رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول بقلم نهال مصطفي

رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول بقلم نهال مصطفي

رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة نهال مصطفي رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول
رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول بقلم نهال مصطفي

رواية قياصرة الغرام كاملة جميع الفصول

شكلها حرب ياسليم ياهواري واتكتبت علينا نخسرها احنا الانتين

ابتعدت عن شرفتها النائيه عن الانظار قليلا للخلف واوشكت علي قفل بابها الخشبي فجاه اعتلت صوت شهقتها بمجرد ارتطام الحجر الصغير المقذوف نحوها .. زفرت بضيق ثم استجمعت شتات قواها متوعده فنظرت من النافذه تبحث عنه بعيون متلهفه كمن يبحث عن النور في عتمة الظلام.

قطبت حاجبيها قليلا باندهاش
- وه راح فين المجنون ده ؟!

استدارت راسها يسارا علي مصدر الصفير الهادي فوجدته امامها ناظرا اليها بعيون لامعه قائلا بثقة
- خابر زين انا عتقدريش تنامي قبل ماعيونك تشوف ضي عيني .

اخفت ابتسامتها وارتسمت ملامح الجديه
- وبعدين فيك ياولد ( الهواري ) .. راسك تخينه ليه ومش ناوي تجيبها لبر ..!

- اصل ولد الهواري واخد عهد علي نفسه مايوصلش البر غير علي يدك يابت (العتامنه) .

اجابته معانده بصوت بدأ منفعلا ثم انخفض فجأه
- قولت لاه ... ولاه يعني لاه ولو اخر راجل في الدنيا ياولد الهواري مش هتجوزك .. وعند بعند ...

زمجرت رياح غضبه محاولا خفض نبرة صوته وهو يلتفت يمينا ويسارا
- ليييه اكده ناقص يد ولا رجل انا !.. قدامك سبع الرجال بنات البلد كلهم يتمنوا نظرة من عيني .. وانا منفضلهم عشانك ياواخده قلب وعقل سليم لحسابك .

ابتسمت معانده كإنها اقسمت ان تُحارب جيوش مشاعرهما
- وانا قولتلك لاه ياسليم .. واللي مابينا بقي دم وماعينضفيش غير بالدم .

اجابها بنبره حب
- وانا دمي كله فداكي ياقلب سليم من جوه .

- لاااه دم عيلتكم كله مش هيكفي اللي عمله عمك وهرب .. دا قتل ابوي ياسليم عارف يعني ايه ؟!

لاح اليها بكف غاضبًا
- وهو عشان غلط ارتكبه عمي عاوزه تقتلني انا يا ( وجد)!

- اللي عندى قولته ياولد ( الهواري) .. ويلا امشي من اهنه بدال مااصوت والم عليك الخلق وياريت تبطل حركات العيال دي هتفضحنا .. واللي بينا كان ماضي وخلاص خُلص .

ارتسمت علي ثغره ماكرة
- لما تبطلي تستنيني كل ليله اهنه .. هابقي ابطل اجي يابت ( العتامنه ) .

دقت طبول قلبها لكلماته التي ارتوت بها روحها واحيت نضفة فؤادها، وبعد برهه عاود ندائه اليها بحزم
- وجد .. اول واخر مرة اجي اهنه وتبُخي السم دا من خشمك فااهمه؟ .. قاطعش انا الطريق دا كله وداخل بيتكم كيفي كيف الحراميه وفالاخر تسمي بدني اكده .. !

تنهدت بوجع وهي تلقي بانظارها بعيدا تستكشف المكان خشية من كشف امرهم .. فقالت بصوت منخفض
- يعني انت عاوز ايه دلوق ؟!

لمعت عينيه بحب قائلا
- عحبك ..
علي الفور تلقي قلبها كلمته الساحره فارتسمت علي ثغرها ابتسامه خلابه وسطع نور عينيها ..

اكمل ( سليم ) حديثه بغمز
- هامشي انا عاد .. خلاص خدت اللي جيت عشانه .. ضحكتك اللي عتشق النور علي قلبي كيف ما الشمس ما عتشق نورها عالارض كله .. تحرمنيش منيها عاد يابومه .. فوتك بعافيه .

اخذت نفسًا عميقًا وهي تترقبه بعيونها وهو مغادرٌ قصرهم من تلك المخبيء الذي اكتشفاه سويا منذ ١٠ سنوات خلف شجرة التوت باب خشبي صغير في حائط السور طوله متر يتسلل منه ( سليم ) كل ليله ليري النور من عيون وجدانه ومنبع العشق بداخله .

بعد ما اطمئن قلبها برحيله سالما قفلت نافذتها تلك الجميله ذات العينين السوادتين اللاتي يحاصرهما الكحل الغزير، والشعر الداكن الطويل والبشرة الخمريه، متوسطه الطول ذات جسد ممشوق كمثري قليلا مما يعطيها جمالا عربيا اصيلا انها الدكتوره
" وجد سالم عتمان " صاحبة الخامسة والعشرون عاما .

جلست في منتصف مخدعها حائره ما بين قلبها والعادات والتقاليد .. كالحائر ما بين الشوك والعلقم كلاهما اذي ولم يوجد لديها خيار ثالث .. قربه حدائق شوك يُنغص عليهما ايامهم وبعدهما علقمًا يمرر سُكر الحياه في قلوبهما

" اعمل ايه انا بس ياربي يعني حب ١٠ سنين يدفن اكده وانسي عشان حاجه ولا انا ولا هو لينا ذنب فيها !"

قطع حبال افكارها صوت رنين هاتفها .. نظرت في شاشته وجدته ( سليم )
اجابته بمضضٍ:" عاوز ايه تاني ياولد الهواري ! "

يقود سيارته ويستمع لصوت فيروز " بعدك علي بالي "
- اصلي اتوحشتك قوي وقولت اسمعك فيروز معاي .

ارتسمت ابتسامه خفيفه علي ثغرها وهي تنظر في المرآه ثم عادت لترتسم الجديه قائلة بنبرة تحذيريه
- عقولك ايه متتصلش بيّ تاني فاهم ولا لا ؟!

فرمل سيارته فجأه بضيق
- اتجننتي انتِ ياك كيف تمنعي عاشق يسمع صوت حبيبته .. اللي بيجري في عروقك دا دم ولا تلج .

ساد الصمت قليلا بينهم لتقول بخفوت وهي تلقي بجسدها فوق وسادتها
" طب واخرتها اي ياسليم .. انا تعبت قوي قوي .. كل مااحاول اعاندك القانى بعاند نفسي "

عاد ليكمل طريقه قائلا بحب
- سلامتك ياقلب سليم .. اخرتها فهد وفارس ياهانم ولادنا .

قطبت حاجبيها بحده
- بس انا عاوزه اسمي (سالم) علي ابوي .

ضحك بصوت
- مااحنا هنجيبوا كتير متنبريش فيها انتِ بس .
- وصلت النجع ولا لسه ؟

اجابها وهو يلف مقود سيارته
- اهو خلاص دخلت بوابه الهواري .. منمتيش ليه ؟!
حضنت وسادتها بحب
- عفكر في حاجه اكده .. اي في مانع ؟

اجابها معارضا
- طبعا في ونص ... مش عندك شغل بكرة ولا ايه .. لازمن تكوني مصحصحه اكده وانت عتشكفي ع الخلق مش عاوز غلطه .. مفهوم !

اومأت راسها ايجابا
" حاضر ياسليم هريح ساعتين قبل ماانزل "

وصل بسيارته لباب قصرهم العملاق ذو الطراز الحديث .. الذي صممه اكبر واشهر مهندسي بريطانيا طبقا لاوامر" راجح الهواري" كبير عائله الهوارية .
دلف ( سليم ) من سيارته
- طب يلا اول ماتصحي رنيلي اطمن عليك .

- حاضر ياسليم .

انهي سليم مكالمته معها علي اعتاب باب قصرهم فوجئ امامه ( بماجده ) ابنة عمه التى ركضت نحوه باندفاع، ركل الباب بقدمه:
" صاحيه ليه لدلوق ياماجده "

اقتربت منه بشغف وحب
- قلبي مطاوعنيش انام وانت غايب عن البيت ياسليم .

رمقها بنظره ساخرة وهو يخطو اول خطوات السلم المتربع وسط ساحة القصر قائلا
- لا روحي نامي وخفي احلام يقظه .. وانا مش عيل صغير عشان تخافي عليّ .

شعرت بالضيق من مرارة كلماته ثم اقتربت منه بعجلٍ محاوله خلق اي حديثٌ معه
-اجيبلك تاكل ! جعان ؟

اجابها بتجاهل
- لا

فركت كفيها بتوتر
- طب جدي راجح كان عاوزكم الساعه ٨ الصبح في اوضة الاجتماعات الكبيره انت واخواتك " عماد ومجدى ومحمد "

استدار اليها باهتمام:" حوصل حاجه اياك !"

هزت كتفيها بعدم فهم
- معرفاش .. هو قال اكده قبل ماينام وانا استنيتك عشان اقولك احسن تكون حاجه مهمه .. وهما اتصلوا بيك علي المحمول مردتش .

اكمل طريقه لاعلي متجاهلا وجودها
- طاب متشكرين .

اوقفه سؤالها الذي اندفع من فمها بتلقائيه
- انت حتنام يا سليم ؟!

غمض عينه لبرهه متنهدا بنفاذ صبرٍ
" اي ! عاوزاني منمش اياك .. خبر اي اومال جري ايه لراسك ياماجده ع المسا اكده "

التوت شفتيها جنبا بضيق
- معاوزاش .. تصبح علي خير .
اكمل طريقه دون اي جواب منه وهي مازالت تراقبه بعيون عاشقة الا ان وصل غرفته وقفل بابها بقوه .. حضنت هاتفها بتنهيده قويه
- اااه لو تعرف عحبك قد اييه ياسليم .

" قصر هوارة "

اسدلت الشمس نورها وشرع اهل القريه في بدء مهامهم بهمةٍ ونشاط .. حركة مريبه كالمعتاد في قصر الهواري الذي يمتلأ باربع صبيان ابناء العم الاكبر
( عادل الهواري ) ..

واربعة بنات في مُقتبل العمر لهم جمال وسحر خاص اباهم (ناصر الهواري) الذي تسبب في مقتل ( سالم عتمان )
ومن هنا نبتت شجرة الثأر والغضب بين العيلتين

واقفه (عفاف) زوجه المحروم (عادل) علي راس الخدم في المطبخ
" شهلي يابت منك ليها يلا .. الساعة جات ٧ وانتوا لسه مخلصتوش الوكل "

- الله ! يعني احنا اسرع من النار ياام عماد .

- بدل حديتك الماسخ دا شهلي اكده ... يلا يابنات يلا في جيش برا مستني الوكل ..

وقفت ( صفوة ) علي اعتاب المطبخ قائلا
- صباح الخير يامراة عمي .

دارت عفاف نحوها بدهشه
- انتِ لابسة اكدة ورايحه فين ياحزينه !

وقفت ( صفوة ) تأكل من طبق الخيار المقطع دوائر
- عندي مؤتمر مهم قوي في الجامعه ولازم انزل .

ضربت ( عفاف ) بكفها فوق صدرها تعبيرا ما يوحى بالدهشه
- نهارك مش فايت .. انتِ مسمعتيش جدك قال ايه .. ممنوع واحده فيكم تزور الشارع لحد ما الامور تهدا .

صفوة بلا اهتمام:
" منا مش هتحبس في البيت يعني وبعدين ريحي دماغك العتامنه مش عياخدوا تارهم من حريم .. يلا فوتك بعافيه "

- يابت خدي اهنه يخرب عقلك .

لكن ندائها كان بدون فائده فاختفت من امامها راكضه نحو سيارتها .. ضربت عفاف كف علي الاخر
- هات العواقب سليمه يارب .

جالسه ( ماجده ) مع اختها الصغري ( يسر ) في غرفتهم يتبادلون الحديث بينهما
- يعني هو منفضلك خالص !

قالت ( يسر ) جملتها وهي تنتهي من ربط شعرها علي هيئة ذيل حصان وتوجه سؤالها لاختها ناظرة اليها في المرآه .

ارتسمت معالم الحزن فوق ملامحها فاجابتها ( ماجده ) بلهجه قهراويه
- حاسه اني تقيله عليه اوي مش طايق لى كلمه .. يابتي دا بيكلمني وهو واقف بضهره مابيبصش في عنينا حتى !

استدارت ( يسر ) نحوها مشفقة علي حال اختها التي تكبرها بثلاث سنوات .
- انتِ بتحبيه قوي كده ياماجده ؟!

لمعت عيون ماجده ودقت طبول قلبها فرحًا
- بحبه ! دانا بموت فيه يايسر .. اه لو يعرف انا بحبه قد ايه كان فرشلي الارض ورد ولا كنش فكر يقسي عليا كده .

نظرت اليها اختها بحزن وشفقة
- ربنا يريح قلبك ياماجده يارب .. بس تفتكري جدي جامعنا كلنا ليه النهارده .

طافت عيني ماجده بحيره ثم مطت شفتيها لاسفل
- مش عارفه ! البيت له سنة مش متظبط من ساعه اللي عمله ابونا وهرب .. خايفه علي سليم قوي احسن ياخدو تارهم منه .

تربعت ( يسر) في منتصف مخدعها بضيق
- العتامنه اسمع عنهم ان لحمهم مُر والراس اللي تطير منهم بيكون قبالها عشرة وربنا يسترها بجد عشان انا كمان خايفة قوي علي( محمد ).

- ربنا يسترها بقي .. سلسال الدم عندهم ملهوش آخر وشكلها هتبقي حرب بين العيلتين .

مسكت ( يسر) كف اختها برفق وسحبتها خلفها
" تعالي نشوف امى ونورا بيقولوا ايه تحت "


(ثريا) سيدة ذات وقار وقوه زوجة (ناصر) وام الاربعة بنات
منذ ان تجوزت (ناصر ) وهي تكره (عفاف) وزوجها واولادها كره الفئران للقطط .. وجودهم في مكان واحد ماهو الا تجمع بنزين مع كبريت .

استيقظ البيت كله الا ( سليم ) مازال خالدا في نومه العميق .. مازالت ماجده تبحث عنه بعيون تائهه ثم ركضت نحو المطبخ بعفويه
- صباح الخير يامراة عمي .

- خير عليكي ياماجده .. خير بابتي ؟!
فركت ( ماجده ) كفيها بحيره مفكرة في سؤال تبدا به حديثها
- تحبي اساعدك في حاجه ؟!

عفاف وهي تضع اللبن في ابريقه
- شالله تعيشي يابتي .. خلاص البنات خلصوا كل حاجه .. يلا عشان تفطري .

تشبثت بلهفه في معصمها والكلمات تتلعثم بحلقها
- هو سليم صحي ؟!

عفاف بلا اهتمام
- مخابراش والله يابتي .. روحي شوفيه صحي ولا لا .
قالت عفاف جملتها علي عجل قبل مغادرتها للمطبخ ..

كلماتها قفزت السعاده بداخل ( ماجده )
- ايه دا اروح اصحيه عادي كده ؟! وفيها اي يعني يلا يلا ياماجده فرصتك وجات لحد عندك.

ركضت ماجده بعجل نحو غرفة سليم بخطوات تكاد ان تخترق الارض .. وصلت الي باب غرفته ثم طرقته بهدوء لم تجد اي جوابٌ ..
عاودت الطرق مجددا بدون فائده .. استجمعت شتات شملها ووضعت كفها علي مقبض الغرفة بتردد وفتحت باب الغرفه بهدوء تام ثم استدارت بجسدها واغلقت الباب ببطء وتقدمت بخطوات سلحفية نحو مخدعه ليعلو صوت شهقتها واتساع حدقة عينيها بمجرد ان راته نائمًا علي مخدعه عاري الصدر مرتدي بنطالًا واسعا خالدا في لذة سُباته .

ارتجف جسدها وتجمدت مكانها وجف حلقها وبعد مرور برهه من الوقت وجدت عيونها تتأمل معالم جسده الرياضي الاقرب للضخامه وقفت لوقتٍ طويل لم تتدرك ما فاتها من الزمن الا انها ظلت تملا قلبها وعينيها منه .. احتفظت بصمتها لدقائق وكإن الصمت ضروريا لعلاج شيء ما بداخلها يسمى الاشتياق .. رآته مستغرقاً في نومه فرأت فيه الهيبة والعظمه في أسمى معانيها .. تنهدت بصوت عال كإن فؤادها ينتشي لرؤياه.. اعتدل سليم في وضعية نومه فوجئ بتسمرها امامه .. اتسعت حدقة عينيه بدهشه فنهض مرتبكًا
- انتِ عتعملي ايه اهنه ؟

ثارت جيوش الخوف والرهبة بداخلها وشرعت ان تتراجع خطوات للخلف وهي تنظر له بعيون اوشكت علي البكاء
- جيت اقولك ان .. ان ال الاكل جهز تحت .

قفز ( سليم ) من مخدعه بتوعد واقترب منها وهو يرسل اليها نظرات ناريه
- ودا يديكي الحق انك تتدخلي اوضتي يابت ناصر ؟!

انسكبت دمعه حاره علي وجنتها وحركة صوابع قدميها المتكوره وضربات قلبها المُتسارعه
" منا خبطت كتير وانت مردتش "

زمجرت رياح صوته بقوه
- عااال ! تقومي تدخلي اكده عليّ انا ونايم .

تبادلا الانظار سويا لبرهه ثم تحركت متأهبه للذهاب ولكنه اوقفها بقبضته المفاجئه علي معصمها حتي غُرزت اصابعه في لحمها قائلا بنبره تحذيريه
- اول واخر مره تعتبي ناحية اهنه .. فاهمه ياماجده ؟!

اندفعت شلالات الدمع من عينيها بحراره وتركته وغادرت غرفته وهي تغلق الباب خلفها بقوة زلزلت جدران القصر

اخذ ( سليم ) نفسا عميقا قبل ان يلقي بجسده ارضا شارعا في تمرين الضغط الذي يؤديه ببراعه .
" سليم عادل الهواري " شاب في اوائل الثلاثينيات خريج كلية زراعه ذو الجسد الرياضي المتناسق والمتناغم معالمه .. لديه لحيه خفيفه تحتل وجهه المضلع ذو البشرة الخمريه والعيون السوداء التي تشبه عيون الصقر في حدتهم .. من صغره لم تقع عيناه علي فتاه سواه ( وجد ) .. صاحب الشخصية القوية يحتل الترتيب الثاني في اخوته بعد اخيه ( عماد ) الذي كان وكيلا للنائب العام قبل تقديم استقالته لظروف عائلته التي تعتبر من اغني اغنياء الصعيد .. عائله ذات نفوذ وسلطة .

تجمعت العائله حول مائده الطعام يتناولون فطارهم .. جلس جدهم الاكبر الذي تخطاه المشيب وهلك بدنه ولكنه مازال يتمتع بالقوه والصرامه علي مقدمه الطاوله محدقا النظر اليهم
- اومال صفوة وسليم وماجده فين ؟!

غصة علقت في حلق الجميع وساد الصمت لبرهه بين جوله العيون المتبادله فيما بينهم .. ضرب الجد الارض بمؤخرة عكازه بقوة
- اتكتمتوا لييه ! ماتنطقوا .

اخترق مجلسهم فجاه فأردف قائلا
- سليم اهو قدامك ياجدي .. صباح الخير ياهواري ياكبير .

اقترب منه وقبل رأس جده بحنو ثم جلس علي مقعده يرتشف كوب اللبن الذي اعطته له امه .

كرر الجد مجددا سؤاله
- وصفوة وماجدة فين ؟!
( ثريا ): ماجده فوق راحت تجيب حاجه واهي نازله .

=وصفوة ؟!
تلعثمت الكلمات لتخرج من بين شفتي عفاف بصعوبة
- راحت الجامعه بتقول عندها شغل مهم والله حذرتها ق

لم تكمل عفاف كلماتها وثب الجد قائما بضجر
- انتوا ازاي تسيبوها تخرج اكده … هو انا مش منبه محدش يخطي عتبة البيت منيهم انتوا ماعتسمعوش الكلام لييييه .

وقفوا جميعهم يتبادلون النظرات
ثم قالت ثريا: كلها ساعتين ياعمي وهترجع بتي وانا خابره راسها زين .. مش هتنفذ غير اللي في دماغها .

رمقها ( راجح ) بنظرة حادة تحمل بين طياتها اللوم والعتاب
- الغلطه بفوره اهنه .. وكلاب العتامنه ماعيرحمووش ياثريا .. - ثم نادي ع الغفير - انت يااااااااولد

- ايوه ايوه جنابك
قال الغفير جملته وهو يركض نحوه متعجلًا
- تروح قصاد الجامعه انت والرجاله .. وتجيب بت ناصر وتيجوا طوالى .. فاهمنى .
- فاهم جنابك

نظر اليه سليم في مضضٍ وهو يرتشف المياه ويستمع لكلمات جده بضيق فاكمل الجد كلامه بصيغه آمره
- ( محمد ومجدى وسليم وعماد ) خلصوا وكل وحصلوني علي جوه

قال الجد كلماته الاخيره وهو علي وشك المغادرة ويلحف عبائته علي كتفه بعدما تركهم في معركه افكارهم وقلقهم .

عفاف مناجيه ربها:" ياتري ناوي علي ايه يا عمي !"

يسر بتلقائيه:" قلبي بيقولي ان جدي مخطط لحاجه كبيره اوي وانا متأكده انها هتكون مفاجئة للكل "

محمد وهو يضع اللقمة بفمه
" مش عارف بس ياتري اي هي ؟! "

اردفت ( ماجده ) في منتصف حديثهم ثم رمقت سليم المنغمس في تناول طعامه بنظرة متحشرجه التي لم يبال لها اي اهميه .. ثم جلست علي المقعد المُقابل له لتشترك في رياح النظرات الطائفة بينهم وكلاهما منتظر القنبله التي سيفجرها الجد الاكبر .

 

" مملكة العتامنه "

قصر فاخر لم يقل عن قصر الهواري بل يفوقه في الفخامة والطراز متجمعة العائله حول مائده الطعام التي تحمل بين طياتها اشهي المأكولات .. تلك العائلة التي توفوا اعمامهم جميعا لم يتبق منهم الا نسلهم وهما احفادها و عمهم ( حيدر عتمان ) الذي يجلس وبداخله براكين من الغضب علي وشك الانفجار .

جالسا وعلي يمينه صفًا من بنات اخوانه وزوجاتهم وعلي المقابل اقصي يساره صفًا من الاولاد والصبيان .

ارتشف كأس الشاي التقيل وهو مستند علي عكازه .
نظرت له ( وجد ) بحنو
- اللي واخدك منينا ياعمى !؟

رفع عينه اليها بنظرة حاده
- عمك عيفكر كيف يرجعلكم حقكم يا وجد .

فهمت (وجد) المغزي من كلمات عمها وسرعان ما اردفت اختها الصغري ( ورد ) قائله
- قصدك الهوارة ياعمى .. صوح ؟!

اومأ حيدر راسه ايجابا .. انخلع قلب ( وجد ) من مكانه فاردف ابن عمها ( فايز ):
" ناوي علي ايه ياعمى .. اظن اننا عطناهم وقتهم وزياده وناصر مرجعش يبقي ايه !"

استجمع العم شتات افكاره قائلا بهدوء
- يبقي جيه الوقت اللي راجح الهواري يدفع فيه التمن .

وقعت السكينه من يد ( وجد ) التي احتل الهلع كيانها
- هتعمل ايه ياعمى ؟! .

اكمل العم كلماته بقوة وهو ينظر الي احفاده
- هنحرق قلب راجح واحده واحده .. ضربتنا الاولي لازمن تكون في مقتل وهي اغلي حفيد علي قلب راجح .

رفع ( ادهم ) نظره الي عمه لبرهه ثم حدق النظر الي وجد قائلا:
- سليم .. ؟

فزع قلب ( وجد ) وتلعثمت الكلمات بحلقها ونزف قلبها قبل عينيها .
ادهم بخبث
- مالك ياوجد .. اتخلعتي كيف اكده .

وثبت ( وجد ) قائمه
- انا نازله المستشفي ياعمى .. سلام .

وعلي الفور غادرت وتركت مجلسهم ليحلق بها ادهم سريعا وهو يركض خلفها
- اضرعتي ليه اكده ياضكتورة ؟!

لاحت بكفها بلا اهميه
- اطلع من دماغي يا ادهم مش ناقصاك .

ابتسم ساخرا
- كل دا عشان حبيب القلب ! هاا احب اطمنك هجيبلك راسه في شوال قريب .

جمدت الدماء في قدمها لدرجه تعوقها من السير والوقوف عليهم وهي تحاول استجماع شتات قواها بصعوبه بالغه .

دفعته من امامه بقوة وصعدت سيارتها بالمقعد الخلفي .. استند ادهم علي باب السيارة قائلا
- علي فكرة طلبت يدك من عمى وهو موافق .. وطلب مهرك راس سليم ولد الهواري ودي حاجه مافيش اسهل منيها ياعروسه.

تجاهلت ( وجد ) قذيفة كلماته ووجهت كلماتها للسائق
- اتاخرنا ياعم (سيد) يلا مش فاضيه للحديت الماسخ دا .

ابتعد ( ادهم ) قليلا
- قولت اخبرك بس عشان تعملي حسابك اصل الموضوع مش هيطول .. كلها ايام ..

تحركت سيارتها وخلفها سيارة حرس اخري وبداخلها مراجل تُقاد .. حاولت الاتصال ( بسليم ) مرارا وتكرارا دون جدوي .. القت هاتفها جنباً وهو تطلق زفيرا قويا
- اووووف ودا وقته ياسليم !

 

" قرار حُسم امره"

اجتمع الاربع اخوه في غرفة الاجتماعات الخاصه بالعائله وبعد مرور قليلا من الوقت كان الصمت سائدا .

عماد وثب قائلا:
" خير ياجدي .. بتفكر في ايه "

وقف الجد مستندا علي عكازه وهو يطوف حولهم بخطوات متباطئة
" كانش ليا نصيب اخلف غير ولدين .. وواحد منهم بين يد رحمن رحيم والتاني ياعالم فين اراضيه .. بس ربنا كرمني باربع رجاله يسدوا عين الشمس .. انتوا سندي وكبار عيله الهواري كلها .. الحمل تقيل عليكم قوي ياولاد عادل "

يستمعون اليه بصمت وانتباه .. ربت الجد علي كتف ( مجدى ) اخاهم الذي يحتل الترتيب الثالث بيهم

" ربيتكم وكنت حريص اني اجعلكم في اعلي المراتب .. عماد كان منصبه عالي في القضاه وسليم دراعي اليمين في الارض والثروه دي كلها .. مجدى السبع بتاعي المهندس اللي شايل هم شركاتي في مصر كلها علي كتافه ووصلها للمستوي اللي هي فيه دلوق .. محمد صغير العيله ودكتورها بس مقامه عالي قوي اللي برغم سنه الصغير قدر يوقف المستشفي علي رجلها هو وصحابه الجدعان "

فرك محمد كفيه بحماس
- خير ياجدي ماتخش في الموضوع طوالي .. ليه المقدمات دي !

- خد نايبك صبر يامحمد بلاش العجله دي .. انا عقولكم اكده عشان اعرفكم اني من غيركم ولا حاجه .. وانتوا من غيري كنتوش هتحققوا حاجه .. انا جمعتكم النهارده عشان قرار كنت مقرره من فترة بس كنت مستني الوقت المناسب ومكنتش حابب اظلم حد فيكم .

اعتدل الجميع في جلستهم باانتباه .. عاد الجد ليجلس علي مكتبه بهيبة ووقار متنحنحا بقوة
- عماد .. سليم .. مجدى .. محمد .
تنهدوا جميعا منتظرين قرار الجد الحازم
تمهل راجح في كلماته قائلا
- اللي عمله عمكم ناصر قوم الحرب بينا وبين العتامنه عارف انكم ملكمش ذنب بس مافيش غير القرار دا اللي هيخليني اطمن عليكم واضمن انكم هتفضلوا معقودين في عقده حبل واحد محدش يقدر يفرقكم .. ومن غير القرار دا ما يتنفذ اي حاجه بعده هتكون زي حته قماش دايبه كل ما نرقع فيها من ناحيه هتتقطع من التانيه

عماد بنفاذ صبر:
" خير ياجدي قلقتنا اكتر "

- سيني اكمل ياعماد ووسع خلقك عاد ..
نظر اليهم جميعا يري حماسهم وقلقهم لمعرفة قراره
- قراري هيبسط ناس فيكم وهيزعل ناس فيكم .. بصوا انا قررت ألم شمل العيله دي .

" كيف يعني ؟!"
اخيرا نطق سليم بسؤال بعد هدوئه التام التي لحقت به عاصفة قرار عاتية

- عماد هيتجوز نورا
ماجده لسليم..
وصفوة لمجدي
يسر لمحمد .
ودا قرار مش هقبل فيه اي جدل .. تقدروا تشوفوا شغلكم ودخلتكم الخميس الجاي .

صاعقة حلت علي قلب عماد وسليم
امطرت فرحا علي قلب مجدى ومحمد

" ينصر دينك ياهواري ياكبير "
نطق محمد كلماته مهللا وهو يريد احتضان العالم بين ذراعيه اخيرا سيتجمع شمله علي معشوقته الصغيره

احتضن محمد اخاه مجدى بفرحه وهو يقفز بين ذراعيه
وعلي المقابل
صاعق كهربي اصاب قلب عماد وسليم تلعثمت الكلمات بحلقهم ونظرا كل منهما الي الاخر بصدمه وذهول .

دايما بيقولوا
" يعملوها الصغار ويقعوا فيها الكبار " ..
بس دايما بشوف العكس
" يعملوها الكبار ويقعوا فيها الصغار "
بقيت معادله صعبه اوي اللي هو نسمع من الاكبر مننا وناخد برأيه وتجربته .. ولا نخبط في الدنيا ونصنع تجاربنا بنفسنا ! .. علي اي حال متحاولش ان اي حد يمشيلك حياتك حتى ولو كان مين .. محدش هيشوف حياتك بعيونك ! ولو فشلت مش هتلوم غير نفسك ودا شعور اهون بكتير من انك تلوم غيرك
كان قلبي يحترق.. بطريقة روتينية، ضمن حلقة يومية، يحترق ثم يحترق مجددًا، لكن الفيزياء هذه المرة لم تنفذ قوانينها، ظهرت القاعدة الشاذة، فالحرارة إما تُصهر المادة، أو تحولها لبخار، أو تُشكل رمادًا تحمله الرياح، أما أنا.. فمن فرط الحرارة.. تحوّل قلبي لكتلة جليد .

كل منهما غائصا في بحر افكاره .. ( سليم ) يجول بسيارته بدون مقصد وهو ينفث دخان سيجارته حتي غرق في سُحبها التى تحرق كيانه من الخارج والداخل .. تأكل النيران في احشائه بدون توقف .

تجوب ( وجد ) بين المرضي بآسي وضيق منشغل عقلها به .. يكاد ان ينخلع قلبها من شده قلقها ورهبتها .. فحب العمر ينهار امامها وهى مكبلة اليدين كشخص فقد كل قوته للمقاومه، تحتبس دمع عينيها بداخلها فظل يغلي فوق مراجل قلبها كما تغلي المياه في قدحه .

( عماد ) غارقاً في بحر احزانه وذكرياته، فقد اخذ ميثاق علي نفسه يعيش اسير للماضي وتحت سطواه وسلاحه فالعيش بعيدا عن زنزانته موت .. موت ينتشله من قلب الحياه .. ذكريات زوجته ومهجة فؤاده ( نيره ) التي توفت بسبب المرض اللعين ( فيروس السرطان ) التي احتلَ كيانها كمحتل خال من الرحمه حتي انتهش جسدها ولم يبق منه سوى روحا سكنت داخله مازال يرتوي بها طيلة الثلاث سنوات الماضية .

 

" بجد يامحمد جدي قال كده "
قالت ( يسر ) جملتها الاخيره والفرحه تغمر بدنها .
استند ( محمد ) بظهره علي الحائط وهو يعقد ساعديه متنهدا بضيق .
نظرت اليه ( يسر ) باستفهام
- انت في حاجه مزعلاك يامحمد .

- مش عارف يايسر .. بس شكل اللي جاي مش خير ابدا .

ربتت علي كتفه بحنو
- ولو .. اهم حاجه هنكون مع بعض يامحمد وقوتنا هتبقي واحده وهنغلب كل حاجه سوا .

- مش قصدي احنا يايسر .. لو عليّ انا فالود ودي اطير من الفرحه .. اقلها مش هيبقي في بوسه خطافي اكده تحت السلم من غير ما حد يشوفنا.

ضربته برفق علي معصمه:" الله ! ماتتلم "
- وانا كدبت يعني ؟!
- دماغك كده مابتفكرش غير في قلة الادب وبس .

غمز لها بطرف عينه قائلا بحب
- طيب وهو في احلي من كده .

نفذ صبرها من استفزازه المستمر تحركت متأهبة للذهاب
- لاا انت حالتك بقيت صعبة قوي وشكلي انا اللي هرفض الجوازه دي .

وقف عائقا لطريقها فقال ممازحا
- كان نفسي اتحداكى واقولك وريني ازاي .. بس احب ابشرك ان جدك مسابش قدامنا مجال للاعتراض حتى .

طافت عينيها قليلا
- طيب انت ايه اللي مزعلك ؟!
هز ( محمد ) كتفيه بكلل
- اخواتي يايسر .. وامك .. واختك (صفوة) دي هتقلب البيت حريقة لو عرفت .

ضربت ( يسر ) جبهتها برفق
- اووف .. انا ازاي مفكرتش في كل دا .. بص هو اللي اعرفه ان (ماجده) بتعشق سليم .
مط ( محمد ) شفته لاسفل
- بس سليم مابيحبهاش !

رفعت ( يسر ) حاجبها قائله بتفكير
- ومجدى بيحب صفوة !
عقد ( محمد ) ذراعيه امام صدره ساخرا
- بس صفوة مابتحبوش ولا بتحب صنف الرجاله اصلا .. دى واحده معقدة نفسيًا .

ثم غمغمت قائله
- مممم وطبعا ابيه عماد ونورا اختي .. زي ماانت شايف .

ابتعدَ ( محمد ) عنها قليلًا ليجلس علي اقرب مقعد في الركن الخاص بهم بجنينة القصر بحيره
- وهو دا اللي شاغل بالي ..

 

وصل ( سليم الهواري ) الي مستشفي (العتامنه) التي تقع في احدي قري محافظة [ قنا ] .. ارسل رساله نصيه ل ( وجد ) علي هاتفها
" انا تحت المستشفي انزليلي حالًا "

سرعان ما التهمت اصابعها الهاتف لتقرأ رسالته بذهول وعيون متسعه وقلب يدق بقوة .. ركضت نحو النافذه لتراه يصف بسيارته امام باب المستشفي .
- يامري ياسليم .. جاي تعمل ايه اهنه ! جاي للموت برجلك .. استرها يارب

عاودت الاتصال به

- سليم ارجوك امشي من اهنه .. انت مش فاهم حاجه .

نهرها بصوته الاجش وبعصبيه
- مافيش زفت .. قدامك ٥ دقايق لو مكنتش قدامي عظيم يمين تلاته هطربقها عليكي وعلي عيلتك كلها ياوجد .

وقبل ان تجيبه كان انهي مكالمتها بدون اي بوادر ..

تجمدت الدماء بداخلها وشُل تفكيرها ولم يبق امامها الا ان تستسلم للريح .. نزعت سترتها البيضاء - البالطو - بعجلٍ ولملمت شتات شملها وارسلت له رساله
" استناني علي الباب الوراني للمستشفي طاب واوعي حد من الرجاله يشوفوك "

بعد مرور عدة دقائق دلفت الي سيارته والخوف بداخلها بلغ ذروته ..

"تقدر تفهمني انت عاوز مني ايييه .. وليه الجنان بتاعك دا ياولد الهواري .. انت مستعجل علي اجلك ياك ! "
قالت وجد جملتها وهي تغلق باب سيارته خلفها بقوة

شرع في التحرك بسيارته دون اي رد فعل منه لتيارات الغضب المنبثقه من بين شفتيها .. ضربت _ تابلوه _ السيارة بكفها بغضب
- سليم انا بكلمك ! وبعدين احنا رايحين فين عندى شغل ؟

ارتفعت نبرة صوته
- وجد .. انا روحي في مناخيري .. ينفع تكتمي .

- مش هكتم ياسليم وانا مش مجبرة اركب معاك اهنه ولا تعاملني كإني جاريه من جواريكم .. ويلا نزلني عقولك .

زادت سرعه سيارته فجاه متجاهلا سُم كلماتها التي اخترقت قلبه قبل اذانه .. بعد مرور عاصفة الثرثرة التي عصفتها وجد بحانبها ومازال متلزمًا صمته ادركت ان مابداخله بركان علي وشك الانفجار .. تراجعت بظهرها قليلا والتزمت هي الاخري الصمت .

وصلا سويا الي مكانهم المفضل علي احدي ضفف نهر النيل .. هبط ( سليم ) من سيارته .. تابعته ( وجد ) بعينيها قبل ماتلحق به .

وقف يرمي احجار صغيره متتاليه في النيل .. بمجرد ان رأته يفعل ذلك تيقنت ان ثمة الامر اضخم من ان يقصها سليم الهواري بلسانه .. اردفت خلفه بخطوات متباطئة ثم احتوت ذراعه بحنان .

- مالك ياضي عين وجد ؟
نظر في عينيها الغزلاني ليبوح عما يحمله قلبه من مراره وضيق ثم اخد نفسا عميقا .
- تعبان قوي ياوجد .

- من موضوعنا ! مش انت قولت مسيرها هتتعدل جيت وتعبت من بداية الطريق ليه ؟!

- دي بتتعقد ياوجد .. وبدال ماكان بينا سد بقيوا الف .

قطبت حاجبيها باندهاش واستدارت بجسدها امامه
- قصدك اي ياسليم ؟

حدق النظر في عينيها كمن يتأمل جزيره مستديره مليئه بالريحان في منتصف عينيها تحاصرها شطي جفنيها .. وتضلل عليها بسحب رموشها .

ساد الصمت لدقائق بينهم حتي ارتمي ( سليم ) بين ذراعيها كالطفل التائه الذي عثر علي حضن امه للتو .. احتوته بين ذراعيها وربتت علي ظهره لتشعره بالامان والدفء ..تنهد في حضنها بوجعٍ كإنه يود ان يتحرر من آلامه المُبرحه بقربها ..

همست في اذانه بحنو
- حوصل ايه ياسليم ؟ متوجعش قلبي عليك .

اغمض عينيه علي جدران قلبها يستمع للحن قلبها حتي هدأ تماما .. ابتعد عنها ثم ابتسم ابتسامه خفيفه
- كنت محتاج لحضنك قوي ياوجد .

اشتعلت النيران بداخلها من بروده اللامتناهي
- وحياة امك ! يعني انتَ مجرجرني علي ملا وشي عشان تقولي كنت محتاج لحضنك ياوجد !

رفع حاجبه ليكمل ثورة استفزازه
- وهو الحب اي غير اني القي كل اللي احتاجه قبل ما اطلبه ..!

وثبت قائمه بانفعال
- انت اتجننت رسمي .. وانا اللي قولت حُصلت مصيبه لكل دا ...

- هو فعلا حصلت مصيبه بس اول مااترميت في حضنك نسيت اصلا حُصل ايه .. وجبل الجليد اللي جوايا انصهر .. انت ساحرة لي ولا ايه ؟!

عقدت ساعديها امام صدرها وهى تحرك احدي ساقيها بنفاذ صبر
- اووف بطل حديت فاضي .. وقولي حصل ايه عااد .. ؟!

وقف امامها قائلا ببرود
- اصل راجح الهواري قرر اني اتجوز ماجده بت عمي ناصر .

- لا والله وانت جايبني اهنه عشان تعزمني علي الفرح اياااك !

- وجد .. عتكلم جد انا، جدي امر انا واخواتي نتجوزوا بنات عمنا ودخلتنا الخميس الجاي .. وانا مش عارف اعمل ايه ...

ابتلعت غصة احزانها ولكنها حافظت علي اتزانها
- اه وجاي لوجد تقولك تعمل ايه ! اقولك روح اتجوزها وحل عن راسي ...

نظر اليها بعيون ضيقة قائلا بخبث
- قال لو حلِت عن راسك هغيب عن قلبك ؟!

هزت كتفيها مصطنعه المشاعر الثلجيه
- طول عمري مقتنه بمقوله الغايب ملهوش نايب ياسليم .. واللي شمسه تغيب عن عينى مايستهلش ذرة حُب ف قلبي .

اجابها متحديا
- الغايب في القلب دايب ياوجد .. واللي عيغيب له كل الوقت والعقل ونسيم الفؤاد ونور العين وغذا الروح .. كيف عتقولي اكده ! هتخترعي حب علي مزاجك اياك ؟!

يضرب قلبها في جدران صدرها بقوة وبدلًا ما تستشعر دقاته تستمع الي ضجيجه تلعثمت الكلمات بداخلها محاوله اخفاء حُزنها
- يعني انت عاوز اي دلوق ؟!

- جيت اخبرك اني هتجوز عشان متسمعيش من الغريب .

- ولما اسمعها منك اكده هغفرلك ؟!

- تنشفيش راسك عاد وافهمي .. هتعقلي ميته انتِ؟
- وانا من يوم ماحبيتك بقي فيِ عقل !

نظر اليها بحب ولهفة عاشق
- يبقي تعقلي اكده وتبطلي جنان العتامنه اللي عينهش في راسك دا ..

- هي حصلت عتشتم في العتامنه قدامي ياولد الهواري !

- ملعون ابو العتامنه علي الهواريه اللي مانعني من النومه في حضنك ياوجد .

انسكبت دمعه من عينيها بمراره مردفة
- سليم عاوزه اروح .

مسح دمعتها بابهامه بحنو
- انتِ عتبكي ليه دلوق ؟

- والله ! افرح يعني ؟!

- طيب اي رايك قولي اه واحنا نهرب من البلد كلها ولا حد يعرفلنا طريق .

- واجيب العار للعتامنه ياسليم اتهوست انت ياك !

- خلي العتامنه ينفعوكي .. يلا انجري قدامي خليني اوصلك ..

شرعت بالتحرك امامه ولكنها وقفت فجاة
- سليم استني ...

نظر اليها بعيون ضيقه ثم اردف قائلا بمزاح
- ايه فكرتي ورجعتي في كلامك بالسرعه دي !

- ياباي منك .. اسمعني بس، ( ادهم ) ولد عمي ناوي يخلص عليك ياسليم ورحمة ابوك وغلاوة وجد عندك تخلي بالك علي نفسك .

اجابها ببرود
- والله صوح هو مخطط العتامنه دلوق يبداوا بيِ طب يلا وانا جاهز .

ضربت قبضة يديها علي كتفه بقوه
- بس ياغبي انت عتقول ايه !.. سليم ماعهزرش عمى ناوي يخلص منك ويحرق قلب جدك عليك .

رفع حاجبه بثقه
- وهيحرق قلب بت اخوه عليّ هيبقي موت تلاته مش واحد .. ودا مش عدل قولي للعتامنه يراجعوا قوانينهم زين عاد .

- ياسليم افهمني وبطل مِقلده عاد .. ادهم ناوي يجيب راسك لجدي في -شكاره- ويتجوزني ...

قهقهه بقوة وهو يحتضن كفها الصغير بكفه ويسحبها خلفه نحو السياره
- اركبي اركبي بلا حديت عيال .. طب اي رايك لهجيبهولك راكب علي حماره وبالمقلوب كمان .. قال يتجوزك قال جاته جنازه مايلاقي حد يمشي فيها .. اركبي اركبي ياوجد ومرقي يومك .

 

الحياة والعمل مثل لعبة الشطرنج تماماً , يجب أن تنظر فيهم إلى المستقبل دائماً وتتوقع ماذا سيحدث لخطوات عديدة قادمة , وللأسف قليلون من يفعلون ذلك ! هم يفكرون في خطواتهم الحالية ولذلك كثيراً ما ينهزمون.

" علي جثتي الكلام دا يحصل "
قالت ( ثريا ) جملتها الاخيره باصرار وحزم

ماجده غمرت الفرحه كيانها تريد ان يكون لها جناحين وتطير في الهواء
" يسر يسر قوليلي تاني اكده .. يعني جدك قال لمحمد بالظبط كده ماجده لسليم "

نهرتها امها بقوة
- ماتهمدي يابت .. مستحيل تتجوزوا عيال ( عفاف ) لو هتعنسوا جنبي لا يعني لا .

قطبت ( ماجده ) حاجبيها بضيق
- لييه اكده ياما وانا هلقي احسن من سليم فين .. دا زين الرجال وبطل كل افلامي ورواياتي ياما .

عقدت ثريا حاجبيها وهي تضرب بكفها علي الكف الاخر
- وتقدري تقوليلي سي سليم بتاعك دا عيشتغل ايه منا مربتكيش ودخلتك كليه الهندسة عشان تتجوزي فلاح ياماجده .

جلست ماجده بجوارها
- وماله سليم ياما يعني جاهل ماهو واخد كليه وكمان دراع جدي اليمين وكفايه ان بت العتامنه عتحفي وراه .. انا مش عارفه اي اللي مش عاجبك في سليم .

- انه ولد عفاف ياماجده .. وكمان بت العتامنه دي بايره لقياش حد يتجوزها فراميه بلاها علي سليم .

رفعت يسر عينيها عن شاشة هاتفها
- زي ماهي عتحب سليم .. سليم عيعشقها ياما .

ماجده بحنق:
" والنبي مالكيش صالح انتِ .. انا هنسي سليم العالم كله بس نتجوزوا "

ثريا بحده:
" وانا قولت لاا .. بناتي مش هجوزهم "

ماجده اوشكت علي البكاء
- هتكسري كلمة جدي يعني ياما !

نورا واقفه امامه النافدة تستمع لحديثهم ولكن ذهنها في عالم اخر ايعقل بعد مرور سنوات اكثر من ١٥ سنه تتمني فيهما عماد حبيبها الاول والاخير وبرغم زواجها وطلاقها .. وزواجه وموت زوجته .. ايكون لعب القدر اخيرا لعبة لصالحها

قطعتهم ( يسر ) بكلماتها التي نهت جدالهم
- تقلقوش دا قرار نهائي ومافهوش رجعه مهما حصل .
قفزت ماجده من مكانها مهلله:
" يسلم فُمك ياسوسو "

اقتربت منهم ( نورا ) وهي عاقده ساعديها امام صدرها
- انتوا نسيتوا حاجه مهمه .

نظروا اليها جميعا باهتمام ثم اردفت قائله
- صفوة .. دي هتولعها حريقة لو عرفت .

اتسعت حدقة عيون الجميع بذهول
ماجده بنفاذ صبر:" اوووف يعني الجوازه هتبوظ! "

 

وصل ( ادهم ) المستشفي عند ( وجد) باحثا عنها بعيون ناريه .. يسأل عليها جميع الدكاتره من يخبره بإنها فالاستقبال واخر يخبرها بانها في غرفة العمليات وكثير من الاجوبة التي لم تدله علي طريقها ..

وصل ( سليم ) ( وجد) امام الباب الخلفي للمستشفي .. قالت له بتوسل
- سليم وغلاوة وجد عندك متجيش تاني ولا تقابلني .

- بلاش تحلفنيني بغلاوتك ياوجد .. المفروض انك عارفه غلاوتك زين فكيف عاوزه تمنعيني اشوفك .

- فترة مؤقتة ياضي عين وجد .. مش احسن ما اتحرم منك العمر كله .

قبلها في راحه كفها بحب
- ان شاء الله العمر كله واحنا سوا ..

ابتسمت بحب ثم دلفت من سيارته وركضت نحو الباب وهي تدندن بفرحه وصلت لغرفة مكتبها وفتحت الباب ومازالت غائبة عن الوعي فوجئت ( بادهم) امامها .. شهقت بصوت عالي واضعه كفها فوق قلبها بتلقائيه
- انت اي اللي جابك هنا .

قام ووقف امامها بثبات
- والله انا اللي المفروض اسال جايه منين ووشك عيغني اكده !

دلفت الي الداخل وامسكت بثوبها الابيض لترتديه
- انا عندي شغل ومش فاضيه للهبل بتاعك دا .. وسع .

قبض قبضته الحديديه علي معصمها ودار جسدها نحوه مهددا
- بت انتِ اتعدلي .

دفعته بقوة
- بت ! شكلك نسيت نفسك يابن ساميه ونسيت عتتحدت مع مين .. احترم نفسك معاي عشان محطكش في دماغي وتبقي انت اللي جنيت علي حالك .

دنا منها بنظرات مقززه ففهمت مغزاهم
- وانا عاوزك تحطيني في قلبك مش في دماغك ياوجد .

ابتسمت ساخرة
- هو انت معرفتش! .. مش الحب مابيطلبش .

اجابها بحده وقوة
- بس بيحتل .. وانا محتل مابرحمش واوعدك في ساحة حربي هكون انا المحارب والقتيل .. محارب لعنادك وقتيل في بحر حبك ياوجد .

- وقلب وجد محصن ياابن العتامنه ومفتاحه مع شخص واحد وبس .

ابتسم ماكرا وهو يفتح الباب
- مانا هروح اجيب المفتاح ورقبة صاحب المفتاح تحت رجليكي يابت العتامنه .

ثم رد الباب خلفه بقوة زلزلت بدنها .

 

يجوب ( مجدى ) غرفته ذهابا وايابا بقلق وتوتر
- ماتقعد ياخي خيالتني .
نطق محمد بكلماته بنفاذ صبر

جلس مجدى بجواره
- قلقان يامحمد من صفوة و رد فعلها .. عمري ما كنت اتخيل اني اتجوزها بالطريقة دي .. دانا لسه كنت بجهز نفسي ودخلاتى عشان اوقعها في شباكى

محمد بتلقائيه:
" ياعالم يمكن مكنش قدامك طريقة تتجوزها بيها غير دي "

- طب تفتكر هي ممكن تعمل ايه ؟!
رفع محمد حاجبه مستنكرا
- مين! .. صفوة بنت عمك ؟!
زفر بضيق:
" متركز معايا كده وسيبك من الزفت اللي في ايديك دا .. ايوه هي .. وفي غيرها يعني ؟"

قفل محمد هاتفه ووجهه حديثه اليه
- والله علي حد علمي انها ممكن تجيب قنبله ولا اختراع من اختراعاتها وتفجرنا كلنا وتبقي ريحت العتامنه مننا ووفرت عليهم كتير .

- اوووف للدرجه دي !
قال مجدى جملته الاخيره بيأس .

- دانا بقولك اقل اوبشن .. وسايبلك عنصر الساسبنس تشوفه بنفسك .. اتقل بس .. هتتفاجئ وكلنا هنتفاجئ .

- طيب متقولي علي حل ؟
فكر محمد قليلا
- انسب حل انك تختفي من البيت لانها مش هتقدر تقف قدام جدك .. فمش هيكون قدامها غيرك تتفش فيه .

حك ( مجدى ) ذقنه بتوتر وقلق
- انا هتجوز الشحات مبروك ولا اييه .. وبعدين ياعم انت بدل ماتطمني بتخوفني .

- مش احسن ماتتفاجئ .. لازم اديك خلفيه عن عيوب ومميزات المنتج .. وبعدين صفوة دي عشره ٦ سنين كليه .. دانا حافظها صم دى كانت سبب في تعقيد دفعه كامله .

- بس انت من الصبح بتقول عيوب ماسمعتش مميزات ولا حاجه !

فكر محمد قليلا
- مممممم مالاقيش فيها ميزه يخربيتها ..

رد عليه باستسلام
- يعني انا خلاص لبست ؟! صلاة النبي احسن .

 

وصلت ( صفوة ) القصر بعد يوم طويل وملل في الجامعه مع غفر الهواري .. صعدت الي غرفتها بهدوء ثم ارتمت بجسدها في منتصف مخدعها وهي تنزع نظارتها الكبيره التي تأكل نصف وجنتيها ..

دخلت اختها ماجده عليها الغرفة فوجئت بها مغمضه عينيها وتلتقط انفاسها باسترخاء .. سألتها اختها بصوت منخفض
- هو انتي لحقتي تنامي ؟!

لم يتحرك ساكن بها .. فاردفت قائله
- ماجده عاوزه انام اقفلي الباب واطلعى .

ترددت ماجده قليلا ثم استجمعت شتات قوتها
- صافى .. عندي ليكي خبر حلو .

- مش عاوزه اسمع حاجه ياماجي الله يخليكي .

فركت ( ماجده ) كفيها بحيره
- مانا لازم اقولك لاني لو مقولتلكيش هتبقي المصيبة اتنين .

اعتدلت صفوة في جلستها وارتدت نظارتها الطبيه .. ركلت ماجده الباب سريعا وركضت نحوها متلهفة لتجلس امامها
- شوفتي مش جدك امر ان انا وسليم هنتجوز .

التوت شفتها بلا مبالاة
- واي اللي يفرح في كده !
ابتلعت ماجي ريقها
- وكمان نورا وعماد هيتجوزوا .
ابتسمت صفوة بسخريه
- كمان ! تاني مصيبه ...

نظرت لها ماجي بتساؤل
- مصيبة ليه بس ؟

- جواز ! وهو في مصيبة اكبر من كده !

اومأت راسها ايجاباً
- آه فيه .. انتِ ومجدي فرحكم الخميس الجاي .

بلا مبالاة
- والله ! ابقوا اعزموني علي الفرح بقي متنسوش يلا قومي عاوزه انام مافيش دماغك لزنك .

- ياصفوة بتكلم جد .. جدك امر ولاد عمك عادل يتجوزوا بنات ناصر والقرار مافهووش رجعه .

رفعت صفوة حاجبيها وقطمت شفتيها بتوعد
- بقي كده ! دا الموضوع بجد بقي يعنى جدك هو اللي قرر ؟!

هزت ماجي راسها بالموافقة منتظرة ردة فعلها

وثبت صفوة قائمة مندفعه نحو الباب بخطوات متعجلة .. ركضت اختها خلفها بسرعة ..
" خدي يامجنونه انتِ .. رايحه فين "

تراقصت ساقين صفوة بعصبيه وزمجرت رياح غضبها وثوران نفسها

- هروح اكلم جدي واوقف المهزله دي قبل ماتحصل .

تشبثت اختها في معصمها
- استني بس اقفي هنا .. جدك مش قاعد .

رفعت حاجبها مستنكرة
- والله ! تمام .. بس سي مجدى اكيد قاعد .

اتسعت حدقة عيني اختها
- انتِ ناوية علي اييييييه ! وماله مجدي بس

دفعتها صفوة من امامها ودلفت الي غرفتها اخذت شيء ما وتوجهت صوب غرفة مجدى وهي بداخلها براكين الشر التي اوشكت علي الانفجار متوعدة له محدثه نفسها بكلمات لم تفهم مغزاها ولكن مابدي عليها من انفعال ان نيرانها ستحرق مدينة باكملها ...
في الفيزياء مفهوم -إجهاد المعادن- هو التشوّه البنيوي الذي يحدث للمعدن مع الأحمال المتكررة، ممّا يؤدي في النهاية إلى انهيار مفاجئ للمعدن تحت ضغط خفيف نسبيًا..
لم أستطع إيجاد مفهوم فيزيائي يشرح انهيارنا المفاجئ أمام خيبات بسيطة أفضل من هذا المفهوم !

وصلت ( صفوة ) الي غرفة ( مجدى ) التي دفعت بابها بقوة .. فوجئا كلٌ من محمد ومجدى لنظراتها التي ينبعث منها الدخان .. عقدت ساعديها متوعدة

" محمد ممكن تسيبنا لوحدنا شويه "
رمقه مجدى بنظرة حائرة .. استسلم محمد لاوامرها علي الفور قائلا ..
" طيب يامجدى هسيبكم انا تتكلموا سوا .. عرسان بقي وانا مش من حقي ادخل "

عض ( مجدى ) شفتيه بغُل من تصرف اخيه المتداني، خرج محمد ثم ركلت صفوة الباب بقدمها بقوة وهي تقترب منه بخطوات متباطئة

- انا سمعت خير اللهم اجعله خير كده .. ان هيكون عندنا فرح قريب ..

رفع مجدى حاجبه وهو يرتسم ابتسامه خافته
- اه شوفتي .. ماشاء الله مصادرك قويه جدا .

-" كله ممكن اعديه .. لكن كوني انا عروسة دا مستحيل اعديه ..تتصرف و تنهى المهزلة دي فاهمنى "
قالت صفوة جملتها وهي تجز علي اسنانها بحزم

ادرك سريعا زمام الامر فقرر استخدام سلاح البرود في قلب نيران ثورتها العاتية قائلا باستفزاز
- ليه بس صافي ماانت قمر ١٤ واحلي عروسة كمان ..

زمت شفتيه ونظرت اليه بعيون ضيقة
- ممممم افهم من كده ان الموضوع جاي علي هواك ! ااه منا كنت ملاحظه تصرفاتك معايا قبل كده بس كنت برمى ورا ضهري دا طلع بجد بقي ؟!

ضحك بصوت عالي
- الا جاي علي هواي .. دا جاي في الجون .. وانا هلقي زيك فين .. عروسة ادب واخلاق وجمال وعيلة وغير دا كله بت عمي واحنا ماعنطلعوش بناتنا برا من الاخر ..

- طالما جبت من الاخر بقي تعجبني .. هوريك الاخر بتاعي شايف اي دا !؟

اتسعت حدقة عيني مجدى بدهشه ليري امامه حقنه بداخلها محلول ابيض .. اكملت صفوة كلماتها
- دي حقنة، اه حقنه .. بس مش اي حقنه عبارة عن حبة كوكايين مع هروين مع شويه حبوب مخدرة مطحونين .. مممم شوية ادويه ملاهش لازمه حطتيهم مع شويه ميه لحد مابقى المحلول اللي انت شايفه دا جوا السرنجه .. كنت جايباه اكمل عليه بحثي .. بس شكلي كده هستخدمه عملي .. بالك بقي لو ضربتها في وريد سياتك هيحصل ايه ؟

مازال يستمع لكلماتها بحيرة ودهشة بالرغم من قضاءه اغلب ايامه في القاهره لم يتعرف علي طباعها بارض الواقع ما يصل اليه عنها قصص عابره .. وجد في حديثها لذة خارقة .. اكملت صفوة عملها الاجرامي الذي تكنه

- انا هقولك هتعمل اييه .. هتخش بقلب جامده كده علي جهازك العصبي تدمره .. ايييوه تدمره وبعدها بكام دقيقة كده تتكل .. تديك تذكرة لفوق فوق اوي هااا .. لسه بردو موافق علي حوار الجواز دا ؟! يابنى فكر العمر مش بعزقه ...

عقد ساعديه وارتسم ابتسامه ساحره علي شفتيه قائلا بخبث
- تؤؤ .. مش موافق .

تنهدت بارتياح:" طيب كويس طلعت عاقل وانسحبت من اول جولة .. اصل انا مش اشكال هتأمن لها وتعيش معاها ف بيت واحد "

دنا منها للحد غير المباح مخترقا قانون المسافات هامسا في اذانها الا انها شعرت بحرارة انفاسه تلامس عنقها
- هو انا الاول مكنش عندي اعتراض علي الجوازه بس حاليا بقيت مصمم جدا جدا جدا جدا .. وشكلنا هنلعب لعب حلو .. لعب مكيفنى وجاي علي هوايا ...

ابتعدت عنه بعيون ضيقة تَكن خلفهم ملحمة ماكرة
- الواضح اننا فعلا ولاد عم ومنعرفش حاجه عن بعض .. بس عجباني شجاعتك دي كلها وانك بتتحدي بنت الهواري .. لا بجد لافته حلوة منك .

وقف بثبات امامها اشبه بالغرور مشيرا اليها بسبابته
- هذا الشبل من ذاك الاسد .

رفعت حاجبها متعجبة وفي نفس التو ساخرة
- هنشوف اذا كان اسد ولا هيتحول لقطه يابن الهواري .

كانت تلك اخر كلماتها التي كانت اشبه بقذيفة ناريه القتها من بين شفتيها وهي تعد في جيوشها واسلحة انظارها بنشوب الحرب التي ستُقام بين ادم وحواء .. تركته وغادرت وهي بداخلها الف سؤال .

وجدتهم جميعا امام غرفة مجدى ينتظرون نتيجة ثورانها وضجيجها التي التهب كيانها وكان علي وشك التهام اهل البيت جميعا .. نظرت اليهم بدهشة

- انتوا واقفين كده ليه ؟!
اختلس محمد نظرة الي داخل الغرفة باحثا عن اخيه
- هو مجدى لسه عايش ؟!

استدارت برأسها للخلف ساخره علي مصدر صوته
- هي دي صفوة اللي رعبتوني منها ! ماهي طلعت حلوة اهي وبتنخ من غمزه .

كتموا اصوات ضحكهم بسخريه فقالت يسر
- يعني خلاص الفرح فى معاده ؟!

رمقت مجدى بنظرة ماكرة قبل ان تغادر
- هو المسئول عن نتيجة اختياره .. انا حذرته .

تركت الجميع في بحور اندهاشهم وذهبت نحو غرفتها فركلت الباب بقدميها متأففه وهي تحدث نفسها بالمرآه
- هو اكيد مجنون عشان يتحداني انا ويفكر يكلمني بالطريقه دي .. هو مايعرفش انا مين ولا ايه .. طبعا وهو هيعرف منين ما البيه عايش حياته كلها فالقاهرة .. طيب ياسي ( مجدى) اما عرفتك مين هي ( صفوة الهواري ) لتقول حقي برقبتي .

" " سلامًا علي عواصف الغضب المصطنعه التي تختبيء خلفها فوضي المشاعر المبعثره " "

‏"أشعُر أنه من الممتع جدًا أن تكون بهذا العمق أحيانًا، أن تغرق في تفاصيل أشياء صغيرة قد لا يراها الآخرون، أن تعبر من خلالك الأشياء لتخرج أشياء أخرى مختلفة تمامًا، أن تكون لديك هذه المقدرة الهائلة في الغوص عميقًا دون أدنى جهدٍ يُذكر."

دلف ( سليم ) الي بهو القصر بخطوات متثاقلة، فوجئ بوجود ( ماجده ) تعيق طريقه بسذاجه
- ازيك ياسليم .

تجاهل ( سليم ) حديثها ونظر في شاشة هاتفه كإنه يجري اتصالا ما، نظرت اليه نظرة استكشافية
- هو انت زعلان من حاجه يابن عمي .

زفر بقوة ولنفاذ صبر:
" في حاجه ياماجده ؟! "

هزت كتفيه بتلقائيه واجابته بتوتر
- لا مافيش كده بسلم عليك بس وكمان عاوزه اقولك انا اسفه علي اللي حُصل مني الصبح .

اغمض عينه لبرهه بنفاذ صبر وتركها بخطوات متعجلة صوب باب القصر .. توقف علي نداء امه المفاجئ
- عاوزاك ياسليم .

تراجعت قدميه قبل ان تلمس اعتاب درجات السُلم وهو يقول لها بضيق
- عاوزه ايه ياما ؟

- عاوزه اعرف اخرتك ياسليم مع بنت العتامنه ؟!

صمت قليلا ثم دني منها
- يخصك في اي الموضوع دا ياما .. كمان هتأمري علي قلب سليم يحب مين ويكره مين !

مسكت كفه في حنو
- ومن ميته عفاف اتأمرت عليك ياولدي ! طول عمري صاحبتك قبل مااكون امك .

طافت عينيه في ارجاء المكان بغضب
- فرحه قلب سليم مع بت العتامنه ياعفاف .. غير كده بتدفنوا سليم بالحييا ...

انسكبت دمعه حاره علي وجنتها
- بس انت خابر زين انه ماينفعش ياسليم ..

ارتفعت نبرة صوته الاجش الذي التفت اليه الجميع
- يعني ايه ماينفعش الكلام دا .. ماهي مش زارير هندوس عليها ياما .. وانا عقولها بأعلي صوت فيّ ايوه قلب وعقل وروح سليم مع بت العتامنه، وانا مش هدفع من عمري تمن ذنب انا ماليش دخل فيه .. اللي غلط يتحاسب مش هلملم من ورا حد انا ... ...

-تسمرت ( ماجده ) في مكانها وانخرطت عينيها بالبكاء .. لاحظتها اختها الصغري التي سرعان ما ركضت نحوها، وعلي الفور استدار البقية الي صوت ( ثريا ) التي صاحت بكل قوتها
- وبتي مش بايره ياسليم ولا هتموت عليك .. والجوازه دي انا مش عاوزاها .

ارتبكت ( عفاف ) واتسعت حدقة عينيها
- جري لعقلك اي يا ( ثريا ) هتكسري اوامر عمي اياك !

وقف ( ثريا ) امامه بتحدي
- ماعنديش اغلي من بناتي في الدنيا .. وكرامتهم قبل اي حاجه ومادام معرفتيش تربي ولدك علي الاصول وازاي يحترم كرامة بنات عمه يبقي مايلزمناش ياعفاف .

نهرتها ( عفاف ) بقوة
- بس ولدي متربي احسن تربيه وانتِ خابره اكده زين .. ولا شكل عيشتك في مصر نستك مين هما ولاد عادل الهواري !

اجابتها بسرعه مطلقه وهي تصوب نظرها الي ( سليم )
- والتربية دي مخلياه يحفي ورا بت العتامنه اللي عاوزين يشربوا من دمه بدل ماياخد بنات عمه تحت جناحه ويضلل عليهم .

حاول ( سليم ) ان يكتم تيارات غضبه المتتاليه ولكن كلماتها كانت كفيله ان تخرج نيران منه تحرق مدينه باكملها
- والله انا مش مسئول عن جريمة ارتكبها جوزك وهرب .. واول مايجي جدي بلغوه اني مش موافق على الجوازه دي .

خفق قلب ( ماجده ) وندبت ( عفاف) علي وجنتيها ونظرت له ( ثريا ) بغضب واتت عاصفه اخري لتخمد النيران المشتعله ما بينهم لتبدلها بنيران اقوي

- وايييه كمان ياسليم ؟!
زمجر الجد بكلماته التي هُزت لها الجدران

عقد سليم ذراعيه:
" زي ماسمعتني ياجدي .. انا مش موافق علي جوازى من ماجده .. ولو كان علي حمايتهم فهما في عيني .. اظن ان عداني العيب اكده "

انكمشت ملامح الجد وارتفع صوته اكثر
- اللي عتقوله ده العيب بعينه .. عقلي ولدك ياعفاف ..

وقف امام جده متحديا
- بس انا مش هتجوز غير بت العتامنه ياجدي ..
اكمل الجد معاندا
- وريني هتكسر كلام جدك كيف ياسليم .!

ثم وجه كلامه للجميع بقوة وحزم
- كتب كتاب ودخلة العرسان يوم الخميس كله يجهز نفسه ..
ثم ارسل نظرة ناريه صوب سليم قبل مغادرته
- وياريت تعقل وتبطل شغل الحراميه اللي عتخش بيه كل لليله بيت العتامنه لو مسكوك اتاكد مش هتلاقي اللي هيرحمك .. وانا مش مستعد استلمك جثه .

تركهم الجد في شبكة افكارهم وحيرتهم .. هناك قلوب تحترق بالحب واخري بالفراق وغيرها بنيران الغضب ولكن جميعهم علي متن سفينة واحده اتت رياحها بما لا تشتهي انفسهم وما باليد حيله سوى الاستسلام .

 

ترك ( سليم ) المنزل عقب كلمات جده التي مرت علي جروحه بسلك شائك وظل يجوب بسيارته في مختلف ارجاء بلدتهم .

انهارت ( ماجده ) اثر كلمات سليم التي تدركها جيدا ولكن مازال بداخلها صوت يكذب لها حتي اتت عباراته قطعت حبال الشك باليقين - لم يوجد مُحتل بداخل قلبه سواها - مما جعلته يتحدي الجميع لاجلها .. وما هي الا اسم بالبطاقه يثبت نسبهم فقط .

فتح ( عماد ) باب غرفة مكتبه وخرج منها حتي فوجئ بوجود ( نورا ) امامه .. رمق كلاهما الاخر بنظره خاطفة ثم اكمل عماد طريقه بتجاهل تام، وضعت ( نورا ) كفها لتهدأ من ثوران قلبها الذي يدق صدرها بقوة كان اثره انسكاب دمعه حاره علي وديان وجنتها متنهده بمرارة وضيق .

اجري ( سليم ) مكالمه تليفونيه وهو داخل سيارته مرات متكرره دون جدوي من صاحب الهاتف .. زفر بقوة والقي هاتفه جنبا وهو يضرب المقود بيده
- طايب ياوجد !
وسرعان ما اضُيت شاشة هاتفه التف نحوها متلهفًا
- عترديش ليه علي طول انتِ ؟

اجابته بنفاذ صبر
- وانت عتتكلمش غير لما تزعق ليه ؟ عاوز ايه تانى ؟

- انا اتكلم كيف منا عاوز وانتِ تستحمليني وتحبيني علي اكده من غير اي تعليق ..

جلست علي مكتبها الصغير بتحدي
- مش انا اللي تتأمر عليها ياولد الهواري فوق لنفسك .

ارتسمت بسمة خفيفه علي شفتيه
- اتأمر عليكي وعلي اللي خلفوكي كمان .

كتمت صوت ضحكتها
- هقفل ومش هرد عليك واصل … انا حذرتك اهو .
رد متحديا
- طب انا عاوزك تعمليها ياوجد وشوفي هعمل ايه ؟
زفرت بنفاذ صبر
- انت عاوز اي دلوق خلصني، عندي شغل كتير ..

- شغلك اهم مني ياك ؟!
- ما اتخلق ولا كان اللي يبقي اهم منك ياسليم .

لمعت عينيه بحب
- اومال كان اي لازمته الوش الخشب اللي فالاول ؟!
وضعت وجنتها علي قبضة يديها
- يوه مش هنخلصوا .. سليم عندي نبطشية ومش هينفع نتسايروا إكده ...

وقف بسيارته تحت مبنى المستشفي التى تعتبر من اكبر مستشفيات البلد التي تدخل في حيز ممتلكات العتامنه
- وجد .. قلبى واجعنى قوي .

انتفضت من مكانها بلهفه
- انت عتتكلم صوح ولا قاصد تخلع قلبي عليك ؟!

دلف من سيارته وركل بابها خلفه بخطوات متزنه وثابتة اتجه نحو بهو المستشفى اجابها بدلال
- لا بجد سليم قلبه واجعه قووي .

ترجمت نبرة صوته المدللة قائله
- وبعدين فيك عاد .

- وبعدين فيكِ انتِ .

- وانا كنت عملتلك ايه يعني ؟!
- خدتى قلبي وفضلت عايش طول الوقت من غيره .

- ماانت كمان سرقت روحي وانا مالومتكش ؟

ارتسمت بسمه جذابه علي ثغره وهو يقترب من باب غرفة مكتبها
- طب اعمل ايه يادكتوره .. يلا اتصرفي وعالجيني فضى مكان قلبي بيموتني كل ثانيه وهو بعيد عني .

اتكأت فوق مقعدها شارده معه في اعذوبة كلماته
- انت هتسرح بيا ولا ايه ! ماتتمسي .

قبل ان تغلق شفتيها منتهيه من كلماتها فوجئت باقتحامه مكتبها الخاص قائلا بفظاظه
- هو انا لما اقولك عيان ماعتصدقيش ليه انتى !

ارتجف جسدها وهلع قلبها من موضعه ثم ركضت نحوه في عجل
- انت جري لمخك ايه ياسليم هي حصلت تيجي لحد اهنه .

تجاهل انفعالها واتجه نحو - الشازلونج - وارتمي عليه بكللٍ متخذا نفسا عميقا
- تعالي اكشفي عليّ يلا .

اغرورقت عينيها بدموع تخفي خلفهم قلة حيلتها وخوفها الشديد عليه .. اندفعت نحوه راجيه
- سليم قوم امشي عشان خاطري وجودك اهنه في ارض العتامنه هيقلبها مجزره .

شمر كُمه وبسط ذراعه بهدوء
- هاا يادكتوره يلا عاد شوفي شغلك .. انا مش دافع تمن كشف وجاي اهنه مخصوص عشان تقوليلي امشي .

قطمت علي شفتها السفليه بحنقه ونفاذ صبر ثم استسلمت لاوامره .. جلست علي مقعدها بجواره وشرعت في لف زمام جهاز قياس الضغط حول معصمه وهي تتجول في عينيه اللاتي تتفتنها بهيام ..

تركت الجهاز متأففه قائلة بضيق
" يووووه ياسليم هتودي نفسك وتوديني معاك في داهيه "

اعتدل في وضعيته مستندا على معصمه امامها قائلا
- داهيه ! مش مهم .. المهم نروحها سوا ونخليها جنه .. يلا عاد الجهاز ده هيفضل متعلق اكده كتير .

مسكت كفه ممتعضة وهي تحكم الرباط حول معصمه
- افرد ضهرك طيب .. لما نشوف اخرتها معاك ياولد الهواري .. مالي انا بالحب وسنينه ويوم مااحب احب واحد مجنون !

ضحك بصوت عال وبلهجة مفخمة بالحب
- مافيش عاشق عاقل ياوجد .

نظرت اليه بطرف عينيها وهي تخفي ضحكتها قائله بخبث
- الضغط تمام اوي علي فكرة .. عشان تعرف انك عتدلع ..

اجابها مندفعا
- انا متاكد انه مش تمام .. هتعرفي اكتر مني انتِ يعني !

قطبت حاجبيه معترضه
- وطالما مش واثق فيّ اكده جاي تكشف عندي ليه .

دنا منها حد الغير مباح وهو يلتهم انفاسها بشهيقه المرتفع وزفيره الذي يلامس وجنتيها
- عشان انتِ الوحيده اللي معاكي الدوا .

اغمضت عينيها لسحر كلماته وهي تبتسم بحب
دنا منها شيئا فشيئا فلم يستطع ان يمنع القوة التي تجذبه نحو ملامسة شفتيها، شعرت بانفاس تحرق وجهها بلت حلقها الجاف .. رفعت جفن عينيها ببطء شديد .. بدون مقدمات استدارت بجسدها ابعدت عنه بكيان مرتجف وهي تعبث بالاشياء الموضوعه فوق مكتبها لتمنع عينيها من الالتقاء بعينيه فتنهار امامه مجددا

" سليم ... ماينفعش كده يلا روح امشي "

نهض من مكان وهو يدنو نحوها بخطوات متثاقلة
- وجد .. للمره الاخيره بقولهالك تعالي نهربوا من اهنه .

احتشدت العبرات بداخلها قائلة
" ومش وجد اللي هتعيش معاك في الضلمة ياسليم "

انفجر بها قائلا
- انا ولا عارف اعيش معاكي فالنور ولا في الضلمه.

انخرطت عينيها بالبكاء
- يبقي قدرنا اكده واحنا لازم نرضي بالمقسوم .

قبض علي معصمها بقوة ليدير جسدها نحوه لتقف امامه مهزوزه مغمومة علي حالهما .. هربت الكلمات من بين شفيته بدون رقابه ممزوجه بنبرة صوته الاجش التي اهتزت لها الجدران قائلا
- بس المقسوم دا عيقسمنا احنا ياوجد .. انا مش خابر كيف يجيلهم قلب يفرقوا بين قلوبنا .. كيف جالك قلب انتى تمنعي سليم عنك .

انهارت عبراتها علي وديان وجنتيها بغزاره
- وجد بتموت من بعدك ياسليم .. ببان قويه ومش عاوزك لكن من جوايا مش عاوزه غيرك .. متعشمه في معجزه تنهي كل الوجع والفراق دا .. لاني انا اللي تعبت .. تعبت بالقوي ياسليم ومعدتش قادرة .

ضمها الي قلبه بقوة ليشعر بانتفاضة جسدها بين ذراعيه .. ربت علي ظهرها بحنو حتي هدأت تماما فطبع قبلة خفيفه علي جبهتها ثم همس قائلا
- اهدي ياوجد .. بلاش تقولي اكده كلامك عصر قلب سليم .. ( ثم قال ممازحا ) وبعدين ماانت عتبقي حلوة اهو لما تعترفي بحبك .. اتاريكي دايبه فيّ ومكابره ...!

حاولت فك قبضته الحديدية التي تحاصر جسدها
- طب سيبني اكده وابعد عني ومتكلمنيش تاني .. ولا عاوزه اشوفك تاني بعد عنى عاد ...

احكم قبضته عليها اكثر
- بذمتك عاوزاني ابعد !

تلعثمت الكلمات داخل فمها وبتلقائيه عانقته بحب وهي تتشبث بعنقه كالغريق الذي يتعلق بقشه النجاة .. رفعت قدميها التي تلامس الارض حتي لامست الهواء وطارت في سحب عشقها قائله
- ماتسبش وجد ياسليم ورحمة ابوك .

استنشق رائحتها حتي امتلأت رئتيه من عبيرها
- عمري ماهسيبك ولا هبطل احبك يانبض القلب .

ظلت عالقه بين ذراعيه للحظات لم تُحتسب من الزمن بل كانت كعمر جديد لهما وفجأه اقتحم الغرفة ذلك اللعين الذي عكر صفواهم وتجمدت الدماء بعروقه واشتعلت نيران الحقد والكره وبداخله وسرعان ما غرز كفه في جيبه يخرج سلاحه
" والله وجيت لقضاك برجليك ياولد الهواري " ..
جالسه ( ثريا) فى غرفتها مع بنتها تضرب كف فوق الاخر ونيران الغل مُشتعله بداخلها فاقتربت يسر منها ثم ربتت علي كتفها
- وبعدين يااما فيكى .. متعصبيه ليه محصلش حاجه يعنى .

نظرت اليها بعيون ضيقه بتوهج منها الغضب
" محصلش حااجه ! كل دا ومحصلش حاجه .. انا قولتها كلمه ومش هتنيها تانى الجوازة دى مش هتم "

انخرطت الدموع فوق وجنتي ماجده بحراره فوثبت امها قائمه نحوها بعيون متسعه وجسد عباره عن كتله نار ملتهبه وامسكت بها من شعرها
- بت انت تتعدلى اكده .. محن وقلة ادب بنات انا مش عاوزه .. دا واحد مش عاوزك ولا هو طايقك .. ايييه ماافيش دم خالص .. على الله اشوف دموعك دي تانى فهمانى يابت ثريا !

ثم دفعتها بكل قوتها فوق مخدعها متأوهه ركضت اختها نحوها واحتوها بين ذراعيها لتربت عليها برفق مردفه بضيق
- خلاص يامه عاد .. حرام عليكى دي هتموت في يدك .
شهقت اختها شهقات متتاليه وارتفع صوت بكاؤها اكثر فأكثر .. وانتفضت بين ذراعي اختها
- خلاص ياماجده وحدي الله .. اهدى .

قالت يسر جملتها بحنو بالغ وهي تربت علي كتفها .

- بيحبها قوى يايسر .. سليم بيحب بت العتامنه .
قالت جملتها بشهيق مرتفع ورجفة قلب رجت جسدها قبل ما تنهال عليها امها بعنف بصفعاتها المتتاليه التى فجرت صوت صراخها
- قسما بالله انتى مااتربيتى ولا شوفتى يوم تربيه وانا اللي هربيكى يابت ناصر ..

حاولت يسر ان تتلقي صفعات امها عن اختها ولكن بدون جدوي الى ان تتدخلت عفاف علي صوتهم المرتفع وهى تزيح ثريا بعيدا
- انتى اتهوستى ياثريا .. اوعى اكده بعدي عن البت هتموت في يدك ياحزينه .

- "وانتى مالك انتى .. تتدخلي ليه بينى انا وبناتى اوعى اكده من طريقي سبينى اربي بتى ."
قالت ثُريا جملتها بصوت خشن وجاف وهي تتدفع عفاف بعيدا عنها ثم امسكت الاخيره بمعصمها بقوة مهدده
- ورب العزه يدك لو اتمدت علي مراة ولدى هقطعهالك ياثريا ...

توقفت ثريا في مكانها متحديه
- وانا مش هناولهالك ياعفاف .. وسيبهالك انت وولادك مخدرة .

عفاف بسخريه
- لو تقدري تعمليها يلا ..

اتسعت حدقتا عينيها قائله
- هتشوفي ياعفاف هتشوفي .

ربتت عفاف علي كتفها بقوة
- بلاش تقفي قدام النار وتتوهمى انك هتعدى منيها .. اعقلى واعرفى انني كلنا مجبورين علي الوضع دا ياثريا .. لو كان بمزاجنا مكناش وصلنا للى احنا فيه دلوق .

ثم استدارت ومسكت ماجده من كفها
- قومى يابتى معاي قومى .. شكل امك ادبت وماهياش واعيه لروحها .

 

لقاء التيران وقطه مابينهم .. واقفه امام سليم لتحمى صدره متوسله لابن عمها ( ادهم )
- احب علي يدك ياادهم سيبوا يخرج من اهنه .. وبعدين تار العتامنه مش بياخدوه من ضيوفهم .. هتودى نفسك في داهيه .

نيران الغضب والكره احتلت كيانه .. ممسكا بسلاحه نحوه وقطرات العرق تتصبب من جبهته
- لسه حسابك مجاش انتى .. تقلقيش هتتدفنى جمبه اللي زيك تستاهلش تعيش لدقيقه مسلمه نفسها لكلب ولا يسوا ..

اندفع سليم بصوته الاجش
- ماتتلم وتخلص وتقتلنى لو راجل وتقدر تعملها ولا انت اخرك كلام وبس،، وانا شايف انك تعملها وتخلص عشان لو طلعت علي رجلى من اهنه اتاكد مش هسيبك عايش فيها ساعه ياابن ساميه .. عارف ساميه ولا افكرك !

ندبت وجد علي خديها بمراره ثم استدارت نحوه بصراخ
- اسكت ياسليم اسكت متولعهاااش .
قبل ما تنهى جُملتها مسكها ادهم من شعرها بقوة والقي بها بعيدا حتى ارتطم جسدها ارضا .. ثم وجه سلاحه نحو سليم

-كنت مخططلك لموته اوسخ من اكده .. بس يلا هرحمك بدري بدري ..

وفي لمح البصر ركله سليم بقوة في بطنه .. وبكفه رفع ذراع ادهم لاعلي ولف جسده هامسًا في اذانه بشماته
- مش ابن الهواري اللي يتقتل علي يد ابن رقاصه .

احمرت عينى ادهم متأوها من قبضه سليم الحديديه علي عنقه .. ضغط بكل قوته علي مشط رجله ثم ضربه برأسه في انفه مما جعلته يتراجع للخلف ويسيل الدم من انفه ..

شهقت وجد بصوت عالٍ: خلاص ياادهم عااد .
تجاهلها تماما ثم ركضت نحو مكتبها لتحضر شيء ما .. وعلى حدا انهال ادهم بضربات متتاليه علي سليم اخلت اتزانه .. لازالت وجد تترقبهم بعيون متراقصه علي اوتار الخوف وجسدا مرتعشا وهي تعد في حقنتها المخدرة .

استجمع سليم شتات قواه وحاصر خصر ادهم بذراعيه ودفعه بقوة للخلف مما تسبب في سقوط ستائر ركن الفحص .. تبادلت الادوار من مدافع لمهاجم يسدد ضرباته بحرفيه قتاليه حتى اسقط جسده ارضًا ..
" شوفت بقي قيمتك ضربتين رقدوك في الارض زي الخروف .. اجمد اكده وخلى امك تغذيك شويه ياحيلتها "

قال سليم جملته بشماته وهو يميل ليقترب من سلاحه الملقى ارضا .. فاجئه ادهم بساقه اللاتى التفتا حول خصر بقبضه حديديه جعلته يرتطم بالارض ثم مسك ادهم سلاحه ونكث فوق بطنه وهو يلتقط انفاسه بصعوبه يلكمه بلكمات قويه ومتتاليه حتي شد اجزاء سلاحه
" اتشاهد علي روحك ياسليم "

وقبل ان يهم بتنفيذ مخططه غرزت وجد حقتنها المخدرة في عنقه شلت حركته فى التو واسقطته ارضًا فجلست علي ركبتيها متلهفه
- سليم سليم .. فيك حاجه ؟!

لازال ممددا بجسده ارضًا
-بيضرب ضرب غبي قوى ابن عمك دا .. شكل الغباوة عندكم وراثه ..

نفذ صبرها من مزاحه فقالت
- طب قوم يلا امشي عشان رجالته تحت متنطورين ..
- فكرك خايف منه انا اياك .. سباع الهواري لحمهم علقم .

- طب سيبك من الهري بتاعك دا .. ويلا قوم اطلع من الباب الورانى يلا قبل مايفوق .

ساعدته في النهوض .. تحرك نحو الباب ليخرج ثم توقف فجاة و قفله مجددا كإنه تذكر شيئا ما
وجد بقلق: في اي تانى ؟!

جز علي شفته السفليه
- الواد دا كان جاي يعمل ايه اهنه ياوجد ؟!
نفذ صبرها
- انت مصمم تنقطى ليه !.. وانا اش عرفنى يعنى .

اقترب منها اكثر
- كيف اش عرفك .. وبأي حق يفتح الباب اكده من غير مايستأذن ؟

- يامري انا يامه .. وهو فتح عليا باب اوضتي اياك .. دى مستشفي ياسليم لو كنت نسيت .

قطع حديثهم صوت رنين هاتفه المحمول .. التفت سليم خلفه وجده علي مكتبها
- دا محموله صح ؟!

ضربت وجد جبهتها برفق
- يبقي اكيد دا اللي رجعه .. شكله نساه لما كان اهنه .

احمرت عينى سليم ومسك معصمها بقوة
- كان اهنه كيف ؟! انت مالك النهارده مش واعيه لكلامك ليه .. ولد المحروق دا كان يعمل اهنه ايييييه ؟!

تأوهت من قبضته قليلا
- ودا وقته ياسليم يعنى! .. امشي دلوق وبعدين نتكلموا يلا عشان خاطر وجد عندك .

اغمض عينيه قليلا متخذا نفسا عميقا
- طيب ياوجد .. طيب لكن عظيم يامين تلاته هااااا سمعانى لو سمعت ان الكلب دا بس حاول يتكلم معاكى لاطُخك واطخه فهمانى قولت ايه ؟!

ارتمست ابتسامه خفيفه
- وتهون عليك وجد حبيبتك بردك ياسليم !

نظر اليها بعيون ضيقه قائلا بغمز
- ماهى ماتهونش لا .. بس خليها عاقله وتسمع الكلام اكده عشان اعشقها اكتر .

اتسعت ابتسامتها اكثر وكإن كلماته مخدر من نوعٍ فريد تنتشي بهم حواسها لتغيبها عن الوعى .. فاقت من اعذوبه كلماته سريعا
- يلا امشي عااد احسن حد يجي يلا .

قال ممازحا
- اتنيلى انتى بمكتبك اللي ف اخر دور دا لو اتقتلتى فوق مافى حد هيحس بيكى .

ضحكت بصوت مسموع: طب يلا بره يلا ورايا شغل

اقترب من الباب فتحه ثم قفله سريعا كإنه تذكر شيئا اخر
وجد بملل: ف اي تانى ؟

سليم عضه علي شفته بغل: هتقعدى مع الكائن دا لوحدك اياك .. يلا يلا قدامى .. بلا مياعه وقله ادب !

- ياخى انت بتفكر في حاجات غريبه .. ماهو راقد اهو هيعملى اي يعنى!

مسك معصمها وسحبها خلفه وهو يفتح الباب
- من غير مُناهده يلا قدامى .. ولما يفوق ابقي يتقلع علي اي مصيبه إلهى مايوعى يفوق .

" يعني اي يااغبي دا يحصل !"

نطق مجدى جملته منفعلا ومضجر
محمد مستفهما: خير يامجدى في اي ؟!
اشار له بكفه اشارة توحى بسكوته ثم اكمل كلامه قائلا
- بص معاك ٢٤ ساعه وتعرفلي مين ورا المصيبه دي .. وإلا ما حد هيشيلها غيرك يايُسري

ثم قفل هاتفه وألقاه جنبًا متأففًا
محمد: حصل ايه يابنى ماتنطق .
- اووف كنت مظبط كل حاجه .. معرفش ايه اللي حصل .
- ايوة بقي هو ايه اللي حصل ماتنطق .

جلس مجدى امامه وهو يزفر بقووة
" ورق الشحنه الجديده اتسرق .. والمصيبه ان الشحنه دي كنت داخل فيها براس مال الشركه كله يامحمد "

- طيب واللي سرقه ممكن يستفاد اي من حركه زي دي؟

= ازاى يعنى ! اكيد الشركات المنافسه هتعرف سر جودة وصلابه الحديد عندنا وهتقلدنا وبكده مكانة الشركه هتتهز .

فكر محمد قليلا: ممم ورطه فعلا .. طيب وهتعمل ايه .

اجابه بثقه: متقلقش كنت عامل حسابي لحركه زي دى .. بس لازم اسافر حالا .

- تسافر ايه بس والفرح اللي بعد بكرة !
= تقلقش مش هتاخر ..

قطعهم دخول السليم الذي اصابهم بالدهشه
محمد بذهول: يخربيتك مين مشلفطك اكده ؟!

بعده سليم عن طريقه محاولا الجلوس علي اقرب مقعد
" اسكت مش حمل كلمه الله يخليك "

تبادلت الانظار فيما بينهم .. ثم اقترب محمد من اخيه ليتفحص كدماته ممازحا
- من خلال خدمتى في طب ٧ سنين حاسس اللي بصم علي وشك اكده كائن عتمانى غبى ...

ازاح سليم يد اخيه قائلا: قصر طاب ورحمه ابوك .
ضحك مجدى ومحمد سويا
" ايدهم تقيله قوى الناس دول .. بس انت تستاهل كان ايه وداك عندهم "

- وبعدين فيكم انتوا الجوز .. مهملكم وماشي ارتاحوا.
قال سليم جملته بتعب وهو قائم متأهبًا للذهاب فوجئ بأمه بصحبة ماجده خارجين من المطبخ .
- وادى ياستى سليم رجع .
قالت عفاف جملته ممازحه بدون ما تلتفت لجروحه .

" مالك ياسليم جري لوشك ايه "
قالت ماجده جملتها وهى تندفع نحوه بلهفه تابعتها عفاف
- مالك ياولدى حوصل اي ؟
جز علي سنانه غاضبا قائلا بصوت منخفضٍ
- باينلو نهار اسود .. - ثم رفع صوته - حادثه عربيه ياعفاف اطمنى بسيطه

دنت منه ابنة عمه ويكاد قلبها ان ينشطر خوفا عليه
" بس وشك تعبان قوي .. ماتتصرف يامحمد "

تجاهل سليم وجودها وكلماتها نهائيا وتركها غير مبالى لاهتمامها
- فوتكم بعافيه .. هانم مش عاوز حد يصحينى .
- ياولدى طمنى عليك بس

- قولت زين ياعفاف خلصنا .
قال جملته وهو علي اعتاب السلم وتركهم ذاهبا لغرفته .

 

بعد مرور ساعتين فاق ادهم من سطو نومه متألما غير متزن محاولا استجماع واسترجاع الذاكره .. فتح باب المكتب يبحث عنها فسأل احدى الممرضات

"الدكتوره روحت تشوف الست الكبيره بيقولوا تعبت فجاة ."

واضعا كفه علي عنقه كالسكران الذي للتو فاق من سُكره مغادرا المستشفي لم يجد احد من رجاله .

صعد سيارته وقادها بسرعه جنونيه الي ان وصل البيت .. وجد احد رجاله فطبق علي عنقه بقسوه
- كنتوا فين يامتخلفين ؟!
- الست وجد قالتلنا اوامرك اننا نروح معاها ..
ركله ادهم بقوه
- عشان شويه اغبيه ومتخلفين ..
ثم اوشكت رياح وعواصف صوته علي الزمجره والنداء عليها
' ياااااااوجد '

فزعت لنداءه وثرثره صوته
جدتها بوهن: ماله الواد دا !
ارتبكت (وجد): طب ريحي انتِ ياست الكل وانا هشوفه .

كرر ندائه مرارا وتكرارا وفي كل مرة كانت تهتز لرياح صوته الجدران .. زاد قلق وارتباك وجد
" استرها يارب .. ارتاحى انت وانا هشوفه وهرجعلك "

انهت كلماتها فوجئت به مخترقا باب الغرفه وممسك بها من شعرها بقسوه وعنف ويسوقها خلفه كما تُساق البعير .. ارتفع نواحها الذي جمع اهل البيت كلهم
وصل بها لبهو قصرهم العملاق والقاها ارضا قائلا بقوة وحزم
" اسمعوا كلكم عشان مش هكرر كلامى .. اللي يغلط في البيت دا لازمن يتربي "

اخوها زين الصغير: مالك بأختى وعتمد يدك عليها ليه

قهقهه بسخريه: اييييه واحد عيربى مرته قليله التربيه .. فيها حاجه دي .

انفعل الصغير الذي لم يتجاوز عمره العشر سنوات
" اختى متربيه غصب عنك .. ولو قولت اكده تانى عليها هقتلك "

انفجر ادهم في قهقهته
- طب وسع اكده بس عشان لسه مكملتش حسابى معاها

انحنى ومسكها واوقفها امامه ودار خلفها بهدوء يسمى بهدوء ما قبل العاصفه وبدون مقدمات صفعها بكل قوته علي وجنتها جعلتها ترقص رقصة طير ذبيح في اخر انفاسه .

انهال عليه اخيها واختها وباقي الخدم يراقبون الموقف بذهول ودهشه
" قولت بعد يدك عن اختى "

زاحهم جميعا بقوته للخلف وانحنى ليقفها مجددا امامه صارخا بوجهها
" عاجبك اللي عيحصل دا .. اقسم بالله ياوجد لاربيكى .. راميه نفسك في حضن راجل غريب ومين اللي قتلو ابوكى! "

ابتلعت غصة احزانها بالم شديد
" اخرس .. اخرس ياحيوان .. اللي بينى وبين سليم واحد جاحد زيك مش هيعرفه ولا يقدره .. "

ثم تنهدت بقوة واقتربت منه اكتر متحديه ومحذره
- واقولك علي حاجه كمان ! مش هتجوز غير سليم ياادهم .. ولو عاوز تقتله يبقي هتستلم جثتى قبله .. انت فاااهمنى

كلماتها كانت كعود كبريت مشتغل اُلقي في حقل بترول تحول ف ثوانٍ لثوران ملتهب .. بدون وعي اطبق عليها بقوته وجبروته جعلها تتقاذف كالبندول بين كفيه .. اصبح عدوانه يلتهمها بدون رحمه .. عاجزة علي الفرار منه ..
فوجئ باختها ( ورد) مصوبه البُندقيه نحوه
" اقسم بالله لو مابعدت عنها لاقتلك .. قولت بعد "

وقف ساخرا من فعلها ثم قرب منها بخطواتٍ متباطئه
" هاا يلا يلا اضربي .. هتقدري تضربي وانت جسمك عيترعش اكده .. "

غرز فوهة البندقيه في صدره
" دووسي ياورد يلا عشان يقولوا قتلت ولد عمها اللي كان بيعيد تربيتهم "

التفوا جميعا لصوت رنين هاتف ( وجد) المُلقي بجانبها
انحنى ومسكه فوجد اسم " نور العين "
نظر اليها ساخرا ثم اشار اليها محذرا بالصمت وفتح الاسبيكر اتاه صوت سليم بحنو قائلا
- نبض قلب سليم عامله ايه ؟!
صمت لبرهه ثم اكمل سليم قائلا
- وجدد ! الوووو
اغرورقت عيناها بالدموع وارتعش جسدها اكثر
نطق ادهم ساخرا
" متقلقش قلب سليم هنخلعوه من مكانه عشان يبطل ينبض تانى لناس مش من حقها "

فزع سليم من مكانه كالملدوغ
_ اقسم بالله لو لمست شعرة منها ياادهم ماهيكفينى فيك دم عيلتكم كلها .

قهقهه ساخرا
- هتوصينى ع مراتى اياك !

ثم انهى المكالمه فجاة مما جعله يجن جنونه قام مرتديا لثوبه ووضع سلاحه في جيبه مغادرا غرفته متوعدا له .
" مبقاش سليم الهواري لو سبتك عايش فيها ليله كمان يابن الرقاصه "

دخل ( حيدر ) عمهم الاكبر ليفض نزاعهم
" في اي اهنه .. مالكم "

ركض نحوه الصغير
" الحقنا ياعمى .. ادهم استغل غياب اهل البيت واستفرد بااختى عيضربها .. طخووه وريحنا منه "

زمجر ( حيدر ) بغضب
- مالك ببنات عمك ياادهم .
اجابه في حزم: واحد عيربى مراته .. فيها حاجه دى ؟

اقترب منه عمه: اكتب عليها وبعدين احكم زي ماانت عاوز .. غير اكده هقطعلك يدك لو اتمدت .. مفهوووم .

قرب منه متحديا: وهو انا لما اخش عليها والاقيها في حضن ولد الهواري .. المفروض اعمل ايه .

ارتفع شهيق الجميع واتسعت حِداق عيونهم .. اقترب منها عمها
- الكلام دا حصل يابت سالم !
تراجعت بجسدها للخلف مستجمعه قواها
- لا .. دا كداب ياعمى .

ادهم: انتى اللي كدابه ياوجد .. ولو فاكرة حهتربي بعملتك دى تبقي غلطانه .

- الحب مش غلط ياادهم .
بمجرد مانهت جملتها لطمها عمها بقوه علي وجنتها
- قطع لسانك .. حب اي اللي عتتحدتى عنه .

سالت دموع عينيها بمرارة وحزن
ثم مسك سلاحه ووضعه صوب جبهتها
" بعد اللي سمعته المفروض الخزنه دي تتفجر في نفوخك .. بس انت عارفه غلاوتك عندى ياوجد عشان كده هفوتهالك بس رجلك تانى ما هتخطى عتبة الشارع .. ومافيش شغل مفهوم .. وكتب كتابك علي ادهم اخر الشهر .. يلا اتقلعي من قدامى ".
مجرم الحب هو شخص عاشق مع سبق الاصرارِ والترصد ولابد من نيل عقابه بحكم مؤبد خلف اسوار قلب من يحب... وذلك ما حدث لها نالت عقابها وحُكم عليها بسجنٍ لكن خلف اسوار جافه صلبه لم تعبرها اشعة الرحمه.

جالسة تتحسس جدران سجنها مع غروب الشمس بحزنٍ بالغ وقلبٍ ضامر ممزوجًا بنكهة الفراق والقهر .. اصبح الفرح عدوًا لها كلما حاولت عقد معاهده سلام معه تظاهر بالمسامحه ولكنه عدو خبيثٌ خداع سرعان ما يصطاد فرائسه بالحيل ثم ينقض عليهم بالاسر ..

ورد بأسف:
" هتفضلي ساكته كده علي طول ياوجد ! "

لم تخفض عينيها اللاتى تتأملا السقف بيأس فاجابتها بلا مبالاة
" يعنى هتكلم هقول ايه .. ما خلاص كل حاجه خلصت "

_ لا طبعا ماخلصتش .. واي الياس اللي انتى عتتكلمى بيه دا ! من ميته كنتى ضعيفة اكده انتِ .

= وانا هعمل ايه بس ياورد .. مفيش في يدى حاجه اعملها .

- بس سليم هيعمل كتير ...

اجابتها وجد ساخرة
" سليم هيتجوز ماجده خلاص .. "

ورد بدهشه: انت بتقولي ايه مستحيل طبعا سليم يعمل اكده !

- يلا عادى مش هتفرق .. التيار اقوي من الكل .. وماعيرحمش

ورد بفضول: قوليلي طيب ليه هيتجوزها .. هو جد جديد يعني ؟

وجد بحزن: راجح الهواري عاوز يقوى عود عيلته وقرر انه يجوز بنات ناصر لولاد عادل .

= يادى النيله ... وسليم رضى ؟!

- وهو هيعمل اي يعنى .. غصب عنه .. ماانت عارفه غلاوة جده عنده ...

= طالما انتِ عارفه انه خلاص مصممه ليه تعلقى نفسك بيه ياوجد .. ؟!

خدشت وجنتها دمعه حادة محاولة استعادة ذكرياتها معه
" كل مااقول خلاص وهبعد عنه بلاقينى رجعت له اقوي من الاول .. سليم حاجه مش قابله للنسيان والبعد ياورد .. انتِ عارفه كل مااشوفه بنسي نفسي بنسي الدنيا كلها مابكونش فاكرة غير انى من حقي احضنه وبس .. _ تنهدت بمرارة وحزن _ ربنا مايكتب علي حد عشق ولا يوصلوش "

دمعه انخرطت من طرف عينيها هاربه من بحور الحزن بداخلها كالسجين الذي تحرر للتو .. مسحتها بطرف كُمها ثم اردفت قائله

- انا مش عارفه اشوف ولادى غير منه، هو الوحيد اللي ينفع يكون اب ليا وليهم ...

ربتت علي كتف اختها بحنو
- تقلقيش اكيد ربنا محطش كل الحب دا في قلبك عشان يفرقكم فالاخر ياوجد ...

قبل ان تُجيبها التفتوا جميعا لهتاف سليم الذي هز جدارن غرفتهما

" انا جيتلك برجلي اهو ياحيدر .. اطلع وخد تارك يلا "

ركضت نحو النافذة بلهفه
- يخربيتك ياسليم .. !

خرج ادهم من الباب الخلفى للقصر بقوه وثبات وخلفه اربعة رجال اقوياء البُنيه
- دانت قلبك بقي ميت عاد! وجاي اهنه برجليك ..

تقدم نحوه بفظاظٍه وقوة
- كلامى مش معاك .. كلامى مع اللي ممشيك ..

اوشك ان يطبق علي عنقه ولكنه توقف لنداء عمه الاجش
" ادهم ...اسكت، عاوز ايه ياولد هوارة "

قرب سليم منه بقوة
- جاي اخيرك دلوق ..

لازالت ( وجد ) تترقبه بجسدٍ مرتجف وشلالات من الدمع تنخرط فوق وجنتيها

رد حيدر في ثبات
" ومن ميته حيدر عيتفق مع صغار ... "

انكمشت ملامح سليم غاضبا ثم اكمل كلامه بقوة
- قدامك حل من الاتنين عشان توقف بحور الدم اللي ماهتخلصش دي ... انا قدامك اهو برجلي اقتلنى وخد تار اخوك والدم يقف لحد اهنه .. ياتجوزنى وجد بت اخوك ونتصافوا ونبقوا نسايب .. قولت اييييييه ؟!

نزل حيدر درجتين من فوق سلم قصره قائلا
- العتامنه ماعيقتلوش حد علي ارضهم ياولد الهواري .. ولا دمهم عيبقي ميه واصل ..

اغمض سليم عينيه لبره متأففا
" يعنى ايه .. افهم انك رفضت الصلح ورفضت تاخد تارك "

اجابه بهدوء
- تارنا هناخدوه مش هنسبوه ياسليم .. وياريت تعقل اكده وتسال علي العروسة قبل ماتتقدم .. جاي تخطب واحده مخطوبه !

رفع عينيه لاعلي وجدها تترقبه بعيون يائسه وقلب مُنخلع من خوفها عليه ثم سحب نفسا عميقا فاردف قائلا

- طب زين زين !.. انا جيتلك برجلى لحد اهنه .. بس انت اللي مصمم علي الحرب .. ونصيحه منى المحارب الذكى اللي يقدر قوة عدوه ومايستهونش بيها .. وانت شكلك مستهون وبالقوى كماااان ... خاااااف .

شد اجزاء اسلحه الغفر نحوه اخترقت الاذآن .. شهقت وجد واختها بصوتٍ مرتفعٍ .

اقترب ادهم منه هامسا
- تقلقش هخليك تحب علي رجلي عشان تموت ومش هناولهالك بردو .. شرفت الشويتين دول .

تبادلوا الانظار فيما بينهم ورفع كل منهما رايه التحدي لاندلاع الحرب ..
اكمل ادهم قائلا
- تقلقش هنعزموك علي الفرح ..

ابتسم سليم ساخرا
- عارف ياادهم مشكلتك ايه من زمان .. اه زمان قوى اكده ايام الابتدائيه والاعداديه .. انك دايما عتكون حاطط عينك علي كل وكلة حلوه في يدى .. عارف ليه عشان حماااار بتحب المُستعمل .

ثم تركه لنيران حقده وغله تاكل في احشائه .. وتقرضه علي عجلٍ ..

شرع ان يصعد سيارته ثم توقف للحظة هاتفًا بصوتٍ قوى
- ووعد منى يابت العتامنه مافيش جنس دكر خلقه ربنا غيري اسمك هيتكتب علي اسمه ..

ترك سليم قصر بعدما القي في قلوبها قذيفة كلماته
ادهم مغلولا: انت مفجرتش راسه ليه ياعمى ..

حيدر وكإنه يخطط لشيء ما
" اصبر .. اصبر عمرك ماسمعت عن الحرب البارده "

ادهم بانفعال: حرب بارده ايه .. نفسي افهم انت عتفكر في ايه ؟
- طول ماانت سايق ف الدنيا بلا وعي عمرك ماهتعرف عفكر في اي .. روح شوف مصالحك رووح ..

 

" شوفتيه ياورد وهو واقف قصادهم كلهم وبيقول محدش هيتجوزنى غيره .. شوفتى !"
قالت وجد جملتها وهي ترقص من الفرحه .. كإن كل احزانها تلاشت بمجرد رؤياه

ابتسمت اختها: مش قولتلك سليم مش هيعديها ولا هيسكت ..

سرعان ما بهتت فرحتها مرة اخري
- بس انا خايفه عليه قوى .. ياتري بكرة مخبى ايه !

ربتت اختها بحنو علي كتفها
- متقلقيش .. ربنا هيعوضك ياوجد صدقينى .
= طب عقولك ايه ماتروحى تجيبلي تليفونك اكلم سليم منه .. ادهم المتخلف خد تليفونى اللهى ربنا يااخده ..

- بس اكده من عيونى .. هروح اجيبهولك .

عاد منزله في منتصف الليل منهمكًا بعدما تجول بسيارته القرية بأكملها .. فوجد مجدى امام الباب متأهبًا للذهاب
- علي فين العزم ياولد ابوي ؟

مجدي وهو يرتب ملابسه باستعجال:
- مصلحه اكده في مصر هخلصها وهعاود اخر النهار .

ربت سليم علي كتفه: خلي بالك علي روحك .

- تقلقش .. المهم خلي بالك بس عشان الهواري سهران ومستنيك مخصوص جوه .

- ياليله غَبره ! هو يوم مش عاوز يعدى .. يلا هروح اشوفه عاوز ايه

دلف سيلم الي الداخل مبتسما محاولًا تلطيف الجو
- بقي راجح الهواري بجلالة قدره سهران مخصوص عشانى ..

جده بوقار: شكلك ناوى تجيب اجل راجح الهواري قريب ياسليم.

جلس بجواره متنهدا بكلل
" ليه اكده بس وانا عملت حاجه تزعلك .. ! "
- انت ماعتعملش غير اللي يزعلنى ياسليم .

رد بعفويه: وانت مصمم تعيش سليم زعلان العمر كله ياهواري .

- انا عاوز مصلحتك .
التفت اليه سليم بحماس
=وانا مصلحتى مع البت اللي عحبها ياجدى ..

- الحديت فالموضوع دا خُلص .. عارف ياسليم من غير يامين لو عرفت انك عتبت عتبة العتامنه تانى .. هكسرلك رجليك الاتنين واخليك ترقد اكده جار الولايه.

- ليييه ليه ياجدى مصمم تظلمنى وتجوزنى واحده قلبي مش رايدها .. دانا طول عمري تحت رجليك ودراعك اليمين وعمري ماعصيتك ... مستقوي ليه علي قلبي المرة دى !

ربت جده علي كتفه بحنو
- عاوز مصلحتك ومصلحه اخواتك .. عاوز اروح للي خلقنى وانا مش شايل همكم .. بنات عمكم متربيين زين .. انما بت العتامنه مش هتنفعك ياسليم ... اسمع منى ...

شعر كإنما عضله قلبه تعتصر
- وجد عملت ايه يعنى ؟! غلطت عشان حبتنى ! جدى انت خابر زين لولا اللي عمله ولدك كان زمانى متجوزها دلوق .. ليه مصمم تشلنى ذنب ماليش يد فيه ليييه !

اقترب منه جده بعودٍ منحنى بعض الشيء
- عمري ماكنت هجوزهالك ... اما يجى اليوم اللي تعرف فيه قيمة كلامى ياسليم .. ابقي اترحم عليّ وادعيلي ياولدى .. بلاش تكابر في الغلط عيون الحب دايما عميه وكدابة .. اعقل اكده وفكر زين وبلاش طيش صغار .. انت تربيتى ياسليم وولد قلبى وانا مش هظلمك ... عاوز اجوزك للى تصونك وتصون مالك طول العمر .

قام متأهبا بالمغادره او بمعنى الاصح محاولا الهروب من قذيفه الاوامر التى تصوب فقط علي قلبه مردقا بضيق
- تصبح علي خير ياجدى

وثب جده قائما محذرا
- سليم معنديش اغلي منك ياولدى مش عاوز اخسرك .. جدك عارف هو عيعمل اي زين .. مش دايما الريح هتيجي علي مجاز ( مزاج ) سفننا ياولدى

اؤما رأسه ايجابا: هروح انام

- ربنا يهديك ياسَليم ...

وصل غرفته وألقي بجسده في منتصف مخدعه بكللٍ
ثم قام بتكاسل عندما سمع صوت هاتفه

- ايوة ! مين ؟

" ماهو انت لو قاصد تجننى مش هتعمل اكده .. ٤ ساعات ياسليم عحاول اكلمك وانت مش عترد .. دانا كنت نازله ادور عليك زي المجنونه "

جلس في منتصف مخدعه مبتسما
- احلى مجنونه ف الدنيا كلها .. بس رقم مين دا ؟

= رقم ورد اصل ادهم خد تليفونى .

تبدلت ملامح وجهه لغضبٍ
" بأي حق ياخد تليفونك ولد المحروق ده "

- اهو اللي حصل ياسليم .. ادينا عنتكلم من اهنه مش فارقه عاد .

- ماشي ياوجد .. كويسه انت ؟

= مش كويسه في بعدك ياسليم .. بس يامجنون انت ايه اللي عملته ده .. اتهوست ولا جري ايه لمخك؟!

- والله افتكرت ناسك ولاد اصول بس طلعوا ولاد ستين في سبعين .. قولت مابدهاش .. وهما اللي بداوا الحرب .

= عمى امر بجوازى من ادهم اخر الشهر وحابسنى فالبيت وانا مش عارفه اعمل ايه .. حتى امى واقفه في صفهم ..

اجابها بحيره وضيق في آنٍ واحد
- ولا انا بقيت عارف والله ياوجد غير انى ممكن اولع في ناسك ونجعكم كله لو فكروا يجوزوكى غيري .

= عملت اي في جوازك من ماجده
- ولا اي حاجه .. هتجوزها يوم الخميس .. مافيش مفر

انعقد حاجبيها واقطبها برود كلماته متفوهه بذهول فنظرت في شاشه الهاتف بعدم تصديق ثم عاودت الحديث مجددا
- سليم .. انت واعى لكلامك !

= انت هتغيري ولا اي ! ولا خايفه تاخدنى منك ؟ . . تقلقيش هتكوني التانيه والاخيره .
- مش وجد اللي تخش علي ضرة ياروح خالتك .

اجابها ممازحا
- معنديش خالات والله.

= انت عتهزر كمان !

- مش كفايه انتى عتتكلمى جد .. المهم قوليلي هايتجى الفرح ؟

= واجى اعمل ايه ؟

- تشوفينى وانا وعريس ..
= دانا ممكن اطلع روحك في يدى ..

- يابوى .. انا مش عارف روحى مضايقه بيت العتامنه كلهم ليه .. عيتخانقوا علي مين يطلعها .. هي تهمكم قوى اِكده !

= انا غلطانه انى كلمتك روح اشبع بعروستك وانا كمان عروسه وهتجوز كمان كام يوم .. خالصين .

- اااه هتتجوزى .. هتتجوزى مين بقي ؟!

= هتجوز ادهم ولد عمى .. اهو قيمه وسيما ويسد عين الشمس .

جز علي اسنانه بغيظ
- اه بقي ادهم يسد عين الشمس وبقي دنجوان عصره دلوق !

اكملت مسيرة كيدها العظيم
- اصلا انا فكرت ولقيت البت ملهاش غير ولد عمها .

سليم محاولا اخفاء غضبه

- ودا هيحصل امتى بعون الله اكده ..!

وجد ببرود: مش عارفه عمى قال اول الشهر اكده .. انت اي رايك ؟

- رايي ! تروحى تنامى ياوجد نامت عليكى حيطه انت وسي ادهم بتاعك اللهي تسمعي خبره قريب.

= هو انت غيران منه ياسليم ؟!

فرد ظهره واسند راسه علي معصمه
" اغير ! لا سليم ماعيغيرش عشان لو غار هيحرق قنا بحالها .. ورحمه ابويا ياوجد ماهيجى اول الشهر الا وانت مراتى وابقي يوريني سي ادهم بتاعك ده هياخدك منى كيف "

بمجرد ما انهى كلماته قفل هاتفه متأففا ودخان الغضب يتوهج من عينيه واذانه
" قال تتجوزيه قال .. البت اتخوتت في راسها "

قطعت حبال غضبه رسالتها المُرسله في التو قائله
" ووجد مش هتكون غير مراة سليم الهواري .. تصبح علي خير يامجنون "

كانت رسالتها كالماء النقي علي حقل متوهج بالنيران فاخمدته، قرأها عدة مرات في كل مرة تتسع ابتسامته، فكر قليلا ان يرسل لها اخري ولكنه توقف لبرهه قائلا لنفسه بعند

- طب مش باعت حاجه .. لحد ماتتربي الاول .

 

صباح يوم جديد الموافق الاربعاء من ايام الاسبوع، استيقظ اغلب اهل القصر الفاخر في تمام السادسه صباحًا، اعدت احدى الخادمات صنيه الشاي واللبن وصعدت بها لأعلي _غرفه (ثُريا) تحديدا التى اجتمعت مع بناتها في الصباح الباكر بعد محاولات ايقاظهم بصعوبة بالغه

- حطيهم عندك اهنه يابت واجفلي الباب وراكى .

قالت ( ثريا) جملتها بنبرة آمرة وهي تجلس فوق طرف مخدعها .. ارتبكت الخادمه ارتباكا ملحوظا ثم اومأت بالموافقه
- تؤمرينى بحاجه تانى ياستى ؟

اجابتها بحده
- قولت اطلعى برا واجفلي الباب وراكى .

ماجده باستغراب: خبر اي ياامه ! مابراحه علي البت .

خرجت الخدامه علي عجلٍ واغلقت الباب خلفها ثم اردفت الي اسفل وهي تُحدث نفسها بحيره
- ياتري ست ثريا ناويه علي ايه ؟! شكلها مايطمنش واصل .

حيرتها جذبت انتباه عفاف الجالسه قبالة السُلم
- بتكلمى نفسك يابت ؟!

تلعثمت الكلمات في فمهما ثم اقتربت منها بقلقٍ
- ست ثريا ياام عماد ...

عفاف تركت قطعت القُماش التى بيدها
- مالها ثريا ! ماتتطقي يااابت .

التفت الخدامه خلفها بخوفٍ ثم دنت منها قائله
- مش مرتاحالها وشكلها ناويه للبهوات الكبار علي مصيبه .

نظرت لها عفاف باهتمام
- قصدك ايه يامزغوده ؟
اجابتها بصوت منخفض
- هقولك ...

في الغرفه بالطابق العلوى، اخذت يسر كوب الحليب وارتشفت منه قليلا
- ماتحكى ياامه .. هتفضلى ساكته اكده !

وضعت ثريا كوب الشاي الثقيل بجوارها فوق _الكمدينو_ واتخذت نفسًا مسموعًا ثم اردفت قائله

- انا جمعتكم اهنه عشان تسمعوا كلامى بالحرف .. والبت اللي هتعصانى هدفنها مُطرحها .

عقدت صفوة ساقيها باهتمام
- انا معاكى في اي حاجه تخلصنى من الجوازه دى .. والا هترتكب جنايه فالبيت كله .

يسر بتلقائيه: اي الجنان دا .. لا طبعا .

- اكتمى يااابت ...
قالت ثريا جملتها بنبره تحذيريه قوية جعلت ابنتها تلوى شفتها جنبًا بخوف وتبتلع باقى كلماته بضجر

اكملت ثريا كلماتها وهي تتحرك بينهما بثبات
- انا خابرة راس راجح زين .. ومادام قال كلمه ماهيرجعش فيها ...

صفوة مقاطعه: معناه ايه الكلام دا يامه .

رمقتها بنظرة حادة فهمت مغزاه ثم صمتت لبرهه فاردفت قائله
- تاري مع عفاف مراة عمكم من زمان قوي من حوالي ٤٠ سنه .. وانا مش هسمحلها تنتصر عليّ واصل ...

نورا بهدوء: انا مش فاهمه حاجه يامه .

ثريا بحده: مش لازمن ( لازم) تفهمى حاجه .. تنفذي وانتى وساكته يابت بطنى ..

يسر بقلق: ازاي !

جلست بجوار صفوه بعدما ربتت علي كتفها بحنو
- عاوزه اقهرها في ولادها زي ما قهرتنى زمان ..

اتسعت اعينهم وساد الصمت لدقائق كل منها محاولا استعياب مغزي كلماتها، عقدت ماجده حاجبيها ثم اردفت قائله

- انتى عاوزانا نقتل ولاد عمنا يامه .
هبت رياح صوتها مُزمجره بقوة
- بطلى غباوة .. انا عاوزاكم تموتوهم بالحيا وتكسروا قلب امهم عليهم وتقهروا قلب راجح الهواري عشان يعرف نتيجه قراره ..

فرغت افواهمم مما يدل علي دهشتهم وذهولهم

صفوة بتلقائيه وعدم استيعاب: يعنى انتى خلاص موافقه نتجوزوهم ! بس انا مش ...

ثريا مُقاطعه: اكتمى يابت .. مش عاوزه حديت مالهوش لازمه .. هفهمكم كل حاجه بس في وقتها .. المهم دلوق جوازكم علي ولاد عادل هيكون علي ورق وبس ...

اعتلت الدهشه ملامحهم مُكذبين اذانهم لما استمعوا اليه ..
وقفت يسر مفزوعه محاوله الدفاع عن حبيب قلبها
- كيف اكده يااما .. ماتتكلمى دغري !

وثبت ثريا قائمه بقوة
- يعنى جوازتكم علي ولاد عادل مصلحه وبس .. حمايتكم لحد ماتاخدوا ثروة راجح الهواري كلها وبعدها هنهرب من البلد وقرفها .. ولحد ما دا يحصل عظيم يامين تلاته لو عرفت ان واحد منهم لمس واحده منكم لادفنها مطرحهاا .. وانتوا وشطارتكم يابنات بطنى ! ...

ثم رددت في سرها قائله
- هكسرك في ولادك ياعفاف .. اللي معرفتش اعمله زمان هيحصل دلوق الضعف ...

تبادلوا الانظار جميعا ... منهما من اعتلت ثغره ابتسامه توعد وانتصار ومنهم من اصابه الياس والحزن في مقتل، رمقتهم ثريا بنظرات متحديه متوعده
" ولسه هتشوفوا وتعرفوا انا ناويه علي ايه ..
تجوب غرفتها ذهابا وايابا بقلقٍ يتراقص علي اوتار قلبها، اصبحت معلقه بخطاطيف امل باهت مشوش .. اصبحت تعيش تحت رحمة امر مهددا بالزوال وربما زال ولكنها مُصرة ان تتوهم بوجوده لانه شُعاع النور الوحيد في حياة احتلتها عتمة الفراق .. هو النبض الذي يُثبت تواجد قلبها بداخلها .

تتردد في اذانها اخر كلمه قالها عمها
"دخلتك علي بت عمك زي مااتفقنا اخر الشهر .. ومهرها هو راس سليم الهواري .. وإلا معنديش بنات للجواز "

في ذلك الصباح ارتدت وجد ملابسها متأهبة للذهاب للمشفي لاداء عملها ولكنها صُدمت بوجود جلادها علي اعتاب قصرهم
" مااحنا لو نسمع الكلام هنبقوا حلوين قوووي "
اصدر ادهم جملته من خلفها مما جعلها ترتجف قليلا ثم استجمت قواها معانده لتجيبه متأففه
" مااحنا لو كل واحد فينا يخليه في حاله هنبقي احلى والله "

قهقهه بصوتٍ مرتفع ثم اقترب منها هامسا
- صباح الحُب يابت عمى ..

زفرت بضيق مردفه
- صباح الزفت عليك .. !

تحرك ببطء حتى توقف امامها قائلا بهدوء
- مقبوله منك .. المهم حابب نفطر سوا انا وانتى كأي عريس وخطيبته فالجنينه،، هاااا قولتى اييه ؟!

زفرت بقوة وخطت متاهبه بالمغادرة
- قولت اللهم طولك يااروح بدل ماارتكب جنايه علي وش الصبح اكده .

قبض علي معصمها بقوة مما جعلها تتأوهه بصوت مسموعٍ
" لما اكلمك تقفى تكلمينى عدل .. مفهوووم ياوجد "

صرخت في وجهه بحده
- انت اتجننت كيف ماسكنى اكده .. حوش يدك عقولك ...

اعتصر ذراعها اكثر وهو يقربها منه رغم عنها قائلا بنبرة استفزازيه
- ايييه هتعملى فيها خضرة شريفه ! اش حال شايفك بعنى وااا ...

لطمته وجد بكل قوتها علي وجنته قائله بنبره تهديديه
- اخرررررررس .. انا اشرف منك ومن عشرة زيككك وكلمه كمان مش هقولك ممكن اعمل فيك ايه،، بس هسيبك لخيالك ... وبلاش سكتك دي معااي !

غلت الدماء في عروقه والتهبت عينيه بالغضب، شعرت وكإنما روحها خضعت لمصرعها امام يديه ولكنها التزمت ثباتها وقوتها .. جز ادهم علي اسنانه محاولا تمالك اعصاب ولكن طبعه الصعيدي اسبق بأن يقاوم جيوش غضبه بل انقض عليها بقوته ممسكًا بخيوط شعرها المنسدله خلفها مزمجرا
" هي حصلت عتضربينى عشانه "

تأوهت بين يديه فاردفت قائله بصراخ
" ااااه .. واقتل اي حد يغلط فيّ ويجي علي سمعتى ... بقولك سيبببب شعري ... اااااه يااعمى الحقنى "

دفعها بكل قوته لداخل القصر
- محدش هينجيكى منى .. ورحمة ابويا وابوكى لاخليكى تتمنى الموت ..

وضعت كفيها علي شعرها متألمه محاوله استفزازه اكثر
- ااااااه .. انا مش عارفه انت هتفضل واهم نفسك لحد ميته !... فوق من وهمك فووووووق عمرى ماهبقي مرتك يااااادهم عمررري ... ...

ضغط علي شعرها اكثر وألقي بها ارضًا ورفع كفه لأعلي كي يصفعها بكل قوته ولكن اتاه صوتًا جعل حركه كفه تُصاب بشللٍ .

- يددددك ياولد فؤاااااااااااااد ..

ابتعدت وجد عنه زحفًا محاوله تفادى شره وهي تلتقط انفاسها بصعووبه .. اقترب عمه منه ممسكه بياقته
" انت هتعقل ميته وتبقي راجل ... فهمنى؟ "

اجابه بصوت اجش
- واحد وعيربي مرته .. مالكم انتوا ..

حيدر دفعه لبعيد بقوه
" وهى الرجول بقيت بمد اليد .. والله عااااال ! ومن ميته عنضربوا حريم احنا .. شكلك نسيت قوانين العتامنه "

- لما تكون حريمهم ناقصه ربايه ندفنوهم مش نضربوهم وبس ياااعمى ..

صرخت من خلف عمها بقوه
- انا متربية غصبن ( غصب) عن عينك .. وطالما انا وحشه قوى اكده ماسك فيا ليهه ... ماتسيبنى في حالى .. جااي تتشطر علي ولية ياادهم ..!

ركضت امها ( كوثر ) صوبها بلهفه
- حسكم عالي ليه .. مالك يابت جري ايه ؟!

تجاهلت وجود امها وعمها تماما ثم اقتربت منه بعيون متسعه وبنبره تحذيريه فاردفت قائله
- لو هتضرب فيا كل ساعه بردو مش هنساه ياادهم .. بالعكس كل يوم بقرف منك اكتر .. وبعدين روح اتشطر علي اللي عتقف قدامه جبان كيفك كيف الفريسه لما تقف قدام صيادها ...

فوجئت بأمها تجذبها بقوه من شعرها
- تصدقي انك بت عديمه الربايه صووح والقتل حلال فيكى ...

ارتفع صوت صراخها متألمه
- انا اتقتلت من يوم ماابويا مات يامه .. مش هتفرق عاااد ...

اجتمع حشد القصر يترقبون الموقف بذهول وهم يتهامسون بينهم بأبشع اتهامات الهتك والقذف .. ارتفع صوت عمها بقوه ليقول
- نزلى يدددك من عليها ..

لازالت كوثر تضربها بقوه
" سيبنى اربيها ... ابوها جلعها ( دلعها ) قوي وانا اللي عدفع التمن دلوق "

حيدر بصوت اقوى: قولت بعدي يدك يامره...

دفعتها امها وكلاهما يتلقطان انفاسهما بصعوبه .. اقترب حيدر منها بهدوء
" تعالي معاي يا وجد ... يلااااااا امشي قدامى "

هتف ادهم قائلا بنبره توعديه
" ورحمه ابويا وابوكى ما هسيبه يتهنى بيكى يوم واحد ياوجد ... هقتللللله وهتشووووفى "

اصاب جسدها الوهن وسال كُحلها الذي انخرط ممزوجًا بسيول دمعها فوق وجنتيها وهى تتجه نحو غرفه المكتب .. وقفت امام عمها بخوفٍ وقلقٍ ملحوظ .. ربت علي كتفها ثم اردف قائلا

- انت عاوزه سليم الهواري ؟!

وقع السؤال علي صدرها كالصاعقه .. لم تستوعب صدمة السؤال التزمت الصمت وكإنه الطوق الوحيد لنجاتها .. دار عمها وجلس فوق مقعد مكتبه بهيبه ووقار وفجاة رفع نبرة صوته وضرب الارض بعكازه
- انا لما اسأل تنطقي !

ارتجف جسدها اكثر وبللت حلقها الذي جف
- مم .. ااااه ... اصصص ... اااناااا ...

رفع حاجبه مستفهما
- انطقىىىىىى .

انخرطت دمعه من عينيها رغم عنها بجسد مرتعش ثم حركت راسها بالنفى تأمل حيدر ملامح وجهها بعنايه قائلا
- اااااااااااه ردى !

اجابته بصوت مرتجف
- ل .. ااا ... لالا ياعم ..

اعتلى ثغرة ابتسامه ماكرة ثم وثب قائما
- اومال اي الحديت اللي عتقوليه لولد عمك دا !

ابتلعت ريقها مجددا ثم قالت بتردد
- عارفه انه عيكره ولد الهواري قوى .. وانا وانا عحاااول انتقم منه واخد حقي من ادهم بمجرد سيرته .. وبس اكده ...

التوت شفتيه بعدم تصديق ثم اقترب منها وقبل جبهتها بابتسامه مكر
- كنت متوكد من تربيه اخوى زين ...

شعر قلبها بالارتياح قليلا فحاولت ان تغير مجري الحديث
- عمى انا كنت عاوزه انزل الشغل وادهم مانعنى ... لو تسمحلى يعنى ..

رد مقاطعا: دي حاجه في يد جوزك .. انا ماليش ادخل فيها وهو مش راضي ...

اجابته بحنقه وضيق
- لا ... مش جوزى ولا عمره هيكوووون ..

اغمض عينيه بحده واعتلت جمهرة صوته
- خولص ( خلص) الكلام ياوجد ... تقعدى في اوضتك لحد مانوصلوكي لبيت جوزك وبكده مهمتنا انتهت ...

شرعت ان تُجادل في طلب حريتها ولكنه قطع جميع حبال الجدل .. فوجئت به ممسكا بكفها وسحبها خلفه في ساحه القصر الشاسعه مناديا بصوت جمهوري قوى

- ياااااادهم . . ياااااادددهم ..

ات الجميع مرة اخري لمتابعه مستجديات الحديث وكان من بينهم ادهم متأففا
- خير ياعمى .. على الله تكون كسرت دماغها .

رمى حيدر نظرة ساخرة علي وجد ثم اردف قائلا
- دخلتك علي بت عمك زي مااتفقنا اخر الشهر .. ومهرها هو راس سليم الهواري .. وإلا معنديش بنات للجواز ... قولت اييييه يااادهم !

شهقت وجد واختها التى استيقظت من نومها للتو .. شهقة عاليه في آنٍ واحد وعلي حدا ارتسمت ابتسامه واسعه فوق ثغر ادهم وامها وكإنما بينهما اتفاق سابق علي شيء ما لا يدركه سوواهم ..

وضع ادهم كفه فوق صدره بشماته
- اعتبره حصل ...

فكت وجد قبضه كف عمها الحديديه ثم اندفعت نحو غرفتها ساحبه معها سيول ضعفها وعذابها، ثم لحقت بها اختها الصغري علي عجلٍ

في الوقت الحالي
" اهدى اهدى ياوجد "
رددت اختها جملتها بوهنٍ بَين مُشفقه علي حال اختها .

