
الجد بحزن: سامحنى يا أسد بس كان لازم أعمل كدة، إنت وملاك مختلفين عن بعض، هي متقدرش تستحمل عنفك ومرضك أبدا..
لو استمريت معاها أكيد هتتسبب في قتلها في يوم
خارج الغرفة.

وقف أمام الحشد المتجمع على صوته العالى
أسد بصراخ: كل واحد على شغله
لحظة واحدة وكان المكان خالٍ إلا من عائلته
شريف بمواساة: إحنا سمعنا كل حاجة، صدقنى جدك عايز مصلحتك
سامر: أيوة يا أسد، شريف عنده حق
أسد بصرامة: اللى سمعتوه يتنسى، ولا كإن في حاجة، ملاكى لو عرفت حاجة عن الموضوع مش هرحم حد، فاهمين
هزا رأسهما بالموافقة، فمن هما ليعترضا أمام الأسد
توالت الأيام وتغير الكثير.

وهو مقيم في المشفى فقد أمر بإحضار سرير كبير له ولملاكه بعد خروجها من غرفة العناية المركزة
بالطبع لم ينسى تغيير طاقم الأطباء إلى إناث بعد أن أخذ حقه ممن رأوها من الرجال سواء الأطباء أو الممرضين، فمن نجا منهم هو من حدث له كسور
وشروخ، فما بالك بالهالكين؟!
أجل شريف موعد زفافه مع ترنيم مما دفع أخاه لفعل المثل مع رحمة.
اتصل ماجد بجنى وطلب منها الحضور وبعد إصرارها على معرفة ما يريد اضطر أن يخبرها كل شيء فهو رأى أحقيتها أن تختار إما أن تخوض هذا التحدى للفوز بعشقها أو الانسحاب بهدوء والاستسلام وحتى الآن لم تخبره رأيها أو ترد على اتصالاته فعلم الجد برفضها للأمر وخجلها من الرد عليه
لم يطل في إصراره بينما ذلك شجع هذا الأسد وأسعده كثيرا فلا عائق أمام عشقه لملاكه الآن.

أما منار وحمدى فهما يعيشان في نعيم قصر ضرغام ولم يبذلا جهدا في السؤال على ابنتهما حتى
وسمية تكاد تنفجر غيظا منهما
في الغرفة حيث يمكث العاشقان
يحتضنها بشدة وهو حزين والدموع في عينيه.

أسد: يلا يا ملاكى، أرجوكى اصحى بقا بقالك تسع أيام وساعتين نايمة، وحشنى التلج اللى في عيونك، وحشتنى نظرتهم البريئة ليا لما بتسألينى عن حاجة مش عرفاها، وحشنى نومك في حضنى وأنا بذاكرلك، وحشنى خوفك عليا كإنك أم وأنا ابنها، وحشتنى مقالبك اللى بتعمليها فيا
قال آخر جملة مصاحبة لضحكاته بالرغم من الدموع المتساقطة فقط تذكر إحدى مقالبها وهي بعمر الثامنة
فلاش باك.

دخل سريعا للقصر بعد عودته من الشركة أو بالأحرى تركه لها
لم يكمل الساعتين فهذه أول مرة يذهب للشركة بدونها بعدما رفضت بشدة مما أثار استغرابه ولكنه لم يعلق مثلما لم يستطع أن يظل في الشركة وعقله وقلبه وروحه معها ولكن ما شجعه على العودة اتصال ملاكه به ليعود حتى تريه شيئًا هامًا
صعد بسرعة للطابق الذي به غرفتهما.

فتح باب الغرفة فلم يجدها قلق وتملكه الخوف بعدما فكر في العديد من الأشياء الغير جيدة أبدا وأخطرها أن تكون في الأسفل مع جده أو عمه!
دخل غرفة الثياب عله يجدها ولكنها لم تكن هناك
لم يتبقى سوى المرحاض
فتح الباب وقبل أن يدخل وجد تلك المياة الغزيرة الساقطة فوقه
تحرك بعشوائية لتفادى المياه لينزلق على الأرض وهو يتألم
أغمض عينيه بألم ثم فتحمها ليجد ملاكه بل بالأحرى شيطانته الصغيرة خاصة بعد ذلك الموقف.

كانت واقفة فوق مقعد عال جدا بالنسبة لها فهو أطول منها وتمسك في يديها الصغيرتين دلو كبير تتساقط منه قطرات الماء وتنظر له ببراءة من أعلى، كاد يشل بسبب براءتها تلك وكأنها لم تفعل شيء نظر لأسفل ليجد صابون
قام متصنعًا الغضب ليخيفها
نظرت له بفزع ثم ألقت الدلو سريعًا محاولةً النزول بصعوبة لطول المقعد الشديد فهو ليس مقعد للجلوس بل مقعد زينة.

تمسكت يديها بأعلى الكرسى وهي تعطى ظهرها لأسد وتحاول مد رجليها قدر المستطاع لتصل للأرض لكنها تفشل
بكت بخوف وهي تصرخ بطفولية، لم تكن تلك من ضمن مخططاتها، لقد تسلقت ذلك المقعد بمساعدة مقعد آخر صغير وكانت ستهبط بواسطته ولكن ذلك الغبى أبعده بقدمه عند سقوطه
همس بصريخ: يلهوى يلهوى، الحقونى، هيقتلنى.

كل ذلك أمام من يكتم ضحكته بصعوبة شديدة على كتلة اللطافة والغباء معا، فقد تعلقت في المنتصف لا تستطيع الصعود ولا الهبوط
ولكنه تحكم بها بصعوبة ورسم الجدية والغضب على وجهه
اقترب منها وهي مازالت توليه ظهرها، وهل ذلك بإرادتها مثلا؟!
أمسكها من ملابسها خلف عنقها بقبضة يده
رفعها وأدارها نحوه وهو يتحرك لخارج المرحاض
أسد بغضب مصطنع: إيه اللى هببتيه ده.

همس بخوف: مكنث قثدى، أنا، أنا كنت بثتحمى وإنت دخلت والمية وقعت عليك
أسد: بتستحمى بهدومك وعلى كرسى وكمان بتاع الزينة اللى مبنحركهوش من مكانه أصلا
همس بصراخ وهي تحرك رجليها المنطلقة في الهواء: إنت إزاى تمثكنى كدة، الله، قولتلك مث قثدى
أسد: بت شغل خدوهم بالصوت دا مش هيدخل عليا يلا اعترفى
همس بكبرياء وهي تربع يديها أمام صدرها وكأنها لم تكن خائفة منذ قليل وقد أوقفت حركتها: أيوة كان قثدى، فيها إيه يعنى.

هنا وانفجر ضاحكا عليها وهي معلقة في الهواء بفعل قبضة يده
تحرك باتجاه الفراش ثم جلس فوقه وأجلسها على قدميه
أسد وهو يضحك: قوليلى بقى جيبتى المقلب ده منين
همس بضيق: جيرى عملها في توم
ثم أردفت باحتجاج واعتراض وكأنها أمام قاضٍ: ومع إن جيرى أقثر منى بث نزل عادى من الكرثى
أسد بسخرية: مهو معلش الكرسى عايز طول فار مش طول نملة
همس بضيق وهي تسخر منه: نانانا.

أسد: ههههههههه بس خلاص متزعليش ياستى المقلب حلو تعالى بقى عشان آخد حقى
هجم عليها وهو يحرك يده بخفة على بطنها لتضحك بشدة وتعلو ضحكاتهما معا
باك
انتبه على شعوره بحركتها البسيطة ليمسح دموعه وينظر لها بأمل وترقب لتتحرك مرة أخرى
ضحك بفرحة ضاغطا على زر بجانبه حتى تأتى الطبيبة
أسد بلهفة: ملاكى، ملاكى إنتى صحيتى صح، إنتى سمعانى، طب فتحى عيونك يا روحى
فتحت عيونها ببطئ مزامنة مع دخول الطبيبة.

فحصتها أمام ذلك العاشق الولهان
الطبيبة: الحمد لله يا فندم هي صحت خلاص، وأقل من شهر بإذن الله وهنشيل الجبس اللى على دراعها
أومأ لها وهو ينظر لملاكه التي تحاول فتح عينيها
استطاعت أخيرا لتنظر لكل مكان حتى وقعت عينيها عليه
لحظة واحدة وظلت تصرخ بشدة في وجهه وظهر عليها علامات الفزع والرعب وهي تتراجع للخلف وتتساند على يدها المكسورة مما يؤلمها ويبكيها أكثر.

تطلع إليها وقد هوى قلبه بين قدميه، أتنظر له برعب؟! هل تذكرت ما حدث؟! يا الله، لم يتوقع أبدا هذا، لقد اخترع أكثر من قصة والكثير من التبريرات ليقنعها أنها وقعت من على السلم أو تعرضت لحادث، لكن أن تتذكر كل شيء، هذا ما لم يكن في الحسبان أبدا
نظر لها بفزع هو الآخر وكلمة واحدة تتردد في عقله ستتركه.
اسف على التاخير لظروف خارجه عن ارادتى وسوف يتم نشر حلقه اخرى تعويض عن الحلقه الماضيه
شعر بالضياع وأنه على وشك الإنهيار وقد امتلأت عينيه بالدموع
أسد بهمس متقطع: ملا، كى
ظلت تصرخ وقدارتعش جسدها
تنتفض في مكانها
برزت عروق رقبتها وجبهتها
الطبيبة بصراخ في الممرضة: جهزى حقنة مهدئة بسرررررعة
ناولتها الممرضة إياه
اقتربت من همس التي ما إن رأتها حتى ازداد رعبها وهلعها أكثر وأكثر فهى تخاف بشدة من الإبر والحقن.

وأخيراً خرج من صدمته على اقتراب الطبيبة من ملاكه فركض بسرعة ناحيتها ودفع الطبيبة حتى سقطت
احتضنها بشدة وهو يهدئها
أسد بدموع تمردت عليه فتساقطت: ملاكى، ملاكى أنا آسف والله مش همد إيدى عليكى تانى إهدى أرجوكى، ملاكى خلاص أنا مشيتها محدش هيقرب منك، اهدى، أرجوكى اهدى
ظل يهدئها ولكنها كما هي تنتفض وتصرخ بشدة وكل ما تراه هو لحظة اعتدائه بالضرب الشديد عليها
دخلت عائلة ضرغام على الصراخ لتنصدم مما رأوه.

فأسد جن بالتأكيد! يحتضنها بشدة لدرجة أن اختنقت وقد انهار مثلها وهو يحاول يهدئها كالمجنون الذي لا يعرف ولا يدرك شيئًا
انطلق شريف وسامر ناحيته محاولين سحبه عنها ليصرخ بشدة عليهم
أسد بصراخ: ابعدوا عنى، ابعدوا هي محتاجانى جنبها، سيبونى، ملاااكى
استطاعا إبعاده عنها ولكنه فك قيده واتجه لها بسرعة
وأخيراً عاد لوعيه ورأى ما فعله بملاكه التي تشهق بصوت عال من البكاء والاختناق معا فقد شدد على احتضانها بعنف.

ليسقط على الأرض بانهيار وهو يصرخ بشدة ويبكى
ينادى باسمها علها ترحمه، يضرب الأرض بيديه حتى نزفت مرة أخرى واغرورقت الأرض بدمائه
هدأت شهقاتها لتعلو شهقاته هو، نظرت له بصدمة
أول مرة ينهار بتلك الطريقة أمامها، وما إن تلطخت يديه بالدماء حتى تذكرت ما فعله.

ولكن تلك المرة مختلفة فقد تذكرت حنانه تجاهها، إسعاده لها، حمايتها من كل شيء، ستسامحه، أجل لن تكون أنانية وتعاقبه بل ستشفع له، لقد علمت سبب تملكه الغريب، علمت ما هو مرضه الذي يتحدثون عنه، علمت أنه مريض، مريض نفسى، فقد سمعت الجد ذات مرة يتحدث مع سعيد أنه ذهب لطبيب نفسى بعد وفاة والديه ولكن لم يكمل علاجه، ونتيجة ذلك هو تملكه الغريب ناحية طفلة، احتاج الحنان والبراءة في حياته، ولسوء الحظ اجتمعا في تلك الطفلة، لكن هي، لا يهمها مرضه، لن تجبره أن يتعالج، ستكون هي العلاج، ستكون الحضن الدافئ وتعوضه عن أمه، ستكون الأمان والحماية وتعوضه عن والده، هو يستحق مسامحتها، وليس مرة واحدة بل مليون مرة، يكفى عشقها وجنونها به ليشفع له عندها.

قامت من الفراش برغم ألمها واتجهت له وهي تتحامل على قدميها الملفوفتين بشاش
ظل على حاله من الصراخ والانهيار حتى شعر بتلك اليد الصغيرة على كتفه، إنها يدها، هو لا يحلم، لا لا مستحيل أن يكون حلمًا
ولكنه خاف، خاف أن يستدير فلا يجدها أمامه، بل على الفراش وتحيطها هالة الرعب والهلع
أغمض عينيه بشدة كأن بإغلاقهما يغلق عليها باب قلبه ليأسرها به للأبد. ولكن زاد تشبث تلك اليد به.

نظر خلفه ببطئ ليجدها أمامه ببرائتها المعتادة
تقوس شفتيها وعلى وشك البكاء
وفي جزء من الثانية كانت بين أحضانه أو لنقل بداخل ضلوعه، فقد سحقها بين زراعيه
لم تمانع أبدا بل شددت هي الأخرى على احتضانه بيدها السليمة
ظل يضحك بسعادة وقد استحت الدموع من الظهور مرة أخرى، فعند ظهور ملاكه..
كل شيء يختفى
استمرا على ذلك الحال لفترة طويلة.

اقتنع الجد قليلا أنهما لا يستطيعان الابتعاد عن بعضهما أبدا، ولكنه مازال مصرا على ألا يكونا عاشقان، هذا دمار وموت لكليهما
أسد بهمس خافت فقد أتعبه كل شيء: سامحينى
حزنت وغضبت من نفسها، كيف تفعل هذا بأسدها، كيف تكون السبب في انهياره، أقسمت ألا تكرر أى شيء يحزنه أبدا
همس بحزن: أنا مسامحاك يا أسدى
أطلق زفيرا براحة شديدة بعد سماع لقبه المحبب.

همس وهي تكمل بحماس حتى تسعده: أسدى، إنت عارف، أنا شوفتك في أحلام كتير، كنا بنجرى ورا بعض في جنينة حلوة أوى، متزعلش منى يا أسدى، والله أنا عايزاك إنت مش عايزة الناس دى كلها، أنا هختارك إنت دايمًا..
بس لما إنت سألتنى أختار مين، وقتها كنت بعيط جامد، وإنت عارف لما بعيط مش بقدر أتكلم خالص، أنا آسفة مش هكرر ده تانى أبدا
وضعت إصبع يدها السليمة عند طرف أذنها كإعتذار.

يا ليتها لم تبرر، ضربها وعنفها على اللا شيء، كيف نسى أنها لا تستطيع التحدث عند بكائها..
أذى صغيرته وها هي تعتذر بكل براءة بالرغم من خطأه هو في حقها
احتضنها مرة أخرى وأجلسها على قدميه وهو مازال جالس على الأرض وقد سقطت دمعة ندم من عينه
همس وهي تقوس شفتيها بحزن: خلاص متزعلش بقى بالله عليك، لو عايز مش هطلع أبدا من الأوضة ومش هتكلم مع أى حد تانى.

جاء ليرد عليها بسعادة، فماذا يريد أكثر من ذلك، ملاكه تطلب منه بكامل إرادتها أن تكون له وحده، يجب عليه استغلال الفرصة
تحطمت آماله عندما سارع جده بالرد
ماجد بسرعة وخبث: لا يا حفيدتى أسد بيخاف عليكى وعايز يفرحك دايما عشان كده هيخليكى تكلمى والدك ووالدتك وإحنا عادى، مش كدة يا أسد ولا هتحرمها من حقها في الاختلاط بالناس
نظرت له بأمل وبراءة أن يؤكد على قول جدها
سبه بأبشع وأقذر السباب في نفسه.

أسد: طبعا يا ملاكى بخاف عليكى، هسيبك تتكلمى عادى بس مش كتير يعنى، تمام
أومأت له بسعادة ليحملها متحركًا بها للفراش مرة أخرى
وضع الغطاء فوقهما وقبل أن يعدل وضعية نومهما
أسد ببرود وفظاظة للواقفين: هتفضلوا كدة كتير، عايزين ننام، يلا برة
تطلع الكل إليه بصدمة ثم خرجوا بسرعة عندما وجدوا تحول نظرته من البرود للاشتعال وهم يسبونه ويلقبونه بالمجنون
ضحكت همس عليهم برقة
حملها أسد من على الفراش وجعلها فوقه كالعادة.

أسد بابتسامة عاشقة: مبسوطة
هزت رأسها لتؤكد على كلامه ثم أضافت
همس بخبث: أيوة مبسوطة بس لسة زعلانة شوية
أسد بحنان وهو يقبل جبينها: وأعمل إيه لملاكى عشان ترضى عنى
همس برجاء: عايزة أول ما أطلع من المستشفى أكون أنا الكبيرة ليوم واحد بس والله
أسد باستغراب: مش فاهم كبيرة إزاى
همس: يعنى أنا أعمل كل حاجة بيعملها الكبار وأبقى دايما أكبر واحدة في السن حتى لو معانا جدو العجوز.
أسد بضحك شديد: عجوز؟ والله أول مرة تقولى الحق مع إنه ناقص شوية بس يلا بكرة تقولى الحق كله، وحاضر يا ملاكى أوامر مجابة، حاجة تانية
همس بنعاس: لأ، سيبنى أنام بقى
تأملها وهي نائمة وملس على شعرها الناعم الحر
الحر؟! هل رأوها هكذا؟! حسنا سيحاسبهم فيما بعد
ظل على حاله من التأمل حتى سقط في نوم عميق لأول مرة منذ أكثر من أسبوع
مرت أيام وهو يدلل ملاكه ويعوضها عن كل شيء.

يعلم أنها سامحته تماما، ولكنها تمثل أحيانا الحزن حتى تضمن أن ينفذ شرطها، غبيةألا تعلم أنه ينفذ ما تقول دون شروط فهى تشير فقط ويأتى لها بالكون
تم كل شيء أعده مع مازن ليرتاح قلبه قليلا
خرجت همس من المشفى بعد إزالة الشاش من قدميها وبعض أنحاء جسدها وتبقت يدها المكسورة فقط
استطاع بصعوبة اقناعها أن ترتاح يومين في المنزل ثم ينفذ شرطها
مر اليومان الإضافيان وهذا اليوم المنشود بالنسبة لها.

استيقظت في السادسة صباحًا على غير عادتها فقد كانت تتعبه كثيرا في إيقاظها
ظلت تنظر له بحب وتتلمس أجزاء وجهه الوسيم سواء حاجبيه الكثيفان أو رموشه المعتدلة لا طويلة ولا قصيرة، أنفه الأرستقراطى المرفوع بشموخ، شفتيه الجميلتان والتي تصبح مثيرة جدا أثناء كلامه
هزت رأسها بسرعة من أفكارها المنحلة في رأيها، فما بالها بأفكار أسدها الخادشة للحياء، بل لكل شيء وليس الحياء فقط!

نهضت بهدوء واستحمت وارتدت فستانا محتشمة باللون الوردى ذو فصوص من الألماس والفضة معا فكانت كالملكة المتوجة ولم تنسى ربط شعرها بالطبع، وضعت طوق له فروع أشجار متشابكة باللون الذهبى
اتجهت إليه توقظه حتى استيقظ أخيرا
فتح عينيه وتمنى لو لم يفعل، كيف سيمر اليوم دون أن يؤذيها، يا الله ألهمنى الصبر حتى تبلغ 18 عاما ثم خذه مرة أخرى، فأنا لن أحتاج له بمجرد أن تكتب على اسمى
أسد بهيام: إيه القمر ده.

ردت بخجل: شكرا يلا بقى قوم متضيعش يومى
أسد بغيرة شديدة: إنتى هتخرجى كده، وبعدين مش اتفقنا تتحجبى
همس برجاء: بالله عليك، انهاردة بس، وبعدين إحنا مش جيبنا طرح ليا
أسد: ماشى انهاردة بس، صليتى الأول
همس: أيوة، يلا بقى خد شاور عشان نبدأ
قام وقبلها من وجنتها ثم اتجه للمرحاض تاركا تلك الهائمة به
أفافت على نفسها: يخربيتك اليوم هيضيع فوقى بقى.

بعدما استعد كل منهما جلسا يمزحان معا ويضعا خططا للمذاكرة حتى تعوض ما فاتها..
أصبحت الساعة الثامنة فهبطا لأسفل للإفطار
تناولاه دون تعليق أى أحد من أفراد العائلة وبالطبع تجاهل منار وحمدى للجميع، يؤلمها تجاهلهما لكن أسدها يعوضها كل شيء
سحبته معها وذهبت للسيارة آمرة إياه أن يذهبوا لمطعم أسبانى، أجلسها على قدمية رغم خجلها كل مرة
في المطعم
جالسان في المطعم الخالى من أى شخص عداهما.

جعلها تجلس على قدميه بالرغم من تذمرها ولكنه أصر
جالس يكتم ضحكته بصعوبة وهو يراها تحاول أن تقرأ بالإسبانية لكنها سالب وليس صفر فقط
همس: بيو، بوى، بيويو، أووووف أنا مش فاهمة حاجة
انفجر ضاحكا هو والنادلة على لطافتها
أسد: ما أنا قولتلك يا ملاكى أساعدك
همس باستسلام: ماشى، لا لا لا لا هات ده هات ده بسرعة
أسد بصدمة: اهدى بس هو إيه اللى هات ده، وإشمعنا ده اللى اختارتيه.

همست له في أذنه وكأنها تخبره أسرار حربية: الكلمة طوييييلة أوى يبقى أكيد الأكلة كبيرة خالص
انفجر ضحكا قائلا: هو أى حاجة كبيرة وخلاص يا طفسة، إنتى عارفة إن اللى اخترتيه ده نوع من السلطات، يا أم وجبة كبيرة خالص
قال آخر جملة وهو يقلدها بسخرية
همس بضيق: أووووف، خلاص اختار إنت بس شوف وجبة كبيرة
أسد بحب: حاضر يا ملاكى.

وهكذا كان اليوم وسط مشاكساتهما وحبهما الخفى فقد اختارت العديد من الأماكن ومنها الملاهى والسينما وغيرها وغيرها
عادا للقصر وهما يضحكان أثناء تشبثه بيدها
كأنها طوق النجاة خاصته
دخلا القصر فسمعا ضحكات عالية في غرفة الصالون
فتح باب الغرفة ليصدم بالجميع يجلس مع، مع جنى، ما الذي أتى بها؟!
ماجد بسعادة: تعالى يا أسد، جنى خلاص وافقت
أسد بصدمة: إييييه؟!
أسد بصدمة: إييييه
همس بإستغراب: في إيه
جنى بابتسامة: إنتى همس مش كدة؟
وقبل أن ترد عليها ارتفع صوت أسد
أسد بغضب وصراخ: متنطقيش اسمها
انتفضت جنى وحزنت بشدة، فكم تتمنى أن تكون هي همس، ولكنها لن تتخلى عن حبها، ظلت تفكر لعدة أيام في كلام الجد حتى وافقت على التحدى وعادت، وقد أقسمت أن تجعله يحبها
همس: مالكوا في إيه أنا مش فاهمة حاجة، ومين دى.

جنى بابتسامة مصطنعة: إزيك، أنا جنى بنت خالة أسد وخطيبته وهبقى مراته كمان شهر
همس بصدمة وقد ترقرقت عينيها بالدموع: إيييه؟
نظرت لأسد نظرة لن ينساها أبدا، نظرة حزن وخذلان، جعلته يلعن نفسه وجده وكل إنسان على هذا الكوكب بالطبع غير ملاكه
حاول التبرير لكن سبقه الجد
ماجد: حفيدتى، ممكن نتكلم لوحدنا
أسد بسرعة وخوف: لأ، ملاكى مش هتروح مع حد، أنا هشرحلك كل حاجة، والله..
قاطعته همس ببكاء: يلا يا جدو.

ذهبت من أمامه وذهب قلبه معها، تجمعت الدموع بعينيه سرعان ما تحولت لشرارات وجهها لتلك المبتسمة بسماجة، اتجه نحوها وهو مستعد لقتلها ولكن منعه عمه
سعيد: اهدى يا أسد، اهدى، دى بنت خالتك متنساش
حاول الهدوء اكراما لخالته فقط
في غرفة الجد
ماجد: اقعدى يا حفيدتى
جلست أمامه سرعان ما انفجرت في بكاء مرير وهي تشهق بشدة وقد احمر وجهها.

ماجد مواسيا: اهدى، صدقينى دى سنة الحياة، أسد دلوقتى عنده 25 سنة يعنى بقى راجل واعى ولازم يتجوز، وصدقينى عمر علاقتكم ما هتتغير، إنتى دايما هتكونى بنته اللى رباها، مينفعش تكونى أنانية، متنسيش إنه فكر في مصلحتك كتير وضحى عشانك، يبقى لازم تردى الجميل
ظلت تبكى لفترة ثم توقفت بعد سماع كلماته القاسية.

معه حق، لما تكون أنانية مع من أكرمها دائما، من كان لها خير العون والسند، العشق يعنى التضحية، فإذا كانت تعشقه، فيجب أن تفكر به أولا وتضحى لأجله، ستوافق على زواجه، أو قتلها بالمعنى الأصح، إذا استطاع تركها فهى لا تستطيع أبدا، هو نفسها، هو روحها، هو، هو قلبها
همس: حاضر يا جدو
ماجد بسعادة: شطورة، أنا هنادى جنى تقعدوا مع بعض وتتكلموا شوية، هي طيبة وهتحبيها
هتحبيها رددت هذه الكلمة في عقلها بسخرية.

كيف ستحب غريمتها، كيف ستحب مالكة عشيقها، لا يهم إذا كانت ستحبها أم لا..
المهم ألا يحبها هو، ألا يعشقها أبدا
خرجت من أفكارها على نهوض الجد وخروجه لينادى جنى
بمجرد خروجه، انهمرت دموعها مرة أخرى، ولكن أشد وأمر، لا مهرب الآن، كانت تعلم أنه لن يظل الحال هكذا طويلا، ولكن كان يوجد أمل ولو بسيط أن يحبها، والآن لا أمل، لا حب، لا أسد
خرج ونادى جنى غير مهتم بكتلة الغضب أمامه.

ماجد: تعالى يا جنى، ادخلى لحفيدتى اتعرفوا على بعض يلا
أسد بعصبية وغضب: دا على جثتى إن حد يدخل لملاكى، إنتوا مجانين صح، أنا مستحيل إنى أكون ملك لحد تانى غيرها، ليه مش عايزين تفهموا إنى من غيرها ميت، وإنتى، لو مفكرة إنى ممكن أحبك في يوم تبقى مجنونة، أنا قلبى ليها هي، وياريته قلبى بس لأ دا أنا عقلى وقلبى ونفسى وروحى وكيانى كل حاجة ليها، حتى جسمى هيكون ليها أول ما تتم 18.

جنى بهدوء متجاهلة إيه: أنا هدخلها يا جدو
توجه لها بغضب يود الفتك بها لكن أوقفه صياح جده
ماجد بصراخ: أسد أنا لسة عند تهديدى وممكن أنفذه عادى ودلوقتى حالا
تراجع بغضب أشد، فكر لوهلة أن يقتله وبذلك يتخلص من كل العقبات، لكنه تراجع واستغفر ربه، فبجانب أنه جده وأنها جريمة لا يسامح الله عليها، إلا أنه سيلوث يده التي تمسك بيد ملاكه وهو لن يسمح بذلك أبدا
اتجهت جنى لغرفة الجد حيث همس
دخلت عليها لتجدها تبكى بشدة.

جنى مواسية: اهدى يا هم، اهدى
هل تظنون أنها قد تنطق اسمها مرة أخرى..
حتى لو لم يكن موجودا، يستحيل!
همس ببكاء وغضب: ملكيش دعوة
حاولت أن تتماسك أمامها حتى لا تخسر من اول التحدى، يجب أن تجعل تلك الصغيرة في صفها حتى تكسب أسد
جنى ببعض الحدة: احترمى نفسك، عيلة زيك هتهزقنى ولا إيه
دفعتها بحدة وركضت للخارج بغضب
سمع صوت خطواتها لينظر لها بلهفة
اتجه لها بسرعة محاولا احتضانها لكنها أبعدته عنها.

همس ببعض الحدة: أنا عايزة أقعد لوحدى
خرجت إلى الحديقة حيث حوض الورد التي زرعتها مع أسدها
نظر إلى ظلها بصدمة ألتلك الدرجة أصبحت تنفر منه، يا الله لا تجعلها تكرهنى..
هذا العذاب بحد ذاته
نظر للموجودين بغضب وخذلان ثم صعد لغرفته حتى يراقب ملاكه من الشرفة
تطلعت منار إلى حمدى بخوف
منار بهمس: يا نهار اسود دا هيتجوز.

حمدى: متقلقيش، مش هيمشى همس الواضح إنه متعلق بيها أوى وشكله بيحبها كواحدة ست مش بنته ودا كويس أوى لينا
منار في نفسها: يعنى دلوقتى بقى عندى منافستين مش واحدة بس. والله لتكون ملكى برضو يا أسد
جلست أمام الحوض تبكى بشدة غير واعية لذلك العاشق المنكسر الذي يراقبها
ظل يراقبها وقلبه يتحطم لملايين القطع حتى وجدها هدأت ودخلت القصر
أحس بارتياح لتوقف دموعها وانتظرها لتدخل الغرفة
ولكن مرت نصف ساعة ولم تأتِ.

قلق بشدة فخرج ليتفاجئ بالخدم يجهزون غرفة بجانبه
اتجه للغرفة ليجد ملاكه جالسة على الأريكة والخدم يجهزون الفراش
ذهب لها بسرعة وهو يمسك كتفيها
أسد بقلق: إنتى بتعملى إيه؟!
همس ببرود: بنقل لأوضة تانية، إنت خلاص هتتجوز يعنى حضنك من حقها هي
أسد بغضب: كل حاجة فيا من حقك إنتى بس فاهمة ولا لأ
همس بحزن: بالله عليك سيبنى، أنا تعبانة وعايزة أرتاح، اطلع برة وسيبنى لوحدى.

حزن بشدة عليها، كاد يبكى، ولكنه تماسك لأجلها، قبل جبينها وخرج دون كلمة أخرى
مرت ساعات الليل بصعوبة على كليهما، اعتاد كل منهما على رائحة الآخر، اعتادا احتضان بعضهما حتى يستطيعا النوم
ظل يتململ في فراشه، يشتاق لها، رائحتها مخدر، تنسيه آلامه وتساعده على النوم
نفذ صبره، تحرك بهدوء إلى غرفتها، فتح الباب واغلقه بحذر
وجدها نائمة في الفراش كالملائكة.

اتجه لها وحملها بهدوء ثم وضعها فوقه وهو نائم على الفراش، دقيقة واحدة وغط في نوم عميق
إذا نظرت له لن تصدق أنه من كان يناجى النوم منذ ساعات طويلة
رفعت رأسها بعدما أحست بنومه لتتأمله، لم تستطع النوم هي الأخرى، تريده بجانبها، شعرت به فلم تتحرك فهى في أشد الحاجة لحضنه الدافئ، آااه وأخيراً حصلت عليه
لم تأخذ وقتا طويلا هي الأخرى حتى غطت في نوم عميق
مرت العديد من الأيام ما يقارب أسبوعين والحال لم يتغير كثيرا.

اتفق سامر وشريف أن يتزوجا مع أسد
منار وحمدى كما هما منغمسان في نعيم القصر.

جنى تشترى كل شيء، بدون مساعدة أسد ولو بكلمة حتى، لم تنسى أول مرة سألته رأيه عن إحدى ملابس النوم التي اشترتها، ظنت أنها تغريه وتجعله يشتاق لها، ولكن حدث العكس فلم يمر وقت طويل ووجدت الثوب قد مزق لقطع صغيرة، لم يكتفى بذلك بل رماها بوجهها مسمعًا إياها أبشع الكلمات عن كونها عاهرة وغيره من السباب القذر، آلمتها كرامتها بشدة ولكنها صبرت نفسها أنها مازالت في البداية.

ترنيم كما هي في حيرتها، لما تشتاقه، لما تشتاق قربه، لماذا حزنت عند تحديد موعد زفافها، وحزنها الأكبر لعلمها بزواج سامر أيضا
لا تعلم الإجابة أبدا
بينما رحمة تحاول كسب سامر في صفها تنجح أحيانا وتفشل كثيرا ولكنها لا تيأس
سامر كما هو حزين بشدة على زواج ترنيمته، لا ينكر إعجابه البسيط لرحمة، ولكن حب، أبدا، يشعر أنها أخته المسئولة منه، يدعو الله أن يكتب له الخير دائما ويسانده في محنته.

شريف يعيش حياته بسعادة، فأيام ويتوج حبه بالزواج
أما عاشقنا الولهان فقد طفح به الكيل، أسبوعان وهي تتجاهله، لا تجلس معه في مكان أبدا كأنه وباء قاتل، لا تتكلم أبدا إلا للضرورة وبكلمات مختصرة جدا، يأتى لأحضانها خلسة ليلًا كما يعتقد ويذهب فجرًا خوفا من استيقاظها فتغضب أكثر.

يحاول الجلد ولكنه لا يستطيع، كل جزء به يناديها، كل ذرة بجسده تحتاج قربها، يحتاجها بشدة، أصبح يعمل بالمنزل وسامر وشريف بالشركة حتى يحصل على أكبر فرصة لرؤيتها
في المطبخ
تقف همس وهي محتارة وتبكى، فقد أخرجت كل الخدم حتى تصنع كعكة بالشوكولاتة
لكن فجأة وأصبحت هي الكعكة، ملامحها الغير واضحة سواء بسبب الدقيق أو الشوكولاتة، وبعد كل هذه المعاناة يقع القالب منها
ظلت تبكى بطفولية على حظها السيء.
مر على المطبخ صدفة فسمع بكائها
انطلق مسرعا ليفاجئ بمنظرها الطفولى، كادت تفلت منه ضحكة على شكلها اللطيف ولكنه تماسك كى لا تغضب أكثر
أسد بحنان وهو يقترب: ملاكى بتعيط ليه
همس ببكاء وقد نست الخلاف: الكيكة باظت يا أسدى
كاد أن يرقص بسعادة وجنون فقد تحدثت معه ونست خلافهما وعادت لطبيعتها
أسد بحب وسعادة: تحبى أساعدك
نظرت له بعيون متسعة وبريئة كالقطط: بجد
أسد بهيام: بجد
تعالت ضحكاتها الطفولية وسحبته حتى يبدأ.

صنع الكعكة لها وهي تساعده بأشياء بسيطة جدا وسط ضحكاتهما
سامحته تماما، اتخذت قرارها، لن تضيع اكثر من ذلك، ستظل بجانبه حتى لو تزوج مليون مرة
أخرجا الكعكة معا لتفرح همس بشدة، بالطبع لم ينسى مشاكستها ليرى غضبها الطفولى
مرت الأيام بسعادة فقد استطاع أسد إقناع ملاكه بأنها الأهم دائما كما أخبرها أن زواجه من جنى مجرد صفقة ومن المستحيل أن يلمسها لم يخبرها الحقيقة حتى لا تقلق أو تخاف.

كم سعدت بشدة بكلامه وقررت تجاهل جنى تماما ستنتظر أن يطلقها حتى لو اضطرت الإنتظار مدى الحياة
اليوم هو يوم الزفاف المشترك
كان زفافا للبعض وجنازة للبعض الآخر
قضى أسد اليوم كله مع ملاكه ليعوضها، اختارت هي بدلته كما اختار لها فستانا رائعا وبالطبع معه الحجاب خاصته فقد قرر ألا يرى أى حد شعرها حتى لو والديها، لا أحد له الحق برؤيتها غيره هو
في غرفة أسد بعدما ارتديا ملابسهما
نظر لها ليجد الدموع في عينيها.

اقترب منها وحملها
أسد بحنان: ملاكى، أنا قولتلك دى صفقة وبس ووعدتك مش هلمسها أبدا وحتى هقضى اليوم ده وكل الأيام معاكى إنتى
همس بابتسامة رقيقة: بجد يعنى مش هتحضنها
انفجر في الضحك وهو ينظر لها بفخر، فقد أرضى غروره ورجولته أنها بريئة لا تفهم شيئًا
أعجبه ذلك كثيرا، فهو ينتظر بفارغ الصبر ليعلمها كل شيء بنفسه
نظر لها وقبل جبينها مردفًا: أيوة بجد يا ملاكى
أنزلها أرضا بعد إصرارها وخرج ممسكا بيدها.

خرج للحشد الكبير وهو غاضب ومتوتر فقد قرر ألا تحضر ملاكه الزفاف ولكنه تراجع بعدما ظلت تبكى وهي تردف أنه يتخلى عنها لأجل تلك الملعونة، غبية! ألا تعلم عشقه وغيرته المميتة، ولكن لا بأس فقد أمر حراسه بتفتيش جميع الحاضرين وأخذ الهواتف والكاميرات ليضمن ألا يتم تصوير ملاكه فيراها عدد أكثر
خرج معها، سلم على الجميع وهو يخفيها وراءه
بعد الانتهاء.

استمر في التحدث معها والضحك ليساعدها على نسيان هذا اليوم الصعب، ولكن من يساعده هو على نسيانه؟
أما سامر فهو واقف في نهاية درجات القصر وبجانبه شريف وسعيد
بينما هو حزين ومهموم، اليوم ستتوج ترنيمته باسم غيره، حاول أن ينساها بكل الطرق ولكن لم يفلح أبدا
هبطت الثلاث حوريات فكن جميلات حقا
تمنت ترنيم لو تتجه لسامر مثلما تمنى هو
لا تعلم لماذا ولكنها تشعر أنها تنتمى له هو.

تسلم كل منهما عروسته بينما جنى تبحث عن أسد لتجده يمرح مع تلك الشمطاء
جنى بعصبية: شايف يا جدو عمل إيه، منظرى دلوقتى يبقى إيه
ماجد بتنهيدة: معلش يا جنى إنتى عارفة من الأول المشاكل اللى هتواجهك
زفرت جنى بحنق وتوجهت لمقعدها وهي تجلس بعصبية وتنظر بحسرة لكل عروس وزوجها
اتجه ماجد لأسد واستطاع بصعوبة اقناعه أن يجلس بجانب عروسه
اتجه لمقعده ومعه ملاكه بالطبع
جلس وأجلسها بينه وبين تلك الغبية.

جنى بصراخ لهمس: فستانى يا متخل..
تراجعت بعد رؤيتها تلك النظرة التي أقسمت أنها كادت تقتلها
بينما تلك الصغيرة أخرجت لسانها لها وهي تسخر منها بسخريتها المعتادة: نانانانا
انفجر ضاحكًا على مشاكسته الصغيرة
وهكذا مر الزفاف ولم يتركها أبدا حتى في رقصة العروسين، حملها ورقص معها هي بينما جنى تكاد تنفجر من الغيظ والغيرة
انتهى الزفاف وذهب سامر وشريف لقضاء شهر العسل بباريس
حملها صاعدا لأعلى ليوقفه صراخ جنى.

جنى بصراخ: طب أهنتنى في الفرح وماشى، مفيش شهر عسل برضو ماشى، لكن ليلتى لأ
أسد ببرود: لو مش عجبك أطلقك حالا عادى
ضحكت همس بسعادة وهي تصفق بيديها الصغيرتين بطفولة
لينظر لها بحب
أسد بسعادة ومشاكسة: هههه يوغتى كميلة، عجبتك يا ملاكى
هزت رأسها بإيجاب واحتضنته وهو مازال حاملًا إياها
صعد بها لأعلى غير مهتم بتلك الشعلة خلفه
زفر ماجد وسعيد بحنق لتصرفات أسد.

ماجد لسعيد: مراتك بقالها أكتر من شهر غضبانة عند أهلها، مش هترجع ولا إيه
سعيد بقرف: أحسن سيبها تغور في داهية، قال إيه يا إما أنا في القصر يا إما حمدى ومنار، ولية نكد صحيح
ماجد: ههههههههه طب يلا اطلع نام يابنى
وهكذا انقضت الليلة كغيرها من الليالى
مرت أيام تليها أيام حتى أصبحوا أكثر من أربع سنوات
فقد..
يتبع..
الفصل ده تعويض عن التاخير
الفصل 17
شعر بالضياع وأنه على وشك الإنهيار وقد امتلأت عينيه بالدموع.

أسد بهمس متقطع: ملا، كى
ظلت تصرخ وقدارتعش جسدها
تنتفض في مكانها
برزت عروق رقبتها وجبهتها
الطبيبة بصراخ في الممرضة: جهزى حقنة مهدئة بسرررررعة
ناولتها الممرضة إياه
اقتربت من همس التي ما إن رأتها حتى ازداد رعبها وهلعها أكثر وأكثر فهى تخاف بشدة من الإبر والحقن
وأخيراً خرج من صدمته على اقتراب الطبيبة من ملاكه فركض بسرعة ناحيتها ودفع الطبيبة حتى سقطت
احتضنها بشدة وهو يهدئها.

أسد بدموع تمردت عليه فتساقطت: ملاكى، ملاكى أنا آسف والله مش همد إيدى عليكى تانى إهدى أرجوكى، ملاكى خلاص أنا مشيتها محدش هيقرب منك، اهدى، أرجوكى اهدى
ظل يهدئها ولكنها كما هي تنتفض وتصرخ بشدة وكل ما تراه هو لحظة اعتدائه بالضرب الشديد عليها
دخلت عائلة ضرغام على الصراخ لتنصدم مما رأوه
فأسد جن بالتأكيد! يحتضنها بشدة لدرجة أن اختنقت وقد انهار مثلها وهو يحاول يهدئها كالمجنون الذي لا يعرف ولا يدرك شيئًا.

انطلق شريف وسامر ناحيته محاولين سحبه عنها ليصرخ بشدة عليهم
أسد بصراخ: ابعدوا عنى، ابعدوا هي محتاجانى جنبها، سيبونى، ملاااكى
استطاعا إبعاده عنها ولكنه فك قيده واتجه لها بسرعة
وأخيراً عاد لوعيه ورأى ما فعله بملاكه التي تشهق بصوت عال من البكاء والاختناق معا فقد شدد على احتضانها بعنف
ليسقط على الأرض بانهيار وهو يصرخ بشدة ويبكى.

ينادى باسمها علها ترحمه، يضرب الأرض بيديه حتى نزفت مرة أخرى واغرورقت الأرض بدمائه
هدأت شهقاتها لتعلو شهقاته هو، نظرت له بصدمة
أول مرة ينهار بتلك الطريقة أمامها، وما إن تلطخت يديه بالدماء حتى تذكرت ما فعله.

ولكن تلك المرة مختلفة فقد تذكرت حنانه تجاهها، إسعاده لها، حمايتها من كل شيء، ستسامحه، أجل لن تكون أنانية وتعاقبه بل ستشفع له، لقد علمت سبب تملكه الغريب، علمت ما هو مرضه الذي يتحدثون عنه، علمت أنه مريض، مريض نفسى، فقد سمعت الجد ذات مرة يتحدث مع سعيد أنه ذهب لطبيب نفسى بعد وفاة والديه ولكن لم يكمل علاجه، ونتيجة ذلك هو تملكه الغريب ناحية طفلة، احتاج الحنان والبراءة في حياته، ولسوء الحظ اجتمعا في تلك الطفلة، لكن هي، لا يهمها مرضه، لن تجبره أن يتعالج، ستكون هي العلاج، ستكون الحضن الدافئ وتعوضه عن أمه، ستكون الأمان والحماية وتعوضه عن والده، هو يستحق مسامحتها، وليس مرة واحدة بل مليون مرة، يكفى عشقها وجنونها به ليشفع له عندها.

قامت من الفراش برغم ألمها واتجهت له وهي تتحامل على قدميها الملفوفتين بشاش
ظل على حاله من الصراخ والانهيار حتى شعر بتلك اليد الصغيرة على كتفه، إنها يدها، هو لا يحلم، لا لا مستحيل أن يكون حلمًا
ولكنه خاف، خاف أن يستدير فلا يجدها أمامه، بل على الفراش وتحيطها هالة الرعب والهلع
أغمض عينيه بشدة كأن بإغلاقهما يغلق عليها باب قلبه ليأسرها به للأبد. ولكن زاد تشبث تلك اليد به.
نظر خلفه ببطئ ليجدها أمامه ببرائتها المعتادة
تقوس شفتيها وعلى وشك البكاء
وفي جزء من الثانية كانت بين أحضانه أو لنقل بداخل ضلوعه، فقد سحقها بين زراعيه
لم تمانع أبدا بل شددت هي الأخرى على احتضانه بيدها السليمة
ظل يضحك بسعادة وقد استحت الدموع من الظهور مرة أخرى، فعند ظهور ملاكه..
كل شيء يختفى
استمرا على ذلك الحال لفترة طويلة.

اقتنع الجد قليلا أنهما لا يستطيعان الابتعاد عن بعضهما أبدا، ولكنه مازال مصرا على ألا يكونا عاشقان، هذا دمار وموت لكليهما
أسد بهمس خافت فقد أتعبه كل شيء: سامحينى
حزنت وغضبت من نفسها، كيف تفعل هذا بأسدها، كيف تكون السبب في انهياره، أقسمت ألا تكرر أى شيء يحزنه أبدا
همس بحزن: أنا مسامحاك يا أسدى
أطلق زفيرا براحة شديدة بعد سماع لقبه المحبب.

همس وهي تكمل بحماس حتى تسعده: أسدى، إنت عارف، أنا شوفتك في أحلام كتير، كنا بنجرى ورا بعض في جنينة حلوة أوى، متزعلش منى يا أسدى، والله أنا عايزاك إنت مش عايزة الناس دى كلها، أنا هختارك إنت دايمًا..
بس لما إنت سألتنى أختار مين، وقتها كنت بعيط جامد، وإنت عارف لما بعيط مش بقدر أتكلم خالص، أنا آسفة مش هكرر ده تانى أبدا
وضعت إصبع يدها السليمة عند طرف أذنها كإعتذار.

يا ليتها لم تبرر، ضربها وعنفها على اللا شيء، كيف نسى أنها لا تستطيع التحدث عند بكائها..
أذى صغيرته وها هي تعتذر بكل براءة بالرغم من خطأه هو في حقها
احتضنها مرة أخرى وأجلسها على قدميه وهو مازال جالس على الأرض وقد سقطت دمعة ندم من عينه
همس وهي تقوس شفتيها بحزن: خلاص متزعلش بقى بالله عليك، لو عايز مش هطلع أبدا من الأوضة ومش هتكلم مع أى حد تانى.

جاء ليرد عليها بسعادة، فماذا يريد أكثر من ذلك، ملاكه تطلب منه بكامل إرادتها أن تكون له وحده، يجب عليه استغلال الفرصة
تحطمت آماله عندما سارع جده بالرد
ماجد بسرعة وخبث: لا يا حفيدتى أسد بيخاف عليكى وعايز يفرحك دايما عشان كده هيخليكى تكلمى والدك ووالدتك وإحنا عادى، مش كدة يا أسد ولا هتحرمها من حقها في الاختلاط بالناس
نظرت له بأمل وبراءة أن يؤكد على قول جدها
سبه بأبشع وأقذر السباب في نفسه.

أسد: طبعا يا ملاكى بخاف عليكى، هسيبك تتكلمى عادى بس مش كتير يعنى، تمام
أومأت له بسعادة ليحملها متحركًا بها للفراش مرة أخرى
وضع الغطاء فوقهما وقبل أن يعدل وضعية نومهما
أسد ببرود وفظاظة للواقفين: هتفضلوا كدة كتير، عايزين ننام، يلا برة
تطلع الكل إليه بصدمة ثم خرجوا بسرعة عندما وجدوا تحول نظرته من البرود للاشتعال وهم يسبونه ويلقبونه بالمجنون
ضحكت همس عليهم برقة
حملها أسد من على الفراش وجعلها فوقه كالعادة.

أسد بابتسامة عاشقة: مبسوطة
هزت رأسها لتؤكد على كلامه ثم أضافت
همس بخبث: أيوة مبسوطة بس لسة زعلانة شوية
أسد بحنان وهو يقبل جبينها: وأعمل إيه لملاكى عشان ترضى عنى
همس برجاء: عايزة أول ما أطلع من المستشفى أكون أنا الكبيرة ليوم واحد بس والله
أسد باستغراب: مش فاهم كبيرة إزاى
همس: يعنى أنا أعمل كل حاجة بيعملها الكبار وأبقى دايما أكبر واحدة في السن حتى لو معانا جدو العجوز.

أسد بضحك شديد: عجوز؟ والله أول مرة تقولى الحق مع إنه ناقص شوية بس يلا بكرة تقولى الحق كله، وحاضر يا ملاكى أوامر مجابة، حاجة تانية
همس بنعاس: لأ، سيبنى أنام بقى
تأملها وهي نائمة وملس على شعرها الناعم الحر
الحر؟! هل رأوها هكذا؟! حسنا سيحاسبهم فيما بعد
ظل على حاله من التأمل حتى سقط في نوم عميق لأول مرة منذ أكثر من أسبوع
مرت أيام وهو يدلل ملاكه ويعوضها عن كل شيء.

يعلم أنها سامحته تماما، ولكنها تمثل أحيانا الحزن حتى تضمن أن ينفذ شرطها، غبيةألا تعلم أنه ينفذ ما تقول دون شروط فهى تشير فقط ويأتى لها بالكون
تم كل شيء أعده مع مازن ليرتاح قلبه قليلا
خرجت همس من المشفى بعد إزالة الشاش من قدميها وبعض أنحاء جسدها وتبقت يدها المكسورة فقط
استطاع بصعوبة اقناعها أن ترتاح يومين في المنزل ثم ينفذ شرطها
مر اليومان الإضافيان وهذا اليوم المنشود بالنسبة لها.

استيقظت في السادسة صباحًا على غير عادتها فقد كانت تتعبه كثيرا في إيقاظها
ظلت تنظر له بحب وتتلمس أجزاء وجهه الوسيم سواء حاجبيه الكثيفان أو رموشه المعتدلة لا طويلة ولا قصيرة، أنفه الأرستقراطى المرفوع بشموخ، شفتيه الجميلتان والتي تصبح مثيرة جدا أثناء كلامه
هزت رأسها بسرعة من أفكارها المنحلة في رأيها، فما بالها بأفكار أسدها الخادشة للحياء، بل لكل شيء وليس الحياء فقط!

نهضت بهدوء واستحمت وارتدت فستانا محتشمة باللون الوردى ذو فصوص من الألماس والفضة معا فكانت كالملكة المتوجة ولم تنسى ربط شعرها بالطبع، وضعت طوق له فروع أشجار متشابكة باللون الذهبى
اتجهت إليه توقظه حتى استيقظ أخيرا
فتح عينيه وتمنى لو لم يفعل، كيف سيمر اليوم دون أن يؤذيها، يا الله ألهمنى الصبر حتى تبلغ 18 عاما ثم خذه مرة أخرى، فأنا لن أحتاج له بمجرد أن تكتب على اسمى
أسد بهيام: إيه القمر ده.

ردت بخجل: شكرا يلا بقى قوم متضيعش يومى
أسد بغيرة شديدة: إنتى هتخرجى كده، وبعدين مش اتفقنا تتحجبى
همس برجاء: بالله عليك، انهاردة بس، وبعدين إحنا مش جيبنا طرح ليا
أسد: ماشى انهاردة بس، صليتى الأول
همس: أيوة، يلا بقى خد شاور عشان نبدأ
قام وقبلها من وجنتها ثم اتجه للمرحاض تاركا تلك الهائمة به
أفافت على نفسها: يخربيتك اليوم هيضيع فوقى بقى.

بعدما استعد كل منهما جلسا يمزحان معا ويضعا خططا للمذاكرة حتى تعوض ما فاتها..
أصبحت الساعة الثامنة فهبطا لأسفل للإفطار
تناولاه دون تعليق أى أحد من أفراد العائلة وبالطبع تجاهل منار وحمدى للجميع، يؤلمها تجاهلهما لكن أسدها يعوضها كل شيء
سحبته معها وذهبت للسيارة آمرة إياه أن يذهبوا لمطعم أسبانى، أجلسها على قدمية رغم خجلها كل مرة
في المطعم
جالسان في المطعم الخالى من أى شخص عداهما.

جعلها تجلس على قدميه بالرغم من تذمرها ولكنه أصر
جالس يكتم ضحكته بصعوبة وهو يراها تحاول أن تقرأ بالإسبانية لكنها سالب وليس صفر فقط
همس: بيو، بوى، بيويو، أووووف أنا مش فاهمة حاجة
انفجر ضاحكا هو والنادلة على لطافتها
أسد: ما أنا قولتلك يا ملاكى أساعدك
همس باستسلام: ماشى، لا لا لا لا هات ده هات ده بسرعة
أسد بصدمة: اهدى بس هو إيه اللى هات ده، وإشمعنا ده اللى اختارتيه.

همست له في أذنه وكأنها تخبره أسرار حربية: الكلمة طوييييلة أوى يبقى أكيد الأكلة كبيرة خالص
انفجر ضحكا قائلا: هو أى حاجة كبيرة وخلاص يا طفسة، إنتى عارفة إن اللى اخترتيه ده نوع من السلطات، يا أم وجبة كبيرة خالص
قال آخر جملة وهو يقلدها بسخرية
همس بضيق: أووووف، خلاص اختار إنت بس شوف وجبة كبيرة
أسد بحب: حاضر يا ملاكى.

وهكذا كان اليوم وسط مشاكساتهما وحبهما الخفى فقد اختارت العديد من الأماكن ومنها الملاهى والسينما وغيرها وغيرها
عادا للقصر وهما يضحكان أثناء تشبثه بيدها
كأنها طوق النجاة خاصته
دخلا القصر فسمعا ضحكات عالية في غرفة الصالون
فتح باب الغرفة ليصدم بالجميع يجلس مع، مع جنى، ما الذي أتى بها؟!
ماجد بسعادة: تعالى يا أسد، جنى خلاص وافقت
أسد بصدمة: إييييه؟!
أكثر من أربع سنوات
انقلبت حياة البعض بينما البعض الآخر كما هو
طلق سعيد سمية بعدما وجد استحالة الحياة معها.

حيث علم تخطيطها مع شخص ما لتدمير عائلته، قرر في البداية سجنها ولكنه تراجع، فهى مهما كانت والدة أبنائه وسجنها سيضرهم لذلك تصرف بالطريقة الأمثل وهي أنه أعطاها مبلغا كبيرا من المال مقابل توقيعها على أوراق بعدم التدخل في حياتهم أبدًا أو الظهور والتخلى عن أبنائها، لم يأخذ وقتًا لإقناعها، ولما الوقت مع من يعشق المال..

سافرت سمية للخارج بعد طلاقها وقد قررت الابتعاد خاصة بعد كشف حقيقة مخططها ولكنها لم تفصح عمن يساعدها.

أدركت ترنيم حقيقة مشاعرها تجاه سامر، ولكن قد فات الأوان، فهى زوجة أخيه وهو محرم عليها، استطاعت بصعوبة إقناع شريف بتأجيل الإنجاب فيما بعد بحجة العمل، ولكن الحقيقة أنها أقسمت إذا لم تتزوج من عاشقها فلن تنجب من غيره أبدا، تحاول تجنب سامر قدر الإمكان خوفا من أن يصل بها الأمر للخيانة، ولكنها تفشل، فدائمًا تجد نفسها منصتة لحديثه حتى لو لم يكن مهما، وأكثر ما يخيفها هو أن يلاحظ ذلك فينفر منها أو يفكر بها بشكل سيء.

شريف يعيش حياته بسعادة مع ترنيم بالرغم من المشاكل الكثيرة ولكن حبه يشفع
فشلت رحمة في مهمتها، فسامر لم يقترب منها أبدا منذ زفافه، دائما يعدها بالمحاولة لكنه لا يستطيع ويبتعد فورا، أصبح اليأس يتسلل لقلبها رويدا رويدا، أصبحت شبه مقتنعة أنها مهما فعلت لن تحتل ولو جزء بسيط من قلبه ولكنها مازالت تحاول حتى الآن.

سامر كما هو لم يتغير شيء به أبدا، سوى عشقه لترنيم الذي وللغرابة زاد أكثر وأكثر بالرغم من محاولاته المستميتة لإنهاء عشقه ولكنه كالعادة يخسر في حرب العشق، يشعر بالذنب تجاه رحمة بشدة ولكن يصبر نفسه أنه لم يخدعها بل هي على دراية بكل شيء منذ البداية.

منار وحمدى كما هما أنانيان، لا يفكران سوى بالطعام والشراب فقط، ولكن مختلفان بشيء، فحمدى اتجه أكثر للمخدرات خاصة بعد إعطائه مبلغًا وفيرًا كل شهر من الجد إكراما لحفيدته
أما منار تحاول إغراء أسد كثيرا حتى لاحظ ذلك وهددها فخافت وتراجعت ولكن ذلك لم يمنع بعض المحاولات البسيطة جدا.

جنى كما هي من الداخل؟!، ولكن خارجيا، لااااا، فلولا عمليات التجميل لصارت مشوهة تماما، فكم مرة ضربها لوقاحتها مع ملاكه، قد يكون عقابا صارما بعض الشيء، ولكنها تستحق، فمن يملك قلبا يستحيل أن يحاول حرق فتاة صغيرة، يستحيل أن يسقطها من الدرج، يستحيل أن يحاول تفجير موقد النار في وجه طفلة
نعم، فعلت كل هذا، حاولت كثيرًا قتل همس أو على الأقل تشويهها.

ولكن ذلك الأسد يقف أمامها دائما، يحمى ملاكه من كل خطر، لا يسمح بهبوط دمعة واحدة من قطعتى الثلج خاصتها.

أما أسد، فيكفى القول أنه عاشق، كم سُر بشدة عندما وجد زواجه لا يعيق حياته مع ملاكه الصغير، علاقتهما كما هي لم تتغير أمام الجميع، ولكن بالنسبة له فهو يشعر بتطورها، أصبح يلاحظ شرود ملاكه به، في البداية ظن أنه مجرد شرود في شيء ما لا أكثر، ولكنه يتكرر كثيرا، مستحيل أن يكون عاديًا بتلك النظرة التي يعرفها حق المعرفة، ولما يجهلها وهو من يقع بها كل لحظة، إنها نفس نظرته لها، نظرة العشق والهيام، ليس متأكد ولكنه يظن وهذا أفضل بكثير من عدم المعرفة، مازال هو من يذاكر لها وبالطبع يمنع عنها كل ما يريد أن يعلمها إياه بنفسه على الأرض الواقع، فهذا حقه هو وليس حق مجرد كتاب أو موقع تعليمى، حتى أنهت المرحلة الثانوية، شهور فقط وتلتحق بكلية الهندسة، استطاعت بمساعدته الحصول على أعلى الدرجات.

الآن هي ثانى شخص في العائلة بعد أسد تلتحق بالكلية بمجهودها، وسوف يحافظ على ذلك فقد كتب على الجميع من بعدها ألا ينال هذه الفرصة أبدا، سيبذل جهده أن يلتحق الباقى بجامعة خاصة حتى لو أتى بمجموع عال، طالما ملاكه تدخلت في شيء ما، لا يحق لأحد غيره أن ينال شرفه أبدا.

اليوم هو الموعد المنتظر منذ سنون كثيرة فهمس ستتم الثامنة عشر عاما، ساعات فقط وتصبح ملكه وحده، أخيرا سيتوج حبهما بالزواج المعلن، سيعترف بحبه لها، سيخبرها مدى عشقه، ساعة واحدة، لها الحق في ساعة واحدة أن تستوعب اعترافها وترد عليه، وبعدها يعطيها العمر كله لتستوعب زواجها منه، بالطبع لن ينتظر أكثر من ذلك.

همس الصغيرة، أو لنقل همس الأنثى، تغيرت تماما من الخارج، أصبحت أنثى بمعنى الكلمة مما زاد من حنق أسد وغضبه الشديد، ولكنها كما هي من الداخل ببراءتها وعفويتها وطفولتها.

ازدادت تعلقا بأسد، كلما تعتقد أن هذا أقصى حد لعشقها له تكتشف العكس، حتى اقتنعت أن عشقها لا حد له، بالرغم من خجلها من قربه والنوم في أحضانه، بالرغم من شعورها بالذنب لعصيان ربها، إلا أنه يطمئنها دائما أنه يحل له ذلك، تذهل من ثقته المتناهية في عدم وجود خطأ بقربهما، لكنها تثق به تعشقه بجنون، تدعو دائما أن يكون زوجها في الدنيا والآخرة، ساعات فقط وتتم الثامنة عشر، لن تنتظر أكثر، لن تعذب نفسها أكثر، ستعترف له في حفلة عيد ميلادها، ستخبره عن عشقها وهوسها به، ستنتظر رده، أكيد يكن لها بعض المشاعر، هي تشعر بغيرته وحبه التي من المستحيل أن تكون ناتجة عن أبوة أو أخوة..

ستخبره بحقيقة مشاعرها، إن رفضها ستكون ظله، حتى ولو أجبرته على الزواج منها، ألم يخبرها أن ما تريده كل ما عليها هو أن تأمر ويأتى لها، إذا ستأمره أن يأتى لها، لن تتراجع أبدا، لن تضيع سنوات أخرى في الخجل والخوف.

أما مازن وياسمين فحياتهم كما هي سعادة وسرور، امتنعت ياسمين عن العمل بعد إنجابها مليكة، توسع مازن في عمله أكثر وأكثر حتى أسس شركة محاماة، ظل المسئول عن شركات ضرغام أيضا، يمكننا القول أنهم العائلة الأكثر استقرارًا وتفاهمًا، بالطبع لا تخلو حياتهم من المشاكل ولكن يتم حلها بسرعة دون انتظار أن تكبر وتسبب فجوة في علاقتهم
في غرفة أسد.

مستلقٍ تحتها يتأمل كل شبر بها ابتداءا من حاجبيها المنحوتين بدقة، عينيها التي تشبه القطط منغلقتان على قطعتى الثلج، أنفها الدقيق والصغير برسمته اللطيفة، وجنتيها الممتلئتين كالأطفال وأكثر بلونهما الوردى الدائم والذي يتحول للأحمر عند الخجل أو الغضب، وأخيراً شفتيها، عذابه الأكبر، اليوم يحق له كل شيء، سيملكها قلبا وقالبا، سيضع وسوم ملكيته على كل شبر بها.

خرج من أفكاره على تململها البسيط في أحضانه لتضرب قدميها ركبتيه بخفة
عند هذه الفكرة وظل يضحك بخفة عليها، فملاكه مهما كبرت ستظل قصيرة دائما، رأسها بالكاد يصل لصدره، يعشق ملامحها الحانقة إذا سخر من قصرها
تململت أكثر حتى فتحت عينيها الثلجية التي وقعت عليه لتتنهد بخفة
همس بخجل وسعادة: صباح الخير يا أسدى
أسد بفرحة مشددًا على احتضانها: صباح الجمال يا ملاكى
همس بحماس: طب إيه
أسد وهو يكتم ضحكته بصعوبة: إيه.

همس بحزن: إيه؟! إنت مش عارف انهاردة إيه
أسد: أوووووبس، إزاى أنسى حاجة زى كدة
همس بفرحة: ها افتكرت
أسد: آاه طبعا، انهاردة لازم أصرف المكافأة لكام عامل، بجد شكرا يا ملاكى إنك فكرتينى
نظرت له نظرة قاتلة في رأيها ولكن في رأيه كانت من ألطف إن لم تكن ألطف النظرات التي شاهدها في حياته
انتفضت من مكانها بعنف وهي تسند عليه بشدة لتوجعه ولكن ملامحه كانت باردة لتزفر بحنق وتركض ناحية المرحاض.

همس بصراخ: ابقى اطلع استحمى برة بقى
أغلقت الباب بعنف ليضحك عليها بشدة وعلى طفولتها التي لن تزول أبدا
ذهب لغرفة أخرى ليستحم بها وقلبه يكاد يقفز من الفرحة
الخادمة في الهاتف: أيوة يا فندم، لا متقلقش كله تمام، أيوة هو جهز حفلة خاصة بيهم وأنا قدرت أعرف مكانها، لا متقلقش هقدر أدخله المكان بس كله بحسابه، تمام يا باشا سلام
أغلقت الهاتف معه ثم اتجهت لأعمالها
في غرفة حمدى ومنار
حمدى: معاكى فلوس؟

منار بشهقة: نعععم إنت لحقت تخلص فلوسك ولا إيه، دول أكتر من خمس تلاف جنيه، كله من الهباب اللى بتشمه ده
حمدى بغضب: خلاص جاتك القرف وإنتى ولية خرفانة، غورى مش عاوز حاجة
خرج من الغرفة متجها لأسفل ليبحث عن الطعام فهذا كل ما يفعله
منار بقرف: جاتك ستين مصيبة يا شيخ، يادى النيلة على حظى الهباب، مش كنت اتجوزت راجل زى أسد، يلا ملناش نصيب، بس نحاول تانى معاه يمكن يرضى
في غرفة شريف.

شريف بحزن: ترنيم، إنتى مش حاسة إننا طولنا في موضوع الخلفة ده
ترنيم بحزن عليه: معلش يا شريف، صدقنى مش هقدر أخلف دلوقتى، شوية وقت بس
شريف بتنهيدة: ماشى اللى يريحك يا حبيبتى
في غرفة سامر
رحمة بيأس: إنت عمرك ما هتحبنى أبدا يا سامر
سامر باندفاع مبررًا لنفسه قبلها: صدقينى هنساها وهحبك إنتى، اصبرى عليا بس، وأوعدك لو مش نسيتها هشوف مكان تانى نعيش فيه أنا وإنتى ونكون عيلتنا إحنا بس.

رحمة بابتسامة أمل: بجد يا سامر
سامر: أيوة بجد
نعود مرة أخرى للعاشقين
استحم أسد ودخل غرفته فوجدها ما زالت في المرحاض
أسد بسخرية: مستنى تطلع بسرعة، دا هي في العادى بتغيب لما بتستحمى، ما بالك بقى لو زعلانة كمان، بس يلا كله يهون عشانها
ظل ينتظرها وهو جالس على الفراش حتى مل فخرج للشرفة
في المرحاض.
همس وهي تسب نفسها: غبية متخلفة، إزاي تنسى تاخدى هدوم معاكى، طب أطلع برة ولا إيه، أيوة هطلع هو أكيد لسة بيستحمى برة
فتحت الباب قليلا ونظرت للغرفة فلم تجده لتزفر براحة
خرجت وهي تلف جسدها بمنشفة صغيرة جدا بالكاد تغطيها
شعر بقلبه ينبض بعنف، لا يعلم لماذا، قرر النظر للخلف
وليته لم يفعل، امرأة ذات أنوثة طاغية في غرفته، متى كبرت صغيرته، ألتلك الدرجة كان أعمى أم أنه تعامى حتى لا يفقد صوابه.

يا الله، ظل يقترب منها وأنفاسه يعلو صوتها
صدره يكاد ينتفض وانتشرت الحرارة في جسده
أحست بأنفاس حولها، إنها أنفاسه
استدارت ببطئ تدعو ألا يكون هو، يا الله إنه هو
نظرت له ولحالتها فاحمرت أكثر وأكثر، أصبحت كالفراولة الناضجة المنتظرة قطفها، وبالطبع على يد ذلك العاشق
لحظة واحدة وكان أمامها مباشرة
لم تستطع التحرك، فهو أمامها والجدار خلفها
ظلت أنفاسه تعلو أكثر وأكثر محاولًا التحكم بنفسه.

أغمضت عينيها، تشعر بأنفاسه تحيط بها
كادت تنقطع أنفاسها لكنها أفاقت على صوته المتقطع من فرط المشاعر
أسد بلهاث وتقطع: ثانية واحدة، ثانية واحدة وتكونى اختفيتى وإلا..
اقترب من أذنيها وهمس بكلماتٍ متغزلا بها
احمرت بشدة حتى تعرقت، تمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها من فرط خجلها
لا لن أنتظر أن تنشق الأرض
نفذت كلامه بالحرف، استغرقت ثانية واحدة لدفعه والهروب للمرحاض مرة أخرى.

استندت على الباب من الداخل تلهث وتشعر بحرارة بكامل جسدها
همس: يلهوى، يلهوى، دا طلع قليل الأدب أوى، نهار اسوح أنا مجبتش الهدوم تانى، فعلا سعد زغلول قالها مفيش فايدة، أنا مش هطلع تانى، آااه أنا أخاف على نفسى، بلا عيد ميلاد بلا هبل
أما في الخارج
حاول تهدئة نفسه كثيرا ولكن لا شيء ينفع أبدا، يريدها ويعشقها بشدة
اتجه للمرحاض مرة أخرى ليأخذ حماما باردا علها تهدئ مشاعره قليلا
سمعته يفتح الباب ويغلقه.

همس: يادى النيلة، طب أعمل إيه دلوقتى، ياترى هو برة ولا مشى، أطلع تانى ولا إيه
وأخيراً تشجعت قليلا وخرجت، وهذه المرة نظرت في كل الاتجاهات، زفرت براحة عندما لم تجده اتجهت بسرعة لغرفة الثياب
ارتدت فستانا وعليه الحجاب وانتظرته ليعود فقد نبه عليها كثيرا ألا تهبط لأسفل بدونه أبدا
بعد استحمامه مرة أخرى دخل عليها.

لم تسمح له بالنظر حتى فسرعان ما أتى انطلقت من أمامه لأسفل وهي خجلة بشدة لينفجر ضحكا على ملاكه البرئ
هبطت لأسفل وجلست على مقعدها بعدما أقنعته بصعوبة أن تجلس بجانبه لا على قدميه
جاء بعدها مباشرة وجلس هو الآخر بجانبها
تناولوا طعامهن بصمت وسط نظرات جنى الحاقدة تجاه همس المستمتعة
فكم تعشق أن تغيظها
مال عليها هامسًا
أسد بخبث: شايفك مستمتعة أوى بنظراتها
همس بتوتر: ها هي مين دى، وبعدين أنا مالى بجنى.

أسد بضحك على صغيرته الحمقاء: هههه وهو أنا جبت سيرة جنى
نظرت له بحنق ثم أكملت طعامها متجاهلة إياه
لم ولن تنسى عدم تذكره عيد ميلادها
لم يعجبه تجاهلها ليقرر أن يخجلها
أسد بهمس وهو ينظر لها بجراءة: بس مقاساتك كبرت أوى يعنى، عشان كدة مش عايزانى أشتريلك هدوم، صحيح مقاساتك بقت كام دلوقتى ولا أخمن أنا على حسب اللى شوفته
أنهى كلماته بغمزة لتشهق وتبثق ما كانت تحتسيه ليتجه لجنى.

انفجر ضاحكا عليها بينما لم تستطع جنى التكلم فقد لاحظت نظرته نحوها كأنه يتحداها أن تتفوه بكلمة
نهض وقبل جبين ملاكه وذهب للشركة ولأول مرة يطلب منها ألا تأتى معه مما أحزنها أكثر
قضت يومها بملل شديد حتى جاء الليل ولم يحضر أسد بعد، قلقت عليه بشدة
همس بتوتر وخوف: هو أتأخر ليه، يا رب تحميه يا رب أنا مق..
لم تكمل كلامها بسبب طرقات الباب
ارتدت حجابها وفتحت الباب
همس بإستغراب: إنتو مين.

إحدى الفتيات: أستاذ أسد بعتنا عشان في حفلة هيحضرها وحضرتك هتحضريها
همس بتمتمة وحنق: نانانا شاطر يحضر حفلات غيره وبس لكن إنه يعايدنى حتى، لا طبعا إزاى مينفعش
دخلت الفتيات ووضعوا لها المكياج الذي لأول مرة يلمس وجهها النقى، وارتدت الفستان بعدما ظلت مدة طويلة فاتحة فمها وهي منبهرة من جماله فبالرغم من بساطته إلا أنه كان رائعا فهى تعشق البساطة كما أنه اختار لونا يظهر عينيها بشدة.

إحدى الفتيات بإعجاب: وااااو ما شاء الله عليكى إيه الجمال ده، إحنا كده خلصنا
هزت رأسها وهي شاردة في نفسها أفاقت على سائقتها التي تخبرها أن السيارة جاهزة لنقلها
اتجهت همس للسيارة وتحركوا للحفل كما تعتقد
توقفت السيارة أمام فيلا شديدة الجمال والأناقة تتكون من طابق واحد أرضى ولكنها واسعة بشدة
ترجلت من السيارة وهي محتارة من عدم وجود أى شخص حتى وجدت ممرا به ورود
فقررت أن تسير باتجاه الورود حتى وصلت إلى غرفة.

فتحت الباب ببطئ لتتفاجئ بما رأته
غرفة مليئة بالورود والشموع والزينة
وأكثر ما جذب انتباهها هي تلك الجملة على ذلك الفراش
(أكتفى بك)
دق قلبها بعنف تدعو ألا يخيب الله ظنها أبدا
وفجأة خرج سارق قلبها من مكان ما ليظهر أمامها بطلته الرجولية التي ترهقها ببذلته السمراء المحددة عضلاته وذلك المنديل بنفس لون ثوبها.

اقترب ببطئ منها وقد أقسم أن الفستان لم يكن بهذا الجمال إلا عندما ارتدته هي، مالكة قلبه وعقله وروحه ونفسه
ظل يقترب منها وهما مغيبان وفجأة علت موسيقى هادئة رومانسية
انحنى لها كالملوك يمد يده
أسد بهمس: ملاكى تقبل تدينى الشرف إنى أرقص معاها
قدمت يدها له دون اعتراض كأنها آلة عليه السمع والطاعة، ولما لا فقد قدمت روحها وقلبها من قبل
وضع يده على خصرها ورفعها لتقف بقدميها فوق قدميه لتعلو ولو قليلا.

أسد بهمس في أذنها: كل سنة وملاكى معايا، كل سنة وملاكى في حضنى
هنا وأفاقت من كل شيء لتحتضنه بشدة تبكى وتضحك في نفس الوقت
أبعدها عنه برفق يزيل دموعها بشفتيه
أسد بعشق وحنان: اوعى تنزل دموعك أبدا حتى لو دموع الفرح، أنا هنا أبكى وأزعل مكانك، وإنتى افرحى واضحكى مكانى
نظرت له بوله وهما يرقصان على الموسيقى
أسد وقد قرر عدم الانتظار أكثر: ملاكى أنا، أنا..
توقف عن الكلام بعدما سمع تأوه ضعيف منها.

نظر لها باستغراب سرعان ما تحول لصدمة وفزع وهو يشعر بسائل دافئ تحت يديه، وملاكه الصغيرة تنهار وقد أسندت كامل جسدها على صدره
رفع يده ببطئ ناحية وجهه ليجدها ملطخة بالدماء
أفاق على سقوط ملاكه فأسرع بالتقاطها
ظل ينظر لها بفزع
لما لا يخرج الكلام من حلقه، يريد التحدث، يريد الصراخ، لا يستطيع، كل ما يفعله هو الارتعاش، والبكاء، و، والموت معها
همس بصوت ضعيف: بعشقك
ثم أغمضت عينيها بسلام
هنا وخرج صوته أخيرا.

أسد بصراخ وهو ينتفض بشدة: ملااااااااااااكى.
أسد بانهيار وصراخ: ملاااااكى، لااااا.
ظل يصرخ باسمها ويهز رأسه بجنون رافضا فكرة موتها حتى تعب وجرحت حنجرته كما تعب قلبه
شد عليها، ضمها كأنه يتمنى ادخالها بين ضلوعه.

أسد بضعف وبحة من كثرة الصراخ وشلالات من المياه تتدفق من عينيه: ملاكى، أرجو، كى متسبينيش، أنا هموت من غيرك، أنا لسة عايز أعترفلك بعشقى ليكى، أنا مهووس بيكى من أول لحظة، كنت دايما بقنع نفسى إنى أبوكى وبس، بس مقدرتش، مجرد إنى أفكر بالطريقة دى كنت بتعذب وأموت ببطئ، كنت دايما أمانك وحمايتك، أنا بعشق كل حاجة فيكى، حتى أنفاسك، بعشقها، كنت، كنت دايما بستناكى لما تنامى وأقرب منك، كنت بقرب منك وأتنفس أنفاسك، كنت بحس بشعور غريب لما بتنفسهم، قومى يا ملاكى، قومى عشان خاطرى، طب، طب هجيلك أنا، خدينى معاكى، أنا لو قتلت نفسى هتحرم منك في الجنة، فخدينى إنتى، يارب، يارب خدنى ليها يارب، مقدرش أعيش من غيرها، يلا يا ملاكى قومى، يلااا قووومى.

قال آخر جملة بصراخ وقد عاد لانهياره وجنونه مرة أخرى ظل يعنفها ويصرخ في وجهها أن تقوم لكن لا حياة لمن تنادي
أسسد
قالها شريف بصراخ وصدمة وهو يبعده.

أسد بغضب وصراخ أكثر وأكثر: ابعد عنا، سيبنا لوحدنا، سيبونى معاها، أنا بكرهكم كلكم، عايزين تبعدونا لييييه، لييييييه، شريف أرجوك قولهم إنها بتحبنى والله العظيم بتحبنى يا شريف، هي، هي قالت إنها بتعشقنى مش بتحبنى بس، أنا متفق مع المأزون هروحله كمان ساعة عشان، عشان أتجوزها شرعى، ابعد يا شريف أكيد مستنى، لازم اتجوز ملاكى، لازم
لحظة واحدة وتحرك وجهه للجهة الأخرى بعدما صفعه شريف.

شريف بصراخ: اصحى وفوق بقى البنت هتموت
وكأنه كان ينتظر تلك الصفعة ليدرك ما هو فيه
قام بسرعة يحملها بين يديه منطلقًا خارج الفيلا
أسد بصراخ لشريف: افتح الباب بسرررررعة
ركض شريف وفتح باب السيارة الخلفى
أسد بانهيار: سوق إنت، أنا مش قادر وأعصابى بايظة
شريف: حاضر اركب بسرعة.

ركب وهو حامل ملاكه على قدميه يحتضنها بشدة، يخبرها كم يعشقها، يترجاها أن تستيقظ وتحتضنه، يتأسف لها ندما، يسمعها ما تمنى أن يسمعها إياه وهي واعية، يبكى ويصرخ كلما تذكر كيف سقطت بين يديه، يطلب منها أن تغفر له خطأه، فهو لم يستطع حمايتها
أسد بصراخ وغضب وقد احمر وجهه وعينيه: يلا بسرعة يا شريف
شريف: أهو، خلاص وصلنا
أسرع أسد بفتح الباب وحملها متجها لداخل المشفى وهو يصرخ
أسد: ساعدووونى بسرعة.

ولحسن حظه أن طبيبة هي المسئولة عنها
أسد بصراخ ممسكًا كتفيها: قسما بربى..
لو مطلعتش سليمة من العملية ليكون فيها موتك إنتى وعيلتك كلهم، فاهمة
الطبيبة: بس دى بتمو.
قاطعها صارخا: فااااااهمة
الطبيبة بخوف: فاهمة فاهمة
أسد: ممرضات، مش عايز جنس راجل معاها في الأوضة
الطبيبة بزهق: حاضر، ممكن أشوف المريضة
أخذوا همس واتجهوا لغرفة العمليات
ليقع أمام الغرفة صارخًا مناديًا اسمها.

يبكى بهستيرية وقد بدأ جسده بالارتجاف وظل يلهوس بعدة كلمات غير مفهومة
شريف مواسيا: اهدى يا أسد مينفعش كدة، متنساش إنت أمانها، لازم تكون قوتها دائما
وهنا تذكر وعده لها بعدم الانهيار أبدا، أن يظل جبلا شامخا
قام وجلس على إحدى المقاعد أمام الغرفة ومازال جسده يرتعش وينتفض بشدة
تقدم شريف واحتضنه وهو يواسيه: متقلقش والله هتكون كويسة، إنت مش بتقول إنها اعترفت بحبها ليك، يبقى أكيد مش هتسيبك، أنا متأكد.

نظر له كالطفل الصغير الضائع الذي وعده شخص بأن يرجعه لأمه
أسد بأمل ودموعه تجرى كما لو كانت بسباق: بجد
شريف بابتسامة: أيوة بجد، أنا اتصلت بجدى وعرفته اللى حصل
نظر له بارهاق ثم أرجع رأسه للخلف واسندها على الحائط
أغلق عينيه عل الدموع تتوقف ولكن لا، وكأنها تحالفت مع جسده المرتعش واتفقوا ألا يتوقفوا، يحتاجها بجانبه، يحتاج أنفاسها..

الجميع يظن أنه أمانها وقوتها، ولكن الحقيقة العكس، فالأمان والقوة يعنى ملاكه، كلمة منها تقويه، كلمة منها تشعره بالأمان، ولكن هل انتهت الكلمات الآن لينتهى معها الأمان
حرك رأسه بهستيرية ورفض قاطع لأفكاره، لن تتركه أبدا، لن تخذله، حتى لو فعلت..

ربه لن يخذله، لقد دعا ربه كثيرا أن تكون ملكه وحده، أن يموت وهي زوجته أمام الجميع، مختومة بملكيته، متأكد أن الله معه دائما، هو من يستطيع حفظ ملاكه، لن يضيع وقته في البكاء والانهيار
اتجه للخارج وذهب لمسجد قريب.

يدعو ويناجى ربه أن يحفظ ملاكه ويرجعها له، توسل الله ألا يأخذ أمانته الآن، توسله أن يأخذهما معا في نفس اللحظة وهما بأحضان بعضهما، توسله أن يتركها له حتى يتزوجها ثم يأخذهما معا عنده، لاتهمه سوى الآخرة ونعيمها، ولما ستهمه الدنيا التي تفرقه عن ملاكه، الشيء الوحيد المهم بها هي ملاكه، وملاكه فقط
في القصر
الجد بحزن وقد ترقرت عينيه بالدموع: حفيدتى انضربت بالنار.

صدم الجميع وحزنوا بينما بكت ترنيم ورحمة على تلك الملاك اللطيف وسط فرحة جنى ولامبالاة منار وحمدى سوى خوفهما أن تموت فينتهى النعيم
الجد: يلا كلنا هنروح المستشفى
منار بكذب: معلش يا حج أنا تعبانة ومش هقدر أروح
حمدى وقد انتهز الفرصة: وأنا مش هقدر أسيب منار لوحدها
نظر لهما بقرف واتجه لأعلى هو والآخرون ليجهزوا أنفسهم بينما ظلت جنى في القصر وقد عزرها الجد فمن تقبل أن تطمئن على عشيقة زوجها.

انتهى من صلاته واتجه مرة أخرى للمشفى ولكن بشكل مختلف
كم أحس بالسكينة والراحة، عادت له ثقته أن ملاكه لن تتركه، بالطبع يوجد خوف بداخله ولكنه خف بدرجة كبيرة، ولما لا، فالله لا يخذل عباده أبدا
اتجه لموضع جلوسه سابقا منتظرًا خبر إفاقتها، لن يسمح بغير ذلك
بعد عدة دقائق حضرت العائلة ولكنه لم يهتم بل حتى لم يبذل جهدا في الرد عليهم، يوفر جهده لها عندما تستيقظ
سامر: متقلقش يا أسد بإذن الله خير.

نظر له شريف بنظرات مبهمة مبطنة باتهام أو شيء من هذا القبيل ليستغرب سامر ولكنه لم يعلق
مرت نصف ساعة أخرى وقد بدأ التوتر يزداد وسالت الدموع من عينيه من جديد، لما التأخير؟!
وكأن الطبيبة سمعته فحققت أمنيته لتخرج
ركض بلهفة ناحيتها
أسد بخوف: ملاكى مسبتنيش صح.

الطبيبة بابتسامة: متقلقش يا فندم الحمد لله هي كويسة ولحسن حظها إن الرصاصة مش أذت ولا قلبها ولا العمود الفقرى، دقايق وهتخرج من العمليات بإذن الله بس أهم حاجة الراحة وإحنا هننقلها لمكان معقم بعيد عن الفيروسات عشان جسمها ضعيف
زفر براحة وقد أنهكه التعب، نزل على الأرض وسجد لربه
يشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى
دقائق بسيطة وخرجت على (الترولى)
اتجه لها بسرعة وقبل جبينها ويديها وهو يبكى
ثم قبل وجنتيها.
أسد بهمس مملوء بالشجن والعشق معا: بعشقك يا أحلى وأنضف حاجة في حياتى كلها
أخذتها الممرضات للغرفة الأخرى بعدما أذن لهن
ما إن ابتعدت حتى تحول تماما
أصبح شيطانا على الأرض بنظراته تلك
أسد بغضب: قسما عظما، لأنتقملك يا ملاكى من اللى عمل فيكى كده
شريف بتوتر: أسد بصراحة في حاجة لازم تعرفها
أسد بجمود: إيه
أخذه شريف لمكان بعيد عن العائلة.

شريف بتنهيدة: قبل ما أجيلك جاتلى خدامة وقالتلى إن في خدامة جديدة غريبة في تصرفاتها..
وغير كدة بتلم في هدومها من غير ما تعرف حد، أنا قلقت بصراحة فقررت إنى أحبسها يمكن يكون وراها مصيبة، وفعلا، بعد ضغط وتهديد كتير اعترفتلى إن في حد كتبلها شيك بمبلغ كبير مقابل إنها تساعده في إنها تعرف المكان اللى إنت عامل المفاجأة فيها، وهي قدرت تجيبه بسهولة لأنها هي اللى جابت طلبات المفاجأة ووصلتهم للفيلا.

أسد والشرر يتطاير من عينيه: هي فين
شريف: في المخزن القديم بتاعنا
اتجه أسد بسرعة لذلك المكان دون إنتظاره
دخل أسد ليجد الخادمة مقيدة وعليها علامات الضرب
وبدون سابق إنذار هجم عليها بالصفعات حتى كادت أن تنفصل رأسها عن جسدها
أمسك شعرها بقوة بين يديه وهو يشده
أسد بغضب: من غير كلام كتير مين اللى وراكى
الخادمة بخوف وبكاء: مفيش، آااااه.

صرخت بشدة بعدما هجم عليها بالضرب المبرح وكل ما يراه مشهد وقوع ملاكه بين يديه والدماء تتدفق منها بغزارة
أسد بصراخ: خلصى يا بنت، مين وراكى يا، قولى بدل ما أقتلك
الخادمة ببكاء: هقول والله هقول، اللى خلانى أعمل كدة هو، هو سامر بيه
أسد بصدمة: إيه، إنتى كدابة.

شريف بحزن: للأسف يا أسد هي مش كدابة، أنا اتأكدت من كده، فعلا كان بيكلمها ولما دورت وراه لقيته كان بيكلم سعد الدمنهورى قبل ما يموت وتقريبا كان بيتفق معاه على إنه يديله ملفات مقابل إن سعد يساعده يدمرك
أسد بصدمة: لا لا لا، مستحيل
انطلق بسرعة لسيارته ثم شرد في ذكرياته مع سامر صديق طفولته، كيف خانه، كيف فعل هذا.

أمسك الهاتف: ألو، أنا أسد ضرغام، عايز أبلغ عن سامر ضرغام ابن عمى في محاولة قتل همس حمدى الزيات، هو موجود دلوقتى في مستشفى، وفي واحدة ساعدته هتلاقوها في مخزن خاص بينا في ---------
أغلق الهاتف، يريد قتله ولكن هناك جزء يخبره أنه من المستحيل أن يكون هو، الآن الحل الأمثل هو السجن، إذا ظل طليقا قد يقتله
اتجه للمشفى وبمجرد دلوفه وجد عائلته كما هي.

انطلق تجاه سامر بخفة ثم انقض عليه بالضرب المبرح غير عابئ بصراخ كل من حوله
جاء شريف فدفع أسد عن أخيه
شريف بحزن: أرجوك يا أسد متنساش دا أخويا وابن عمك
أسد بغضب: ابن عمى؟! وهو لو كان عامل اعتبار لده كان حاول يقتل ملاكى، يحمد ربنا إنى شفعتله واكتفيت بسجنه
الجد بغضب: إنت بتقول إيه يا أسد
أسد بصراخ: بقول الحقيقة، البيه حفيدك الكبير هو اللى حاول يقتل ملاكى وكان بيخطط إزاى يدمرنى.

الجد بغضب: الكلام ده صح يا سامر، انطق
لم يتفوه بكلمة واحدة حتى فاتجه الجد له وصفعه على وجهه
ماجد: مش عايز أشوف خلقتك تانى
وفي تلك اللحظة جاءت الشرطة واتخذت كل الإجراءات، رفض سامر الكلام فثبتت التهمة عليه، أخذوه الشرطة وسط بكاء شريف ورحمة وسعيد و، وترنيم!
ترنيم بغضب: إنتوا إزاى قدرتوا تصدقوا الكلام ده، أنا متأكدة إنه برئ
قالت تلك الجملة وركضت للخارج، لم يملك شريف القدرة على اللحاق بها، فيكفى ما هو فيه.

مر يومان منع فيه من رؤية ملاكه، كاد أن يرتكب اكثر من جريمة لرؤيتها لكنه يتراجع فالأهم صحتها وتعرضها لأى شخص قد يسبب لها المرض بسبب جسدها الضعيف، أخذ غرفة بجانبها ينام بها طوال اليومين، فإن لم يكن معها بنفس الغرفة على الأقل بنفس الطابق
الجميع حزين على ما حدث وهم لا يصدقون كيف يفعل سامر شيئا كهذا؟ وما الذي دفعه؟
ساءت حالة ترنيم كثيرا، ضعفت وأصبحت بالكاد تأكل بضع لقيمات في اليوم الواحد.

علمت سمية كل ماحدث عن طريق التلفاز والجرائد ظلت تهز رأسها بنفى وهي تبكى بشدة وقد قررت العودة مرة أخرى علها تصلح الأمور
بإحدى أقسام الشرطة حيث وضع سامر حتى يأتى معاد جلسته
اتجه سامر لمكتب الضابط ليرى زائره
وكانت المفاجأة ترنيمة قلبه في انتظاره، إذا قتلوه الآن فسيصبح اكثر من سعيد، معشوقته أمامه، بالرغم من الاسمرار تحت عينيها وشحوبها إلا أن فتنتها كما هي.
تركهم الضابط بمفردهم.

بمجرد خروجه انفجرت ترنيم في البكاء وهي تشهق بعنف وقد احمر وجهها
لم يستطع تمالك نفسه أكثر من ذلك
اتجه ناحيتها بسرعة واحتضنها بل اكتسحها، فكانت بالنسبة له طوق النجاة الذي يهلك بدونه
ظلت تبكى وتشد على أحضانه أكثر وأكثر حتى هدأت تماما
ابتعد سامر عنها بعدما تذكر أنها زوجة أخيه
سامر بجمود مصطنع: إيه اللى جابك يا مرات أخويا
أغمضت عينيها لثوانى ثم فتحتهما ونظرت مباشرة في عينيه مما أربكه
ترنيم: بعشقك.

صدم بشدة، ماذا؟!
هل هو يحلم ام ماذا، هل يوجد شخص أمامه فعلا، هل هي رحمة وهو يتخيلها ترنيمته، لا لكان شعر منذ أن احتضنها، إذا ماذا يحدث، هل أنا شريف. توقف أيها الغبى كيف تكون شريف؟!
أخرجته من أفكاره وهي تردف بقوة وثقة: أنا بعشقك، ومتأكدة إنك برئ ومعملتش حاجة..

حتى لو الكون كله قال إنك مذنب، أنا هقف في وشهم كلهم، أنا هطلق من شريف لإنى مش هقدر اكمل معاه وأنا بحبك إنت، لو مش بتبادلنى نفس المشاعر أوعدك إنى هبعد، زى ما بوعدك إنى هكون ملكك لو بتحبنى ولو واحد في المية من حبى ليك هجيلك تانى يا سامر سلام وهتوحشنى أوى
خرجت بسرعة من الغرفة ودقات قلبها تقرع كالطبول، أخيرا اعترفت له
بينما هو، لا أستطيع كيف أصفه، لولا السقف فوقه لطار من الفرحة، ترنيمة قلبه تعشقه.

يعلم أنه أنانى، يعلم أن ذلك سيجرح أخاه، لكنه يستحق، كما أنه من بدأ وأخذ قلبه منه، ولكن الآن هي من جاءت له بقدميها ولن يتركها أبدا
في المشفى
عادت ترنيم وجلست مع العائلة متجاهلة سؤال شريف عن مكان رحيلها
مرت ساعة تقريبا ووجدوا سعيد انتفض في جلسته فجأة وهو ينظر بذهول أمامه
تطلعوا إلى ما ينظر له، فتفاجئوا بسمية في أسوأ حالاتها، تبكى بانهيار شديد.