ابتعدت عنها مسرعه
- انا لازم اكلم سليم دلوق ...

لحقت بها اختها مُجلجلة
- ياوجد استنى بس .. هتكلميه تقوليلو ايه ..

اعتلت شهقتها فجاة وارتمت بجسدها بين ذراعى اُختها بجسدٍ مرتجف وصوت نحيبها مكتوم .. ربتت عليها اختها بشفقه تتسائل ما الذنب الذى ارتكبه شقيقتها في حياتها إلا انها احبت، هل اصبح الحب السلطه الوحيده التي يمكن ان تنقلب عليها الراعيه في هذا الزمان ! ..

ثوب فرحتها اصبح فضفاضًا يسع العالم كله .. متغنجه امام مراتها بعودٍ منتصبٍ تضيق جنب جلبابها علي خصرها بفرحه زاهيه .

- اي رايك كده يانورا .. عباية الحنه عاوزه تضيق شويه .. بصي بصي هخلي الخياطه تاخدها قيراطين من اهنه ...

ثم التفت حولها باستغراب
- نووورا ... انتِ مش معايا خاالص !

بللت اختها شفتيها بطرف لسانها بتوتر
- هااا .. ! في حاجه ياماجده ؟!

عقدت اختها حاجبيها بضيق وهي تقترب منها لتجلس بجوارها
- لااا دانتى دماغك في حته تانيه خالص .. اي اللى واخد عقلك ؟!

ابتلعت غصه احزانها محاوله الهروب من سؤال اختها
- لا عااادى .. معاكى، كنتي عتقولى ايه ؟!

نظرت اليها بعيون ضيقه
- اوعى تكونى عتفكري في كلام امك اللي قالته !

غمغمت نورا بكلامٍ غير مفهوم مما ادى الي اتساع حدقة عيني ماجده باهتمام
- انتى عتكلمى نفسك يانورا ؟!

وقفت اختها متأهبه للذهااب
- نازله انا .. يلا شوفي كنتى عتعملى اييييه ؟!

ثم تركتها وغادرت دون ان تنتظر منها ردًا .. وفتحت الباب صُدمت بوجود عماد امامها، تراجعت خطوة للخلف وعلقت عينيها بعيونه الحزينه، كانت كل نظرة من عينيه مُغريه لمعرفة اجابات لاسئله كثيره بين طياتهما .. رمقها هو بنظره حاده كإنه رأي جنية علي صورة بشر ..

- ازيك ياعماد ؟!
خرج السؤال من بين شفتيها بدون تفكير مما جعلها تضع اناملها فوقهما نادمه .

تنحنح بخفوت بعدما دار وجهه للامام متأهبا للمغادرة مُتجاهلًا تماما سؤالها البريء الذي هرب من ثغرها رغم عنها وتركها وغادر حاملا بداخله نيران تحترق فهو رجل بدون حبيبته كإناء فارغ لا يملأه سوى تواجدها بجواره .

تصرفه جعل قلبها ينخلع من موضعه فانهمرت دموعها بغزاره وكف مرتعش فاستدارت بجسدها وعادت الي غرفة اختها تحتبس اصوات بكاؤها بداخلها وتقفل عليه الف باب، حتى باب الغرفه اغلقته ووقفت خلفه تسند قلبها الذي لم يَكف عن الضرب بجدار صدرها .. ركضت نحوها اختها بلهفه
- نوورا ! مااالك ؟ حصل اييييييه !

لم تكف صوت قهقهته التى انفجرت من فمه محاولا تصديق ما سمعه منها

محمد محاولا التوقف عن الضحك
" يعنى امك بنفسها قالت اكده ! والله امك دي لسعت "

نظرت له يسر باستغراب
- انت عتضحك ؟! محمد مش عهزار والله .

انفجر مجددا في ضحكاته العاليه
- بس امك هزارها حلو قوى .. كيفنى الصراحه .

التوت شفتها جنبا وهي تستند بظهرها علي جذع الشجره الكبيره ثم اردفت قائله
- محمااااااااد ... انت مش مقدر حجم المصيبه اللي احنا فيها .. انا مابقتش عارفه اعمل اي واتصرف ازاي ..

دنى منها ببطء ثم ازاح خصيلة شعرها الهاربه من تحت قطعة القماش المُلقاه فوقه خلف اذنها ولمس وجنتها بحب:
- مصيبه اي بس ؟! ولا مصيبه ولا حاجه وهو انتى لما تكونى مرتى امك هتقدر تنطق اصلا! بطلى هبل ورحى اجهزى اكده .. حنتنا الليله ..

ثم اتسعت ابتسامته مما ادى الي ضحكتها بصوتٍ منخفض بين بكاؤها
- ايوه اكده اضحكى ابو امك علي ابو النجع كله .. امك دى ادبت باين ...

في ساحه قصر الهواري الواسعه الذي امتلأ بعمال الانارة والفرش للاستعداد لاجواء الفرح ..

بعض الرجال واقفين علي السلالام الخشبيه ترفع حبال الانارة الملونه حول القصر ... واخرين يفرشون الارضيه بنشارة الخشب الملون .. وغيرهم من يقوم بوضع الستائر الملونه حول القصر .. ضجه علي غير المعتاد تملاه بفرحه وزهوٍ مميزٍ .

تحرك راجح الهواري مستندا علي كعازه بينهما
" يلااا يلااا شهلوا يارجاله "

- الف مبرروك ياراجح بيه .

- الله يبارك فيك ياولد عقبالك وعقبال اخواتك .

ثم استدار برأسه فاردف قائلا للغفير بصيغه امره
- الدبايح جاهزه ياولد ؟!

الغفير: كله تمام .. زي ما امرت اسبوع كامل الناس كلها مش هتاكل غير لحمه جنابك ..

اومأ راسه بفرحه
- زين زين .. فين الوّلِد مش شايف حد منيهم .

- سليم باشا لسه مصحاش .. وعماد بيه في القصر جوه .. والضكتور محمد راح المشتشفي ..

كمل راجح وخلفه ثلاثه من الغفر كى يشرف علي باقي العمال ..

وصل مجدى مكتبه الفخم لشركات الحديد والصلب متأففا وهو يجلس علي مقعده ثم اردف قائلا للسكرتيره بلهجة قاهرويه

- كل اللي صورته الكاميرات يكون علي مكتبي دلووقتى .

ارتبكت سهي السكرتيره
- حضرتك احنا شوفناهم اكتر من مرة .. ومحدش دخل مكتب حضرتك ... اكيد الورق دا متسرقش من الشركه .

رمقها بنظر ارعبتها
- لما اقول كلمه تتفذ .. مش هتعلمينى شغلي !

ارتجف جسدها رجفه ملحوظه مما زاد الشك فيها
- حاضر حاضر .. اللي تأمر بيه حضرتك ..

تركته سُهى السكرتيره بأرجل متثاقله ونبره صوت مرتعشه وهي تناجى ربها في سرها
- استرها يارب ...

ضغط مجدي علي زر الاتصال بالغرفة الخاصه بالامن
- المسئول عن امن الشركه يطلعلي حاالا ...

ثم اتكأ علي مقعده متوعدا
- مش هرحمك لو عرفت انك انتى اللي ورا المصيبه دى ..

في قصر العتامنه
شد حيدر اخر نفس من شيشته قبل ما يرد علي اتصاله التليفونى
- ايوة ياولد ... فينكم دلوق ... مممممم ... عال عال انا جايلكم اهوو خليكم عندكم ..

ادهم جلس بجواره
- خير ياعمى !

مسك عمه طرف جلبابه ثم وقف
- يلا قوووم تعالي معااي .

رفع ادهم حاجبه متسائلا
- هما الرجاله وصلوا ..

تقدم عمه امامه بهيبه ووقار
- ااه .. يلااااه مافيش وقت ...

تحرك كلاهما صوب سيارتهم المصفوفه امام بهو قصرهم .. كانت وجد واختها تترقبهم باهتمام وحزن بالغ.
اردفت ورد قائله
- هما رايحين فين ؟!

وجد بخوف: ليكون رايحين يؤذوا سليم ياورد ..

ضغطت علي كف اختها المستند فوق السور
- اهدى .. هما صبروا سنه كامله مخدوش بالتار .. مش هيجوا ياخدوه دلوق ..

انخرطت دمعه من عينيها بمرارة
- لا ياورد صبرهم دا قالقنى .. اكيد بيخططوا لحاجه اكبر .. هيقتلوه ياورد ... هيقتلووه ..

تشبثت ورد بمعصمها
- خدى هنا رايحه فين ؟!

زاحت كف اختها بقلق يرعد جسدها: هلحقه ياورد قبل مايعملوا فيه حااجه ...

- ربنا يريح قلبك ياختى ...

استيقظ سليم من سبات نومه العميق وهو يتقلب ببطء في فراشه
- كل دا نوم ياسليم .. اومال لو كان بالك خالى كنت هتنام كد ايييه ؟!

نهض من فوق فراشه بكللٍ القى نظرة علي هاتفه
- اوووف حتى انت فصلت ! هي جاات عليك يعنى !

لفح منشفته فوق كتفه متجها نحو المرحاض

جالسه عفاف بين الخدم وهم يعدون اشهي المخبوزات للافرح .. ثم اردفت عفاف قائله
- يلا يابت منك ليها سمعونا زغرووده اكده ... وانتي ياابت علىّ صوت المسجل دا شويه خلينا نفرحوا ..

- عيونى ياام عماد .. الفرحه عندنا اربعه النهارده .. قومى يابت ارقصي منك ليها ...

راقبتهم ثريا بنظرات تحمل نيران الغل والاغتياظ
احدى الخادمات
" مالك ياست ثريا ماتيجي ياختى تخبزي حلو بنات بيدك .. دي فرحتهم الكبيره وليله العمر "

ضربت فخذها بكفها بغل ثم اردفت قائله بتأفف
- مش لما اكون راضيه عليها الجوازه دي !

خفضت الخادمه صوت ضجيج الاغانى سريعا .. للاستمتاع بالنيران التى اوشكت علي الاندلاع، رفعت عفاف عينيها بفظاظه
- وانتى كنتى تحلمى بجوازه زي دي لبناتك ! جري ايه ياثريا ولا علي رأي المثل الانصاص قامت والقوالب نامت"

وثبت ثريا قائمه بقوة
- لا ياعفاف اقفي معوج واتكلمى عدل واعرفي عتتكلمى ع مين الاول .. بنات ناصر الهواري الف مين يتمناهم .. معاهم شهادات من مصر ومتربين وزينة بنات قنا كلها .. فياريت كل واحد يعرف مقامه زين وتعرفي انتى مناسبه مين !"

رمقتها بنظرة ساخرة
- مش هرد عليكى .. عارفه ليه ! لانه جيه اليوم اللي ربنا يظهر فيه الحق وينصرنى عليكى .. وانا واحده فرحانه بوالدها ومش هتسمح لوحده زيك تعكنن عليها .. عليّ ياابت عليّ الاغانى خلينا نفرحووووا "

كانت كلمات عفاف جيشا هجيما مسلحًا بالغضب مما جعل الدماء تغلى بداخلها لانها مدركه تماما لمغزي حديثها عن الماضي الذي دفنوه سويا ..
عادت عفاف لتصفيق والتهليل بفرحه صُبيانها والفرحه الاكبره بالنصره علي عدوتها اللدودة ..

دخل المسئول عن امن شركات 《الهواري جروب》 مكتب ( مجدى الهواري) مطأطأ الراس

- تحت امرك يابيشمهندس ..

نصب ظهره واتكأ بساعديه علي سطح المكتب ثم اسار اليه
- تعالي اتفضل يا عم جمال ..

- يكرم اصلك يابيه .. والله الواحد ماعارف يودى وشه من حض...

قطعه مجدى بحده
- ما علينا بالكلام ده .. المهم سيديهات الكاميرات السريه موجوده معاك .

رفع رأسه بحماس
- طبعا ياباشا وزي ماامرتنى مفتحمهش غير لما تيجى ..

ثم قدم له حوذة سوداء بداخلها اسطوانات كمبيوتر ( CD ) ووضعها فوق المكتب
- اتفضل اتفضل .. شوف بنفسك ..

- تمام اتفضل انت ياعم جمال ...

فتح مجدي السله وافرغ محتواها بحماس ثم دار بمقعده ووضعها بداخل جهاز الحاسوب باهتمام بالغ .. وبعد برهه من الوقت ظهرت امامه صور متحركه لمكتبه من الداخل .. قدم شريط التشغيل فلفت انتباه شيئا ما .. سرعان ما رجع الفيديو للخلف فوجد صورة سكرتيرته الخاصه تتسلل مكتبه فى الخفاء لارتكاب جريمتها .. راقب مجدى تصرفاتها بغضب شديد، قفل جهازه الحاسوب متوعدا

- يابت ال*** ...!

وصل ادهم بصحبة عمه الي مخزنهم السري بحرصٍ شديد .. وجد مجموعه من الرجال في انتظارهم .. القى عليهم ادهم التحيه

- كيفكم ياااارجاله ..

صوت جمهوري قوى
- نورت ياادهم باشا

وقف عمه حيدر بالقرب منهم
- كله تمام ؟!

احدهم اردفت قائلا
- عااااين بنفسك ...

- شووف يااادهم شغلك ...

نكث ادهم علي احد ركبتيه ممسكًا بكيسٍ ابيض، ليتذوقه بانتشاء بَين، وضع اصبعه المنغمس بالمخدر داخل فمه وبعد قليل من الوقت رفع حاجبه مع التواء شفته جنبا تبدو عليه معالم الفرحه والسرور .

اقترب من عمه كالمنتصر فالمعركه هامسا في اذانه
- كله تمام ...

اتسع ثغر عمه مسرورا
- عال عال .. هاتلهم فلوسهم ...

انكمشت ملامح ادهم سريعا
- مش لو (وجد) بت اخوك تطاوعنا وتشتغل معانا الشغلانه دى هناكل الشهد .. ويبقي زيتنا في دقيقنا وقرشنا مايطلعش برا ...

تنحنح عمه بخفوت
- تقلقش هيحصل .. بس كله بآوانه ..
- مش قلقان بس مقهور علي دراستها ٧ سنين وفالاخر مش مستفدين حاجه . ..

- بلاه حديتك العفش ده .. روح هات حق الرجاله يلا ..

ضاقت عينيه متوعدا
- اللي مستنيكى تقيل قوى يااوجد ...

في قصر العتامنه
" سليم ماعيردش ياوورد ومحموله مقفول "
لازالت تجوب غرفتها ذهابا وايابا بحيره وتوتر .

- اهدى بس اكيد فصل شحن ..

تنهدت بضيق
- لالا قلبي مش مستريح واصل .. انا لازم اقابله .

اتسعت حدقه عيني اختها بدهشه
- اقصري الشر ياوجد .. وخافي علي سليم عاد

- هي خلاص خلصت !

- كيف ؟! قصدك ايه ...!

- انا وسليم هنهربوا الليله ..
"خدعوك فقالوا ان الناس سواسيه كأسنان المشطٍ في مُجتمعٍ اصلع المبادئ .. "

في سياره _الجيب شيروكى_ الخاصه ( بأدهم ) الذي يقودها بنفسه ويجلس بجواره عمه ( حيدر ) في ثوبه الصعيدي يتفقد الطريق بذهنٍ منغمس في بئر مخططاته الدنيئة .. دار ( ادهم ) مقود سيارته بعنايه وخلفه سيارة آخري من الحرس فتنحنح بخفوت قائلا:

- ماهو انت ياعمى لو تفهمنى ناوي علي ايه .. هرتاح ؟

ألقى عليه نظرة خبيثه
- اسمعنى .. هتروح تراضي بت عمك وتنزلها شغلها .. وبطل بخ سم من خشمك ... عاوزين نكسبها النسوان مابتجيش بالعند والقسوة ...

فرمل سيارته فجاة ثم اردف قائلا بعصبيه
- شغل في عينها ياعمى ... علي جثتى تنزل شغلها تانى ...

- اسمعنى واااهدى اكده وبطل حنبله زياده .. وجد تنزل شغلها ويدك مااتتمدش عليها تانى سامعنى ؟

عاود في التحرك بسيارته وخلفه سيارة الحرس الذي اصيب كل من بداخلها بالاستغراب لوقوفه المُفاجئ

- طب فهمنى ليه ؟!

اردف عمه قائلا بهدوء
- انا خابر زين علاقتها بولد الهواري .. مش مغفل ولا مختوم علي قفااي .. بس احنا محتاجين لها قوى اليومين اللي جاايين ونقطة ضعفها الوحيده هي سليم .. اول ماناخدوا مرادنا هنخلصوا عليهم كلهم وانت ابقي اتصرف مع مرتك عاد ..

اعتلت ثغرهم ابتسامه ماكرة لما يخططوا له
- تعجبنى ياعمى .. وانا بردو مكنتش مرتاح لسكوتك دهون .. كده اللعب هيحلو ...

اجابه بثقه
- كبير العتامنه ماعيسكتش علي الحال المايل .. المهم عاوزك تجهزلى زياره حلوة اكده نروحوا بيها للهوارة نباركلهم ..

اتسعت حدقة عين ادهم بدهشه
- كييييييف اكدددده !

" حبيبة قلب ابوها مين واخد عقلها اكده "
طبع قُبله خفيفه فوق جبهة ابنته الجالسه في الجنينه وبين يديها كتاب يبدو عليه انه سلب عقلها حتى تناست تواجد الخلق حولها .. قفلت كتابها مبتسمه

- كنت بقرأ كتاب طوق الحمامه في الاُلفه والالاف .. الكتاب دا فظيع يابابا ...

دار بجسده حتى جلس بجوارها مبتسما متذكرا شيء ما
- اااااااااه ابن الحزم .. والادب الاندلسي واجمل مااختتم به الكتاب " قبح المعصية، وفضل التعفف؛ ليكون قد أحاط بالحب من كل جوانبه"

اتسعت ابتسامتها ثم اردفت قائله بغمز
- الله الله .. سالم بيه متابع وشكله عايش حب قديم من ورايا ..

اجابها بهدوء
- الانسان مايقدرش يعيش من غير حُب ياوجد ...

نهضت مسرعه لتجلس بقربه بفضول وشغف
- طب احكيلي احكيلي ...

اجابها ممازحا
- اسكتى يابت انتى عاوزه كوثر امك تيجى تغتالنا دلوق ...

ضاقت حدقه عينها
- بقي جناب سالم بيه عتمان .. مدير اكبر مدرسه في قنا خايف؟! ...

ارتفعت ضحكته قائلا بصوت منخفض
- اشششش بنقصر الشر بس .. المهم سيبنا منك وقوليلي عامله ايه ياقلب ابوكى ؟

- انا تمام ياابوي .. وبقرا كل الكتب اللي عتجيبهالي وحفظتهم صم .. وكمان مش مقصره في حق كليتى وهتبقي ابو الدكتوره ياابو زين ..

احتضنها بحب وطبع قُبله اخري علي جبهتها
- طيب وسليم اخباره اييه ..
توردت وجنتها بخجل وابتعدت عنه بارتباك
- هااا سليمممم ! ماله ؟ والله ياابوي مابكلمه وكل مايحاول يكلمنى بديله فوق دماغه . . وببعده عن طريقى ..

وضع ابهامهه فوق شفتيها
- اهدددددى وبلاش عرق العتامنه المتمرد ده .. سيبك من كل الكلام ده .. وعاوزه اعرف قلب وجد فيه مين ...

مسكت كتابها بارتباك وتوتر شديد ووثبت قائمه قائله بعجلٍ
- ممممم هاااا ... طيب انا همشي دلوق اشوف امى لو محتاجه حاجه ...

قهقهه والدها بصوت عالٍ علي حركاتها الطفوليه المتمرده ثم اردف قائلا بصوت عالي بعض الشيء
- طيب خلاص انا عرفت هرد عليه اقوله اي لانه كان ناوي يتقدم رسمى وانا قولت اخد رايك الاول .. شكله اكده مافيش نصيب ...

وقف منتصبه في مكانها لم تصدق ما قاله والدها كالمومياء التى لم تخرج عن صمتها بعد .. احمرت وجنتها اكثر وسرعان ماركضت امامه تلك الصغيره التى هاجمها الحُب بدون رحمه .. ركضت محاوله الاختباء والانفراد بقلبها كي تدويه من ضجيجه المربك .. وجدت نفسها عاريه الافكار والقلب امام والدها قيصر الحب والرومانسيه ...

تنهد والدها بصوت مسموع
- ربنا يفرحك يابتى ويبعد عنك شر العتامنه ...

في الوقت الحالى ¤¤¤¤¤

فاقت من شرودها وهي تتحسس كتاب " طوق الحمامه بين الالفع والالاف " ودموعها تنهمر فوق وجنتها .. حضنته بحزن
- ابويا مشي بس انت اللي باقيلى ... وحشتى قوى ياابوي ووحشنى حضنك ووحشنى كلامى معاك .. ااااه لو كنت موجود دلوق معاي مكنش كل دا حصلي .. اهوو حصل اللي كنت خايف منه، العتامنه استقووا عَلِيّ ياابوى .. طب هو ينفع ترجع اعترفلك بحبي لسليم اللي كنت اداريه منك مع انك عارفو وتمشي تانى ... انت اللي علمتنى كيف احب ومشيت قبل ماتشوفنى نجحت فالامتحان ولا لا .. فهمتنى ان الحب حق مكتسب بس مقولتليش ان مافيش حب من غير تمن .. .. طلع تمنه غالي قوي ياابو وبتك رصيدها من القوه نفذ خلااص ...

دلفت ( سهى ) مكتب مجدى عادل الهواري بأرجل متثاقله وعيون ترتعش خوفا، بصعوبه استجمعت قوة عضله لسانها بعدما بللت حلقها لتقول
- في حاجه حضرتك ..

ابتسم ماكرًا
- تعالي ..
ازداد خوفها فأقدمت نحوه برعب
- هو حضرتك وصلت لحاجه بخصوص الورق؟!

اومأ رأسه ايجابا
- آآه .. كان في كاميرات سريه في المكتب عرفت من ورا سرقه الملفات ...

اراد مجدى اللعب علي اوتار خوفها اكثر كان الخوف والقلق ان يشق قلبها
- م .. مش فاا فاااهمه حضرتك ..

تنهد مجدى تنهيده ارتيااح وثقه ثم اردف قائلا
- يسري .. المستشار القانونى .. عارفااه .. اخر حاجه كنت اتوقعها ان يسري يخون .. _ثم نظر لها بغمز_ والله البنى ادم دا غريب تمدله يدك عشان تساعده ينهشها ...

داعبت شفتيها الذهول حتى اردفت بتلقائيه
- لااا .. از ازااي .. م مش معقول ... !

نظر لها بعيون ضيقة
- هو اي اللي مش معقول .. ؟!
ارتبكت اكثر
- انه يسرق وكده يعنى .. اصلو من زمان في الشركه وووو

وثبت مجدي قائما بهيئته المنتصبه ونظراته الثأريه
- وانت مستغربه ليييه .. روحى ابعتيله وتعالي ..

هزت رأسها بتوتر وجسد مرتجف بعدما تنهدت تنهيدة ارتياااح دارت بجسدها مسرعه للخارج ..

التوت شفتيه ببسمه خفيفه كإنه يستشعر فرحه انتصار عجيب .. ثم رفع حاجبه بثقه كإنه التقط مخه فكرة مااا، جلس فوق مكتبه ثم ارسل رساله نصيه لاخيه محمد
" ابعتلي رقم صفوة "

القي هاتفه فوق سطح مكتبه متكئًا بظهره للخلف متنهدا
- ياااصفوووة .. ! صبرك عليااا ...

اعتلى ثغره بسمه ماكرة متسائلا 《《 كيف لرجل ان يتحرر من قيود امرأة استعبدته عشقا !》》

أصوات موسيقي صاخبه تخترق الجدران وحركه اهل المنزل من خدم وغفر لمعاونة اصحابه .. دلف سليم الي مطبخ القصر وجد امه فاردف قائلا
" في حاجه تتاكل ؟! "
قاال جملته وهو يفتح باب الثلاجه باحثا عن شيء يأكله .. غسلت والدته كفها قائلة
- طب استنى شويه يكون الطباخ خلص الوكل واتغدي بالمرة ..

تناول ثمرة تفاح يأكلها بغل وكإنه يتنقم من احزانه فربتت امه علي كتفه مردفة
- مالك ياحبة عينى ؟!
جلس فوق معقد الطاوله التى تتوسط ساحه المطبخ
- عاجبك انتى الوضع دا يامه ؟!
اردفت قائله بحنو
- مااجده بتحبك ياولدى ...
اجابه بتلقائيه وتأفف
- وانا مابحبهااش يامه .. عشوفها كإنى شوفت عفريت قدامى عتجنن اكده ..

- يا ولدى البت غلبانه والله .. ادى قلبك فرصه وهتحبها ..
احمرت وجنته بدماء الغضب قائلا
- وانا مابحبهااش ومش من حق اي حد يقولى اعمل ايه .. محدش له الحق يرسملى طريقى .. مش مسموح لحد يشوف حياتى بعينيه .. مش مسمووح ياامه تقولولي احب مين واعيش مع مين .. دى حياتى مش حياتكم .. ذنبى ايه انا الملم ورا ناصر الهواري واشيل شيلته ... قوووليلى؟!

انخرطت دمعتين واحده من عين امه والاخري خدشت وجنة ماجده ابنة عمه فاكمل سليم قائلا وهو متأهبا للمغادرة
- انا هعمل اللي طلبتووه منى .. بس النتايج استحملوها انتوا .. مش عاوز حد يلومنى ...

خرج من المطبخ فوجدها امامه تنهمر دموعها بغزاره رمقها بنظرة ساخطه وتقدمه خطوتين للامام ثم توقف فجاة وعاد واقترب منها
- اظن انك سمعتى قولت ايييه .. عشان متتفاجئيش

القي عليها قذيفه كلماته الناريه التى فجرت عبراتها من عيونها وتركها تسبح في بحور احزانها بدون ما يتحرك له جفن الرحمه، اصبح صوت شهيفها يعلو، اصبح يؤلمها من الداخل، اصبح حزنها يضاجع حبها فينجيب عشقًا لايُداوى، كلما قررت ان تستقوى علي نفسها وتموت حزنا بداخلها ياتيها تؤامه راكضًا .. جلست فوق عتبه المطبخ بعد ما ارهقت ارجلها لم تقدر علي حمل جسدها المُثقل بالهموم .. وقفت عفاف عاجزه فهى الاخري وضعت في نيران لم ترحم .. نيران تحرق فلذه كبدها ونيران اخري تأكل قلبها فإنها تري امام عينها قلب يحترق ويتبخر كما تبخر قلبها في ماضٍ كلما قررت دفنه حاصراتها اشباحه مجددا وطوقت علي عنقها حبل مشنقة النسيان ...

" العروسة جهزت ولا لسه كسلانه "

وصلت تلك الرساله النصيه علي هاتف صفوة المنغمسه في مركباتها الكميائيه .. فالتفت لصوت رنين الهاتف وهي ترفع نظارتها الطبيه وجدت رقمًا مجهولا .. رفعت حاجبها متعجبة
- مجدى ! معقوله ؟!

قررت تجاهل الرساله بعد محاولات عديده .. فعقل المراة حينما ينتابه الفضول يجعلها طفل سذاج لم يصمت الا عندما ترضيه ...

بعد عدة دقائق عاود الاتصال بها .. فانه يجد اثناء حديثه معها انتشاء عجيب لجميع حواسه .. لم يقل فضولها عن الاول وبعد تفكير وحيره قررت الرد بتأفف
- افنددددم !

اعتدل في جلسته محاولا مزج الحب مع العتب واللوم
- انتى ازاي تردى علي رقم متعرفهوش ياااااهاننننم ..

اتسعت حدقة عينيها بدهشه بالرغم من اعتقادها بهوية المتصل ولكنها لم تجد تفسيرا واضحا لدربكتها
- انت جبت رقمى منين ... وبأي حق اصلا تكلمنى ..

اتسعت ابتسامته ثم وثب قائما يبعد ببطء عن مقعده ثم اردف قائلا باللهجه القهراويه
- اولا لما تتكلمى توطى صوتك .. ثانيا تجاوبي علي اد السؤال عشان اللماضه انا مابحبهااش .. ثالثا ودا الاهم الجميل اخباره ايييه ... ؟!

زفرت بعصبيه علي برود اعصابه وبدون اي مقدمات انهت المكالمه باغتياظ
- طلعلى منين دا بس ياربي وانا كنت ناقصاها ماطول عمره عايش فالقاهرة ومش بنشوف وشه .. شكلك هتتعبنى اوي ياسي مجدى .. طيب انت اللي اخترت ..

لم يعاود مجدى اتصاله لانه بل اكتفي بغيبوبه الضحك التى اصابته، شعر بانتصار عجيب ملأه .. اثناء قهقهته دلف السكرتيره بصحبة المستشار القانونى للشركه .. تبدلت ملامحه للضيق ثم عاود ليجلس علي مكتبه بثبات
- إلا قولى ياسيادة المستشار عقوبه سرقة اوراق رسمية فالشركه ايه !

قضب مجدى حاجبيه ثم اردف قائلا وهو يجلس امامه
- دى جريمتين ياباشا خيانة امانه وسرقه .. والعقوبه التحويل لمجلس تأديب اقل حاجه وبتنتهي بالفصل ...

رمق سهى سكرتيرته بنظرة حاده اربكتها اكثر
- اممم طب عاال اوي .. وانت اي رايك في سرقه اوراق اكبر مناقصة من الشركه ..

تنحنح يسري بخفوت
- اللي تشوفه حضرتك ...

رفع مجدي عينه نحو سهى
- طب نشوف راي الاستاذة سهى ..

تراجعت خطوتين للخلف بجسد مرتجف قائله بتوتر
- وانا مالي ياامجدى بيه ... اصللل

دار بمقعده مقاطعا وهو يفتح شاشه حاسوبه
- اصل انك حراميه ... شوفي كده ...

انتفض جسدها وانهمرت دموعها
- والله هقول كل حاجه .. بس ماتقطعش عيشي ..

ابتسم بخبث
- هاا سامعك .. مين وراكى ؟! ...
فركت كفيها بارتباك ثم اردفت قائله
- اا .. اددهم باااشاا .. والله ضحك عليااا وفهمنى اننا هنتجوز وووو ..

وقف بذهول
- ادهم فؤاد ؟! العتامنه !

اومات راسها الملطخه بالدموع ..
- والله انا غلطانه .. انا اسفه حضرتك .. انا معرفش عملت كده ازاي ...

تنهد مجدي بهدوء
- يسري عاوزك تتصرف .. تاخد حسابها وبزياده كمان وماشوفش وشها هنا تانى ...
ثم رمقها بنظرة معاتبه
- اظن كده عدانى العيب .. يلا اتفضلوا ...

اخذت سهى تجري خيبات الالم والندم معها
- يسري استنى ...
قالها مجدى بثبات
- اوامرك ياباشا ...
انتظر مجدى خروج سهي ثم اردف قائلا
- ورق الشحنه الجديده يطلع والعماال يبداوا يشوفوا شغلهم .. اللى كنت قلقان منه حصل خلاص .. نفوق لشغلنا بقي ...

ابتسم يسري ابتسامه انتصار
- حاضر يابيشمهندس ..

خرج يسري ثم لملمَ مجدى شمله متجها لقنا باستعجال
- راجعلك ياست صفووة ...

 

لازال سليم يجوب بسيارته بين الغيطان محتارا سائما في قدره المنتظر .. لازالت ماجده تنزف خيباتها ووجع قلبها علي هيئة دموع تأكل في وجنتها .. ولازالت النيران تنهش في قلب وجد بقلق وتوتر .. غيابه بالنسبة لها اصبح مريبا ..

انتهى النهار واعتلت صوت دقات الطبول واغانى السيدات الصعيديه والتصفيق والتهليل ... وخروج صوانى الطعام الممتلئه بأشهى المأكولات صفا منتظما فوق اكتاف الغفر ... غمر قلب راجح الهواري لفرحه احفاده فاليوم تخطى اول مرحلة من تحقيق مراده ...

" في مملكة العتامنه "

دلفت وجد سلم قصرهم بعد ما بلغ خوفها لذروته .. فوجئت بحركه غريبه في قصرهم .. اسرعت الخطى نحو اخيه

- زين الحاجات دى راحه فين ؟!

اخيها الصغير مرتديا ثوبه الابيض الصعيدى اردف قائلا
- فرح الهوارة اليوم .. وعمك صمم يروح يباركلهم ...

امتلأت عينيها بالدموع قائله بدهشة
- جري له ايه ... كيف مابينهم دم وتار ودا رايح يباررررك ...

لم ببال اخاها لحديثها بل اردف قائلا
- اي رايك فيّ انفع عريس ؟!

رفعت كفها من فوق كتفه وهي في حاله صدمه
- عشان اكده ياسليم تليفونك مقفول ومش عتكلمنى .. طب كنت طمنى عليك بس ! ...

ارتفع نداء الصغير
- يا وجد روحتى فييين ؟! مش عتردى على ليييه ؟!

ابتلعت ريقها ثم نكث علي ركبتيها بالقرب من اذانه
- زين قولى معاك التابلت بتاعك اللي عتلعب عليه صح ؟!

اونئ راسه بالموافقه
- ماانتى عارفه ماعقدرش اتحرك من غيره ...

خفضت صوتها قائله
- طب بص اسمعنى .. عاوزاك تصورلي كل حاجه هتحصل فالفرح .. ماشي يازين ؟ ...

اجابها بفخر
- ساهله قوى دي ... بس ليييه ..؟

- اسمع الكلام بس .. واوعي ادهم ياخد باله ...
- خلاص اتفقنا ...

انتصب عودها مجددا قائله بحزن
- هتتجوز خلاص ياسليم ! ياتري ناوي علي ايييه ياعمى ؟! استرها يارررب...
ليلة مشتعله بالسواد بداخلى خدوشا وتصدعات تجعل جسدى يرتعد .. في جميع محاولات هجري فأنا الموشكة علي الرحيل .. إلا تلك المرة غادرت وهجرت روحى التى كانت دائما تتسابق معك لنسعد سويا، اشعر وكإنك ممررت علي قلبى بسلك شائكٍ يمزقه اشلاء حتى اصبح ينزف بمرارة اشتياقك .. اصبح قلبي عضله ضامرة ماعليها الا توزيع الدم بداخلى لتجبرنى علي الحياة .. حياة ! حتى تلك سلبتها...

- هتتجوز خلاص ياسليم ! انا مش قادرة اصدق ؟! طب ازاي هتقدر تتبسط وتقعد جمبها فالكوشة .. هانت عليك وجد .. وكمان مكنتش بترد عليّ .. !

وقعت عينيها علي صورته التى تتحسسها باناملها وتبللها بدمع عينها ثم ابتسمت وسط ظُلمة بكاؤها متذكرة موقفًا ما

- اسمع منى بس صورتك من غير الدقن احلي ..
قالت وجد جملتها وهي تقارن بين صورته والاصل امامها .

رفع حاجبه ممازحًا
- غريبه دي! .. اول مرة اشوف بنت ماعتحبش الدقن .. مع انهم بيقولوا عتزلزل قلب الستات ..

احمرت وجنتها خجلت وهي تبعد عينيها من عينيه اللاتى يُحاصرونها ..
- ومين قالك انى عاوزاك تزلزل قلب ست غيرى !..وبعدين انت مالك مبسوط وانت عتقولها اكده .. عااارررف ياااسليم لو شمِت بس ريحة ست عدت من جمبك بالصدفه .. هقتلك ! ..

قهقهه بصوتٍ عالٍ وهو يقترب منها
- عتغيري !
رمقته بنظرة طفولية
- اااه .. ولما عغير عقتل .. اتقى شري عااد ...

ازاح خصيلة شعرها الهاربه من تحت حجابها الملقى علي رأسها وهو يتكأ علي كفه وركبته المثنية المستند عليها بعمعصمه الاخر
- تخافيش اي ست عتقرب منى شبح حبك اللي محاصرنى عيكهربها ...

اتسعت ابتسامتها ثم ادارت رأسها ناحيه النيل تتأمله .. تنحنح سليم مجددا ثم اردف قائلا بغمز
" نرجع لموضوعنا عاد .. انتى ازاي دكتوره وتطلبى منى احلق دقنى ؟! دا المفروض انتى اللي تصممى علي حاجه زي دى "

قضبت حاجبيها باستغراب
- مش فاهمه .. قصدك ايه ؟!

اجابها بغمز
- قصدى يعنى الدقن لها كذا فائده وانتِ المستفيده من الموضوع دا يكون في علمك ..

زفرت بضيق
- انت كلامك غريب ليه اكده ! وبعدين متحاولش تقنعني ولا انت عاوز البنات تعجب بيك وخلاص !

اجابها بفخر
- انا البنات عتموت عليّ حتى لو لبست فروة خروف .. مش الدقن يعنى اللي هتشدهم .. انا والحمد لله امكانياتى عتتكلم عنى ... والمفروض انتى اللي تكونى عارفه اكده .. ولا اييييه ..

ضربته بقبضة كفها علي كتفه
- بطل طريقتك دى .. هزعلك !
ثم قامت مسرعه محاولة الهرب من اسهم الحب التى لم تصوب إلا علي قلبها .. وقف هو الاخر سريعا ثم ركض خلفها قابضا علي معصمها
- استنى اهنه .. كيف تمشي انتى من غير مااسمحلك ؟!

شيعته بنظرة حب كافيه ان تشتطر قلبه وذهنه الف شطر، اغمض عينيه لبرهه محاولا استجماع فُتات روحه ثم همس قائلا
- كل نظرة من عيونك مغريه للموت فيهم يابت العتامنه ...

غاصت في محيط حبه اكثر وازداد بريق كلماتها .. غريب ذلك الحُب بكلمه منه تجعلنا نشع نورًا وبمجرد غيابه ننطفئ ... ننطفئ وكإننا لم نُنير بعد .
- بتحبنى !

ضاقت عيونه لسذاجه سؤالها
- هو انا ليه لازم اقولها كل شويه .. مع ان كل تصرفاتى عتأكدلك انى مش عاشق غيرك .. ليه كل مرة تقابلينى فيها عتسألينى هي تصرفاتى مش كفايه تثبتلك ؟!

وضعت اناملها فوق شفته لتتضع حدا لزمجرته
- انا عحب اسمعها في كل وقت .. عطمن ( بطمئن ) بيها ياسليم .. بيها عحس انك عمرك ماهتبعد عنى ... كلمة عحبك منك وجبة غذائيه متكامله عتغذى قلبي وروحى بفيتامينات وبروتينات حبك .. بيها انا عايشه .. ..

وضع كفه علي وجنتها بحنو
- وطول ماانا عايش مش هتسمعى غيرها ياوجد ...

ثم اكمل ممازحا
- افهم من كده انك خلاص غفرتى وسمحتيلى اسيب دقنى ...

ضربته باغتياظ
- اتلمم ... قولت لا يعنى لا، تتحلق من بكرة ...

غمز لها بطرف عينه غمزه فهمت مغزاها
- عشان حمارة .. علي العموم انتى اللي خسرانه وهتخسري كتير ...
تنهدت بصوت عالي شاعره بمراجل تقاد بداخلها
" عملنا حساب كل حاجه إلا انك تمشي .. مشيت وسبتلى ذكريات زي الوشم مش عارفه اتخلص منها "

 

" في قصر الهواري "

استعد محمد لحنته مرتديا جلبابه الابيض الفضفاض، ولاول مرة يشعر بفرحه عارمه تحتل كيانه، شعر بأن ثوب الحب يكسوه ويأخذه من يده لحدفه بين ذراعي من احب .. ألقي علي نفسه اخر نظرات في المرآه وهو يحسس علي شعره بفخر ليقول بحماس
- حلاوتك وانت وعريس ياابو حميد ...

علي عكس الحال بالنسبه لعماد .. الذي لم يتحرك من فوق مقعده الهزاز سابحا في بحر افكاره وذكرياته يحدق النظر في ملامح زوجته التى اشتاق اليها كثيرا، اشتاق لكل تفاصيلها، اشتاق لارتشاف صوتها وحركات عينيها الطفوليه امامه، اصبحت ذكرياته معها عباره عن فيديو سينمائى يمر امامه بدون توقف، يصارعه حبها وشوقه له، لم يتقبل بعد فكرة ان تبيت غيرها في احضانه، تحمل غيرها اسمه .. اتكأ بمراره وألم للخلف

- سامحينى يانيرة .. بس مجبر .

اردف مجدى داخل المنزل بعجلٍ.. متنهدا لما قطعه من مسافة كبيره اثناء سفره، تحرك بحماس نحو غرفته للاستعداد لفرحه، يود ان تنطوى خطاوى الارض ليلتقي بها، يركض وكإنه في سباق مع دقات قلبه، فاليوم الذي تمناه منذ ٧ سنوات اقترب، يدور في ذهنه لقطات خاطفه منذ ذاك اليوم الذي ترك طفله صاحبه الشعر المنكوش، والان تلك الطفلة الرشيده صاحبة نفس الشعر، لم يتغير بها شيء إلا ان اصبحت عينيها تربكه بمجرد ان يراها .. وصل غرفته اخيرا ليستعد لفرحته بحماس وهمه والابتسامه تشق ثغره وقلبه معًا .

توقف سليم بسيارته امام بهو القصر، حتى ظهرت امامه عينى حبيبته وهي تنظر له بعيونها الغزلانى التى لا تشع الا حبًا يملأه، عيناها اللاتى كلما نظر بهما يصبح كالطفل الصغير الذي نسي ان يكبر من فرط حنانها وحبها، شق شفته ابتسامه خافته .. ثم اعتدل في جلسته متأهبا بالنزول من سيارته كإنه تذكر شيئا اخر اسرع لتنفيذه، ردد بصوت منخفض
- سامحينى ياوجد .. بس ورحمة ابويا لاعوضك عن كل دمعه وجع هتنزل علي خدك ...

" انا لبست وجهزت اهو .. ايييه رايكم، انفع عروسه ؟"
قالت يسر جملتها باللهجه القاهروايه وهى تطير فوق اجنحه الحب من سعادتها التى تغمرها ..

رمقتها صفوه التى تتفحص هاتفها
- اتنيلى ! انا مش عارفه انتى فرحانه علي ايه ياختى ..

ابتسمت يسر بحب ثم اردفت قائله بنبره قهراويه
- هكون مع حبيبي لاخر العمر ياصفوة .. هو في احلي من كده ؟!

رفعت اختها حاجبها ساخرة
- الجواز بيقصف العمر وانتى الصادقه، انتوا ليه مش متخيلين ان الجواز دا حاجه مرعبه، الجواز عامل زي الحكم المؤبد بس للاسف مدته مابتقصرش لحسن السلوك . ارتقوا بقي وماتتجوزوش الجواز اكبر غلطه في حياة البنى ادم ..

التفت اليها نورا باهتمام
- الجواز سُنة الحياة ياصفوة .. لولاه مكنتيش انتى موجوده حاليا ..

- هااا ! اللي بيتجوزوا دول مجانين .. مافيش عاقل بيتجوز .. انا مش عارفه انتوا امتى هتغيروا رايكم وفكركم وتنضجوا كده .. ياااجماعه افهمونى بالعقل كده انتوا اييه اللي يجبركم انكم تعيشوا عبيد عند مخلوق، الجواز كده خلي عندك ايمان وثقة بحريتك الرجاله دول صفر علي الشمال مش بيجى من وراهم غير الهم ...

رد يسر مقاطعه
- بس اسكتى .. تعرفي ! انتى جايه تطلعى عقدك علينا ليييه .. مش عاوزه تتجوزى اخرسي ...

- دا جزاتى انى عاوزه افوقكم ؟!

يسر: لا احنا عاوزين نبقوا نايمين وسكرانين فالحب كده مالكيش دعوة ياستى ..

سالتها نورا ممازحه
- طيب هتعملي اي ؟ انزلي قولى لجدك لا وحاربي يا اندبيدنت وومن ...

وضعت صفوة رجل فوق الاخري بثقه
- لا مش هعمل كده .. بعد كلام امى ارتحت وبصراحه حاسه انى لقيت حد هجرب فيه اختراعتى ومش هيعترض وانا شايفه سي مجدى دا فارد دراعته اوى وعاوز يتحدانى وانا عاوزه افهمه غلطه بس .. دا كل الحوار ..

تبادلا الاختان النظرات بخبث
- اااااه عناد يعنى ! طب انا قاعدة وانت قاعده لو ما الحب خلاكى تتقلبى ع جدور رقبتك ابقي قولى يسر اختى قالت ..

رفعت صفوة حاجبها بعدم تصديق ثم اكملت نورا بغمز
- وبصراحه اسمع ان مجدى شخصيه وجدع وشاطر .. وغير كده الواد امور وحليوة يعنى مش هتاخدى ف ايده غلوة ..

زفرت صفوة باغتياظ
- طب نقطونا بسكاتكم ياختى انت وهي .. اانسوا دانا هوريه النجوم في عز الضهر ...

لازالت ماجده تراقبهم بصمت وحزن شديد كمن نثر افراحه فوق قمم الجبل ثم نداها ولكنها لم تعد اليه حتى الان .. اخلص لها الحزن في بقاؤه بداخلها كإنه اقسم الا يفارقها الا مصطحبا بروحها ...

دخلت عفاف غرفتهم فجااة
- جرى ليكم ايه يابنات يلا شهلوا، الخلق كلهم تحت يللااااه عشان تتحنوا كفاياكم مناقره عاااااااااد ...

قرعت الطبول ورقص الخيل واحتشدوا اهل القريه حول موائد الطعام ليكتسحوا ما عليها فارحين فاليوم هو عيدٌ لهما .. دلفوا الاخوه الي حديقه البيت شاسعه الاتساع مرتدين ثيابهم البيضاء، منهم من احتل قلبه الفرح ومنهم من اجبر علي امرٍ لا مفر منه ..

وذلك الحال بالنسبه للفتيات، جلسن بجوار بعضهم البعض وكل منهما بداخله خبايا ونوايا تختلف عن كل منهما الاخر

يسر لنفسها بفرحه: اخيرا يامحمد،، وعد عليا هخليك اسعد واحد فالدنيا ..

صفوة بضجر وعيون خبيثه: هسود عيشتك .. هخليك تلعن اليوم اللي كنا فيه ولاد عم .. عشان مش صفوة الهواري اللي تتجبر علي حاجه ...

نورا بحزن وتوسل: يارب قوينى وصبر قلبي .. يارب قدرنى اعوضه علي اللي فات واثبتله حبي اللي خبيته ١٥ سنه ..

ماجده تنهدت بكلل وياس ثم رددت لنفسها قائله
" لازم تحبنى ياسليم .. هنسيك الدنيا كلها .. اكيد اخرة العذاب دا حب .. وحب كبير كمان .. قلبي بيقولى كده "

صوت زغاريد النساء وتصفيقهم ورقصهم الصعيدى .. ووجود الفتيات يتهامسن
- زينة شباب النجع خلاص هيتجوزوا

همست الاخري قائلة
- ياما كنت اتمنى اتجوز واحد منيهم .. بس يلا الفقر عارف صحابه والحظ بايت في حضن ناسه

لكزتها رفيقتها
- وطى حسك عااد وقومى نرقصوا ..

قاما الفتيات يرقصن، تقدمت احدمهما ومسكت بكف يسر لتتراقص امامها ..

قامت يسر مرحبه ومهلله وجميع ملامحها تتراقص معها، تشرق عينيها بنور الحب ويتمايل جسدها فوق اوتاره .. لمحها محمد عن بعد مبتسمًا اتكأ جنبًا يتأملها
دارت يسر بجسدها امامه كالفراشه التى تتنقل فوق ورود قلبه تمتص بضحكتها مرارة صبر سنوات من البعد .. استدارت حتى اصبحت مواجهه له، وقعت عينيها عليه فاتسعت ابتسامته .. غمز لها بطرف عينه مرسلا لها قبله في الهواء احمرت وجنتها خجلا ..

كانت ثريا تترقبهم عن بعد، جحظت عينيها بغل ثم اسرعت نحو ابنتها وضغط علي ساعدها بقوة وسحبتها خلفها لتجلستها علي مقعدها
- كنى ( اهدى) اكده واقعدى علي حيلك وخفى مرقعة وقلة ادب ..

كتمت يسر صوت ضحكاتها
- خبر اي يااما ماالك عاااد .. مفرحش يعنى يوم فرحى ؟!

رفعت كفها اوشكت ع صفعها
- تكتمى .. دا مش فرح ولا دى فرحتك،، فرحتك انا اللي احددهالك .. انتى لساتك صغيره فهمااش حاجه ..

ظل محمد يراقبهما بفضول ثم اردف قائلا بهمس
- شكلك ياثريا مش ناويه تمرقي يوومك .. صبرك عليا بس اما جبتلك ضغط وسكر وكلاوى .. ولية ادبت ( اتجننت ) في راسها !

ثم غاادر المكان متوعدا لها والضحكه مرسومه علي وجهه ...فهمست نورا لاختها
- عدى الليله واصبري لحد مايكتبوا كتابك ياختى ..

صفوة بغل وضيق
- اهدى كده .. مالك خفيفه ليه اومال لو جوازه عدله كنتى عملتى ايه !

رمقتها يسر بنظرة ساخرة
- خليكى ف حالك يامعقدة ..

وصل صفُ طويل من سيارات العتامنه امام قصر الهوارة .. شن حرس الهواري الاسلحة صوبهم وعلي المقابل رفع رجالة العتامنه اسلحتهم

زمجر ريح صوت حيدر قائلا
- خبر ايه اوومال ؟! مش اليوم فرح واحنا جااايين نباركوا ...

احد حرس الهوارة
- ناخدوا امر راجح بيه الاول قبل ماندخلوكم ...

زفر ادهم بضيق
- كلمة كمان وهدوسهم كلهم ياعمى ..

ضغط عمه علي كفه
- اصبر ... _ثم رفع نبرة صوته_ يلا بلغ اللي عاوز تبلغه .. مستنين ...
اردف زين قائلا
- هما مش عاوزين يدخلونا ليه ياعمى ؟!

نصب حيدر رقبته قائلا بشموخ
- ندخلوا دلوق متقلقش ... الصبر .

بعد برهه اسرع احدى غفر الهواري نحو سيارتهم
- اتفضلوا .. بس راجح الهواري امر اننا ناخدوا الاسلحه من الرجاله ..

انعقدت ملامح ادهم غاضبا ثم اردف حيدر ساخرا
- هو دا كرم الضيافه عندكم ياهوارة ...
ثم اخرج راسه من نافذه السياره قائلا بصوت قوى
- سلموا اسلحتكم ياارجاله .. عشان راجح يتأكد اننا جايين نادوا واجبنا ..

اقترب راجح من احفاده المجتمعين سويا
" انت ياولد منك له .. اسمعونى زين "

دار الاربع رجال نحوه بااهتمام
سليم ساخرا: خير ياجدى .. غم قلبي وقولى المأذون وصل ..

صفق محمد فارحا: يااحلى خبر في حياتى .. انا اول واحد هااا ...

مجدى ممازحا: ومكونش ليه انا هااا ؟ ... مالك ياجدى متغير ليه، في حاجه حصلت ؟!

عماد بهدوء وثبات: حصل اي ياجدى ...

زفر جدهم بضجر: لما تكتموا الاول .. بصوا رجاله العتامنه عالبوابه ..

اتسعت حِدق اعنينهم مندهشين: اييييييه
سليم بتعجب: كيف ؟! من ميته اللي بينهم تار عيعرفوا فالواجب ؟!

اردف الجد قائلا
-انا خابر راس حيدر زين .. المهم عاوزكم تفرحوا وتتبسطوا اكده مش عاوز لمه النساوين دى ...

محمد ممازحا: هات فرعك وهوريك الرقص ع اصوله ياهواري ..

غُما قلبا سليم وعماد لاوامر جده، داروا جميعا نحو صف سيارات العتامنه الذي ملأ بهو قصرهم ..

دلف حيدر من سيارته مرتديا زيه الصعيدي وخلفه ادهم وفايز وزين اولاد اخوته .. تقدم راجح وخلفه احفاده قائلا بصوت جمهوري
- نورت ياكبير العتامنه ..

اشتعلت عينى ادهم بالغل والغضب بمجرد سماعه تلك الجمله، انه لم يعرف بكبير للعتامنه غيره، لازال يخطط لشيء ما ليمتلك هو جاه وسلطان عائلته، تبادلت النظرات فيما بينهما ... ارتفع صوت حيدر قائلا
- مبروك ياعرسان ...

ثم قال بمكر
- لعبتها صووح ياراجح ..

فهم الجد مغزى كلماته ثم اردف قائلا
- عقبال عندك ... ولا نقول عقبالك الاول ياحيدر ! ..
اردف ادهم قائلا
- قريب ياهواري باشا .. قريب وانتوا اول المعازيم .. فرحى علي وجد بت سالم اخر الشهر ...

اشتعلت النيران في قلب سليم كان يود ان ينقض عليه النمر كما ينقض علي فرائسه .. ابتسم ادهم بخبث ثم قال
- طبعا كلكم معزومين ياهواره ..

رمقهم الجد بنظرات ناريه ثم عاد ليرتسم الابتسامه .. -ارفع ياولد صوت الاغانى دى خلينا نفرحوا، ياغفير تعالي اهنه ... احسن سفرة لرجالة العتامنه تتمد ..

تفكك شمل الحاضرين حتى لم يبق الا سليم وادهم يلتهمان بعضهما بنظرات ناريه تحرق مجرة ..
سليم بفظاظه: اخر حاجه كنت اتوقعها انك تيجى ..

ادهم بخبث: اعتبره جَميل .. وفي رقبتك ولازم ترده .. هابقي ابعتلك كارت دعوة .. اومال ايه هو انا والدكتورة وجد شويه ... اصلى ناوي اخليها ليله من الف ليله وليله ...

ضحك سليم بصوت ساخر: وهمك قاتلك ...

قرب ادهم منه متوعدا: هتشوف ...
رمقه سليم بنظره ساخرة: وانت كمان هتشوف .. بس هتشوفها في حضنى .. عشان سليم الهواري مابيسبش حاجه تخصه لحد ..

احمرت اعين ادهم وسرعان ماادخل كفه في سترته ممسكا بسلاحه صوبه نحو سليم بغضب .. رجع سليم خطوة للخلف رافعا حاجبيه وكفيه بسخريه
- اايه كلامى جيه عالجرح .. معلش، عقبال مانفتحوه الجرح دا عشان ننضفوه قريب ...

طافت اعين ادهم فوجد نفسه محاصرا بين فوهات بنادق غفر الهواري .. اتسعت ابتسامه سليم فخرا .. تمالك ادهم اعصابه بصعوبه فرفع سلاحه لاعلي ليفرغ طلقات سلاحه كإنه يفرغ طلقات غضبه من داخله .. التفت الجميع حولهم .. وايضا النساء يراقبونهم من اعلي وخلف النوافذ ..

انخلع قلب ماجده من مكانه علي حبيبها ...
دار سليم بجسده ممسكا بأحدى عصا الغفر ورفعها لاعلي شارعا في رقصه الصعيدى .. اشتعلت النيران بداخل ادهم اكثر .. ارتفعت صوت الاغانى مجددا ثم اقترب مجدى من اخيه يتبادلون الرقصات الصعيديه بالعصيان ... اقتحم مرقصهم محمد وهو صاعدا فوق حصانه يتراقص به علي دقات الطبول والمزمار البلدى ...

رفع عماد عينيه لاعلي فعلقت بعينى نورا المفعمه بالوحده والارق، ابعد عينيه عنها محاولا تجاهلها الذي اصابها في منتصف قلبها بندبه اسقطت دمعة من عينيها ..

لازالوا الاخوات بتراقصون بمرح وضحك وكل منهما فوق حصانه الذي احضره الغفر ومابين عيون مصوبه اسمههما نحوهم تود ان تصيبهم في مقتل ..

كان زين يلتقط جميع لحظات الفرح منذ ان دخل الى ان تركه فاردف قائلا بفرحه عارمة
- اكيد وجد هتفرح قوي لما تشوف الفرح الجبار دا ...
تعوّد أن تخيط جروحك من الداخل .. بنفسك .. لا أحد يعرف حقيقة وجعك .. وشدّته .. كما تعرفها أنت .. أي يدٍ أُخرى تلمس جروحك .. ستوجعها أكثر .( راكان العنزى )
مقطع سينمائى عابر كان كافيًا ان يمزق قلبها اشلاء .. شلو تلو الاخر، فقد زُرع الوجع في جميع ضواحيها،،،

" ماشوفتيش ياوجد العراك بين سليم وادهم .. بس ولد الهواري ده جوى قوي .. خلي عنين ادهم تبخ دخان "
اردف زين الصغير كلماته بسذاجه طفوليه .. ثم اكمل قائلا
- عارفه ياوجد .. انا فاهم كل حاجه زين، وعارف انهم جتلوا ابوى .. وانا لما اكبر هاخد تارنا من حبابي عنيهم ...

حركت شفتيها كي تتحدث ولكن انعقد لسانها بمجرد دخول ادهم
- عااش يابطل .. والله وكبرت يا زين وبقيت راجل ...
اعتدلت وجد في جلستها متأففه
- انت مين عطاك الحق تدخل اوضتى اكده من غير ما تستئذن ..

تنحتح بخفوت مصطنع
- لا ف دي عداكى العيب وازح يابت سالم .. بس محلوله كلها كام يوم وهدخل قلبك كمان من غير استاذان ..

نصبت عودها بشموخ
- سقف طموحاتك عليّ قوى ياولد عمى، طب حاسب بدال مايطربق فوق راسك ..

جلس ادهم فوق مخدعها وهو يحتضن اخوها بعفويه
- اي يازين انت ماورتش اختك ولد الهواري وهو عيرقص وطاير من الفرحه بعروسته الجديده !

عقدت ساعديها امام صدرها باغتياظ
- لا ودى تيجى .. ورانى وحكالي كمان .. وقال لى كيف كنت زي الفار قدام ولد الهواري ..

انتفض من مكانه بتوتر واضح ثم اقترب منها متوعدا
- وانا سبق وقولتلك قتله علي يدى .. ونشوف عاد مين فينا الفار ومين السبع اللي هيدبح القطة .

زفرت بضيق وحنقه
- اووووووووف .. اطلع برا ..

اصطنع ادهم معالم البراءه
- وانا اللي كنت جاي اقولك خبر حلو !
- مش عاوزه منك حاجه ..
- تؤؤ ! ميهنش عليا تنامى زعلانه .. _ثم همس في اذنها_ كفايه اللي عملوا ولد الهواري وعطاكى علي قفاكى !

نظرت له بعيونها المتسعه تود ان تفتك به
- مايخصكش ..

- احم احم .. ماعلينا المهم ياست الضكتوره تقدري تنزلى شغلك من بكرة .. وتعيشي حياتك طبيعى منا بردو مش هتبسط لما يقولوا عليّ حابس مرته !

نظرت له باشمئزاز وبضيق .. ابتسم ادهم ثم اردف قائلا
- طب يلا يازين نسيبوا اختك تريحلها شويه .. اشوفك الصبحيه ياوجدانة قلبى ..

مازالت محتفظه بصلابتها امامه، بمجرد ما تركها وغادر شعرت بقوة خارقه تشق قلبها، ورحها تتلاعب بداخلها تارة تنسحب واخري تعود .. انفاسها اصبح متقطعه، وضعت كفها علي قلبها بوجع
- ليه كده ياسليم لييييييه .. وجد تستاهل منك كل دا ..

دلفت اختها ( ورد ) بعفويه
- مالك ياوجد .. انتى عتبكى ياك ؟!

- شوفتى سليم عمل ايه .. البيه شغال يرقص وفرحان ولا علي باله .. دا كمان مردش علي من الصبح ياورد.

قفلت اختها الباب برفق
- طيب اهدى بس .. المفروض انك عارفه سليم زين ياختى واكيد عمل اكده عشان يكيد ادهم ..

وثبت وجد قائمه
- لا ياورد .. لا .. عقولك ايه امك نامت ؟!

ورد باستغراب
- البيت كله نام ماعدا ادهم وزين كنت سامعه حسهم تحت ...

فكرت لبرهه ثم اردفت قائله
- بصي تروحي تتابعيهم واول مايناموا تقوليلى .. يلا ..
ورد قائله بقلق
- ناويه علي ايه يابت ابوى !
- اسمعى الكلام بس ويلا ...
استسلمت ورد لاوامر اختها ثم تسللك بهدوء تترقب خطاوى ادهم في الاسفل ...

 

"في قصر الهواري "

" اقولكم ايه انتوا ضاربين اي علي المسا !"
اردف سليم جملته وهو يضع ساق فوق الاخر لاخوته المجتمعين في جنينه القصر يتسامرون بعد ما انتهت الليله ما قبل الزفاف .

اتكئ محمد بفخر مردفا:
- سيبك انت بس مين يصدق اننا بكره هنبقي عرسان ! صبرت ونولت ياد يامحمد والله .

تنهد مجدي بحيره
- طب انت وماشيه معاك زي الحلاوة في السكين ياعم .. انما انا بقي اعمل ايه في قدري المستعجل اللي مستنينى بكره .

قهقهه محمد بصوت عالٍ يعكس صدى صوت طبول قلبه من الداخل ليقول بثقه
- مش هتعمل اي حاجه متقلقش .. اصل مراة عمك منبهه علي بناتها انكم تقضوها اخوات في بعضيكم والا هتقطع خبرهم .

غيبوبة ضحك انتابت الجميع بعد تصديق , حتى عماد الشارد بعيدا عن محور حديثهم شاركهم الضحك باستغراب مردفا بضحك مكتوم وهو ياخذه انفاسه بتقطع
- ثريا قايله لهم كده ! طب والله طلعت بتفهم وهتوفر عليا كتير .
فزع محمد قائلا بثقه
- ابو ثريا علي اللي جابوها .. هى هتقفلنا زي اللقمة في الزور اكده تقول اللي هي عاوزاه اما انا هعمل اللي عاوزو و حدش يقدر يفتح خشمه معاى .

مجدي بحسره
- حقك ياعم تتكلم بالثقه دي ! اومال انا اعمل اييه !
- خف قر ورحمة ابوك الليله مش ناقصه نبر .
تنحنح سليم بصوت قوي
- طب يارجاله فوتكم بعافيه هركب فوق انا انام عشان جبت اخري .
محمد ممازحا
- ياعم حقك عريس بقي واكده الله يقويك يااهواري كلنا لها .
رمقه بنظره ساخره وهو متأهب للمغادره مردفا
- مالكش دعوة بي سيبنى في حالى وركز في حالك انت .. اكمنى ماعقلقش غير من اللي عيتكلموا كتير دول ربنا يسترها عليك ياهواري ياصغير .

- اشباح الهواري تفوت في الحديد ياولد امى وابوي .

تركهم سليم وهو يجر في قدميه ذيول الحزن والضيق يشعر وكأن جبلين انطبقوا علي قلبه فتنهد بصوت عال وهو يتجه نحو غرفته مرددا
- يا وجع القلب يارب ..!
وصل سليم غرفته ليتجولها بتثاقل ويرفع ستائر الغرفه المنسدله فوق نوافذها فالتفت الي هاتفه المُلقي جنبًا ليلتقطه بلهفه مردده
- تلاقي وجد ناصبه صوان اكبر من صوان ابوها ..
وضع هاتفه في وصلة الشاحن الكهربي وتركته ذاهبا للمرحاض ليزيل فتات الهم من فوق جسده تاركا للمياه مهمة اذابتها ..

" في قصر العتامنه "
تجوب (وجد) غرفتها ذهابا وايابا بقلق بلغ ذروته مما جعل حبال الضيق تلتف حول عنقها اوشكت علي الاختناق .. تتارجح فوق رمال الهم حتى اوشك علي ابتلاعها في اغواره .. دخلت (ورد) متسلله ببطئ وهى تغلق الباب خلفها بحرص شديد مردفه
- وجد.. ادهم والبيت كله نام .. ها ناويه علي ايه .

بدون تفكير انحت وجد لتلتقط شالها مردفة بنبره امره لاختها
- حطى حاجه علي راسك وتعالى معاي يلا .
رمقتها اختها بعيون تتراقص علي اوتار الذهول والصدمه
- ليلتك السوده ياوجد .. هتروحى علي فين في نص الليل اكده !
زفر وجد بضيق وهى توشك علي المغارده
- بقولك اي هتيجي مسمعش صوتك ياما تقعدي مطرحك احسن .
تنهدت اختها باستسلام وهى تركض خلفها بحرص هامسه لها
- يااااوجد .. فهميني طيب .
دارت وجد راسها نحو اختها بعيون متسعه لتضع سبابتها فوق شفتيها المزمومتين
- اشششششششششششش .. اكتمى .

استسلمت ورد لاوامر اختها مجهول المغزى واكتفت باتباعها .. وصلا الاثنين الي المطبخ ففتحت وجد الباب الخاص بالخدم بحرص مما زاد من رعب وقلق اختها التى تقفد بجسد مرتجف مهزوز تستدير يمينا ويسارا بفزع وتراقب اختها باندهاش .. فتحت وجد الباب وتراجعت لتمسك بكف اختها وتسحبها خلفها بهدوء مردده
- اجمدي اكده .. تعالي معاي علي الجنينه الغربيه .

وصلا الاثنين الي سور الحديقه الذي كان يتسلل سليم من خلالها .. جثت وجد علي احد ركبتيها لتفتح الباب الصغير المختفي خلف (القش) وازاحته بعيدا ثم استدارت الي اختها لتشير لها
- تعالي ياورد يلااااه ..
سلمت ورد امرها الي الله متبعه خطى اختها مردفه
- يلا هى موته ولا اكتر !
خرجا الاختان خارج اسوار العتامنه فالتفت وجد يمينا ويسارا مردده
- هو فين راح !
ورد بخوف: هو مين !
فزعت وجد عندما رأت اشعة النور التى تقترب منها وبعد برهه تنهدت بارتياح عندما صفت السياره امامها فاردفت بنتهدة قويه
- حرام عليك ياعم سيد وقعت قلبي .
اردف السائق بحرص
- طب يلا يابتى اركبي قبل ما حد يشوفنى ..
دخلت ورد وتابتعها اختها بسرعه ثم قفلت الباب خلفها مردده
- عند قصر الهواره ياعم سيد .
نظر سيد بالمراه مرددا بخوف
- اوامرك ياست الستات .

 

" في قصر الهواري "

- دي كانت ليله ولا الف ليله وليله .. انا حاسه قلبي بيرفرف كده ليه ياجدعان ! انا مش مصدقه اخر ليله دى هنامها لوحدي وبعد كده كل اللي جاى من عمري في حضن محمد وبس .
قالت يسر جملتها وهى تجوب غرفتها كمن فقد عقله من نشوة الحب .. ظلت تتنقل هنا وهناك كالفراشه التى تنعم بكل قيود الحريه لتقف امام المراه وتنظر لاخواتها بعيون متراقصه لتقول
- انتوا شايلين ليه طاجن ستكم كده فوق دماغكم !
ماجده بحزن
- كفايه انت ياختى مبسوطه بمحمد ومحمد مبسوطه بيكى !
رمقتها بعيون ضيقه لتردف بصوت ضاحك
- احنا هنقر علي بعض من اولها .. تؤتؤتؤ اكسكوزمي كل واحده تخليها في جوزها .. دا حب العمر وكل العمر ويلا كل واحده فيكم علي اوضتها كده وسبونى مع احلامى.

رفعت صفوة عينيها بعيدا عن شاشه هاتفها لترمقها باستنكار
- انت هتاخدى حتة خازوق انما ايه .. اصبري بس وعلي فكره هقول لامك علي كل دا واتخيلي بقي لوعرفت انك مش هتسمعى كلامها شوفى هتعمل فيكى ايه .
تبدلت ملامحها سريعا وهى تقترب منها ببطء وعيون اوشك علي البكاء
- صافى انت بتهزري صح ! اكيد مش هتعملى كده ؟
- اوووف بقي انت حره .. اشربي من البحر .. سلام .
تركتهم صفوة مغادرة وهى تتوعد لمجدى على ان تجعل نهاره اشواك وليله زجاج يسير عليمها حافيا .. تسير بثبات نحو غرفتها لتتوقف فجاه علي صوت مجدى الاتى من اسفل مردفا باستفزاز بلهجة صعيديه
- ننام بدري ياعروسه عندنا ليله طويله بكرة عاد .
وقفت لبرهه محاولة تهدئه اعصابها ثم التفت اليه بثغر متبسم بخبث
- الغباء ان الواحد يستنى بفرحه مجية جلاده يابيشمهندس .
عقد مجدي ساعديه امام صدره ونظر إليه لاعلي بعيون لامعه ثم اردف قائلا
- الغباء الحقيقي انى مستناش جلاد بالحلاوة والطعامه دى كلها .. ابقي وش فقر .
ثم غمز لها بطرف عينه بخبث
- happy dreams my angel .
زفرت بنفاذ صبر وهى تتحرك صوب غرفتها ونيران الاغتياظ تشتعل بداخلها .. دلفت صفوة غرفتها ثم دفعت الباب بكل قوتها لتتجه صوب المراه وهى تتحدث بجنون
- اي البرود اللي هو في دا اتعامل معاه ازاي يااربى .. انا كان لازم اخش بيطري عشان اعرف اتعامل مع الاشكال دى .. اااااااووووف اهدي اهدي ياصفوة انت ادها وسي مجدي دا هيعد النجوم في عز الضهر وهيشووف .
ثم مدت بصرها لمكتبها الملئ بالمواد الكميائيه والحقنه المنثوره فوق سطحه قائله بتوعد
- هو اللي اختار انا حذرته .. يشرب بقي .

"انتِ اتهوستي ياوجد ! طاب طاب خليكى مُطرحك وانا جاي اجفلي يلا "
قال سليم جملته وهو يخرج دخان غضب من جسده .. اسرع لارتداء ثيابه ليري ما الامر الذي اجبرها ان يسوقها الي هنا .

"بصى يايسر انتى اتجننتى خالص وانا مافيش عقل ولا دماغ لجنانك دا .. انا مرعوبه ومش عارفه هعمل ايه بكرة لما يتقفل علينا باب واحد "
قالت ماجده جملته بنبره مهزوزه خائفه فرددت عليها اختها بشغف
- ولا اي حاجه ياروحى تقومى توريني عرض كتفاك دا وتاخدى اختك في ايدك وتسبونى اجهز نفسي لجوزى حبيبي وقرة عيني بكره ..
وثبت نورا قائمه وهى تضحك ابتسامه ساخرة
- انا مشيت اهو ياختى .. ليلتك فل سلام .
التفت ماجده الي اختها باهتمام مردفه بصوت منخفض
- يسر قوليلي انت هتجهزى هتعملى اي يعني عشان اروح اعمل زيك .

رمقتها يسر طويلا باندهاش ثم اردفت قائله بسخريه وعدم تصديق
- انتِ بتهزري صح !
ارتبك جسد ماجده ثم غمغمت قائلا
- منا عاوزه افهم بردو .
تأرجحت عيون يسر بحيره ثم اردفت باستعجال
- حاجات البنات دي ياماجى افهمى بقي .. ولا اقولك هاتى ودنك اقولك .
بعد برهه شهقت ماجده بصوت عال وهى تضع اناملها فوق فمها بصدمه وترمقها بعيون متسعه .. تفتنتها عيون يسر بفضول واستنكار
- ايه مالك تنحتى ليه هو انا قولت حاجه غلط .. دا كل اللي قولته مسك ومية ورد !
زفر ماجده بضيق قائله
- لا ياعم يفتح الله .. روحى شوفى هتعملى اي وانا اروح انام احسن ..

ضرب يسر كف فوق الاخر باعجاب
- هى البت دي اتجننت !
فتحت ماجده باب الغرفه وفجاة سقطت عينيها علي طيف سليم الذي قفل باب القصر خلفه بهدوء .. لا تعلم لماذا انتابها الفضول ان تتبع خطاه لاول مره كأن قلب المحب عندما يستشعر بوجود من يخطف حبيبه فيرسل سيال من الفضول يُخيم على كيان المراه , تسللت خلفه بحذر شديد .. استمرت بالسير خلفه في بهو القصر الطويل لتختبئ خلف الاشجار خشيه من ان يري طيفها .. اتجه سليم يسارا نحو اسطبل الاحصنه ليخرج من بابه الخلف دون ان احد يراه .. استمرت ماجده في متابعته بدون ما يستحس وجودها .

خرج سليم خارج القصر ليسير اقصي جانب القصر فوجدها تقف امام مؤخرة سيارتها الجيب وهى تعقد ساعديها تنتظره علي باركين قلبها التى تتوق بداخلها .. رمقته بنظره حاده مردفه
- اهلا اهلا ياعريس .
اقترب سليم منها بسخريه
- اهلا بيكِ .. اقدر اعرف سبب تشريفك في نص الليل اكده .
رفعت حاجبها ساخره وهى تقترب نحوه خطوة قائلا
- جايه اباركلك ياا ياعريس ..
مط سليم شفته لاسفل وهو يرمقها باسهم الغضب مردفا بنفس النبره الساخره
- الله يبارك فيكِ يابت الاُصول .. اصيل من يومك ياوجد .
طافت عينيها يمينا ويسارا محاولة اخفاء دموع عينيها فخطف نفسا سريعا ثم اردفت
- شكلك كان حلو قوى وانت وعترقص .. شكلك كنت فرحان .
دنى منها سليم اكثر محاولا تمالك غضبه
- خصلتى الكلام اللي جايبك في نصاص الليل دا ياوجد .
بللت ريقها بصعوبه فهربت دمعه حاره من عينيها عنوه عنها لتقول
- كمان مكنتش عاوز تشوفنى !

ارسل سليم نظره خاطفه علي اختها الجالسه خلف الزجاج التى استدارت كليا لتتبع حديثهم , فقبض سليم علي معصم وجد وسحبها بعيدا عن السياره مردفه بحده
- انت اتهوستى ياوجد ! دريانه بروحك انت !
ازاحت ذراعها بعيدا وهى تنفجر عينيها باكيه مردفه
- بعد يدك عنى ياسليم .. عملت فيّ اكده لييييه .. طالما ناوى تبيع بسهولة كنت جيت وظهرت في حياتى ليه .. طالما فرحان وعترقص وعايش دور العريس قوى اكده كنت جيت بكيت ليه في حضنى الصبح ! كل دا كدب حبك لوجد كان كدب .

قبض علي كفها بكل قوته بانفعال
- اسكتى انت واعيه عتقولى ايه ؟
انفجرت به صارخه
- وانت واعى عملت ايه !
اجابه سريعا
- عملت ايه !
القت علي اذانه ضحكه ساخره
- عديت علي رقبتى بسكينة تلمه من غير ما جفن الرحمه يغمضلك .

جذبها بقربه بكل قوته مردفا بصوت عال
- وانت واقفه بتدبحينى بنفس السكينة ياوجد .. انت عارفه زين ان كل دا غصب عننا .. وانا كنت هعرف منين عمى هيقتل ابوكى ويهرب وتقوم حريقه بين العيلتين .. اعرف مين جدي هيأمر بكل دا وانى اتجبر علي جوازى من واحده ماعطيقهاش .. ردى علي وقوليلى اعرف منين !
بتلقائيه سحب كفه لتضعه فوق قلبها قائلا
- حس اكده .. حاسس المجزره والخراب اللي جوه .. انا بموت ياسليم كل ماافتكر ان بكره هيتقفل عليك باب واحد مع واحده غيري وهى اللي هتبقي حلالك وانا لا .. عارف احساس طلوع الروح انا عايشاه .. حرام عليك ياسليم انت ولا عارف ولا حااسس بوجعى لييه .

اجابها سريعا بدون تردد
- انا مش عارف غير اخر وعد قولته لابوكى انك مش هتكونى لحد غيري ياوجد فاهمه .
اجابته صارخه بوجهه وشلالات الدمع تنفجر بداخلها
- يبقي تعالى نهربوا دلوق يلا .. نهمل البلد باللي فيها ياسليم .. لو عتحب وجد متعذبنيش اكتر من اكده انا ممكن اموت فيها .
قرب راسها من صدره ليضع قبله خفيفه فوق بحنان قائلا
- هتتعدل .. هتتعدل ياوجد .
حاوطته وجد بذراعيها الاثنين لتفرغ به كل شحنات الوجع بداخلها وتنفجر باكيه .. ربت سليم على ظهرها برفق قائلا بمزاح
- كبري مخك عاد يامجنونه .. طب والله كنتى وحشانى قوى قوى قوى .. لما عتبينى حبك عتبقي حلوة قوى .
ضربته بقبضه يديها علي ظهره وهى تحضنه اكثر كأن اذانها تشتاق لصوت قرقعة عظامها بين حصار ذراعيه اصبح صدره حجره جسده صغيره لا تسيع سواها .. اغمض سليم عينيه لبره وكاد ان يحرك شفتيه ليتحدث ولكنه فوجئ بماجده تقف امامه بعيون اذبلها البكاء .

احست وجد بارتخاء قبضه يدي سليم عليه وبروده حضنه مما اصابها بالدهشه .. ابتعد عنها ببطء وهو يرمق ماجده بنظرات ساخطه مردفا بحده
- انتِ عتعملى اي هنا ؟!
بلعت ماجده غصة احزانها بمراره مردفه
- انا اللي المفروض انا هى بتعمل ايه هنا مع الشخص اللي هيبقي بكرة جوزى !
استدارت نحوها وجد لتتفتها بغيره نسائيه .. استتطاعت ان تتعرف علي هوايتها من غيرتها واسلوبها في التحدث مع سليم .. تراجعت وجد للخلف تاركه المساحه لسليم كى يتصرف معها .. اقترب منها بخطوات سلحفيه ليقول لها بنبره قويه
- هى حصلت بتراقبينى ياماجده !
سخرت من بروده سؤاله قائله
- وهى حصلت تجيلك في نصاص الليالى ياسليم وتحضنك عيني عينك كده !
نحنح سليم بخفوت مردفا بحزم
- وجد روحى امشي انت ..
ارتفع صوت ماجده مردفه
- تمشي فين دانا هلم عليها امة لا اله الا الله دلوقتي ..
جز سليم علي اسنانه مردفا
- اقصري الشر ياماجده ..

ازاحته ماجده من امامها لتقترب من وجد التى تتفتنها بحقد
- انت بقي بت العتامنه ! انا اسمع انهم واعرين فاجرين لكن حوار انهم مسيبين بناتهم زي كلاب السكك كده عشان يشمشموا ورا جوزى دي جديده ..
شرعت وجد ان تتحدث ولكن قطعها هتاف سليم الاجش القوى الذي تسبب في نزول ورد من السياره راكضة نحوهم مردفا
- مااااااااااااااااااااااااااااااااجده .
صرخت ماجده بقوة
- وليك عين تتكلم وتدافع عنها !
ركضت ورد صوب اختها وهى تشيع ماجده بنظرات غريبه مردفة
- وجد يلا بينا .. يلا .
مسك ماجده كف وجد بقوى مردفة بهدوء
- مخلصتش كلامى ...

شعرت وجد لوهله بالضعف امامها فالتزمت صمتها محاوله استيعاب سُم كلماتها فاردفت وجد بسخريه
- انت بت اللي قتل ابوى !

قبض سليم علي ذراع ماجده بقوة لينهى الحرب الذي اوشكت علي الاندلاع قائلا
- امشي قدامى ..
تجاهلت قبضته الحديديه محاولة اخفاء تأوهاتها لتقول بقهره وهى تلتقط انفاسها بصعوبه
- عاوزاكى تسمعيني زين وهكلمك بلغه الفلاحين عشان تفهمى عارفه ان فهمك علي قده .. ايوه انا بت الل قتل ابوكى ومعنديش مانع اقتلك انتِ لو فكرتى تقربي من جوزى مااحنا قتالين قُتله بقي !.. سليم بكرة قدام ربنا العالم كله هيبقي جوزى يعنى هيقضي الليله كلها في حضنى _ذراعها ظل يقاوم قبضة سليم القويه فاكملت_ يعني لو مشيت وراه بلاد حقى مش زيك .. انا حبيت ويمكن انت حبيتى بس انا اللي انتصرت وهنتصر في الاخر ياوجد وكون ان سليم يكون ليك اعرفى انى وقتها هكون ميته .. عشان انا حبى انانى يا يكون ليا يامكونش من غيره .. اما انت ياحرام روحى شوفى حد يلمك من حضن جوزى .

ذرفت دمعه من طرف عينى وجد بمراره فجذب سليم ماجده بكل قوته ليصفعها علي وجنتها قائلا
- انت اتهوستى شكلك !
صرخت ماجده بصوت عال قائلا
- عشان عاوزاك ليا وبس اتهوست ..!
لاحظ سليم ركض غفر قصرهم نحوهم بسرعه ثم اردف قائلا بخوف
- ورد خدى اختك وامشي يلاااا الغفر جاااييييييييين وشكلها ليله طين
غمر الرذاذ اطراف قلبها انتعاشا يقال انه اقتحمه قاف اقتحمت كل حروفه فلم يبق منه الا " ع ش " عش احتواها فاقامت اخره ليبقي عشقًا اسرها مع صدى صوت كلماته التى حرقتها من الداخل.

صرخت ماجده بصوت عال قائلة
- عشان عاوزاك ليا وبس اتهوست ..!
لاحظ سليم ركض غفر قصرهم نحوهم بسرعه ثم اردف قائلا بخوف
- ورد خدى اختك وامشي يلاااا الغفر جاااييييييييين وشكلها ليله طين .
التفت ورد نحو اختها راجيه
- يلا ياوجد .. يلا ..

كلمات ماجده نجحت ان تعتصر قلبها ثم تمزقه اشلاء متناثره، عجز لسانها عن النطق ففي محكمه الحب النصره للاقوى والاجدار وهى تقف علي ارض طينيه بجسد متراقص فوق اوتار حب اوشك علي الانتهاء، فسارت وجد مع اختها باستسلام وهى ترمق سليم بنظرات يائسه كأنها اردت ان تودعه للمرة الاخيره، تشحن روحها بالنظر إليه كى يكون لديها مخزون كافى للعيش، دلفت داخل سيارتها وخلفها اختها قائله بخوف
- اطلع بسرعه يا عم سيد يلاا

التفت سليم صوب الحرس اللذين اقتربوا منه فردد احدهما
- حوصل حاجه ياسَليم بيه !
زفر سليم بضيق قائلا
- لا مافيش .. هاخد بت عمى وداخلين .. فتحوا عنيكم زين !

قبض سليم علي كف ماجده وسحبها خلفه بقسوه وخطواته الواسعه التى تلاحقها بالركض متأوهه من قبضته عليها .. راقبهم احدى الغفر حتى ابتعدوا عن انظارهم فالتفت الي رفيقه قائلا
- العربيه اللي عدتت دى تبع العتامنه .. تفتكر ايه اللي جايبهم اهنه وسَليم بيه ماله مش علي بعضه !

اردف الاخر قائلا وهو يعلق سلاحه بكتفه
- ماخابرش ! بس لازمًا راجح بيه يعرف اللى حُصل ..

 

" اقسم بالله ياماجده لو مابطلتيش لعب عيال وعقلتى اكده لهتصرف معاكى بطريقه متعجبكيش "
اردف سليم جملته بصوت مخنفض بنبرة تهديديه وهو يدفعها داخل غرفتها بقوة حتى ارتطم جسدها بالارض تلهث من كثرة بكاؤها مردفه بحزن يقرضها
- وانت من ميتة اتصرفت معاى تصرف عجبنى .. !

التقط سليم انفاسه بصعوبه بالغه محاولا تهدئه روعه ولكن كلماتها كانت لهيبًا مشتعلا يلتهمه بدون رحمه، اكملت ماجده قائله بتحدٍ وهى تقف امامه مستجمعه كل قواها
- عارف ياسليم الواحده لما تحب بتضلل علي حبيبها برموش عيونها .. ولما واحده غيرها تفكر تاخده منها مش بعيد تخزق عيونها وتقتله جواهم، انا عارفه انت بتفكر في اي دلوقت تلاقيك بتقول دى لو عندها ذرة كرامه كانت بعدت ووقفت قدام الكل عشان متجوزهاش .. انا عندى كرامه بس عندى جبال حب وحبى انانى قوى مش عارف يكون غير ليك .. بس لا اللي بتفكر فيه دا مش هيحصل ابدا .. اللي هعمله عمرك ما هتتخيله ياسليم بس ورحمة ابوك ماهتتجوز ولا تحب غيري،، اسمحلى بقي احارب بجيوش حبى ضد جيوش حبك لوجد وشوف مين فينا هينتصر يا ابن عمى ..

ظل سليم يتأملها طويلا بحيره وسخط فاردف قائلا بفظاظه
- يمكن جيوش حبك مسلحه زين بس واقفه فوق سطح الميه من غير مركب تحميها .. وعارفه المركب دى ايه ! هى الحب المتبادل بين طرفين .. بلاش ياماجدة تصطادى في الميه العكرة وتقولى ملقتش سمك .. خلى الايام دى تعدى علي خير لحد ما كلنا نرسي علي شط الامان .. تصبحى علي خير يابت عمى .

ثم تركها في قاع نيرانها تحترق تعض علي اناملها بغل وهى تنتوى ان قلبه لن يخضع الا لها في النهايه، دلف سليم غرفته التى تقع اخر الطابق متأففا بداخله افكار تلتهمه بقوه، القى جسده في منتصف مخدعه محاولا الاتصال ب ( وجد ) مرارا وتكرارا ولكن بدون جدوى حتى فقد زمام سيطرته علي جيوش غضبه فألقي هاتفه بعيدا مرتطما بجدار الغرفه ليهبط علي الارض اجزاء مُبعثره ..

تجلس وجد في السيارة ودموع القهر تسيل على وجنتيها حتى حفرت وديانا تجري من خلالها، ندبت حظها لانها احبت شخصا لم يكن لها في نهاية المطاف، فابشع ما يواجه المراة حبٌ يموت قبل ان يحتضر صاحبه ليروي الروح ولو لليله ! ..

احتضنت ورد اختها بحنان مردفه
- خلاص عاد ياوجد .. بصراحه انتِ اللي غلطتى عشان روحتى لعنده .. كنتى سبتيه يتصرف كده زودتى الطين بله .
جففت وجد دموعها بطرف كمها وهى تلتقط انفاس متقطعه مردفه
- خلاص خلصت ياورد .. كده عرفت نهايتى مع سليم، انا بس كنت حابه اشكره قبل ما مشي على كل لحظه حب قضيتها معاه لانها مش هتتكرر مع حد تانى غيره .

قضبت ورد حاجبيها باستغراب
- انتى شكلك اتهوستى ! مين عطاكى الحق تحكمى على علاقه لسه مااكملتش ..

ضحكت وجد ساخرة وهى تجفف بحر الدموع الذي انسكب من عينيها مرة اخري
- لا كملت وكل واحد عرف مصيره خلاص، سليم لماجده .. ووجد لادهم واخر كلام عندى قولته ..

ثم اعتلت باحثه عن شيء ما حتى امسكت بهاتف اختها
- وخدى كمان محمولك انا مش هكلم حد تانى .. ولو سليم اتصل ردى قوليلوا الكلمات دول .

رمقتها اختها بعيون حزينه فربتت علي كتفها برفق
- طب خلاص اهدى .. اهدى لحد ماربك يحلها من عنده .

 

" في قصر الهواري "

تقف ماجده امام المراة وهى تصفف شعرها المنسدل خلف ظهرها بعشوائيه كمن فقد عقله للتو، تلتقط انفاس توعديه وهى تراقب تغير ملامحها وتمسح دموعها المنهمره بدون وعى فاردفت متوعده
- ماشي ياسليم هتشوف مين فينا هيغلب ..

يجوب عماد غرفته ذهابا وايابا بحيره وحزن يقلب في ذكريات زوجته التى اشتاق اليها كثيرا حتى الباب اشتاق لدخولها منه لتحضنه بدفء، اشتاق للضحك واللعب معها، للناقش ورأيها الصائب دوما الذي لم يتبعه اطلاقا، كان يود ان يتوقف الزمان لساعه واحده ويعود به اليها ليستشيرها في مصيبته التى لا مفر منها، فهو يقف عاجزا في المنتصف المميت بين ان يكون معها او يكون مع غيرها .. قفل عماد دفتر ذكرياته قائلا بحزن
- ااااه لو الزمان يعود عشان املى روحى منك بطاقه تخلينى اقدر اكمل الطريق دا لوحدى .. فينك يا نيره !

 

" في قصر العتامنه "

نجحت وجد واختها ان يعودوا الي البيت بدون ما يكشف احد امرهم،الي ان تسللوا ببطء فوق درجات السلم المؤدى لغرفهم في ظلام يعتم الرؤيه امامهم، هتفت ورد هامسه وهى تنير كشاف هاتفها
- خلى بالك ياوجد !
وفجاة انارت جميع انوار الطابق العلوي مما جعلهم يشهقون بصوت مرتفع وجسد مرتجف، بللت ورد حلقها الجاف وهى تمسك بكف اختها
- روحنا في داهية ياوجد ..

التقطت وجد نفسا طويلا محاوله اخفاء خوفها منتظرة مصيرها وعلى الفور اردف ادهم بفظاظه وهو يتجه نحوهم
- والله عال .. نورتوا ياهوانم ! ما بدري !
تارجحت عيون وجد واختها يمينا ويسارا والعرق يتصبب من مسامهم هلعا فكيف الفرار من هذا المأزق، اكمل ادهم بسخريه
- اقدر اعرف بنات عمى المحترمين ولاد الحسب والنسب راجعين منين الساعه ٣ الفجر .
رفعت وجد عينيها بتحدٍ مردفه
- وانت مالك !
ضغطت ورد علي كفها متوسله
- احب على يدك مرقي الليلة دى ياوجد .
هبط ادهم درجه واحد من فوق السلم قائلا
- مالى كيف ! دا حتى ربنا عرفوه بالعقل .. واعيه انت لحديتك .
صعدت وجد درجة سلم واحده بعناد

- عاوز تعرف اي يا أدهم !
- من حقى اعرف بت عمى كانت فين في نص الليل اكده !
استجمعت وجد شتات قواها مردفه
- ابقى اتصل بعم سيد شوفه وصلنى فين وهو هيقولك، وبعد ما يقولك ابقي حود علي المستشفي واتاكد انى كنت في اوضة العلميات من ١٢ ونص لساعه ٢ وخدت ورد معاي عشان ماعودش لوحدى .. عرفت كنت فين ياولد عمى ؟!

رمقها بنظرات عدم تصديق مردفا
- وماقولتيش ليه كنت جيت معاكِ !
عقدت ساعديها امام صدرها قائله بهدوء وبنيرة ساخره
- المرة الجايه هابقي اسيب العيان يموت في اوضة العلميات واجى استئذنك .
التو ثغر ادهم ساخرا
- ماشي يا ست الضكتوره .. عطلناكى ربنا يخليكى لعيانينك ..

رمقته من اعلي لاسفل عدة مرات متتاليه ثم استدارت راسها صوب اختها قائله
- يلا ياورد روحى نامى عندك دروس كتير بكرة كفاياكى ضياع وقت امتحاناتك قربت ..
ركضت ورد نحوها بجسد مرتجف وهى ترمق ادهم بنظرات متأرجحه مردفه بتردد
- تصبح على خير ياولد عمى .
- وانت من اهله يابت الغالى .
اردف ادهم جملته وهو ينحدر يسارا مستندا علي سور السلم الحديدي ويراقبهم بنظرات توعديه، تحركت وجد بصحبة اختها نحو غرفهم متنهدين بارتياح كمن نجا من مصرعه للتو .

" صباح اليوم التالى "

《تائهه انا ابحث عنك بقلب امٍ فقدت صغيرها منذ اعوام ولم تجد للوصول اليه سبيلا .. 》

استيقظت وجد من نومها المتقطع اخيرا وهى تجوب بانظارها في ارجاء الغرفه باحثه عن ضالتها بقلبٍ منهلع اوشك علي الانخلاع، ذكريات امس كوشم قُبع في ذاكرتها حاولت بقدر الاماكن ان تُذيبهما بملوحه دموعها ولكن دون جدوى .. استجمعت شتاتها بصعوبة بالغه وهى تنهض من مرقدها مردده بحسرة وندم
- كنت كل يوم انام احلم باليوم اللي هصحي فيه الاقيك قدامى، حبيتك وحبيتنى بس الدنيا محبتناش سوا يا ولد الهواري ..

اقتربت من مكتبها لتبحث عن شيء بين طيات دفاترها فالتقطت ورقه متوسطه الحجم مثنيه ووضعت الدفتر فوق المكتب وفتحت الورقه لتقرأها بتمهل وهى تقترب من شرفتها المُطله علي الاراضي الزراعيه التى تحاوط قصرهم .. فذرفت منها دمعه حاره رغم عنها بمجرد قراءتها اول سطر

" باسم ولد الهواري العاشق لاحلى بنت العتامنه مطلعة حبابي عينيه،، النهارده مشيت وراكى من اول ماخرجتى من باب بيتكم لحد ماوصلتى الجامعه، كنت حاسس بخوفك وانت لسه رايحه للعالم اللي متعرفيش فيه حد غير نضارتك اللي واكله نص وشك وكتبك، كان نفسي وقتها اجى احضنك واطمنك وامسكك من يدك واخدك وسط الجامعه كلها وانادى بأعلى حس واعرف الخلق كلهم انك من حقى وبس .. كنت مكتفى اراقبك من بعيد لبعيد عشان اشحن عينى وقلبى منك لاجل اقدر اعيش واكمل باقى اليوم، لبسك كان حلو قوى خطفتى بيه قلبي مشكلتك عارفه ايه اللي عيعجب سليم وعتلبسيه، ولاول مرة تسمعى الكلام وتلمى شعرك من عيون الخلق، انا عكتبلك كل دا وانا واقف مستنيكى قصاد باب الجامعه لاجل ماتخلصي محاضراتك قولت اتونس بطيفك هبابه، وحشتينى قوى ياوجد .. كل ماعينك تقع علي عتتكهربني فبتأكد ان ماس حبى لدغك في قلبك، انا بكرة هستناكى تانى .. وهستنى ورقه منك في نفس المكان اللى اتعودى تاخدى منه كل رسايلى .. ااه نسيت اقولك ان سليم الهواري مش عاوز حاجه من الدنيا غيرك .. بحبك ياوجدانة روحى "

اعتصرت الورقه بين اصابع بدموع متساقطه من عينيها قائله
- ووجد بتحبك قوى ياسليم ... يااارب حوش حبه من قلبي لو ماليش نصيب فيه يارب .

ثم اتجهت نحو خزانه ملابسها ودخلت المرحاض الخاص بغرفتها وهى تمسك بملابسها بتكاسل كى تترك للماء مهمة محو اثار جروحها الداخليه الداميه ...

 

" في قصر الهواري "

- كام جوز حمام دول يابت !
اردفت عفاف جملتها بحماس وهى تتفقد الاناءات المتسعه التى بداخلها الطيور المذبوحه .. اردفت احدى الخادمات
- دول مية جوز حمام ياام عماد .. ولسه هيجيبوا خمسيين كمان ..
قضبت عفاف حاجبيها بتفكير مردده
- لا قليلين يجيبوا ميه تانى .. دا يادوب ايه الناس هتبص يعنى .. وكمان روحى شوفي عشر تجواز رومى .. عشرين قليلين ..

- وه وه وه ياست عفاف .. انت ناويه توكلى اهل البلد كلها اياك .

- اسمعى الكلام من غير مناهده يامزغونه .. يلا شهلى .. وشوفى الطباخين وصلو ولا لا ..

رمقتها الخادمه بنظرات تعجب مردده في سرها
- والنعمه احنا سبب الازمه الاقتصادية في ام البلدى !

استيقظت ثريا وبناتها الاتى شرعن في تجهيزات الفرح الا صفوة التى تجلس علي مكتبها تستكمل مسيرة ابحاثها .. خرجت عفاف من المطبخ فوجدت ثريا امامها ثم اردفت بضيق
- ماتقومى تشوفى عشا بناتك وتقفي على راس الطباخين واقضى مصلحه اكده بلا قعدتك اللي لا تقدم ولا تاخر ..

اتكأت ثريا بفظاظه مردفه
- وانا علي اخر الزمن هاخد اوامرى منك اياك ياثريا !
زفرت ثريا بحقنه قائله
- هو انتى ماتعرفيش تقصري الشر واصل !
وثبت ثريا قائمه بهيئتها الموقره مردده
- بصي ياعفاف عشان نكون علي نور يابت عمى من اولها .. الجوازه دى انا مش راضيه عنها يعنى مش هقدر ارضي طموحك واعمل فيها ام العروسه ! فرحانه بعيالك قوى اكده اطبخى وزغردى وارقصي كمان .. لكن انا مالكيش دعوة بي .. واوعدك ان حقى اللي مخدتهوش منك بناتى بنات ناصر الهواري هيطلعوه علي عيالك لحد ما اشوفك متحسره عليهم واحد واحد ..

رمقتها عفاف بسخريه مردفه بابتسامه خفيفه
- وهى الواحده عاوزه اي غير راجل يضلل عليها ! وولاد عادل الهواري سباع ويأكلوها نيه، فتفتكري بناتك لما يحسوا بالحب والامان هيغدروا ! هما اه هيغدروا بس بيك انتِ .. اعقلى واقصري الشر بناتك عارفين مصلحتهم زين ..._ثم ابتعدت عنها وهى تهلل بالزغاريد وتقترب من محمد ابنها_ لولولولولىىىىىىىىىى يامحمد ياضكتور ايه الحلاوة دى ياقلب امك !
فرد محمد كتفيه بثقه وهو يدلف من اسفل
- ياصباح الورد علي احلى ام في الكوكب الحزين ده ..
اقتربت منه عفاف لتحتضنه كى تشعل نيران الحقد بقلب ثريا اكثر
- حلاوتك وانت عريس ياضكتور احلى عريس لاحلى عروسه والله ..
رمق محمد ثريا بنظرة معانده مردفا
- ادعيلنا ياما ادعى كاتيير حق في ناس كتير عاوزه تحشر مناخيرها في الجوازه دى .. مع انى رايد بت عمى وبت عمى ريدانى مش عارف مالهم عاد ..
ربتت عفاف علي كتفه بحنان قائله
- ياولدى الليله هتبقي مرتك واللي مش عاجبك يشرب من الترعه .. ولا ايه رايك ياثريا !
تأفف ثريا في ذعر وهى ترمقهم بنظرات مشتعله بنيران الغل فابتسم محمد قائلا بعناد
- صباح الخير عليكِ ياحماتى ..
زفرت بضيق ثم تركتهم وغادرت دون اي جواب، التفت محمد الي امه قائلا باستغراب
- حاجتين هموت وافهمهم عشان ارتاح سر مثلث برمودا وسر ثريا مراة عمى ..
ضحكت عفاف بصوت عالي قائله
- سيبك منها هى كده هتفضل تاكل في روحها لاجل ما تبقي رماد .. افرح انت واتبسط عاد الليله ليلتك .
قبل محمد رأسها بحب
- طب يمين تلاته انت اجدع ام في الدنيا .

 

نهض سيلم من مخدعه متكاسلا يشعر بصداع يرج قلبه حتى اوشك على انخلاعه، القي نظرة علي هاتفته المُلقى ارضا ثم تجاهله متجها نحو المرحاض ليذيب جبال الهم من فوق صدره .. اغلق بابه بقوة وهو ينزع المتبقي من ثيابه بعنوة شديده فاقترب من الصنبور ليبدا في تنفيذ مهمته وفجاة طيف ذكراها اقتحم ذهنه فاغمض عينه مستسلما له .

#فلاش باك ..

" انتِ مين ياشاطرة !"
اردف سليم جملته وهو غائصا في بحور عشقها ثم استدارت اليه الطفله صاحبة الخامسة عشر عاما مردفه بسخريه .
- انت جاي بيتنا عشان تسالنى انا مين ؟! انت حمار يابنى ؟
التوت شفته جنبا بسخريه قائلا
- اي اللماضه دى يابت وانتِ زي القمر كده .. انا سليم وانت مين !
رمقته بعيون ضائقه استشعر كأنها تسحبه بداخلها بسلاسه وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها مردده بمكر
- قولتلى بقي الحلو اسمه ايه !
دنى سليم منها بهيام قائلا بصوت منخفض
- اسمى سليم .. وسمسم وسوولم وشوف الجميل لو يحب ينادينى بأي حاجه تانيه انا مش همانع .
ابتسمت بخبث قائله
- ااه .. انت كنت بتاخد درس عند مستر سالم جوه .

- احم مستر سالم ! وانت تعرفيه دانا بقيت بحب مستر سالم وحصة مستر سالم واي حاجه فيها مستر سالم .. والحلو بقي مين ؟!

اتسعت ابتسامتها الخبيثه مرده
- انا بنت مستر سالم ..
تبدلت ملامحه بالقلق ويبدو عليه معالم الارتباك
-هاا احم احم !.. هو انا مش بقول اي حاجه فيها مستر سالم تتحب .. طب عنئذنك انا يادوب الحق اخوكى اصلو ثانويه عامة ومطحون ..

هم سليم بالتحرك من امامها هاربا من مصيره المنتظر ولكن اوقفته كلمات وجد الصارمه بشماته
- اااه وانا هقول لمستر سالم مايدخلش الاشكال دى تانى القصر عندنا، اتلم الاول وبطل معاكسات وبعدين قول انك ثانويه عامه .

توقف سليم لبره مستجمعا كل قواه مردفا بمزاح
- طيب ما انت اللي حلوة جوي عتجبري الواحد انه يعاكسك ..

زفرت بنفاذ صبر مستيره خلفها لتنادي علي والدها
- يا باااااابااا ... ياباباااااا ..

وفي لمح البصر كان سليم اختفى من امامها هاربا من ثرثرتها المزعجه، الى ان استدارت فلم تجده فزفرت بضيق هاتفه
- اووووف هرب الجبان !

اتاها صوت والدها من الخلف
- مالك ياوجد حوصل اي ياحبيبتى ..
شعرت ابنته بقليل من الارتباك قائله
- لا يا بابا مافيش كنت عاوزه اقولك انى حفظت كل الكتب اللي انت عطتهانى وعاوزه كتب غيرهم ..

خرج سليم من خلف الشجرة الكبيره التى اختتبئ بجدارها قائلا باعجاب
- هى البت دى مالها ! وقعت في حبك ولا ايه ياض يا سَليم ! طب والله ما انا سايبك بلماضتك وحلاوتك دى!

#باااااك

هز سليم رأسه تحت الماء كثيرا ليفيق من سطوها المسلح علي قلبه وذاكرته فتنهد بمرارة وهو يضرب الحائط بجواره مردفا بتوعد
- وحق اللي حط حبك في قلبى ما هتكونى لحد غيري !

 

" ودونى علي بيت حبيبي نعيش مع بعض فيها دا بقا لنا مده طوبه طوبه بالحب بنبنيه "
تراقص (يسر ) على اوتار فرحتها حاضنه فستانها الابيض بدلال وانسيابيه كمن ملك مفاتيح ابواب الفرح للتو، رمقتها صفوة التى رفعت عينيها عن الاوراق المبعثرة امامها مردفه بسخريه
- اصبري بس لو ما جيتى تصوتى بكرة وتلعنى في الجواز ابقي قولى صفوة قالت !
رمقتها بنظرة اشمئزاز ثم قالت بلا اهتمام
- مش هاجى اشكيلك هابقي اروح اشكى لاي حد غيرك خليكى ف حالك بس ..

القت صفوة القلم من كفها ثم عقدت ذراعيه مستنده علي سطح المكتب قائله
- تعرفي انا للتو اتوصلت لسبب سذاجتك دى ! انك مش لابسه نضارة ماهو انتى لو لابسه نضارة هتشوفى حقيقة الدنيا باربع عيون ..

- ياستى انا موافقه ابقي عميه .. وطالما معارضة الجواز كده متتجوزيش .. قولى لا وبناقص عروسة يعنى .

ابتسمت صفوة بمكر ثم قالت بهمس
- لا هتجوز عشان اعرف كل واحد غلطه ويفكر الف مرة قبل ما يقف قصاد صفوة الهواري !

- انت بتكلمى نفسك ياصفوة !

فاقت صفوة من شرودها سريعا
- هااا لا معاكى .. حلو الفستان بتاعك يا رورو ياحبيبتى ..

 

" يا ولاد بلدنا يوم الخميس .. هكتب كتابى وابقي عريس "
ظل مجدى يردد جملته بفرحه عارمه وهو يصفف شعره المرفوع عن جبهته بحرفيه ويتراقص امامه مرآته، قفل عماد الكتاب الذي بين راحته نازعا نظارته الطبيه قائلا
- ياخى انت غريب قوى ! مالك ملهوف على الجواز كده اومال لو كنت بتحبها !
وجه ( مجدى ) انظاره نحوه في المرآه بعيون ضيقة وحاجبين منعقدين قائلا
- ومين قال انى ما بحبهاش !
مط عماد شفته لاسفل قائلا بحكمه
- انت طول عمرك عايش مع خالك بين القاهره واسكندريه وصفوه واخواتها طول الوقت عايشين فى القاهرة وملهمش علاقه بحد .. مافيش غير سليم اللى كان يسافر لهم دايما عشان يدى عمك فلوس ارضهم .. وطبيعى محمد بيحب يسر عشان قعد عندهم طول فترة الدراسه، انت بقي طاير من الفرح ليه ! ماتقولش بتحبها ..

اتسعت ابتسامة مجدى وهو يستدير ليقترب منه قائلا بهدوء
- شوف ياخى ممكن كل كلامك يكون صح، بس انا كبرت على كلمة جدك مجدى لصفوة، برغم انى ما بشوفش صفوة دى غير فالمناسبات بس اتعلقت بيها،، وبصراحه اكتر هى من النوع اللي مكيفنى ويملى الدماغ ويسلى الوقت .. دخلتلى من حته التحدى والعند وانا بموت في تحديات البنات اللي ملهاش وجود من الاصل .. فمبسوط انى هبدا معاها حياة كلها مغامرات وساسبنس كده .

رفع عماد حاجبه مرددا بسخريه
- مجنون !

- وخدنا ايه من العقل ! قولى بقي انت ناوى علي ايه؟!

فكر عماد لبرهه ثم اردف قائلا بثبات وثقه
- هتفق معاها ان دا وضع مؤقت لحد ما كل واحد فينا يروح لحاله .. انا مسئول عن حمايتها وهى مسئوله انها ملهاش دعوة بيا خالص وبس .. اظن ان كده احسن .

ابتسم مجدى ابتسامه ماكرة مرددا في ذهنه
- لو ما جابتك علي جدور رقبتك ابقي قول مجدى اخويا ما يفهمش حاجه ! قال حمايه وملهاش دعوة بيا قال عيل صغير انا عياكل بعقله حلاوة !؟ .

 

تقف امام المرآه لترتدى ملابسها التى احضرتها عفاف لها بالامس المكونه من ملابس داخليه خاصه بالنوم وغيرها من مستلزمات العرائس .. نصبت عودها امام المراه وتنغجت بدلال وهى مرتديه القميص القصير وتقف علي اطراف قدميها بميوعه ..

- هو بس سليم يشوفنى لابسه واحد من دول وهيجى لحد رجليا راكع .. يخربيت حلاوتك يابت يا ماجى !

ثم ركضت سريعا نحو مخدعها لتمسك بقميص اخر قصير ذو اللون الاحمر وتتأمله بانبهار
- اش اش اش ! اي الحلاوة دى !

ثم تنهدت بكلل قائله هو تحتضن ما بيدها
- يارب ياسليم تحس بقلبى وماتغلبنيش ..

قطعت شرودها دخول نورا المفاجئ قائله جملتها قبل ماتعلو شهقتها
- ماجدة كلمى امى تحت ... يخربيتك انت ايه اللي لابساه دا ! انت نسيتى كلام امك ؟!

زفرت ماجده بضيق قائله بهمس
- اقفلى الباب الاول وتعالى بس ..

استدارت نورا لتقفل الباب وتقترب منها بشفتين مزمومتين وعيون متسعه فركضت ماجده نحوها بفرحه لتقول مهلله وهى تدور بجسدها وشعرها يتحرك معاها
- اي رايك بقي ! هعجب سليم ؟!
رمقتها نورا باستغراب
- ماجده لازم تفهمى ان اللي بتعمليه دا غلط ! سليم مش بيحبك للفرحه دى !

تبدلت ملامح ماجده قائله بنبره تمثيليه
- ومين قالك انه مش بيحبنى ! انت عارفه دا جيه بالليل لحد عندى واعتذرلى وقالى حقك علي يابت عمى وانا في الاول والاخر ستر وغطى عليك.. يبقي كيف مش بيحبنى !

رمقتها اختها بعدم تصديق قائله
- بقي سليم قال كده !
اكملت ماجده مسرحيتها بحرافيه
- اومال هكدب عليكى ليه ! وانا من ساعتها حاسه قلبي هيتخلع من مطرحه، المهم اسمعى انت كلامى ولازم توصلى حبك لقلب عماد .. انا حاسه بيكى وعارفه انت بتحبيه .. فادلعى واتبسطى ونسيه مراته وهو هيبقي بين ايديكى يقولك شباك لُبيك .

ابتلعت نورا غصة احزانها قائله
- مالكيش دعوة بيا .. كل واحد يخليه في حاله ويلا غيري هدومك دى عشان امك عاوزاكى تحت ..

 

" في المساء "

" عاوزكم تتاكدوا كلكم انى ماظلمتش حد فيكم .. واللي شايف نفسه ضحية يراجع حساباته، انا من حقى الم شمل العيلة دى قبل ما اموت، عاوز اكون مرتاح في تُربتى، واكيد مش هابقي مرتاح لو انتوا هنا في وادى ومراة عمكم خدت بناتها بقيوا في وادى تانى وتعيشوا وتموتوا وماتسمعوش حاجه عن بعض "

جلس الجد فوق مقعده بفظاظه بعدما اردف كلماته على احفاده الصبيان اللذين يقفون بجوار بعضهما فمن يراهم يظن انهم بُنيان مرصوص ليستمعون له بخضوع واستسلام .. فاردف سليم معارضا
- كان في كذا طريقه ياهواري غير الجواز تجمعنا بيها ..
ضرب الجد الارض بمؤخرة عكازه قائلا
- زي ايه ياسليم .. ترموا بنات عمكم في حضن الغريب وتسبوه يتمرمغ في خيركم !

تافف سليم بضيق قائلا
- عارف ان الكلام مافيش منه فايده دلوق، بس محدش يلوم سليم على اللي هيحصل بعد اكده .

لكزه مجدى في ذراعه قائلا بهمس
- اسكت عاد متولعهااش .. خليها تعدى .
رمقه الجد بنظرات ساخطه
- طول ما انا عايش كلمتى هى اللي هتمشي ولما اموت ابقي اعمل اللى عاوزو ياسليم !

سااد الصمت لبرهه فاكمل الهواري كلامه قائلا
- المأذون زمانه وصل، بعد كتب الكتاب كل واحد ياخد مرته ويروح بيها اظن انكم فرحتوا بما فيه الكفايه امبارح ..

التزم كلا من عماد وسليم صمتهم فادرف محمد بجماس قائلا
- طبعا ياهواري هنعيش في العماره اللي ورا القصر !

نصب الجد عوده قائلا بنبره آمرة
- كل واحد شقته متجهزة من كله علي بال ما تتأقلموا اكده وكل واحد ياخد مرته ويشوف هيعيش بيها فين ..

اعتلى صوت زغاريد النساء بالخارج حتى اخترقت الاذان فقال الهواري بشموخ
- يلا ياعرسان المأذون وصل ...

 

" في قصر العتامنه "

تقلب صفحات الكتاب الذي بين يديها بتأفف وضيق حتى نفذ صبرها فقفلته ووضعته بجوارها متكئه علي مقعدها للخلف تتأمل الطيور وهى تختبئ في اغصان الشجر، وفجأه شعرت بغصه تقف في حلقها مع ضيق صدرها ... حاولت ان تلتقط انفاسها بصعوبه وهى تسعل بقوة حتى ذرفت الدموع من عينيها،، مدت يديها فوق الطاوله لترتشف كوب الماء حتى عادت انفاسها تخرج بصورة طبيعيه ثم اردفت بخوف

- ياتري فيك اي ياسليم !
التقطت كتابها ثم قامت متأهبه لمغادرة الجنينه صاعده لغرفتها كى تختبئ من همومها خلف ستار النوم، وصلت (وجد) الى ساحه القصر الواسعه ولكنها التفتت لحركه علي غير المعتاد بالخارج، تحركت صوب اسهم فضولها لتكتشف الامر واقفه خلف النافذه، اذن بعدد كبير من الرجال المسلحين يحتشدون امام باب القصر، اصابها الخوف في مقتل على حبيبها ..

لاحظت خروج ادهم حاملا سلاحه من غرفة مكتبه وخلفه عمه حيدر، فركضت نحوهم بجسد مرتجف قائله بتوتر
- خير يادهم الناس اللى بره دول عيعملوا ايه اهنه ؟!
وضع ادهم سلاحه بداخل جلبابه ثم استدار لينظر لعمه نظرة غريبه ثم قال بثبات
- عمك طلع امر بأن تارنا هيتاخد الليله .. وفرح الهواره هيتقلب ميتم ..
ارتجف قلبها من مكانه وهى تمسك كفه بعيون متوسله ان يقف امامها قائله بخوف
- تارنا كيف يعنى ؟! هو في ايه يا عمى .
اقترب عمها بخطوات ضيقه مستندا على عكازه
- يابتى التار نار قايده ما عتنطفيش غير بالدم، وانا معلق جوازك علي التار ومهرك هو راس اللي قتلوا ابوكى ياوجد ..

تصاعدت انفاسها بخوف كمن يركض في حر الصحراء الوحله وعيون متراقصه محمره قائله
- ليه ليه عاوزين تفتحوا مجزرة دم ملهاش اخر ! ياعمى فهمنى وبعد ما ادهم ياخد بالتار الحكومه هتسيبه ولا ولاد الهواري هيسيبوه .. انت اكده بضيعنا واحد ورا التانى ؟!

- وحق ابوكى نسبوه الناس تاكل وشنا ونعيش طول عمرنا تحت الحيط خايفين .. التار شرف ياوجد ولازمن ولا بد منه يتاخد يابتى .

ركضت نحوه بجسد مرتجف قائله بتوتر
- ياعمى ربنا قال " وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ " حق ابوى من اللي قتله اللى هو مختفى وملهوش اثر، انما اي ذنب عيال عادل، وايه ذنب ادهم يده تكون متلطخه بالدم ! ياعمى التار خراب عمره ما كان شرف ..

رمقها عمها بنظرات ناريه ثم التفت نحو ادهم الذي خرج سلاحه من جلبابه وشد اجزائه قائلا بشر
- خولص الكلام يا وجد .. الليله راس سليم الهواري هتترمى تحت رجليكى
كل الصُدف القدرية تنصُرك على اسهم قرارتي .. للمرة الالف اخوض حربًا بكُل قواى وجيوش جوارحي للقضاء عليك بداخلي، فانهزم وبجدارة .. وسرعان ماارفع راية الاستسلام وفتح بوابات حُصن قلبي لتملكه .. لتستكين وتأمن بداخله محاربه بكل جيوشى عنك لتبقي انت لى في نهاية المطاف.

كصاعق كهربي صوب نحو قلبها بمجرد ما انهى أدهم جملته الشائكه وهو يتأهب لتنفيذ ما اُمر به، شعرت بجدار البيت تنهار فوق جدار قلبها اولا وتسارع دقات قلبها يريد الركض اليه ليحميه ويتلقى رصاصات العدو بدلا منه، استدارت وجد برأسها لخلف لتجد عمها انصرف من امامها، فلم يبقي لديها اي خيار سوى المحاولة مع ادهم، فركضت نحوه سريعا قائله.

- عاوزه اتكلم معاك لوحدينا يا ادهم .
رمقها بنظرات شهوانيه وهو يعض على شفته السفليه بابتسامه خبيثه قائلا
- هنتكلموا كتير يا وجد بس مش دلوق وراى مصالح لازمن اجيب رقبيها ..

زفرت بنفاذ صبر قائله بحده
- ٥ دقايق يا ادهم مش هتفرق ..
فكر لبرهه وهو يتفتنها بعيونه الناريه ثم انحنى قليلا فأمسك كفها وسحبها خلفه صوب غرفة مكتبه، وبعد ان وصلا سويا اغلق الباب خلفه، القت وجد نظرة مشمئزه على كفه الموضوعه حول كفها وسرعان ما جذبتها عنوة عنه وعقدت ذراعيها امام صدرها قائله
- هو انا ممكن اعرف هتستفاد ايه من قتلك لسَليم الهواري !
نظر لها بطرف عينه قائلا بخبث
- هستفاد كتير يابت عمى، انت فكرك تاري مع سليم عشان قتل ابوكى وبس ! غلطانه دا تار بايت من زمان قوى !

ظلت ترمقه بنظرات ساخطه ثم اردفت قائله
- ااه فأنت وعمك بقي لما فكرتوا وخططوا فقررتوا انكم هتبدأوا بسليم ! حقيقي انا فخورة بيكم ياكبار العتامنه، بقي التار والشرف اللي عتحكوا عنه بقي انتقام وحقوق بايته وواخدين تار ابوي الستارة اللي تخفوا بيها مصايبكم ! شوف يا ادهم من غير يمين لو لمست شعرة واحده من سليم ماهتردد دقيقه واحده في قتلك ياولد عمى .

دنى منها ادهم مخترقا قوانين المسافات، فظلت تتراجع للخلف وهى ترمقه بعيون متأرجحه يمينا ويسارا وجسد مرتجف كأن عاصفه تهب من تحت قدميها حتى ارتطم ظهرها بالحائط فاعتلت علي ثغر ادهم ابتسامة انتصار عجيب، مستندا بكفه المنبسط على جدار الحائط ليحاصرها من كل الاتجاهات وهو يعبث بشعرها المنسدل بانامل كفه الاخر قائلا بمكر
- طيب ماتيجى نتفقوا اتفاق .. وانا اوعدك ما هلمس شعره من سليم ولا حد من العتامنه كلهم هيقدر يهوب ناحيته !

رمقته بنظرات مُتسائله منتظرة الوصول لمغزي كلماته فاكمل ادهم قائلا بهدوء وهو يقرب شفتيه من اذانها هامسا
- تشتغلى معاى وتوافقي على كل طلباتى بالحرف بشرط انك تبعدى عن سليم خالص ولو عرفت انك كلمتيه ولا حتى قابلتيه صدفه اكده في الشارع ما هتردد في قتله وقتلك لدقيقه يا وجد .

دفعته بعيدا عنها بكل قوتها فهى لم تتحمل دخان كلماته الحارق قائله بسخريه
- اشتغل معاك في البودرة ! انت اكيد عتحلم !
تحرك ليصف امامها بعوده المنتصب قائلا بثقه عارمه
- هخرج دلوق ونروح بيت الهواره وهتفق مع الرجاله يضربوا رصاص في الهوا من غير ما يصيبوا الهدف،، وهرجع اقول لعمك اننا فشلنا وهسكته بكام كلمه، وتكونى انت فكرتى على مهل مهلك كمان .. كل اللى هعوزه منك ساعتين كل يوم خميس تصنعيلنا كام صنف اكده نضربوا بيهم السوق، قولتى ايه ! شوفى بقي حياة حبيب القلب عند متساواش انك تضحى ؟!

ثم ازاح ادهم خصيلة من شعرها خلف اذانها قائلا بمكر
- هستنى ردك بكرة يابت الغالى ..

انصرف ادهم بعد ما القى قذيفة كلماته على قلبها، ظلت تراقبه بنظرات كارهه ساخطه الى ان اختفى من امامها، فهى عالقه في منتصف الطريق الذي محسومه نهايته انها لم تكن له للابد، فماذا تختار وجوده في حضن غيرها مقابل ان تبيع مبادئها، ام انها تحارب لاجل مبادئها حتى ولو كان هو الثمن !

 

" داخل مبنى العرسان الجدد "

لقى عماد مفتاح شقته بفوهة الباب .. فالقي نظرة على نورا زوجته الواقفه خلفه برأس مطأطأه ثم التفت ليضع كفه على مقبض الباب ويفتحه متأففا .. دلف عماد الى الداخل بدون النظر لمن خلفه متجاهلا تواجدها نهائيا، فجلس فوق اقرب اريكه متنهدا بمرارة وحزن، انتظرت نورا طويلا ان يسمح لها بالدخول ولكن دون جدوي فعزمت امرها ان تدلف بصمت تام وهى تغلق الباب خلفها، اقتربت منه بهدوء قائله
- محتاجه اى حاجه ؟!

رفع نظره إليها بتثاقل قائلا
- تعالى اقعدى عاوز احكى معاكى شويه ..

برزت عروق عنقها من كثرة التوتر ثم اردفت قائله بخفوت
- عارفه كل كلمه هتقولها مالهوش لازمه التكرار .. ومتقلقش هكون ضيفه خفيفه .. انا هنام في الاوضة الصغيره وحضرتك تقدر تنام في المكان اللي يعجبك .. اى اوامر تانيه !

اتصدم عماد من ردها الغير متوقع محاولا استيعاب كلماتها الذي ظل يعد فيهما اياما، فهى قطعت له مسافه رحله تفكير استغرقت منه اياما .. تنحنح بخفوت قائلا
- تمام .. اتفضلى نامى في اوضك وانا هحاول على اد مااقدر مش هسببلك اي ازعاج .

بادلته بابتسامه زائفه عكس مراجل النيران التى تقاد بداخلها ثم انصرفت من امامه بهدوء ملتزمه صمتها وسكونها، تنهد عماد بارتياح اخيرا فكلماتها كانت سببا في اذابة جبال الجليد من فوق صدره ..

دلفت نورا لغرفتها بعدما ابدلت ملابسها واتاكدت من غلق الباب، فألقت جسدها في منتصف مخدعها كى تنتصر على جيوش اهوال قلبها التى لا تقودها إلا اليه ..

اما عن عماد فاكتفى ان يبسط جسده فوق الاريكه التى جلس فوقها غائصا في سُبات عميقٍ .

" وبحب الاتنين سوا يا هنايا في حبهم .. الميه والهوا ومحمد قبلهم "
كانت يسر تغنى بفرحه تغمر جدار شقتهم الصغيرة بقلوب عشاق الارض، تصف امام باب المرحاض الذي بداخله محمد لتردف غنائها بدلال، فرفع محمد صوته قائلا
- يابت عدى يومك ..
استندت علي مقبض الباب بدلال
- في عريس كده اول ما يدخل شقته يستحمى .
جز محمد علي فكى اسنانه قائلا بنفاذ صبر
- وفى عروسه بت ناس كده تتدلق كوبايه العصير على جوزها ؟!
كتمت ضحكتها ثم قالت
- الله ! ما انت اللي اطاولت وكنت بتفكر في حاجات شمال كده قولت اما افوقك ..
قفل محمد صنبور المياه وهو يتوعد لها
- طب وحياة ثريا يا يسر لاوريكى ..
ضحكت بصوت عالى ثم قالت بتحد
- مش هتقدر على فكرة ..

وضع محمد يده علي مقبض الباب ليفتح ولكنه فوجىء به مقفول من الخارج .. اردف بغل
- يسر انت قافله الباب .. !
اطلقت ضحكه انتصار قائله
- ااه مزاجى قالى انك تبات الليله دى في الحمام عشان تتربي ..
جز محمد على اسنانه اكثر قائلا
- اقصري الشر يا يسر وافتحى احسن اطلع افتح راسك ..
اصطنعت البراءه وهى تلعب في خصيلات شعرها بمزاح
- اصل يامحمد امى محرجه علينا وانا لازم اسمع كلامها ..

- هى امك قالتلك اقفلى على باب الحمام ؟!

- لا طبعا، دى قالتلى اخبطك بأى حاجه على راسك لو حاولت تقرب منى .

ظل محمد يتسامر معها وبداخله براكين تتوق ثم قال بهدوء
- وانت معملتيش كده ليه .

- تؤ بقي يامحمد متهونش عليا .. اخترت القضى الالطف، بص انت نام عندك كده والصبح يحلها حلال ..

- قولى لى يايسر هى امك بتعمل معانا كده ليه ؟! كرهانى ليه !

عقدت ذراعيها امامه صدرها مستنده بضهرها علي الباب قائله بهدوء
- اصل كان نفسها اتجوز واد حيلوة كده ياخد العقل والقلب شبه بتوع التلفيزيونات .. فأنت مكنتش جاى على هواها خالص، عشان كده عاوزه تبوظ الجوازه ...

ثم صمتت لبرهه منتظرة رده فاردفت بفضول
- محمد انت نمت جوه !
- ...
فتحت الباب سريعا كى تراه ولكنه فوجئت به امامها خارجا من باب المطبخ، شهقت بصوت عالٍ قائله
- انت خرجت ازاي ...!
جز محمد على اسنان بنفاذ صبر
- بقي محمد الهواري علي اخر الزمن ينط من بادروم عشان يدخل شقته ..

تأرجحت عيونها بخوف وهى تتراجع للخلف
- مالك يامحمد والله كنت بهزر مالك وووو ... انت بتبصلى كده ليه ! بص لو قربت منى هجيب امى ..

لم يستطع محمد ان يكتب صوت ضحكتها اكثر فوقف مكانه ضاحكا علي تلقائيتها .. ظلت يسر تراقبه باستغراب وخوف فشاور محمد اليها
- تعالى يا يسر تعالى بس كده اقفى قدامى وفهمينى ..

اقتربت منه بجسد مرتجف وعيون متراقصه على اوتار الخوف قائله
- انت مش زعلان !
جذبها من كفها بكل قوتها فشهقت بصوت مرتفع لتقف بين ذراعيه فتعمد ان يعبث بخصيلات شعرها قائلا بخبث
- انت حبيبي بردو .. وهو في حد يزعل من حبيبه ..
هزت رأسها بالنفى ثم اكمل محمد قائلا
- طيب انا راضي ذمتك فى واحده يوم فرحها مع حبيبها تقوله امى ومعرفش ايه .. !

- يا محمد اصلك ما تعرفش هى قالت ايه وانا بصراحه اخاف اعصي كلامها ..
ضغط محمد علي شفته السفليه بنفاذ صبر قائلا
- تعصي كلامها لا .. جوزك حبيبك بتفلق اااه ..
- امى واعرة قوى يامحمد ..
لم يتحمل محمد كلمة اخري فكلماتها كانت كافيه ان تشعل نيران الغل بداخله .. فانحنى بدون مقدمات ليحملها علي كتفه فجاة مما جعلها تشهق بقوة كشهقة الولادة مرددا بحزم
- ابو امك علي عيلتك كلها .. اتهوستى انت اياك !

 

" طيب والله يا لولا اتصلتى بوقتك مش عارف من غيرك كنت هقضي الليله مع مين !"
تعمد مجدى ان يصل صوته لاذان صفوه التى اغلقت باب الغرفه علي نفسها وهى تشتاظ غضبا من برودة كلماته .. فاكمل مجدى حديثه بسخريه
- عريس ايه بس يا لولا ! وانا اقدر بردو استغنى عنك ؟! المهم قوليلى نازله مصر ميته ؟!

فضولها قادها للوقف خلف الباب تستمع لحديثه باهتمام وهى تقول بتوعد
- كنت متاكده انك بتاع بنات وفلاتى طيب ودينى لاخليك تعدهم في عز الضهر بابن الهواري ..
اتجه مجدى نحو المطبخ يبحث عن شيء يأكله ومازال مكملا في مسرحيته .. فضحك بصوتٍ عال اخترق باب غرفتها قائلا
- احبك وانت فهمانى .. واموت ف اللبنانى الاصلى مش المصري المضروب اللي عندنا ..

شهقت صفوة بصوت مرتفع
- هو مجوزاه عشان يكيدنى ! طب وربنا لاوريك ..

فتحت باب الغرفه ثم اقتحمت عليه المطبخ فوقفت ترمقه بنظرات متارجحه معاتبه نفسها علي الخروج من غرفتها فلاحظ مجدى تواجدها فقال
- طيب اقفلى يا لولا ربعايه وجايلك ..

- تؤؤ وانا اتاخر عليك ياقمر انت .. !

ارتسمت صفوة معالم البرود ولكن بداخل مراجل تقاد، فبللت حلقها محاوله الانشغال بأى شيء امامها، التفت اليها مجدى متبسما
- اي هتحنى عليا وتحضريلى اكل .. اي الرضا دا !
لم ترفع عينيها لتجيبه فاكتفت بالرد المُثلج
- وانت اتشليت ! ما تحضر لنفسك ؟!
اقترب منها قليلا ليردف بمزاح
- ياختى فال الله ولا فالك ربنا يدينى الصحه ولا احتاجلك اصلا ..
تجاهلت كلماته فتحركت من جانبه لتحضر طبقا تضع فيه بعض المأكولات التى اعدتها عفاف لهم، بتلقائيه التف مجدى نحوها ليراقبها ثم قال بخبث
- انت خرجتى عشان سمعتينى بتكلم مع لولا صح ؟!

انشغلت صفوة في تحضير طبقها الخاص قائله بسخريه
- البنى ادم دا غريب ياخى بيوهم نفسه بحاجات وبيصدقها في الاخر ..

عقد مجدى ذراعيه قائلا بثقه
- زيك كده بالظبط !
رمقته بنظرة خبيثه مردفه بقوة
- بص تكلم لولا تكلم الجن الازرق ماليش فيه هنا كل واحد يعمل اللي يريحه عشان نكون متففين .. وزي ما جنابك عندك لولا وغيرها انا عندى اكتر .