تقدمت منهم تحاول التحدث ولكن لا تستطيع فسواء تحدثت أو صمتت ستخسر لا محالة.
سمية بصراخ: مش سامر، شريف هو الخاين، هو اللى عمل دا كله
شريف: في إيه يا ماما، أنا عارف إن اللى سامر عمله غلط والصدمة مأثرة عليكى بس أن..
سمية بصراخ مقاطعة إياه: أنا أيوة مصدومة، بس مش من سامر، لأ منك إنت، إزاى قدرت تعمل في أخوك كدة، أنا اللى غلطانة، أنا اللى عملت فيكوا كده، ياريتنى خدت بالى منكوا، كان زمانك مش كدة، كانت سمر بنتى زمانها عايشة، يا ريتنى ما شجعتك على اللى بتعمله، آاااه ياربى.

سعيد بصدمة: شريف الكلام ده صح ولا لأ
ماجد: إنت بتقول إيه يا سعيد الكلام غلط طبعا، إنت هتصدقها ولا إيه، كلنا عارفين إن سامر هو السبب في كل حاجة
أسد ببرود: وليه مش شريف السبب في كل حاجة؟
ماجد بصدمة: نعم!

أسد بغضب: سمية مش غلطانة، شريف السبب في كل حاجة فعلا، بس بصراحة إنت لعبتها صح يا شريف، تدى الخدامة فلوس عشان تعرفك المكان اللى هحتفل بيه مع ملاكى، وما شاء الله على دماغك، قولت بدل ما أخليها تهرب بعد المهمة ما تخلص، لأ أستفيد منها أحسن، وقولت يا ترى مين أكتر عدو ليا عشان تلبسه المصيبة.

أكيد أنا، صح، بس مش هينفع لإن أسد بيعشق ملاكه ومستحيل يأذيها، طب يا ترى مين تانى أكتر عدو ليك، سامر، سامر هو العدو التانى ليك مش كدة برضو ولا انا غلطان
شريف بتوتر وبدأ يعرق: إنت، إنت بتقول إيه، إزاى، إزاى أضر أخويا
أسد: وليه لأ، مش دا سامر اللى بتغير منه دايما، مش دا سامر اللى إنت مفكر إن عيلتك بتفضله عليك.
ولو حتى دى مش أسباب كافية، أظن سعد الدمنهورى سبب كافى جدا إنك تخلص منه.

سعيد باستغراب: سعد الدمنهوري؟! بس دا مات.

أسد: اتقتل، اتقتل مش مات، شريف كان متفق مع سعد إنهم يتعاونوا ويدمرونى بس حظه إن سامر سمع المكالمة، أول ما سامر عرف راح لسعد واتفق معاه إن سعد يقوله كل حاجة شريف بيخططلها مقابل كام صفقة وملف من عندنا، سامر كان مطمن لإن الملفات دى مش هتضرنا أوى لكن هتفيد سعد جدا خاصة إنه تقريبا كان فاضل كام يوم ويعلن إفلاسه، وفعلا سعد وافق وبقى بينقل كل الأخبار لسامر، بس للأسف حصل خلاف بين سعد وشريف، فشريف قتله وبعدين رشى الدكاترة وكل الخدم في إنهم يقولوا إن سعد مات بسكتة قلبية، صح كلامى ولا في حاجة غلط يا شريف بيه.

- صح طبعا يا أسد
تطلع الجميع إليه بصدمة واستغراب عدا ذلك المبتسم ببرود وهدوء يحسد عليه
اتجه سامر لشريف ثم صفعه على وجهه
فلاش باك.

خرج أسد من المخزن غاضب بشدة، حمد ربه أنه وضع حراسة مشددة على غرفتها اكثر من ستة أشخاص ولكنهم يعادلون مئة من البشر العاديين في قوتهم وضخامتهم، أقسم على قتل سامر، ولكن ليلعبا القط والفأر قليلا، فكم يتلذذ عند رؤية عدوه يفر هربا وفزعا، خاصة إذا أذاه في أعز ما يملك، وما أعز ما يملك غير ملاكه
اتصل بسامر الذي رد فورا
سامر بسرعة: إنت رحت فين يا أسد إنت وشريف، مش عارف إن حياتك في خطر؟!

أغمض عينيه بشدة، كيف يستطيع الكذب بتلك الطريقة، كيف خدع أخاه وصديقه وابن عمه
أسد بغضب: قصدك روحت فين من غير متعرفنى عشان أبعت حد لعندك يقتلك ويخلص عليك
سامر بذهول: إنت بتقول إيه يا أسد؟!
أسد: بقول الحقيقة، خطتك فشلت يا بيه، شريف عرف كل حاجة وقالى، وحاول تهرب قبل ما أجيلك، خلينى استمتع اليومين اللى ملاكى بعيدة عنى فيهم
سامر بسرحان: شريف، إزاى
قص عليه كل شيء، لا يعلم لماذا، ربما أراد اعطائه فرصة ليبرر.

أضاف سامر بسرعة بعدما أدرك كل شيء: أسد أقسملك ولا حاجة من دى صح، شريف هو اللى خطط لكل حاجة، صدقنى
أسد: هو قدملى الدليل، قدملى إنت كمان دليل
سامر: حاضر، اقفل والدليل هيوصلك
أغلقا الهاتف، ثوان قليلة ووصلت رسالة
فتحها وتفاجأ بتسجيلات لشريف وهو يتفق مع سعد ضده، وتسجيل آخر يتفق فيه سامر مع سعد أن يساعده في إفشال مخططات شريف
أغلق الرسالة بصدمة ثم تدارك نفسه.

بالرغم من صدمته الشديدة ولكنها أهون لو كان سامر المذنب، دائما لا يطمئن لشريف ولكن يعامله جيدا حتى لا يشعره بالنفور
اتصل أسد بسامر
أسد بحزن وقد أنهكه التعب: آسف يا سامر إنى شكيت فيك
سامر بلين: ولا يهمك يا أسد أى حد مكانك كان صدق
أسد باستغراب: ليه مقولتليش من الأول دا فات عليه سنين.

سامر بتنهيدة: لإنه أخويا يا أسد، وأنا فكرت إنه بعد ما مات سعد كل حاجة انتهت، أنا راقبته لمدة طويلة بعدها ومكانش بيعمل حاجة، فقولت إنه ندم بس للأسف طلع العكس، وبعدين أنا لو كنت أعرف إنه قتل سعد كنت طبعا قولتلك لكن أنا فكرته مات بسكتة قلبية زى ما الكل فكر كدة، من كام يوم عرفت بالصدفة إنه هو اللى قتله لما كان بيتكلم مع القاتل ده واللى تقريبا هو اللى حاول يقتل الصغيرة كمان.

أسد بتفكير: سامر، حضر نفسك، نص ساعة أو أقل والبوليس هيكون عندك، وقبل ما تسأل، إحنا هنكمل كل اللى هو عايزه، أنا هبلغ عنك ولما حد يسألك متردش عليهم ودا هيدينك وهيفكروا إنك إنت اللى خططت لكل ده
سامر باستغراب: بس ليه
أسد: لو اعترفنا عليه، مفيش دليل، والتسجيلات دى ملهاش لازمة ولا في محاولة قتل ملاكى ولا في قتل سعد، كلها من غير إذن من النيابة، ولو كشفناه دلوقتى ممكن يعمل أى حاجة، دا ممكن يقتلك.

سامر: تمام بس لحد امتى
أسد بتنهيدة: لغاية لما أشوف طريقة أخليه يعترف بكل جرايمة، يلا سلام
سامر: سلام
أغلق الهاتف متوعدًا لذلك الشريف
اتصل بالشرطة وتصنع الغضب وهو يبلغ عن سامر
باك
صدم الجميع، شريف؟!، كيف؟!، كان دائما الفتى المطيع المرح، ماذا تغير؟!
أسد: بس سمية هانم سهلت عليا المهمة دى جدا، كان زمانى لحد الآن لسة بفكر إزاى ألاقى دليل ضدك
انفجر ضاحكا كالمجنون آخذًا أنفاسه بصعوبة وقد احمر وجهه.

شريف بجنون: ههههه، صح صح، لا بجد أبهرتونى، طلعت دماغكم هي اللى عالية.

ثم أضاف بغضب وحقد شديد: أيوة، أنا عملت دا كله، عارفين ليه، عشان مش اشتغل وأتعب وفي الآخر أكون تابع لأسد وسامر، طول عمركم بتحبوهم هما وأنا لأ، الفلوس اللى بطلبها باخدها بالعافية، لكن هما، هما مبيطلبوش أساسا، ويطلبوا ليه وهما معاهم فلوسهم الخاصة، حتى مكتبى أصغر من مكاتبهم، كلهم يبقى عندهم موظفين وسكرتيرة يتحكموا فيهم، وأنا أبقى مجرد موظف يتحكموا فيه، مقدرش آخد أى قرار سواء في حياتى أو في الشركة إلا بموافقتهم، إنتو السبب.

ماجد بصراخ: اخرس، إحنا عمرنا ما حرمناك من حاجة، إنت اللى كنت مستهتر، كل يوم تطلب فلوس وبالألوفات وإنت شغلك ميكملش مبلغ يومين من اللى بتخدهم، وفلوسهم دى جايبينها بمجهودهم هما، بشغلهم وتعبهم
شريف بصراخ: طب وسمر أختى ليه تموت، كل ده بسبب أسد، لو كان اتجوزها وحبها هي مكانش دا كله حصل
وسمية هانم اللى أول ما أخدت الفلوس باعت ولادها ومشت.
ذإنتم مفكرين إنها بريئة، لأ، دى كانت متفقة معايا في كل حاجة من أول تسنيم لغاية ما مشت وسابتنى
تسنيييييم، ههههه، والله وحشتنى، الغبية كانت هتكشفنى بس أنا كنت عامل حسابى، كنت دايما معين حد يراقبها لو اتنادلت معايا أو حاجة وفعلا عملتها، ال كانت هتعترف عليا بس أنا قتلتها
وسعد، مفكرين إنى ممكن أقتله عشان خلاف بسيط، لأ أنا كنت ممكن أحل الخلاف ده، بس من غبائه ملاحظنيش وأنا بحط كاميرا في مكتبه.

كنت دايما بسمعه بيتكلم مع حد عنى، لغاية ما غلط ونطق اسم سامر وساعتها عرفت إنه بيخونى فقتلته، أما سامر، ها فكنت متأكد إنه مش هينطق لو لقانى هديت وبطلت أحاول أدمرهم، بس أبدا أنا عمرى ما هديت ولا ههدى إلا لما اقتلكم كلكم وآخد فلوسكم، لإنها حقى أنا
أسد: آه آه طبعا حقك إنك تدور على الفلوس بس لما تخرج من السجن الأول
صدم شريف والجميع بدخول الشرطة.

اتجه الضابط إليه قائلا: إنت مقبوض عليك في جريمة قتل سعد الدمنهوري وتسنيم رياض ومحاولة قتل همس حمدى وإحنا معانا تسجيل بكل كلامك
شريف بصدمة: إيه لا لا لا، مستحيل، مستحيل
أسد بضحكة: لا حقيقة، أنا اتنازلت عن القضية اللى رفعتها على سامر من بعد نص ساعة بس من لما خدوه، يعنى تقدر تقول كان بيتفسح هناك عند ظابط زميلنا، ومتقلقش هنوصى الظابط ده عليك أوى.

استمر في الهذيان والصراخ وهم يأخذونه عنوة حتى توقف فجأة وضحك من جديد بهستيرية
استدار لهم قائلا: صحيح رحمة فين مش شايفها يعنى
سامر باستغراب: وإنت مالك بيها
شريف بسخرية: لا مالى أوى مش هي برضو تبقىعشيقتى
سامر بذهول: عشيقتك؟!، عشيقتك إزاى؟!

شريف: أصل اللى متعرفهوش إن رحمة دى مجرد مومس أنا نضفتها ورميتها عليك، خليتها تقرب منك عشان تعرف إنت بتخطط لإيه ويمكن تحاول تبعدك عن ترنيم، بس الغبية معرفتش تعمل أى حاجة من الاتنين، يا خسارة الفلوس اللى صرفتها على عمليتها عشان أرجعها بنت بنوت، بس بت اللعيبة عرفت تهرب منكم أول ما سمية هانم دخلت
هجم عليه سامر بعصبية يركله ويضربه حتى أبعده أسد
جاءت الشرطة لتأخذ شريف ولكن اوقفتهم ترنيم.

ترنيم بجمود ودموعها تتساقط: استنوا
اقتربت من شريف ثم صفعته على وجهه
ترنيم بحقد: مكنتش أعرف إنك بالوساخة دى، طلقنى يا شريف
شريف بسخرية: إنتى طالق بالتلاتة ياختى، أكيد مش هبقى على واحدة خاينة زيك
أخذته الشرطة تاركين خلفهم كتلة من الصدمة وزعت على العائلة
سامر بذهول: مش مصدق إن رحمة طلعت خاينة
ترنيم بغيرة واضحة: وإنت مالك بيها، زعلان أوى كدة ليه
نظر لها.

ثم ابتسم بحب، هو مختل!، يعلم ذلك، فمن العاقل الذي يبتسم بعد كل تلك الأحداث أو لنقل الحوادث
استغل انشغال الجميع بما حدث ليقترب منها
سامر بخبث: صحيح انهاردة كام في الشهر، أصل في واحدة مجننانى ولسة مطلقة حالا وعايز أتجوزها
ابتعدت عنه بصعوبة وبالكاد تأخذ أنفاسها: إنت وقح وقليل الأدب وبعدين احترم نفسك أنا يعتبر لسة مرات أخوك
تحركت خطوتين باتجاه تجمع العائلة ولكنها توقفت ونظرت له بارتباك.

ترنيم بتوتر: انهاردة 8 يونيو
ركضت مسرعة بعيدة عنه
سامر ممسكًا قلبه: هتجننينى يا ترنيمة قلبى
أفاق على ضربة عنيفه على عنقه من الخلف
سامر بزهق: إيه الهزار البايخ ده
أسد ببرود: احترم نفسك ياخويا هو دا وقت محن
سامر بسخرية: محن؟! أما نشوفك لما الصغيرة تصحى
نظر له بقرف وجلس بعيدا منتظر إشارة فقط ليندفع لملاكه يعتصرها بين أحضانه.

جلس سامر على إحدى المقاعد يفكر في خيانة رحمة، لم يحبها يوما، ولكنه يعتبرها أختًا له، لا يعلم ما الذي سيفعله معها، بالطبع لن يرحمها، فهو رجل شرقى في النهاية، لا يقبل خيانة زوجته أبدا
أفاق من أفكاره على تلك النظرات الحارقة الموجهة من ترنيمته، ضحك بخفوت عليها وعلى عشقها وغيرتها التي لا تبذل جهدا في إخفائها، وللحق أعجبه كثيرا!، فلتعوضه سنوات الحرمان.

جلس سعيد يبكى على حال أولاده وماجد بجانبه تسقط دموعه بصمت حتى أوقفها
ماجد بجمود: خلاص كل حاجة انتهت، مش عايز أسمع صوت حد ولا عياط، أنا آسف يا سامر على اللى عملناه معاك
سامر بابتسامة: ولا يهمك يا جدى
أسد بسخرية: متقلقش يا جدى دا بغل بيتحمل
نظر له سامر بازدراء مصطنع ثم أبعد وجهه للجهة الأخرى بحركة مسرحية
لتنفجر معشوقته في الضحك.

تطلع إليها بهيام وابتسامة بلهاء تزين شفتيه سرعان ما تحول لتجهم وغضب عندما تذكر وجود رجال غيره
اقترب منها بهدوء
سامر بهمس وهو يجز على أسنانه: لو سمعت ضحكتك دى تانى هعاقبك بطريقتى واللى مش هتعجبك أبدا
ابتسمت بخجل ليهيم بها أكثر وأكثر
نظر لهم بقرف
قرف؟!، وكأنه لا يفعل ذلك مع ملاكه؟! معذرة، بل يفعل ما هو أسوأ
تطلع سعيد إلى سمية بكره
سعيد بغضب: كله بسببك، روحى منك لله يا شيخة.

سمية بدموع: سامحونى، أنا مش هقدر أسافر برة تانى، أنا هقعد في مصر بس أوعدكم مش هتعرضلكم ولا هتشوفوا وشى
أنهت حديثها وذهبت وكأنها لم تدمر عائلة بأكملها
تنهد الجميع ثم صمتوا فكل منهم يفكر فيما يخصه
مرت ساعات عادت فيها العائلة للقصر عدا ذلك العاشق بالطبع
يتنهد كل ثانية بفقدان صبر
أسد بحزن: اصحى بقى يا ملاكى، وحشتينى
غفى في مكانه مبتسمًا لأحلامه مع ملاكه الصغير
استيقظ فجرا على يد تحركه ببعض من العنف.

فتح عينيه ببطئ ليفاجئ بالطبيبة الخاصة بمعالجة همس
أسد بفزع: ملاكى حصلها حاجة
الطبيبة بابتسامة: ألف مبروك يا فندم المريضة فاقت وبتناديك.
أسد منتفضا من مكانه: إيه
لم ينتظر أن تعيد كلامها، ماذا لو كان يتخيل..
لن يسمح لها بهدم أحلامه
انطلق بسرعة تجاه غرفتها مبعدا الحراس عنه وفتح الباب بعنف
أطلق زفيرا طويلا.

ينظر لها بعشق واضح، تبكى وهي تناديه، ملاكه تناديه وهو كالأبله يتركها وحدها، غبى، كان يجب أن يحطم رأسهم عندما طلبوا عدم الدلوف إليها، ولكنها أفاقت، نظر لها وهو لا يرى سواها، تقدم منها ببطئ كأنه خائف أن تختفى، لم تتبقى سوى عدة خطوات، خطوة واحدة فقط سيخطوها لأجل ملاكه، سيخاطر لأجلها
في نفسه أن يخطو خطوة واحدة ولكنها قد خدعته، فوجد نفسه يخطو ويخطو حتى وقف أمامها مباشرة.

لحظة واحدة وكانت بين أحضانه ويديه تسحقها، ولأول مرة لا يهتم بها، لأول مرة يفكر في نفسه واحتياجه لها فقط ولا يفكر بألمها
أفاقت منذ ربع ساعة فقط، أحست بالرعب الشديد عندما لم تجده معها، هل تأذى، لا لا لا لقد وعدنى ألا يتركنى أبدا
نادت باسمه وهي تبكى حتى وجدت زرًا بجانبها، ضغطت عليه بسرعة عله يأتى لها
تقريبا لم تمر ثانية حتى وجدت الطبيبات والممرضات حولها، ولكنها تريده هو، تبحث عنه هو.

ظلت على حالتها تبكى بشدة وهي تناديه، لحظة إنها رائحته، رفعت رأسها لتراه أمامها، ابتسمت بسعادة تمرر نظرها على كامل جسده، تتفحصه بعناية وكأن الحياة تتوقف على تلك المهمة، ولما لا؟!، أليس هو أسدها؟!
أفاقت على يديه التي اعتصرتها، تألمت ولكن لم تبالى، احتضنته هي الأخرى بشوق عارم
هبطت دموعهما معا، يبكيان في أحضان بعضهما ويشكيان مرارة البعد
خرج الجميع مانحين إياهم بعض المساحة..
أو ربما خوفا منه؟!

توقف عن البكاء، ابتعد عنها ببطئ ويتطلع إليها، إلى كل شبر بها
أسد بحزن: آسف يا ملاكى، مقدرتش أحميكى
وضعت يدها على فمه بسرعة تنهره
همس بغضب طفولى وهي تذم شفتيها: متقولش كده تانى
أبعد يديها بعنف وسرعة، وقد ذهب صبره أدراج الرياح، ليقبلها
صدمت بشدة، كيف يفعل ذلك.

شعر بضرباتها الرقيقة المتتالية على صدره، ليدرك انقطاع أنفاسها، ابتعد عنها ببطئ وهو يتذمر، لماذا انقطعت أنفاسها بسرعة، لم تستمر القبلة إلا ل، دقائق!، يجب أن يعلمها كيفية حبس أنفاسها لفترة أطول!
تتنفس بسرعة شديدة غير واعية لذلك الثائر
آاااه، أتريد قتله وقتلها، ألا يكفى انها أبعدته عنها، لا بل تجعل أنفاسها المتلاحقة تضرب وجهه، وكأن هذا ما ينقصه
استمر في النظر إليها بشغف واضح، بينما تكاد تموت من خجلها.

نظرت لأسفل وقد احمر وجهها بشدة فأصبحت فاكهة ناضجة
ظلت تحرك نظرها في كل مكان عداه وقد انتفخت شفتيها
همس بتوتر وخجل: إنت، إنت قل، يل الأدب وسافل
أسد بضحك شديد: ههههههههه أومال أما تعرفى الباقى هتعملى إيه
لم تفهم شيئا من كلامه، فاتجهت للسرحان في ضحكته، وآااه من ضحكته الرجولية
همس بلا وعى: ضحكتك حلوة أوى يا أسدى، أنا بعشقك
سرعان ما وضعت يديها على شفتيها تشهق بعنف.

أراد أن يغيظها فتجاهل كلماتها بخبث بالرغم من ضربات قلبه العنيفة المتلاحقة
همس في سرها: إيه قلة الزوق دى، طب هو مش هيقول حاجة، طب أعيد كلامى تانى يمكن يكون ما سمعش، بطلى هبل يا زفتة أكيد هيكشفك وهيبقى شكلك وحش
حسنا، أخطأت وتكلمت دون تفكير، على الأقل فليراضيها، ولكن كيف يفعل ما يتوقع منه، لن يكون أسد إذا فعل
كتم ضحكة كادت تنفلت منه بصعوبة وهو جالس بجانبها على الفراش.

تنظر له بغيظ شديد، كم مرة فتحت فمها للتحدث ثم تغلقه مرة أخرى، وكم كان شكلها شديد اللطافة، كأنها تدعوك لإلتهامها
ظل على هذا الحال حتى قرر أن يرأف بها قليلا، ولكن حظها العثر جعل الممرضة تدلف الآن
الممرضة وهي تنظر له ببعض من الجرأة
الممرضة: لازم نغيرلها الجرح يا فندم
اصطنع عدم الإنتباه لنظراتها حتى يتمتع بنظرات ملاكه المليئة بالغيرة.

سرعان ما تراجع عندما وجد عينيها تمتلئ بالدموع وقد قوست شفتيها لأسفل، يجب أن يعلم تلك الغبية الشراسة والدفاع عن حقها بدلا من البكاء
أسد ببرود: سيبى الحاجة هنا وامشى
الممرضة: بس.
قاطعها صارخا بغضب: قولت سيبيها
تركت الأشياء وخرجت ركضا على قدميها حتى لا تخرج على فراش المرضى
ما إن خرجت حتى زفرت همس براحة
همس بغيظ: غبية
ضحك بصوت عالى
همس بتريقة: مبسوط أوى حضرتك
أسد بخبث: وهنبسط أكتر لما أغيرلك بنفسى على الجرح.

نظرت له بعيون متسعة وكأنه برأسين
في قصر ضرغام
داخل غرفة سامر
جالس على مقعد يستمع للفيديو الذي أرسلته له بعد عودته للقصر مباشرة.

رحمة: إزيك يا سامر عامل إيه، أنا متأكدة إن سمية قالتلك كل حاجة عن شريف، وأكيد هو قالك حقيقتى، سامحنى يا سامر، صدقنى إنت الوحيد اللى عاملتنى باحترام، إنت الوحيد اللى حبيته، إنت الوحيد اللى اعتبرتك أخويا وسندى، بس للأسف كل حاجة بتنتهى، في درج المكتب هتلاقى أوراق طلاق، أنا مضيت عليها فاضل امضتك، طلقنى يا سامر واتجوز ترنيم، أنا متأكدة إنها بتحبك.

بصراحة أنا دورت على فلوس أو مجوهرات بس ملاقيتش حاجة واللى لاقيته كان في الخزنة ومعرفتش أفتحها، وفكرت أرفع عليك قضية وآخد منك فلوس بس أنا عارفة مكانتك وأكيد أنا اللى هتأذى في الآخر وبردو مش هاخد حاجة، فللأسف هضطر أكمل في شغلى كمومس لغاية لما أجمع فلوس وبعدين أسافر برة، مش هقولك غير حاجة واحدة بس، الظروف هي اللى خليتنى كدة، سامحنى
انتهى الفيديو ليتنهد سامر.

قام من مكانه واتجه للمكتب، أخرج أوراق الطلاق ووقع عليها وهو يبتسم، كم شعر بالراحة بعدما طلقها، بصراحة كان يشعر بالذنب والخوف عليها قليلا، فهى تذكره بسمر أخته، ولكن بعدما أخبرته بعودتها لحياتها القذرة مرة أخرى والقضية والمجوهرات وكل ذلك
أدرك أنها لا تستحق الشفقة حتى.

نام على الفراش وهو يتخيل ترنيمته بين يديه، في الحقيقة جزء منه سعيد لما حدث لشريف، يعرف أنه شعور سيئ وأنانى، ولكن إنه العشق الذي يفعل العجائب
يريد رؤيتها وبشدة وبصراحة لن ينتظر أكثر
اتجه لغرفتها ثم طرق الباب لتأذن له
دخل فوجدها ترتدى عباءة وردية وفوقها حجابها وهي واقفة تنتظر دخول الطارق
نظرت له بذهول فلم تتوقع أن يكون هو أبدا ثم أخفضت رأسها خجلا منه.

اقترب بهدوء يتأملها عشقًا حتى أخذها لحضنه بعنف متنهدًا براحة وقد عادت روحه إليه
سامر بهمس: أنا آسف عارف إن حرام ومينفعش أحضنك بس كان لازم أعمل كدة عشان أتحمل الشهور اللى جاية، بعشقك يا أغلى حاجة في حياتى ومش انهاردة ولا امبارح، لأ من سنين، من وقت ما شوفتك أول مرة وأنا بعشقك..
بس للأسف لاقيتك بدأتى تنجذبى لشريف وهو حبك، خوفت أعترفلك بعشقى فأخسرك كصديقة حتى، اتحملت السنين دى كلها وأنا بقول لنفسى كل يوم إنك هتنساها، بس عمرى ما نسيتك، ودلوقتى عرفت ربنا ليه حافظ على حبك جوا قلبى، عشان كان هيخليكى هدية صبرى، أنا طلقت رحمة، وأنا عمرى ما لمستها لإنى اقسمت يا إنتى يا بلاش، زى ما قولتلك أول ما عدتك تخلص هنتجوز ومن غير اعتراض
خرج مسرعا بضيق مما فعله مستغفرًا ربه على تلك المعصية.

متسمرة في مكانها لحظة تستوعب كلماتهأفاقت فظلت تقفز على الأرض من السعادة وتضحك بشدة، لم يلمس رحمة أبدا، يحبها، يحبها ومنذ سنوات، وأنا كالغبية أعذبه وأعذب نفسى
أقسمت أن تعوضه عن كل شيء، أقسمت أن تنسيه عذابه للأبد فهو مالك قلبها وروحها
كما أقسمت ألا تسمح له بالاقتراب منها مرة أخرها قبل أن تصبح زوجته
في غرفة ماجد
دخل سعيد على والده
سعيد: الدكتورة اتصلت يا بابا وبتقول إن بنتى فاقت.

ظهر السرور على معالم وجهه سرعان ما تحول
ماجد بسخرية: مش قولتلك نقول للدكتورة تعرفنا لما حفيدتى تصحى، عشان كنت متأكد إن الغبى ده مش هيعرفنا، دا لولا إننا عيلته كان خلص علينا عشان يبعدنا عنها
انفجر ضاحكا على جده وابن أخيه الذان لا يهدآن أبدا فكل منهما يشاكس الآخر
ماجد: اضحك ياخويا اضحك، على العموم عرف الكل عشان نروح، آااه ومتحاولش تعرف حمدى ومنار مش هتفرق معاهم أصلا.

أومئ له وهو يتنهد بحزن على تلك الصغيرة التي ظلت يتيمة حتى بعد قدوم والديها
سعيد بتوتر: بابا، إنت إيه رأيك في موضوع ترنيم وسامر
ماجد بتنهيدة: أنا عارف إنه موضوع غلط من الأول، بس أنا عارف كمان ومتأكد إن عمرهم ما اتجاوزوا حدودهم، وبصراحة أنا موافق، وإنت؟
سعيد بفرحة: طبعا موافق، أنا كنت خايف إنت اللى ترفض بس كده كل حاجة تمام، أنا هروح أقولهم يجهزوا بقى.

علم الجميع ما حدث وذهبوا بالسيارات للمشفى وهذه المرة جاءت معهم جنى
جنى بكره في سرها: يا ريتك كنتى موتى يا شيخة وريحتينا من قرفك، بس قسما عظما لأوريكى، إن ماكنتش نهايتك على إيدى مبقاش جنى
في المشفى
اتسعت عينيها تنظر له كأنه برأسين بل أكثر
همس بشهقة وخجل شديد: يا قليل الأدب يا سافل يا حيوان يا متخلف يا غبى يا مممم.

كمم فمها بيده ينظر لها بذهول، من أين أتت بكل السباب هذا، لسان ملاكه قد طال كثيرا وهو يعلم كيف يقصه
أفاق من شروده على عضها ليده
ليصرخ بشدة، كيف لطفلة بتلك الأسنان الصغيرة أن تؤلمه هكذا؟!
أسد بتألم: آااااه، إيه الغباوة دى، طب والله لأغيرلك على الجرح يعنى هغيرلك
همس بعناد: وأنا قولت لأ
أسد بعناد هو الآخر: طب والله لو ما غيرت على الجرح لأخليهم يقفشونا بفعل فاضح
همس ببراءة واستغراب: يعنى إيه فعل فاضح؟!

أسد في سره: أووووبا، استلم يا معلم
أسد ببرود: يعنى يمسكونا وإحنا لا مؤاخزة يعنى
ظلت تفكر دقائق حتى شهقت بخجل
لعن نفسه بعدما نظر لحالتها
أسد بسرعة: لا لا لا مش لا مؤاخزة بعنى أوى
شهقت مرة أخرى
أسد في سره وهو يعنف نفسه: فالح أديك جيت تكحلها عميتها، طب أشرحلها ولا لأ، لأ بلاش أحسن
أسد: لا أنا بهزر معاكى بس
همس بسرعة: بجد، أنا كنت متأكدة
أسد بهمس شديد: متأكدة؟!، يا عينى عليكى يا بنتى لما تتصدمى في اللى جاى.

انتبه لها تنظر له باستغراب وتحاول سماع ما يهمس
أسد: ها خلصى قولى رأيك
همس بتوتر: بس، بس، أنا، هتكسف
أسد بسخرية: إيه ده بجد؟!
همس بصراخ: متعيبش عليا
أسد: هو أنا عملت حاجة، إنتى مفترية على فكرة
نظرت له بنصف عين وعدم تصديق
اقترب منها قائلا: ها أبدأ لا مؤاخزة
همس بسرعة وقد كادت تنصهر: لا لا لا، موافقة بس، بس إزاى
أسد بتنهيدة: خلاص يا ستى أنا هطلع بره لغاية ما تجهزى.

همس بطفولة وهي تعض طرف فمها بإحراج: ماشى، بس تخرج برة على ما أغير ومتدخلش غير لما أقول
اقترب منها متحكمًا في نفسه بصعوبة: متعمليش كدة تانى لو خايفة على نفسك
قالها ثم خرج بسرعة
نظرت لأثره بحب شديد سرعان ما أفاقت عليه وهو يفتح الباب ويدخل رأسه فقط
أسد بخبث: أنا عارف إنى قمر وابن ناس، بس مش هنقضى اليوم وإنت بتتأملى جمالى، يلا خلصى عشان أدخل.

خرج مرة أخرى وهي لازالت مذهولة، متى تغير لتلك الدرجة، الآن أصبحت متيقنة من عشقه لها، لما لا يعترف ويريحها
استغفرت ربها على ما فعلاه منذ قليل، تعلم أن تلك معصية كبيرة ولكن ذلك الغبى يظل يطمئنها بعدم وجود خطأ أو معصية، ستحاول أن تسأله عن السبب
تجهزت ونادت عليه بخجل ليدلف بتلك الابتسامة السمجة على وجهه
اقترب منها وجلس خلفها وفي يده الشاش والقطن وكل ما يحتاجه.

ابتلع ريقه بصعوبة وهو يرى جزء صغير من ظهرها عارٍ، طهر جرحها محاولًا إبعاد يده قدر الإمكان، وهو الذي ضيع وقته في الخارج يفكر كيف يخجلها
أووووف، أخيرا انتهى
همس بلا وعى بصوت منخفض: بعشقك يا أسدى
إلى هنا وكفى ثانية واحدة وكان فوقها لتنظر له بصدمة ازدادت عند تقبيلها
ظلا في دوامة عشقهما حتى أفاقا على صوت غاضب
ماجد بغضب: إيه ده.

نظر للباب ليجد عائلته كلها واقفة أمامه بغضب شديد والشرر يتطاير من عيونهم خاصة جده وجنى.
ابتعد عنها ببطئ سرعان ما سمع صوتا غاضبا
- إيه اللى بيحصل ده؟!
قالها ماجد بعصبية ناظرًا له بغضب
شهقت بخجل شديد ودفنت وجهها بعنق أسد
كم أعجبه أن تحتمى به من خجلها المتسبب هو فيه
أيها الأبله! ركز في أولئلك الذين يخططون لقتلك الآن، ماذا؟! هل يرون ملاكه الآن
وبحركة سريعة جعلها فوقه وغطاها كاملة بالغطاء، سيعاقبهم فيما بعد
ماجد بغضب: خمس دقايق يا حيوان وألاقيك برة حالا، يلا كله يطلع برة.

خرجت العائلة تاركين العاشق مع الخجولة خاصته
أسد بابتسامة عابثة: مالك مكسوفة ليه، إوعى يكون من البوسة، دى كانت زى ما بيقولوا قبلة أخوية بريئة
همس بصوت مكتوم وهي تدفن وجهها أكثر وأكثر: بس يا سافل
أسد: ههههههههه طب اوعى على ما أشوف القنابل اللى برة دى
ابتعد عنها بهدوء لتغطى وجهها بسرعة تحت الغطاء حتى لا يرى خجلها.

أسد بغيرة: البسى هدومك وتغطى شعرك بأى حاجة إن شالله بالغطا دا حتى، والأحسن لو ترفضى تقابليهم أساسا
لم ترد عليه همس فيكفى ما هي فيه بسببه
ضحك عليها بخبث ثم خرج لمصيره
في الخارج
ما إن خرج من الغرفة حتى تلقى لكمة على وجهه
أسد: آاه
نظر بغضب للفاعل ليجده جده
ماجد بغضب عارم وصراخ: إنت بتهزر، إزاى تعمل كدة، احترم نفسك يا أسد، متنساش إنها حفيدتى اللى مرضاش إن حد يقلل منها أبدا أو يعاملها على إنها عاه..

أسد بصراخ هو الآخر: لأ ملاكى مستحيل تكون كدة وعمرها ما هتكون كدة، وإنت عارف مين العاهرات كويس
قال آخر جملة متطلعًا إلى جنى
جنى بعصبية وغيرة: والله، دلوقتى أنا اللى عاهرة، يعنى بعد ما أستحملك ده كله وتقول عليا كده، العاهرات يا أستاذ هما اللى بيخطفوا الرجالة المتجوزين ويعملوا معاهم علاقة، ومين عارف يمكن دى مش أول مرة ولا إنت أول واحد تعمل معاه كده
لحظة واحدة وكانت على الأرض بفعل صفعات أسد المتتالية.

ماجد بغضب: إنت اتجننت يا ولد ولا إيه، بتضربها وأنا موجود
أسد بغضب عارم: أنا عايز حد منكم يجيب سيرة ملاكى بسوء وأنا هفرمه في إيدى، ملاكى خط أحمر، فاهمين
اتجه إلى تلك التي لازالت على الأرض
ظنت أنه سيصالحها لكن تهدمت أحلامها وهي تراه يمسك شعرها بقوة وهو يصرخ: فاهمة
جنى بسرعة وخوف: فاهمة فاهمة
ابتعد عنها وألقاها على الأرض كأنها جرثومة قذرة يشمئز منها
نظر له الجد وكاد أن يتكلم حتى أوقفه أسد.

أسد بصرامة وبرود: أسبوع بس لحد ما ملاكى تخف وهتجوزها، وأنا بقول على فكرة مش باخد رأى حد، ولآخر مرة هقولها أنا عارف مصلحتها أكتر منكم وأنا أدرى واحد بإذا كان اللى بعمله صح ولا غلط
جنى بصدمة: لأ بقى أن..
بترت باقى كلماتها وهي ترى تلك الشرارات الموجهة لها.

تنهد الجد بضيق، يعلم الآن أنه أخطأ، فقد رأى مدى تفاعل حفيدته مع أسد والذي يوحى أنهما عاشقان حد النخاع وليس مجرد أب وابنته، يا ليته لم يدخل جنى في الموضوع، وبصراحة أصبحت تضايقه تصرفاتها، فقد كانت دائما جنى الهادئة، لا يعلم ما حدث لها، ولكن إنه الحب يا سادة، يفعل العجائب
جاء ماجد ليفتح الباب ولكن منعه أسد
أسد: استنى لحظة
فتح الباب قليلا ليزفر براحة بعدما وجدها ارتدت حجاب طويل يغطى حتى ذراعيها.

كيف نسى أنه أحضر ملابس لها بغرفتها، أوففف الحمد لله أنه فعل
أغلق الباب مرة أخرى ثم سمح لجده بالدخول وهو يجز على أسنانه، لما يفعلون ذلك، ليعيشوا حياتهم بدون ملاكه، لما يجب أن يتدخلوا دائما
ماجد: مش عايز حد معانا
دخل الغرفة وأغلق الباب بوجههم
الواضح أنك ستحارب الكثيرين لتأخذ ملاكك وحدك، ولكن للحق هي تستحق المحاربة لأجلها.

أفاق على نظرة سعيد الغاضبة قليلا وهو يجلس على المقعد وسامر الواقف أمامه وعلى ملامحه الحنق وعدم الرضى وترنيم التي مازالت خجلة بشدة مما رأته وقد ذهبت جنى..
تمنى لو ذهبت للجحيم
وفجأة وجد نفسه يلكم سامر ليخرج كل غيظه فهو يتحكم في نفسه بصعوبة ألا يدلف للغرفة الآن
شهقت بفزع متجهة لسامر وهي تسنده
سامر بألم: آاااااه، الله وأنا مالى يا لمبى، هو إنت تعمل العملة وتضربنا إحنا.

نظر له بسخرية وسخط ثم ذهب لقرب الباب عله يسمع أى شيء مما يدور، صراحة لو يستطيع لألصق أذنه على الباب ولكن مكانته لا تسمح!
أسندت سامر لأحد المقاعد، وضعت يدها على جرحه حيث أسفل شفتيه
ترنيم بحزن: بتوجعك؟!
سامر بهيام سرعان ما تحول لمكر عاشق: هااا، آااه آاااه بتوجع أوى بس طلعى إيدك فوق شوية
كادت تقع في فخه ولكن لسوء حظه أنها رأت ابتسامته الخبيثة التي يحاول التحكم بها بصعوبة
ضغطت على جرحه بغيظ.

سامر: آاه آه آه يخربيتك هلاقيها منك ولا من الزفت التانى
ترنيم بشماتة: تستاهل عشان تبطل قلة أدب
سامر بتريقة مقلدا إياها: عشان تبطل قلة أدب! جتك القرف في حلاوة أمك
نظرت للأرض بخجل وقد احمرت وجنتيها
سامر بمكر: إلعب يا رمان
متسمر في مكانه حانقا، لما صوتهم منخفض هكذا؟! أوووف
أخرجه من حنقه رنين هاتفه، أجاب بسرعة دون النظر لاسم المتصل فهو يحتاج أى شيء يشغله عن جده وملاكه وإلا سيجن بالتأكيد
أسد: ألو مين معايا.

المتصل: أهلا بالبيه اللى نسانا، بقى حضرتك يحصل ده كله وفي الآخر أعرف من الأخبار، مكانش العشم يا صاحبى
أسد: معلش والله يا مازن، كنت مش عارف أفكر أو أعمل إيه، متزعلش
مازن: ماشى هعديها المرة دى، المهم هي عاملة إيه
أسد بتنهيدة: الحمد لله فاقت، المهم كنت عايز أعرفك إن فرحى على ملاكى يوم الخميس الجاى.

مازن بفرحة: بجد، ألف ألف مبروك يا أسد، معلش اعذرنى إنت عارف أنا برة البلد وصعب آجى دلوقتى، بس وعد هحضر فرحك بإذن الله
أسد: إن شاء الله، المهم خف إنت شوية، سمعت إن المدام حامل، إنتوا كدة هتبقوا أرانب
مازن: ههههه دا إحنا لسة في تالت واحد بس، وبعدين عايز تفهمنى إنك مش هتحب تخلف من الصغيرة كتير
آاااااه، كائنات صغيرة تشبه ملاكه في بيته، أينما يذهب يجد نسخ مصغرة منها، يا الله كم سيكون شعورًا رائعًا.

مازن: إنت رُحت فين يابنى
أسد: معاك معاك، أكيد هخلف منها كتير
ثم أضاف بغيرة قاتلة: هجيبهم كلهم بنات
مازن بسخرية: عمرك ما هتتغير، المهم أنا هقفل دلوقتى عشان الشغل، مش هوصيك على ياسمينتى والولاد
أسد: متقلقش يابنى، أنا بسأل عليهم دايما وكمان عينت حراسة ليهم عشان اطمن أكتر
مازن بفخر: تسلملى يا صاحبى، يلا سلام
أسد: سلام
أغلق الهاتف قائلا بداخله.

أسد بفخر: جدع يا واد يا أسد كان عندك حق لما قولت مازن الأنسب وإنه هينسى الموضوع
الأهبل نسى خالص ولا كإن في حاجة
تنهد بخفوت ثم عاد لحلمه وهو يتخيل كائناته اللطيفة.
استيقظ ليجد معشوقته القصيرة فوقه تحتضنه بشدة دافنة رأسها بعنقه
ابتسم بهدوء، ليست أول مرة يستيقظ على هذا الوضع، ولكن الآن لها طعم مختلف، الكون لا يسعه من شدة فرحته
أراد أن يرى وجهها فتململ بهدوء متقلبًا حتى أصبح فوقها
تأملها ليحرك يده على شعرها يعبث به، قرر اللعب بوجهها قليلا وهو يسحب أنفها تارة ووجنتها تارة
جعدت أنفها بلطافة شديدة وهي تتذمر بخفوت.

فتحت عينيها ببطئ شديد تتثاءب بلطافة أشد غافلة عن عيون عاشقها
نظرت له بهدوء ومازالت ناعسة تقريبا
همس بلا وعى وهي تتأمله: يخربيت حلاوة أمك
انفجر ضاحكا يأخذ أنفاسه بصعوبة
أسد بعبث: ههههه طب ما تسيبك من أمى وخليكى فيا أنا بس
أخفضت بصرها بخجل شديد وعضت شفتها السفلية بعنف تلعن نفسها
فوجئت بتقبيله لها حتى ابتعد عنها
نظر لها بعمق يحاول أن يسيطر على نفسه
نهض عنها بهدوء واتجه للمرحاض.

نظرت في أثره باستغراب، هل أزعجته؟!
ولكن حمدا لله أنه ذهب، إن بقى دقيقة أخرى كانت ستنقض عليه بالقبلات
توقفى عن تفكيرك المنحرف ذلك أيتها الغبية!
مرت ربع ساعة ووجدته خارج من المرحاض وشعره مبلل
نظرت له باستغراب بعدما استطاعت بصعوبة نسيان خجلها: إنت استحميت دلوقتى ليه؟! مش تستنى لما نروح؟!
تجاهل سؤالها عمدًا
أسد مغيرًا الموضوع: فرحنا يوم الخميس الجاى
همس بصدمة: إيه دا فاضل أربع أيام بس، إزاى هجيب كل حاجة.

أسد بهيام: كل حاجة جاهزة من وإنتى عشر سنين يا ملاكى
همس بذهول: إزاى
أسد بعشق: فستانك جاهز من تمن سنين مستنيكى تلبسيه ليا، والقاعة اللى هيتعمل فرحنا فيها مبنية من سبع سنين ونص ومتعملش فيها ولا فرح، لإنها هتبقى ليكى إنتى وبس يا ملاكى، حتى أنا جهزت لينا بيت في مكان بعيد عشان لو مش عايزة تقعدى في القصر، كل حاجة كانت منتظرة موافقتك بس
نظرت له وعينيها متلألئة بالدموع.

ألتلك الدرجة يحبها، بل يعشقها، يا ليتها اعترفت بعشقها، لا يهم، المهم أنهما معا الآن، لن يفترقا أبدا
مدت يداها الصغيرتان له، تحثه على التقدم منها
نظر لها ثم ذهب بخياله لزمن بعيد، تذكرها في صغرها، كانت تمد يديها له ليحملها
ابتسم بعشق سرعان ما تحول لخبث وهو يتجه لها
نظرت له بتوجس وهي ترى نظراته
أنزلت يديها ببطئ، ولكنه كان أسرع في الوصول لها
ثانية واحدة وكانت على قدميه وبين أحضانه.

نظرت له بفزع سرعان ما تحول لخجل ممزوج ببعض الغضب
همس بغضب طفولى: إيه اللى عملته دا؟!
أسد ببراءة مصطنعة: إيه؟! مش إنتى مديتى إيدك عشان كده
همس بشهقة: لا لا لا لا، إيه اللى بتقولوا ده
أسد بمكر: الله، مش من كام سنة كنتى بترفعى إيدك عشان أشيلك
همس بخجل وحنق: دا كان زمان لما كنت صغيرة، وبعدين محسسنى إن من كام سنة دى يعنى من كام ساعة مثلا
أسد بسخرية: لما كنتى صغيرة! على أساس إنك كبرتى مثلا.

وضعت يديها على خصرها وقد نست أنها على قدميه
همس بغضب: أيوة طبعا كبرت
نظر لها بوقاحة
أسد بانحراف وخبث: هو من ناحية كبرتى، فإنتى كبرتى أوى أوى يعنى
شهقت واضعة يديها على وجهها تخبئه من خجلها
انفجر ضاحكا على براءتها الشديدة
أبعد يديهل ليفتتن بوجهها الساحر
قرب وجهه منها ينوى تقبيلها، ولكنها ابتعدت عنه بسرعة
همس بخجل وتوتر: مينفعش يا أسدى، أنا، أنا.

نظر لها بفخر يعلم ما تفكر به، لم يقاطعها فقد أراد أن تتشجع، أرادها أن تكون قوية تجاه عرضها حتى لو أمام من يملكها وتحل له
أسد مشجعا إياها: ها يا ملاكى متنكسفيش، قولى اللى عايزاه، أنا أسدك حبيبك
نظرت داخل عيينه بعمق فتاهت برماديتيه
همس بلا وعى: أنا بعشقك أوى، بس مينفعش اللى بنعمله ده
قالت كلماتها الأخيرة مخفضة وجهها بخجل
لا تعرف كيف أتت لها الشجاعة، لكنه أسد، أسدها الذي يجعلها تفعل الغير متوقع أبدا.

نظر لها بسعادة، حسنا إنها خطوة جيدة لتتخلى عن خجلها معه، نعم لا يوجد ما يخجل في حديثها أبدا، لكن بالنسبة لملاكه البرئ كل شيء يخجل
أسد بفرحة: متقلقيش يا ملاكى، أوعدك إنى مش هقرب منك تانى إلا وإنتى مراتى قدام الناس
نظرت لوضعهما بتردد وتوتر، أتخبره أم لا؟!
همس بتوتر: طب مش هتبعد
تطلع إليها بغباء سرعان ما فهم
أسد بصدمة: إيه هو أنا هبعد من دلوقتى؟!
نظرت له بذهول: أمال من إمتى؟!

أسد ببلاهة: أنا فكرت كمان يومين تلاتة كدة
همس بسخرية: دا على أساس إن معاد فرحنا فيه كام يومين تلاتة مثلا
ضحك عليها بخفوت ثم حملها ووضعها على الفراش
غطاها جيدا وظل يتأملها بهوس وسط خجلها الشديد المتوج بفرحة وسعادة
همس بتوتر: أسدى، هو لما نتجوز يعنى، جنى إيه اللى هيحصلها
أسد بهدوء: اللى ملاكى تقوله هيتنفذ
همس: مش، مش عارفة بس يعنى..
تنهدت ثم صمتت، كيف تخبره ما تريد وهي لا تعلم حتى؟!

تفهم حيرتها، أمسك يديها يقبلها بهدوء
أسد بعشق: بصى يا ملاكى، أنا جوازى منها كان عشان جدى وبس، لكن أنا مش بعتبرها مراتى أبدا، وعمرى ما حضنتها ولا بوستها حتى، وزى ما إنتى شايفة، أنا عمرى ما نمت جنبها أبدا، طول عمرى بنام جنبك إنتى، فوجودها أو لأ مش هيفرق
همس بتوتر: هو أنا بصراحة مش عايزاها تكون مراتك.

ثم أضافت بسرعة: والله أنا مش وحشة ولا أنانية بس، بس أنا عايزة اكون مراتك الوحيدة، مش عايزة واحدة تانية تكون معايا وتشاركنى فيك، إنت بتاعى أنا وبس
نظر لها بعشق، آاه ملاكه تخبره أنه ملكها، ماذا يريد أكثر من ذلك؟!
لا، في الواقع أنا أريد أكثر وأكثر طالما منها هي، آسرة قلبه وكل ما يملك
أسد: تحبى أطلقها.

هزت رأسها موافقة بتوتر، لم تكن بتلك الأنانية من قبل، ولكنها لا تتخيل أن يكون متزوجا من غيرها، تريده لها وحدها مثلما هي له وحده
قبل رأسها بهدوء
أسد: بإذن الله ملاكى تطلع من هنا وأنا هطلقها على طول
ابتسمت بعشق وامتنان شديد لذلك الأسد
وهكذا مر يومان آخران وهو يهتم بها بشدة، لا يتركها وحدها، يجلب كل ما يسعدها.

استطاع الجد بصعوبة اقناعه بتأجيل الزفاف لأسبوعين حتى تشفى همس تماما وتأخذ فرصتها في أن تسعد كأى عروس بعدما أمرت الطبيبة ببقائها في المشفى لبضعة أيام أخرى
صدم بشدة عندما كانا يخططان لعرسهما فأخبرته أن يختارا المدعوين معا الآن
مدعوين؟! أى مدعوين؟! لقد صمم كل شيء حتى يكون هو وملاكه فقط
حتى فستان الزفاف كان لغير المحجبات
اضطر بصعوبة للموافقة بعدما رأى الحزن على وجهها.

أمر بإضافة تعديلات على الفستان ليناسب المحجبات، لو كان بيده لأحرقه، لو يعلم أن غيره سيراها ما كان جعله بتلك الروعة والجمال
اليوم هو موعد خروج همس، كم فرح بشدة سواء لخروج ملاكه أو لتبقى أسبوع فقط وتكون ملكه
في السيارة حيث يحتضنها بشدة
أسد بفرحة: أنا مش مصدق إنك خرجتى خلاص وكمان أسبوع وتبقى مراتى قدام الناس
ابتسمت بخفوت وخجل وهي تدفن رأسها بكتفه، سرعان ما تحولت ابتسامتها لحزن.

شعر أسد بتغيرها فرفع رأسها ليراها، وجد عينيها تمتلئ ببعض الدموع
أسد بفزع: بتعيطى ليه. في حاجة يا حياتى
همس بحزن: مين هيسلمنى ليك يا أسدى؟! دا حتى جنى اللى مش ليها حد، كان بابا سعيد وجدو هيتخانقوا على اللى يسلمها ليك
لكن أنا، أنا مش هلاقى حد يسلمنى ليك، بابا مش هيهمه غير إن بنته هتتجوز واحد غنى، وجدو أكيد زعلان منى عشان إنت هطلق جنى وأكيد بابا سعيد هيعمل زيه
قالت آخر كلماتها وقد تحررت دموعها.
نظر لها بحزن شديد، أقسم أن يجعل زفافها غير معتاد
احتضنها فقط، يعلم أن أحضانه تنوب عن مليون كلمة وأكثر، يعلم أنها تحتاج حضنه الآن أكثر من كلماته
مرت دقائق قليلة فقط وقد هدأت بالفعل
رفعت رأسها لتنظر له بعشق
همس بابتسامة عاشقة: شكرا
بادلها الابتسامة بأخرى وأرجعها لحضنه بهدوء وهو يفكر في مستقبلهما وكيفية إسعادها دائما
خرج من أفكاره على سؤالها الذي ينتظره منذ افاقتها
همس باستغراب: هو شريف فين؟!

أسد بحدة وغيرة: أولا متنطقيش اسم راجل غيرى، ثانيا شريف بقى بعيد عنا خلاص، ولو سألتى عنه تانى هعتبرها إشارة ليا إنى أبعد عنك خالص
همس بفزع: لا لا خلاص مش هسأل تانى
ضمها لحضنه مرة أخرى وعلى وجهه ابتسامة انتصار فما بناه بداخلها ورباها عليه لن يهدم أبدا
وصلت السيارة للقصر ليترجلا منها
هبطت وهو يتمسك بخصرها بتملك
وجدا الجميع بانتظارهما خارج الفيلا عدا والديها
تنهدت بحزن ثم رسمت الابتسامة بصعوبة.

شعر أسد بها فضغط على خصرها ليمدها بالقوة
نظرت له ثم ابتسمت بحب فهو قادر أن ينسيها كل شيء
تقدم ماجد ليحتضنها قائلا: ألف سلامة يا حفي..
توقف عن كلامه بصدمة عندما وجد أسد يتقدم نحوه ويحتضنه هو بدلا من ملاكه
أسد بهمس لماجد في أذنه: إنت استحليتها ولا إيه يا جدى؟! مش عشان سكت مرة يبقى هسكت تانى
ابتعد عنه وكأنه لم يفعل شيئا بينما نظر له الجد بصدمة وسط استغراب الجميع
تقدمت ترنيم لتحتضن همس.

ولكن أسرع ذلك العاشق بالتصرف
وضع قدمه خلف قدميها ثم حركها وهو يدفعها بخفة حتى تقع
تعثرت في وقفتها وكادت أن تقع لولا تلك اليدين القويتين
أمسكها قبل أن تسقط فكان مائلا عليها
نظرت له بصدمة عندما شعرت بكل شيء فعله
غمزها بهدوء وهو يعدلها
أمسكها من خصرها لتنظر له بخجل ممزوج بغضب
أسد ببراءة مصطنعة: إيه عشان متقعيش
تراجعت ترنيم بإحراج للوراء فقد فهمت كل شيء
بينما انفجر سامر ضاحكا عندما فهم هو الآخر.

ضربته في قدمه بقدمها ليتأوه ناظرًا لها بغضب
احتضنها بتملك حتى لا يفكر أحد آخر في احتضانها
لم يهتم بتلك المحمرة من كثرة الخجل ولا تلك المحمرة من كثرة الغضب
أسد للجميع: إحنا أسبوع وبإذن الله هيكون فرحنا، أما بالنسبة لجنى فخلاص معدش ليكى أى لازمة، إنتى طا..
جنى بسرعة وخوف: أسد أرجوك متعملش فيا كدة أنا بحبك، طب، طب خلينى على ذمتك الأسبوع ده بس وهمشى والله بعدها
رق قلبها فبالنهاية هي عاشقة لذلك الأسد مثلها.

نظرت له تستعطفه أن تبقى زوجته لأسبوع فقط
تنهد بصوت مسموع مستسلما لتلك النظرات التي ستقتله يوما من براءتها
أسد باستسلام: ماشى الأسبوع ده بس ويوم فرحى على ملاكى هطلقك مع إن مش عارف هتفرق إيه يعنى
تطلعت إليه بسعادة تفكر في القادم
تحرك وهو متمسك بها حتى وقف بجانب جنى
أسد بهمس لا يسمعه غيرهما: قسما بالله لو طلعتى بتخططى لحاجة لأقتلك من غير ولا ذرة تردد حتى، فاهمة
تطلعت إليه بخوف وهي تهز رأسها بالإيجاب.

همس بغيرة: إنتوا بتقولوا إيه
ضحك عليها بخفة ثم حملها بين يديه وهو يتجه لداخل القصر
همس بخجل: أسد، أسد عيب كدة سيبنى أنا هعرف أمشى لوحدى
أسد: هششششش اسكتى خالص وبعدين أنا من امتى بستنى تتعبى عشان أشيلك، إحنا هنعمل نفسنا هبل ولا إيه
لم تستطع التحدث فغمست رأسها برقبته بخجل
همس بخجل وتوتر: طب، طب عايزة أقعد تحت مش عايزة أنام.

تنهد بيأس، ظن أنه نجح في إلهائها حتى يبعدها عن الجميع ولكن لا لن تكون ملاكه إن لم تحطم آماله
أسد بيأس: حاضر
أجلسها على إحدى الأرائك وقد حضر الجميع وجلسوا معهم
نظر لهم بغيظ شديد
أسد بابتسامة مغتاظة: إيه ده إنتوا هتقعدوا، هو مش وراكم حاجة ولا إيه؟!
سامر مغيظا إياه أكثر: لا، إحنا قاعدين وبعدين الصغيرة وحشتنا وعايزين نق..

ابتلع بقية كلماته مع ريقه عندما وجده ينتفض من مكانه متجهًا له لولا يد همس التي منعته لكان قتيلا
همس لأسد: خلاص معلش أقعد بقى
زفر بغضب وهو يجلس مكانه، كان يود أن يعلمه درسا لا ينساه ولكن الواضح أن الأولى تعليم تلك الغبية أولا
مالت ترنيم عليه تهمس بشماتة: تستاهل كنت هتموت
نظر لها باستخفاف قائلا: خليكى في كسفتك وإنتى برة ونبى، بصراحة بصراحة كان منظرك زبالة أوى
ضربته بكوعها ليتأوه بخفوت متطلعًا إليها بغيظ.

سامر: ربنا على المفترى، بس بعشقك بردو
أخفضت رأسها خجلًا تحمد ربها على نعمته وإصلاحه لحياتها
في الأعلى بغرفة منار وحمدى
حمدى بغضب: بقولك إيه هتجيبى الفلوس ولا لأ
منار بعناد: لأ مش هتاخد حاجة
حمدى بصراخ: دى فلوسى
منار: دى فلوس أسد اللى بيدهالك، وأنا لاقيتها وخدتها ياخويا وبعدين أنا مش معايا فلوس ومحتاجة
حمدى بشماتة: عشان غبية رايحة تغرى اللى هيبقى جوز بنتك أهو منعك من الفلوس.

منار بغضب: وفلوسك مش هتاخدها برضو
بدأ حمدى يرتعش لغياب المخدرات عن جسده لفترة طويلة
حمدى بارتجاف: هاتى الفلوس مش قادر
منار: قولتلك لأ، أنا عايزة اشترى حاجات جديدة استحمل شوية
حمدى بشر: إنتى اللى جبتيه لنفسك
في غرفة جنى
جنى بعصبية في الهاتف: أنا خليته يأجل طلاقى لأسبوع ها هنعمل إيه، هو لو مش ليا فمش هيكون لغيرى
شريف: متقلقيش أسبوع كفاية وزيادة كمان
جنى: طب هنعمل إيه
شريف: بصى يا ستى إنتى..

جنى بتوتر: بس أنا خايفة
شريف: لأ بقولك إيه اجمدى كدة دى آخر فرصة
جنى: حاضر
في الأسفل
خرج الجميع من شروده على صوت ماجد
ماجد بحزم: أسد وحفيدتى فرحهم الأسبوع الجاى وسامر وترنيم فرحهم كمان أربع شهور، ودلوقتى يا أسد مفيش هزار يعنى حفيدتى لازم تنام في أوضة لوحدها
نظر له أسد بغضب شديد وقد احمرت عيناه
كاد أن يتحدث ولكنه توقف عند استماعه لصوت صراخ شديد.

انتفض الجميع متجهين لمصدر الصراخ بينما ظلت ترنيم مع ملاك بالأسفل
ملاك بخوف: هو في إيه
احتضنتها ترنيم لتهدئتها: متقلقيش بإذن الله خير
فتح أسد باب الغرفة حيث مصدر الصراخ
ليذهل هو ومن معه مما رأوه.
بالطابق السفلى
همس باستغراب: هو في إيه مالهم اتأخروا كدة؟! أنا قلقانة
ترنيم بتوتر: تعالى نطلع نشوف
همس بخوف: لأ بلاش أنا خايفة وأسدى هيزعل لو اتحركت من مكانى
ترنيم بزهق: أوووووف قووووومى خلصى بلا أسدى بلا هبل
همس بغضب طفولى: متقوليش أسدى أنا بس إللى أقول أسدى
ترنيم بحسد مصطنع: آااه طبعا براحتك حد قدك
همس بصدمة وهي تضيق عينيها: إنتى بتحسدى، طب والله لأقول لأسدى.

ترنيم بصدمة مصطنعة: بنت عيب دا أنا أخلفك يا قزمة، ومن غير كلام كتير قومى يلا نشوف في إيه
همس باستسلام: ماشى
أسندتها صاعدين لأعلى واتجها للغرفة مفتوحة الباب ليستغربا أن الصراخ من تلك الغرفة
داخل الغرفة
كلٌ متسمر مكانه بصدمة أمام ما رأوه لم يحاولوا التحدث ولو بحرف واحد حتى
أفاقا على شهقة قوية خرجت من همس لينظر لها بفزع.

اتجها للغرفة فوجدا الجميع يقف بأعين متسعة، تقدمت وقلبها يقرع بالطبول، لم ينتبه لها أحد فكل شارد فيما أمامهم، خطوة، خطوتان، الثالثة و، شهقة
نظرت هي الأخرى بذهول لما تراه أمامها.

والدتها، والدتها ممدة على الأرض الممتلئة بالدماء، ذبحت بعنف حتى كاد ينفصل رأسها عن جسدها الذي لم يسلم هو الآخر من الطعنات المتتالية يزينه سكين الفواكه، وذلك الذي من المفترض أنه والدها، يجلس وهو يضحك بخفوت وكأنه قد قتل فأرا ومنتظر الجائزة.

نظرت لكل شيء بذهول سرعان ما انهمرت الشلالات من عينيها وأطلقت صرخة متألمة، شعرت بالأرض تميل بها وقبل سقوطها التقطتها يدان صلبتان تعرفهما جيدا وقد قررت إغلاق عينيها تاركة له زمام الأمور فهى بحضن أمانها
أسد بصراخ وفزع وهو يجلس بجانب ملاكه الغائبة عن تلك الحياة القاسية: ملاااكى، ملاكى اصحى أرجوكى
ضرب بخفة على وجنتيها ولكن لا استجابة
قام بسرعة حاملًا إياها متجه لغرفته
في غرفة جنى.

أغلقت الهاتف سرعان ما انتفضت وهي تسمع صراخ أسد، تجاهلت الصراخ في البداية ظنا منها أنه احتفالا برجوع غريمتها، ولكنه الآن قد زاد عن حده
خرجت من غرفتها فرأته يحمل تلك الغبية، ولكن ووجها شاحب؟!
اتجهت للغرفة التي خرج منها لتفزع بشدة من هول ما رأته، ركضت بسرعة إلى غرفتها دون أن يلاحظها أحد
اتصلت به وهي تدعو أن يجيب وقد كان
شريف بإستغراب: في إيه؟!

جنى: مصيبة يا شريف، وحكت له عما رأته لتسمع ضحكة سعيدة ممتزجة بشماتة
شريف ببرود: طب دا شيء كويس
جنى بزهول: نعم
شريف بزهق: اتعلمى بقى يا غبية، أولا دا معناه إن الفرح اتأجل وبقى عندنا وقت أكبر، ثانيا دلوقتى الزفتة الصغيرة بقت مدمرة يعنى أسد اتدمر هو كمان يعنى فرصة نجاح خطتنا بقت أعلى وأعلى، فهمتى
جنى بإعجاب: يا ابن اللعيبة، بتجيب الأفكار دى منين.

شريف بغرور: أنا مش أى حد يا ماما، المهم تخلصى كل حاجة اتفقنا عليها بسرعة وأنا بخلص في موضوعى ووهحاول أخرج من هنا بأسرع وقت
أغلق بوجهها لتنظر للهاتف بزهول وحقد
جنى بكره: آخد أسد بس ووقتها هخلص منك
ظهرت ابتسامة على وجهها وهي تتخيل نجاح خطتها
في غرفة أسد.

اتصل بالطبيبة المسئولة عن ملاكه، نظر لها بحزن عما رأته، يتمنى لو لم يدخل أحد حياتهم، يتمنى لو كان هو وهي فقط، خطأه، لو أنه أخذها لمكان بعيد بعدما وجدها لما حدث كل هذا، ليته لم يخف من أن يؤذيها أحد من عائلته فخوفه جعله يتركها في القصر مع جده
خرج من أفكاره على طرق الباب
أسد بسرعة: لحظة واحدة
نظر لملاكه وأدخل شعرها الثائر على حجابها ثم خرج للطارق
أسد: إيه الجديد؟!

سامر بحزن: البوليس جه و هياخد حمدى دلوقتى و الإسعاف دقايق وهتوصل
أسد: تمام أنا مش هقدر أروح معاكم ابقوا عرفونى بكل جديد
سامر: حاضر، المهم هي عاملة إيه
أسد بتنهيدة حزن: الدكتورة على وصول
وضع سامر يده على كتف أسد يدعمه ثم خرج
عاد ليتأملها بحزن، خائف مما هو قادم
سمع صوت الطبيبة فسمح لها بالدخول
بدأت بفحص همس تحت نظرات الحزن والقلق.

الطبيبة: جالها انهيار عصبى، وللأسف جسمها الضعيف مش بيساعدها أبدا، فياريت تهتموا بأكلها وتكونوا جنبها دايما
أومأ لها ببرود سرعان ما تحول لعشق بعدما خرجت
جلس بجانبها وقبل يديها وجبينها ثم تمدد رافعًا إياها فوقه يحتضنها بشدة
مر يوم كامل دون أحداث تذكر
استيقظ على أنين وشهقات متتالية، فتح عيونه بفزع ونظر للتى فوقه تبكى بشدة وقد احمر وجهها
عدل وضعيته ليصبح جالسا على الفراش وهي بحضنه.

أسد بألم شديد وهو يشدد من احتضانها كأنه يريد ادخالها بين ضلوعه: ملاكى اهدى أرجوكى
همس بخفوت ومازالت تبكى بشدة: كنت، كنت عايزة أسمعها بتقولى بنتى، كنت بحبها، كنت مستنياها تحبنى
أسد وقد امتلأت عينيه بالدموع لأجل صغيرته المتألمة: ملاكى أرجوكى خلاص اهدى
ظلت تبكى بشدة حتى نامت مرة أخرى في أحضانه هاربة من ذاك الواقع المرير.

نظر لها بحزن وقد أطلق سراح دموعه: آسف يا ملاكى سامحينى أرجوكى، معرفتش أحميكى، معرفتش أمنعك تشوفى منظر زى ده، خليكى قوية، إنتى لو ضعفتى أنا هتدمر، كلكم مفكرين إنى قوتك، بس بالنسبة ليا العكس، إنتى هي قوتى، إنتى الحاجة الوحيدة اللى ممكن أضحى بكل شيء وكل شخص عشانها، إنتى نقطة قوتى وضعفى في نفس الوقت، دايما هدعى علطول إن يومى يكون نفس يومك، مش عايزه يكون بعدك هتعذب كتير، وأنا مش عايز أتعذب ولا أنتحر لإنى هخسر أغلى اتنين، ربنا وإنتى، ومش هقدر بردو أموت قبلك وأسيبك لوحدك تتعذبى، أو أسيبك ليهم وأنا عارف إنك هتتلوثى بنظراتهم، مش هقدر أسيبك لوحدك في الدنيا دى، مش هقدر إنى مكونش معاكى أحميكى منهم وأمنعهم عنك، أرجوكى ما تستسلميش عشان خاطرى، حاربى معايا للآخر واوعى تدمرى، وأنا دايما هكون ضهرك وسندك، وإنتى هتكونى ملاكى الحارس اللى هيحمينى، مش عايز غير إنك تكونى ملاكى وبس، دا لوحده بالدنيا وما فيها، بعشقك لدرجة الهوس، مش هسيبك إلا أما تعشقينى أضعاف عشقى، عارف إنه صعب لإن عشقى وصل لغاية الهوس والجنون بس مش هيأس أبدا.

قبل جبينها بعمق وأبقى شفتيه يتحسس نعومة بشرتها
سقطت بقايا دموعها على وجنتيه لتختلط مع دموعه كما اختلط قلباهما
ظل بجانبها لمدة طويلة ثم حملها ووضعها على الفراش واتجه للباب، تطلع إليها مرة أخرى ثم خرج من الغرفة
اتجه لأسفل ليعرف ما حدث فوجد الجميع جالس في صمت
أسد بحزن: ها عملتوا إيه.
سامر بتنهيدة: ماتت، مقدروش يعملولها أى حاجة، وجثتها في المشرحة دلوقتى مستنيين نستلمها، أما حمدى فاتقبض عليه والمحامى بيقول إن المحكمة أكيد هتحوله لمصحة عشان يتعالج من المخدرات خاصة إن كتر شربها خلاه مش في وعيه خالص وبقى عامل زى المجنون
أسد: محاكمته امتى؟!
سامر: لسة محددوش هما حابسينه دلوقتى على ما يحددوا الجلسة.

أسد بحزم: الموضوع ده يتقفل نهائى، مش عايزه يتفتح تانى أبدا مهما حصل، والعزا هيتم بكرا بس بعيد عن القصر
أومأ الجميع في صمت، على حق هو، فتلك الصغيرة لن تحتمل أكثر من ذلك
تنهد بحزن وشرود يفكر بملاكه، ستتأثر بما حدث بشدة، وزفافهما سيلغى!
أسد مستدركا نفسه في سره: بطل أنانية يا أسد، فرح إيه اللى بتفكر فيه دلوقتى، بس، لا من غير بس، أهم حاجة هي.

ظل الجميع صامت لفترة طويلة وكل منهم شارد في ما حدث، حتى تحدث الجد فجأة
ماجد بصرامة: خلاص اقفلوا على الموضوع وانسوا كل حاجة حصلت، بالنسبة لفرحك يا سامر إنت وترنيم وأسد وحفيدتى فهو هيتأجل لسنة على ما الأوضاع تهدى وحفيدتى تنسى اللى حصل.

سامر بصدمة وقد بدأ يعلو صوته: لا معلش يا جدى هنأجل أكتر من كدة إيه، أنا وترنيم في التلاتينات وأنا مش هستنى أكتر من كدة، أنا آسف يا أسد بس إنت والصغيرة لسة قدامكم العمر كله لكن احنا مش هينفع نستنى أكتر من كدة احنا شوية وهنعجز
شعرت ترنيم بالحرج من تحدثه عن عمرها وكلماته القاسية، صعدت لأعلى في صمت بينما نظر لها وهو يلعن نفسه، جرحها دون قصد
لم يستطع تركها هكذا حزينة فصعد خلفها مباشرة.

بينما صمت أسد فهو بين نارين إما يختار ملاكه فيؤجل الزفاف أو يختار عشقه لملاكه فيتمه
وبعد صراع طويل
أسد بهدوء مفتعل: مع احترامى يا جدى بس فرحى على ملاكى حاجة تخصنا، أما موضوع سامر فأنا مليش دخل بيه
ماجد ببعض من العصبية: ماشى يا أسد، بس باريت متكونش أنانى بالذات في الموضوع ده، أنا هسيبلك الحرية في الموضوع ده لكن إنك تنام معاها في أوضة واحدة لأ.

انتفض أسد صارخا بغضب: يووه يلعن أبو دا موضوع، إنت مالك إنت، أنا وهي وموافقين إنت بتدخل ليه، بطل بقى مش كفاية دخلت جنى وحمدى ومنار في حياتنا، والنتيجة اللى بيحصل فينا بسببهم، عايز إيه تانى، ليه مش عايزين تفهموا إن مفيش حاجة بعملها غلط
انتفض ماجد بعنف يضرب عكازه الأرض: هي كلمة واحدة يا أسد مفيش نوم معاها تانى، وتحترم نفسك أنا جدك مش موظف عندك عشان تعلى صوتك.

سعيد محاولا تهدئة الموضوع: خلاص يا جماعة صلو على النبى في إيه
أسد وماجد: عليه الصلاة والسلام
سعيد: بابا عنده حق يا أسد
أسد بصراخ: نعم
سعيد بخوف مصطنع: وأسد معاه حق بردو يا بابا
ماجد بصراخ: نعم
سعيد ببعض من الغضب: أنا طالع فوق عمركم ما هتعقلوا أبدا
صعد لأعلى تاركا إياهم
ظل أسد وماجد ينظران بتحدى حتى سمعا سعيد
سعيد بصدمة: بنتى
في غرفة ترنيم
تجلس على الفراش تبكى بعنف وصوت عالٍ حتى أنها لم تسمع صوت طرق الباب.

قلق عليها بشدة فاندفع للداخل بسرعة ليتحطم قلبه وهو يرى ترنيمته تحتضن الوسادة وهي تبكى بشدة
تقدم نحوها بسرعة وفي لحظة واحدة كان يحتضنها بدلا من الوسادة
سامر بحزن على حالها وهو يقبل أعلى رأسها فوق الحجاب: أنا آسف يا ترنيمتى والله ما قصدى حاجة، أنا بس، بس
لا يعلم كيف يفسر، لا يعرف كيف يوصل لها ما في عقله فاختار الصمت
ظلت لدقائق عديدة بين ذراعيه اللتان تشتدان عليها حتى هدأت أخيرًا.

ابتعدت عنه ببطئ تنظر له ليتطلع إليها بعشق وندم
ترنيم ببحة: إنت، إنت ممكن تسيبنى في يوم
سامر بذهول: إنتى بتقولى إيه؟! لا طبعا، إزاى تفكرى كده
ترنيم ببكاء مرة أخرى: وليه لأ، أنا في التلاتينات يا سامر، يعنى، يعنى اللى أصغر منى بعشر سنين ويمكن أكتر اتجوزوا وخلفوا، يبقى ليه تتحمل إنك تتجوز واحدة كبيرة لأ وكمان مطلقة.

احتضنها سامر مرة أخرى يعنفها على كلامها: اخرسى يا ترنيم، اخرسى، إيه الهبل اللى بتقوليه دا، إنتى مهما كبرتى دايما هتكونى ترنيمة قلبى، فاهمة
ترنيم بخجل: بس، بس أنا عارفة إنك كنت على، يعنى، مع بنات وكدة.

سامر متفهما إياها: بعترف إنى في فترة كنت أعرف بنات كتير، بس وحياتك عندى أنا وقلبى إنى عمرى ما كنت على علاقة مع حد، أنا عارف إن شربى وسهرى معاهم حرام، بس على الأقل عمرى ما كنت زانى ولا قبل ما أشوفك ولا أكيد بعد ما شوفتك، فاهمة يا ترنيمتى
أومأت بهدوء وقد أحست ببعض الراحة عقب كلماته التي زينت بعشقه
شرد بجمالها ليقترب منها بهدوء حتى أفاق على دفعها له ليبتعد عنها.

ترنيم بنظرة لوم وعتاب: ما ينفعش يا سامر، أنا لسة في شهور عدتى، وحتى لو مش كدة، اللى بتعمله دا حرام مينفعش حتى حضننا حرام
سامر بخزى: أنا آسف والله مش قصدى بس مش بعرف أبعد عنك
ترنيم بابتسامة: طب إيه رأيك نتفق اتفاق
سامر باستغراب: اتفاق إيه.

ترنيم بخجل: إيه رأيك كل أما تحس إنك عايز تحضنى أو حاجة يعنى زى كدة، اتخيل إنك بتحضنى مرة في النار ومرة في الجنة وشوف إنت عايز إيه منهم واختار واختيارك أنا هحترمه بس متنساش إنى هبقى معاك سواء في النار أو في الجنة
نظر لها بفخر وابتسم ثم ابتعد عنها ببطئ ليخرج بهدوء وهو يشعر براحة غريبة سرعان ما عاد لها
سامر بعشق: متقلقيش بإذن الله الجنة
ثم خرج مرة أخرى.

ابتسمت له بعشق هي الأخرى واحتضنت الوسادة ولكن تلك المرة بحالة مختلفة
في الأسفل
نظر لملاكه بصدمة، جالسة على الدرج تبكى بصمت قاتل وتنظر لأسفل
اقترب منها بسرعة وصعد الدرج حتى وصل إليها وهي على حالتها من السكون
جاء ليحاوطها بيديه ولكن تفاجأ بابعادها لهما
نهضت وهي تنظر لهم ببرود ومازالت دموعها تهبط بهدوء مماثل لحالتها
همس ببرود: أنا موافقة ومن انهاردة هنقل أوضة تانية وبتمنى محدش يدخلها.

قالت آخر جملة متطلعة إلى ذلك المصدوم، أين ذهبت نظرة العشق والهيمان
دقق بعينيها عله يجد نظرة واحدة منهما ولكن كل ما وجده الحزن والبرود!
لا يعلم لما ارتجف بدنه بعدما رأى تلك النظرة وممن؟! من ملاكه؟! صغيرته التي رباها
اقترب منها ببطئ ينافى دقات قلبه
يتمنى لو أنه يتخيل ولكن صدم بها تدفع يده الممدودة لها، كيف ترفضه؟! حتى في قسوته لم تنفره أبدا
أسد بتقطع وارتجاف: مم، لاكى
همس ببرود ودموعها تتساقط: أنا موافقة ومن انهاردة هنام في أوضة تانية
أسد بصدمة: إيه؟!
ثم أضاف بعصبية شديدة: ملاكى إنتى اتجننتى؟! إزاى عايزانى أبعد عنك.

تطلعت إليه بألم شديد سرعان ما تحول للبرود مرة أخرى
نهضت من مكانها تحت أنظارهم ليجدوها اتجهت لغرفة إضافية في الطابق معلنة إنتهاء الحديث وتنفيذها للقرار
ينظر لأثرها بتشتت وضياع ثم نظر للجميع ولم يدرك شيئا سوى ذلك السائل الدافئ على وجنتيه
يبكى؟! ولما لا فتلك الكلمة لم يعرفها سوى مع معشوقته ومعذبته والصغيرة
شعر بالاختناق الشديد فخرج بسرعة تاركا إياهم في صدمتهم بما حدث.

سعيد بصدمة: إنتو شوفتو اللى حصل من شوية
الجد بذهول هو الآخر: دا أنا كنت فاكر إنهم هيرفضوا وهفشل زى كل مرة، الواضح إن الحادثة أثرت على حفيدتى ودمرت نفسيتها
ظل كلا منهما شارد فيما حدث وما سينتج عنه في صمت قاتل
هبط سامر ليجدهم في ذلك الوضع
سامر باستغراب: في إيه؟! مالكم واقفين كده ليه؟!
نظر له الجد بشرود ثم صعد لغرفته وفعل سعيد المثل
سامر باستغراب: إيه العيلة دى؟! يلا بكرة نعرف.

اتجه للشركة ليتابعها فقد أهملوها كثيرا الفترة السابقة
ذهب كل بطريقه ولم يلاحظوا تلك التي أشرق وجهها من الفرح وقد سهلت مهمتها أكثر وأكثر
جنى في سرها بخبث: تصدقى بدأت أحبك يا همس، بس خليكى كدة أسبوع بس وكله هيبقى تمااااااام
يتجول سيرا على الطرق ونظرتها لا تفارقه أبدا حتى خرج من شروده على رنين هاتفه.

تردد كثيرا في الرد، يعلم أن كلمة واحدة وينفجر في البكاء كالطفل الضائع ولكنه يحتاج أحد يطمئنه، يحتاج من يخبره أنها تعشقه، يحتاج من يعده أنها لن تتركه
رد على الهاتف مستمعًا إلى كلمات مازن المعاتبة
مازن بعتاب: شكرا أوى يا صاحبى وأخويا، الواضح إنى لازم أفتح التلفزيون عشان أعرف أخبارك، المهم الصغيرة عاملة إيه
حاول، ويعلم الله كم حاول بشدة أن يتماسك، ولكن كل شيء رحل بمجرد ذكرها.

انفجر في البكاء الشديد وقد عادت نظرتها لعقله، وكأنها فارقته؟!
يبكى بشدة وقد ارتفعت أصوات تنفسه المصاحبة للشهقات العنيفة
لحسن حظه عدم وجود أحد حوله، لحسن حظه أنه بمنطقة شبه فارغة وإلا لكان الوضع أسوأ وأسوأ، يكفيه أن يشاهد أحد آخر ضعفه غير ملاكه
سقط على ركبتيه وهو جالس في منتصف الطريق وشهقاته تعلو وتعلو
أسد بوجع شديد وينظر للسماء: ياااارب
مازن بقلق: أسد، أسد في إيه مالك اهدى كده وقولى في إيه.

أسد ببحة وصوت متقطع: قو، لى إنها مش، مش هتسيبنى أرجو، ك
أدرك أنه في حالة لا وعى فقرر مجاراته حتى يفق
مازن: اهدى اهدى بإذن الله مش هتسيبك بس حصل إيه
هدأ قليلا يخبره بكل ما حدث.

مازن برزانة: بص يا أسد، إنت بتحبها بس بطريقة غلط، يعنى حبك ليها مليان عقبات كتير لازم تتخلص منها، ومن أهم العقبات دى هي أنانيتك، لازم تفكر فيها دايما يا أسد، لازم تراعى مشاعرها وأنا متأكد إنها مكنتش في وعيها وهي بتقولك كدة وكلنا عارفين إن أقل حاجة بتدمرها فلازم نعذرها، وبعدين أنا شايف إن ده الصح
أسد بأمل: يعنى هي بتعشقنى صح؟
مازن: أكيد صح
ابتسم بهيمان يفكر بمعشوقته الصغيرة وقد تناسى من على الهاتف.

مازن: لا أبوس إيديك ركز معايا، أنا مش بسافر أشتغل عشان أصرف على مكالماتك، عايزين نفرح إحنا كمان
ضحك أسد بخفوت عليه قائلا باختناق من البكاء: يابنى ماقولتلك خليك هنا وأنا هساعدك في أى حاجة
مازن بتنهيدة: بصراحة حاسس إنى مرتاح برة، كل مكان في مصر بيفكرنى بحاجة وحشة عملتها زمان في حياتى، وغير كدة شغلى برة أحسن من هنا، واحتمال بعد ما ياسمين تولد أسفرها هي والولاد بره، ومين عارف يمكن أرجع هنا تانى.

أسد بهدوء: اللى يريحك يا مازن بس خليك فاكر إنى جنبك دايما
مازن بابتسامة: عارف يا صا، إيه ده اقفل اقفل ياسمينتى بتتصل
أغلق دون انتظار إجابة حتى
نظر أسد للهاتف بذهول: آه يابن الجزمة بتبيعنى
سرعان ما ابتسم مرة أخرى وهو يتذكر ملاكه
يعلم أنها تعشقه، يعلم أنها ليست بوعيها، يعلم أنها ضعيفة أقل شيء يؤثر عليها.

لا يستطيع، لن يتحملها هكذا، أنانى، ويعلم ذلك، لا يفكر سوى بنفسه، لا يفكر سوى باحتياجاته، ولكن أليست احتياجاته هي احتياجاتها، أليس البعد يقتلهما معا
سوف يضع حد لرغباته، سينتظرها لسنوات أخرى لو أرادت، يكفى أنانية، سيكون بجانبها دائما، حتى لو في غرفة أخرى سيظل روحه معها تساندها لتتخطى ما هي فيه
وأخيرا وجدت الابتسامة طريقها لوجهه
نهض من مكانه واتجه مرة أخرى للقصر بأفكار جديدة وأمل جديد
شهر، مر شهر كامل.

ذلك العاشق أصبح مجنون بمعنى الكلمة، كلما حاول التحدث معها لا تنظر له حتى، تجرحه بتصرفاتها، يعطيها العذر ولكن قلبه مشتاق
يذهب كل ليلة إليها، يجدها نائمة فيحتضنها ويطلق العنان لدموعه، يخبرها مدى شوقه وعذابه منها، يرجوها أن تعود كما كانت، يخبرها كل ما يحدث في يومه ويرد على أسئلتها دون أن تتفوه بكلمة، يحفظها ويعلم كيف تفكر وماذا تريد، حتى وهي نائمة، ويتركها قبل أن تستيقظ.

أما تلك الملاك فقد ذبلت بشدة، لا تتحدث ولا تأكل إلا للضرورة، لا تعلم مابها، تشعر أنها تريد الموت، تشعر أنها غير مرغوب بها، وما زاد الطين بله هي غريمتها، جنى، التي تتسلل وتسمم أفكارها بكونها عالة على الجميع حتى أنها فكرت أكثر من مرة في إيذاء نفسها، ولكن حارسها، أسدها، يحميها دائما، تشعر به ليلا ولا تتحدث، تستمع لكل كلمة ولا تجيب، لا تعلم لماذا ولكن تشعر أنها لا تريد شيء، تخاف أن يتركها هو، لذلك اختارت أن تبتعد هي.

في غرفة جنى
جنى بعصبية في الهاتف: وأنا مالى، أنا مش عارفة أقعد معاه دقيقتين حتى على بعض
شريف بغضب: بت إنتى يا انهاردة يا كل واحد يشتغل لوحده
زفرت بحدة فقد حاولت كثيرا أن تنفذ خطتهما ولكن ذلك الأسد لا يجلس معها أبدا فكيف تفعلها
جنى محاولة الهدوء: خلاص متقلقش كده كده هو تقريبا متدمر ودا هيساعدنا
شريف باصرار: انهاردة يا جنى، انهاردة كله يتم
جنى: تمام ماشى بس انت هتخرج امتى.

شريف بتنهيدة: بحاول بس الواضح إنهم موصيين عليا أوى هنا، لكن على مين
جنى: خلاص ماشى سلام دلوقتى
أغلقت الهاتف وهي تفكر كيف تبدأ خطتها حتى ابتسمت بشر وقد توصلت لها
في غرفة ترنيم
سمعت صوت الطرق فارتدت حجابها واتجهت للباب
تفاجئت بأسد شعره مبعثر وثيابه غير مهندمة فقد اعتاد دوما أن تختار معشوقته ما يرتديه وأن تمشط شعره كما يفعل معها دائما
ترنيم بصدمة: أسد، خير في إيه
أسد بخفوت: ممكن نتكلم.

ترنيم باستغراب: أيوة طبعا اتفضل
أسد: لا مينفعش خلينا هنا على الباب
أومئت له بهدوء منتظرة أن يتحدث
تنفس ببطئ لمدة طويلة محاولًت تمالك نفسه، يشعر أنه أصبح غير متزن تلك الأيام، يتخيل الكثير من الأشياء بسبب نومه القليل وقلة طعامه هو الآخر
أسد: أنا محتاج مساعدتك، عايزك تتكلمى مع ملاك وتحاولى تفهمى حالتها لإنها رافضة الكلام معايا
ترنيم بابتسامة: متشيلش هم بإذن الله هحاول تانى أتكلم معاها انهاردة.

أسد بارتياح: شكرا يا ترنيم، عن إذنك
ترنيم: العفو
اتجه للشركة لأول مرة منذ تعب ملاكه عله يشغل جسده عنها ولكن كيف يشغل عقله وقلبه؟!
في إحدى الدول الأوربية حيث يجلس مازن بحجرة مكتبه فيرتفع رنين الهاتف سرعان ما أجاب وهو يرى اسم ياسمينته
مازن بعشق ولهفة: حياتى وحشتي، مالك بتعيطى ليه؟!
ياسمين ببكاء: إنت بتهزر يا مازن بقالك شهور برة ومش عارفة أشوفك أبدا.

مازن باعتذار: أنا آسف يا حبيبتى والله بس دا عشانك إنتى وولادنا، وبعدين يا ستى استحملى شهر كمان ووعد هنزل مصر لغاية ما تولدى وساعتها يا تيجى إنتى والولاد ونعيش هنا يا إما هصفى كل حاجة وأستقر في مصر
ياسمين بضحكة سلبت لبه للمرة التي لا يعرف عددها: بجد يا مازن
مازن بعشق: بجد يا روح مازن، أمال فين معاذ ومليكة مش سامع صوتهم يعنى
ياسمين: بيلعبوا كورة برة
مازن: وأخبار البيبى إيه.
ياسمين بسخرية وغضب: بيلعب كورة جوة
انفجر ضاحكا على حنق معشوقته، فذلك المشاكس يتعبها أكثر ممن سبقوه
مازن بضحك: ههههه لا بقولك إيه انشفى كده دا لسة في أضعافهم
ياسمين بردح: نععم يا عممر، أضعاف مين ياخويا
نظر للهاتف بصدمة
مازن بذهول: مين معايا؟ إنتى بتقعدى مع مين يا بت
ياسمين بضحكة طفولية: هههه بقعد في قهوة حلوة أوى يا مازن
والآن حاء دوره للردح.

مازن: نعععم، قهوة يا روح أمك، ويا ترى شربتى خمرة ولا لسة يا سعدية
ياسمين ببراءة: لا والله مش بيقدموا خمرة، بس في سجاير ودخان هناك، وبعدين دى قهوة حريمى
ثم أضافت بغضب: ومتجيبش سيرة أمى
مازن بحنق: ماشى ماشى، بكرة أجيلك والنعمة لأنفخك
ياسمين بغضب: اقفل دايما سادد نفسى ربنا يسد نفسك، ويسلكها بعد خمس دقايق
كتم ضحكته بصعوبة، لم تتغير أبدا، دائما ما تدعو عليه ثم تسحبها مباشرة
وهكذا حالهم ما إن يتصلان ببعضهما.

ربع دقيقة حب، وباقى المكالمة غضب وضحك معا
في قصر ضرغام بغرفة همس
تجلس معها ترنيم تحاول جعلها تتحدث
ترنيم بحنان: يا حبيبتى مينفعش اللى إنتى فيه ده، طب إنتى وأسد ذنبكوا إيه
انهمرت دموعها ما إن سمعت اسمه، قررت من البداية ألا ترد على أحد كالمعتاد، ولكن لا تعلم ما حدث، لا قدرة على الكتمان أكثر من ذلك
سارعت ترنيم في احتضانها
ترنيم: خلاص يا حبيبتى متعيطيش ادعيلها بالرحمة.

همس ببكاء: ربنا يرحمها، أنا، أنا زعلانة عليها بس، بس أسدى..
لم تكمل جملتها لانفجارها في البكاء
ترنيم مهدئة إياها: طب إهدى اهدى بس وقوليلى أسد ماله
همس ببكاء: هو صعبان عليا أوى، أنا بعشقه بس، بس خايفة يسيبنى زيهم، كل اللى بحبهم بيسيبونى ويمشوا وهو أكيد هيسيبنى ويمشى زيهم
ترنيم: عشان كدة بتبعدى عنه، عشان خايفة.

أومئت لها وهي تبكى، فهمت ترنيم الآن لما حالتها هكذا، الكل يعلم كم هي ضعيفة، تختار الهروب دائما، وما شجعها على ذلك إحاطته لها من كل جانب
ترنيم: طب بصى يا حبيبتى، لو تخيلنا إنه فعلا هيسيبك، فالأحسن إنك تضيعى الوقت اللى تعيشيه معاه في نعيم، ولا إنك تكونى جنبه في كل وقت وتستمتعى بكل لحظة معاه
نظرت لها ببراءة تعترف بمدى غبائها، بالتأكيد تريد قربه حتى لو ليوم واحد
همس بدموع: بس ممكن يبعد عنى.

ترنيم: هو مستحييل يبعد عنك، إنتى بالنسبة لأسد جنة ربنا على أرضه فبرأيك ممكن يبعد عنك
همس بابتسامة وهي تزيل دموعها: بجد
ترنيم: أيوة طبعا بجد، أول ما أسد ييجى تصالحيه علطول عايزين نفرح بيكم بقى
ثم أضافت بحالمية: وأفرح أنا وسمورتى بقى
همس بضحك: هههه طب هو أسدى هييجى امتى
ترنيم: مش عارفة ممكن يتأخر انهاردة، سامر قال إن في شغل كتير
همس برقة: خلاص هستناه.

ترنيم وهي تقبل وجنتيها بقوة: يلهووووووى هي الرقة دى طبيعى يا ولاد دا أنا جعفر على كدة، أما أمشى قبل ما أسد ينفخنى على البوسة دى
تحركت مسرعة للخارج
انفجرت همس ضاحكة على خوفها حتى شردت في معشوقها، أسدها، قررت ألا يبتعدا أكثر من ذلك، يكفى بعد، يكفى عذاب
في الشركة
ظل أسد سارح متردد أيتصل بها أم لا؟ حتى اتخذ قراره
أمسك الهاتف مستعدا لسماع صوتها الذي يعشقه ولكن تفاجئ باتصال جنى به فأجاب عليها.