اسهم نيران كلماتها صوبت نحو جبال جليديه فاذابته ليحال لكره ملتهبه وعيون يتوهج منها البخار
- انتِ قولتى ايه ياروح امك !
رفعت صفوة رأسها بشموخ
- اتكلم عن امى كويس يا جدع انت .

- جدع انت ! لا تعالي خدينى قلمين احسن !
هزت كتفيها بلا مبالاه
- وفين المشكله، اللي مش متربي ياخد قلمين وعشره كمان لحد ما يتربي .

نجحت في ثوران جيوش غضبه فجعلته يشتاظ غضبا يود ان ينهال عليها ليضفى نيرانه التى اشعتلتها ولكنه سرعان ما ادرك زمام الامر وفرمل ضدت جيوشه الثائره بابتسامه واسعه قائلا
- ضرب الحبيب زي اكل الزبيب يا صافى ..

كانت تنظر منه رد فعل معاكس غير الذي ابداه، ولكنه قضي على حبال توقعاتها فتأكدت انها امام عدو لست بهين .. زفرت بقوة مردفه بهدوء حاملا نبرة تحذيريه
- هدخل انام ومش عاوزه صداع .. وهتكلم لولا ولا بولا تكلمها بعيد عن الاوضة .. مفهوم .. !

اكتفى مجدى بارسال ابتسامه خفيفه لها تشير بنشوب الحرب البارده بينهما .. قائلا بفخر
- ينصر دينك ياض يامجدى ما يجيب النسوان الا نسوان آخريات.

 

" ما قولتليش تحب تاكل هنا ولا في اوضتنا "
اردفت ماجده جملتها وهى تتدلل امام انظار سليم قاصدة جذب عيونه نحوها ولكن محاولاتها كلها انتهت بالفشل .. اشعل سليم سيجارته ليزفر دخان احتراقه من الداخل قائلا بحده
- ماجده حلى عن راسي وروحى شوفى هتعملى ايه ..
جلست بجواره مردفه بهدوء مصطنع
- انت لسه زعلان منى عشان اللى حصل امبارح !

ثم مررت كفها فوق كتفه بحنو قائله بنبره قهراويه تحمل بين طياتها دلالا مغريا
- وبعدين يا سليم انا بغير عليك اوى، انت ليه مش عاوز تفهم ..

بعد سليم كفها بعيد فكان بثقل جبل فوق كتفه قائلا بحده
- عاوزه اي دلوق. !
نظرت له بميوعه قائله بنبره منخفضة
- عاوزاك تسيبلى نفسك خالص لحد ما انسيك الدنيا كلها .. قولت اي !

تنهد سليم بقوة متخذا نفسا طويلا من سيجارته قائلا بتأفف
- قولت اخذى الشطان ومرقي ليلتك ياماجده وخشي نامى .
وضعت ساق فوق الاخري لتظهر جمال ساقيها امام عينيه
- منا مش هينفع انام غير لما تيجى تنام جمبي .. اصل طول عمري بخاف انام لوحدى .. هو انا ماقولتلكش الموضوع دا قبل كده ..

اغمض سليم عينيه لبرهه مرددا بنفاذ صبر
- اللهم طولك ياروح .
تبسمت ماجده لانها رات بوادر نجاح مخططها ثم وضعت اناملها فوق راسه برفقه قائله
- تحب تاكل ايه اقوم اجيبهولك ..

نهض سليم من جوارها كالملدوغ قائلا بقوة
- مش عاوز زفت ..

ثم اتجه نحو الباب هاربا من حصار انفاسها كمن يهرب من جلاده للتو .. زفرت ماجده بضيق قائله بحرقه
- اقطع دراعى ما كانت بت العتامنه سحراله ...

وصل سليم الى سيارته متأفف ثم فتح بابها ليتناول العلبه الصغيره الموجوده فوق _ تابلوه _ السياره، ففتحها ليخرج منها هاتفه الجديد الذي اشتراه ضهر اليوم ويخرج شريحه هاتفه ويضعها بداخله، انتظر قليلا لينير شاشته واول رقم ركض عليه هو رقم وجدانته ولكن الياس اصابه فى مقتل عندما وجده لازال مغلقا، فطلب رقم ورد اختها لمس الامل قلبه وسرعان ما تلاشي بمجرد ما لم يجد ردا .. زفر سليم باختناق فاستدار ليدلف من سيارته وفى لمح البصر اقتنصته رصاصه الغدر في كتفه، تفوهه سليم صارخا مع صوت صراخ ماجده التى كانت تترقبه من اعلى ..

- سليييييييييييييم !

تريد ان تنطوى خطاوى الارض لتلقي بِها بين ذراعيه، تجمدت في مكانها محاوله استيعاب ما رأت، في اليوم الذي جمعهما القدر غدر بها للتو .. احتشد الغفر مع صوت طلقات النيران المندفعه صوب مصدر الصوت .. مسك سليم ذراعه متألمه وهو يلقى بجسده داخل سيارته ..

 

" في قصر العتامنه "

" يامري ! انت ايه اللي عملته دا .. هو دا كلامك ليا "
اردفت وجد بنيره مرتجفه التى كانت تنظر قدوم ادهم علي جمرات من نار .. فادرف ادهم قائلا بفخر
- حبيت بس اعلم عليه عشان تعرف ان رصاصتى ليه بطوعى وبامري ياوجد، ولو موافقتش يمين عظيم تلاته الرصاصة الجايه في قلبه ..

انخلع قلبها من موضعه متلهفه لتقول
- بس دا مكنش اتفاقنا يا ولد عمى !

رفع رأسه بشموخ قائلا
- والله رصاصتى جاله مزاج تحود من مافيش لدراعه .. اعملها اي يعنى ! كله في ايدك ... هروح ابلغ عمى ان المهمه فشلت وهنكررها قريب ..

رمقته وجد بنظرات ساخطه تشع الكره والحقد قائله
- منك لله يا ادهم اشوف فيك يوم قادر ياكريم ..

 

" في قصر الهواري "

انتهى محمد من ضماضة جرح سليم قائلا بتأفف
- كده خلصنا .. مكنتش مستاهله يعنى وكويس الرصاصه جرحته بس .. يلا قوم انت هتعملنا فيها عيان كفايه انك ضربتلى الليله ..

القى سليم نظرة علي ذراعه الملفوف ذو الكُم المنشق نصفين قائلا
- متأكد ولا عتجرب في ..

قضب محمد حاجبيه بضيق قائلا
- انا اصلا مش طايقك فاسكت وبعدين مش واثق فى عندك صفوة بت عمك فوق ناديلها ..

مجدى: صفوة مين ! دى في سابع نومه فوق ..
محمد بثقه: يبقي مش قدامك غير تثق فيّ ياولد ابوي ..

تدخلت ماجده تحتضن ذراع سليم بحب وخوف
- يامحمد انت متاكد انه مش محتاج مستشفى ولا جرحه ممكن يمدد

- انتوا جرالكم ايه انتوا شايفينى برش كنافه هنا !

راجح بهدوء: ياولاد قصدنا نطمنوا بس ..
عماد ربت علي كتف جده: ان شاء الله خير ياهواري ..
اتسعت عيون الجد قائلا
- خير كيف ! والعتامنه مش ناويه يجيبوها لبر ! انا فاهم راس حيدر زين دا قاصد يخوفنى .. ويدينى اشاره انه سهل يوصل لاى حد من احفادى بسهوله ..

سليم بتحد: مش هنعديها ياهواري .. ولازمن نرد الطلقه بعشرة .

ندبت عفاف وماجده لجملة سليم فادرفت عفاف بتوسل
- كيف اكده ياولدى انت عاوز تقهرنى عليك ..
ربتت ماجده على ظهره برفق
- بطل جنان ياسليم دا انا ممكن اموت فيها لو جرالك حاجه ..

قطع حديثهم صوت رنين هاتف سليم الموضوع يجواره، فسقطت كل الاعين عليه منتظرين رده، فوجئ برقم غريب فرد قائلا
- ايوة ... !

- كيفك ياضي عينى، سَليم انت بخير يا حبيبي !
اردفت وجد جملتها بلهفه زلزلت قلبه من مكانه مما جعلته يتناسى كل همومه واحزانه، كأن صوتها المنتظر مخدر احتل قلبه وعقله حتى تناسي تواجد الجالسين حذاه، ابتعد سليم عنهم قائلا
- وحشانى يا وجد قوى، اكده هان عليك سليم مترديش عليه وطنشيه .

- على عينى والله ياسليم .. صوح انت زين دلوق ادهم ناويلك على نية سوده قوى ..

- ادهم ده قتله علي يدى .. كل يوم عستعجل بأجله ..

- سليم وقف بحور الدم دى .. انا عاوزاك لى .. قلبي مش قادر علي بعدك ..

- ولا قلب سليم قادر علي بعدك ..

- المهم انك زين دلوق !
- جات سليمه الحمد لله .. بس قولى للعتامنه عندك الهوارة هيقلبوها مجزرة ومش هيسكتوا ..

- لا هتسكت وتعديها ياسليم .. عشان الحرب دى تقف وعشانى ..

- طلعى نفسك انت من الهري دا ..

- سليم الهري دا لو موقفتهوش انت هوقفه انا بطريقتى وماتجيش تلومنى ...

- وجد ما تعصبنيش واتكلمى عدل !

- سليم عاوزاك تتاكد انى عحبك قوى واي حاجه هعملها عشانك فمتزعلش منى .. خلى بالك علي روحك يلا سلام ..

هتف بصوت عال
- وجد .. الووو ...

التفت وجد بهدوء لتضع رقم سليم في قائمه الحظر وبحرص شديد تسللت كى تضع تابلت اخيها النائم بجواره ...

زفر سليم بضيق محاولا الاتصال بها مرارا وتكرارا دون جدوى
- وربنا ماحد عاوز رصاصه في راسه التخينة دى غيرك ياوجد ..

فالتفت حول صوت ماجده الصادر بحزن
- وهى كمان ليها عين تكلمك بعد اللي عملوه فيك ناسها..!
هتف سليم بنفاذ صبر
- حلى عن راسي يا ماجده ..

اومات باستسلام قائله
- طيب ياسليم هيجى اليوم اللى مش هيبقالك فيه غير ماجده .. يلا على شقتنا يا ابن عمى ..

 

وصل محمد لشقته متأففا حاملا بداخله جبال من الغضب، فتسلل نحو غرفته بهدوء ففوجئ بيسر نائمه فوق مخدعها، قطب حاجبيه متحسرا ثم دنى منها برفق
- سووو انا بعتك تجيبى مكركروم نمتى .. !
اردفت بصوت كله نوم
- عاوزه انام يامحمد اششش .
- اشششش! يابت دانا عريس والنهارده فرحنا !
- بكرة يامحمد .. نام نام ..
محمد متحسرا وهو يضع وجنته فوق كفه قائلا
- حسبي الله ونعم الوكيل في الهوارة علي العتامنه علي ثريا اللي بصت لنا في ام الليله دى ..

 

" افرد ضهرك ياسليم .. استنى اجيبلك مخدة تسند عليها دراعك "
اردفت ماجده جملتها باهتمام بالغ وهى تتولى مهمه اسعافه فامسكت ذراعه برفق لتضعه فوق الوساده الصغيرة قائله
- اجيبلك حاجه تاكلها ؟! .
اغمض سليم عينه قائلا
- طفى النور ونامى يا ماجده ..
- ما انت لازم تاكل عشان جرحك يلم ..
بسط سليم ظهره بعفوية قائلا
- مش عاوز لت كتير .. عاوز انام ..

رمقته ماجده بنظرات متتاليه ثم التفت لتدلف من فوق مخدعه واغلقت الانوار والباب خلفها، فتح سليم عينه بتنهيده عاليه قائلا
- والله الود ودى اروح ابوس راس العتامنه نفر نفر علي الواجب الل عملوه معاى .. اول مرة تعمل حاجه صح يا ادهم الكلب ..

" في صباح اليوم التالى "
رفعت وجد جفونها بتثاقل كأن جبال الارض رست فوقهم، تستمع لضجيج قلبها القوى بداخلها، التقطت نفسا طويلا محاوله رسم صورته علي جفونها لتتبسم قائلا
- ربنا يقرب اليوم اللى اصحى فيه القاك جمبي ياسليم ..

ثم استقوت لتنهض من فراشها وتعد عدتها متأهية للذهاب للمشفى، فدلفت الي اسفل وجدت اختها
- صباح الخير ياورد ..
قفلت ورد الكتاب الذي بيدها قائله
- سليم رن على إمبارح وماردتش عليه ..
استدارت وجد مصطنعه القوة
- غيرى خطك يستحسن ..
فوجئت بادهم يقترب منها ليلف ذراعه حلو كتفها قاصدا ازعاجها
- ست الضكتوره تسمحلى اوصلها المستشقى بعربيتى المتواضعه !
زاحت ذراعه بعيدا بقوة قائله بنبرة تهديديه
- يدك لو اتحطت على تانى هكسرهالك ..
قضب ادهم حاجبيه قائلا بطصنع
- طيب وليه الوش الخشب داهون .. دانا لسه عامل فيكى جميلة إمبارح .. هو دا جزاة المعروف !

- عاوز ايه يا ادهم ؟!
غمز لها بطرف عينه قائلا بخبث
- فكرتى !
التفت وجد نحو اختها التى تراقب حديثهم، فاتجهت للخارج بخطوات ثابته ثم تابعها ادهم وعلى ثغره ابتسامه خفيفه قائلا
- ها ادينا طلعنا من جار ورد .. ردك ايه .. ؟!

عقدت ذراعيها بتحدٍ قائله
- وانا اي اللي يضمنلى كلامك وانك مش هتغدر بسليم بعد ما اعملك اللى عاوزه ؟!

اعتلت شفتيه ابتسامة انتصار قائلا
- وربنا انت اجدع بت عم في الدنيا

رفعت وجد صوتها بنبره صارمه
- قولت ايه الضمان ؟!

- شوفى الضمان اللى عاوزاه وانا عينى ليكى .. بس الاول قوليها انك موافقه ..

ترددت وجد لبرهه ثم قالت بنبره متحشرجه
- موافقه يا ادهم .. بس بشرط !

نظر اليها بعيون ضيقه قائلا
- وانا كمان عندى شرط ...
معك فقط لا احب النهايات فبعد ذروة حبى لك افكر بقربي الدائم منك وبمجرد ان احظى بقسطٍ كافٍ من احضانك انتقل لمرحلة السكون بداخلك التحرك تحت جلدك كى ابحث عن ثُقبٍ يؤدى لقلبك مباشره كى اقيم بلا نهايه بلا ملل بلا خوف من شبح البعد، ولكن دائما الحياة تمنحنا عكس ما ارادنا ..

توهبنا عكس ما تمنينا فألقت بى في حتفٍ لا مفر منه سوى البعد، اكتفيت بك بعيدا .. سليما .. امنًا .. يكفينى من الحياة ان تكون بخيرٍ دائما حتى ولو مزق البعد قلبى، فوجودك فالوجود يمنحه الوجود، ويمنحنى نصيبى من الامان كاملًا.

ترددت وجد لبرهه ثم قالت بنبره متحشرجه
- موافقه يا ادهم .. بس بشرط !

نظر اليها بعيون ضيقه قائلا
- وانا كمان عندى شرط .
بللت ريقها الجاف قائله
- تنسوا حكاية التار دى البلد مش ناقصه خراب .. وتشيل سليم من راسك يا ادهم .. انت فاهمنى ؟!

ابتسم بخبث قائلا
- نشيل سليم وقنا كلها لو تحبى ..
عقدت ذراعيها متأففه
- اي شرطك ..
رد ادهم بدون تفكير قائلا
- ترمادول !
عقدت وجد حاجبيها متعجبه
- نعم ! قصدك ايه ..
اتسعت ابتسامة ادهم الماكرة
- هتخلطى مع الهروين ترمادول !
اتسعت حدقة عينيها بذهول قائله
- انت اتجننت ! جرى لمخك حاجه صح ! انت عارف معنى كلامك ايه اصلا ؟
اجابها مقاطعا وبنبرة صارمه
- عارف ياوجد .. وعارف كمان انها هتكون نقله لينا لفوق السحاب وكمان هنساعد الغلابه اللى بيتمرمطوا علي شريط الترمادول هنفيدهم منها هيعملوا دماغ عليوى وكمان هنعالج مشاكلهم الصحيه .. وكله في خدمه ولاد بلدنا !

نظرت له باشمئزاز واستنكار
- انت مش طبيعى ! عشان تعلى وتوصل تموت الناس في شهور .. انا مستحيل اعمل اكده .. وروح اعمل اللي تعمله يا ادهم .. انا مش هابقي انانيه واموت خلق الله عشان احافظ علي حبيبي العمر واحد والرب واحد يا ولد عمى ..

قبض على ذراعها بقوة وبنبره مهدده قائلا
- بلاش تمشي معاى في العوج ياوجد .
ازاحت ذراعه بعيدا قائلا بنبرة تهديديه
- واعرف الاول ان بت سالم ما عتخافش .. واقسم بالله لو فتحت معاى السيرة دى هبلغ عنك ..

القت وجد قذيفة كلماتها عليه ثم تركته وغادرت برأس مرفوعه معانده، وجدت امها امامها تراقبها بفضول فاردفت
- مزعلة ولد عمك ليه ياوجد ..
رمقتها بنظرات ساخره ثم التفت للخلف لتنظر له باشمئزاز
- ميشرفنيش انه يكون ولد عمى اصلا ياما ! عقلي واد ساميه وقوليلوا يتقى ربنا ..

قطعت حديثهم ساميه المدلفه من اسفل مرتديه ثوبا طويلا من خامة -الجل- مجسدا لمفاتنها بوضوح مردده بصوت نسائى فاجر
- ومالها ساميه يادلعادى !
رمقتها وجد بنظرة استنكار قائله
- جيتى فضحتى العتامنه كلهم وخلينى سيرتهم علي كل لسان .. وسبتيلهم ديل نجس ..

اقتربت منها ساميه قائله بميوعه
- ما تربي بتك يا كوثر ولا يجى جوزها يعيد تربيتها من اول وجديد .. !

وجد باغتياظ: وعلى ايه نقصروا الشر احسن ونسيب التربيه لصحابها .. فوتك بعافيه ياما .. _ثم رفعت نبرة صوتها مناديه على اختها_ كبري مخك منيهم ياورد وركزي في كتبك ياحبيبتى لحد ماهنضفوا البيت قريب من الاشكال العكره دى .

غادرت وجد وتركتهم يحترقون من الداخل وكل منهما ينظر للاخر بتساؤل فاقترب ادهم منهما قائلا بضجر
- بتك مش ناويه تجيبها لبر يا كوثر !

- وهى بردو لسه مصممه متقفش في ضهرك وضهر عمك وتوسع خيركم !
- اووووف راسها تخينه واجيلها يمين تجيلى شمال .. وحلفت لو فتحت معاها الموضوع دا تانى هتبلغ عننا ..

كوثر بصدمه: وه وه وه ! دى اتهوست !

فكرت ساميه لبرهه ثم اردفت بخبث قائله
- طب ورحمة ابوك لاجيبهالك راكعه يا ادهم .. وابقي قول امى قالت ...

كوثر بقلق: هتعملى ايه في بتى ياساميه .. كله الا بناتى .
لاحت لها ساميه بكفها بسخريه قائله
- ياختى بلا نيله وانا هعمل اي يعنى ! انا بس هقرص عليها بطريقتى لحد ماتوافق تقف في ضهر عمها وولد عمها ... كنت متاكده انها هتتجوع كده وعملت حسابي

وصلت وجد لباب البوابه منتظرة السائق فوجدت فايز ابن عمها الاخر خارجا من سيارته قائلا
- طب جناب الضكتوره ينفع تتكرم وتيجى اوصلها بنفسي.

ابتسمت بخفوت قائله
- مش عاوزه اتعبك يافايز ..
- تعبك راحه يابت الغالى .. تعالي وهتصل بعم سيد اقوله يجيلك على هناك ..

استسلمت وجد لطلبه وصعدت معه السيارة بامتنان وشرع فايز في فتح عدة مواضيع مختلفه ..

 

"في مبنى العرسان "

وضعت نورا اخر طبق من مستلزمات الفطار علي الطاوله بهدوء وهى تنظر لعماد النائم على الاريكه بنظرات اعجاب والم، كان يبدو في هيئته ملاكا مسالما يلتقط انفاسه بهدوء مما يدل على سلامه الداخلى، تبسمت شفتيها بحب ثم خطت بخطوات سحلفيه كى تعود لحجرها مرة اخري، ولكنها توقفت على ندائه المفاجئه قائلت بصوت مختلطا بالنوم
- كنتِ محتاجه حاجه ..

ضغطت على شفتيها السفليه بارتباك مع هزه خفيفه في كتفيها قائلة
- لا ابدا انا جهزتلك الفطار بس ..
اعتدل عماد في جلسته ليرتسم معالم الجديه
- مكنش له لزوم على فكره ..
طافت عينيها يمينا ويسارا قائله
- هو ايه دا ؟!
نصب عماد عوده بعفويه وهو يتجه نحو المرحاض قائلا
- انك تحسي بعبيء عليك او انى ملزوم منك .. عيشي حياتك عادى ..
كغصه علقت في حلقها فاجبرت ثغرها علي اطلاق ابتسامه زائفه
- انا بتصرف بالصح والأصول وبس .. بعد اذنك ..
ثم فرت هاربه من اسهم كلماته الثاقبة لتغلق باب غرفتها وتنفجر باكيه ..

" ما هو ما فيش حد طبيعى يقعد فى الحمام ساعه وربع .. كده كتير .. طب طمنينى عليكى وقوليلى انك عايشه طااب "

اردف مجدى جملته ممازحا وهو يقف امام باب الحمام منتظر خروج صفوه، ففتحت باب الحمام مزمجره بضيق
- اي الازعاج اللي علي الصبح دا !
تجاهل مجدى سؤالها وهو بتأملها بصدمه
- انت ليكِ اكتر من ساعه جوه وعاوزه تقنعينى ان مافيش نقطه ميه حتى علي وشك !؟ كنتى تعملى اي جوه ..

- كنت قاعده مع نفسي شويه .. فيها مانع دى !
- وانت سبتى براح الشقه كله عشان تقعدى في الحمام لوحدك .. انت ملبوسه ياما ؟!
ابتسمت ابتسامه ساخره وهى تقول
- ااه اصل كنت لامه الشياطين جوه وعاملين حفله .

تبسم مجدى ابتسامه واسعه
- وازاى ماتعزمنيش !

زفرت بوجهه بقوة ثم تأهبت للمغادرة ولكن اوقفتها جملة مجدى التى استفزتها اكتر
- صافى والنبي الفطار علي السريع بس عشان واقع من الجوع ..

رمقته بنظرة تفتنته بها من اعلى لاسفل قائله
- واي العشم دا ..!

مجدى بثقه
- كأي عريس بيطلب من عروسته مش غريبه يعنى !

- لا منا مش خلفتك ونسيتك عشان افتح عينى علي المطبخ واجهز لمعاليك فطار .. مش نايمه احلم بيك لسمح الله ..

اجابها بغمز ليثير استفزازها اكثر
- مش جوزك وقرة عينك ولا ايه !

خشيت ان ينكشف امرها وتفضحها ضحكتها المكتومه امامه، فقضبت ملامحها بصعوبه وهى ترمقه باستخفاف وتدير ظهرها لتنصرف من امامه، فردد مجدى منتصرا
- كنتى هتموتنى وتضحكى انا شوفتك ...

تجاهلت حديثه نهائيا حتى وصلت الي غرفتها واغلقت بالباب بكل قوتها امامه بملامح متجمده لتسير نحو حقيبة ابحاثها لتستعيد نشاطها اليومى متجاهله تواجده معها تماما

" ممكن اعرف كنتى فين "
اردف محمد جملته بنرفزه لزوجته التى تدخل من باب شقتهم، فاستدارت لتقفل الباب قائله بهدوء
- والله ابدا امى كانت عاوزانى تحت ووووو ..
رمقها باهتمام وهو يقترب منها قائلا
- واييييييه !
تحمحمت بحرج لتردف بهروب من حصار عينيه
- هجهزلك الفطار ..
قبض محمد علي ذراعها فجاة ليمنع حركتها قائلا
- امك كانت عاوزه ايه يايسر ..
بلعت ريقها قائله بارتباك

- يا محمد لازم تفهم ان امى مش نايمه علي ودانها عارفه اننا بنحب بعض، وعشان كده خبطت عليا من صباحية ربنا عشان تشوفنى عملت ايه .. _ثم ذرفت دمعه من طرف عينيها بحزن وهى تشهق_ انا حقيقي تعبت اوي من الطريقه والاسلوب اللي بتكلمنى بيه، انا مابقتش عارفه اعمل ايه ..
استمع محمد لها باهتمام حتى انهت كلماتها، فدنى منها اكثر ليحتويها بذراعيه ويربت على ظهرها بحنان مردفا
- عشان كده عملتى نفسك نايمه امبارح .. كنت عارف علي فكرة !
تبسمت وسط بكاؤها وهى تدفث رأسها في صدره قائله
- انا اسفه يامحمد ..

ابتعد عنها سريعا ليسحبها من كفها فاتبعته وهى تمسح دموعها المنهمره حتى وصلا الى المطبخ قائلا
- سو عاوز فطار ملوكى حاااااالا .. وانا هقعد كده اتفرج عليكِ ..
رمقته بنظرة مستفهمه فاردف محمد بتلقائيه
- هى امك كمان منبهه عليكى متحضريليش وكل ! اي الافتري دا !
ضحكت بصوت مسموع فابتعدت عنه قائله
- ١٠ دقايق بس واحلى فطار لاحلى محمد في الدنيا ..
رمقها محمد بعيون ضيقه وهو يحك ذقنه متوعدا
- ايامك معايا سوده ياثريا ...

 

تُمرر ورده حمراء على وجنته بدلال قائلة بصوت منخفض
- سليم كفايه نوم .. يلا قوم بقي كُل ونام تانى ..
فتح سليم جفونه بتثاقل قائلا باستفهام
- هو في ايه !
تبسمت ماجده بحب قائله
- جبتلك الفطار لحد السرير .. يلا قوم عشان تفطر ..

اعتدل سليم متأففا ويدلك عينيه بتكاسل فسقطت عنيه على ثوب ماجده القصير جدا .. اتسع بؤبؤ عينيه مذهولا ولكنه قرر التجاهل حتى يفشل عليها كل مخطاطاتها ... سحبت ماجده طاوله الطعام بجانيه قائله بدلال
- هوكلك بيدى .. ممكن !
انعقدت ملامح سليم قائلا بسخريه
- لا يدى التانيه سليمه هعرف اكل بيها، كتر خيرك ..
كلماته اعتصرت قلبها ولكنها تجاهلت الالمها بابتسامه مزيفه قائلا
- طيب يلا خلص كل الوكل دا .. وانا هجيبلك عصير ..

اكمل سليم في مسرحيته وتصنعه بالالم وثقل ذراعه، متجاهلا تحركت ماجده التى تتراقص علي اوتار غرائزه الفطريه قاصده ابراز ما خفى من جسدها بميوعه .. بلل سليم حلقه الذي جف بكوب مياه اخر قائلا بحسره
- دى شكلها ايام سودة منقطه بسواد وحطت فوق راسك ياسليم

 

وصلت وجد بصحبة فايز ابن عمها امام مبنى المشفى لتقول بصوتٍ ممزوجا مع فرملة سيارته
- انا تعبت منهم قوى يافايز وحقيقي مش عارفه اعمل ايه ..
اتكأ فايز بظهره للخلف قائلا
- ياوجد عمك وادهم ناويين يكحلوها خالص، ولو كبير العتامنه دري باللى عيعملوه مش بعيد يقتلهم ..

- دول عاوزينى اشتغل معاهم يافايز انت متخيل ..
- اااه عرفت وكمان ماسكينك من يدك اللي توجعك .. حاطين حياة سليم قصاد شغلكم معاهم ... انا من فترة عاوز اقولك بس كنت مستنى اتاكد الاول .. واهو ادينى اتاكدت .. هنعملوا ايه يابت عمى .

بللت وجد حلقها الجاف بتفكير قائله
- نروح لكبير العتامنه ؟!
هز فايز راسه نفيا قائلا
- حيدر وادهم تعابين وهيعرفوا يخرجوا منيها زين، واحنا معناش دليل قوى عشان نروح نبلغ عنهم وبكده هنفتح في وشنا بيبان ماهتخلصش ..

فكرت وجد لبرهه مردفه بحماس
- يبقي لازم تساعدنى يافايز انا مش بثق غير فيككك ..
التفت فايز نحوها باهتمام قائلا
- رقبتى يابت عمى ..

- طب اسمعنى هقولك ايه وتنفذه بالحرف ...
- سامعك يابت عمى

 

ارتشف محمد كوب المياه بانتشاء ثم تنهد بحماس قائلا
- تسلم يدك يا سوو ..
تبسمت يسر بفرحه قائله
- هنا وشفي ياحبيبي ..

شرع محمد في جمع الاطباق ليردف بهمه
- ترتاحى انتِ وانا هلم الدنيا دى !
وثبت يسر قائمه وهى تقترب منه بتلقائيه قائله بحب
- لا ياحبيبي عنك انت .. روح بس شوف هتعمل ايه وانا هتصرف مع نفسي بقي ..
رمقها محمد بنظرات شوق ماكره كالثعلب عندما ينتوى لصيد فرائسه ليقترب منها اكثر ممررا انامله فوق ظهره برفق قائلا بهمس
- لا منا خلاص عرفت هعمل ايه ..
فزعت يسر بعيدا عنه بعد ما القت ما بيدها من اطباق قائله بذعر
- محمد هتعمل ايه ؟!
تبسم محمد بخبث قائلا
- هعمل اللي معملتهوش امبارح ...

تارجحت عيونها بخوف لتقول
- ما انت كنت حلو من شويه اى اللى غيرك كده ..
وضع محمد يده في خصره قائلا بغمز
- لا منا كنت بصطاد السمكه الاول ..
ثم دنى منها فجاة ليحاوط خصرها بذراعه القوى فتلتصق بجسده قائلا
- وحشتينى يابت الايه ؟!
حاولت التقاط انفاسها بصعوبه بالغه مستجمعه شتات الكلمات في حلقها وهى ترمقه بنظرات الخوف والحب، القرب والبعد، التمرد والخضوع، فشرعت لتحريك ثغرها لتردف عليه بوادر كلماتها ولكن سرعان ما ابتلعهم محمد بقبلاته المفاجئه وهو يقربها اكثر فأكثر إليه، ثار عنادها لوهله ولكن سرعان ما حطم جيوشه بمشاعره المتدفقة له ليرتفع علي قلبها راية المزيد من الحب .. القرب .. الشوق .. فقدت زمام السيطرة على كل شيء حتى تناست نفسها بين ذراعيه محلقه فى سماء حبٍ تنتشي له القلوب والابدان ..

 

" ماهو بص ياهواري لو انت هتعديها انا مش هعديها ولو على رقبتى "
اردف سليم مزمجرا وهو يقتحم ساحه القصر الواسعه بعدما نجح في الهروب من حصار ابنة عمه التى اقتنصت هدفا لتتراقص فوقه بمهارة ليكون لها في نهايه المطاف، جلس سليم بجوار جده الذي قال بشموخ .
- هتروح تعمل ايه ياسليم .. هطخه زي ما طخك ؟!
اجابه متحديا
- لا يا هواري بس اللي يتاخد بالدراع مابيرجعش غير بالعقل .. والقلم هيترد وزياده ..

اردف راجح الهواري بحسره
- بحور الدم دى لازمًا تُخلص ياولدى .. التار نار قايده عتحرق ماعتنطفيش واصل ..

- ومين شعلل النار دى غير ولدك ياجدى !
ضرب الارض بمؤخره عكازه ليضح حدا لاتهامات سليم الجارحه ليقول
- عمك ماقتلش .. ولا عمره يعملها طول حياته هو وسالم صحاب ياولدى .. ولو العالم كله قال ولدى قاتل انا مش هصدق .

جز سليم علي فكيه بنفاذ صبر
- اومال لو مش هو هرب ليه ! ولو مهربش فينه له اكتر من سنه مختفى، بلاش تبرر له حاجه يا جد .. ولدك دمرنا كلنا بعملته دى ...

ثم وثب سليم قائلا بنبره تهديده
- وانا مش هسكت مش ولد الهواري اللى يسيب رصاصه تلمس دراعه وميردهاش بمدفع ..

زمجر جده بقوة مردفا
- بت سالم كانت قبل امبارح في نص الليل هنا عتعمل ايه ياسَليم ؟!
تسمر ف مكانه محاولا استيعاب القنبله التى فجرها جده للتو، فادرف بتردد قائلا
- عرفت كل دا ومقدرتش تعرف جات ليه ..

اقترب منه جده مستندا على عكازه قائلا بضيق
- رد زين على جدك ياسليم ..
تأففةسليم بضيق قائلا
- كانت جايه تباركلى .. زي بالظبط ما ناسها جم يباركوا ..

رمقه جده بنظرات ساخره
- قصدك جم يعاينوا وهى جات تتأكد من مهمتهم نجحت ولا لا ..

عقد سليم حاجبيه قائلا
- قصدك ايه .. مش فاهم .. ؟!

اكمل الجد قائلا
- اصلهم جم لحد اهنه وهما ناويين يشيلوا خمسه كيلو بودرة ولولا انى كنت عارف بملعوبهم وصيت الرجاله عيونهم ماتنزلش عن كلب فيهم .. وفعلا اللى خفت منه حصل ورجالتى كتموا علي الموضوع ورموا البضاعه فالترعه، ولما راجح عرف اتقهر وقال يكمل ملعوبه ويبعت بت اخوه تعمل اللي معملهوش هو .. بدل مايحمد ربنا انى طلعتوه على رجليه هو وعياله ..

اتسعت حدقة عينى سليم محاولا استيعاب الكلمات قائلا
- مش معقوله ! لا انت فاهم غلط ياهواري ..

لكمه جده في كتفه بقوه قائلا بصوت مرتفع
- عتلعب بيك ووخداك كوبري عشان تضيعنا كلنا وانت مغفل .. سايب اللى عتحبك وماشي ورا بت اهلها اكبر تجار بودرة وهروين ياسليم ..

رفع سليم عيته بتحدٍ قائلا
- خلينا متفقين ان العتامنه ديلهم وسخ وان حيدر وادهم يعملوا اكتر من اكده .. وجد ذنبها ايه تحكم عليها ليه من غير ما تعرفها !

نهرهه جده بقوه قائلا
- انت اللي شكلك متعرفهاش .. وجد هى اللي عتطبخلهم الليله كلها .. كلهم عايشين من خيرها يا ولدى .. والا قال لى اكده واحد من صلبهم ..

اردف سليم متحديا
- لو العالم كله قال عليها طباخة ممنوعات مستحيل اصدق .. بت سالم ماتعملش اكده واصل ومهما حصل ياجدى متحاولش تكرهنى فيها لانى مش هكرهها حتى ولو عملت كده !

رمقه الجد بحسره قائلا
- فايز ولد عمها هو اللي قال اكده بعضمة لسانه وزمانه راح ليبلغ عنهم كلهم...

 

تجوب ثريا عرفتها ذهابا وايابا هى تفكر في حال بناتها واخر جمله قالتها يسر قبل ما تتركها وتغادر
- بس ياما انا بحب محمد ..
ضربت ثريا كف على الاخر
- ااااه ياناري .. هتعملى ايه فالنصيبه دى ياثريا ! لا ما بدهااااش لازمن البنات يعرفوا كل حاجه النهارده ... احسن ينبلوا الدنيا .. منا بردو مكنش ينفع اوافق علي الجوازه دى كان في كذا حل غير الجواز ...
ثم اتجهت نحو الباب مسرعه وهى تقول
- انا لازم اطب عليهم دلوق .. قلبي قايلى ان في نصيبه بتحصل .. منا مش هكون مطمنه وهما مع عيال الحربايه اللي ما تتسمى دى ...

" ست عفاف ست عفاف .. الحقى "
اردفت الخادمه جملتها على اذان عفاف الجالسه بغرفتها تخيط قطعه قماش بيدها قائله
- مالك يامزغوده ...
- الحقى .. ست ثريا رايحه ناحيه العمارة بتاعت العرسان وشكلها ميطمنش واصل ..
ضحكه ساخرة شقت شفتي عفاف قائله
- سبيها نارها تحرقها .. عاوزه تخرب علي بناتها عشان غبيه ومتعلقه بحبال الماضى !

اقتربت منها الخدامه بفضول
- اي ياستى .. عتقولى ايه !

قضبت عفاف حاجبيها
- وانت مالك يابت يلا غوري اقضيلك مصلحه وخليكى في حالك يلاااااه ..

- انا غلطانه انى بوعيكى ...

- لا ياختى واعيه ودريانه زين .. بس مكبره مخى لحد ما النار تاكل صحابها ...
ثم تنهدت بارتياح
- ربنا يصلح حالك يابت عمى .
يجلس مجدى امام شاشة حاسوبه الخاص يتابع شغله بعنايه، محاولا الانشغال عنها والسيطره على قلبه المنجذب لها دوما وهى كالجبال لا تلين ولا تميل حسب ما يهوى هواه، رفع حاجبه بتوعد وهو يقفل شاشة _اللاب توب _ قائلا لنفسه
- اي الخمول دا ! الواحد يروح يشوفله خناقه ولا حاجه ..

ثم اقترب من غرفة صفوة ليطرق الباب بجمود لاكثر من مرة فى كل واحده كانت تتجاهله الا ان ارتفع صوت عناده المزعج على الباب، رفعت رأسها من قلب الاوراق المبعثرة امامها قائله بصوت عالٍ اخترق الباب
- افنندددممم ..
اعتدل مجدى ليرتب ملابسه قائلا بمزاج
- دا انا ...
رفعت حاجبها متأففه
- منا عارفه انه انت .. عاوز ايه ..

- عاوز اكل ..
نهضت صفوه من فوق مكتبها بعصبيه، ثم اقتربت من الباب لتفتحه فجأه قائله
- وسبق وقولت انى مش قافله على الاكل والله ..
اتسعت حدقه عيون مجدى وهو يبتلع ريقه عدة مرات وهو يتفتنها بإعجاب ليري شعرها المنسدل الذي تحرر من _ضفيرته_ للتو تبدو كحُريات الجنة امامه ليفيق على صوتها القوة وهى تلملم شعرها بتلقائيه
- انت بتجر شكل والسلام !
شرد مجدى مردد بهيام
- اي العسل ده ؟!

عقدت صفوة ذراعيها امام صدرها قائله بحدة
- نعممممممم !
فاق مجدى من شروده سريعا ليقول بصوت عال
- يووووه قصدى اي اللي بيحصل ده !
عقدت حاجبيها مستنكرة
- لا والنبي !
- احم .. طب والله عسل ..
شرعت ان تغلق الباب فجاة ولكنه افشل مخططها سريعا باقتحامه لاعتاب غرفتها قائلا بنبره اشبه بالجديه
- ماهو دا مش اسلوب ياهانم ... انا مش متجوزك عشان تقفلى اوضتك وانا اقعد بره زى قرد قطع لوحدى وكل واحد مننا في وادى واسمنا في بيت واحد، ماهو مش جواز دا .. !

رمقته بنظرات ساخرة لتقول بهدوء
- امال اي الجواز اللي حضرتك مستنيه !
التفت اليها متبسمًا ليقول بشرود
- فين الافعال اللي يرفضها العرف والمجتمع !
شهقت بصوت عال ثم لحق مجدي نفسه مرددا بسرعه
- اكل يتحرق ودخان طالع من المطبخ وابقي ضحية ست سجلها المطبخى كله هباب في هباب .. فين الاكشن دا ؟!
اقترب صفوه من المكتب الموجود اقصي جانب الغرفه وهى تشير على بعض المواد الكيميائيه الموجوده فوقه
- انا مفهمش اي حاجه غير في دول،، فأحسنلك بلاش معايا السكه دى مش هتاكل معايا خاف على عمرك انت ..

- ياباشا احنا ناكل الزلط طالما من ايدك ..
تعمدت صفوة ان تتجاهل حديثه لتكمل دراستها ببروده، ظل مجدى يرمقها بنفاذ صبر ليقول لنفسه
- صبرنى يارب عليها عشان مقتلهاش ..

اقترب مجدى من خزانه الملابس ليفتحها فوجد بها كثيرا من الملابس الحريمى الخاصه بالعرسان ظل يتفقدهم بعنايه قائلا
- والله ياما الواحد ما عارف يودى جمايلك فين، بس هو الجميل يحن بس ..

اغلق مجدى باب الخزانه بعنف محاولا اثارة غضبها ولكنها كانت تبدو كجبل من الجليد لا يُذيبها اشعة غضبه، فطرق فوق سطح المكتب قائلا بهدوء
- تحبى اساعدك في حاجه !
رفعت طرف عينيها بشموخ وهى تشير بكفها
- اتفضل اطلع بره ..
ثارت جيوش غضب مجدى قائلا بانفعال
- ايييييه ياما التناكه اللى انت فيها دى،، دانا لولا انى متربي وابن ناس كان زمانك في مكان تانى دلوقتى فووووقي وبصي لنفسك في المرايا الاول ..

اغنضت عينيها بجمود ثم فتحتهم ببطء قائله
- مكان تانى ! فين بقي ؟!
اتسعت ابتسامة مجدى قائلا بتلقائيه
- في حضنى ...
وثب قائمه كالطوفان في وجهه قائله بصراخ
- انت قليل ادب ومتربتش .. واتفضل اطلع برره ..

اقترب منها مجدى بخطوات سلحفيه مما جعلها تراقب ملامحه الجديه بعيون متأرجحه وهى تتراجع للخلف واضعه اناملها فوق شفتيها بتلقائيه معاتبه، زاد مجدى في اقترابه نحوها حتى جلست فوق مقعدها بتوتر وخوف واضح .. انحنى بنصفه العلوى ليضعها بين حصار ذراعيه ويدير مقعدها نحوه قائلا
- ولاد عم علي عينى وعلى راسي، متجوزانى غصب عنك وقولت ماشي نصيبنا كده وهفضل طول الوقت حاميكى حتى من نفسي وهعديها، انما انك تتمردى وتتفرعنى وتنسي انى جوزك حتى ولو علي ورق واحترامى واجب عليك .. دا اللي مش هسمح بيه يابت عمى .. تمام يادكتورة .

تبادلوا النظرات لبرهه من الوقت حتى تنهدت صفوة تنهيده ارتياح بمجرد سماعها صوت جرس الباب وابتعاد مجدى ببطء عنها وهو يرسل لها اخر نظرات التحدى .

مستنده براسها فوق صدر حبيبها الاول الاخير تحتضن ذراعه الذي يحتويها بطيف الحب والامان لتقول بهدوء
- محمد ..
لازال محمد مغمض كلتا عينيه كانه غائصا في نهر الحب لايريد ان يُعكر بالحديث، فاكتفتى بأصدار صوت خافت
- ممممممممممم ..

- انت ساكت ليه ؟!
ابتسم محمد علي سذاجه سؤالها فاكتفي باحتضانها اكثر ليقول
- بروى روحى منك ..
بسطت يسر ذراعها الصغير فوق خصره لتقول
- ازاي يعنى !
اكمل محمد حديثه بهدوء
- لما افتح عينيا بشوف الوان كتير حوليا ممكن تشغلنى عن احساسي بحُبك اللى ساكنى دلوق، اما لما بغمضهم مش بشوف غير سواد وعتمه بتنوريهم عشان انت النور الوحيد في حياتى اللي مش عاوز اشوف ولا احس غيره .

طبعت قُبله خفيفة فوق جسده قائله
- وانت اجمل حاجه حصلتلى في حياتى كلها يا محمد .. اقولك انت اصلا حياتى كلها ..

اكتفى محمد بالاعتدال لينام علي جانبه الاخر ويدفثها داخل احضانه بعد ما طبع قُبلة الحب على ثغرها، صمت تام لاكثر من دقيقه قطعته يسر بسؤالها الساذج
- محمد .. هو انت ممكن تقول لامى على اللي حصل ؟!
نظر لها محمد بعين واحده والاخري لازلت منغلقه محتفظه ببقايا الاحساس بالحب الذي بعثره سؤالها قائلا
- نعم ياختى !
ارتبكت في احضانه قائله بخوف
- يا محمد بلاش الاسلوب دا .. اوعدنى بس انك مش هتقولها حاجه عشان خاطري ..
اعتدل محمد ليستند علي كوعه قائلا باستنكار
- حاجه زي ايه مش فاهم قصدك !

- اووف يوووه يامحمد .. قصدى ماتقولهاش علي اللى حصل مابينا وكده يعنى ..

غمز لها بطرف عينه قائلا بخبث
- وهو ايه اللي حصل ما بينا ؟!

لاحت بكفها بنفاذ صبر
- يووه يامحمد .. انت بتستهبل !
رجع خصيله من شعرها خلف اذانها قائلا بخبث
- لا فهمينى عشان اوعدك اذا كنت هقول ولا لا ..
رفعت صوتها بخجل مردفه
- محمممممممد ..
رد سريعا
- قلب محمد من جوه ..
ابتسمت ابتسامه طفوليه
- مش هتقول لماما على اللي حصل ..
عقد محمد حاجبيه مستنكرا
- وهو اي اللي حصل !

عضت علي شفتها السفليه بتلقائيه ولطخت وجنتيها بالحمره نتيجه اسهم نظراته التى لا تصوب الا نحو قلبها .. ليقول ممازحا وهو يدنو منها اكثر
- طب بصي احنا نكرر اللي حصل بينا من الاول خالص، ولما اوصل للحصل اللي مش عاوزانى اقوله لمراة عمى تقوليلى هو دا .. بيس ياوومن !
اطلقت ضحكه مرتفعه على اسلوبه معها حتى اوشك ان تمتزج انفاسهما سويا ولكن صوت طرق على الباب ارتفع اكثر فأكثر .. نهض محمد متأفف ليقول باغتياظ
- الجوازه دى منظورة وانا عارف مين بصلى فيها وهطلع عينه ..

يسر بخوف: استنى يامحمد لتكون امى ..
محمد معاندا: طب يارب تكون هى عشان ناوي اجلطها قريب ...

 

اتجه سليم نحو سيارته مسرعا يأكل خطاوى الارض غضبا .. ففتح بابها وصعد بداخلها ليبدأ في التحرك، رجع بظهر سيارته للخلف قليلا مما اصدرت صوت مزعجا ثم تقدم بسرعه فائقه للامام وهو يضرب مقود السيارة بقوة متجهًا نحو مشفى العتامنه ...

جالسه ثريا التى لم تنم منذ ليلة امس بسبب قلقها وذعرها خشية على بناتها التى تتوهم انها القت بهم في فم الاسد مجتمعه بهم جميعا في غرفتها لتقول بحده
- كل واحده فيكم تقول حصل ايه بالظبط معاها ...
اندفعت صفوة قائله بفخر
- انا عن نفسي بنفذ كل كلمه قولتيها بالظبط وزمان سي مجدى دلوقتي بيصوت زي النسوان فوق .
التفتوا إليها جميعا بذهول لتردف يسر قائله
- يخربيتك ! هببتي اى في الواد ..

صفوة بفرحه عارمه
- هو اللي هبب في نفسه .. مش انا ..
ثريا بفخر: جدعه يابت ..
ثم التفت نحو باقى بناتها قائله بجمود
- وانتوا ياهوانم !
شعرت يسر بالارتباك والقلق محاوله السيطرة علي جيوش الذعر التى انقضت عليها .. اما عن نورا اردفت
- عماد بيحب مراته ياما .. اتاكدى انى زي ما دخلت زي ما هطلع ..
ثريا بفرحه
- اصلا جوزك كلمنى وقالى عاوز يردك وانا وافقت ..

انتفضت نورا من مجلسها بقلق
- اييييييه ! مستحيل ارجعله اصلا .. اي الجنان دا ..
- اكتمى يابت .. خُلص الحديت في الموضوع دا ..
ثم التفت نحو ماجده قائله
- وانتِ يااخرة صبري .. نيلتى ايه !
انعقدت ملامح ماجده قائله
- وانا هعمل ايه يعنى وهو طول الليل راقد في السرير .. والنبي ياما سبينى في حالى ..
زفرت ثريا بنفاذ صبر ثم وجهت نظرها نحو يسر التى تجمدت من الخوف قائله
- هاا واخرة العنقود اللي مطلعه حسي !

انتفضت من مرقدها كالملدوغه لتقول بنبره مرتجفه
- انا ! كل اللي قولتى عليه يااما اتنفذ بالحرف .. مأنت عارفه مستحيل اعصي كلامك ابدا .. ولا ايه ...

نظرت لها ثريا بعدم تصديق ثم نهضت لتطوف حولهم بشموخ وهي مُرتديه جلبابها الاسود الفضفاض ويسبح في بحر عينيها حيتان من الشر وكإنها تنتوي لاغراق مدينه باكملها فاردفت يسر بقلق
- خبر ايه اومال ياما، ماالك مجمعنا كده ليه ؟

حدقت النظر في بناتها الاربعه الجالسين في اماكن مُختلفه من الغرفة ثم اردفت بتوعد
-عاوزاكم تسمعوني زين .. ورب العزه لو واحده ماسمعت الكلام لادفنها بالحيا .
قطعتها صفوة بفضول
- هو انا عاوزه اعرف ايه سبب الكراهيه بينك وبين عفاف مراة عمى !

"هجاوبكم بس مش عاوزه مقاطعه فاهمينى "
قالت ثريا جملتها وهي تقترب من النافذه التى يتسلل منها نسمات الهواء البارده الممزوجه برائحه الخُضره وتنظر لهما بكلتا عينيتها الواستعتين قائله
-" طول العمر وانا وعفاف مراة عمكم صحاب وولاد عم ولقمتنا واحده وسرنا واحد .. كانت عتحب منصور اخوي قوي من صُغرها وعتحاول تقرب منه بكل الطرق بس هو كان قلبه مع غيرها .. بقيت تخترع اي حوار عشان تكلمه .. وفي يوم لقيتها واقفه معاه بتحدتوه بصوت واطى مكنتش سامعه اي حاجه بس كنت شايفه ملامح وش اخوي اللي عتتحول ولون وشه اللي عيحمر وعيونه اللي الشرار عيطق منها .. عقلي فضل يودي ويجيب ياتري اي اللي عتقولهوله البت دي ! بعدها بدقايق اتفاجئ باخوي داخل عليّ الاوضه وجايبنى من شعري لحد ما مسح بيّ بلاط الدار كله وانا اصرخ ومش فاهمه حاجه .. اتاريها راحت قالتله علي سري اللى مافيش واحده غيرها تعرفه وانى عحب واحد وريداه وانه لازم يتصرفوا لانهم كانوا فُقرا قوي وقتها وازاي بيت الهواري يتجوزوا من ناس مش لاقيه تاكل ..

كلامها كان صح بس كشفت سري وكانت سبب في بعدي عن الشخص اللي عحبه وكانت فاكرة بكده انها هتكبر في نظر اخوي يقوم يتجوزها .. ووقتها كان جدك راجح عاوزنا لعياله الاتنين جيه طلبنا من اخوه (راضي) ووافقوا واخوي هددنى وقتها لو رفضت هيقتلنى ويقتل معاي الواد اللي عحبه واضطريت اوافق اتجوز ابوكم بالغصب .. وعشت طول عمري مدفونه بالحييا .. لاعرفت احب ابوكم ولا انسي التانى "

ابتلعت غصه احزانها وهي تعقد ساعديها امام صدرها بنتهديه قويه
صفوة بفضول: كملى .. سكتتى ليه .
ماجده مقاطعه: استنى بس .. قصدك ان عمتى عفاف كشفت سرك كحجه عشان تكلم خالى منصور !
اومت ثريا ايجابا ساخره
- وبعدها كانت عاوزه تقوله انها عتحبه واكده .. بالمختصر عشان لسه الحكايه طويله قوى .. عفاف سبب كل المصايب اللي في حياتى وعشان اكده طقطقولى ودانكم.

ماجده مُقاطعه بعدم تصديق بلهجة صعيديه: بس عمتى عفاف مستحيل تعمل اكده ياما لا انا مش مصدقه .

انهالت عليها فجاة بغل وهي تضربها بقوة بعشوائيه
"انت كمان هتكدبينى يابت انت ياقليله الربايه "

نجحت صفوة في ابعاد امها عن اختها بصعوبه بالغه
_اهدي يااما خلاص .. قوليلنا ناويه علي اي واحنا هنسمع كلامك للاخر

ابتعدت عن ماجده بعدما رمقتها بنظره سخط
"فتحولي ودانكم .."

اتسعت حدقه اعينهم جميعا في ذهول .. اقترب ماجدة منها
- قصدك اي ياما !

صمتت لدقيقه ثم اردفت قائله
- كل واحده منكم عريسها مستنيها وشاري، وانا محدش رجعنى هنا غير الورث وحقنا اللي لازم ناخدوه من حبابي عنين التخين، سمعت ان راجح هيوزع تركته قريب، ويدي كل واحد حقه .. والمطلوب منكم تبصموا عيال عفاف علي بياض، عشان يبقي كده تنازل رسمى منهم عن كل ممتلكاتهم، واول ما تنجح خطتنا المشتري جاهز وهناخدوا فلوسنا ونهربوا ونسيبهم للمشتري يولعوا في بعض ... فهمتوا ...

افواه مفتوحه محاوله استيعاب القذائف الناريه الخارجه من فم امهم، يتبادلون الانظار فيما بينهم بذهول وعدم تصديق حتى اكملت ثريا كلماتها بحده .
- والبت اللي متسمعش كلامى انا مش عاوزه اعرفها تانى ... دا حقنا وحق ابوكم اللي صرف علي الاراضي دى دم قلبه لازم نرجعه ..

انحنت ثريا لتناول المصحف الموضوع فوق الطاوله وتقترب من بناتها
- كل واحده تقسملى علي المصحف دا انها هتنفذ ومش هتعصانى وألا هتصرف معاكم تصرف مش هيعجبكم ...

 

وصل سليم لمبنى المشفى ثم دلف من سيارته سريعا دافعا بابها بقوة قوته مقتحم مبنى المستشفى من بابها الرئيسي .. لمحه احد رجال ادهم فسرعان مالتفت احدهم ليجري هاتفا تليفونيا يخبره بوجود سليم الهواري ..

وصل سليم امام باب الاسانسير ليضغط عليه عدة مرات متتاليه دون جدوى .. فاستدار بجسده ليصعد درجات السلم مشمرا طرف جلبابه الفضفاض حتى وصل الي مكتبها ففتح الباب بقوة ولكنه اصيب بخيبة امل جديده عندما لم يجدها .. زفر بضيق فظل يجوب طوابق المشفي كالتائه الذي يبحث عن طريق الهدايه متوعدا لها في سره ,,

وبعد مرور بعض الوقت وجدها خارجه من غرفة العمليات مرتديه زيها الرسمى وتزيل الكمامه من فوق انفها متنهده وسرعان ما التفت قلبها نحوه بعيون متسعه قائله بصوت هامس
- سليم !

قبض سليم علي ذراعها ودفعها في الغرفه التى توجد خلفها ولحسن حظهم كانت فارغه تماما .. انخلع قلبها من مكانه محاولة استجماع قوتها قائله
- انت ايه اللي جايبك هنا يا عريس !

قفل سليم باب الغرفه عليهما ثم استدار نحوها قائلا
- جايلك ...
رفعت حاجبها ساخره رافعه اسلحة الكبرياء
- والله ! انت لحقت تزهق من العروسه كده بسرعه ! ياحرام ؟
اغمض عينيه لبرهه قائلا
- وجد ... اتعدلى .
ارتفعت نبره صوتها مزمجره بحده وهى تلوح له بكفها
- انت جاي لحد مكان شغلى وقافل علينا باب واحد وتقولى اتعدلى ! انت قاصد تجننى !

انقض عليها بكل قوته ممسكا بخصرها ليرتطم ظهرها بالحائط رافعا كفها لاعلي وهو يتأمل ارجحة عيونها التى لا تنادى الا عليه .. وحركه انفاسها المتصاعده التى ترج عظام صدرها مما اوشكت علي الارتطام باسواره .. حرك سليم ساقه اليمنى قليلا ليضعها فوق مشط قدمها ليشل حركتها ويضمن عدم فرارها من تحت حصاره قائلا بحب:
- وحشتينى ...
تحطمت كل جيوش قوتها امام كلمته ففرت من عينها دمعه خدشت وجنتيها سرعان ما تلقاها سليم بابهامه قائلا بابتسامه واسعه
- ما هو انت لو تبطلى عناد العتامنه ده هتبقي حلوة والله ..
بللت حلقها الجاف من حرارة نظراته وهى تشعر بالهزل والضعف امامه قائله بصوت مهزوز
- سليم روح امشي ..
دنى راسه منها قليلا ليصدر صوتا نافيا
- تؤؤ .. اما اخلص حقى منك ..

دارت براسها بعيدا كى تهرب من حصاره ولكن دون جدوى افسد مخططها عندما سند ذراعه علي الحائط ليسد طريقها قائلا بنبره قويه
- بقي وجد سالم البت اللي متربيه علي القيم والاخلاق تصنع بودره ! هو دا اليمين اللي انت اقسمتيه يا وجد !

لوهله شعرت بيد تسلل داخل قلبها لتعتصره الامًا محاوله استيعاب كلماته
- ايييييييييييييه ! انت بتقول ايه !
ازاح خصيله من شعرها قائلا
- اي كلامى وجعك عشان صح .. معلش هى الحقيقه دايما بتوجع الكدب طعمه احلى !
دفعته بكل قوتها بعيدا عنها لتقول بصوت مرتفع
- اطلع بره ياسليييم .
اجابها بحده
- مش طالع غير لما تقوليلي عملتى كده ليييييييييييييييييييه !

- انت جري لعقلك حاجه ! اي الهبل دا .
- هبل ! واللي انت بتعمليه عادي كل يوم بتموتى آلاف من الزفت دا وانت كده مبسوطه ياوجد !

ذرفت دمعه من عينيها لاتهاماته السخيفه ثم رفعت راسها بشموخ متذكره تهديد ادهم الاخير لها لتقول بتحد
- اااه ياسليم بصنع بودره وانا السبب في غنى العتامنه المفاجئ دا .. واقولك كمان مافيش شحنه طلعت من قنا الا من تحت يدي .. مش بيقولوا الفلوس هى اللي بترفع وتعلى من قيمة الواحد .. اهو كبرنا بالفلوس الحرام .. عاوز ايه تانى .. اتصدمت ! كرهتني ! طب حلو عشان تعرف تنام في حضن مراتك وانت ضميرك مستريح ان وجد ماتستاهلش حبك ... خلصت كلامى يلا اطلع بره ...

اقترب منها سليم واثقا وبثغر متبسم ليقف بالقرب منها مردفا
- وشك حمر .. ورجلك مابطلتش حركه من واول ما بداتى تتكلمى .. وايدك مابطلتش لعب في شعرك .. ونبره صوتك مهزوزه .. وعيونك بتتمرج كانها في سيرك .. مش دى لو صنفناها حسب لغه الجسد تبقي من علامات الكذب يادكتوره !

بللت حلقها بتوتر لتقول بارتباك محاوله تصنع القوه
- وانك جيت وسألت ده لو صنفناه حسب علم النفس يبقي انت مصدق ياهندسة ..
ازاح خصيله من شعرها خلف اذانها قائلا
- والله لو بقيتى زعيمة عصابه ما هحب غيرك بردو ..
ثم مسك كفها وانحنى قليلا ليقبله كأنه يدرك جيدا فن التعامل مع المرأه راقصا علي اوتار قلبها فالكف حينما يقبل يُنحنى اليه لا يعلو للثغره .. اتنفض قلبها حبا قائله:

- انسانى ياسليم !
تبسم بثقه قائلا بخبث
- كأنك بتقولى روح موت ياسليم !
وضعت اناملها فوق ثغره متلهفه
- اتلم .. لو قولت كده تانى هقتلك .
ضحك بصوت عال ناظرا لذراعه
- مش كفايه اللي عمله ادهم الكلب امبارح !
شمرت كمه بلهفه قائله
- ورينى طيب اطمن علي حرجك
وضع كفه فوق ظهرها وهو يدنو منها قائلا بحب
- هو كان واجعني بس لما شافك راق وبقي حلو قوي قوي .
نسيت كل همومه للحظه رافعه ابتسامه خافته ثم شهقت بصوت عال
- سليم روح امشي يالهوووووي انت في المستشفي وزمان رجاله ادهم شافوك تحت .

نظر لها بعيون ضيقه قائلا
- طيب قبل ما امشي مافيش حاجه كده ولا كده !
رفعت حاجبها متبسمه كأنها فهمت مغزي كلماته
- زي اي بقي !
نظر في ساعته الفضيه بيده قائلا
- ليكِ 38 ساعه بالظبط مدخلتيش حضن سليم ودا ف حد ذاته واجع قلبه قوى لحد ما خلاه يسيب عروسته الحلوه ويجيلك علي ملا وشه اكده .. يرضيكي اروح مكسور الخاطر .

احمرت عينيها غضبا لتقول
- كسر رقبتك ياسليم من جدورها ويلا كدا اطلع يابابا روحلها ومتورنيش وشك تانى .
قهقهه بصوت مرتفع وهو يحضنها عنوه عنها قائلا بهدوء وهو يتنهد بين ذراعيها
- فعلا مش هوريكى وشي غير لما اجيبلك راس ادهم بدل ماهو واقف لنا زي اللقمه في الزور اكده .

دفعته لبعيد وهى تقول بغضب
- تقتل ولد عمى وعاوزنى اعيش معاك !
- ما طول ماولد المحروق ده عايش مش هعرف اعيش انا معاكِ ..
- لو قربت منه مش هيحصل خير ! انا بقولك اهو
ثم قال سليم متحديا
- وانا بقولهالك اهو حقى منه هاخده ياوجد وحتى حبي ليك ما هيوقفنى .. يلا سلام
زفرت بضيق مردفه بعناد
- كل حاجه عندك بالدراع والبلطجه يلا مش عاوزه اشوفك تانى اصلا ..
تجاهل كلماتها ثم غادر متبسما وهو يردد
- ما هو بردو ما كانش ينفع احب واحده برج الجوزاء !

 

" انا مستحيل اعمل كده "
اردفت يسر جملتها بخوف وقلق عندما اقتربت منها امها حامله بين ذراعيها المصحف كى تقسم عليه .. فاحمرت عيون امها غضبا قائله
- وتسيبى تعب وشقي ابوكي لولاد عادل ! عاوزه تفرطى في حقنا ليييه عشان الحب ! حبيبك مستنيكى في مصر يايسر اطلعى بقي من جو البلد والفقر دا وعيشي عيشه عليوى تليق بيك يابتى .

انتفضت ماجده من مكانها قائله
- انتوا عاجبكم الكلام دا ! عاوزين تنصبوا علي ولاد عمكم وزواجكم !
صفوه بشموخ
- انا مع امى جدا .. كل الخير دا من حق ابويا لان القسمه مش هتكون عادله اصلا .. واحنا اي ذنبنا ناخد التلت بس من ثروة جدك بحكم ان ابونا في حكم الميت ! وبالاضافه انهم هيشاركونا فيه كمان يعنى احنا اللي هنطلع ايد ورا ومش هنلاقي ناكل .. وكمان اللي عملته مراة عمك مش سهل قوى واحنا لازم نرجع حقنا وحق امنا ..
اكملت ثريا مسرحيتها بمكر
- شايفين الكلام ! وانت ياست ماجده راضيه بالذل دا وسليم مش بيحبك ياهبله .. كوشي وخدى حقك واقهريه .. هيجيلك راكع عشان يرجع فلوسه وابقي قولى امى قالت ..
اقتربت منها ماجده بتردد
- يعني انا لو عملت كده سليم هيرجعلى !
ثريا بخبث: طبعا ويتمنالك الرضا ترضى .. العبي عليه بالبيضه والحجر زي بت العتامنه .
تناولت ماجده المصحف من والدتها لتقسم عليه قائلا
- وكتاب الله ياما هنفذ كل حرف قولتيه . بس سليم يرجعلى
اعتلى ثغر امها ابتسامه خبيثه ثم التفت نحو نورا ويسر قائله
_ وانتوا ياخرة صبري ..

انتفضت نورا من مجلسها لتقول بصوت باكى
- انا مش عاوزه اي حاجه .. بعد اذنكم ..
نهرتها امها بعنف
- خدى هنا يابت غايره فين ..
انفجرت نورا باكيه
- سبينى في حالى ياما الله يرضي عنك انا مش عاوزه حاجه ,,
ركضت نورا سريعا خارج الغرفه بعيونها الدامعه التى افتقدتها الرؤيه امامها مما جعلها ترتطم بمحمد امام الغرفه قائله بسرعه
- اسفه يامحمد ..
ثم انصرفت من امامه سريعا هاربه من شر امها نحو جنتها الممتلئه بطيف ريحته الذي يكفيها لتكمل الباقي من عمرها متغذيه عليه .. عقد محمد حاجبيه باستغراب قائلا
- مالها دى !

التفت ثريا نحو ابنتها يسر لتقول
- وانت ياغندووره !
التفتوا جميعا نحوه صوت محمد الواقف امام باب الغرفه قائلا
- العندوره هتروح معايا حالا عشان جوزها محتاجلها جدا ..
طوق النجاه بالنسبة ليسر خيم عليها لتتنهد اخيرا بارتياح وهى ترسل له ابتسامه فرحه ,, اردفت ثريا بكره
- عاوز اي من بتى ياولد عفاف ..
اتسعت ابتسامه محمد واثقا
- مرتى يا حماتى .. اما انت عليك اسئله غريبه قوى .!
رمقت ثريا ابنتها بعيون صقريه حاده مما جعلها تنتفض من مكانها .. فاقتحم محمد الغرفه ليقف امامها ويحاوطها بذراعه قائلا
- مالك ياسو في حد زعلك .. قوليلي بس مين هو وانا مستعد اوديه ورا الشمس حتى ولو كانت امك نفسها .

ضغطت يسر علي كفه راجيه ان يلتزم صمته فاردف محمد سريعا بمزاح
- سوري ياحماتى يعنى .. بس اصل يسر غاليه عندى قوى ولما حد يزعلها بنسي ان ارتبيت اصلا ..
نيران اشتعلت في جوف ثريا وهي تري انهيار خطتها امام عينيها .. انحنى محمد قليلا ليحمل زوجته بين ذراعيه قاصدا اثارة غضب ثريا وهو يقول
- هستئذنك بقي ياحماتى .. عريس بقي وكده وهيموت علي مراته وبصراحه يعني مش وقتك خالص .. فوتك بعافيه يامراة عمي ..

حاولت يسر ان تكتم ضحكها هى ومحمد قدر المستطاع الا انهم وصلا الي مقدمه سلم الطابق فانفجرا ضاكحين علي نظرات امها ووقوفها عاجزه امامه وهى تتوعد لابنتها ..

ندبت ثريا حظها حسرة وندما وهى تقول
- البت دي هتنيل الدنيا .. اااااه يااانى علي بختك المنيل ياااااثريا وعلى بناتك اللي ناويين يكسروا ضهركك ..

علي الطريق يقود سليم سيارته سريعا ففوجئي بسياره اخري تعيق خطاه .. حاول تفادى السياره الاخري قدرة المستطاع علي الطريق الزراعى فزاد من سرعة السياره وعلي المقابل زادت السياره الاخري من سرعتها حتى وقفت امام سيارة سيلم مما جعله يفرمل فجاه مدلفا من سيارته بغضب وعلي المقابل دلف ادهم من سيارته قائلا
- هو انا يابنى مش معلم عليك امبارح عشان ترتاح في بيتكم وتكِن بدل ما انت داير اكده علي بنات الناس !

ابتسم سليم ساخرا
- ماهو لامؤاخذه مش رصاصه من عيل بيلعب بالسلاح هترقد سليم الهواري ياعتمانى ..
استند ادهم علي مؤخره سيارته عاقدا ذراعيه
- عاوز ايه يا سليم .
صف سليم امامه مستندا هو الاخر علي سيارته
- اللي بيعوز هو اللي سايب وانا مش سايب حاجه عند حد .. شوف انت عاد عتشمشم وراي ليه ! معقول لحد دلوق مش قادر تنساها !

احمر وجه ادهم غضبا لانه فهم مغزى حديث سليم فاردف قائلا
- ليه وهو كل اللي عيحبوا عيموتوا كده زيك !

اومئ سليم راسه ايجابا مردفا
- اللي عيحب عيموت في حبيبه .. لكن عمر الحب ما بيطلع الشيطان اللعين اللي جوانا !

- ااااه وشيطانك انت كان فين بقي ! كان بيلف علي البت الوحيده اللي حبيتها ؟
ابتسم سليم ساخرا
- ورحمة ابوك ماتوهم نفسك وتربي عداوة من مافيش .. عشان ولد الهواري محبش غير واحده بس وهى بت عمك اللي كلها كام يوم ومش هتنام غير في حضنى .. انما مخدتش بنات من حد البت صحبتك بتاعت الجامعه هي اللي زهقت منك طيب اتعلم كيف تتعامل مع الجنس اللطيف الاول وبعدين ابقي تعالى ارمى بلاك ..

ضغط ادهم علي كفه بغضب واسهم الشر تنبعث من عينيه ليهجم علي ياقة سليم بقوة قائلا
- بتحلمممممممم !
ضحك سليم بصوت عال
- وانت كمان بتحلم لو مفكر تاخدها منى وفاكر بكده انك بتنتقم .. حماااار
رفع ادهم قبضة يده ليهجم علي سليم بلكمه قويه ولكن اوقفه صوت رنين هاتفه .. فابتعد عن سليم متأففا ليخرج هاتفه .. رتب سليم ملابسه وهو يقول بثقه
- ابقي قابلنى في مزاد بكرة ياادهم باشا ..
تنهد ادهم بضجر وهو يرد علي هاتفه فاتحا الميكرفون
- الوووووووو

اتكأت وجد فوق مقعدها وهى ممسكه بالهاتف الارضي لتقول بتأفف
- ايوه ياادهم ... انا موافقه علي طلبك بتاع الصبح ..

تبدل الحال من الجليد للبركان .. تجمدت مشاعر ادهم فرحا وثارت جيوش سليم غضبا لجملتها الاخيره .. فتبادلوا الانظار فيما بينهم وكل منهما يرفع اسلحة حربه ...
اتكأت وجد فوق مقعدها وهى ممسكه بالهاتف الارضي لتقول بتأفف
- ايوه ياادهم ... انا موافقه علي طلبك بتاع الصبح ..

تبدل الحال من الجليد للبركان .. تجمدت مشاعر ادهم فرحا وثارت جيوش سليم غضبا لجملتها الاخيره .. فتبادلوا الانظار فيما بينهم وكل منهما يرفع اسلحة حربه .. اعتلت ابتسامه انتصار فوق ثغر ادهم قائلا
- طب والله احلى خبر سمعته يا غاليه ...

تأرجحت عيون سليم مذهولا فاردف بغضب
- موافقه علي ايه ياروح امك !
فزعت وجد من مقعدها قائله بنبرة منتفضة
- سلييييييييييم !
اغلق ادهم الخط سريعا قائلا بخبث
- هو مش عيب اما تدخل بين انتين عرسان اكده ! عموما الفرح هنحددوه النهارده .. هابقي اعزمك ..

استدار ادهم موشكًا علي المغادرة ولكن توقف بسبب انقضاض سليم المفاجىء علي ياقته قائلا بصوت جمهوري
- في ايه بينك وبينها ياولد ساميه ..
ضحك ادهم بصوت عال مردفا بسخريه
- في حب ووله وعيل صغيره جاى في السكه .. اوعى كده يا سليم خلينى اروح اشوف عروستى ماتبقااش عزول بقي ياسليم هو انت مش اتجوزت !

زفر بضيق محاولا تمالك اعصابه قائلا
- اقتلها ولا ان اسمها يتكتب علي اسمك ياادهم ..
ثم ابتعد عن طريقه قائلا
- يلا اتفضل عطلناك .. سلامى للعروسه ..وياريت توصلها اااااا ولا اقولك انا لما اقابلها هوصلهولها بنفسي ..

نظرات ناريه تجوب بين حِدق اعينهم لدقائق مسروقه، حتى دار كلا منها متجها نحو سيارته ليغادر .. صعد سليم سيارته وهو ينتوى لوجد عما قالته .. اما عن ادهم فغمرته الفرحه التى جعلته يحلق من فوق الارض بسيارته مرددا بانتصار
- كده اللعب هيحلو يا وجد !

اما عن وجد فجن جنونها، وتيره من الاسئله تهجمت علي ذهنها ففقدتها اتزانها فشعرت انها تدور في مدار فلكى حول الشمس، متنهده بالم وهى تلقي جسدها فوق المقعد الجلدى الاسود
- ياتري دول كانوا مع بعض بيعملوا .. حبكت ياوجد تتصل دلوق ! اوووف اعمل ايه .. انا احسن حل اروح لان سليم مش بعيد يطب عليا تانى ويخلى يومى اسود ...

وصلت نورا الى شقتها بجسد هالك مُتعب فاغلقت الباب خلفها بهدوء لتجلس على اقرب اريكه مستنده براسها للخلف ومغمضه عينيها متخذه انفاسها بتثاقل كى تستريح من جيوش امها التى كانت تتسابق معها، نزع عماد نظارته الطبيه واغلق الكتاب الذي بيده يترقبها بصمت تام لعدة دقائق حتى اعتدلت في جلستها وجدته امامها فلطخ وجهها بالحمرة مرددة بارتباك.

- انا اسفه محستش بنفسي والله ..
تنحنح عماد بخفوت
- لا عادى خدى راحتك واستحملينى الفترة دى .. يارب اكون ضيف خفيف عليك .

تأملته باعجاب وصمت تام وهى تستمع لصوت دقات قلبها التى يُحيها صوته، فارسلت له بسمه انبهار
- اجيبلك ميه لو تعبانه اوى كده ؟!
هزت راسها نفيا لتقول بامتنان
- لا مالهوش لزوم .. اصلا هدخل اوضتى .. وبعدين سوري يعنى قطعت تركيزك ..
حرك عماد الكتاب بتلقائيه
- لا ابدا اصلا للمرة التالته بقرأه .. يعنى حافظ كل كلمه فيه .
قضبت نورا حاجبيها مندهشه لتقول
- واووو the shadow of the wind ! شكلك بتحب القراءة اوي طالما بتقرا كتاب عملاق زي دا بيتكلم عن الكتب والمكتبات ..
التفت اليها بانتباه ليقول بتعجب
- انت ليك في القراءه ولا ايه ..

اومات راسها ايجابا مردده بابتسامه واسعه
- ااه جدا .. وبكتب حاجات علي خفيف كده .. بحسها الحاجه الوحيده اللي بتهون عليا كل الوجع دا ..
رفع حاجبه باعجاب مع ابتسامه خفيفه
- معقوله ولاد عم كل دا ومعرفش ان في حد مجنون قراءه كده زيي وكمان بيكتب ! طيب ياستى ناولينا شرف اننا نقرألك حاجه ..
بللت حلقها بذهول فهى لم تصدق نفسها، للتو عثرت علي مفتاح صندوق قلبه لتمتلكه دون ادنى مجهود منها،، عجيب ذلك القدر يمنحنا مفاتيح لقلوب اناسى لا تفتح إلا بفتاحها الخاص فلعبة القدر ان تجمع من بالشرق بمن بالغربه ليكتملا ..

تبسمت بامتنان قائله
- لا مش للدرجادى يعنى مجرد خواطر مش اكتر ..
تحمحم بخفوت قائلا
- هستنى اقراهم واقولك رأيي فيهم .. انت قريتى " ظل الريح " .

اومات ايجابا
- لا .. قرات نصه بس مكملتوش بسبب الظروف والدربكه اللي حصلت .
تبسم عماد وهو يعطى لها النسخه بسخاء
- واهى النسخه معاكى ياستى .. خلصيها براحتك ..
تناولت منه الكتاب بفرحه وهى تشعر بان قلبها يتراقص علي اوتار السعاده مرددا
- شكرا خالص .. هدخل اقرا فيه دلوقتى ..
ثم تراجعت فجاه قائله
- تطلب ايه حاجه .. غدى او شاى وكده ..
اجابها بصيغه رسميه
- متشكر .. هنزل اشرب الشاى مع عفاف تحت ... خدى راحت ..

نصب عوده صاحب الملامح الجديه التى يخفى خلفهم وسامته الجذابه والبشره القمحاويه ووجهه المستطيل بعض الشيء والجسد الرياضي المفتول امامها فأجبر عينيها ان تنجذب إليه كليا تلهفت عدسة عينيها لتلتقط صورة فوتوغرافية له بجوفها عن هذا الحد القريب جدا ..

وصل سليم الى قصرهم الفخم مردفا من سيارته بغضبٍ شديد كافى ان يشعل النيران في كافة ضواحى قنا .. فامتدت عينيه نحو جده الجالس في جنبا يرتشف كوب الشاي بهيئته الوقاره .. رأه جده مقبلا عليه فوضوع كوبه علي نهايه الطاوله امامه قائلا بصوت جمهوري
- بردك روحتلها !

تأفف سليم باختناق وهو يدنو منه قائلا
- راجح الهواري عيراقبنا ولا اييه !

اتكأ جده للخلف قائلا بهدوء اشبه بالثقه
- دانت تربيتى ياسليم وحافظك اكتر من نفسك ..

جلس سليم امامه باختناق قائلا
- طول عمرنا صحاب ياهواري وفي كل مرة بتاخد رأيي في الصغيره قبل الكبيره .. اشمعنا دى اللي جاي تغصبنى فيها !

ابتسم جده بوقار قائلا
- وانت كل مرة سايق في الدنيا من غير وعى وعتعمل اللي يقولك عليه قلبك .. اشمعنا الموضوع دا بالذات اللى جاي تشاورنى فيه ؟!

- عشان مش عاوز اعصيك .. ولا اعمل حاجه تزعلك .. مش عاوز ابقي ناكر للجميل وتربيتك ياهواري عاوز حياة تكون راضي عنها ..

- متحاولش ياسليم عمري ما هرضي ..
سليم باختناق
- هو انا مش عملت اللي قولت عليه ونفذته بالحرف ... يبقى زعلان ليه اعمل اللي هيفرحنى ..!

- علي جثتى ياجثتك بت العتامنه تخش بيتى ودمها يتخلط بدمنا ياسليم ..
جز سليم علي فكفيه بامتعاض عندما رأي ماجده تتقدم نحوهم بابتسامه مدلله .. فزفر بضيق قائلا
- ماهى كانت ناقصاكى ..
اقتربت منهم ماجده بسعاده
- عامل ايه ياجدى ..

- طول مانتوا فرحانين ومبسوطين انا احسن واحد في الدنيا ..

جلست ماجده بجوار سليم لتشبك كفها بكفه قائلا بفرحه
- تقلقش ياجدى سليم في قلبي وعيونى لاخر العمر .. وكفايه وجوده في حياتى .. اطمن انت بس ..

رمق راجح سليم التى اوشكت براكينه علي الانفجار قائلا
- ربنا يبعد عنكم كل عفش يابتى .. يلا خدى جوزك واطلعى ..
نظرت له بعيون لامعه
- يلا ياسليم !

بعد سليم كفه ثم نهض فجأه يجر ذيول وجعه متجها نحو غرفته بالقصر .. فتابعته ماجده الى ان وصل لهناك فقلت الباب خلفه بهدوء
- سليم انت ليه مروحتش بيتنا ..
لاح إليها بكفه بدون اهتمام
- مابرتحش غير ف اوضتى ..
ابتسمت بخفوت قائله
- مش مهم وانا راحتى في المكان اللى انت فيه ..

قبض سليم علي كفه بغضب فبلالين تحمله اوشكت علي الانفجار، الكلام يخرج من ثغرها اسهم مدببه تؤلمه،، انحنى قليلا لينزع جلبابه فركضت نحوه سريعا لتساعده، زال سليم جلبابه فوجدها امام عيونه وكفها الصغير يمر بنعومه فوق صدره قائله
- عمري ما حلمت غير اننا يتقفل علينا باب واحد ..
ثم تبسمت بحب قائله
- طمنى علي جرحك !
تأفف سليم وهو يبتعد عنها متجها نحو المرحاض قائلا بغضب
- نقح واتفتح ...

عقدت حاجبيها محاوله استيعاب كلماته ففاقت علي صوت قفل الباب، فتبسمت بحب
- ماله ده .. شكلك هتغلبنى معاك ياسليم !
نزعت عبائتها الفضفاضه سريعا مرتديه خلفها -بيجامه- مكونه من شورت وتي شيرت يبرز كل معالم جمالها .. وتقدمت نحو المرآه كى تسيب شعرها بتغنج قائله
- يانا يا انت يابن الهواري !

بينما سليم كان يردد في ذهنه معشوقته بعد ما هرب من سطو ماجده قائلا بتوعد
- ايامك سوده معاي ياوجد ... التقيل منى مستنيكى ! بقي تكونى في حضنى الصبح ووتصلى بالكلب التانى تقوليلو موافقه دا علي جثتى .. ورحمة ابوي وابوكى ماهناولهالك !

" يخربيت اليوم اللي عرفتك فيه ياشيخهه ... اهبب ايييه دلوق ! انت ساكته لييه انطقى "

اردف مجدى جملته بنفاذ صبر وصوت اقرب من التهجم وهو يحك جسده بعفويه ويتقلب في مكانه كأن مهب الريح من تحت قدميه، اصبح جسده محمرا من كثرة ما تعرض له من المواد الكيميائيه، فاردفت صفوة بعتاب ساخر
- انا مش عارفه اي اللى كبرها في دماغك تنام علي سريري .. ادى اخرة الديل النجس اخس ..
احمرت عينى مجدى التي التهبت غضبا
- في حد عاقل يحط كيماوي ع السرير ... انت مجنونه ..

رمقته بعيون ساخره لتردف بثقه
- لا اقولك ايه احترمنى احسنلك عشان الترياق اللي ممكن يخففك دلوقتي مافيش ولا دكتور ولا حد هيعرف يخففه غيرى ..
ركض مجدى نحو المرحاض نازعا من تبقي من ملابسه تاركا بابه مفتوح ليلقي بجسده في حوض المياه متوعدا لها بغل
- شكلك عاوزانى ارتكب جنايه فيكى ..
اتكأت علي باب المرحاض بثقه لتردف بفخر
- قرصة ودن خفيفه كده ياهندسه، عشان لو خيالك المريض صورلك اي حاجه تانيه كده ولا كده اعرف ان العله والدوا معايا انا وبس .. ويلا هكسب فيك ثواب وكفايه عليك كده ...

لازال مجدى يتقلب في حوض المياه متأوها ومتوعدا لها في سره
- والله لاربيكى ..

انصرفت صفوة لتعد حقنه الترياق الخاصه باختراعتها الاخيره بانتشاء رهيب وشعور بالنصر يغمرها لتردفف بفرحه
- رجاله مش عاوزه غير العين الحمره !

اتجهت نحوه لتقف بعيدا قائله

-البسلك حاجه وتعالي .. عشان تعرف انا حنينه وبت ناس ومهونتش عليا ازاي ! يلا شالله يطمر والناس تكون اتعلمت واتربت !
اردف مجدى بضيق
- مش لابس زفتتت وانجزى احسن اتجنن عليكِ .
هزت صفوة كتفيها بلا مبالاة
- حط في بالك انك انت الموجوع واللي محتاجنى هاااااا
نهض مجدى سريعا من مرقده مما تسبب في صراخها المفاجىء مستديره وجهها بعيدا عنه لتقول بغضب
- انت غبى !
انحنى مجدى ليرتدي ما قابله بوجهه قائلا
- انجزى ومتعمليش فيها ست المكسوفه ...
استدارت ببطء لتقول
- بس عضل ! خد اضربها لنفسك بقي ...

- انت مصممه تخرجينى عن شعوري ليه ... وانا هضربها لنفسي ازاي .. ياما انجززززى ..
رمقته بعيون متأرجحه ثم قالت
- طب لف اما اشوف اخرتها ...

بعد محاولات كثيره استجمعت صفوة قوتها كى تعطيه الحقنه لم تعلم لماذا كان جسدها بنتفض لهذا الحد وقربه كان اشبه بماس كهربي يصيبها من قدمها ليصل لصميم قلبها تحديدا ... انهت عملها قائله بصوت مهزوز
- ١٠ د وهتكون كويس .. تقدر تاخد شاور بارد عشان جسمك الاحمر دا يخف شويه ..
رمقها مجدى بعيون ماكره ليقول
- عقبال مانخدمك في التقيله !

 

اقتحمت ماجده المرحاض علي سليم مما جعله يلتفت بجسده للجهه الاخري قائلا بضيق
- انت ازاي تدخلى كده! اي مافيش خصوصه ولا ايه ؟!
تلعثمت الكلمات في حلقها لتردد بخفوف
- اسفه بس كنت حابه هساعدك وكده ..

-لا متشكر متعود اسبح لوحدى .. اخرجي ياماجده ..
طافت عينيها يمينا ويسارا قائله
- ليه ! هو انا مش مراتك ؟!
جز سليم علي فكيه باختناق
- ماجده ... اخذي الشيطان ياااماجده اطلعى .
تجاهلت ماجده اوامره فاتخذت خطوة جريئه لتدنو منه اكثر تمرر كفها علي كتفه بحنان
- سليم هو في ايه .. ليه قاصد تبعد عنى ؟!
ارتعد جسد سليم كأن ماس كهربي انقض عليه فابتعد عنها خطوة قائلا من خلف فكيه
- ماجده .. قوووولت اطلعى والا مش هيحصل طيب ..
تبسمت بخفوت ثم اومات ايجابا متراجعه للخلف
- هستناك بره ..
تنهيده ارتياح خرجت من شفتي سليم بمجرد سماعه صوت غلق الباب قائلا بنفاذ صبر
- الصبر من عندك يااااكررررييييم ..

 

" زي ماسمعت يا ادهم .. موافقه "
اردفت وجد جملتها بثبات وهى تلتفت لتجيب علي سؤال ادهم .. الذي اردف مهللا
- طب والله اكده تبقي بت عمى صُح .. يسلم فومك يا وجدانه قلبي ..
بلعت غصة احزانها بخفوت
- تمام .. خد هات الطلبات دى !
صفق ادهم بفرح
- حلاوتك يادود !
رمقته بنظرات ساخطه لتقول
- هو سليم كان معاك بيعمل ايه ..
ضحكة ساخره شقت ثغره قائلا
- ابدا ! كنت بعزمه علي فرحنا .. يهمك في حاجه ..
تنهدت باختناق
- فرحنا ! طيب .. المهم لسه عند وعدك ليا !
- انه وعد ياودود ؟!
- سليم ياادهم .. متستهبلش .. هتشيله من دماغك ..

-واشيل قلعة ابوه كمان دا حتى قالب راسي بالكدب .. المهم رضاكى ياست الستات ..

رمقته بضيق ثم انصرفت من الجهه الاخري متجهه نحو الجنينه .. وعلي حدا فايز يصف امام ساميه بهمس ليردد
- كل حاجه تمام يامراة عمى .. وجد فاكرة انها شغاله مع الحكومه وكله زي الفل ..

تنهدت ساميه بارتياح لتردد
- كويس ما نشفتش راسها تروح هى للحكومه بنفسها .. كده ماشيين حلو ..

اتكا فايز على سور السلم بشموخ ليقول
- لا ماهى كانت هتعمل اكده .. بس انا اقنعتها ان ادهم مراقبها واكده هنكشف نفسنا وشويه كلام من عندى ...

- عفارم عليك ياد يافايز .. تعجبنى دماغك لما تشتغل ..

رفع فايز كفها نحو ثغره ليقبله
- احنا تحت الطلب يا ام ادهم ياغاليه ..

ضحكت بميوعه لتضربه برفق علي كتفه
- يخيبك يافايز .. روح ياواد شوف مصالحك واوعى وجد تحس بحاجه ..

- تقلقيش دانا فايز عتماااان ..

خرج سليم من المرحاض مرتديا منامته وينشف في شعره بتلقائيه فوجئ بماجده ممده جسدها فوق مخدعه بميوعه ودلال وتتصفح هاتفها .. حاول تجاهلها بقدر الامكان .. فاتجه نحو خزانته ليخرج ملابسه .. فالتفت اذانه لصوت عمرو دياب المنبعث من هاتفها

" ولا ليك عليا حلفان .. دانا روح فيك من زمان "
وبعدها بيد ماجده التى تتنقل فوق جسده بحنان قائله
- تحب اساعدك في حاجه !
تنحنح بخفوت قائلا
- ماجده ... !
وقفت امامه سريعا لتقول
- سليم ... انا بحبك ... اعذرنى ..
اغمض عينيه لبرهه متخذا نفسا عميقا
- وانا مابحبكيش ... اعذرينى ..
وضعت اناملها فوق شفتيه لتقول
- طول ما انت بتقولها عمرك ماهتحبنى .. بطل تقولها وسيب نفسك ليا ...
ابتعد عنها قليلا
- ومين قالك انى عاوز احبك .. قلب سليم مليان ياماجده ..
- وانا موافقه بركن صغير ورا قلبك حطنى فيه .. والله هرضي .. مش بقولك اكرهها بس علي الاقل ادينى فرصه اقرب منك واروي حب سنين ياسليم ..

شرع سليم ان يحرك ثغره ولكنه سرعان من وضعت سبابتها وهى تسند ذراعها الاخر علي كتفه
- طب والله بحبك .. وانت عارف وجع الحب وان الواحد بيكون فاقد عقله ومابيفهمش اي حاجه تانيه غير انى عاوزه اوصل- مشيره علي قلبه - للحته اللي جوه دي .. عارف من ميته! .. من زمان قوى من وانا بنت ١٣ سنة .. كنت تيجى عندنا البيت تدينا ايجار الارض وتمشي كنت تاخد قلبى معاك .. سليم كفايه عذاب وبعد قلبي مش مستحمل ...

ثم دنت منه اكثر فاكثر وهى تتحسسه باناملها برفق
- اوعدنى ياسليم .. مش هقولك حبنى بس اتقبلنى والله ماعاوزه غير قبول ..

كانت مفاتن ماجده مثيره جدا كي يلتهمها بدون رحمه .. كلماتها لمساتها هدوئها دلالها تغنجها امامه .. كلها اساليب كافيه ان تغيب عقله وقلبه رافعا علم نصر غرائزه الاداميه .. نجحت ماجده ان تحرك ساكن ما بداجل جسده وهى تدنو منه اكثر فاكثر وسرعان ما ظهرت امام عينيى سليم صورة وجد وهى تقول له

- قلب وعقل وكل سليم مش هيكون غير لوجد وبس .. انت فاهمنى يابن الهواري ... قتلك علي يدى لو بقيت لغيري !

ابتعد سليم عن ماجده كالملدوغ ليرتدي ملابسه سريعا .. هاربا من حصارها الذي يقوده الي تصرفات لعينه تجعله يعض علي انامله ندما طول عمره .. زفر ماجده بنفاذ صبر وهى تزيح شعرها بقوه عن وجهها
- اوووووووووووف .. ماله دا !

مر باقى اليوم بسلام .. كان ملخص احداثه

كره ملتهبه من الغضب قذفت على قلب مجدى وهو يجوب ارجاء شقته ذهابا وايابا متوعدا لها .. وعلى عكسه صفوة فكانت في كامل هدوئها وتريثها تقلب بين الاوراق وتتابع وتيرة ابحاثها الغير متناهيه ..

ظلت نورا بغرفها طول اليوم سابحه في بحور كتاب عماد ساجنه نفسها بين صفحاته تقرأه بعنايه وتركيز شديده بالاضافه لفرحه عارمه سلبت روحها منها لتحلق بها في بروج السماء بين كل فترة والاخري تحتويه بين ذراعيها وتستنشق رائحته بلهفه .. اما عن عماد اكتفى بقضاء اليوم بجوار زوجته الراقده في عالمها الاخر يقص عليها ما مر خلال ايامه الماضيه .. يتوسل لها ان تعود كي تطيب كل ألامه المبرحة

اما عن ريميو وجوليت فكان الباقي من يومهم كله لعب ومزح وحب ودلال .. كل منهما يرتوي من حبيبه بطريقته الخاصه، فصبر اعوام حان ريه بمياه القرب والاتصال الروحى، كل منهما تناسي اوجاعه الامه لم يسيطر علي قلبه الا عناقيد ورد تحاصرهم وتقيدهم سويا لتفيح رائحه حبهم باذكى انواع السعاده .. فانتهى ليلهم بالاتفاق للسفر علي شرم الشيخ منذ الصباح الباكر ...

يجلس امام البحر يراقب شروق الشمس بفرحه زاهيه كانها تشرق حامله بين اشعتها طاقات متجدده من الحب والحياة .. لمست قدميه رمال الشط والمياه تتغلل من بين اصابعه كأنها تروى جذوره من اي ذيول لخيبات الحياه .. دار براسه نحو غرفة الشاليه الرقده به وجدانته .. فسار اليها بقلب ينبعث منه كل اسهم الحب حتى وصل الى بابه الخلفى .. فتسلل بخفوت حتى وصل ل مخدعها .. فوجدها غائصه في سبات عميق .. تأملها بحب متفتنا كل معالم جمالها التى تخلع قلبه من مكانه .. فدنى من مرقدها بهدوء وهو يمرر انامله بين خصيلات شعرها المنسدل قائلا بتنهيده قويه

- واخيرررررررررا يا وجد بقيتى ليا ! يااااااه تعبنا قوى عشان نوصلوا لبعضنا في الاخر ..

شقت ابتسامه من ثغرها كانت اشبه بشروق الشمس لتقول بحب وصوت كله نوم
- والحلم اتحقق ياولد الهواري ...

قهقهه بصوت عال لبسط جسده بجوارها ويدفثها بداخل احضانه
- اااااه ياوجد لو تعرفي انا حلمت باليوم دا قد اييييييه !

تنغجت في حضنه بدلال
- ها قولى كنت بتحلم بأيه ..

فكرة لبرهه ثم ارتسم ابتسامه خفيفه
- كنت بحلم بيكى وانت في حضنى كده !

ضربته بمزاح قائله
- انت دماغك دايما قليلة ادب كده !
رفع جزءه العلوي كى يحادثها بمزاح وهو يعبث بشعرها قائلا
- الله ! هكدب عليك يعنى ..
نظرت له بعيون ضيقه لتقوم بعدم تصديق
- يااااسلام !
رفع سليم حاجبه قائلا بغمز
- بس شهاده لله .. طلعتى احلى من خيالى بكتيرررررررر !
ضحكت بصوت مسموع زلزل كل ساكن بجسده لتقول
- ازاي بقي .. احكيلى
قُضبت ملامحه بمزاح وهو يلقى نظره سريعه على جسدها من اعلى لاسفل ليقوول بتنهيده
- يعنىىى الحاجات والامكانيات طلعت عاليه قوى ومتكلفه !
ابتعدت عن بدلال
- والله ما شوفت ربع ساعه تربيه .. اوعى كده !

احكم حصاره عليها ليقول باصرار
- هتستهبلى .. دانا ماصدقت لقيتك ... عاوزه تروحى منى فين ..

تنحنحت بخفوت وثغر متبسم
- احمم كنت هدوخك شويه .. بس خلاص ثبتنى ..
اردف بنبره معاتبه
- حرااام مكفاكيش كل الدوخه دى ! دانا اتسحلت عشان اوصل للحظه دى !

- طيب قولى كده وسمعنى حاسس بأيه مع وجد ياسليم ..

فكر لبرهه وهو يمرر انامله علي كتفها العاري ليقول بخفوت
- انا مش حاسس .. انا طاير فوق قوى قوى قوى

وفجاة وبدون مقدمات سقط سقف الغرفه عليهما ورؤيه اتربه كثيره منتشره في الجو .. فحاول بقدر الامكان ان يحميها من الهلاك الذي لحق بهم فجأه ... فزع سليم من حلمه كالملدوغ متخذا انفاسه بصعوبه بالغه مرددا اسمها كثيرا كالمجنون .. فزعت ماجده النائمه بجواره لتربت علي كتفه بحنان وتمنحه كوب المياه بلهفه
- سلامتك ياحبيبي مالك بس .. خد اشرب .

ارتشف سليم كوب المياه بكف مرتجف وقلب منخلع متنهدا بصعوبه .. ظلت ماجده تربت علي كتفه بحنان لتطمئنه وتداعبه بلطف حتى هدأ تماما .. فاقتربت منه اكثر فاكثر وهى تلقي بجسدها بين ذراعيه هائمه به عشقا منتظرة رد فعله .. ولكن ما حدث حطم كل توقعاتها .. تحول حال سليم من النفور والكره لشخص مغيب تماما ملكها بذراعيه لتصبح تحت حصاره مستجيبا لافعالها العاشقه له ..
جالسه فوق مخدعها تراقب تحركاته العشوائيه التى يخطوها بدون وعى، يقفل باب الخزانه اكثر من مرة ثم يعود ليفتحها مجددا، يدلف الي حمام غرفته ويخرج مرة اخري بدون قضاء اي شيء، تجاهل وجودها نهائيا حنى اردفت ماجده قائله بحزن
- للدرجه دى انا تقيله عليك ياسليم ؟!

اغمض عينيه لبرهه متخذا نفسا عميقا متجاهلا سؤالها حتى ارتدى جلبابه الفضفاض ووضع محفظته الجلديه بداخل سترته، وثبت امامه لتكرر سؤالها
- ليه اول ما جيت تقرب منى اتكهربت وبعدت بالطريقه بالمهينه دى .. ليه ياسليم !

- عشان ما ينفعش ياماجده .. ولو سمحتى الموضوع دا مايتفتحش تانى ... ومن هنا ورايح مش عاوز اشوفك في مكان انا فيه ..

ذرفت دمعه من عينيه بحرقه لتقول
- للدرجه دى !
تأهب سليم للمغادرة ولكنها اوقفته سريعا لتقول
- كلمنى زي ما بكلمك ..
ضغط سليم علي فكيه محاولا تهدئه اعصابه لبره ثم اردف بهدوء متصنع
- اتاكدى لو اللي في دماغك دا حصل ولا انا ولا انت هتكونى مبسوطه ... كده بظلمك معايا وانا مش عاوز اسببلك اي الم او جرح تعيشي ندمانه عليه طول عمرك...

- انا هعيش ندمانه طول عمري لو سبتك !
مسكها من معصمها برفق وجذبها لتجلس بجواره ليقول لها بحكمه
- ماجده افهمى .. انت الف مين يتمناكى .. انتِ من حقك تتحبي زي ماتحبي، مافيش حاجه اسمها انك تدى طول الوقت .. انت اغلى من انك تفرضي وجودك علي حد .. عارف ان كلامى قاسي عليكِ .. بس والله هو دا الصح وهتيجى ف يوم تشكرينى...

ردت مقاطعه
- بس ياسلييييم ..
اردف سليم سريعا
- اسمعينى وافهمينى للاخر الله يرضي عنك ... ماجدة انا فاهم وعارف انك بتحبينى ودى حاجه خارجه عن ارادتك وانا كمان بحبك بس زي اختى ... ومستحيل اكون غير كده معاك .. وواجبى انى احميكى اكتر من نفسي واللي يتعرضلك هاكله بسنانى .. بس القلوب ملهاش سلطان هى الآمرة والناهيه جوانا واحنا عبد المأمور...

اجابته باكيه
- كده بتظلمنى معاك ياسليم ...
هز راسه نافيا ليقول
- لا ... احنا اللي بنظلم نفسنا لما نحاول نقرب ونستنى ناس عمرهم ما هيكونوا لينا في يوم من الايام .. ناس مليانه من جواها بغيرنا ياماجده...

ثم التقط نفسا عميقا ليقول بابتسامه باهته
- مش عاوزك تزعلى منى .. تيجى نتفقوا اتفاق !

رفعت مقلتيها الباكيتين بانتباه فربت سليم علي كفها بحنو
- خلينا متفقين انك احلى واجمل بنت في الدنيا كلها .. وبُعدي عنك مايقللش في دا ... اتاكدى ان وجودنا مع بعض فترة مؤقته وانا مش حابب اشحن الفترة دى بذكريات سودة نندم عليها عمرنا كله ... يعنى ياستى مختصر كلامى هنعيش تحت سقف واحد اخوات وصحاب بس لكل مننا خصوصيته، لحد ما يجى الوقت المناسب اللي اسلمك فيه للقلبك وعقلك يختاره ويكون بيقدرك ويصونك ... قولتى ايه !

كان قلبها يرتعد من قسوة كلماته الناريه، وتفر دموع عينيها هاربه من خراب جوفها المفجع، فنتهدت بتثاقل لتقول
- انا اسفه علي كل اللي حصل منى واوعدك انى مش هكررها .. واتمنى تكون مقدر كده .. وبعدين اللي عاوز هيحصل، حاجه تانيه !

تبسم سليم بخفوت ليقول ممازحا
- عاوزك تبقي مبسوطه وبس يابت عمى، وانا وعد عليا هحاول مزعلكيش مهما حصل .. يلا عاد امسحى دموعك دى وانزلى اقعدى مع عفاف الصبح شق اصلا ...

اردفت بصوت منخفض حزين يائس
- حاضر شويه وهنزلها وانت روح شوف هتعمل ايه !

نهض سليم من جوارها منتهدا بارتياح فاخيرا اذاب جبال الهم من فوق صدره ليضع حدا بعلاقته معها، ثم اردف قائلا
- فوتك بعافيه عاد ... خلى بالك علي روحك .

تركها سليم في بحور اوجاعها ترتطم بها امواج القلب يمينا ويسارا وقلبها يعلو ويهبض متأوها علي فقدانه كل اشعه الامل التى كانت تنير دربها للوصول إليه ..

 

" انت يابنى ادم يالى برررررره الحقنىىىىى "
اردفت صفوة جملتها بصراخ وهى تقف فوق سطح المكتب بصوت مرتجف خائف تترقب حركه الفئران اللذين حولوا غرفتها لسريك .. جالسا بالخارج فلم يرف له جفن الشفقه علي صوت عويلها المتصاعد حتى اردفت مرارا وتكرارا
- اااااااه مجددددى الحق في فارين في الاوضه ... اااا يااااماما...

ظلت تتنقل فوق مرتفعات غرفتها بصراخ وخوف لاهث يرعد قلبها، اوشكت ساقيها علي لمس الارض فسريعا ما وجدت فار يمر من تحته فتراجعت سريعا بجسد منتفض وهى تنادى عليه بتوسل وهلع .. اخيرا رق قلب مجدى ليقترب من غرفتها بجمود واقفا امام الباب قائلا
- في حاجه ياااصافي ..

اجابته باكيه مرتعده
- ااااااه ... في فار ... لا في فيران كتير الحقنى ..
كتم صوت ضحكه الساخر ليقول
- عادى ياصافي مش هيعملولك حاجه ... اجمدى .
صرخت بصوت عال وهى تركض بعيدا عندما اقترب منها الفأر لتقول
- انت بتستهبل بقولك دول كتيررر وانا مش عارفه اخرج من هنا ...

وضع مجدى يده علي مقبض الباب ليجده مغقلا
- انت قافله الباب ... اعملك ايه ..

- اتصرررررف واكسره .. اعمل ايه حاجه !
انفجر ضاحكا علي صوت عويلها وهو يضرب كف علي الاخر قائلا ببرود
- لا خسارة الباب .. وبعدين لو كسرته هيكون ف خطر عليكِ منى ..

صرخت به منتفضه
- الله يخربيتككك ... انت بتهزر !

- والله بتكلم جدا ... اجمدى كده يادكتورة وافتحى الباب اومال دكتورة ازاي وعامله فيها سبع رجاله في بعض .. مش كام فار اللي يعملوا فيكى كده ..

حاولت صفوة التسلل بخفه وجسدها الملتصق بالحائط لتقترب من الباب ولكنها سرعان ما ركضت خائفة بعيدا عندما وجدت احداهم يقترب منها فاردفت وهى تضرب الارض بساقيها
- اااااااااه .. هما بيتحركوا كتير ليييه ..
اردف مجدى في سره قائلا بشماته
- اصلى موصيهم عليك ..
ارتفع نداء صفوة لتقول بذعر
- انت رووحتتتت فين !
مجدى بصوت عال كاتما ضحكه
- ماهو ياتفتحى الباب وتسبينى اتصرف معاهم .. لتتصرفي معاهم انتِ .. علي فكرة ياصافى سندريلا كانت مصاحبه الفيران عادى متتكسفيش منهم ..

بمجرد ما انهى مجدى حديثه وجدها فتحت الباب سريعا وهى تركض نحوه قائله بذعر
- اتفصل اتصرف مع الارف اللي جوه دا !
تفتنها مجدى باعجاب شديد وهو يراها في زيها البيتى المكون من بنطلون يصل للركبه وفوقه توب يبرز كل مفاتن جمالها فادرف قائلا بهيام
- هو انا ماينفعش اتصرف مع اللي بره وافكنى من اللي جوه !

زفرت في وجهه باختناق فاستدارت نحو باب الحمام لتدفعه بكل قوتها فقال مجدى متنهدا
- الصبر من عندك يااارب .. هى البت دى بتحلو ازاي كده !
ثم فزع من موضعه عندما وجد فار صغير مر فوق قدمه فقال بمزاح
- لا انا جايبكم تطلعوا عينها هى مش انا ...

فاقترب من باب غرفتها ليقفل بابها وتحرك نحو الصاله ليحضر مصيده الفئران التى احضرهم بها قائلا بتوعد
- لكل فعل رد فعل يابت الهواري ...

عادت حركه البيت مرة اخري بمجرد بزوغ شمس نهار جديد .. كل منهما يتسارع مع الزمن لاتمام عمله .. فنهضت ورد لتقوم باجراء المهام المعتاده صباحا وبعد ما انتهت من صلاة الصبح اتجهت نحو هاتفها الذي لم يتوقف عن الرنين اتسعت عينيها عندما وجدته سليم .. انتفض جسدها بارتباك
- اعمل ايه انا بس !
ثم استجمعت شتات قوتها لتضع ابهامها علي العلامه الزرقاء مردفه بتوتر وعيون متارجحه
- الو ..
تنهد سليم الذي يقود سيارته بهدوء قائلا
- ورد !
اصدرت صوت ايماء منفخض ثم اكمل سليم قائلا
- وجد عندك .. ؟!
ارتبكت ورد اكثر فاكثر لتقول
- لا .. ااااه ..
دار سليم مقود السيارة بغضب مكبوت ليقول
- ااااه ولا لا ... حددى ..

- اصل اصل الصراحه ياسليم انا مش مرتاحه لتصرفات اختى اليومين دول ..

عقد سليم حاجبيه قائلا
- في ايه يا ورد !
تحركت بعشوائيه في ساحة غرفتها لتقول بعد تردد بالغ
- بص انا هقولك واللي يحصل يحصل .. بقيت تتكلم مع ادهم كتير وخناقات علي طول مع امى ومراة عمى، وهى وفايز بردو بقيوا يتكلموا كتير ووجد عمرها ما كانت اكده يا سليم .. انا قلقانه عليها قوى ...

ضرب مقود السياره باغتياظ ليقول بتوعد
- طيب يا وجد اما طربقتها عليكِ مابقاش سليم الهواري ..
ثم استكمل حديثه مع ورد قائلا
- وهى فينها دلوق ..؟

- انا شوفتها ركبت العربيه مع ادهم .. بس معرفش راحوا فين ...

جز علي اسنانه بنفاذ صبر وشرار الغضب يتوهج من عينيه قائلا
- طب بصي ياورد عاوزك تجبيلى كل تحركات اختك والزفت دا عشان شكلها ناويه علي خراب قريب ... وكمان اي حاجه تعرفيها تقوليلى علي طول .. فهماتى ياورد .. في اي وقت اتكلمى وخلى بالك مش عاوز وجد تحس بحاجه ..

شعرت بالقلق يقرضها علي مهل حتى اردفت قائله
- ماشي .. اللي عاوزو هعمله ..

- تقفلى دلوقتي وتروحى تشوفي راحت فين مع الزفت اللي مايتسمى ده ..

وصلت وجد للاعتاب مكان شبهه مهجور .. فهو منعزل تماما عن اهل القريه .. ثم اردفت من سيارة ادهم بجسد قلق وخائف قائله

- انتوا بتصنعوا الزفت بتاعكم دا هنا !

هبط ادهم خلفها وهو يغلق باب السياره بعفويه قائلا
- احنا عمرنا ما صنعنا .. طول عمرنا بناخدو جاهز ونوصلوه لرجالتنا ..
التفت اليه برأسها لتقول
- واشمعنا المرة دى عاوزين تصنعوه !

عقد سليم ساعده امام صدره قائلا
-عشان العمليه مش جايبه همها .. من ايد لايد الحاجه بتتنظر .. وكمان عاوزين يكون لنا بصمتنا في السوق ومنوزعش حاجه كل الناس بتوزعها .. وماقدميش غيرك ياوجد انت اللي هتقدري تعملى كده !

رفعت عينيها بسخط لتقول
- بس دا مش شغلى .. دا شغل صيادله يا ادهم بيه ..

- يلا كلكم معجونين بعجينه واحده فرق مكتب تنسيق مش اكتر ...

نظرت له بعيون ضيقه
- مش فاهمه !
اقترب منها ادهم متبسما ليقول
- واحنا مش جايين هنا نتسايروا ياوجد يلا شوفى شغلك ...
خفق قلبها ألما لتقول متسائله
- انت واثق فيّ ليه ؟! اش ضمنك انى ممكن ابلغك عنك ..

مط شفته لاسفل قائلا
- ما هو انتِ لو ناويه تعمليها مش هتقولى لى اكده .. هتروحى تبلغى علي طول .. اما انت اعقل بكتير انا خابر زين .. مش هيهونوا عليك العتامنه تخسفى بيهم الارض بعد اللي وصلوله ...

رمقته بنظرات ساخره فتأهبت للتقدم نحو البيت المهجور حتى وقفها صوته المزعج قائلا
- وجد .. الشغل مافهوش هزار .. واتاكدى انك محتاجانى زي مانا محتاجلك ...

وقفت لبرهه تستوعب قذيفه كلماته ثم رفعت رأسها للسماء راجيه ربها ان يزيح عنها ما ابتليت به ...

 

" مرسي اوى .. اتفضل كتابك اهو "
اردفت نورا جملتها وهى تقف امام عماد بجسد مرتجف بدقات قلب الحب .. رفع حاجبه متعجبا
- انت لحقتى تخلصيه بسرعه كده ..
ابتسمت بفرحه قائله بهدوء
- انا مش عاوزه اقولك انى منمتش اصلا طول الليل سهرانة عليه لحد ما خلصته .. بجد شكرا مرة تانيه لانك كنت سبب في ليلى الطويل يعدى بسرعه كده .

مط شفته لاسفل ليقول
- للدرجه دى بتحبي القراءه !
هزت كتفيها بتلقائيه لتردف بثغر متبسم
- بدور علي نفسي بين السطور والكلمات .. بسكر من الشعر .. ورحى بتتخطف من الروايات والحكايات اللي مابقتش للاسفل موجوده في زماننا .. الشخص اللي مابيقرأش بيخسر كتير ..

ظل يتابع حديثها بإعجاب وتعجب علي الحاله التى كان بها اثناء استماعه إليه فوجد في حديثها لذه خاصه يكاد ان فقدها منذ زمن .. فهتف قائلا
- ياستى في مكتبه كبيره في القصر كلها بتاعتى تقدري تروحى تاخدى منها اللي يعجبك ...
اتسعت حدقة عينيها فرحه لتقول بامتنان
- بجد انا مبسوطه اووى .. ومش عارفه اشكرك ازاي ..
ابتسم بامتنان ليقول
- مافيش مابينا شكر .. اي وقت حابه تروحى تجيبى كتب قوليلى يمكن افيدك بحاجه ..
رمقته طويلا بقلبٍ يتراقص من لذه حديثها معه لتقول
- طيب هو انا ممكن اقول حاجه واعتبرها شكر مقدم عن كل اللي قولته ..

استدار ليجلس علي الاريكه بوقار ليقول
- قولى ياستى ..

فرك كفيها بارتباك لتقول
- ممكن ادخل احضر فطار ونفطر سوا ...
صمت لبرهه حتى بدت معالم الياس علي ملامحها وبعد قليل نظر إليها باسما ليقول
- مع انى مابفطرش .. بس ماشي مافيش مانع نفطر وهنزل معاكى نجيب الكتب اللي محتاجاها ...

لم تستطيع تصديق ما قاله كان قلبها ان يقفز من مكانه ليرتمى به شوقا .. ظلت تنظر له باندهاش وتساؤل فما القوة الساحرة التى تمتلكها الكتب لتطغو على قلبه قبولا لها،، اما عن حالته فكان يتسائل متعجبا ومستغربا فكيف يسمح لنفسه ان يتناقش بصدر رحب مع انسانه اغتصبت عالمه الخاص بدون ادنى مجهود منها، فما الهدوء الذي يكسوه بمجرد حديثه معها علي عكس ما كان يراها من قبل !

" طيب ياعفاف اشوف وشك بخير عاد "
اردف محمد جملته وهو يقبل جبهة امه بحب ... فربتت امه علي كتفه بحنان
- تخلى بالك يامحمد .. ومتنزلش البحر ياولدى وكلى زين ورُم عضمك انت عريس ومحتاج تتغذي ..
ضحك بصوت مسموع ليقول
- متخافيش انت بس .. ادعيلنا كده ننبسط وربنا يبعد عننا عيون ثريا ... _ثم التفت ليسر_ سوري يعنى ياسو بس امك شووم جوى ..
رمقته بحده لتقول
- اتلم .. ملكش دعوة باماما ..
قهقهه محمد ليقول
- ربنا يجعل كلامنا خفيف عليها ... هااا هحلق امشي قبل ماتنزل وتفتحلنت تحقيق ..

يسر بضيق
- اي يامحمد انا لازم اسلم علي امى الاول ..
- حبكت يعنى يايسر مانتى عايشه معاها ٢١ سنة مزهقتيش!

هتفت ثريا من اعلى لتقول
- والله عال وكمان بتقسي بتى عليّ ياولد عفاف ..

تنحنح محمد بجزع
- جالك الموت ياتارك الصلاه ..
ثم التفت الي يسر قائلا بسخريه
- نبرتى فيها ياختى ! اشربي بقي ..
رفعت يسر عينيها لاعلى قائله
- صباح الخير ياماما .. شوفتى كنت جايه اسلم عليك عشااااان ..

هبطت ثريا درجات السلم ببطء لتقول
- عشان ايه ياقلب امك !

ابتسم محمد قاصدا اثارة غضبها
- شهر عسل ياحماتى .. عاوزين نعسل زي خلق الله ..

نظرت لابنتها بعيون واسعه يحاصرها الكحل الغزير لتقول بحده
- نفسك حلوة قوى ! بس انا بتى ماتبعدش عن حضنى ... ولا ايه يايسر !

ارتبكت يسر بخوف من نظرات امها مما جعلها تتراجع خطوتين للخلف
- هاااا ! طبعا اللي تشوفيه .. ولا ايه يامحمد ..

زمجرا رياح صوت محمد غضبا ولكن سرعان ما التهمته عفاف لتقول
- جري لراسك ايه ياثريا .. ولدى واخد عروسته يفرحولهم يومين اش حشرك مابينهم انت ...

- بناتى يبعدوش عنى ياعفاف ... وطول عمري قافله عليهم ومعوداهم رجلى علي رجلهم في اي مطرح ..

محمد بتأفف
- صلاة النبي ! دانت عاوز تيجى معانا ياااك ! ما هى ناقصه !

قربت يسر منه لتمسك كفه متوسله
- محمد والنبي متجادلش معاها ..
نظر لها معاتبا حتى التفتوا سويا الي صوت عفاف التى هتفتت قائله
- هاااااا ! وهى الواحده لما تتجوز تحكم عليها امها لييييييه!

- والنبي اطلعى منها انت ياعفاف وهى تعمر ..

قطع محمد حديثهم قائلا
- طيب انا هاخد مراتى واخلع وانتوا خلصوا خناق علي مهلكم .. يلا فوتكم بعافيه ..

تأهب محمد كى يحمل حقائبه .. فاوقفه نداء جده قائلا
- محممدددد رايح فين ..
القى محمد مابيده جازعا ليقول بهمس
- دا مابقاش شهر عسل دة بقي شهر اسود علي دماغى .
ثم التفت اليه قائلا
- واخد مرتى بتفسحوا كام يوم ياهواري قبل ماانزل الشغل ...

اقترب جده قائلا بحزم
- مافيش سفر النهارده !
صوبت عيون متسعه نحو قرار الجد ليقول
- عاوزكم بعد الضهر كلكم .. وبعدين سافروا براحتكم واتبسطوا ..

محمد بفضول
- في حاجه يا هواري ؟!

- المحامى جاي الضهر .. وتركتى هتتوذع عليكم بما يرضي الله .. روح ريحلك ساعتين وبالليل سافر ..
اومئ محمد مستسلما
- اللى تشوفه ياجدى ..
قائلا من وراء اسنان المنطبقين
- نبرتى فيها ياثرياا !

" خلاص ياستى اهم ٣ فيران بالتمام والكمال جوه المصيده .. مافيش فيران تانى جوه "
اردف مجدى جملته بثقه وهو يزاولها بالمصيده، قرمقته صفوه بعناد مردفه
- وانت بقي اش عرفك انهم تلاته .. وان مافيش تانى !
اتسعت ابتسامه مجدى ليردف سريعا بدون تفكير
- منا جايبهم تلاته والله ..
شهقت بصوت عال لتقول
- طب والله كنت حاسه انك ورا الحركه العبيطه دى ..
ضرب مجدى جبهته سريعا
- انت فهمتى ايه بس .. قصدى انى دورت في الاوضة ملقتش تانى ...

ندت منه صفوة بنظرات تهديديه
- شوف يامجدى هتشتغل لي في الازرق .. هشتغلك في قوس قزح كده رايح جاي لحد مايبانلك صحاب ..
ابتسم مجدى ثم غمر لها بطرف عينيه
- طيب ولو قولتلك انى مش عاوز من قوس قزح كله غير اللون الاصفر اللي كنتِ لابساه ..

ضغطت على مشط قدمه بقوة مما جعلته يتأوه فجاة لتقول
- لاحظ انك بقيت تتطاول معايا ودا مش لمصلحتك .. خاف منى ..

رفع مجدى المصيده التى بيده أمامها ليقول
- اتنيلى اخرك بؤ والسلام تلات فيران لبسوكى في حيط .

تراجعت للخلف صارخه
- طبيعى كل البنات بتخاف من اي حاجه ليها رجلين وبتتحرك ..

- اومال مش خايفه منى ليه بقي ..!
ابتسمت بمكر لتقول
- والله انا خايفه عليك احسن احطك في دماغى ومعرفش اخرجك غير عالتُرب ..

- عنيفه اوى .. تُرب أي بس ياشيخه وهو الواحد لحق يخش الدنيا لما توديه علي الترب !

- مجدى .. سوري يابيشمهندس مجدى اطلع من دماغى وبلاش الحركات النص كوم دى .. مش معنى انى خرجت من اوضتي ٥د دخلت فيهم الحمام تحطلى فيران في الاوضه ! اي الهبل دا !

- وطالما هو هبل خوفتى وصوتى ليييه هااا .. دانا كنت خايف احسن الواد محمد يسمعك تحت ويفضل يقر عليا ويقول ماشيه معايا حلاوة ف السكينه وانا مظلوم ولا دوقت حلاوة ولا مسكت سكينه !
زفر بنفس صبر وغل في وجهه ثم دار بجسدها قائله
- انت التعامل معاك لا يطاق ... ربنا يهون علي الايام دى واخلص بقي ..

مجدى متوعدا وهو ينظر للفئران
- ورحمة ابويا مسيرك تخشي مصيدة مجدى الهواري وساعتها ماهرحكمك ..

ثم سمع صوت علي الباب فتحرك نحوه ليردد بهمس
- تلاقيه محمد طالع يكمل نبر ..

فتح الباب فوجد محمد بالفعل امامه قائلا
- العريس اللي محدش شايف وشه ماكفاية ياعم بلبطه في العسل دانا تعبتلك ..

- ياشيخ اتنيل دا لو عايش مع الشحات مبروك ما هتسحل السحلة دى ..

- المهم هات مراتك وانزل تحت بعد الضهر .. جدك عاوزنا ..

مجدى باستغراب
- هو هيجوزنا تانى ولا ايه !

- ياشيخ انتيل وانت اتجوزت اولانى احنا هنصيع علي بعض ياولد ابوي !

- ياعم خلاص بلاش تقطيم سبنالك انت العسل .. اطرق يلا مش بلغت رسالتك !
محمد بفضول وهو يتكأ علي جانب الباب
- الا قولى يا مجدى انت طلبت من عم عبده يجيبلك فيران ليه !

مجدى بحسره
- هو لحق يقولك !

- هههه دا لو مكنش قال لقنا كلها ..
شرع مجدى في غلق الباب بوجه اخيه
- امشي يامحمد طاااب خلينى الحق المصيبه دى ..
منع محمد قفل الباب بكفه ليقول ممازحا
- لو على صفوة فعاوزه ديناصورات وحياتك مش فيران .. ربنا يعينك يابطل ...
قفل مجدى الباب بوجهه متحسرا ومتوعدا
- اخرة اللي يأمن لبوابين ! طيب ياعم عبده !

 

" اكلى عجبك "

اردفت نورا سؤالها بهدوء .. بعدما ظلت تراقب عماد اثناء تناوله للفطار باعجاب وتركيز شديد .. فرفع عينيه قائلا برضا
- اااه تسليم ايدك والله .. تعرفى ان دى اول مرة افطر فيها من بعد وفاة نيره ..

تنحنحت بخفوت تبتلع به غصة احزانها
- الله يرحمها .. هى اتوفت ازاي .
فكر لبرهه حتى تبدلت ملامحه حزنا .. شعرت نورا بالتسرع في سؤالها فردد سريعا
-انا اسفه مش قصدى والله .. اعتبرنى ماقولتش حاجه .

ابتسمه زائفه شقت ثغره ليقول باسف
- السرطان خدها منى .
تنهدت بألم يخترقها من الداخل لتقول
- ربنا يصبر قلبك ... هى اكيد دلوقتي في الجنه وفي مكان احسن من هنا بكتير ..

- فعلا .. ويمكن دى الحاجه اللي بتهون عليا فراقها انها في مكان احسن من هنا ..

القت سؤالها بتردد
- واضح انك بتحبها اوى ..

تنهد عماد بصوت مسموع
- ويمكن المشكله انى حبيتها اكتر من اللازم عشان كده ضاعت منى ..
- متقولش كده .. انت لو بتحبها فعلا مكنتش هتتمنى تشوفها موجوعه طول الوقت وانت مش في ايدك تساعدها .

- موتها رحمها هى .. بس سابتلى سرطان الفراق ياكلنى انا ..

كلمته اعتصرت قلبها لتقول باسف
- اسفه انى فكرتك ..
ابتسم ابتسامه خفيفه
- متعتذريش .. لانى مش بنسي عشان حد يفكرنى ..

فركت كفيها بارتباك
- طيب تعالى نقرالها الفاتحه سوا ..
لمعت عيونه لطلبها الغير متوقع فظل يرمقها من كل لحظه والاخري وهى ترتل سورة الفاتحه بصوت منخفض جدا، لكنه لم يعلم من اين انبعث شعاع نور اخر بداخله فجاة ملئه بأمل رؤية الحياة مرة اخري بعيون اخري .. ربما مصدره عينيها الذي ينبعث منهما حب غير متناهى ..

 

" في الظهيره "

اجتمع آل الهوارة كلهم في غرفة الاجتماعات وبينهم المحامى واثنين من كبار العائلة فثارت صفوة قائله بصوتها العالى

- بس دا ظلم وربنا مايرضاش بالقسمة دى !

وقف راجح امامها بهيئته الموقره قائلا
- طلعتى جدك ظالم على اخر ايامه ياصفوة !

- وحضرتك لما توزع التركه علي اربعه ونصيب كل واحده فينا مع جوزها دا تسميه ايه ... هو دا الحق ؟!

تدخل مجدى لتهدئة الامر
- صفوة اهدى وبعدين نتكلم ..
ثارت بانفعال
- لا مش ههدا .. تقدر تقولى حضرتك لما ابويا يرجع ميلاقيش حاجه من ورثه ! ولا نقوله استنى لما استئذن جوزر عشان اجيبلك منه فلوس وورث .

اكملت ثريا منفعلة
- جاى تظلم بناتى ياعمى .. طيب ليه هو دا ذنبهم انهم ولايه !

- انا مظلمتش حد ياثريا .. ولما جوزتهم لولاد عمهم كنت عامل حساب لاكده .. ولو اتكلمنا بالشرع والقانون .. ان بناتك ليهم تلتين النص عشان ولاد عمهم هيشاركوهم في النص بتاعهم .. وبحسبتى كل واحده منهم واخده حقها بزياده كفايه معاها راجل يصونها لاخر العمر ..

ثريا باغتياظ
- ولما واحده فيهم تتطلق يبقي حقها علي اكده بححح خلاص طلعت من المولد بلا حمص .. اعمل حاجه لاخرتك ياراجح بيه ..

- اولا احنا معندناش بنات عيطلقوهم ولاد عمهم .. ثانيا كويس انك فاكرة انه في اخرة ياثريا ..

سليم بهدوء
- ياجدى انا شايف انك توذع نصيب كل واحد بالدين ونبقوا خالصين ..

- لا ياسليم مش هيحصل غير اللى قولته وبنات عمكم هيقضلو طوق قي رقابيكم بعد ما اموت وكده اضمن انكم مش هتفترقوا واصل ياولدى ...

- دا جنان رسمى
هرب اللفظ من بين شفتى صفوة بدون رقابة مما اثار انفعال الجد اكثر قائلا
- ما هو لو كلامى متنفذش هكتب تنازل عن كل ممتلكاتى للجمعيات الخيريه ... خولص كلامى ... شوف شغلك يامتررررر ..

تبادلت العيون فيما بينها بذهول وعدم استيعاب بين معظمهم والبعض الاخر صامت لا يُبال منتظر ما يتم الانتهاء عليه ..

" عاااااش ياوجد .. تسلم ايدك يابت عمى والله هو دا الشغل ولا بلاش "

اردف ادهم جملته باعجاب بعد ما تذوق التجربه التى اعدتها وجد ... ثم اردفت قائله
- هو دا اللى انت عاوزه ؟!

- وطلعتيه احلى يابت اللذينه والله لو ترضي بس لبوس دماغك الجوهرة دى ..

زفرت باختناق
- انا همشي ...

- استنى بس لسه متفقناش .. هتبدئى الشغل ميته ؟!

- اووووف الوقت اللي عاوزو ياادهم .. بس يكون في علمك شحنة واحده بس اللي هعملها ... وبعد كده يفتح الله .

رمقها بمكر
- نحضروا احنا بس اول عمليه وبعدين نشوووووف بعدين ..

- عاوزه اروح ...
دنى منها للحد الغير مباح
- ياباشا دانا اشيلك علي يدى واروحك ..
ابتعدت عنه بنفور ثم تركته وغادرت
- اوووف اوعى كده ...

رمقها بخبث ثم رفع نظره نحو الكاميرا المخفيه من اعلى
- عتحلمى يابت سالم .. هو دخول الحمام زي خروجه

سارت وجد نحو السيارة تزيل دموع عينيها بحزن وندم تشعر بأن جبلين ينطبقين عليها هتعتصر هى بالمنتصف قائله
- يارب انا اسفه .. سامحنى انت عارف انى مجبورة علي كل دا ...
ثم تنهدت بحرقه لتقول
-يارب ابعد سليم عن طريق ادهم واحميييه ياااارب ..

" ورد ماتفتحى الباب كنت عاوزك في موضوع اكده "
اردف فايز جملته وهو يقف امام غرفة ورد التى ترتجف من الداخل قائله
- امى ومراة عمى راحوا فين ..

اتسعت ابتسامة فايز قائلا
- تقدري تقولى ان البيت كله مافهوش غيرنا .. افتحى عاد وبطلى حديت ماسخ ..

ارتعد بغرفتها وهى تنظر للاعلى
- فينك بس ياوجد ! استرها يارب ..

ثم رفعت صوتها قائلة
- وراي مذاكره ومش فايقه لرغيك روح اتكل على الله ..

وضع فايز كفه داخل سترته بخبث
- طيب لو فتحتى هقولك وجد فينها وعتعمل ايه دلوق

ركضت نحو الباب سريعا لتقول
- اكيد في المستشفي .. انت جاى تشتغلنى !

اردف بثقة
- وهى وجد من ميته عتروح المستشفي مع ادهم !
ارتعد قلبها اكثثر لتقول
- قصدك اييه .!

- افتحى وانا هقولك..
التقطت نفسا طويلا ثم وضعت يدها علي مقبض الباب تفتحه بتردد وكف مرتجف متجهه نحو حبال فضولها كى تصل لخبر ما تنقله لسليم .. صوت قفل الباب يتحرك ببطء شديد .. وعلى حدا يتراقص قلب فايز فارحا متسعدا للانفراد بحبيبته ...