أسد بزهق: ها في إيه
جنى ببكاء: أسد الحقنى أرجوك
أسد بقلق: في إيه
جنى: تعالا بسرعة على..
ظل متردد بشدة أيذهب أم لا
أفاق على صراخها ثم انغلاق الخط
نهض بسرعة متجها للعنوان
قلق بشدة فمهما كانت تظل ابنة خالته وأمه الثانية
وصل للعنوان ودخل الفيلا بسرعة بعدما وجد الباب مفتوحًا
فوجئ بمن جاء خلفه ووضع منديل على أنفه وفمه ليشعر بالثقل الشديد ويسقط على ركبتيه
الرجل: ها يا هانم أشيله جوه؟

جنى: لا استنى، خليه يشرب بسرعه قبل ما يغمى عليه
أخذ الرجل الماء وأشربه إياه قبل أن يفقد وعيه تماما ثم حمله ووضعه على الفراش
خرج من الفيلا بعدما أخذ ماله
دخلت جنى وجلست بجانبه
تشعر بالخوف الشديد إذا علم بالمخطط وكشفهم
أفاقت من شرودها على رنين الهاتف لتجيب بسرعة
جنى بلهفة: أيوة يا شريف شربه خلاص.

شريف بشر: تمااااااام أوى، ركزى بقى. دلوقتى المخدر مدة بسيطة ومفعوله يروح وبعدين تشتغل المادة التانية، لازم كل حاجة تبقى تمام، تجاريه في كل حاجة يعملها ومتنسيش تصورى كل حاجة، والحبوب اوعى تنسى تاخديها فاهمة
جنى: أيوة أيوة فاهمة متقلقش يلا سلام بقى
أغلقت الهاتف واتجهت لأحد الأدراج
أخرجت منه كاميرا ووضعتها في مكان تظهر منه الغرفة كلها ثم أسرعت في خلع ملابسها لتظل بقميص نوم شفاف وقصير لتجده بدأ يفيق.

فتح عينيه ببطئ
وجد ملاكه أمامه بقميصها القصير، نظر لها بابتسامة بلهاء ليجدها تقترب منه
كم تألمت وهي تسمعه ينادي غريمتها، كم تمنت أن تخبره أنها جنى وليست تلك الشمطاء، ولكن كما قال شريف فلتجاريه
نام بجانبها وهو مبتسم
قامت بهدوء وارتدت ملابسها ثم أسرعت للكاميرا وحفظت الفيديو.

ظلت لساعات تنقل الفيديو للهاتف وتحذف به بعض المشاهد التي تظهر عدم وعيه كما أغلقت الصوت تماما حتى لا يسمعون هتافه بملاكه فيشكون في الأمر
جنى بحقد: أما نشوف يا أستاذة همس هتعملى إيه إنتى والعيلة
اتصلت بشريف لتخبره بتمام كل شيء ثم اتجهت لتنام بجانب أسد مرة أخرى ولكنها توقفت على رنين هاتفه
في قصر ضرغام
تنتظره منذ فترة ولكن تأخر كثيرا قررت الاتصال به وأخيرا أجاب
همس بلهفة: أسدى إنت كويس، اتأخرت ليه؟

فزعت وهي تسمع صوت تلك الغبية
جنى بشماتة: معلش يا حبيبتى أصلنا عرسان جداد بقى
أغلقت جنى الهاتف مباشرة
حزنت بشدة لوجودها معه، بكت وهي تتخيله يضحك مع تلك الجنى ويحتضنها
غفت دون وعى منها على الفراش ودموعها على خديها
أشرقت الشمس من جديد ليفتح عينيه ببطئ يشعر بصداع شديد
فرك جبينه حتى اتضحت الرؤية له ليجد نفسه عارٍ وبجانبه جنى الغافية بهدوء
دفعها بعنف عنه لتستيقظ بفزع فتجده يرتدى ملابسه بسرعة.

اتجه لها لتبتلع ريقها بخوف
أسد بعصبية شديدة: إيه اللى حصل، انطقى
جنى بارتباك: عادى، زى أى اتنين متجوزين
أسد بصراخ وهو يضغط على كتفها: بقولك حصل إيه
ابتعدت عنه بصعوبة وأحضرت هاتفها لتريه الفيديو
نظرت للهاتف بصدمة، شعر بالاشمئزاز من نفسه ولكن أصر أن يكمل عله يتراجع عما يفعله
ولكن بالفعل، أصبحت زوج.
شعر بالأرض تميل به، كيف فعل ذلك؟!، كيف خان ملاكه؟!، إذا علمت قد تتركه؟!
يتنفس بعنف شديد واحمر وجهه وقد تجمعت الدموع بعينيه، نظر حوله بتشتت سرعان ما تحول لغضب جحيمى عندما وقعت عينيه عليها، فكر في قتلها، يجب أن يتخلص منها، جاءت صورة خالته أمام عينيه فتراجع، ثم جاءت صورة ملاكه فعزم، لا يعلم ماذا يفعل ولكن كل ما يعلم أنه سيختار ملاكه حتى ولو على حساب عائلته كلها.

خافت كثيرا منه خاصة بعد أن رمقها تلك النظرة القاتلة حتى شعرت بسخونة شديدة على وجنتها لتدرك أنه صفعها
سقطت على الأرض من شدة صفعته، لم يتركها، بل هجم عليها بالصفعات والركلات وهو يبكى ويصرخ وأمامه صورة ملاكه تذهب بعيدا عنه وتتركه وحيدا
ابتعد عنها وأمسك شعرها بيديه وأوقفها أمامه
أسد بغضب وصراخ: ليييه، لييه عملتى كدة وإزاى، انطقى
كانت صامتة تأخذ أنفاسها بصعوبة وانتفخ وجهها من شدة الصفعات.

كاد أن يكمل لكن أفاق على رنين هاتفه
اتجه إليه ببطئ وكأنه يتجه لقاضٍ ليحكم عليه..
تحقق خوفه ملاكه تتصل به، ماذا يخبرها؟، كيف يخفى عنها الموضوع وهو كتاب مفتوح أمامها، تفهمه دون قول أى شيء
أجاب عليها محاولًا التحكم بأنفاسه
همس ببكاء: أسدى
لم ينتظر ليسمع الباقى فركض للخارج بسرعة ليعرف ما بها ملاكه، خائف بشدة أن تكون علمت ولكن حتى لو عرفت لن يسمح لها بالبكاء أبدا، مثلما لن يسمح لها بتركه!

اتجه لسيارته وتحرك وهو يحاول طمئنتها ولكنها لا تكف عن البكاء حتى انقطع الخط ففزع وأسرع أكثر وأكثر بالسيارة غير عابئ بالمخالفات أو الطريق
في الفيلا
تجلس على الفراش تتنفس براحة، لأول مرة تمتن لتلك الشمطاء الصغيرة أنها أنقذتها
ظلت تهاتف شريف حتى أجاب أخيرا
جنى بعصبية: اتأخرت ليه في الرد هستنى سياتك
شريف باستفزاز ووقاحة: هههه اهدى أعصابك يا عروسة، شكله كدة نفخك ضرب ههههه
جنى بعصبية: شريييييف.

شريف: خلاص خلاص بس المهم تدعى إن كل حاجة تحصل زى ما خططنا، لإن أقل حاجة هتبوظ كل الليلة، سلام عشان حد داخل
أغلق الهاتف لتشرد بما خططا
فلاش باك
شريف في الهاتف: بصى يا ستى اللى هيحصل إنك هتجيبيه لأى مكان بعيد عن القصر، اشترى المكان ده أو أجريه مش هتفرق أهم حاجة إنه ميكونش في القصر وتتفقى مع أى راجل إنه يساعدك عشان يخدره وينقله للسرير، بس أهم حاجة يكون مخدر خفيف يعنى ربع ساعة بالكتير ويصحى.

جنى باستغراب: ليه
شريف: لإننا هنحتاجه مفتح عينيه وبيتحرك
جنى: بس وهو إحنا هنلحق نعمل أى حاجة في ربع ساعة.

شريف بمكر: ومين قالك إننا هنعمل حاجة في الربع ساعة، إحنا عايزين اللى بعد الربع ساعة، إنتى هتروحى الصيدلية وتطلبى منه أى حاجة تخلى الإنسان مش في وعيه خالص يعنى يتحرك ويتكلم من غير ما يحس ولو الصيدلى شك فيكى ارشيه أو عرفيه إنتى بنت مين والحاجة دى حطيها في عصير أو مايه أى حاجة يكون سهل يبلعها، وخلى بالك لازم تلحقيه قبل ما يغمى عليه من المخدر
جنى: تمام وبعدين.

شريف: لازم تروحى لدكتور وتكشفى عشان تعرفى إيه هي الفترة اللى نسبة الحمل فيها أعلى وتبدأى تنفذى في الفترة دى وكمان تسألى عن حبوب تساعد عن الحمل بسرعة
ثم أضاف بتحذير: جنى، الحمل هو اللعبة كلها، يعنى لو محملتيش كله هيبوظ
جنى باعجاب: يابن اللعيبة، بس ما أنا ممكن أمثل عليهم الحمل عادى من غير ما يكون حقيقى
شريف بسخرية: وبرأيك هيدخل على أسد الحوار ده
جنى: خلاص خلاص بس هخليه يلمسنى إزاى.

شريف: متقلقيش خالص الحباية هي اللى هتعمل كل حاجة، آه ومتنسيش تصورى كل حاجة وتظبطى الفيديو وتحذفى أى حاجة تدل إنه مش في وعيه تمام
جنى: خلاص تمام
باك
جنى بابتسامة شر: أما نشوف الهانم الصغيرة هتعمل إيه لما أدخل عليها أنا واللى في بطنى
خرجت من الفيلا وذهبت للصيدلية لشراء اختبار حمل حتى تستعمله فيما بعد للتأكد
في قصر ضرغام.

دخل بسرعة وقلبه يتآكل خوفا، وصل لغرفتها وتردد، تذكر كم مرة دلف ورأى نفس النظرة، تذكر كم مرة توسلها أن ترد عليه ولكن لم تستجب
حرك رأسه بعنف كأنه يخرج الأفكار من رأسه، فتح باب غرفتها ودخل بهدوء ليجدها تتحرك في الغرفة بعشوائية ودموعها تهبط، اقترب منها بسرعة وأحاط وجهها بكفيه
أسد بفزع: ملاكى، بتعيطى ليه؟!
نظرت له وهي تمط شفتيها كالأطفال سرعان ما ارتمت بأحضانه منفجرة في بكاء أعنف.

همس ببكاء وشهقات متتالية: أنا آسفة، أنا بعشقك أوى، أرجوك متسبنيش
أحس بنبضه يعود من جديد مزامنة مع عودته للحياة، شد على احتضانها وهو لا يصدق أن ملاكه عادت من جديد، نسى كل شيء وتذكر أنها في أحضانه تخبره بمدى عشقها له
ابتسم ببلاهة وجنون وهو يرفعها لأعلى ومازالت بين أحضانه، يشتم رائحتها كالمدمن
يتنفس بسرعة وعنف يحاول تخزين أكبر قدر من رائحتها بداخله خوفا أن تعود تلك الباردة من جديد.

أفاق من أفكاره على دفن رأسها في عنقه ليشعر بالتوتر
ابتعدت عنه ببطئ ولازالت مرفوعة بين أحضانه تنظر له بعشق ودفئ
همس ببحة: مش هتسيبنى وتروح لجنى صح؟
وهنا وتذكر كل شيء فعلت أنفاسه لخوفه الشديد، احضتنها بعنف يدفن رأسه بشعرها تارة وعنقها تارة غير عابئ لتألمها
همس بتألم: آه أسدى
رفعها كالعروس على يديه وذهب بها للفراش وسطحها عليه وسط استغرابها.

وقبل أن تتفوه بكلمة وجدته نائم بجوارها ثم رفعها فوقه ويعود بدفن وجهه بعنقها
شعرت بالخوف الشديد عليه فصدره يعلو ويهبط بطريقة غريبة
صدمت وهي تستمع لصوت شهقاته العالية
همس بقلق: أسدى إنت بتعيط؟!
أسد ببكاء: ليه دلوقتى؟، ليه مرجعتليش من شهر؟، كانت كل حاجة اتغيرت
همس بحزن: خلاص والله آسفة بس متعيطش
ثم أضافت ببراءة وهي على حافة البكاء مرة أخرى: والله لو مبطلتش عياط هعيط أنا كمان وهبهدلك.

ابتسمت مستمعة لصوت ضحكاته التي تضرب عنقها
رفعت رأسها عنه وظلا يتأملان بعضهما بعشق أهلكهما لمدة طويلة
أسد باستغراب: إنتى كنتى بتعيطى ليه؟!
همس بغضب: عشان في واحد بايت برة البيت من امبارح لأ وكمان أتصل بيه ألاقى الشرشوحة اللى اسمها جنى بترد عليا وقال إيه عرسان جداد، وبعدين مش إنتم متجوزين بقالكم كتير إيه عرسان جداد دى؟!
ابتلع ريقه بخوف وتوتر لا يعلم بما يجيبها.
أسد بتوتر: ها، لا، يعنى هو، أنا بعشقك أوى يا ملاكى
قالها باستسلام، لم يجد نفسه سوى وهو يخبرها بمدى عشقه لها
تطلعت له بخجل وقد نست كل شيء ببساطة
نظر لها واقترب برأسه منها ببطئ
شعرت به يريد تقبيلها فوضعت يدها بسرعة على شفتيها مانعة إياه وتهز رأسها رافضة بعنف
نظر لها باستغراب لما فعلته لتجيب عليه
همس بتوتر: بصراحة يا أسدى، إحنا هنخلينا كده لغاية لما نتجوز وأرجوك قبل ما تعترض دا طلبى، هترفضه؟

زفر بعنف مجيبًا: ومن امتى برفضلك طلب
ابتسمت له سرعان ما شهقت وهي تسمعه
أسد: على العموم مش هتفرق لإن فرحنا بكرة
همس بصدمة: إيه فرح مين؟!
ضربها على رأسها بخفة ومرح وهو يجيب: هيكون مين غيرنا يعنى، وبعدين لو هتقدرى تبعدى عنى أنا مش هقدر
تطلعت إليه بعشق وقد استسلمت له فهى لن تقدر على بعده أبدا
أسد بحماس: سكوتك ده يعنى موافقة صح.

هزت رأسها موافقة، لم تكمل هز رأسها لتجد نفسها تسقط على السرير بعنف بعدما أزاحها وهو يركض للخارج صارخا
همس بذهول: يابن المجنونة، يخربيتك هتفضحنا
ارتدت اسدالها والحجاب وخرجت وراءه بسرعة لتعلم ما سيفعل
صرخ مناديًا كل من بالقصر حتى خرجوا من غرفهم
ماجد بغضب وتهكم: جرى إيه يالا مصحينى على صريخك ليه بتولد ومنعرفش
انفجر سامر ضاحكا ثم ابتلعها سريعا بعدما وجهت له تلك النظرة.

أسد باستفزاز: معلش يا جدى عارف إنك عجزت وشيخت كان لازم أراعى وجود الناس اللى في سنك
ماجد بغضب: قليل الأدب صحيح
سعيد بزهق: أووف ياجماعة خلصونا بقى، في إيه يا أسد
أسد بفرحة: بكرة فرحى أنا وهمس
نظر له الكل بصدمة وذهول ليضحك عليهم
أسد: ههههه لا بقولكم إيه أنا ورايا حاجات كتير، خلوا صدمتكم دى بعدين
قال جملته وجاء ليخرج لكن وقع نظره على ملاكه ليتجهم وهو يراها بهذا الثوب.

اتجه لها بسرعة وسحبها لغرفتها بغضب مغلقًا الباب بعنف
همس بقلق: في إيه؟!
أسد بغضب: إيه اللى إنتى لابساه دا يا هانم
همس باستغراب وهي تنظر لثوبها الأكثر من محتشم: ماله يا أسدى وحش؟!
أسد بغضب وصوت عالى: إنتى يابت هتجننينى أنا مش مانعك من اللبس الضيق واللون الأزرق وبعدين أنا مش اشتريت الاسدال ده قبل كدة ولا شوفته
تطلعت إليه باتساع وكأنه برأس أفعى.

همس بزهق: نعم، أولا الاسدال واسع وحتى الحزام واسع عن وسطى كتير ثانيا إنت مانع الألوان كلها مش أزرق بس وثالثا ترنيم اللى ادتهولى هدية
أسد ببرود: أنا قولت ضيق يبقى ضيق وبعدين أنا مش مانع الألوان عنك
همس بغضب وهي ترفع اصبعها في وجهه: مش مانع الألوان عنى؟! دا إنت يا مؤمن بتلبسنى ألوان زى الزفت، عمرك شفت حد بيلبس لون فوسفورى، إيه خايف أتوه منك في الضلمة، آااااه.

صرخت بألم بعدما عض اصبعها لتخرجه بصعوبة من فمه وهي تدعكه وتنظر له بحقد طفولى ثم تعطيه ظهرها
زفر بغضب متطلعًا إليها ثم اقترب وأدارها نحوه وهو يقول
أسد: خلاص بقى يا حبيبتى الله، وبعدين ما إنتى اللى قمر أعملك إيه؟!
همس بتريقة: خلاص بقى يا حبيبتى نانانانا
أسد بصدمة: نهارك اسوح بتقوليلى أنا نانانانا، شكلك محتاجة أعض لسانك ده بدل صوبعك
شرد قليلا بها لتنجرف أفكاره تلقائيا.

نظرت له بفزع بعدما علمت ما يدور بخلده سرعان ما بدأت تضربه على صدره وهي تسبه
همس بصراخ: آه يا سافل يا واطى يا حيوان يا منحرف يا، يا..
صمتت لا تعلم بما تسبه أيضا ليساعدها دون وعى منه وهو يقول
أسد بتلقائية: يا
وضعت يديها على فمها وهي تستمع لتلك السبة الوقحة، كيف نطقها؟!
نظر لها بصدمة لا يعلم كيف سب نفسه فتنحنح بخفوت لينسيها ما حدث
أسد بحرج: طب إنتى عايزة إيه دلوقتى.

همس وقد نست ببراءة كعادتها: عايزة ألبس ألوان
أسد: زى إيه؟!
همس بحماس: إسود
أسد بصدمة: نهار إسود على دماغك، تلبسى إسود عشان ييجى عيل تافت يستظرف ويقولك الأسود يليق بك وبعدين يقدملك الكتاب ويكتبلك عبارات حب فيه ما تلمى نفسك يا بت إنتى
همس بزهق: طب أحمر
أسد بغضب: نعم ليه ناقصة إثارة إنتى يعنى ولا إيه
همس: أووف طبعا أزرق لأ
أسد ببرود: ومعاه الأخضر كمان أنا مش ناقص ألوان تبين عيونك أكتر.

همس: طب نقسم البلد نصين وألبس أصفر
أسد: آاااه ما دا الناقص يا روح أمك، تلبسيلى أصفر عشان تبانى أكتر بين الناس لأ ومختارالى لون أصفر وعيونك زرق وشعرك اسود، أنا غلطان إنى بتكلم مع عيلة زيك، أنا مقامى أكبر من كدة أساسا
همس بتريقة: مقامك! ليه ما شوفتش نفسك برة من شوية، كان شكلك مسخرة بصراحة، آاااه
صرخت بفزع راكضة قبل أن يمسكها حتى وصلت للحمام بصعوبة وأغلقت على نفسها.

أسد من الخارج: ماشى ماشى والله لأوريكى بتجرى منى زى البطريق يا أوزعة
همس بكبرياء وشموخ ينافى حالها وهي تجرى منه: إنت اللى زرافة ولو سمحت وقتى ثمين ومش هضيعه معاك
ابتسم بخفوت على حالهما الذي يعشقه
أسد بتنهيدة: ماشى يا ملاكى، المهم، أنا هبعتلك كل حاجة تحتاحيها عشان الفرح وهخلص كام ورقة في الشركة وآجى علطول، ومتطلعيش برة عشان هبعت ناس يعاينوا القصر من برة ويجهزوه، آه كنت هنسى، هتوحشينى.

همس بخجل من الداخل: وإنت كمان هتوحشنى
خرج من الغرفة متجها لشركته وهو فرح للغاية وقد نسى ما حدث في الصباح وقرر أن يعيش بسعادة معها وسيتعامل بطريقته الخاصة مع جنى
في الشركة يتحدث أسد مع مازن على الهاتف
أسد: لازم تيجى الفرح
مازن بسعادة: يارب فرحتك تكمل وربنا يجمعكوا في الخير يارب، أنا كنت هنزل كمان أسبوع بس عشان خاطرك هحجز طيارة بكرة وأجيلك يا معلم
أسد: تمام يلا سلام بقى عشان ألحق أخلص
مازن: سلام.

انشغل في إنهاء العمل حتى يأخذ أجازة طويلة يقضيها مع معشوقته الصغيرة
عادت للقصر لتجد بعض المهندسين والعمال خارج القصر
جنى باستغراب: هو في إيه
أحد العمال: أسد بيه بعتنا عشان نشوف القصر ونعاينه
جنى: ليه؟!
العامل: أصل فرحه بكرة
صدمت مما سمعت لم يكن في حسبانها أن يتزوجا بسرعة، ظنت أنها ستحتاج شهر على الأقل حتى تقبل بزواجه وفي تلك المدة تتأكد من حملها ولكن الآن كل شيء قد تدمر.

صعدت لغرفتها سريعا وقد أخبرت شريف بكل شيء
شريف بعصبية: إزاى، لأ مش هسمح بكدة إنتى تتنيلى تتصرفى
جنى بعصبية: أتنيل أتصرف إزاى أنا عقلى وقف
شريف بغضب: جنى مليش فيه تتصرفى وتحلى الموضوع
جنى: ماشى تمام
عاد ليلا بعد ساعات من العمل الشاق
دخل القصر ليجد الجميع جالس وملاكه تبكى وتنظر له بعتاب واتهام
وقع قلبه وهو يستمع لكلمات تلك الشيطانة
جنى بمكر: أهلا بجوزى أخيرا وصلت مشوفتكش من ساعة ما سيبتنى الصبح.
تطلع إليهل بصدمة نقل بصره لملاكه الباكية في حضن ترنيم، لا يعلم ما يفعل، حتى أنه لا يعلم ما يشعر به الآن، ظل يتطلع إليها كأنه يرجوها أن تنسى، ولكن كيف تنسى وهو لم ينسى؟
اقتربت جنى منه ووضعت يدها على صدره
جنى بخبث: كدة يا حبيبى تسيبنى يوم صبا، آااه
أطلقت صرخة مؤلمة بعدما دفعها وصفعها بعنف حتى خرجت الدماء من شفتيها وأنفها
ماجد بغضب: أسد إي..

أسد بصراخ وغضب وقد بدى عليه للجنون واللا وعى: إنت بالذات متتكلمش، إنت السبب في كل حاجة، إنت اللى دخلت ال دى حياتنا، أنا اترجيتك، اترجيتك وإنت رفضت، إنت السبب، إنت السبب
يكرر تلك الجملة بجنون وهستيرية وهو يهز رأسه بعنف وقد عادت صورة ملاكه تبتعد عنه مرة أخرى
سامر بقلق: أسد إنت مش في وعيك دلوقتى، اهدى كدة
أفاق من نوبة جنونه على تلك الشهقات العالية التي تمزقه إربا.

نظر لها بحزن وهو يقترب منها، توقف أمامها عاجزًا، لا يستطيع البعد عنها وخائف، خائف أن يقترب فتبتعد هي، نظر لها وقد سقطت دموعه هو الآخر
رفع يده ببطئ وارتعاش ليتلمس وجهها لكن أفاق بصدمة على صوت تلك الكريهة
جنى بصوت عال: أنا حامل
أسد بصراخ وهو يقترب منها: نععم يا روح أمك حااااامل، مفكرانى أهبل يا بت، حمل إيه اللى يتعرف في كام ساعة
جاء ليضربها ولكن وقف ماجد بينهما ليمنعه.

ماجد بغضب: اهدى بقى عامل نفسك فتوة ليه خلينا نقعد ونسمع كل حاجة عشان نقرر
جاءت همس لتركض مبتعدة ولكن منعها صوت ماجد
ماجد: حفيدتى، إنتى كمان لازم تقعدى معانا
أغمض عينيه بعنف، ثم فتحهما وهو يرمق ماجد بكره، هو سبب المشاكل، وبعد كل هذا يطلب من ملاكه أن تجلس معهم لتفهم كل شيء
يعلم كم مؤلم هذا الشعور، يعلم أنها تعانى بشدة وذلك العجوز يزيد معاناتها بجلوسها معهم
جاء ليعترض لكن صمت وهو يراها تتجه بآلية وتجلس.

جلس الجميع في مكانه لا يسمع سوى صوت شهقات خافتة وأصوات تنفس عنيفة مرتفعة
ماجد بهدوء: دلوقتى جنى قالت إن جوازكم تم امبارح، والكلام ده مفيهوش غلط يا أسد هي مراتك وأحق بيك لكن الغلط إنها تبقى حامل وإنتوا متفقين على طلاق، صح؟
أسد بعنف: لأ مش صح، أنا مش فاكر حاجة، كل اللى فاكره إن ال دى اتصلت بيا وهي بتصرخ وروحتلها وبعدها مش فاكر حاجة غير إنى صحيت وأنا، وأنا..

لم يستطع إكمال ما حدث وهو يرى الألم مرسوم على ملامح معشوقته البريئة
أسد: وبعدين إزاى قدرت تعرف إنها حامل في كام ساعة بس بعد، بعد اللى حصل
جنى بتوتر: ماهو، ما هو الدكتور قالى إنى هتأكد أكتر كمان أسبوع بس قال إن بنسبة كبيرة جدا أنا حامل
أسد بصراخ: حتى لو حامل هينزل، أنا مستحيل أخلف غير من ملاكى وبس
همس بصراخ وشهقات متتالية: بطل بقى، ولما إنت مش بتحبها، ليه عملت اللى في الفيديو ده.

نظر لها بصدمة شديدة، هل رأت الفيديو؟ هل عرفت كل ما منعه عنها؟ يعلم أنه غبى لتفكيره بتلك الطريقة في هذا الموقف ولكن، لكن، آاااه سأقتلهم جميعا
اقترب منها بسرعة وهو يسألها بخوف
أسد بفزع: إنتى، إنتى شوفتى إيه في الفيديو
ماجد بنبرة ذات مغزى فهو يعلم كل شيء: متقلقش هي شافتكم وإنتم في حضن بعض وبتبوسوا بعض وبعدها أنا أخدت الفيديو وقفلته.

تنفس الصعداء بعدما ارتاح أنها لم تعلم، على الأقل لديه مصيبة واحدة وليست اثنتين
ماجد برزانة: أسد، بعد اللى حصل ده أنا بقول نأجل الفرح على ما..
أسد بصراخ وخوف: مستحيل، ده على جثتى أنا، فرحى هيتم مش هيتأجل تانى أبدا
أمسكها من ذراعيها يرجوها وبدأت الدموع تتجمع في عينيه
أسد باختناق: ملاك أرجوكى متعمليش كدة، أنا بحبك ومقدرش أبعد عنك أبدا، والله العظيم مش فاكر حاجة، أنا بعشقك إنتى ومستحيل أخونك.

ثم أضاف بضعف: أنا، أنا هموت لو بعدتى عنى أكتر من كدة، والله مش هقدر أكمل لو بعدتى يوم واحد، أرجوكى متضيعيش اللحظة دى من إيدى، أرجو، كى
قالها بتقطع وقد أطلق السراح لدموعه
وكالعادة ذلك الصغير النابض قد حن وخضع لصاحبه ومالكه، لم تستطع أن تراه بتلك الحالة، لم تقدر أن تكون السبب في ضعفه
اتسعت عينيه وهو يشعر بها تحتضنه بشدة وقد ارتفع صوت بكائها.

ضمها إليه بلهفة يقبلها بسرعة وعنفوان فوق حجابها وعلت شهقاته هو الآخر
أسد ببكاء: آسف سامحيني
ابتعدت ببطئ ومسحت دموعه بيديها الصغيرتين
همس ببكاء وهي تزم شفتيها: متعيطش، إنت أسدى اللى مش بينكسر أبدا
نظر لها بفرحة عارمة وجاء ليحتضنها مرة أخرى لكن أفاق على صوت ذلك الكريه
ماجد: يعنى موافقة إن بكرة يتم الفرح
نظرت لأسدها بابتسامة أسرته ثم هزت رأسها موافقة.

فرح بشدة لموافقتها وأسرع بامساك يدها وأخذها خلفه حتى لا تتأثر بأى كلام منهم وتغير رأيها
توقف بمنتصف الدرج ثم نظر لجنى التي تتآكل غضبا وقد فشلت كل مخططاتها
أسد بغضب وقسوة: جنى، إنتى طالق بالتلاتة، أصحى بكرة ألاقيكى مش في القصر، وبالنسبة لحملك فجهزى نفسك عشان لو فعلا حامل يبقى اتشاهدى على روحك قبل روحه
قال كلماته ثم سحب خلفه ملاكه المتفاجئة من قسوته.

تسمرة من صدمتها ثم ركضت لغرفتها بعصبية وهي تبكى بشدة وغضب
في الأسفل
نظر سعيد لوالده بعتاب
زفر ماجد بعنف قائلا: نعم يا سعيد في إيه؟
سعيد بعتاب: إنت غلطان من الأول يا بابا لو مكونتش دخلت جنى في الموضوع من الأول كان زمانهم فرحانين في حياتهم.

ماجد بغضب: وأنا كنت أعرف منين إن حفيدتى هتحبه وتتمناه جوزها، أنا كنت بحسبها بتعتبره أبوها فخوفت عليها إنه يضرها لما تكبر، وبعدين جنى اتغيرت أوى من بعد ما سافرت برة، أنا كنت فاكرها لسة جنى البنت الطيبة بس واضح إن العيشة برة غيرتها
ترنيم باستغراب: بس الموضوع فيه حاجة غلط إزاى أسد مش فاكر حاجة.

ماجد بشرود: أنا متأكد إن جنى ورا كل ده، أكيد عملتله حاجة لإن أسد مستحيل يخون حفيدتى بس مش هسمحله إنه ينفذ اللى قاله ويقتل ابنه أبدا
سامر بتنهيدة: مش مهم دلوقتى أى حاجة، خلونا نخلص من بكرة بس وبعدين نشوف كل حاجة
في غرفة جنى
جنى في الهاتف بعصبية وصراخ: كل حاجة فشلت، كل حاجة فشلت
شريف بعصبية هو الآخر: يعنى إيه فشلت، إزاى؟

جنى ببكاء: مش عارفة، أنا قولت أتصرف فعرفتهم باللى حصل ووريتهم الفيديو وقولتلهم إنى حامل بس ولا حاجة نفعت، لأ وكمان، وكمان طلقنى بالتلاتة وفرحهم هيتم بكرة
شريف محاولا الهدوء: خلاص اقفلى إنتى وأول ما أشوف حل هبقى أتصل بيكى
جنى بصراخ: نعم لسة هستنى بقولك طلقنى
شريف بعصبية: بت إنتى أنا مش خدام أهلك، لو مش عجبك اتصرفى إنتى
أغلق الهاتف بوجهها لتلقيه باكية بشدة وقد قررت أن تبتعد تلك المدة حتى يجد شريف حلًا.
لن تنتظر أن يتم طردها على يد من تعشقه
في غرفة سعيد
يجلس أعلى فراشه يبكى وينظر لصورة تجمعه مع عائلته
سعيد بخزى: أنا السبب، أنا اللى ما أخدتش بالى منكم، سامحينى يا سمر إنى اخترت سمية أم ليكم، يمكن لو مكونتش اتجوزتها وسمعت كلام أبويا كنتو مجيتوش الدنيا بس على الأقل محدش كان هيتعذب
سامحنى إنت كمان يا شريف، بس مهما حصل هفضل أحبكم وأفتكركم دايما.

قبل الصورة ثم أخذها في أحضانه كالعادة يبكى على عائلته التي لم يتبق منها سوى سامر
في غرفة همس
استطاع بصعوبة اقناعها بأن تظل في حضنه حتى تنام ثم يذهب لغرفته
ملس على شعرها بحنان وهي فوقه وقد أحس بحمل أزيح من عليه
أسد فجأة: قولى عايزة إيه يا ملاكى
همس بصدمة وعيون متسعة: إزاى عرفت إنى عايزة أقول حاجة.

أسد بعشق وفخر: أنا اللى مربيكى، أنا اللى شكلتك من وإنتى صغيرة، والأهم من كل ده إن، إنى أنا اللى بعشقك أكتر من أى حد في الكون ده كله
نظرت له بهيام وقد تأكدت الآن أنها لن تندم على مسامحتها له أبدا
أسد: يلا بقى قولى بتفكرى في إيه
همس بتوتر وخجل: بص، بصراحة كنت، كنت عايزة أكشف
نظر لها بفزع: ليه إنتى تعبانة، حاسة بإيه
همس مطمئنة إياه: أنا كويسة بس يعنى كنت، كنت عايزة أعرف أنا حامل ولا لأ.

انتفض مكانه كمن لدغته أفعى وأمسكها من خصرها بسرعة وهي على قدميه حتى لا تقع
أسد بصراخ: نعم يا روح أمك، حمل إيه يا بنت الج..
همس بغضب طفولى: متشتمش
أسد محاولا الهدوء: ما إنتى اللى بتقولى كلام غريب بردو
همس بخجل: ليه يعنى مش إنت حضنت وبوست العقربة وبقت حامل، وإنت عملت كدة معايا ليه ما كونش حامل أنا كمان
زفر براحة بعدما فهم قصدها سرعان ما توتر وهو لا يعلم بما يجيبها
أسد بتوتر: أصل، أصل بصراحة مش ده يعنى.

همس ببراءة: أمال إيه يا أسدى
أسد وهو يفرك خلف عنقه: هو، هو يعنى..
همس بإستغراب: هو إيه؟!
أسد بعصبية ليخفى توتره: خلاص بقى الله
نظت له بغضب طفولى ليضحك بخفوت عليها
أسد بهدوء: بصى بقى يا ملاكى، إحنا هنتجوز بكرة بإذن الله يبقى نوعد بعض إن محدش فينا يخبى أى حاجة عن التانى.
أومئت له موافقة بتردد سرعان ما تألمت وهو يمسكها من أذنها ويشدها.

أسد: النظرة دى أنا عارفها كويس، قولى يا مصيبتى القصيرة عملتى إيه ومخبياه عليا
همس بتردد: فاكر لما إنت شفرت التليفزيون ومخليتش فيه إلا قناة إو اتنين للكرتون
أومئ لها بهدوء يمنع ابتسامته من الظهور فقد علم ما تقصد
همس بتوتر: بصراحة، بصراحة أنا خليت جدو يساعدنى إنه يشغل قنوات تانية كمان.
انفجر ضاحكا عليها وعلى غبائها
عقدت حاجبيها بغضب تلكزه في صدره
تمدد على الفراش مرة أخرى وهي فوقه ومازال يضحك حتى قال.

أسد بضحك وتهكم: آااه قصدك القنوات التعليمية للأطفال وقنوات ماتشات الكورة
شهقت بعنف وهي ترفع رأسها وتنظر له بصدمة
أسد بضحك: إنتى مفكرة إن ممكن يحصل حاجة تخصك من غير أمرى
همس بغضب: إنت بتستغفلنى يا أسدى
أسد ببراءة مصطنعة: طب ما إنتى عملتى كدة لما خبيتى عليا
همس بغباء: تصدق صح
ضحك عليها وعلى وسذاجتها سرعان ما اختفت وهو يستمع لها
همس: أسدى، لو هي حامل فعلا هتتخلى عن ابنك، بلاش القسوة دى يا أرجوك.

أسد منهيا الحديث: نامى يا حبيبتى، نامى عشان فرحنا بكرة وفي حاجات كتير هتجهز
ابتسمت بخفوت متذكرة أنها ستحمل اسمه غدا
اختفت ابتسامتها تدريجيًا تفكر من سيسلمها له
زفرت ببطئ ثم قررت النوم وعدم التفكير مرة أخرى في ذلك
يعلم جيدا ما يدور بداخلها وقد أقسم أن يجعل ليلة زفافهم ليلة لا تنسى أبدا
احتضنها مبتسمًا بهيام ويفكر عما سيحدث غدا.

حملت جنى أغراضها وقد قررت الذهاب لأحد الفنادق بعد الفجر لن تمنحهم فرصة النظر لها بانتصار
لن ترحل أمامهم منخفضة الرأس قضت ليلتها تفكر كيف تلغى الزفاف حتى أذن الفجر فارتدت ملابسها للرحيل
صباح يوم جديد
استيقظ الجميع وهم على قدم وساق يعملون بجد لينتهوا سريعا ولم يلحظ أحد غياب جنى
بالرغم من استياء هذان العاشقان لبعدهما ذلك اليوم عن بعضهما فكل منهما منشغل إلا أن كلما تذكرا السبب يبتسمان بهيام وسعادة شديدة.

في الشركة
جالس وابتسامة عاشقة على وجهه حتى زالت وهو يتذكر شيء هام
فتح درج مكتبه وحرك بعض الأوراق حتى وجد ضالته
ظل يقرأ الورقة أكثر من مرة خاصة تلك الجملة (عقد زواج) وتوقيعه هو وملاكه!
شرد قليلا في الماضى
تذكر وقت بلوغها، جهز تلك الورقة وجعلها توقع وكالعادة فعلت دون اعتراض فهى تثق به كثيرا
أعد كل ما يلزم ليتم هذا الزواج حتى ولو كان بواسطة محامٍ وليس قانونيا فعلى الأقل هو زواج بالنهاية.

جعل مازن وكيلا لها يعلم أن مازن سيحفظ السر أو بمعنى أصح سينساه بمرور الزمن وجهز كل الأوراق اللازمة
ظن بتلك الورقة سيحلل قربه لها ولكنه قلل الشعور بالذنب ولم ينهيه أبدا
في كل مرة يقترب منها يشعر بالذنب وتأنيب الضمير
لكن يذكر نفسه بتلك الورقة دائما فيشعر بالراحة قليلا على الأقل هي زوجته أمام الله حتى ولو لم تكن زوجته أمام الناس
لو علم بحبها لأخبرها فورا ولكن خاف أن تنفره.

لذلك حافظ عليه سرا وللعجب قد تناسى هو أيضا أمر تلك الورقة ولم يتذكرها سوى الآن
نظر للورقة مطولا قبل أن يقطعها لأشلاء صغيرة
أسد بابتسامة للورقة: مش محتاجك تانى ولا دلوقتى ولا بعدين
ظل لوقت متأخر في الشركة ينهى العديد من الأعمال حتى ذهب للقصر ليتجهز
حتى الآن كل شيء يحدث كما يريد عدا طبعا ذلك الكم من الذنوب التي أخذها وهو يسب ماجد الذي رفض أن يجعله يرى ملاكه الصغير.

وقف أمام المرآة يعدل شعره وقد علت الموسيقى بالأسفل وبدأ الناس بالحضور
تمنى أن يقام الزفاف في تلك القاعة التي بناها خصيصا لها ولكن الوقت ليس في صالحهم وما شجعه على ذلك هي فرحة ملاكه بإقامة الزفاف في حديقة القصر
يدندن بسعادة مع الموسيقى حتى أفاق على فتح الباب بعنف
نظر بعنف تجاه الباب سرعان ما تحول لفزع وهو يرى ملاكه تبكى بشدة وتندفع لحضنه.
احتضنها بقلق شديد يحاول طمئنتها حتى هدأت قليلا
ابتعد عنها دون اخراجها من حضنه وهو يملس على وجنتها: مالك يا قلبى بتعيطى ليه
همس باختناق: الفستان اتقطع ميت حتة و، والميكب أرتيست لسة مجتش لحد دلوقتى والمعازيم قربوا يوصلوا
نظر لها باستغراب وذهول فقد كان كل شيء مجهز في الصباح
أسد باستغراب: إزاى الفستان مقطوع أنا بعتهم يجيبوه امبارح بالليل وكان سليم.

همس ببكاء: مش عارفة أنا أول ما صحيت الفجر حطيته على السرير وروحت قعدت مع ترنيم ونمت هناك ولما دخلت الأوضة لقيته باظ خالص
أسد بغضب: نعم، وحياة أمك نمتى معاها!
همس بصراخ ممزوج ببكاء: آااه أنا في إيه ولا إيه
أسد بتراجع: خلاص اهدى الله، هشوف حل بس هعاقبك على نومتك معاها
نظرت له بغيظ لتخرج سريعا من الغرفة وهي تقول
همس بصراخ: ماشى خليك في نومتى وسيب فرحنا، خلينا نأجلة بقى.

أسد بخوف: نهار اسود نأجل إيه لأ مش هينفع
توقف فجأة عندما تذكر عدم ظهورها حتى الآن
ذهب لغرفتها سريعا فوجدها فارغة من كل شيء ليسب بصوت عالى وقد أدرك أنها الفاعلة
أسد بغضب: وحياة أمى لأوريكى
ذهب لغرفته مرة أخرى واتصل بمركز للتجميل
الموظفة: أيوة يا فندم أى خدمة
أسد بغضب: معاكى أسد ضرغام، ممكن أعرف فين مدام روان، الساعة بقت 8 دلوقتى، فرحى هيبوظ عشان إهمالكم.

الموظفة بخوف: المدام يا فندم جات انهاردة الصبح وقالت إن حضرتك وهي لغيتوا الحجز
أسد بصراخ: وهو أى عيلة تيجى تقول كلمتين تصدقيهم
الموظفة: العفو يا فندم بس هي مرات حضرتك فعلا وقالت إن فرحكم اتأجل وأنا اتأكدت من البطاقة بتاعتها واسمها تقريبا مدام جنى أو جنة
لعنها في سره وقد تأكد أنها السبب
أسد محاولا الهدوء: طب أنا عايز مدام روان تيجى حالا
الموظفة: حالا يا فندم هنبعتها.

أغلق أسد الهاتف بوجهها بفظاظة ثم اتصل بدار للأزياء
أسد: معاك أسد ضرغام، محتاج فستان فرح بسرعة في خلال ساعة بالكتير يكون وصل: تمام يا فندم عايزه يكون..
أسد مقاطعا: ابعتلى صور لأحسن الفساتين وأنا هختار: تمام يا فندم حالا يكونوا عندك
بعد مدة قصيرة وصلت له صور للعديد من الفساتين ولكن لا شيء يليق بملاكه حتى..
اتسعت عينيه وهو يرى ذاك الفستان، سيكون رائعا على ملاكه كما أنه يشبه قليلا الفستان الأصلى.

اختاره أسد وأخبرهم بإضافة بعض التعديلات عليه ليناسب المحجبات
اتجه لملاكه منتظرًا وصولهم
فتح باب غرفتها ودخل ليجدها تبكى على الفراش
أسد وهو يحتضنها: خلاص بقى يا ملاكى، أنا اتصرفت وكل حاجة هتم
همس بصدمة: بجد
أسد بابتسامة: أيوة بجد، ساعتين بس وتكونى جاهزة
همس بقلق: بس المعازيم هيملوا ويمشوا
أسد بفرحة وحماس: أحسن عشان محدش يشوفك غيرى
همس بهيام وهي تنظر له: طالع حلو أوى
اقترب منها بهدوء قائلًا: إنتى أحلى.

سرعان ما تحول عشقه لغضب: تعالى بقى هنا، إزاى تنامى مع ترنيم
همس بضجر وهي تدفعه للخارج: يا ربى، بعدين بعدين نبقى نشوف الموضوع ده، امشى يلا بقى عشان جدو لو شافك هيزعق
أسد بزهق: أوف هو أنا ناقصك إنتى كمان أنا..
قطع كلامه صوت اغلاق الباب في وجهه لينظر للباب بصدمة
أسد بغضب ضاربًا الباب: على فكرة اللى بتعمليه ده قلة زوق ومفيش واحدة محترمة بتعمل كدة في جوزها وحبيبها أبدا، ومتحطيش مكياج كتير عشان مزعلكيش.

قال آخر كلماته صارخا وهو يتجه لغرفته
ضحكت عليه بخفوت وعلى تصرفاته الطفولية معها، فمن يراه معها لا يصدق أنه صاحب امبراطورية ضرغام أبدا
في إحدى السجون
شريف في الهاتف بعصبية: يعنى إيه مش هتعرف تخرجنى
مدحت بزهق: أنا دلوقتى في مهمة وهتخلص كمان كام يوم فاستنى شوية
شريف بغضب: بس إحنا متفقين انهاردة هخرج
مدحت: بس مدفعتش وأنا مش همشى بالاتفاقات، اللى معاه فلوس يبقى الأول.

شريف: بس أنا قولتلك هدفعلك أول ما أخرج، كدة مش هينفع أنا محكوم عليا بالإعدام وفاضل كام يوم على جلسة الاستئناف يعنى يوم ما أتشقلب هاخد سجن طول حياتى وأنا مش هستنى أما أتعفن هنا
مدحت بزهق: خلاص بقى يا باشا، هخلص المهمة اللى أنا فيها على السريع وهخرجك بس المهم الفلوس تجيلى ولو لعبت بديلك أنا هعرف أجيبك إزاى
شريف: متقلقش أخرج من هنا وهظبطك بس إنت ضامن إنك هتعرف تخرجنى ولا أدور على غيرك.

مدحت: عيب عليك، زى ما عرفت أدخلك محمول في الإنفرادى هعرف أخرجك كويس
شريف: ماشى تمام بس بسرعة بقى يلا سلام دلوقتى
مدحت: سلام يا باشا
أغلق وهو يشعر بالغيظ خطط للهرب في الصباح حتى يستطيع منع الزفاف ولكن فلينتظر كم يوم فقط، سيتركهم يستمتعون قليلا قبل الانتقام
في قصر ضرغام
خرجت همس من المرحاض بعدما تحممت وقاموا بتجهيزها وبصعوبة استطاعت اقناع أسد بوضع القليل والقليل جدا من مستحضرات التجميل.

انتظرت حضور الفستان بتوتر حتى جاء أخيرا
تطلعت إليه بلهفة لتصدم
فستان أسطورى، ملئ بالماسات الصغيرة اللامعة، يتسع بشدة من الخصر حتى القدمين ذو ذيل طويل، يحتوى على نقوش فضية اللون، كادت عينيها تخرج قلوبا
حسنا ليس بروعة القديم ولكنه مذهل، لم ترى مثله من قبل، فرحت بشدة فأسدها كل لحظة يثبت أنه بجانبها يدعمها وينقذها دوما
ارتدته بلهفة ثم وضعوا حجابها فكانت ملاكًا.

ظلت البسمة على وجهها وتدعو الله أن يتم زواجها بخير ويجعلها زوجة صالحة لأسدها
وضعت الفتيات الطرحة على وجهها واستعدوا
فتح الباب لتفاجئ بترنيم وياسمين أمامها يبتسمان
احتضنتهما بشدة وهي تضحك بسعادة
همس بسعادة لترنيم: أنا كنت بحسبك هتقعدى مع المعازيم على ما أنزل
ترنيم مقبلة جبينها: وأسيب القمر يا ناس، يخربيت حلاوتك يا شيخة إيه الجمال ده
ابتسمت بخجل وبراءة ثم نظرت لياسمين
همس: كنت هزعل لو مش جيتى.