" زي ما عقولك راجح طربقها علي دماغ الكل .. وانت عتقولى اهدى !"
باسطة جسدها في وسط فراش مجهول مرتدية قميصا باللون الازراق وتتمايل بغضب وضيق ونيران الشر تتوهج من كل اجزاء جسدها ... وعلي حدا يقف الاخر امام المرآة ليصب كأسا من الخمره ويرتشفه مرة واحده
- منا قولتلك نقتله ونستريح مسمعتيش كلامى ...
طبقت ساقها فوق الاخري لتقول بندم
- ياحيدر انا كل يوم بلوم نفسي انى مسمعتش كلامك .. بناتى وخسرتهم والورث كمان بح ... وبصراحه بناتى اجبن من انهم يعملوا اللي طلبتو منهم .

دنى من مخدعها ليجلس بجوارها مرتديا شُرطٍ قصير ويشعل سيجارته
- بالعكس ياثريا .. بعد اللي عمله الهواري هتبقي عود كبريت زين تولعى بيه النار في قلوب بناتك .. وكده هينفذوا كل كلامك بالحرف .. وانت وشطارتك ..

نصبت عودها لتجلس بالقرب منه وتحرك ذراعيها فيصدر ذهبها صوتا مزعجا
- انت شايف اكده ؟!
شد نفسا عميقا من سيجارته وهو يتفتنها بنظرات شهوانيه
- انا مش شايف غير اكده ! واقفلى النور اللي جمبك ده متبوظيش علينا الليله .. انت متعرفيش انا بستنى اليوم دا في الاسبوع قد ايييه !

اطلقت ضحكه عاليه بميوعه قائله
- يخربيتك واحنا في ايه ولا في ايه بس!
استدار ليطفىء سيجارته بالمطفأه ثم يدنو منها اكثر قائلا
- احنا في كل حاجه تظبط مزاجنا ياثرية قلبي ...
اردف بثقة
- وهى وجد من ميته عتروح المستشفي مع ادهم !
ارتعد قلبها اكثثر لتقول
- قصدك اييه .!

- افتحى وانا هقولك..
التقطت نفسا طويلا ثم وضعت يدها علي مقبض الباب تفتحه بتردد وكف مرتجف متجهه نحو حبال فضولها كى تصل لخبر ما تنقله لسليم .. صوت قفل الباب يتحرك ببطء شديد .. وعلى حدا يتراقص قلب فايز فارحا متسعدا للانفراد .. فوقفت محتميه خلف الباب الموارب لتقول
- قول اللي عندك !

تفتنها باعجاب شديد ليردف
- عماله تحلوى يابت الايه !
تأهبت لتغلق الباب ولكنه افسد مخططها بوضع قدمه قائلا
- عقولك ايه .. بما ان وجد خلاص وقعت في المصيده وهتتجوز ادهم قريب، ماتيجى نتجوزوا احنا كمان ويبقي زيتنا في دقيقنا والفرحة تتضاعف ! وفكك من العلام ووجع الراس

شهقت بصوت مرتفع وهى تتكأ علي الباب بكل جسدها لتقول
- انت اي الكلام الفارغ اللى عتقوله ده ! مستحيل وجد تتجوز ادهم ومستحيل كمان انا اتجوز واحد زيك !

ابتسم ساخرا ليردف بثقه
- احنا بناتنا مش عنرموهم في حضن الغريب ياوردتى !

- انت لو ممشتش دلوقت انا هصوت والم الغفر عليك ...

قهقهه بانتصار ليقول
- يلا وخلى فضيحتك بجلال وفي الاخر مافيش غيرى هيتستر عليكِ .

اندفعت من وراء الباب بدون تفكير في عواقب تحركها قائله بغضب
- انت اصلا حيوان !

دفع فايز بابها بفرحه عارمه ويعلو ثغره ابتسامه انتصار ليقول
- طب والله خسارة الجمال دا يكون لحد غريب ..

ارتعد جسدها اكثر فاسرعت نحو مكتبها تحتمى _بالاباجوره_
- لو قربت منى هقتلكككك ..
خطى فايز نحوها بخطوات سلحفيه قائلا
- انتِ مش عاوزانى ليه .. تعالى نتحدتوا بالعقل ..

شرعت ورد ان تفتح ثغرها المرتجف ولكنها سرعان ما غيرت هتافها بمجرد سماعها صوت اختها بالاسفل لتقول بارتياح
- ووووجددد !

ثم اسرعت الخطى راكضة نحوها كالغريق الذي عثر علي طوق نجاته، اردف فايز متحسرا
- اااه ماهى طربقت ! اووووف حبكت تيجى دلوق يعنى يا وجد !

ركضت ورد نحو اختها سريعا حتى وصلت إليها قائله
- الحقينى ياوجدد !

اقتربت من اختها بلهفه
- مالك وشك مخطوف ليه .. حصل ايييييه !
دارت براسها لاعلى لتجد فايز خارجا من غرفة اختها لتتسع عينيها قائله
- حصل ايه ياورد انطقى !
بللت ورد حلقها وهى تقول بصوت مرتعد
- دخل علىّ اوضتى ياوجد وفضل يقول كلام غريب وانك هتتجوزى ادهم وهو عاوز يتجوزنى ..

رمقته وجد بغضب لتقول بصوت عال
- الكلام دا حُصل ياولد عمى !

اصطنع البراءه قائلا وهو يدلف من اعلى
- وحلال ربنا يضايقك في ايه يابت عمى !
التفت نحو اختها لتقول لها
-امشي ياورد !
تارجحت عيونهم بتساؤل حتى اشارت وجد اليها بالانصراف، فتحركت ورد سريعا نحو غرفتها وهى تلتفت خلفها بارتباك .. حتى وصلت لغرفته واغلقت بابها فاطمئن قلب وجد لتتحدث بحريتها .. ولكن ما فعلته ورد عكس ذلك اكتفت بجعل باب غرفتها مواربا لتستمع لحديث اختها التى انخفض ..

- تقدر تقولى انت عملت اكده ليه ومالك باختى !

- رايدها ياوجد ! ومستنيها من زمان ايه هتمانعى ..

تنحنحت وجد بخفوت لتقول
- سيبنا من موضوع ورد بعدين نشوفوه... وهات اسم الظابط البي بلغته عشان عاوزه اتفق معاه !

قهقهه فايز ساخرا ليردف بصوت عال
- انت جري لراسك حاجه ياوجد ! انا مش عارف انت وثقتى فيّ كيف ؟! انت فكرك انى هروح ابلغ عن العتامنه عشان انت تستفردى بحب القلب ..

جيوش متهجمه انقضت علي جسدها لتغرز سيوفها بداخله بدون شفقه لتقول بقلق واضح
- قصدك ايييه !

- هفهمك ياوجد ... اللي عملته كان حتة حلوة منى عشان اجر رجلك للشغل معانا وتبقي سرنا وغطانا يابت عمى .. ومكنش قدامى غير اكده .. وفعلا حصل واحب اطمنك الشغل هيعجبك معانا قوووى ... الزهر شكله هيلعب معانا ياوجد ..

تقف فوق ارض رخوة يرتعد جسدها بدون رحمه تستمع لكلماته بقلب يُعتصر ويبعثر فتاته اكثر من بعثرته لتقول له بصدمه
- حتى انت معاهم ياشيخ يلى ما بتفوتش فرض في الجامع ..!

قهقهه بسخريه ليقول
- ومال الصلاه بالشغل بس ! كله سعى وركض في الدنيا ياوجد والشاطر اللي يكوش اكتر ..

زفرت باختناق اوشك على انفحار بحور دمعها
- حسبي الله ونعم الوكيل فيكك .. اشوف فيك يووم .

دلف ادهم من باب القصر قائلا بفرحه
- متجمعين يعنى ! خيررررر .
التفت وجد نحوه لتقول
- لا برافو ياادهم باشا خطتك نجحت بجد عجبتنى رسمتوها صح وانا اللي مغفله وصدقتكم ! عموما متفرحوش كتير وعلى رقبتى اشترك معاكم في الهباب دا ..

ابتسم ادهم ساخرا وهو يقترب منها
- وجد .. خشي نامى والنهار له عنين يابت عمى ..

- ااخر كلامى قولته والا ماهيطلع عليكم نهار غير وانتوا في الحبس !

كرر حديثه بنيرة اقوى
- قولت النهار له عنين روحى نامى ياااوجد !

" انت عاجباك اووووى المهزله دى .. بس انا مش هسكت وهرفع قضيه ومش هسيب حقى ولا حق ابوويا"
كانت صفوة تجوب امام عينيه كالمجنونه لساعات طويله وبداخلها مراجل القهر تقدح .. ظل مجدى يُراقبها بهدوء تام وهو يضرب الارض بمشط قدمه بثبات وهدوء حتى اردف متزنا
- انتِ عاوزه ايه ؟!
التفت إليه وشظايا القهر تتوهج من عينيها لتقول
- ايوة منا ولا علي بالك .. مكوش علي ربع الثروة وحاطط في بطنك بطيخه صيفي ... اصلا تلاقيكم طابخينها سوا ...

نصب عوده فجاة محاولا تمالك اعصابه ليردف بغضب مكبوت
- طابخينها سوا ! هى حصلت يابت عمى ..

عقدت ساعديها بغل
- اااااه امال تسميه اييه .. كده كده عارف ان عمري ماهحبك فقولت تطبخها انت وجدك واهو اسمكم عقدتوا حبل الجاموسه في مربطها .. بس انتوا غلطانين .. انا مش هسيب حقى وحق اخواتى يابيشمهندس، ومن بكرة الصبح هرفع قضيه حجر ...

رفع حاجبه بسخريه محاولا استيعاب سُم كلماتها ليقول
- جدك عداه العيب وبالذات معاكى .. وسابلك المستشفي انت ومحمد بالنص .. وبعدين هو انت فاكرة لما تيجى تقوليلي عاوزه نصيبي انا همنعك ولا هاكله عليكِ ! مش تربية عفاف اللي تاكل مال حرام يابت عمى ..

اجابته سريعا بدون وعى والغضب يتدفق من جوفها
- منا مش خايفه غير من تربيه عفاف ...

لطمه قوية من كف مجدى صُفع بها صفوه كانت كافيه ان يلتف جسدها كله اثرها .. ثم اردف مجدى بنبره شبه نادمه
- عمري مافكرت اعملها حتى لو عملتى معايا اكتر من كده .. لكن امى يابت عمى خط احمر .. ومن هنا ورايح مافيش خروج من البيت .. واذا كانت ثريا ماعرفتش تربى فأنا اللي هعيد تربيتك ... انا عديت وسكت كل الكلام اللي قولتيه تحت وقولت حقك .. لكن عند هنا ومش هقدر اسكت مش من حقك تجيبي سيرة امى اصلا علي لسانك

ثم تحرك صوب الباب ليتركها في براكين غضبها التى اوشكت علي الانفجار .. ظلتت تترقب خُطاه بصمت وعدم استيعاب ثم اردفت بحده وصوت متألم
- طلقنى !

توقف علي اعتاب الباب لوهله دون النظر اليها ثم اكمل طريقه ليفتح الباب ويغلقه خلفه ليصل اذانها صوت اغلاق القفل ثم وقف متنهدا نادما ليقول
- انت إللى اجبرتينى لحاجة زي كده يابت عمى ..

" انت مضايق ليه ياسليم .. من ساعه ما جدى قسم وانت مش على بعضك "
اردفت ماجده جملتها بصوت حائر متردد وهى تجلس امامه .. فزفر سليم قائلا
- انا مش عارف جدي عمل اكده ليه !

ابتسمت بخفوت
- ياسيدى متحطش في بالك .. اصلا انا مش عاوزه حاجه .. ولما ممممم يعنى قصدى لما نطلق اعتبرنى مسامحه !
رفع عينه نحوها ليقول بتافف
- وحقك ! حقك امانه في رقبتى ياماجده واليوم اللى هتقولى عليه هيوصلك وزياده يابت عمى ..

بلعت غصة احزانها محاوله رسم ابتسامه زائفه
- طب خلاص انت مضايق ليه .. ماهى اتحلت !

- ربنا ما يجيب عقد .. هقوم انام انا عشان عندى مزاد الصبح ولازمن يرسي علىّ .

اومات بخفوت لتقول بحزن
- تمام .. وانا هنام في الأوضة التانيه مش هزعجك ..
التفت سليم الي هاتفه الذي رن اثناء تأهبه للذهاب فاجابه بلهفه ليقول
- ايوةة ياورد .. طمنينى ..

سرق الاسم اذان ماجده لاهتمام محاولة ربط الاسم باحداث سابقه متذكره
( خدى اختك وامشي ياورد دى شكلها ليله طين ... )
فاقت ماجده من شرودها علي دمعه اخري منسكبه بمرارة لتقول بتوعد
- هى العيلة دى مش سيباه في حاله ليه ... طيب ياسليم هسيبك تلف تلف ومش هتلاقي غير حضن ماجده ف الاخر ...

اقترب سليم من النافذة ليكممل حديثه مع ورد صاحبه الصوت المنتفض لتقول برجاء
- الحقنا ياسليمممم ... الحق .. ادهم وفايز وقعوا وجد وجبروها تتشتغل معاهم وكمان ادهم بيهددها .. وفايز قالى انهم هيتجوزوا ... ووجد مموته نفسها من البكا .. وانا مش عارفه اعمل ايه ...

سليم باختناق
- ودى التلفيووون لاختك ياورد ...
اخفضت صوتها بحذر لتقول برجاء
- لالا ياسليم دى محرجه عليا ارد عليك اصلا وقالتلى اغير خطى .. هى خايفه عليك منهم قوى .. وفي نفس الوقت هما غرقوها معاهم غصب عنها ... اختى بتضيع مننا ياسليم .. احب على يدك اتصرف ..

كور قبضه يده ليضرب الحائط بعصبيه قائلا
- طيب ياادهم الكلب ! طيب .

- انت مش هتتخلى عنها ياسليم صح !

- اكيد ياورد ... طب بصي متخافيش واجمدى كده واسمعى كلامى بالحرف .. وانا هقولك تعملى اييييه .

" انا مبسوطة اوى يامحمد .. كده خلاص اتكلبشنا ومافيش حد هيقدر يفرقنا ابدا "
قالت يسر جملتها بفرحه وهى تقفز امامه بحركات طفوليه ..
تناول محمد ثمرة فاكهه من فوق الطاوله ليقول
- انتِ ياما كلبشتينى من اول نظرة ... هتستعبطى ..

اخدت منه ثمرة التفاح بمزاح وتخفيها وراء ظهرها
- ايوة كده اعترف .. عشان لو فكرت بس عينك تروح كده ولا كده هقتلك ..
خطف قُبله صغيره من وجنتها بصورة مفاجئة ليقول
- طيب وهو في حد يكون معاه العسل دا ويدور علي غيرو بره .. دا حتى يبقي افتري ياشيخه .. !

نظرت له بعيون ضيقه وهى تتراجه للخلف لتقول
- انت بتبصلى كده ليهه ! مش مطمنالك !
دنى منها خطوة للامام قائلا
- بما انه سفريه شرم الشيخ اضربت ... وكمان هنزل الشغل من بكرة .. ايييه انت بقي .. !
ضحكت بصوت عال زلزل كل مشاعره مما جعله يتقدم نحوها اكثر ليلتهمها حُبا .. واوشك ان يظفر محمد بمراده ولكنها سرعان ما فاجئته بوضع الفاكهه بفمه قائله
- خد تفاحتك ياعم .. انت هتتلكك ..

جز محمد علي اسنانه باغتياظ
- روحى ياشيخه الهى اشوف فيكى يوم ! فصلة دى بذمتك !
وقفت على طراطيف أصابعها لتقبله سريعا قائله
- كُلها هعمل حاجه واجيلك .. متتحركش من مكانك .. انا بحذرك اهو. ...

 

" مضايقه عشان اللى عمله جدى اكيد !"
اردف عماد جملته الاخيرة بعدما وضع ريموت التلفاز بجوار موجها كلامه الى نورا التى نظرت له متبسمه
- لا والله .. الورث والكلام الفاضي دا مايفرقش معايا !

- اومال ايه اللى يفرق معاكى ؟!
ابتسمت بخفوت
- اهم حاجه الصحة وراحة البال .. والله كده رضا ..

- غريبه ! بس دا حقك ؟
التفت نحوه باهتمام لتقول
- مش حقى .. انا متعبتش فيه عشان اطلب به واقول حقى .. الاراضي دى كلها من حق عمو عادل الله يرحمه، ومن حق سليم بعده لان هو دراع جدى اليمين واللي شايل كل حاجه على كتافه ... اللى عاوز اوصله ان دى هديه من جدى ولو مكنش عطانا معاكم اصلا والله عمري ما كنت هتعرض ولا هتكلم .. دا كرمنا اخر كرم والله ..

في كل مرة حديثه معها يجعلها تعلو درجه من جبال شموخه ؛ الا تلك المرة كان حديثها كافيا ان يخطفها لقمة جباله لتتربع عليه قائلا باعجاب
- انت غريبه اوى ..

- هو اللى يقول الحق يبقي غريب يا سيادة المستشار !

- يااااااه ليا سنة مسمعتش الاسم دا ..

- سبت شغلك ليه ؟!

- مكنش ينفع اكمل فيه وظروف العيله زى ما انت شايفه ..

اغرورقت عينيها بالدموع لتقول
- هو فعلا ابويا ورا كل المصايب دى .
صمت عماد لبرهه ثم قال
- تربيه جدى واللى اعرفه عن عمى اللي شكلك واخده كل صفاته مابتقولش كده .. بس كل الناس والشهود قالوا كده .. ولسه التحريات شغاله ..

ذرفت دمعه اخري لتقول
- والله انا مش مصدقة انه يعمل حاجة زي كده .. بابا احن راجل في الدنيا كلها ..

تنحنح عماد بخفوت محاولا تلطيف الجو
- سيبك انتِ بتتكلمى قهراوي حلو اوووى ..

تبسمت رغم حزنها لتقول
- جدك ومراة عمك ياسيدى محرجين علينا منتكلمش معاهم ومع اهل البيت غير صعيدي .. وانا شكلى نسيت نفسي وخدنى الكلام والطبع يغلب التطبع بقي ..

لاول مرة منذ اعوام تشق شفته ابتسامه نابعه من قلبه ليقول
- ياستى خدى راحتك .. اتكلمى بالطريقه واللكنه اللى تعجبك ..

اومات راسها ايجابا بفرح ثم اكمل كلامه قائلا
- جبتلك الكتاب دا من تحت .. اقريه لحد ماتنزلى وتختاري بقي .

رفعت حاجبها فارحه
- me before you !
- قراتيه ؟!
هزت راسها نفيا
- لا بس اتفرجت على الفيلم . ..
- الرواية هتعجبك اكتر واسلوبها حلو .. هسيبك انا بقي تعيشي معاها وهدخل انام .. تصبحى علي خير ..

 

" هو مش لسه بدري ياثريا! "
اردف راجح بنبرة صوته الاجشه سؤاله من منتصف الصاله الواسعه وعلى حدا كانت ثريا تخطو اول خطواتها فوق السلم .. فتوقفت بجسد منهلع من الداخل لتقول
- تقدر تسال السواق كنت فين؟!

وقف راجح مستندا علي عكازه ليردف قائلا
- اه منا خابر زين انك كنتي في المستشفى وعملتى فحص واشعه وتحليل شامل ... بس دا يخليكى راجعه ١٢ بالليل وانت خارجه من العصر ..
- عاوز توصل لايه ياعمى ؟!
اقترب منها قائلا
- ولا حاجه يابت اخوى .. تُصبحى علي خير ..
استدارت ثريا لتهرب من اسهم شكوكه ولكنه اوقفها مناديا بقوة
- ثريا .. بعدى عن بناتك وسبيهم يعيشوا حياتهم .. خلى البنات تفك من حصارك عليهم ..
استمعت لاوامر وبدون اي اشاره او صوت صعدت لغرفتها تلقي بجسدها في وسط الفراش متنهده بارتياح لتردف
- مش مرتحالك ياهواري ... ياتري عتفكر في ايييييه .

" اي رايك .. مهنش عليا انام قبل ماوريك الشغل "
اردف ادهم جملته بفرحه وهو يرفع ساقه قوق مقعد المكتب مستندا عليه بكوعه منتظر رد عمه .

تذوق حيدر ما اعده وجد باعجاب شديد قائلا
- ااااه ياوجد ... كنتى فين من زمان !

- كنت واثق انه هيعجبك .. المهم دلوق ان لعبتنا اتكشفت وفايز كشف نفسه .. ووجد لازمها راجل يلمها ياعمى ..

- عاوز ايه

- فرحى عليها يكون النهارده قبل بكرة وانا جاهز من زمان قوى .. بس انت ترضي ..
حيدر بتساؤل
- مش بدري علي الخطوة دى يا ادهم !

- لا مش بدري .. لازم نربط وجد قبل ما تغرقنا كلنا .. وكله في صالحنا دلوق انا ماليش حكم عليها .. ولا انت ليك حكم عليها .. وجد لازم تتحكم وتبعد عن نسل هوارة عاد ..

هز حيدر راسه باقتناع
- تمام اجهز ياعريس ومن بكرة هنبداوا في مراسيم الفرح .. وعلي اخر الاسبوع هتكون في بيتك ...

ابتسامه انتصار ارتسمت على ثغر ادهم قائلا
- هو دا الكلام ! الله ينور عليك ..

قفلت المصحف الذي بيدها ورفعت رأسها لاعلى تناجى ربها مردده
- عارفه انى غلطت ومكنش ينفع أامن لواحد زي دا .. خليك معايا وارحمنى من شرهم ... يارب نجينى زي مانجيت يونس من بطن الحوت يارب انا صابره صبر جبال .. ارزقنى وعوضنى عن صبري خير ... واحفظ سليم وارعاه وانصره يارب حتى ولو ماليش نصيب اكون معاه في حلالك ليله واحده يارب احميه من كل شر .. واحفظ اخواتى واهدى امى عنهم يارب انا ماليش غيرك متسبنيش لوحدى .. انت الوحيد اللي سامعنى وحاسس بي فرح قلبي يارب ...

"في اليوم التالى "

- طبعا مش عاوزه اقولكم تعملوا ايه ... واظن مافيش واحده فيكم هتقدر تفتح خشمها بعد اللي حصل ..
اردفت ثريا جملتها بحقد علي بناتها ثم هتفت نورا قائله
- انا خرجينى من حساباتك خالص ياريت ... مش عاوزه حاجه ..

- اكتمى يابت وانت اش فهمك وعرفك عاوزة تسيبى حقك ليييييه .. فوقى يابت الخايبه ..
لاحت نورا بكفها بنفاذ صبر
- يوووووووه بقي .. دى عيشه تقرف .. انا ماشيه

- خدى يابت هنا خدددى ..
ولكن ابنتها تجاهلتها تاما وتركتها وغادرت .. استدارت ثريا نحو يسر وماجده
- صفوة مجاتش ليه !
يسر بتلقائيه: خبطت عليها كتير مفتحتش .. قولت اكيد نايمه ..
ثريا باهتمام قبضت علي ذراع ابنتها
- بت انتى حُصل حاجه بينك وبين اللي مايتسمى .

- اااه ياما سيبى دراعى ..
هزتها بعنف اكثر
- انطقي يابت !
هزت يسر راسها نفيا ويبدو الكذب عليها قائله
- لا محصلش .. اصل قايله انه ماينفعش دلوقت وبس ...
ثريا بعدم تصديق
- اومال قاصدك في الروحه والجايه ليه .. وشهر عسل ايه الل كنتى هتهببيه .. انطقى
- طول مانت بتعاندى مع محمد هو بيعاندك اكتر وعارف انك هتتغاظى من تصرفاته فبيعمل كده ..

- طيب يايسر .. اقسم بالله لو كنت عتكدبي على لادفنك مطرحك ..

ارتعد جسد يسر بخوف
- حاااضر .. انا ماشيه ..

- استنى هنا هتمضي جوزك ميته !

- اييييه ! امضيه علي اييه ؟!
اتسعت حدقة عين امها بتهديد وهى تقترب منها
- هتستهبلى يابت !
يسر بسرعه وخوف
- خلاص خلاص اللي عاوزاه هعمله ..

ارتاح قلب ثريا قليلا متنهدة ثم التفت صوب ماجده
- وانت !
ذرفت دمعه من عينيها قائله
- حاضر .. الظاهر مافيش قدامى غير كده ...

" الا قوليلى ياما اي سبب العداوة بينك وبين مراة عمى !"
اردف عماد جملته بهدوء بعد ما وضع فنجان قهوته فوق الطاوله .. اردفت عفاف قائله
- دا حوار من زمان قوى يا ولدى ..

- احكى انا سامعك ..

ابتسم عفاف قائله
- مراة عمك كانت تحب واد شمام من العتامنه، وكانت عاوزه تتجوزه وانا حذرتها بدل المرة الف .. لانهم مكانوش ينفعونا ياولدى .. اخر مرة قالتلى انها هتهرب معاه وانا معرفتش اعمل ايه غير امى رحت اقول لاخوها منصور هو اللي هيقدر يلحق المصيبه دى .. ومن ساعتها وهى كرهانى ومفكرانى بعدت عنها حبيبها ... وادى الحكايه والله ياولدى .. انا فعلا غلطت عشان طلعت سرها بس كانت عاوزة احميها من الكلب ده ومن شر الهواره لو عرفوا هيقتلوها .. قضي كان اخف من قضي ..

مط عماد شفتيه بإيماء قائلا
- عشان كده ! ربنا يصلح الحال ... الا قوليلى ياام عماد اي رايك في نورا قصدى يعنى زي امها ولا غير !

عفاف بخبث
- هى الصنارة غمزت ولا ايييييه !

- اي ياعفاف محدش يعرف يتكلم معاكى خالص .. مجرد سؤال والله بما اننا بندردشوا ...
رفعت حاجبها بعدم تصديق لتقول
- البت يا ولدى مشوفتش منها العيبه ودايما في حالها .. وبعدين دى ف بيتك وتحت عينك تقدر تعرفها زين وتحدد ..

وثب قائما بسرعة
- طيب يااما .. هقوم انا اشوف مصالحى ... صح ماقولتليش مين اللي كانت تحبه ثريا مراة عمى !

- حيدر .. حيدر عتمان راس الافعى ...

 

" ألا اونا .. الا دو الا... "
صوت جمهوري قوى من سليم الهواري الذي اقتحم المزاد بصف من الحرس قائلا
- ٥ مليوووووون ..

التفت جميع الحاضرين نحو صاحب الرقم الذي انخرط علي اذانهم .. فاردف رجل المزاد
- ٥ مليون عند سليم بيه الهواري ! ٥ مليون عند سليم بيه الهوارى ... مين يزود ..
نهض ادهم بغل ليقول
- ٥مليون ومية الف ..

اقترب سليم بخطوات قليله
- ٦ مليون ...

اردف رجل المزاد مصانع آل خليل القديمه ب ٦ مليون مين يزود !

سليم جلس بشموخ ليقول
- ٨ مليون ..

تنهد ادهم قائلا بحقد
- ١٠ مليون ...
انطلق سليم بكلمته التى اخرست الافواه
- ١٥ مليون ..
ظل ادهم يراقب سليم بنظرات شرانيه حتى ترك المزاد مغادرا بصحة رجاله .. اما عن المزاد فرسي اخيرا علي سليم الهواري الذي تراقص قلبه فرحا وانتصارا ...

دلف مجدى من سيارته التى ظل يجول بها ف انحاء القريه طول الليل مقتحما القصر بخطوات واسعه فوجد امه جالسة فالقي عليها التحيه قائلا
- عامله ايييه !

عقدت عفاف حاجبيها
- انا زينه ! انت عاد خدت عربيتك من بالليل وراجع الصبح ليه دانا قولت عليك نزلت مصر .. وصعب عليا منك تنزل من غير ما تسلم على ..

ابتسم مجدى رغم عنه قائلا
- والله ياعفاف المفروض انزل مصر النهارده قبل بكرة الشغل متعطل قوى ..

- عامل ايه مع صفوة يامجدى !

تنهد بياس قائلا
- ولا حاجه كل شويه خناق واليوم بيعدى ..

- ياولدى بالراحه وبالمسايسه الدنيا هتنور ... طب والله البت دى مافي اغلب منها .. هى بس متفرعنه بالكدب ... قرب منها واعرف مالها ياولدى في فحكم اليتيمه وحتى امها دى متعتبرش ام اصلا كل هما الفلوس وبس ..

- ربك يعدلها ياما ... رايح شقتى انا يلا فوتك بعافيه ..

" هو في ايه هنا وليه الدربكه والدوشه دى "
اردفت وجد سؤالها متعجبه عندما وجدت حركه البيت علي غير المعتاد فاجابتها ساميه من الخلف
- ترتيبات فرحك ياعروسه .. عمك امر ان جوازك علي ادهم بعدين يومين واهو كلنا بنتشتغلوا بايدينا وسناننا عشان نعملوا حاجه تليق بيكى انت وولدى البكري

عقدت وجد ملامحه بعدم تصديق
- انت بتقولى اي ! مين قال اكده !
- من زمان ياوجد من يوم ما اتولدتى واسمك مكتوب علي اسم ادهم .. صبرتى ونولتى والله .. سيد الرجاله كلهم ..

- ياما .. ممكن تفهمينى مراة عمى عتقول ايه .. وفرح مين دا اللى بعد يومين !

- فرحك ياضي عينى .. والله ياوجد الود ودى كنت اجوزك انت واختك في ليله واحده .. بس يلا مافيش نصيب كده كده عريسها قاعد ..

- انتوا اكيد اتجننتوا ..انا مش موافقه علي الجوازه دى ..

ساميه بمكر
- بس عمك وافق ياوجد !

- يبقي يروح يتجوز هو بدل ماهو متجوزش لحد دلوق ... دا الغلب دا بس ياربي

تأهبت للذهاب ولكن اوقفها هتاف ساميه قائله
- جوزك محرج علينا رجلك متخطيش الشارع غير علي بيتكم ..

شعرت بحبل يلتف حولين قلبها ليخلعه فتوقفت بقوة
- مش جوزى ولا عمره هيبقي .. وانا محدش بتأمر علىّ اللي كان له الحق يأمر برغم انه عمره ماعملها ابوي واهو مات ... ومتخلقش اللي يجوزنى غصب عنى ..

ضحكت ساميه بسخريه
- وده عشان ولد الهواري اللي مرمي طول الليل في حضن مرته .. ياخيبه ذليه واكسريه وخدى اللي احسن منه .. اتعلمى منى بلاش تتعلقي بحبال الحب الدايب ماعتوكلش عيش !

ابتسمت وجد ساخرة لتردف
- لكن الرقص عيوكل كباب وكتفه ... اطلعى انت ولدك عن راسي ..

كوثر بحده
- ما تتلمى يابت وكلمى حماتك عدل ..
شرعت وجد ان تنطق ولكن قطعها زمجرة صوت ادهم القويه قائلا
- نتكلموا لحالنا ياعرووسه !
ضحكت ساخرة
- هااا واهو شرف عريس الغفله .. ماليش كلام مع تجار حرام ..

قبض علي معصمها بقوة
- وجد .. اقصري الشر وتعالى ..
انحنت كوثر علي اذان ساميه
- تعالي ياام ادهم نكملو تجهزات الفرح ونشوف اي اللي نااقص ونسيوا العرسان لحالهم ..

ساميه قاصده اثاره غضب وجد
- علي قولتك .. يلا ياكوثر ...

جذبها ادهم عنوة عنها من معصمها ودخل معها غرفة مكتبه .. بينما ورد كانت تترقبهم بخفاء من اعلي .. فاسرعت النزول متجهه خلفهم بحرص شديد وهى تتلفت حولها يمينا ويسارا .. وصلت وجد لغرفه المكتب التى اغلقها ادهم خلفه فابتعدت عنه بكره قائله
- ادهم انت لو اخر راجل في الدنيا انا مش هتجوزك ..
ابتسم ماكرا
- وانت ولو في منك مليون مش هتجوز غيرك بردو .

- تبقي بتحلم .. عندى اقتل نفسي ولا اسلمها ليك ..

- وانا عندى اقتلك ولا انك تكونى لغيري ...

ثم اقترب من جهاز اللاب توب بضحك ساخر لينير شاشته قائلا
- بصي بصي ياوجد طالعه في الشاشه حلوه كييف ... !
شهقت شهقه عاليه تكاد سحبت اوكسجين الغرفه وتبلل حلقها عدة مرات محاولة استيعاب جريمته الدنيئه
- انت حيوان ... انت صورتى ياادهم وانا بصنع الزفت دا ..
قفل ادهم الشاشه قائلا بانتصار
- شوفي هما أمرين ملهمش تالت .. شالله مايأمر عليك عدو يارب .. بس انا هكون جوزك طبعا فيتنفذوا ... الاول فرحنا يوم الخميس .. والامر تانى تحرقي صفحة ولد الهواري من حياتك ياوجد وألا الفيديو دا هسلمه للنقابه والمركز واللي مايشتري يجي يتفرج علي الدضكتورة اللي رافعه راسنا .. ومتفكريش كتير عشان مقدامكيش اختيارات للاسف لانى سبق وقولتلك ياتكونى مع غيري يامتكونيش ياوجد ..

رمقته بنظرات ساخطه متأرجحه
- بكرهك ومش هكره حد قدك ..

عقدت ساعديه بهدوء قائلا
- مش مهم المهم عندى انى احرق قلبه واردله القلم عشرة ..

التفت إليه باهتمام
- هو مين دا ؟!
اقترب منها بخبث ليحاصرها بذراعيه
- وجد .. بلاش معانده وخلى حلوة احسنلك ..

دفعته بعيدا مردده
- يعنى متجوزتكش او حاولت اتحامى بسليم هضيع مستقبلى وتخلينى طول العمر عايشه في السجن صح ..

- والله علي عينى يابت عمى .. بس انا مجبر على كل دا ..

تنهدت باختناق
- تمام .. تمام يا ادهم بيه .. منا مش هضيع حلمى وحلم ابويا عشانك دانا روحى في يدك .. وانا موافقه على الجوازه دى .. بس ورحمة ابويا لاوصلك لمرحلة تتمنى فيها الموت ولا تلاقيه تفضل تدور عليه بالفلوس .. وافتكر انك انت اللي جبته لنفسك .. افرح ياعريس ..

شهقت ورد من الخارج بصوت عال وسرعان ما اندفعت نحو غرفتها متسلله علي اطراف قدميها بحذر لتلتقط هاتفها سريعا كاتبه رساله نصيه لسليم
" الحق ياسليم .. ادهم مصور وجد وبيهددها هيبلغ عنها لو موافقتش علي جوازهم .. ووجد وافقت "

كان سليم يقود سيارته علي الطريق الزراعى عائدا منتصرا بعدما صفع ادهم للمرة الالف .. فالتفت نحو شاشة هاتفه المضيئه ليقرا رساله ورد عدة مرات .. ففرمل سيارته فجاة متكأ للخلف وهو يضغط علي اسنانه ..
- يابن ال... ياادهم
ثم عاد الاتصال بورد قائلا بسرعه
- فهمينى ياورد ...
تلتقط انفاسها بصعوبه والدموع تسبح فوق وجهها
- الحق ياسليم هيودى وجد في داهيه .. دا شرانى ويعمل اكتر من كده ..

سليم كاظما لغيظه قائلا
- اهدى اكده واحكى ... وليه وجد مكلمتنيش ..

- بيهددها بيك ياسليم، ادهم اول مايسمع سيرتك عيتعفرت وهى عاوزه تبعدك عن طريقه بأى شكل المهم هحكيلك الل حصل امبارح ...

قصت ورد ماحدث ليلة امس وحاولت ربط الاحداث ببعضها مع سليم وبعد حديثهم الذي استمر عدة دقائق اردف سليم بارتياح
- فهمتى ... تتصرفي وتطلعى تقابلينى بعد العصر ياورد ...

- انت ناوي علي ايه ؟!

- ناوي اولع في عيلتكم نفر نفر ... يلا اقفلى .
- " طيب والله كويس انك محضرة شنطك وحاجاتك وفرتى الوقت "
اردف مجدى جملته وهو يدلف من باب شقته ليجد امامه حقيبه صغيرة وأخرى حقيبه يد وصفوة تجلس في منتصف -الصاله- عاقدة ذراعيها واسهم الشر والغضب تنبثق من عينيها .. اقترب منها مجدى بهدوء ليجلس امامها قائلا:

- هاخد شاور علي بال ماتلمى هدومى عشان هننزل مصر دلوقت .
رفعت حاجبها بسخريه قائله
- ودا مين اللي قرر كده !
ارتسم مجدى معالم الجديه قائلا
- انا اللي قررت .. ويلا اتفضلى عشان مش عاوزين نتاخر .. بكرة الصبح لازم اكون في الشغل ..
وقفت امامه معانده
- طبعا مش هيحصل ولا هسافر معاك ولا عاوزه اشوف وشك بعد النهارده .. ولو سمحت طلقنى وكل واحد فينا يروح لحاله !

رمقها مجدى بنظرات معاتبه ثم تأهب للذهاب من خلفها بصمت اشعل بدنها غضبا .. فسارت خلفه قائلا
- وبعدين انت مين عطاك الحق تقفل عليا اصلا ! انا غلطانه انى وافقت علي الهبل والجوازه دى من الاول اكبر غلطه انا عملتها في حياتى ... بص مختصر الكلام كده لو مطلقتنيش هخلعك !

توقف فجاة مستديرا إليها بجسده وثغره متبسم قائلا
- هاتيلى غيار من جوه محتاج اخد (شاور) ضروري !
لاحت إليه بكفها بعشوائيه بوجه مكتظٍ قائله
- انا بتكلم في ايه وانت بتتكلم في ايه ! هو انا الجاريه اللى جابهالك جدك ! سفر مش مسافره! هطلقنى دلوقتى يامجدى بيه ..

شرع مجدى في نزع ثيابه امامها بمكر محاولا الاقتراب منها قائلا
- وانا معنديش اي مانع اطلقك .. بس لما اتجوزك الاول ! قولتى ايه ؟! موافقة !

تراجعت للخلف كالملدوغه محاولة استيعاب جريمته التى ينتوى لارتكابها قائله
- انت مجنون ! لا طبعا مستحيل ولو فكرت تقرب هقتلك ..

قهقهه مجدى ساخرا علي ارجحه عيونها وتصاعد وهبوط انفاسها قائلا بغمز
- وانا مستحيل اطلق .. ويلا من غير مناهده كتير لان كلامى انا اللي هيمشي ياصفوه فاقصري الشر احسنلك !

تحك قدميها ببعضها بغل وغضب مطلقه زفيرا قويا في وجهه لتتركه وتغادر الشقه نهائيا هاربه من اسهم انظاره .. تنهد مجدى بتحدٍ
- طيب ياصفوه شكلك حابه تشوفى الوش تانى !

 

" المكان عجبك ! "

اردف عماد جملته وهو يجلس فوق مكتبه بشموخ لنورا الغائصه في بحور مكتبته المليئه بكثير من الكتب قائله بانبهار
- اي الجمال .. بجد انا نفسي افضل هنا مخرجش ابدا، انت قاريء كل الكتب دى !

ابتسامه خفيفه اعتلت ثغره قائلا بنبره خافته
- تقدري تقولى انى قاريهم كلهم ..

التفت نحوه بتعجب وعيون متسعه قائله
- ووواااووو بجد يابختككككك ..

تراجع للخلف متقلبا في مقعده بانسيابيه كانه يخفى شيء ما بداخله قائلا
- نيرة الله يرحمها كانت مجنونة كتب وقراءه، كان الشوبينج عندها تنزل تجيب كتب وبس ؛ طول الوقت ماشيه بالكتاب في ايديها واليوم اللي كنت ارجع فيه متاريف من ضغط الشغل كانت تاخدنى من ايديا كده ونقعد انا وهى مع اكتر كتاب قراته وعجبها .. كنت وقتها انسي كل هموم الدنيا .. بحب كل الكتب اللي كانوا سبب في ابتسامتها وضحكتها طول الوقت ..

تركت نورا مابيدها بهدوء ثم اقتربت منه قائله بثغر متبسم وقلب يحترق من نيران الغيره لتجلس امامه ومتكئه علي سطح مكتبه لتردف
- كلامك بيخلينى اندم انى متعرفش علي شخصية زى دى بحياتى !

تبسم بحزن ليقول
- زرعت فيا كل ورود روحها وسابتنى ومشيت !
رفعت نورا عينيها بخجل لتقول
- ودى حاجه مفرحانى جدا .. حاسة انك تشبهها اوى !
تنحنح عماد وهو يتقدم بظهر للامام قائلا
-بيقولوا .. انت مقولتليش انفصلتى ليه عن جوزك ..

شوكة علقت بحلقها محاولة محو ذكريات الماضي قائله بحزن
- لسه كنت بتقول ان نيره زرعت فيك كل الورود وسابتك ... هو كمان زرع فيا بس زرع شوك وصبار ومكنش قدامى حل غير انى اختار حريتى بمقابل كل حاجه املكها !

رفع عماد حاجبيه بفضول قائلا
- مش فاهم !

- هو انا لازم احكى .. ؟

هز كتفيه باستسلام قائلا
- لو دا هيوجعك بلاش منه، مع انى حابب جدا اعرف مين الغبي اللي يسيب شخصيه زيك !

تبسمت ابتسامه زائفه لتقول بعد تنهيده طويله
- كان مدير الصيدليه بتاعتى .. حاول يقرب منى كتير لكن انا مكنتش متقبلاه .. دخل لماما من حتة اننا صيادلة بقي وهنقدر نعمل مشاريع ومصانع يعنى ماديات وكده .. ماما اقتنعت واقنعت بابا واتجبرت انى اوافق .. بعد فترة اكتشفت انه بقي شخص تحكمى عصبي انانى خنيق .. مكنتش استحمل نفسه في البيت ويوم ما طلبت الطلاق ساومنى بين حريتى والصيدليه اللي تعتبر الهديه الوحيده من بابا ... وادى حكايتى ...

رمقها بعيون مشفقه قائلا
- واتجبرتى انك تتجوزينى كمان ! الدنيا جايه عليك اوي مش مديالك مساحه تختاري حياتك !

بلعت غصة كلماته قائله
- بس انا راضيه باختياراتها مهما كان ..

ابتسم عماد قائلا
- انت تستاهلى كل خير فعلا ..

شعرت بالحرج امامه ومن اسهم نظراته التى ترعدها حبًا لتقول بجسد مهزوز
- هقوم بقى اعيش مع الكتب دى !

اومئ عماد ايجابا بينما دار بمقعده ليجري اتصالا هاتفيا قائلا
- ااه ياسمير معاك .. اكتب كده الاسم ورايا .. ( حيدر نصر الله عتمان ) .. _ثم صمت لبرهه تابعتها ايماءه خفيفه_ مممممم وهو كذالك ياباشا .. هستنى تليفونك في اقرب وقت .

 

" سعت الباشا حمزه بيه معتز ... ليك وحشه والله "
اردف سليم جملته وهو يدلف باب مكتب سياده النقيب( حمزه معتز ) بمركز ابو تشت .. وقف حمزه مرحبا به بامتنان
- سليم بيه الهواري بجلالة قدره في مكتبى المتواضع !

احتضن الرفاق بعضهما بود فاردف حمزه قائلا
- اتفضل اتفضل .. اي ريح طيبة اتت بك الي هنا ياولد الهواري ..

تنهد سليم بكلل وهو يجلس امامه قائلا
- الهوي غلاب ياصاحبي والله ..
ابتسم حمزه قائلا
- لا دا شكل الموضوع كبير .. تشرب ايييه ؟!
- اي حاجه ياحمزه مش هتفرق ..

ضغط حمزه علي الجرس فدخل العسكري ضاربا التحيه العسكريه قائلا
- اوامرك يافندم ..

اجابه حمزه بثغر متبسم
- اتنين لمون يابنى شكل ولد الهواري اعصابه تعبانه ..

انصرف العسكري فتبسم سليم وهو ينظر إلي حمزه قائلا
- طالب مساعدتك ياباشا ..

- انت تأمر امر ياسيدى ..

تحدث سليم اليه باهتمام وحرص، كان حمزه يستمع إليه بتركيز شديد، وبعده عدة دقائق قطعهم دخول العسكري ثم استئنف سليم حديثه الذي اختتمه بجملة
- هااا ياباشا .. معايا ولااا!

اتكىء النقيب حمزه بظهره للخلف قائلا
- معاك .. بس الموضوع في قلق عليك انت ..

- متقلقش عليّ بس .. ربك هيسترها .. انا حبيت اجيلك بنفسي عشان الموضوع مش هينفع في التليفون .. ومافيش غيرك هيساعدنى .

تنحنح حمزه بخوف ليقول
- اتفقنا ياسليم .. اول ما تظبط اللي اتفقنا عليه .. رن وسيب الباقي عليا ...

وقف سليم برسميه وهو يصافح حمزه قائلا بامتنان
- سلامى لحمزه باشا الخياط ..

وقف حمزه ممتنا له قائلا
- حمزه الخياط مابيقبلش سلامات كده .. دا عاوز زياره وتروح تسلم عليه بنفسك انت وحرم سليم الهواري الجديده بقا ...

ضحك سليم راجيا
- ياخى من بؤك لباب السماا .. هستاذن انا بقي ..

" جدى انا عاوزه اطلق .. ومعنديش رجعه في قرارى "

اردفت صفوة جملتها بعاند امام راجح الهواري الذي تلقى طلبها ساخرا ليقول لها
- ليه ياصفوة !

زفرت بضيق
- البيه بيضربنى وانا مستحيل اكون علي ذمته ساعه واحده ..
عقد جدها حاجبيه قائلا
- ضربك ! قولتى ايه يوصل مجدى لحاجه زى دى !

تارجحت عينيها وبدى عليها بوادر الكذب
- ماقولتش هو اللي همجى وانا مستحيل اعيش معاه ولو سمحت ياجدى لو مطلقتنيش هيكون مابينا المحاكم ..

لطخ وجه الجد بدماء الغضب قائلا
- اخذي الشيطان يا صفوة .. واطلعى لجوزك ..

قطعهم مجدى قائلا
- لا جوزها اللي نزلها ياجدى عشان يادوب نطير علي مصر دلوقت الشغل متراكم فوق راسي اد كده ...

- يلا ياصفوة مع جوزك متهملهوش يابتى ..

اوشكت عيونها علي البكاء قائله
- انا مش هطلع من هنا ولا هروح معاه في اي مكان .. والقاهره دى انا مش هعتبها مهما حصل واخر كلام عندى قولته ...

مجدى بهدوء مسك كفها وسحبها خلفه قائلا
- عن اذنك ياهواري بس مش عاوز اوجع راسك هتكلم معاها لحالنا .

اخذها بعيدا عن الانظار ليقفها امامه قائلا
- يعنى قلم امبارح مربكيش !

- لا ياافندى قلم امبارح فوقنى وكشف نوايا سعتك ..

كوره قبض يده محاولا تمالك اعصابه ليردف
- صفوة .. لمى نفسك وقدامى علي العربيه يلا ..

زفرت بضيق
- علي جثتى انزل القاهرة .. انا مش عاوزه اروح الله ! هو بالعافيه !

رفع صوته بحده
- صفووووووة ... معاكى دقيقتين وتكونى قاعده جمبي في العربيه والا مش هيحصل طيب ..

ثم تركها وغادر ليعد شنطه داخل السياره .. ضربت صفوة الارض بساقيها بقلة حيله .. وفجاة التفت لصوت مسدج علي هاتفها من رقم تحفظه جيدا
( صفوة .. انا اسف وسامحينى ارجعيلى ياصفوة انا مش قادر اعيش من غيرك .. فات ٥ سنين علي غيابك وانا مش قادر انساكِ )

زفرت باختناق واوشكت عيناها علي ذرف دموع قلة الحيلة قائله
- اووووف ماهى كانت ناقصاك انت كمان !

فاقت علي صوت احد الخادمات قائله
- ست صفوة مجدى بيه بيستعجلك وبيقولك يلا ..

وقفت حائره كأنها علي شط بحيره مليئة بالتماسيح والبر غدار مليىء بذئاب بشريه تود ان تقضى عليها .. فماذا ستختار !

 

" شوفتى يا وجدان ! شوفتى عيعملوا ايه في حفيدتك ! هيجوزونى ادهم يإما حلم ابويا ومستقبلى هيضيعوا، وانا مش عارفه اعمل ايه .. قوليلى اعمل ايه حاسه كل حته في جسمى عتحرق فيا وانا معتدش مستحمله والله "

اردفت وجد جملتها لجدتها الراقده بدموع منهمرة فوق وجهها تراقبها تلك العجوز بيعينها الاتى اوشكا علي الانفجار حسرة منذ مفارقة ابناؤها الحياه فلم يتبق لها الا حيدر .. حركت اصابع كفها ببطء وهى تراقب حفيدتها بحزن بالغ، اكملت وجد حديثها
- طيب اتصل بسليم واقوله الحقنى ! كده برميه في النار بيدى من ناحية عيلتى وعيلته ... حاسه حبل طويل بيتلف علي قلبى وبيخنقه ... ادهم لعبها صح هو وفايز ..

سعلت العجوز بوهن شديد وهى تعتصر عينيها علي حال حفيدها الغاليه علي قلبها ... مدت (وجد) انامله لتزيل دموع جدتها قائله بابتسامه خارجه من وسط خزان حزنها
- طيب هونى عليا انا وانت هنبكى كده ؟! ماينفعش .. طب خلاص متبكيش وانا مش هبكى .. ابويا سبق وقالى لابد بقليلٍ من التضحيه كى تستكين القلوب .. وانا سكون قلبي في حياة سليم سالم ومبسوط هعوز ايه تانى ! حتى ولو كان بعيد يكفى انه تحت جلدى ساكن ..

وصلت ورد لاعتاب قصرهم بعدما عقدت اتفاقها مع سليم .. فأصبحت تلتفت حولها حاضنه بين ذراعيها سلة سوداء تحملها بجسد مرتعد حتى ارتطمت بأدهم ففزعت كالملدوغه في بهو القصر قائلة
- ااا .. ااااادد ... اددددهمممم !

رمقها بخبث
- مالك مش علي بعضك ليههه ؟!
بللت حلقها بارتباك وهى تلتقط انفاسها بصعوبه
- هاا ابدا .. اصل ..

- اصل وفصل ايه ؟! وبعدين اي الكيس الاسود اللي معاكى دا ؟!

حضنت السله بين ذراعيها اكثر لتردف قائله وهى تتراجع للخلف
- مالكش دعوة وبكتبي ولا ليك دعوه بيا اصلا .. ووسع اكده من طريقي وشوف وراك ايه !

ركضت ورد من امامه بسرعه دون ان تلتفت نحوه مردده في سرها
- يارب عديها علي خير يارب ..

وصلت ورد لساحه القصر متنهده بارتياح وهى تضع كفها فوق قلبها وتجوب بعينيها يمينا ويسارا بقلق حتى التفتت اذانها لجملة ساميه التى تلقيها على اذان امها
- ادى حس لوجد يا كوثر عشان تااجى ( تيجى) معاي ..

تركت كوثر مابيدها قائله
- تيجى معاكى فين ؟! .. وبعدين ولدك محرج علي طلوعها بره عتبة البيت ..

نتغجت سامية في زيها الضيق لتقول
- دى هتطلع معاى .. ومش ههملها لحالها واصل .

كوثر بفضول
- راسك فيها ايه ياساميه ..

رفعت ساميه الحجاب ( الشفون ) فوق شعرها قائله بتلقائيه
- ياختى وانا هعملها ايه بتك ! هاخدها واوصل بيها لحد المركز اللي بيخلى العرايس بتبرق ده كده خليها تجهز لفرح ولدى والليله الكبيره وكمان اشتريلها كام هدمه عرايسي اكده لاجل ولدى مايتبسط !

اختبئت ورد خلف السلم متجسسه علي محور حديثهم منتظرة نهايته .. اردفت كوثر
- وليه ياختى كل دا .. هى ام سيد بيتجى بتاخد المية جنيه وتظبط البت وتخليها علي سنجة عشره ..

عقدت ساميه حاجبيها
- فشررررررر .. بقي مراة ولدى تظبطها ست ب مية جنيه .. دى لو مكانتش كيفيها كيف نجوم السيما متلزمناش .. ولدى لافف وعارف زين ولازم بتك تملا عينه ياكوثر ..

- اللي تشوفيه ياختى .. هو فينه المركز دا طاب ؟!

- في ضواحى قنا السواق هيودينا وساعتين وهجيبنا تكونى انت فرشتى شقة العرسان ..

ارتفع صوت نداء كوثر علي ابنتها قائله
- يلا ياوجد عشان تروحى مع مراة عمك !

قفلت باب غرفة جدتها بهدوء قائله
- وعلى فين العزم !

كادت ثريا ان نتطق ولكن رمقتها ساميه باشاره كى تلتزم صمتها قائله
- انتِ من هنا ورايح هتبقي مراة ولدى يعنى بتى وكنت عاوزه اشتري كام عبايه اكده لزوم الفرح .. قولتى ايه ..

ابتسمت بسخريه لتقول
- ااه ان شاء الله ..

كوثر: يلا ياوجد روحى مع مراة عمك متزعلهاش عااااد !

ورد من الخلف في سرها
- اااه ياولاد ال**** ... هتعملى ايه ياورد !

 

" ياحيدر زي ما عقولك .. شكل عمى شاكك فيّ ولو عرف هيطربقها علي راس الكل "
قالت ثريا جملتها بخوف وقلق وهى تجوب غرفتها ..

- تقلى قلبك عاد ياثريا .. وهو هيعرف منين مش انت مظبطه السواق زين، خلاص عادى .

- بردو قلبى مش مطمن ياحيدر ..

- بطلى هوس وقوليلى لسه بناتك معملوش حاجه .

تنهدت بمرارة
- لسه ياخوى .. واحده لسه حابه علي يدها عشان تسافر مع اللي مايتسمى مجدى يمكن تقدر تمضيه علي حاجه، والبنات بحاول معاهم هنا ..

- طب ركزي ياثريا مقدمناش وقت .. لعبتنا لو اتكشفت هنروح كلنا في داهيه ..

- اهو هعمل اللي هقدر عليه وربك يسترها ..

 

" ايوة ياسليم .. انا وصلت البيت وعملت اللي قولتلى عليه بالظبط "
اردفت ورد جملتها وهى تتاكد من قفل باب الغرفه متحدثة في الهاتف مع سليم الذي اردف بهدوء
- تمام يا ورد .. خلى بالك .. عاوزك تقلبي لى البيت علي الفلاشه اللي ماسكها الزفت دا على وجد .

- متقلقش علىّ .. ان شاء الله اللى اتفقنا عليه هيحصل ..

- وجد فينها وبتعمل ايه ؟!

- اااه فكرتنى كنت هنسي من الخوف والربكه اللي فيها، وجد خرجت من شويه مع سامية مراة عمى ..

اتكأ سليم علي باب سيارته وهو يراقب شغل العمال قائلا
- خرجت !.. ليه طب مع بت المحروق دى !

- بص انا هحكيلك اللي سمعته ...

قصت ورد كل ما سمعته بالاسفل علي اذان سليم الذي انشغل مع حديثها بكل كيانه قائلا بتركيز
- يعنى وجد دلوق في قنا ؟!

- اه راحت عند المركز بتاع العرايس دا ..

سليم باهتمام وهو يصعد سيارته كأنه اقترب من مراده
- اسمه اي المركز دا ياورد !

فكرت لبرهه ثم اردفت بشك
- بص هو انا كنت باخد كورس انجليزي السنه اللى فاتت في مكان (...) واسمع ان كان علي اول الشارع مركز متخصص في الحاجات دى .. اكيد يبقي هو ...

سليم بحماس
- طب اقفلي ياورد دلوق .. واي جديد بلغينى ...

 

" طيب والله متصوريش وحشتينى اد ايه .. لدرجه انى فكرت استقيل من الشغل "

اردف محمد جملته وهو يحتضن زوجته من الخلف التى تقف في المطبخ لتعد له الطعام .. استدارت بجسدها بين ذراعيه لتعانقه قائله
- وانا من اول ما خرجت كل شويه ابص في الساعه واقول امتى يخلص .. ويرجع لحضنى .

نظر لها بعيون ضيقه قائلا بخبث
- يسر .. هو انا لما كنت بكلمك من الشغل واقولك بتعملى كنتى بتدلعى كده وتقولى لى بعمل حاجات كده وكده وملكش دعوة بيها .. فبتكهربينى مش بتخلينى على بعضي ... طيب ماتقولى انك بتحرقي الاكل بدل اللعب بالاعصاب دا !

انفجرت ضاحكة بين يديه وهو تمرر اصبعها علي وجنته بدلال لتقول
- الله ! منا كان لازم اقول كده عشان تشهل وتيجى .. اومال هقولك مكركبه الشقه وبمسح وبطبخ وريحتى كلها بصل عشان تتقفل منى وتشيل الهم ومتجيش ! تؤ لازم افرشلك الارض ورد وفرشات عشان تيجى علي ملا وشك كده ملهوف زي ما جيت ..

عض محمد علي شفته السفليه بتوعد ونظرات شرانيه يود ان يفترسها حبا للتو .. فاردف قائلا
- اااه يعنى بترمي الطعم للسمكه عشان تصطاديها ..

غمزت بطرف عينيها بميوعه مردفه
- طيب ما انت دماغك حلوة اهو وبتلقطها وهى طايره !

جذبها بكل قوته لتلتصق به قائلا بتوعد
- طيب خليكى فاكرة انك انتِ اللي جبتيه لنفسكك ..

وقفت علي طراطيف اصابعها كى تصل لثغره طابعه قبله خفيفه عليه لتقول بمزاح
- طب خلى بالك من الاكل منا ما اغير لبسي دا ..

ابتعدت عنه سريعا دون ان تنظر رد .. رمقها محمد بنظرات شوق قائلا
- طيب ياست يسر .. صبرك عليا

ثم اقترب من الموقد ليكشف اناءات الطعام، فاستدار ليتناول معلقه يتذوق بها بحماس قائلا
- شكل ليلتنا فل ... !
تذوق اول صنف فرفع حاجبه منبهرا
- ممممم لا طلع اكلنا حلو ياسو وملبستش في خازوق ولا حاجه ..

ردت عليها بصوت عالٍ
- عشان تعرف بس ان ربنا رزقك بجوهره وميزك عن باقيه خلق الله .. اشكره عليا بقي ..

ضحك محمد وشرع في تذوق الصنف الاخر قائلا بخفوت
- دا ناقص ملح .. اما اظبطه بقي واحسبه عليها جِميله ..

التفت كى يبحث عن الملح بين العُلب الصغيره بحيره ثم فتح علبه اخرى باستغراب ليخرج ما فيها .. فوجئ بشريط حبوب منع حمل، نيزك سقط على قلبه من الصدمه محاولا تصديق ما رآه، فاق من شروده علي صوتها المدلل
- محمااا انا جهزت اي رايك ب...

استدار محمد بجسده قائلا بغضب
- حبوب منع حمل بتعمل ايه في البيت يايسر ؟!

 

وصلت ساميه بصحبة وجد الي المركز التجميلى .. رمقتها وجد بتساؤل
- احنا منزلناش السوق ليه ! ايه اللي جايبنا هنا ؟!

دلفت ساميه صاحبة العود المنتصب والجسد الرشيق المملوء قليلا وهى تقول
- وبعدين ياعروسه .. كل الناس بتيجى هنا عشان ترتاح وتستجم .. اش حال انت عروسه بقي .. تعالى جربي وهتدعيلى وهتقوليلى نيجوا كل اسبوع ..

لازالت وجد في سيارتها تتلقي كلماتها باختناق كجمرات من نار تتقاذ فوقها .. رفعت ساميه نبرة صوتها
- يلا ياوجد عاوزين نعاودوا قبل العشا ..

وجد بحده: انا مش هدخل المكان دا !

تأففت ساميه لتقول
- ليه يادلعادى ! مش بت زي البنات ولا ايييييه .. !

- انا قولت مش نازله يعنى مش نازله .. ولو كنت اعرف كده مكنتش اتحركت من البيت .. امشي ياعم سيد روحنى .

ضربت ساميه علي باب العربيه
- بطلى تنشيف راس وانزلى ياوجد ! دى نضافة ليك ياخايبه هتلاقي حاجات حلوة قوى جوووة اسمعى منى .. ومفيده لجسمك هو انا اللي هقولك ولا ايه ياست الضكتورة ..

برغم من رفض وجد القاطع الا انها كانت تشعر بقوة داخليه تحركها بدون تفكير، اصبحت مُسخره لست امامها اي اختيار سوى التحرك مغيبه، لم تمتلك القوة الكافيه كى تعترض، ترفض، تتمرد اصبحت تتحرك مع الريح كى يلقي بها مكان ما يتوقف .. دلفت رغم عنها متوجهه نحو الصالون التجميلى وشرعت في اجراءات اللازمه التى تقوم بها اي عروس ..

 

" يارب نفرد بوزنا دا متحسسنيش انى غاصبك علي حاجه يا صافى !"
اردف مجدى جملته وهو يخفض صوت الكاست بداخل سياراه المنطلقة علي الطريق الصحراوي متجهه نحو القاهرة .. تأفف صفوة بنفاذ صبر
- ممكن ملكش دعوة بيا خالص .. واقفل الزفت دا صدعنى من الصبح .

حاول مجدى تلطيف الجو قدر الامكان قائلا
- وانا مابعرفش اقعد مع ناس مكشرة وهى زي القمر كده !

- اووووووووف .. ارميلك نفسي من العربية دلوقت واجيبلك مصيبه !

ضحك مجدى ساخرا وهو يقول
- مانت مش هتعيشي عاصيه جوزك وتموتى كافره كمان ! طب اعملى حاجه تنفعك في اخرتك وبعدين انتحري ياستى ..

اتكأت علي الباب بضيق واختناق
- عاوزة انام .. مسمعش صوتك وتسوق انت وساكت ..

- موعدكيش ! اصل( لولا ) كانت ترغى معايا طول الطريق وعودتنى على الكلام فعشان كده مش هتلاقينى اد كده في الصمت ..

- طييب ياخويا اديك رايحلها ست لولا بتاعتك .. سيبنى اتخمد بقي ...
قالت صفوة جملتها وهو تضع قناع النوم علي عينيها وتعقد ساعديها متخذه وضعية النوم .. القي مجدى عليها بسمة خفيفه ثم عاد ليقود سيارته قائلا بخفوت
- ربنا يهديكى يابت عمى ..

 

بعد مرور اكثر من ساعه وصل سليم امام صالون التجميل فوجد سيارة ( العتامنه ) تصف امام الصالون فتأكد من وجود ( وجدانته) بالداخل .. فركن سيارته بعيدا ثم فتح الصندوق الجانبي للسياره واخرج سلاحه فدلف منها متجهاً نحو المركز بحرص، بعد عدة دقائق نجح سليم في التسلل مم باب البوابه ووصل لباب الصالون فوجد سيده تنفجر صارخه بوجهه

- انت يابنى ادم .. ازاى دخلت هنا .. انت متعرفش اش الصالون كله ستات !

مسكها سليم من كفها وسحبها بعيدا
- اششششش .. عاوز ادخل لمرتى جوه !

ارتفع صوت السيده
- ماينفعش ياحضرة .. انت مجنون .. !

- انت مين عشان تتكلمى معاي كده من اصله

- انا شغاله هنا .. انت ازاي اصلا دخلت لهنا ومين سمحلك ..

تأفف سليم بنفاذ صبر
- منا هدخل جوه بنفسك الطريقه اللي دخلت بيها بره ..

صرحت السيده بوجهه
- يااامن يااامن ...
كتم سليم انفاسها بكفه وبالكف الاخر اخرج _رزمه_ من الفلوس ووضعها امام عيني السيده .. قائلا بحرص
- هتاخدى دول وقدهم لما اخرج بمرتى من جوه من غير شوشره ... قولتى ايييه ..

تلوت السيده تحت يده محاوله التحدث وهى تراقب الاموال امام عينيها .. فرفع سليم كفه قائلا
- هااا قصري قولتى اييييييه !

ابتعدت عنه السيده لتقول بفرحه وهر تمسك الفلوس منه بلهفه
- مرتك اسمها ايه ..
زفر سليم بضيق
- اسمها وجد سالم .. هى جوه انا متاكد .. وتحاولى تبعديها عن الانظار ... وشوفيلى باب تانى اخش منه .

بللت حلقها بشعور مختلط من الفرح والخوف لتقول
- طب استنى هنا ..

اخرج سليم سلاحه وشد اجزاءه امام عينيها وقال متوعدا
- عظيم يمين تلاته لو شيطانك وزك لحاجه كده ولا كده انت الجانيه علي اللي هيجراك منى ..

مسكت كفه وسحبته خلفها الي جهه اخري من الصالون لتقول بحرص
- متقلقش استنانى هنا بس .. ولو عرفت اتصرف هخرجلك من الباب ده ..

رمقها سليم بآخر نظرات تهديديه وهو يتكا علي جدار الشجرة خلفه .. اتجهت السيده للصالون فنظرت بالكشف المخصص بالاسماء وبالفعل وجدت اسم وجد .. فاتجهت نحو الغرفة التى بها مرتديا منامه باللون الابيض وشعرها منسدل خلفها واحدي العاملات يقومون بوضع ماسكات مختلفه علي ساقيها .. اقتربت منها السيده لتقول للاخري

- خلاص امشي انت وانا هكمل ..

اردفت الاخري بفرح
- والله يا ست امال جيتى في وقتك .. خطيبى من الصبح بيرن وانا مش عارفه ارد عليه ..

- طيب قومى انت وانا هكمل ..

اتجهت نحو وجد قائله بهدوء
- تعالى معايا الاوضة التانيه ..

تأففت وجد الجالسه رغم عنها تعصر علي قلبها شجرة ليمون لتحمل الوضع فاردفت قائله
- اقولك ايه فكك منى وابعدى عنى انا مش عاوزه حاجه .

ابتسمت آمال وهى تمسكها من معصمها
- معلش يابتى هانت انت اصلا خلصتى باقي اخر التاتشات ودى بتكون في الاوضة التانيه تعالى معايا ..

زفرت وجد بقوة واستدارت بجسدها لتلمس اقدامها الارض ملتفه بمنامه قطنيه وشعرها الطويل منسدل خلف ظهرها مع بروز ساقيها الممتلئه قليلا الملطخه باللون الوردي من اسفل تبدو كأميرات العصر العثمان .. انحنت امال علي الاريكه لتقول لها
- هدومك دول !

- ااااه .. يارب نخلص ..

تناولتهم آمال وسارت امامها حتى وصلت للغرفه التى اغلقت بابها جيدا لتقول لها
- نامى هنا .. وهجيب الحاجات اجيلك

قبل ان تنظر منها ردا تركتها وغادرت من الباب الخلفي الموجود بجانب غرفتها .. لملمت شعرها جنبا ثم بسطت وجد جسدها بكلل مردده
- صبرنى يارب على الغُلب دا ..

 

عربيات من الشرطه صفت امام بيت العتامنه ليهتف النقيب حمزه بصوته القوى
- فتشلى بابنى البيت دا ..

خرج حيدر وادهم واغلب اهل البيت بتعجب .. فهتف حيدر بتساؤل
- في ايه ياحضرة الظابط ..

وضع حمزه كفه علي خصره وهو يتفقد المكان بعيونه الصقريه التى ورثهما عن خاله .. ثم اخرج اذن النيابه قائلا
- معانا اذن بتفتيش البيت ياحيدر بيه .

حيدر باستغراب
- بتهمة ايه ياباشا ..
رفع حمزه عينيه بثقه
- مخدرات .. _ثم رفع صوته وهو يصفق للعساكر_ فتش يابنى يلا خلينا ننجزز ..
زفرت وجد بقوة واستدارت بجسدها لتلمس اقدامها الارض ملتفه بمنامه قطنيه وشعرها الطويل مُنسدل خلف ظهرها مع بروز ساقيها الممتلئه قليلا الملطخه باللون الوردي من اسفل تبدو كأميرات العصر العثمان .. انحنت امال علي الاريكه لتقول لها
- هدومك دول !

- ااااه .. يارب نخلص ..

تناولتهم آمال وسارت امامها حتى وصلت للغرفه التى اغلقت بابها جيدا لتقول لها
- نامى هنا .. وهجيب الحاجات اجيلك

قبل ان تنتظر منها ردا تركتها وغادرت من الباب الخلفي الموجود بجانب غرفتها .. لملمت شعرها جنبا ثم بسطت وجد جسدها بكلل مردده
- صبرنى يارب على الغُلب دا ..

هتف علي خاطر قلبها طيف سليم فاغمضت عينيها متنهده بأمل لتردد
- يارب انا محتاجه معجزه منك عشان تجمعنا سوا .. طول عمرك شاهد انى محبتش ولا عاوزه غيره يارب .. كل مااقول هانت بنبعد اكتر حقيقي كان نفسي في يوم زي دا وانا بجهزله عشان اكون ملكه وحلاله،، ااااه ياسليم ياوجع قلبي علي الحب اللي انتهى قبل مايبتدى ..

هربت دمعه من عينيها المنغلقتين فخدشت وجنتها متنهدة بألم
- يارب ماتكتب علي مخلوق حرقة ووجع قلبي دلوقتى ...

وصلت آمال عند سليم بحذر لتقول له
- مرتك جوه .. بس ماقولتليش انت هتعمل ايه .

فكر سليم لبرهه ثم اردف سريعا
- هاخدها ونمشي .. بس قوليلى ازاي اطلع من هنا من غير ما الامن يشوفونى !

طافت عينى امال بحيرة لتقول
- زي مادخلوك هنا وخالفوا الاوامر .. اكيد هيخرجوك ويقولوا انك مدخلتش اصلا .. كله بالفلوس ياباشا ..

تنحنح سليم بحماس ثم قال لها بنبرة امره
- تروحى ترجعى الكاميرات وتمسحى لحظة دخول مراتى واللي معاها اصلا .. وكمان امسحى اسمها من الكشف ..

فكرة امال قليلا لتقول
- تمام سهله دى انا ممكن افرمدت اليوم كله وافصل السلك وبكده محدش هيعرف حاجه ...

تأهب سليم للذهاب فاوقفته منادية
- باقى حقي ياباشا ..

ادخل سليم يده في جيبه ليخرج بعض النقود قائلا
- حلال عليك.. يلا نفذي ..
اومأت رأسها ايجابا بفرح وهى تعد مااعطاها اياه قائلة
- انا قافله عليها الاوضة عشان متخرجش ولا حد يخش عليها ..

- زين ما عملتى ...

انصرفت امال كى تكمل مهمتها .. وعلي حدا غادر سليم متجها نحو الباب الخلفى الموارب للغرفة التى تخفي بين ثناياها نبض قلبه تحرك بخطاوى سريعه محلقة في سماء الحب حتى وصل اليه .. زاح الباب برفق ثم استدار ليغلقه بحرص شديدٍ متقدما بخطوات متباطئه حتى وصل الي مجلسها ولوهلة تجمد في موضعه يبلل حلقه فجف لعُابه بمجرد ما رأها نائمة امام عينيه وشعرها المنسدل جنبا ومظاهر جمال جسدها التى تتلألأ امامه كالجواهر المكنونه .. استند علي الجدار جنبا عاقدا ساعديه كى يتأملها بحب وشوق ..

بينما هى كانت غائصة في بحر حبه مستعيدة ذكريات رسمته معه وله منذ ان اتولد حبه داخل رحم قلبها، تغنجت بخفه فوق _الشازلونج_ ولوهلة اخرى شعرت بشبح وجوده خيم فوق قلبها ليفيح بعطر ياسمين جعل كل حواسها تنتشي من شدة الشوق فارتسمت بسمة خفيفه علي ثغرها قائله
- انت هتتجننى ياوجد .. وسليم ايه هيجيبه هنا .. طريقنا بقي مسدود ..

تقدم سليم نحو الحوريه المتمددة فوق _الشازلونج_ بهدوء ليمرر ابهامه علي وجنتيها قائلا بتوعد مصطنع
- يومك معايا مطين .. اضحكى زين !

فزعت من مكانها وهى تشهق بصوت عال كشهقة الولاده تكاد ان تكون سحبت اوكسجين الغرفة كله لتقول بصدمة
- يخربيتك ... سلييييم !
تفتنها بنظرات تحمل بين طياتها جيوش مسلحة بالشوق ليقول بهيام
- يخربيت ابوكى انت .. اي الحلاوة دى .. !

شهقة اخري انفجرت من بين شفتيها وهى تتراجع للخلف عندما وجدت نفسها امامه شبه مجردة من ملابسها محاوله تغطية اي شيء منها لتقول بصدمه
- انت دخلت هنا ازاى !

عض سليم علي شفته السفليه بتوعد
- ابدا زي ما هاخدك واخرج دلوقت !

- انت اتجننت ! تاخدنى فيييييين ؟!

-مش عامله فيها عروسه ياروح امك .. واهو عريسك وصل ..

التفت حولها بارتباك لتردف
- سللليم امشى والنبي .. مراة عمى بره وهتحصل مصيبه ..

معالم وجه سليم تحولت فجاة لريأكشن ( حمدى الوزير ) قائلا
- هو فعلا هتحصل مصيبه لو مشهلتيش .. وخرجتى معاي ..

- انت اتجننت لاطبعا .. سليم لو بتحبنى اخرج وامشي والنبي احنا خلاص ماننفعش لبعض ..
كور يده بنفاذ صبر ليقول
- والله ياوجد لو ماغيرتى لبسك ومشيتى معايا بالذوق .. متلوميش غير نفسك على اللي هيحصل ..

تناولت المفرش الابيض الذي فوق الفراش والتفت به لتقول له برجاء
- وغلاوتى عندك ياسليم امشي .. يانهار اسود انت عرفت مكانى منين بس !

دنى منها اكثر ليقول متأففا
- اقسم بالله ياوجد انا ماعندى ياما ارحمينى بملايتك دى هلفحك على كتفى وامشي .. ولا هيهمنى حد ..

بللت حلقها قائله
- طب هنروح فين طيييب!

- هنطلع من هنا علي اسكندريه يلا ..

اتسعت عيونها بصدمه لتردف بخوف
- ياسليم انت متعرفش حاجه .. انا لو جيت معاك الدنيا هتطربق علينا وادهم مش هيرحمنا ..

هقهقه بسخريه
- اتنيلى هو عاوز اللي يلحقه دلوق .. يلا ياوجد مافيش وقت .
ثم دنى منها اكثر حتى ارتطم ظهرها بالحائط وضربات قلبها تتصاعد وتهبط امامها بقلق لترمقه بشوق يقرضها من الداخل، عبث في خصيلات شعرها بحب وهو يتفتنها باسهم نظراته التى تخترق روحها فتجذبها اليه اكثر ليردد بهدوء
- طول ما سليم الهواري في ضهرك اتسندى واتكى براحتك واتاكدى انك مسنودة علي صخرة مش هتميل مهما زاد الحمل عليها ..

تشبثت في كفه برجاء وهى ترمقه بعيون متوسله فابتسم لها ليدنو منها اكثر واضعا مشطا قدميه فوق قدميها كحركته المعتاده كى يضمن عدم فرارها من حصاره مستغلا اكبر قدر ممكن للاقتراب منها قائلا بحب
- العمر مابقاش في بقيه يا وجد .. هاخدك ونمشوا ومش هترجعى البلد دى غير وانت مراة سليم الهواري وفي حمايته ..

للحظه فقدت زمام السيطرة علي جيوش عاطفتها بداخلها فارتمت في احضانه لتعانقه بدفء فقدته طويلا .. وهو الاخر نسي بين ذراعيها الزمان والمكان فكان تأثير وجودها اقوى من ان يتذكر اسمه حتى التهمها بداخله بكل قوته .. للحظات مسروقه بقيا الاثنين جسم واحد بروحٍ واحده بنفس واحد بدقة قلب واحده، كل واحد منهما يروى روحه من تربة الثانى، فاحت منهما رائحة ياسمين القرب التى نبتت من الفراغات التى نسيا ان يملؤها بجسدهم، اخدا الاثنين نفسًا طووووويلًا في انٍ واحد مردده بضعف
- لو تعرف كنت متلهفه لحضنك دا اد ايه !

كان يلمس ظهرها بكفه بطريقه كافيه ان تزرع مشاتل ورد في روحها، كان صامتا صامدا يتنفس رائحتها فكانت تستشعر نفسه الخارج من جوفه الذي يرتطم بجدار عنقها كانه يهمس لها بحرارته ( تعبت في بعدى عنك )، ونفس اخر غيره قبل ان يدخل جوفه يرتطم بجدار عنقها مرة ثانية كى يختلط بعبق رائحتها قبل مايسكن صدره، كأنه يعلم بوجوده المؤقت بجوفه فأراد ان يطبع اثرها علي رئته فتظل انفاسه مليئه بها ومنها .

جذبها من خصرها بذراعه الذي يحاصرها ليقول لها بحماس
- يلا البسي بسرعه خلينا نمشيى ..

- يعنى خلاص !

- لو هتقدري تعيشى دقيقه تانيه في بعدى .. ارجعى قصركم ..

تبسمت بحب لتقول
- مابقتش عاوزه حاجه غيرك اصلا .._ثم شعرت بالحرج فجاة لتنهره _ سليم اطلع بره ..

- والله مايحصل .. قاعد علي قلبك لحد ماتخرجى رجلى علي رجلك .. انت مش مضمونه

ضربت الارض بقدميها
- ياسليم هغير ماينفعش والله ..
غمز لها بطرف عينه قائلا
- الليله كله دا هيبقي بتاعى وملكى بس، متتكسفيش يلا انجزى ..

- والله ماينفع .. بقولك اطلع من مكان ماجيت..
- انت هتستهبلى ياوجد !

- انت اللي بتستهبل ياسليم .. واطلع بقي ..

رمقها سريعا ثم قال ممازحا
- بالملايه اللف دى شبه الممسوكين ف شقة .. هستناكى بره متتاخريش ..

دقت طبول قلبها بفرح ثم استدارت لتبدل ثيابها سريعا حتى تناست العالم بأكمله لم تتذكر الا وجودها معه وبقربه مغرده في سماء العشق، فاستدارت لتبدل ملابسه وبعد عدة دقائق اخترق اذانها صوت طرق علي الباب الاخر .. ففزعت من موضعها ململه باخر شتاتها بعجلٍ، فركضت نحو وجوده واقفا بظهره امام الغربه لتقول بجسد مرتجف
- والنبي ياسليم امشي .. احب علي يدك وسيبنى مراة عمى هاااا ...

وقبل ماتكمل جملتها انحنى سليم فجاة لينقض علي ساقيها ويحملها على كتفه بنفاذ صبر .. حاولت فك حصاره عليها ولكن قبضة شوقه لها كانت اقوى من اي محاولة، اتجه بها جانب السور مختبئا خلف الاشجار كى يقترب من البوابة الكبيره ولم يخل من ثرثرته المزعجه وحركه ساقيها الطفوليه التى تضرب في بطنه ولكنه تجاهل تماما فضجيج قلبه طغى على بدنه .. اردفت وجد صارخه
- ياسليم نزلنى والله ماينفع كده ! يخربيك ..
- اكتمى ياوجد ..

وصل سليم بالقرب من باب البوابه فانزلها برفق قائلا لها بنبره توعديه وهو يلتقط انفاسه بسرعة
- استنى هنا ولو اتحركتى هخلى ايامك سوده ..

نظرة له باستنكار
- اصلا مش عاوزه اجى معاك .. هو بالعافيه .

عض علي شفته السفليه وعيون متسعة ليقول لها
- انا عاوزك يبقي تكتمى ومسمعش نفسك ..

استندت وجد على السور باستسلام تراقب سليم الذي تقدم نحو الامن ليتهامس معهم بعيدا عن الانظار لعدة دقائق اتجه شخص من رجال الامن الى السيارة التى تصف امام البوابه قائلا
- والنبي عجلة لقدام بس عشان الزباين ياسطا ..

بوادر نجاح المهمه ظهرت فاخرج سليم بعض النقود من سترته وهو يسلم علي الرجال بامتنان
- متشكرين يارجااااله ..

ثم استدار ليشير لها كى تأتى، وبمجرد ما اقتربت منه انقض علي كفها ليحسبها خلفه بحذر راكضا نحو سيارته ..

 

" ياباشا لقينا الفرش دا في الاوضة اللي فوق دى !"
اردف العسكري جملته وهو يقف امام النقيب حمزه ليعطيه ما وجده في غرفة ادهم .. فاتجه حمزه بفظاظه قائلا

- صاحب الاوضة يتفضل معانا بسكات ..
.اتسعت عيون الجميع بذهول وصدمه بينما ورد ارتسم علي ثغرها ابتسامة انتصار عجيب .. بينما ادهم وحيدر تبادلوا الانظار لبعضهم بعدم استيعاب فاردف ادهم قائلا بشك
- انا ماعرفش حاجه عن اللى في ايدك دا ياباشا !

رفع حمزه حاجبه مستنكرا
- هنشووف الموضوع دا في القسم .. هاتوه يابنى ...

اقترب منه حيدر بخبث ليسحبه من معصمه
- قسم ايه يابيه بس .. وبعدين العمليه مش مستاهله .. شكلك منقول جديد هنا .. هو حضرتك اسمك ايه الاول !

سحب حمزه ذراعه بفظاظه من يد حيدر قائلا
- حمزه معتز .. لو مكنتش سمعت عن مأمورياتى في سينا ووجه بحري .. يبقي اكيد سمعت عن خالى وحمايا حمزه باشا الخياط ..

رمقه حيدر بعيون مضيقه مليئه بالذهول ليقول
- وه وه وه وانا اقول العظمه دى قابلتها فين قبل اكده ... داحنا طلعنا قرايب خالك حمزه خيره علي الكل ..

نصب النقيب حمزه عوده يشموخ قائلا
- وده ايه علاقته بكلامنا .. يافندم انا جايه اقبض علي متهم في حوذته ممنوعات ..

- اباااى عليك عاد .. دا لزوم المزاج واكده هى الحكومه مانعه الواحد يعمل مزاج .. !

- افهم ايه من كلامك يافندم ..

- بقولك ايه ياحضرة الظابط خد عساكرك وفرش الحشيش دهون واتكل علي الله ولا من شاف ولا من دري واعتبره عربون محبه مابينا هيفتح في وشك طاقة القدر .. قولت ايه !

احمرت عينى حمزه بغضب محاولا تمالك اعصابه وفجاة اخرج سلاحه من وراء ظهره ليشد اجزاءه بحده قائلا
- وكمان رشوة لموظف عام اثناء تأديه مهامه .. تعالي يابنى خدهمممم .. شكلنا لقينا حاجه نتسلى عليها النهارده ..

التفت حمزه خلفه ليجد غفر حيدر مصوبين اسلحتهم نحوه بثبات .. فتبسم حيدر قائلا
- نزلوا سلاحكم يارجاله البيه ضيف عندنا بردك !

انصرف حمزه نحو باقى رجاله وهو ياخذ الكلبشات من يد العسكري بتوعد ويقيد بها كفى ادهم الذي جهر قائلا
- ماتتصرف يااعمى ..

اتكئ حيدر علي عكازه وهو يرتب عباءته التى فوق اكتافه قائلا
- شكل الباشا حابب اللعب مع الكبار .. روح ياادهم وانا هحصلك ..

رمقه حمزه بنظرات شرانيه وهو يتحرك بصحبة ادهم نحو البوكس مشيرا للعساكر
- ركبه من ورا ...

جميعهم يراقبون الموقف بذهول وصمت .. فندبت كوثر على وجنتيه بحرقة
- يامري .. جوز بتى يبقي رد سجون ؟!
بينما ورد التى تحركت لتراقبهم من اعلى غرفتها بفرحه عارمه ثم ارسلت رساله نصيه لسليم
- ( كله تمام ياباشا ) ...

 

" يابت ماتخشي تستعجلى مراة ولدى جوه "
اردفت ساميه التى طال انتظارها بالخارج جملتها لاحدى العاملات بالصالون .. فاجابتها السيده
- مافيش جوه غير عروستين ...مراة ولدك مين فيهم ؟!

ساميه بسرعه: وجد ... اللي جات معاى من شويه ..

ذهبت السيده لكي تفحص المكان منادية علي وجد لكن دون جدوى .. فذهبت لتبحث عنها في الغرف وجميع اماكن الصالون ولم تجدها .. بعد عدة دقائق عادت السيده لساميه قائله باسف
- مافيش حد جوه بالاسم دا ياهانم .

اتسعت عيون ساميه بغضب فزمجرت رياح صوتها بقوة
- اي الكلام ده .. مراة ولدى ليها تلات ساعات جووه كيف يعنى مش موجودة .. دانا هدويكم في داااهيه كلكمممم ...

- ياهانم اهدى بس الصالون قدامك وتقدري تدوري بنفسك .. جوه مافيش حد بالاسم دا ..

دفعتها ساميه عن طريقها بكل قوة لتجوب غرف المركز بحركات عشوائيه وجنون ودخان الغضب يتصاعد من عينيها ..

ابتسامه واسعه ارتسمت علي ثغر سليم عندما قرأ رسالة ورد ..فاردفت وجد الجالسه بجواره بضيق
- لا والنبي .. طالما مش قادر تستغنى عن السنيورة بتاعتك جيت لعندى ليييه ..

- عشان السنيوره بتاعتى اهى جمبي ومافيش اغلى ولا احلى منها ..

زفرت باختناق
- بس ياسليم والله ما رايقالك .. قلبي وجعنى قوى وحاسه ان جبل فوقه ..

فرمل بسيارته فجاة مما جعل جسدها يندفع للامام
- تفردى بوز امك دا عشان انا اصلا عاوز افجر خزنه السلاح دا في راسك .. راحه تتجوزى ياختى لا ومين ! يازين مااختري .. ادهم ياوجد ..

اتكئت للخلف لتقول بفرحه
- مانت لحقتنى اهو وعملت زي نجوم السنيما وخطط بقي وخدتنى من قلب قنا ..

- واخدك من خشم الاسد ولا هيهمنى ..
- هو انا ازاي طاوعتك وجيت معاك .. !
استدار نحوها بجسده قائلا
- اصل القلب بيحتل العقل فوجود حبيبه .. فمتستغربش حتى ولو كنت طلبت منك حاجات تانيه وقتها مكنتش هتقدري تتكلمى .. سليم بس ولد ناس ومتربي ..

عقدت حاجبيها باستغراب
- قصدك ايه ياولد هواره ! مش مرتاحه لكلامك ؟! ..

شرع سليم ليقود سيارته مرة اخري ليقول متبسما
- هو انت مقولتليش ليه انك حلوة قوى اكده قبل كده ! كنت استعجلت بالموضوع .

- مش فاهمة ! عاوز توصل لايه ؟!

- مخك تخين وهتتعبينى .. اسكتى .
اشارت اليه وجد بسبابتها
- اقولك اي انت من اولها هتتامر عليا ؟!

- واتأمر علي عيلتك كلها واكمتى لحد مانوصلوا ..

بللت حلقها وتراجعت للخلف لتقول
- احنا خلاص يعنوا هنتجوزوا ؟!

غمز لها بطرف عينه قائلا
- هو انت مش جهزتى خلاص .. شايلة هم ايه .. عاوزه تروحى صالونات تانى ولا ايه ؟!
ضربته بقوة علي كتفه بغل
- انت قليل ادب على فكره ..
- انا عديم الادب معاك اصلا .. امحى كلمة ادب دى من سجلنا طول مااحنا سوا ..

رمقته بنظرات حب فالتفت سليم نحوها قائلا
- افتحى الصندوق دا هتلاقي خط فيه .. كلمى منه عمك حيدر وقوليلوا انهم عاوزين دكاترة كتير في القاهره عشان ضحايا الثورة حاليا وانك طلعتى مع استف من المستشفي ومكنش ف وقت تقوليله واقفلى ... بس الاول ظبطيها مع حد من صحابك في المستشفي بقى ..

نظرت له بإعجاب وانبهار
- انت مش معقول ..

ارسل لها قبله في الهواء
- لاجل عيون الحلو نعمل اي حاجه

" محمد .. انت هتفضل مكشر كده كتير "
اردفت يسر جملتها بصوت مهزوز وهى تجلس بالقرب منه بندم .. ابتعد محمد عنها غاضبا
- مش عاوز اسمع صوتك .

انخرطت الدموع من عينيها بحزن
- لا احنا عمرنا ماكنا كده .. من امتى بتمنعنى اتكلم حتى واحنا زعلانين من بعض !

- سبب واحد مقنع يبرر جريمتك دى ... مش عاوزه تخلفى منى ليه يايسر !

وقفت امامه تتمسك بكفوفه برجاء
- محمد افهمنى ...

ابتعد عنها غاضبا
- هتقوليلى خايفه من امك تعرف .. هو انا شاقطك من بيت الطلبه ! انتى مراتى قدام ربنا والدنيا كلها ..

فاض البكاء من عيونها لتقول
- انت مش فاهم حاجه يامحمد .. عشان خاطري اعذرنى ..

- وطالما عاوزه حاجه زي دى مخدتيش رايي ليه ... مين عطاكى الحق انك تحرمينى من الفرحه دى .. دانا بعد الايام اللي هتقوليلى فيها انك حامل .. حقيقي مش قادر اغفرلك عملتك المهببه دى ...

- انت اول مرة تقسي عليا كده ليه ؟!

- وانت اول مرة تكونى انانيه ومتفكريش غير في نفسك ليه ؟!

- محمد محصلش حاجه لكل دا .!

صرخ محمد بوجهها بنفاذ صبر
- انتِ مش عارفه اضرار الزفت دا ايه .. بتموتى نفسك بالحبوب دى لييييه، اعرفي الاول اضرارها وفوايدها وبعدين خديها .. كان في الف طريقه غير الهبل دا ..

- انا روحت الصيدليه وهما عاطونى دا .. وانا معرفش والله انها مضرة ..

- خلاص بقي يايسر مش طايق اسمع كلمه .. وابعدى عن وشي الساعه دى ..

انفجرت في البكاء امامه واصبح صوتها ممزوجا بنبره القهر
- انا اسف يا محمد .. متزعلش منى..

- اسفه علي ايه بقي .. خلى امك تنفعك ..
اردف محمد جملته الاخيرة وهو يفتح باب شقته ليتركها في بحور ندمها ..

" الحقنى يا حيدر وجد اختفت من المركز كله وووو "
اردفت ساميه جملتها وهى تخرج من باب الصالون بانفعال .. فنهرها حيدر قائلا
- بت اخوى نزلت مصر كييف من غير ماتقولك ..

ضربت صدرها بكفها لتقول بصدمه
- يالهوى ! مين قالك اكده .. يادى الفضيحه ام جلاجل ..

تنهد حيدر بغضب
- سيبك من وجد دلوق .. انا اتاكدت انها سافرت ف شغل يومين ومعاوده .. المصيبه في ولدك ادهم الحكومه خدته .

شهقت بصوت مرتفع وهو تدلف داخل السيارة
- ولدددى ... ياليله غبرة .. اتصرف ياحيدر ادهم مستحيل يبات ليله واحده في الحبس ..

حيدر: ادينى عفكر بس مافيش حاجه بيدى دلوق .. النهار له عينين .. تعالى نشوف هنحل الورطه دى كيف ..

قفلت ساميه الخط معه مردده بصوت منخفض
- طيب ياوجد اما سودت ايامك مابقاش انا ساميه ...

 

" نزلوا يابنى في الحبس منا مانشوف حواره ايه الصبح "

اردف حمزه جملته بعد ما وصل القسم بصحبة ادهم الذي غلت الدماء بعروقه قائلا
- انت بلى بتعمله دا تحايل على القانون ..

اقترب منه حمزة
- وانت جاى تعلمنى شغلى !

- مايمنعش طالما مش عارف تأديه ..
مط حمزة شفته ساخرا
- شكلك ناوى نشرفنا هنا كتير .. ياريت تحافظ علي لسانك ومتعكش نفسك اكتر مانت غاطس في الوحل ..

ثم اشار للعسكري برأسه عندما سمع رنين هاتفه
- خده تحت ياعكسري ...

ثم اتجه نحو مكتبه بخطوات ثابته قائلا
- طبعا لو حلفتلك انى مطحون شغل مش هتصدقينى ؟!

عشق بعدم تصديق
- شغل بردو ! مش مرتحالك ..

فتح له العسكري باب مكتبه فدلف حمزه الغرفه قائلا
- يابت خفى شك بقي ..

- ياحبيبي طول ما الرجل بعيد عن مراته فهو دايما محل شك واتهام ..

ضحك حمزه بصوت عال وهو يجلس فوق مكتبه بشموخ
- طيب والله انا مظلوم وليا ٤ شهور طالع عينى ..

- بجد ! خلاص سيب الشغل وتعالى اقعد جمبي وانت مش هتندم والله ..

- انتِ ست مشجعه علي الفشل جددا .. وبعدين مكفاكيش الحكم اللي حكمه عليا حمزه الخياط ولا ايه ! سبينى اشم نفسي شويه بقي ..

- بقي كده ! عموما اللي مابيجبهوش الشوق بيجيبه الندم ياحلو .

- والله انت اللى حلو وسكر وواخد العقل والقلب ..

اطلقت ضحكه عاليه لتقول بدلال
- حمزه تعالى بقي بجد عشان والله حاسه نفسي هولد ..

قطب حمزه حاجبيه بشك
- هنستهبل ! ولادة اي دى من الشهر السادس ..

- انت مش مصدقنى ولا اييه ! بس بس اصلا انا غلطانه هكلم حمزه باشا الخياط يحكم عليك بحكم مؤبد جمبى بقي .. مش زي المرة اللي فاتت كان حكم معلق بشرط ..

ضحك حمزه بصوت مرتفع فاردفت ممازحا
- اي العيلة المفترية دى .. انت ابوكى حكم عليا متحركش من القصر غير لما يتاكد ان احفاده جايين في السكه لولا انه فك اسري ..

- مالكش دعوة بابويا .. الله .! .. بابى يقول اللي يعجبه ..

- ممممم طيب ياستى .. المهم خلى بالك علي نفسك وانا جاى قريب ..

- ياريت والله ياميزو عشان انت متتصورش وحشتني اد ايه .. وبعدين حوار خميس وجمعه دا معصبنى دانا لو شقة مفروشه هتقعد فيها اكتر من كده ..
- ماشي يالمضه .. هانت وهجيبك هنا معايا ..اظبط اموري بس ..

" صباح يوم جديد "
( في الفيلا الخاصة بمجدى عادل الهواري )
بعدما انهى مجدى حمامه وارتدى ملابسه الرسميه الخاصه بالشغل عبارة عن بدلة سوداء كامله .. فوضع اخر نفحات عطره المميز خارجا من غرفته .. وفي نفس اللحظه خرجت صفوة حامله مجموعه من الكتب فوق ذراعها ومتأهبة للذهاب اوقفها قائلا
- على فين العزم .. انت لحفتى ترتاحى من السفر

قفلت باب غرفتها بتأفف
- رايحه الجامعه اقدم على رساله الماستر وكمان عاوزه اشتري حاجات ..

اجابها بفظاظه
- تمام تعالى اوصلك ..
هزت رأسها نفيا بعناد
- هطلب اوبر .. ملكش دعوة بيا ..
تحرك بثبات امامها قائلا بحزم
- هستناكى في العربيه .. وبعد كده تعملى حسابك طالما خارجه يبقي تصحى بدري شويه تجهزيلى القهوة والفطار بتاعى .. ومش عاوز جدال ..

رمقته بسخريه وعدم اهتمام
- هاتلك فلبينيه ولا ست لولا بتاعت وطلعنى من دماغك والنبي ..

دلف مجدى علي درجات السلم وبيده هاتفه ومفاتيحه بشموخ
- مواعيدى هنا بالدقيقه لازم تتقبلى كده .. يلا مش عاوز عطلة ..

- قولت هطلب اوبر ... ومتنازله عن خدماتك.

- صفوة ... هوصلك والضهر هبعتلك السواق ياخدك يلا .
تاففت باختناق مردده
- مصمم يحشر منخيره في حياتى ..

" علي شط اسكندريه "

صفت سيارة سليم امام الشاطئ .. فهبط منها ليقف فوق صخوره متنفسا بارتباح .. تبعته وجد بفرحه وهى تقف بجانبه
- بتفكر في ايه ..

- فيكِ .. مين غيرك شغال بالى وقلبي ..
وضعت الطرحه على كتفيها وعقدت ذراعيها امام صدرها
- سليم .. احنا صح ؟!

- حتى ولو غلط المهم اننا سوا .. واظن مافيش ابهج من كده ..
ذرفت دمعه من عينيها
- كام نفسي ابويا يكون عايش ويسلمنى ليك قدام الناس كلها ..

- ربنا يرحمه يا وجد .. انا معاك وجمبك ومش هسيبك ابدا ..

حضنته من الخلف بحب قائله له
- ربنا مايحرمنى منك ياسليم ..

رفع كفها لثغره ليقبله بدفء
- خالك كامل جاى دلوقتي عشان نروح نكتب كتابنا ياعروسه ..

استدارت بجسدها امامه قائله
- نعم ! خالى كامل ؟! انت بتكلمه !

" طنط هو محمد خرج "
اردف يسر جملتها وهى تجوب بانظارها في انحاء القصر باحثه عنه .. فاردفت عفاف قائله
- انتوا اتخانقتوا ولا ايه ..

انعقدت ملامح يسر لتقول
- حاجه زي كده ياعمتى .. هو بات ف اوضته صح .

- ااه صح .. بس خد في وشه وخرج ع طول .
فركت كفيها بحيره لتقول
- امى صحيت !

- ااه وقاعده مع ماجدة اختك فوق ..

" في الغرفه "
- يعنى هو من امبارح مجاش ! ياختى مصلحه وزعلانه ليه انت ..

- خايفه يكون جراله حاجه ياما. .

ثريا بتمنى
- ياختى يارب .. اهو نستريح من واحد عقبال الباقي يارب ..

ماجده بتلقائيه: انا هروح اسال جدي .. اكيد عارف مطرحه ..

نهرتها ثريا بقوة: ما تهمدى يابت .. قلقانه عليه قوى يااختى !

 

" اكتب يابنى .. امرنا نحن النقيب (...) حبس المتهم ادهم فؤاد عتمان لمده اربعه ايام على ذمة القضيه حين يحال الى النيابه العامه "

اردف حمزة جملته بشموخ وعناد في وجه ادهم الذي خرج من مكتبه يشتعل بنيران الغضب .. فوجد عمه بالخارج قائلا له
- شوفلى محامى .. اتصرف ..
حيدر همس في اذانه
- تقلقش هطلعك منها الليله .. لقينا حد يشيلها لحد مانشوف مين ورا الملعوب دا .

- اتصرف ياعمى بسرعه .. في كلاب سايبه عاوزه تتربي .

- اطمن عمك في ضهرك ..

شد ادهم ذراعه من يد العسكري قائلا
- ماتستني ياعم .. _ثم وجه حديثه لعمه_ وجد عينك متنزلش من عليها ..

- وجد في مصر يا ادهم .. سافرت شغل ..

زمجر غاضبا
- كيييف يعنى ومين سمحلها ... دانا هطربقها فوق راسها ..

جذبه العسكري رغم عنه نحو زنزانه القسم ومازال يجمهر بصوت مرتفع يحمل براكين متوهجه من جوفه ..

 

" بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكم في خير "
اخر جملة اردفها المأذون بعدها رفع المنديل الابيض فارحا حينما انتهى من مراسم الزواج .. فقبض كامل علي كف سليم الممسك بها قائلا
- الف مبرووووك ياهواري ..
قام سليم ليحتضنه فارحا وهو يترقب زوجته بعنايه ولم يتحرك بؤبؤ عينيه عنها مرددا
- يباركلنا فيك ياازينه ..

ربت كامله علي ظهره ثم ابتعد عنه ليحتضن بنت اخته قائلا
- لولا ان سالم كان موصينى عليك مستحيل كنت اوافق علي حاجه زي دى ..

احتضنت خاله بامتنان قائله
- حبيبي والله ياخالى .. كده غبت وقولت عدولى ..

تنهد بكلل
- وجودى مابقاش نافع وسط العتامنه ..

تدخل سليم ممازحا
- اي ياعم انت ! انت مالك ارتحت قوى كده في حضنها دى مرتى علي فكرة ...

ضحكوا جميعا حتى ابتعد كامل عنها ولكنه مازال ممسكا بكفها ليقربه من سليم
- احنا اسفين ياعم اهى حقك وحلالك معاك ..

احمرت وجنتيها بخجل وهى تنظر له بعيون متأرجحه حتى اقترب منها سليم وطبع قبله خفيفه على جبهتها ومن بعدها حضنها بين ذراعيه متنهدا بارتياح ليهمس في اذانها
- غلبتينى يابت الايييه ! واخيرا ..

لم تجد مفر امامها سوى احتضانه ودفث وجهها بصدره قائله
- واخيرا ياولد الهواري حب سنين اتلون بماذون وبيت صغير هيتقفل علينا ...
ضغط علي خصرها بقوة ليرفع اقدامها من فوق الارض ويحلق بها في سماء عشقه بحب .. اطلقت صرخه منتشيه وهو يدور بها فارحا فاردف قائلا
- اجوزت اللي بحبها يااجدعااااااااان ..

 

" بعد الظهر "
انتهت صفوة من اعمالها سريعا .. فخرجت من بوابة الجامعه بخطوات بطيئه وهى تعبث في هاتفها كى تطلب _اوبر_ واذن بشخصٍ طويل القامه لديه لحيه خفيفه وسيما بقدرٍ عال يمسك كفها ليوقفها قائلا
- مصدقتش ودانى لما سمعت انك في المكتبه ..

بعدت كفها عنه بعصبيه مردفه
- ياسر ! انت اتجننت ازاي تمسك ايدى كده ..

- صفوة .. مش عاوز مناهده كتير وتعالى نتكلم في مكان احسن من هنا ..
- ومين قالك انى طايقاك ولا عاوزه اتكلم معاك اصلا !
القت صفوة كلماتها على اذان ياسر ثم تحركت متاهبة للمغادرة فلحق بها سريعا واقفا امامها كى يعيق طريقها قائلا
- خمس سنين رافضة تسمعينى .. المرة دى مش هسيبك ..

جزت على اسنانها بنفاذ صبر قائله بغضب مكتوم
- ابعد عن وشي يادكتور ...

قبض ياسر على معصمها بقوة حتى غرزت اصابعه بذراعها ليقفها امامه
- مش هبعد غير لما تسمعينى .. انا بحبك ياصفوة ..
بمجرد ما انهى جملته لطمته صفوة على وجنته بكل قوتها قائله بنبره تهديديه
- القلم دا عشان تفكر وتمسك حاجه مش من ملكك ..

احتشد جمهور من الناس والامن على فعل صفوة الذي لفت الانظار .. فالمعيد ياسر فتح الله يُصفع في منتصف البوابه من احدى طلباته .. زمجرت رياح غضب ياسر لتتسع عينيه ككورتين ملتهبتين وبدون تفكير رافعا كفه كى يرد لها ما فعلته ولكنه فوجئ بقبضة حديديه قيدت كفه من الخلف وصوت جمهوري قوى اجش مرددا
- انت متعرفش ان اللي يفكر يمد يده على مراة مجدى عادل الهواري يدفن مكانه في الحال !
- خمس سنين رافضة تسمعينى .. المرة دى مش هسيبك ..

جزت على اسنانها بنفاذ صبر قائله بغضب مكتوم
- ابعد عن وشي يادكتور ...

قبض ياسر على معصمها بقوة حتى غرزت اصابعه بذراعها ليقفها امامه
- مش هبعد غير لما تسمعينى .. انا بحبك ياصفوة ..
بمجرد ما انهى جملته لطمته صفوة على وجنته بكل قوتها قائله بنبره تهديديه
- القلم دا عشان تفكر وتمسك حاجه مش ملكك ..

احتشد جمهور من الناس والامن على فعل صفوة الذي لفت الانظار .. فالمعيد ياسر فتح الله يُصفع في منتصف البوابه من احدى طلباته .. زمجرت رياح غضب ياسر لتتسع عينيه ككورتين ملتهبتين وبدون تفكير رافعا كفه كى يرد لها ما فعلته ولكنه فوجئ بقبضة حديديه قيدت كفه من الخلف وصوت جمهوري قوى اجش مرددا
- انت متعرفش ان اللي يفكر يمد يده على مراة مجدى عادل الهواري يدفن مكانه في الحال !

ازداد عدد المارة اكثر واكثر كالحلقه المنعقدة حولهم، تراجعت صفوة خطوتين للخلف منتظرة الملحمة التى ستنشب بينهما، التفت ياسر ومازال كف عالقه بقبضة مجدى الحديديه ليقول
- انت مين عشان تتجرأ وتمسكنى بالطريقة دى ..

القى مجدى ذراعه بقوة ليقترب من صفوة ويقف امامها قائلا بشموخ
- وانت مين عشان تفكر ترفع ايدك دى عليها !
انتفضت كل معالم وجه ياسر غضبا وشعره بضعفه امام مجدى فاستدار سريعا نحو الامن الواقف وسط العامه ليقول لهم
- انتوا يابهايم واقفين تتفرجوا ! خدووهم جوه على مكتب رئيس الجامعه ..

تقدمت صفوة بعدم تفكير وهى تتأهب لتردف من بين شفتيها شيئا ولكن ذراع مجدى نُصب امامه كالسد .. فرمقها بنظرة تحذيريه جعل دماء جسدها تتجمد .. فاردف مجدى قائلا بثقه
- ومن امتى رئيس الجامعه بيكون مسئول عن الخناقات اللى بره الجامعه .. عموما لو عاوز تشتكى وتاخد حقك اللي خايف انه يضيع في قسم تقدر تعمل فيه محضر .. مش رئيس جامعه !

ثم تقدم منه خطوتين بثبات وهو يربت على صدره قائلا
- اللي واقفه ورا دى مراتى وحط تحتها مليون خط، وفكرة انك حاولت بس تضايقها هتدفع تمنها غالى اوى ..

احترقت دماء الغل بداخل ياسر ليتراجع للخلف مردفا بسذاجه
- اااه هى اتجوزتك ! انت بقى الحمار اللى حامل اسفار مايعرفش عن ماضيها حاجه .. عموما مراتك دى محبتش في حياتها كلها ادى ..
لم يكاد يكمل جملته فلكمه مجدى بكل قوته حتى فقد ياسر اتزانه وهو يتراجع للخلف متألما .. ركضت صفوة نحو مجدى لتتشبث بكفه راجيه
- تعالى نمشي كفايه فضايح ..
احتشد رجال الامن حول ياسر الذي ثار مفزوعا يود الانتقام من الذي بعثر هيبته اشلاء وهو يهتف بكلام غير مفهوم، قرب مجدى منه مراوغا ليقول بتهديد
- المرة الجايه هتكون في قلبك وتديك تذكرة لفوووق اوى ..

سحبته صفوة بصعوبه من مكانه مفرقة صفوف المتحشدين قائله بنفاذ صبر
- خلاص بقي كفااااايه .. عاجبك الفضايح دى

سار مجدى خلفها وهو ينظر للخلف متوعدا لياسر، فاستمرت صفوة في التشبث بكفه حتى وصلت لسيارته المصفوفه قائله بعتاب
- انت كان ايه اللى جابك هنا .. مش قولت هتبعت السواق ..

ضرب مجدى على مقدمه سيارته بقبضة يده القوية قائلا
- انتِ تخرسي خالص .. مش عاوز اسمع كلمه منك ..

- انت عاوز ايه منى ! فضحتنى وضيعت مستقبلى ياخى ابوه عميد الكليه وهو المشرف على الرساله بتاعتى ..

نظر اليها بعيون متسعه تكاد ان تحرقها ليقول
- انت معندكيش دم ! هو دا كل اللى هامك بس ولا خايفه على كرامه حبيب القلب ..

بللت حلقها بارتباك حتى تراجعت للخلف بضعف لتقول باستسلام
- انا مش هرد عليك ولا محتاحه ابررلك حاجه .. وقول زي ماتقول بقي مايهمنيش اصلا ..

حاول مجدى تمالك غضبه بصعوبه بالغه حتى زفر بقوة وهو يقبض على معصمها ويدخلها سيارته بقسوه اوجاعتها حتى دفع الباب بكل قوته واخد نيران غضبه معه ليركب بجوارها ويشرع في قياده سيارته متوعدا

" في فندق بالاسكندرية "

تقف ( وجد ك امام شرفة الغرفة التى حجزها سليم لها تُراقب امواج البحر المُتراطمه وسيول شعرها يداعبها هواء الاسكندريه كأنه يقدم لها اعتذاراته عن وحشية عالم ملييء بشياطين الانس قبل الجن، فتحت بيبان صدرها متخذة نفسا عميقا متبسمة بأمل لتردف
- ربنا يستر من اللى جاى يا سليم .

تفتنت ارجاء الغرفه بنظرات استكشافيه، ثم توقفت لوهلة امام المرآه تصفف شعرها برفق لتلملمه على كتفها الايمن بدلال وهى تتبسم لنفسها بصورتها المنعكسه التى تعكس ملامح شوقها له .. فاطلقت ضحكة انتصار لتقول لنفسها
- والله مجنون ياسليم .. بس بعينك اللى في بالك دا هيحصل ..

تحركت نحو المرحاض كى تتحرر من اثرا قيود البعد اخيرا تاركه للمياه مهمه محوه من اجزاء جسدها، دلفت كى تفتح مياه الصنبور تملأ حوض السباحه وواضعه بعض السوائل المخصصه للاستحمام بالمياه لتطفو فقاقيعه حامله بفحواها روائح عطره ..

تقدمت كى تغلق الباب وتهم في نزع ملابسها وهو ترتل بعض اغان الحب ببهجه ودلال ..

اما عن سليم فعاد اخيرا بعد جولته التى استغرقت اكثر من ساعتين في اسواق اسكندريه ليشري لها ابهج انواع الملابسه لهما، فدلف بجلبابه الفضفاض ساحه الفندق المتسعة الذي يتميز بالفخامه مقتربا من موظف الاستقبال قائلا
- هات مفاتيح الاوضه يابنى ؟!

ابتسم موظف الاستقبال بترحيب ليردد
- اتفضل يافندم مفاتيح اوضة حضرتك اهى جمب الانسة زى ما طلبت ..

انعقدت ملامح سليم باستغراب
- لا استنى كده وحياة ابوك .. انا لو كنت طاوعتها في الهبل اللى هى قالته قدامك فلازم البعيد يكون عنده بعد نظر ..

هز الموظف رأسه بعدم فهم ولازالت بسمته تعلو ثغره قائلا
- لا مش فاهم حضرتك يافندم !

زفر سليم بضيق قائلا
- انا لما جيت احجز غرفه عندكم الانسه اللي كانت معايا مش اعترضت وقالت لا غرفتين .. فروحت انا غمزتلك بعينى وقولتلك اللي تأمر بيه الاستاذة يحصل ..

اومئ الموظف رأسه ايجابا
- حصل سعتك ..

- حلو قوى وبعد ما مشت مش طلعتلك القسيمه اللى المأذون عطهالنا عشان تتاكد انها مرتى وتشوفلنا اوضه عرايسي كده تليق بينا ..

- ااه يافندم ماهى اللي الانسه موجوده فيها فوق ..
ارتفعت نبرة صوت سليم قليلا ليقول
- عليك نور .. هات بقى مفتاح الاوضة اللي فيها الانسه ..

تراجع الموظف للخلف متسائلا
- ليه يافندم !

اجابه سليم بنفاذ صبر قائلا بغل
- عشان عاوز اشطب كلمة انسة دى من البطاقه بتاعتها .. يااعم ماتنجز وتجيب المفتاح ..

- ماينفعش يافندم صدقنى دا سيستم الاوتيل وماينفعش اديك مفتاح اى اوضة !

- اللهم طولك ياروح .. يابنى متضربش الليله سايق عليك النبى ..

" بس باجدى انا قلقانه قوى على سليم .. وهو قافل محموله ومش بيرد "
اردف ماجده جملتها بخوف وعلى وهى تجلس بجوار جدها بحديقة القصر، فهتف الجد قائلا
- والله يابتى انا كمان هتجنن عليه .. في مصالح كتير متوقفه على وجوده ..

- طيب والعمل .. انا خايفه يكون حصله حاااجه !
- بعتت الرجاله يدوروا عليه وربك يجيب العواقب سليمه .. تقلقيش هو سليم عشوائى هبابه يختفى فجاة ويظهر فجاة ..

- يعنى اطمن ياجدى .. !

- ربك يحلها ياماجده من عنده ..

" بس حرارتك ارتفعت فجاة ولازم تكشف "
اردفت نورا جملتها وهى ترفع كفها من فوق جبهة عماد التى اشتعلت بالحرارة فجعلته رااقدا في فراشه يرتعش من شدة البروده ..

اردف عماد بصوت مهزوز
- متقلقيش هبيقي كويس كمان شويه ..

- طيب قوم اشرب comtrex، هتخخف معاك البرد .. ماهو برد مكنش ينفع تستحمى وتخرج كده على طول ..

نهض عماد بتثاقل كى يتناول العلاج ثم عاد ليبسط جسده مره اخري قائلا
- اقفلى النور بس ومتقلقيش ..

رمقته بعيون يتلألأ بها دمع الهلع والخوف .. فمرضه المفاجئ كان كافيا ليعتصر قلبها الما تمنت ان ينتقل بها كل وجع ولم يبقي له سقم يمسه .. خرجت من غرفته بهدوء لتجلس في صالة شقتها محاولة الانشغال بالكتب الذي اتت بها من مكتبته

نزلت صفوة من سيارته بخطوات سريعه كى تختبئ من اسهم اتهاماته التى تحرقها .. فلحق بها مزمجرا
- لسه متكلمناش عشان تهربي ..

وقفت متأففه
- انا مابهربش .. انا معنديش كلام اقوله ..

- انت ملكيش عين تتكلمى اصلا. ..

اردفت بوجهه بقوة
- ما عاش ولا كان اللى يكسر عينى يابيشمهندس .. وطالما خدت عنى صورة انى وحشه وبنت مش ولابد يبقي تبروزها بقا وتشبع بيها وملكش دعوه بيا خالص انا حرة ..

- شكلك مصممه تخلينى اندم تانى وامد ايدى عليك ياهانم ..

- انت مالك طالع فيها اوى كده ! انت جايبنى مش شقة مفروشه للمعامله بتاعتك دى ..

جز على اسنانه بنفاذ صبر وهو يركل باب فيلاته بقدمه
- لا وكمان بتبجحى .. !

- يوووه انت عاوز تتخانق وخلاص !

عقد مجدى ذراعيه متوعدا
- في ايه بينك وبين الزفت دا يخليه يقولى جملة زي دى .. منا مش مغفل وهتختم على ففايا ياهانم ..
شرعت صفوة للرحيل
- وانت مصمم تحملنى ذنب حاجه انا ماليش فيها ..

اقترب منها بحده وهو يقبض على معصمها ليديرها بجسدها كله امامها
- قولت فى ايه بينك وبين الزفت دا !

تأوهت امامه من شده الوجع ودموع عينيها تنخرط على وجنتيها لتقول
- بيننا كل حاجه بتدور في بالك دلوقتى .. شوف يعنى انا منفعكش بالمرة .. وسيبنى في حالى بقى يابنى ادم وارحمنى .. طلقنى يامجدى انا منفعكش ...

تجمدت الدماء بعروقه محاولا استيعاب جليد كلماتها ليرمقها بعيون متسعه ثابتة، كل جيوش كبريائه تقودها للفتك بها في الحال مُدافعا عن عرضه الذي دنسه سُمها وايضا بداخله جيش ثانى مسلحا بالحب يقاوم الاخر كى يفتك بها ايضا ولكنه فتك مُستلذ يُقام على ساحة صدره ..

 

" في الفندق "

تقف امام المراة بارتياح وهى تجفف شعرها المبلل بفرحه وتتأمل جمالها المُشع من المراة .. بصدر مبهج متسع محب للحياة .. فاغمضت عينيها متنهدة بشوق وثغر متبسم وهى تقول لنفسها متعجبه
- هو الواد غطس مقبش ليييه .. !

فخرج سليم من وراء الستار ليدنو منها بخفه ويلف ذراعيه حول خصرها ليجذبها إليه .. فشهقت مفزوعه وهى تفتح عينيها لتقول بجسد مرتعش من شدة الرجفه
- انت دخلت هنا ازاي !

استند بذقنه علي كتفها وهو يستنشق عبيرها باشتياق .. فحاولت الهروب من قبضته ولكنه سريعا ما قيد كفيها بذراعه وهو يجذبها إليه اكثر قائلا بهيام
- وحشتينى قوووى ياوجد ..

بللت حلقها الجاف لتردف بنبرة منتفضه
- سليم .. امشي احنا اتفقنا على ايه !
لازال يمرر انفاسه علي عنقها بوله فاردف قائلا بخفوت
- اتفقنا انى عمري ما هسيبك ابدا مهما حصل ..

ابتل الجزء العلوى لجلبابه من شعرها الغزير الذي ينسدل فوق ظهرها خافيا معالم جمالها .. تراجع سليم بصدره قليلا ليزيحه جنبا ويفرغ لنفسه المساحه الكامله كى ينفرد بها .. تنغجت بين ذراعيه بدلال مردفه
- سليم ..

طبع قُبلة العشق على عنقها مردفا
- قلب سليم وعقل سليم وكيان سليم كله بين ايدكِ .. اؤمري بس وسليم ينفذ .

تحركت بدلال وانسيابيه لتوسع حلقة قبضته عليها مما يعطيها المساحه الكافيه لتدور بجسدها واقفة امامه واضعه كفيها فوق صدره قائله برجاء
- ربنا وحده عالم انا حلمت واتمنيت اليوم دا قد ايه، انا مش عارفه طاوعتك ازاي ومتاكده انى مش هقدر اقاومك اكتر من كده .. فبلاش نستعجل حاجه نندم عليها بعدين ..

داعب انفها بحب وهو يحكم قبضته عليها اكثر مردفا
- الندم الحقيقي انى اسيبك بعد ما لقيتك ..

نظرات الحب المتوهجه من عينيهم مع كل نظرة مغريه ان يلتهمها عشقا .. فلم يتحمل سليم بعدها عنه اكثر من ذلك .. فغلت فى عروقه دماء القرب والتلذذ حتى اطلقت عينيها المضيئه اشعه الحياه وخفق قلبها بامتزاج انفسهم معا حتى استشعر رجفة جسدها بين ذراعيه ليحتوي همس شوق شفتيها في لهفة شفتيه، ليذوب فى سحرها وسحر حبها اكثر، فلم تجد ملجئا للهرب منه إلا اليه .. فقدت زمام السيطرة على براكين العشق المدفونه طويلا فمجرد ما دنى من سطحها انفجرت من حممها البركانيه ابخرة عطرة متتابعة بنيران لهفة لابد من انطفاؤها بمصدر ارتوائها الوحيد، لم يبق امامها سوى ان تعانقه سابحه معه في عالمهم الذي اقام فوق سُحب العشق، فغرقت به وبحبه اصبحت تتشبث به اكثر فاكثر تخشي فكرة البعد بعدما تذوقت شهد القرب، ظل يلتهمها بكُل ما اوتي من وله يريد ان يفتك بحواجز صدره لتتسرب إليه ويستكين بها، قُرعت طبول قلبهم سويا وتراقصت اشواق العشق فوق اوتارها وسُكرا سويا بلذة التملك المرغوب الذي وضعتهم تحت تأثيرها .. فانحنى ليحملها بين ذراعيه، خُدرت من ملاذ شهده حتى عانقته اكثر وهى هائمه حالمه بكل كيانها حتى ذابت في حضنه الدافى، فضمها الى صدره بقوة ليعوضها عما اصابها من سنين البعد، فمهما طال ليل البعد لابد من شروق الشمس لتدفء قلوب العشاق باشعة القرب .. أخذها معه واليه في عالمه ليفرغ كل شحنات الاشتياق بها فتغيب عقلها وترك الساحة فارغه مخيمه بوله القلب الذي لا يقبل بارضه إلا الغزو الفاتن ليخترق حواجر روحه ليشحنه بروح الحياه ..

اوشك سليم ان يظفر بقربها الابدى ولكن صوت جرس باب غرفتهم حول كل لحظاتهم التى مررت عليهما رمادا متناثرا .. ففاقت وجد من غيبوبة عشقه مرتجفه قائله
- الحق الباب ياسليم ...

ابتعد عنها مزمجرا بغضب محاولا اتخاذ انفاسه بتثاقل وقطرات العرق تتصبب من جبهته رغم بروده الغرفة لينظر لها معاتبا
- نبرتى فيها !

" محمد انت اتاخرت ليه "
ركضت يسر نحو محمد الذي دلف من باب القصر متهالك ويبدو عليه الارهاق والتعب، فاكملت يسر جملتها باستغراب
- انت مابتردش عليا ليه ..

تعمد محمد ان يبتعد عنها وهو ينادى علي امه قائلا
- الغدا ياما عشان واقع من الجوع ..

ركضت نحوه يسر متعجبه لتمسك بذراعه بصدمه
- محمد .. انت مابتردش ليه ومتجاهلنى ليه ..

تأفف بضيق قائلا
- يسر .. انا مش طايق نفسي ولا قادر اتكلم اطلعى من دماغى ..

- لا يامحمد مش هسكت انت من امتى كنت كده معايا ..

زفر بضيق مختنق ليقول بصوت عال
- يسررر .. حلى عن سمايا مش طايقك ..

خرجت ثريا على زمجرة صوت محمد قائله
- اااه اظهر على حقيقتك ياولد عفاف واشخط وانطري في بتى براحتك ..

ثم وجهت كلامها ليسر معاتبه
- شايفه المحروس بتاعك ياختى ! فيييين جدهم يتفرج على عيال ولده عيعملوا ايه .

رمقها محمد بحده قائلا
- انت بالذات تسكى خالص ولولا بتك وغلاوتها عندى كان هيبقالى معاكى تصرف تانى !

دلف مختاله من فوق درجات السلم قائله
- ايييه كمان على صوتك وقول ...

تشبثت يسر بكفه راجيه لتهمس له
- محمد اهدى والنبي ..

تجاهل محمد حديثها لينهر ثريا بقوة قائلا
- المهم بتك عندك اهى اشبعى بيها يمكن ترتاحى ..

يسر بصدمه: محمد انت بتقول اييه ..

لم يلتفت اليه فهو يخشي ان تهزمه عيناها قائلا بحده مصطنعه
- اللى عندى قولته .. خلى امك تنفعك ياهانمممم

عفاف تتدخلت سريعا
- جري اي ياولدى ماتخذي الشيطااان ...
محمد بحده
- كل اللي غلط لازم يدفع تمن غلطه ياما .. انا طالع اوضتى وهاتيلى الوكل فوق ..

رمقت يسر امها بعتاب ثم انصرفت راكضه صوب شقتها لتنفجر في بكاؤها بقهر،، اما عن ثريا فاشتعلت نيران الحقد بجوفها متيقنه ان ابنتها ستحال الي ماتريده وتتمناه ..

 

( امام بوابة القسم )
" لازم اعرف مين ورا العمله المهببه دى ياعمى "
اردف ادهم جملته بعدما قضي ليله كامله خلف اسوار السجن بنبره توعديه فتوقف حيدر قائلا بثقه
- زين اننا لقينا حد من رجالتنا يشيلها قبل القضية ماتتحول علي النيابه ..

زفر ادهم مزمجرا بقوة
- شوف انا عقول ايه وانت عتقول ايه .. انا متأكد ان اللعبه دى بفعل فاعل .. انا عمري ما دخلت الصنف دا البيت ..

رمقه حيدر بعدم تصديق
- وماله .. متشغلش راسك المهم انك خرجت منها ..

- انت مش مصدقنى اياك ..

تحرك حيدر بشموخ وخلفه المحامى الذي استدار نحوه ليشمر بامتنان
- متشكرين يامتررر .. تعبناك معانا ..

- احنا تحت امرك ياحيدر باشا في اي وقت ..

بينما ادهم صمت قليلا برغم من مراجل الغضب التى تقاد بداخله مردفا باهتمام وهو يصعد السيارة بجوار عمه
- طيب ما تيجى نربط الخيوط ببعضها .. كبسه الحكومه المفاجئه دى وعرفوا منين ان في حشيش واشمعنا مالقيوش غير في اوضتى ! يعنى انا المقصود .. طيب اشمعنا دا حصل النهارده اول ما اتذاع في البلد انى هتجوز وجد بت عمى .. مش عارف ليه شامم ريحة ولد الهواري في الموضوع ..

شرع السائق بالتحرك بينما حيدر اتكىء للحلف متحمحما
- خف اوهام ياادهم وركز عندنا شغل كتير ..

زفر ادهم بنفاذ صبر محاولة التزام الصمت لفتره ولكن السنة فضوله لم تصمت فاردف قائلا
- انت سمحت لوجد تسافر كيف وفرحنا بعد بكرة

- مسمحتش ياادهم .. دى خرجت مع امك فجالها تليفون من المستشفى انهم عاوزينها ضروري فاضطرت تمشي من غير ما تقول لحد واصل ..

- نعممم وهى من ميته لما تسافر مش عتقول ..
- ادهم انا اتاكدت بنفسي خصوصا ان مصر مقلوبه ياولدى ثروات ومظاهرات ربنا يلطف بينا ..

سكت ادهم لبرهه محاولا استيعاب كلماته فاردف مغموض قائلا
- هما في المستشفى وصولوا لوجد كيف وهى معهاش محمول !

قضب عمه حاجبيه باستغراب قائلا
- قصدك اييه ..

- محمول وجد معاي ياعمى .. يبقي كيف عرفت انهم عاوزينها !
" هنا بقي ياستى هتاكلى احلى سمك في مصر كلها "

اردف سليم الجالس امام شط اسكندريه مع حبيبته يتناولان الغداء، فقضبت وجد عاجبيها مستنكره
- ياسلاااام وانت جيت هنا مع مين يااستاذ !

ارتشف سليم كأس العصير متنحنحا
- احممم اي وجد هو من اولها شك ولا ايه ..

القت مابيدها بهدوء لتقول
- سليييييم .. اعترف .

نهض سليم من مقعده المقابل لها ليجلس بجوارها بثغر متبسم ممسكًا بكفها ليقبله عدة مرات متتاليه
- ليا عشرة سنين متكلبش بيكِ وجايه تشُكى دلوقت ..

ابتهجت ملامحها ولمعت عينيها لتقول بانتصار وثقه
- منا عارفه طبعا وواثقه في نفسى جدا مش فيك عشان كلكم صنف واطى اصلا .. مممم وبعدين وهو في حد يكون معاه العسل دا كله ويبص برا تبقي فراغة عين ..

تراجع سليم للخلف قليلا يراقبها باعجاب ثم تنحنح ليغمز لها بطرف عينه قائلا بخبث
- يالهووى علي التواضع ياخلق ! وبعدين بلاش الفشخرة الزياده دى انا لسه مدوقتش العسل عشان اعرف اذا كان اسود ولا ابيض !

ضربته بقبضة كفها بغل
- بس عشان انا مبقوقه منك اصلا ..

مرر انامله فوق وجنتيها ليداعب ملامحها قائلا بحب
- اخس عليكِ يادودو وانا عملت ايه !

نظرت له بعيون ضيقه باستنكار لتردف
- لا والنبي اسبقوهم بالصوت ! انت ازاي تدخل اوضتى اصلا هو دا اتفاقنا ياسليم !

ارتفعت ضحكته قائلا بفظاظه
- انت متعرفش انا عملت ايه عشان يدونى المفتاح ولا البصمه .. لولا انى اقنعتهم انى عاملك مفاجئه واسكندريه كلها شافت القسيمه .. شوفتى بتعب ازاي عشانك ياجميل !

- ياخير ماعملت ياخويا !
زاح خصيلة من شعرها المتطاير التى تخفى جزء من وجهها ووضعها خلف اذانها مردفا
- سيبك انتِ .. حلاوتك فاللبس الابيض، اومال لما تلبسي حاجه من اللي جبتهملك فوق هتعملى ايه في قلبى يابت العتامنه !

وقع اسم ( العتامنه ) على اذانها كجمرة من نار مما جعلها تلتفت بجسدها ناظرة للبحر محاوله اخفاء ملامحها المنخطفه التى شحبت بمجرد سماعها الاسم متنهدة باختناق، لاحظ سليم تغيرها المفاجئ فوضع كفه على ظهرها ليمرره بخفه طمئنتها وهو يهمس لها
- قولتلك طول ما انا جمبك متخافيش !

التفتت اليه قائله بتساؤل
- سليم .. احنا استعجلنا ... ؟

هز رأسه نفيا ليقول لها باندفاع
- احنا اتاخرنا .. واتاخرنا قوى ياوجد ..

مسكت كفه بامتنان لتنظر له بعيون لامعه
- خايفه احسن الدنيا متحبناش سوا ..
نظر لها بعيون ضيقه يجيب ممازحا
- وانا برضو حسيت كده .. دا حتى بتاع الفندق حبكت يعنى يجيب الغدا وانا غارق في حبك !

احمرت وجنتها خجلا لتلتف نحو الطاوله مصطنعه الانشغال بتناول الطعام لتقول بارتباك خافت
- كنت هتودينى ف داهيه .. جيه ف وقته والله .

رفع حاجبه قائلا بتعجب
- بتقولى اي يا وجد !

تنحنحت سريعا
- الاكل هيبرد ياسليم ..
تجاهل كذبتها ليلتفت بحماس بادئا في تناول الطعام قائلا بمرح
- دانا هاكل سمك وجمبري للصبح .. عريس بقي ومحتاج كميه فسفور لازم يتغذي وانا ف عرض اي حاجه تزق معانا في الليله دى ...

وصل ادهم بصحبة عمه الى القصر وبداخله نيران مشتعله مردفا بصوت عشوائى جمهوري ليقول

- اللي حصل دا انا واثق ومتاكد انه بفعل فاااااعل،، وكمان انا مش هسكت ومش هعديها وهعرف مين ورا العَمله المهببه دى ومش هرررررحمه ..

ركضت امه عليه لتحتضنه بلهفه
- ولدى ... حمد لله على سلامتك ياقلب امك .. نورت بيتك .

ركضت كوثر نحوه متلهفه
- نورت ياجوز بتى ياغالى .. ربنا يحميك ياحبيبى

ابعدها ادهم عن طريقه بقوة قائلا
- بتك فين ياكوثر ..
تراجعت كوثر للخلف قائله بارتباك
- ما هى قالت لعمها انها في شغل مستعجل ..

قهقهه ادهم ساخررا وهو يصفق
- لا عال .. وانتوا اغبيه وصدقتوا ! وجد كيف تمشي وهى معاك ياما؟!

ساميه بفزع: والله ياولدى غفلتنا كلنا ومكنتش اعرف ..

زمجرَ بقوة قائلا بغضب
- بتك هربت ياكوثر هانم ومحدش فينا يعرفلها طريق !

ندبت كوثر علي وجنتيها بذهول وهى تقترب من حيدر مطأطأ الراس لتسائله بقلق
- وجد مش في شغل ياحيدر ! انطق بتى فين .

اكمل ادهم زمجرته بعنف
- احنا لسه راجعين من المستشفى وكل الكلام اللى قالته وجد كدب .. الست هانم بتستغفلنا كلنا وخلت راسنا في الطين ..

تدخل ( زين ) اخيها الصغير ليقول بتمرد
- اتكلم عدل عن اختى ياادهم انا عقولك اهو ..
اطلق ضحكة ساخره
- هاهاها .. اختك كسرتنا كلنا يازين باشا وقتلها على يدى ..

رمقته ورد من اعلى بقلب متراقص فوق اوتار الخوف الى ان رفع ادهم انظاره لها قائلا
- سامعانى ياورد ... اختك لو مظهرتش الليله قتلها على يدى ..

تحرك ادهم متأهبًا للذهاب فاوقفه نداء امه المتلهف
- رايح فين ياولدى ...

- رايح الحق المصيبه ياما قبل ما راسنا تتحط في الطين .. هقلب عليها الدنيا ومش هرجع غير بيها ..

بللت حلقها عدة مرات وهى تراقبه بعيون سابحه في بحور الفزع والقلق .. فتراجعت للخلف لتحتمى باسوار غرفتها مردده بهمس من خلف اصابعها المرتعشه الموضوعه فوق ثغرها
- هتعملى ايه ياورد في المصيبه دى !

" يامحمد انا جبتلك الاكل بنفسي افتح "
اردفت يسر جملتها وهى تقف على اعتاب غرفة محمد الذي احكم غلقها جيدا متجاهلا تواجدها بالخلف حتى رق له قلبه ولم يتحمل عصيانه اكثر من ذلك .. فقام متأففا ليفتحه قائلا
- هو انا مش قولتلك مش عاوز اشوفك !

ذرفت دمعه من عينيها متوسله
- محمد انا عارفه طبعك وعارفه انك لما بتتعصب بتقفل على نفسك وتبعد عن الكل .. بس انا مش هقدر استحمل بعدك لحد ما تهدى ..
التقط عدة انفاس متتاليه وهو يرمقها بحده
- يسر .. انا متجنبك لانى مش عاوز ازعلك منى اكتر .. فلوسمحتى ابعدى عنى الفترة دى ..

- يعنى انت مش هتسامحنى .. محمد بلاش قسوتك دى والنبي ..

اغمض عينيه لبرهه مطلقا زفيرا قويا ليقول
- اللى عملتيه مايتغفرش ولا ينفع اسامحك عليه .. انت وجعتينى .. عارفه بتصرفك دا معناه ايه انك مش واثقه فيا ولا مأمنه على نفسك معايا ودايما خايفه ومرعوبه، والحب اللي يسكنه خوف والقلق بلاش منه احسن ..

وضعت مابيدها من طعام فوق المنضدة الموضوع بجوار غرفته لتدنو منه بحنيه ممرره كفها على وجنته
- تعالى نروح بيتنا ونتكلم .. انت وحشتنى اوى وانا مش مستحمله اشوفك كده ..

بلع محمد غصة احزانه وهو يراقبها بقلب يخفق حنينًا لها، فأكملت يسر جملته متوسله
- والله ما هعمل حاجه تزعلك تانى .. يلا بقي .. طب اقولك بلاش نروح بيتنا تعالى نتكلم جوه وتسمعى يمكن تعذرنى ..

تنهد محمد باشفاق و رق وشرعت شفتيه ان تتحرك لينطق بحنين لها ولكن قطع حديثهم قدوم ثريا قائله بغضب
- انت يابت معندكيش كرامه ليه ! مش قالك خليكى عند امك راميه نفسك عليه ليه .. سبيه لوحده حقَ الراجل عامل زي القرش البرانى يلفف يلفف ويرجع لمكانه ..

التهبت عيون محمد بنيران الغضب مما جعله يتراجع للخلف بصمت مكبوت فجره في صوت الباب الذي دفعه بكل قوته مما جعل زوجته ترتعد من مكانها .

انخرطت عينى يسر بالبكاء وهى ترمق امها بنظرات معاتبه، فاعتلى ثغر ثريا ضحكة انتصار جعلتها تختال في مشيتها امام ابنتها مردفه
- بلا هَم وغم .. فكك منه يابت واسمعى كلام امك ..

استدارت يسر نحو باب غرفته لتطرق برجاء وهى تضرب الارض بساقيها قائله
- محمددددد .. افتح بقى .

يسير بصحبتها وهو يحاوطها بذراعه لتلتصق به اكتر على شاطئ اسكندريه يتأملان غروب الشمس سانده رأسها على صدره سارحه في كلمات الاغنيه التى يستمعان لها بسماعه لاسلكيه واحده .. لتذوبهم في بعضهم اكثر واكثر .. بعدها عنه قليلا ليزيل السماعه من اذانها قائلا بحماس وهو يجذبها من كفها

- تعالى نطلع فوق الصخور ..
ركض بها فوق صخور شط اسكندريه وهما يمرحان سويا، فكانت مرتديه فستانًا ابيضًا طويلًا الى قدميها وفوقه جاكت جينز ازرق قصير ويحاوط رقبتها شال بأبهج الالون، بينما عن سليم فكان مرتديا قميصا باللون الابيض ايضا وتحته (شورت) جينز يصل لركبتيه .. فركضا سويا فوق مشاتل الحب ليصلا الى مكانٍ خاليٍ من عيون الخلق مكتفيين باحتواء البحر لمهما ولحن امواجه .. يتدللان فوق صخور البعد كأنهم يريدان ان يحطموها بعطر قرب الممزوج ..

وصل بها فوق صخرة عالية وهو يتمسك بكفها جيدا حتى وصلت اليه فارحه مرتميه بين ذراعيه، اكتفى سليم باحتضانها متنهدا بارتياح تابعته صرخه عاليه وهو يقول
- ما الحب اهو طعمه حلووو قووى ياجدعان .. اومال بيبعدونا عنه ليه !

لفت ذراعيها حول خصره لتتأمل معه امواج البحر المتراطمه بالصخور كأنها تلقي عليهم قطرات ندى مشبعه بعشاق اسكندريه باكملها .. فاردفت بين احضانه قائله بهمس وهى تتمايل على لحن دقات قلبه

= انت عرفت ازاى انك بتحبنى ؟! ممم قصدى يعنى اكتشفت حبك ليا في قلبك ازاي وكيف وأمته !
مرر كفها فوق خصرها مداعبا ليردف بتنهيده قويه
- كنت بحلم بيكِ من زمان .. طيفك كان محاوطنى حتى من قبل ما اشوفك .. واول ما قابلتك بشعرك المنكوش وعشوائيتك قولت بسس ياض ياسليم اخيرا ايدك لمسك حلم السنين .. اخيرا بعد سنين متعلق بوهم وصلت للواقع .

تعبث باناملها في ازارار قميصه مداعبه لتقول
= الحب مافهوش وصول ولا محطه اخيره .. الحب ذهاب دائم من غير عودة يا سليم باشا ..

ادلف انظاره إليه بامتعاضٍ
- يعنى ايه ياست وجد !

ابتعدت عنه قليلا وهى تقول له بحب
- يعنى سليم الهواري ممكن يسمحلى ارقص معاه في الجو الجميل دا !

- ياسيدى سليم الهواري من ايدك دى لايدك دى .. ممكن يعلق جناحات ويطير ويرفرف بيهم ويعدى على كل بيت يحكيلهم هو عشقك وحُبك عمله فيه ايييه ..

عضت على شفتها السفليه وخفق قلبها لكلماته .. فانحنت قليلا لتتسلل كفها بداخل جيب بنطاله بتلقائيه كمن ينزع شيئا من جيبه، فاول مرة تستشعر معه بمذاق الحريه والتملك، جسدان يعيشان بروح واحده وكلما اشتاق نص للاخر جذبه من ياقة قميصه ليرتوى منه، اخرجت هاتفه بوجه وُذع كل ورود الحب عليه فاحتفظ بلونه الوردى الفائح بياسمين العشق .. فتصفحته بخفه مردفه باستغراب ممزوجا مع صوت هواء البحر
- انت مطير فونك ليه ..

مد كفه ليلملم شعرها الذي يداعبه الهواء وكأنه يغير عليه من مروره فوق خيوطه الحريريه قائلا بمزاح
- اللى خلى صاحب الفون طاير .. مجتش عليه يعنى !

اتسعت شفتيها بابتسامه حب لحقها صوت ( عمرو دياب ) المنبعث من هاتفه قائلا
" وماله لو ليلة توهنا بعيد، وسيبنا كل الناس!'

انحنت لتضع الهاتف ارضا ثم اقتربت منه منتظرة انبساط كفوف لها،، تقدم سليم بانسيابيه محطما كل خيالاتها ليجذبها اليه من خصرها بقوة مما جعلها تشهق بصوت تابعته ضحكة شوق .. وضعت كفوفها على كتفيه مستنده براسها علي جدار صدره تاركه نفسها لامواج الحب بدون اي مقاومه .. ظلا يتمايلان سويا على كلمات عمرو وهو يكمل غناؤه لهما

" أنا يا حبيبي حاسس بحب جديد، ماليني دا الاحساس
وانا هنا جنبي أغلى الناس، جنبي احلى الناس "

اغمضت عينيها غارقه في اعماق عشقها له .. فاحتصنها سليم اكثر هامسا في اذانها مع تكرار نفس الكوبليه السابق بنبره اكثر اشتياق خارجه من اعماق قلب عمرو:
- هو انا اذا كنت عايش في بعدك .. ! ياحلاوة دقة قلبي في حضنك ياوجد !

لم تكاد ان تحرك ثغرها لتجيبه فصرخ (عمرو دياب) مناديا بقوة مما جعل سليم يرفع جسدها محلقا بها في سماء العشق متشبثه به بقوة
" حبيبى ليله تعالى ننسى فيها اللى راح .. تعالى جوا حضنى وارتاح
دى ليلة تسوى كل الحياه .. ومالى غيرك .. ولولا حبك هعيش لمين .. حبيبى جاية اجمل سنين .. وكل مادا تحلى الحياه "

صرخت في حضنه مستلذه بعطر قربه ثم حررت ذراعيها فاتحه صدرها لعشقٍ ليس له نهايه ولازال يديرها ويتأملها وهى تحلق في سماء حبه ويلحق بهم شعرها الذي يعاند الريح ويجوب حولهما ناسجا خيوط حب تكبلهم للابد .. انزلها سليم برفق مبتعدا عنها قليلا ليمسك كفها عندما انتهت الموسيقي ليكمل عمرو وصف مشاعرهم قائلا
" حبيبي المس ايديا عشان اصدق اللى أنا فيه .. ياما كان نفسى اقابلك بقالى زمان، خلاص وهحلم ليه "

كانوا يتحركان كفرشات الحب فبعدها سليم عنها بعنف ثم عاد ليلتصق بها بالقدر نفسه من العنف وشعرها المنسدل يرتمى على كتفه، فقبل ان يبتعد عنها من جديد لا احد منهما يفلت يد الاخر ف لحظه من اللحظات ولا اعينهم تنحدر للحظه عن بعضهم كأن للعشق كلبشات قيدت حركه اجسادهم ببعضهما .. اقترب منها مجددا ليكمل في رقصة سلو وهو يحاوطها بذراع واحد ويلوح لها حبا بالاخر:
" مانا هنا جنبي أغلى الناس، جنبي احلى الناس
حبيبى ليله .. تعالى ننسى فيها اللى راح .. تعالى جوا حضنى وارتاح .. دى ليلة تسوى كل الحياه .. ومالى غيرك .. ولولا حبك هعيش لمين .. حبيبى جاية اجمل سنين .. وكل مادا تحلى الحياه "

انتهى عمرو من غناؤه ولكنه كان شرارة حب في اعماقهم اشعلت براكين مدفونة طويلا .. لازالت عالقه به، لازال متشيث به كطفل عثر على امه بعد سنوات من التوهان استكملا تمايلهما في احضان بعضهما علي صوت دقات طبول امواج البحر هائمان ببعضهم كمن ارتشف من كأس الحب حتى فقد عقله ..

"إنك ذلك النوع النادر من الأشخاص، الذي يشارك الدرب، فيتربع علي عرش القلبك فينمو ويتورق، يخضر فيّ ويكبر. يتسلق بسلاسة وهدوء، ويوجه روحى نحو الشمس، رغم انطفاءاته .. الشخص الصديق، الأذن المصغية، والكتف
الصلب إلى الأبد، رغم التعب دائما يبدو في اعظم قواه "

تنهدت نورا بتنهيدة شوق بعد ما انتهت من كتابه ما يتشاجر بقلبها فلم يهدأ إلا بعدما تخلصت منه فى صورة حبر منثور على الاوراق، استدارات براسها وجدت عماد مُقبل نحوها في ممر الشقه الموصل بين الصاله والغرفة، فتركت ما بيدها مردفه بلهفه
- قومت لييييه ! انت لسه تعبان ..

قرب منها ليجلس على اقرب مقعد قائلا بتثاقل
- ياستى شويه برد ومجرد ما ادفيت وخدت البرشامه راحوا لحالهم ..

تنحنحت بخفوت لتردف
- بس جسمك عرق ماكنش ينفع تخرج في المكيف .. هقفله عشان البرد مايردش عليك ..
استند برأسه للخلف قائلا بعتب
- مالهوش لزوم انا كويس ..

نهضت سريعا وبدون تفكير وهى تمسك ريموت التكيف قائله بنبرة عتاب
- انت بتعاند نفسك ولا بتعاند التعب ! انا اول مرة اشوف كده ..

ابتسم رغم عنه قائلا
- كلنا بنعاند في بعض حتى الحياة بتعاندنا ومصممه اننا نكون فيها لحد دلوقت .. كأنها مستحليه وجعنا ..

التفت إليه بملامح غاضبه لتقول
- ايه الياس دا ! حصل ايه لده كله يعنى !

تنهد بوجع قائلا بتثاقل وحواجر صدره ترتفع امامه
- يأس ! بالعكس الدنيا كانت عقاب لآدم وحواء لانهم عصوا ربنا .. انك تشوفها على حقيقتها دا أمل انك مسيرك في يوم هتتحررى .

جلست بجواره بخفه مردفه بثغر متبسم
- وانت اي اللى مضايقك ! دى سنة الحياة ومهما طال العمر مسيرنا هنتحرر .

ابتسم بحزن قائلا
- اللى مضايقنى ان ربنا لما عقاب ادم وحواء نزلهم على الارض سوا .. فحتى ولو كانت الحياة جحيم المهم انهم مع بعض هيخلوها جنة ..

- للدرجه دى بعدها واجعك .. !

- اااااه واكتر ما تتخيلى .. حاجه اشبه بطلوع الروح .

مُضغ قلبها بين حدة كلماته، فهو شخصٌ محصصنٌ جيدا بطيف الحب الذي لم يترك ثغرة واحده كى يتسرب منها حبها إليه .. فركت كفيها محاوله اخفاء حزنها لتقول
- هعملك كوباية لمون ..

قبل ان يحرك عماد ثغره ليتحدث التفتوا جميعا لصوت قوى جمهوري يهتف من الخلف جعلهم ينتفضون من مكانهم ..

نورا بقلق: خير يارب .. فى ايه ..

" ياسلييييسيم ياهواري اطلعلى .. لو راجل واجهنى يلاااا انا مستنيك اهو .. مرتى فينها يااسليم .. "
اردف ادهم الذي اقتحم قصر الهوارة بمجرد ما فتحوا الغفر ابوابها، فجهر بصوته الاجش مكررا كلماته كثيرا، يركضون الغفر من بعيد كى يصلوا إليه، اما عن اهل البيت فجميعهم احتشدوا من مختلف الانحاء على مصدر الصوت، خرج راجح الهواري مستندا على عكازه قائلا بهيبه
- عاوز ايه ياولد العتامنه ..

اقترب ادهم منه بجراءه
- عاوز مرتى اللى حفيدك خطفها ... مرتى فين ياهوارة احسن اقلبهالكم مجزره ..

تقدم محمد خلف جده بقوة ليقف امامه ويدفعه للخلف قائلا
- ماتحترم نفسك .. انت ازاي متهجم علي بيوتنا في وقت زي دا ..

دفعه ادهم بعيدا عنه بقوة
- اخوك خد وجد مرتى وراح على فين !

اردف عماد الذي جمع كل شتات قوته مستندا علي عكازه تمرده
- وطى صوتك ياجدع انت .. وبعدين روح دور على مرتك بعيد عن اهنه ..

توسط ادهم ساحة بهو قصرهم مزمجرا
- اقسم بالله لو كان له علاقه بغيبة مرتى هجيبلك راسه تحت رجليك ياراجح ياهواري ..

حاوطوا الغفر ادهم من كل الجهات مصوبين اسلحتهم نحوه، رمقهم ادهم بحده قائلا
- فكركم انى هخاف تبقوا غلطانين، احنا اللي لينا التار ومسيرنا هناخده بدل الراس اربعه ..

اتسعت عيون الناس بينما هلع قلب ماجده بجوفها عندما ظنت ان اختفاء سليم يرتبط باختفاء وجد .. فتراجعت للخلف منتفضة، اما عن راجح الهواري تناول سلاح من احد الغفر بقوة ليصوبه نحو قلب ادهم قائلا بتهديد
- انت جاي تتهجم على بيتى وكمان جاى تتبلى علينا بغيبة حريمكم .. رجالة الهواري ماعيخطفوش حريم، وانت دلوق واقف قدامى يعنى لو قتلتك مش هاخد فيك يوم .. امشي روح مطرح ما جيت ياولد العتامنه واقصر شرنا ..

ارتفعت صوت انفاس ادهم بغضب ليقترب منه ببطء قائلا
- وعلى ايه ! وعهد الله راس حفيدك ماحد هيطيرها غيري ياهوارة ..

انقض عليه محمد كما ينقض الاسد على فرائسه مما جعل يسر تنتفض من مكانها صراخه باسمه، زمجرت رياح غضب محمد من ثغره قائلا
- انت جاى بيتنا تهددنا ! ماتتكلم علي قدك دانا ادفنك مطرحك ..

تدخل عماد بحكمه ليبعد محمد الممسك بياقه ادهم قائلا
- ابعد يامحمد .. الظاهر في سوء تفاهم ..

ثم التفت نحو ادهم قائلا بحده
- وانت اتفضل امشي من هنا ولو فكرت تعتب هنا تانى هيكونلى معاك تصرف تانى ..

القى ادهم عليهم اخر نظراته التوعديه التى تحمل بين ثناياها حقد ونيران تلتهم قنا بأكملها متجها نحو سيارته تاركهم في حيرتهم ..

اقتربا الاخوات من الجد بتأفف فاردف محمد
- مالك ياجدى ساكت ليه !

اردف الجد باختناق: سليم مظهرش من الصبح وبت العتامنه مش لاقينها .. ياخوفى ليكون عملها ..

تبادلوا الانظار للحظات ثم اردف عماد قائلا
- سليم مايعملهاش ياهواري !

تدخلت ماجده في حديثهم بعيون متورمة من كثره البكاء
- لا سليم يعملها .. تقدر تفسر غيابه من امبارح دا معناه ايييه ؟!

يقف سليم امام المصعد فتعمد ان يلف ذراعه حول خصرها كى يضغط على ( الزر) مما جعلها ترتمى على ذراعه بخفه فنصبت عودها سريعا لتضربه على كتفه بعتاب

- بطل حركاتك دى .
ضغط سليم على شفتيه متوعدا
- فكرك انى بتلكك يعنى .. تؤ غلطانه ياروحى انا لو عاوز اعمل اي حاجه هعملها ولا هيهمنى حد ..

نظرت إليه بعيون ضيقة ساخره تحمل بين ثناياها تحدى
- اتكلم على قدك .. ومين قالك انى هسمحلك تعمل كده اصلا ..

اقترب منها وهو يرمقها بعيون كصقر فتراجعت للخلف لتضع حدا له بكفوفها
- خلاص ياسليم .. بهزر والله .

ابتسم ابتسامه ثقه
- مش قد الكلام متقولهوش بنظرة واحده بترجعى لورا ..

بمجرد ما انتهى سليم من قول جملته فُتح باب المصعد على مصرعيه، فدفعها برفق للداخل قائلا
- ادخلى ياختى .. لما اشوف اخرتك اييييه !

ضحكت بصوت عال وثغر متبسم ووجهه يشع ضياء حب كافيا ان ينير مدينه مظلمه باكملها، ترقب سليم قفل باب المصعد بفارغ الصبر لينقض عليها كالجائع الذي عثر على طعامه للتو ملتهما همس شفتيها فلم يعطى لها مجالا للاعتراض للمقاومه للعناد، شعرت انها بين جبلين انطبقا على جسدها فارتطم ظهرها بقوة بجدار المصعد عاجزه فلم تجد ملجأ من المقاومه والعناد ولابد من الاستسلام لرياحهما لعل تكون هى الملجا، ضجيج قلب سليم كان اقوى من ان ينتيه لمكان وزمان تواجده حتى ارتطم حواجر صدره بجسدها الضعيف ليقضي على جيوش تمردها فتناست معه دُنياها رافعا القلب راية الخضوع .. ظل يرتشف من شهد شفتيها حتى وصل المصعد الى الطابق المقصود، بعدته عنها بكل قوتها مرتبه ملابسها التى بعثرهما ناتج لمساته العشوائيه التى دبت في روحها الحياه ملتقطه انفاسها بصعوبه، تنهد سليم ببسمة رضا وهو يفترسها بعيناه مما جعلها تخفض انظارها خجلا بعيدا عنه، مسك كفها وسحبها خلفه خارجا من باب المصعد وهى تسير خلفه ومازالت تحت تأثيره تختلس بين كل لحظه والاخري الالف من النظرات اليه .. وصلا الاثنين امام غرفتها .. فالتفت سليم اليها
- هاتى البصمه بتاعة الباب ..

لم تفيق وجد من سحر قربه مردفه بتنهيده
- هااا

لاح امام عينيها قائلا
- وجد انت معايا .. !

هزت رأسها نفيا لتقوم بهيام
- المشكله انى مش غير معاك ..
استند بكفه على الحائط يراقب ملامحها المرتجفه قائلا
- طب هاتي يلا مش هننام قدام الباب يعنى ..

ابتعدت عنه سريعا مقاومه ضجيج قلبها
- سليم روح اوضتك ..

نظر لها بعيون ضيقه تحمل بين طياتها استغراب
- بت ! بطلى دلع ..

- بطل انت قلة ادب وروح اوضتك .. سليم انت وعدتنى حرام عليك اللى بتعمله فيا !

اردف بحنان
- غصب عنى .. حبى ليك اقوى من اي وعود .. عاوز تبعيدنى عنك بعد مابقيتى ملكى ..

نظرت له بعيون متوسله وهى تمسك كفه بحنان
- لا ياسليم ..

نظر على كفها العالق بكفه
- لا ايه ياوجد !

- عاوزاك تبقي جوزى قدام العالم كله .. ربنا وحده يعلم انا بحاربنى كيف .. بس لا عشان خاطري ياسليم .. عاوزه البس الابيض وافرح زيي زي كل البنات .

وضع كفه على وجنتها بحب واطمئنان قائلا
- مع انك بتدبحينى بسكينة بارده .. لكن دا حقك ومسير الدنيا تضحكلنا ياوجد ..

وقفت علي طراطيف اصابعها وحضنته بحب ودموع عينيها تنخرط على وجنتيها قائله
- وجد مش هتكون غير ليك ياسليم ..

ربت على ظهرها بحنان
- وسليم مش هيكون غير ليها ..

تشبثت اصابعها بظهر قميصه بقوة مما جعل سليم يردف ممازحا
- طب هتفضلى متشعلقه كده كتير هغير رايي ومحدش هيهمنى ..

ضربته بقوة وهى لازالت عالقه بسماء حبه هامسه في اذانه
- بس سيبنى اشبع من حضنك وبطل كلام ..

تحرك بها نحو غرفته قائلا بمزاح
- والله طاوعينى انتِ بس وانا اخليكِ تغرقي بره وجوه في بحور حب سليم ..

ابتعدت عنه سريعا مقاومه جاذبية قلبها له لتقول
- انا غلطانه يلا امشي كده روح اوضتك !

غمز لها بطرف عينه وهو يستدير بجسده يراقب الفتاه الاجنبيه التى مرت بجانبه تبرز معالم جسدها الخلاب ببراعه قائلا
- ترضيهالى ! ادخل واسيب القمر دا لوحده ..

زمجرت رياح غضبها قائله
- سليممممم خش يلا قدامى ..

اطلق سليم صفيرا قويا وهو لازال يتأمل الفتاه قائلا
- انت ولا ترحمى ولا تخلى رحمة ربنا تنزل .. يعنى ولا معاكى ولا مع غيرك اي الافتري دا ...

- سليممممم اتللللمممممم ! وامشي يلا من قدامى قولت ..
دفعته وجد نحو غرفته بقوة ونيران الغيره تشتعل بجوفها فنجح سليم في اثاره غيرتها وسرعان ما نظر لها قائلا
- مايملاش عينى وقلبي غيرك ياعسل انت !

- ايوة اضحك عليا .. سليم خش نام يلا ومتخرجش غير لما اخبط عليك فااهم .. مش هعرف احكم ولا ايييه !

- ياباشا انت حكمت ونفذ حكم المؤبد خلاص ..

تجلس في حديقه فيلاته تتصفح هاتفها بصمت تام، فمر مجدى من امامها دون ان يلتفت متجاهلا تواجدها تماما .. فدخل الي منزله ليقوم باعداد قهوته ..

الفضول اصاب صفوة في مقتل فسارت خلفه مقتحمه باب الفيلا محاوله لفت نظره، فهى دائما من تتمرد، تعاند تتجاهل فلم يخلق بعد من يراها شفافا ليس له وجود ..

دخلت المطبخ وجدت مجدى يعد لنفسه كوبا من القهوة فتعمدت ان تصنع لنفسها كوب من العصير وكل منهما ملتزم صمته تماما ..

لم يلتفت مجدى إليها نهائيا واكمل ما كان يصنعه وهو يردد بعض الاغانى غير المفهومه ويبدو عليه انه بمزاجٍ جيدٍ للغايه مما اشعل النيران اكثر في جسدها فزفرت بضيق متعمد افلات كأس العصير من بين كفها ليتناثر فتاته فوق سطح الأرض فظنت بذلك انها تلفت انظاره ولكنه أيضا لم يلتفت ولم يرق له جفن الفضول، انتهى من كوب قهوته فاخذه بهدوء منسحبا امام عينيها كأنها غير موجوده امامه ..

نيران التمرد والكرامة اندلعت بداخلها لتضرب الارض بساقيها وهى تنظر للكوب المفتت ارضا لتقول
- اووف ومين هيلم الازاز دا ! طيب ياسي مجدى انا وانت والزمن طوويل ...

" اوووف ياسليم قافل محمولك ليه بس .. اتصرف ازاي انا ياربى ! "
اردف ورد جملتها بخوف يقرضها من الداخل فتهديدات ادهم ارعبتها .. اقتحمت امها الغرفه عليها قائله بحدة
- انت عارفه اختك فين يابت ؟!

اخفت ورد هاتفه بحرص تحت الوساده لتردف بارتباك
- ماهى قالتلكم في مصر راحت عشان شغل !

قفلت امها الباب بقوة وهى تقترب منها بنظرات ارعبتها قائله
- انت مسمعتيش ادهم قال ايه ... اختك معهاش محمول اصلا .. يعنى هربت وحطت راسنا في الطين ..

فزعت ورد من مجلسها قائلا بجسد يرتعد من الداخل
- ادهم دا كداب عاوز يتبلى على اختى .. واثبتلك كدبه ان وجد كانت واخده محمولى من اليوم اللى ادهم خد فيه تليفونها .. يعنى ادهم بيه عاوز يخلق مشاكل والسلام ..

رمقتها امها بعين ضيقه محاوله استيعاب كلامها لتقول لها
- بت كلامك ده صُح !

- انا لسه مكلمه وجد من محمول زين اخوى وهى ماعرفتش تكلمنى عشان عندها شغل كتير وقالتلى الصبح هكلمك تكون خلصت النبطشيه .

كوثر بفرح
- صح يابت ! يعنى اختك ماهربتش !

- وهى هتهرب ليه ياما .. لو كانت عاوزه كانت عملتها من زمان ..

تنهدت كوثر بارتياح لتغادر غرفة ابنتها سريعا بينما ورد وضعت كفها لتمسك قلبها الذي اوشك على الانخلاع ...

 

تجوب غرفتها ذهابا وايابا بنيران شوق تأكلها، ارتشفت كوب المياه للمرة الالف لتبلل حلقها الجاف من كثرة الشوق، قلبها يؤلمها من الداخل .. اقتربت من فراشها واضعه الوساده فوق اذانها كى لا تصل لها اصوات قلبها المزعجه التى لا تنادى الا عليه ولكن بدون فائده، تقلبت في فراشها كثيرا حتى نهضت مزفرة بقوة وعيون اوشكت على البكاء قائله
- مالك بس ياوجد ! الحب بيعاقبنى ولا ايه ! صبرنى يارب

فنهضت لتقف في (بلكونه) الغرفه متخذه عدة انفاس متتاليه وهى تنظر للسماء مقاومه جيوش الحب التى تقودها صوبه متعجبه على حاله الحب فهو لا يطرق ابواب القلوب بل يخلعها .. ظنت انها واقعة فيه .. ولكن الحقيقه ان المُحب ليس واقعًا .. المُحب دائمًا غارق في اعماق حبيبه .

التفت سريعا بخطى يتسابق مع ضربات قلبها تاركه غرفتها لتذهب بكل جيوش حبها وحنينها إليه واقفه امام باب غرفته لتطرق باب الحب بقبضه الاشتياق .. فتح سليم الباب وهو عاري الصدر متعجبا ليردف بلهفه
- وجددد! في حاجه ؟!

نظرت له كثيرا محاولة استجماع ما ستقوله كى توصل له كيف تشتاق اليه .. ظل سليم يتأملها بعنايه فاستطاعت آيضاً بنظره له من عيناها ان تحي الف عرق ممتد الى قلبه وتجعله ينبض لها وتنير قلباً قد ذبل من زمان ..!

بللت حلقها قائله بارتباك ورجفة قلب
-مشيت ورا قلبي لقيتنى واقفه علي بابك .. انا مش قادرة انام من غيرك، سليم عاوزه انام الليله في حضنك ...
التفتت سريعا بخطى يتسابق مع ضربات قلبها تاركه غرفتها لتذهب بكل جيوش حبها وحنينها إليه واقفه امام باب غرفته لتطرق باب الحب بقبضه الاشتياق .. فتح سليم الباب وهو عاري الصدر متعجبا ليردف بلهفه
- وجددد! في حاجه ؟!

نظرت له كثيرا محاولة استجماع ما ستقوله كى توصل له كيف تشتاق اليه .. ظل سليم يتأملها بعنايه فاستطاعت آيضاً بنظره له من عيناها ان تحي الف عرق ممتد الى قلبه وتجعله ينبض لها وتنير قلباً قد ذبل من زمان ..!

بللت حلقها قائله بارتباك ورجفة قلب
-مشيت ورا قلبي لقيتنى واقفه علي بابك .. انا مش قادرة انام من غيرك، سليم عاوزه انام الليله في حضنك .

خليط من نظرات الحب والاشتياق واللهفه والعقل والمنطق تناثر بين حدق عينيهم يتراسل بينهم طويلا .. ظلت وجد ترمقه بعيون متأرجحه متنظرة رد فعله .. على عكس سليم فكانت حِدق عينيه ثابته لَم تبتعد عن ضياء عينيها .. تنهدت وجد بصوت مرتفع حتى يأست من رده، شعرت بقبضه قويه معاتبه اعتصرت قلبها مما جعلها تستدير جنبًا كى تبتعد عن انظاره، ولكن نيران شوق سليم التهمتها من خصرها بشدة ليجذبها إليه والى اسره المحبب، التصق جسدها به كمن استوطن في مكانه للتو، قفل سليم باب غرفته لتسند وجد عليه بظهرها وهى تبلل حلقها كثيرا وتراقبه بعيون مشتاقه لاقترابه .. مرر سليم انظاره على جسدها ثم استند بكفه على ظهر الباب ليضعها بين حصاره قائلا بمزاح

- جري ايه يا اندبيندت .. رجعتى في كلامك ليه .. !

احمرت وجنتيها بدماء الخجل فاستدارت كى تهرب من حصاره الذي يتوج بعناقيد الورد فوق قلبها لتقول
- اوعى كده .. دى كانت ساعة شيطان وراحت لحالها .. سيبنى امشي ..

احكم سليم غلق اسواره عليها اكثر ليقول بعناد
- مافيش مشي من هنا خالص .. انسي .
اتسع صدرها لتتخذ نفسا طويلا قائله برجاء
- سليييمممم !

اجابها سريعا ليقول
- هتفضلى تعاندى قلبي وقلبك لميته !

- ما انا قولتلك لحد مايجى اليوم اللى نتخطى فيه كل صعب وتبقي ليا قدام الخلق كلهم ...

- وكونك ملكى قدام ربنا دا مش كفاية !

اجابته بنبره خافته خارجه من خلف عضلة قلبها المنتفضة
- عاوزة افرح ياسليم .. افرح بوجودك فالكوشة جمبي ..

داعب وجنتها بحب ليقول
- هتفرحى وانا كمان هفرح وندرا عليا اكبر فرح في مصر كلها هيتعملك ياقلب سليم ..

اتسعت ابتسامتها ولمعت عيناها ببريق الحب قائلة بدلال
- طيب اوعى بقى امشي وانسي كل حاجه انا قولتها .

غمز لها بطرف عينه وهو يمرر كفه برفق علي خصرها قائلا بتحدٍ
- انتِ بتنسي بسرعة ليه .. هو انا مش قولت مافيش مشي ..!

رجفة شوق اصابت جسدها مردفه بحنية
- الله ! انا مش عارفه عقلى كان فين وانا باجى هنا، وسع كده ..

جذبها بقوة ليدلف بها ساحه غرفته قائلا
- عقلك اتهزم قصاد قلبك .. مش انت لسه قايله مشيتِ ورا قلبك لقيتك واقفه علي بابى ! ايه بقي !

ثم دنى منها ببطء مما جعلها تتراجع للخلف ولكن عيناها لازالتا تنادى عليه، ارتطم ظهرها بحائط الغرفه وبداخلها تتصارع مع دقات قلبها وطعنات عقلها التى تقودها للرحيل .. التصق سليم بها مما جعل رايات عناد العقل تندلى، مطبقًا على شفتيها كى يلتهم همسهما ورجفة اشتياقهما، وبمجرد ما ظفر بشهدهما تحطمت جيوش العقل باكتساح، لف سليم ذراعه حول خصرها ليتلذذ من قربها اكثر واكثر مما ادى الى اذابتها في هيام قربه فاحتضنته كثيرا، غارقه في بحور قربه للحظات معدوده، ابتعد عنها سليم هامسا في اذنها وهو يلتقط انفاسه بصعوبه قائلا
- سليم الهواري هو اللي عاوز ينام في حضنك الليله ياوجد ... قولتى ايه .. !

كان صوت دقات قلبها يخترق جدران صدرها فاردفت بتنهيده قويه
- سليم ... اصلل...

اجابها مقاطعا ليقول
- وجد انا وعدتك انى عمرى ما هجبرك على اي حاجه، بس انا عاوز ادفى بقربك مش اكتر ... ممكن ..

تحركت بخفه وبدون تفكير لتجلس فوق مخدعه عاقدة ساقيها لتشير اليه بعينيها قائله
- سليم .. انا واثقه فيك من غير ماتقول ..

ابتسم بحب ليقول
- افهم من كده انك وافقتى ..

عقدت حاجبيها باستنكار
- وافقت على اييه .. انت هتستهبل، انت قولت هتنام جمبي وبس .. مش عاوزه قلة ادب ..

ضحك بصوت عال فاقترب منها بهدوء ليبسط جسده متنهدا بارتياح ويستند برأسه فوق فخذها قائلا بمزاح
- هموت واعرف جايبه الثقه دى فيا منين .. اذا كنت انا نفسي مش واثق فينى !

داعبت خصلات شعره بدلال مردفه
- طول ما انا واثقه في حبك، متأكده انك عمرك ما هتجرحنى ولا تزعلنى ...

قَبل كفها قُبله طويلة وهو يقول
- دايما بتغلبينى بكلام يابت العتامنه ..
نظرت له بعيون ضيقه
- وابن الهواري بيغلبنى بالفعل ..

رفع انظاره لها بسرعه ليقول
- احنا فيها .. تحبى تشوفى !

ضربته على كتفه باغتياظ
- دماغك دى مافيهاش غير الشمال وبس ..
وثب قائما بسرعه وهو يقول لها بغمز ويتفتنها بانظاره
- دماغى دى بوصلة هتلاقي فيها كل الاتجاهات .. فوق تلاقى .. شمال هتلاقي .. يمين هتلاقى .. تحت بردو تلاقينى جدًا ... بصي من الاخر انا بتاع كله معاكِ .

استدارت بجسدها حتى اوشكت قدميها ان تلمس الارض قائله
- والله ما لك امان فعلا ..

قبل ان تنهى جملتها جذبها إليه من خصرها ليلقى بها في احضانه قائلا بحزم
- قولت الليله مش هسيبك .. بلاش حركات العيال دى وتهربي كل شويه الواحد مافهوش حيل والله يشيل ...
اجابته ساخرة
- الله الله ! دانا اتخميت واضحك عليا بقي !

- بلاش ياوجد تتدخلى من حته التحدى والتريقه دى عشان هتخسري .. الواحد لامم نفسه بالعافيه فمش ناقصاكى هى !

 

" تلم الرجاله يامحمد تغطس وتقب سليم يكون معاك "
اردف الجد جملته بنبرة حازمة وهو يدلف من باب القصر وخلفه الحاضرين من اهل البيت .. فهتف محمد متعجبا
- وانا اجيبه منين ياجدى ! همسك مكرفون واقول سليم الهواري تايه !

- من غير مِقلدة ياضكتور ! اللى اقوله يتنفذ يلا ..

اردف يسر سريعا
- ياجدى ماينفعش محمد يطلع في الوقت دا !

ماجده بعيون باكيه: اومال هنفضل كده منعرفش جوزى فين .. اتصرف ياجدى قبل ما العتامنه يوصلوله ...

تنهد عماد بكلل مرددا
- ياجماعه اهدوا سليم مش صغير ..

عفاف بقلق
- اخوك راح فين ياعماد .. اه ياخوفى ليكون دا ملعوب من العتامنه وهما اللي حابسين ولدى ..

ارتعد جسد ماجده قائله
- والنبي يامحمد انزل دور علي سليم .. قلبي واجعنى قوى عليه ..

ضربت ثريا كف فوق الاخر بشماته
- يلا ويبقي خلصنا من واحد .. يلا يابت منك ليها خشوا ناموا واللي يعرف سكة البيت يجى ..

التفت الجميع إليها بنظرات استغراب وذهول فاردف الجد قائلا بحزم
- حسابك تقل قوى يا ثريا ...

ضحكت بسخريه وهو تهتف بصوت منخفض
- ما انت خليت الحساب على الحديده ياعمى .. وانت سبت حاجه وراي ولا قدامى !

رمقتها عفاف بحده لتقول برجاء
- ماتقصري الشر عااااد ياثريا ...

تنهد الجد بتعب ليقول
- كل واحد حسابه معاى جاي ! بس الصبر حلو ... يلا يامحمد روح نفذ اللى امرتك بيه .. وانت ياعماد اعمل اتصالاتك واسال في كل الاقسام والمستشفيات ... سليم عمره ما غاب اكده !

" صباح يوم جديد "

- ست صفوة اتفضلى اركبي العربيه .. مجدى بيه منبه علينا متمشيش خطوة غير واحنا معاكى .
اردف السائق الخاص بصفوة جملته الاخيرة بهدوء، فامتدت انظار صفوة بعيدا كى تتأمل رجال الحراسه الذين ينتشرون امام بوابة منزلها .. فالتفت مرة اخري نحو السائق مردفه
- مين دوول .!

- دول الرجاله اللى عينهم مجدى بيه في حراستك .. انا محروس السواق وتحت امرك في كل حاجه ..

ضربت الارض بمشط قدمها باغتياظ مردده
- بقي كده ! طيب يابيشمهندس مجدى !

ثم تحركت سريعا نحو السيارة، فاردفت وهى تصعد بداخلها
- ودينى الجامعه ياعم محروس اما نشوف اخرتها..

ركض السائق سريعا وخلفه سيارة اخرى _جيب_ من الحرس حتى غادروا جميعا من المنزل .. اخرجت صفوة هاتفها وقررت ان تكتب رسالة نصيه لمجدى بدون تفكير
( على فكرة انا اقدر احمى نفسي كويس .. مكنش له لازمه الفشخرة الكدابه دى .. )

ثم ضغطت على _زر_ ارسال وقفلت هاتفها متوعده منتظرة جوابه على رسالتها ..

وصلت الرساله لمجدى اثناء انغشاله باجتماعه عن الشحنات الجديدة، فالتفت نحو هاتفه ليقرا الرساله بدون اي تغير على ملامحه سواء بالرضا او بالانزعاج ثم عاد مرة اخري ليكمل حديثه متجاهلا رسالتها تماما ...

 

يستوطن بين ذراعيها كمن بسط يده عن اتساع الارض مستكفيا بضيق حضنها، فتحت وجد عينيها ببتثاقل لتجده متشبثا بها كالطفل الصغير الخائف من فقدان امه، ظلت تتامله طويلا بقلب يتراقص فوق اوتار الفرحه، طبعت فوق جبهته قُبله خفيفه وعادت كى تتامله مرة اخري فاتسعت ابتسامتها اكثر عندما تذكرت جملة قرأتها من قبل لغادة السمان

《عذراء كل إمراة لم تعرفك، عزباء من لن تعقد قرانك عليها، عاقر كل أم لم تنجبك، يتيمة من لن تكون أباها 》
ثم تنهدت برتياح مردده بخفوت
- جائعه من لَم تتذوق الحب معك ..

ثم اتاها صوت سليم ممزوجا بالنوم قائلا
- والله طول الليل بحاول ندوقه سوا انتِ اللي قطعتى برزقك ..

اعتدلت في جلستها لتنظر له بعيون ضيقه
- والله ! انت صاحى من امتى بقي ..

مسك كفها بعفويه ولفه حول عنقه قائلا بحب
- من اول ما شفايفك لمستى دبت فيا الروح .. فصحيت ارتوى منك اكتر ..

- احم احمممم .. يارب نتلم ونقوم يلا عشان انا عاوزة ارجع .. زمان البلد مقلوبه ..

قضب حاجبيه قائلا باستنكار
- بتقولى ايه ياختى ! ترووووحى !

- اااه ياسليم لازم اروح .. لو سألوا في المستشفي وعرفوا الدنيا هتخرب والله، وكمان الجو هنا ريحته دم اوى، الثورة خربت البلد ياسليم ..

تنهد سليم بمراره مردفا
- الفتنه اللى خربت البلد مش الثورة ياوجد ... الشعب مطالبه بسيطه وكان راضي بتحقيق نصها، الدور والباقي على اللي استغل الفرصة وفتن بين الشعب لحد مابيقت مجزرة ..

- والله ياسليم مابقيت عارفه مين الصح ومين الكدب، كل اللى اعرفه اننا داخلين على ايام صعبة اوي، ويااعالم اللى هيمسك البلد بعد كده هيعمل فينا ايييه ..

اعتدل سليم في جلسته متكئا علي كفه ليقول
- ياستى سيبى الملك للمالك .. وخليكِ انت معايا ...

- منا معاك اهو ياسليم ..

أزاح خصله من شعرها خلف اذانها مردفا
-المهم ارتحتى في حضنى الليلة دى !
احمرت وجنتيها بدماء الخجل قائله بخفوت
- انا مرتحتش طول حياتى غير الليله دى ..

ضحك بصوت جمهوري عال قائلا بغمز
- اومال عاوزه تروحى ليه طيب .. مااحنا حلوين اهوو ..!

- احم .. وانت كمان كنت حلو وسمعت الكلام والتزمت بوعدك ليا ... شكرا بجد ياسليم انك مطاوعتنيش في جنانى ..فعلا الفرحه في وقتها احلى ..

جذبها إليه برفق ليبسط جسده ويأخدها بجوار قلبه قائلا بهدوء
- وجد انا معملتش كده واتجوزتك من ورا الكل إلا عشان احميكى، واضمن انك اتعقدتى في روحى للابد ... علاقتى بيكِ لو علاقة جسد وحتة ورقه هى اللي هتحللها ابقي مستاهلكيش ولا استاهل انى اقول بحب حتى، انتِ بالنسبة لى حاجه زي نفخ الروح فى روحى .. سمك في بحوره حر يموت لو خرج منه ... انا لسه محاربتش عشان اتكافئ بطعم قربك ياوجد .. وحتى انتِ لو مطلبتيش كده انا كنت هعمل كده .. سليم مستنى يفرح اكتر منك ... مستنى يلون حلم ١٢ سنة ..

احتويت ذراعه بقوة لتقول بمزاح
- يعنى اطمن بقي !

ضحك بصوت قائلا
- طول مااسمى ورا اسمك على طول اطمنى، بس متطمنيش قوى يعنى عشان لو مشاعري غدرت هتبقى انت الجانيه ...

- الله ! انت هتحرينى ليه !
عض علي شفته السفليه ليقول بمكر
- يعنى في حضنى بت زي القمر، وكمان لابسه لبس يحل حبل المشنقه وريحة قربها مخليه قلبي يتنفض وكل حاجه مغريه للاستفراد بيكِ وش .. وجايه تحتاري ! انت هبله يابت ؟!

- خلاص ياعم .. عديها المرة دى ..
ثم اردفت بخبث وهى تقول
-وعموما يلا ما انت عندك مراتك ماجده وشكلك مكتفى مش فارق معاك ..

انعقد حاجبيه بغضب قائلا
- واى الثقه دى !

- ابدا ياسليم .. بس بقولك اللى حساه من كلامك .. شكلك مبسوط معاها قوى ..

ابتعد عنها غاضبا
- وجد .. انت جري لعقلك ايه ! ماتتكلمى عدل ؟
حاولت قدر الامكان ان تخفى ضحكها مكمله تمثليتها
- بدردش معاك ياسليم ... واسفة انى ادخلت في علاقتك مع مراتك ...

احمر وجهه بمعالم الغضب قائلا
- وجد مافيش اي حاجه من اللى في دماغك حصلت بينى وبين ماجده ..

ضحكت بسخريه
- حاضر هصدق ... عموما براحتك انت معملتش حاجه حرام يعنى انك تخبيها ...

زفر بضيق قائلا
- انت ازاي عتحكى اكده ياوجد ..

- الله! انت عاودت تحكى صعيدي تانى يبقي اتعصبت .. خلاص ياسليم اعتبرنى ماقولتش حاجه .. بس حبيت افتح سكة للموضوع دا لتكون خايف تواجهنى وكده .. متخيلتش انك تنكر ...

لاحظ سليم حركه عيناها المتارجحه ففهم مغزي كلماتها قائلا بمكر
- يعنى افهم ان الموضوع مش مضايقك ولا فارق معاكِ

- احم .. دى مرتك يابنى انت هتخالف شرع ربنا يعنى ؟!

- طيب كويس ريحتى قلبي عشان مكنتش حابب اعمل حاجه من وراكى .. وبعدين سليم عاوز عيال كتير ..

اتسعت عيونعا غاضبه لتقول
- نعم ! وحياة امك اقتلك ياسليم ..
استدار نحوها مقتربا اكثر منها وهو يداعب شعرها وجسدها بلا مبالاة قائلا
- مانتى لسه قايله شرع ربنا .. هترجعى في كلامك ليه !

داعبت وجنته بانتصار قائله
- غادة السمان قالت ( سانجب منك قبيله ) وانا هنجب منك قبائل ياولد الهواري وبلاش تصيع عليا لانى حفظاك اكتر من نفسك وكمان متخلقتش اللى تكون ام ولادك غيري ..

خطف قبل سريعه من ثغرها قائلا بخبث
- كلامك حلو وجميل ومافيش مفر منه .. بس دا مايمنعش انى اتبسط مع مراتى .. انت عاوزنى مدلعش ياوجد !

ضحكت بانتصار وهى تتغنج بملامحها امامه
- وماله ياروحى ... خد راحتك خالص، بس وجد متاكده وواثقه انك بؤ ومعملتش اي حاجه ..

ثم استدارت كى تبعد عنه فجذبها سريعا ليقول بفضول
- استنى هنا ! انت بتتكلمى بثقه كده ليه .. ما يمكن خايف على زعلك ومحبتش اقولك .. وفكرك يعنى ماجده ممكن تعدى الموضوع ده .. احم عيدى حساباتك يابت العتامنه وبلاش الذكاوة دى على سليم حبيبك ...

ضحكت بصوت عال زلزله قائلة
- وبلاش غباوة على وجد ياسليم ..

- يعنى لو قولتلك انه حصل هتسبينى !

- انا عارفه انه محصلش عشان كده عمري ما هسيبك ..

رفع حاجبه مستنكرا
- وعرفتى منين ؟!

- لا لما تكبر هابقي اقولك ... يلا قوم عشان تفسحنى قبل مانمشي .

دفعها بكل قوته على مخدعه ليبسط جسده فوقها قائلا بفضول
- هو انا لما بسال السؤال مابترديش لييه دغري ..

اطلقت نفسيا قويا ارتطم بعنقه قائله
- منا قولتلك لما تكبر هابقي اقولك ..

عض على شفتيه وهو يتأمل معالم جمالها التى تتلألأ امام عينيه كالجواهر التى سقط عليها اشعة شمس الاشتياق قائلا
- مانا كبرت والله .. تحبي اثبتلك !

وضعت سبابتها فوق ثغره لتعيق حديثه وهى تتأمل عيناه قائله
- طيب هكسب فيك ثواب واقولك عرفت ازاي .. بس بعدها تسيبنى بقي ..

- اااه هسيبك يلا قولى ..

- بالمختصر ياباشا مافيش حد هيدوق حتة شكولاته وعجبته والا هيكون عاوز يجربها تانى وتالت وعاشر خاصة ولو مع حد بيحبه .. مش زي واحد مايعرفش اي طعمها فأكيد مش هيفضل متلهف على حاجه مجربهااش ...

عض سليم على شفته السفليه مغتاظًا ولهيب الانتقام يشتعل من حدق عينيه قائلا باعجاب
- دانت طلعتى مش ساهله .. ! غلبتينى ياست الدكتوره ..

تغنجت امامه بدلال وفخر مردفه
- احم لا احنا نعجبوك اوى ياباشا ...
اغمض سليم عينيه لبرهه قائلا
- طب قومى اخفى من قدامى احسن ماتغابى عليكِ ...

- لا وعلى ايه الطيب احسن ...

 

" الرسالة بتاعتك مرفوض يادكتورة "
اردف الدكتور( فتح الله ) المشرف على رسالة الماستر المتعلقة بصفوة جملته بحده وقعت على قلبها خدشته ... فاردفت مغمغمه
- بس موضوع الرساله من الاول حضرتك كنت مؤيده جدا وشايف ان مجال الطب في حاجه للافكار الجديده دى ..

اردف الدكتور مزمجرا بحده
- من غير نقاش ولا جدال كتير ... اللى حصل يادكتورة ان مستواكى العلمى في النازل وحاجه متشرفش اننا نديكى شهاده معتمدة من جامعه كبيره زي جامعتنا ..

رفعت حاجبه مستنكرة
- حضرتك احنا تلاميذكم يعنى مرايه معكوسه لمنارات العلم اللى استمدنها من حضراتكم .. فاظن مش حاجه لطيفة انك تقول كده خصوصا مع الاولى على دفعتها الست سنين !

- دا كمان مش مستواكى العلمى اللي بقي في النازل والخُلقى كمان يادكتورة ... ياريت تفوقى لنفسك وتعرفى انك بتتكلمى قصاد عميد الكليه .. وبدل ماانتى بتبجحى وتجادلى كده روحى اشتغلى على نفسك ..

- بس دا عمره ما كان رايك فيا يادكتور ..طول عمرك بتقول لى انى زي بنتك وانك فخور بيا ..

- فخور بيك لما شغلك يتم على اكمل وجه، مش بالوساطه والمحسوبيه !

لازال حاجبها مرفوعا باندهاش قائله
- اااه وساطة ومحسوبيه ! يعنى الموضوع ملهوش علاقه بمشاكل شخصيه تتعلق بالدكتور ياسر مثلا ؟!
احمرت عينيه غاضبا فاردف بصيغه امرة
- وقتك خلص يادكتوره .. واحسنلك تشوفيلك جامعه تانى تحت السلم تاخدى منها شهاده ماستر تشغلك ...

ابتسمت صفوة بعناد وهو تنصب عودها متحديه
- اااه جامعه تانيه ... يبقي فعلا الموضوع متعلق بالدكتور ياسر ... عموما بما انى هشوفلى جامعه تانى بلغ الدكتور ياسر رسالتى وقوله مش صفوة الهواري اللي رسالة ماستر تهدها .. بعد اذنك يادكتوررر ...

 

" والله ياهواري قلبت البلد عليه، ملهوش اثر "

اردف محمد جملته بعد ما عاد صباحا من رحله بحثه طوال الليل على اخيه، فزفر الجد باختناق قائلا
- وعماد قالك ايه ؟!

هز راسه بياس
- ملهوش اثر ياجدى .. انا بدات اقلق عليه ..

ضرب الجد الارض بمؤخرة عكازه بضيق قائلا
- ربنا يجيب العواقب سليمه ياولدى ... روح شوف مرتك منامتش من امبارح من خوفها عليك ..

التوى ثغر محمد بضيق
- كتر خيرها والله

- انت زعلان من مرتك يامحمد !

- لا ياجدى وهزعل ليييه .. بس يادوب الحق اروح المستشفى في حالات كتير هناك .. فوتك بعافيه ..

غادر محمد سريعا من امام جده، كى يهرب من مواجهة زوجته يخشي ان ينهزم امامها كما كان سيفعل من قبل، اراد ان يُعاقبها بحرمانها منه لفترة معينة كى تتذوق علقم الفراق كما اذاقته سُم الخرمان ...

 

دلف عماد شقته بجسد متهالك، فلفت انظاره نورا الغارقة في سباتها فوق الاريكه، تعمد ان يغلق الباب بحرص شديد كى لا يقلق نومها، تحرك بخفه من امامه ورغم عنه انجذب قلبه للنظر إليه، تفتن بعيناه جمال شعرها الذي ينسدل على وجهها، وبريق ساقيها الاتى لم يطئ ثوبها ان يسترهما، والخصر المنحوت ببراعه مما يصل بين جواهرها العلويه والسفليه المكنونه، اتسع صدره كأن بابه تنهد لاستقبال حبا جديدا، صُلب مكانه يقاوم انظاره من الابتعاد عنها فكل شيء بها يجذبه إليها .. إليها فقط معاندا كل خطاوى البعاد، تغنجت امام عينيه بانسيابيه باسطة جسدها فوق الاريكه بارتياح، خفق قلبه بقوة فوجد ساقيه تقوده للوقوف امامه منحنيا كى يحملها بين ذراعيه ولكنه تراجع سريعا معاتبا لنفسه .. شعرت نورا بريح انفاس تطوف حولها .. فنهضت سريعا قائلة
- عماد ! سليم حصله حاجه ؟!

تراجع عماد للخلف خطوة ويبدو عليه معالم الارتباك قائلا
- لا مافيش اخبار عنه، بس هو انت أي اللى منومك هنا !

اعتدلت نورا في جلستها بمجرد ان راته فاردفت قائله
- كنت مستنياك وقلقانه على سليم .. فنمت والله ..

- طيب قومى كملى نومك جوه .. وانا كمان محتاج اريح شويه ...

وثبت قائمه بوجهه مبتسم
- مش هتفطر الاول !

وجد نفسه يرد بدون تفكير
- لو هتفطري معايا .. مافيش مانع نفطر سوا ..

ارتعد قلبه لجملته المفاجئه مما جعلها تنظر له بعدم تصديق ثم قالت
- بسرعه والفطار يكون جااهززز ...

 

وصلت ماجده الي مستشفى ( العتامنه ) بعدما اقنعت جدها بانها ذاهبه لسحب ملفها الدراسي من الجامعه، فوقت امام الاستقبال تسأل الموظفه قائله بقلق
- بقولك ايه ... لو عاوزة اوصل لادهم عتمان .. اوصله ازاي .

الموظفه: مين حضرتك !

بللت حلقها الجاف من شدة الخوف
- انا واحده عاوزاه في شغل ... ممكن تقولى لى اوصله ازاي ؟!

- مممم ممكن تروحى البيت ؟!

- لا والنبي فكري في حاجه غير البيت دى ...

تأفف الموظفه قائله
- ياهانم انا مش فاضية ورايا شغل كتير وو

ماجده مقاطعه
- هديكى اللى عاوزاه بس قوليلى طريقه اوصله بها غير البيت دا ...

- طيب بصي كل الغفر اللي محاوطين المستشفى تبعه، ورجالته تقدري تاخدى رقمه من اى واحد فيهم ... ومتنسيش حلاوتى بقي ...

 

" ما هو لولا البلطجه بتاعتك مكانش كل دا حصل "
اقتحمت صفوة مقر شركه مجدى اثناء انشغاله بالاجتماع مع موظفينه الذين استداروا جميعا نحوها بذهول .. تنحنح مجدى بثبات ثم اردف قائلا
- طيب يا رجاله الاجتماع خلص واى جديد بلغونى .. يلا اتفضلوا على مكاتبكم ..

نهض الجميع وهم يترقبون صفوة بنظرات فضوليه وبداخلهم الف سؤال، كل منهما يسير بجوار ليلقي عليها نظرات استكشافيه مستنكره ويمر حتى غادروا جميعا فاردفت مديرة مكتبه الجديده لتقول
- مجدى بيه تحب اطلب الامن ...

وثب مجدى قائما بهيئته الوقارة ليقول
- اخرجى انت دلوقت ولو لزم الامر انى اطلب الامن هبلغك ..

رمقت كل منهما الاخري بنظرات ساخطه حتى خرجت _السكرتريه_ واغلقت الباب خلفها ... سار مجدى نحو مكتبه ليجلس فوقه بفظاظه وهو يشمر اكمامه قائلا
- انت متعلمتيش في المدرسة انك تخبطى قبل ما تدخلى اي مكان ..

القت حقيبتها ارضا ودنت منه بكل براكين نيرانها
- ماهو سعتك ولا على بالك ... مستقبلى ضاع بسببك وانت داخل تدينى محاضرة ...

- احم صوتك ميعلاش وانت بتكلمينى ..
اجاابته باااانفعال
- لما تكون سبب في اللى انا فيه يبقي من حقى اعلى ونص ...

- حصل ايه ..

بعثرت شعرها بطريقه عشوائيه لتردف باغتياظ
- انت اى البرود اللى بتتكلم بيه دا ! بقولك مستقبلى ضاع ..

انشغل مجدى بالاوراق المبعثره امامه مجيبا بدون اهتمام
- وانا اى علاقتى !

- ماانت لو مكنتش كبرت الموضوع واتخانقت مع الزفت دا قدام الجامعه ... مكتش ابوه هيرفض رسالتى ... منك لله ياخى ..

رفع حاجبه مستنكر بسخريه على اسلوب حديثها قائلا
- والمطلوب منى !

تعالت انفاس الاغتياظ بجوفها وهى تقول بغضب
- ولا اي حاجه ... حبت اعرفك بس انك سبب كل مصيبه في حياتى ... شكرا ليك بجد ..
اجابها ببرود شديد
- العفو .

ضربت الارض بساقيها واوشكت عيناها على البكاء
- طلقنى حالا ...

نهض مجدى من مقعده ليتحرك نحوها بثبات، مما جعل جسدها يرتجف فتراجعت للخلف قائله بنبرة مهزوزه
- انت هتعمل ايه ...

ظل مجدى يقترب منها اكثر ليقول
- انت عاوزه ايه !

استجمعت شتات قوتها لتقول بتحدى مصطنع
- بقولك طلقنى ...

غمز لها بطرق عينه قائلا
- تؤ مش قصدى .. ليكى كذا يوم بتحومى حوليا .. ما لو نفسك في حاجه قولى بدل الهمجيه دى واقلها مش هتعملى حاجه حرام زي ما كنت مدوراها قبل كده .. منا بردو بيقولوا جوزك ...

صفعت مجدى بكل قوتها وهى ترمقه بنظرات ساخطه مردده
- اخرس ..انت قليل الادب .. وكلكم زي بعض اصلا ...

ثم تركته وغادرت تحمل اوجاع الماضي والحاضر بجوفها، ظل مجدى يستوعب جمرات ما القته على قلبه ووجهه طويلا مزفرا بضيق ليردد بعتاب
- غبى غبى مكنش ينفع تقولها كده !

ثم تراجع لياخد _الكاجت_ ويغادر مكتبه خلفها سريعا قائلا للسكرتريه
- الغى كل المواعيد النهارده ...

 

" في قسم الشرطه "

- حمزه باشا .. الحق ...

نهض حمزه من فوق مقعده قائلا
- في ايييه ..!

العسكري: في خناقه كبيره في ضاحيه البلد والدم فيها للركب !

وضع حمزه سلاحه خلف ظهره بدون تفكير ليقول
- جهزلى قووة بسرررعه ...

العسكري بأسف
- كل العساكر اتوذعوا على المدينه عشان في ثورة، والقسم مافهوش غير عدد قليل جدا من العساكر ...

حمزه بدهشه
- يعنى ااايه !

- يابيه انا مديونلك برقبتى اقدر اجى معاك .. المهم نلحق الناس اللى عتقتل بعضها دى ...

حمزه بصيغه امرة
- اتصلى بالادارة تبعتلى قوة ضروري على هناك يلا ...

اردف حمزه جملته سريعا بعدما غادر قسم الشرطه فاعتلى على ثغر العسكري ابتسامه خبث ليخرج هاتفه سريعا متصلا برقم ما
- كله تمام ياباشا والفار دخل المصيده...
" صفوة افتحى !"
وصل مجدى الى منزله وهو يركض حتى صف امام غرفتها وهو يطرق الباب بقوة قائلا جملته الاخيره .. اما عن صفوة فكانت تعد اغراضها كالمجنونه، دون اي رد منها علي حديثه، عاد مجدى مرارا وتكرارا محاولا اقناعها قائلا بتهديد
- صفوة لو مفتحتيش هكسر الباب ..

زفرت بقوة حتى اقتربت من الباب وفتحه رغم عنها متأفف لتقول بنبرة ممزوجه بالبكاء ووجهه اغتسلته الدموع
- ااه نسيت تقول حاجه تانى جايه تقولها دلوقت ! كمل اهانه وتجريح ياابن عمى ..
طأطأ راسه بخزي ثم رفع انظاره نحوها مرة اخري
- اسسف .. مكنش قصدى ..

ضحكت ساخره لتقول
- ااه معلش المفروض انى اقولك حصل خير وخلاص مسامحه وكل دا ... تؤ انسي مش صفوة الهواري اللي تتهان وتسكت ...
اجابه باتزان يحمل نبره حاده
- صفوة .. مش عاوز قلة ادب .. انت اللي وصلتينا للوضع دا .

دلفت غرفتها بخطوات مهزوزه
- ااااه وانتوا كده بردو تعكوا الدنيا وتيجوا تعلقوا شماعة بلاويكم على كتافنا .. وانتوا ياحرام مابتغلطوش لا ..

دلف مجدى خلفها قائلا باستغراب
- احنااا مين ! انت كلامك بالجمع ليييه ؟!

اجابته بنبره متحشرجة بالبكاء
- انتوا ... انتوا كلكم كرجاله، اتخلقتوا بس عشان تكونوا سبب كل قهر وذل وكسرة احنا فيها، انتوا وجودكم مدمرنا ..

تنحنح مجدى بخفوت قائلا
- احم .. ممم تمام شكلك تعبانه هسيبك لحد ماتسترجعى حساباتك تانى وبعدين نتكلم ..
اجابته بسرعه
- مافيش بعدين هى خلصت اصلا .. وانا نازله البلد حالا ...

- مافيش نزول البلد ياصفوة غير لما افهم ..

عقدت ساعديها بتحدٍ
- حاجه ماتخصكش اصلا ... كل اللى مابينا ورقه وخلصت لحد كده ..

دنى منها بهدوء محاولا اخفاء شرارة غضبه قائلا
- شهادة وفاتى ولا الورقة اللى انت بتتكلمى عنها دى ..

صرخت بوجهه بقوة وهى تلوح له بكفها
- انت مصمم تهينى وتهين نفسك ليييه ! انا مش عاوزاك في حياتى ياخى !

- بس انا عاوزك .. واللى عاوز حاجه مابيسبهاش بيحاول بكل الطرق يحافظ عليها .. على الاقل سيبنى احاول عشان مندمش واقول انى محاولتش ...

ثم اخذ نفسا طويلا ودار خلفه نصف دورة
- انا نازل تحت وهسيبك تستريحى، ولما تهدى وحابه تتكلمى مافيش غيري هيسمعك .. وخليكِ متأكده ان محدش هيحميكى زيي .. احم سلام يااااا بت عمى ...

ظلت ترمقه بنظرات متأرجحه وشفاه مرتجفه وساق لم تتوقف للحظه عن اهتزازها حتى غادر مجدى واغلق باب غرفتها بهدوء ذاهبا نحو غرفته كى يلقى بجسده متنهدا في منتصف مخدعه ليردد
- تعبتينى وغلبتينى قوى يابت الهواري !

على الطريق الزراعى يسير حمزة بسرعه فائقة بين الطرقات المعوجة كى يلحق مجزرة الدماء الناشبه في احدى ضواحيها، اخرج هاتفه ليجري اتصالا تليفونيا بسليم الهواري ولكنه وجده مغلقا، ثم عاد كى يستكمل طريقه مرة اخرى .. فجاة علقت احدى عجلات سيارة الشرطه في الفخ المنصوب لها حتى انفجرت مما ادى الى انحدار السياره بداخل الارض الزراعيه، زفر حمزه بضيق وهو يضرب مقود السيارة هاتفا
- وهو دا وقته ..

فالتفت كى يهبط من السيارة ناظرا الى قدميه التى لُطخت بالطين فامتدَت انظاره ليجد نفسه في طريق فارغ تماما، وضع قدمه على الطريق العمومى وهو يعبث بهاتفه باحثا عن رقمٍ ما .. ففوجئى باربعة رجال مُلثمين يحاصرونه كلهم مسلحين باسلحه باديه مكونه من ( عصاه ضخمه، جنزير حديدي، كرباج، واخر سكينه كبيره ) فجهر احداهما
- انت متعرفش دى ارض مين ! واللى يهوب ناحيتها يبقى جزاته اايه ..

استدار حمزة إليهم بعيون طائفه ليقول بقوة
- بتاعت مين يعنى !

- ارض الديابه اللى يقرب منها يتصفى .. وانت قربت يبقي لازمن تاخد جزاتك !

وضع حمزه هاتفه بجيبه مردفا بسخريه
- اهاا ! انتوا متعرفوش بتتكلموا مع مين ؟!

القى احداهم نظرة على سيارة الشرطة قائلا
- ااه باين على البيه حكوومه، فكرك احنا هنخاف !

هَمَ حمزه بتشمير اكمامه باتزان وهو يقول يستعد لبدء الحرب فألتفت الى صاحب الجمله فجاة ولكمه بقوته قائلا بقوة
- لازم تخاف ياروووح امك ..

تراجع الرجال للخلف يستعدون لنشوب المعركه، فهجم الاخر على ذراعي حمزه بقوة كى يقيد، وعلى حدر اقترب الاخر منه كى يطعنه، ولكن بمهارة قتاليه استند حمزة بظهره على صدر من يكبله ليرفع ساقيه بانسيابيه ويطعن الاخر في بطنه بقوة،، مما جعله يتراجع للخلف متأوها، فانحنى حمزة ليدير الاخر من فوق ظهره ويبسط جسده ارضا وهو يركله بقدمه بقوة ..

اقترب الشخص الذي يحمله عصاه ضخمة، فراقبه حمزة بعنايه وظل يتراجع للخلف بينما الاخر يلوح بين انظاره بفرعه الصخم،، وفجاة قبض حمزه على عصاته ودنى منه محاولا اسقاطها من يده، تعلق الاثنين بالعصاه كل منهما يعتمد على قوته، فركض رجلا اخرا كى يساعد رفيقه مما جعل حمزه تشتعل بجوف شرارة الحماس دافعا الرجل بكل قوته نحوه الاخر كى يسقطا الاثنين ارضا، فامسك بالعصاه منهالا عليهم بضربات قوية جعلتهم يجهرون بالالم ..

اما عن الشخص الاخر الذي يحمل جنزيرا معدنيا .. عقد المعدت حول كفه فاردا ظهره بثقه متجها نحو حمزة بنظرات شرانيه، فشرع ان يضربه بما في يده ولكن حمزه تفادى ضربته ببراعه عسكريه حتى قبض على الجنزير جاذبا الرجل إليه بقوة وهو ينطحه برأسه فاصابه بدوار مفاجئ .. ركض حمزه نحو سيارته كى يخرج سلاحه سريعا ضاربه عدة طلقات بالهواء ولكن اذن برجل خامس يأتى من الخلف ليضربه فوق رأسه ليسقطه ارضا فاقدا لوعيه في الحال .

فركض الشخص نحو رفاقه كى يعاونهم على النهوض، ليركبوا جميعا السيارة التى احضرها هاربين في التو ..

" في قصر حمزه الخياط"

يقف امام شرفه غرفته يسير على العجلة الرياضيه بخفة وقوة ويستمع الى ام كلثوم وهى تغنى ( سيرة الحب ) فاقتحمت وعد غرفته حامله بيده كوب من عصير البرتقال لتقول بمزاح وهى تخفض صوت الاغانى

- ياسيدى ياسيدى على الروقان .. انت عايش ومبسوط هنا وانا قاعده تحت احل في خناقات ابنك ومراته ..
اوقف حمزه عجلته الرياضيه وهو يمسح وجهه بالمنشفة مردفا
- اكبر غلط بتعمليه انك تتدخلى ما بينهم .. انت مابتسمعيش الكلام ليه يا وعد ..

وضعت كوب العصير جنبا لتقترب منه وهى ترمقه بنظرات مستنكرة
- ابنى ياحمزه ! وكمان بنت اختك مفتريه قوى على الواد ...

نزل حمزه من فوق عجلته ليقترب منها ويضع ذراعه على كتفيها ويقبل كفها بحب ليقول
- شوفى انا بقولك اي وانت بتقولى ايه .. ياوعد ماينفعش والله ..لازم يتعلموا هما الاتنين ازاى يواجهوا مشاكلهم لوحدهم .. والا طول الوقت هيخافوا ولازم يدوروا على طرف تالت يحبها..

زفرت وعد باختناق وهى تقف امامه مردده بتساؤل
- ياحمزه .. عاصم صعبان عليا مش عارف يفرح، الهام طول الوقت حاطه مناخره بمناخيرها مش مقتنعة ان ليها واجبات لازم تقوم بيها .. هو لو نجح في شغله .. هى كمان عاوزه تبقي زيه ..

- طيب وانت اي مزعلك !

ضربت الارض بساقيها بنفاذ صبر
- ياحمزه .. عشق بنتنا حامل وعلى ولاده .. وشوف عاصم والهام طول الوقت خناق .. وهى طول النهار في المستشفي وهو طول الليل في المستشفي .. تقريبا مش بيشوفوا بعض .. انا تعبت .. نفسي افرح بولاد ابننا وهما عيال طايشين ومش مستوعبين المسئوليه اللى هما فيها ...

قهقهه حمزة بصوت منخفض .. فمسك ذقنها ليرفع عيناها إليه قائلا بحب
- كلامك كله صح يا ام عاصم .. بس هرجع واقولك الولاد لسه صغيرين .. سيبي الدنيا تعلمهم ..

- انت هتفضل طول عمرك كده ولا تحل ولا تربط .. !

ثم التفت كى تحضر له كأس العصير، فاردف حمزه قائلا
- كل واحد زيته يقليه ياوعد ... مااحنا مش هنروح نقولهم يلا حبوا في بعض عشان احنا عاوزين عيل نفرح بيه، هما لو خلفوا في ظروفهم دى ابنهم اللي هيتعب ..

اعطته وعد كأس العصير قائله
- الهام مش عاوزه تفهم ان تربيه عاصم وفكره غيرها خااالص وعاصم مش عاوز يفهم ان إلهام لسه صغيره ومش حمل مسئوليه ...

قضب حمزه حاجبيه مردفا
- وانت مش عاوزه تفهمى ليه انك وحشتينى اكتر من اي حاجه قي الدنيا وليك اسبوع مشغوله بالولاد ومشاكلهم عنى ..

تبدلت ملامحها المقتطبه لوجهه مبتهج لتقول بدلال
- يوووه .. انت رايق اوى .. ياعم هناخد زماننا وزمن غيرنا ..

حاوط خصرها وجذابها بحنان ليجلسها على فخذه قائلا
- طول مااحنا سوا يبقي الزمن زمننا وبس .. ولو سمحتى بقى ياست وعد عاوز اشبع من مراتى حبيبتى شويه من غير عكننه .. ينفع ؟!

داعبت صدره باناملها مردفه بدلال
- ينفع ياباشا .. وعلى فكرة انت كمان وحشتنى اوى ..

ضحك بصوت عالى وهو يحضنها بحب .. فعانقته هى بحرارة لتهمس في اذانه قائله
- عارف ياحمزه كل حاجه فينا كبرت إلا حبنا زي مايكون اتولد لسه امبارح ..

- ويمكن دى الحاجه الوحيده اللى مخليه روحنا لسه شباب لحد دلوقتى ...

استندت بذقنها على كتفه لتهمس قائله بحنو
- حمزه ... وعد مفتقداك اوى .. معاك حق انى كنت مشغوله عنك اوى الفترة اللي فاتت .. بس انت بيتى وسريري ووطنى اللى بيحتوينى مهما غبت عنه ..

مرر كفه على ظهرها هامسا بحب
- وطول عمري هبقالك كده لاخر يوم في عمري ..

ابتعدت عنه قليلا لتنظر في عينيه قائله
- متقولش كده .. ربنا يجعل يومى قبل يومك ...

- هنرجع نتخانق تانى ونقضيها كلام في كلام لحد ماهوب نلاقي البت عشق طبت علينا .. ننجز والنبي ياوعد عشان مش كل مرة افصل فصلة الغساله اما الكهربا تقطع عنها ...

اطلقت ضحكة قويه وهى تتراجع براسها للخلف وسرعان ما التهم شفتيها بحب وهو يقربها منه اكثر فاكثر ليرتوى منها ويذيبها بين ذراعيه، انسجم الاثنين في اغوار بعضهما للثوانى تناسوا بها العالم .

فجاة اقتحمت عشق غرفتهم بدون استئذان قائله
- يابابا الحقنى ... بتصل بحمزه من الصبح مش بيرد عليا ..

ابعدت الاثنين سريعا عن بعضهما حتى وثبت وعد قائما لتقول - خير ياعشق .. حصل اييه ..

شرعت عشق ان تتحدث ولكن قطعها حمزه الخياط والدها مردفا
- يابت انت مش هتتعلمى امتى تخبطى علي الباب .. ولا انت جوزك علمك هجمه المباحث دى ..

تبسمت عشق رغم عنها مردفة بنبرة طفوليه
- شوف بنتك من كام سنه ولسه جاي تستغرب دلوقتى يعني ! منا طول عمري بدخل عليك من غير مااخبط.. وبعدين حضرتك اللى علمتنا الحب وقولتلنا منكسفش منه ولا نخبيه مهما كان .. جاى ترجع في كلامك دلوقت يعنى !

- شوف البت بتغلبنى في الكلام ازاي !

وعد باهتمام: المهم ياعشق .. حمزه جوزك ماله !

التفت الي امها سريعا
- ياماما كلمته ف المكتب مش بيرد وكمان تليفونه مش بيرد وانا هتجنن عليه ...

وعد بخوف: الحق ياحمزه اتصرف ..

قطب حمزه ملامحه قائلا
- انتوا بتخترعوا اوهام والمفروض حمزه يلحق وبتصرف ... بت انت روحى كده امشي وجوزك كلها ساعه ويكلمك متقلقيناش على الفاضي ..

اوشكت عينيها على البكاء قائله
- لا يابابا والله قلبى واجعنى اوى وحاسه ان حمزه حصله حاااجه ..

وعد بقلق: لو في ايدك حاجه اعملها ياحمزه متسبناااش قلقانين كده ...

 

" الو حضرتك الاستاذ ادهم "
تقف ماجده تحت شجرة ماا لتهمس جملته الاخيرة في الهاتف، فاردف ادهم الذي يقود سيارته بسرعه فائقه
- ايوة مييين !

تنحنحت ماجده بخفوت لتقول
- كنت عاوزه حضرتك في مصلحه ..

اجاب ادهم متأفف
- هتنطقى انت مين ولا هقفل في وشك ؟!

- انا ماجده مراة سليم الهواري ... واظن ان مصلحتنا واحده ..!

فرمل ادهم سيارته فاصدرت صوتا عاليا
- مييييييين ؟!

- من غير اسئله كتيرة .. هنتقابل فين ؟!

ادهم باهتمام: انت فين ..
- انا في ( __ ) ومش قدامى غير ساعه لو هتقدر تيجى تمام لكن لو اتاخرت سورى مش هتلاقينى ...

ادهم بحماس
- لالا خليكى مطرحككك وانا جااااى ..

- انت قولتيلى انك بتكتبي .. بس ماقولتليش انك بتكتبي حلو اوى كده ؟!
اردف عماد جملته على اذان نورا التى وضعت ابريق الشاي فوق الطاوله .. فالتفت إليه برجفة جسد قائله
- انت قريت حاجه ؟!

وقف عماد امامها قائلا
- لقيت النوت بتاعتك مفتوحه كلام خطفنى انى اقراه، انا اسف يعنى انى اتعديت خصوصيتك .. بس الغلط على كلام اللى يخطف خطف ..

بدى عليها الارتباك اكثر فاردفت قائله
- لا محصلش حاجه .. مبسوطه انه عجبك ..

تنهد عماد باعجاب مرددا
- حقيقي يابخته الا بتكتبى له ... فاز بجوهره ..

نورا بتلقائيه: هو مين دا ؟!

- الشخص اللى بيألمك حضوره الباهت وغيابه الزاهى ...

طافت عينيها بارتباك محاوله الهروب من اسهم عينيه
- لا عادى انا بكتب اللى بيخطر على بالى مش اكتر .. مش لازم يكون لحد ..

عقد ذراعيه امام صدره قائلا
- اكبر كذبه ممكن يكذبها اي كاتب انه بيكتب لنفسه، مع ان الكلام ييكون زي الرصاصه بتغرز في القلب .. واظن ان مش اي كلام يوصل غير اللى طالع من قلب الوجع ..

التفت نورا هاربه من اتهامته التى تمزق قلبها
- الشاي هيبرد ..

مسك عماد كفه بدون تفكير ليسائلها بفضول
- في حد في حياتك ... من غير كذب .

تأرجحت عينيها التى لمعت بدموع الحب لتومئ رأسها ايجابا وهى تبلل حلقها مردده بخفوت
- اااه .. فى .

ابتعد عنها عماد سريعا محاولا الانشغال بالشاي ليقول بلا اهتمام يمزقه من الداخل ولكنه لم يعلم السبب الحقيقي لكل هذا الالم
- ربنا يسعده ويجمعكم ببعض قريب ..

ظلت تراقب تصرفاته العشوائيه بعيونها الواسعه فرددت بخفوت
- اللهم آمين يارب ...
جملتها كانت اشبه بخنجر طُعن بقلبه .. قرمقها بنظرة خاطفة ففر هاربا من جيوش قلبه التى تركض خلفه كى تزيح الستار عن قلبه ...

" وجد ملهاش اثر ياحيدر .. سوقت عليك النبي طمنى على بتى "
اردفت كوثر جملتها بخوف، ففزع حيدر من مجلسه قائلا
- بتك مش هترتاح غير لما تجيب العار للعتامنه ياكوثر ..

- لالا .. وجد عمرها ما تعمل اكده ياحيدر .. دى تربية سالم ... واهى ورد بنفسها قالت انها في المشتشفى ف مصر ..

- يعنى مصر هى اللي امان قوووى .. البلد خربانه ياكوثر .. وباينلها ايام غبره ...

- والعمل ! تتصرف وتبعت الرجاله يجيبوا بتى .. والا هروح اجيبها انا ..
تحرك امام عينيها بوقار
- تقلقيش انا هعمل أكده لو بتك مارجعتش الليله ...

" قولت ايييييه معايا ولا لا "
اردف ماجده بنظرات شرانيه على اذان ادهم الذي استلذ لحديثها فالتفت قائلا
- طبعا موافق .. وفى النهايه انتِ لسليم .. وانا هاخد وجد ليا وبس ...

اومأت رأسها ايجابا مردفه
- تمام رقمى معاك .. واى جديد بلغنى وانا بردو هعمل كده !

ابتسم ادهم بخبث وهو يتفتنها بنظرات مقززة
- وانت عتعمل كل دا عشان سليم ! مع انك تستاهلى سيد سيده والله .. انت خسارة فيه ..

تراجعت براسها للخلف قائلة بارتباك مخفى
- ياريت كل واحد يلزم حدوده ...
ابتسم ادهم اكثر قائلا
- احنا بقينا في مركب واحده يعنى عاااادى ... ولا ايه

التفت سريعا كى تدلف من سيارته
- لا دا مايمنعش اننا نلزم حدودنا كويس اوى .. بعد اذنك

مسك ادهم كفها بسرعه ليوقف حركتها قائلا
- استنى ... مشربتيش حاجه ... انت عاوزه تقولى علينا بخله ولا اييه ..

القت نظرة على كفها المحاوط بكفه فازداد ارتباكها
- لو سمحت .. متبحبش الاسلوب دا

اردفت اخر كلماتها مغادرة السيارة بخطى يتسارع مع ضربات قلبها المرتعدة بجوفها، مردده بنبرة عتاب
- يخربيتك يااماجده انت ايه اللي بتهببيه دااا ؟!

" مش عارفه اتلم عليك في البيت .. لقيت نفسي بقول للسواق يجيبنى عندك "

فتحت يسر باب المكتب لدى محمد الجالس المنغمس في الاطلاع على الاوراق امامه .. فكانت جملتها الاخيره بنبره متلهفه .. ترك محمد مابيده نازعا نظارته الطبيه قائلا بحده
- انت ازاى تيجى لحد هنا !

استدارت لتقفل الباب خلفها ثم تحركت بالقرب منه
- ومش همشي من هنا غير لما نتكلم يامحمد ..

تافف محمد بضيق قائلا
- روحى امشي انا مش فاضي ..

قربت منه وعانقته بدلال
- تؤؤؤ فاضي .. انت مش بتعمل اي حاجه غير انك بتقلب في الاوراق ...

انزل محمد ذراعيها بضيق محاولا الهروب منها
- يايسر قولتلك ماينفعش ..

اجابته معانده
- لا ينفع ... هو اللي ماينفعش بجد المعامله دى ... محمد انت وحشتنى ..

- طيب متشكر ... حاجه تانى ..

عقدت حاجبيها بحركه طفوليه
- ياباي منك .. دمك سم ... بص قدامك حل من الاتنين ياما تصالحنى دلوقت حالا .. ياما قاعده هنا ومش هتحرك لحد ماتصلحنى بردو ...

انتقل محمد الى غرفة الفحص فلحقته بعناد طفله وهى تقول
- بطل تعاندنى يادكتور .. انا بقولك اهو ..

زفر محمد بضيق ثم استدار كى يجذبها من ذراعها ويعود بعا الي غرفة مكتبه .. فاتبعت خطاه الواسع ركضا قائله بدلال
- الله ... ما براحه عليا ...

اغلق محمد باب الغرفه ثم نهرها بصوت مختنق
- يسر عدى يووومك وامشي ..

هزت رأسها نفيا وهى تدنو منه اكثر وشرعت العبث بزيه قائله بميوعه
- سامحنى انا امشي ..

محمد معاندا
- قولت لا ... ومش عاوز كلام تانى ..

تنحنحت بخفوت ثم وقفت على طراطيف اصابعها وهى تلتصق به لتطبع قبله خفيفه على شفتيه كانت كافيه ان تفجر كل مشاعر الحب بداخله .. فابتعدت عنه سريعا مردفه باستغراب
- انت من امتى كنت بالقسوة دى ..

تنحنح محمد كي يفيق من سكر شفتيها قائلا بحده مصطنعه
- من اليوم اللى قررتى تقسي فيه عليا يايسر ..

- يووووه منا قولتلك اسفه وانت مش راضي تسمعنى ..

- وانا للمرة الالف اقولك الاعتذار اللي مش هيقدم ولا يأخر بلاش منه ..

ضربت الارض بساقيه مردفه بنفاذ صبر
- طيب انت لما كنت تزعل منى كنت بتعاقبنى بطريقتك بس عمرك مابعدت عنى اشمعنا المرة دى بتموتنى بغيابك !

- عشان المرة دى ...
وضعت اناملها على شفتيه قائله
- عرفت انى غلطت .. بس بنتك وغلطت تستاهل منك القسوة دى ... مش عاوزه ارجع الجامعه وانت زعلان منى ..

تأفف بضيق
- يسرررررر ..

تبسمت بتلقائيه
- قلب يسر وجعها في بعدك ... ماتحن بقي ياااابااااااى برج تور تور يعنى ...

محمد بحده: روحى يلا ...
- تؤ لما تقول لى انك سامحت ...
- خلاص امشي ...
- سامحت !
شرع ان يجيبها ولكن اقتحمت الممرضه مكتبه فجاة
" دكتور محمد الحق ... لقيوا واحد مضروب على الطريق
الزراعى وحالته خطره قوووى "
أؤمن بالإشارات التي تأتي بلا سبب، حدسك الذي يجبرك على المُغادرة، احساسك بأنك لست في المكان المُلائم، ثِقل كاهلك وصعوبة شرحك، كل تِلك أنا أؤمن بها .. فعليك ان تتحرر من قيودك امامى انا الشخص الوحيد الذي خلق لأدويك من سقام الحياة .. انا بجانبك فلا تخف ياعزيزي سأتقبلك على اي حال فقط لاننى احببتك بصدق وقلب المُحب مدينة سلام.

" في المساء "

صفت سيارة سليم علي مدخل احدى مراكز محافظة قنا، فارتفع صوت وجد فجاة مردفه
- سلييييم .. بس اقف هنا ..

ركن سليم سيارته جنبا ثم التفت إليها قائلا
- في اي ياوجد .. !

فركت كفيها بارتباك مردفه
- في اننا ماينفعش نواجه ياسليم دلوقت .. احنا ضعاف اوى ..

هز رأسه بعدم تصديق قائلا
- ااايه .. مش فاهم عاوزه توصلى لأيه ياوجد ..

بللت حلقها الجاف ثم مسكت كفه بحنان قائله
- سليم .. لازم نفكر بالعقل كده .

تأفف سليم قائلا
- واى عقل اللي يمنعى عنك .. وجد انتِ قلبك ما التهبش من عذاب البعد ...
تنهدت بمرارة وهى تحتضن كفه اكثر مردفه
- فات الكتيير مابقاش غير القليل ياسليم .. اسمعنى للاخر بس ... احنا حاليا ملناش غير بعض ومش عاوزين غير بعض بس الدنيا كلها مش عاوزانا سوا ... ومنهم عيلتك اللي هتقف ضدك لو عرفوا اللي عملنااه .. الحل اننا نفكر ازاي نهد الحواجز اللي مانعانا عن بعض ..
رمقها بنظرة اهتمام ثم اكملت وجد حديثه مردده.

- يعنى .. ادهم وعمى واقفلنا زى اللقمه في الزور .. يبقي لازم نحط ايدينا في ايدين بعض عشان نسلمهم للعداله ياسليم .. ودى حاجه مش سهله عليا بس بلدنا اهم طبعا عشان هى اللي هتبقي واحنا اللي ماشيين ... وعن ماجدة ياسيدى بكرة تلاقي اللي يحبها، ويعوضها خير وانت واثقه انها طيبه .. واهلك لما يعرفوا انى عملت المستحيل عشان اظهر الحق فأكيد مش هيقفوا في طريقنا .. وساعتها هنعيش مرتاحين ..

اتكىء سليم على مقعده واضعا كفه على مقود السيارة قائلا بضيق
- انتى ليه مش عاوزه تسيبى الملك للمالك .. كل واحد هيتحاسب في محكمه السما، له عاوزه تعدليها انت ياوجد !

- عشان لما اتكافئ تبقى انت جايزتى ياسليم، انام في حضنك وانا حاسه انك كل انتصاراتى اللي كانت تستاهل احارب عشانها، من حق ولادنا يطلعوا في عالم كله أمان وحب .. نتعب دلوقت عشان نرتاح كلنا بعدين ...

- افهم من كلامك هتكملى في شغلك مع ادهم ..

- مضطرة ياسليم ... غصب عنى لازم اكشفهم واعرف اخرتهم ايه، مقداميش حل غير كده .. وانت طبعا هتكون جمبي وحمايتى مش كده ..

اجابها بنبرة غاضبه منفعله
- منا مش هروح ارميكى في النار يااوجد ! بصي انسي .. هاخدك من يدك قصاد البلد كلها واقولهم انك مرتى واللي يقرب منك هسيح دمه ..

- يااااسلااام ! انت دماغك دى مافهاش غير البلطجه ! ماتعرفش ترجها دقيقه واحده بس قبل ماتتكلم ! كنت انت بتخسر وبتخسرنا حبنا ياسليم، هبقي قدام الناس عينى مكسورة هيقولوا هى دى اللي هربت مع عشيقها وجابت العار لناسها .. الناس مابتقدرش الحب والعشق ياسليم، قدرنا نكون في زمان ناكر لوجود القلب ..

- بطلى نشفان راس ياوجد ... انا مش هطاوعك في الهبل دا ؟! وبعدين هتقولى اي لربنا ؟!

- لازم نضحى وربنا اكيد شاهد وعارفه اننا مش قدامنا حل تانى، انت مش قولتلى تعرف ظابط في القسم روحله واتكلم معاه وخليه يكون معانا خطوة بخطوة، وانا لو حسيت بذرة خطر هاجى اترمى في حضنك لانى ماليش غيره ... فكها بقا وسيبها على ربنا ..

فكر سليم لوهلة ثم اردف قائلا
- تمام ياوجد .. انا هكلم النقيب حمزه، واشوف رايه الاول، وانت كمان افتحى صندوق التابلوه هتلاقي محمول بخط خديع عشان تكونى على اتصال معايا دقيقه بدقيقه.

ابتسمت بحب ثم رفعت كفها نحو ثغرها لتطبع عليه قبله حارة هاتفه
- مش بحبك من قليل على فكرة ..

لف ذراعه حول عنقها كى يجذبها إلى صدره طابعا قبله خفيفه على رأسها، قائلا
- ربنا مايحرمنى منك ابدا ياوجد ..

- ولا منك ياروح وجد ..

ثم ابتعدت عنه بحماس قائله
- انا لازم انزل دلوقت عشان اروح المستشفى اظبط الدنيا وبعدها هروح على البيت وربنا يسترها ويعديها سليمه ..

- طب استنى اوصلك ..

نظرت له بعيون ضيقه مردفه
- ماشافهومش وهما بيهربوا ياولد الهواري !

ضحك سليم بخفوت ثم اردف
- هشوفك امتى !

قفلت وجد باب السيارة مره اخرى ثم استدارت نحوه قائله بنيرة تحذيرية
- سليم ياهواري مش عاوزه طيش عيال ! اتقل كده لحد مانرسي كلنا على بره ..

- بتهزري ياوجد ...! هتمنعى راجل من مرته ... اي الجبروت دا !

- سليمممممممم .. اتلم فاهم .

اردف سليم بثقه
- موعدكيش، في الحرام كنت خاربها عاوزانى في الحلال اتلم ! عقلك راح فين ياضكتوررررة !

- قلبى معاك ياباشا .. ويلا بقي امشي وانا هنزل اخد تاكس وعلى اتصال ..
- طيب همشي وراكى لحد ماطنن انك وصلتى ..

زفرت بضيق
- سليم ! متخرجنيش عن اعصابى ؟

- اومال انت تخرجينى واسكت ! يلا انزلى ومتحاوليش منا مش هسيبك دلوق لوحدك ..

- العشا يادوب مأذنه متقلقش ..
- تؤ الحلو دا حتى ولو مشي في عز الضهر هقلق عليه بردو ..

ابتسمت بحب ثم استدارت لتهبط من السيارة ولكنها اراجعت فجاة مردده
- عارف ياسليم لو الشيطان غاواك وفكرت تسلم بس على ماجده .. ممكن اعمل فيك ايه !

تنحنح سليم بثقه وهو ينصب عوده بفخر قائلا
- وايه يعنى ... عدل ربنا ياوجد ولا نسيتى !

رفعت حاجبها باستنكار
- هقتلك ياسليم ..
غمز لها بطرف عينه قائلا
- هتقتلنى قبل مااقتلك حب ! اي الافتري دا ؟!

- لا ياخويا قتلنى انا غيييير، انا حذرتك ..

ابتسم بمكر ثم قبل كفها بعفويه قائلا بثقه
- هو مش ست الضكتوره طلعت ناصحه وحرمتنى منها ! ومش قالت بردو ماينفعش اتلهف لحاجه مدوقتهاش ! وانت رفضتى تدينى حتى حتة شكولاته .. خايفه من ايه عاااد ! ماانت صايعه وامنتى حبك بذكاء !

ارتعد جسدها خجلا من مغزي كلماته فاستدارات بجسدها سريعا هاربه منه مردده
- والله ماشوفت ٥ دقايق على بعضهم تربيه !

ثم جذبها سريعا مرة اخري قائلا
- متخليش دمك حامى .. اصبري بس ..وانت لسه شوفتى حاجه !

- سيبنى ياسليم .. الله ..
ادخل سليم كفه بداخله سترته ثم هتف قائلا وهو يعطيها ورقه مطبقه
- قسيمتك ياوجد ..

بللت حلقها بفرحه لتردف
- انت لحقت تجيبها !

- دانا ماكد على المأذون مايشتغلش غير عليها وجابها الصبح لادارة الفندق ..

ثم اخذتها من يده قائله
- عقبال ما العالم كله يشهد عليها ياحبيبي

 

" انت لسه هنا ؟! "
اردفت صفوة جملتها وهى تهبط من فوق درجات السلم مردته بنطلون جينز ابيض وفوقه بلوزه قصيره باللون الرمادى، فرفع مجدى انظاره باعجاب نحوها مردفا بلا اهتمام مصطنع
- في كلام تانى نسيتى تقوليه ؟!

تنحنحت بخفوت ثم اكملت السير نحوه مردده
- هتطلقنى امتى !

ترك ما بيده من اوراق رافعا انظاره لها
- قولت انسي الهبل دا ..

جلست بجواره قائله بنفاذ صبر
- انت ليه مش متخيل انى بكره صنف الرجاله ! وانى مش طايقه نفسك معايا في بيت واحد !

- وانا اي علاقتى بكل دا !

شرعت ان تحدف قذائف سُمها ولكنها تراجعت في اخر لحظه مغيره مجري حديثها مع ابتسامه مزيفه
- يعنى انت شايف انك ملكش اي علاقه بالكلام اللى قولته ؟!

- انا جوزك يامدام لو كنتى نسيتى !

- وانا فعلا ناسيه ومش عاوزه افتكر ... مجدى حافظ على ذرة الاحترام والقرابه مابينا وننهى العلاقة دى .. انا مش طيقاك ياخى ..

التزم مجدى صمته معاودا النظر باوراق شغله مما اشعل النيرام بجوفها اكثر مع دمعه منسكبه من طرف عينيها قائله بعد عدة دقائق
- مجددددددى !

اصدر صوت ايماءة خافته
- مممممممم !

فركت كفيها اكثر مردده بخفوت
- انا اسفه ..

اتسعت عيني مجدى مندهشا رافعا احد حاجبيه محاولا استيعاب جملتها الاخيره مكذبا اذانها، الي انها كررت جملتها مبرره
- ااه انا اسفه على كل كلمة قولتها، وكمان على اللي حصل منى الصبح انا كنت متعصبه وانت كمان زودتهم بكلامك اللى زي السم، محستش بنفسي .. وحقيقي ندمانه على كل كلمة قولتها !

صمت مجدى لبرهه بعدما استمع لحديثها باهتمام وباستعجاب رهيب، فاعتدل اكثر في جلسته قائلا
- صفوة هو انتِ ممكن تفتحيلى قلبك، مش عاوزك تفهمى غلط، من باب اننا ولاد عم ومنعرفش اي حاجه عن بعض ...

ظلت ترمقه بعيون متأرجحه طويلا، حتى يأس من الحصول على جواب منها، ثم قامت فجاة من امامه قائله بحزم
- انا هروح انااام .. تصبح على خير ..

فهم ارتباكها وهروبها من سؤاله الذي يبدو عليه حاملا جيوش من الالم يطاردها في كل مكان، فاومئ اليها ايجابا مردفا
- وقت ماتحبى تتكلمى انا موجود وهسمعك ...

" في مستشفى الهواري "
- والنبي يادكتور طمنى ... طمنى حمزه حمزه جوووزى عامل اييييه جوه ..

اردفت (عشق) جملتها وهى تركض بسرعه نحو محمد الخارج من غرفة الكشف، فابتسم محمد بامتنان
- متقلقيش حضرتك .. حضرة الظابط بخير وشويه كده وهيفوق ..

بللت ( عشق) حلقها قائله ببكاء
- لا قلبي مش مطمن، انا عاوزه اشووفه دلوقتى .. ماليش فيه ..

تدخلت وعد مردفة بهدوء
- ياحبيبتى الدكتور طمنك اهو انه بخير اهدى بقي ..

تبسم محمد ابتسامه خفيفه قائلا
- تقدروا تدخلوا تتطمنوا عليه .. مجرد جرح في دماغه بسيط وهيروح ..

حمزه الخياط اردف بشموخ
- هو حصله ايه ياضكتور ؟!

- احم والله اجابه السؤال دا عند سيادة النقيب لما يصحى هنعرف منه ... هستأذن انا وانتوا تقدروا تتدخلوا تطمنوا عليه ..

حمزه ربت علي كتفه
- ربنا يخليك ياولدى ...

وقفت عشق امام محمد لتعيق طريقه
- يعنى هو اكيد كويس ولا حضرتك بتقول كده عشان تطمننا وبس ..

كتم محمد ضحكته وهو ينظر لوالدها قائلا
- باين انها بتحبه اوى .. والله سيادة النقيب صحته زى الفل .. وهتشوفى دا بنفسك ... بعد اذنكم

تراجعت عشق خطوة للخلف لتقف بجوار امها فاردف حمزه
- اتفضل ياولدى ...

" والله لسه بدى ياسليم باشا "

اردف راجح الهواري جملته معاتبا وهو يستند على عكازه ليقف امام سليم الذي تراجع خطوة للخلف مردفا باحترام
- معلش ياهواري .. الظروف حكمت بااكده ...

- ظروف ايه ياسليم اللى تخليك غايب عن البيت تلات ليالى ! كنت فين !

ركضت ماجده بسرعه نحوها لترتمى بين حضنه مهلله
- سلييييم .. كنت هموت من القلق والخوف عليك .. كنت فين ..

شعر بحضنه اصبح مثلجا بقربها، لوح ثلج لم يذوب لم يدفء لم يستشعر بقلبها نبضة حب، فقط جفاف اصاب حلقه، فتنحنح بخفوت وابعدها عن طريقه بهدوء مما لفت انتباه راجح .. فردد سليم قائلا
- انا قدامكم اهو .. وخلص الكلام مش تحقيق هو ..

- كنت في اسكندريه عتعمل ايييه ياسليم !
اردف الجد جملته بحزم شديد مما جعل سليم ينظر له بعيون متسعه قائلا
- اسكندريه !

اقترب راجح منه بثبات قائلا
- ماانت لما تضيق عليك ياما عتروح علي مصر يااسكندريه، طلتك منورة كيف طله البحر يبقي اكيد كنت هناك !

تنحنح سلسم بخفوت كى يخفى معالم الارتباك التى ارتسمت على وجهه
- ااه ياجدى كنت فى اسكندريه عغير جووو ..

ماجده بصدمه: اسكندريه !

اردف راجح
- طيب الاصول عتقول كنت خدت مرتك معاك .. مش اكده ياولد الهواري ..

- احم ... مانت عارف سليم لما يحب يغير جو بيبعد عن الكل ..

صمت تام ساد لبرهه ثم اردف راجح قائلا بمكر
- خدى جوزك واطلعى ياماجده، تلاقيه تعبان من السفر .. وخلى بالك عليه يابتى العقارب عتحوم وراه ..

تبادلوا الانظار لبرهه ثم اقتحمت عفاف مجلسهم لتحتضن ابنها بلهفه
- قلب امك ياولدى .. كده ياسليم تضرع قلبي عليك ياحبيبي ..

ربت على ظهرها بحنان قائلا
- مانا زي القرد قدامك اهو ياعفاف، انت اللي قلبك خفيف ..

- كنت فين ياسليم ! وكيف تختفى اكده من غير حس ولا خبر ..

اردف راجح بحده قائلا
- خبر ايه اومال ياعفاف هو ولدك عيل صغير .. يلا ياماجده خدى جوووزك يابتى تلاقيه متوحش حضن مرته ..

التفت بعيون متسعه نحو جدها قائله بارتباك
- حاضر يا جدى .. اللي تامر بيه ... مش يلا ياسليم !

قبل سليم جبهة امه بحنان قائلا بضيق مكبوت
- تصبحى علي خير ياعفاف ...

ركضت ماجده نحوه كى تتشبث بذراعه قائله بدلال
- اول مرة اعرف اني بحبك اوي كده .. سليم انت وحشتنى بجد ..

سحب سليم ذراعه بخفه دون ان يجيبها واسرع خُطاه كى يهرب من حصارها اللعين فتركها واقفه مكانها ترمق ظهره بنظرات تلتهمه شرا مردفه بتوعد
- مسيرك مش هتكون غير ليا ياسليييييم ..

ثم ابتعدت عن مكانها لتختبئ في مكانٍ بعيدا عن الانظار مهاتفه ادهم الذي رد على اتصالها مهللا
- بت حلال .. لسه كنت هكلمك .

ارتعشت شفتيها وهى تنطق
- سليم رجع ..

قهقهه ادهم بخبث مردفا
- شووف الصدف يارب ووجد كمان رجعت وحاليا في المستشفى ..

شهقت ماجده بصدمه مردده بثقه
- يبقي اكيد كانوا سووا ..

ضحك ادهم بسخريه
- اغبيه ... وهو دا نفسه اللى اتاكدت منه ..

- طيب وانت ناوى تعمل ايه !

- هو مش الجميل عاوز يبعد وجد عن طريق جوزها ! اعتبره حصل ..

- ازاي بقي .. انت وعدتنى انك مش هتمس سليم ..

- طبعااا ! ووعد الحر دين عليه ياست المهندسه .. احنا مصلحتنا واحده ..

- طيب تمام .. الحمد لله انك طمنتى .. انا هقفل واى جديد هبلغك ..

تنحنح ادهم بمكر مردفا
- مع انى ماعحبش شغل التلفونات دا .. بحب الخبر يوصلنى طازه من صاحبه وهو واقف قصادى .. بس معلش همرقها انا عارف الظروف ..

زفرت ماجده باختناق ثم قفلت هاتتفها دون ان تجيبه مردده لنفسها
- ماله دا !

بينما ادهم اكتفى بنفس طويل من سيجارته ضاحكه وهو يقول
- والله القطه جات المصيده برجليها ولازمًا تتدبح على يدك ياولد العتامنه والا تبقي عيبه في حقك تضيع فرسه زى دى منك ..

" ها يابطل صحتك اخبارها اي دلوقت !"
اردف محمد جملته على اذان حمزه النائم فوق الفراش ويحتضن عشق الجالسه بجواره من خصرها قائلا
- عال عال يادكتور .. الحمد لله ..

اقترب منه محمد قائلا
- انا بلغتهم في الاسم وهيجى ظابط ياخد اقوالك ..

حمزه بلا اهتمام: مجرد حادث بس على الطريق الزراعى يادكتور مش مستاهله يعنى ..

- حادثه ازاي ياسيادة النقيب، انت مضروب يادماغك ..

شهقت وعد وابنتها بخوف لجملة محمد مما جعل حمزه يشير له بعينيه قائلا
- خبر اي يادكتور ! ماقولنا حااااادثه ..
ابتسم محمد لانه فهم مغزى حديثه قائلا
- المهم انك بخير وتقدر تخرج النهارده بس على الاقل ترتاح يومين في البيت ..

رفع حمزه الخياط راسه قائلا
- متشكرين يادكتور تعبناااك ..

- احنا تحت امرك .. وحمد لله على سلامة الباشا مرة تانيه ..

تحرك محمد ثم لحقه حمزه الخياط كى يتحدث معه، فنادى عليه بعدما خرج من الغرفه
- فهمنى ياولدى حصل ايه ..

استدار محمد نحوه
- الظاهر ان الباشا له اعداء كتير، وهو مش عاوز يقلقكم ..

زفر حمزه الخياط بضيق قائلا
- مظنش انه حمزه له مندفع للدرجه انه يكون له عداوة مع حد طول عمره شغله بالقانون ..

ابتسم محمد قائلا
- يمكن سيادة النقيب عنده رد تانى !

صفعه قوية سقط على وجنة وجد من امها التى انهالت عليها بالسب والقذف
- عاوزه تفضحينا وتخلي سيرتنا على كل لسان يابت سالم ! تسافري فجاة لحالك وانت فرحك باقى عليه ساعات .. عاوزة تجيبي لنا العار !

انخرطت دموعها بغزارة مردده
- منا قولتلك انى روحت شغل، وغصب عنى يرضيكى اضيع مستقبلى عشان جوازه مجبورة عليها !

تدخلت ورد في الحوار سريعا لتقترب من اختها بشكل ملاسقه متصنعه انها تربت على ظهرها ثم قالت
- مالكيش حق ياااما والله .. اومال لو مكنتش قايلالك الحقيقه

تنهدت كوثر بصعوبه لتجذب الحقيبه الصغيرة العالق بيد وجد قائلا
- ورينىى ! والله لو كنتوا طابخينها سوا يابنات سالم لادفنكم بالحيا ..

ارتجف جسد وجد خشيت ان تجد امها قسيمة زواجها من سليم اثناء تفتيشها بجنون بداخل حقيبتها، ربتت ورد على كتفها بحنان .. فاردفت كوثر بصوت لاهث
- ورينى .. فين محمول اختك !

قبل ان تنهى جملتها كانت ممسكه بهاتف ورد من جوف حقيبتها .. اتسعت عيون وجد بتلقائيه وضعت كفها في جيبها تتحسس هاتف سليم بداخله، فرمقت ورد بنظرة تساؤل مما ادى الي تدخلها في مجري الحديث سريعا
- اهووو اتاكدتى بنفسك ياما ... عشان قولتلك انك ظالمه وجد .

نظرت وجد لأختها بعدم فهم .. فضغطت على كفها وهى تهمس في اذانها
- فوق هفهمكك ...

خرج يستنشق هواء نقي لشرفه غرفته ففوجئ بوجودها بشرفه غرفتها ايضا، رمقها بنظرة خاطفه ثم مد انظاره للامام دون ان يردف اي كلمه، بعد عدة دقائق ارسل نظرة اخرى نحوها فلم يجدها ولكن وجد صوتا اخر يجذب اذانه ويستدير له جسده من خلفه فردده باستغراب
- صفوة !

هزت كتفيها بلا مبالاة
- انا مش عاوزاك تفهمنى غلط ..

- انت مش عاطياتى فرصة افهمك اصلا !

بللت حلقها وعقدت ذراعيها امام صدرها وهى تقترب من سور الشرفه قائله

《 من ٩ سنين كنت داخله الجامعه جديد وكنت وقتها من اوائل الجمهوريه، فكان ليا شو بقي وشهرة وكل الناس حابه تتعرف عليا، وانا اصلا شخصية انطوائيه ماليش في اى حاجه دايما بحب بعدى عن الناس ماليش علاقات مع حد، دايما مصدرة الوش الخشب زي مابيقوله بقيب منبوذة من اغلب الناس .. في سنة تانيه اتعرفت على المعيد بتاعى، غصب عنى لقيتنى بتشد له، لحد مابقي محور حياتى، كنت ساذجه اوى في علااقتى معاه اول ماقلبي دق له روحت زي الهبله واعترفت، عشت معاه اجمل سنتين في عمره كله، وعدنى انى بعد ما رابعه هنتخطب ونتجوز في ساته، كانت وجوده مهم اوي في حياتى، اي وقت فراغ ليا كنت بقضيه معاه، عرف يملكنى زي مابيقولوا، بعد ما خلصت رابعه اكتشفت انه على علاقه بالبنت الوحيده اللى كانت صحبتى من ايام ثانوى، هى مكانتش معانا في الكليه بس كانت. تسيب كليتها وتيجى تقعد معايا ومكنتش اعرف انها بتيجى عشان تشوفه، لحد ما العلاقه اتطورت مابينهم وعرفت انها حامل، وبعدها باسبوعين سمعت انهم كتبوا كتابهم واتجوزوا، هههه وبعدها بشهر واحد اطلقوا .. ومن وقتها وهو بيطاردنى، كان سبب في انى اكره كل الرجاله، تجيلى عقدة من الزواج .. بسببه شلت قلبى وحطيت مكانه كره وغل ووجع 》

اقترب مجدى منها بحنان مردفا
- انت شايفه انه يتساهل انك تعيشي في حصارة وجعه لحد دلوقتى !

- انا مش شايفه غير وجعه، ودا الشعور اللي بيجبرنى انتقم من اى جنس بنى ادم قدامى ..

مسك مجدى كفها بحنو قائلا
- انت شايفه ان صوابع ايدك زي بعض عشان تحكمى ان الرجاله كلهم واحد !

- كلكم غدارين .. كلكم بتدورا على مصلحتكم واللى يبسطكم وبس ..

- صفوة ... هو انا لو طلبت منك فرصة واحده مستعدة تديهانى ..!

رددت بتساؤل وبصوت خافت
- فرصة !

- ااه حياتنا كلها فرص، ولازم ندي على الاقل فرصة لغيرنا نفهمهم وبعدين نقرر اذا كنا هنكمل ولا لا !

- انت شايف كده ؟!

تنحنح مجدى بثغر متبسم محاولا تلطيف الجو
- بس انت اي الجراءه دى ! جايه اوضة عازب برجليكى ومش خايفه ؟!

التفت بجسدها سريعا كى تغادر غرفته بوجه عابث ولكنه وقف امامها عائقا لطريقها
- طالما وافقتى تدينى فرصة يبقي تستحملينى بهزارى وبتريقتى بكل عيوبى .. على الاقل كصحااب ياستى .. هاا !

تارجحت عيونها بتردد ثم اومأت بخفوت مردده
- فرصة ... !

ابتسم مجدى منتصرا ليردف بتلقائيه
- ااه فررررصة ... !

- سليم جيه تحت على فكرة ..
اردفت نورا جملتها وهى تجلس بجوار عماد المنغنس في قراءة الجريده، فردد دون ان ينظر لها
- طيب تمام ...

صمتت لبرهه
- انا زعلتك ؟!

- لا عادى .. محصلش حاجه ..

- بس من الصبح بتحاول تتجنبنى وردك على اد السؤال .. لو كنت قولت حاجه ضايقتك ممكن تقول لى ..

زفر عماد باختناق
- انت ليه مش عاوزه تفهمى ان علاقتنا مؤقته، واننا اتجبرنا على الوضع دا ! وكلها كام يوم وكل واحد فينا يروح لحاله !

نظرت له بعيون موشكه على البكاء
- انا مش فاهمه حاجه !

القي ما بيده من اوراق ووثب قائما متأهبا للذهاب
- انا ماشي .. دى بقيت عيشة تقررررف !

- محمد انت مش هتنام في بيتنا !
القت جملتها على اذانه وهو يصعد لغرفته بتثاقل .. فاردف قائلا
- حسابك تقل يايسر .. اخفى من قدامى ..

فركت كفيها بتوتر
- يوووه انت بتتحول ليه محمد بلاش المعامله دى !

اكمل السير نحو غرفته بلا اهتمام لنداءها فركضت خلفه بسرعه متشبثه بكتفه
- على فكرة مافيش حد في القصر غيرنا .. ومامتك زمانها نامت ..
ابعد كتفه عنها قائلا
- يسر انسي انى اسامحك .

- بس مش هنسى انك بتحبنى .. واللى بيحب بيسامح يامحمد ...

كور قبضته بنفاذ صبر قائلا
- لما انسي اللى هببتيه هسامح .. انا كل مااشوفك بفتكر عملتك المهببه بتجنن ..

- والله ما هكررها تانى .. يلا نروح بيتنا بقي ...

طبع قبل خفيفه على جبهتها متأففا
- يسر انا في حاله ربنا وحده اللي يعلم بيها، وممكن ازعلك منى باكتر من طريقه غصب عنى، عشان كده اتجنبينى الفترة دى ..

- راضيه منك باى عقاب .. بس اكون جمبك.

- وانا مش عاوزك جمبي غير لما اصفى من ناحيتك .. روحى اوضتك يايسر ..

نظرت لها بعيون باكيه
- يعنى بردو هتكسر بخاطري !
- قولتلك انى بحميكى من غضبى ..
اومأت راسها ايجابا ثم قالت
- تمام اللى تشوفه .. تصبح على خيرر

فاقت من غيبوبة حبها التى كانت غارقه فيها بين ذراعيه متنهده بدلال
- اااه ياحيدر لو تعرف انا عحبك كييف ولا اقدر استغنى عنك واصل ..

زفر دخان سيجارته الذي انعقد حول راسها كالسحابه فاردف قائلا
- انت الحب الاول والاخير ياثريا .. والدليل انى متجوزتش لحد دلوق ..

استندت براسها على صدره قائله بحب
- اااااه وانا وعدتك هعوضك .. وهعوض كل ليله نمتها بعيد عنك ..

قهقهه بمكر
- ماهو انت شكلك مش ناويه توفي بوعدك ياثريا .. وشكل بناتك غرقوا في العسل مع جوازاتهم ..

اعتدلت في جلستها بقلق لتقول
- والله خايفه ياحيدر .. البنات غلابه ويغرقوا في شبر ميه ..

اتكئ حيدر بظهره للخلف وهو يجذبها لحضنه قائلا
- اتكلمى على بناتك ياثريا ... اما بت حيدر عتمان هى اللي هتجيب راس الهوارة الارض، لانها مخلوطه بدمى وانا دمى دم تعابين ...

احتضنته بميوعه مردفه
- والله انا بقول ماخلفت غير بت واحده وهى بتك .. عتعرف كيف تاخد حقها من خشم الاسد ... اما التلاته التانين مدهولين ومفرطين في حقهم ومش عارفين مصلحتهم ماهما عيال ناصر يعنى مش هيجيبوه من بره

- بت حيدر عتمان مش اي حد يضحك عليها وهتشوووفى ..
مايزيدني طمأنينة أن الله يعلم وأنا لا أعلم، يعلم بأن فوضى أيامي ليست فوضى بل مرتبة بشكل دقيق لا أدركه.. يرى الرؤية الغير واضحة لي بشكل واضح جدًا... ان الأمور كلها أمام الله تتجلى بشكلها الحقيقي دون أن يخفى عليه شيء.. أليس الله بقادرٍ عليها!

صباح يوم جديد

خرجت وجد من غرفتها لتري فوضي عجيبه في ساحه قصرهم والهواء يداعب ستائر النوافذ بقوه، فدلفت الى اسفل باحثه بعينيها عن شخص ما، تسير بخطى متثاقل، تتارجح عيناها يمينا ويسارا الى ان صُدمت في طريقها بفايز .. شهقت مفزوعه متراجعه للخلف قائله:

- مش تفتح .. !
عقد حاجبيه قائلا
- تؤ .. صباحو يابت عمى والله البيت من غيرك ملهوش حس، جدى الله يرحمه كان يقول عليكِ نوارة البيت وانت نوراه فعلا .

نظرت له باشمئزاز
- والنبي حل عن طريقي مش فاضيالك ...

وقف امامها كى يعيق طريقها قائلا
- اصبري بس .. انا عاوز اراضيكى واجبر بخاطرك، مانت عارفه ياوجد مش بيدنا، وانا والله ماكنتش عاوز اخدعك، كل اللي في الموضوع كنت عاوز اجر رجلك عشان لما تدوقى حلاوة الشغلانه معانا فعمرك ماهتسبيها ..

زفرت باختناق محاوله رسم بسمه مزيفه
- اللى فات مات ياولد عمى .. قول لى هو ادهم فينه مش باين ليييه !

وضع كفه بداخل سترته ليمررها على صدره بعيون لامعه
- ممممم .. ادهم ! ادهم موجود بره عيفطر مع عمك فُطرة ملوكى .. العروسه مستعجلة على كتب الكتاب يااك !

لاحت له بكفها باشمئزاز لتتركه وتغادر فاردف فايز بصوت جمهوري قوي
- يلا شدوا حيلكم عشان ناوين نعملوها انا وورد قريب ..

رددت من خلف صفى اسنانها المنطبقين بنبرة ساخرة
- عشم ابليس في الجنه ...

وصلت الى حديقه منزلهم الواسعه التى يحاصرها الاشجار العاليه من كل الاتجاهات، فتنهدت بثبات ثم اقتربت من الطاولة التى يجلس عليها ادهم وحيدر مردفه بابتسامه زائفه
- صباح الخير عليكم ..

ادهم رمقها بسخريه
- اهلا .. اهلا بالعروسة اللي طفشت يوم فرحها ..

هزت رأسها نفيا قائله
- مش وقته الكلام دا .. واظن ان مدير المستشفي بنفسه كلم عمك وقاله ان الامر كان بره ايدينا ودى اروح ناس ..

تنحنح حيدر بخفوت ليردف
- خلص الكلام ياادهم .. بت عمك ادرى بمصلحتها ..

وثب ادهم عوده امامها قائلا
- المهم .. هنتجوزوا ميته ياست الحسن والجمال ..؟
تأرجحت عينها وخفق قلبها بجوفها لتردد
- مش وقته .. عاوزك لحالنا ..

ارتشف حيدر من كوب الشاي بيده قائلا
- روح شوف مرتك يا ادهم عاوزه اييه .. من اولها اكده اسرار مابينكم !

حاول ادهم ان يمسك كفها ولكنها ابتعدت عنه سريعا وسبقته في الخطى، فتبع خطاها متوعدا
- صبرك علىّ يابت ساالم ... !

وصلا الاثنين الى مكانٍ بعيدا عن الانظار فاردفت وجد قائله بنبرة ممزوجه مع صوت الهواء القوى
- هنبدا الشغل امتى ؟!

عقد ادهم حاحبيه باستغراب
- شغل ايييه يابت عمى ؟!

- الشغل يااادهم .. متستهبلش ..

ضرب جبهته بكفه مطصنع التذكار
- ااه قصدك البودرة ! اسكتى ياوجد مش انا توبت وبطلت خلاص، وقررت انضف عشان ابدا معاكِ حياة جديدة .. مش انت كنتِ عاوزه اكده ..

عقدت ذراعيها امام صدرها مردفه بسخريه
- والنبي ياادهم متعملهمش علىّ !

هز رأسه نفيا ثم دنى منها اكثر فتراجعت هى للخلف بجسد مرتعد فاردف قائلا وهو يحاول ان يلمس خصيلات شعرها
- وجد .. انا ماعدش ليا في السكة دى ! وكمان لازمن ابقي شخص يليق بيك وامشي عدل عشان استاهلك، واذا كنت غلطت زمان فانا بتغير عشانك اهو ياوجدانتى، بس انت ارضي عنى !

ابتسمت بسخريه وعدم تصديق لتردف عليه جملتها الاخيرة قبل ان تنصرف من امامه
- طيب على العموم فكر ودورها في دماغك .. وافتكر انى موافقه اشتغل معاكم منا من حقى أأمن مستقبل اخواتى بردك .. خد وقتك يا ادهم ... سلام ياولد عمى .

قهقهه ادهم ساخرا
- كان على عينى ياعروسه .. بس خلاص بطلنا والحمد لله ...

 

- قول اللي جواك ياسعت النقيب .. مرتك مع امها بره .
اردف حمزه الخياط جملته بوقار وهو يزيح ستار النافذة .. فاعتدل النقيب حمزه من مرقده مردفا بكلل
- والله ياحمايا بتفهمنى من غير مااتكلم .

جلس حمزه بجواره قائلا بثقه
- دانا اللي مربيك .. مين عمل فيك اكده ياباشا ..

تنحنح النقيب حمزه قائلا
- بص انا شاكك ان حركه زي دى ماتطلعش غير من العتامنه ..

التفت اليه الخياط بصدمه مردفا
- العتامنه ! وانت مالك بيهم ياحمزه دول عيلة واعرة وكلها لبش .
اندفع حمزه منفعلا مرددا
- واعرين على روحهم ياخياط .. دول وقعوا في طريق اللي مايرحمش ..

- طب وطى حسك احسن مرتك تسمعك وتخلينى اتصرف وانقلك من قنا دلوق ..

قهقهه حمزه بصوت مسموع
- انت بتقول فيها .. دي بتك وانت اللي عارفها اكتر منى .. المهم اللي حصل دا انا مش هعيديه بسهولة .

الخياط بشموخ: اهدي بس وفهمنى اي سر العداوه بينك وبينهم !
تنحنح حمزه باحراج مردفا
- انا عارف انك هتغلطنى .. بس افهم الموضوع الاول وبعدين احكم .
- خيررر ياولد اختى ... قوووول .

"سليم هو مش كفايه نوم !"
اردفت ماجده جملتها وهى تتمايل بجسدها فوقه لتوقظه من النوم .. فاعتدل سليم مرددا
- خير ياماجده في ايه !

فرك كفيها بارتباك
- كفاياك نوم وقوم اقعد معايا شويه .. ليك كتير غايب ياسليم .

رمقها بنظرات ساخره مردفا
- ماجده هو احنا مش اتفقنا !

هزت راسها بالنفي لتقول بعناد طفولى
- لا متفقناش وانا رجعت في كلامى ياسليم وانا مرتك قدام ربنا وبحبك ورايداك ياولد عمى ولو سبتك هابقي غبيه ..

زاح الغطى متاففا هاتفا بصوت مختنق
- لا دا كان حديت عيال اياااك ! ماهو مش بكيفك ياماجده .

اتبعت خُطاه وهو تردد
- ماهو مش بكيفى ياسليم دا امر قلبي ..
جز علي اسنانه بنفاذ صبر ثم وقف كى يستدير لها بجسده قائلا بغضب مكبوت
- وقلبك هيكون راضي انه يفرض نفسه عليا ياماجده !

- قلبي راضي باى حاجه الا انك تبعد عنه ,, سليم عاوزه منك فرصه واوعدك لو مقدرتش هسيبك بعدها .. ومش هتشوف وشي تانى ..

 

استعدت لبدء يومها الدراسي الجديده مرتديه زيها العادى، ثم وقفت امام المرآه كى ترفع شعرها على هيئة ذيل حصان مردده بيأس
- هتفضل زعلان منى كتير كده يامحمد ! ياربي انا تعبت !

ثم استدارت بجسدها كى تتناول حقيبتها، ثم تذكرت انها لم ترتدى حذائها بعد فعادت سريعا لترتديه ناظرة في الساعه وجدتها السابعه والنصف
- ياربي انا اتاخرت خاالص ..

ركضت سريعا لتخرج من غرفتها ولكنها هدأت من خطاها امام باب غرفة محمد، فالقت نظرة خاطفه على ساعه الهاتف قائله لنفسها
- يلا مش هيحصل حاجه لو اتاخرت ٥ دقايق كمان ..

دقت باب الغرفه برفق لكن دون جدوى لم تلق ردًا، فعزمت امرها ان تفتح الباب، وضعت كفها فوق مقبض الغرفة لتدلف ببطء ثم استدارت كى تغلقه بهدوء حتى لا تزعج منامه .

وقفت مكانها تتفتن معالم جسده الرياضى الذى اخفق الغطاء ان يسترتها فتبسمت بشوق قائله
- وحشتنى يا ابن الايه..

ثم تنحنحت بخفوت قائله بصوت رقيق
- محمد .. انت نايم !

فتح جفونه بتثاقل وهو يتفتنها بطشاش قائلا بصوت كله نوم
- يسر ! حصل حاجه ؟!
تشبثت في حيبتها اكثر فرددت قائله
- انا نازله الجامعه، محبتش انزل غير لما استئذنك الاول ..

اعتدل محمد في نومته ثم اردف قائلا
- عاوزه فلوس ؟!

هزت راسها نفيا قائله
- لا مش محتاجه .. اصلا معايا ..

زفر محمد بضيق فمد كفه نحو حافظه نقوده ثم اعطاها اليها قائلا بحده
- خدى اللي يكفيكى وزياده يايسر وبلاش مناهده ..

- والله يامحمد معايا ...

- ليه نزلتى تشتغلى من ورايا .. !
تارجحت عينى يسر بحيرة حتى جلست بجواره بتلقائيه وهى تفتح حافظة نقوده قائله
- يووه اهو هاخد .. بس متتعصبش .

فاق محمد من سطو نومه ليتأملها بذهن يقظ، وقلب يتراقص على روائح قربها، شعر وكأن مراجل الشوق تتوق بجوفه ليظفر بها، تنحنح بخفوت محاولا خلق حديثا معها
- خدتى فلوس !

هزت رأسها ايجابا
- اااه حتى شوف ...

كُورت اصابع قدميه من لهيب شوقه لها فاردف قائلا
- تحبي اجى اوصلك !

هزت راسها نفيا
- لا السواق تحت .. انا همشي بقي عشان عندى محاضرة ٨ونص ويادوب الحقها ..

فوجئت بكفه تقبض على ساعديها ويسحبها بقوة اليه مما جعلها ترتطم باسوار صدره العاري شاهقه بفزع
- محمد ... في ايه ؟!

ازاح شعرها جنبا لينهال على عنقها بقبلات تلتهمها باشتياق حتى تناست نفسها بين ذراعيه .. فهمس محمد في اذانها قائلا
- وحشتينى اوى على فكرة ..
تعمدت ان تبتعد عنه مردفه
- انا زعلانه منك اصلا .. وبعدين مش فاضيالك عندى جامعه ومحاضرات كتير ... وانت خليك مقموص كده .

جذبها من خصرها كى يبسط جسدها في منتصف مخدعه ثم انحنى بجزئه العلوي فوقها قائلا
- انت هتستهبلى ! كليه تجارة دى بينجحوا فيها بالحب متعمليش فيها انك مشغوله قوى يعنى ..

كتمت صوت ضحتها مطصنعه الزعل
- انسي .. انا اصلا جيت اخد اذنك عشان انا زوجة مطيعه، ومش معناه اننا نتصالح .. كمل في عنادك وزعلك بقي براحتك اصلا انا اتعودت ..

طبع قبله خفيفه على انفها قائلا بحب
- منا خلاص قررت اصالحك دلوقت ..

- والمحاضرة !

- احم جوزك اهم ولا ايه !
تغنجت بين ذراعيه متعمده ان تعبث باناملها فوق صدره لتقول بدلال
- ما جوزى سايبنى كل دا لوحدى ..

- عشان حمار ياباشا .. اللي يسيب العسل دا لوحده ..

ظلت تتمايل بجسدها امامه عينيه قائله
- يعنى خلاص سامحتنى !

- هتكرريها تانى ؟!

هزت رأسها نفيا لتقول بدلال وهى تقطم شفتها السفليه
- تؤؤ .. عمري ..

- ويبقي انا عمري ما هبعد عنك تانى ..

- بس انت قسيت عليا اوى يامحمد .. يسر حبيبتك تستاهل منك كل القسوة دى ؟!

ظل يعبث بانامله في ازرار ( الشميز ) قائلا بلهفه
- مانا هعتذرلك حالا عن كل القسوة دى !