ياسمين بحنان وهي تربت على وجنتها: وهو أنا عندى كام همس يعنى إن شالله لو هولد دلوقتى لازم أحضر فرحك بردو
همس بفرحة: كنت مفكرة إن محدش هيبقى جنبى
ترنيم بابتسامة: أولا إنتى معاكى أسد دايما ثانيا هو من الصبح عمال يأكد علينا إننا نحضر وناخدك من إيدك ونوصلك
قالت آخر جملتها وهي تمسك يدها وفعلت ياسمين المثل ليمشيا بها باتجاه الدرج الداخلى حتى خرجا من القصر
وقفا أمام الدرج الخارجى.

نظرت بذهول للحديقة التي أصبحت أجمل من أى قاعة وما أبهرها أسدها الوسيم المتطلع إليها بصدمة! لتجد ياسمين تتركها وكذلك ترنيم و
ثانية واحدة وأصبحت يدها بيد مازن الذي استلمها ليهبط بها
أما ذلك العاشق، فهو ينظر لها بعشق خالص وقد صدم من جمالها، يا الله أهذا الملاك له وحده، نظر لها ببلاهة حتى أفاق من شروده على إمساك مازن ليدها.
ضغط على يده عدة مرات حتى يتمالك نفسه، وهو يعد في سره عشر ثوانٍ، فقد ضحى بأن يلمس أحد يدها في سبيل سعادتها، يريدها أن تعلم أن عائلته عائلتها وتساندها، لو كان أسد القديم لرفض أن يراها أحد حتى، لكن اقتنع بكلام مازن أن يكف عن أنانيته وما شجعه رؤية نظرة الحزن بعينيها وهي بين أحضانه أمس تفكر عمن يسلمها له.

أفاق من أفكاره ليجد سامر يستلمها من مازن ويهبط بعض الدرجات ليزفر بغضب وعمق يمنع نفسه من قتل هذان الغبيان ثم بدأ بعدّ عشر ثوانٍ أخرى
هبطت مع مازن بسعادة وقد علمت أن كل شيء من تخطيط عاشقها أفاقت على كلمات مازن لها
مازن: اوعوا تسيبوا بعض أبدا هو بيعشقك جدا لدرجة..
توقف وهو يبتسم لها ويسلمها لسامر.

أمسك سامر يدها مكملًا: لدرجة إنه وافق يقلل غيرته في سبيل سعادتك وخلانا نمسك إيدك بس زى ما قولتك يقلل مش يمحى لإنه..
ظلت تبتسم بسعادة وتنظر لعاشقها ومعشوقها، تعلم كم هو غاضب ستراضيه وتسعده فيما بعد
وجدت سامر يترك يدها لتجد سعيد يتولى الأمر.

سعيد بحنان ممزوج بضحك وهو يهبط بها: لإنه خلى سامر ومازن ينزلوا بيكى درجتين بس عشان ميمسكوش إيديكى لفترة طويلة وأقسم إنه هيعد الثوانى ولو زادوا عن عشرة وهما نازلين بيكى هيطلع ياخدك وينهى الفرح وكمان هيأجل فرح سامر ويخلى ياسمين تعيش هنا بعيد عن مازن
ضحكت برقة وسعادة فهو لن يتغير أبدا
وجدت ماجد ينظر لها بحب ثم قبل جبينها فوق طرحتها وتسلم يدها.

ماجد بحب وهو يهبط: إنتى حفيدتى حتى لو مش بالدم، أنا عمرى ما هنسى أول يوم اتكلمنا فيه، وقتها إنتى رجعتينى لماجد القديم، خليتينى قدرت ألحق الباقى من عيلتى قبل ما تضيع كلها، أنا جدك قبل ما أكون جد أسد، فاهمة
نظرت له بعيون دامعة من تحت طرحتها وهي تومئ بالإيجاب
هبط بها الجد آخر درجة ليجد أسد ينفض يدها من يده ويمسكها بسرعة مزمجرًا بغضب
أسد بغضب وهو ينظر لماجد: ابقى اترحم على حفيدك وصاحبه.

ماجد بصدمة: نعم، مش إنت اللى قولتلنا..
صدم أكثر وأكثر وهو يرى تلك الشرارت الغاضبة أصبحت شرارات عاشقة بعدما نظر لملاكه، ضرب يديه ببعضهما وهو يسبهما بداخله
همس ببحة ودموع: بعشقك
أسد بابتسامة وهيمان: وأنا بتنفسك، مجنون بيكى، مهووس بتفاصيلك
همس: إنت اللى عملت دا كله صح
أسد وهو يقبل جبينها: دى أقل حاجة يا ملاكى، لازم تعرفى إن كل دى عيلتك.

أراد أن يخرج حمدى ليحضر زفافهما لكن خاف عليها بعد أن رآه فقد أصبح كالمجنون يدمر كل شيء حوله بحثا عن المخدرات لذلك تراجع فورا، قد يؤذيها وحتى لو لم يفعل فبالتأكيد ستحزن وهي تراه بهذا الوضع
أفاق على نظراتها العاشقة التي لم تستطع تلك القماشة إخفاءها
رفع عنها الطرحة ببطئ ليذهل من ذلك الجمال الصارخ، متى تحول وجهها من البراءة للأنوثة المتفجرة.

أنزل طرحتها مرة أخرى سريعًا يحيط خصرها بتملك وينظر للجميع بغرور ينتظر أن يرى نظرة جريئة فقط ليقتل من تجرأ
اتجه معها للطاولة المزينة بالورود الحمراء والبيضاء ليجلسها بجانبه ويضع يده بيد جده فهو وكيلها
لا تعلم ما حدث ظلت شاردة به وأفاقت على قوله قبلت زواجها ليدق قلبها بعنف مهللًا، يريد أن يعرف العالم كله بتلاحم قلبيهما قبل تلاحم اسميهما
فجأة أصبحت في حضنه يدور بها صارخا بعشقه لها.

قال تلك الجملة وسرت القشعريرة في جسده لم ينتظر أن يبارك لهما المأزون بل قام منتفضا يسحبها بسرعة محتضنا إياها ويدور بها
أسد بصراخ: بعشققققك
توقف بعد مدة لتنظر للأرض بخجل
ضمها إليه لتضع رأسها بسرعة عند قلبه بإحراج، تكاد تقسم أن رأسها تهتز من عنف ضربات قلبه
ظلت في أحضانه لفترة لا تعلم مدتها حتى أفاقت على كلمات ماجد المخجلة
ماجد بسخرية: جرا إيه يابن المفضوح مش قادر تستنى.

أسد بسخرية وهو يضم ملاكه: قصدك يا حفيد المفضوح
ماجد بغيظ: آااااه يا بن
نظر له أسد بتهكم ثم قال لملاكه
أسد بحنان: يلا يا ملاكى نمشى إحنا
همس بشهقة: نمشى إيه!
أسد بكذب: أصل يا حبيبتى الطيارة هنتأخر عليها كدة متنسيش إحنا نازلين الفرح متأخر تلات ساعات
ماذا أتعتقد أنه سيتركها أمام هذا الحشد لفترة أطول؟!، بالتأكيد تحلم!
همس باستسلام: خلاص ماشى
ودعّا الجميع وبالطبع دون احتضان.

ماجد بهمس لأسد: أسد مش هوصيك عليها، ومتنساش براحة عليها
أسد بعشق ناظرًا لملاكه بجانبه: مستحيل إن أسمح بدمعة تنزل منها أبدا متقلقش
ربت على كتفه قائلًا: وأنا متأكد إنك قد كلمتك
أمسك يدها وبدلًا من الخروج اتجه بها لداخل القصر
سارت معه باستغراب حتى وصلا للسطح لتفاجئ بطائرة هليكوبتر خاصة تنتظرهما للإقلاع
صرخت بسعادة تقفز كالطفلة على قدميها، كم تمنت أن تركبها.

اتجهت معه للطائرة لتفاجئ بأن القائد أنثى، نظرت له بدهشة سرعان ما تحول لتهكم
رفع كتفيه ببراءة وأخفضها وكأنه يخبرها أن غيرته ليست بيده
تجاهلت ذلك حتى لا تفسد عليهما تلك اللحظة
أمسكت يده تدفعه بحماس ليركبا
قهقه عليها وهو يراها كمن تدفع حائط، حملها على يديه وصعد بها الطائرة متجاهلا اعتراضاتها الخجولة على فعلته
أجلسها على قدميه رافضا ابتعادها عنه لتضمه لها أكثر متناسية أى شيء حولهم.

بدأت ترتفع الطائرة لتبتعد عنه فجأة، ظن أنها خائفة وقبل أن يطمئنها تفاجئ بقولها
همس بشهقة: يا كداب إنت قولت هنتأخر على الطيارة، أنا بحسب طيارة في المطار، وطلعت طيارة بتاعتك يعنى نمشى في أى وقت
حك خلف عنقه وهو يضحك باحراج
أزالت طرحتها المتحركة بفعل الرياح بإنزعاج ثم احتضنته بيأس منه
كم حمد ربه لاحتضانها إياه، لا يريد رؤيتها الآن وإلا فقد سيطرته
تنهد عند شعوره بانتظام أنفاسها ليعلم أنها نامت.

قبلها بخفوت أعلى رأسها وقد عبر بتلك القبلة عن كل ما في قلبه
ظل يراقب الطريق أسفله غير واعٍ بما يخبئه القدر.
هبطت الطائرة لينظر لملاكه البرئ فوجدها نائمة بعمق
تنهد بخفوت وهو يحملها ولازال حتى الآن غير مصدق أن ملاكه ملكه، أقسم بداخله أن يحافظ عليها من أى شر ويكون خير الزوج والحبيب
راقب صعود الطائرة مبتعدة مرة أخرى في السماء
بدأت تتململ من الهواء الشديد حتى استيقظت بكسل
نظرت له بابتسامة وخجل ليبادلها ابتسامتها
همس بسعادة: الله إيه المكان التحفة ده.

أسد ممررًا أنفه على وجنتيها ورقبتها من فوق الحجاب ويهمهم باستمتاع مستنشقا رائحتها
أسد بهيام: دى جزيرتك يا ملاكى، أنا اشتريتها وكتبتها باسمك
همس بعيون متسعة: بجد
أسد: أيوة بجد
اتجه بها لمنزل ضخم من الخشب تحيط به الحقول ثم مياه البحر وسط صدمتها، كان المكان جميلا جدا رغم بساطته
صعد بها الدرج الداخلى وقد أسكرته رائحتها
دلف للغرفة ثم أنزلها أرضا
ظلت تفرك يديها بتوتر وخجل منه.

أفاقت على يديه التي تعبث بطرحتها وحجابها حتى أزالهما
أغمضت عينيها وابتعدت عنه بسرعة
تقدم نحوها لاعنًا نفسه عندما رأى نظرة الخوف في عينيها
احتضنها وهو يهدئها كالطفل الصغير حتى سكنت بين أحضانه
أسد: يلا يا حبيبتى اتوضى عشان نصلى وهتلاقى كل اللى محتاجاه في الحمام
اتجهت مسرعة للمرحاض هاربة منه لخجلها الشديد
زفر براحة وسعادة
نظر لأعلى يخاطب ربه معبرا عن مدى سعادته ويحمده على نعمه.

اتجه للمرحاض الخارجى ليتوضأ هو أيضا
في مصر بإحدى السجون
شريف بلهفة وهو يجيب على الهاتف: ها هتخرجنى امتى؟!
مدحت: ابسط يا عم المهمة انتهت والوقت اللى عايزه
شريف: بكرة الصبح أكون برة السجن
مدحت: طب ما تخليها وإنت بينقلوك للمحكمة عشان الاستئناف، كدة هتبقى أسهل بكتير
شريف: لأ بكرة، مش هستنى أكتر
مدحت: ماشى بس الفلوس هتزيد
شريف: أول ما أخرج هروح على فيلتى في، وهديك اللى إنت عايزه.

مدحت باستغراب: هو إنت هتخليك في مصر
شريف بتعجب: أيوة
مدحت: بس كدة دا خطر عليك وعليا، إنت واخد إعدام مش سجن سنتين، يعنى أكيد هيمسكوك
شريف بتوتر: طب أعمل إيه؟
مدحت ببساطة: اللى في حالاتك بيسافروا برة، لدولة تكون عدو لمصر. أو مفيش أى اتفاقات بينهم
شريف: ليه؟
مدحت بزهق: أوف، لإن لو روحت لدولة في بينها اتفاقات وعلاقات مع مصر هيسلموك ليهم، إنما لو روحت أى دولة تانية مش هيقدروا يعملولك حاجة.

شريف بتفكير: اممم تمام، احجزلى أول طيارة لأى دولة من الدول دى، ومتقلقش فلوسك هترجعلك وهزودهالك للضعف
مدحت بجشع: تماااااام أوى يلا سلام وبكره هتكون برة السجن
أغلق الهاتف يبتسم بشر فالآن وقت التنفيذ، سيندمون جميعا
على الجزيرة
خرجت من المرحاض بخجل شديد مما ترتديه
حمدت ربها أنه ترك لها اسدال بالداخل لترتديه فوقه
أفاقت من أفكارها على دخوله للغرفة
نظر لها بخبث وهو يعلم ما يجول في أفكارها.

تقدم سريعا أمامها ليشرعا بالصلاة
شعر براحة غريبة تسرى بجسده وهو يصلى بها
أنهيا صلاتهما ليضع يده على رأسها ويردد الدعاء
عاد الخبث لعينيه مرة أخرى
عبث بإسدالها محاولًا رؤية ما تحته، قبضت بعنف وفزع على يده مانعة إياه
ضحك عليها
ثم تحولت ملامحه إلى الجدية وهو يحيط وجهها بكفيه
أسد بجدية: إنتى واثقة فيا يا ملاكى صح
أومأت له بتوجس
أسد مطمئنا: متقلقيش أنا مستحيل أضرك أبدا
ابتسمت براحة فكلماته دائما دواء لها.

في الصباح الباكر بسجن ما
سمع شريف أصوات صياح وإذ يجد الباب تفتح
نظر بلهفة ليجد رجلا أمامه ومعه حقيبة
الرجل بسرعة: البس ده بسرعة وتطلع برة، يلا
نفذ ما قاله فقد كانت الحقيبة تحتوى على ملابس طبيب
خرج ليجد الرجل أمامه.

الرجل وهو يعطيه ورقة صغيرة: دى فيها العنوان اللى تروحه وهناك المعلم مدحت هيديك التذكرة وإنت تديله الفلوس، دلوقتى الإسعاف تيجى تتصرف وتدخل ما بينهم بلبسك ده وتروح للمأمور هتلاقيه متصاب اعمل أى حاجة متقفش ثابت عشان ميشكوش فيك وبعدين تركب عربية الإسعاف وتروح على العنوان ده إزاى بقى تفلت من الدكاترة دا مش شغلنا، اتصرف إنت
سمعا صوت سيارة الإسعاف ليدفعه الرجل بسرعة
الرجل: يلا بسرعة.

فعل ما قيل تماما، اختلط مع باقى المسعفين وما ساعده أن إصابة المأمور شديدة، فلم يتفرغ أحد للاستفسار عنه
ركب السيارة يراقب بوابة السجن تقفل ولكن تلك المرة هو خارجها ابتسم بشر يفكر بالقادم
نظر بفزع مصطنع للمسعفين حوله وهو يقول: نهار إسود وقف العربية وقفها
أحد المسعفين بفزع: خير يا دكتور.

شريف بسرعة ليربكهم: مسألة حياة أو موت وقف العربية بسرعة لازم أرجع، اعملوا اللازم للمريض وأنا هبقى أروحلكم للمستشفى علطول
أومأ له الجميع وقد انتقل الفزع لهم ليوقفوا السيارة مرتبكين ظنا أنها كما قال مسألة حياة أو موت
هبط بسرعة من السيارة ليركض باتجاه السجن مرة أخرى حتى اختفت سيارة الإسعاف
توقف مكانه استدار ناظرا لطيفها يودعها ببرود ويضحك بجنون وشر
على الجزيرة.

يملس على شعرها بعشق لا يقل أبدا وهي فوقه تدفن رأسها بعنقه
تململت دافنة رأسها بعنقه أكثر وأكثر وتتمسح به كالقطة الخجولة، قهقة عليها بخفوت يقسم لو مر مائة عام على زواجهم ستظل تخجل منه
أسد بحنان: إنتى كويسة يا ملاكى
أومئت بخجل شديد ثم دفنت رأسها بصدره وهي تستنشقه بإدمان
ابتسم على تصرفها فقال: طب يلا عشان ناخد شاور
انتفضت بفزع من مكانها وهي تبتعد لطرف الفراش
ليقهقه عليها مستمتعا.

استحما فقبل جبينها وهو يقول: بعشقك
نظرت للأرض بخحل وإحراج شديدين سرعان ما تحولت لحزن وهي تقول
همس بحزن: إنت عملت كدة مع جنى صح؟ عشان كده جدو مرضاش يخلينى أكمل الفيديو
أسد متنهدا: ملاكى أرجوكى، متبوظيش حياتنا بالموضوع ده، أنا ماصدقت إن اللى مستنيه من أكتر من عشر سنين اتحقق أخيرا فعشان خاطرى بلاش وانسى الموضوع ده
رأت علامات للتوسل والرجاء في عينيه لتحتضنه بسرعة مستسلمة فالأهم هو وبعده يأتى كل شيء.

زفر براحة أنها لم تجادله
أسد: تعالى ناكل أكيد إنتى جعانة
همس: ماشى
سحبها معه للسفرة وأجلسها على قدميه
نظرت له ليقول ببراءة: إيه؟! إنتى مراتى دلوقتى
جاءت لتتكلم لكنها صمتت وهي تجد أطباق الطعام أمامها
همس باستغراب: مين اللى طبخ ده
أسد بفخر: أنا
همس بتهكم: إحنا دافنينه سوا، الكل عارف إنك طين في المطبخ وأنا طينتين يبقى مين عمله من غير كدب؟
حك خلف عنقه بإحراج لتكتم ضحكتها بصعوبة على شكله اللطيف البرئ.
أسد باحراج: بصراحة الخدامة اللى طبخت
همس وهي تنظر حولها: بس أنا مش شايفة حد غيرنا
أسد: ما أنا بانى بيت صغير على الشط قريب من الجزيرة، هي بتطبخ هناك وتجيب الأكل وتمشى علطول
همس باستغراب: بس ليه على الشط وبعدين بدل الدوخة دى خليها هنا
أسد محتضنا إياها: أولا لولا إننا فعلا طين في الطبخ مكونتش جبت حد، ثانيا أنا مستحيل أخلى حد يقعد هنا غيرك إنتى وأنا وبس
نظرت له بابتسامة حالمة ليبادلها إياها.

وصل للعنوان فوجده منتظرا إياه على طريق خالٍ
شريف معطيا إياه حقيبة: امسك دى الفلوس اللى اتفقنا عليها
فتحها مدحت بطمع يعدها
مدحت: تمام، ودى التذكرة، السفر كمان ساعة، وطلعت شاطر أهو وقدرت تخلع من الدكاترة بمسألة الحياة أو الموت
قال آخر جمله مقلدًا إياه
شريف باستغراب: إنت عرفت إزاى.

مدحت وهو يزيل جهاز صغير جدا من ملابس شريف: وهو إنت مفكر إنى هخرجك من غير ما أعرف إنت فين ولا بتعمل إيه، افرض خلعت أشرب أنا من البحر
شريف بقرف: كدة كل واحد خد اللى عايزه، دلوقتى محدش يعرف التانى
مدحت بضحكة: وهو إنت مين أصلا، أنا أول مرة أشوفك
شريف: كدة تمام بس دول ممكن يمسكونى في المطار
مدحت: مش هيلحقوا يبلغوا عنك وحتى لو بلغوا أنا موصى عليك هناك وهتقدر تسافر
شريف بإعجاب: لا تستاهل بصراحة الفلوس.

ذهب للمطار يتجه لإحدى الدول الأوربية وقد استطاع صعود الطائرة بسهولة شديدة
على الجزيرة
يطعمها ويراقبها بصمت وعلى شفتيه ابتسامة بلهاء وكأنه مراهق اعترفت حبيبته بعشقها للتو
تأكل الاسباجتى بشراهة فهى تعشقها
ليقبلها بهدوء
ابتعد عنها وهو ينظر لها بحب سرعان ما تحول لغضب
أسد بغضب: افتكررررت، بقى بتنامى مع ترنيم وكمان بتضحكى لسامر وعمى ومازن، وسايبة جدى يبوسك
نظرت له بصدمة، بالتأكيد لديه انفصام!

أسد ببرود: يلا عشان تتعاقبى
همس بعيون متسعة: ععع، قاب
أسد بنفس البرود: آه عقاب عشان تحرمى
همس بغيظ: عقاب إيه؟!
نظر لها بخبث ثم مال على أذنها يخبرها بعقابه
همس بصدمة وذهول: إنت قليل الأدب، أنا مستحيل أعمل كدة
ثم أضافت بتوسل: طب ونبى غيره
أسد مفكرا: خلاص ماشى، ترقصيلى
نظرت له بسعادة، نعم تخجل أن ترقص ولكن على الأقل لن تموت خجلا
سرعان ما تحولت سعادتها لصدمة شديدة وهي تستمع للباقى.

أسد مكملا بخبث: من غير هدوم، يلا القرار ليكى
نظرت له وهي على وشك البكاء من الإحراج، تعلم أنها لن تستطيع الإفلات من عقابه أبدا
بعد تفكير طويل اختارت الأول اقتربت منه مترددة ببطئ لتجده يرفع حاجبه منتظرًا
قبلته لثانية سرعان ما ابتعدت
همس بخجل: كدة كفاية
أسد بتهكم: نعم ياختى
تأففت بضجر وخجل ثم اقتربت منه مرة أخرى مصبرة نفسها أنه زوجها
قبلته مرة أخرى مغمضة عينيها وتنفذ تعاليمه المخجلة.

ابتعدت عنه بعدما شعرت باختناقها
نظر لها بسعادة وعشق قائلا بهمس: دى اسمها بوسة فرنسية، ودا عقابك في كل غلط تعمليه، يعنى تيجى تنفذى العقاب قبل ما أقولك
ظلت مغمضة العين بحالمية
أفاقا من دوامة عشقهما على صوت هاتفه
أسد مجيبا باستغراب: ألو مين معايا
ماجد بسرعة: أنا جدك، تعالى يا أسد حالا، إحنا في
أسد بتعجب: إنتوا إيه اللى سفركم برا مصر.

ماجد: مفيش وقت للكلام يلا بسرعة ومتحاولش تتصل بيا تانى ولما تيجى هعرفك، آه وتيجى على عارفه
أسد متنهدا بغضب: آه عارف المكان دا، وحااااااضر
كان سيرفض لكن الواضح أن الموضوع ليس بالهين، ألم تجد المصيبة أى وقت تحدث فيه إلا الآن؟!
همس بقلق: في إيه؟
أسد بكذب ليطمئنها: ولا حاجة يا حبيبتى دا جدى عامل مفاجأة وهنسافر
همس باستغراب: علطول كدة
أسد وهو يقبلها: هجيبك تانى يا روحى متقلقيش، يلا اجهزى عشان هنسافر دلوقتى.

أومئت له وذهبت بينما اتصل بالكابتن لتحضر الطائرة
مرت ساعات وصلت خلالها الطائرة وأقلعت بهم لتلك الدولة
هبط محتضنًا ملاكه ثم اتجه معها للعنوان المطلوب
كان العنوان عبارة عن قمة مرتفعة كالجبل وأسفلها مياه ذات أمواج مرتفعة وشديدة
استغرب كثيرا وجد جده وكل العائلة حتى جنى موجودة!
أسد باستفسار: ها يا جدى في إيه؟
ماجد باستغراب: إنت اللى في إيه؟
أسد: نعم! هو مش إنت اتصلت بيا وقولت حاجة ضرورى.

ماجد باستغراب: يابنى انت اللى اتصلت وقولت كلنا نيجى حتى جنى تيجى معانا
أسد بصدمة: نعم، لأ محصلش إنت اللى اتصلت بيا
أفاقوا على صوت تلك الضحكات الكريهة
سعيد بذهول: شريف، إنت إزاى خرجت؟!
شريف بضحك موجهًا السلاح ناحيتهم: هههههه عادى، وهو أنا هغلب، أنا خرجت بسهولة زى ما قدرت بنفس السهولة إنى أجمعكم هنا، تخيلوا مجرد برنامج لتغيير الأصوات هيكون السبب في اللى هيحصلكم منى، تؤ تؤ تؤ
سامر: شريف متتهورش.

شريف بجنون: بقى تتخلى عن أخوك يا سامر، مكنش العشم يا، أخويا
أخفاها خلفه بخوف وفعل سامر المثل ما ترنيمته
شريف: إيه يا أسد خايف على حبيبتك
أسد بغضب: شريف
جنى بخوف: شريف أنا معاك، انا..
لم تكمل جملتها إلا وقد أصيبت برصاصتين برأسها لتصرخ ترنيم وهمس فزعًا
استغل ذلك وهجم عليه بسرعة آخذًا سلاحه منه وألقاه بعيدا حتى وقع من المنحدر.

ظل يضربه بينما ماجد وسعيد يجلسان بجانب جنى التي فقدت الحياة تماما وقد سقطت دموعهما عليها فمهما فعلت ستظل من العائلة
وسامر يحاول ابعاد أسد
دفعه أسد وهو يصرخ بشدة عليه عاد بنظره لشريف، ولكن لم يجده مكانه!
سمع صوت صراخها ليلتفت بفزع تجاه ملاكه
صدم بشريف يمسكها من رقبتها وهي تبكى ويقف بها على حافة الجبل.

أسد بصراخ وبكاء شديد: شرييييف، شريييف لأ أرجوك، هعملك كل اللى عايزه بس سيبها، اقتلنى أنا، لكن هي لأ أرجوك لأ
شريف بجنون: أنا خسرت كل حاجة ودلوقتى إنت كمان هتخسر
تقدم أسد منه بسرعة ولكن كان شريف الأسرع
أوقع نفسه معها وصوت صراخها يعلو
توقف أسد صارخًا بشدة: ملااااااكى.
ثلاث سنوات، مرت ثلاث سنوات كاملة، ولد الكثير، ومات الأكثر
وذلك العاشق بينهما، مات داخليًا ولكن جسده حى، لا يعلم لما يتنفس حتى الآن، لكن طالما هو حى، هي حية
مؤمن أن ربه لن يعاقبه بتلك الطريقة أبدا، يعلم أن الله لن يخذله، يتتظر وسيظل ينتظر للأبد
بقصر عائلة ضرغام الذي لم يتغير شكلا بل مضمونا
يترأس ماجد السفرة والحزن مرسوم على وجهه، يتمالك نفسه بصعوبة حتى لا تهبط دموعه.

سعيد بحزن: يا بابا مينفعش اللى إنت بتعمله دا مبتكولش زى الأول وعلاجك بتهملوا
ماجد بشرود وحزن: أنا السبب، أنا اللى مكونتش قريب من أحفادى ومعلمتهمش الحب، أنا اللى خليت شريف وسمر وجنى يوصلوا لكدة
سعيد بحزن شديد بعد تذكر أولاده: ربنا يرحمهم
ماجد: مش هقدر أنسى نظرة عتابه وكرهه ليا، مش هقدر أنسى نظرة الاحتقار منه
ثم أضاف ببكاء مرير: مش هقدر أنسى صوته وهو بيعيط ويدعى ويتحسبن عليا.

قام سعيد بسرعة واحتضنه مواسيًا إياه، ولكن من يواسى من وكلاهما يبكيان معا
في الأعلى بإحدى الغرف
تتململ في نومتها سرعان ما ابتسمت بخفوت عند شعورها بتلك اللمسات الحانية فتحت عينيها ببطئ وكسل سرعان ما تحول لهيام وهي تنظر له
سامر بحب مقبلا جبينها: صباح الخير يا حياتى
ترنيم بسعادة: صباح النور
اقترب منها بعشق ولكنها دفعته بسرعة
ترنيم بتحذير وخجل: سامر لأ، البيبى.

شرد قليلا في آخر سنتين بعدما استطاع بصعوبة اقناعهم بقيام حفل زفافه
يعلم كم عانت العائلة بشدة بتلك الحادثة ولكن له الحق أن يعيش حياته
ظن بزواجه ينتهى الحزن ولو في حياته هو، ولكن يأتى حزن من نوع آخر بعدما علم بصعوبة حمل محبوبته
كم من مرة بكت، كم من مرة طلبت الطلاق وكان رده شيء واحد فقط، احتضانها
يضمها ويطمئنها، يطلب أن تثق بالله وقد كان.

والآن ثمرة عشقهما تنمو في رحمها بعد يأس طويل ليحل الفرح والسرور حياتهما وينعشها بعد موتها
سامر بتنهيدة: حاضر يا قلبى يلا قومى بقى عشان تاكلى
ابتسمت بخفوت وقبّلت وجنته
قامت مسرعة باتجاه المرحاض
زفر بعنف قائلا لنفسه بتهكم: دا اللى ربنا قدرها عليه، تبوسنى من خدى!
رفع رأسه للسقف وشرد مرة أخرى في ذاك العاشق لمحبوبته، الحاقد عليهم، الميت بدونها!
في غرفة أخرى يسود عليها الظلام الشديد.

مرعبة، الكلمة الوحيدة المناسبة لتلك الغرفة وما بها، لا تستطيع أن تحدد لونها، وكيف تفعل وسط كل تلك الصور، كل حائط يوضع عليه مئات الصور بمختلف الأحجام تتوسطهم صورة كبيرة، حتى السقف وضع عليه صورة كبيرة تملئه تماما
الأرض الناجى الوحيد من أن تبتلعه الصور كغيره
غرفة واحدة تضم مئات الصور لنفس الشخص بمختلف الأعمار.

يتململ بعنف في فراشه والعرق يهبط كالشلالات، يغمض عينيه بعنف ونفس الكابوس يتكرر طوال الثلاث سنوات
فتح عينيه بعنف وفزع وقد أدرك أنه كابوس، يلهث بخوف وقد انتابته نوبة هلع حتى هدأ قليلا بعدما قابلته صورتها تبتسم له على السقف
شعر بتلك اللمسات الحانية على ذقنه لينظر بجانبه، سرعان ما ابتسم بقوة وعينيه تلمع بعدما وقعت عليها
همس بحنان وهي تملس على ذقنه النامية ووجنته: لسة برضو الكابوس بيجيلك.

أسد بعشق: وعمره ما هيروح غير لما ترجعى
زفرت بقلة حيلة ثم نظرت له تتأمل ملامحه المجهدة قائلة: وحشتنى
أسد بهيام: وإنتى وحشتينى أكتر
همس وهي تقترب بوجهها منه لتتلامس أنفهما: مش هترجع أسد القديم تانى
أسد بلا وعى فقد أسكره قربها: أسد القديم كان ليكى إنتى وبس، لو عايزاه يرجع ارجعيله إنتى الأول
لتنظر له مرة أخرى بيأس وعجز قائلة: أنا مستنياك إنت ترجعنى.

أسد بحماس: قوليلى إنتى فين وأنا هرجعك ومش هخرجك من حضنى أبدا
صمتت ككل مرة يسألها عن مكانها
تنهدت بنعومة مغيرة الموضوع قائلة: طب مش هتاخد الدوا، كدا إنت هتضر نفسك
أسد بدموع وهو يتحدث كالطفل الصغير المعاتب أمه: إنتى مش بترضى تظهريلى لما باخده، وكمان أنا مش، مش مجنون عشان آخد دوا زى ده أو عشان، عشان أروح لدكتور نفسانى.

همس وهي تهدهده كأنها أمه تماما وتحيط وجنتيه بكفيها: لا لا لا يا عمرى، هووش إنت مش مجنون خالص، هم اللى مجانين يا حياتى، بس الدوا دا كويس ليك وهيريحك وإنت من غيره بتأذى نفسك
قالت آخر جملة بعتاب وتضع كفها على صدره العارى مكان قلبه
وضع يده على يدها ثم نزعها وقبلها بعشق
لتظهر تلك الندبة على شكل حروف شبه بيضاء تجتمع معا في اسم واحد (ملاكى).

ابتعدت عنه ليوم واحد فقط، لم تظهر، ترجاها وصرخ باسمها أن تظهر، ولم تفعل ليمسك آلة حادة يخط حروف اسمها فوق قلبه
نزف بشدة، حاول أن يظل مستيقظ منتظرًا ظهورها، ولكن فقد وعيه قبل أن تأتى
استيقظ بعدها في المشفى وهي بجانبه
لا يعلم لما أتت، ألأنه أذى نفسه أم لامتناعه عن الدواء ليوم واحد فقط، لن يخاطر ويعرف السبب، سيمتنع عن الدواء وإن لم تظهر سيؤذى نفسه حتى لو مات، المهم أن تكون بجانبه.

أفاق من شروده على ابتعادها
أسد بفزع: في إيه
هدئته كالعادة قائلة: مفيش حاجة يا حياتى بس أنا لازم أمشى
أسد بحزن: هتجيلى تانى امتى
همس بحزن: ممكن انهاردة أو بكرة أو، مجيش تانى
أسد بخوف شديد: ليه
همس: متقلقش يا روحى حتى لو مش جنبك فهكون دايما في قلبك، بس اوعدنى إنك عمرك ما هتأذى نفسك تانى حتى لو غيبت عنك العمر كله
أغمض عينيه بعنف يمنع انزلاق دموعه، فتحهما مرة أخرى ليجد نفسه وحيدا كعادته.

نظر لطيفها وقد هبطت دموعه
أسد بشجن وبكاء: أو، عدك
نهض كالآلة اتجه للمرحاض لكن توقف أمام إحدى الصور عندما كانت في السابعة عشر من عمرها، ظل يملس على الصورة بهدوء ثم ابتسم بأمل واتجه للمرحاض
اغتسل وحلق ذقنه بعدما نمت بشدة وصلى فرضه داعيًا ربه أن يجمعه بملاكه.
ارتدى بذلة أنيقة مستعدًا للذهاب لجامعته التي تخرج منها، فقد أقامت ندوة على شرفه ليحكى للمتخرجين الجدد عن مسيرته، وبالطبع ذهب بعد اصرار ملاكه، فطوال الثلاث سنوات لا يفعل شيئًا إلا بعدما تخبره
هبط لأسفل فوجد عائلته الكريهة، عادت نظرات الكره الشديدة وهو ينظر لذاك العجوز، يتمنى لو يقتله ولكن سيحزنها ولا يريد ذلك
جلس مقابلا لماجد الذي أخفض رأسه في خزى.

سامر ملطفا للأجواء: بقولك يا أسد، ما تيجى معايا أنا وترنيم، احنا هنخرج نتغدى بره
نظر له أسد لفترة طويلة ثم تطلع لطبقه مرة أخرى دون أن ينطق بحرف واحد
سعيد بتنهيدة طويلة: أسد مينفعش اللى إنت فيه ده، دا حتى الدوا إنت بطلته ورجعت للتهيؤات تانى، إحنا جاتلنا كذا شكوى من الخدامات إنك بتحضنهم وتعاملهم بطريقة مش كويسة
أسد ببرود: أولا هما كدابين، أنا بحضن ملاكى، ثانيا..

أضاف تلك المرة بحقد وكره: إنت ما تدخلش في حياتى أبدا لإنى مش هنسى اللى ابنك عمله وربنا رحمه من اللى كنت هعمله فيه عشان يبقى يزعل ملاكى تانى
ماجد بتماسك: حفيدتى ماتت يا أسد خلا..
أسد بصراخ ملقيًا ما على السفرة: آاااه إنت تخرس خالص، وملاكى مش ماتت، هي عايشة أنا متأكد، هي اتصلت بيا بعد الحادثة بأسبوع و، و..
سعيد بتهكم: وإيه يا أسد.

أسد بثبات وكأنه لم ينهار: أيوة ماتكلمتش بس ملاكى مش محتاجة تتكلم عشان أتعرف عليها، نفسها كافى إنه يخلينى أتعرف عليها
قال كلماته وذهب متجها للجامعة
سامر بعتاب: ليه عملتوا كدة، انتوا عارفين قد إيه هو تعبان
ماجد بحزن: يا ابنى أنا عايزه يفوق لحياته بقى، حفيدتى ماتت خلاص
سامر: وليه ما تكونش عايشة فعلا.

سعيد بسخرية مبطنة بالآلام: عايشة! إنت شوفت جثة أخوك كانت عاملة إزاى لما طلعوه بعد الحادثة بكام يوم، لولا الباقى من لبسه على جثته اللى أكلها السمك مكناش عرفناه، ما بالك بقى باللى عدا عليها تلات سنين في البحر
قال كلماته وسقطت دموعه على وجنتيه بأسى
سامر بألم لتلك الذكرى: انسى يا بابا، هو اللى عمل في نفسه كده، وبعدين مين قال إنها في البحر مش يمكن عرفت تخرج
ماجد بسخرية: إنت بتضحك على مين يا سامر.

قال جملته وصعد للأعلى وفعل ابنه المثل
ربتت على كتفه لتهون عليه
احتضنها وسرح في حالهم وما يمرون به
في السيارة
جالس يتنفس بعنف شديد وقد احمر وجهه بشدة
شرد في ذكرياته المؤلمة
فلاش باك
منذ ثلاث سنوات
في غرفة مظلمة حيث يجلس ذلك العاشق بجسد مرتعش في إحدى جوانب الغرفة
يرتجف بهستيرية وينظر لكل مكان حوله بجنون حتى رن هاتفه.

مجنون غير واعٍ بما حوله ينظر لكل مكان بخوف كأن وحشا يحاوطه، هكذا الحال بعدما خرج من المشفى أو بالأحرى خرج للحياة، ظل غائب عن الوعى لستة أيام منتظر عودة ملاكه، وعندما استيقظ استمر على ذلك الحال ليوم كامل دون أن يأكل أو يتكلم مع أحد
ارتفع رنين هاتفه مرة أخرى، لا يعلم ما الذي دفعه للرد، فطوال الوقت هاتفه يرن ولكن لا يتحرك
ذهب لمكانه ببطئ ودقات قلبه تعلو بعنف أجاب واضعًا الهاتف بترقب على أذنه.

لا شيء، لا كلام، لا، مهلا إنه صوت أنفاسها، متأكد أن تلك أنفاسها
أسد بلهفة ودموعه تهبط بقوة: ملاكى، ملاكى إنتى كويسة، ردى عليا يا حبيبتى أنا أسدك، أنا، أنا هاجى أخدك يا حبيبتى ما تخافيش
لا رد سوى صوت التنفس حتى أُغلقت المكالمة فجأة
نظر للهاتف بصدمة ثم علت ضحكاته بجنون سرعان ما تحولت لصرخات وصوت بكائه يعلو ويعلو، اجتمعت العائلة على صوت الصراخ والتكسير فأحضروا الطبيب فورا
نام بعمق شديد بعدما أخذ مهدئ.

استمر على هذا الحال ليومين متتالين حتى بدأ يظهر طيفها له، سينتظرها للأبد، سيتحمل عذاب الانتظار، حتى لو عاش مع طيفها للأبد!
باك
أدار سيارته واتجه للجامعة بعدما أزال دموعه مجددًا الأمل داخله، كالمعتاد
في الجامعة
وقف على منصة عالية أمام مدرج ممتلئ بمئات الطلاب والطالبات يتحدث بتوتر عن مسيرته
ليس من صفاته التوتر ولكن أول مرة يخوض تجربة كتلك، وما زاد الأمر سوءا أنها ليست م..

قطع أفكاره عندما رآها تجلس في نهاية المدرج مبتسمة له رافعة يدها بشكل قبضة لتدعمه
نظر لها ليبتسم وقد عادت ثقته مزامنة مع عودتها
إحدى الفتيات: دا بيبصلك وبيبتسم؟!
بارتباك: إيه، لا لا هتلاقيه سرحان شوية
الفتاة: لا والله بيبصلك يا سيلين
سيلين بتوتر وخجل: صدقينى م..
سرعان ما ظهرت خيبة الأمل على وجهها وهي تتابع: أهو بيضحك لغيرى كمان أهو، عشان تعرفى بس، وبعدين هيبص ليا على إيه.

الفتاه: تصدقى بيضحك لغيرك فعلا، وإنتى زعلانة على إيه يا فقر دا يا ريته يبصلى مرة ولو بالغلط حتى
تنهدت سيلين سارحة فيه وابتسامته الغريبة وكأنه يحادث حبيبته؟!
ظل ينظر في كل مكان وعينيه تسير مع معشوقته، اتجهت له وصعدت للمنصة ثم وقفت أمامه، نظر لها بابتسامة وهي أمامه مباشرة ومستمر في كلامه الذي لا يعلم كيف لم يتعثر به حتى الآن وهو بتلك الحالة من الشرود، فقرب ملاكه يفعل العجائب دائما.

أجاب على كل الأسئلة وهو ينظر أمامه مباشرة حيث ملاكه ومازالت ابتسامته العاشقة على وجهه
دكتور بالجامعة: هو أهبل ولا إيه، ماله باصص أدامه كده ومبتسم، تحسه سرحان
دكتور آخر: اسكت واسمع، ياريتنا نوصل للى هو فيه
انتهت الندوة على خير ليخرج بسرعة يسير وراء طيفها الذي اختفى مباشرة ما إن خرج وكأنها جاءت في مهمة وأنهتها.

تنهد بحزن لاختفائها، جاء ليذهب مثلما ذهبت عله يجدها بمكان آخر لكن توقف على سماع اسمه من صوت رقيق
سيلين: أسد بيه
التفت لها ليشرد بها، تشبه ملاكه قليلا، بالطبع ملاكه أجمل ولكن ذاك لا يمنع بعض التشابه
كانت ملابسها محتشمة بالرغم أنها غير محجبة
أفاق من شروده على وجنتيها التي احمرت خجلا كملاكه تماما، غضب من نفسه كثيرا، كيف يتأمل أنثى غيرها؟!
أسد بعصبية مكتومة: خير
سيلين بخجل وارتباك: ممكن أطلب من حضرتك طلب.

أسد بتنهيدة: اتفضلى
سيلين بإحراج: بصراحة يعنى، زى ما حضرتك عارف إن النهاردة حفلة تخرجنا، وإننا خلصنا جامعة فكنت، كنت بتمنى لو حضرتك تقبل تشغلنى في شركتك ولو تحت التدريب حتى
أسد باستغراب: وإيه يخلينى أوافق
سيلين بتوتر شديد: أنا آسفة على طلبى ده بس، بس أنا من عيلة على قد حالها وعايشة مع عمى عشان بابا وماما متوفيين ومحتاجة شغل ضرورى.

همهم لها لتتابع فأضافت بحماس: أنا والله طالعة التالتة على الدفعة عارفة إن في مركزين أحسن منى بس التالتة حلو بردو
أسد بجمود: بكرة الصبح تكونى في شركتى، هتبقى تحت التدريب لغاية لما أتأكد إنك تستحقى ده
أومأت بلهفة وتبسمت بسعادة وفرحة شديدة فأخيرا ستخرج من تحت رحمة عمها وزوجته
ذهب سريعا باحثًا عن ملاكه مرة أخرى.
في اليوم التالى
يجلس بمكتبه مغمض العينين شارد بالقادم، خائف بشدة وبنفس الوقت فرح، لأول مرة منذ ثلاث سنوات تظهر ابتسامة صادقة على وجهه، لا يعلم ما سرها لكن يشعر بطمأنينه غريبة، أفاق على تلك اللمسات الحانية على فكه ووجنته
ظل مغمض العينين مستمتع بذلك الشعور، فتح عينيه بعد مدة ليست بالقصيرة ليقابله وجهها الملائكى الرائع
أسد بهيام: وحشتينى
همس وهي تتلمس وجهه بحنان: وإنت وحشتنى.

ظل يتأملها لفترة طويلة حتى أفاق على كلماتها
همس بتنهيدة: اوعدنى إنك تنفذ كل اللى هقوله وأنا بوعدك إنك هتفرح الأيام الجاية وهعوضك عن حزن التلات سنين
أسد بحماس وسعادة شديدة: موافق طالما هترجعيلى فأنا بوعدك إنى أنفذ كل حاجة
قبلت وجنته بحنان ثم ابتعدت قليلا تنظر لعينيه بطريقة غريبة لأول مرة يراها كأنها توصل له رسالة بالنظرات وللأسف، لم يستطع فهمها.

همس: المرة دى هتوعدنى بجد إنك هتنتظم في دواك وهتاكل كويس وترجع أسد اللى عشقته
أسد بتنهيدة: أنا كويس كدة
همس بعتاب خفيف: لا مش كويس يا أسد، إنت نسيت الصفقات اللى خسرتها بسبب تهيؤاتك وقلة أكلك اللى كل يومين توديك المستشفى والمحاليل اللى إنت عايش عليها أكتر ما بتعيش على الأكل والشرب
أسد بخزى مخفضًا رأسه: آسف
همس بحنان وهي ترفع ذقنه: لأ، حبيبى ميتأسفش أبدا، أنا خايفة عليك ومش عايزاك أبدا تضعف، يلا اوعدنى.

أسد باستسلام: أوعدك
همس بسعادة مقبلة وجنته: وأنا أوعدك إنك هتفرح قريب أوى، يلا بقى اطلبلك وجبة محترمة كدة وتاكلها كلها
أسد بتذمر لطيف كالطفل تماما: بس أنا مش جعان
نظرت له بعيون بريئة متسعة كالقطط تماما ليزفر باستسلام وهو يقول: خلاص ماشى
همس بابتسامة سحرته كالعادة: سلام يا أسدى
أسد بتنهيدة وحزن: سلام يا ملاكى
اختفت، واختفت معها ابتسامته، لكن قالت أنه سيسعد قريبا!
أتشعر بشعوره، يتمنى لو تكون تلك الفرحة هي.

طلب وجبة كاملة له وقد أملى اسم الدواء لسكرتيرته لتشتريه وعزم أن ينفذ وعده تلك المرة
انتهى من تناول الوجبة وأخذ دواءه ولأول مرة يشعر بالنشاط لتلك الدرجة
عمل لمدة طويلة حتى أخبرته السكرتيرة بقدوم فتاة تسمى سيلين
أسد: خليها تدخل
دلفت سيلين بخجل وتوتر ثم جلست بعدما أذن لها
أسد بمرح ليزيل توترها: بتمنى الشركة تكون عجبتك
سيلين بخجل: أيوة أيوة الحمد لله.