طوقته بذراعيها وهى تناديه بضياء عينيها قائله
- انسي .. مش بمزاجك على فكرة ليا شروط عشان نتصالح ..

رفع رأسه بعيدا عنها قائلا بسخريه
- والله انت اللي بتتشرطى دلوقت ! امبارح كنتِ تتمنيلى الرضا بس ..

رفعت حاجبها الايمن بثقه قائله
- دا امبارح لما كنت عامل فيها زعلان .. فطبعا مكنش يهون عليا زعلك .. اما دلوقتى كرامتى نقحت عليا فسيبنى اعيش الدور بقي ..

دنى قليلا منها كى تمتزج انفاسه بانفاسها قائلا
- وحرم محمد الهواري تأمر بأيه ؟!

تارجحت عينيها ثم اردفت بدلال
- طيب بوسنى الاول عشان اقولك !

رفع حاجبه مستنكرا، فتبسم ولمعت عيناه قائلا
- ما بلاش ! لو عملت اللى بتقوليه دا مش هديكى فرصه تنطقى ..

- احممم .. خلاص ياعم، اي رايك نروح نقضي شهر العسل المنظور دا ؟!

- ياباشا انت اي مكان جمبك مَنحل اصلا كله عسل ..

هزت رأسها بتحدٍ
- قولت لا .. نسافر شرم الشيخ او السخنه سوا وإلا مش هصالحك وهقوم اروح جامعتى وانت بقي كمل زعلك ..

- الله ! دانتى بتساومينى بقي ؟!

- بصراحه ! ااااااااااه .
طبع محمد قبله آخري على وجنتها بحنو ثم اردف بثقه
- طيب ولو قولت لا مش موافق ! ومافيش سفر .. هتقدري تقومى وتهربي من حصاري دلوقت !

اكلت شفتيها من كثرة الارتباك محاوله ان تبعد عيناها عن اسهم انظاره التى تُفتت قلبها عشقا، الى ان انتصر شوقها بداخلها حتى حدقت النظر بعينه قائلة بخفوت
- احم .. انت وحشتنى بجد على فكرة يعنى ..

ضحك محمد بصوت عال مرددا بانتصار وهو يلتهم شفتيها
- مانا بقول كده من الصبح انت اللى مصممه تضيعى وقت ...

" انا حضرت الفطار علي فكره .. تحب تفطر هنا ولا في الصاله "
يجلس عماد في تراس شقته يتنسم نفحات الصباح العطره .. فدخلت نورا عليه بهدوء والهواء يطاير شعرها وملابسها فاردفت جملتها الاخيره .. نظر لها عماد بضيق
- ماليش نفس !

تنحنحت بخفوت ثم اردفت بحنان
- انت اضايقت لما عرفت ان في حد في حياتى !

فوجئي من رصاصة سؤالها الغير متوقع فصمت لبرهه مردفا
- دى حياتى انت حره فيها .. كل واحد مننا جوه شخص مستحيل ينساه .

اكلت شفتيها من كثرة الارتباك مما كان اثر حركتها كافيا ان يشعل النيران بجوفه فنهض سريعا كى يهرب من جيوشه التى تجذبه اليها بقوة
- انا نازل .

- بس احنا لسه متكلمناش !

- مش لازم .. الكلام مافيش فايده منه .
حاولت خلق حديث معه فقالت
- رايح فين طيب .
- رايح ازور قبر نيره وحشتنى .
خرجت جملته الاخيره من بين شفتيه بدون رقابه او وعى كانه قاصد ان يخبرها لازالت ذكرى زوجته تحاصره .

طُعن خنجر اخر بجوفها مما ادى الي تراجعها للخلف مردفه
- تمام .. اتفضل .
تبادلا الانظار لعدة دقائق حتى انتصرت اقدام عماد على جيوش قلبه التى تقنعه بالبقاء بجوارها اكثر .. فتحرك من امامها بتثاقل فظلت تراقبه بعيون دامعه وقلب تجثو عليه بكفها كى يتزن فهى تخشي ان ينكشف عنها ستار الحب فتنفضح امامه .. وكأن الحب اصبح همها الوحيد الذي تخشاه دوما .

 

"علي فكرة انت حقيقي اجدع اخت في الدنيا كلها "
قالت وجد جملتها وهى توقظ اختها من سُباتها التى قامت لترتمى بحضنها هامسه في اذانها
- وصية ابويا انك انت وسليم تفضلوا مع بعض طول العمر .. وانا بحاول اساعدكم على قد مااقدر ..
ربتت وجد علي ظهرها بحنان
- بسببك انا وسليم اتجوزنا اهو ياورد .. وحقيقي انا مديونه ليكى بعمرى كله ..
اتسعت ابتسامه اختها متنهده
- وده احلى خبر قولتهولى امبارح قبل ما انام .. ربنا يسعدك ياوجد ..

نهضت وجد سريعا لتمسك كفها
- طب يلا بقى انت طالبه 3ث ومش عاوزين دلع وانا قررت اقعد معاكى طول الفترة دى عشان تعدى امتحاناتك على خير .. وتقفى في ضهري فالمستشفي .. يلايلا ياست الدكتورة بطلى كسل .. زي ماابويا كانت امنيته اتجوز سليم .. فكانت امنيته بردو انه يشوفنا كلنا اكبر دكاتره في الدنيا وانا مش هسيبك غير لما نحقق حلمه سوا .

- مش جدعنه دي ياوجد على فكره .. انا لسه موجبه معاكى وانت تقوليلي ذاكري بدل ماتدينى اسبوع اجازه !
سكبت وجد فوق راسها كوب المياه قائله بمزاح
- اجازه في عينك ! قووومى يلا يااابت والا انت عااارفه

بعثرت المياه من فوق راسه وهى غائصه بضحكها العالى
- خلااص والله هقوم اهو وامري لله .. لقد وقعنا في الفخ ...

طرقت باب غرفته بخفوت ثم اردفت قائله
- مجدى انت صحيت !
كان يربط في رابطه عنقه ثم تحرك ليفتح باب الغرفه مردفا
- في حاجه يادكتورة ..
ابتسمت بخفوت ثم هتفت
- انا جهزت الفطار تحت .. ممكن نفطر سوا !
رفع حاجبه بعدم تصديق قائلا
- انت متأكده انك مش سخنه !
- الله ! خلاص هرجع في كلامى !
- لالا وعلى اي احنا ماصدقنا الشمس تنور شويه .
ابتسمت بهدوء مردده
- طيب هستناك تحت !
ظل يتأملها طويلا محاولا استيعاب تغيرها المفاجئ .. فقربت منه فجاه مما زادت دهشته قائله
- تحب اربطلك الكرافت !
- كمااااان !
- بعرف والله اربطها .. متقلقش .. حتى استنى وشوف بنفسك .
رددت كجدي قائلا باستغراب
- سبحان من مغير الاحوال !

شرعت صفوة في عقد رابطه عنقه وهى تقف امامه لم يفصل بينهما مسافه تُذكر .. لم يزيح عيناه عنها مطلقا .. لاول مره يتأمل ملامحها بهذا القرب لاول مره يتفتنها خلف حائط النظاره الطبيه التى تخفى جمالها .. رفعت انظارها له متسائله
- بتبصلى كده ليه ..

تنحنح بخفوت ثم قال
- ما انت حلوة اهو اومال سمعتك وحشه ليه ..؟!
رفعت حاجبها وهى تبتعد عنه للخلف مردفه
- يا سلام !
هز مجدى راسه بتلقائيه محاولا اصلا ما ارتكبه قائلا
- مش قصدى .. يعنى بيقولوا انك صعبة وشديده وو وكده يعنى
- امممممم .. وانت شايفنى ايه دلوقتى !
تنهد بحب مردفا
- قمممرر .. قمر الله يخربيتك .

احمرت وجنتها خجلا ثم استدارت بجسدها مردده
- هستناك تحت متتاخرش .
شعر مجدي بالكره الارضيه انحدرت عن مسارها لتدور خلفه فاصابته بغيبوبه سحرها قائلا بتنهيده
- يخربيت كده يااجدعان .. ما البت حلوة اهى وطلعت رومانسيه كمان اومال قالقينى منها ليييه !

- انت اكيد اتجننت يااحمزه .. بتستغل نفوذك وسلطتك عشان تخدم صحابك ! هو دا اللي انا ربيتك عليه .. !

زمجرت رياح غضب حمزه الخياط ناهرا ابن اخته بجملته الاخيره، فاعتدل النقيب حمزه من فراشه ليجلس موازيا له
- ياخياط .. سليم بيحبها وانا كنت عاوز اساعده .. وعموما المحضر اتقفل خلاص وحتى الراجل بتاعهم طلع ..

- ااه وطبعا مش هتعدى عليهم حاجه زي دى والعتامنه لازم ينتقموا ..

- انت بنفسك علمتنا نحارب عشان حبنا ونساعد اللي عاوز يوصل .. متعصب ليه دلوق !

- شووف ياحمزه ياولدى انا معاك ويمكن لو كنت مطرحك وفي سنك دلوق كنت هعمل زي ماانت عملت، بس حمزه الخياط عيتكلم من باب العقل ..

- انا فاهم والله ياخالى، بس مكنش قدامى حل تانى، العتامنه دلوق فتحوا باب الشر معنا كمان !

حمزه الخياط باستغراب
- نعم ؟! ناوى على ايه ياحضرة النقيب !

- هرجع حقى ياخياط دول طلعوا عليا بلطجيه، وكنت هروح فيها ..

- اعقل ياحمزه ياولدى البلد مش نااقصه وانت اللى عارف كده مش انا اللي هقولك ..

- طب والعمل ياخالى ؟!

- لازم ازور راجح الهواري في اقرب وقت ..

بمجرد ما انتهى حمزه الخياط من جملته دلفت وعد وابنتها فالتفتا الاثنين اليهم، فاردف الخياط لزوجته
- عشق عامله ايه ياوعد ..

ربتت وعد على كتف ابنتها
- عادى ياحمزه مشاكل الحمل العاديه يعنى ..

تحركت عشق نحو زوجها لتجلس بجواره قائله
- يلا عشان ننزل سوهاج .. انا مش هسيبك هنا لوحدك ..

تنحنح الخياط مردفا
- هننزلوا ياحبيبتى، بس في مشوار اكده لازمن نروحه الاول ...

تسير ساميه بدلال مرتديه حذاء بكعب عاالى وفوقه عباءة مجسده لمعالم جسدها ثم جلست بجوار حيدر قائله

- كبير العتامنه .. صباحك فل ..

زفر حيدر دخان سيجارته قائلا
- خير ياساميه .!

رفعت ساميه حاجبها مستنكرة وهى هتز برأسها
- خير خير ياخوى .. الا قولى صووح كنت راجع البيت في نص الليل امبارح يعنى .. هو حصل حاجه ياخوي ؟!

ارتعشت كف حيدر فسعل بقوه مرددا
- وانت مالك ياساميه .. لساتك عتقوليلى كبير العتامنه، يعني يتصرف كيف ماهو حاابب !

- ااه يتصرف براحته، بس لو عرفنا انه علي علاقة باعدائنا يبقي لينا قول تانى ؟!

نظر إليه بقلق بالغ قائلا بتردد
- قصدك ايييه ؟!

- اي اللي بينك وبين ثريا ياحيدر يخليكم مع بعض لنص الليب امبارح ..

وقف حيدر متمهلا ليردف بصدمه
- ايييييييييييه ! انت عتخرفي ياامره ؟!

قهقهت بصوت انثوى مرتفع لتقول
- متخفش سرك في بير .. بس كل اللى شاغل راسي دلوق يعنى كيف الهواره سايبين حريمهم دايره على حل شعرهم كده لنص الليل طب والله عيبه فى حقهم ! إلا قول لى عرفي ولا تسالى ..

جهر حيدر بصوته العال قائلا
- انت مرة قليلة الحيااا ..

وضعت ساق فوق الاخري لتتكلم بشموخ
- لا عييب اقعد كده نتفااهموا ونوصلوا لحد مرضي، عشان النفوس تتراضي .

ظل يرمقها بعيونه الصقريه لبرهه ثم جلس متأففا
- عاوزة ايه ؟!

- تعجبنى ...
- انجزززى ..
التوى ثغرها متبسما بمكر مردفه
- وجد وادهم جوازتهم تتم بكرة ..

- قولى لولدك يتلحلح بدل ما البت عتسوقه كيفه كيف البهيمه ...

- فشششر ياخويا .. هو عيحبها مش اكتر والقلب ومايريد عاد ياحيدر باشا وانت ادري ...

تقلب في جلسته فوق جمرات القلق مردفا
- اللى بعده ...

شرعت ان تتحدث ساميه لتكمل اوامرها فقطعهم قدوم رجل من رجاله قائلا
- حيدر بيه ..عاوزك .
- في اي يازفت انت كمان ...

ضحكت ساميه مردده
- قول قول مافيش حد غريب، مصالحنا واحده ..

حيدر باختناق: رد ياغفير الغبره في ايه .. ؟!

- الرجاله اللى امرتهم يخلصوا على الظابط .. خدوا الفلوس وهربوا والظابط لسه عايش ف المستشفى ..

ابتسمت ساميه بانتصار مردفه
- حتى الحكومه مش راحمها ياحيدر ! طب العب على قدك ؟

ضرب الغفير بعكاز القوى قائلا
- غور من وشي جالك الفقر ...

نهضت ساميه من مقعدها لتجلس بجواره مردفه
- ماتجي نحط ايدنا في ايدين بعض .. انا اخطط وانت نفذ .. بدل خطط العيال دى ! قولت ايييه !

" طيب مش حضن جوزك حبيبك احسن من الجامعه بلى فيها "
اردف محمد جملته وهو يقربها منه لتستند برأسها فوق صدره فهتفت قائله
- انت هتقول فيها انا اصلا مكنتش طايقه البيت ولا ايه حاجه طول ما انت زعلان منى ...

تنهد محمد باسي
- جرحتينى اوي يايسر .. مكنتش متخيل انها تيجى منك ..
- والله يامحمد كنت مفكرة انها فترة مؤقته على بال ماتهدى الامور وبس .. مكنتش متخيله انك هتزعل اوى يعنى ..

عقد حاجبيه مستنكرا ليقول
- لما اشوف مراتى بتاخد حبوب منع حمل من ورايا عاوزانى اسكت !

- اووف يامحمد خلاص بقي متفكرنيش .. واقفل على الموضوع ..

- يايسر الموضوع كده كده لازم يتقفل بس لازم بتقفل على نضافه، كل واحد مننا يعرف هو غلط في ايه عشان الغلط مايتكررش ونعرف نكمل .. انا مش بتكلم على حبوب منع الحمل وبس، انا بتكلم فيما بعد ماينفعش تعملى حاجه من ورايا ماينفعش تخافى منى اصلا ماينفعش تخافى وانا معاكى، اقتلى القتيل وتعالى قوليلى ندفنه سوا، لكن لوخبيتى عليا انا ممكن ادفنك معاها ومش بهزر ..

احتنضنت خصره بذراعها برفق مردده
- انت قلبت ليه .. ماحنا كنا كويسين من شويه !
جذبها اليه اكثر كى يسد الفراغات بينهما قائلا
- حبك غلبنى اعمل ايه ! ماهونتيش عليا اعاقبك اكتر من كده .

- وانا وعدتك انى مش هزعلك تانى !

- مش فكرة زعل .. لسه هنشوف كتير ف الدنيا،، فكرة انك تخبي منى هى دى الكارثه محدش بيخبي غير الخايف، وطول ماانتِ حاسه بالخوف معايا مظنش انى استاهل حبك .. ولا ايييه .

- صح .. كلامك كله صح، وخلاص والله عيلة وغلطت بقي وحرمت خلاص مش هخبي تانى والله ..

- منا واثق في بنتى انها شاطرة وبتسمع الكلام ... صح انت مش عاوزه تنزلى الجامعه !

ضحكت بلا مبالاة لتقول ساخره
- قال الجامعه مستنيانى، اقول عليك ايه بس ضربتلى اليوم وعقابا ليك مافيش شغل النهارده وهتقعد جمبي ومعايا ويلا بينا على شقتنا عشان انا مش مرتاحه هنا ..

- اي الاوامر دى .. يابت انتِ اللى مزعلانى .!
- اااه منا بقولك كده عشان هصالحك بطريقتى بقي .. متتلككش وكلامى يتنفذ .. وهنسافر بكرة انا قررت خلاص ..

- دانتِ بتتحدينى بقي !
- يسسسسس .
نهض محمد من فراشه سريعا وهو يرتدى ملابسه قائلا
- مممم لا نشوف الموضوع دا في بيتنا بقا عشان هنا عارفك هتلمى علينا الناس وهتبقي فضيحتنا بجلاجل ...

- زي ما عقولك كده ياادهم .. خليك ماشي ورا امك وانا هخليك كبير العتامنه !

اردفت ساميه جملتها بنبرة هامسه وهى تقف ملاصقه بابنها الذي يستمع لها باذانٍ صاغيه، فهتف
- كييف ياما ! عتفكري في ايه ؟!

- اششش متفضحناااش .. المهم بكرة تجيب المأذون وتكتب على وجد وبكده ضمنت املاكك واملاك عمك سالم في جيبك .. وباقي الروس هنفكروا ازاي نخلصوا منيهم واحد واحده ..

- انا مش فاهم ايه حاجه ؟!
سحبته من كفه لتدلف معه داخل غرفه وتحكم غلق بابها هامسه
- فتح مخك معايا .. حط وجد قدام الامر الواقع ولم الرجاله، وهات الماذون واكتب عليها .. بس اهم حاجه من غير ماحد ياخد خبر، وانا مظبطه كل حاجه مع عمك ..

- سهله دى ياساميه .. وغيره !

- لا غيره دا سيبه عليا انا ...

كان سليم يجوب الطرقات بسيارته متأففا حتى وصل الي مقصد قلبه، فالتفت نحو رنين هاتفه قائلا
- روح وقلب وعقل سليم كيفها !

اقتربت وجد من الشرفة مردفه
- زي الزفت ياسليم .. كل تخطيطنا بااظ .

هبط سليم من سيارته وظلَ يخطو بحرص
- خير ياوجد ..

استدارت بجسدها مستنده على الحائط
- اتكلمت مع ادهم من شويه .. وقولتله انى موافقه، عمل فيها سيدنا الشيخ وقال توبت ومعرفش ايه وكلام اهبل ..

خطى سليم بين الشجر ثم اردف بلا اهتمام
- ايوة وفين المشكله ؟!

- ياااسلييييم .. انت مش مركز معاي ليه ! عقولك خطتنا باظت ..

صمت لبرهه وكأنه انشغل بفعل شيء ما قائلا
- وايه يعنى ياوجد .. عليتك كل مشيها عوج فمش هنغلب يعنى !

تجاهلت حديثه مردده
- سليمممم ... انت هتعمل اييه ومالك مش مركز معاى ليه ..

- طب استنى كده خليكى معاي دقيقه ..

- والله ما مرتحالك ...

بعدما انتهى سليم مما يفعله فاردف في هاتفه قائلا
- ايوة ياوجد معاك ...
- كنت بتعمل ايه بقي ..
تنحنح بثقه وهو يستند بظهره على جدار قديم
- بصي انا حاليا في الاسطبل بتاعكم اللى على الزرع، تعرفيش انا عملت المستحيل عشان ادخل، يلا تعالى عشان وحشتنينى ...

اتسعت حدقة عينيها وضرب صدرها بقوة مردفه
- نهارك مش فايت ... الله يخربيتك .. لا يخربيتى وبيت اليوم اللى عرفتك فيه، سليم امشي من عندك حالا ادهم وعمى في القصر ورجالتهم متنتوره ... متوديناش في داهيه ..

- انجزى ياوجد يلا مش همشي غير لما اشووووفك ..

《 يمكن دى المرة الوحيده اللى جايلك فيها بعقلى مش بقلبي زى كل مرة، لانى حاسس ان حد شاركنى فيك غصب عنى والله يانيرة مش بارادتى ؛ هى معملتش اي حاجه ولا اي مجهود ويمكن دا اللي وصلها لقلبك، كنت قافل عليه بمفتاح ومتأكد انى استكفيت بيكى وبذكريات .. بس شكلى ضيعت المفتاخ وهى اللي لقيته، انا جايلك حزين ومهموم، مش عارف اعمل ايه بس اى اللي قدرت من بعدك تلفت انتباه قلبي وللاسف طلع قلبها مليان بغيري،ومش بحاول اسأل اشمعنا هى اللى قدرت تعمل كده بالذات لان ‏مقتنع تماما ان الحبّ الذي يضعه الله في القلب لشخص ما .. لا ينْزعه من القلب إلّا هو .. عشان كده (لا تسأل مجرّبًا و لا طبيبًا )
مش عاوز اقلقك عليا بس انت اكيد حاسه بوجعى، كانت اخر وصيه ليك انى موقفش حياتى من بعدك وانا مسمعتش الكلام، بس حباتى غصب عنى مشيت وقلبي خدعنى ودور على حب جديد يرويه، انا مش عارف اعمل ايه .. اطلقها ولا استنى اديها فرصه يمكن ترتاح لى بس كده بظلمها وبظلم اللى حبته معاها، وهى اتظلمت قبل كده مش هبقي انا والدنيا عليها،،، طيب بصي انا طول الطريق بفكر اخد القرار بخصوصها هقولك ويمكن انت اللى تقوليلى اعمل ايه، انا هطلقها واسيبها وهكتفي بذكرياتك ووجودك، هفضل اقضي الباقي من عمري وسط كتبك ومكتبتك لحد مااجى انام هنا جمبك، عشان قلبى تعب من حيرته، كنت رافض الحب والله بس هجم على قلبي من غير رحمه وادى النتيجه ... بس لازم اغلبه واهزمه، لازم ذكرياتك تنتصرررر ... نيرة انا هطلق نورا ودا قرار نهائى ... 》

 

تسللت وجد بخفيه كى تصل الى اسطبل قصرهم قابضه على قلبها بكفها الذي يرتعد وجسدها المرتجف خشية ان ينكشف امرها .. تسير بخطى سريع واخري متباطئ خلف الاشجار وهى تنتوى لسليم ..
- طيب ياسليم .. اما خليت ايامك سوودة !
وصلت الي الاسطبل باحثه عنه بعيون متارجحه وقلبٍ خافق حتى فوجئت به يحضنها فجاة من خصرها وهو يغلق باب الاسطبل عليهما بحرص .. شهقت مفزوعه بين حصار ذراعه قائله
- انت جاى قصر العتامنه في عز الضهر .. اتجننت ياسليممم !

تنهد بشوق وهو يتفتنها بعيون لامعه ويلتصق بها اكثر
- وحشتينى اعمل ايه يعنى ... مقدرتش امنع نفسي !

- شكلك هتودينا كلنا في داهيه ...
- مش مهم طالما هنروحها سوا .
كانت اخر جمله اردفها سليم ومن بعدها التهم همس شفتيها عشقا وهو يحضنها إليه اكثر واكثر .. تعمدت ان تبتعد عنه بصعوبه مردده ياسليم
- والله ماهينفع .. امشي حد يشوفنا ..

دفعها بجسده كى يلصق ظهرها بالحائط مرددا بعتب
- اللى مش هينفع بجد اللى انت بتعمليه .. ليه مش عاوزه تفهمى انك وحشتينى ..

- وانت ليه مش عاوز تفهم انى خايفه عليك يانور عينى ..
- طيب اشبع منك وهمشي والله ..
شرع ان يقرب شفتيه منها مرة اخري وهو يلتهم انفاسها باشتياق ولكنها وضعت أناملها فوق شفتيه متوسلة
- سلييييييم ..

اضطر ان يقيد ذراعيها بكفه كى يدمر اي عائق يمنعه من الفوز بها والغوص في اعماق عشقها كى يطفىء نيران بعدها، شرع بالتلذذ منها بقدر المستطاع حتى اصبحت كل اعمده تمردها وخوفها رخوه بين يديه متراقصه على امواج عشقه التى تلتهمها بدون شفقه، غارقة في اعماق عشقه حتى تناست نفسها امامها ..

فقدا الاثنين وعيهما في حصار بعضها حتى ارتفعت اصوات انفاسها واتسعت حركت اجسادهما حتى سقط (البرميل) المعدنى فوق سطح صلب مصدرا صوتا عاليا مزعجا لفت الاذان ..

ابتعد عنه وجه متنهده بصعوبه قائله بذهول
- يالهوووى ياسليممم .. لازم تروح دلوق ...

اتاهم صوت طرق جمهوري على الباب من احد الغفر قائلا
- ميييييييين جوه !

ندبت وجد على وجنتيها قائلا بذعر
- يامرررررررري روحنا في داهيه .. ...
كان كلما عاد لغرفته بعد يومه الطويل والمجهد، ووجدها كحوريات الجنة تتوسط مخدعه ويشع منها ضياء الحب واللهفه، فيغلق بإحكام خلفه الباب، كمن يخشى أن يتسرب إليه شيءٌ من ضجيج العالم .. لانه يريد ان ينعم بالسلام معها دون عائق يستوقفه، فكانت بالنسبة له ملجأ أمن من عالم مليئ بالحروب.

- والله ماهينفع .. امشي احسن حد يشوفنا ..

دفعها بجسده كى يلصق ظهرها بالحائط مرددا بعتب
- اللى مش هينفع بجد اللى انت بتعمليه .. ليه مش عاوزه تفهمى انك وحشتينى ..

- وانت ليه مش عاوز تفهم انى خايفه عليك يانور عينى ..
- طيب اشبع منك وهمشي والله ..
شرع ان يقرب شفتيه منها مرة اخري وهو يلتهم انفاسها باشتياق ولكنها وضعت أناملها فوق شفتيه متوسلة
- سلييييييم ..

اضطر ان يقيد ذراعيها بكفه كى يدمر اي عائق يمنعه من الفوز بها والغوص في اعماق عشقها كى يطفىء نيران بعدها، شرع بالتلذذ منها بقدر المستطاع حتى اصبحت كل اعمده تمردها وخوفها رخوه بين يديه متراقصه على امواج عشقه التى تلتهمها بدون شفقه، غارقة في اعماق قربه حتى تناست نفسها بين ذراعيه ..

فقدا الاثنين وعيهما في حصار بعضهما فارتفعت اصوات انفاسها واتسعت حركت اجسادهما حتى سقط (البرميل) المعدنى فوق سطح صلب مصدرا صوتا عاليا مزعجا لفت الاذان ..

ابتعد عنه وجه متنهده بصعوبه قائله بذهول
- يالهوووى ياسليممم .. لازم تروح دلوق ...

اتاهم صوت طرق جمهوري على الباب من احد الغفر قائلا
- ميييييييين جوه !

ندبت وجد على وجنتيها قائلا بذعر
- يامرررررررري روحنا في داهيه ..
وقف سليم حائرا ممسكا برأسه التى توقفت عن التفكير .. استمرت وجد في الندب على وجنتيى خيبتها هاتفه بصوت هامس مرتعد
- هيقتلوك ياسليم .. يالهوى انا اييه اللى بيخلينى اسمع كلامك بس .. هنعمل ايه دلوق ..

نهرها سليم بصوت هامس هاتفا
- وجد ... اسكتى خلينى افكر ..

- تفكر ايه .. بقولك روحنا في داهيييه ..

زفر سليم بقوة ثم ابتعد عنها بخطى سريعا جاثيا على ركبتيه كى يفك رباط احد الاحصنه سريعا ... فظلت تراقبه بخوف وجسد مرتجف، فتكرر صوت الطرق مرة اخري قائلا
- مين قافل الباب من جوووه !

تلعثمت الكلمات بحلقها وبتلقائيه ضربت بكفيها فوق فخذيها بارتباك
- يادى النيله !

انتهى سليم من فك الحصان فأمسك بحبله قائلا بحذر
- اهدى اهدى كده وروحى افتحى الباب .. وقوليلو ان الحصان تعبان وانك كنت بتكشفي عليه يلا ..

- ياااسلام وهو غبي قوى عشان يصدق .. دكتورة بنى ادمين بقيت تكشف علي بهايم ..

ضرب سليم فوق رأسه بنفاذ صبر
- وفكرك اللى بره بالذكاوة دى .. انجزى ياوجد مقدمناش حل تانى يلا ...

- طيب وانت هتعمل ايه ..
شرع سليم ان يجيبها ولكنه توقف عندما سمع صوت قوى من احد الغفر بالخارج يتحدثون
- ياعم تعالى نكسر الباب .. انا متأكد ان في حد جووه ..

حاول سليم بقدر الامكان ان يحافظ على اتزانه قائلا بسرعه
- يلاا ياوجد اعملى زي ماقولتلك وانا هستخبي هناك .. وحاولى تزوحيهم بعيد عشان اعرف اخرج ..

شرعت وجد بالتحرك لتنفيذ ما امرها به مردده بندم
- يعمل المصيبه ويدبسنا فيها ! عقله بيكون فين انا مش عارفه ..

تحرك احد الغفر بحدف جسده بكل قوته على الباب ولكن سرعان ما فتحته وجد التى استجمعت شتات قواها وهى تسحب الحصان خلفها هاتفه بحده مهزوزه
- انتوا ازاي يابهايم سايبين الحصنه اكده من غير وكل ولا شرب !

- ست وجد ! حُصل ايه .. انا لسه موكلهم ..

تارجحت عينيها بارتباك فاردفت بجسد مرتعد من الداخل
- اجري شوف حكيم من العياده البطريه الحصان تعبان وانتوا ولا على بالكم ..

- ماله الحصان ماهو زي الفل !
- انت هتعرف اكتر منى ! اتحرك يلا ..

- العفو ياست هانم .. اللى تأمري بيه ..
القى الغفير جملته الاخيره ثم ركض من امامها كى ينفذ اوامرها امل عنها فاستدارت نحو الاخر هاتفه
- وانت واقف تتفرج عليا ! روح شوفلك مصلحه ..
- احسن تحتاجى اي حاجه ياست ..
- لا مش عاوزه حاجه .. يلا امشي .

بعد برهه القت انظارها كى تتأكد من خلو المكان، فاستدارت نحو سليم سريعا مردفه
- يلا ياسليم تعالى مشيتهم ..

اقترب منها ليقول ممازحا
- شاطرة .. يلا بقي نكمل اللى كنا نعمله ..

جزت على اسنانها بغل واغتياظ .. فاشارت له بكفها بحركات عشوائيه
- اموتلك نفسي عشان ترتاح ! سليم متعليش الضغط عليا ..

ضحك بصوت خافت فانحنى قليلا ليطبع قبله خاطفه بالقرب من ثغرها قائلا
- المكان هنا حلو ... هابقي اجى تانى .. يلا سلام .
زفرت باختتاق قائله
- جالك في سنانك يابعيد هتودينا في داهيه .. يلا اطلع من جناين القصب عشان محدش ياخد باله منك ..

- تقلقيش عليا .. دانا حافظ بيتكم حته حته .. دا عشرة سنين كتيره

في سيارة عماد التى تصف امام المقابر .. فاتاه اتصالا هاتفيا فبعد ما كان متأهبا للذهاب توقف كى يرد على المتصل قائلا

- ايوة ياسمير .. اخبارك .

- سعت المستشار كلنا بخير طالما انت بخير .

- يباركلى فيك .. ها في اى اخبار .

- بالنسبه لحيدر عتمان اللى طلبت منى اجيبلك معلومات عنه ..

- ااه ياسيدى .. قدرت توصل لحاجه ؟!

- بص اللى عرفته ان من ٣٠ سنه كان شغال صبى عند اكبر تاجر مخدرات فالقاهرة .. بس الشخص دا اتقبض عليه ومنهم حيدر اتحبس سنه بس طلع منها ورجع بلدهم .. اللى عرفته ان عيلتهم كانت فقيره جدا لدرجه انهم كانوا يشتغلوا خدم ومزراعين في اراضي الناس ومنها اراضيكم .. بعد 7 سنين بالظبط ظهر اسم العتامنه وبقيوا يملوكوا حوالى تمن الاراضي اللى في البلد وكمان ليهم نجع خاص بيهم ووصلوا لمرحله من الغنى الفاحش في فترة قياسيه، المرجح انهم اشتغلوا في الممنوعات بس الحكومه لحد دلوقت مقدرتش تمسك عليه خيط واحد .. بالاضافه الى علاقته النسائيه الكتيره اللى تقريبا بينزل مصر مخصوص عشان يتبسط .. الواضح ان شخصيه مش سهله ومن رايي ان الحكومه تسلط الضوء عليه الفترة دى .. البلد مش ناقصة مجرمين ..

دور عماد سيارته متأهبا للذهاب وهو يستمع له بكل جوارحه باهتمام مردفا
- تمام اوووى يا باشا، بص سيب الموضوع دا عليا وان شاء الله محدش هيكشوفوا غيري ومسير المجرم يتسلم لمحكمه الارض قبل محكمه السما ..

- عندنا ثقه في معاليك ياباشا .. واي جديد هبلغك .

- تسلم ياباشا .. منحرمش من خدمات معاليك ...

بعدما انهى اتصاله مع رفيقه فتنهدا قائلا
- مممم وراك وراك ياحيدر لحد مااعرف مين القاتل الحقيقي لسالم عتمان واتهم فيها عمى ... اكيد في بعد تالت للموضوع .

 

" كده كل الشنط جهزت .. صح هتاخدى حاجه تانى "
انتهى محمد بصحبة يسر من اعداد الشنط للسفر .. فاردف جملته الاخيره بتنهيده طويله بعدما القى نظرة ساخره علي كمية الأشياء التي ستأخذها معها فقالت
- لا انا خلصت .. بس انت مطلعتش لبسك !

- هو شرط وتيشيرت ومش عاوز حاجه تانى كده رضا، بس احنا نلاقي لهم مكان في الدولاب اللى انت وخداه دا !

ضحكت بصوت عال
- الله ! ما كله عشانك .. اصل انا قررت كل ساعه هلبسلك طقم .. هعملك عرض ازياء كده، بص هخليك تقضي احلي اسبوع في شرم ...

- نسيب شغلنا ونروح شرم ! طيب ياستى يلا عشان نلحق نوصل ..

قفزت امامه عده مرات بحركات طفوليه مهلله
- انا مبسوطة اوى يامحمد .. اول مرة هنسافر لوحدينا كده ومحدش هيقدر يقولنا تلت التلاته كام .. يسسسسس .

- البت الهبله اللى انا اتجوزتها دى .. طيب يلا قبل مااغير رايي .

نظرت له بعيون ضيقه لتسائله بفضول
- هو احنا لما كنت تحت مش انت كنت رافض موضوع السفر وكده يعنى .. اي اللى غير رايك ..

فكر لبرهه فاردف ممازحا وهو يعبث بخصيلات شعرها المبعثره امامه
- الاول مكنتش رضيت عنك اوى .. اما انت صالحتينى خلاص ومسحتى كل حاجه وحشه بطريقتك وانا طالما صفيت مقدرش ازعلك ياعسل انت ..

وقف على طراطيف صوابعها لتعانقه وترتمى بين ذراعيه قائله بفرحه
- حبيبي يااانااااااس .. والله انت اللى عسل وسكر وكل حاجه حلوة في الدنيا دى كلها .
فاردف ممازحا:
- طب اي انا بقول نلغى السفر ونشوف موضوع العسل دا سوا !

" يابت اسمعى منى .. راجح الهواري لو جرت له حاجه احنا كلنا هنترمى في الشارع "
اردفت ثريا الجالسه بشقه نورا جملتها بنبرة تحذيريه سقطت على اذان نورا وعماد الواقف امام باب شقته مما جعلته يتوقف لوهله يستمع لنهايه حديثهم .. ازاحت نورا دمعتها قائله بحزن
- انت عارفه انى مش كده ولا عمري هابقي كده .. انا مستحيل اوافقك علي طلبك انسي ..

- يابتى انا امك وخايفه على مصلحتك ومصلحتنا، انت الكبيره لو عملتِ كده اخواتك هيهاودوكى ويعملوا هما كمان، انا خايفه عليكم مش عاوزاكم تترموا في الشارع .

- ماما انت متخيله بتطلبي منى ايييه ! انت عاوزانى اغدر بجوزى وامضيه على املاكه ! اي الطمع والانانيه دى كلها ..

- بطلى نشفان راس وخليك ناصحه عاد .. عيال عفاف ملهمش امان دول مية من تحت تبن زي امهم ..

- متحاوليش .. كلامى خلص ...

- طيب بصي اهدى اكده ومضيه وخلى الورقه معاكِ .. ولو غدر مع انى واثقه انهم يعملوها تبقي ضمنتى حقك .. لا مغدرش خلاص ولا من شاف ولا من دري ..

- لو سمحتِ انا لحد دلوقت عامله حساب انك امى، ممكن بقي تتفضلى ومتفتحيش معايا الموضوع دا تانى .. ولما عماد يرمينى في الشارع وباكل حقي اتاكدى انى مش هاجى اشكيلك واصوت في دماغك .. انا عاوزه اروح احضر غدا لجوزى زمانه علي وصول .. اتفضلى ..

- انت هتصيعى عليا يابت .. دانا خبزاكى وعجناكى .. فوق ياختى من وهمك وخيالك وشوفى الدنيا على حقيقتها .. ولو مستنيه سي عماد دا يحبك تبقي غلطانه ومختومه على قفاكى ... دول ياكلوا مال اليتامى ! وبكره هتجينى وتبكى بدل الدموع دم يانورا ..

اجابتها بلا مبالاه
- المهم ماخدش حاجه مش من حقى ..

لاحظ عماد ان صوت ثريا وخطاها يقترب من الباب .. فركض سريعا كى يصعد للدور العلوى خشية ان تراه .. بعد لحظات فتحت ثريا الباب وهى ترتل:
- عينى عليكِ وعلى بختك المنيل في عيالك ياثريا ...

ظل عماد غائصا في بحور حيرته وبداخله جيوش متهجمه من الاسئله التى لم يلق جواب عليها .. اغلقت نورا الباب خلفها امها تقبض علي قلبها وجعا مناجيه ربها
- عشت ١٥ سنه متعذبه بنار حبه وبعده وميأستش، ومستعده استنى سنين غيرهم، بس عمري ماهفكر حتى اجرحه، يارب ادينى القوة اللى اقدر بيها اكمل ...

التفت نحو صوت المفتاح الذي الذي يخترق فوهة الباب مع رجفة قلبها .. فجففت دموعها سريعا كى لاينكشف امرها امامه .. فدلف عماد بهيئته الموقره لينظر إليها بعيون متسائله لوقتٍ طويل .. فحاولت ان تقطع حبال الصمت بابتسامه مزيفه
- حمد لله على السلامه ... يارب تكون ارتحت شويه لما زورت نيره ..

هز راسه ايجابا ليقول بتثاقل
- ااه .. الحمد لله ..

ثم التفت بجسده ليغلق الباب .. فاردفت نورا قائله بارتباك
- تحب تتغدى ..

تحرك من جوارها قائلا بلا اهتمام
- لا يادوب هنام شويه .. كلى انت، انا ماليش نفس ...

ظلت ترمق ظهره بنظرات استكشافيه مردده بخوف
- مصيبه ليكون سمع كلام امى !

 

" انت يابن الحلال مصمم تنقطنى ! بتعمل فينا كده ليييه "

اردف وجد جملتها بنبره معاتبه وهى تجلس فوق مخدعها بنفاذ صبر متحدثه معه على الهاتف .. فقهقهه سليم قائلا
- والحب ايه غير شويه مغامرات .. تقلى قلبك عاد، المرة الجايه هتلاقينى داخل عليكِ باب اوضتك ..

- سليم ... انت بتهزر !
- والله عتكلم جد، انا دلوق اعمل اللي عاوزو .. واللى ينطق هحط القسيمه في حبابي عينيه .

- اقسم بالله انت ما ناوى تجيبها لبره .

- واوصل ليييه للبر وانا غارق في بحورك !... سبينى احارب واطبش لحد ماادوب فيكِ كيف ما الملح بيدوب في الميه ..

اجابته ساخره
- ياسلااام .. مش واخده منك غير كلام ..

دلف سليم من سيارته متجها نحو شقته وهو لازال يحدثها قائلا باهتمام
- الا قوليلي يادكتوره صحيح ... هو الملح اللي بيدوب في الميه، ولا الميه هى اللي بتدوب الملح !

لم تستطيع كتم ضحكها اكثر فاردفت بصوت متقطع
- سليم .. انت بتهرز ...

- ومهزرش ليه .. مش انا شوفتك يبقي خالص خدت جرعته الكافيه من اليوم اللى هتخلينى اكمل .. بس فكرينى كده لما ترضي عنى نشوف موضوع الملح دا لانه شاغل بالى قوى ..

- سلييييييييم بطل قلة ادب ... بس احنا امتى هنعيش في النور في بيت واحد كده، قصدى يعنى هيحصل ايه لو احنا بنتكلم دلوقتى ولقيتك داخل عليا شقتنا وفي ايدك كل طلبات البيت، امتى هحس انى من حقى احضنك في اى زمان ومكان ..

- والله لو على دى ساهله .. تحبي اجى اعملها !

- بطل جنان ... اكيد مهما طال ليل البعد فشمس القرب مسيرها تشرق ..

- لا ورحمة ابوكى بالراحه عليا .. انا اصلا مفرهد من عندك ممكن اتجنن واجيلك تانى وفي ايديا الشمس اللي متأخرة علينا دى .

- يوووه .. سليم اعقل والنبي .. هانت خلاص ياحبيبي ..

وصل سليم في خُطاه للدور الثانى مردفا
- قوليلي صح عملوا ايه في الحصان اللى عيتيه دا ..

ضحكت بصوت عال قائله بثقه
- لا منا اتصرف بردو ..

- هاا عملتى اي بقاااا .. اشجينى .

- اكلت الحصان رده بحيث يجيله خلال في اتزان المعادن وكمان مغص بقا واسهال وكده ... وبس خلعت من الليله بس صعب عليا والله .. بس جيه الدكتور كشف عليه والموضوع عده ههه .

- ياااجامد انت ! طب والله العظيم دماغك دى لما تشغليها بتبقي احسن من ظابط في امن دوله ..

- احنا محدش يتوقعانا ... نعمل المصيبه ونطلع منها زي الشعره من العجينه ...

قهقهه سليم بصوت عال اخترق اذان ماجده الجالسه بالداخل ثم اردف قائلا
- تربية سليم الهواري منا عارف .. هتعملى اي دلوق !

- هروح اذاكر لورد امتحاناتها قربت ..

- ربنا يقويها .. يلا بوسيهالى عندك ..

- اتلمممممم .. ايه اللى بتقوله دا .
- منا هاجى ابوسك انتى وبعدين وصليها ياوجد فتحى مخك عاد ...
- بتتلكك !

- انت لسه شوفتى تلكيك .. دانت ايامك معايا سودة اتقلى بس ...

دلف سليم الى شقته ولازال يضحك مع زوجته بصوت عال متجاهلا وجود ماجده تماما .. مما ادى الي اشعال نيران الغل بجوفها .. فمدت كفها سريعا لتجري اتصالا مع ادهم ولكن وجدته مغلقا .. فالقت الهاتف بعيدا متأففه باختنااااق
- اووووووف .. طيب ياسليم !

 

" اتاخرت عليكى !"
اردف مجدى جملته وهو يقترب من صفوة الجالسه في بهو فيلاته تقرا بالكتب الطبيه التى امامها .. فقلت الكتاب سريعا مرسله له ابتسامه خلابه قائله
- حمد لله على السلامه ..

جلس مجدى بجوارها متنهدا
- الله يسلمك ... نزلتى ؟!

- هزت رأسها بالنفى
- كان عندى مذاكرة كتير، وكمان جهزتلك العشا قولت اكيد هترجع جعان ...

- يالهوى علي الرضا ... طيب بصي هطلع اغير هدومى وانزل ..

وثبت سريعا لتتشبث بكفه قائله
- لاا الاكل هيبرد .. اتعشي الاول بلبسك بحاجاتك كده وبعدين اعمل اللى عاوزو عشان انا كمان اروح اكمل مذاكرة

- طيب ياستى اوامرك ..

تابع مجدى خطاها ولازال تحت سطو استغرابه ودهشته بحالتها المفاجئة التى تبدلت كما يتباظل الليل مع النهار ..

ركضت صفوة امامه بجسدها الرشيق الذي لم يخل من معالم الانوثه التى زلزلته لتقول بعشوائيه
- عاوزاك تدوق اكلى بقي ومتتريقش .. انا بقولك اهوو ..

جلس مجدى علي مقعد البار قائلا بمزاح
- ياستى الجعان هياكل الزلط ... اي حاجه من ايديكى حلوه ..
تبسمت بفرحه ثم اردفت قائله وهى تعد في الاطباق
- لا لا هتنبهر ...

استند مجدى بذراعيه على سطح البار قائلا
- ليكِ عندى خبر حلو !

التفت إليه باهتمام
- بجدددد ! خيرر .

اجابها معاندا
- تؤؤ بعد العشاا افرضي معجبنيش يعنى فالحق ارجع في كلامى ..

نظرت له بعيون ضيقه
- رخم على فكرةة ..
- بطلى تلكيك ورغى وانجزى ياهانم ..
- طيب ياعم متزوقش ...

 

" انا مش هسكتلها هى والافندى اللي معاها "
اردف ياسر جملته وهو يجلس علي المقعد المجاور لمكتب والده بنبرة توعديه .. فاعتدل والده مردفا
- متقلقش رسالتها مش هتتقبل في اي مكان في مصر ..

- بردو مش كفايه .. لازم اكسرها .. ولازم افكر في مصيبه للى الافندى اللي هى متجوزاه ...

- انت لسه بتحبها يا ياسر ! رد على ابوك ..

تراجع للخلف بارتباك قائلا
- لا طبعا .. صفحة صفوة دى انا طويتها من زمان .. كل اللى مدايقنى بس اللى عملته معايا قدام الجامعه من غير ماتحترمنى ..

- ااااه .. تمام افتكر انك لسه بتفكر فيها .. عموما ابوك جابلك حقك بزياده .. اهدى بقي ..

ضرب بقبضة يده فوق سطح المكتب قائلا بشرٍ في سره
- بردو لازم اكسرك ياصفوة واجيبك ليا راكعه وجوزك دا اللى فرحانه بيه هعرفه مين هو الدكتور ياسر فتح الله ...

 

- اي رايك في اكلى بقي !
رفع مجدى حاجبه باعجاب مجيبا على سؤالها
-لا بصراحه ادهشتينى .. مكنتش متوقع كده ..

- اي خدمه .. مش هتقول لى المفاجئه بقي ؟!

- انتِ مابتنسيش خالص ! اللى هو انا لسه معشياك اطلع بالفلوس يلا ؟!

ضحكت بصوت مسموع مردفه
- الله ! انت اللى جبته لنفسك وبعدين انا مابحبش المفاجئات ...

فتح مجدى هاتفه المحمول ثم اعطاه إليه قائلا
- بصي !

حدقت النظر بالشاشه كى تقرا ما بها مردفه
- يانهااااار ابيض ! انت عملت كده عشان ..

اجابها سريعا بثقه
- النهارده قدمتلك على في جامعة كامبردج عشان تقدري تروحى تكملى الماستر بتاعك والدكتوراه كمان وكل المصاريف ياستى عليا ... بس انت اتجدعنى بس واتفوقي عشان يدوكى منحه هناك وتخففي من عنى شويه .. ايه رايك ..

لازالت تحت تأثير صدمتها نتظر في شاشة هاتفه تارة .. وتارة اخرى إليه بعيون متسعه وثغر مفتوح .. ضحك مجدى على هيئتها قائلا
- اااي ! والله مابضحك عليكِ .. واعتبريه ياستى اعتذار رسمى منى عشان متقوليش انى ضيعتلك مستقبلك والكلام الفارغ دا ..

ركضت نحوه سريعا كى تعانقه بامتنان متنغجه بين ذراعيه بفرحه وهى تقول
- بجد انا مش مصدقة نفسي ! معقوووله حلم سنين اتحقق .. دا كان حلمى من زمان .. بجد شكرا اوى اوى اووى يامجدى ..

حالة الذهول التى كانت تعتريها نقلت إلى مجدى اضعاف، وقف مكانه مصدومه محاولا استيعاب رد فعلها الغير متوقع، وعفويتها في حضنه التى زلزلته، حركه ذراعيه بتثاقل كى يحاوط خصرها لاول مرة، ظل يحلم طويلا بهذا اليوم ولكنه لم يتخيل مدى لذته، فقربها كان اجمل مما كان يتنظر، شعره بلذة عجيبه نبضت بقلبه كأنها تعتذر له عن كل ايام انتظاره ..

لم يستطع ان يقاوم اشتياقه لها فزاد من قبضة ذراعيه عليها كأنه يريد ان يدخلها باعماقه اكثر فاكثر، تنهد بمرارة انتظار ظفر بسكر قربها للتو مما جعلها تفك قبضتها على عنقه ببطء محاوله الابتعاد عنه .. احس مجدى ببرودة حضنها لوهله عندما رخت قبضتها عليه .. فاجبرته انه يفك حصاره من حولها

تراجعت صفوة بخجل مردفه بوجه ملطخ بدماء الخجل
- سوري !

- على ايييه ؟!

شبكت كفيها بارتباك قائله
- الفرحه بس اخدتنى ومحستش انا بعمل ايييه ...

وضع انامله فوق شفتيها قائلا بحنو
- صفوة .. انا بحبك ومن زمان اووووى .. ياريت تحاولى تتدى قلبك فرصه يستقبل حب جديد ...

- انا فاهمه كل دا بس معلش ادينى وقتى .. هى مسأله وقت مش اكتر .. ممكن !

قبل مجدى كفها الصغير بحنان قائله بمزاح
- ياباشا خد وقتك زي ما انت عاوز .. المهم هترجعى هتلاقينى مستنيكِ بردو

ابتسمت له بامتنان قائله
- طيب تصبح على خير بقي يادوب الحق انام .. وانت كمان ترتاح شويه ..

- مع انى حابب اقعد معاكى شويه .. بس تمام اللى تشوفيه

 

" ياعفاف ... بكرة عاوزك تجهزى وكل ملوكى، جايلنا ضيوف من سوهاج .. ولازمن نقدملهم عزومه تليق بيهم "
اردف راجح جملته الاخيره بحماس .. فاجابته عفاف سريعا
- اوامرك ياعمى ... اللى تأمر بيه كله هيحصل ...

- ايوة ياعفاف عاوزك ترفعى راسي، اصرفي وهاتى ميهمكيش، دا حمزه بيه الخياط ابو الكرم والضيافه ..

- حاضر ياعمى حط في بطنك بطيخة صيفى بس ..

" في ظهر اليوم التالى "

تجلس ماجده امام شاشة التلفاز ضرب كف علل الاخر .. فاتاها صوت رنين هاتفها فخفق قلبها عندما قرأت الاسم .. فتسللت ببطء كى تتاكد ان سليم لا زال غائصا في نومه .. فتنهدت بارتياح وهى تقول بصوت هامس
- الوووو ..

- طيب والله صوتك بقي عيوحشنى ... كيفك ..

بللت ماجده حلقها مردفه بضيق
- اتصلت بيك امبارح .. مردتش ليه ..

- حصل ياست ... بس معلش بقي عريس وبيجهز لفرحه ..

ردت ماجده ساخره
- ااه عريس ! وياتري تعرف عروستك كانت عتحكى مع نين لوش الفجر ..

- وجد ! وجد مش معاها محمول اصلا .

- اتاكد من مصادرك ياباشا ... ضحكهم كان واصل لاخر النجع طول الليل ..

زفر ادهم باختناق قائلا
- تقلقيش، الليله وجد هتبقي مرتى قصاد العالم كله ...

- دا بجد !

- افرحى .. وسعتلك طريق لجوزك عشان تستفردى بيه، وكمان لو عاوزه تعرفي ازاي سليم يسلملك .. ممكن نتقابل وافهمك ..

- نعم ! نتقابل .

- اه نتقابل في اي كافى شوب ونتحدتوا .. انا بردك عاوز مصلحتك ..

زمجرة صوت سليم اخترقت اذانها فارتعد جسدها قائله
- طب اقفل اقفل دلوق .. سليم صح ..

ادهم وهو يزفر دخان سيجارته
- وقطه جديده دخلت المصيده ! اما ذليتكم ياهوارة مابقاش انا من صُلب العتامنه ...

ركضت ماجده نحو غرفة سليم لتخترقها بدون استئذان لتبسط جسدها بجواره وتبدا في مداعبه شعره بدلال
- الضهر اذن ياسليم .. وانت لسه نايم !

عقد سليم حاجبيه، فرغم عنه سقطت عينياه على معالم جسدها البارز فتنهد باختناق وهو ينهض ليبتعد عنها
- جري اي اومال ! انت هتعدى عليّ النوم كمان ؟!
فاجابته بدلال
- اللي بيحب لازم يهتم ...

سعل سليم بنفاذ صبر وهو يخرج ملابسه من الخزانه
- اللي هنقولوه هنعدوه ولا ايييه ! وبعدين فيكى يابت الحلال ...

ركضت لتقف خلفه قائله بصوت منخفض
- بس انا بحبك .. انت ليه مش عاوز تحس بي !
= عشان قلب سليم عُمره ما استضافك جواه لدقيقه يااماجده .

كلماته اعتصرت قلبها واشعلت ما بداخلها من نيران، تلك المراة التى تشبه الرصاصه التى لاتُريد الا قتيلاً واحدًا، حاولت استجماع شتات قواها، هذه العنيده التي اقسمت علي تملك قلب من صخر، دنت منه قليلًا وهي تبلل حلقها الذي جف من نحرها

- بس انا مرتك ياسليم .. تكونش نسيت .

زفر بقوة واستدار متأهبًا للذهاب، الا ان اوقفته قبضة كفها الذي تشبث بكفه برجاء

- مش كُل مرة هتسيبنى اكده وتمشي .. مرة واحده اشبع من كلامي معاك ؛ مستكترها عليّ ياواد عمى !

انغلقت عينيه لبرهه متأففًا يُريد ان يضع علي فمها شريطًا لاصقًا كي تلتزم الصمت والتوقف عن كلماتها البارده التى لم تُحرك بداخله ساكن، كإنه اراد ان يمنح نفسه برهه من الوقت مفكرا ليقنعها كيف لقلبه التخلص من امراة غيرها استعبده عشقها استدار اليها بنفاذ صبر
- ما هوو انتِ ب
الى ان اتسعت عينيه ورُجت الكلمات بداخل فمه وتفوه بذهول عندما وجدها امامه نزعت ثوبها الفضفاض القصير .. فمسح بأنامله قطرات العرق المتصببه من جبهته بعدما راقبها بتلك العينتين اللاتي يشطاظان غضبًا .. ليرد بنبره حادة وهو علي وشك الذهاب
-بأه بباااااه .. اييه قلة الحيا دي! .. استري نفسك يابت .. جري لعقلك اييييه !

وقفت امامه كي تعيق طريقه رافضة الهزيمه امامه
- مافيش مشي ياسليم .. وانا مرتك يعني شرع ربنا وحلالك .. هتعصيييه ياسليم !

بعد انظاره عنها مُتعمدًا
- واللي عاوزاه دا مش هيحصل ياماجده كده بظلمك وبظلم نفسي معاكي .

= انت ظلمتني ودوست علي قلبي بمية جزمه قديمه من ساعه ما رفضت حبى ياولد الهواري ..

ابتعد عنها اكثر لاخر الغُرفه
- ولد الهواري عشان راجل مش هيطاوعك ف جنانك دا .. البسي خلجاتك واول واخر مرة نتحدتوا في الموضوع دا .. فهمااانى يابت الهواري !

انحنت لترتدي ملابسها بأعين سال منها الدمع حتي حفر وديان علي وجنتيها .. كيف تتخلص من حبه الذي اذابها عشقًا لتردد متوعده بثرثرةٍ
- مش خلاص ياسليم .. هوريك بت الهواري هتعمل ايييه .. بس اللي مايندمش ..

اشعل سيجارته بحنقه وضيق كإنه يُريد ان يُبخر حزنه الغير قابل للذوبان وهو يترقبها بأعين متنمره، تركت ماجده غرفتهم بعد ما القت عليه نظرة معاتبه ومتوعدة في آنٍ واحدٍ ..

ضرب سليم كف علي الاخر بضيق مفكرًا فٍ حبيبته تلك المرأة الغير قابله للنسيان ثم تنهد بقوةٍ
- عديها ع خيررر ياااارب .

دلفت ماجده الي اسفل بخطواتٍ واسعة،حتى وقفت في منتصف بهو القصر تطوف بعينيها في جميع انحاءه استدارت علي صوت افزعها
- واقفه اكده ليه ياماجده ؟
تنهدت بخوف وتوتر وتعالت دقات قلبها
- جددي! كُنت عاوزه اتكلم معاك لحالنا .

قضب حاجبيه مُتسائلًا
- خير يابتى .. مال عيني مورمين ليه .؟ سليم مد يده عليكي ياك !؟

هزت رأسها نفيًا ثم مسكت كفه بحنوٍ
- تعالي نتكلم ف مكتبك .. عشان محدش يسمعنا .

" هااا ياماجده .. قلقتيني يابتي خير ؟ حوصل ايه مخليكي تقفلي الباب علينا اكده عشان نتحدتوا "

فركت كفيها بقلقٍ
- سليم ياجدي ...
= ماله سليم ؟ الواد دا زعلك يااك ؟!
ابتلعت غصه احزانها
- اصلووو ...
= اصل وفصل اييه .. انجزي ياماجده تخلعيش قلبي عليكى يابتي ..
انتابها الصمت لدقائق محاوله استجماع قواها حتي انخرطت دمعه من عينيها سرعان ما جففتها بطرف كُمها .

ضرب جدها الارض بمؤخرة عكازه قائلًا بضجر
- ماتنطجي يابت ماالك بتترعشي اكده ليه !
انتفض جسدها بهلعٍ
- جدي .. انا وسليم متجوزين لينا كد اييه ؟!
= اي الهبل ولعب العيال ديه .. ماتتحدتى دُغري يابت انتِ .

- لينا كتير ياجدي .. صح!

= يامثبت العقل والدين يارب .. وبعدين ياماجده دي وعارفينها .. الل بعده ..!

وقفت مستعده لإلقاء قُنبلتها
- انا وسليم عايشين سوا كيفنا كيف الاخوات ..

اتصدم جدها من كلماتها ليرد عليها مُتلجلجًا
- اخوات كيف يعني .. ولد عمك وجوزك واكيد لازم يحطك جوه حبابى عينيه !

عقدت ساعديها متوعده
- لا ياااجدي .. انت فاهم قصدي ايه زين .. سليم مخدش شرع ربنا من مرته .. وداير ورا بت العتامنه لحد ما هتسلم رقبته لعمها يقتله بيده ...

كلماتها كعود كبريت اشعلت النيران بجسده جعلته ينهض من مكانه والصدمه مُحتلة كيانه
- انت اتهوستي يااااااك ! سليييييييييييييمممم ياااااسلييييييييييم ...

( فالمراة حينما تُحب تفقد القُدرة ع كُل شي) ...
لا شيء يوحى بأنّك ستأتى، ولكنى رغم عن انف المنطق والعقل انتظر، انتظر لاننى رأيت بالانتظار حياة ملونه بأحلامى بعيدا عن ابيض واسود الواقع، انتظر لانك الوحيد الذي مدَّ لى كفه الخشن كى يُقشر الحزن المطلى بجدار روحى، سمعت بضحكك صرخات ألم مكبوت حينها لعنت الهاتف والمسافات التى تقف عائقًا بينا لاحتضانك واخبرك بهمسٍ " اهدأ .. فقلبك عاد لملجئه الان .."، كنا كالقدس والقبه، كمكة والكعبه، كاتدرائية القديس وروما لا للمكان مكان بدونهم، ولا للشيء قيمه الا بمكانه، كنا هكذا .. اذن لماذا افترقنا ! حتى حول الفراق غرفة القلب المزهرة لحجرة مليئ بعفش الذكريات يحترق جوفها حتى اصبح كفرن طينيه ( المجرم غاب من غير مايودعنى !) ... ومع ذلك اقف فوق سلم الانتظار متأمله باللقاء مع انه يؤدى بي بعيدا عن مقصدك .. انا وقلبي نشتاق لك، انا ___ لك .

- يامثبت العقل والدين يارب .. وبعدين ياماجده دي وعارفينها .. اللى بعده ..!

وقفت مستعده لإلقاء قُنبلتها
- انا وسليم عايشين سوا كيفنا كيف الاخوات ..

اتصدم جدها من كلماتها ليرد عليها مُتلجلجًا
- اخوات كيف يعني .. ولد عمك وجوزك واكيد لازم يحطك جوه حبابى عينيه !

عقدت ساعديها متوعده
- لا ياااجدي .. انت فاهم قصدي ايه زين .. سليم مخدش شرع ربنا من مرته .. وداير ورا بت العتامنه لحد ما هتسلم رقبته لعمها يقتله بيده ...

كلماتها كعود كبريت اشعلت النيران بجسده جعلته ينهض من مكانه والصدمه مُحتلة كيانه
- انت اتهوستي يااااااك ! سليييييييييييييمممم ياااااسلييييييييييم ...

تراجعت للخلف على زمجرة صوته القوى وهى ترمقه بعيون مرتجفه .. ولكن قطع صوت نداءه قدوم الغفير ركضا هاتفا
- يااراجح بيه، حمزه باشا الخياط وعيلته وصلوا على البوابه ...
ابتلع الجد غصة غضبه متراجعا للخلف بخطوات متثاقله مردفا
- طب روح انت وانا جاى وراك ..

ثم رفع انظاره نحو ماجده قائلا
- كلامك اللى عتقوليه دا يطير رقاب، يمشوا الضيوف وانا لى حساب تانى مع سليم .. ..

- جدى انا خايفه دا لو عرف انى قولتلك ممكن يسود عيشتى ..

- " عيشة اهله هو اللى هتتغبر الليله، دا عاوز يحط راسنا في الوحل .. وعيتصرف كيفه كيف الصغار .. اطلعى دلوق قوليلو ينزل والليله هنشوف حل للمصيبه دى .. "

كانت تلك اخر كلمات القاها الجد على اذانها قبل ان يُغادر لاستقبال ضيوفه ..

-" انا شوفتك من فوق بتذاكري .. قولت اعمله قهوة تشربِها .. اتفضلى ياستى بس يارب تعجبك "
اردف مجدى جملته وهو يحمل في يديه (مجين) من القهوة ويقترب نحو صفوة الجالسه في حديقة منزله فوق الارجوحه، فعندما استمعت لجملته رفعت عيناها إليه وهى تعتدل في جلستها قائله بتلقائيه
- والله دى تالت كوباية نيسكافيه اشربها من اول ما صحيت، وفعلا مافيش اي حاجه جايبه نتيجه .. عندى خمول رهيب عاوزه انام وخلاص ..

مد لها كوب القهوة ثم جلس بجوارها مردفا بغزل:
- ياباشا انت القهوة اللى تلمس شفايفك بتدخل في غيبوبة اصلا .. اعذريها بقي ..

ضحكت بصوت مسموع وهى تحتسي مشروبها قائله
- يااسلام .. طيب ياسيدى مرسيه على المُجامله الفظيعه دى ..

رفع حاجبه ممازحا
- مممممم .. مجامله ! انت يابت معندكوش مرايات في بيتكم ولا ايييه !

- اااه .. بأمارة فوقى لنفسك ياما انتوا معندكمش مرايات في بيتكم ولا ايييه !

ضحك مجدى كثير ثم اردف بصوت يغمره السعاده
- ضميرك اسود اوي ! انت لسه فاكرة ؟! طب والله كان قصدى اعاكس وقتها بس طلعت في موقف مش لطيف فأنتِ اخدتها تريقه ..

اردفت بثقه
- ماشي ماشي .. هعديها يابيشمهندس ..

ضحك الاثنين معا، فعادت صفوة لتستكمل دراستها وهى ترتشف قهوته بانتشاء عجيب، بينما عنه كان يختلس نظرات خاطفه منها ومن وجودها وتفاصيلها وملامحها التى تجذبها مجموعه اوراق،، فبعد عدة دقائق من صمتهم استدار نحوها مجدى بجسده قائلا
- صفوة ..
رفعت حاجبها بايماء
- مممممممممم ..

- حاسه بايه معايا !

تنحنحت بخفوت وهى تبلل حلقها عدة مرات ثم اردفت بعد طويلا من الوقت قائله
- مطمنة ...

- طيب حلو علي الاقل سلكت طريق واحد لقلبك .. عقبال الباقى ..

القت عليه نظرة ثم طأطأة انظارها بدفترها وتارة اخري عادت لتنظر إليه في نفس اللحظه قائله
- انت لسه مأمن ان في حب !

- طول ما الحياة مستمرة الحب موجود ...

- اشمعنا انا يامجدى ..

اخذ نفسا عميقا وهو يمد انامله ليلمس خيوط شعرها المنسدله قائلا بحب
- عيونك السبب، عيونك مجرمين اول مابصيتِ لى وقعت على جدور رقبتى يابت الهواري ...

نظرت لانامله التى تداعب ذيول شعرها، فرُج قلبها من مكانه حتى انها اقنعت نفسها بأن هناك هزة ارضيه لا اكثر متجاهله تهجمات قلبها من الداخل ... عمدت ان تبتعد عنه هاربه من سطوه ولكن اوقفها سؤاله الغير متوقع قائلا
- صفوة ... هو في أمل صح ؟!

توقف مكانها لبرهه فالتفت برأسها دون جسدها قائله بثقه
- طول ما الحياة مستمرة الامل موجود .. .. المقوله كده اصدق ! متحاولش تأمن بالحب اؤمن بالامل عشان هو اقرب ووجوده اصدق ..

ثم تركته وغادرت هاربه من جيوشه التى تلاحقها حتى باب غرفتها، فاغلقت الباب خلفها كى تحتمى منه ومن قربه المزلزل لبدنها ..

 

" طب والله احنا زرانا النبي، نورت قنا بحالها ياحمزه بيه "
اردف راجح جملته مهللا وهو يرحب بحمزه الخياط واسرته .. فاردف حمزه بهيئته الوقاره
- قنا منورة بناسها ياهواري باشا ..

اردفت عفاف الواقفه خلف راجح قائله
- والله نورتونا .. انت ست وعد ! بصراحه كانوا يقولوا عليكِ احلى ست دخلت الصعيد، بس طلعوا كدابين انت احلى ست شافتها عني ..

ابتسمت وعد بامتنان
- ربنا يسعدك .. كلك ذوق ..

اشارت عفاف على عشق وإلهام متسائله
- بناتك دوول ..

هزت وعد راسها نفيا فأمسك بكف عشق مردفه
- لا .. دى عشق بنتى .. وتوامها عاصم الواقف جمب حمزه .

ثم اشارت نحو إلهام قائله بحب
- ودى إلهام مراته .. وتقديري تقولى انها اغلى من عشق ..

عشق ممازحه: بقي كده ياست ماما ! طيب خليكِ فاكراها بس ..

ضحكوا جميعا ثم اردفت عفاف بحب
- اتفضلوا اتفضلوا .. هنقضيها حديت على الباب، شكل الكلام مابينا مش هيخلص النهارده ...

عند موقف الرجال اردف الهواري قائلا
- بقي نسيب حمزه الخياط بيخدم في قنا وانا معرفش !

النقيب حمزه بعرفان: ماليش كتير يادوب جيت من شهر، بس انا وسليم دايما على اتصال ..

راجح: سليم ماعينساش صحابه ولا معارفه واصل ..

- من ساعة ما اتعرفنا على بعض في اسكندريه واحنا صحاب .. الا هو فينه مش باين ..

راجح: انا بعتله ودلوق يجى ..

ثم التف نحو عاصم الذي يشعر بقليل من الخجل بينهم قائلا
- عامل ايه يادكتور .. ماشاء الله وراث شكلك وطلتك ياحمزه بيه ..

عاصم بامتنان
- ربنا يبارك في حضرتك ياعمى ..

راجح: طيب يلا يلا اتفضلو جوه .. نورتونا والله ..

 

" في شرم الشيخ "
- سوو تفضلى هنا متتحركيش هروح اجيب حاجه نشربها وراجع ..
اردف محمد جملته بنبرة تحذيريه وهو يقف امام (بسين) القريه بشرم الشيخ .. فاومأت يسر رأسها ايجابا مردفه
- حاضر يامحمد هقعد هنا مش هتحرك خااالص متقلقش ...

- لا مش قلقان ..انا مرعوب منك .

- والله ظالمنى .. يلا روح بس ومطولش .. وانا هقعد شويه على النت .

- اشهد عليها يارب عشان مرتكبش فيها جنايه ..

ضحكوا سويا ثم غادر محمد وجلست هى فوق ( الشازلونج ) تتصفح هاتفها وبعد مرور عدة دقائق جذب اذانها صوت ضجه عاليه .. طافت عينيها باحثه عن مصدر الصوت ثم اردفت بذهول
- wow ... dancing !

فنهضت سريعا من فوق مجلسها متناسيه وعدها لمحمد قائله بحماس
- هقوم اصورهم وانزلهم استوري للعيال عندى ..

اقتربت من حلقة اجتماع كثير من الاجانب والمصريين والعرب رافعه كاميرا هاتفها لتلتقط الصور بمرح شديد، كان كل شخص يجذب محبوبته ليتراقص معها في ساحه الغناء على الحان الموسيقي الصاخبه، ظلت تصورهم كثيرا بفرح حتى شعرت بذراع يلتف حول خصرها قائلا بلكنه لبنانيه
- ما بدك ترقصي ؟!

شرعت ان تستوعب قذيفه سؤاله فلم ينتظرها ذلك الشخص فجذبها من خصرها بدون مقدمات الى ساحه الرقص وهو يحتضنها قائلا
- يلا يلا ارقصين ... شو فيكِ .

ابتعدت عنه بجسد مرتعد وعيون متأرجحه تبحث عن زوجها، فاقترب منها مرة اخري وهو يتراقص امامها قاصدا ان يلمسها قائلا
- مو حابه ترقصي .. !

صفعته بقوة قائله بصراخه
- ابعد عنى حيوان ..

انخفضت صوت الاغانى تدريجيا .. فانجذبت الاذان نحو ثرثرتها مردفه
- انت مجنون ..

وقف الرجل مصدوما
- عم تضربينى وِلييييييه ! نسيتى نفسك يابنت ؟

التفت يسر بجسدها موشكه على الذهاب كى تتقي شره ولكنه جذبها من ذراعها
- استنى هون .. ما خلصت كلامى معك ..

اتاه صوتا جمهوريا من الخلف وبلهجه صعيديه قائلا
- كلامك معايا انا يارووووح امكككك ..

طبقت يسر كفيها على فمها بذهول
- محمدددددد ...

اكمل محمد قائلا
- عاوز ايه منها !

- هاد بنت مو متربيه .. وهلا بتعتذر منى قدام كِل الخلق ..

رمقها محمد متوعدا ثم اردف بهدوء مصطنع
- اتقى الشر ياحبيبي وحل عن سمايا احسن افرمك مكانك ..

- انت مين ولك! حقى باخده منها هى لانها صفعتنى قدام العالم ..

- هو اللي حاول يمسكنى والله يامحمد ..

جملتها اشعلت النيران بجسدها فاستدار نحوه بغل ليلكمه بقبضة يده الحديده قائلا بغل
- ودى عشان تفكر تمد ايدك تانى على حاجه متخصكش ..

ثم استدار لقبض على ذراعها الذي غرزت انامله بها قائلا بحده
- يللاااااااا .. امشي ...

- نتكلم شويه ! ممكن .
اردفت نورا جملتها وهى تقتحم غرفه الصالون التى يجلس بها عماد، فاغلق الكتاب بيده قائلا بضيق
- اتفضلى ... سامعك .

فركت كفيها بارتباك وهى تقترب بخطوات سلحفيه لتجلس بجواره
- انت متغير معايا ليه .. انا عملت حاجه تزعلك !

اعتدل عماد في جلسته ليردف برسمية
- نورا انا فكرت كويس اوى .. ولقيت الحل اننا نطلق !

خجر طُعن بصميم قلبها فاردفت سريعا
- كل دا عشان قولتلك في حد في حياتى !

- مايخصنيش ! انت حرة ؟!

- يعنى موضوع انفصالنا هو اللي هيريحك ؟!

- انا شايف انه هيريحنا كلنا ..

- بس انت خدت قرارك لوحدك من غير ما تاخد رايي ..

- رايك باين، وتعالى نرفع ستار الخجل ونتكلم بوضوح .. انت اتجبرتى على حياتك معايا وفي قلبك حد تانى، وانا واحد لسه عايش على ذكريات مراته، يبقي انسب حل كل واحد يتفرد بذكرياته ويكمل معاها ..

ذرفت دمعه من عينيها بحزن ثم اردفت وهى متأهبه للذهاب
- تمام .. اللى تشوفه صح اعمله ..

غصة علقت بقلبه فلم يتحمل ان يراها بتلك الهيئه فاردف بسرعه
- انت رفضتى ليه تنفذي طلب امك .. واهو تضمنى حقك اللي كانت عاوزه تأمنه !

تجمدت نورا بمكانها محاوله استيعاب ثلج كلمه الذي جمد الدماء بجسدها وشل تفكيرها، فنهض عماد بغضب مكبوت ليقف امامها قائلا بحده
- بقي هى دى خطة امك، اتجوزوا ولاد عفاف ومضوهم وكوشوا على كل حاجه .. لا بجد تفكيرها عجبنى .. متكيف !

وضعت اناملها على ثغره لتضع حدا لسُم كلماته
- انا عمري ما كنت هعمل كده !

- يعنى لما عرفتى انى هطلقك مندمتيش وقولتى ياريتنى سمعت كلام امى .. وامنت مستقبلى

انفجرت بوجهه قائله بصراخ
- بس بقاا اسكت وكفايه ظن سوء لحد هنا بسسسسس ...

- تنكري ان والدتك كانت بتوذك على حاجه زي كده ..

كلماته اعتصرت قلبها فاردفت ببكاء
- انت بتكلمنى ازاى كده .. كأنى متهمه عندك .. انت لو سمعت الكلام كويس زي مابتقول كنت هتعرف انى رفضت عشان مش انا اللى افكر التفكير دا ..

هز رجله بارتباك فاردف قائلا
- ليييه ! مش خايفه احسن تطلعى من المولد بلا حمص !

ابتسمت بيأس مردفه بنبرة ساخرة
- انا طول عمري بداخل المولد ومش بطلع بأى حاجه، عماد ... طالما خدت قرار طلاقنا فلازم تعرف الكلام اللى خبيته في قلبى ١٥ سنة، يمكن جيه وقته مش لسه قايل تعالى نزيح الستاره ونتكلم .. اسمعنى بقا للاخر ..

تحركت من امامه مستديره بجسدها باعده عيناها عن مرمى عينيه لتردف
- انا واحده متعلقه بيك ومن هى عندها ١٥ سنه يعنى عيلة كنت في اعدادى، كنت اول ما اشوفك قلبى يتخطف واحس انه بيضرب بسرعه ودقاته مش بتهدى واتخض واحس انى فرحانه بس خايفه عاوزه ابص عليك بس في نفس الوقت عاوزة استخبى منك، لما كنت ارجع القاهرة كنت احس انى مخنوقه، عاوزه اعيط عاوزه اشوفك تانى، كنت ساذجه معرفش اي حاجه عن ما يسمى ( حب ) كل اللى كنت اعرفه انى ببقى ملخبطه وقلبي بيوجعنى بس الغريب انى كنت بحب وجعه، فضلت اراقبك كتير واستناك، مستنيه يقيموا عليا الحد " البنت لابن عمها " ... بس اللى حصل غير كده بعد ما ترجمت مشاعرى وفهمت انى كنت بحبك وانا معرفش دا سمعت انك خطبت .. حسيت قلبى اتفرم على قضبان سكة حديد، وقتها دخلت اوضتى وفضلت اعيط واكتب واصرخ حبر على ورق، فضلت متعذبه بيك ٣ سنين، لحد ما ارتكبت غلطة اكبر قررت امحيك بوجود حد تانى، اتراينى بحكم على نفسي بالاعدام مرتين، عارف يعنى اييه تكون عايش مع حد مش طاايق نفسه ... !

اقترب منه عماد نادما محاولا ان يربت على كتفها برفق ولكن سرعان ماابتعد عنها كالملدوغه لتردف بهدوء خلفه جيوش مسلحه بالحزن
- عماد انت سالتنى في حد في حياتك قولتلك ااه .. كنت مستنية منك تقول لى مين ! بس انت اخدت في نفسك والغرق الصعيدى طق في دماغك برغم انى مش في بالك ولا قلبك بس كرامتك مسمحتش انى افكر في حد غيرك ..

بللت حلقها وهى تجفف دموعها وترمقه بنظرات متأرجحه
- عماد .. انا بحبك !
صمت تام ساد بينهما تاركين زمام الحديث لاعينهم .. دنى منها عماد ليمسك كفها ويبسطه ويفركه بكفه الاخر كى يشعرها بالامان ثم اردف بهدوء
- ممكن تهدى طيب ..

كان كفها يرتعش بكفها، كانت روحها تنسحب منها ببطء لتحل مكانها روح جديده مليئه بعطر القرب، طبع قبلة في باطن كفها اشعلت كفها بحرارة انفاسه ثم اردف بتوسل
- اسف ...

بللت حلقها عدة مرات محاولة الافاقه من مخدر قربه فاردفت بحزن
- على ايه !

- على كل وجع سببته ليك من غير ما احس .. كنت حمار اعمى مش حاسس بكل دا .. انا ازاي كنت بالغباء دا !
ثم طبع قبلة اخرى كانت بالنسبة لها شيء اقرب بنفخ الروح ليدنو منها اكثر قائلا بهمس
- ألا قوليلى ياست الدكتوره .. هى الست لو وصلت لتفكير الراجل ٢٤ ساعه حتى وهو نايم ..دا نسميه ايه ..

رغم عنها تناست كل حزنها الذي تلاشي من جوفها لتردف بثقه
- اظن انها وصلت جواه لمنطقة الامان ..

دبت في جوفه فوضي قوية جعلته يتبسم اليها بحب وهو يحتضنها من رأسها ليطبع قبلة خفيفه فوق جبهتها مردفا
- تقريبا انت وصلت للمنطقه دى ... نورا اسف بجد .. سامحينى .. ممكن

‏كانت مذاق قربه لطيفة للحد الذي جعلها تتنهد بارتياح، كانت تمرر اناملها فوق قلبه لتأخذ فِتاته المبعثر عندما تغادر ضلوعه اردت ان تظفر بعبير قربه فاحتضنته بذراعيها كأنها تقايض رئتيه برائحتها فكان فعلها صفقة ناجحه استطاعت بها ان لا ترك قلبه خاوياً من رائحتها ..

همس في اذانها برفق
- احنا الاتنين محتاجين فرصه .. مش كده ..

ابتعدت عنه لتنظر في عيناه قائله بتردده
- متأكد !

- انا مكنتش متاكد الحقيقه، بس بعد ما حسيت بدقة قلبك في قلبى كأنه بيلومنى على سنين البعد .. بقيت مؤيد جدا ..

لبست رداء العوض والمكافئه التى ظلت تنتظرها طويلا، تنهدت امام عينيه بانتشاء عجيب ادهشه كمن بلغ قمة جبال افرست في الحال ... مسح دموعها المنهرة من فوق وجنتيها قائلا بمزاح وبلكنة صعيديه
-خبر ايه اومال كفياكى بُكى عاااااد ...

انفجرت ضاحكه وهى تجفف وجنتها باطراف كمها
- على فكرة كل حاجه كتبتها كانت ليك، انا متعلمتش اكتب غير من اليوم اللى فقدت فيه الامل في رجوعك ..

- هنقراهم سوا بعد كده .. مش هنسيب جمله غير لما نعطر بنفس قربنا .. وهنودعهم ونبدلهم بذكريات اجمل ... يلا تقدري تطلبي طلب حالا يغفرلى المصيبه اللى انا برتكبها ليا ١٥ سنة لحد قبل ١٠ دقايق ..

- اتمنيت انك تحبنى للابد .. وبس .. هتحاول ؟

- هحاول .. بس هحاول ادور جوايا على مخزون حب يكفينى احبك ولحد ما يخلص الابد كمان ...
شرعت ان تحرك شفتيها كى تنطق ولكن قطع همس بوحهم دق الباب .. اردف عماد مزمجرا
- دا مين الرخم دا ! احنا محدش بيخبط علينا خالص من اول ما اتجوزنا .. حبكت يعنى دلوقت !

 

" محمد افتح الباب طيب .. منا مش ههاتى مع نفسي كده كتير !"
اردفت يسر جملتها وهى تقف امام باب المرحاض الذي دلف محمد بداخله كى يطفىء نيران غضبه .. فكررت الطرق عدة مرات هاتفه
_يووووه ! طيب افتح نتكلم ... بلاش اسلوبك دا !
ترك ميه الصنبور مفتوحه فاتجه بكل دخان احتراقه ليفتح الباب قائلا

_نعم! عاوزه تقولى اي تانيه .. انت اصلا بأي عين بتتكلمى !
_جري ايه يامحمد بتقول كلام عجيب ياخى هتكلم بعينى ازاي .. بتكلم ببؤي عادى والله ..
كور قبض يده باغتياظ وهو ينظر لها بعيون تشع لهيب الغضب
_كمان بتهزري ! انت معندكيش دم ..

ابتعدت عنه قليلا لتمسك بمنامته وتتأهب لتلبسه اياها قائلة بمزاح
_البس بس احسن ما تستهوه وبعدين نتخانق ..

_سؤال يايسر ملهوش تانى .. اتحركتي من مكانك ليه ؟!
_كنت عاوزه اصور حفله الدنص والله .. قولت عادي يعني وانت هتتبسط لما تشوفها ..
جز علي اسنانه بنفاذ صبر
_انا قبل ما اتنيل وامشي نبهت عليكِ وقولت ايه .. ؟
حاولت تلطيف الجو وهى تربت على كتفه
_بعد الشر عنك متقولش اتنيلت دى .. بخاف عليك ..

زفر باختناق فاستدار كى يختفى من امامها ململما ببشظايا غضب .. فركضت سريعا لتعيق طريقه
_ خلاص خلاص .. متزعلش ..
_ اوعى من قدامى مش طايقك يايسر ...
_ يووووووووه انت بتزعقلى ليه دلوقت .. ماتروح تتخانق معاه هو اللي حاول يمد ايده عليا ..
_ واحده بتحب المسخرة ورايحه لمكان كله رقص عاوزاه يعمل معاكى ايه ! يقولك تعالي نصلى ركعتين !
كتمت اصوات ضحكها بصعوبه فاردفت بكبر
_ انت غيران ولا اييه !
جز على اسنانه محاولا تمالك اعصابه قائلا
_ انا على الكلام اللي مابيتسمعش ..
عقدت ذراعيها امام صدرها لتردف بثقه
_ على فكرة يعنى انا كان ممكن افضل قاعده مكانى وهو يجي يعاكسنى عادي جدا .. ودا ليييه عشان مراتك قمر وكل العيون عليها ... يامحمد يابنى انت بين ايدك كنز حافظ عليه ..

كُورت اصابع قدمه ويده بنفاذ صبر فدفعها بقوة من امامه قائلا بغضب
_ اوعى من قدامى احسن ارتكب فيكى جنايه ..

_ ارتطم كتفها بالحائط فصرخت متأوهه
_ اااااه يامحمد ..

رغم عنه نسي كل مصائبها فاقترب منها قائلا بلهفه
_ ماااالك !
رمقته بنظرات ماكره ثم ارتفع صياحها فجاة مصطنعه الالم وهى تضغط على كتفها بكفها الاخر
_ كتفى بيوجعنى اوووي ...مش قادره ..
ارتعد جسده خوفا عليها قائلا بحرص
_ اوعى ايدك طيب ورينى ..

ارتفع صوت صياح تمثليتها
_ لاااا مش قادرة .. اوعى كده ملكش دعوة بيا ..
زفر باختناق
_ يسر .. ورينى دراعك متخضنيش عليكِ
_ لا اوعى كده .. غبي وماتعرفش تتعامل مع بنى ادمين .. وسع من طريقى يامحمد ..
اغمض عينه لبرهه كأنه يعاتب نفسه، فتحركت يسر بملامح ماكره فقفز في ذهنها فكرة اخري، علقت قدمها بمفرش الغرفة عمدا مصدرة صوت استغاثه مرتفع حتى اوشك جسدها على السقوط، سرعان ما التهمها محمد يين ذراعيه بلهفه فانحنى بجسده ليحملها رغم عنها قائلا بحده
_ شاايفه اخرة عنادك ..

قضبت ملامحها بتصنع
_ عاوزه ارجع البلد دلوقت ..
دنى بها محمد نحو فراشهم قائلا بحنو
_ طب وشهر العسل ..
تغنجت فوق ذراعيه مردفه
_ ماليش فيه .. انا مستحيل اقعد معاك ساعه واحده .. يلا كده نزلنى ..
ابتسم محمد بخبث وهو يبسطها فى منتصف الفراش قائلا
_ منا هنزلك اهو ...
حاولت بقدر المستطاع ان تخفى ضحكها كى لا تفشل تمثليتها قائله بدلال
_ ابعد عنى كده .. مش هكلمك تانى اصلا ..
اصدر صوتا نافيا بثغره قائلا
_ تؤ .. اطمن على كتفك الاول ..
تدللت بين ذراعيه قائله بصوت طفولى
_ مالكش دعوة بكتفى .. وابعد ..

ازاح كفها رغم عنها بعيدا ليري اصابة كتفها، فضغط عليه برفق فاصدرت صوت متألم مصطنع يحمل بين ثناياه ضحك، فرفع محمد حاجبه قائلا بخبث
_ بتستهبلى يايسر !
زمت شفتيها وعقدت ذراعيها فوق بطنها قائله بصوت طفولى
_ وانا هونت عليك تزقنى كده !
_ ما انت عارفه لما بتعصب بتجنن .. ومش بشوف قدامى .
_ وانا مش عاوزاك تتمادى في عصبيتك يامحمد .. كل حاجه بالعقل .. اهدا وفكر واسمع الموضوع وبعدين اتعصب ..

_ يعني كنتِ تشتغلينى !
ابتسمت بخبث وعيون لامعه
_ بصراحه ... اه، عشان كنت عاوز تضرب علينا اليوم .. فانا لما فكرت ملقتش غير كده ..
استند على كتفه الايمن وجزئه العلوي موازيا لها قائلا
_ بس دا مايمنعش انك غلطتى، وماسمعتيش الكلام .. فلازم تتعاقبي ..
نظرت له بعيون ضيقه مردفه بدلال
_ بقولك اي انا سايبه جامعتى ومستقبلى وكل ما املك عشانك وعشان ننبسط .. مش عشان تعاقبنى ..
قضب حاجبيه بامتعاض مصطنع وهو يداعب خصيلات شعرها برفق قائلا
_ ايوة اعملى علينا ست المشغوله .. عموما ماتخافيش هتتعاقبي عقاب حلو هيبسطك ...
حدقت النظر بعيونه وهى تعبث في منامته قائله
_ قول لى الاول انك مش هتتعصب بالطريقه الهمجيه دي تانى ..
_ لما تبطلى متسمعيش الكلام .. مش هتعصب ..
فضحكت بميوعه مردفه
_ ممممم مش هوعدك
رفع حاجبه قائلا
_ يااسلام مش خايفه يعني !

_ منا الاول هشوف العقاب .. لو عجبنى بقي هغلط كل يوم وكل ساعه .. احم وكل دقيقه كمان ...

كانت تلك اخر جملة اردفها يسر قبل ان ينقض على حركت شفتيها بشوق ليطفئ نار غضبه من عذب مياؤها الوحيد القادر على اخماده ...

" فهمت يا فايز هتعمل ايه "
اردف حيدر جملته بحرص شديد بعدما انتهى من قذيفة اوامره على اذان فايز لوضع خطه يقتحم بها منزل الهواري ..

اردف فايز سريعا
- بعون الله .. دفنة سليم الهواري الليله ..

ادهم بشماته
- خليك حريص، وفتح عينك وامن نفسك زي مااتفقنا، مش عاوز حاجه تعطلنا عن كتب الكتاب ..

تنحنح فايز بثقه
- عيب ياابو عمو .. دانا فايز عتمان بردك .. تار عمنا هيتاخد الليله واخيرا راسنا هتترفع وسط الخلق ..

- ربنا معاك ياولد اخوي .. يلا شهل عشان الرجاله .. وانت يا ادهم المأذون هيجي ميته

- ساعه كده وتلاقيه وصل .. المهم وجد متعرفش حاجه لازم نحطها قدام الامر الواقع ..

 

دقت باب مكتبه بهدوء حتى اذن لها بالدخول فاردفت بدلال

- بستئذان اههوو ..

دار بمقعده الجلدى الاسود قائلا
- ياباشا انت دخلت قلبي من غير استئذان .. فحقك تدخل اي مكان بعد كده ..

اقتربت منه وشعرها المرفوع علي هيئة ذيل حصان يمايل معاها قائله
- السواق جابلك الاوراق دى ..

رفع حاجبه وتبدو عليه معالم الاهتمام
- ااه دا ورق مهم قولت للسكرتيره تمضيه ..

- طيب يلا امضيه عشان السواق قاعد بره .. هو الورق دا مهم اوى كده ..

تناول مجدى منها الاوراق كى يتفحصهم .. ولكنها فجائته بالجلوس امامه فوق سطح المكتب قائله
- يلا امضي ..

زاوية عيناه انحدارت لتتفتنها بانبهار من اسفل لاعلى قائلا بتنهيده
- صلاة النبي احسن !

كتمت صوت ضحكتها مردفه بدلال
- انا بقول تمضي بقي بسرعه عشان شكلك عندك مهمه تانى دلوقتى ..

تنحنح بخفوت ليفق من سُكر قربها وهو يمضى بالاوراق سريعا
- والله ما قاري، هو الحلو رضا عننا ..

وضعت ساق فوق الاخري لتقول
- طيب انجز وبطل عطله الراجل مستني بره وبعدين نشوف موضوع الرضا دا ...

انتهى مجدى من امضة اوراقه بسرعه فائقه وانظاره التى تنخطف إليها حتى انتهى منهم .. فسرعان ما جذبتهم متلهفه
- شاطر .. شوفت بقي وجودى في حياتك مهم ازاي خليتك تخلص شغل في اقل من دقيقه ..

نهض مجدى ململما بالاوراق ليقول
- هديهم للسواق وارجعلك بسرعه ..
خطفت الاوراق من يده بسرعه
- انا اللي جبتهم يبقي انا اللي اوديهم لو سمحت كل واحد يلزم شغله ...

رفع حاجبه متعجبا
- اي عقل العيال دا !

- اسمع الكلام يابشمهندس .. دقيقه وراجعه ..

ركضت من امامه سريعا وهى تحتضن الاوراق فاردفت متعجبا
- بت المجنونه دي !

ابعتد صفوة عن غرفته وهى تطوف بعينيها بقلق بالغ متصفحه في الاوراق التى معها كانها تبحث عن شيء ما، الى ان ارتسم على ثغرها ضحكة انتصار عجيب عندما ظفرت بمرادها واستطاعت ان تصل الى امضاء مجدى على ورقه التنازل لكل املاكه لها، فاستندت على الجدار خلفها مردده بسخريه
- فاكر نفسه هيضحك عليا بمنحه ومعرفش ايه، لا وحاسبها عليا جميلة كمان والواد متطوع انه هيصرف عليا ... طيب يابيشمهندس ياما ورقة طلاقى توصلنى ياما تمشي تشحت في الشارع ...

 

" تسلم ايدك والله يام عماد .. اكلك حلوة اوي "
اردف وعد جملتها وهى تجلس بجوار حمزه زوجها في المجلس العائلى .. فرددت عفاف بشكر
- انتوا بس اعملوها وتعالوا كل يوم وان مشالتكمش الارض اشيلكم فوق عينيا والله ...

اردف سليم قائلا
- سعت النقيب حمزه اللى حصلك دا مش هيعدى على خير ..

التفتوا جميع نحو قذيفه كلمات سليم التى اخرجها بتلقائيه .. فرمقه النقيب حمزه بحذر، وعلى الفور انطلقت عشق قائله
- هو اي اللى حصل ياحمزه، سليم بيه قصده ايه ..

ارتبك حمزه قليلا فربت على كتفها برفق
- عشق .. مافيش حاجه دا موضووع وخلص .. ولا اييه ياسليم باشا

احس سليم انه ارتكب جريمه فحاول ان يصلح الموقف قائلا
- زي ما حمزه باشا بيقولك بالظبط ..

رمقت وعد زوجها حمزه الخياط باستغراب فتعمد ان يضغط على كفها برفق مشيرا لها بكلتا عينيه مما اشعل نيران الارتباك تندلع بجوفها .. رمق راجح سليم باغتياظ قائلا
- غير الموضوع ياسليم ..

- هى يعنى الحفلة على سليم دلوق !

عشق بارتباك وجهت حديثها لوالدها
- بابا .. انتوا مخبين عنى حاجه !

ضحكوا جميعا خوفها الذي يتقاذف من عيونها فاردفت عفاف
- يايتنى ماهو جوزك جمبك اهو، شكلك بتحبيه جوى .. ربنا يحمهولك ..

اردفت الهام بمزاح
- اصل حمزه اخويا وعشق متربين على حب بعض من زمان فتلاقيهم كده روح واحده ..

عاصم زوجها بضيق: قصدك اي ياست الهام .. يعنى لو كنت مكان حمزه مكنتيش هتخافى عليا .!

ضحكوا جميعا فاردفت الهام بسرعه
- انت هتوقعنى ليه في الغلط قدام الناس !

ربتت على ظهرها نورا الجالسه بجوارها بحنان
- يابتنى انت اللى جايبه لنفسك الكلام .. _ثم نظرت لعماد بخجل_اصلا الحب دا احلى حاجه في الدنيا ربنا يسعدهم ..

التفت عماد الى حمزه الخياط
- كنت حابب اتعرف على حضرتك من زمان .. وليا الشرف انى قاعد مع جنابك ..
حمزه بامتنان
- يكرم اصلك ياسعت المستشار ..

التفت ماجده صوب عشق مردفه
- انتِ بجد بتحبي النقيب حمزه من صغركم ولا دى مبالغه من الدكتوره الهام !

تشبثت عشق بكف زوجها بحب مردفه
- الهام اول مرة تقول حاجه صح، انا متعلقه في روح حمزه كاننا روح واحده .. والبركه في ست الكل وعد هانم والخياط باشا علمونا نحب زيهم ..

وعد بمزاح
- انت مالك بوعد هانم ياست عشق ! انا محدش بيحب زيي ولا ايه ياخياط باشا !

امتزج صوت الضحكات جميعا فاردف حمزه قائلا بعتاب
- اهو جبتى لنفسك الكلام ياعشق ..

فاردفت ماجده بتدخل في الحوار
- انا كمان بحب سليم من زمان اوى .. ومن انا طفله، وحبه بيزيد جوايا بطريقه انا عاجزه عن وصفها ..
اقتطبت ملامح سليم فجاة فلاحظ ذلك كل من الخياط بخبرته في عرف العشق والهوى، والاخر لانه اعلم بسر صاحبه ... فتدخل حمزه الخياط قائلا
- يبقى الحب مجرد كلمة حتى الشخص اللي يديها معنى ..

تبسم عماد باعجاب ثم القى نظرة على نورا قائلا
- عند حق ياباشا ..

وثب حمزه واقفا يرتب جلبابه قائلا
- طيب نستأذن احنا .. عشان لسه عندنا مشوار طويل

تدخل راجح: لا انتوا تباتوا عندنا الليله والنهار له عنين ..

حمزه بامتنان
- والله ياراجح بيه انا نفسي اقعد خصوصا لما اتعرفت على العيلة الجميله بتاعتكم .. بس ان شاء الله تتعوض وهنستانكم احنا في سوهاج ولازمًا نتعرف على البيشمهندس والدكتور وباقى العيله ..

- دا شرف لينا ياباشا ..

تحرك الجميع نحو بهو القصر للخروج من بابه الخشبي الضخم، وهما يتبادلون السلامات والترحاب والاحضان بين السيدات الى ان وصلوا الى مجمع سياراتهم .. توقف حمزه الخياط مردفا
- سليممم .. عاوز اتكلم معاك لحالنا .. شوف الوقت اللى فاضي فيه وتعالى تنورنا ..

وقف سليم امامه ممتنًا
- الوقت اللى معاليك فاضي فيه هتلاقينى عندك ..

راجح بفضول
- خير ياباشا ..

ربت حمزه على كتفه قائلا
- خير ياهواري ماتقلقش ..

همست نورا في اذان ماجده قائله
- اومال امك فين مش باينه !
- قفلت النور وقالت محدش يصحينى ...
- يااختى ! هتستلقى وعدها من جدك النهارده ..

لكزتهم عفاف بمزاح لتقول
- سلموا على البنات يلا ...

استكملوا العائلتين حديثهم الذي استمر لبضعه دقائق في ممر البيت، كلا منهما يشارك في الحديث بطريقته المختلفه مابين هزار ورسميه وحكمه وغيرها .. ضم صف النساء مع صف الرجال ليعقدوا نصف دائره .. مابين اصوات ضحكهم والجمهوري اتفتلت اذان راجح الى صوت شد اجزاء سلاح خافت، فرفع عينيه ليجد شعاع من الليزر مصوب علي صدر سليم المنغمس في حديثه المثير مع الرجال .. اطلق صوتا قويا في انٍ واحد ممزوجا بصرخات راجح الهواري وهو يقف امام سليم مناديا باسمه مع صوت رصاصة فايز التى اصابت راجح الهواري في مقتل ... وبمهاره قتاليه في جزء اقل من الثانيه اخرج النقيب حمزه سلاحه لتصيب رصاصته رأس فايز العالق فوق سور القصر وهو متاهب للفرار .. فسقط صريعا في الحال ..

ركض النقيب حمزه ومجموعه من رجال الهواري والخياط خلف الغزو الذي خيم عليهم ليلتهم، بينما اعتلت نواح النساء وهما يراقبون راجح طريحا في الارض يين ذراعي سليم الذي انفجر في البكاء قائلا بتوسل
- قومى ياهواري ... لسه في حاجات كتير اتفقنا عليها معملنهااااش قووووم ..

جث عاصم والهام على ركبتيهم للتعامل مع اصابته ينهاره طبيه ... فزعت ثريا من سباتها على الضجه المربكه بالاسف ففركضت نحو النافذه لتري ما الامر ...

 

- " الحقى ياوجد .. الحقىىىىىى مصيبه "
اردف ورد جملتها وهى تقتحم غرفة اختها بانفاس مرتفعه وجسد يرتعد .. دنت منها وجد متسائله
- حصل ايه .. اهدى ..

اخذت ورد انفاسها بتثاقل وهى تقول
- المأذون تحت، بيكتب كتابك على ادهم .. مصيبه ياوجد ..
وضعت كفها على فمها بذهول محاول استيعاب نيزك كلمات اختها .. فركضت سريعا كى تهافت سليم لتستغيث به .. ولكن دون جدوى رنين بدون جواب ... القت هاتفها جنبا والدموع تنخرط من عيناها
- يبقي لازم اواجه لوحدى !

ركضت ورد صوت اختها متوسله
- لا والنبي .. هيقتلوكى ياوجد .. فكرة بعقلك .. كلمى سليم يتصرف ... اقولك امشي امشي من القصر دلوق روحى لسليم ..

قطعت ساميه حديثهم بشماته مردفه
- يلا ياعروسه المأذون بيسأل عليكى تحت ..

صاعق كهربي اصاب الاثنين في مقتل، فظلا يتبادلون الانظار المتارجحه فوق نيران الخوف 
انا اشتاق، انا اريد، انا اتمناك ان تكون نصفى الاخر المُكمل لى، ولكن يبدو للزمن راي اخر، اصبح اشتياقنا تمرد على قوانين عالم متغطرس سلب مننا الارادة واعتقل امانينا حتى اصبحنا كعُلبة صفيح آكلها صدأ القسوة والظلم .. اصبح لقانا حدثًا منافيًا لقواعد الطبيعة كتلاقي خطى سكة حديد اذا اجتمعا كثرت ضحاياهم ! فإلى أين المفر ؟! - نهال مصطفى.

امامك انا امرح، اغرد بترانيم حبٍ غير متناهى، وحدك الذي يمتلك زمام السيطرة علي مرحى وحزنى، بسمتى وعبثي، دلالى وتمردى، معك اصبحت مغيبه عن العالم كله لا اريد إلا اياك كأنك لى طين خلقت منه وإليه اعود، هو فقط يالله احفظه لى من كل شر يطوف حوله ...

تحاوط ذراعه بقوة كمن يخشي الفراق مُلصقه جانبها بجسده لتداعب اصابع قدميها بمياه الشط قائله بدلال
- محممممد .. انت سرحان في ايه !

وضع (محمد) كفه بجيب بنطاله القصير قائلا بتنهيده
- قلقان يا (يسر) .. حاسس في حاجه، فجاة كده قلبي اتخطف وعاوز ارجع البلد ..

تركت ذراعه بعفويه طفل لتقف امامه واضعه ذراعيه على خصرها قائله
- انت بتهزر صح ؟! ولا عاوز تنكد علينا وخلاص !

دفع مياه الشط بقدمه وهو يحاوط عنقها بتلقائيه قائلا
- مش قصدى والله، انت سالتى وانا جاوبت ..

رفعت كفها كى تتشبث بكفه المثبت فوق كتفها قائله بدلال
- وبعدين يا استاذه دى اسمها خيانه ! انت ازاي تفكر في حاجه غيرى وانا جمبك ! هاا بص لى هنا وانا بكلمك .

ابتعد عنها بمرح لينحنى قليلا وينثر قطرات المياه بوجهها قائلا
- اهو انتِ اللى هتقلبيها فيلم هندى !

شهقت بصوت عال وهى ترد له موجه شديده من المياه التى ركلتها بقدمها
- بقي كده يامحمد ! طب خد بقى ..

ركض امامها قليلا ثم ركل المياه بقدمه مرة اخري قائلا بمزاح
- خلى بالك رش الميه عداوة !

- وانت لسه شووفت حاجه .. خليك فاكر انت اللى بدأت ..

ظلت تداعبه بقطرات المياه القوية التى بللت ملابسهم فاقترب منها محمد ليحملها بين ذراعيه قائلا
- خلاص بقي .. الواحد مايعرفش يهزر معاكى شويه !

تغنجت فوق ذراعيه بدلال قائله
- اقولك ايه نزلنى كده لسه مخدتش حقى منك ..

رفع حاجبه مستنكرا ثم انحنى قليلا لينزلها قائلا بضحك وهو يركض امامها
- ورينى بقي هتعملى ايييه ..

ركضت خلفها بسرعه قائله
- انت هتخلع من اولها خد هناااااا .

تجاهل محمد حديثها تماما مكملا في ركضه على الشط الذي ملئته الظُلمه والعتمه، لحقت (يسر) به بسرعه فائقه حتى تشبثت بعنقه من الخلف رافعه ساقيها بحركه طفوليه ..
- طالما مش اد الكلام بتتحدانى ليه !

رجع ذراعيه للخلف ليريح جسدها فوق ظهره قائلا بمرح
- حرمت خلاص ... اخر مرة ..

رفعت ذراعها لاعلى بحركه نصر قائله بفرح
- ايوه كده ... تعيش ياسو ..

" خلى بالك على بنات عمك ياسليم .. العتامنه لاه لاه ياولدى "
كانت اخر جملة اردفها (راجح الهواري) وهو يلفظ انفاسه الاخيره وعيناه تنطوف بين الحاضرين إلا ان علقت بعينى (سليم) النائم على فخذه .. ارتعد جسد سليم خوفا وحزنا محاولا ان يحرك جسده عنوة عنه
- قوم ياهواري ... قووم بلاها مِقلدة عاااااد، عارف انى مش ههون عليك ... قوم يلا متفرحش العتامنه فينا !

هز جسده اكثر من مرة، تراجع الجميع للخلف واعتلى صوت النواح والصراخ، احتضنت وعد ابنتها بقلق وهى تتراجع للخلف .. مرر حمزه الخياط انامله فوق عيني راجح ليغلقهما بكف مرتعش مرددا
- لله الامر من قبل ومن بعد ...

جث عماد على ركبتيه ليقبل كف جده بصعوبه وحلق جاف حتى تقطرت دموع عينيه علي كف جده قائلا
- مكنش ينفع تسيبنا دلوق ياهواري !

القى عاصم على الهام نظرة يأس فهزت رأسها باستسلام وملامح منكمشه مردده بحزن
- مافيش في ايدينا حاجه !

احتشد اهل البيت من غفر وسكان حولهم والحزن خيم على حلقات شملهم، اخترق النقيب حمزه صفوف الجميع وبيده البطاقه الشخصيه لدى ( فايز ) فارسل نظرة صوب خاله فهم مغزاها فانعقدت ملامحه بهمٍ جديدٍ .. طبع سليم قُبلة أخيره فوق جبين جده ثم نهض بجسد مهتز وقدمين لم تتحمله فمسح دموعه بطرف كمه قائلا بتوعد وهو ينظر للنقيب حمزه
- العتامنه صح !

اتسعت عيون الحاضرين منتظرين رد حمزه على سؤاله فخيم نوع اخر من الخوف والحزن علي قلوبهم، لم ينتظر سليم رده فاستدار سريعا بجسده كى يجذب سلاح من احد الغفر قائلا بحده
- الليله النصبه عندنا هتبقي عشره عنهم .. ورحمتك ياهواري ماهخلى حد فيهم عايش ..

صرخت عفاف متوسله وهى تتشبث في كمه
- لاا .. لا ياسليم ياولدى، متقهرش قلب امك عليك ...
سحب (سليم) ذراعيه بصعوبه مرددا بتوعد
- الحرب قامت ياما خلاص ...
ثم اسرع الخطى نحو سيارته .. فتضاعف العويل والصراخ، اقتربت ( ماجده ) من ( عفاف) قائله بتوسل
- سليممم عيروح منينا يامراة عمى .. اتصرفىى ..

جثت عفاف على ركبتيها وهى تصرب بخذيها بحسره وصوت مبحوح
- ولادى راح منى خلاص ... ياااااسليمم ..

وقف حمزه الخياط بسرعه ملقيا نظرة آمرة نحو صهره قائلا
- الحقه ياحمزه يلاا

اندفعت ( عشق ) بقلق
- بابا ! لا لا ياحمزه ..

تجاهل ( حمزه )حديثها ثم تحرك نحو سيارته ليصعدها ويقودها بسرعه فائقه خلف سليم الذي اوشكت مصابيح اناره سيارته على الاختفاء .. اقترب حمزه الخياط من ابنته طابعا قبلة خفيفه على جبينها بحنو
- اهدى يابتى ! دا شغله ...

وعلى الجهه الاخري انحنى عاصم وعماد ليحملا جثمان راجح الهواري داخل القصر، فتحرك خلفهم الجميع بخطوات متثاقله بالهم والثأر الذي يفتح ابوابه على مصرعيه .. دلفت ثريا الى اسفل ويعلو ثغرها ابتسامه ماكره لتراقب الوضع بعيون جليديه يلمع منها بريق الشر، ارتفع صوت العويل والصراخ اكثر فأكثر حيث النساء جلسن جنبًا يواسون بعضهم البعض .

" صافى ! تحبى تتعشي هنا ولا بره ؟! ... "
اقتحم ( مجدى ) غرفة صفوة مردفا جملته التى لم يتمها عندما سقطت عيناه على حقائبها المُنضبه جنبا، فرمقها باستغراب شديدٍ، فقال وهو يقترب منهما
- اى الشنط دى ! في ايه ..

انتهت صفوة من ضب شعرها على هيئة ذيل حصان ثم ارسلت له نظرة ساخره المرآه قبل ان تلتفت بجسدها نحوه مرددا ببرود
- اي ! دى شنطى ...

مط شفته لاسفل مستفهمًا وهو ينظر في ساعة يده
- ايوة يعنى ليه حاطاهم كده ؟!

عقدت ذراعيها امام صدرها وهى تخطو نحوه بخطوات سلحفيه
- اااه منا نسيت اقولك صحيح .. اووف يخربيت النسيان، مش انا لازم امشي !

عقد حاجييه باستغراب اشد قائلا بتساؤل
- تمشي ! انت مالى النهارده ؟!
اطلقت ضحكه انثويه عاليه وهى تقترب منه بثقه مردفه
- هقولك .. انا قررت اننا لازم نطلق دلوقت .. عشان يابن الناس جو الجواز والرومانسيه والهبل دا مابياكلش معايا .. ها قولت اييه !

قبض على رسغها بقوة وهو يجذبها إليه وينهرها بغضبٍ مكبوت
- ماتتعدلى ! وطلاق اي اللى بتتكلمى عنه ! انت جري لمخك حاجه ..
ابتعدت عنه بانسيابيه وعود مختال منتصب قائله بثبات
- يوووه ونسيت اقولك دى كمان ! او شكلك انت اللى نسيت .. اسمع يابيشمهندس انا واحده مقعده مابطقش اسم الرجاله اصلا لانكم سبب كل مصيبة في الزمن دا، انا حقيقي بكرهكم ومش هتردد للحظه لو جاتلى الفرصه اسيب الدنيا كلها واهرب لعالم خالٍ من مكركم وشركم وانانيتكم .. مختصر كلامى يعنى مايغركش جو الحنيه والشويتين دول اللى دخلت عليك بيهم، وانت صدقت دى مشكلتك بقي ... طلقنى يا مجدى ...

وقف في منتصف الغرفه مصدوما، محاولا استيعاب ثلجية كلماتها يرمقها بعيون وضيعه جعلتها تتصاغر امامه شيئا فشيئا، غريبن معشر النساء اذا احببن احدهما فرش له من مشاتل الحب طُرقًا، وإذا كرهن أحدهما نفرن من معشر الرجال باكمله ونسجوا خيوطهم ليصطادوهما كما تصطاد انثي العنكبوت فرائسها ..

استدار مجدى نصف دائره واضعا كفيها على رابط خصرها الجلدى قائلا بعند
- وقولت قبل كده مش طلق الا ...، افتكر انك عارفه الشرط ..

ضحكة اخري انطلقت من ثغر حواء وهى تقترب من حقيبتها الحلديه بانتصار
- مش بقولك كلكم صنف واحد، على العموم كنت عامله حسابى ... دى .

مد انظاره نحو الورقه المطويه بيده قائلا بتعجب
- اى دى بقي يابت الهواري !

تحركت بخطوات شامخه وهى تفتح الورقه قائله بدلال
- دى ورقه بيضه ملهاش معايا اى تلاتين لازمه، بس تلزمك اوى ...

دنى منها ( مجدى ) وهو يستمع لها باهتمام قائلا بثقه
- هااا .. يا ريت تجيبي كل اللى عندك عشان تشوفى اللى عندى انا كمان ...

صوت نفس طويل خرج من رئتها متحررا من نيران كيدها، فالتوى ثغرها بمكر وشرعت ان تحرك ثغرها لتنطق الا ان اوقفها صوت رنين هاتفه .. حاول ان يتجاهله مجدى قائلا
- سيبك .. هااا كملى عشان شكل ليلتنا مطولة ..

نظراته ارعبتها مما جعلها تتراجع للخلف ويبدو على ثغرها المنتفض بعض القلق، فبللت حلقها الجاف عدة مرات قائله بقوة مستجمعه
- تقدر ترد على فكرة .. عادى مش ورانا حاجه ..

- دا عماد ومفتكرش انه عنده اهم من موضوع تحرير القطه، هااا هاتى اخرك معايا يا صفوة ... !

تنحنحت بخفوت وهى ترمقه بعيون متأرجحه بين الورقة التى بيدها وهاتفه الذي عاد صوت رنينه مرة اخرى مما جعل مجدى يزفر مختنقا ليرد عليه بغضب خيم دخانه على نبرة صوته
- في ايه ياعماد !

اردف عماد بهدوء
- مجدى ! تعالى ضروري ..

كور اصابع يده بغضب متمالك قائلا بتأفف
- اجى فين ؟! هو في ايه !

عماد باسف
- البقيه في حياتك .. راجح الهواري تعيش انت ..

اتسعت عيون ( مجدى ) متلألأه بالدموع محاولا تفهم كلماته قائلا بعدم تصديق
- عماد ! انت واعى لكلامك ..!

مرر عماد كفه على شعر رأسه قائلا
- مافيش وقت يلا تعالى عشان تلحقوا الدفنه ... مجدى متسوقش انت تعالى مع السواق افضل ..

ثم اغلق عماد الخط تاركا مجدى في دوامة احزانه ودموعه الهاربه لاول مرة رغم عنه وكأن ما بداخله فاض كيله فتراجع ليجلس على اقرب اريكه عندما شعر بتثاقل قدميه، راقبت صفوة تغيره المفاجئ فاقتربت منه بفضول مردده
- فى ايه !

نظر في عيونها طويلا ثم قال:
- راجح الهواري مات !

تجمدت في موضعها تتلقى صاعق كلماته قائله بعدم تصديق
- اييييه ! لا طبعا مستحيييييل .. جدى ! انت بتهزر صح ؟! الهواري مات ؟! مات وهو زعلان منى ؟! لالا قول لى ان الكلام دا مش صح وانه في غيبوبة او تعبان شويه وهيفوق، بص اكيد في حاجه غلط .. يلا بينا نروح البلد دلوقت هو اكيد مستنينا وشكلنا وحشنااه .. بس مكنش ينفع يهزر معانا بالطريقه دى ! مجددددى .. انت ساكت ليه !

مسح الدموع المتقطره من عينيه ثم وثب قائما
- يلا بينا مافيش وقت .. يلااا

- ما كفايه دلع بنات مرق عاد ياوجد وتخلصى المأذون مش وراه غيرنا إياك !

طرقت ( ساميه ) على باب غرفة (وجد) المغلقه فتسببت فى فزع الاختين معًا .. ندبت ( ورد ) على وجنتيها بخوف
- يالهوى ياوجد ! هيكتبوا كتابك وانتِ متجوزة .. يامري .

سحبت وجد قسيمة زواجها وهى تلتقط انفاس الخوف والقلق مردفه بتحدٍ
- لازم اتصرف واللى يجري يجري .. هيعملوا ايه يعنى هيقتلونى ! مش مهم المهم معصاش ربنا واوقع نفسي في مصيبه ...

ركضت ( ورد ) صوبها لتتشبث برسغها بتوسل
- وجد .. انتِ واعيه لكلامك يابت ابوى ! عاوزه تودى روحك في داهيه ...

عاودت ( ساميه ) الطرق مرة اخري:
- اباي عااااد ... وبعدين ياست الضكتورة ..

زفرت وجد بنفاذ صبر قائله
- والله ما في داهيه غير اللى واقفه بره دى .. وانا لازم اتصرف .. وسعى ياورد .

سالت قطرة ضعف من طرف عينى ورد داعية ربها بتوسل
- استرها يارب ..

فتحت وجد باب غرفتها اخيرا فرمقت ساميه باشمئزاز مما جعلها تنظر لها بسخريه قائله
- من اولها دلع ياست وجد ..

لم تجيبها وجد واكتفت بسيرها بخُطى مهزوز نحو السلم، نظرت لها ساميه متوعدة مردفة بهمس
- مفكرة اننا هنموت في دباديبك ! كلها مصالح يا وجد لحد ماولدى يقعد ويتربع ويدوس على الكل واولهم انت .. الصبر حلو بس .

رفع ادهم عينيه نحو وجد المدلفه من اعلى قائلا بفرحه
- وأهى ست الضكتورة وعروستنا وصلت يلا بقي يامولانا !

بللت وجد حلقها عدة مرات وهى تهبط بخطوات متثاقله ململمة شمل كلماتها، خفق قلبها هلعا عندما اردف حيدر بشموخ
- يلا يامولانا شوف شغلك ..

ارتعش شدقها بارتباك حتى لمست قدمها ارضيه المنزل قائله بتردد
- الجوازه دى مش هتتم ..

وقف ادهم وحيدر معًا بمجرد ما انتهت من جملتها يراقبوها بعيون ناريه، فاقترب منها عمها بهيئته الموقرة وشظايا الشر تتقاذف من عينيه قائلا بغضب مكتوب
- ست الضكتورة عتقول اييه !

تراجعت خطوة للخلف وهى ترمقه بعيون متأرجحه وهى تعتصر باناملها قسيمة زواجها لتقول
- انا .. انا .. محتاجه بس افكر شويه ياعمى ملهاش لازمه العجله دى ...

ثبت عينه عليها طويلا ثم اصدر نغمه متردده من شدقه
- ااااااااه ! دلع بِنته يعنى .. شوف شغلك يامولانا يلااا دا دلع عرايس ..

التفت حيدر ليعود لمجلسه مرة اخري ثم اوقفه نداء وجد المرتجف
- عمى ... دا مش دلع بنات !

ندبت ورد على وجنتيها بقلق وهى تراقب اختها من اعلى، فاكملت وجد كلامها وهى تفرك بكفيها بقلق بلغ ذروته
- لازم تفهم ان الجوازه دى باطله ...

لم تكمل وجد جملتها حتى اقتحم احد الغفر مجلسهم بجسده المرتعش وهو يعلق سلاحه بكتفه قائلا
- الحق .. الحق ياحيدر باشا الحق شكلها الحرب قامت ..

التفتوا جميعا نحو الغفير، فاردف ( ادهم ) بقوة
- في ايه ياغفير الغبرة انت كمان .. ماتنطق ..

- نصيبة جنابك ..

نهره حيدر بقوة
- ماتنطق يا ولد المحروق ..

- فايز بيه تعيش انت ..

شهق الجميع بصوت عالٍ هز جدران القصر، فتهجم حيدر قائلا بقوة
- كيف ده حصل .. انطق ..

ازداد الرعب والفزع بجسد الغفير فاكمل قائلا
- واحد من رجالتنا اتصل وقال وقت مابينفذوا المهمه الظابط نسيب حمزه الخياط رصاصته جابت فايز من اخر الدنيا فقضت عليه ..

احتشد الجميع حولهم بفزع، فاردفت كوثر بحسره
- ياكبدى عليك بافايز لسه مدخلتش دنيا .. حصلت امك وابوك وانت لسه في عز شبابك ..

حيدر بقلق
- والرجاله فين دلوق !

- كلهم هربوا .. والحكومه متنتوره في قصر الهواره عشان راجح الهواري هو اللى اتلقي الطلقه بدل سليم ...

صدمة اخري شقت قلب وجد، فصرخت في وجه عمها قائله
- انت اى ! عاوز تقلبها مجزرة .. عاجبك اللى بيحصل فينا دا، روح ياشيخ منك لله .. البلد والشوارع ناقصه دم ؟! انتوا ماعتفكروش ليه .. واي ذنب الهواري وفايز اللى راحوا في الرجلين ... منك لله ياعمى .. ربنا ينتقم من كل جبار مابيرحم ..

صفعها عمها بكل قوته كأنه لقى ما يفرغ به شحنات غضبه، فصرخت وجد بصوت اعلى
- فكرك الضرب هيحل حاجه ! فتحت في وشنا بحور دم مش خلصانه، وياعالم الدور على مين ! باعت تقتل سليم ! واهى جات في راجح التقوا بقي الحرب اللى هتحرق قنا بحالها ...

لم تكاد تنتهى وجد من كلامها حتى رُجت جدران القصر بضربات رصاص سليم وصوته الجمهوري
- اطلع لى هنا ياحيدر ... اطلع يلا، ورحمة الهواري ما اخلى دكر فيكم عايش فيها ..

ثم عاد مرة اخري ليفجر مخزون سلاحه بغل، ركض الغفر خلفه لانه اقتحم بوابه القصر باسلوبه الهمجى الذي تسبب في اصابه احد الغفر ... ارتسمت على وجظ ابتسامه شماته
- هااا اشربوا عاد، مش هترتاحوا غير لما عيلة فيكم تخلص على التانيه .. يارب تكون ارتحت ..

شد ادهم اجزاء سلاحه متوعدا
- والله وجيت برجليا ياسليم ..

ساميه بلهفه: لا ياولدى .. لا بلااش دم، متقهرش قلب امك عليك ..

ادهم بغل: دا متهجم علي بيتنا يعنى مش هاخد فيه يوم ياما .. تقلقيش دا قدملى السلاح اللى هيتقتل بيه على طبق من فضة ..

خلع الخوف قلب وجد من جوفها خشية علي سليم ان يصيبه مكروه، اخترق صوت رصاصة سليم نافذة القصر قائلا
- ناويين تتخبوا كيف الولايه كده كاتير ! الرصاصة الجايه هضربها في نفوخكم ..

صرخ النساء بالداخل بسبب رصاصته الطائشه التى تمركزت في صورة حيدر العالقه فوق الحائط، ثم استدارت وجد مرتعده لتردد بخفوت
- دا مجنون ! انا لازم اطلعله ...

ادهم بقوة وبصيغة آمرة
- خطوة كمان ياوجد ورصاصتى اللى هتجى فيكِ .. تقعدى مطرحك متتحركيش وانت ياعمى يانخلص على ولد المحروق دا ياما هنعيش طول عمرنا مذلولين ...

وجد صارخه بعتاب
- انت عاوز جنازه تشبع فيها لطم ولا اييه ..

تجاهل ادهم وحيدر حديثها، استدار حيدر بجسده لتقى عيناه على المأذون المختبئ خلف المقعد الخشبي بخوف، فامر غفره قائلا
- ولد الهواري لو طلع منها على رجليه انا هقتلكم كلكم ...

ثم تقدم بخطوات ثابته نحو الباب مجمهرا
- انت مش عاوز تجيبها لبر ليييييه ياولد الهوارى !

فجر سليم طلقات رصاص سلاحه بعشوائيه مما جعلهم يختبئون خلف اعمده وجدران القصر، وصل بعض الغفر من الخلف ليقيد اغلبهم حركه سليم والاخر يجذب منه السلاح بقوة، وبعد محاولات عديدة انتصرت الكثرة على الشجاعه، فأسر الغفر سلاح سليم مما بث الاطمئان فى جوف حيدر ورجاله، فاقترب ادهم بفظاظه

- اااه انا لو قتلتك دلوق مش هاخد فيك يوم، تحب الرصاص تيجى فين ! ولا اقولك انا عاوز اتكيف بقتلك فسيبنى انا اختار ..

- متحامى في رجالتك يا ادهم ! لو راجل يلا صدري قدامك اهو فجر طبنجتك كلها يلا فكرك هخاف وادراى ورا الحيط ! تبقي غلطان ! احسنلك تنفذ كلامك لانى مش هرحمك لو عشت فيها ..

جمهر حيدر وهو يصوب سلاحه نحو سليم قائلا
- وانا مش هكسر بخاطرك، انت بس تحلم والعتامنه يحققوا .. وهنخلوك تحصل جدك دلوق ..

خرجت وجد من باب القصر لاهثه ومتوسله
- لا ياعمى بلاش والنبي ..

خفق قلب سليم عندما رأها تبتعد عنه اكثر فاكثر اصبح قربها يحتاج لمعجزه إلهيه، فرت دمعه وجع من طرف عينه فسرعان ما اختفت بذقنه وهو يراقبها بحسره، زاح حيدر وجد بعيدا ليرفع فوهة سلاحه مرة اخري نحو سليم قائلا
- اللى يتهجم علي بيتنا في نص الليل موته رحمه ! هتتشاهد ولا اتوكل على الله !

ابتسامه ساخره مرت نسائمها على ثغر الجميع ماعدا وجد واختها، فالفتك بسليم الهواري قد حان موعده ..

دلف حيدر درجتى السلم ليصبح موازيا لسليم ويقف ادهم علة يساره قائلا
- باصص على وجد ! متقلقش دى ناقصة تربيه وهنربيها بس نخلص من التعلب الاول ...

بلل سليم حلقه بغضب منتظرا مصيره، ثم قرب خطوة منه موشكا ان يكشف ستار السر ويخبر الجميع بانها زوجته ومن يقترب منها او يمسس بها شر كمن حفر قبره بيده ولكن مصابيح سيارة النقيب حمزه زغللت عيون الجميع حتى صفت بجوار سيلرة سليم، فهبط منها بعجل وهو يحمل سلاحه ليقول بتهديد
- اللى حصل دا اتاكدوا مش هيعدى على خير ...

قهقهه حيدر قائلا
- اخر حاجه كنت اتوقعها ان تارنا يبقي معاكم ياسوهاجيه !

رمقه حمزه بسخريه
- مفتكرش انك بالغباء اللى يخليك تلعب مع سوهاجى من نسل الخياط باشا ..

ثم اتجه نحو سليم قائلا
- يلا ياسليم بطل فوضي .. البلد فيها قانون واتاكد ان حقك هيرجع تالت ومتلت ..

- مش ماشي ياحمزه الا لما اقتلهم او يقتلونى !

نهره حمزه بحزم
- وانت مين قالك انى هسيبك .. يلا ياسليم اتحرك ..

نظر حيدر لادهم ثم لرجالهم منفجرين في غيبوبة ضحكهم الساخر .. فاردف حيدر بسخريه
- دول مفكرين اننا هنسمحلهم يطلعوا منها على رجليهم !

التفت اليه حمزه وهو يرمقه بنظرات حادة
- مفتكرش ان قدامك حل تانى !

حيدر بسخريه: انت يابنى بتقول شر للبيع ! ما انت كنت في بحريه بتحارب اعداء الوطن و تتكافئى في الاخر باك نجمه على كام مليم تمشي بيهم حالك، جاى ليه لوجع الراس هنا ؟!

- لا مانا كيفي ماعيتظبطش غير لما نطير رقاب الرووس اللى جايبه لينا وجع الراس ..

ثم استدار بجسده نحو سليم بنبره اقوى
- سليم قولت يلا نمشي ..

رفع سليم بؤبؤ عينه نحو ادهم الذي استعد ليصيب النقيب حمزه برصاصة الغدر وبدون تفكير جذب سلاح حمزه من كفه لتسبق رصاصته رصاص ادهم التى انحدرت عن هدفها، صرخ الجميع من النساء عندما وجود كتف ادهم ملطخ بالدماء، رمق حمزه سليم بعتاب ثم نهره سليم بقوة
- كان عاوز يقتلك يااحمزه ..

شد اجزاء اسلحه الغفر اخترقت الاذان مصوبة نحو حمزه وسليم كحلقة حصار، جث حيدر على ركبته قائلا
- ادهم قوم متفرحهمش فينا يا ولدى

ادهم متأوها: انا انا بخير ياعمى .. المهم خلص عليهم ميطلعوش منها على رجليهم ..

في اقل من دقيقه انشر حشود من الشرطه في قصر العتامنه مما جعل رجالهم يتراجعون للخلف مطأطأين الراس .. فاقترب الظابط ( فريد علوان ) من حشدهم قائلا بشموخ وهو ينظر لحمزه
- في حاجه ياحضرة الظابط !

رمقهم حمزه بتوعد
- لا ياباشا سوء تفاهم بس وهيتحل ..

ثم استدار فريد نحو حيدر وادهم
- حيدر باشا ممكن تتفضل معانا على القسم عشان تخلص الاوراق اللازمه وتستلم جثمان ابن اخوك ..

حاله من الذهول خيمت على الجميع .. وقف حيدر ببطء وهو يومئ برأسه باستسلام
- علم جنابك ...

صرخ ادهم مزمجرا
- حقي ياعمى .. اقبض على ولد الهواري ياحظابط .. داخل بيتنا يتهجم علينا وكمان طخنى بالنار ..

مط فريد شفته لاسفل متعجبا وهو ينظر لحمزه بتساؤل، فتدخل حيدر سريعا وهو يرمق ادهم بحده ليقول
- لا يابيه محصلش .. دا سوء تفاهم زي ما الباشا قالك ..

- تمام .. اتفضل معانا ...

 

- تتصرفى وتجمعى لى طيارة نازله قنا دلوق .. يلا .
صرخ محمد بوجه موظفه الاستقبال عندما علم بخبر وفاة جده، مسحت يسر دموعها محاولة تهدئته
- محمد ! اهدى مش كده ..

انفعل محمد اكثر
- قولت اتصرفي يلا ..

انتفضت الموظفه وهى تجري اتصالات اخري بالمطار .. ثم اردفت بعد عدة دقائق حاولت يسر بهما تهدئه محمد قدر المستطاع .. ثم اردفت الموظفه
- يافندم مافيش غير طياره واحده نازله الاقصر بعد ساعه .. دا اسرع حل لحضرتك وتقدير من هناك تاخد عربيه على قنا .. وفى تانيه نازله سوهاج بس دى هتقلع بعد ساعتين

شرع محمد بالتحدث ولكن اوقفته يسر سريعا وهى تجذبه من رسغه
- خلاص خلاص احجزى في اى حاجه .. يلا يامحمد .. محمممد يلاااا

- طب حاولى تانى يمكن يرد !

- اوووفر مابيردش ياورد مابيردش

ثم القت وجد جسدها على مخدعها متألمه وهى تندب حظها
- اااه ياورد .. دى اتعقدت اكتر، يالهوى ! الدم بقي فيها للركب !

جلست اختها بجوارها وهى تعقد ساقيها وتضع كفها فوق خدها
- والله ماعارفه اقولك ايه .. اي النحس بتاعكم دا !

- معقوله ياورد يكون جوازى من سليم تمرد على النصيب والقدر ! خايفه خايفه احسن بعد دا كله مايكنش ليا في الاخر، انا وهو استقوينا ومهمناش حد، تفتكري ربنا بينتقم مننا !

- لا لا ياوجد .. متقوليش كده .. ربنا ارحم بكتير من انه ينتقم منكم عشان حبيته، ربنا بس بيدوقك طعم المر عشان تستطعمى طعم الحلو كله بعدين، اصبري ما ضاقت الا ما فرجت ياختى ..

- فين بس ! دى بتتعقد اكتر واكترررر ...

دخلت ساميه عليهما بوجه مكتظ
- قومى شوفى جرح ولدى ! يلااا .

وجد بتافف: جرحه سطحى يعنى مش مستاهله كل الفيلم الهندى دا ..

ارتفعت نبرة صوت ساميه
- ايوة ايوة ! تلاقيكى مقهورة عشان مخلصتيش منه وقولتى ياريتها الرصاصه رشقت في قلبه وخلصت .. بس انسي ياوجد ادهم هيفضل واقفلك كده زى الشوكه فالزور ... ومتفتكريش انك هتهربي منه ... تعالى شوفي جرحه يلا ..

" في قصر الهواري "

ركضت ماجده لتحتضن سليم الداخل من باب القصر بصحبة حمزه .. فتشبثت بعنقه هامسه بقلق
- موتنى من الخوف عليك ياسليم ..

اكتفى سليم بأن يفك قبضتها ويبتعد عنها بانسيابيه وجسد متعب، مقتربا من عماد
- جدك فينه !

- تقلقش ياسليم .. جدك في الاوضة جوه مع الرجاله عشان الدفنه هتكون الصبح .. يكون مجدى ومحمد وصلوا .

خناحر طعنت بها قلوب الاغلبيه، فانسكبت دمعه من طرف عينى سليم وهو يزيح عماد عن طريقه مقتحما الغرفه التى يوجد بها جده ليُغسل .. فوقف بعيدا عنه يراقبه بقلب يتمزق اشلاء وبين كل فترة الاخري يزيل دمعه بطرف كمه قائلا لنفسه
- موتك اللى نزل دموع سليم ياهواري .. ياريتك سبت الرصاص تيجى فيّ كانت هتبقي اهون من خنجر وفاتك ..

#فلاش بااك ..

" سرحان في ايه ياهواري ! "

- اااه ياااسليم ياولدى ... ياما نفسي اغمض عينى وافتحها ألقى كل الاراضي دى مرفوع عليها اسم الهواري ... اااااه لو دا بس يحصل ..

ربت سليم على كتفه بعفويه
- طيب واى اللي مانعك ..! ادينى شويه فلوس بس وانا واخلى قنا كلها تحت رجليك ..

- ااه ياسليم .. لو على الفلوس جاهزه .. بس هتقنع كيف فلاح ماعيفهمش غير في ارضه وعرضه انه يبيع !

- طيب سيبها عليا وفى اقل من شهرين كل الجنة الخضرة اللى عاجباك دى هتكون لك وبس ! المهم انك تفرح .

- مش فرحه ياسليم، دا عزوه وخير لغيرنا وسند ليك ولعيالك .. اللي هيفرح فيها الغبي، عمر الكفن ما كانله جيوب ياسليييم .. دى حاجه عشان لما يجي يوم وان جيت على بالك تقول الله يرحمك ياهواري رفعت راسنا وسط الخلق ..

#بااااااك

" حققت كل اللى نفسك فيه، ومشيت ياهواري، وسبت ضهر سليم عريان " ..

 

" في صباح اليوم التالى "

كالاحجار السوداء المنتشره في صحراء قنا بالاخص بمدافن آل الهواري، ظل الشيخ يردد بعض الايات القرانيه حتى ختم حديثه ب
( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) )

صرخت عفاف بصوت عال حزين قائله
- اااااه ياوجع قلبى عليكككك ياعمى !

فالتف حولها زوجات اولادها يربتون على كتفها .. اما عن ثريا فكانت تراقب العالم خلف نظارتها السوداء كى لا تنكشف ستائر الشماته من عينيها ..

ربت حمزه الخياط على كتف سليم الجالس فوق قبر جده قائلا بنبرة مواسية
- اجمد ياسليم .. كلنا عارفين غلاوة الهواري عندك .. بس دا قدر ومكتوب ياولاد ..

جلس عماد بجواره قائلا
- سليم يلا قوم، لازم تكون اجمد من كده واسمع الكلام ..

تدخل محمد في الحوار
- قوم ياسليم عندنا تار لازمن نريحوا الهواري في تربته، قوم نشوف اللى ورانا ولولوة النسوان دى مش هتجيب فايده ..

نهر حمزه الخياط ( محمد ) بقوة
- انت كيف متعلم وعتقول حديتك الماسخ دا يادكتور! ماتستهدوا بالله ..

محمد بغل: الدم ناره ما عتنضفيش غير بالدم ياحمزه بيه .. مفهاش دى متعلم ولا جاهل ..

مجدى بحكمه: محمد .. بطل جنان انت كمان .. ويلا بينا ..

محمد بعفويه: انا مش متحرك من هنا غير لما اخد تار الهواري ..

اقترب منه مجدى بقوة وهو يتحدث من خلف اسنانه
- يخربيت جنانك اسكت ولم دورك ..

حمزه بهدوء: اسمع كلام اخوك يادكتور ... والحق مسيره يرجع .. يلا قوموا يارجاله شيلتكم تقيله ...

وعلى حدا في مقابر آل عتمان انتهوا من مراسيم الدفن لجثمان فايز، فهمس ادهم في اذن حيدر قائلا
- عمى .. المصيبه دى مش هتعدى .. ودم فايز هيتاخد من نسيب الخياط ..

تنحنح حيدر بخفوت
- الصبر حلو واللعب بقي احلى، دم عمك سالم اتاخد خلاص .. دلوق تارنا مع الخياط ونسيبه وياقاتل يامقتول ..

- طب وجوزى من وجد !

رمقه حيدر بنظرة معاتبه فقال من خلف اسنانه المنطبقين
- جري لمخك اييه .. مش زعلان على ولد عمك يا ادهم ! ماتصبر اباى عليك !

- الوقت عيجري ياعمى .. ولازمن نستغل كل ثانيه وبصراحه انا رايدها وهموت عليها ... وهتبقي ضربه في الجون لسليم ...

استدار حيدر بجسده وخلف حشد عظيم من غفره ورجال العائله فاقترب منه كبير العتامنه بشموخ
- انتوا مش ناويين تجيبوها لبر ياحيدر انت وولد اخوك ! خليت راسنا في الطين ..

طأطأ حيدر رأسه
- احنا قاعدين فى حالنا يارفاعى بيه، مش عارف المصايب عترف فوق راسنا ليه ..

رفاعى بفظاظه: سلسال الدم لازمن يقف ... كفايه راح فيها ولد اخوك والهواري .. اعقلوا وهنجتمعوا كلنا الليله عشان نوصلوا لحل ...


بعد مرور نصف ساعه

احتشاد من مجموعه السيارات تسير خلف بعضها على الطريق الزراعى ومن الجهه المقابل احتشاد اضخم يضم آل الخياط وآل الهواري بداخل سياراتهم التى تسير ببطء خلف بعضها، الا ان عاق الطريق بالثلاث عائلات ..

زمجرت رياح غضب محمد
- واللع وجم لقضاهم برجليهم ..

نهره عماد بقوة
- بطل بلطجه واتلمم .. ولم دورك ..

يسر الجالسه بالكنبه الخلفيه قائله بتوسل
- والنبي يامحمد بلاش جنان !

القت نورا نظرة خاطفه على عماد الجالس امامها ثم بللت حلقها بحزن مردفه بهدوء
- لازم تهدى يامحمد ..

ارتفع صوت تلكسات السيارات المزدحمه، فهبت رياح الغضب من جوف سليم الذي يقود سيارته التى بها امه وزوجته، ويدون تفكير فتح صندوق سيارته واخرج منها سلاحه وهو يدفع باب السيارة بقوة ليدلف منها ..
- جيتوا لقضاكم يا ولاد ال ...

فعل سليم اشعل النيران بجوف محمد الذي فتح باب سيارته بقوة وركض خلف أخيه مجمهرا
- لازمن تعرفوا ان دم الهواري غالى قوى، ومش هيتسااااب ياعتامنه ..

على حد فُتحت ابواب السيارات كلها ودلف الجميع منها واعتلت فوهات البنادق باتجاهات معاكسه، دلف ادهم وحيدر من سيارتهم فهتف حيدر قائلا
- ماتمرقوا يومكم ياهواراي ..

انقض محمد على سترته بجنون وهو يرجه بقوة
- وكمان ليكم عين وعترفعوا راسكم قدامنا

صدر صوت شد اجزاء السلاح اخترق الاذان ممزوجا بصوت صراخ عفاف ويسر
- محمممممممممممممممممممد...
تتساقط انت من بين يدى كحبات الرمل التى كلما ضغطت عليها لتبقي تشاجرت لتفر هاربه، وكلما بسطت لها كفى تقطرت واحده تلو الاخر كخيط متصل من يراه يتسائل .. أ بيدها اشواكٌ لتنجو منها بتلك السرعه ! انت بحياتى هكذا اقف دومًا على شفاِ اشواقك متشبثه بكل ما اوتيت من ضعف وحب، ولكن المرعب انها شائكه، حادة، اطرافها تمزق قلبى اشلاء، وان تركتها تمزقت روحى بُعدًا وفراقًا  .. لدى قلب يعشقك ولكنك بعيدًا جدًا للحد الذي اعجز عن وصفه الا اننى احترق غيابا تلك المرة ... - نهال مصطفى 

ارتفع صوت تلكسات السيارات المزدحمه، فهبت رياح الغضب من جوف سليم الذي يقود سيارته التى تقطن بها امه وزوجته، وبدون تفكير فتح صندوق سيارته واخرج منها سلاحه وهو يدفع باب السيارة بقوة ليدلف منها .. 
- جيتوا لقضاكم يا ولاد ال ... 

تصرف سليم اشعل النيران بجوف محمد الذي فتح باب سيارته بقوة وركض خلف أخيه جاهرا 
- لازمن تعرفوا ان دم الهواري غالى قوى، ومش هيتسااااب ياعتامنه .. 

على حِدى فُتحت ابواب السيارات كلها ودلف الجميع منها واعتلت فوهات البنادق باتجاهات معاكسه، دلف ادهم وحيدر من سيارتهم فهتف حيدر قائلا 
- ماتمرقوا يومكم ياهواره .. 

انقض محمد على سترته كإنقضاض اسد ثائر وهو يرجه بقوة 
- وكمان ليكم عين وعترفعوا راسكم قدامنا يااااا

صدر صوت شد اجزاء السلاح اخترق الاذان ممزوجا بصوت صراخ عفاف ويسر 
- محمممممممممممممممممممد ... 

لكمه قوة سقطت على فك حيدر جعلت الدماء تتقطر من بين اسنانه وهو يتراجع للخلف، شد سليم اجزاء سلاحه عازما على أخذ الثأر، اصدرت وجد صوت صرخه مرتفعه وهى تضع كفيها فوق ثغرها، وعلى المقابل جهرت عفاف 
- لااااا لا ياسليم ياولدى لاااا .. 

جذب محمد السلاح من اخيه قائلا بتحدٍ 
- انا اللى هاخد تار جدى ياسليم .. 

صرخ سليم بوجهه مزمجرا
- محمد... قولتلك حدش هياخد تار جدى غيرى .. 

انفجر ادهم قائلا 
-  ايييه هتتسايروا كاتير ! طب روحوا الاول خدوا عزاكم واتفقوا وشوفوا مين هيقتل فيكم نكون احنا روحنا واتغدينا ومستنينكم كُمان .. 

غُرزت فوهة بنادق الخفر في ظهر سليم ومحمد .. نظرت عفاف بعيون منهارة لابنها الاكبر متوسله .. فتحرك مجدى وعماد سويا تحت انظار الجميع .. فهتف عماد قائلا 
- نزل سلاحك يامحمد ... انت اغلى من انك تلوث يدك بدم واحد زي دا .. حقنا هناخدوه بالقانون

محمد معاندا 
-  الدم مافهوش قانون ياعماد .. والنبي خليك انت بس في قانونك وسيبنى انا اخلص البلد كلها من شرهم ..

نفض ادهم بقايا الاتربه من فوق سترته ليقول ساخرا 
- اسمع كلام اخوك ياسليم ..

ثم رفع نظره نحو النقيب حمزه قائلا بنبرة توعديه 
- سلسال الدم غير طريقه .. وقريب الحق هيرجع لاصحابه .. 

القت وعد نظرة خاطفه على زوجها ( حمزه الخياط ) الذي تدخل سريعا لانهاء العبث والفوضي التى خطفت انظار اهل البلدة واحتشد الجمهور حولها فوجه كلامه لكبير العتامنه 
- ياريت تعقل ناسك يابيه ... وانت ياسليم يلا بطل لعب عيال ونزل سلاحك .. التار بحوره ماعتفضش ياولدى .. 

اقترب النقيب حمزه ايضا منه وهو يضع يده على السلاح المصوب نحو صدر ادهم قائلا 
- عارفك اعقل من انك تعملها .. يلا ياسليم يلا .. 

تبادل كلٌ من سليم واخيه محمد النظرات طويلا حتى اخذ قراره تدريجيا وهو يطأطأ سلاحه وعيونه الشرسه تحرق اعين العتامنه جميعا ليقول بتوعد 
- صوح .. التار اللى عيتاخد بالدم عيريح .. والموت راحه ليكم من اللى ناوي اعمله فيكم .. 
ثم اقترب من اذن آدهم ليقول بتوعد 
- هخليك تتمناه ولا هتطوله 

ثم شيع نظرة خاطفه نحو ( وجد) الواقفه على جمرات الخوف وتراقبه بعيون متأرجحه ليقول 
- الصبر حلو يااااااا .. 

استدار سليم بجسده، ومن خلفه محمد اخيه الذي ارسل نظرات ناريه عليهم جميعا حتى تحرك ببطء شديد نحو سيارته .. عادت الحركه الى مجراها المعتاد .. كل منهما صعد سياراته وبداخلهم مزيج من المشاعر ما بين الكره والانتقام .. الحب والفراق .. الدم والنار .. الخوف والقلق .. 

اتكأت وجد بظهرها لاسفل وهى تنزف اخر دمعه من بحيره عيناها التى التقت بعيناى سليم الذي مر بجوارها في جزء من الثانيه ليصدر صوت قلبها قائلا 
- كل يوم بتتعقد اكتر ياسليم ... ياتري بكرة مخبي لينا ايه ! 

" في سيارة محمد " 
- انت اتجننت ! كنت هتودى نفسك في داهيه .. كده بردو يامحمد عاوز تقتل؟! 

انفجرت يسر في كلمات العتاب التى انطلقت من ثغرها سريعا بدون فاصل ممزوجه بانفاس الحزن التى اختلطت بمياه الخوف المتقطره من مُقلتيها .. ضرب محمد مقود السيارة بكفه هاتفا 
- يسر ... مش عاوز اسمع كلمه من فضلك ! 

- لا يامحمد منا مش هسكت .. كل يوم بكتشف فيك حاجه جديده واديك دلوقت عاوز تقتل وتحرمنى منك العمر كله .. 

- يسرررررررر قولت اسكتى .. 

زالت دموعها الجاريه فوق وديان وجنتيها وهى تبلل حلقها الذي جف من علقم الهم الذي يطاردهم كالشبح 
- طول ما انت مش ناوى ترجع عن اللى في راسك دا يبقي طريقنا مش واحد ياابن عمى ... 

رمقها بطرف عينه بنظرات تطوى بين ثناياها عتابًا وغضبًا ملتزما صمته الذي خيم عليهم طوال الطريق.


" فى قصر العتامنه "
" مافيش صوان هيتنصب غير لما ناخدوا تار ولدنا الغالى .. مممم الف رحمه ونور عليك يافايز ياولد الغالى " 

جهر ( حيدر ) بجملته وهو يدلف من باب سيارته ويرتب سترته فوق كتفيه قاصدا ارتفاع نبرة صوته لتخترق اذان الجميع .. لحق آدهم بخطاه مردفًا 
- هنجيبه من ناب الاسد ياعمى .. ماتقلقش انت بس.. 

-" انتوا ناويين على ايه ! مش كفاياكم خراب عاد ! عاوزين ايه تانى .. بركة الدم دى مسيرها ايه ياعمى !"
انفجرت ( وجد) بنبرتها الغاضبه لتنهرهم من الخلف وهى تسرع خطواتها نحوهم .. استدار كلا من حيدر وآدهم بفظاظه فاردفت ادهم قائلا 
- مالكيش مُصلحة بالحديت دا انت ياوجد !

- ايه اللى ماليش مُصلحه ! مكفكمش موت راجح الهواري وفايز ! عاوزين تخلصوا على العيلتين نفر نفر .. في شرع مين دا .. !

هتف آدهم قائلا 
- وحق ابوكى ياست الضكتوره .. 

- لو التار والدم هيرجعوه كنت مسكت الالى وفرغته في النجع كله .. لكن اللى بتعملوه انتوا دا خراب في خراب نهايته هنمشي كلنا في جنازتكم يوم بعد التانى .. 

اتسعت حدقه عينى آدهم مصدوما 
- وه وه وه .. كُمان عتفولى علينا فى وشنا ياوجد .. 

- وليييييه المفروض ان دى الحقيقه اللى مش واخد بالك منها ولا ايه ياولد عمى ؟! 

شرع ادهم بالحديث ولكن اوقفه حركه كف حيدر التى اشارت إليه ليصمت
- خبر ايه اومال ياوجد .. من ميته الحريم عيدخلوا في شغل الرجاله .. كان حد طلب منك تحملى سلاح يابتى ! تقلقيش رجاله العتامنه يكلوها نيه ... 

شرعت لتتفوه بالثوارات التى اشتعلت بجوفها من لهيب كلماته الخارجه من ثغر جوفه المُثلج .. ولكنه وضع حدا اخرا لها ليردف بقوة 
- كوثر ... تعالى عقلى بتك وقوليلها تحط عقلها فى راسها .. 

قبضت كوثر على ساعد ابنتها وهى ترمقها بنظره قويه تشتعل بها نيران التوعد 
- اتحركى قدامى ياوجد ..

تأوهت قليلا محاوله التخلص من قبضة امها التى كانت اقوى من مقاومتها .. تحركت امام انظار الجميع اللذين احرقوا ظهرها بنظارات حقد تطوى بين ثناياها ثورة على وشك الانداع لتطيح بكل من يعترض طريقها ..

تنهد ادهم مردفا 
- وبعدين ياعمى .. هنعملوا ايه .. 

اردف حيدر بنبره اشبه بالثقه 
- كله معمول حسابه متقلقش ! 

بدت على ادهم معالم الارتباك لينثنى قليلا هامسا في اذن عمه بنبره مرتجله 
- عمى .. دا حمزه الخياط ! مش اى حد .. لازمن تكون عنينا في وسط راسنا ولا ايه ..

تأهب بالتحرك نحو مجلسه فلحق به آدهم بعجلٍ .. فاجابه حيدر وهو يطلق ضحكه ساخره 
- طالما كل حاجه مدروسه زين يبقي ولا حمزه الخياط ولا عشره زيه هيمنعونا من اللى عاوزينه ! 

اجابه مندفعا:
- ايوووه  ..بس عاوز اعرف ايه اللى انت عاوزه ! 

توقفه عن مسيره فجأه ليرمقه بنظره اخرى كانت اشبه بشد اجزاء السلاح قبل اندلاع رصاصته ليقول 
- اللى طير راس ولد عمك نطير راسه ... 

تجمدت الدماء بعروق آدهم لوهلة وهو يبلل حلقه عدة مرات 
- يعنى ! 

نفس عميق اخترق رئتى حيدر ليلقى بعدها بقذيفه كلماته 
- مهر وجد بت عمك هو تار فايز اللى راح غدر .. بشرط مش عاوز نقطه دم واحده تطرطش على سمعتنا ياادهم .. مفهوووم ! .. بالمختصر شغل على نضافه ... 

( تكمن بعض اللعنات فى اناسي يخترقون عالمنا ليشكلوه بالصورة التى ترق لهم .. كقطعة صلصال وقعت في يد طفلٍ عابث يريد ان يشكلها كيفما يتراءي له هواه .. ).

- عوزاكى تسمعى كلامى زين ياوجد .. والا قسمًا عظمًا ادفنك حيه بيدى .. مفهوم يابت سالم .. 

جهرت كوثر بجملتها الاخيره وهى تطيح بابنتها ارضا ليرتطم جسدها بارضيه الغرفه فتصدر انينًا مكتوما .. فالكارثه هنا تكمن فى ملجاك ومأواك الوحيد ينقلب ضدك .. كنت اظن ان الجيش الوحيد الذى يواكب سيره معى كتفى بكتفه يتلقى طعنات وخيبات الزمن بدلا منى هى " امى" ولكن ما الحل اذا تحول ذلك الجيش لعدوى الاول الذي اود ان اتخلص منه ! كنت اتمنى ان تكونى سلاحى بدلا من ذراعى الذي بُتر في حربٍ لم تبدو بوادر نهايتها حتى الان .. فالحين يتلقى قلبى طعنه اقوى لتنثره اشلاء .. الان اصبحت احارب لوحدى .. وتلك اصعب حقيقه  يواجهها المرء فى حياتك .. انه جيش نفس الاول والاخير والاوحد .. 

بعد صمت ساد لبرهه تُرك فيه زمان الامر لنظرات الاعين قد تبوح بما تكنه .. فهتف وجد مردفه 
- انا نفسى افهم انت معايا ولا ضدى .. انت ليه مش عاوزه تفهمى انك انت اللى باقيالى ! 

اتسعت حدقة عينى كوثر التى يحاصرها الكحل من جميع الزوايا 
- انا مع اللى يهدى السر ياوجد .. وانت مصممه تعندى وتدخلى حرب خسرانه .. انا يابتى عاوزاكى مرتاحه وعاوزه ليكى حياه خاليه من اى هم وغم .. 

التوى ثغرها جنبًا لتطلق ضحكه ساخره 
- ااه والحياه الوردى دى مع سي ادهم .. مش كده ! 

- وماله ادهم .. راجل وسيد الرجاله والف مين تتمناه .. طول عمرنا اتربينا ياوجد على انه البت ملهاش غير ولد عمها .. اما انت العلام خرب مخك ونسيتى العادات والتقَاليد يابت سالم ... لكن هقول اى غير الله يرحمه طلعك على عينك .. 

اطرقت وجد بخذلٍ
- ياريته كان عايش .. كان زمان قلب وجد دلوق متهنى وخالى من اى وجع .. لو كان عايش كان هيحارب معاي مش ضدتى يااااااااا... يام زين ! 

- "هدى السر ياوجد وارضي بالمكتوب .. واى عوج تانى انا اللى هعدلك .. " 

كانت تلك اخر جمله انبثقت من ثغر كوثر التى مزجتها بنظراتها الناريه قبل مغادرتها للغرفه وغلق بابها بكل ما اوتيت من قوة، تاركه ابنتها تعتصر قلبها الما وتندب حظها عتابًا .. 

( احلامنا بسيطه وسهله كل ما نريده ملجئًا وقت الضياع .. دفء وقت البرد .. شخص ما يخبرك طوال الوقت انه يُحبك ويعيش لاجلك فتحب نفسك بوجوده وتعافر في صخور الحياه لاجله .. كنت اريد وطنا في صورة شخص ولكنى نسيت ان الاوطان دائما محتله .. والنصره لمن خاض الحرب للنهايه حتى لطخت دماء الروح دروبها ).

فُتحت ابواب السيارات على مصرعيها فى آنٍ واحد، ليدلف منها سكان قصر آل الهوارى بصحبة عائله حمزه الخياط .. 

جهر عماد  للخفر بصيغة آمرة
- عاوز اكبر نصبه صوان لراجح الهوارى .. وكمان حد يروح ينقل الخبر الجرايد .. لازمن البلد كلها تعرف ان اللى مات دا راجل لا شافت ولا هتشوف البلد فى عظمته راجل تانى ..

تدخل محمد سريعا ليقطع وتيره الاوامر .. مردفا
- مافيش نصبه غير لما تار جدنا يتاخد ياعماد .. 

ثم اكمل سليم قائلا 
- ونار راجح الهوارى هتبرد الليله .. 

ادفع مجدى نحوهم مردفا بحكمه 
- وايه كمان ياخوى .. عاوزها حرب لحد ما العيلتين يتصفوا ..
اندفع سليم قائلا 
- شاالله تبقي مجزرة .. دم راجح الهوارى مش هيكفيه رووس العتامنه كلهم .. 

اطرق عماد قائلا 
- اللى قتل راجح اتقتل ونبقي خالصين .. حسابهم عند ربنا دلوق ..

جهر محمد بصوت كالرصاص اخترق آذان الجميع 
- طول ما راس التعلب موجوده يبقي مافيش خلصان ياولد ابوي .. ولو كلامك دا هيبرد نارك من اللى قتلوا جدك يبقي تنقطنا بسكاتك .. ومكنش حد طلب منك تمسك سلاح وتاخد التار .. سيب التار للرجال ..

اكتظت ملامح وجه عماد اكثر ليقول بلومٍ 
- خبر ايه يامحمد .. انت نسيت انك عتتكلم مع اخوك الكبير .. 

شرع محمد ليفجر بركانيه الثائره ولكن سرعان ما تدخل حمزه الخياط قائلا بفظاظه 
- والله عال يا هوارة نجحوا العتامنه انهم يقلبوكم على بعض بدل مايخلوكم يد واحده .. 

تدخلت عفاف المختبىء نصف وجهها خلف سترتها السوداء 
- حمزه بيه انا فى عرضك .. ولادى مليش غيرهم ولازمن تعقلهم وتحط حل للحرب اللى عاوزين يقوموها .. 

وجه سليم حديثه لامه قائلا 
- التار مافهوش عواطف ياام عماد .. وانت مخلفتيش وربيتى رجاله عشان يلبسوا طُرح ويداروا جنبك وماياخدوش تار جدهم اللى البلد كلها عايشه فى خيره ... 

تجمع السيدات بعيدا عن موقفهم ليراقبوا الموقف بخوف وهلعٍ يعكس صورة مما تكنه قلوبهم التى تتوق على مراجل .. 

احتضنت وعد ابنتها لتطمئنها ثم انضمت لهم الهام وهى ترتل " استر يارب " 

تقف ثريا بهيبتها الملفته ووجهها الذي ينبعث منه دخان الشماته .. لترسل نظراتها على بناتها الاتى يترقبن الموقف باهتمام بالغ .. 

واخيرا وضع حمزه الخياط حدا لجدلهم اللامتناهي قائلا 
- الأمور دى ما تتحلش اكده .. خشوا ريحوا والليله لينا مجلس نتسايروا فيه ... وأنت ياعماد كمل اجراءات النصبه .. راجح الهوارى سايب اسود فى ضهره مش شويه بلطجيه .. 

تحرك ثغر سليم كى يعترض ولكن صرامه حمزه الخياط كانت اقوى من اى اعتراض فهتف قائلا 
- دا امر ياسليم مش قابل لاى جدل .. روح ريح جسمك وبالليل هنشوفوا حل ... واللى عاوزكم تتاكدو منه ان الحق هيرجع ياولاد الهوارى ...

 

" فى احدى غُرف قصر الهواري " 

- انت مش هتقعد هنا يوم كمان ياحمزه .. 
بنبره قويه تحمل جيوش من القلق والارتباك يكسو جوف صاحبها اندفعت ( عشق ) بجملتها وهى تجفف دموع عينيها الجاريه .. 

نزع حمزه سترته السوداء وهو يجيبها بسخريه 
- عشق حمزه الخياط بقيت مديري ولا ايه ! لا وكمان بتدى أوامر ..

وضعت كفها وراء ظهرها كأنها تقاوم وجعًا ما بداخلها .. فاردفت باغتياظ 
- حمزه انت شايف انا بتكلم ازاى وانت بتتكلم ازاى ! انت مش مدرك حجم المصيبه اللى احنا كلنا فيها .. العيله دى شرانيه ومش ناويه على خير .. 

دار بجسده ليضع قدمه فوق المنضده ويفك رباط حذائه قائلا 
- عشق دا شغلى .. انت اللى شكلك مش مدركه كلامك .. فكرى فالكلام قبل ماتقوليه 

ضغطت على شفتها السفليه بألم مكبوتٍ 
- انت اللى مفتكرتش انا من غيرك هعيش ازاى ولا هعمل ايه .. 

ضحك ساخرا وهو يقول ببرودٍ 
- هتبقي ارملة النقيب حمزه .. تصدقى لقب حلو .. 

اندفعت نحوه بخطوات سريعة وهى تتشبث بدزاعه لتوقفه امامها قائلة ببكاء 
- الواضح انك مش بتفكر فيا خالص .. حمزه يانا يا شغلك هنا ! 

ابتسم بفتور وهو يقترب منها محاولا ان يبث الطمأنيه بجوفها فشرع بوضع كفه على كتفها فبعدته عنها بقوه .. تنهد حمزه بيأس 
- عشق ممكن ملكيش دعوة بشغلى .. 

ردت بنبره اكثر حزم 
- حمزه ياشغلك دا ياانا ! 

- دا جنان ؟! 

بللت حلقها بمراره لتردف بسخريه تخفى خلفها قهره 
- صح هو فعلا جنان .. انا بخيرك بين شغلك كل حياتك وبين مراتك وابنك يادووب ..

- لا دانت اتجننتى رسمى ! 

- حمزه انا عاوزه اطلق ... 

 

 

" فى شقة عماد " 

حالة من الحزن خيمت على جميع افراد العائله حتى ساد الصمت معظم اوقاتهم .. جلست نورا بجوار عماد بهدوء محاوله اخراج كبت جوفه مردفه 
- البقاء لله ياعماد ..

اخد نفسًا طويلا كأنه يريد ان يطير احزانه التى تقرضه من الداخل في الهواء متكئاً للخلف فأطرق قائلا 
- سبحان من له الدوام يانورا ..

فركت كفيها بارتباك بين محاوله خلق اي حديث معه
- تحب اجهزلك حاجه سريعه تاكلها لسه اليوم طول .. وو 

رد متأففًا 
- نورا انا مش طايق اسمع كلمه ..

- بس ماينفعش انت من امبارح مكلتش حاجه ياعماد .. ساندوتش بس تتسند عليه معدتك

رد بعصبيه 
- انت بترغى كتير ليه .. قولت مش عاوز اكل ..

سالت سريعا دمعه من طرف عينيها التى قصدت ان تبعدهما عن مرمى انظاره .. شعر بشيء ما بداخله يهمس له معاتبا فاردف سريعا محاولا تبرير عصبيته 
-  نورا كل الحكايه انى ماليش نفس .. وهاخد دش ونازل اصلا .. 

- محصلش حاجه خلاص براحتك 

وثب قائما متخذا قراره وهو يقول
-  ممكن غيار بس .. عشان الحق انزلهم

وقفت خلفه .. فاطرقت باسف
-حاضر اللى تشوفه .. 

 

" فى شقه مجدى " 

- حقيقي انا مش فاهمه انت مصنوع من ايه ! وكمان ليك نفس تنام ! انت مش بيجى فى بالك جدك عامل اى دلوقت ف تربته وانت نايم ومرتاح .. شوف ازاى ياعينى على رجاله الهوارى ! 

اشعلت ( صفوة )  انارة الغرفه التى اقتحمتها بجبروت وصوت اهتزت له الجدران وهى تدنو من مخدع مجدى الذي نهض مفزوعًا اثر ثرثرتها قائلا 
- وانت عاوزانى اعمل ايه يعنى ! 

ضحكت ساخره وهى تجلس امامه 
- تخليك راجل زى سليم ومحمد وتشيل سلاحك على قلبك وتاخد بالتار .. 

رمقها بنظره نارريه تحمل بين ثناياها عتابا وتوعدا 
- مش هحاسبك على كلامك دا دلوق .. لكن قسما عظما ياصفوة لو ماتعدلى ماحد هيعدلك غيرى ..

وضعت ساق فوق الاخرى وهى تدير جسدها هاتفه 
- طبعا .. انتوا ياصنف الرجاله كده .. مابتعرفوش تعملوا رجاله غير على الستات .. اما وقت الجد بتقلبوا فيران وتيجوا تستخبوا فى اوضكم وتناموا كمان .. شوف ياخى ! هااا حسره على الرجاله ..

كانت اخر جمله لها ممزوجه نهايتها بصرخه عاليةٍ اثر رد فعل مجدى الذي سحبها بكل قوته من شعرها المطوى ليرتطم ظهرها بالفراش .. لازال ممسكًا بشعرها ولازالت تتلوى بين يديه كسمكه وقعت في يد صيادها للتو ..ضغط اكثر على شعرها فارتفع صوت صراخها  .. فجهر مجدى قائلا 

- انا عارف انه مش وقته ولا اوانه ولا انا فاضي لتربيتك دلوقت .. بس واللى خلق الخلق ياصفوة ماعندى مانع النصبه تبقي اتنين النهارده واخليكى تنامى الليله جنب جدك .. 

ارتفع صوت صراخها اكثر وهى تتشبث بكفه القابض على شعرها وهى تتقلص ألما محاوله اثاره استفزازه اكثر 

-عارفاك اجبن من انك تعملها واخرك كلام وبس ..كان اولى انك تروح تاخد حقك من عدوكم الحقيقي و بدل ماتتشطر عليا انا روح اتشطر على اللى قتلوا جدنا وسايبهم عايشين لحد دلوق .. -ثم اطلقت ضحكه مختلطه بالصراخ والالم قاصده اثارة ثورة غضبه  - عشان تبقي تصدق انك اخرك تتشطر على ست يابيشمهندس .. 

سحبها بقوه من شعرها لمقدمه مخدعه ولم يلفت انتباه قلبه صوت عويلها المتألم فكلماتها كانت كافيه انى تشعل كل براكينه الخامده .. اصبحت صفوه اسيره بين ركبتيه تتاوه وجعًا مع صفعه قويه على خدها اطاحت براسها للجهه الاخرى مندهشه من رد فعله .. فهى لم تتوقع ابدا ان اثارة غضبه تلك المرة امرا يسيرا فكان كافيًا لها إلقاء عود كبريت غير مشتعل في حقل بترول لتفجره .. تحول مجدى امامها لشخصٍ لم تعرفه من قبل .. عينياه تشيعان بنيران غضب اثارة الفزع بجسدها .. صوته تلك المره اكثر حده على عكس هدوءه المعتاد .. قوته اخترقت كل حواجر مبادئه ليفترس بضحيته التى تقدمت له على طبقٍ من فضة .. 

تشبثت صفوة بذراعه تلك المرة ترجوه بعيناها ان يتركها .. ولكن ضباب غضبه كان اقوى من اى نظره .. تلفظت صفوة انفاسها بتثاقل وهى تسحب جسدها بعناء من تحت حصاره صارخه باسمه قبل ما يكمل حملة تفريغ غضبه المكتوم قائله بتوسل وهى تقبض على كفه بنظره منكسره لم يراها من قبل
- لا يامجددددى ... 

لوهله شعر مجدى بتجمد كل اعضائه .. فكيف ترك الزمام لشيطانه يقوده بتلك الهمجيه .. امطرت سحابه الضباب من فوق عينيه ليري الدماء الذي يسيل من انفها وفمها معا .. اذن برصاصه اخرى اخترقت قلبه .. اصبحت تحته يده كطير زبيح يسبح في دماء روحها السائله .. التقطت نفسا طويلا كمن يستفيق من غيبوبته للتو وهو يملا انظاره من هيئتها التى تبدو بطفلٍ يتعلق بأول درجات القوة ولكن الريح كانت اقوى من تشبثه فاطاحت به تحت رحمة قاتلها .. 

تعكز مجدى على ما تبقي بجوفه من حبٍ ليبتعد عنها بتثاقل وهو يندب قلبه عتابا ولوما .. انكمشت صفوة حول نفسها كالقرفصاء وبجسدٍ منتفضت وعيون متأرجحه تترقب خطوات مجدى نحو المرحاض تاركا للمياه مهمه اطفاء ثورة انفعاله .. 

 

 

- عال والله البيه بقي بلطجى وكل تفكيره فى التار والدم .. انا انام جمبك ازاي بعد كده .. ولا اقول لابننا ايه لما يسالنى عنك .. متخيل الاجابه .. اقوله ابوك قاتل فاتسجن ولا كان رايح يقتل فاتقتل .. ماترد عليا ؟! 

تقف خلف الباب مستنده عليه بظهرها بكل قوتها كى تمنعه من الخروج بسلاحه الذي اعلن نشانه ضحيته .. عزم محمد امره فقراره غير قابل لاى جدل فتلفظ قائلا 
- يسر اختفى من وشي .. 

نبره معانده اكثر حده 
- اوعى واقولك اتفضل اقتل يامحمد .. جدنا هيكون مبسوط وانت رايح تلوث يدك بالدم ؟! 

وضع محمد سلاحه داخل سترته وهو يرتب لاسته الصوف 
- وفكرك راجح هيكون مبسوط واحنا سايبين اللى قاتلينه يتمتع بالدنيا ...

صرخت بوجهه قائله
- عمرها ماكانت دار متعه يادكتور .. ربك عادل يمهل ولا يهمل ولكل ظالم كفيته وداهيته .. سيبهم لربنا وهو هيرجعلك حقنا وزياده .. جدنا عمره انتهى خلاص ذاته خلص من الدنيا واللى قتله كان سبب بس .. زي مابيقولوا لو صبر القاتل ع المقتول كان مات لوحده .. اعقل يامحمد وحياتى عندك ..

دنى منها محمد ليبعدها عن الباب قائلا 
- يسر خولص الحديت انتِ بتحاولى تقنعينى باايه ؟! البس طرحه وانزل اخد عزى جدي واقعد اولول زى النسوان ..

- لا روح اقتل عشان الناس تقول عليك برافو وبطل وقتلت اللى قتلتوا جدك .. بس انت مش هتسمع ولا كلمه من الشكرانيات الكدابه دى لانك ساعتها بيكون حبل المشنقه بيتلف حولين رقبتك .. كسبت انت ايه على كده ؟! 

اتسعَ قفصه الصدرى ليمتلا بالهواء يبدو عليه ان كلامها تسرب داخل انفاسه متسللت من زاويه قلبه تحديدا .. حضنت كفه بكفيها ثم طالت النظر في عينيه .. فالمرأة حينما تحب تمتلك اسلحه خاصه لتخضع كيان حبيبها تحت تاثيرها .. دنت يسر منه جهة قلبه وهى تحدثه بنبره منخفضه متوسله 
- اعقل يامحمد عشانى .. صل على النبى كده واخزى الشيطان .. اقولك على حاجه تيجى نصلى ركعتين كده وندعى لجدنا هو دلوقت عند الاحسن منى ومنك ياحبيبي ولو التار والدم هيررجعه كنت شلت سلاحى على قلبى ونزلت قبلك .. متقفش كده تعالى وانا هوضيك بنفسي ..

ثم رسمت على ثغرها ابتسامه خفيفه بصعوبه كى تطمئنه 
- يلا يامحمد عشان خاطرى .. رحمة جدك .. 

اغمض عينيه لبرهه محاولا استيعاب قسوة الكلمه التى خدشت قلبه .. طوال عمره يحلف بحياة وعمظه جده فجاء اليوم بمنتهى القسوة ليحلفه برحمة من تحامى عمرا بقوته وجبروته .. فك قبضة يدها بهدوء ثم طوق عنقها بذراعها مستعيذا من الشيطان وهو يتراجع لداخل منزله .. وضعت كفها على ظهره لتربت عليه بحنو وترسل له ابتسامه رضا هامسه 
- انت قوتى اللى ماينفعش في يوم اخسرها يامحمد .. يسر بتستقوى بوجودك جمبها .. 

اكتفى بضمها اكثر كأنه يعتذر لها عن كل ما بدى منه اثناء تغيبه وخضوعه لثورات انفعالاته ..

 

" الباقيه في حياتك ياسليم " 

رسالة نصيه اخترقت هاتف سليم الذي لفت انتباه ضياء هاتفه الصامت .. التقط هاتفه ليفتحها ويتفحص الاسم جيدا .. ثم تفوه بمرارة 
- وكمان ليكِ عين تعزينى ياوجد ! 

اخذ قراره سريعا ليحادثها هاتفيا كأن سُقم قلبه تذكر علاجه الفعال للتو .. كأن شيء ما بروح في حاجه ليُرمم .. طعنه قويه اصابت قلب سليم عندما تذكر غيابها .. المسافات التى تتباعد بينهما .. قوة تجاذب روحه لقربها مع انها شيء يتنافر مع قوانين الطبيعيه ولكن برغم من آلامه فآماله بمعجرة تذوب تلك العواقب لتلقي بها بين ذراعين تحديدا .. تعمد ان يخطو بعيدا عن مسامع ماجده وهو يستمع لرنين اتصاله بها على عجلٍ حتى صعق قلبه بفولت صوتها الوهن 

- سليم ! 

تنهيد قويه خرجت من فمه ليفيق من سطوها 
- ااه سلييم ياوجد .. 

صمت كلاهما لبرهه ثم اردفت 
- مكنتش متوقعه انى ممكن اسمع صوتك بعد اللى حصل ..

- لازم تحطى فى راسك ان كل حاجه هتحصل بعد النهارده خارج كل توقعاتك ..

اردفت باندهاش وهى تقف بتثاقل 
- كيف ! 

اجابها بنبره ساخره 
- كيف ماانت جايه تعزى في القتيل اللى قتلتوه .. 

- سليم انت عارف ان محدش فينا له ذنب فى كل اللى حصل واللى بيحصل ..

- واللى هيحصل دا بتاعى انا .. 

صمت كلاهما قليلا ثم هتفت وجد متوسله 
- انا مش عاوزه اخسرك ياسليم .. 

اخذ قسطا كافيا من التفكير قبل ان يجيبها .. فتسلح بسلاح البرود رغم ثورته ‏فكيف للمرء أن يتظاهر باللامبالاة، وقلبه يحترق .. فاطرق قائلا 
- من النهارده محدش فينا هيخسر ياوجد .. خسرنا كتير قوى .. فكفايه اكده ... 

-" وجد ! وجد ياسليم ؟! بت قتالين القُتله " 
اقتحمت ماجده الغرفه التى يقطن بها سليم جاهره بجملتها الاخيره التى تعكس دخان إحتراق من جوفها .. تلعثمت الكلمات بداخل فمه فتحدث بثبات مصطنع 
- اقفلى دلوق ياوجد .. 

وجد بتوتر: سليييم .. 
بنره اقوى فزعتها: 
- قولت اقفلى ياوجد ..

القى هاتفه بعيدا ثم نظر لماجده قائلا
- وزعلانه ليه ؟! 

- انت ايه معندكش دم .. ناسها يدهم ملطخه بدم جدك ..

- ماجده راسك مش رايقالك .. اوعى اكده من طريقى ..

تشبثت بذراعه بكل مااوتيت من تحدٍ لتقف سيره .. فاردفت بذهول صراخه بوجهه
- انت ايه ! بتدوسي على قلبى بميت جزمه وقولنا ماشي .. لكن دم جدك اي ياسليم .. دم راجح الهوارى اللى كلنا عايشين من خيره مهزش ف راسك شعره تفوقك ! ليه كده ياابن عمى .. سايب الحب اللى جايلك وفاتحلك دراعته وانت مصمم تجرى ورا نار وهم هتحرقك وتحرقنا كلنا .. 

اجابها بيأس وغلب مكبوت 
- الحاجه الوحيده اللى اتخلقت جونا من نار .. اتخلقت عشان تحرق اى حاجه تقف فى طريقه .. حلاوة العشق ناره مش اللى يجيلى لحد عندى .. وانا عشقى لوجد من نار حلفت ماهى منطفيه غير بيها .. فأنا شايف ان لو في حد المفروض مايتعلقش بوهم تبقي انت .. مش انا .. 

كلماته كانت كجلاد كل صفعه على جدار القلب اقوى من سابقتها .. شيء ما بداخلها يحترق، يتألم، ينثر شظايا وجعا كافيا ان يمزق روحها لأجزاء .. شرعت ماجده ان تجداله كعادته ولكن تلك المرة اخترق جدار منزلهم اصوات عاليه مجهولة المصدر .. ركضت سليم سريعا نحو النافذه 
- اي الصوت دا ! 

وعلى الناحيه الاخرى بعدما افرغ محمد ويسر صلاتهما ركضوا سريعا نحو شرفه منزلهم ليترقبوا مصدر ذلك الصوت الجمهورى التى اهتزت له الجدران .. 

وكذلك الأمر بالنسبه لنورا وعماد الذي ارتدى جلبابه سريعا ثم تحرك نحو نافذة غرفتهم .. ثارت نورا مندهشه 
- اي الصوت دا ياعماد .. 

اما عن مجدى فركض سريعا لاسفل وهو يلفح عبائته على كتفه ليرى ايضا مصدر الصوت القوى الذي خلع قلبه .. 

" ف القصر " 

نهضت عفاف وثريا من مجلس السيدات الاتى اصيبين بالذعر .. وعلى حِدى ركضت وعد صوب زوجها بعيون مرتجفه .. فاسرع الخفير ركضا وهو يمسك بسلاحه قائلا 

- " الحق ياحمزه بيه نصيييبه وحلت على النجع كله "...
امرح اليوم بطيف وجودك الذي يحاصرنى .. واخشي ساعه الفراق وفقدان الامل .. واحتلال اليأس محل طيفك .. كلمة سريه لك .. لازال قلبى يسد مسامه كى لا يتعكر صفوى امتلائى بك ولكن الحقيقه المُره المكتوبه فوق جباه العشاق " كلنا على موعد مع الغياب " .. كلنا سنتفترق مهما طال البقاء .. - نهال مصطفى

- " الحق ياحمزه بيه نصيييبه وحلت على النجع كله " ..
كانت تلك اخر جمله تلفظ بها الخفير قبل اقتحام مجدى مجلسهم .. فتفوه قائلا
- اى الدوشه دى ... فى اييه بره ؟!
جهر حمزه الخياط مردفا
- ماتنطق ياجدع انت .. فى اييه بره والناس دى ملمومه ليه ؟!

يقف الخفير يرتعد كأن ساقيه على ارض طينيه رخوه .. فاردف بصوتٍ متردد:
- اهل البلد كلهم متجمعين وعاوزين يهجموا على القصر  ..
صوت سليم من الخلف وهو يستمع كلامه بعنايه
- ليييه ايه اللى حوصل .. الناس دى مش واخده مرتباتها ولا اييه ..؟!
الخفير بقلق: يابيه دول عاوزين ياخدوا تار راجح بيه الله يرحمه .. ومحدش قادر يقف قصادهم واصل ..

فى نفس ذات اللحظه اقتحم اهل البلده دهليز القصير .. استداروا جميعا ليجدوا احتشاد من عشرات الفلاحين بيدهم فوانيس تلتهب بالنيران مجمهرين بصوت تُقرع له القلوب .. اقتحم النقيب حمزه اجتماعهم متسائلا
- فى ايه هناك ؟!
استند حمزه الخياط على عكازه لييتقدمهم متجها نحو احتشادهم المفزعه الذي خكف القلوب قبل الانظار  .. واكب سيره سليم ومجدى والنقيب حمزه وكلٌ منهما تعلو ملامحه علامات الدهشه والفضول .. انضم لهم محمد وعماد ف آنٍ واحدٍ وهما فى حالة من الذعر والذهول  ..

" في شقة سليم "
تأكل خطاوى الارض اغتياظًا .. شيء ما يتأكل بجوفها كفأر يقطم في حواف قلبها بدون رحمه .. تجوب غرفتها ذهابا وايابا .. ثم اطلقت زفيرا قويًا وهى تنظر لاعلى
- اعمل اي بس ياربى .. انا تعبت والله ..
فالتفت سريعا نحو صوت هاتفها لتلقى نظرة على اسم المتصل " xxxx" صاحب الاسم المستعار .. اخذت شهيقا عميقا وبعد تفكير استمر لدقيقه عزمت على الرد .. نطقت بتأفف
- افندددم ..!
اذاً بصوت يرتسم معالم الحزن ببراعه قائلا
- قبل اى حاجه مش عاوزك تاخدينى بذنب عمى وولد عمى فايز ..

تحركت في منتصف غرفتها بتثاقل .. فهتفت قائله بارتباك
- انتوا تقتلوا القتيل وتمشوا فى جنازته ! وبعدين انت متصل بيا ليه .. انا مش عاوزه اعرفك تانى ..
- حقك .. وحقك كمان تقولى اكتر من اكده .. بس واجبى انى اعزيكى !
- شغل التعابين دا مش هياكل معايا .. انتوا اى خطتكم! وجد بت عمك لسه قافله مع جوزى وانت جاى تكلمنى دلوقت .. ناويين على راس مين المره دى ؟!
صمت آدهم لبرهه ثم اردف قائلا بنبره هادئه يخفى خلفها شياطين افكاره .
- شوفتى عاد ان مصلحتنا واحده .. بصي انا مش هتقل عليكى .. احنا ياستى ولاد بلد وبنفهم فى الاصول وكنت مكلمك اعزيكِ .. بس شكل موت جدك مأثر .. عموما اسف على الازعاج ياست الستات ..

طافت عينيها يمينا ويسارا بحيره ثم اردفت بتردد
- استنى ..
ضحكة انتصار ارتسمت على ثغره ثم قال بتصنع
- خير ياهانم .. انا هقفل اهو ومش هزعجك تانى ؟!
وقفت على طراطيف صوابعها لجزء اقل من الثانيه ثم عادت لتجوب غرفتها مما يعكس صورة على ارتباكها وفوضى مشاعرها .. فاطرقت قائله بنبره متراقصه على اوتار القلق والحيره
- عاوزه اقابلك ..
نقطه آخرى تحسب لكيده وتدون فى سجل انتصاراته .. لبس ثوب التجاهل وعدم الاهتمام فرد قائلا
- طالما مش واثقه فيّ عاوزه تقابلينى ليه !

- اووووف .. انا لازم اشوفك ضرورى .. لازم نشوف حل للمصايب دى كلها ..
- تمام ياست هانم .. شوفى فين وامتى وانا تحت امرك ..
- تمام .. الصبح بدرى فى مكاننا ..

- " عمد ومشايخ وكبار قنا عاوزين ايه ؟! "
صوت قوى جمهورى مصدره رجلٌ من جبل .. جهر حمزه الخياط بجملته وهو فى كامل هيبته التى تتهتز بها خطاوى الارض .. ارسل انظاره على الجميع منتظرا ردهم .. فاطرق شيخ الخفر قائلا
- عاوزين تار كبيرنا ياحمزه بيه اللى البلد كلها عايشه فى خيره .. مش راجح الهوارى اللى يتقتل على يد عيل مايساواش ..
اجابه حمزه بفظاظه
- اهاا انتوا عاوزينها حرب عااد !

رد اخر: " حرب بشرف وبأخلاق ياحمزه بيه .. حرب نرد بيها كرامه النجع وكبيره .. مااحنا لو سبناها عايمه اكده هيركبونا لامؤاخذه وهتبقي بلد ملهاش كبير "
شرع عماد ان يتفوه ولكن سبقه حمزه الخياط قائلا
- حرب ايه اللى بشرف واخلاق واذا كانت الحرب وحدها منافيه للاخلاق والشرف ! .. عاوزين تقوموا حرب عشان تبقي الخساير اكتر "
تفوه اخر قائلا بنبره قويه
- الحرب هى اللى بتختارنا مش احنا اللى عنختاروها يابيه .. واحنا جايين اهنه نتكلموا مع رجالة الهوارة اللى لو سكتوا على تار جدهم ولبسوا طُرح احنا مش هنسكتوا واصل..

اشتعلت النيران فى جوف الجميع .. ندبت عفاف على خديها بقهرة تترقب رد اولادها الذين لم يمروا الحديث كمرار الهواء المحمل بشظايا اتربه عابثه .. تأهب سليم ومحمد للانقضاض عليه ولكن انظار حمزه الخياط كانت اقوى من ثورتهم العارمه .. وعلى حِده جهر مجدى قائلا
- انتوا جايين تغلطوا فينا .. جرى ايه ياشيخ البلد ماتقول كلمه .. !
شيخ البلد: معاد الحرب أذنت ياولدى ولازمن نكون يد واحده عشان النجع يفضل بقوته قصاد الكل واللى يستجرى ينطق بكلمه يفكر الف مرة قبل مايقولها .. احنا جاايين نكون مع بعض مش ضد بعض ..

اخترق حمزه الخياط صفوفهم المترابطه بمفرده .. هيبته وقوته اجبرت الجميع على الصمت والالتفات اليه باهتمام .. شرع فى التحدث بثقه وحكمه وهو يردد:
" عال! .. عاوزين تقووا الحرب .. ونسيتوا ان الرغيف المغموس بالدم الكل عينفر منه .. انتو مفكرين ان الدم والقتل هو اللى هيرفعكم قصاد الخلق ؟! .. راجح الهوارى قضاه وحل اييه هتمنعوه ؟! هتستكتروه على اللى خلقه .. سايبين الشيطان يدغدغ فى مخكم ليه ويضحك عليكم ويجركم لطريق واعر انتوا مش قده ! انتوا عاوزين تتكلموا بالسلاح ليه وتتاحموا ورا زناده وانتوا اقوى بعقلكم وسماحتكم وتفكيركم .. عاوزين ترملوا حريمكم وتيتموا عيالكم ليه ! الكل ف الحرب خسران حتى الكسبان دا يعنى خسارته اقل .. كل الربكه دى عشان قوة ونفوذ خداعه بتجركم لطريق الخراب والفساد .. راجح الهوارى طول عمره ضد الدم والحرب وانتوا جاايين تعلقوا الدم على روحه ! الحرب طول عمرها كر وفّر يوم ليك وعشرة عليك .. لو كل دا انتوا عاملين سحابه ومتنازلين عنه اتفضلوا وانا اولكم نقتل فى خلق الله كأننا ملوك الارض .. سكتوا لييييه عاوز اسمع كلامكم واعرف الميزه اللى هتطلعوا بيها من الحرب ؟!"

تفوه آخر بجدال
- من قتل يُقتل يابيه .. وربنا قال " وَلَكُمْ فِى ٱلْقِصَاصِ حَيَوٰةٌ يَٰٓأُوْلِى ٱلْأَلْبَٰبِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " ..
رد عليه بحزم
- وربنا قال ﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾ واللى قتل اتقتل نبقوا خالصين ... ولا ايييه يارجاله .. ؟!
نظر محمد الى اخيه سليم بحيره .. فاقترب منه سليم متعمدا ان يلصق كتفه بكتف اخيه فهمس قائلا
- تخافش الحق هيرجع ومش بالدم ..  بالنار !
طأطأ شيخ البلد رأسه مردفا
- صوح كلامك ياحمزه بيه .. عندك حق فى كل كلمه قولتها ..
جهر حمزه قائلا.

- هاا يارجاله اللى عاوز يكمل فى سكة الدم يتفضل احنا ممنعناش حد .. بس رجالة الهوارى عاقلين ومأمنين بقضاء ربهم وحقهم رجع والنصبه اللى هنا منصوبه عند عدوهم .. يبقي ليه تولعوا النار اكتر ما هى والعه ... روحوا لبيوتكم وعيالكم .. وواجب الهوارى عليكم انكم كلكم تقفوا فى عزاه وتدعوله ربنا يرحمه ...
بدات صفوف الاهالى تتفكك ببطء ويتراجعوا للخلف وكل منها يتهامس مع الاخر ليبدى رايه الذي يؤيد حديث حمزه الخياط والذى يستغفر ربه .. واخرون يتهامسون بكلمات غير واضحه .. بعد عدة دقائق اصبح القصر خاليا من اى شخص اجنبى .. استدار حمزه الى احتشاد اهل البيت فالقى سؤاله على الاخوه قائلا
- يارب تكونوا اقتنعتوا يا رجاله ؟!
عماد بحزم
- عداك العيب ياابو عاصم ..
نكز مجدى اخيه سليم معاتبا

- لموا دوركمم .. وبلاش فتونة الدراع دى ..
محمد بتحدٍ: ياويلهم من اللى هيجرالهم منينا ..
النقيب حمزه: انا شايف ان لمتنا هنا ملهاش لازمه وسايبين الصوان من غير صحابه ..
تحركوا جميعا نحو الصوان الضخم ليبداوا فى مراسم العزاء حتى انتهى اليوم بسلامٍ ..

 

" فى الصباح الباكر "
تقف امام المرآة ترتدى تي شيرت فضفاض باللون الاسود وبنطلون اسود وشال صوف لُفح على رأسها .. ضغطت على هاتفها بقبضه كفيها وهى تسحب نفسا عميقا كأنها تطفىء نيران جوفها ناسيه ان الاكسجين يزيد من اشتعال نيران الشوق والحقد معًا بدون تميز ..
- اخرتها اى ياماجده .. انت متاكده انك عاوزه سليم وبتحاربى عشانه !
صوت اخر يخضعها تحت تاثير اوهامها
- انا بحميه .. وجد مش ناويه على خير معاه !
اهتز بدنها على صوت ذبذبة الهاتف .. فردت سريعا
- ااه نص ساعه واكون عندك ..
يفتح باب سيارته مبتسما بمكر
- على نار .. مستنيكى على نار ..

تحركت سريعا وهى تأخذ مفاتيح منزلها وتركض وما بداخلها يركض معها خوفًا .. وصلت الى الحديقه المشتركه بين القصر وبنايه شققهم .. طافت بعيون مرتبكه حتى ارتعد جسدها بصوت سليم الذى اتاها من الخلف
- على فين العزم !
شهقه عاليه انطلقت من جوفها وهى تردد بارتباك
- س سليم .. انت كنت فين طول الليل ؟!
- ما اكيد مش هسيب الرجاله واجيلك ..
اطرقت باسف
- ااه صح .. طيب انا كنت عاوزه مفاتيح عربيتك ياسليم .. ممكن .. !

نظر لها بشكٍ
- رايحه فين على وش الصبح اكده !
خفضت انظارها لاسفل وهى تحكم حبكة خطتها ..
- اصل ياسليم كنت راحه مشوار كده .. تقدر تيجى معايا على فكرة ..
زفر باختناق فاتحدث من خلف اسنانه قائلا
- انجزى ياماجده رايحه فين ٧ الصبح !
دنت منه فجاة حتى اصبحت ملاصقه بجسده وهى تلبس رداء الخجل
- رايحه المستشفى اكشف ..

- تكشفى على ايه .. والدكاتره اللى هنا عندك اختك وعندك محمد .. ماتتعدلى وتحكى على طول ..
- اووف ياسليم .. مش هينفع محمد ولا صفوة ... لانى رايحه اكشف نسا ..
رفع حاجبه مستنكرا
- تكشفى اي يااختى ؟!
دمعه من طرف عينيها سالت كدموع التماسيح وهى تردف بخجل
- سليم بطنى من امبارح منيمتنيش وطول الليل بعيط وبشرب حاجات سخنه ومش عارفه فى ايه ووووووو اصلها متأخره وكده يعنى ؟!
رمقها باستغراب .. فاقال
- هى مين دى المتأخره !

- سليم ! اوووف اصل اصل ... بص انا مش هينفع اقولك تقدر تيجى معايا بنفسك وتشوف الدكتورة هتقول لى ايه عشان انا مش مطمنه خالص  ..
اختنق من حوارها فأخرج مفتاح سيارته سريعا وهو يتحدث بنبره آمره
- المفاتيح اهى ياماجده خدى واحده من اخواتك وروحى ومتعوقيش ..
- طيب ماتيجى معايا انت .. هو انت مش جوزى بردو قدام الناس ..!
- انا ماليش خُلق للحوارات دى .. قولت تاخدى اختك معاكِ وتنجزى قبل ما حريم البلد يتلموا ..
اطرقت بطاعه
- حاضر ياسليم ..
ترقبت خطاوى سليم حتى اطمئن قلبها .. فاسرعت نحو سيارته لتفر هاربه نحو مقصدها الكيدي ..

" فى شقة مجدى "
تسلل على اطراف قدمه وهو يدخل الغرفه التى تقطن بها صفوة .. ففتح خزانه ملابسه ليخرج منها ما يلزمه .. قاصدا ألا يقلق نومها .. يستمع الى صوت انين متأوه يصدر منها فيمزق روحه لاشلاء .. تنهد مجدى قائلا برجاء
- سامحينى ياصفوة ..
علبه صغيره سقطت ارضا بدون قصد ففزعت من نومها وهى تشهق بصرخه مكبوته .. اشعل مجدى انارة الغرفه سريعا ليطمئنها
- متقلقيش مافيش حاجه حصلت ..
اكتظت ملامحها واصبحت اكثر عبثا وضيقا
- انت جاى هنا تعمل ايه .. اطلع بره مش عاوزه اشوفك اصلا ..

تعمد تجاهل حديثها تماما .. فدار بجسده ليلتقط ملابسه .. كررت جملتها مرة ثانيه ولكن الفارق ف تلك المرة كانت تقف خلفه تماما وهى تضرب على كتفه بقوة ..
ضغط مجدى على شفته السفليه دون ان يلتفت اليها قائلا
- حلى عن نفوخى ياصفوة !
- انا مش طايقه اشوفك قدامى ولا طايقه مكان انت موجود فيه ..
ضرب بقبضة يده ضلفة الخزانه مما بث الرعب بداخلها فتراجعت خطوة للخلف وهى ترتعد لصوته
- متخليش الواحد يخرج من شعوره معاكى ..
- انت معندكش دم ولا احساس .. وبصراحه جيه الوقت اللى اقولك فيه انى مش عاوزاك من كل قلبى يامجدى .. انا مش هعيش مع بنى ادم رجعى متخلف كده زيك .. همجى كل حاجه عنده بالبلطجه ..

وضع المنشفه على كتفه وهو يتناول باقى ملابسه
- سبحان الله وامبارح كنتِ بتتخانقى معايا لانى مش بلطجى .. انت عندك انفصام ياما ! هااا تمام وايه تانى !
- شايفه انك تخلى عندك كرامه وتطلقنى .. خلاص اللى جوزنا مات .. نطلق بقي عاوزه ابقي حرة ياخى ..
تحرك بحريه ف غرفته وهو يبحث عن شيء ما بداخل الادراج متعمدا تجاهل حديثها تماما عاقدا العزم بأن بركان غضبه تلك المرة اقوى من انها تفجره بكلمات .. فهتفت قائلة بغضب
- كلمنى هنا زى مابكلمك ...

- اوووووف صفوة البسي عبايتك وانزلى اقعدى مع الحريم تحت وبطلى تصرفاات عيال لاوقتها ولا اوانها ..
وقفت امامه لتعيق طريقه بحده
- انت ازاى راجل وقابل على نفسك تفرض حياتك عليا .. !
بعدها عن طريقه بلطفٍ متجاهلا سؤالها .. فصرخت ساخره
- هااا حتى دى بدات اشك فيها .. اى الغباء اللى انا فيه دا اصلا .. وهو فيه راجل يسيب مراته كده لحد دلوقت .. شكلى لبست بدل الخازوق اتنين .. عينى على بختك  المايل ياصفوة !
استدار اليها ببرود لامتناهى وابتسامه مثلجه قائلا
- طيب مش كنتِ تقول لى ! عموما كلامك دا هتتحاسبي عليه بعدين .. ليك روقه يابت عمى ونشوف ...

ثم دنى منها خطوة وهو يتحدث بنبرة اقوى
- ١٠د وألقى فطارى جاهز .. وعاوزك تعندى ومتعملهوش ياصفوة !
- هتعمل ايه يعنى !
نظرة حاده خلعت قلبها .. فلونها ببسمة ماكرة
- هعمله انا ...
بروده اشعل النيران بداخلها اكثر مما جعلها تضرب الارض بأقدامها كالاطفال .. مع كل كلمه تحاول بها ان تتفجر براكين ثورته كى تتخلص من حصاره فبمنتهى السهوله يلبسها ثوب كيدها ضاحكا ..

" فى مكان زراعى بعيدا عن الانظار "
صفت سيارتها مقابل سيارته ورمقته بنظرة خائفه .. اتخذ ادهم قراره سريعا ودلف من سيارته واتجه نحو السيارة التى تقطن بها ماجده ليفتح لبابها بجراءه ويجلس بجوارها ويتكأ للخلف:
- يا صباح الورد على الورد ..
استدارت بجسدها نحوه ولازالت طبول الخوف تُقرع بجوفها
- لا ورايق كمان !
- وماروقش ليه وانا جمبى القمر بحاله ومنظر طبيعى وصوت العصافير واحلى جو يروق اى دماغ ..
- " هو انت شايفنى حلوة بجد  " ؟!

هربت الجمله من بين شفتيها فاره من كبت مشاعرها المكبوته .. وكانت اشبه بصنارة جديده يعزف على طُعمها  .. فاجابها بهيام
- المفروض واحده زيك متسائلش سؤال زى دا .. انت اللى يكون معاكِ يصلى ليل نهار شكر لربنا .. تعرفى ان سليم اول مرة يطلع غبى ! اول مرة يرفس النعمه ومايقبضش عليها زى كل مرة .. هو سليم معندهوش نظر للدرجه اللى تخليه يسيب واحده زيك ويبص لبره !

كلماته كانت كمخدر لروحها الهرمه .. شعرت بقشعريره ربيع تدب الحياه بأرضيها البور مرة ثانيه .. ظلت تستمع اليه باهتمام بالغ تريد ان تسمع المزيد والمزيد من الكلمات التى تعطش لها قلبها حتى جف .. اخذت نفسا طويلا لتفيق من سطو كلامه على ممتلكات روحها .. ولكنه بادر بتصرف آخر انتشت له كل حواسها عندما تجرأه على كفها ليغتصبه بانفاسه الممزوجه بدفء المكر مقبلا اياه بحنو بالغ .. جذبت ماجده كفها كمن اصابه صاعق كهربى .. وهى تقول
- انت ازاى تعمل كده .. انت اتجننت ..

اكمل ادهم مسرحيته
- اسف مكنتش اقصد .. كنت عاوز اعبرلك عن مدى اعجابى بيكِ بس ..
- احنا هنا عشان نوصل لحل مش نعجب ببعض ..
اطرق بأسف مصطنع
- اسف ياست الكل .. مش هتتكرر .. ها نخش فالمهم ..
- ياريت تخلينا فى المهم ..
غمز لها بطرف عينه بطريقه لفتت انتباه قلبها
- هو فى اهم من انك قمر فعلا وكل مرة شافتك فيها عينيا دغدغتى قلبى ..
استدارت بجسدها متأففه كى تدلف من السياره .. فأحكم قبضته عليها بسرعه وهو يقول
- وسعى خُلقك عاد .. سكتت اهو مش هنطق تانى ..
عادت ماجده لمقعدها واتكأت للخلف وهى تسأله
- انت عاوز ايه !

- فى ايه بالظبط ؟!
- منين انك متفق معايا عشان تبعد سليم عن بنت عمك لانك بتحبها ومنين شغال تتغزل فيا من الصبح !
ضحكه ساخرة انطلقت من جوفه مع تنهيده مكتومه وهو يقول
- ااااااه .. ومين بس قالك انى حابب وجد .. عاوزك تفهمى ان وجد اتفرضت علىّ زيها زي نسبي للعتامنه .. فجاة لقيت نفسي يتيم الاب وعم بيربيه على كل حاجه تتدمر الانسان اللى جوايا من غير مااعترض ولا اقدر اقوله كلمه تعكس اوامره .. حتى وجد اتفرضت عليا عشان ورثها وعشان ابعدها عن سليم اللى طمعان ف مالها ..
شرعت ان تعترض كلامه لتخبره بأن سليم الهوارى لديه من الاموال ما يكفل بلده بأكملها ولكن سرعان ما رد ادهم قائلا
- عارفك هتقولى سليم مش محتاج بس البحر بيحب الزياده ياماجده .. تعرفى! انا حقيقي مابقتش عارف عاوز اى نفسي اعيش حياه هاديه بعيده عن اى دم ومشاكل نفسي فى واحده تخطفنى من عالمى لعالمها .. انا بكره العتامنه كل يوم اكتر من اللى قبله ...

مابتستغربيش دى الحقيقه اللى مش بعرف اقولها حتى لنفسي .. انا مش عاوز اى حااجه حتى وجد متلزمنيش وسبب انى معاكى هنا انى عاوز اساعدك .. مش عاوزك تدوقى المر اللى انا فيه .. انا عارفك مظلومه ويمكن اكتر منى .. وانت ست مكسورة الجناح وزى القمر متستاهلش غير تعيش فوق السحاب مش فى بيت راجل بيجى عندها ويبقي اعمى ..

انخطرت دموع عينيها حسرة اثر حدة كلماته التى تبرى في حواف قلبها .. كلماته صحت كل الامها المكبوته .. فاكمل ادهم حديثه لاعبا على وتر اكثر حده
- واحده زيك تكون جمبى وشعرها زى الستاره الملفوحه على كتفى اروى منها روحى .. تفتكري الواحد عاوز اي اكتر من كده .. ماجده انت تستاهلى تتحبى وتكونى محور الكون لشخص مش شايف غيرك .. مش واحد عايشه معاه كأنك اخته .. مش هى دى الحقيقه !
صرخه وجع انفجرت من ثغرها وهى تبعد انظارها عنه مستنده برأسها على مقود السياره
- انزل ... قولت انززززل .

هرب حجابها من فوق راسها .. فثارت جيوش الانتقام في عروق ادهم اكثر .. مد كفه كى يرويه من امواجها المنسدله خلف ظهرها وبعد تردد رفع كفه بصعوبه ثم ربت على كتفها بحنو
- ماجده مش بقولك كده عشان تبكى .. ممكن تهدى ..
صرخت بانفعال اكثر مع رجفة قويه احتلت جسدها
- قولت اتفضل انزل ..
استسلم ادهم تلك المرة لرغبتها ودلف من سيارتها وهو يضغط على شفته السفليه بتوعد كأنه يُحضر كل شياطين شره لتحقيق مخططه الجديد ..

" بعد مرور ثلاثة أيام "
مرت الايام بعقارب سلحفيه على قلوب الجميع .. ولم يختلف الحال كثيرا عن الايام السابقه .. كل منهما تقوقع داخل صدفة احزانه وهمومه ملتزما الصمت متسلحا بالدمع ..
اليوم بعد انتهاء العزاء قرر حمزه الخياط ان يعود لمنزله .. ولكن قبل مغادرته قرر ان يجتمع بهما كى يضع حدا نهائيا للوضع الذي تبدو معالمه مخيفه للغايه ..
- هتفضلى مبوزه كده كتير .. !
اردف النقيب حمزه جملته وهو يستعد للخروج .. فتجاهلت حديثه تماما ولم ترفع نظرها اليه بل زاد تركيزها فى شاشه هاتفها .. فعاود مناديا عليها بحزم
- عششق !

- اوووف هو مش واضح انى ليا ٣ ايام مش بكلمك ولا هكلمك ياحمزه ..
- اقولك ايه اتعدلى وبلاش جنانك دا ..
- براحتى ..
حمزة معاتبا
- كده ياعشق !
رد معانده: هو كده يا حمزه ..
- تمام .. اللى يريحك ..
- تطلقنى ...
- وماله .. ادينا هنروح وابقي نشوف خالى رايه ايه ..

- عاوز اعرف رجاله الهوارى ناويين على ايه قبل ماامشي ..
اردف حمزه الخياط جملته على اذان الحاضرين من محمد وعماد وسليم ومجدى وامهم .. فردت عفاف سريعا
- ولادى هيفوقوا لمصلحتهم يااحمزه بيه ويديروا اشغال جدهم ولا اييه ؟!
عماد بحكمه: جدى قبل ما يتوفى كان وزع تركته وكل واحد فينا عارف اللى ليه واللى عليه ..
حمزه بتشجيع: عاااال .. يبقي كل واحد يراعى مصالحه وتكونوا يد واحده محدش هيقدر يفرقكم ابدا ..
رمقه محمد بنظره غاضبه لفت انتباه حمزه ليوجه حديثه اليه سريعا
- مالك ياامحمد .. هو الكلام مش عاجبك ولا ايه ؟!

- لا جنابك عداك العيب ومتشكرين على وقفتك جمبنا طول الفترة دى ..
- مافيش شكرانيه يامحمد خير جدك راجح على الكل واولهم عيلة الخياط واكراما ليه انى واقف جمبكم فى محنتكم ..
اجابه على مضضٍ
- عشان كده بردت ناره وردمت على دمه .. ونعم رد الجميل !
جحظ عماد بكلتا عينيه لمحمد .. فرد حمزه سريعا
- وليه هو انا قفلت عليك ولا خدت منك سلاحك .. يلا طبنجتك فى يدك واتفضل اقتل اللى عاوز تقتله ..
عماد بحده: ماتفضها سيره بقي يامحمد !

- العتامنه تعابين سمهم لسه مالى البلد .. ولازمن نخلصوا الناس مش شرهم ..
مجدى بانفعال: ماتسيب الملك للمالك يااخى انت محمل نفسك فوق طاقتها ليههه ..
- راجح اتخطف من وسطينا ياعماد ومحدش فينا قدر يعمله حاجه .. انتوا ازاى قادرين تبقوا بالهدوء دا ؟! ولا طبعا واحد عاش حياته كلها ف اسكندريه والتاني متربي ف مصر مع خاله .. تعرفوش حاجه عن تاريخ الهوارى ..
سليم بهدوء: هو انا مش قولتلك اللى مابيرجعش بالدم عيرجع بالنار ياضكتور ...

محمد بانفعال: كيييف ! هااا اى هو مخطط الهوارى الصغير؟!
وقف سليم فى منتصف مجلسهم ليفجر قنبلته الموقوته وهو يقول
- لما وجد سالم عتمان مراة سليم الهوارى على سُنة الله ورسوله تشرف من بكره اهنه تبقي اول ضربه فى مقتل للعتامنه ...  كيف ماعيقولو حرب بارده !
والامسيه التى اتخذت فيها قرار نسيانك .. استيقظت لأجدك قابع فوق ساقى ككره زرقاء .. تبدو ان الروح تعاقبنى على قرار تخلصها منك .. كأنها تخشي ان تفقدك فلم يتبق منها لى شيئا .. وذات الليله اكرر خطأى، فماذا سيكون العقاب ياترى ؟! اظن انها ستفر هاربه من ذلك الجسد الذي يؤلمها كثيرًا .. - نهال مصطفى

وقف سليم فى منتصف مجلسهم ليفجر قنبلته الموقوته وهو يقول
- لما وجد سالم عتمان مراة سليم الهوارى على سُنة الله ورسوله تشرف من بكره اهنه تبقي اول ضربه فى مقتل للعتامنه ...  كيف ماعيقولو حرب بارده !
حاله من الصمت خيمت على الجميع وهما يتبادلون الانظار بصدمه شديده .. حاول كل منهما استيعاب عبث جملته بشتى الطرق ولكن دون جدوي مهما حاولت ان تهرب من الحقيقه ستعود إليها  .. وقف عماد بتثاقل وهو يقترب من سليم متسائلا بشك
- اه دا مخططك الجديد اللى مش هيتم ! مش كده ..؟!
ثم تدخل محمد سريعا فى حوارهم
- انت عتخطط لجوازك منها بعد كل اللى حصل ياولد ابوى ؟!

صمد سليم فى مكانه عاقدا كفيه خلف ظهره فاردا كتفيه هاتفا بهدوء
- متحاولوش تكدبوا ودانكم .. انا عارف زين قولت اى .. وانتوا سمعتوا وفهمتوا اى !
حاولت عفاف  تستجمع قوتها كى تقف على ساقها مرة اخرى وبعد عدة محاولات اخيرا تشبثت بساعد عماد لتقف امامه جاهرة بلوم
- اتجوزت بت قتالين القُتله ياسليم ! ليييه ياولدى تعمل اكده ؟ ليه تموتنى بقهرتى عليك .. طب ميته وفين وكييف ! اتجوزت فى السر ياسليمممم ؟!
اجابها باختناق يكسو صوته
- القلب ومايريد ياعفاف .

- ياخى ملعون ابوه القلب اللى يحط راسنا كلنا فى الطين .. كيف هتأمن على اسمك معاها .. دى واحده خانت اهلها ونامت فى حضنك من وراهم .. قول لى كيف واحده سلمت نفسها رخيص تديها ثقتك .. ! فين عقلك ؟!
جهر سليم مقاطعا بحزم
- فى الحب والحرب لازمًا نخلعوا عقولنا .. وكلمة تانى وهنسي انك امى ياعفاف .. لأنك لو امى صوح كنت هتثقى فى ولدك واختياراته .. ومش تربية عفاف اللى تخلينى انام فى حضن واحده تانيه بالسر ..جوازى لوجد على ورق وبس ..

- يبقي احنا فيها وخالصين ياولدى .. تطلقها ويادار مادخلك شر .. ولا ايه يااعماد متنطق ياولدى !
- وانا متجوزتهاش عشان اطلقها ياما .. وجد هتيجى تعيش اهنه وهتبقي ام احفادك اللى سليم مستعد يعيش محروم من الخِلفه عمره كله لو مكانتش هى ام ولاده ..
محمد بعصبيه ووجه لطخ بدماء الغضب
- انت اكيد جرى لمخ حاجه .. واعى لكلامك ياخوى ..
سليم بحده: شكلكم انتوا اللى مش واعيين انها بقيت مرتى يعنى حديتكم لا هيقدم ولا يأخر .. وياريت كلكم تقبلوا بالامر الواقع .

عماد بغضب مكبوت
- كنت رضيت بيه انت ! .. ومشيت مع الريح مش يمكن كانت هتاخدك لمكان ماتهواه روحك  مش ماشي مع قلبك لحد ما هيوديك فى داهيه  ..
- ماليش غيره امشي وراه ياخوى .. ولو مشيت مع الريح زى ماعتقول كان هيطفى نار شغفى وحبى ومكنتش هحييا بعديها .. هعيش ميت بلا قلب ..
قبض محمد على لياقة جلبابه بعصبيه
- البيه جاى يحبلنا واحنا فى قلب النار ..
ثم لكمه بقبضه يده بقوة صارخا
- ودى عشان تفوقك من وهمك ياولد الهوارى ..
صرخت عفاف بحسره .. وسرعان ماتدخل حمزه الخياط ومجدى فى حوارهم العنيف .. استطاع عماد ان يبعدهما بصعوبه بالغه .. فتراجع سليم خطوتين للخلف باتزان مختل .. صرخ عماد قائلا بعتاب
- هى حصلت تمد يدك على اخوك  يا محمد ..

-اللى يبيع دمنا مايبقاش اخوى ..
حمزه بصرامه: ماتهدى يامحمد .. مالك طايح فى الكل ولا عامل احترام لحد .. هو كان جدك لوحدك اللى مات !
مجدى وهو يربت على كتف سليم
- كويس ان الهوارى مات قبل مايشوف اليوم اللى بتستقوى فيه على بعض ياولاد عادل ..
دفع سليم مجدى بعيدا وهو يحدف اخر متفجراته
- عتمد يدك عليا ياضكتور ! طب اسمعوا كلكم سواء قبلتم او رفضتم مراة سليم الهوارى هتيجى اهنه .. والكل هيحترمها غصبا عنه .. والا انا اللى هتصدرله ..
صرخت عفاف بحسره وعتب
- روح دارى خيبتك وداويها ياولدى .. مش تجيبها لحد عندنا ... روووح ..
عماد بحزم: ماتحرجش نفسك وتجيبها ياسليم لانى وقتها انا اللى مش هخليهم يدخلوك ..
سليم بعناد: تمام .. هنشوفوا ..

لاول مرة يقف حمزه الخياط عاجزا عن التصرف .. فوضع امامه ميزان بكفتين باحدهما القلب الذي يقدسه والاخرى العقل الذي يتنافر مع كل مانميل اليه .. ضرب كف على الاخر قائلا
- لله الامر من قبل ومن بعد ..
خرج سليم يأكل خطاوى الارض غضبًا كل ما يملأ عقله وقلبه كيف يظفر بها كى يستمد منها قوته التى تهشمت فى بعدها .. مع صوت اخر بداخله يذيع ما يرميه اليه القدر دائما فيرتل دعنى انصب خيمة الشوق على بابك،  لعل جفن الغياب يرق لنا ولو ليله يدونها سجل الانتظار انه انتصر .. انتصر بليله واحده اروى منها عطش الغياب .. وجد امامه النقيب حمزه خارجا من غرفته فاشار له
اقترب حمزه بتعجب وهو يترقب هيئته قائلا
- خير ياسليم .. مالك ؟! ووشك ماله !

- سيبك انت .. المهم عاوزك فى طلعه كده .. قولت اى ؟!
غمز له حمزه بمزاح
- رقبتى سداده !

 فى قصر العتامنه
- مالك ياوجد ماتهدى اكده .. جرالك اى راحه جايه كيفك كيف اللى فقد عقله !
اردفت ورد جملتها وهى تقفل كتابها .. فتنهدت( وجد ) بكللٍ
- قلبى واكلنى قوى على سليم ياورد .. حاسه فى نصيبه ..
- نصيبه اى بس كفا لنا الشر .. بطلى جنان واقعدى او انزلى شغلك اللى منزلتهوش ليكِ اسبوع دا ..
- اووف ياورد انت كمان .. مش وقتك خالص ..
كانت اخر جمله اردفت بها قبل ان يصدر هاتفها صوت استغاثه لقلبها .. ورد بتعجب
- ادهم رجعلك محمولك ؟!

- اشش اششش .. دا سليم مش قولتلك قلبى مش مطمن !
ركضت ورد إليها بفضول حتى التصقت بها قائله
- ردى طيب .. يلا بسرعه ..
وجد بخوف مكبوت: سليم ! حصل حاجه ..
سليم بعصبيه: طبعا حصل وانت ولا على بالك ياهانم ..
عبثت ملامحها وخلع الرعب قلبها من مكانه .. فوجهت كلامها لاختها بتلقائيه وخوف بالغ
- مش قولتلك ياورد .. قلبى مش مطمن وحاسه فى نصيبه ...- ثم وجهت سؤالها لسليم -
 حصل اى ياسليم .. خلعت قلبى
ابتسم ابتسامه نصر مردفًا بغزل
- حصل ان قلبى مش لاقيه من ساعة مابعدتى عنه .. حصل انك وحشتينى اكتر من اى مره قبل اكده .. حصل انى عاوز اغمض عينى وافتحها القاكى فى حضنى بالظبط..

لكزه النقيب حمزه بنفاذ صبر: ماتخلصنا ياعم النحنوح  ..
ضحكه سريعا انطلقت من ثغر سليم قائلا
- خلاص ياعم .. اسمعنى زين ياوجد ..
رفعت وجد نبرة صوتها باغتياظ مما جعل اختها تلصق اذنها اكثر فى الهاتف لتستمع لحديث سليم بفضول .. فجهرت وجد
- اسمع ايه دانت ايامك سودة معايا .. بتشتغلنى ياسليم ..!
- لو مشتغلتكيش انت هشتغل مين ! المهم عاوزك تجهزى وجاى اخدك دلوق ..
- اجهز فين وتاخد مين ومنين .. انت مالك مش مظبوط فى كلامك ؟!
- وجد .. من الليله هتكونى مرتى قدامك الخلق كلهم وهاجى اخدك .. وعيلتك كلها ماهتقدر تقف قصادى ..
احتشدت الكلمات بحلقها محاولة استيعاب صاعق كلماته بذهول
- انت اتجننت ! تيجى تاخد مين! .. عاوز تولعها ياسليم ..

سليم بحده: وجدددددددد
- وجد مين بس .. بص ياسليم انا مش هخاطر بيك .. ومن الاخر كل واحد فينا يروح لحاله يابن الناس .. انا ولا هاجى ولا هروح وانت طلقنى بسكات ونرضي بالمكتوب .. لكن كل اللى قولته دا مستحيل ..  يامررررررى دا كانت تبقي مجزرة !
سليم بهدوء اثار جنونها اكثر
- تمام .. خلصتى !
- انت ناوى على ايه .. مش مرتحالك ؟!
- بكره هتعرفى .. يلا سكتك خضرة  ..
- سليممم !
- قولت سكتك خضررره ..

ثم قفل الهاتف سريعا بدون ماينتظر منها ردا .. موجها كلامه لحمزه
- قولتلك دى بوومه وراسها حجر .. ومايمشيش معاها الذوق
ابتسم حمزه ثم اردف
- يبقي طريق القانون .. مافيش غيره ..
ورد بفضول: تفتكرى سليم هيسمع الكلام !
لازالت تحت تاثير صدمتها مردفه: سليم اللى اعرفه مش هيسمع كلام حد .. وهيقلبها مجزرة ... استرها يارب .. ناوى على ايه ياولدى الهوارى !

- هتفضلى قاعده كده من غير مصلحه !
اردف مجدى جملته وهو يدلف من باب شقته ويلقى مفاتيحه جنبا .. فركل الباب بساقه قائلا
- مش وراكى غير المخروب اللي في يدك دا ! هموت واعرف جايبه الروقان دا من فين !
اعتدلت صفوة في جلستها متأففه
- ياريت كل واحد يخليه في حاله !
رمقها بنظره خاطفه قبل ما يغادر مجلسها قائلا
- سبحان اللى مطول بالى عليكِ
ظلت تحرق ظهره بنظرات ناريه فانعكس دخانها علي قلبها ليشعرها بشيء ما قُرعت له طبول قلبها متنهدا سرا
- هو انا ليه طول اليوم كنت مستنياه يجي واول ماجيه الف حاجه جوايا عاوزه تتخانق معاه .. !
ثم عادت مره اخرى لتنظر في هاتفها متجاهله كم المشاعر المتدفقه بجوفها .. فشهقت بصوتٍ مكتوم عندما فتحت تطبيه واتس اب وجحظت كل اعضاء جسدها بذهول وزعر
- ياحيوووان .. يالهوووووووى ..

اذًا بمجموعه صور فاضحه من رقم غير مسجل ولكنها تعرف هويته جيدا .. تفحصت الصور بجسد منتفض وهى تلهث خوفا والما يحرقها بالداخل .. ثم ارسل لها رساله اخرى
دي حاجه بسيطه من ياسر حبيبك يادكتوره .. والله كنت هبعتهم لجوزك اولى .. لولا انه سبق وطلعلك دلوقت
جمله اخرى ارتعد لها كل ساكن .. جعلتها تتلفت حولها وكأنها تقف على مراجل تتوق .. استجمعت ما تبقي ما اعصابها لتكتب له رساله غمست بدموع عينيها
- انت عاوز اى منى ..
رد سريعا
- بصي كده من شباك شقتك وبعدين هقولك انا عاوز ايه !

لملمت شتات روحها المفتته وتعكزت على عكاز الخوف لتنظر من النافذه فتراه يقطن بداخل سيارته مرتدي نظاره سوداء ويلوح لها بمكر .. عادت لتراسله مره اخرى ولكن تلك المره كانت اقوى
- انت لو ماقولتش عاوز اي مش هتروح من هنا سليم
- انت اعقل من انك تعمليها ياصافى .. اى عاوزه تفضحى نفسك وجوزك البيشمهندس وتوريله نفسك وانت فى حضنى علي البحر !
- انت عارف ان الصور دي متفبركه ومش انا اللي اسلم نفسي لوحد قذر زيك .. وبلاش توهم نفسك مجدي مستحيل يصدق كده
- تيجي نشوف !

طرق الخفير بهيئته المفزعه على باب سيارته قائلا
- انت ياخينه واقف ليه اهنه ..
الشهقه خرجت من جوفها اثنين عندما وجدت مجدي يقف خلفها يتسائل
- بتعملى ايه !
القت الستار سريعا وهى تلهث رعبا مردفه بارتباك
- هاا مافيش .. مافيش حاجه لوسمحت وسع من قدامى.
نظر اليها بشكٍ
- متاكده!
دفعته من امامها وكأنها قاصده الهرب من حصار عينيه .. فاقترب مجدي من النافذه ليرى ما كانت تنظر له .. فلم ير شيئا فرفع حاجبه متعجبا
- اى وراكى يابت عمى ..

- والله واحشنى .. كده ياواد متسألش على ثريا .. دانا فى يوم من الايام كنت حماتك بردو !
اردفت ثريا جملتها وهى تتاكد من غلق باب الغرفه خلفها كأنها تنصب خيمه مكيده جديده .. فرد عليها محسن قائلا
- فين بقى ما ست الدكتوره صدقت ما مشيت وقفلت الباب وراها .
ضحكه ماكره شقت ثغر الحييه
- افهم من اكده انك لسه باقى ومستنى ..!
ضم محسن الفتاه العاريه الى صدره اكثر .. ليردف بخداع
- والا مستني .. وغلاوتك عندى ياحماتى قلبى وعينى ماعارفين يشوفوا ست تانيه بعد نورا .. انا من بعدها بقيت يتيم والله ..
ضحكت بانتصار وهى تتكأ على فراشها بتمايل
- عال .. يبقي اسمعنى وفتح ودانك معاي زين !

- هو حصل حاجه .. يعني اقصد وشك متغير ليه !
اردفت نورا سؤالها بعد تردد استمر طويلا وهى تراقب عبث ملامحه التى ينبعث من دخان الغضب .. رفع انظاره اليها قائلا بتساؤل
- هو انا ليا حق اقف فى وش اخواتى لو اللي بيعملوه غلط ..
غادرت مقعدها سريعا لتتجه اليه وتجلس بالقرب منه وكأن شيء ما بداخلها يقودها اليه ولكنه منتظرا فرصه واحده .. فاجابته بحكمه بعدما اطالت النظر بعينيه لتقول
- من حقك تنصح اخواتك .. ومن حقك تساندهم لكن مش من حقك ابدا تقف ضدتهم مهما عملوا كل واحد حر ف اختياراته !
تنهد بمراره وهى يتأملها طويلا .. فاجابها باعتراض
- لا .. لأول مره متفقش معاك في حاجه .. انا اخوهم الكبير ومن حقى اكسر رقبتهم لما يغلطوا !

ردت بهدوء
- بأى حق ! انت ترضي حد يتدخل في حياتك ! ويقولك تعمل اي ولا متعملش !
- انا مش بعمل غلط عشان اسمح لحد يعدل عليا يانورا ..
اجابته باعتراض وثغر لم تفارقه ابتسامه الامل
- كلنا بنغلط .. احنا فيها عشان نغلط وفكرة انك تقول مابغلطش دا فى حد ذاته اكبر غلط .. احنا بشر مش ملايكه ياعماد .. طيب هو انت ممكن تقول لى حصل ايه !
فكر عماد لوهله فماذا يجيبها ايخبرها بأن اخيه تزوج على اختها ويشعل النار التى يسعى لاخمادها !
- مش مهم .. متشغليش بالك ..
- انت تفكيرك غريب وكلامك اغرب النهارده على فكره ..
ابتسم باستسلام فهربت جمله من جوف قلبه بدون اى رقابه منه قائلا
- انا اول مابشوفك ببقي شخص تانى مابعرفهوش !

امتلأ وجهها بدماء الخجل .. فأطرقت بحياء قاصده استماع المزيد منه
- وياترى الشخص دا انت حابه ولا ...!
تخلص من باقيا الحزن بجوفه بزفير عميق مردفا بعيون مضئيه كنجوم الليل
- مش عارف .. هو شخص كل مابيشوفك بيقي عاوز ياخدك فى حضنه كأن فى جوايا فراغ مش هيملاها اى حد غيرك ..
لاول مره تستشعر بقلبها يدب به الامل مجددا .. فزهر وجهها بورود الحب ورفرف فوقها طير الولع فوثبت هاربه من عذوبة كلماته التى استحوذت كيانها ولكنها فوجئت برد فعل اقوى عندما تشبث بكفها قائلا بعتب مصطنع
- هو انت مخدتش بالك انى قولت عاوزه اخدك فى حضنى !

بللت حلقها الذي جف من صاعق كلماته المفاجئه
- عماد .. فيك ايه !
سحبها بلطفٍ يكاد شق قلبها لنصفين ليغرز به عشقا من نوعٍ خاص فجلس بجواره قائلا
- بس المره دي الالم فاض بيه .. فعاوز يشوف نفسه فى حضنك ..
لم ينتظر منها اى رد بل تركها فى غيوبة كلماته التى تدفقت من صميم الوجع فأزاح ذراعها بعيدا ووضع رأسه فوق قلبها تحديدا .. كأنه اراد ان يستمع للحنه الذى يتخدر به كل ما تبقى من اوجاعه .. فاقت نورا على يدها التى تمر على كتفه بحنان ام ف ثمه نقص بنا لا يعوضه الا شخص واحد ..

فى غرفة الضيوف التى يقطن بها حمزه الخياط وزوجته
- يعنى مش هنمشي النهارده .. حمزه تقلنا على الناس ماينفعش كده !
قالت وعد جملته وهى تزيح العباءه البُنيه من فوق كتفيه بلطف .. فنصب ظهره اكثر ليساعدها مردفا
- لا طبعا المسا هنروحوا .. عاصم والهام لوحدهم هناك وكمان امى بعافيه شويه وعندى مصالح ياوعد واقفه ..
تحركت بهدوء لتقف امامه وهى تظر له بعيونها التى تفيض بالحب
- طيب وسليم !

شق ثغره ابتسامه لونت ملامحه بحب فريد من نوعه قائلا
- تصدقى عجبنى .. هو مجنون بس خلينا متفقين ان العشق من غير جنانه مايدومش ..
رفعت حاجبها باعجاب ثم اردفت معانده
- بس الريح المره دي مش فى صالحهم ياحمزه .. دا تار ودم ياحبيبى !
دنى منها بهيبته العظيمه ليضع كفه على خدها بحنان قاصدا اطالت النظر بعينيها فقال
- واى ذنب الريح طالما الحب من ورق ياوعد ..
ابتسمت بانبهار وهى تضع كفها على كفه قائله
- مافيش مرة فشلت انك تغلبنى ياابن الخياط ..

- ومافيش مره فشلت عيونك تخلينى اقدر اخبى حاجه جوايا عليكى ..
- ربنا يديمك فى حياتى ياابو عاصم .. اقولك صح فى حاجه ملاحظها كده بس مش عارفه تخمينى صح ولاا غلط
- خير ياوعد .. احكى
- مش عارفه بس شكل بنتك وجوزها متخنقين .. وخناقه كبيره اوى كمان !
تنهد بارتياح مردفا
- هى حكتلك !

- تؤ مقالتش حاجه
- يبقي خلاص ولا كأنك شوفتى حاجه !
- ازاي ياحمزه .. بنتك مجنونه وانا عارفاها ..
- ياستى كبري دماغك .. زي مابيقولوا اكده زيتهم يقليهم ..
- ياسلااام !
- بس انت محلوة ليه النهارده كل دا عشان عرفتى اننا هنروح ؟

- حمزه متغيرش الموضوع ..
- متغيريش انت الموضوع وخليكى جدعه ..
- واجبك كأب لما تكون بنتك فى مشكله تحلها مش تعاكس فى امها ..
حاوط كتفيها بذراعه وتحرك نحو الاريكه مردفا
- واجبى كأب اخلى بتى تعيش حربها بنفسها .. ومش هقولك عشان انا معاها النهارده مش باقى لها بكره والجو دا .. لكن هقولك ان العيش ريحته مش بتفوح غير لما يدخل الفرن وتلسعه النار .. الحب كده لازم تلسعه النار عشان يعرفوا يعيشوا فى عزه ولا ايه ياام عاصم ..
وقفت مكانها لبرهه ثم عادت لتقف امامه مره اخرى وتلك المره تشيعه بابتسامه فخر قائله وهى تحضنه بشوق
- كده يااعظم ابو عاصم فى الدنيا كلها ..

- طيب انت مش هتقول لى متعصب ليه ..
اردفت يسر جملتها بفضول وهى تقترب من مرقده .. ف زفر محمد باختناق
- يسر مش طايق نفسى حلى عن سمايا ورحمة جدك ..
بسطت جسدها بجواره برفق: طيب قول لى في ايه اوعى تكون اتخانقت مع اخواتك !
تقلب في فراشه لينام على جنبه مبتعدا عنها
- يووووه انت مابتسمعيش الكلام ليييه !
- يوووه يامحمد طيب خلاص بص لى طيب عاوزه اقولك على حاجه ..

تجاهل توسلها اليه مصطنع النوم فدفعته بقوة تجاهها
- منا مش هقدر اسكت اكتر من كده ..
اعتدل من نومته ليجلس متأففا
- عاوزه اى انت كمان !
تشبثت فى كفه بحنيه وهى تتحدث بصوت منخفض
- عاوزه اقولك حاجه يمكن تفرحك !
- مافيش حاجه هتفرحنى لانى مش شايف غير سواد قدامى .. فاحسنلك تسكتى !

خطفت كفه بعنوه لتضعه فوق بطنها مردفه
- حتى ولو قولتلك ان راجح الصغير جاى فى الطريق !
نظر على موضع كفه فوق بطنها ونظره اخري لعينيها ثم عاود النظر لبطنها مره اخرى متسائلا بغباء بّين
- مش فاهم !
ابتسمت كضياء الصباح الذى محى عتمة ليله قائله
- هو انا معرفش حصل امتى بس الواضح كده ان حتى حبوب منع الحمل مقدرتش تقف فى طريق حبنا وسعادتنا .. محمد انا مبسوطه اوى حاسه ان ربنا حب يعوضنا على غياب جدو الله يرحمه ..

جيوش من المشاعر المختلطه تهجمت بداخله .. فكانت تنظر له بابتسامه كافيه ان تقلع احزانه بجوفه من جذرها ..شيء ما بداخله اصبح مضئ جعله يحب الحياه اكثر لازال غائصا فى صمته حتى تحدثت يسر قائله
- يامحمد فى اي انت مش فرحان زيي !
واخيرا زهرت ملامحه بابتسامه بعد ايام من الذبول .. خطفها بقوة بين ذراعيه مما جلعها تنفجر ضاحكه ومدتلله كطفله صغيره تمرح مع حبيبها .. تنهد محمد فى حضنها كثيرا ثم اردف قائلا
- متتصوريش انت بالخبر دا عملتى فيا ايه .. يسر انا بحبك اوى وحقيقي مابقاش ليا فى الدنيا غيرك انت والطفل اللي جاى دا ..

رفعت انظارها اليه ولازالت تتشبث بجلبابه: ربنا يخليك ليا ياروح قلبى .. كنت متاكده ان الخبر دا هيبسطك ..
جذبها اليه وهو يريح ظهرها حتى اصبح جزءها العلوى مستندا على صدره وهو يدلع كتفها بانامله قائلا
- ليك عليا لو طلع ولد هعمله ليله ولا الف ليله وليله وهدبحله عجل ولا اقولك اتنين بس هو يجي بالسلامه بس
- ياسلام اومال لو بنت !
-هدبحلها 5 عجول .. دانا اتمنى تطلع بنت ياسلام اكيد هتكون اسد زي امها ولا اي !.. تم فرحتنا يارب ..
استندت بذقنها على صدره قائله
- ممكن محدش يعرف بالموضوع دا  .. وخصوصا ماما يامحمد ..
رفع حاجبه مستنكرا: حماتى !

اومأت راسها ايجابا: ااه معلش .. عشان فرحتنا تتم !
- اااها طيب اي رايك اول واحده هتعرف ثريا وتورينى هتعمل ايه
زغرت له بتوسل
- محمد ماينفعش .. لا عشان خاطري بلاش ..

 مساءًا
-  اتمنى تكونى احسن دلوق
رساله نصيه على  الواتس اب  من ادهم انارة شاشه جوالها فقرأتها مرات متعدده وبعد تفكير اجابت
- ااه بقيت احسن الحمد لله ..
- ينفع اسمع صوتك ...
ممم عشان بس اتاكد انك بخير فعلا ولا لا ...
- ملهوش لزوم .. واصلا سليم هنا
- ممممم .. تمام اسف لو ازعجتك
قرات الرساله ثم فكرت دقيقه وبعدها واصلت الكتابه قائله
- كنت بتطمن عليا بس !

- بصراحه كل مااحاول انام كنت بشوفك فى كل مكان حوليا .. حتى جوايا حاسك بتجرى زي الدم فى عروقى .. فقولت اكلمك واقولك خفى جري جوايا عاوز انام ..
فتح سليم باب المرحاض وهو يجفف شعره بالمنشفه ..وبسرعه البرق حذفت ماجده الشات مع ادهم واغلقت بيانات الهاتف بتوتر بالغ ولكنه لم يلفت انتباه سليم الذى تناول باقى ملابسه وخرج من الغرفه بصمت تام .. ظلت تنظر له طويلا حتى نزف صوت بداخلها قائلا
-  تجاهلك يؤذينى حتى اشعر بألا يوجد قلب بصدرى

 

فى صباح اليوم التالى
يقف امام باب القصر العملاق شخص معلقه بكتفه حقيبه جلديه ، يحمل بيده مجموعه من اوراق .. يرتدى على عينيه نظاره زجاجيه عدستها مُقعره وزى رديء باللون الرمادى .. خلفه الخفير بزيه الصعيدي حاملا سلاحه على كتفه .. هتف المُحضر قائلا
- يابتنى عاوز المُدعى عليها ( وجد سالم عتمان ) ..
رمقته ورد بنظرةِ حائرةٍ خائفه تتأرجح على اوتار القلق
- خير .. انت عاوز اختى لييه ؟! ماتنجز ياعم انت !
اوشك الشخص على التحدث فأوقفه هتاف وجد المدلفه من أعلى مردده
- فى ايه عندك ياورد ؟! واقفه ليه اكده ؟!
تكورت اصابع قدمها قلقا لتجيبها بنبره مرتعده
- وجد .. تعالى في واحد عاوزك .. وشكله ميطمنش واصل !

ودعت ساقيها درجات السلم لتلمس سطح الارض وتخطو بارتباك نحو اختها مردده
- ما تقول عاوز ايه ياجدع انت !
صوت جمهورى انبعث من الخلف ليردد بفظاظةٍ
- فى اي يابت اهنه !
كانت جملة اشبه بطلاقات الرصاص المنبعثه من فوهة بشرية لديها قدرة عجيبة فهى قادرة على اختراق جميع اجزاء الجسد ولست موضع نيشانها فقط، تجمدت ( وجد ) بموضعها لترمق اختها بخوفٍ بدّت معالمه على اعينهم المنتفضة، وحلقهم الذي جفّ .. تفوه المُحضر قائلا
- يابيه ماتخلصونا عاد !

تقدم ( حيدر ) نحوه بغضبٍ
- جرى لك ايه ياجدع انت .. عاوز ايه ؟! وانت مين اصلا ؟!
- يابيه انا معايا انذار للمدام وجد سالم عتمان ..
كانت تلك المرة جملة اشبه بقنبله قُذفت من فمّ رجل غريبٍ لديها القدرة على تحطيم بلدة بأكملها .. شهقة مكتومه انبعثت من الفتيات وهما يرمقان بعضهما بهلعٍ .. اقتحم ( حيدر) مجلسهم ليهتف بزمجره
- مدام مين ياجدع ! ... انت اتخوتت في راسك اياك! بتنا لسه خطوبتها على ولد عمها اخر الاسبوع .. اسمها الست الضكتورة وجد سالم عتمان ..
تأفف المُحضر قائلًا.

- يابيه دا انذار ب ( طلب طاعه زوجيه ) من المدعى سليم الهواري بيتهم فيه الهانم بتغيبها عن منزل الزوجيه وهو عاوز مراته خلال ٣٠ يوم والا المحكمه هيكونلها تصرف تانى ... ماتتفضلى تمضي وتخلصينا ياست ...
تلعثمت الكلمات في حلقها محاولة استيعاب عواقب المصيبه التى حلت على رأسها .. تراجعت خطوة للخلف ليرتطم ظهرها بمؤخرة سور السلم منتظره رد فعل الاسد على تمرد احد سُكان عرينه .. لينبعث من جوفها صوت معاتبٍ
- كل مره بسحبنى منك جوايا بتنتهى كل محاولاتى بالفشل .. ليه كده ياسليم ليييه بتفتح فى وشنا طاقات نار احنا مش قدها !
سالت دموع اختها رعبًا تترقب نظرات عمها المرعبة .. اما عن حيدر فأنقضّ على سترة المحضر مزمجرًا بعنف
- انت عتقول ايه ياولد المحروووق ... !

وجدك فاض بى، وانتِ بناره جاهلةً، استغيث بقربك لترحمى عاشق يحرقه غيابك، اود ان اطفىء نار اشتياقى بقبلة او حضنِ تالله القلب من ملّح فقدانك ذاب، إما اوص نار الشوق ان تكون بردًا وسلامًا على قلب عزيز ذلهُ عشق وجدانك.
"كثيرا ما نتشبث بالخوف عندما نريد ان نحتفظ بأقصى درجات الامان "
على ارجوحه مخاوفها كل مابها يرتعش حتى تفككت اعضاء جسدها فجعلتها عاجزه عن الحركه .. وقفت متجمده فى مكانها منتظره جلادها الذي لا مفر منه .. اليوم اصدر حبيبها على روحها حُكم الاعدام وجاء عمها المنفذ للحكم بأشد انواعه .. التصق ظهرها بنهايه " درابزين " السلم وهى تلهث اخر انفاسها بصعوبه ..
زمجرت رياح غضب حيدر التى قررت أن تطيح بكل ما يقابلها بعدما قرأ الانذار بعنايه ثم عصر الورقه بين اصابعه القويه وينظر لها بعيون التهمتها ثوره الضجر ووجه لُطخ بدماء الشر وهو يصرخ فى الخفير
- ارمى ولد المحروق دا برا ..

صاعق كهربي فتك بها .. فتراجعت للخلف بخطوات سلحفيه وهى ترتعد وكل ما بها يصرخ خوفا كشعور البرئ المقبل على حبل مشنقته متسائلا " بأى ذنب قتلت " .. التفت سريعا كى تهرب من حصار نيرانه التى حولت كل ما بها لرماد .. ولكنها سرعان ماصدرت صرخه دوى صداها جميع انحاء المنزل حتى احتشد الجميع ...
بمنتهى اللا رحمه والجبروت قبض حيدر على شعرها المختبئ خلف حجابها وجذبها اليه حتى سقطت ارضا تتأوه بين يديه من شده الالم ..
استمر حيدر فى سحبها وهى تتوسل اليه برجاء والم وصراخ ممزوجا بكلمات غير مفهومه .. ركضت كوثر بلهفه لتجثو على ركبتيها مدافعه عن ابنتها باستغراب
- حوصل ايه بس .. هببت اى البت دي كمان !

ركلة باب قويه التفت اليها عيون الجميع ممزوجه بصوت هاتفا كالرعد
- وانت مكنش حد قالك انه اللى يمد يده على مراة سليم الهوارى اقطعله !
تلفظت باسمه مستغيثه وهى تزحف لتبتعد عن جبروت عمها الذي صدم بتواجد سليم امامه .. فاستقام بتثاقل وهو يدخل كفه بسترته ليخرج سلاحه ولكنه فوجئ بعساكر الشرطه تنتشر فى القصر ..

ركضت وجد عليه كالماء الذي يبحث عنها تائها فى الصحراء .. تعلقت  بكتفه وهى تلهث انفاسها بصعوبه بالغه وكل ما بها يرتعش ..
دار سليم للخلف وهو يقول: اهو شوفت بعينك ياحضرة الظابط اثبت عندك .. خاطف مرتى وعيضربها كمان ومانعها تيجى بيت جوزها ..
كان النقيب يوسف هائما بملامح ورد التى اصيبت بحاله من الصدمه محاوله استيعاب ما يحدث امامها .. فالتفت الي سليم قائلا
- هااا .. تمام هنسجل كل اللي انت عاوزه ياسليم بيه ..
تعمد سليم ان يقرب وجد منه اكثر ثم اردف بصيغه آمره
- يلا ياورد هاتيلى حاجات وجد على السريع عشان نلحقوا نروحوا بيتنا ..

التفت يوسف اليها باعجاب: وكمان اسمك ورد !
تدخل حيدر مزمجرا بغضب شديد
- تاخدها فين ومين قالك انى هسمحلكم تخرجوا على رجليكم اصلا ..دانا هقتلكم ولو هاخد فيكم اعدام
تتدخل النقيب يوسف سريعا ليقف امام حيدر
- لو سمحت مافيش داعى للشوشره اكتر من كده .. سليم بيه مقدم فيك بلاغ انك خاطف مراته وكمان بتضربها واحنا شوفنا دا بعنينا .. ممكن تتفضل معانا بهدوء ..
حيدر باقتضاب: اتفضل فيييين واخطف مين يابيه .. دي واحده قل
جهر سليم مقاطعا: دي مراة سليم عادل الهوارى واللى يرشها بالميه ارشه بالنار !

ثم رفع نظره بعيدا ليوجه حديثه لورد
- ولا اقولك ياورد بلاش مش عاوزين حاجه منيكم ياعتامنه .. انا اكده اخدت اللي يلزمنى والباقى له روّقه ..
التهبت كلتا عيني حيدر بنيران لم يكف المحيط على اخمادها .. تدخلت كوثر مردفه بضجر محاوله مد يدها على ابنتها
- حطيتى راسنا فى الطين ياوجد .. قصفتى راسنا خالص وارتحتى واتجوزتى من ورانا !
زاح سليم وجد بلطف لتقف خلف ظهره ثم واجه مدفع نيران امها بنفسه قائلا
- سيبك من الحديت العفش ده .. بتك مرتى قدام الدنيا كلها وخالها شاهد واظن ان دي حاجه تفرحك متزعلكيش .. دى فى عصمة سليم الهوارى ! وانت عارفه زين مين هو سليم الهواري !

- ماهى دي المصيبه .. عندى تتجوز عبد ولا دمها يتخلط بدمكم المليان بالمكر والغدر ..
تنحنح سليم بخفوت قائلا
- طب يلا احنا ياوجد تكون امك هديت وفكرت وعرفت زين هى عتتكلم مع مين ..
اصدر يوسف الامر للعساكر قائلا وهو يشير على حيدر
- هاته يابنى لما نسمع اقواله !
عاند حيدر مع العساكر غير قابل باقترابهم منه وهو يرتل كلمات غريبه غير مفهومه .. شرع سليم بالتحرك بعدما قبض على كف وجد بقوة امام الجيمع ولكنه توقف للحظه على سؤال يوسف
- سليم .. الا هو المحضر كان باسم وجد بس ولا وجد وورد عشان اعمل حسابى !

غمز له سليم بفهم ثم ارسل نظر خاطفه لورد المغيبه عن العالم خاضعه تحت اثر صدمتها ثم قال
- هاتلى اعدام للراجل ده بس ومتقلقش هظبطك عشان شكلك واقع واقع يعني ..
تمازح الرفاق بصوت خافت ثم سحب سليم وجد مغادرا حصارها اللعين بخطوات متحرر من سجنه للتو وهى تتعلق بذراع سليم كالغرقان الذى عثر على طوق نجاته حالا .. ثم عاد يوسف لاستكمال مهمته ولم يخل ذلك من مهمته الاساسيه التى خضعت تحت رحمة تلك الحوريه التى تجلس لوحدها بعيدا فى ركن تشكل على مقاس جسدها الممشوق .

صعدت وجد سيارة سليم وهى لازالت تحت تاثير دهشتها .. قفلت باب السياره ثم التفت اليه مزمجره بصوت عال
- انت اتجننت ياسليم ! فى حد عاقل عيفكر لدقيقه ينيل اللى انت هببته ده !
- حبى ليكِ اجن من انه يتحمل غيابك ياوجد !
- الحب الخالى من العقل بيداس بالرجلين ..
- وحب العاقلين ده مايلزمنيش .. انت لى لوحدى ياوجد حتى لو هطربق قنا بحالها فوق دماغ كُل من يبعدنى عنك ...
- دانا هخلى ايامك سودة عشان اللي عملته دا !
شرع سليم فى التحرك بسيارته قائلا بمزاح
- احنا فيها ارجعك لحيدر ونقطع المحضر ونفضها سيره وعليه العوض ف الخطه اللي سهرانين من امبارح نظبطوها دي ؟!منا مش عامل كل ده وتيجى تسوديها ف الاخر..

- وتعالى هنا كمان انا تطلبنى في المحكمه ياسليم ! وطلب طاعه كمان اى الجبروت دا ؟
لوح راسها للخلف وهو يرجع بسيارته قائلا
- انت هبله يابت ! انا كل اللي عملته محضر بخطف وتعذيب مراتى وبس ا كده...
ثم اعتدل واستراح على مقعده حتى لمست سيارته بوابات القصر الملعون .. لكزته وجد بحده: انجز  كمل انت لسه هتاخد نفس
- وبس ياستى ظبطنا واحد من العساكر يعمل نفسه محضر من المحكمه اللي يومها بسنه وف نفس اللحظه نمسك دليل على حيدر يثبت كلامى ..
نظرت له بانبهار: كل دا عشانى !
- لا عشان عيونك عمك .. ماتعدلى يابت !

- مين صاحب الخطه الجباره دي بقي ؟!
ابتسم سليم وهو يدور بمقود سيارته: وفى غيره دماغ الخياط السم ..
- النقيب حمزه ؟!
هز راسه نفيا ثم قال: ملك الحب .. حمزه بيه الخياط هو اللى ساعدنا نعمل كل دا بصراحه قبل ما يمشي ..
نتهدت وجد بارتياح ثم قالت: ياخى انا الرجل دا بحبه لله ف لله كده
جحظ لها بطرف عنيه قائلا: ماتتلمى .. وبعدين دى مراته لو سمعتك تاكلك ..
ضحكت بسعاده تكسو الكون كله قائلا: خلينا فيك طيب .. كنت متاكده انك مش هتعديها ..

- مكنش ينفع تباتى بعيد عنى ليله زياده .. وانت صرمه وراسك انشف من الحجر قال طلقنى ياسليم .. فكرينى احاسبك على الكلمه دى بعدين !
مسكت كفه بلطف ثم طبعت قُبله رقيقه عليه لتقول
- سيبك انت المهم انى اكتشفت حاجه مهمه جدا وهى انى طول الوقت ناقصه حتى لو مثلت الاكتمال ودلوقت حاسه انى واحده تانى وجديده اتولدت حالا على ايديك .. او واحده اول ماشافتك رمت كل هموم قلبها على كتافك وبقيت حره من اي هموم ..

سحب كفها ليقبله برفق ثم همس قائلا
- ارمى انت بس همومك فوق كتافى مايهمكيش .. المهم تكونى الملجأ اللى ارجعله كل ليله واطفى فيه كل نار الهموم دى ..
مالت لتستند على كتف كانه ركنها المفضل فى الكون مهما فاض اتساعه فلا يسعها الا كتفه الذى خلقت منه فهو مأمنها ومأواها .. صَدفتها التى تحتمى بداخلها من شر الطامعين بها...

- الف الف مبرووك يايسر .. يعني انا هابقي خالتو خلااص ! انا بجد مش مصدقه .. ربنا يتم حملك على خير ياحبيبتى ..
قالت نورا جملتها بمنتهى السعاده وهى تحتضن اختها .. فظلا الاختان يتمازحان بهمس فى حديقه القصر .. فردت يسر قائلة
- ماتتخيليش انا مبسوطه اد ايه حقيقي احساس حلو اوي اوي يانورا .. احساس ان حته جوايا من محمد بتحرك بيها وبعد كام شهر هلمسها بين ايديا سعاده ماتتوصفش ..
- ربنا يكمل فرحتك ياحبيبتى .. المهم بقي محدش هيسمى البيبي غيرى !

- والله لو هتعرفى تقنعى محمد يبقي برافو عليك
- احمم .. محمد لا ياعم الطيب احسن .. خلاص
ضحكت يسر بخفوت ثم اردفت بتلقائيه
- عقبالك كده انت وابيه عماد ..
تدخل عماد الذي اقتحم مجلسهم بدون قصد قائلا بمزاح
- مين بقي بيجيب سيرة عماد !

التفت اليه نورا بحب وهى تتأمل طلته التى تبدو كالبدر في ليلة تمامه .. فنظر الاختان لبعضهما بتساؤل ثم ضحكا سويا .. مما ثار فضول عماد اكثر قائلا بمداعبه
- لا دا شكل الموضوع كبير ولا اييه .. خلاص اسيبكم كملوا نم عليا براحتكم ..
بتلقائيه تشبثت نورا فى كفه وهى تبسم
- تعالى بس وبارك ليسر ومحمد .. احم هتبقي عم قريب يامعالى المستشار ..
لبس رداء الفرح ولمعت عيناه بانبهار وهو يقول
- ده بجد ! الف الف مبروك يايسر .. شوفى الهوارى الصغير طلع صايع عملها قبلنا بس اشوفه ..
يسر بفضول: هو فيه ايييه !

عماد وهو يدور ليجلس معهما قائلا: دا حوار كده .. المهم سيبك انت ربنا يقومك بالسلامه وتجيبلنا ولى العهد كده يكون بطل من صلب راجح الهواري ..
- يارب ياابيه .. وكمان عقبالكم انت ونورا وتبقي الفرحه اتنين ..
تبادلت الانظار سريعا مع ضحكه لم يفهم مغزاها غيرهم .. فاردف عماد قائلا بغمز وهو يتنوى لشيء ما
- احم قريب هنجيب ابن عم او بنت عم لحفيد الهواري .. ولا اى يانورا !
اطرقت نورا بخجل واحمرت وجنتيها من نظرة عيناه التى لا تشع الا بحب يخطف انظار الاعمى .. فاقتحمت عفاف مجلسهم
- مجتمعين عند النبى ..

جميعهم: عليه افضل الصلاه والسلام ..
هلل عماد قائلا: هتبقي جده ياعفاف بعد كام شهر ..
شهقت عفاف بفرحه وعلمات الدهشه تعلو ملامحها قائله
- نورا حامل ... يافرحة قلبك ياعفاف ..
نورا بمرح: لا ياعمتى .. دى يسر ..
انحنت عفاف لتحتضن يسر بحب وهى تربت على ظهرها بامتنان وتتحدث بصوت جمهورى
- الف بركه يابتى .. ربنا يقومك بالسلامه ويفرح قلبك زى مافرحتينى ..

غمز عماد بطرف عينه لنورا فرفعت حاجبها باستغراب وهى ترتسم معالم عدم الفهم .. فمال عماد على اذنها ليهمس لها بثقه
- ايييييييييييييييه ..هو مش عقبالنا ولا ايييه ..
كتمت نورا ضحكتها محاوله ابتعاد عينها عن انظاره التى لا تصدر الا اسهم الحب صوب قلبها تحديدا .. فانضمت اليهم ماجده بفضول
- اى الانبساط دا .. يارب دايما فراحنين ..
نورا بتلقائيه وهى تدور براسها تجاهها: هتبقي خالتو ياميجو .. باركى ليسر يلا ..

يسر بمزاح لنورا: ااايييه وكالة ناسا .. نشره اخبار يابنتى ارحمى شويه ..
انقضت ماجده على اختها مهلله بمرح وهى تقبلها وتحتضنها وتتدلل فرحا بين ذراعيها: اللللللللللف مبروك ياحبيبتى .. فرحتلك اووووووووي ...
صف سليم سيارته امام باب القصر فالتفت وجد اليه والخوف يحتل ملامحها لتقول بخوف
- سليم مينفعش .. مش هقدر اواجهم واستحمل اهانتهم عشان خاطرى نمشي ..
خرج مفاتيح سيارته مردفا
- دى الحقيقه اللى لازمًا الكل يتقبلها ...

- طيب وماجده .. سليم دى بتحبك بلاش تبقي مفترى وانانى وماتشوفش غير نفسك
- ماجده لازمًا تعرف ان سعادتها مش معاى .. وانها امانه فى رقبتى واول ما الوضع يتحسن هطلقها واسلمها للراجل اللي يستاهلها .. قلوبنا مش بيدنا يا وجد ..
- اول مرة اشوفك انانى ياسليم !
- مش انانيه .. وجد انا واثق ان ماجده عمرها ماحبتنى .. هى بس وخدانى تحدى مع نفسها رهان خدته وحلفت تكسبه .. انا ليا نظره ف اللي بيحب وعاوز واللى واخدها عافيه على قلبه .. ورحمة جدى ياوجد لو حسيت انها حبانى صوح لدقيقه ماكنت هسيبها ولا افكر اجرحها وكنت هرضي بنصيبى معاها واكمل .. بس ماجده ماحبتش .. فبخاول افوقها من وهمها ..

- اوووووف ربنا يستر ياسلييم ..
دلفت ثريا من اسفل ثم طافت بعينها لتجدهم متجمعين فى الخارج فتحركت صوبهم بفضول وهى تمد انظارها محاوله اكتشاف الامر .. فهتفت قائله
- خبر ايه اومال .. متجمعين وعاملين فرح ولا كأنى كان فى صوان من يومين ..
تنهدت عفاف بضيق مردفه: الحى ابقي من الميت ياثريا .. واللى خلق الخلق موجود وبيعوض وزى ما فى يده الحزن في يده الفرح اضعاف ..
تمايلت ثريا بغل وهى تدنو منهم اكثر: اها سبحان مغير الاحوال ياستى ... بس خير ايه اللي شقلب حالكم اكده ؟!

شرعت عفاف ان تتفوه باندفاع لترد علي ثريا ولكن جميهما التفتوا لسليم الذى يسحب وجد خلفه رغم عنها ويقتحم حديقه المنزل بشموخ .. والى وجد التى تنظر للجميع بخوف وجسد تجمدت الدماء به فاصبح كفها مثلج وتعالت ضربات قلبها على طبول الرعب .. وقف سليم بهيبته الفارهه ليقول
- انا جبتها لحد اهنه عشان متقولوش انى ععمل حاجه من وراكم .. ومش سليم اللى يتجوز فى السر ويدارى ..
احتشد الجميع بذهول وهما يتسائلون فيما بينهم بعيون متسعه يتدفق منها جيوش من الاسئله .. ضغطت يسر على كف ماجده اختها كانها اردت ان تطمئنها وعلى حدا تشبثت نورا بذراع عماد لتهدا من روعه فهى عثرت للتو على سبب غضبه ليله امس .. اما عن ثريا فجلست واضعه ساق فوق الاخر بشماته
- من مات كبيره ياتعاتيره ..

اختبئت وجد خلف ظهر سليم ومن عيونهم ونظارتهم التى كانت اشبه بقذائف ناريه .. فدنت عفاف وهى تحت مخدر صدمتها
- نفذت اللي فى راسك ياسليم ! جبتها لحدت اهنه .
سليم بثبات: مرتى ياما .. ومش هسيبها ..
انقضت عفاف على سترته منهاله عليه بضربات متتاليه
- مراتك بعيد عن اهنه .. روح شوفلها لوكانضه تلمكم وتستركم اما اهنه بيت راجح الهوارى مش هيتلوث بدمهم ..
تخلص عماد من حصار نورا ليقترب منه محاولا الاحتفاظ على ثباته
- هو لو راجح الهوارى كان عايش كنت هتستجرى تعملها ياسليم ..

تشبثت وجد بملابس سليم اكثر وهى تراقب نظراتهم اليها .. فرفع سليم راسه معاندا ملتزما صمته متجاهلا سؤال اخيه الذي القته عفاف علي مسامعه بنبره اقوى
- ماترد ! اتكتمت لييه ... ولا معندكش رد .
اكمل عمااد بنفس هدوئه: طبعا معندكش رد .. لاننا كلنا عارفين الاجابه زين ..
اكملت عفاف بحده وجبروت امراه الصعيد
- واللي مايرضيش الهوارى وهو وحي يحرم علينا فعله لما مات ..
رد عليهم سليم بانفعال مكتوم: راجح الهوارى الف رحمه ونور عليه .. وهو عارف سليم ومربيه اكيد مش هيزعل منه لانه اختار قلبه .. وانا شايف انكم تقبلوا الوضع لانه مش هيتغير ..

دندنت وجد بصوت مرتعد: سليم خلاص والنبى يلا بينا ..
رمقتها عفاف بسخريه: خايفه عليه قوى ياسنيوره بعد ما لفيتى سِمّك عليه زى الحيه ..
جهره سليم بحده: عفاف .
عماد بقويه: انت كمان هتعلى صوتك على امك ياسليم !
عفاف بحسره: سيبه ياولدى دا ساق فى الكل ومحدش هامه..
اغمض عماد عينه لبرهه ثم اردف بتوعد
- اقسم بالله ياسليم لو ما لميت دورك ماهيحصل طيب
جهرت عفاف بتحدٍ: ويمين فوق يمينك بت العتامنه ما قاعده فيها ولا رجلها تهوب القصر ..

اكتظت ملامح سليم ليتشبث بكف وجد التى حاولت الفرار اكثر من مره قائلا
- مش هكسرلك كلمه ياعفاف .. وكل امرك مطاع .. وانا عارف هقعد مع وجد فين ومش هستاذن من حد .. بس يمين فوق يمينكم اللي هيفكر يضايقها يبقي هو الجانى على روحه ..
بمجرد ما انتهى سليم من تهديداته القويه .. دار الجميع يجهرون بصوت صراخ عال اثر سقوط ماجده المفاجيء وارتطام جسدها بالارض
يسر صارخه: مااااجده ..
ركضوا جميعا صوبها حتى سليم ترك وجد وجثى على ركبته ليساعد ماجده فى استعاده وعيها .. وقفت وجد تراقب المشهد وما بداخلها يحترق فاشعتله اكثر جملة عفاف الناريه
- يارب تكونى مبسوطه يابت كوثر ..

تلقت جملة عفاف باوجاع تتسابق بداخلها ولكنها قررت التحمل فمهما قالوه سيكون اهون من ليله واحده تعود فيها لعمها وتأسر نفسها داخل زنزانته ..
صرخت ثريا في سليم الذي يحتضن راس ماجده فوق فخذه
- بعد عن بتى ياولد عفاف .. هى محرمه عليك من الليله ..
تجاهل سليم حديثها واكتف بنظره حاده اخرستها ..بينما نورا حاولت اجراء اللازم لتساعدها على استعاده وعيها من جديد .. ظلت وجد تراقبهم من بعيد حتى وقف عماد بجوارها وهو يعقد ساعده وينظر بعيدا فيقول
- اتمنى انك تمشي وتقصري الشر .. اديكى شايفه قلبتى البيت حريقه كيف ..

ارتعدت وجد فابتعدت عنه خطوة .. فبدأت ماجده ان تستعيد وعيهها ببطء .. انثنى سليم ليحملها فوق الاريكه بعدما اطمئن على حالها ثم عاد الي وجد ليسحبها بسكوت خلفه تاركا مجلسهم تحت عيونهم الاشبه بطلقات الرصاص ..

- الدنيا مقلوبه كده ليه .. مالك يامراة عمى .. فى ايه يااماا ماتنطجوووا
يقف ادهم على اعتاب المنزل يتفتن حال الجميع الذين يجلسون ارضا ومنهما كوثر التى تعول بكلمات الوجع والقهر .. ربتت رود على كتفها
- اهدى ياما وجد محصلهاش حاجه لكل دا ..
دفعتها كوثر بعيدا حتى ارتطم ظهرها بالمقعد الخشبي
- ياريتها ماتت ولا حطت راسنا فى الطين ... هقتلها وهصفى دمها .
اقترب ادهم منها وهو يرتسم معالم الاستغراب
- خبر ايه ياما مالكم اوعوا يكون الحديت بتاع اهل البلد ده صوح !

ردت ام ادهم قائله بشماته
- صوح ياولدى .. مااحنا بقينا فى بلد العجايب كل اللي تحبلها واحد تروح تتجوزه .. وجد بت عمك طلعت متجوزه سليم الهوارى فى السر ..
التهبت عيني ادهم بالغضب الذى كسا جسده وهو يجهر بصوت
- الكلام دا صوح ياكوثر .. بتك اتجوزت ولد الهواري من ورانا ! هى دي تربية سالم ..

ارتفع نواح كوثر وهى تتمايل على لحن الحسره: حطت راسنا فى الطين ياادهم ..
انحنى اليها وهو يحرقها بانظاره التى يتوهج منها ثوران الغضب وبصوت اهتزت له الجدران
- هتقلها ياكوثر ورحمه الميتين كلهم لاخليها تحصلهم .. هجيبلك راسها تحت رجلك .. طالما معرفتش تربى يبقى اخلص انا ..
تسحبت ورد كى تحتضن امها وتطيب خاطرها
- يعني هتفيد باايه عمايلك دى .. اهدى والنبى ..

صرخت كوثر قائله: اقتلها ياادهم واغسل عارنا ..
ام ادهم بسخريه: دى عاوزه يتولع فيها .. على اخر الزمن حتة بت دفنت راس العتامنه ف الطين واللى مرفوعه دايما ف السحاب ..
ركل المنضده بقدمه اثر انفعالاته الثائره وهو يجهر بعبارات توعديه تحت انظار الجميع .. خرج ادهم من المنزل وهو يناد على خفر منزلهم صارخا بحرقه
- ياااارجاله من الليله قامت الحرب اللي متاخره بقالها سنين .. من الليله نار العتامنه هتحرق مش هتقف قصاد حد مهما كان مين .. من الليله خراب لحد ما كله يعرف مين هما العتامنه .. جهزوا اسلحتكم وعاوز بدل الراجل ميه وبدل البندقيه دبابه .. والحق هيرجع لصحابه .

- يعني اى بردو نفذ اللى في دماغه ياعماد !
اخيرا بعد ثوره كلمات غير مفهومه اردف محمد جملته وهو يحاول تمالك غضبه .. فاردف مجدي قائلا بفرحة انتصار
- بصرف النظر بس زمان العتامنه النار عندهم والعه .. ياما نفسي اشوفهم ..
محمد باغتياظ: بالنسبه اننا يعنى مش هنطول من الحب جانب! .. النار دي هتحرق الكل ..
عماد لاول مره ينفث دخان سيجارته وكأن يفرغ كبته قائلا
- ركبت راسي ياولد امى وابوي
محمد باختناق: يبقي ياخدها ويمشي لو عنده دم .. وكمان مرته وبت عمه اى مفكرش فيها .. انا مش عارفه الواد دا جاب الجبروت دا كله منين ..