أسد بجدية: طب بصى بقى، أنا بقالى أكتر من تلات سنين من غير سكرتيرة خاصة، ودلوقتى أنا محتاجها جدا عشان الشغل هيبقى تقيل الفترة الجاية واحتمال تسافرى معايا في أى شغل، مستعدة إنك تتحملى
سيلين بحماس: أيوة يا فندم اللى حضرتك تؤمر بيه بس هو أنا هبقى موظفة ولا متدربة.

أسد: هتبقى موظفة، أنا متأكد من جدارتك والدكاترة شكروا فيكى وكمان مفيش وقت إنك تدربى بس، دلوقتى مدام سلوى هتفهمك كل حاجة ومن بكرة بإذن الله هتبتدى الشغل
سيلين بسعادة: تمام يا فندم
أسد بتذكر: أيوة صح إنتى ساكنة فين لإن من معلوماتى عنك إنك من قرية بعيدة جدا عن القاهرة
سيلين بكسوف: بإذن الله أول ما آخد مرتبى هأجر شقة قريبة من هنا.

أسد: احنا عندنا عمارات للموظفين تقدرى تاخدى شقة فاضية فيها وبيبقى عليها تخفيض وكمان مبنخصمش كتير من المرتب كل شهر، ها موافقة
سيلين بفرحة عارمة: أكيد ياريت يا فندم
أومأ لها ثم نادى سكرتيرته
أسد بجدية: مدام سلوى، الآنسة سيلين هتكون سكرتيرتى الخاصة عرفيها شغلها وإديها مفتاح شقة فاضية من عندنا
سلمى بجدية: تمام يافندم
خرجت سلوى وسيلين
ظل أسد شاردا في ملاكه ويضع يده مكان الندبة وكأنه يتلمس ملاكه وليس اسمها!

في الولايات المتحدة الأمريكية
مازن بصوت عال: جوووون
ياسمين بصراخ: آااااه بطّل بقى جننتنى إنت والولاد
مازن بسخرية مشيحًا بيده في وجهها: اتهدى يابت
ياسمين بصدمة: بت؟! طب مش عيب حتى دا أنا مخلفالك تلات عجول زيك
معاذ بسخرية وهو يجلس بجانب والده: وهي البقرة هتخلف إيه غير عجول
ياسمين بذهول وغضب: أنا بقرة يابن الكلب
مليكة ببراءة وهي تجلس على قدم والدها: بابى مش كلب يا مامى.

قبلها مازن بسعادة مفتخرًا بأولاده وكأنهم حصلوا على شهادات عليا
ياسمين بتهكم: طبعا ياختى، القرد في عين أمه غزال
مازن بشهقة: لأ بقى أنا ساكت من الصبح، لكن تقولى على مليكة أمى مش هسكت
ياسمين بسخرية: لا حمش ياض، دا اللى لاحظته في وصلة الشتايم كلها
ثم وجهت كلامها لمعتز أصغر أبنائها: وإنت يا خويا مش عايز تسم بدنى بكلمتين
نظر لها معتز بقرف ثم أعاد بصره للعبة القطار المتحرك يراقبه كمن يراقب تحرك الذرات.

انفجر مازن ضاحكا على اشمئزاز معتز من والدته ليرمقه معتز بنظرة أخرسته
ابتلع ريقه بصعوبة ذلك الطفل يخيفه حقا لتنفجر ياسمين ضاحكة تلك المرة
مازن بحمحمة: احم احم عادى يعنى ولد بيبص لأبوه بتضحكى على إيه
ياسمين بسخرية: وهو مش كان بيبصلى ياخويا بردو ولا إيه
مازن بغضب وصراخ: لأ إنتى زودتيها أوى معايا
نظرت له بخوف مبتلعة ريقها بصعوبة
مازن صارخا في أطفاله: على أوضكوا ومتخرجوش منها إلا الصبح، يلاااا.

ركضو للغرف بسرعة متخبطين ببعضهم كالنمل رعبًا
راقب دخولهم ثم انطلق ناحيتها وعلامات الغضب على وجهه
أغمضت عينيها بشدة خوفًا منه لتفتح عينيها متفاجئة بمن يحملها
مازن بغمزة: إنتى احلويتى كدة ليه يا بت إنتى
ياسمين بصدمة: هو إيه اللى بيحصل
مازن بخبث: إيه؟ دا أنا سربتهم عشان عايزك في موضوع مهم
نظرت له بصدمة، تقسم أنه مختل
في مصر بإحدى العيادات
الطبيبة: ألف مبروك، دلوقتى أقدر أقول الخطر راح وكل حاجة تمام.

سامر بسعادة: الحمد لله
الطبيبة: ها مش عايزين تعرفوا جنس الجنين
ترنيم بحماس: لأ عايزين نتفاجئ بيه
الطبيبة: تمام، دا دوا تكملى بيه ومش محتاجة حقن وحبوب للتثبيت تانى، بس بردو ترتاحى ومتعمليش مجهود
سامر بسرعة وحماس: متقلقيش دى في عنيا
أمسك كفها وهبط من العيادة وسط سعادتهما
في السيارة
سامر مقبلًا رأسها الموضوعة على صدره: بعشقك يا ترنيمة قلبى
ترنيم وهي تندس في أحضانه أكثر وأكثر: وأنا بموت فيك
في شركة أسد.
رن هاتفه ليجيب
أسد بهدوء: أيوة يا دكتور
الطبيب: المريض بقى كويس يا فندم ويقدر يطلع وكمان المحكمة خلاص أفرجت عنه فقولت أعرف حضرتك
أسد: متأكد إنه اتشفى خالص ومش هيرجع للمخدرات تانى
الطبيب: أيوة يا فندم إحنا سيبناه فترة طويلة تحت المراقبة ودلوقتى كل حاجة تمام
أسد: أنا جاى متخرجهوش إلا لما آجى، سلام
الطبيب: أوكى سلام
تنهد طويلا، يكره ذلك الرجل لكنه والدها، لن يستطيع تحمل نظرات اللوم من عينيها إذا أهمله.

اتجه للمشفى ليتخلص من تلك المهمة سريعا
في المشفى
دخل الغرفة ليجده أعد أغراضه
حمدى بخزى: إزيك يابنى
حمل أغراضه دون التفوه بكلمه واتجه للخارج ليتنهد حمدى حزنا ويخرج وراءه
بعد مدة في السيارة
أسد بجمود واختصار: هترجع تعيش في القصر تانى.

حمدى بحزن: أنا آسف على اللى عملته، وصدقنى بالرغم إنى معشتش مع بنتى كتير ولا كنت قريب منها بس مهما حصل دى في الآخر بنتى وأنا زعلان عليها، أيوة كنت قاسى لما سيبتها في الشارع بس وقتها كنت متأكد إنها هتعيش
أنهى جملته وانفجر في بكاء مرير وشهقاته تعلو
لم يستطع الحفاظ على جموده لفترة أطول
أوقف سيارته واحتضن حمدى مربتًا على ظهره.

أسد بصرامة وحنان معًا: ملاكى مش ماتت، هي عايشة وبكرة أثبتلكم، خلى بالك من نفسك، ووعد قريب هرجعها
نظر له بسعادة وأمل ليضيف سريعا رافعًا إحدى حاجبيه
أسد بتملك وغيرة شديدة: ليا، هرجعها ليا
ضحك عليه وعلى تملكه الذي لن يزول أبدا، هو أيضا يشعر أن ابنته لم تمت، سيثق بالله ثم بأسد، متأكد أنهما لن يخذلاه
أوصله للقصر ثم عاد مرة أخرى للشركة
دخل حمدى القصر بخزى وتوتر ليجد الجد في وجهه
حمدى بتوتر: أنا، أن..

احتضنه الجد بحنان، يعلم أنه ندم بشدة، رآه نسخة مصغرة منه، كلاهما ارتكبا أخطاء، كلاهما يشعران بالخزى فلما يعاتبه؟!، وبعيدا عن ذلك فقد اتصل أسد ونبه على الجميع بعدم احراجه أو احزانه أبدا
الجد بحنان: اطلع يابنى استحمى وصلى ركعتين لله
نظر له بحب وقد زال جزء كبير من توتره ثم صعد لأعلى يتعبد عله يمحى ولو القليل من ذنوبه.

مر شهر كامل وسيلين تزداد اعجابا بأسد، تشرد به كثيرا، أقل حركة من حركاته تسحرها حتى باتت مكشوفة
لاحظ نظراتها لكن يتجاهلها علها تضع حدا لمشاعرها، لا يريد احراجها، خاف في البداية من مشاعره نحوها، خاف أن يقع في حبها ويخذل ملاكه، لكن الآن متيقن أنها أحبها..
كأخته، يجد بها حنان الأخت الذي لم يجده من قبل سوى مع ملاكه، الفرق أن ملاكه تشغل كل شيء بحياته لكن سيلين تشغل مكان الأخت فقط
في الشركة.

يشرح لها بعض الأعمال ليلاحظ شرودها به كالعادة
قرر وضع حد لذلك حتى لا تنجرف في عواطفها أكثر وأكثر
أسد بهدوء: سيلين وقفى اعجابك
أفاقت من شرودها لتنظر له باستغراب سرعان ما تحول لخجل
أمسك أسد يديها بهدوء وهو يقول: بتحبينى يا سيلين؟
سيلين بخجل وقد قررت عدم الإخفاء: أيوة
أسد بابتسامة: تؤ غلط، إنتى مش بتحبينى، عارفة ليه؟!
نظرت له باستغراب شديد ليكمل.

أسد بعقلانية: إنتى معجبة لكن مش بتحبينى، وحتى مش معجبة بيا إنتى معجبة باللى أنا حققته وبنجاحى
سيلين باعتراض: بس..

أسد مكملا: من غير بس، اسمعينى للآخر واحكمى، أنا في الأول كنت خايف إنى أحبك بس الحمد لله ربنا بعتلى إشارة إنى عمرى ما حبيتك غير كأخت ليا، عارفة الإشارة دى إيه؟، لما جالك عريس من أسبوعين وقتها أول سؤال جه في بالى، هو كويس ولا لأ ويا ترى هيقدر يسعدك، صدقينى أنا لو بحبك كزوجة وحبيبة كنت موت العريس ده بدل ما أفكر هو مناسب ولا لأ، عارفة لما كان حد يبص بس لملاكى كنت بضربه لدرجة الموت، كنت ببقى واقف على خطوة واحدة ويموت منى حرفيا، كنت مجنون ومتملك ومهووس بيها ولازلت كده بردو.

نظر لها ليجدها تبتسم.

أسد مكملا: شوفتى ابتسامتك دى، مستحيل واحدة بتحب حد أو معجبة بيه وتبتسم بالطريقة دى لما حبيبها يتكلم عن ست غيرها ولو مجرد كلام، أنا عمرى ما حبيت أتكلم عن ملاكى قدام حد ولو حتى واحدة ست لإنى بغير عليها من الجماد مش هغير من الناس؟! بس كنت بتكلم عنها كتير قدامك عشان أتأكد إذا كنتى بتحبينى ولا لأ، وكان ردك هو الابتسامة دى برضو كأنك هيمانة في علاقتنا وفرحانة بيها، برأيك دا ممكن يكون حب.

نظرت له بارتياح وسعادة، اقتنعت تماما بما قاله وما زادها اقتناعا أنها لم تتضايق وهو يقول يحبها كأخته، بل العكس تمامًا شعرت بالفخر والسعادة
سيلين بابتسامة: شكرا بجد يا فندم، وآسفة لو كنت اتجاوزت حدودى
أسد بحنان: أخت أسد ضرغام متعتذرش أبدا مفهوم
هزت رأسها موافقة سعدت كثيرا بذلك، عادت لعملها بروح جديدة ومشاعر جديدة أو لنقل مرتبة في مكانها الصحيح
مرت ساعات وهما يعملان بجد حتى رن هاتف أسد.

أجاب أمامها وقد تعمد ذلك حتى تتأكد من زوال الحدود وأنها أخته بحق وكم سعدت بذلك
كم مرة تمنت أن يكون لها أخ يحميها وما بالك إن كان أسد ضرغام
أسد بسعادة: إزيك يا مازن، إيه يابنى إنت استحليتها برة ولا إيه كل شوية بلد مختلفة
مازن بتوتر شديد: أسد، في حاجة مهمة أوى لازم تعرفها
أسد بقلق: في إيه يا مازن، المدام والولاد كويسين
مازن بسرعة: آه آه، هو الموضوع يخصك إنت و، والصغيرة.

أسد بلهفة وسرعة: إيه؟، قولى بسرعة في إيه
مازن: لأ تعالى أمريكا إنت عارف عنوانى
أسد بعصبية وجنون: خلصنى يا مازن قولى في إيه؟
مازن: أسد مش هقول حاجة غير لما تيجى، تعالى يلا منتظرك انهاردة سلام
أغلق الهاتف بسرعة
ياسمين بتوتر: مقولتلوش علطول ليه زمانه اتجنن
مازن بتوتر: لأ طبعا، أقوله إيه، لازم يكون هنا عشان نعرف نتحكم فيه، ده مجنون
ياسمين: بخوف ربنا يستر.

مرت ساعات وأسد في توتر بالغ وخوف شديد، لا يعلم متى نهض هو وسيلين وذهبا بالطائرة له، كل ما في عقله شيء واحد فقط، ملاكه
هبط من الطائرة فركض مسرعًا خلفه سيلين المصدومة
كل ما تعرفه أن الموضوع يخص زوجته الراحلة
في إحدى الشقق الراقية
ظل الجرس يرن وأصوات طرق الباب ترتفع
اتجه للباب وهو يعلم الطارق جيدا
مازن: إزيك يا أ..
قاطعه وهو يشده بسرعة لإحدى الغرف ويغلق الباب في حالة أشبه بالجنون.

اتجهت ياسمين للواقفة في ذهول
جلست معها تتحدث تارة وأخرى تصمت بتوتر وقلق
في الغرفة
أسد بسرعة وقد بدأ يعرق: ها انطق ملاكى مالها.

مازن بترقب: من يومين جاتلى قضية من صاحب شركات ومصانع للأغذية في ألمانيا اسمه مراد عامر هو مصرى بس عايش هناك جنب مصانعه وشركاته، روحتله امبارح علشان نشوف اجراءات القضية بس قدرنا نساوم الطرف التانى واتنازلوا، وبعدين أنا حجزت في فندق قضيت فيه الليلة وكنت هروح انهاردة في طيارة الصبح وهو أصر إنه يعزمنى قبل الطيارة في فيلته، وافقت وروحت وبعد ما أكلنا وخلصنا فوجئت بخطيبته نازلة من فوق عشان تسلم عليا وتشكرنى، و، و..

أسد بسرعة وهو على حافة الجنون: كمل، وحصل إيه
مازن بترقب: وخطيبته طلعت، الصغيرة.
لا يعلم ما يشعر به، كل ما يعلمه أنه على حق، ملاكه لم تتركه أبدا ولن تفعل ذلك، انتصر عشقه في النهاية وسيظل ينتصر دائما، لو أحد غيره لإحتاج ساعات طويلة حتى يستوعب تلك الصدمة ولكن هو، بالطبع لا، كان متيقن من حياتها ولكن كانت مسألة وقت
علت أصوات تنفسه وهو يتخيلها معه، ينعم بدفئها مرة أخرى، يشاكسها ليرى خجلها الذي يفتنه، سرعان ما ظهرت الصدمة على وجهه
أسد بذهول: خطيبته؟!

تحولت صدمته لغضب شديد مزمجرًا بغضب
أسد بصياح: خطيبته إزاى، هي مراتى ملكى أنا
مازن بخوف: اهدى يا أسد أنا مش فاهم زيك برضو وفي الأول شكيت إنها تكون شبه الصغيرة بس لما ركزت فيها لاقيتها هي، نفس طريقتها في الكلام والتعامل وكل حاجة
أنهى مازن جملته مزامنة مع انكسار كل شيء حوله
نظر في كل مكان بزهول وهو يرى أثاث شقته الثمين قد كسر لقطع صعيره
مازن بغضب: إيه ياعم اللى عمل، آاااه.

صرخ بألم وهو يسقط على الأرض من قوة اللكمة
أسد بغضب وقد احمرت عينيه: دى عشان تركز في ملاكى تانى، أما هي فأنا هوريها لما أجيبها بس
مازن بسرعة: استنى بس، هي تقريبا مش فكرانا لما سلمت عليا مكنش في أى تعابير على وشها وكمان كانت عادية جدا كإنها أول مرة تشوفنى
التقط أنفاسه بصعوبة محاولًا الهدوء
أسد بغرور: حتى لو مش فكراك أكيد هتفتكر أسدها.

مازن بتهكم: والنبى بطل النفخة دى، خلينا نفكر كويس، هي لو فكراك يبقى لازم تفتكرنى وطالما مش افتكرتنى يبقى هتفتكرك إزاى؟!
أسد عاقدا حاجبيه يمنع نفسه بصعوبة من الصراخ والبكاء معا: قصدك إنها نسيتنا كلنا حتى، حتى أنا
مازن: أيوة، احتمال كبير تكون الحادثة أثرت على ذاكرتها، أنا مبينتش أى حاجة تدل إنى أعرفها، قولت أعرفك الأول عشان تتصرف.

أسد باختناق: عايز كل المعلومات عنه تجيبهالى وكمان العنوان بتاعه و، بتاعها
مازن وهو يعطيه ملفا: أنا كنت عامل حسابى، الملف ده فيه كل حاجة هتحتاجها، بس إنت هتعمل إيه
أسد بإصرار: هرجع ممتلكاتى ليا تانى
قالها وخرج مسرعا دون التفوه بكلمة أخرى
خرج من المنزل تتبعه سيلين بتوتر
زفرت براحة وهي تقول
ياسمين بارتياح: الحمد لله محصلش حاجة لينا
مازن بتهكم: ليه مش شايفة جوزك اللى وشه بقى وشين في بعض من الورم.

ياسمين بسخرية: ومين قال إنى قصداك أنا قصدى أنا والولاد
مازن بغضب: آه يا بنت ال..
ياسمين مقاطعة بتحذير: إياك تشتم
مازن بشماتة: مش هشتم ولا حاجة بس ادخلى زى الشاطرة كدا وروقى الأوضة
اتجهت ياسمين بكبرياء للغرفة ثانية واحدة و..
ياسمين بصراخ: آااااااااه بيتى يا ولاد الكلب
انطلق سريعا لإحدى الغرف حتى لا ينال ضربًا مرة أخرى يكفى ما حدث لوجهه
في إحدى الفنادق بالولايات المتحدة الأمريكية.

حجز أسد غرفتين متجاورتين له ولسيلين، مضطر أن ينتظر للصباح حتى يسافر لها
قضى ساعات طويلة يصلى ويدعو الله، بكى بشدة لكن تلك المرة بفرح، ملاكه حية، كان على حق دائما، سيرجعها وتلك المرة للأبد، سيمنع الجميع عنها، ستعود أنانيته من جديد، حتى لو خنقها بتملكه، الأهم أن تظل معه وبجانبه، فهى ملكه، خلقت منه وله، لن يفرط في حقه بها أبدًا
تأمل صورتها على الهاتف يتلمس ندبته ومبتسم بحالمية.

قضى ليلته يتأملها بكل تفاصيلها، لم يمل أبدًا، أذن الفجر فصلى ولم ينسى شكر الله للمرة التي لا يعرف عددها ولكن ما يعرفه أنه لن يكف عن شكر الله تعالى أبدا، فقد منّ عليه وأعاد روحه مرة أخر
انتهى من صلاته فجلس على الفراش وأمسك الملف يفكر فيما يفعل، لا يجب أخذ خطوة دون ترتيب خاصة وهي لا تتذكر أى شيء، شعر بغصة ألم عند تلك النقطة، لا يعلم ما القوة الجبارة التي منعته من الذهاب وسحقها بين ذراعيه.

زفر بعنف مبعدًا أفكاره بقتل ذلك الذي تجرأ على أملاكه، أقسم أن يذيقه العذاب، قرأ كل المعلومات عن هذا المراد ولكن لا شيء يتعلق بملاكه، كل شيء طييعى، استغرب كثيرا فالواضح أنه من عائلة متدينة صاحبة أخلاق عالية، سيرته تدل أنه ورث الصفات ذاتها، إذن ماذا حدث، كيف لشخص متدين أن يفعل تلك الجريمة ويبعده عن معشوقته الصغيرة
أفاق من أفكاره على رنين الهاتف
أسد بهدوء: ها، نفذتوا.

أحد رجاله: متقلقش يا باشا كله تمام، هو دلوقتى في المكان اللى حضرتك عايزه
أسد بابتسامة شر: روقوه، عايزه يعرف إن ضيافتنا غير أى ضيافة
الرجل: أمرك يا باشا
أغلق الهاتف، قام سريعًا وأخذ أشياءه ذاهبًا لغرفة سيلين
طرق الباب وقد نفذ صبره، يريد الذهاب بسرعة ورؤيتها
فتحت الباب فتنظر له باستغراب
سيلين باندهاش: في إيه؟!
أسد: يلا بسرعة عشان هسافر
سيلين بابتسامة: يعنى اللى مدام ياسمين قالته صح.

أسد بسرعة: أيوة. يلا خدى حاجتك ومنتظرك تحت
هبط لأسفل يشعر بالتوتر الشديد، اقترب موعد رؤيتها، ساعات قليلة ويراها، متوتر بشدة ولا يعلم ما يجب فعله
هبطت سيلين لأسفل وخرجا من الفندق متجهين للمطار
في السيارة
أسد: ترجعى مصر ولا تسافرى معايا
سيلين بحماس: أسافر طبعا، حد يرفض إنه يسافر ألمانيا وكمان أنا نفسى أشوف همس أو..
صمتت عندما أوقف السيارة فجأة لتصدر صوت صرير عال.

أسد بعنف ونظرة مرعبة محذرًا: إياكى، إياكى تنطقى اسمها، بالنسبالكم تقولو الصغيرة، غير كدة صدقينى هندمكم
ابتلعت ريقها بصعوبة تومئ برأسها موافقة
بدأ القيادة مرة أخرى يزفر كل مدة بنفاذ صبر، لما طال الطريق هكذا
سيلين في سرها: يا لهوى لو كنت حبيتك فعلا، الحمد لله يارب إنى محبتهوش، دا أنا كنت هعملها على نفسى من الخوف وهو باصصلى بالطريقة دى، ربنا يكون في عونك يا هم، يا صغيرة يا صغيرة.

وأخيرا مضت عدة ساعات وصلا خلالها لألمانيا
استنشق الهواء بلذة وشراهة كمن تعرض للاختناق لسنوات، مجرد الشعور بوجودها بجانبه ولو بعد أميال يشعره بلذة غريبة
حارب نفسه بصعوبة من أن يذهب لها يجب أن يحاسبه أولًا ثم يعرف منه كل شيء
أوصل سيلين لفيلا يملكها وذهب سريعا لذك الحقير
دخل المخزن بهدوء يحسد عليه، وجد جسد هزيل من شدة الضرب مقيد على الأرض، أشار لرجاله ليخرجوا فورا
أسد بغضب: ارفع راسك.
رفع رأسه بضعف، اتسعت عينيه بشدة من كتلة الجمال والرجولة أمامه، شاب في منتصف العشرينيات تقريبا ذو ذقن خفيفة ومثيرة، عيونه خضراء وأبيض البشرة وبالرغم من علامات الضرب العنيفة إلا أن جماله طغى على تلك العلامات، أظل مع ملاكه لثلاث سنوات كاملة؟!، عند تلك الفكرة وصرخ بجنون وهو يهجم عليه باللكمات والضرب كأنه يعاقبه على جماله!
استمر في صراخه الهستيرى ولم يرحمه أبدا حتى كاد يموت بين يديه.

ابتعد عنه ببطئ فسقطت دمعة من عينيه بقهر وهو يتخيلها أسرت بجمال غريمه
غريمه؟! كلمة ظن أنها لن تصادفه أبدا، لن تكون في حياته، ولكنها الآن تسحبت إليها بسبب ذلك الأحمق الهالك لا محالة
أسد بغضب وهو يشده من شعره الأشقر بعنف: تعرفها منيييييين
مراد بلهاث وضعف: مي، ن؟
لكمه بعنف ودون رحمة، ومتى كان رحيما فيما يتعلق بها
أسد: ملاكى يا روح أمك
نظر له باستغراب وضعف سرعان ما اتسعت عينيه بذهول
مراد بصدمة: إنت؟!

أسد بعصبية: مالك بلمت ليه، عايزك تحكيلى كل حاجة زى الشاطر كدة، إنت معدش فيك نفس تستحمل ضرب تانى
مراد بهدوء وخزى: أنا فهمت كل حاجة، وعرفت إنت قصدك إيه
نظر لأسد بحزن وقد هبطت دمعة على وجنته
زفر بعنف محاولًا التحكم بأعصابه، لا يعلم متى أصبح قلبه حنون لتلك الدرجة، في البداية سيلين والآن هذا الحقير
أسد محاولا الهدوء: احكيلى كل حاجة وليه استغربت لما دققت في ملامحى.

مراد بحزن: القصة كلها بدأت يوم تخرجى من جامعة بألمانيا، كان من أكتر من تلات سنين، وقتها كنت مضغوط جدا وخطيبتى سبيتنى وكمان آخر سنة ليا مجبتش تقدير كويس، كل دا خلانى مش في وعيى ومتعصب علطول، خاصة إنى بعدت عن ربنا وبطلت صلاة وقراءة قرآن وعيلتى كانت في بلد تانية فمكنش في حد بيساندنى، اتصاحبت على واحد عمرى ما كنت أتخيل إنى ممكن أصاحبه في يوم، جه مرة وقالى إنه هيودينى مكان يريحنى، وافقت علطول بس بعدها اترددت لما شفت المكان، كان عبارة عن ديسكو بس من جوة شبكات، دعارة، أقنعنى إننا هنقعد شوية بس وهنمشى علطول، شوية شوية قدر يقنعنى إنى أشرب كاس، كانت أول مرة أشرب وسكرت خالص، مش عارف إزاى شديت بنت من اللى بيشتغلوا هناك وخدتها في أوضة من الأوض، بس ربنا كان رحيم بيا و..

سقطت دموعه بشدة وهو يتذكر أسوء فترة في حياته المملوءة بالمعاصى والذنوب، ارتجف جسده بشدة خوفا من الله يدعو بصوت عال أن يغفر له ذنوبه
تطلع إليه بحنان وحزن، تذكر نفسه منذ سنوات وهو يبكى بنفس الطريقة ويطلب عفو الله ثم عفو ملاكه
خرج من شروده على ارتجاف جسد الماثل أمامه، ركض نحوه بسرعة وفك قيوده ثم خرج لفترة وجاء بزجاجة مياه
أسد مربتًا على كتفه: خد، اشرب واهدى.

شرب المياه بأكملها، صمت قليلا ثم بدأ يتابع حديثه
مراد باختناق: ربنا كان رحيم بيا لما خلانى أفوق على آخر لحظة قبل ما أكون زانى، بس للأسف البنت دى كانت مشغلة كاميرا ومصورة كل حاجة وبدأت تهددنى بيها
أسد باستغراب: واشمعنا إنت، ولا زميلك كان متفق معاها.

مرةد بنفى: لأ، هو ميعرفهاش أساسا بس، لما أنا سألتها نفس سؤالك قالتلى إنها مش قاصدة حد بعينه، هي عايزة أى شخصية تقيلة وخلاص تستنفع منه وحظى إنى كنت الشخصية دى
قالتلى إنها مش عايزة أكتر من بيت هنا في ألمانيا والجنسية وحاجة تاكل منها عيش بالحلال
أنا وافقت بسرعة لإنى هخلص من الفضيحة وكمان هساعد بنت إنها تخرج من المكان ده.

وفعلا عملت كدة وفتحتلها مطعم وخدت الفيديو وانتهى التواصل بينا تماما، بس بعدها بحوالى شهر لقيتها جاتلى البيت وبدأت تهددنى بنسخة من الفيديو كانت معاها، أنا خفت بصراحة فقلت إنى أنفذلها طلبها، بس طلبها كان غريب
أسد باستغراب: إيه طلبها؟!
مراد: طلبت منى آخد سفينة من السفن اللى بتستعملها مصانعنا في الصيد وأروح لجزيرة في بحر اسمه
أسد بصدمة: دا نفس البحر اللى ملاكى وقعت فيه.

مراد: أيوة هو، كل اللى هي قالته إنها عايزة تنقذ حد هيقع في البحر ده وكل اللى علينا إننا نستنى على الجزيرة وأول ما الشخص ده يقع من الجبل هنتحرك بالسفينة ونطلعه علطول ولو مش وقع تبقى المهمة انتهت من غير تعب
أنا وافقت وفعلا خدت سفينة صغيرة ووقفتها جنب الجزيرة ونزلنا إحنا الجزيرة وهي كانت معايا، كان معاها جهاز بتراقب بيه اللى على الجبل لإن المسافة كبيرة بين الجبل والجزيرة.

وفحأة لاقيتها بتقولى استعد في اتنين جايين علينا
أنا خدت منها الجهاز بسرعة وبصيت على الجبل وأول حد شوفته كان إنت، كنت عمال تصرخ وعايز ترمى نفسك من الجبل وفجأة أغمى عليك، عشان كدة أول ما شوفتك دلوقتى اتصدمت لإنى افتكرتك
أسد بضربات قلب مرتفعة وخوف: كمل، حصل إيه بعد كدة.

مراد: بعدها نزلت بالجهاز على البحر لاقيت في اتنين فعلا التيار شايلهم وجايين ناحية الجزيرة، أول ما قربوا مننا أنا طلعت البنت علطول ولسة هطلع الراجل، لاقيتها منعتنى وهي بتقول إنها لازم تخلص من شره.

وبعدين زقته جامد في المية والموجة بعدته عن الجزيرة، أنا خفت جدا بس قولت بلاش أتكلم، خدنا البنت وطلعنا السفينة ولقيتها إدتنى النسخة من الفيديو ووعدتنى إنها مش هتفضحنى ولا هتعمل حاجة مقابل إنى أسكت وأول ما وصلنا للشط اختفت ومشوفتهاش تانى، وبس دا كل اللى أعرفه
أسد: طب وملاكى إزاى مش فاكرة حاجة.

مراد بتوتر: هي، هي أول ما فاقت كانت، كانت ناسية كل حاجة وأنا معرفش هي من عيلة إيه ولا اسمها إيه فخدتها عندى وقولتلها إنى خطيبها وقريبها من بعيد عشان تقبل مساعدتى بس والله عمرى ما اتكلمت معاها كتير ولا قربت منها
أسد بشك وهو ينظر له كالصقر: وإنت اتوترت كدة ليه
مراد بارتباك: لا عادى أنا، أنا بس تعبت من الكلام
أسد بتحذير مخيف: قسما بالله لو طلعت مخبى عليا حاجة ل..
مراد بسرعة: لا وأنا هخبى إيه يعنى.

أومئ له ببطئ وهو متأكد أنه يخفى شيء سرعان ما تحول لاستغراب
أسد باستغراب: بس مين البنت دى وتعرفنى أنا وعيلتى منين
مراد بصدق: صدقنى معرفش بس الواضح إنها على صلة معاكم لإنها عارفة عنكم كتير وساعات كانت بتنطق اسمك إنت و، واسم سامر تقريبا، لا لا افتكرت، في مرة وقعت بطاقتها أدامى وكان مكتوب عليها، رحمة!
أسد بصدمة: رحمة، إنت تعرف تجيبهالى
مراد: أيوة أنا معايا رقمها وحتى لو غيرته فرقم مطعمها لسة زى ما هو مظنش إنها غيرته
أسد: تمام، تتصل بيها دلوقتى حالا وتطلب منها تيجى العنوان ده، عايزها ساعة وتكون هنا فاهم
مراد: حاضر هرن على موبايلها الأول يمكن تكون مغيرتهوش
تحرك مراد بصعوبة تجاه معطفه وأخرج هاتفه ليتصل بها حتى أجابت بعد مدة
مراد بلهفة: ألو، رحمة معايا
ابتسم مراد وهو ينظر لأسد بمعنى إنها هي.

مراد: أيوة يا رحمة، أنا مراد عامر أكيد لسة فكرانى، أيوة أنا، عايزك تيجى ضرورى، إنت معندكيش حل تانى غير إنك تيجى وإلا هبلغ عنك وهقول كل اللى أعرفه للبوليس، تمام منتظرك، سلام
أسد بلهفة: ها هتيجى
مراد بابتسامة: أيوة بس كمان تلات ساعات لإن وراها شغل ضرورى في المطعم
أسد وهو يسحبه: طب يلا
مراد باستغراب: على فين
ابتسم له وهو يسحبه: لملاكى
مراد: وهتقولها إيه
أسد بشرود: أنا عايزها نايمة
مراد بذهول: نعم.

ركبا السيارة
أسد بنفاذ صبر: لو قابلتها وهي فايقة احتمال أضرها من شوقى ليها، عايزها نايمة عشان أقدر أتحكم بنفسى وحتى لو مقدرتش على الأقل مخوفهاش منى
مراد: تمام بس إزاى
أسد: حباية منوم، تتصل بخدامة واثق فيها كويس وتؤمرها تحطلها حباية في عصير أو أى حاجة
ثم أضاف بتحذير وغيرة قاتلة: خدامة، فاهم، واحدة ست
مراد بزهق: حاضر الله.

نفذ ما قاله بالحرف وهو متوتر، إذا علم الحقيقة بالتأكيد سيقتله، أفاق على كلماته التي زادته توتر وخوف
أسد باستغراب: بس ملاكى اتصلت بيا بعد الحادثة بحوالى أسبوع، إنت تعرف كدة
مراد بخوف: إيه، لا لا لا وأنا هعرف منين بس وبعدين إزاى تتصل بيك وهي مش فكراك
أسد بنبرة ذات مغزى: بتمنى فعلا إنك تكون متعرفش.

ثم أضاف بحزم وغيرة: اسمها متنطقهوش أبدا فاهم أنا سامحتك وإنت بتقولو للخدامة بس المرة الجاية فيها موتك، وبعدين إنت تعرف اسمها منين
مراد بخوف: خلاص أنا مش عايز أعرفها أساسا، ورحمة اللى قالتلى اسمها
في إحدى الفلل.

تجلس تلك الملاك وهي شاردة كعادتها طوال الثلاث سنوات، هناك شيء ينقصها، لا تعلم ما هو ولكنها متأكدة أنها لا تستطيع الحياة بدون هذا الشيء، تنهدت بنعومة تنظر للخاتم في يدها اليسرى، لا تعلم لما تحافظ عليه، لما رفضت إزالته، لما رفضت وضع خاتم خطوبتها، تشعر أنها لا تملك نفسها، كل ما تعلمه أنها في المكان الخطأ، بالرغم من قرابتها لمراد وخطوبتهما إلا أنها بعيدة تماما عنه، بالكاد تراه، غيرت مواعيد طعامها حتى لا تختلط معه، تشعر بخيانتها لأحد كلما ابتسمت لذلك المراد ولو مجاملة حتى، والأغرب أنها لا تخرج بشعرها أمام النساء! بالتأكيد جنت، كلما حاولت أن تختلط بالنساء وتجلس على راحتها تجد نفسها تنطلق لغرفتها تغطى شعرها جيدا.

أوووف، لقد جننتى يا همس
سمعت طرق الباب لترتدى الاسدال والحجاب وهي تسخر من نفسها
(الحوار مترجم)
همس برقة: تفضلى
الخادمة: سيدتى، تفضلى هذا المشروب
همس باستغراب: لكننى لم أطلبه
الخادمة بارتباك: لقد أمرنى سيد مراد بذلك واخبرنى ألا أذهب دون التأكد من شربه
همس بذهول: حسنا
احتست الشراب بأكمله وأعطته للخادمة لتخرج بالكوب
مرت دقائق بسيطة وبدأت تشعر بالدوار الشديد حتى سقطت على الفراش وغاصت في نوم عميق.

دخلت الخادمة فورا وعدلتها على الفراش لتنام براحة أكثر ثم خرجت تخبر سيدها بتمام المهمة
وصلت السيارة ليبدأ قلبه يقرع بالطبول، أمتار قليلة فقط تفصل بينه وبين ملاكه
انطلق جريا للداخل حتى اصطدم بخادمة
أسد بسرعة: أين هي غرفة ملاكى، أقصد همس
نظرت الخادمة خلفه لتجد مراد يومئ لها بالموافقة
الخادمة: إنها في الطابق الثانى أول غرفة سيدى
ركض بسرعة للأعلى يلهث بعنف.

وقف أمام الغرفة يشعر بالخوف الشديد، لما يشعر بأنه مراهق، هيا أسد ادخل، ملاكك ومعشوقتك الصغيرة بالداخل
عند تلك الفكرة وجد نفسه يقتحم الغرفة بعنف ويغلق الباب خلفه
واقف كالصنم ينظر لها وهي نائمة على الفراش
اقترب ببطئ شديد فاحمرت عينيه ووجهه بشدة وبدأت شهقاته تعلو بنفس درجة علو صوت تنفسه
وقف أمامها مباشرة
ثانية واحدة وكان نائم بجانبها يحتضنها ويضع رأسه على صدرها.

أسد بشهقات باكية واختناق وهو يردد بجنون: ملاكى، ملاكى، ملاكى إنتى، إنتى عايشة، أنا كنت، كنت متأكد إنك عايشة، والله يا ملاكى أنا، أنا قولتلهم إنك عاي، شة بس هما، هما مش صدقونى، بس أنا مش هاممنى رأيهم، أنا قلبى قاللى إن ملاكك اللى ربيتها مش، مش هتتخلى عنك أبدا، قلبى قاللى إن، إن
انفجر في بكاء مرير وهو يقبل موضع قلبها وكل إنش بوجهها
دفن وجهه بعنقها بعدما أزال حجابها بلهفة.

أسد بدموع غزيرة: قلبى قاللى إن ربنا مش هيعاقبنى بيكى أبدا، كنت متأكد إنك هترجعى، كنت بموت كل لحظة وإنتى، وإنتى بعيدة عنى، كنت، كنت ببقى خايف إنهم يطلعوا صح بس، بس كنت بصبر نفسى إن قلبى لسة بينبض باسمك، كنت بصبر نفسى إنى لسة عايش، وإنتى عارفة إن حياتى واقفة، على أنفاسك إنتى
قال جملته مقتربًا من وجهها بشدة حتى التحمت أرنبة أنفيهما مع بعضهما وهو يستنشق أنفاسها بلهفة.

أغمض عينيه بسكر وتخدر كمن أخذ جرعته للتو، ظل لدقائق طويلة يستنشق أنفاسها ثم ابتعد عنها ببطئ، الآن ارتوى بعد عطش.

أسد بابتسامة ومازالت دموعه تنهمر: أنا بعشقك ومجنون بيكى، عارفة يا ملاكى، أنا روحت لدكتور نفسى من سنة، روحتله وقولتله، قولتله إنى بعشقك أوى، عارفة قالى إيه، قالى إنى مش، مش حبيتك وإنتى، وإنتى صغيرة، قالى إنى، إنى كنت بس محتاج، لحنان وبراءة في حياتى، وكان حظك إنك إنتى اللى، اللى جمعتى الحنان والبراءة مع بعض وقالى إنى مريض، مريض بالغيرة والتملك، عندى وسواس إن اللى بحبهم هييجى يوم ويسيبونى.

ضحك بخفوت وألم وهو يكمل: أنا كنت لسة، هاقوم أقتله لإنه، بيشكك في عشقى ليكى وبيعتبره مرض بس هو، هو كمل بسرعة وقالى إنى، إنى عشقتك لما بدأتى تكبرى، قالى إنى اتجبرت عليكى لما قابلتك في الأول بس، بس لما كبرتى قدام عينى اخترت، اخترت عشقك، اخترتك تكونى حبيبتى وحياتى، عارفة يا ملاكى أنا، أنا لو الزمن اتعاد بيا تانى، هعمل كل حاجة عملتها، بس كنت، كنت همنع نفسى عنك لغاية لما تكملى ال 18، حتى جوازى منك وإنتى 13 سنة كان غلط، مكنش ينفع أعمل كدة، سامر وترنيم دلوقتى عايشين، حياتهم بسعادة، بالرغم من شوية العذاب اللى في حياتهم بس، بس رضا ربنا في علاقتهم خلاهم دايما مع بعض و، مازن وياسمين عمرهم ما اتفرقوا، عمرهم ما بعدوا عن بعض، دا كله عشان هو، هو أكتر واحد اتقى ربنا فيها، ياريتنى اتقيت ربنا فيكى انتى كمان، يمكن كان زمانا مع بعض، بس خلاص، أنا حاسس إن عقاب ربنا خلص، حاسس إننا هنعيش في سعادة مع بعض دايما.

شدد على احتضانها يحكى لها عن شوقه وعشقه، لم يقترب من شفتيها، يعلم أنه إن اقترب منهما لن يبتعد أبدا، ليتحلى بالصبر لساعات فقط، ساعات قليلة وتعود له
توقف عن حديثه معها على صوت الطرقات
ألبسها حجابها مرة أخرى وخرج وأغلق الباب
أسد باختناق بسيط من بكائه: خير
مراد باحراج: إنت بقالك أكتر من ساعتين جوة و، رحمة بعتتلى رسالة إنها رايحة العنوان دلوقتى.

كيف مضى كل ذلك الوقت دون أن يشعر، ظن أنه تبقى على الأقل ساعة أخرى يمضيها مع معشوقته ولكن متى كان الوقت في صفه
أسد بهدوء: ملاكى هتصحى امتى
مراد: نص ساعة أو أكتر
أسد بغيرة: محدش يدخلها ولو اتكلمت معاك إياك، إياك ترد عليها، سيبها وامشى
ثم أضاف بتذكر: روح فيلتى في هتلاقى هناك سكرتيرتى الخاصة اسمها سيلين، هاتها هنا وخليها تقعد مع ملاكى وأنا هعرفها عشان تجهز
مراد بفرحة: يعنى أنا مش هروح معاك.
أسد بشك: وإنت مش عايز تيجى ليه
مراد بارتباك: لأ عادى يعنى
أسد بتنهيدة: روح اعمل اللى قلتلك عليه يلا
خرج متجهًا للمخزن مرة أخرى وتدور بعقله العديد من الأسئلة
في المخزن
رحمة باستغراب: مرااااد، مراد إنت فين
أسد بسخرية وهو يدلف: مينفعش أسد
رحمة بصدمة وخوف: أسد
أسد بغضب وهو يقف أمامها: هتتكلمى لوحدك ولا تتكلمى بطريقتى
رحمة بضحكة وهدوء غريب: أخيرا عرفت
أسد باستغراب: نعم
رحمة بابتسامة: عايز تعرف إيه أكتر.

أسد: كل حاجة، مراد حكالى اللى يعرفه بس أنا عايز اللى إنتى تعرفيه
اتجهت بهدوء لإحدى المقاعد وجلست وهي تشير للمقعد الآخر
أمام إحدى الفلل الضخمة
مراد بزهق في السيارة: ما يلا يا سيلين هانم هستنى كتير ولا إ، إيييه الجمااال ده
تقدمت بخجل تشعر به يتأملها
جلست بجانبه لتقول بابتسامة خجولة: يلا
مراد ببلاهة: دا إنتى اللى يلا
سيلين بعصبية وخجل: إييييه؟
مراد وقد وعى على حاله: ها، ولا حاجة.

تحرك بالسيارة ينظر لها كل مدة من المرآة ويبتسم
مراد في سره: يخربيت جمالك، هو في كدة يا ناس، ياريت تتحجب بس وهتبقى قشطة، وياريت ليه ما أنا موجود، دا أنا مش هسيبك إلا أما تتنقبى مش تتحجبى بس
في المخزن
اتجه بنفاذ صبر ليجلس، لولا وعده لملاكه ألا يضرب أى فتاة مرة أخرى بعد رؤيتها له يضرب جنى من قبل لكان هشم رأسها، ضرب النساء ليس من شيمه أبدا ولكن سمر وجنى حطما القاعدة والواضح أن تلك المرأة ستكسرها أيضا.

أسد بعصبية: يلا سامعك.

رحمة بحزن ودموع: اسمى رحمة أحمد السيد، كنت عايشة بسعادة مع ماما وبابا لغاية لما بابا مات في شغله، كان بيصلح أسانسير بس بسبب غلط بسيط الأسانسير وقع بيه ومات، كان عندى حوالى 13 سنة وكانت ماما حامل في الشهر السابع، جاتلها ولادة مبكرة أول ما سمعت الخبر وللأسف متحملتش هي كمان وماتت، ماتت بس سابتلى حتة منها، سابتلى سارة أختى، أنا اللى سميتها على اسم ماما، أنا اللى ربيتها بعد ما الكل رفضنا بسبب فقرهم، بس للأسف بفلوس حرام، مكنش قدامى غير الطريق ده، اشتغلت رقاصة عشان كان جسمى أكبر من سنى، مرة في مرة اتحولت من رقاصة لمومس، عدت السنين وبقيت في العشرينات، جالى زبون جديد أول مرة أشوفه، بدأ ييجى كل يوم لغاية لما عرض عليا إنى أنصب على حد مقابل فلوس كتير، أنا وافقت وقولت الفلوس أفتح بيها مشروع وأعيش بسلام مع أختى، بدأ يطلعلى شهادات مزورة سواء بقى في اسم مدارسى أو في الكلية اللى اتخرجت منها وأنا أساسا مكملتش إعدادية، علمنى شوية أساسيات في الشغل وجابلى هدوم محترمة وحجاب وعرفنى هعمل إيه بالظبط، عرفت وقتها إن اسمه شريف سعيد ضرغام، استغربت لما عرفت إنه عايزنى أنصب على أخوه بس معلقتش، كل حاجة مشيت مظبوط، وفعلا سامر اتجوزنى، بس للأسف فشلت في كل حاجة، فشلت أخليه يحبنى وفشلت إنى آخد منه أى معلومة، مع الوقت بدأت أحب سامر واعتبره أخويا وقررت أنهى اللعبة، روحت لشريف وقولتله مش هكمل بس فوجئت إنه بيورينى صور لأختى وهي مخطوفة، هددنى بيها فاضطريت أكمل وكان بيطمنى كل مرة بفيديو كام ثانية ليها، لغاية لما كل حاجة انكشفت بعد حادثة الصغيرة، أنا هربت علطول وبعدها بكام يوم روحت لشريف السجن، عرضت عليه أوصله لريس كبير أوى اسمه مدحت، كان من زباينى وعرفت عنه إنه بيهرب مساجين، قولتله هخليه يساعدك مقابل ترجعلى أختى، هو وافق فعلا لإن معندوش خيار تانى، وصلتهم لبعض وخدت أختى، كنت هسافر بس مكانش معايا فلوس فبدأت أجمع من شغلى القديم وبعدين سافرت ألمانيا، واتعرفت على مراد وهددته لغاية ما ادانى فلوس وفتحت بيه مطعم، فوجئت بعدها بحوالى شهر إن شريف باعتلى راجل شكله يخوف والراجل ده هددنى إنى لو مش نفذت اللى شريف عايزه هيقتل أختى فاضطريت أوافق خاصة إنى لاقيته بيراقبنا ومش هيسيبنا في حالنا، طلب منى إنى أجيبله سفينة أو مركب عند جزيرة في بحر وأراقبه وهو على جبل في نفس المنطقة ولو وقع في البحر أنقذه، عملت كل حاجة طلبها بس قدرت إنى أقنع الراجل يسيبنا في حالنا مقابل فلوس أكتر.

بدأت الخطة تمشى تمام ووقع فعلا في البحر بس فوجئت بالصغيرة معاه، مراد طلعها وقبل ما يطلعه أنا وقعته في البحر عشان أخلص من شره، خدنا الصغيرة ورجعنا المدينة وبصراحة مقدرتش أمشى غير لما أطمن عليها، حسيتها زى سارة أختى في برائتها
نامت لأكتر من خمس أيام من التعب والمحاليل وضعفها اللى بتعانى منه وبعدها صحيت بتناديك
أسد بصدمة: بتنادينى إزاى
رحمة باستغراب: بتناديك عادى، كانت عايزاك.

أسد بذهول شديد: يعنى هي فاكرانى
رحمة عاقدة حاجبيها: فاكراك؟! أنا مش فاهمة حاجة
أسد بنفاذ صبر: مراد قال إنها لما فاقت ماكنتش فاكرة حاجة
نظرت له قليلا ثم انفجرت ضاحكة حتى توقفت على زمجرته الغاضبة.

رحمة بسخرية: هو قالك كدا وإنت صدقته، الصغيرة ماكنتش فقدت الذاكرة أول ما فاقت، بس ضغط الماية سببلها مشاكل في المخ فكانت محتاجة عملية، الدكتور قال إنها احتمال تفقد الذاكرة بعد العملية دى، بس في احتمال كبير إنها تفتكر كل حاجة لما تتعرض لنفس المواقف أو حد يحكيلها حاجات عن الماضى، الصغيرة لما صحيت وعرفت كل حاجة عن العملية أصرت إنها تتصل بيك، كنت براقب كل حاجة من بعيد عشان ما تشوفنيش ولا تعرفوا مكانى، كنت معاها دايما من غير ما تحس بيا، راحت المستشفى عشان تعمل العملية بأسرع وقت بس أصرت إنها تتصل بيك عشان أما تفوق إنت تكون جمبها وتفتكرك، مراد إداها موبايله بس ابن اللعيبة خلص رصيده كله على مكالمات تافهة ومتبقاش إلا كام ثانية بس في رصيده.

اتصلت بيك وللأسف مقدرتش تتكلم ولما جيت تتكلم الرصيد خلص والمكالمة انتهت، عيطت كتير عشان تكلمك بس مراد أقنعها إنه هيتصل بيك أثناء العملية ودخلت وهي مطمنة إنها هتلاقيك أول ما تفوق.

أول ما دخلت العملية أنا زعقت لمراد على اللى عمله بس لاقيته بيترجانى أخرج من حياتهم، قالى إنه محتاجها تخرجه من اللى هو فيه، محتاج حد جنبه الفترة دى، أنا من الأول كنت خايفة إنك لما تعرف تأذينى ولاقيت كلام مراد فرصة تشجعنى إنى ماحكيش حاجة، عرفته إنها متجوزة وهو قاللى إنه محتاجها كصديقة أو أخت ليه وإنه هيقولها إنهم قرايب ومخطوبين عشان توافق إنه يساعدها، لكن عمره ما هيقرب منها ولا يتجاوز حدوده وأول ما يحس بالراحة هيرجعها ليك.

نظرت بعينيه التي تشع غضبا وهي تقول بحزن: اعمل اللى تعمله فيا بس أرجوك بلاش أختى، مقدرش أشوفها بتبكى، أنا كل حاجة كانت عشانها هي، إنت بتعشق الصغيرة وبتخاف عليها وأنا بعشق أختى وبخاف عليها وزى ما إنت بتعمل أى حاجة عشان الصغيرة أنا هعمل أى حاجة عشان أختى
أسد بهدوء غير مبشر: امشى
رحمة بصدمة: إيه
أسد بغضب وصراخ: امشى قبل ما أقتلك حااالا
خرجت جريا لا تصدق نجاتها من بين يديه.

أسد بصراخ وهو يضرب المقاعد ويدفعها بعيدا: آاااه يابن هقتلك يا، كله بسببك
ظل يصرخ ويحطم كل ما يقابله
خرج مسرعا للسيارة ينطلق بها بسرعة يقسم أن يقتله
دلف للفيلا سريعا وهو يصرخ: اطلع يا اطلع يا روح أمك
مراد بفزع وقد أدرك معرفته بكل شىء: اسمعنى..
هجم عليه بالضرب الشديد يلكمه ويسبه بأفظع السباب، أمسك عنقه يخنقه وهو يصرخ به
مراد باختناق: وحي، اتها، سيبنى
صرخ أسد بغضب وعنف وهو يتركه، لما يحلفونه بحياتها.

شهق بفزع يأخذ أنفاسه حتى هدأ
مراد بحزن واختناق: أنا آسف والله آسف، أنا قولتك كنت وحيد ومحتاج حد معايا، بس والله عمرنا ما قعدنا دقيقتين مع بعض
هدأ أسد قليلا ليقول له: يعنى إيه
مراد: يعنى هي عمرها ما اتكلمت معايا، ساعات بنقضى شهور من غير ما أشوفها، حتى الأكل مش بتاكل معايا
زفر بارتياح، معشوقته مازالت تحافظ على نفسها له حتى وإن لم تتذكره
أفاق على صراخ بالأعلى يعلم هذا الصوت جيدا.

ركض لأعلى ففتح الباب بعنف ليجد ملاكه تصرخ
أسد وهو يقترب منها بسرعة ويحيط وجهها بكفيه وقبل أن يتحدث وجدها تبكى وتنظر بتشتت لكل مكان
همس ببكاء: أنا مين؟! أنا مراتك؟
تطلع إليها بصدمة، كيف علمت؟ لقد خطط للطريقة الأمثل ليخبرها ولكن من أخبرها الآن وأفسد مخططاته
وكانت الإجابة أمامه وهو يرى سيلين تخفض رأسها بخزى
تعليقم في الحلقه دى الدعاء لاخوتنا في غزة ربنا يحفظهم ويثبتهم وينزع الخوف من قلوبهم ربنا معاهم.
أسد محاولا الهدوء: هوووش، أنا هفهمك كل حاجة، أنا..
صمت لا يعرف ما يقول، قربها يسبب البلاهة دائما، شرد بها يتأمل وجهها البرئ الساحر، تذمر بخفوت عندما وجدها لا تنظر له منذ دخوله..
وأخيييرا نظرت له
كانت تنظر للأرض بعصبية، انتظرته ليكمل حديثه لكنه ظل صامتا، رفعت رأسها بغضب وهي على وشك توبيخه، ما هذا الجمال؟!

شردت به وبملامحه الجميلة، شعرت بدقات قلبها تعلو وتعلو، تعرفه، متأكدة أنها تعرفه، لكن كيف لا تعلم، أيعقل أنه زوجها كما قالت تلك السيلين
ظلت شاردة به لم تعلم متى تحولت نظراتها المعجبة إلى عاشقة، تأملت ملامح وجهه وهي متأكدة أنها ليست المرة الأولى تتأمله، هدأت أنفاسها ونست كل ما حولها عداه هو، ارتفعت دقات قلبها عندما ابتسم بجانبية حتى كادت تقسم أنه سمعها. يا الله.

أفاق من شروده على شرودها، ابتسم بخبث وجانبية، بدأ سحره يؤثر عليها، يعلم حتى لو نسته لن تنسى شعورها تجاهه، اقترب منها ببطئ مستغلا حالة اللاوعى التي هي فيه
وضع يده على وجنتها يملس عليها بهدوء وعشق، مازالت ناعمة مثلما تركها، زفر براحة يشعر أن كل شيء كما هو، لم يتغير مهما مرت السنون.

ظل يملس بنعومة تماثل نعومة بشرتها لتغمض عينيها مرغمة وتتنفس بصعوبة وعشق، لا تعلم ما يفعله بها، أقل حركة تشعل كيانها، كيف يطغى حضوره هكذا؟!
اقترب منها أكثر وأكثر وبدأت يده الأخرى تتحرك ناحية خصرها، تمسك بها لتحمد ربها، لو لم يمسكها لكانت وقعت، تشعر بساقيها كالهلام لا يستطيعان حملها أكثر
اقترب بوجهه منها، لن ينتظر لتتذكره، يكفى شعورها لتتقبله، ابتسم بحب عندما رآها ساكنة بأحضانه كالقطة الناعمة.

لم تتبقى مسافة تذكر بينهما، كاد يقبلها لكن أفاقا على شهقة خافتة
نظرا لصاحبة الشهقة ليزفر بغضب
أسد بخفوت لا يسمعه أحد: آاااه يا بنت ال، والله لأوريكى يا سيلين
شعر بشيء ينكمش على صدره، تطلع إليه ليرى ملاكه تدفن رأسها به بخجل شديد
ابتسم باتساع وبلاهة، لازالت تحتمى منه ومن الجميع به وحده
أفاق للمرة الثانية على حمحمة خفيفة من تلك السيلين ليزمجر بغضب.

أسد بغضب: ما إنتى متلقحة واقفة من الصبح جاية تتكسفى على الحتة دى، مش قادرة تصبرى
سيلين بخجل: احم احم أنا، أنا مستنياك برة في أوضة الجلوس
خرجت مسرعة بخجل، نظر لملاكه ليجدها ترمقه بنظرة حارقة
ابتعدت عنه وربعت يديها أمام صدرها
همس بغيرة شديدة: ممكن أعرف يعنى إيه مستنياك برة دى، وهي مالها بيك، إنت جوزى ولا جوزها يا بيه.

شعر بقلبه يقفز فرحًا، لم يتوقع أبدا أن تتقبله بتلك السهولة، الواضح أنه سيشكر سيلين كثيرا، وعند تلك الفكرة اتسعت ابتسامته بخبث أكثر وأكثر وهو يستشعر غيرتها، قرر اللعب قليلا والاستمتاع
أسد بمكر: عادى، أمال هتستنى مين، أصل أنا وسيلين قريبين من بعض أوى أوى، إنتى ما تعرفيهاش بس لازم أعرفك عليها، هتحبيها زى ناس كتير
همس بغيرة وصراخ: نااااس، ناس مين.

أسد بابتسامة خبيثة: ناس بقى وخلاص، وبعدين مالك صدقتى إنى جوزك على طول، إيه كنتى فاقدة الأمل إنك تتجوزى للدرجة دى ولا القلب دق
همس بارتباك محاولة الهدوء: ها، لأ عادى. عادى يعنى هي، هي بس ورتنى صور فرحنا وكتب الكتاب ف، فصدقت
ثم أضافت بانفعال لتخفى به ارتباكها: وبعدين إيه فاقدة الأمل دى
أسد بخبث مقتربًا منها: معلقتيش يعنى على القلب دق، ولا عشان دى حقيقة فعلا.

ارتبكت بشدة سواء من قربه أو كلماته المعسولة، التي وللعجب أحبتها كثيرا!
همس: ولا قلب دق ولا حاجة، وبعدين لو دق فعلا كنت هاجى معاك
رفع إحدى حاجبية يجيب بفظاظة: نعم يا روح أمك
همس بعصبية: متشتمنيش، وزى ما فهمت مش هروح معاك في حتة
خرجت سيلين مرتبكة وخجلة بشدة، حمدت ربها أنها فرت من بين يدى ذلك الأسد
نظرت خلفها كأن شحص مخيف يلاحقها حتى اصطدمت بأحد ما بعنف لتقع فوقه على الأرض.

مراد بتأوه وألم مغمض العينين: آااااه يا ولاد الجزمة، أنا ناقص كسر أكتر
فتح عينيه ببطئ ليرى من فوقه، ما إن أبصرها حتى فتحهما على وسعهما كمن يريد إدخالها في عينيه
مراد بتسبيل: يلهوى على الجمال، لا إنتى اكسرى براحتك وأنا هجبس
سيلين بخجل تحاول النهوض من عليه: أنا آسفة مش قصدى
وضع يده بسرعة على خصرها ليمنعها لتشهق من حركته.

مراد ببلاهة وهو يقرب رأسه أكثر: دا أنا اللى آسف، وأمى آسفة، وأبويا آسف. وعيلتى كلها آس، آااااه
صاح بألم عندما ضربته على صدره بعنف فتقوم بسرعة
سيلين بخجل وعصبية: احترم نفسك يا أستاذ، إيه قلة الأدب دى، والله تستاهل اللى أسد عمله فيك
مراد لنفسه: اتفضحت يا مراد
مراد بحمحة: احم احم، على فكرة إنتى فاهمة غلط
رفعت حاجبها الأنيق تنظر له بتهكم واضح
مراد وهو يقوم: أيوة غلط، إحنا كنا بنتدرب بس.

سيلين: بتدربوا على الملاكمة صح
مراد بابتسامة غبية: أيوة صح عرفتى إزاى
سيلين بسخرية: أصل شايفة كيس الملاكمة قدامى
قالت جملتها مبتعدة عنه لتذهب لغرفة الجلوس منتظرة خروج أسد والصغيرة
مراد بغباء: قصدها إيه
سرعان ما أدرك قصدها ليقول بصدمة: نهار اسوح، دا إنت اتحط عليك من الكل، بقى أنا كيس ملاكمة
قال جملته ثم ذهب، جلس أمامها يشيح بوجهه عنها عاقدا ذراعيه بكبرياء ينافى وجهه المحمر والمزرق وتلك الدماء في وجهه.

نظرت له بطرف عينها لتضحك بداخلها على شكله الطفولى البحت، كان كمن غضب من والدته ومنتظر أن تأتى لتصالحه بنفسها
في الغرفة
أسد بابتسامة غامضة: عادى خليكى هنا وأنا كدة كدة هقعد هنا شهر أو اتنين في فيلتى مع، سيلين
شهقت بطفولية تضع يديها على فمها وتنظر له بعيون متسعة
ابتسم بخفوت وعشق عليها
همس بتراجع: أنا، أنا فكرت وقولت يعنى إنى، مينفعش يعنى إنى إكون هنا وإنت، وإنت..

ظلت تحاول إيجاد الكلمات ولكنها لم تستطع لتزفر بقلة حيلة تخفض رأسها بحزن
صدمت بيد تمسكت بيديها بنعومة ستقتلها يوما من جمالها
رفعت رأسها ببطئ لتجده ينظر لها بحنان شديد، لم ترى نظرة الحنان تلك من قبل، أقسمت أنها لن ترى ما يماثلها أبدا، فهو ينفرد بها كما ينفرد بغيرها
أسد بحنان شديد: إنتى مش محتاجة كلام عشان أفهمك يا ملاكى، إنتى بس بصيلى في عينى وامسكى إيدى.

قال آخر جمل وهو ينظر ليديهما المتشابكتان ليجدها تضغط بتلقائية على يده
نظر لها بابتسامة ثم لشفتيها
اقترب بهدوء فأغمضت عينيها بخجل منتظرة إياه
استمرت طويلا حتى انقطعت أنفاسهما
ابتعد عنها سامحا لها بالتنفس
بينما انتقل بقبلاته لوجهها بسرعة. عشق. وجنون.

عقدت ما بين حاجبيها ترى بمخيلتها أحد يقبلها وهي أعلاه، ثانية واحدة ورأت نفس الشخص يقبلها وهي ترتدى الأبيض، العديد من الذكريات تلوح أمامها وجميعها عن شخص يقبلها، ازدادت عقدة حاجبيها حتى انفكت وهي تراه، إنه هو من يقبلها في ذكرياتها، بالرغم من اطمئنانها له من البداية إلا أنها اطمئنت أكثر وأكثر بتلك الذكريات التي وضحت كم كانت خاضعة وسعيدة معه.

شعرت بألم في رأسها ولكن لم تستطع إبعاده بالرغم من ذلك الألم الخفيف فقربه مسكن لأى ألم
وضعت يدها على قميصه تدفعه بخفوت، إن استمر لأكثر من ذلك قد ينفجر قلبها من كثرة ضرباته العنيفة
ابتعد عنها ببطئ محاولًا تمالك نفسه، لا يجب أن يتجاوز أكثر من ذلك وإلا سيخيفها
احتضنها بيده بينما الأخرى مازالت متمسكة بيدها رافضة تركها
قبلها أعلى الحجاب يزفر براحة وقد عادت روحه مرة أخرى
ابتعد بوجهه قليلا ليراها.

أسد بعشق: يلا يا ملاكى
همس باستغراب: ملاكى؟! و..
قاطعها قائلا: تؤ، متفكريش في أى حاجة دلوقتى، خلى كل حاجة لوقتها
همس: طب مش هاخد هدومى
أسد بغيرة: لأ، مش هتاخدى ولا حاجة من هنا، حتى إسدالك هتغيريه أول ما نوصل وترميه، أنا جايب كل اللى تحتاجيه في الفيلا
لم تجادله أبدا، استغربت حالها، كيف تكون بهذا الضعف أمامه، تضعف أمامه وهو حنون، إذن ماذا تفعل عند غضبه.
تحرك بها للخارج بعدما عدل حجابها وإسدالها ليخفى ما يستطيع اخفائه حتى يديها لم تسلم، خرجا ومازالت يداهما متشابكة بالرغم من تذمرها وخجلها، ليضحكا بخفوت على شكل مراد الجالس أمام سيلين
أسد بتهكم: إن أبغض الحلال عند الله الطلاق
مراد باستغراب: نعم؟!
أسد بسخرية: إيه مش إنتوا اللى قاعدين زى المطلقين وبيتخانقوا مين هياخد الستاير
مراد ببلاهة: طب جوزنا ونشوف الطلاق بعدين
خجلت سيلين من كلامه الوقح.

أسد متجاهلا إياه: يلا يا سيلين عشان نمشى
مراد وهمس بغضب وغيرة معا: لا سيب سيلين هنا
نظر لهما بصدمة قائلا: إيه إنتو هتاكلونا، وأسيبها ليه إن شاء الله
لم تجد همس ما تقوله ليرد مراد فورا بوقاحة: إنت عارف إن الصغيرة مش فاكراك فإنت محتاج تفكرها بطريقتك وأكيد سيلين هتتكسف تشوفكم كدة بالأوضاع المخلة دى
خجلت بشدة فدفنت رأسها بصدره
احتضنها إليه أكثر، يكره ذلك المراد، يتمنى قتله ولكن، لأول مرة يعجبه.

أسد بابتسامة: ماشى وأنا مراقبك كويس، يعنى لو ضايقتها هيبقى فيها عم آااااه
صاح بألم من تلك الأسنان الصغيرة التي عضته بصدره بغضب وغيرة
قهقه عليها فمهما تغيرت ستظل تصرفاتها كما هي
سيلين بخجل وغيظ: إنت بتتخلى عنى يا أسد
أخرجت رأسها من صدره بعنف توجه نظرة حارقة إليها
همس بغيرة: إيه يتخلى عنك دى، وبعدين متنطقيش اسمه تانى
قالت جملتها وهي تسحبه بعنف للخارج
مراد بصدمة: فولة واتقسمت نصين
نظر لها بخبث: هيييييح أ..

لم يكمل جملته ورآها تتركه بلا مبالاة تصعد لغرفة همس لتنام بها
مراد بغيظ أثناء صعوده لغرفته هو الآخر: إيه قلة الأدب دى، صحيح مفيش احترام أبدا
صعدا إلى السيارة يضحك على طفولتها بينما تسحبه بتملك وتتذمر
ركبا لينظر لها بابتسامة خبيثة، انتبهت لتلك الابتسامة لتتطلع له بتوجس وهي ترجع بظهرها حتى اصطدمت بالباب، شهقت بعنف عندما شعرت به يحملها من مقعدها.

وضعها على قدميه واحتضنها بتملك وعنف، بالرغم من خجلها إلا أنها لم تفعل شيء سوى وضع رأسها الصغير بعنقه، تنهدت بنعومة لتضربه بأنفاسها الساخنة، شعر بالحرارة تنتقل إليه ليزفر بعنف متمتمًا
أسد محاولا التحكم بنفسه: الهى ياخدك يا شيطان على اللى بتعمله فينا
تنهد بخفوت عندما شعر بها تهمم كالأطفال ليعلم أنها نامت، كان يحلم ولو بنظرة واحدة ولكن وللعجب ها هي بين أحضانه تنام بهدوء وسكينة.

تحرك بالسيارة وكل لحظة يقبلها أعلى رأسها
بالولايات المتحدة الأمريكية
ياسمين بغضب: ما تاكل بقى يا حلوف منك ليه
مليكة ببراءة: وليها يا ماما
ياسمين بسخرية: معلش يا ست مليكة، اطفحى يلا، بدل والنعمة أنفخكم كلكم
ثم أضافت بخوف وارتباك: الكلام ده مش ليك يا عين أمك
تطلع معتز إليها ببرود ثم عاد بنظره للتلفاز مرة أخرى
ياسمين بغضب: جاتك داهية، تكون حلوة. آااه
صاحت بألم وهي تشعر بكف على عنقها من الخلف.

مازن بمزاح: أحلى مسا عليك يا سطا
ياسمين بصراخ: بطل هزارك البايخ ده
مازن مقلدا إياها: بطل هزارك البايخ ده
ثم أضاف وهو يحتضنها بعنف: يا بت، فين الأنوثة بتاعت زمان
ياسمين بضحكة بلهاء: في البتشنجان
مازن بقرف: هاهاهاها هموت من الضحك، إنتى من كتر خفة دمك طار ومعدش فيه دم أصلا
ثم أضاف بحب: فاكرة يا ياسمين أول مرة اتقابلنا فيها
ياسمين: آاه ياخويا لما عملتلى فتوة وضربت الياضين
مازن باستغراب: ال إيه؟!

ياسمين وهي تحرك شفتيها بسرعة لليمين واليسار: الياضين ياخويا، مش ياض وياض وياض يبقوا ياضين
مازن بذهول مبتعدًا: أحيه، تعالوا يا ولاد، تعالوا يا حبايبى حقكم عليا، أنا اللى غلطان لما سبتكم معاها
أخذ أولاده ودلف للداخل تاركا إياها تنظر له بصدمة
ياسمين بصراخ وهي تذهب إليهم جريًا: لا لا خدونى معاكم
في إحدى الفلل بألمانيا.

صعد بها الدرج ودلف لغرفة كبيرة جدا، نائمة بعمق في أحضانه، وضعها على الفرلش برفق وقبل جبينها ثم نزع الحجاب، تردد كثيرا في خلع الإسدال، أزاحه قليلا ليزفر براحة وهو يرى أطراف قميص
نزع إسدالها بهدوء ليراها ترتدى بيجامة طفولية باللون الوردى، وضع يده بشعرها ليستشعر نعومته
نهض مسرعًا عندما أحس ببداية فقدانه للصبر، غير ملابسه ثم توجه لها، حملها بهدوء واضعًا إياها فوقه.

أغمض عينيه بإدمان وعشق، أخيرا عادت لمكانها بين أحضانه
أشرقت الشمس لأول مرة منذ ثلاث سنوات على العاشقين معًا
نائمان بعمق كأنها أول غفوة منذ سنين طويلة
استيقظ بكسل ليراها داخل أحضانه، ابتسم بخفوت يشدها إليه أكثر وأكثر عازما على النوم مرة أخرى، لكن للهاتف رأى آخر
نهض بسرعة وحذر قبل أن تستيقظ
أجاب وهو يخرج للشرفة دون معرفة هوية المتصل
أسد: ألو
سمع بكاء شديد على الهاتف، ظل لثوانٍ مستغرب حتى علم من المتصل.

أسد بحذر: جدى
ازدادت شهقاته وصوت بكائه يقطع القلوب
ماجد ببكاء وشهقات: حفي. دتى، عاي. شة
أسد زافرًا بألم على حاله: أيوة عايشة، زى ما أنا قولتلكم
ماجد ببكاء شديد: أنا آسف، أنا آسف، أنا مصدقتش لما، مازن قاللى، سامحنى يابنى، أنا السبب في كل حاجة
ظل يردد هذه الكلمات حتى توقف وقد علت شهقاته مرة أخرى.

نظر للسماء الصافية فشرد قليلا، لما لا يصبح صافٍ مثلها، لما لا يسامح الجميع، لما لا يبدأ من جديد عله ينجح مع ملاكه هذه المرة
ابتسم بخفوت وهو يجيب بمرح: جرا إيه ياراجل، إنت عجزت ولا إيه، أمال مين هيشيل ولادى، لاااااا أنا محتاج حد يخاويهم عشان أفضى لأمهم
ماجد بضحكة ممزوجة ببكاء: إنت سامحتنى بجد.

أسد بجدية مزيفة: لو سمحت وقتى هيضيع وأنا محتاج كل ثانية، واوعى حد يرن عليا لغاية أما أرجع، مش عايزين نقطع على بعض
ماجد بضحك: ههههه براحتك يا معلم
أسد بحنان: اطمن يا جدى، ومش إنت لوحدك السبب، أنا كمان كنت مشترك في بعدها عنى بس وعد إنى هحافظ عليها لآخر نفس في حياتى، طمن اللى عندك وقولهم إنى مدة وهرجع، يلا سلام
ماجد بفرحة: سلام يا حبيبى.

أغلق الهاتف وهو يشعر بالراحة الشديدة، أحس بالنقاء يسرى بداخله سرعان ما فر بعد تلك الأصوات المزعجة
عقد حاجبيه بانزعاج يستمع لصوت البيانو، من الغبى الذي يعزف بتلك البشاعة
تحرك لغرفة البيانو الموجودة داخل غرفة نومه
وجد الباب مفتوح قليلا ليدفعه بانزعاج سرعان ما تحول لسعادة وحب وهو يتطلع إليها
تلك التي تضغط بعنف وتعثر على البيانو كأنها تدهس عليها لا تعزف.

تدعس بأناملها الصغيرة بطفولية وفضول على أى شيء يقابلها
تقدم منها بهدوء حتى أصبح واقفًا خلفها تماما، شعرت بأنفاس فوقها لتفزع لثوانى حتى أدركت أنه هو زوجها الغامض، نظرت لأعلى لتراه بوسامته المعتادة
اعتلت الحمرة وجنتيها عندما رأته عارٍ من أعلى سرعان ما تحول لحماس عند استماعها لكلماته
أسد بحنان: عايزة تتعلمى بيانو يا ملاكى
همس بحماس: أيوة أيوة والنبى
نظر لها بابتسامة خبيثة.

خرج لمدة قليلة حتى عاد بقفازات دراجة نارية في يديه
همس باستغراب: إنت خارج
لم يجب اكتفى بحملها من على المقعد ليجلس هو ثم يضعها على قدميه بين أحضانه ليصبح ظهرها ملتصقًا بصدره
نظرت خلفها حيث يجلس بخجل شديد ولكنها لم تعلق، وكيف تفعل وجسدها الخائن ارتخى بسرعة كأنه يترقب تلك اللحظة
همس بلا وعى: أنا إزاى ضعيفة قدامك كدة، إزاى قدرت أتقبل بسهولة إنك جوزى مع إن أى واحدة غيرى كانت رفضت وانهارت كمان.

تجاهل كلماتها كالعادة، لكن يعلم أنه فضح بسبب دقات قلبه التي تضرب صدره وظهرها معا، لا يريد إجبارها على تذكر الماضى، لا يريد أن يحكى لها شيئًا، يريدها أن تتذكر وحدها
أسد بحب وهو يقدم القفازات لها: البسيهم يا ملاكى
ارتدتهم دون التفوه بحرف
تشعر أنها منقادة خلفه، ألتلك الدرجة تأمنه حتى تنفذ دون جدال أو حتى استفسار
ارتدتهم لتفاجئ بيديه يدخلهما في القفازين معها لتصبح أيديهم عالقة معًا.

كانت يديها تحت يديه وهما ملتصقان كالتصاق جسدهما
حرك أصابعه بخفة على البيانو لتشعر وكأنها هي من تعزف
علت ضحكاتها فخرًا بما حققته، بالطبع فإدخال اليدين في القفازات ليس بالهين أبدا!
ضحك بسعادة وفرحة على طفلته الحمقاء التي تسعدها أقل الأشياء
أقسم بداخله ألا يضيعها من بين يديه مرة إخرى.
هبطا من السيارة
نظرت بشوق جارف لذلك القصر الذي شهد طفولتها
لمعت عيناها وهي ترى أجمل مشهد
عائلتها أمامها وأسدها يحتضنها، ماذا تريد أكثر من ذلك؟!
تقدمت منهم وما زالت بحضن ذلك الأسد الذي ينظر بترقب لوجوههم ليعلم من سيحاول أن يقترب من ملاكه فيزجره مباشرة
تقدمت العائلة بلهفة ينظرون لها بحنان واشتياق دموعهم متجمعة بأعينهم لتبادلهم تلك النظرات مما أشعره بالحنق الشديد.

بالطبع لم يجرؤ أحد على الاقتراب ولكن ذلك لم يمنع عبارات الحب والاشتياق المتبادلة بينها وبين عائلتها
لن يحتمل أكثر من ذلك، سحبها بسرعة يمر بجانبهم ليدخل القصر
توقف فجأة عندما شعر بتصلب جسدها
نظر لها ليراها تتطلع لوالدها بعتاب وحزن و، اشتياق!
زفر بعنف وغضب عندما تحولت نظراتها له تترجاه
تحمل أسد. تحمل لأجلها. حسنا دقيقة واحدة فقط.

أبعد يديه عنها معطيًا إياها الإذن لتنطلق بسرعة لأحضان والدها الذي استقبلها بترحاب وبكاء
انفجرا في البكاء يحتضنها أكثر وأكثر ويسمعها كلمات الإعتذار والندم
كادت ترد عليه لولا تلك اليد القوية التي سحبتها بغضب وغيرة
حاوطها مرة أخرى ونظر لوالدها بغضب
انفجر ضاحكا عليه يعلم أنه لن يهنأ مع ابنته ابدًا بوجود ذلك العاشق
أفاقا من النظرات على كلماتها الحنونة
همس بحنان: أنا مسامحاك يا بابا.

ابتسم بحب ليزفر أسد للمرة التي لا يعلم عددها وهو يسحبها بسرعة لداخل القصر ومنه لغرفتهما
نظر الجد لأثره بتهكم يضرب كفيه ببعضهما ويسبه
ماجد بقرف متجهًا للداخل: عيل ابن صحيح، ما سبناش نحضن البت حتى
انفجر الجميع ضحكًا عليه وهو يتكلم كالمجنون أثناء سيره
دخل حمدى وسعيد للقصر ووراءه مازن المحتضن ياسمينته وشياطينه الثلاثة يمشون أمامه.

بينما يسند سامر ترنيمته الحامل في أول ثمرة لعشقهما الأبدى وهما مبتسمان بحب وسعادة
وأخيرا قد عاد كل شيء لطبيعته
بالأعلى
دخلا غرفتهما لأول مرة معا لتشهق بصدمة وهي تنظر لجدران الغرفة
صورها في كل مكان حتى السقف لم يسلم
نظرت له بابتسامة عاشقة دامعة، ليقبل عينيها بعشق مانعا إياها من البكاء
أسد بعشق: أهلا بيكى في مملكتنا يا ملاكى وكل حياتى
همس بعشق وخفوت: بعشقك
اقترب مقبلًا إياها حتى ابتعد بعد مدة.

أسد بعشق: يلا نفذى عقابك
همس بشهقة خافتة: إيه
أسد بتوهان وهو مغمض العينين: سمحتيله يحضنك وسمحتيلهم يكلموكى بحب، يلا نفذى عقابك
ابتسمت بخجل تقترب منه لتنفذ عقابها بسعادة وإحراج معًا
ابتعدت عنه بعد دقائق قليلة بعدما شعرت بالاختناق الشديد
اقترب منها بهدوء مماثلة لابتسامتيهما الهادئة
في اليوم التالى صباحًا
استيقظت وقد شعرت بالفراش الصلب أسفلها لتبتسم بخفوت وهي تعلم أنه هو
رفعت أنظارها لتراه يتأملها.

همس بخجل: صباح الخير يا أسدى
أسد بعشق وهو يقلبها ويعتليها: صباح الجمال والهنا والسعادة يا ملاكى
ضحكت بخفوت وسط قبلاته لكل أنحاء وجهها
همس بتذكر: أسد هو أنا مش المفروض أروح الجامعة بقى
أسد بسعادة: إنتى مكونتيش روحتى قبل كدة
همس باستغراب: لأ، مالك فرحان أوى كدة ليه
أسد بضحكة طفولية بعض شيء: هههه لإن حبيبتى محدش شافها ولا كلمها، يعنى لسة ملكى لوحدى
همس بقلة حيلة: والله مجنون، طب ها هعمل إيه.

أسد ببساطة: ولا يهمك يا حبيبتى من بكرة تكونى من طلاب كلية هندسة بس، مش هتحضرى غير الامتحانات بس وأنا هشرحلك كل المواد
همس بخضوع: تمام
سعد كثيرا لموافقتها، ظن أنها ستجادل، ولكن ألا يعلم الغبى أن تلك العاشقة تريد توفير أكبر قدر من الوقت لتبقى بجانبه دائمًا
مر شهر وأكثر وأسد يعوض افتقاده لها بشتى الطرق، الوقحة
وبيوم ما.

أسد بقلق وخوف: لا لا لا ده مش طبيعى، إنتى وشك أصفر وبترجعى كتير، أنا هتصل بالدكتورة تيجى تشوفك
ابتسمت همس بخفوت تشعر أنها تحمل قطعة منه لكن لن تخبره حتى لا يخيب أمله إن خاب ظنها
مرت دقائق بسيطة وجاءت الطبيبة
اقتربت منها وفحصتها تحت نظرات الأسد الغيورة ولكن كل شيء يهون لأجلها
الطبيبة بابتسامة: ألف مبروك، المدام حامل في شهر تقريبا، دى روشته لأدوية وأشعة تعملها.

أخذها بآلية وجمود وسط فرحة ملاكه العارمة التي تحولت لضحكات طفولية متتالية
خرجت الطبيبة لينظر لها ثم اتجه للباب بهدوء
نهضت تمسك يده كالطفلة مانعة إياه من الخروج وقد تحولت ابتسامتها لحزن
همس بارتباك: مالك يا أسدى، إنت، إنت مش فرحان
أسد محاولًا الابتسام: أنا كويس يا همس متقلقيش
همس بدموع صاحبتها شهقات خافتة: دى أول مرة تقولى همس، أنا عملت حاجة تزعلك
ما إن رأى دموعها حتى احتضنها بلهفة وقد ثقل تنفسه.

أسد بلهفة: أنا آسف، آسف يا ملاكى
همس بحزن: إبه اللى حصل زعلك، عشان البيبى مش كدة
أسد بارتباك: أنا، أنا مش..
زفر بعنف واختناق ثم تكلم بسرعة: أنا مش عايز حد يشاركنى فيكى حتى لو بنتنا، ولو طلع ولد أنا هموت فيها كل ما أتخيله في حضنك، إنتى هتنشغلى بيه وتسيبينى، جدتى برغم حبها لجدى بس انشغلت بولادها، وماما برغم حبها لبابا بس انشغلت بيا وأهملته.

نظرت له ثوانٍ بعدم فهم وصدمة سرعان ما حاولت اخفاء ابتسامتها ولكن لمعة عينيها تكفى
أسد بحنق: كتماها ليه، طلعيها طلعيها
ضحكت عليه بخفوت ثم أجلسته على الفراش وهي تجلس بجانبه
شهقت عندما سحبها على قدميه بآلية وكأنه معتاد
همس بدهاء: بس مين قال إنه هيشاركك فيا ولا هيشغلنى عنك
نظر لها بانتباه واهتمام.

همس بمكر: يعنى تخيل كدة لما أخلف بيبى، الكل هينشغل بيه ويسيبونا في حالنا لأ وكمان كل ما يشوفوه هيفتكروا إنه رابط جديد في علاقتنا هيقويها أكتر وأكتر
أسد بابتسامة وبلاهة: بجد
همس: أيوة بجد
أسد بفرحة: خلاص ماشى بس متشيلهوش ولا تحضنيه
همس ببراءة مصطنعة: أنا مستحيل أعمل كدة غير مع حبيبى وبس
أسد بحب وهو يقبلها: بعشقك
همس بابتسامة: بتنفسك.

مرت الأيام والشهور والحمل يفعل بها العجائب لكنه يهوّن عليها دائما وللأسف لم يجد من يهون عليه وقت ولادتها
كانت أصعب لحظة بحياته كلها
ظل يصرخ بالطبيبة والممرضات ويتحرك في كل مكان بغضب
حطم كل ما تقع عيناه عليه حتى سمع تلك الصرخات
صرخات ذلك الحقير ليث الصغير الملاصق لأمه تمامًا ولكن حمد الله كثيرا أنه وهبه طفل حقير ولكن هادئ مع الجميع
لا يبكى طلبًا لأمه أبدًا
تولت ترنيم أمر رضاعته مع ابنها آسر لضعف همس.
أنجب سامر وترنيم آسر
بينما مازن وياسمين قد اكتفا بالشياطين الصغار، فهم يؤدون عملهم بأكمل وجه
تزوج مراد وسيلين وها هم ينتظرون أول مولود لهم
بعد مرور سبع سنوات
همس بصراخ: ما تلم ولادك بقى جننونى
نظر لها بملل مصطنع وهو نائم على الأريكة ثم نظر لهاتفه مرة أخرى يباشر عمله بهدوء
زفرت بحزن سرعان ما تحول لسعادة عند سماعها قوله
أسد بحنان: إياكى تتعبى نفسك تانى يا ملاكى، إنتى تؤمرى.

أضاف بصياح ونظره على الهاتف: كله ييجى هنا
سمع صوت الدبدبات والتعثر الشديد حتى سكنت حركتهم أمامه
أسد: يلا ابدأوا العد
ليسمع الصياح الطفولى المنظم كما لو أنهم بالجيش
ليث: ليث، واحد
مليكة بصوت رفيع طفولى: مليكة، اتنين
ملك: ملك، تلاتة
ملوك: ملوك، أربعة
وحل السكون، لحظة هناك شيء ناقص، ما هو، ما هو..
اتسعت عينيه وأخيرًا ترك الهاتف لينظر لملاكه بلهفة.

ذلك الحقير الصغير بحضنها بين ذراعيها وهي تحمله، يقبل وجنتها بنهم وسط ضحكاتها الخافتة حتى لا يسمع، أتستغفله مع ذلك الوقح القزم الحقير
اتجه بسرعة البرق لهم فيحمله من عنق ثيابه من الخلف ويرفعه باتجاه وجهه وسط شهقة همس ورفرفة الوقح بين يديه: ولا، احترم نفسك يا روح خالتك، أخوك طول عمره محترم وساكت، إنت مالك بقى مش مظبوط ليه
نظر له بدموع يزم شفتيه بطفولة وبراءة شديد.

كاد أن يحن خاصة لتلك العيون التي تشبه عيونها ولكن اختطافها لذلك الحقير من يديه جعله يلعنه
أسد محاولًا سحبه منها: سيبيه، قولتلك مش عايز أخلف، ضحكتى عليا وجايبالى بلوة سودة على دماغ اللى خلفونى
نظرت له بغضب ثم لطفلها الذي تهبط دموعه بحزن لتغضب بشدة
همس بغضب: أسدى، الولد بيعيط، كل مرة كدة تعيطه بسببك، مش فاهمة إزاى بتتخانق معاه دايما، حد يشوف البراءة دى ويزعله
نظر لهما بغيرة ثم بخزى من كلماتها.

تحرك ناحيته حتى يصالحه ليفاجأ بالحقير ينظر له بابتسامة خبيثة ويخرج لسانه في الخفاء
أسد بسرعة وطفولة وهو يشير له: بصى بصى بسرعة، شوفى بيعمل إيه
نظرت لطفلها لتجده ينظر لها ببراءة وحزن
همس بعتاب لأسد: عيب كدة يا أسدى، الولد في حاله ومعملش حاجة غلط
أسد بعصبية: غلط، غلط، دا هو كله على بعضه غلط، ده حتى اسمه غلط، بقى في طفل اسمه حيدر يا مؤمنة.

همس: أيوة في، وبعدين إنت سميت البنات على أسماء قريبة منى وأنا سميت الولاد بنفس الطريقة، وحيدورى مفيش زيه
قبلها حيدر على وجنتها بسعادة، قد لا يستطيع التحدث جيدا لكنه يفهم
أسد بصراخ: آااااه، يا ولاد ال
شهق الأطفال من سبته الوقحة ليصرخ مرة أخرى: اخرسوا ويلا قدامى، وإنتى خليكى هنا
تحرك الأطفال بتعثر أمامه حتى خرجوا للحديقة وبالطبع لم ينسى حمل الحقير من عنق ثيابه.

وجد الجميع جالس والأطفال أيضا وقد جاء مراد وزوجته وطفليه
أسد بقرف وهو يضع حيدر على الأرض: يلا اتجمعوا، ابدأوا العد
ليث: ليث، واحد
مليكة: مليكة، اتنين
ملك: ملك، تلاتة
ملوك: ملوك، أربعة
حيدر: دررر، أثة
أسد ببرود: أنا سلمتلكم العدد كامل، يعنى يرجعولى كاملين، بس ممكن أسامح لو رجعوا ناقصين عادى
قال آخر جملة بخبث وهو ينظر لحيدر بابتسامة شريرة
انكمش بخوف ثم اتجه بسرعة لجديه ماجد وحمدى ليحتضناه وسط ضحكات الجميع.

صعد أسد للأعلى مرة أخرى
((يارب النصر لغزة))
يجلس كل حبيب يحتضن معشوقته
مراد: بعشقك يا حياتى
سيلين بخجل: وأنا بعشقك
سامر: هتفضلى طول عمرك عشقى الوحيد
ابتسمت بسعادة واحتضنته أكثر وقد كان احتضانها خير من أى كلام
ياسمين: بس يخربيتك هتفضحنا
مازن بغيظ: مش قادر، ابن ال ضحك عليا وخلانى أغير اسم بنتى وقال إيه محدش يسمى عياله على أسماء ملاكى، ملاك أما يلهفه يا شيخة.

ياسمين بقلق: أبوس إيدك بطل نظراتك البت مليكة مش بتستر وأبوها هينفخنا
مازن: يلا سيبك، بعشقك
ياسمين: لا والنبى، وده من إيه ده
مازن: لأ أصل لاقيته جو رومانسى فقولت أعبرك لكن إنتى مبيطمرش فيكى
ياسمين بحب وضحكة: وأنا بموووت فيك
احتضنها بعشق وسعادة
نظر ماجد وحمدى وسعيد لأولئلك العاشقين بفرحة شديدة وهم يدعون أن تظل حياتهم هكذا دائما
بالأعلى
همس بحزن: خلاص يا أسدى والله آسفة، أنا عارفة إنى أهملتك بس غصب عنى.

نظر لها بعتاب ثم أدار وجهه
اقتربت منه بخجل لا يقل أبدا لتفاجئه بتنفيذ عقابها دون أن يطلب
ابتعدت عنه تقول بخجل: أهو اتعاقبت، سامحن.
قاطعها محتضنًا إياها مرت دقائق وهم على حالهم
أفاقت من دوامة عشقهما عليه وهو يلبسها إسدالًا ويضع حجابها
نظرت له باستغراب فحملها وغمز بشقاوة متجهًا بها للسطح
((قصص وروايات))محمداحمد
بالأسفل
مراد باستغراب: إيه صوت المروحة ده
مازن بفزع: لا لا لا يارب ميكونش عملها تانى.

نظر لأعلى بخوف هو والجميع
تحقق كابوسهم المزعج
ذلك الغبى المستبد قد هرب بمعشوقته مرة أخرى والله وحده يعلم متى سيأتى
سامر بخوف: يلهوى ده هرب تانى، يعنى..
مراد بفزع: يعنى هنقعد مع عياله تانى
وجهوا أنظارهم لهؤلاء للذين ينظرون لهم بغضب وكأنهم من أبعدوا أمهم
ليث بصياح وطفولة: الراجل أبونا خطف مامى، بس إحنا معانا رهاين، هجوووووووم.

ركض الأطفال ليهرع مراد ومازن وسامر صارخين وسط ضحكات الجميع وتحسرهم على الأيام القادمة
بالطائرة الهليكوبتر
ملاك بضحكات مرحة: يا عينى، شايفهم يا أسدى
ثم أضافت بتنهيدة: بس هيوحشونى، كل شهر بتاخدنى وتسيبهم، ما تجيبهم معانا مرة.

أسد بعشق وهو يرفعها لتجلس بأحضانه: أبدًا، قولتلك جزيرتنا ملكنا لوحدنا ومحدش هيدخلها حتى لو العفاريت دول هم والشيطان الصغير وبعدين دى الكابتن مستنيانا من الصبح بس إنتى اللى أخرتينا بالولاد
وضعت رأسها على صدره ويدها على قلبه موضع جرحه المزين باسمها
((كلنا غزة روح وقلب))
همس: هتفضل تعشقنى.

أسد بعشق: أنا أعرفك من حوالى 20 سنة، وعشقى طول السنين دى بيزيد حتى في بعدك، مستحيل إنه يقل في يوم، إنتى الوحيدة اللى مندمتش معاها على حاجة غير حاجة واحدة بس
نظرت له بابتسامة وهي تعلم ما سيقول فكل يوم يكرر ذاك الكلام.

أسد: كل مرة بكررهالك وهفضل أقولهالك، ندمى الوحيد إنى مش اتقيت ربنا فيكى، إنى حفظتك من الناس ونسيت أحفظك منى، مراد ومازن وسامر، بالرغم من عشقهم إلا إنهم اتقوا ربنا، فربنا سهلهم الطريق، يمكن عشان كدة كنا كل أما نقرب حاجة تبعدنا
همس بتنهيدة حب: وده سبب إنك بتحفظ ولادنا القرآن بالرغم من صغرهم وبتعلمهم حاجات في الفقه والدين، صح.

أسد بعشق: أيوة، عشان لما يعشقوا زينا يقدروا يمشوا في الطريق الصح من غير معصية
احتضنته بشدة وهي تقول: هتفضل دايما عشقى واختيارى الوحيد
أسد بعشق: وإنتى هتفضلى كيانى وملاكى البرئ.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-