تدخل مجدي فى حديثهم بحكمه
- ماتهدوا وتفكروا بالعقل .. مالكم بقي حديتكم كيف النسوان !
خلينا كلنا متفقين ان ضربه سليم كانت ضربه معلم للعتامنه وقلم محترم .. وخلينا متفقين ان سليم ووجد عاوزين بعض من زمان قبل الحرب دى وبردو اللي عاوزكم تتاكدوا منه انه عمره ما حب ماجده وهو قالها اكده بدل المره الف .. والاهم عاد اخوكم وانا عارفه زين فى راسه حاجه كبيره وهيوصلها عشان مش سليم اللي يفوت دم راجح ..

محمد بعصبيه: بس بردو مايدلهوش الحق يجيبها تعيش معانا !
مجدي بحزم: مااحنا مش هنخسر اخونا عشان ست يامحمد ماتعقل ! مش هنقوله ارمى مرتك في الشارع خصوصا بعد الضربه اللي فى مقتل اللي سببوها للعتامنه
عماد بتفكير: كلام مجدي صح .. سليم ناوي على حاجه كبيره قوى
محمد باصرار: حاجه كبيره حاجه صغيره مرته تقعدش فيها ولو على رقبتى ..

 

" فى قسم الشرطه "
- انت بتنكر ايه يابيه .. احنا شوفناك بعيننا وانت بتصرب بنت اخوك وبتعذبها وكمان مانعها تروح لجوزها .. انت عارف عقوبتها ايه ؟!
اردف النقيب يوسف جملته وهو يقفل محضر اقوال حيدر الذي استند على عكازه مستسلما عكس ما يشتعل بداخله قائلا
- اللي تشوفه يابيه معدتش فارقه ..
- يعني دا اخر كلام عندك ؟!
رد بنبره توعديه وهى ينتوى الشر
- لو ربنا عيحبهم اخرج من اهنه على القبر .. لانى لو خرجت علي رجليا مش هيشوفوا غير ضباب ..
يوسف بهدوء: طيب حضرتك هتنورنا هنا 24 ساعه وبعدين نشوف النيابه رايها ايه ..

ثم ضغط على الجرس قائلا للعسكرى: خده يابنى ف الاوضه اللي جنب المكتب .. واى حاجه يأمر بيها حيدر بيه تتنفذ ...
نفذ العسكري ما امره به النقيب يوسف وبعد برهه خرج النقيب حمزه من الباب الاخر بشموخ ليتسائل
- عاااااش يابطل .. الله ينور ..
اتكا يوسف للخلف وهو يشعل سيجارته: والله ياباشا انا نفسي اقوم ابوسك بس يلا اعتبرها وصلت ..
جلس حمزه على المقعد الامامى وهو يستمع له بفضول
- اى الانشكاح دا ... اشجينى ..
- ممممم هقولك ..

- علي جثتى تقعد فيها .. بت العتامنه تتهناش فى خير عمى واصل .. ولا دمها يتخلط بدم ولدى ابدددا
نورا بحكمه وهى تربت علي كتف عفاف الثائره غضبا
- اهدى ياعمتى متعملش كده ..
ضربت عفاف علي فخذها عدة مرات مما يعكس صوره لنيران الغضب بداخلها
- ااااه ياناارى ياسليم ! تعمل فى امك اكده ياووووولدى ..
قامت ثريا من جوار ابتها الراقده فى فراشها وهى تقول.

- مش بت ناصر اللي يكونلها ضره ياعفاف ولدك باادب يطلق بتى والا هلففه محاكم مصر كلها
نورا بحنقه وهى تجز على اسنانها: ما تهديها انت كمان ياما .. ياربي ايه اللي بيحصل دا ..
اردفت صفوة بلا اهتمام: ولا تحطى ف دماغك يابت ياماجده فى داهيه بكره هيعرف قيمتك كويس وهيحفى وراكى كمان .. يلا كلهم صنف واطى مايملاش عينهم غير التراب ..
لكزتها يسر بغلب: ما تقولى حاجه عدله انت كمان يتنقطينا بسكاتك
اطلقت صفوة زفيرا قويا: اووووووف .. سبتهالكم وماشيه
ثم تحركت نحو شرفه الغرفه وهى تحمل بداخلها هما ثقله كالجبل على قلبها ناظره للسماء: ياااارب استرها.

زاح سليم الستائر وعلى ثغره ابتسامه تروي القلب العطشان قائلا
- عارف انه مش قد المقام .. بس وحياة عيونك دي ياوجد لاجيبلك قصر يليق بمقامك ...
بيت صغير منفصل عن القصر يتكون من غرفه بحمام متصل وصاله صغيره ذات الطراز البدوى به اثاث فاره وفخم يتكون من  اشياء بسيطه ولكنها تريح النفس مكان اشبه ب "شاليه" صيفي.
تطل الغرفه على حديقه القصر لتكشفه من ثلاث جهات .. للمنزل حديقه خاصه صغيره محاطه بالورود الخلابه ومنضده حولها مقعدين .. تفتنت وجد المنزل باعجاب فالتفت لحديث سليم قائلا.

- هنا ياستى بهرب من دوشه قنا والنجع والناس وباخد قلبى بس وباجى ف مكانى الخاص اللي بستفرد بقلبى وبيكى فيه .. عجبك !
اقتربت منه بابتسامه وسط الحزن: طالما انت معايا اى مكان هيبقي جنه ..
داعب شفتيها وخدها بابهام بحنيه بالغه وهو يقول
- منا عشان كده حاربت الكل عشان الجنه دي تكون ليا لوحدى ..
استندت بكتفيها على صدره وهى تطيل النظر بعينه
- انا خايفه قوي ياسليم .. مرعوبه من اللي جاى  ... خايفه نرسم جنه مش مكتوبالنا .. امك مش طيقانى ولا اخواتك.

- هو انا كنت مفهمك انهم هياخدوكى بالحضن ! ماتكبرى راسك ياوجد ..
هربت دمعه من طرف عينيها بألم
- وامى صعبانه عليا قوي ياسليم .. حاسه انى مش مكتوبلى افرح ابدا .. انا تعبت والله .
ابتسم بمكر وهو يمرر ظهر اصابعه على وجنتها قائلا
- وسليم كمان تعب قوى ع فكرة و هو مش كفايه ولا ايه ..
طوقت خصره بذراعيها بقوة وهى تاخذ انفاسها لاول مره بارتياح ..ضمها سليم اكثر اليه وهو يطبع قبله خفيفه على راسها ثم عاد ليقربها اكثر اليه كأنها يرمم قلبه بقربها
- متخافيش ياوجد هتتحل .. والله هتتعدل .

استندت براسها على صدره وهى تتشبث بملابسه كالطفل الصغير مردده بكلل
- يارب ياسليم ..
استغل سليم الفرصه لينحنى ويحملها بين ذراعيه برفق فرفعت عينيها اليه بتساؤل اجابه بغمزه سريعه من طرف عينه وهى يضعها بلطف فوق الفراش .. فك قبضه كفيها حول رقبته بلين ثم استدار ليغلق الباب وينزل الستائر مره اخرى .. ظلت وجد تتأمله وتتأمل ملامحه التى ينبعث منها نورًا يزيل عتمه جوفها وريدا رويدا .. كان يبدو امامها بهيئته العظيمه وبروز عضلات جسده تعطيه مظهرا انيقا .. عاد اليها وعلى ثغره ابتسامه شوق فتكورت وجد حول نفسها اكثر منتظره رد فعله قائلا بتعجب
- مالك ! مش مظبوطه ليه !

هزت كتفيها بتلقائيه: مش عارفه بس
القى سليم جسده بجوارها بخفه وهو يجذبها بطريقها فكت كل قيود رعبها لتتحرر بنظر عينيه .. استسلمت له لتستريح على كتفه واضعه كفيها فوق بطنها ..
رفع سليم جزئه العلوى ليصبح مقابلا لمرمى انظارها ليزيل حجابها برفق .. تسارعت دقات قلبها وهى تراقب تصرفاته اللطيفه فتنتشي بها حواسها .. ابتسم لها سليم بحب
- خايفه منى ولا ايه ؟!

وضعت كفها الصغير على قلبه بلين وهى خاضعه لسطو عينيه
- هو دا حلم ..
ظل يداعب ملامح وجهها بانامله فرد قائلا
- دا لو واقع ان مش عاوزو .. خلينا كده نحلم .. اهم حاجه اننا سوا ...
- وانا مابقتش عاوزه اى حاجه من الدنيا غير اننا نبقي سوا ..

لم يسطع سليم التحكم فى مشاعره اكثر ... فعزم الامر على الفوز بها والارتواء منها حد التشبع .. دنى منها برفق ملامسا وجهها برحيق انفاسه مما جعلها تصمد فى موضعها تحت سحره .. وبعد طول انتظار اخيرا ارتوى مش شهد شفتيها ليطبع عدة قبلات متتاليه بهيام عاشق للتو عثر على معشوقته .. خضعت وجد لتصرفاته دون اى مقاومه منها بل كان هناك نورا ينبعث من عينيها يريد المزيد والمزيد منه .. همس سليم لها بصوت خافت
- وحشتينى يابت الايه ...

- احنا قولنا نيجوا بنفسينا نباركوا للعرسان .. عيب بردك الناس تقول علينا قليلين اصل ..
جهر صوت ادهم القوى ممزوجا مع ضربات الرصاص بالخارج مما جعل الجميع يرتعد ويركض ناظرا على مصدر الصوت .. اتفضت وجد من مكانها وهى تتشبث فى ذراع سليم بخوف
- قولتلك مش هيعودوها ياسليم...
ستصلك الرساله التى تنتظرها .. ولكن فى الوقت الذي ستتوق فيه عن انتظارها , ستقرأها وتبتسم وتُكمل وكأنك لم يكن كل ما رجوته يومًا .. - احمد خالد توفيق

- انا قولتلك ياسليم .. ناسي وانا عرفاهم مش هيعدوها ..
جمله لحقت بآذان سليم وهو يتجه نحو الشرفه ليتفقد مصدر الصوت اللعين الذي يعرف حقيقته جيدا .. ظل يراقبه لبرهه ويرى تصرفات ادهم المشحونه بالغضب وهو يهذى بثرثره تفصح عن جبروت الشر بجوفه ..
وقفت وجد خلف سليم وهى تضع كفها على كتفه بوهن
- هتعمل ايه ياسليم ..

سألها سليم بفضول: مين اللي ورا ادهم دا ؟!
تعمدت ان تطيل انظارها للخارج وهى تقف على طراطيف اصابعها قليلا
- دا حسن ولد ابو قبيل .. بس هو طلع من السجن ميته ؟!
اسقط ستار الشرفه ثم استدار اليها قائلا بثبات
- طاب زين  .. هطلع اشوفهم عاوزين اى  !
- خليك متأكد انى مش هقبل اى حاجه تبعدنى عنك تانى ..

طبع قبلة سريعه على رأسها ثم اتجه صوت صندوق خشبى موضوع فى ركن الغرفه ليخرج مسدسا ويضعه داخل سترته .. فزعت وجد فادرفت
- مالهوش لازمه ياسليم .. الحكومه برا متدخلش نفسك فى س وج ..
اومأ ايجابا كي يطمئنها ثم تأهب للذهاب سريعا تحت انظارها التى ترسل ادعيه مناجيه للسموات السبع
- هات العواقب سليمه يارب ...
ثم ركضت خلف الشرفه مرة اخرى لتتابع المعركه التى تخشي اثارها

- وطالما عتفهم فى الاصول وخايف قوى من كلام الناس محدش قالك انى زيارة العرسان تبقي بالدبايح والطبل  ومش بالبلطجه والقتل ..
قوة صوت سليم جعلت ادهم يلتفت يسارا على مصدر الصوت ولكنه لم يمتلك اى تصرف غير ان يتبسم ابتسامه ماكره عندما راي منزل الهوارى يمتلا برجال الشرطه .. دنى سليم منه وهو يوصل حديثه بغمز
- بذمتك دى دخله تدخلها على عرايس فى ليلهم دخلتهم !
ثقب كبريت اخر مشتعل القاه سليم فى جوف ادهم الممتلئ ببترول الشر .. فحاول قدر الامكان تمالك تصرفاته وهو يشق ثغره بضحكه تخفى براكين الشر ليقول
- لا عداك العيب فى دي ! وماله عريس طبعا وحقك تقول اللى عاوزه ..

ثم كور قبضة يده مما ساهم فى بروز عروقه التى اختزل بها صليد الشر .. اطال الاثنين النظر فى عيون بعضهما يتبادلان نيران الحقد .. ففاجئ ادهم سليم بضرب عنيفه من يده الحديديه فكان اثرها اختلال اتزان سلييم ورجوعه للخلف قليلا .. وهو يقول
- فكرك هخاف من الحكوومه ياسليم .. دانا ادفنك حى
ارتعد قلب وجد الواقفه بعيدا خلف شرفتها وعلى حده صدر صوت عويل وصراخ السيدات الاتى يترقبن الحدث من اعلى .. احتشد جمعوا العساكر حول ادهم فلم يكتفوا تلم المره بمحاصرته من بعيد .. ومن الخلف جهر صوت اخر لفت اذان الجميع .. اذًا بعماد جاهر وهو يخرج من بوابه المنزل
- وانت محدش قالك انى ممكن اخلص عليك دلوق ومش هاخد فيك ليله بنهارها !

تقدم عماد اخوته فلحق به صوت محمد الذي سنحت له الفرصه على طبق من ذهب
- وشكلك مش واخد بالك ان اللي يمد يده على سليم الهوارى نقطعاله !
ليواصل مجدى صوته بنفس القوه والهيئه الملفته التى تقرع لها القلوب رعبا
- انا مش عارف اي البجاحه دي ؟! وكمان جاى اهنه برجليك ومتحامى فى شويه خرفان ! عاوز ين ايه تانى يااحفاد العتامنه ...
هجم عساكر الشرطه ليقيدوا ادهم من ذراعيه ولكن اشار لهم عماد بأن يتركوه قائلا
- ده ضيف بردك .. عيب مايصحش ! هات اللي عندك
صرخ ادهم قائلا.

- عاوز بت عمى الللى خطفتوها ياهوارة
سليم ببرود: اااه تقصد مرتى ! اسكت مش انا خدتها وقفلت عليها وحلفت ماهى شايفه الشارع تانى .. وحتى هى باعتالكم رساله تبلغها بكل ناسكم  وجد سليم الهواري بقيت خلاص منينا وعلينا واللي بيجرى فى عروقها دلوق دم هوارة يعني ماعاوزاش تشوفكم تانى
قهقهه ادهم ساخرا بشر وهو يعلو بصوته اكثر
- خليك فاااكره ياوجد انك لعبتى في عداد عمرك .. والحكومه الي متنتوره دي هتيجى تاخدك من نص بيت جوزك اللي بعتى الكل واولهم مستقبلك عشانه ..
شهقت وجد بقلق عندما سمعت كلمات ادهم وفهمت ما يشير اليه من فيديوهات وهى تعد المخدر .. فوضعت اناملها المرتعشه على ثغرها
- انا ازاى معملتش حساب للموضوع ده !

محمد بتهديد: صوتك لو على تانى في بيت الهوارة هكتمهولك .. وبعدين وجد فى حمايتنا دلوقت وياويله اللي يفكر يمس شعره من حاجه تخصنا .. فبلاش تصطاد ف الميه العكره ومستني تتغدى سمك ..
القي ادهم نظره على حسن الواقف خلفه وهو يحك ذقنه بتوعد
- طااب احنا عاملنا اللي علينا وباركلنا .. وجيت بس افهم وجد انا قصدى اييييه .. يلا فوتكم بعافيه ؟
مجدي: بالسلامه ماتقطعش الجوابات .. ومستنياك تعود يمكن تفتكر حاجه شكل رجلك خدت على المكان ..

التوى ثغر ادهم ضاحكا: الطلعه الجايه تكونوا انتوا اللي عندينا وعتحبوا على يدى وراسي ورجلى كمان ..
كانت اخر جمله القاها ادهم وهو يلتفت ويرتطم باحد العساكر الذي اشار لهم عماد بتوقف عن اى فعل مقيد للحريه .. تسلل ادهم ورجاله خلف بعضهم بعد ما القى قنبلته التى قلبت حاضر وجد لجحيم ..
نحرت عفاف من اعلى
- يارب تكون راضي عن كل المصايب دى اللي وقعتنا فيها ياسليم ..

مسح سليم على وجهه وهو يلتقط نفسا عميقا .. فرتب عماد على كتفه قائلا
- متخافش كلنا فى ضهرك ..
شعور غريب احتل قلب سليم منحه قوة جباره وبث الطمأنيه بجوف فاستدار ليحضن اخيه بامتنان فرتب مجدي على كتفه قائلا
- بارك للواد محمد عملها قبلنا ابن اللعيبه وهيجيبلنا ولى العهد قريب ..
ابتعد سليم عن عماد وهو يتلقى كلمات مجدى بثغر باسم ويفتح ذراعيه ليحتضن اخيه الذى ضمه اليه بقوه قائلا باسف
- تزعلش منى ياولد امى وابوي .. انت عارف غلاوة الهوارى عندى ..
ربت سليم على ظهره بصوت مسموع قائلا
- متقولش كده ياعبيط احنا ملناش غير بعض ...

ثم ابتعد عنه ممازحا
- سيبك انت مبروك ياعم .. طلع مايتخافش عليك .. الواد غلفنا كلنا وسابنا غرقانين فى الدم وهو لوحده خد كل العسل .. هنيالك ياعمم
ضحكوا الاربعه سويا بصوت عال كأنهما لم يروا الحزن قط .. فأكمل مجدي قائلا
- تصدق فتح نفسي على العسل كله .. لالا نشد يا الهواره احنا عاوزين رجاله تشد بره وجوه البطء دا ماينفعش  ..
ثم ضرب على كتف محمد بمزاح: مش عاوزين عيل زي دا يشمت فينا ؟!
عماد بضحك: طيب يلا نسيب العريس يشوف عروسته .. احسن بكره يجيبها فينا ويقول انتوا السبب اخرتونى ..
سليم: وربنا انت الوحيد اللي بتفهم ف العيال دى .. يلا فوتكم بعافيه انا ..

كاد سليم ان ينصرف ثم نداه عماد قائلا
- سليم للمره العشره هقولهالك اخواتك فى ضهرك دايما ..
نظر لهم بامتنان: وهو ده العشم بردك ...

 

دخل سليم منزله الاشبه بجنته على الارض وهو يخرج سلاحه ويضعه جنبا بتسقط عيناه على وجد التى تجوب غرفتا ذهابا وايابا بقلق يقرضها من الداخل
- مالك يابوومه وشك مقلوب ليه ؟!
تأوهت بمراره: مصيبه ياسليم .. مصيبه !
دنى منها متعجبا: اوعى يكون قلقوكى الشويتين اللي عملهم ادهم دول .. ولا ياكلوا معاكى دا اخره شويه رجاله وصوت عال ..
- ياريته كانت دى الحكايه .. سليم ادهم ماسك عليا حاجات هتودينى في ستين داهيه ..
- حوصل اي ياوجد ..
فركت كفيها بقلق وهى تظر له بخجل فكيف تخبره بان اهلها تجار ممنوعات وهى كانت ستشترك معهما ؟!
- اوووف بس طول بالك للاخر ؟!

- حبلى ! طب كيف وازاااى ! هو دا كلامى ليك .. دانا محذراكى يابت بطنى .. انا عحاول اخلصكم وانت تشبيكينا ؟! عملت فيكى ايه انا ؟!
دفعت ثريا ابنتها  بقوة داخل غرفتها وهى تنظر خلفها لتطمئن من ان لا احد يراها صارخه في وجهها .. تلفظت يسر انفاسها بصعوبه وهى ترتعد
- هو يعني فين الغلط اللي ارتكبته مش فاهمه !
جذبتها من شعرها فاطلقت صرخه مكتوبه: تسلمى نفسك لولد عفاف وتقوليلي معملتش حاجه ! عاوزه تفرحى عفاف في ! ليييه يابتى لييييييييييييه تعملى في اكدده..

تأوهت يسر الما تحت رحمة امها التى لم تشفق بحالتها .. ظلت تستجمع قوتها لتتحرر من ضربها المبرح على معالم جسدها .. وبعد عذاب استطاعت يسر فك قيود امها راكضه نحو الباب وهو تجهش ببكاء مكتوم .. ظلت تندب ثريا على وجهها كثير ثم ركضت نحو هاتفها لتجرى مكالمه وبعد برهه اردفت بنواح
- الحقنى ياحيدر انا فى نصيبه !
يجلس حيدر في غرفه مكتب احد الظباط لقضاء مدة حبسه الاحتياطى .. فتراجع للخلف وهو يتكأ على الاريكه
- انا عاوز اللي يلحقنى ياثريا ..
- مالك يانضرى .. فيك ايه ..
- هخلص من اللي انا فيه وهكلمك لازما نتقابل عشان كل اللي فات دخان واللي جاي نار .. عاوزك تجهزى لاي حاجه وكل حاجه جايه ياثريا ..

- انا مبسوطه جدا على فكره باللى عملته .. ايوه كده هو دا عماد العاقل اللي انا اعرفه !
فى مكتبه عماد الفخمه يقطن بها بصحبه نورا ليقرا بأحد كتب يوسف السباعى .. فاردفت نورا جملتها بفخر وهى تقف امام المكتبه الخشبيه وبيدها احد الكتب ..
رد عليها عماد قائلا: معلش بقي لازما تستحملينى في كل حالاتى .. مش بيقولوا وقت الغضب يعمى البصر ! انا عاوزك عيونى اللي اشوف بيها فى غضبى ..

اكتفت بارسال ابتسامه مستشرقه اليه ثم استدارات لتكمل البحث عن كتاب تقرأه .. ظل يراقبها بعيون حاده كالصقر الذي يراقب فرائسه بعنايه .. كانت تقف امامه كالطفل المدلله اللي تتمايل امام كل كتاب لتأثره للحظات مطلعه على افكاره الرئيسيه .. جثت امام عينيه على ركبيتها لتمسك بكتاب اخر تكتشف محتوياته في حين ان دلالها الغير مقصود امامه كشف له بدرا في ليله امامه .. جسدا جذابنا كعقد من الماس كل لؤلؤته موضوعه بعنايه فى مكانها المظبوط .. لوهله تذكرت كل غدده الصماء مهامها التى يتجاهلها كثيرا .. فقل مابيده قائلا فى سره
- معلش بقي ياعم يوسف .. عندنا طلعه مهمه زي ماكنت بتقول كده العمر لحظه وشكلها دقت ..

كانت نورا تقف على طراطيف اصابعها محاوله تناول الكتاب من الرف العلوي وهى تطلق انفاس مسموعه .. فسبقتها يد عماد بقامته العاليه ليحضره لها بعد ما اصبحت تحت حصاره ..
- طيب ما تقولى وانا اجيبهولك بدل الشعلقه دي ..
لوهله شعرت ان قلبها سقط منها وهى تتطوق بعبير انفاسه الذى عقدت حساب كبيره حولها ... فدارت بجسدها بتثاقل وهى تحاول ان تقنع نفسها بأن ذلك وهما الا انها ارتطمت بنزنزانه صدره التى تود الاستلقاء عليها عمرا .. فرفعت عينياها بتثاقل شديد كأن صخره فوقهم مردفه بصوت خافت
- عماد !

اخفض انظاره لتلك الحوريه التى تصل لقلبه تحديدا قائلا
- ايوه ! هو في حد غيرنا هنا اصلا ؟! ولا حد يستجرى يقف قصادك كده غيرى !
تعالت انفاسها ودقات قلبها وهو يدنو منها خطوة اخرى سلحفيه فظلت تبلل حلقها عدة مرات
- مش قصدى ..اصلك كنت قاعد هناك وانا عارفه انا بتحب يوسف السباعى جدا ولما بتقراه بيخطفك عن الدنيا ..
غمز لها بطرف عينه قائلا
- بس شكلوه كده جيه اللي هينافس يوسف ويبقي الترياق ضد اى حاجه تخطف قلبي غير ليها ..

القت نظره عاليه علي الكتاب الذي بين اصابعه ومستندا به فوقها فقالت
- انت جيت عشان الكتاب .. هاته بقا ..
هز راسه مع صدور صوتا نافيا هائما فقال
- اصلى قريت مشهد ليوسف وحابب اقولولك حالا ..
- واحنا وكده ؟!
- هو ماينفعش تقال غير واحنا كده ..
شرعت ان تتفوه ولكنه سبقها قائلا
- المشهد كان بيوصف فيه البطله وصف دقيق جدا وكان مشبهها بحوريات البحر اللي تخطف الكيان كله ليها .. وكانت واقفه تدلع قصاد عيون حبيبها .. وتقريبا كانت اجمل مره عيونه تشوفها فيها ..

نوره وهى تحت تاثير كلماته: هى مين دى ؟!
ازاح الخصله الهاربه من تحت قطعه القماش الملقاه على راسها بطريقه عشوائيه قائلا بهيام
- دى البطله !
بللت حلقها مجددا فاكمل عماد قائلا
- كان فيها كل حاجه كفيله انها تدغدغ القلب بس البطل كان لسه واخد باله منها حالا وقرر انه يستغل الفرصه .. ومايسبهاش تهرب منه تانى زى ماكانت هربانه زمان .. تعرفى ان لون عيونك حلوين اوى ؟!
نورا بغباء: يوسف السباعى هو اللى بيقول كده ؟!
- تؤ دا عماد الهوارى .. انااا ..!

اتسعت ابتسامتها الساحره التى جذبته من ياقته ليتذوق تلك البسمه التى بث بقلبه دقه شوق لم يستطع الالتفات عنها .. مع اصوات انفاسهم المتصاعده وعيونهم المتقابله التى لم تغمض للحظه .. وبطريقه ساحره طبع عماد شفتيه على ارنبة انفها ليقلى قُبله حب جعلت كل ما بها يتنشي ..
انتصب عود عماد مره اخرى فسقط الكتاب من يده مصدرا صوت مربكا ولكنه مقارنه بضجيج قلوبهم فهو هواء .. اقترب منه بعضلات صدره قائلا بتساؤل
- بتترعشي ليه ...
- هاااااا !
- دانت مش معايا خالص ..

نحنحت بصعوبه كأنها تستجمع صوتها مرة اخرى فرفعت كفها بعشوائيه لتشير على الكتاب .. فاستغل عماد الفرصه ليقبض عليه ويرفعه الى اعلى بكفه الكبير مقارنة بكفها الرقيقه قائلا
- بتهرب من اى عاوز افهم ..
- انت مالك النهارده .. عماد لو سمحت ابعد افرض حد دخل علينا مايصحش ..
شق ثغره بضحكه هادئه وهو يطيل النظر في عينيها قائلا
- هو ايه دا اللى مايصحش .. هو انا لسه عملت حاجه !
- هاااااا ..

اقترب منها مجددا ولكن تلك المره يحدد هدفه جيدا .. خدرت بأنفاسه قبل لمساته فلم تتمالك نفسها تحت حصاره فتشبث كفها الاخر بسترته مستقبله منه شهد حبه الذى سكبه على ثغرها .. كانت قبلة طويله حد ارتواء الروح اكتفت بالاستسلام لكل تصرفاته المبهجه التى دبت الحياه بقلبها مرة اخرى .. تغيب عماد عن وعيه حتى تناسي الزمان والمكان فكل مايريده ويفهمه الان  هى  فقط .. طوق خصرها حتى اصبح ملاصقه به تماما ذائبه فى شهد قربه حتى طرق سليم باب المكتب فجاة مناديا
- عماد ! ياااعماد ..
فاق الاثنين من كُسرهم المرغوب فدارت نورا بجسدها سريعا لتختبىء من عينيه بعدما ما لُطخ وجهها بدماء الخجل .. رتب عماد ملابسه وهو ينطق
- تعالى ياسليم ..
فتح سليم باب المكتبه ناظرا لاخيه بعيون يملكها القلق
- عماد .. عاوزك ضروري ...
نورا ارادت ان تهرب من سطو نظرات عماد قائلا بارتباك
- طيب هسيبكم انا .. بعد اذنكم ..

بعد مرور نصف ساعه من حديثهم
تنهد عماد بحماس
- متقلقش ياسليم احنا كده لقينا مربط الفرس !
- بتفكر فى ايه ياخوى ؟!
- بص انا ليا فترة بدور وراه وبكده عرفنا احنا هندور على ايه بالظبط !
- يعنى ؟
- يعنى قول لمرتك متقلقش لان تسجيله من غير اذن نيابه يعنى ملهوش اى لازمه .. فيبله ويشرب ميته .. وليا قعده مع وجد بس اكيد مش دلوقت ياعريس ..
ابتسم سليم بارتاح
- طمنت قلبى ياعماد .. روح ربنا يريح قلبك ..

ربت عماد على ركبته بثقه
- قولتلك ماتقلقش يلا قوم متسبش مرتك لحالها ..
سليم بعفويه: هطلع اطمن على ماجده الاول .. واسيبك انت عاد ومتنساش تمسح الروج .. - ثم غمز له - دا عشان الحسد بس !
بتلقائيه وضع عماد انامله على شفتيه وهو يحكها بعنف قائلا بعتب
- وساكت من الصبح !

ضحك سليم بصوت عال وهو ينهض قائلا بمزاح
- يعنى نظرينى طلعت صح ! عموما بلاش الحركات دى فى القصر ياروميو .. وبالمناسبه مافيش روج ولا حاجه .. هى ماجده بتحط مكياج اصلا ؟! ..
القى عماد المطفئه البلاستيكه على ظهر سليم الذي اوقع اخيه فى شر اعماله قائلا
- عيل ماشوفتش ب ٣ جنيه تربيه .. كل تفكيرك قذر .. اختفى من وشي عشان مش طايقك...
غمر له سليم ضاحكا: ما طبيعى .. عريس عاد وكده
غادر سليم المكتبه فوثب عماد قائما بحماس
- هى راحت فين دى كمان ؟! ياانا ياهى الليله ...

وصل سليم لغرفه ماجده وفتح بابها بهدوء وهو يرسم ابتسامه هاديه
- عامله ايه دلوق يابت عمى ؟!
حاولت التعكز على كفها لتنهض فاسرع سليم اليها ليساعدها ويضع وساده خلف ظهرها برفق .. فجلس امامها قائلا
- احسن مش كده ؟!
بللت حلقها بيأس: اه الحمد لله ..
سليم بأسف: ماجده .. انا اسف
- محصلش حاجه ياسليم .. روح جاى عندى ليه .. روح شوف عروستك ..
- ينفع تخرجيها خالص من حديتنا .. وجد حاجه وانت حاجه تانيه خالص
- جيت ليه ياسليم ..

- جيت اطمن عليكى يابت عمى !
- لا فيك الخير .. متشكره لاهتمامك اللى مش مجبر عليه ..
- ماجده .. ينفع نتكلموا شويه ؟!
التزمت ماجده صمتها وهى تستمع لحديثه باهتمام .. اكمل سليم كلامه قائلا
- انت متأكده انك حابه سليم وعشقاه ؟!
جحظت له كلتا عينيها باستغراب ..  فاشار لها سليم بعدم مقاطعتها.

- اسمعينى ياماجده يمكن هقسي عليكى بكلامى بس لازم تسمعيه يابت عمى .. انت اكيد عارفه انى عحب وجد من سنين كتير يمكن من قبل ماتعرفى ان ليكى ابن عم اسمه سليم .. فتحت عينى على الدنيا ملقتش غيرها لحد مابقيت هى بالنسبالى الدنيا .. فمستحيل اسيبها مستحيل اقتل نفسي بالحييا واقتلها معاى ... انت بت عمى وعلى راسى وجوه عني كمان ومرتى قدام الناس .. وانا عمرى ما طلبت منك حاجه تحملك فوق طاقتك .. ماجده انت عارفه جوازنا بدا كيف ومصيره ينتهى بس على كل حال انت ملزمه منى لاخر نفس فيا لحد مااسلمك للشخص اللى يستاهلك ويحبك ويعوضك عن اللى لو عاش سليم عمره كله معاكى مايقدر يدهولك ..
ماجده بحزن: مكنتش عاوزه غير تبقي جوزى وبس ياسليم ..

- تظلميش قلبك ياماجده .. من حق قلبك يتحب ويترعرع ويدق .. خليكى انانيه واتعلمى تاخدى كل الحلو من الدنيا .. بلاش تهونى نفسك ..
مش طول عليك هسيبك تفكرى مع نفسك وتساليها كل يوم
-  اذا كانت فعلا بتحب سليم ولا لا  وهستنى من قلبك رد ..

 

- بصى قدامك 5 د وتكونى قدامى والا هطلعلك انا ..
كانت تلك الرساله التى وصلت لصفوة على هاتفه فزادت ضربات قلبها رعبا ..
طافت غرفتها ذهابا وايابا ثم ركضت نحو النافذة لتراه يصف بسيارته جانب القصر ففرت دمعه من عينيها باختناق
- اعمل ايه بس ياربى !
ثم فزعت صوت قفل باب غرفتها بالمفتاح نتيجه لما فعله مجدى وتصرفه الغير متوقع .. ظلت ترمقه بنظرات متارجحه على حبال الخوف والقلق .. رفع مجدى حاجبه جاهرا
- اي ! متقلقيش دا حساب قديم وهيتصفى !

تشبثت بستار الغرفه وهى تنظر له بتوسل
- مجدى فى ايه .. انت مالك وبتقفل الباب ليه ..
خلع مجدى شاله الصوف والقاه ارضا .. ثم اقترب منها بخطوات متثاقله
- هو انا مش لسه قايل حساب قديم ؟!
اختبئت خلف ستار التظاهر بالقوة وهى تقول
- بقولك اي الحركات دى انا متفرقش معايا يابابا .. احسنلك بلاش تلعب فى عداد عمرك معايا !

ضحكه ساخره التوى لها ثغر مجدى فاردف
- طيب قربى هنا وتعالى نتكلم راجل لراجل بدل ماانت مستخبيه كده
- انت عاوز ايه ! انسي اللى فى بالك دا .. مستحيل  .
- ومستحيل ليه .. ؟! احنا هنلحد ولا هنعمل حاجه عيب لسمح الله .. دانا بس كنت عاوز ارد على اتهاماتك العبيطه ..
انتهى مجدى من جملته ومعها انتهى من خلع جلبابه واقترب منها اكثر .. ركضت صفوة سريعا لتختبىء خلف الكرسي الخشبي قائله بصرااخ
- انت هتعمل ايييييه ! بقولك اى اعقل كده وبلاش تتصرف تصرف اخليك تندم عليه عمرك كله ..
مجدى ببرود: لا منا بحب اندم ..

اوشك ان انقض عليها ولكنها ركضت سريعا لتقف فوق السرير هاربه منه .. فأكملت ركض حتى وصلت الى باب الغرفه محاوله فتحته ولكن سرعان ما فشل مخططها عندما طوق مجدى خصرها وحملها قائلا بانتصار
- متحاوليش .. خلاص مش ورايا غيرك ..
ظلت تركله وضربه بصدره وساقيه محاولة التخلص من حصاره الذى انتوت ان تدمره .. وصل مجدى الى ركن صغير فى الغرفه بين الحائط وعمود الخرسان البارز ليقفها امامه محكم اقفال كل الجهات لم تمكنها من الهرب ..
مجموعه من الضربات المتتاليه التى كانت من نصيب صدره حتى فاض صبره منها فكبل كفيها بكفه قائلا
- ما بلاش حركات العيال دى .. خلاص اتكشفتى قدامى واحسنلك بلاش تعاندى ..

- انت بتوهم نفسك بكلام وعاوز تصدقه كمان .. يامجدى افهم انا مش عاوزاك وحل عن سمايا بقي ..
كانت تعاند امامه كالطفل المشاغبه .. لسانها يثرثر بكلام اما عينيها تنفيه تماما .. فاطرق مجدى قائلا ببرود
- متاكده؟!
- بقولك ابعد عنى ياخى هو بالعافيه .. اتفرضت عليا وقولنا ماشي وكمان عاوز تفرض نفسك على قلبى .. انت مابتفهمش ؟!
- مجدى الهوارى يعمل اللى عاوزو ومحدش يقدر يعارضه وخصوصا انت ..
- مجدى الهوارى .. مجدى الهوارى .. كان يوم اسود يوم ماوفقت على المهزله دى ؟!

ضحك بثقه ثم اقترب منها هامسا فى اذنها
- خليكى شاطرة عشان احبك اكتر .. عشان هى كبرت فى دماغى ومن الليله القطه ماهتبقاش قطه .. ماشي ياقطه .. عشان مش مجدى الهوارى اللى يتهان ويسكت ..
حاولت التخلص منه بشتى الطرق وهى تدفعه بعيدا عنها ولكنه كالجبل الراسخ الذي لا يتاثر بالعاصفه مهما اشتدت .. غلت دماء الحب بعروقه فاقترب منها حد الالتصاق ليضع علامات حبه على وجهها المعاند المتمرد على قوانين العشق .. استمر مجدى فى تقبيلها واستمرت صفوة فى تغخنها المعاند المتمرد حتى استطاع ان يسر مخدر حبه بجسدها رويدا رويدا حتى خدرت كل اعضاء تمردها .. لاحظ مجدى هدوء المتدرج وخضوعها له ..

فهما تمرد الانسان على قلبه فلابد من ساعه تنهزم فيها جيوش التمرد، فالنصره دائما للقلب .. استمر مجدى فى مواصله مخططه بشغف اكثر من الاول وتحولت هى امامه لواحده متجرده من كل شيء يعاند ماعدا شيئا واحدا فقط وهو  قلب  يجذبه اليها اكثر فاكثر .. طفلته المشاغبه اصبحت تحت حصاره حبيبه متيمه منذ زمن .. استراح قلب مجدى لانه تاكد مما يشعر به ومما يقراه دوما فى عينيها .. فابتعد عنها تدريجا هامسا فى اذانها ببرود
- متقلقيش .. انا كده اتاكدت من اللى جاي عشانه .. مستنيكى تيجى لحد عندى ياست الدكتوره...

ثم ارسل اليها غمزه ليثير غضبها اكثر وهو يبتعد عنها ولكن ما جذب اذانه صوت رنين هاتفها المزعج .. فانحنى مجدى ليتناوله من الارض فوجده رقما غير مسجل .. فنظر اليها بتساؤل
- مين دا ..
كل ما خدر بداخله من قربه المرغوب اشتعل مره اخرى بسؤاله لها عن صاحب الرقم .. ظلت تنظر له بعيون منتفضه مرتعد وقلب يكاد ان ينخلع من موضعه .. فلم ينتظر مجدى اكثر فحرك زر قبول الاتصال مع تشغيل مكبر الصوت .. فصدر صوت كان اشبه بقنبله
- مش هفضل مستنى تحت كتير انا ياصافى !

فتحت وجد الباب وهى تلقى حجابها بعشوائيه ففوجئت بعفاف امام عينيها تقف وبداخلها جبروت كاف لخلع قلبها فوق ارتعاده .. فاردفت عفاف بحزم وقوه امام معالم وجه وجد الحائره
- عاوزه اتكلم معاك لحالنا ...
اؤمن بأن لكل مرض علاج .. ولكن شقاء رفاهيه ولكن حزن ابتسامه نابعه من جوف القلب لتزيح ستائره الممتلئه بأتربه اليأس .. ولكل اجتهاد قطم حواف العمر نصيب ان ترفرف رايات نجاحه يوما .. كما اؤمن بأن هناك شخص ما يطوف جوانب الارض عبثًا متشكلا على مناخ كل جانب منها ولكن الحقيقه هى ان هناك مكان واحد فقط شُكل لاجله ولقلبه خصيصا .. هناك ثمه رجل يجوب بحثا عن راحه نفسه التى غُرزت فى صدر واحده فقط لا غيرها .. - نهال مصطفى

ابتسامه شقت ثغر وجد بعدما فاقت من صدمتها اثر ظهور عفاف المفاجئ امامها .. فأردف بهدوء
- اتفضلى اقعدى الاول وبعدين قولى اللي حضرتك عاوزاه ..
رمقتها عفاف بنظره مفعمه بالحقد
- لا وناقص كمان عتتعازمى عليِّ وتضايفينى فى بيتى ! هااا مطروده واسمعوا دا ..!

ادركت وجد انها امام حرب اخرى عليها ان تقودها ببراعه لتظفر بما تريد فى النهايه .. فاطرقت بتنهيده وجع نابعه من جوفها
- اكيد مش قصدى ! بدل وقفتنا دى حبيت نتكلم افضل جوه ..
جهرت عفاف بامتعاضٍ وهى تلوح بكفيها وبلهجه صعيديه قويه
- بصي يابت العتامنه متزوقيش فى الكلام وتعوجى لسانك لانى عارفه اصلك زين .. وهما كلمتين هتحطيهم حلقه فى ودنك ..

اطرقت وجد بحزن وهى تنصت اليها
- تمام .. اتفضلى ..
زاحتها عفاف بقوة وهى تتمايل بكبرياء وتخترق المنزل الذي تقطن به قائله
- عاوزه ايه من ولدى !
سارت وجد خلفها بهدوء مردفه
- عاوزاه ليا وبس ..
ضحكه ساخره انطلقت من داخلها وهى تلتفت اليها
- لا .. دول كلمتين تاكلى بيهم راس سليم مش انا .. مكر الحريم دا ماياكلش معايا ..

- اوووف ممكن اعرف عاوزه توصلى ليه ..
- اكيد مش جايه اقولك انك سبتى جهنم العتامنه بس جيتى للجحيم اللي انا هوريهولك لو فكرتى تأذى سليم ياوجد ..
- بس ياعمتى انا ...
صرخت عفاف بوجهها
- انا مش عمتككك ولا عمرى هكوووون
واصلت وجد حديثها بهدوء وثبات
- بصرف النظر .. انا عمرى مافكرت ااذى سليم ..

- ولا هتقدرى تفكرى .. بصي كون ان ولدى يخش بيتكم ويجيبك من خشم الحوت يبقي لاقى معاكى حاجه مش لاقيها فى بنات النجع كله .. وانا عارفه ولدى مغرم بيكى كيف .. فمن غير يمين لو وجعتيه ياوجد ماهيكفينى فيكى قلبك اطلعه في يدى ...
ظلت وجد تستمع لحديثها بقلق حاولت اخفائه قدر الامكان .. اقتربت منها عفاف وهى ترسل منها عينيهاا نيران تكسو جسرا مواصله حديثها.

- طول ماانت قاعده اهنه لسانى مش هيخاطب لسانك ولا عاوزه اشوفك فى وشي .. بس عاوزاكى تتمردى على طبع العتامنه وتشيلى سليم جوه قلبك ولو غدرتى ياويلك منى ... انا جيت احذرك بس عشان متتفاجئيش مع انى مستنيه مكرك اللي مغموسه فيه .. وكلها يومين وانا عارفه سليم هيزهق منك وهيسيبك .. ويرجع لمرته وبيته
- من خبرة حضرتك العمر دا كله .. شايفه ان سليم عمل كل دا عشان يزهق منى ويسيبنى !

تلونت ضحكت شر اخرى على ملامحها
- لا هو جابك عشان يكيد العتامنه .. ضربه فى مقتل .. لو كنت عارفه سليم زين زي ماعتقولى يبقي ماتنسيش انه مابيسيبش حقه واصل .. ولا عمره هيفوت تار راجح ... انا قولتلك بس عشان اديكى الصورة كامله وانت حره ياتكملى وتستنى لحد ماولدى يجيب بيكى مناخير العتامنه الارض .. ياتمشي وتبقي قصرتى الشر .. متعشمش فى حاجه اكتر من انك كوبرى يابت كوثر...

- واااااايه كمان يااعفاف ! مش تقولى انك اهنه كنا فرشنا الارض رمل .
جهر سليم بجملته وهو يقف على اعتاب الباب بعدما استمع لاخر جملة اردفتها امه .. فتلون وجهه بلون الغضب محاولا تمالكه .. لفت عفاف بانظارها اليه ثم اردفت
- مكانش له لزوم .. قولت اللي عاوزاه وخلصت  ..
اقترب سليم منها قائلا
- نورتى ياعفاف .. بس لينا روّقه على الكلام اللي قولتيه ..

ثم ضم وجد السابحه فى بحيره دموعها اليه امام انظار امه الناريه قائلا
- عاوز غدا معتبر يجي لحد اهنه .. الليله ولدك عريس ولازما يتغذى زين...
اشتعلت نيران اكثر توهجا بداخل عفاف وهى ترمقه باخر نظرات الغل والاغتياظ قبل ما تمسك طرف جلبابها وتغادر تاركه منزلهم وهى تاكل خطاوى الارض غضبا ..

دفعت وجد سليم بقوه بعيدا عنها وهى تجهش بالبكاء قائلا
- بعد عنى ياسليم ..
- اوعاكى تكونى صدقتى كلام عفاف ..
- طلقنى ياسلييييييييييييم ..

- بقولك انطقى الزفت دا بيكلمك ليييييييييه ياصفوووة .. وعاوز منك ايه ..
اردف مجدى جملته بعدما نظر من نافذه الغرفه ووجد سيارة ياسر تصف جانبا فبمجرد ما رأها فر هاربا على الفور ..
اجهشت صفوة فى البكاء اكثر مما اثار نيران غضبه .. عاد مجدى مره اخرى لهاتفها وفتح تطبيق الواتس اب .. وفوجئي مجموعه من الصور والفيديوهات المخله لزوجته مع ياسر .. بكل قوته القى الهاتف بعيدا ليهشم زجاج المرآه .. تحول مجدى لشخص اخر لا يرى لا يسمع .. شخص يقوده شيطانه بمنتهى الوحشه .. قبض على شعر صفوة منتهى اللا رحمه والعنف حتى تفجرت صارخه لاهثه بين يديه ..

- وانا اقول اللي نازل عليك عاوز اطلق عاوز اطلق ومش طايقنى .. ماا طبعاا منا الاريل اللي هيبلس بلاويكى ..
كان يجرها بمنتهى الجبروب وجسدها يرتطم بكل ما فى الغرفه من اثاث .. تفجرت صفوه فى الصراخ والعويل بطريقه هستيريه نتيجه لما تلقته من ضرب مفضي الي ترك اثره على جسدها ..

اصبح مجدى كالثور الضال الذي مُنح قوة وجبروت ليسطو على كل جيوش قوتها .. اوقفها امامه بعنف شديد وهو يصفعها على وجهها عدة مرات متتاليه حتى سقطت امامه كقطعة القماش الملقااه .. لم يكف مجدى عن تصرفاته ولكنه تفجر بقنابل صوته التى لم تخل من اقسي انواع الاهانات ..
ولحظه جنّ جنونه لينهال على ملابسها ويمزقها بدون رحمه
- ورحمة جدي وابويا ماهرحمك اللي زيك يدفن بالحييا .. كان لازما نصدقوا اهل البلد لما قالوا عيشة البنات بحرى ملهاش امان وبيجيبوا العار..
صرخت صفوة وهى تتكور حول نفسها: يامجدى والله العظيم ماعملت حاجه ..

- مصورك فى حضنه وتقولى معماتيش حاجه .!
ثم انحنى ليجذبها بدون رحمه ويلقيها فى منتصف مخدعه مواصلا تمزيق ثيابها بجبروت وعنف
على الحان صراخها التى جذبت اذان محمد ويسر بالاسفل
يسر بقلق: محمد والله فى حاجه مش طبيعيه فوق .. صفوة بتصرخ
محمد بلا اهتمام: تلاقي مجدى بيدلع شويه بس .. هاتيلى القميص يايسر خلينى انزل اشوف المستفشى ..

يسر بعدم تصديق: والله صوت تكسير يابنى فوق .. اطلع شوف فى ايه ..
انحنى محمد ليرتدي شرابه قائلا بلا اهتمام
- دا كان مجدي ياكلنى اصبري بس هتلاقيهم سكتوا والدنيا بقيت لوووز بالعسل دلوق ..

عوده الى حاله صفوة التى اوشكت على الانتهاء وانخفاض صوت بكاوها تكاد اوشكت على الاغماء وهى تتمسك بذراعها الايسر الذى كُسر نتيجه لعنف تصرفاته .. كل ذلك لم يرف جفن الشفقه بجوفه .. حيث وصلت ثوراته لذروتها ليرتكب جريمه افدح من سابقتها وهو يكمل امتلاكه لها بدون رحمه بطريق الغير مشروع  وهى تصدر انينا مكتوما يحمل بين ثناياه الما وعناء شخص يلتقط اخر انفاسه  ليستفيق هنا من غيبوبه غضبه مدركا اثار جريمته التى فعلها على تدهور حالة صفوة الصحيه وسيول الدماء المتدفقه من جميع اعضاء جسدها حتى اصبحت امامه كطير زبيح يتلطخ فى دماء روحه الاخيره ...

- وبعدين فى اللي عامله زي الحوت .. ماتضمنش غير فى الزبديه !
اردف عماد جملته وهو يقتحم غرفة نوم نورا التى تختبئ فيها من جيوش ذكرياته .. متعمده دوما ان تمرر اناملها فوق شفتيها الرطبه برحيق لمساته .. فارتعدت من مرقدها لجملته قائله
- عماد .. انت هنا من امتى ..
قرب عماد منها بهدوء: كنت سرحانه ولا ايه ..
- هااا لا خالص .. اجيبلك تاكل ؟!

- هناكل وهنشرب ونرغى بس بعد مااشوف الموضوع اللي جاي عشانه !
تراجعت خطوة للخلف وهى تقول
- موضوع اي .. اتفضل
- يريضكى عمايل الحوت دى ! كل ماافتكر انى خلاص مسكته وهستفرد بيه يجري من ايدي !
كان ينظر لها بعيون عاشق تحرك كل ماهو ساكن بها .. فقالت
- مش فاهمه .. انت تقصد ايه ..!

قبض عماد على كفها فجاه ثم سحبها رغم عنها ليجلسا معا فوق الاريكه قائلا بحب
- انت خايفه ولا ايييه .. مش بعض والله ..
شرعت تفرك كفها ببعضهما بارتباك
- لا عادى بس بس انى متوتره شويه معرفش ليه ! اوو خايفه شويه بس مش كتير .. لا لاا هو كتير .. هو باين عليا انى متلخبطه ؟!
رد عماد بمزاح: دانت ضايعه...

حاولت الهرب من امامهه ولكنها فشلت تلك المره ايضا وهو يجذبها بلطف قائلا
- هتهربي تروحى فين بس ..
- انت عاوز ايه طيب ..
تعمد ان يداعب شعرها برقه وهو يطيل النظر بعينيها
- اتبسطى !
- هااااااااااااااهه !
- بس انا اتبسطت جدا وحاسس انى انا كمان متلخبط وحاسس انى محتاج اتلخبط اكتر ..

ظلت تراقبه بصمت طويلا لا تعلم مصدره ولكن هنالك رداد من عينيه يصوب نحوه ثغرها خصيصا ليقنعه بالصمت .. تكورت اصابع كفيها وقدميها معا وهى تنظر له بعيون منيره قائلا بمزاح
- منا مش هفضل اتكلم كتير .. ساكته ليه ؟!
- احم هااااااه اقول ايه يعنى ؟!
- نورا عاوز اسمع منك اجابه واحده بس كان المفروض اسمعها قبل ما نتجوز اصلا بس لازم اسمعها حالا ..
- ايه هى اتفضل ..
- حابه نكون سوا لاخر العمر .. واكون اب لولادك ؟!

- هو انتظارى ليك 15 سنه مش اجابه كافيه ياعماد ..
دنى منها ببطء وهو يزيح كل شعرها جنبا ويتفتها بعيون عاشق
- يبقي جيه وقت العوض لانتظارك .. ولا ايه ..
ثم تعمد ان يقترب منها اكثر وهو هائما بعطرها مردفا
- نورا .. انا بح
-  يااامحمدددددددددددددد .. محمدددددددددددددددددددددددد تعالى الحقى صففوووة ..

ارتعد اهل البيت لصوت مجدى القوى فى الخارج وهو ينادى على اخيه .. نهضت نورا وعماد سريعا اثر ندائه
عماد: خير يارب
- مالها صفوة .. الحق ياعماد تعالى نشوف فى ايه
ركض محمد وخلفه يسر على السلم
- فى يامجدى ..

نظر لاخيه بعيون منكسره ويقول بتوسل
- الحق شوف صفوة يامحمد
ركضوا جميعا للداخل بعدما اصيبوا بحاله من الذعر ليتفقدوا حاله صفوة التى البسها مجدي ملابسها خايفا اثار جريمته ولكنها فى عالم اخر كما يقولون جسد بدون روح ..
محمد وهو يتفحصها: انت عملت فيها اييييه ؟!

- ياوجد طيب افتحى نتكلم وبطلى نشفان راس ..
يقف سليم وراء باب الغرفه التى دخلتها ووجد وقفلت الباب عليها .. فهتفت بصوت باكٍ
- حل عن سمايا ياسليم ..
- الله فى سماه ياوجد لو مافتحتى لهكسر الباب واجى اطربق الاوضه كلها فوق راسك الناشفه دى !
تعكزت على عكاز المها وتحركت نحو الباب لتفتحه بقوه
- عاوز تقول ايه تانى غير اللي قالته امك .. واخدنى كوبرى ياسليمم ..

ركل الباب بقوة وهو يقتحم الغرفه: انت جرى لراسك اي ياوجد .. من ميته سليم الهواري خدك بذنب العتامنه .. انت لحد دلوق مش واثقه فى حبى ليك اللي اتحديت الكل عشان ..
استندت بظهرها على خزانة الغرفه لتقول بيأس
- شكل الكل شايف حاجه انا مش شيفاها ..
- وانا مش عاوز اشوف غيرك فى دنيتى .. ليه بتسربي العكننه فى حياتنا ياوجد .. احنا مش مكتوبلنا نفرحوا ؟

- عندك استعداد تحلف لى على مصحف دلوق انك نسيت تار جدك ومش هتأذى ناسي
جهر سليم بغضب
- انت لحد دلوق لسه باقيه عليهم .. ناسك دول هما سبب كل المصايب اللي احنا فيها ..
وجد باختناق: يد عمك الهربان لسه ملوثه بدم ابوي ياسليم .. حدش زرع بذرة الشر غيركم ..
سليم وهو يضع يديه على رسغها: ومن ميته حبنا عناخدوه بذنب افعال غيرنا .. انت عفاف قلبت راسك وجايه تطلعيهم عليا !
- امك فتحت عيونى على حاجات كتير مكنتش واخده بالى منها ..

اغمض سليم عينه لبرهه باختناق محاولا تمالك غضبه: وجد مرقي يومك والا هسيبهالك وامشي ..
- لا ياسليم انا اللي همشي ونار العتامنه ارحم من انك تاخدنى كوبري تطلع عليه عشان تدمرهم .. انا ماشيه ويمكن  اخر مره تشوفنى فيها .. هستني ورقة طلاقى ..
مسكها من ذراعها ليلف بجسدها امام عينيه التى اعلنت ساعه الفراق .. قائلا بعدم تصديق
- انت اتهوستى ولا جرى لمخك ايه .. وبعدين اى الجنان دا .. انا سليم ياوجد لو مكنتش واخده بالك ...

اجابه بيأس: شكلى مش واخده بالى من حاجات كتير ..
انتفض كلاهما على صوت خبط الباب القوى ... فركض سليم وخلفه وجد بفضول .. اذا بنورا ترتعد امامهم .. بعدما تفقد سليم هيئتها سالها بقلق
- امى حُصلها حاجه يانورا ..
التقطت نورا نفسها بصعوبه اثر الركض لتقول: الحق ياسليم مصيبه .. صفوة قاطعه النفس خالص .. ومحمد عاوز وجد ضروري تكشف عليها ..
دار سليم برأسه ليرسل نظراته لوجد الواقفه خلف بتساؤل .. ولكنها لم تنظر اي رد القت حجاب سريعا على راسها بعشوائيه ومسكت نورا من كفها بعجل
- تعالى يلااا .. هى فييين ...
ضرب سليم على الاخر وهو يزفر باختناق: اي المصايب دى بس ياربى ..!

يركل اى شيء يعرقل مسيره بشده ثم اردف باغتياظ وبصوت تردد صداه
- اتجوزها وخدها ياحسن .. ليييييييييييييه ليييييييييييييه دايما هو اللي عيكسب ليييييييييه ..
القى حسن السيجارة من يده ثم ضغط عليها بمقدمه حذائه الضخم ليردف بشرٍ
- طول ما حسن ولد عمك معاك متقلقش ! احنا دم واحد ياواد ...
رجل وافر الطول ضخم البنيان يمتلك ملامح ينبعث منها شظايا الشر
- انت هتولول زي النساوين ما تنشفف كده وهنشوفوا حل ..

- حل ايه بس دول كيف التعابين بيتكاتروا على الواحد لحد ما يموتوه ..
- وانت العتامنه كلهم فى ضهرك خصوصا بعد اللي عملته بت عمك وولد الهوارى .. فلازما يتقتلوا ..
صحى ضمير الثعبان فجاه قائلا بانفاس متصاعده
- لاه .. هو اللي يموت ومش قبل ما يشوفها فى حضنى .. انا عاوزها ياحسن وجد مش هتكون لحد غير لى ..
حسن بمكر: يبقي تسمعنى زين .. وشوف اللعب هيكون كييف !دلوق نطلعوا عمك منيها الاول ونفوق للجد.

خرج محمد من غرفة صفوه بوجه شاحب التفتت اليه العائله الجالسه فى الصاله فاحتشدوا حوله بقلق يرتسم على ملامح كل منهما .. فهتفت ثرثا
- عملتوا اي في بتى ! انطقوا ياولاد عفاف ..
رمق محمد اخيه مجدي بنظره معاتبه فأطرق بخجل: دراعها مكسور وجبسته خلاص ..
وضعت وجد الغطاء فوق جسدها ثم خرجت خلف محمد الواقف يرتعد من الداخل ويتوعد لاخيه .. فقالت وجد بحزن شديد
- انا عاوزه الحاجات دي ضروري من الصيدليه ..

خطف سليم الورقه على عجل: هنزل اجيبهم
وجد بسرعه: لا استنى ياسليم محدش هيرضى يدهولك
صرخت ثريا بصوت عال: بتى مالها ماتنطجوووا !
تبادلا كلا من محمد ووجد النظرات بأسف ثم اخترق احتشادهم ليسحب اخيه خلفه بقوة
- عاوزك !

واصلت وجد حديثها: سليم خلى نورا تروح معاك وانا امضتى على الورقه لان الحاجات دى مش بتخرج غير باذن دكتور .. ابقي خدى البطاقه معاكى يانورا ..
هتفت ثريا بخوف: انا هتصل بالاسعاف تاخد بتى .. لا انتوا اكيد عملتوا فيها حاجه !
وجد باسف: ماينفعش ياخاله تروح مستشفى ..
اتسعت عيون الجميع اثر جملة وجد الاخيره مما جعلهم يتسائلون فيما بينهم .. فجهرت يسر قائله
- هو مجدي عمل فيها ايه .. انا من الصبح سامعه صوت ضرب ودوشه وكنت مكدبه ودانى .. اخوك عمل فى اختى ايه ياسليم ..
نظر سليم لوجد باتساؤل فاطرقت بخجل ثم تركتهم ودخلت مره ثانيه الغرفه قائله
- نورا بسرعه لو سمحتى ..

تدخل عماد ليجذب الورقه من سليم: هنزل انا معاها .. يلاا
على جانت اخر يقف مجدى ومحمد الذي ينهره بقوه
- اي حيوان فين عقلك يامتعلم .. عملتلك اي عشان تعمل فيها كده .. -ثم همس قائلا - البت بتموت جوه ولو روحنا مستشفى انت اللي هتروح في ستين داهيه بالللى عملته ..
مجدى بحزن بالغ: اوعى من وشي يامحمد خلينى اروح اشوفها ..

اوقفه محمد رغم عنه: اقف هنا وكلمنى ماينفعش تشوفها .. عارف وجد قالت ايه .. قالت انها جالها نزيف مش عارفين نوقفه .. -ثم جز على اسنان بنفاذ صبر- دخله بلدى يامجدى هي حصلت يامتعلم ! جدك له 28 سنه بيحارب اهل البلد من جهلهم وتخلفهم وانت تيجى بمنتهى الافتري تعمل كده ..
تعالت انفاس مجدي باغتياظ وغضب مردفا: هقتله .. لازم اقتله ..
دخل سليم الغرفه بهدوء فاشارت له وجد بهمس ان ينصرف ولكنه تجاهل اشاراتها وهو يقفل الباب خلفها .. كانت تجلس بجوار صفوه لتطيب باقى جروحها وكدمات جسدها ثم اقترب منها سليم ليسحبها عند النافذه متسائلا
- حصل ايه .. مجدي عمل فيها ايه ..

اقتضبت ملاحمها بضيق: روح اسال اخوك ..
- وجد .. انا بسألك !
تأوهت  صفوة اثر الامها المبرحه وهى تهذى بعبارات غير مفهومه .. نظرت لها وجد بشفقه ثن اردفت
- مكنتش مفكراكم كده .. شكلكم ممثلين على الناس صورة الحق والعدل وانت فى الاصل ورق
هزها سليم بعنف قائلا بصوت مكتوم: اتعدلى ياوجد ..وفهمينى
- اخوك ياستاذ استقوى على مراته لحد ماانت شايف وصلها لاايه .. روح اساله عمل كده ليه وسيبنى اشوف الغلبانه اللي بتموت دي ..
ثم تركتها وعادت تطيب جروح صفوة مره اخرى متجاهله وجوده تماما .. نفخ سليم بنفاذ صبر ثم خرج لهم فلم يجد الا محمد ويسرالتى تسبح فى بحر دموعها وخوفها على اختها وعفاف التى تندب حظها
- هما راحو فين !

محمد باستسلام وهو يضرب كف على الاخر: ثريا راحت تبلغ عن اخوك لانها سمعتنى وانا عتكلم معاه ف المصيبه اللي عملها
سليم جذب اخيه متسائلا: عشان ضربها ؟!
محمد ساخرا: ياريت تيجى على الضرب .. ربنا يسترها ..
- اخوك فين دلوق ..
- معرفش .. قال هقتله هقتله وجرى ..
سليم بدهشه: وانت كيف تسيبه يابنى ادم ...
زاحه محمد من طريقه: اوعى اشوف اللي بين الحيا والموت دى .. يعمل اللي عاوزه بقي.

فى الصيدليه
بعد محاولات مع صاحب الصيدليه اخيرا اخرج الادويه والمستلزمات الطبيه .. زفر عماد باختناق
- مش كنا جبناهم من المستشفى اسهل !
نورا وهى تتابع قراءه الادويه: ماينفعش الموضوع هيكبر وهندخل ف س و ج .. عشان مجدي مايروح فى حوارات ..
هتف عماد باختناق وصوت متوعد: بس صفوة تقوم بالسلامه والله ما حد هيربيه غيري .. واصلا يستاهل كل اللي هيحصله
نورا بهدوء: سليمه ان شاء الله .. كله بيعدي ..

هتف الصيدلانى قائلا: الدواء التالت والخامس مش متوافرين فى الفرع حاليا .. ممكن تسألوا فى صيدليه الدكتور (___) وبالورقه دي محدش هيعارض معاك
خطف عماد مفاتيح سيارته بسرعه وهو ياخذ الورقه من الصيدلانى
- خليكى يانورا هجيبه انا .. وانت اتاكدى من الادويه على ماجى
- طيب مااجى معاك ياعماد ..
- ملهووش لزوووم .. فالسريع هجيبه انا ..

اتسعت عين وجد وزادت ضربات قلبها وهى تنظر لمحمد بخوف
-دكتور محمد .. لازم تروح مستشفى .. النزيف مابيوقفش ...
ظل محمد يتحسس نبض معصمها بعنايه
- حتى نبضها ضعيف جدا
- والعمل دلوقت !
في مخفر الشرطه
هتفت عفاف للعسكرى
- عاوز اعمل محضر يابيه ..
العكسري بتكاسل: فى مين ياامى .. خلصينا ..

اخذت ثريا نفسا بتثاقل وهى تجلس امام: فى مجدي عادل الهواري .. بضرب واغتصاب بتى ..
اعتدل العكسري من مكانه باهتمام وهو يتأكد من الاسم .. فنادى سريعا على عسكري اخر قائلا
- خد الحجه عند البيه جوه يابنى يلا بسرعه
وبعد ماانصرفت من امامه خرج هاتفه ليجرى مكالمه هاتفا
- ليك عندى خبر بمليون جنيه ياادهم بيه .. حبايبك واحد منيهم هيينام عالتخشيبه الليله ..

فى قصر العتامنه
ورد بيأس: انت هتفضلى تنوحى اكده كتير ياما ! ما بزياداكى عااد ..
اكملت كوثر نواح وصراخ لم يتوقف لدقيقه .. اقتحمت ام ادهم مجلسهم بشماته وهى تتمايل امامهما
- خليها تنوح على خيبيتها وخيبه بتها اللي جابت لنا العار ..
ورد بضيق: وجد معملتش حاجه غلط ولا حرام دى اتجوزت على سنة الله ورسوله
لاحت ناديه بكفيها مع ارتفاع لحن صوتها
- على صوتك كمان وكمان يابت سالم .. ماانت زي اختك تلاقيكى مدوراها .. الحمد لله ياربي مخلفتش بنات وعفتنا من الغلب دا .. يلاا جاتها نيله اللي عاوزه الخلف بأشكالكم دى ..

ورد باشمئزاز وهى تتحرك لتفتح الباب الذي دق جرسه: انا مش هرد عليك
ناديه بسخريه: ماهو دا الناقص تردى ..! استر ولايانا يارب ! ياترى مين اللي جاي عشان يكمل شماته فينا !
فتحت ورد الباب ففوجئت بالنقيب يوسف يقف هائما امامها مردفا
- والله كان قلبى حاسس ان الورد بنفسه اللي هيفتح لى الباب
ورد باستغراب: افنننندم .. انت عاوز اي تانى !
- جاى اعاين !

- تعاين ايه مش خلصنا !
القى نظره خاطفه عليها من اعلى حتى قدمها قائلا
- جاى اعاين قلبى وقع فى اي حته بالظبط ..
امتعضت ملامحها وعبث وجهها وهى تجهر بقوه
- نعممممممممممممممممممممممممممم !
اعتدل يوسف فى جلسته محمحا وهو ينادى على العسكرى
- خش فتش يابنى لما نشوف اخرتها ..

ورد باستغراب: يفتش على ايه !
شد جرار جاكته الجلدى بوقار قائلا بغمز: هو انا مش لسه قايل قلبى ولا القمر نسى!

- ااووووووف ياااعماد اتأخرت ليه بس ياربي !
خرجت من الصيدليه كى يلتقط هاتفها شبكه محاوله الاتصال به وهى تلتف حولها بقلق حتى اتاها صوت تلعنه دوما وترتعد لسماعه قائلا
- واخيرا الاميره خرجت من قصرها ... وحشتينى يانور قلبي...
ياليت كل الاخطاء تُغفر .. وياليت الغائب يعود وياليتنا نقع على اناسيٍ لا يريدون سوانا وليتنى كل ما تتمنى وياليتك ما كنت كل التمنى .. - نهال مصطفى

هناك اشخاص نتمنى ان الا ترى العين غيرهم وهناك اشخاص ياليتهم ما خُلقوا .. تسارعت دقات قلبها على ثرثره صوته الغير مرغوب .. فاستدارت نورا اليه بقلق يحتلها ببطء
- انت عاوز منى ايييييييه .. واى اللي رجعك اصلا !
رجل متوسط الطول لديحه لحيه غريبه عباره عن شارب يتدلى على ذقنه ليحيط شفتيه .. فاردف قائلا هو يشير على قلبه
- اعمل ايه فى دا اللي ما دقش غير ليكى ! وعنده استعداد يمشي وراكى الدنيا كلها عشان تغفرى له ..

ابتعدت عنه بتلقائيه فعطر قربه كحبل مشنقه لا يطوق الا حول قلبها قائله
- احسن تمشي من هنا والا مش هيحصل طيب ..
- ايه خايفه عليا من جوزك ! انا عارف كل حاجه وعارف انك اتغصبتى على الجوازه دي .. نورا انا جاى عشان نفتحوا صفحة جديده سوا ..
- قطعها .. ولا اقولك احرقها .. ومتظهرش قدامى تانى واتقى شرى احسن
- يعني مافيش امل الميه ترجع لمجاريها !
- ماكنش بينا ميه عشان ترجع يامحسن ... اقصر الشر وامشي ..

حاول محسن ان يمد يداه متعمدا لمس ذراعها وفى نفس اللحظه صفت سيارة عماد امامهم ونزل من سيارته الذي جن جنونه .. فدلف بسرعه منهالا على صدره بكل ثقله هاتفا
_ هو انت محدش قالك عيب تمد يدك على اللي مش ملكك ..
اختل اتزان محسن قليلا ثم عاد ليقف امامه بشموخ ونظرا لفرق القامه بينهما رفع محسن انظاره لاعلى جاهرا
- هما ولاد البلد بيسلموا على ضيوفهم كده !
جهر عماد: وهما ولاد البلد يتطاولوا على حريهما ... كان عاوز منك اى يانورا ..
نورا بارتباك: خلاص ياعماد محصلش حاجه .. هو هيمشي دلوقت ..

محسن وهو يتظاهر بالقوه: وان مامشتش !
عماد جهر غاضبا: يبقي ماتلومش غير نفسك !
اخرج محسن هاتفه ووجهه نحو عيون عماد قائلا بمكر
- اقر كده مش ده رقم مرتك بالتاريخ  محسن تعالى الحقنى من الجوازه المقرفه اللي وقعونى فيها دي .. انا لسه بحبك  ... هااا يامعالى المستشار اى قولتك ..
حك عماد ذقنه ووشه الذىاحمر بدماء الغضب فتظاهر بعدم التصديق قائلا
- والله ! والمفروض اصدقك ... دانا حتى مستخرس اسالها اذا كانت عملتها ولا لا .. لانى واثق فى مراتى وواثق فى نفسي وعارف اكفيها كيف مش زيك...
ثم اقترب منه بهيبته العظيمه متحديا
- من راايي تقصر الشر وتنسي انك عرفتها من الاصل .. ودا لمصلحتك ! مش يلا يانور مش فاضين لجلع الناس الفاضيه ..

 مساءا
الجميع فى شقه مجدى .. تحسنت حاله صفوة بعض الشيء فبعد معاناه اخيرا استطاعت وجد ومحمد التغلب على حالتها .. اردف سليم
- مش يلا ياوجد وتيجى بكره تشقرى عليها !
نظرت له بتحد ووجه مكتظم: هبات معاها .. ماينفعش اسيبها فى الحاله دى ..
جز سليم على فكيه قائلا بغضب: قولت يلا ياوجد .. كلهم معاها ونورا موجوده ولو فى حاجه هينادوكى !
كانت ماجده تراقب حديثهم وشيء ما بداخلها يحترق .. لم تعرف من اي جزء تتمسك به نيران الغيره لتشتعل فى باقى جسدها .. تمنت ان لو يناديها بتلك النبرة والعيون التى لا يعرف ما بها الي شخص قتله الشوق ..

جهرت ثريا قائله: ومين قالك انى هأمن على بتى معاكى .. مستغنين عن خدماتك اتقلعى من اهنه .. قدمك قدم شوووم ..
شرع سليم ان يتفوه ولكن سرعان ما تدخل محمد قائلا بعرفان
- لولا وجد كانت ماجده الله يرحمها .. بدل ما تقومى تحبى على راسها يامراة عمى ! تعبناكى ياوجد كتر خيرك .. خد مرتك ياسليم وانا ويسر قاعدين معاها ونورا كمان موجوده
زفر سليم باختناق: مش يلا ياووجد ..

قامت رغم عنها متأففه ثم سبقت خطاه تحت انظار الجميع التى تحرق ظهرها لحق سليم بخطاها الاشبه بالركض حتى وصلا الاثنين لبيتهما هاتفا بعصبيه
- انا لما اقول كلمه ماعتتسمعش ليه ... راسك الناشفه دي لو متعدلتش هكسرها ..
لاحت له بتجاهل وواصلت سيرها دون ان تجيبه مما اشعل النيران بداخله اكثر وركل الباب خلفه بقوه وهو يهجر بصوت قوى
- وكمان بتطنشينى ياوجد .. ليلتك مش فايته ..
كانت تخلع ملابسها بعشوائيه فزالت الحجاب وشرعت فى خلع عبائتها السوداء وهى تخرج له بعصبيه
- انت بتعلى صوتك ليه .. بقولك اى اطلع من راسي ياسليم مش ناقصاك ..

كان واقفا بظهره يرتشف بعض المياه فاستدار ليكمل ثورته قائلا
- شكلى دلعتك زياده ياوجد لح
ثم سقطت عيناها على قميصها القطنى الذى ترتديه باللون الازرق يصل لركبتها وفوقه عبائتها المفتوحه فوقفت المياه بحلقه فسعل مرات متتاليه مردفا
- وبعدين لو مدلعتكيش انا مين هيدلعك .. يخربيت الحلاوة ايه دا !
استغربت لتغير حاله المفاجئ: ماللللك !

استعاد سليم ثورته مره اخرى قائلا وهو يدنو منها
- فى جريمه وفى اهمال وفى انك اول ما فردتى ضلوعك فردتيهم عليّ ياوجد .. ومن النهارده هتشوفى وش تانى وسليم بتاع امبارح هيتغير .. عشان تفتحى ودانك تانى للرايح واللي جاى .. وبعدين انت ازاي متقوليلش انك لابسه القميص دا تحت العبايه دانت ليتلك زرقه ...
قفلت عبائتها سريعا بعد ما فهمت مغزي كلماته مردفه بتحذير
- انسي .. اخرك هتنام مكان ماانت واقف ... وبعدين انت بتغير الموضوع ليه ..
حك سليم ذقنه بتلقائيه وهو يتأمل ما فشلت العباءه فى ستره
- منا كنت واخد بالى اننا بنتخانق بس حقيقي مش لاقي السبب !

تقف امامه على بعد متر تريد ان تخلق معه اي شِجار
- اووووووووف .. الكلام معاك حرام اصلا وتعب على الفاضي .. اصلا وجود يعصب اي حد .. كل حاجه عاوزها على مزاجك .. يمين ياوجد شمال ياوجد اقول امييين .. انت مفكر نفسك مين عشان تمشي كلامك عليا دانت حتى اتجوزتنى من غير ما تاخد رايي ...
تظاهر سليم بخلع شاله الموضوع على كتفيه ببرود وهو يتجاهل ثرثرتها التى لم تقترب من مسامعه من الاصل .. فجاة وفى لمح البصر رفع سليم ذراعيه لتجد شاله يطوق خصرها ويجذبها بكلتا يديه اليه بقوة مما جعلها تفزع لفعله الغير متوقع .. اصبحت فى ظرف ثانيه بخدعه منه تحت حصاره ورحمته ووجدت كفيها الاثنين مستدان على صدره بتلقائيه قائله بفزع
- انت بتعمل ايييييييه !

غمز لها بطرف عينه ليقول
- اللي المفروض يتعمل .. هااااا احكى من زعلك !
قررت التحفظ علي قوتها فتلك المره لم تضعف ولم يهتز قرارها مهما بدا منه .. رفعت اسلحة التمرد
- انت عاوز ايه .. مش انا كوبري ياسليم ..
- وهو فى كوبري قمر كده بذمتك .. هتفردي وشك ولا افرده انا بطريقتى ..
ردت ساخره
- اااااه اللي هى بترقد بنات الناس زي مااخوك عمل مع مراته !

- دا حمار ! مايعرفش ان كله على الهادى طعمه احلى ..
قاومت ثغرها بصعوبه كى يتماسك ولم يطلق ضحكه تفضحها .. تغنجت امامه محاوله التخلص من حصاره شاله قائله
- انا عاوزه انام ياسليم تعبانه .. اقولك مسامحه فى ليلتى المره دى روح شوف ماجده عينها منزلتش من عليك اليوم كله
- وواضح ان مش ماجده بس اللي عينها مانزلتش .. انت كمان كنتى مركزه جامده .. الا انت كنت مركزه ف شغلك ولا فى ماجده اللي منزلتش عينيها من على !
ضربته على صدره بقوه: معندكش دم ... وبعدين متغيرش موضوعنا ..
- انه واحد مش فاكر ..
- سلييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم !

- قلب وعمر سليم كلهم ليكى لوحدك .. وبعدين ايه اللي عند رقبتك دا !
وضعت اصابعه على مايشير اليه مردفه بتساؤل: ايه اللي عليها .. مافيش حاجه !
تأفف سليم بضيق مصطنع قائلا: وانت يعنى شايفه حاجه انا اللي شايف ... استنى متتحركيش اما نشوف ايه دا ...
انحنى قليلا على رقبتها مرتسم معالم الاهتمام والجديه .. وبخفه جعلتها تصمد مكانها مد يده من اسفل عبائتها ليطوق خصرها يلصقها به وهو يستنشق عبيرها بهيام قائلا
- حسيتها بتنادى عليا .. فلبيت ياوجد ..

استمر فى تقبيلها بحب وشوق ليخضعها تحت تأثيره اكثر .. كل ما به يريدها .. بها ومعها يتناسي همومه واحزانه .. هى دواء كل سقم بجوفه .. ظل يرتشف من رحيق قربها كما يتراءى لهواه .. اختلس بعض الدقائق خارج نطاق اى زمن واى مكان .. رفع رأسه مبتعدا عنها قليلا ليطيل النظر في عينيها .. ظلت ترمقه بعيون مستشرقه لامعه .. انفجرا الاثنين يضحكان على تبدل حالهم المفاجئ ولكن تلك المره وقفت هى علي طراطيف قدمها وطوقت عنقه بحب ملتهه ثغره لتكمل ما بده هو .. كأنه يعرف ازرار تشغيلها فبضغطه واحده تتشكل على هواه حتى تصبح له وبه ومنه ..

واخيرا شعر سليم بارتياح فؤاده .. فاليوم سيروى تربته التى جفت من قسوة البعد ..ظل ذائبا فى مياه حبه الا ان اتاه صوت قرع قوى على الباب
- الحق ياسليم بيه ... البيمهندس مجدي عمل حادثه على الطريق ...
بعد سليم عنها قائلا باختناق ونفاذ صبر
- تصدقى انى بدات اتاكد ان الجوازه دى منظوره .. خشي اوضتك ياوجد

- تمام تمام يادهم .. بكره هقابلك .. اقفل بقي ..
همست ماجده جملتها وهى تحاول التخلص من مكالمه ادهم الغريبه .. التى اصر فيها على مقابلتها ...
يسر بتساؤل: مين اللي هتقابليه بكره دا ياماجده !
ماجده بارتباك: هاااا لا مافيش .. انت اللي سمعتى غلط ..
نظرت لها يسر بعدم تصديق
- مش مرتحالك ياماجده والله

فى صباح اليوم التالى
يقف امام بوابه القصر السياره التى يقودها سليم بها الاخوة الاربعه سويا .. فتح لهم الخفير باب البوابه مهللا
- الف حمد لله على سلامتك يامجدي بيه .. ربنا يبعد عنك كل شر !
- ربنا يخليك ياراجل ياطيب !
دخل سليم القصر وهو يخفى الغضب بجوفه .. فاردف مجدي قائلا
- عملت اي فى العربيه ياسليم !
سليم متأففا.

- هكون عملت ايه يامجدى .. العربيه كل اللي اتكسر فيها الفانوس ياروح امك وانت زي القرد اهو حايلله رجلك اللي اتكسرت .. اومال حادثه واتلمت اهل البلد ومعرفش اي .. دانا قولت هاجى القاك سايح فى دمك...
- اعوذ بالله اي الشر دا ! مالك مش طايق حد من امبارح ... - ثم وجهه حديثه الي محمد - صفوة اخبارها اييييه !
استدار اليه محمد الذي يجلس بالمقعد الامامى
- يومين وهتبقي زى الفل متقلقش .. انت بس اللي اتغبيت شويه .. وبعدين لازما تشكر مراة سليم لولاها كانت هتبقي مصيبه ...

عماد بشماته وهو يضربه على كتف: صح حماتك قدمت فيك بلاغ ومش بعيد الحكومه تيجى تاخدك من وسطينا دلوقت ..
مجدى باختناق: كانت ناقصاها الوليه دي هى كمان !
عماد بضجر: ادينى سبب واحد يستدعى انك تعمل فى مرتك كده ... عقلك راح فين ياعاقل يابتاع الحكم والمواعظ ..
تبدلت ملامح مجدى قائلا: متشغلش بالك .. انا هخلص كل حاجه ومش هرحمه .. المهم عندى صفوة تسامحنى !
محمد بسخريه: بتحلم دى صفوة وامها واخواتها لو عتروا فيك هيعملوا منك شرايح يدرسونا عليها فى الكليه !
مجدى بندم: انا معرفش عملت كده ازاى .. والله ما كنت فى وعيي .. يارب سامحنى يارب ...

شرع الاخوه ان يتدلوا من السياره .. ساعد محمد اخيه مجدى المستند على عكازه فى النزول .. تفرقا كل منهما الى منزل ماعدا مجدى وصله محمد للقصر الكبير يجلس فى مكتب جده ..
سليم متوعدا: طيب ياوجد ايامك مش فايته معاي !
وصل سليم نحو منزله فوجد الجناينى يسقى الزرع فسأله
- هو انا مش منبه محدش يجي اهنه طالما ست وجد لحالها
الجنايني: والله يابيه انا لقيت الست هانم راحت البيت الكبير قولت اقضي مصلحه على السريع ..
سليم بياس وهو يقلد نبرة صوته: لقيت الست هانم راحت على البيت الكبير ..هى جوازة مربره انا عارف ...

زاحت وجد ستائر الغرفه بثغر مبتسم
- على فكره بقيتى احسن دلوقت .. كفايه نوم ..
ذهلت صفوة لوجود وجد بجانبها فردد باستغراب خى تتأوه: انت مين سمحلك تيجى هنا !
قضبت وجد حاجبيها وهى تحضر لها كوب العصير
- لو وجودى مضايقك همشي خلاص ..
شعرت صفوة بتأنيب الضمير فحاولت تبرر ردها الجاف
- قصدى امى واخواتى فينهم وانا نايمه من امتى واي اللي حصلى ..

مدت لها وجد كوب العصير بعدما اتاكد من نسبه المحاليل المعلقه بيدها ثم اردفت بلطف
- ياستى الساعه يادوب 6 والاغلبيه نايم .. ونورا فتحتلى وراحت تشوف جوزها ... وانت عارفه بقي بحكم شغلنا مابعرفش ننام وفى حد تعبان ولا ايييه !
كانت طريقه وجد التى تتحدث بها مع صفوة كأنهم اصحاب منذ عمر .. كانت تتحدث بعفويه وبدون فارق او تجمل حتى تعجبت صفوه من تلقائييتها ...
- هو اي اللي حصلى .. وبعدين انا حاسه جسمى كله مكسر ليييييه واى الجبس ده !

وجد باستغراب: انت فعلا مش فاكره !
حاولت صفوة ان تستعيد ذاكرتها شيئا فشيئا بدات بقبله مجدى وانتهت بتمزيق ملابسها التى انسكبت خلفها دموع وجع لا تنتهى .. ربتت وجد على كتفها
- انت كويسه والله .. اهدى ...
دخلت ماجده باغتياظ: خلاص مش اطمنتى عليها .. قاعده ليييه هنا !
ابتسمت لها وجد بهدوء: خلاص اصلا كنت مستنيه نورا بس اقولها على العلاج وماشيه .. معلش استحملينى الخمس دقايق دوول ...
غلت الدماء بداخل عروق ماجده اكثر فترجمه عفويه وجد على انها انتصار وتعالى .. وسخريه من هزيمتها .. تركت الغرفه وهى تحترق من الداخل ..

كوب من اللبن بيد عفاف خارجه به من مطبخ شقه صفوة متجهه نحو الصالون .. قائله باهتمام ليسر
- خدى يابتى اشربي .. حبلى ولازمًا تتغذى ...
لمعت عيون يسر لاهتمام امها المفاجئ فقامت واحتضنتها بامتنان
- والله انت اعظم ام فى الدنيا .. من يد مانتحرمش ياست الكل ...
ثريا بابتسامه مصطنعه: اومال جوزك لسه مجاش ..
يسر: لا جيه بس كلهم متجمعين مع حماتى تحت حبت تفطرهم بنفسها .. وكمان حادثه مجدى جات سليمه ..

ثريا بغضب: جاااه قصف رقبته ... نفد من الحادثه بس لسه مشافش انا هعمل له ايييييه ...
يسر بعفويه وهى ترشف كوب الحليب: مااحنا بردو محدش يعرف السبب الحقيقي اللي خلى مجدي يعمل كده وبعدين ماانت عارفه صفوة وحركاتها تلاقيها هى اللي عصبته ...
اشعه الشر تنبعث من عيون ثريا قائله
- اشربي ياحبيبتى .. اشربى

بعد مرور عده ساعات يتمشى حيدر بصحبه المحامى وادهم وحسن فى النيابه العامه .. فهتف المحامى قائلا
- انا عرفت اخرجه بكفاله بس دا مايمنعش انهم لما يطلبوه فى اي وقت تحضر ..
حيدر بامتنان: متشكرين يامتر .. ربنا يباركلك ..
ادهم بعرفان يدخل يده فى سترته ويخرج بعض الاموال: يلا مش خساره فيييك تستاهلهم ..
شكرهم المحامى ثم تركهم وغادر سريعا .. التف ادهم لعمه
- الحرب هتقوم ياعمى مش اقده !

- هتبقي مجزرررره .. واابقي قول عمى قال ...سيبلى العربيه عشان عاوزها واتصرف انت روح الحق بالمتر يروحك ..
نظر ادهم لحسن باستغراب فهتف: كيف الحديت دا ياعمى ..
اخذ حيدر من المفاتيح متجاهلا سؤاله وتركه هو ايضا وغادر
حسن بفضول: مش مرتاحله !
ادهم بتعجب: ولا انا وحياتك .. اقولك ايه عاوزك تقطره وتجيبلى خبره ...

فى السياره
جهر حيدر بنبره تهديديه: عظيم يمين تلاته ياثريا لو ما كنتى فى الفندق بعد ساعه لهتشوفى منى اللي عمرك ماشوفتيه ...
ثريا وهى تندس بالشرفه: ياحيدر البت عيانه ماينفعش
- ملعون ابو البت على اللي جابوها .. هى كلمه واحده ساعه والقاكى فى حضنى ياثريا والا...
تركها فى حيرتها وقلقها فهى ايضا تفيض له اشتياقا سقطت عينيها على ابتنها النائمه خلفها لتتذكر حالها وهو فتاه فى عامها الاربعه عشر ولم يختلف حالها عن حال ابنتها الراقده استفاقت من ذكرياتها
- لازما اروح .. هو حبيبى اللي باقيلى...
فى ذات اللحظه وصلت رساله لماجده على هاتفه
- مستنيكى فى مكانك .. متعوقيش
زفرت بحيره وهى تدعو: يااااااااااااااارب ..

- هو انا ممكن اعرف انت قاصد تتجاهلنى من الصبح ليييه .. عماد مالك
اردفت نورا سؤالها على اذان عماد الذي تغير حاله منذ حدث امس .. فرد عليها
- مخنوق شويه سيبك منى ...
نورا وقفت امامه بتحد: اي سيبك منى دى .. لا طبعا مستحيل .. اقف هنا وقول لى فيه ايه !
- الزفت ده كان عاوز منك اييييه ؟!
- انت اكيد مصدق انى مستحيل اعمل حاجه زي دى .. عماد انا لو باقيه عليه مكنتش اطلقت منه بعدها ب 3 شهور .. ولا اييه ..

زفر بارتياح ثم ارسل لها ابتسامه: خلاص حصل خير .. لوضايقك تانى قوليلى ..
- اكيد .. ماليش غيرك على فكره ..
ابتسما سويا بهدوء ثم فاجئته بقبله سريعه طبعتها على وجنته ثم فرت هاربه
- هحضرلك فطار .. ومتقولش عفاف فطرتنى يانورررا ...

لاحظت ماجده حركة امها اثناء خروجها من القصر .. مما جذب فضولها فى السير خلفها .. مستلقيه بعربيه اجره خلف امها القانطه فى سيارتها بصحبة السائق .. ظلت تتسائل كثيرا الي اين تذهب ولماذا كل ذلك الخوف يملاها .. وبعد مرور نصف ساعه صفت السيارتان امام فندق فى المركز .. مما اشعل نيران الشك بجوف ماجده اكثر .. دلفت ثريا من سيارتها وهى تأمر السائق
- ساعتين وتيجى تانى متعوقش
انتظرت ماجده دخول امها وبعد دقائق طلبت من السائق الا يغادر .. فتسللت خلفها كمرشد المخابرات ... وصلت عند الاستقبال تتسأل
- لو سمحت هى الست اللي لسه داخله دي رايحه فين !
الموظف: قصدك مين حضرتك ؟!

- اللي لابسه جلابيه سوده .. اسمها ثريا تقريبا مش كده !
الموظف: اااه اهه قصدك الست ثريا مراة حيدر بيه !
صاعق كهربي جلد قلب ماجده قائله
- ايه ... انت بتقول ايه !
- ايوه يافندم .. دى ست ثريا وحيدر بيه جوزها فوق اصله بيحب يدلعها دايما ويقضوا وقتهم هنا ..
شردت ماجده فى كلامه محاوله ان تتقبله او تترجمه لذهنها ففاقت على صوت الموظف
- اي خدمه حضرتك !
- هااا لا لا ..
ثم ارسلت رساله لادهم الذي لم يكف عن الرن وهى تخرج من الفندق تحت تاثير صدمتها
-  انا جايه حالا

احتشاد من عساكر الشرط امتليء بها قصر الهوارى ليجهر الظابط قائلا
- فين مجدي الهوارى ! مطلوووووووب القبض عليه فورا ..

اما فى الدور الثانى من البنايه الكبيره .. تتلوى يسر الجالسه بجوار اختها الراقده من كثرة الوجع الذي يخرط ظهرها ويقرضه على مهل .. فتعكز على بقايا قوتها نحو المرحاض .. لتخرج بعد عدة دقائق صارخه بفزع
- الحقينى ياصفوه شكلى بسقططط.
يتكئ سليم على مخدعه فى انتظار وجد التى لم تأت منذ ان حضر .. وهو ينفث دخان الغضب من داخله كصقر يتربص قدوم فريسته ..
- طيب ياوجد .. صبرك عليا ..
بعد انتظار دام اكثر من 5 ساعات قضي اغلبهم سابحا فى بحور نومه أتت وجد وهى تسير بخفه تخشي استيقاظه .. ففاجئها هو يفتح النور قائلا
- ما لسه بدررى !
وضعت كفها على صدرها بفزع: انت لسه صاحى !

وثب سليم من مكانه مدججا بالغضب وهو يقترب اليها
- من الساعه 6 لحد الضهر اهو بيأذن ماشوفتش وشك .. خير اللهم اجعلو خير اهل البيت رضيوا عليك خلاص ..
تأففت باختناق: ياسليم والله تعبانه ما قادره اتخانق .. خليها بعدين وسع من قدامى ..
قبض على رسغها باغتياظ: هو انت ايه اللي نازل عليكى مش قادره ووسع من قدامى ..

انفجر كبت جوفها متمثلا فى صورة دموع وانفاسها تخرج بتقاثل
- كنت عند مراة اخوك بطمن عليها .. ولما الشرطه جات عشان تاخد مجدي مهنش عليا اسيب امك لوحدها اي نعم سمت بدنى بكلامها وخلتنى اكره اليوم اللي عرفتك فيه .. بس دى مكانتش قادره تقف على رجلها وشغاله تبكى على مجدي وكل شويه تتصل بعماد .. وكمان امى واخواتى وحشونى قوى حاسه انى تايهه ياسليم .. وانت هنا سلطان زمانك جيت نمت والدنيا تولع بره ...

بادلها بنظر شفقه وهو يدنو منها
- طيب خلاص روقى .. كله هيتصلح والله وانا لسه مكلم عماد وقالى انه مش هيرجع غير ومجدي معاه .. وامى ياستى دي اغلب من الغلب بس هى مضايقه شويه اليومين دول ...استحمليها عاد
ثم مسك ذقنها بلطف ليداعبها قائلا: وبعدين انت فى الرصه دي كلها ماجبتيش سيرتى ليه ! انا كنت مستنى اسمى ولا انت خلاص هتبقي زى الحريم اللي اول ما تضمن وجود جوزها قدامها تطنشه لحد ماتطفشه فى عيشته .. لا بقولك اي انا لسه الشرع سامحلى باتنين كمان ! اتظبطى ..

بدى عليها الغيظ المصحوب بالذهول وهى تضربه برفق: والله انت رايق وفايق ...
رد عليها بمزاح وهو يستند بكفه على الحائط خلفها ليضعها تحت حصاره
- بقولك ايه انا مقويك على الكل هتيجى تستقوى عليا انا كمان هزعلك ..
تعمدت ان تنظر اليه بتحدٍ: متقدرش اصلا .. ووسع كده بس عشان النفس ..
رمقها بنظره تبدو عليها نشوة الحب وهو يحرر من حجابها
- تؤ مش هوسع وانسي ان رجلك تخطى عتبه الباب لشهر قدام ؟!

- هتحبسنى ولا ايييه ! مش انا اللي هياكل معايا الجو دا .. روح اعمل الشويتين دول على حد غيرى ..
ارتسم معالم الجديه يبدو انه سيتحدث فى موضوع اهم قائلا
- الا بالحق ياوجد .. هو قميص امبارح لسه قاعد ولا ...!
ركلته بقدمها فى ركبته باغتياظ وهى تزيح ذراعه الذى التف كالبستان حول خصرها مزهرا منه ابهج انواع الورد .. تأوهه سليم قليلا وهو يبتسم معلنا رايات التحدي
- احنا فينا من كده ياوجد !

لازالت مكبتة باصفاد عشقه التى لا تريد التحرر منها ابدا: ماانت اللي قليلا ادب ... وبعدين انا عاوزه لبس زهقت من العبايه اللي لابساها دى
- وانا والله زهقت منها .. الليله الدولاب ده هيتملى خلق (هدوم) وكله على ذوق ومزاج سليمم ..
ابتسمت كطفله طاوعها والدها على كل طلباتها قائله بمرح وهى تقبل خده المكسو بذقنه الكثيفه التى داعبت ثغرها بدلال
- انت احلى سليم فى الكون كله ...

- انت هتثبتينى ولا ايه ! مش انا اللي يضحك عليا ببوسه طيارى ..
ضغطت على شفتها طوليا وهى تنظر له بعيون ضيقه حتى جعلته يذوب فى سحر ملامحها ثم انحنت سريعا لتتحرر من تحت يده راكضه كطفلة مشاغبه .. بدا الغضب يحتل ملامحه مردفا بتوعد
- هتروحى منى فين يعنى !
شرعت ان تجيبه الا ان صوت احد الخفر يهتف من خارج جنتهم .. فاردف سليم
- والنبى لو هتولع بره ماهرد ولا افتح ..
وجد بجديه: لا روح شوف حصل ايه .. احسن امك تكون تعبت تانى ..
نظر لها بغضب يود ان يلتهمها: ما طبعا جايلك على الطبطابه انت !

فتح سليم الباب متأففا: جرى ايه ياخفير الغبره انت كمان ..
- ست نورا عاوزه ست وجد عتقولها ان الست الصغيره عيانه قوى .. خليها تلحقها !
ضرب سليم بكفه على الباب وينظر لها بالداخل وهو يقطم شفته بنفاذ صبر: ااه ماهى كملتتت ... بقيتى دكتورة العيله اتفضلى ياست الدكتوره لما نشوف اخرتها معاك ..

تناولت وجد حجابها سريعا وهى تكتم ضحكها نتيجه تصرفات سليم الساذجه الذى بدا الغضب يركض فوق معالم وجهه
- وبراحتك خالص اصلا انا ماشي ومش جاى غير فى الليل .. خلى الواحد يروح يشوفله مصلحه بدل المسرح اللي احنا فيه دا ..

- اتاخرتى ليه ياجميل .. ومال وشك شاحب اكده ؟!
تقف ماجده مستنده بظهرها على سيارة ادهم الفارهه .. دافنه وجهها بين كفيها تفرط ألما وذهولا .. فى مكان خالٍ من اي بشر كل ما يحوطهم زرع وجبل عالي اقصي يمينهم .. دنى ادهم منها اكثر مردفا
- مخنوقه قوى يا ادهم مش قادره ! هو اي اللي بيحصل دا ؟!
مسك ادهم كفيها برق وهو يكمل مسرحيته: احكى على طول احنا بردك صحاب وماينفعش نخبو حاجه على بعض ..
زفر بضيق وهى تنحنى بظهرها مستنده بذراعيها علي ركبتيها كأنها تتأكد من وجودهما قائلا بياس
- اقولك ايه بس .. حاسه انى تايهه .. معقوله كل دا يحصل  ! طب ليه .. امى انا متجوزه !

طُعم جديد القته ماجده امام ادهم الذي التفت اليها بكل جوارحه قائلا
- متجوزه ! متجوزه مين .. وازاى تتجوز وابوكى اصلا معارفنش اذا كان حى ولا ميت .. ماتفهمينى ياماجده ..
انفجرت صارخه بوجع وهى تجهش ببكاء عال .. مما جذب حواس ادهم ان يحتضنها بقوة ويربت على ظهرها بمكر تعالب: اهدى متعمليش فى نفسك اكده .. مافيش حاجه مستاهله ... اهددى...

ظلت تنتفض بين ذراعيه طويلا وهى تثرثر بكلمات غير مفهومه .. ظل ادهم يستذل من احتضانها اكثر يشعر بانتشاء رهيبه يحتله بجمالها الفتان الذي يلفت انظار الاعمى .. هدأت ماجده رويدا رويدا حتى استوعبت حجم المصيبه التى بها عندما وجدت نفسها بين ذراعى غريب يفترسها بلمساته التى لم تكتشف هدفها الاساسي .. ابتعدت عنه سريعا قائله
- انا اسفه ... انا لازم امشي ..

اوقفها ادهم سريعا مستغلا الفرصه التى سنحت له ليضعها تحت حصاره ويزيل الحجاب الموضوع بعشوائيه فوق رأسها ليستمتع برؤية ما يخفيه .. شعرت بربكه غير عاديه كل ما بها يرفضها .. ولكن شيطانها الاثيم اعلن رايه التعويض .. بدلا مما فُقد .. همست بخفوت
- ادهم فى اييه .. مالك ..
انحنى ليستشق عبير شعرها بانتشاء ثم اردف بهمس: انت جميله اوى ياماجده .. ماجده انا بحبك تتجوزينى ..

صاعق كهربى اقوى من الاخر لحق بها فجمد كل ما بها حتى جعله توقف فظنت انها لا تصلح للحياه .. واصل ادهم مكيدته فلم يعضيها فرصه للاعتراض فانهال على شفتيها بقبلات همجيه خاليه من اى ذرة شفقه يتبرئ منها الحب تماما فظلت خاضعه لها رغم ما بها من الم ونفور حتى ملاتها جمله سليم الاخيره التى كانت لها اشبه بشعاع نور يتشلها من عتمه فعل ادهم الندنئ الذي اوشك على الفوز بيه
- ماجده انت متأكده انك بتحبنى !

بكل ما اوتيت من ضعف دفعت ادهم بعيدا صارخه فى وجهه وهى تزيل دموعها التى اصطحبتها منذ لمسته الاولى
- انا مش عاوزه اعرفك تانى ... ابعددددد عنىىىىىىى ... ابعدددددددد
القت ماجده جملتها وسرعان ما فرت هاربه على وجهها كضاله التى تجهل مقصدها

- هو البيبى عمره اد ايه يايسر ..
اردفت وجد جملتها وهى تفحصها باهتمام شديد .. تتلوى يسر الما فى فراشها
- 40 يوم يادوب .. اتصلوا بمحمد خليه يجي ..
نورا ربتت على كفها بحنان: هتخضيه ليه بس خليه يشوف المستشفى اللي حالها متشقلب دى احنا كلنا جمبك ..
نظرت لها وجد بأسف ثم اخفضت نظرها مره اخرى ويبدو عليها معالم الحزن
- للاسف البيبى عمره صغير اوي وماقدرش يقاوم حركتك الزياده .. متزعليش ربنا يعوض عليكى .. هبعت اجيبلك دواء هيساعدك انه ينزل بسهوله ..

انفجرت يسر باكيه وهى تقول: والله مااتحركت ياوجد .. معرفش فى ايه وكنت صاحيه الصبح كويسه خالص ... ااااه مش قادره ..
التفت اليها وجد باهتمام:طيب كلتى حاجه ملوثه !
- لااا مشربتش غير لبن الصبح ومن ساعتها وانا حاسه روحى بتتسحب منى !
نظرت وجد لنورا باستغراب فبادلتها نورا نفس النظره ولكنها اكثر دهشه .. فاردفت نورا
- مين عملك اللبن ؟!

-  دى امى الصبح جابتهالى ومن ساعتها واللي حصلى .. اتصلى بمحمد يانورا عشان خاطرى ...
تجاهلت وجد ونورا طلبها وهما يفكران بشيء يشغلهم .. فاردفت وجد قائله
- نورا فى حقنه ممكن نسحب بيها دم هنا !
نورا باستغراب لطلب وجد فكرت لبرهه: ممكن مع صفوة دي فاتحه صيدليه جوه .. هشوف واجيلك .. بس ليه !
وجد بقلق محاوله اخفاؤه: معرفش بس عاوزه اتاكد من حاجه .. اصل اللي حصل ليسر مش طبيعى !

- شايف اخر تهورك ! عاجبك تنام فى التخشيبه النهارده ..
خرج عماد واخيه من مكتب الظابط فاردف جملته متأففا .. ارتكز مجدى على عكازه وهو يمشي ببطء مردفا
- ما خلااص يااعم .. ماانت طلعت محامى عقر اهو وخرجتنى !
عماد بنفاذ صبر: كان المفروض اسيبك تتربى والله .. فين العقل والحكمه بتاعتك ... يلا اتحرك امك صدعتنى من الصبح وبكره هتتعرض على النيابه ؟!
تأفف مجدى قائلا: ودى عاوزه منى اي كمان .. مش كفايه ولا اييه !
دفعه عماد باغتياظ: انت تمشي من هنا تروح تبوس ايدين ورجلين صفوة عشان تثبت عكس كلام امها ونخلصوا ...

ضحك مجدى متأوها وهو يمشي بتثاقل: دى مش بعيد تلفقلى تهم فوق تهم امها .. المهم عندى انى اصالحها والله ماعاوزه حاجه تانى .. مكنش قصدى اقسي عليها والله
- كسرت عضم البت ومكنش قصدك ! اومال لو كان قصدكككككك .. والله تستاهل كل اللي هيحصل فيك ..
نظرت على ساعة الحائط العالقه لتعرف الساعه
- مش كفايه عاد ياحيدر وسيبنى اروح !
كانت تتغنج فى حضنه كفتاه عشرينيه تمرح بقرب حبيبها .. فضمها حيدر اليه ليقول
- لسه ماشبعتش منك ياثريا .. ماخليكى الليله كمان !

- كان على عينى والله .. عندى حاجات مهمه لحد ما نتجمعوا العمر كله سوا ياضي عينى ..
نفث دخان سيجارته الذي انعقد فوقهم كسحابه سوداء قائلا
- ناويه على اييه !
ثريا بمكر: ناوي اقلبهم على بعضهم شكل سكة الدم مش هتاكل معاهم ..
اعتدل حيدر باهتتمام وهو يتحرك نحو الطاوله ليرتشف كأس من الخمر قائلا
- كيييف احكيلى ؟!
- امبارح عملت بلاغ للكل** ولد عفاف عشان يتربى .. والليله هوقع سليم ومحمد فى بعضهم .. اما عماد ده امره سهل ..

حيدر بفضول وهو يتجرع الكأس الاخر: ناويه على ايه رسينى عشان عاوزين خطه متخرش الميه .. العيله دى عمرها بقى محدود !
وثبت قائمه لتقترب منه وتحتضن ذراعه مترشفه كأس اخر
-  هقلبك الترابيزه عليهم .. وانت بقي قوم بالباقى لحد مانوصلوا للى عاوزينه ...
حيدر باهتمام: دانت تيجى تفهمينى بقي .. شكل الموضوع معشش جوه راسك ..

تجلس عفاف على دكه خشبيه امام القصر منتظر قدوم ابنتها تستمع للقران الكريم فى اذاعه الراديو بصوت ماهر العقيلى الذى اخضع جوارها اليه .. وصلت مجدى وهى تجر ماتبقي من روحها بتثاقل .. حتى توقفت امام عفاف بانكسار دون ان تتحدث وفى نفس اللحظه اخترق اذانها صوت الشيخ قائلا
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8]
ارتعد كل ساكن بجوفها .. اخترقها كالسهم نداء ربها اليها يحثها على التوبه والتقرب اليه .. شعرت ببروده شديده بجسدها احتلتها بدأت تشعر بثقل جفون عينيها وصوت ما يهمس بداخلها ويجذبها الي سجادة الصلاه .. فركضت سريعا للداخل كأنها وجدت ملاذها روحهها الذى تغيبت عنه كثيرا

انتهت وجد من اخذ عينة دم من يسر ثم نظرت لنورا قائله
- انا هنزل ادى حد من الخفر يروح المعمل يديهم اسم التحليل والعينه وانت خليكى جمبها ..
نورا بأمتنان: تعبناكى ياوجد انت من الضهر هنا معلش استحملينا ..
ابتسمت لها وجد بحب: احنا عيلة واحده يانورا متقوليش كده .. هسيبكم انا واى حاجه نادلى هى بقيت كويسه والبيبى هينزل لوحده يومين بس وهتبقي عال يايسر متقوليش .. هشوف سليم فين وبالليل هاجى اطمن عليها هى وصفوة ..

مسكت وجد عينه الدم والورقه التى بها اسم التحليل وتركت مجلسهم .. التفت نورا الي يسر قائله
- باين عليها طيبه قوى واحنا ظالمينها ..
يسر بعدم تصديق: دى حركات حربايه بتتلون على كل لون مكان شويه .. متاكلش معاك ..
نورا بدهشه: انت اتجننتى ! دى البت ضهرها وقف من وقفتها جمبك انت واختك من امبارح وهى مش مجبره خالص على كل ده على فكرة .. انت مالك اتغيرتى ليه..
تأوهت يسر قليلا ثم بسطت جسدها بتثاقل مردفه باختناق: طيب ياختى وسعى عاوزه انام مش قادره .. واوعى اسمعك تقولى كلامك العبيط ده قدام ماجده اختك .. اقفلى النور وراك !

نادت وجد على احد الخفر .. فركض نحوها احدهما قائلا
- تحت امرك يااست هااانم .. اومرينى !
- عاوزاك تروح المعمل اللي عند المستشفى وتديهم الورقه دي وعينه الدم دى وتطلب منهم التحليل فى اسرع وقت ... فاهمنى !
تناول الخفير ما بيدها بطاعه قائلا: مفهوم ياست هانم اى اوامر تانى ؟!
وجد بابتسامه شكر: متشكره .. هتعبك معلش ... اااه وتشوف التحليل هيطلع امتى وتروح تجيبه وتدهونى على طول
- مفهوم سعتكككك .. بعد اذنك ..

انصرف الخفير سريعا واستدارت وجد بجسدها نحو المنزل فخطر فى بالها ان تطئن على حال عفاف ولكنها خشيت ان تسُم بدنها كعادتها .. فواكبت السير نحو منزلها الا ان اتاها صوت السائق من الخلف
- ياست وجد ..
لفت لمصدر النداء باستغراب: فى حاجه ..
رجل يرتدي زي صعيدي وشال صوت فى منتصف الثلاثين جاهرا
- سليم بيه باعتلك الحاجات اللي فى العربيه .. وموصينى اديكى الكيس ده فى يدك وباقى الحاجات هسبقك وادخلها جوه .. اتفضلى ..

مسكت ما بيده باندهاش اذا بكيس فخم متوسط الحجم ثقيل بعض الشيء .. شرعت لتتفحص محتواه ولكن رساله سليم سبقت
 طبعا مش محتاج اقولك هتعملى ايه .. الساعه 7 هكون عندك .. طالبلك عشا معتبر هيوصلك 6ونص
تحول حالها وتلونت ملامحها بالوان الحب المبهجه وكل ما بها يبتسم ويزهر ويرفرف فوق سحب الحب .. فكل مره تيأس من عالمها تجد الامل عنده .. كان قادرا على انتزاعها من اشواك الحزن ببراعه وبرائحه المسك التى تطوقها .. فاقت من شرودها على صوت السائق
- انا وصلت عند الباب جنابك .. اى اوامر تانيه !
وجد بعرفان: هااااا لا متشكره ..

فى تلك اللحظه دخلت ثريا القصر حيث تجلس فى المقعد الخلفى .. فهدات سرعه السياره تدريجيا فامرت السائق ان يتوقف امام ما تقف وجد التى اصابت بشئ من الحنقه قائله فى سرها
- والله ما ناقصه عكننتك
دلفت ثريا من سيارتها وهى ترمقها بغضب قائله
- شايفه رجلك خدت على المكان ولا كأنك فى بيت اللي خلفوكى ياوجد ..
ابتسمت ببرود وهى تخفى ما بيدها خلف ظهرها قائله
- بس دا مش بيت اللي خلفونى لو مش واخده بالك .. دا بيتى ... ايوه بيت جوزى هو بيتى ولا عندك راي تانى !

- والله وقامتلك قومه يابت كوثر .. عموما اتقى شري
وجد بنفس الابتسامه: هو في مشكله مابينا انا مش واخده بالى منها حضرتك ..
- ايوه ايوه اتلونى كيف الحربايه واتمسكن .. بس عاوز اقولك انك مش مطوله فيها ... وحاجه اخيره ابعدى عن بناتى مش عاوزه لسانك يخاطب لسانهم ...
اصرت وجد ان تثير غضبها وتظهر امامها قويه كى تخشاها قائله
- والله انا بكون فى حضن جوزى وبناتك اللي بينادونى .. عموما اللي تأمري به عن اذنك عشان مش فاضيه ...
ثم تركتها فى بركان شرها الذي يتوق حتى اوشك على الانفجااار فاردفت وهو تشكل كفها كقمع
- طيب يابت كوثر .. ياويلك من اللي هتشوفيه منى !

رفعت ماجده رأسها بعد سجدة استمرت طوويلا وهى تروى الارض بمياه دموعها رافعه يديها للسماء واجهشت بالبكاء قائله
- انا اسفه .. انا اللي كنت بعيده عنك للدرجه اللي تخلينى استاهل كل اللي بيجرالى .. يارب انا مش عاوزه اي حاجه من دنيتى غير انك تسامحنى ووتقبلنى عندك من التوابين .. انا واحده حياتها كلها بتجرى ورا حاجه مش ليها .. برمى نفسي فى شخص مش شايفنى وكان الاولى اجيلك واسيب همومى كلها ليك .. كنت بعيده عنك للدرجه التى تخلينى استاهل كل اللي بيجرى فيا .. انا مش هعمل حاجه تزعلك من تانى بس انت سامحنى وابعد عنى كل شر ..

حتى سليم انا مابقتش عاوزاه خلاص اسعده مع الانسانه اللي اختارها يارب وعوض قلبى .. انا عارفه ان عوضك اغنى واغلى من الدنيا كلها .. انا واقفه على بابك ومستنيه عفوك .. ارحمنى وارحم قلبى عشان انا حاليا بقيت وحيده معنديش حد اشكيله غيرك .. ولا حبيب اتسند عليه ولا ام تطيب همى .. انا تعبانه قوووى نفسي اصرخ يمكن حد يحس بيا بس حتى دي كمان محدش هيسمعها غيرك .. انا اسفه يارب .. انا مش هبعد قلبي عنك تانى انا جيتلك بيه عشان تراضيه
اجهشت اكتر بالبكاء وهى تمسح دموعها لتواصل دعائها
- من النهارده هفوق لنفسى وهشتغل وبس .. حياتى كلها هتكون ليك ولشغلى اللي هيصبرنى لحد ما جى عندك لانك احن عليا من جبروت الدنيا اللي كلها طمع وصراع دي .. انا كرهتها وعاوزه اجيلك بأسرع وقت...

- وانت كمان ليك عين ترفعها فى وشي ..
اردفت ثريا جملتها وهى تقتحم القصر وخصيصا مجلس مجدى وامه .. فجهر مجدى قائلا
- ما عاش ولا كان اللي يكسر عينى .. وبعدين مالك يامراة عمى شاده حيلك علينا لييييييه ؟!
اقترب ثريا منهم لتقف مستنده على مقعد الانتريه الفخم قائله باغتياظ
- شوف شوف ماتقوم تضربنى احسن ياولد عفاف ..
عفاف باختناق: وده بدل ما جايه تتخانقى مع مجدى روحى شوفى بتك اللي سقطت وعتموت فوق مش ياختى خارجه وراجعانا قرب العشا !
اقتحم محمد مجلسهم انذاك وهو يستمع لاخر جمله اردفتها امه بذهول
- انت عتقولى اي ياما ... مين دي اللي سقطت !

التفتوا جميعا لمصدر صوت محمد الذي يرتدي ثوب الارهاق .. فركضت عفاف نحوه لتربت على كتفه
- ربنا يعوضك خير ياحبيبي
لازال محمد تحد سطو ذهوله: انتوا عتقولوا ايه .. مرتى فينها وكيف وامتى دا حصل !
عفاف بحزن: فوق فى شقة اخوك ياولدى .. روحلها طيب بخاطرها دي ياحبة عينى دمعتها مانشفتش ...
ركض محمد سريعا خارج القصر وهو يأكل خطاوى الارض حزنا .. فى حين لاحظ مجدى عدم تأثر ملامح ثريا لخبر ابنتها كأنها حقيقه على علم باثارها .. فادرفت
- من ساعه من وش الشوم مراة ولدك جات واحنا مش ملاحقين على المصايب ..

استند مجدى على عكازه جاهرا وهو يجحظ لثريا
- انا رايح اشوف مرتى يااما .. ومش عاوز حد يزعجناااا ..
جهرت ثريا قائله: رايح فين ! حد الله ماسيبك مع بتى دقيقه واحده..
مجدى بحزم: طيب لو عاوزه تشوفى وش مجدى الهواري وقت الغضب ابقي تعالى ياحماتى .. ثم صمت لبرهه يراقب شر عيناها المنعث:
- فوتك بعافيه يااما ..

وصل محمد لشقه مجدى مقتحم الغرفه الاخرى التى تقطن بها يسر متلهفا وهو يشعل اناره الغرفه صارخا بصوتها
- يسررررر ..
اعتدلت ف نومتها متذكره جيوش احزانها وهى تشكو له مر ما مرت به
- شوفت اللي حصل يامحمد .. انا اسفه ..
دنى منها كمشتاق عثر على حبيه للتو: طيب اهدى .. اهدي ..
يسر ببكاء: عاوزه اروح شقتى .. مش عاوزه اقعد هنا لوحدى تانى
نورا باستغراب وهى تقف على الباب مردفه
- والله انت واطيه بقا انا سايبه جوزى فوق لوحده وفى الاخر بتشتكى انك لوحدك ..
انحنى محمد بدون تفكير ليحمل زوجته بين يديه مغادرا شقه اخيه متجها الي شقته تحت انظار نورا التى دعت ربها
- هات العواقب سليمه يارب !

بمجرد ماانتهت من جملتها فوجئت بمجدى امامها قائلا بحزم
- اطلعى شوفى جوزك يانورا
نورا بخوف: مجدى انت هتعمل ايه تانى .. بقولك اي انا صدقت ماهديتها ونيمتها حرام عليك ..
مجدى بثبات: متقلقيش يانورا .. انا جاي اصلح اللي عملته .. مش هبوظ .. روحى شوفى جوزك ..
استسلمت نورا لطلب مجدى بقلق وهى تغادر منزله بتردد وخطوات بطيئه تخشي عاقبه تصرفها .. صعدت لاعلى نحو شقتها فوجدت المفتاح بالباب .. فتحت وكل مايشغل بالها حالة صفوة التى تركتها بمفردها .. دلفت نحو غرفتها فسمعت صوت المياه بداخل المرحاض توقف للحظه لتطرق على الباب قائله
- عماد انت جوه ..

لكنها لم تجد اى رد مما اثار دهشتها اكثر .. فعاودت الطرق مره اخرى
- عماااد ! انت هنااا ... اووووف ليكون نسي الحنفيه مفتوحه والميه قاطعه وهو كان قايلى هينزل يطمن على عمتى ...
عزمت نورا امرها على ان تفتح الباب .. اذًا بذراع تجذبها اليه بقوة والاخر يقفل باب المرحاض .. انخلع قلبها من مكانه محاوله استعياب فعله المفاجئ قائله بفزع
- انت مابتردش ليه ؟! مش تقول انك جووه !
سحبها عماد تحت المياه ليقول بنشوة حب
- ده من باب توقيع الزبون بس !

تكاد ان تفيق من صدمتها لتتفاجئ بجسده الذى تراه على حقيقته لاول مره خلف ستار ملابسه مما اثار فزعها وخوفها وارتعد قلبها من مكانه حد الانخلاع .. لم يمنح لها عماد الفرصه لتفر من بين يده فعزم على تدمير جدار الخجل بينهما بقبله طويله فقدتها وعيها .. ظل يتروى من شهد قربها حتى انهزمت كل اسلحة المنطق والعقل ورفعت رايه الحب ترفرف على قلوبها بامتلاكه لها الغير متوقع والذى دب بروحها روح جديده بنكهته التى بثها بجميع أراضي حواسها ...

صوت مفاتيحه دبت حياة اخرى تعشقها ب روحها .. سريعا لمت شعرها الطويل جنبا لترسل اخر نظرات على هيئتها بالمراة .. وتلتقط نفسا طويل وتخرج اليه كحوريات الجنه .. عدة خطاوى كانت كافيه ان تجعلتها امام عينها بفستانها الذى يبرز كل معالم انوثتها التى زلزلت كل ماهو ساكن به .. كانت ترتدى فستانا قصيرا جدا يصل منتصف فخذها باللون الاسود يجسدها مفاتين جسد ببراعه مع بعض لمسات الميك اب البسيطه قائله
- ايه رايك ...!

كانت طلتها بالنسبه له كعدة زجاجات من الخمر الذي اطاحت بعقله بعيدا
كانت طلتها بالنسبه له كعدة زجاجات من الخمر الذي اطاحت بعقله بعيدا .. خلع سليم شاله والقاه ارضا وهو هائما بكل تفصيله بها قائلا
- انا متوقعتش ان الفستان يكون حلو عليك اوى كده .. اى الحلاوة دى ياوجد خلعتى قلبى من مطرحه ..
تدللت امامه بخفه وهى تطيل النظر به قائله
- اييه هتفضل واقف مكانك كتير ..
لازال خاضعا تحت تاثير جمالها وهو يحدق النظر بها بعيون اسد يفكر من اين ينقض على فريسته فكل ما بها مغريا لتذوقه ..فاردف بشرود
- والمفروض انى اعمل ايييه ..

ضحكت بخجل من قوة نظراته اليها .. ثم اقتربت منه لتأخذ هاتفه وتشغل اغنيه رومانسيه نفس الاغنيه  وماله  لعمرو دياب ثم دارت لتضعه على الطاوله ووقفت امامه
- ايه مش هتقول لى نرقص ولا ايه ..
بلل سليم حلقه الذي جف من سحرها الذى خطف كل ما به اليه .. فبسط لها كفه بحب .. لمست كفه باناملها اولا حتى التهمه بنفس القوة التى ادخلها بها حضنه .. شرع الاثنين يتمايلان على كلمات الاغنيه وهما يذوبون فى بعضهما عشقا .. تركوا زمام الامر لاعينه تبوح عما تتريده القلوب .. لم يتحمل سليم مقاومة سحرها اكثر فأنحنى على عنقه يستنشق رائحه تاركا فوقه بعض لمسات عشقه وهو يحضنه اكثر فأكثر .. كان هناك صوت ينبع بداخلها.

ظلتت امرر انامله فوق ساحه جسده كأى اثبت لقلبى بأن قربه لم يعد وهما .. لاول مره اتذوق حلاوة اتنصار عجيب بعد اعوام من الركض ,, لاول مره اعى معنى بأن منطق الحب كالبحر كلاهما بلا منطق ..
ابتعدت عنه بعنوفان كجفنا العين اللذين لا يريدون الافتراق .. ممرره اناملها على ملامح وجهه التى تري بها ملاذها الوحيد الذي ينثر غرائر اللذه والسعاده بها .. مردفه بغزل
- انت قمر اوى النهارده على فكره ..
اسكت ثغره بقبله خفيفه ثم اردف بوله.

- مش مسموح لحد يتغزل النهارده غيري فى القمر اللي خطفته من السما واسرته لنفسي .. اقولك سر !
اصدرت انينا هادئا منتظره منه ان يواصل حديثه باهتمام شديد وكأنه لصوته عطر خاص .. ظل ينظر بعينها التى تفيض بالحب وتقضي على اسلحة قوته فبعض النساء لديها سطو قوى على انخلاع قلب الرجل من مكانه  ومحو كل ما مر بعمره ما احزان .. مردفا
- انا مكنتش احلم بيكى غير وانت فى حضنى .. ما طبيعى الواحد مايحلمش غير بمكانه اللى اتخلق عشانه ..
ذابت فى سحر كلماته كما يذوب الملح فى الماء او بالاصح اذابها سحر كلماته قائله بحنان
- سليم .. انا رميت العالم كله ورا ضهرى وجيتلك عشان ابقي معاك .. ولما لقيت معاك حياة ولذه انا محستهاش غير فى حضنك مستعده اقوم بدل الحرب عشره عشان مابعدش عنك ..

ثم تشبث بجلبابه اكثر: سليم انا بحبك وكل حاجه جوايا بتحبك ..
فاق من غيبوبته التى كانت سببها عيون امراه وقرب امراه وعشق امراه .. تذكرت كل غدده الصماء وظيفتها لتحطيم اسوار شوقه ..فعانقها بلهفه شديده حتى يكاد ان دقه قلبها اصبحت واحده كأنها تصدر من قلب واحد ..
انتهى عمرو دياب من غناؤه ولم تنه مشاعر الشوق بينهما .. بل اشتعلت اكثر .. همست وجد
- مش هتاكل ..
- فى حاجات اهم من الاكل
كانت اخر جمله تلفظ بها قبل ما ينحنى ويحملها على ذراعيه .. اطالت النظر بعينه طويلا وهى تتحسس ملامحه على تود ان تطبع على كل جزء منها قبلة سلام .. فضحكة مردفه وهو يتجه بها الي جنتهم
- مجنون !

- واللي يعرفك هيشوف عقل منين بس ..
وصل بها حيث مخدعه ليضعها برفق وهو يروى عيناه مما ظهر من معالمها التى يزهر منها الورد .. بااسطا جسده بجوارها قائلا بتنهيده عناء
- واخيررررا ..
ارتفعت دقات قلبها اكثر وهى تخضع لكل تصرفاته العذبه .. بينما عنه غاص فى سحرها كالطفل الصغير الذي نسي ان يكبر من فرط حنانها التى استقبلته به ..
يقترب منها كى يطفى شيء متوهج به غير مدرك بان قربها يشعل كل ما به طالبا المزيد من مياه حبها...

- والله يامحمد مااعرف ده حصل ازاى !فجاة لقيتنى فى حاله غير الحال
اردفت يسر جملتها وهى تجهش بالبكاء وتدفث راسها فى صدره .. فضمها محمد اليه
- الحمد لله على كل حال .. ملناش نصيب ..
- يعني خلاص على كده يامحمد .. مش هابقي ماما .. دانا كنت بعد فى الساعات واقول امتى امسكه
- خلاص يايسر .. ربنا يعوضنا انا واثق فى كرمه .. اهدى بس ..
- مش قادره يامحمد والله .. حاسه انى عاوزه اصرخ وكل حاجه جوايا بتوجعنى
- تعبانه تروحى مستشفى ! طمنينى عنك
- لا يامحمد انا عاوزاك جمبى بس ..
ضمها محمد اليه بين احضانه بعد ما اغلق اناره الغرفه لنيمها على ذراعه كطفلته الصغيره

- انا بقولك اطلع برررره مش طيقااااك يااخى ..
كل ما بها يؤلم كل ما بها ينفره ويصرخ باختفائه من امامها .. فزعت صفوة بجملتها عندما لمحته امامها يستند على عكازه ويجلس بجوارها
- صفوة ممكن نتكلم !
رردت ساخره
- اااه تلاقيك خايف تروح ف سين وجيم .. انسي يامجدى .. اول حاجه هعملها بكره هروح النيابه واثبت حاله .. وورينى هتطلع منها ازاى .. فما تحاوليش ترغى فى حوار خلصان .. لازم اشفى غليلى منك ومن اللي عملته .. منك لله ..

لم يتحمل حدة كلامها اكثر .. اغمض عينيه بوجع قائلا
- صفوة اسمعينى .. انا جاى اتكلم معاكى ونوصل لحل .. والاهم انك تسامحينى .. انا ظلمتك ووعد منى حقك هيرجعلك وزياده ..
اردفت بغل: حقى مش هاخدو غير منك يامجدى .. والموضوع منتهى ..
- منا معذور بردو ياصفوه
- دا عذر اقبح من ذنب ...
- طيب سيبك من كل حاجه وقوليلى الحيوان ده بيبتزك ليييه !
- وانا اش عرفنى .. وبعدين مالكش دعوة !

جز على اسنانه هاتفا
- ياصفوووة انجزى .. محدش هيجيبلك حقك من الزفت دا غيررى ..
صرخت بمراره وهى تتذكر توحشه الذى افتتك بها .. فصورته المريبه لم تفارق مخيلتها حتى الان فصرخت تلك المره قائله
- طلقنى يامجدى ...
نهرها قائلا: مش هطلق ياصفوة انسي ..
- يبقي هحبسك يامجدى .. وهخلعك وخليك راكب دماغك ..
- هو دا اخر ما عندك ..

فرت دمعه من طرف عينها: يااخى مش طايقاااك .. انت مابتحسش .. شوف يامجدى طلقنى بسكات ومن غير شوشره ومن بكره هسحب المحضر .. يااما هسجنك وهخلعك .. خليك جدع واحسن صورتك ولو بموقف واحد يااخى ..
اخفض مجدى نظره لبرهه محاولا كبت غضبه ثم اطرق قائلا
- هو دا اللي هيريحك ! تمام ! انت طالق ياصفوة..
نجوت من بحور الوجع بأعجوبه مستقليه سفينة الهواء ولم يع قلبي حينها  اذا اتبع الانسان هواه هوى  وانا هويت بكلى فوق قمة صخره فأطاحت بروحى بعيدا حتى اننى لم أجدها حتى الان.. - نهال مصطفى

- انت طالق ياصفوة ..
اخر جملة اردفها مجدى بعد حديثه مع صفوة التى اصابتها فى مقتل .. فهى لم تدرك انه يسنفذ مرادها بهذه السهوله .. كانت تنتظر منه ان يقاومها ويطيح بعاندها ارضا .. ارادت ان يكرر فعله الشنيع مره اخرى اهون من نطق كلمه من 4 حروف .. انسكبت دمعه من عينيها اثر لَجمته التى قصدت قلبها تحديدا مردفه بيأس وكبرياء مصطنع
- طلعت عاقل وفكرت ف مصلحتك ..

لُطخ وجهه بنيران الغضب المكبوته قائلا
- فكرك طاوعتك عشان عرضك المغري وانى خايف اتحبس ! لا ياصفوة انا طلقتك عشان غلطت وظلمتك وقسيت عليك ولازم اتعاقب زيي زيك بالظبط ويمكن اضعاف .. وعقابى هو بعدى عنك .. بعدى عن الانسانه اللي اتمنيتها من اول ماشوفتها وقلبها بعت رساله للسما وقال  يارب هى
ثم استند على عكازه بصعوبه ليقف امامها.

- مكنتش اتمنى خالص ان علاقتك توصل للحاله دى .. ياعالم القدر كاتبلنا ايه .. انا همشي نازل مصر وهجيبلك حقك تالت ومتلت من الكلب دا .. عشان يابت عمى اللي يرشك بالميه هرشه بالدم .. من النهارده انت حره وانا ماليش كلمه عليك .. ومش هطلب منك كمان تساميحنى لانى مستاهلش .. عاوزك تخلى بالك من نفسك ومتتردديش انك تلجأي لى فى محنتك .. مممم احممم مااحنا ولاد عم بردو ... هاخد حاجاتى وماشي .. اشوف وشك بخير ...

كل كلمه والاخرى كانت تخرط عينيها المًا .. كان بداخلها صوت يستغيث من جبروتها الذى اسر حنينها له بعيدا عن قلبها محكما الغلق حتى لا تتسرب قطراته من اي جزء فينكشف امرها ... ظلت ترمقه بنظرات نادمه وثغر انغلق على لسانها حتى لم تستطع ان توقفه وتناديه طالبه نظره وداع اخيره .. اليس من حقنا ان نلتقى قبل ان نفترق ولو لمره واحده التقط بها صورة فوتوغرافيه لملامحك التى تمنحى الحياه ..

وصل مجدى اعتاب الغرفه التى تقطن بها وهو يتحرك بخطوات سلحفيه فلم يقاوم قلبه ان يقف لبرهه ويلتفت اليها مشيعا اخر نظرات الوداع .. تجاهله كبرياء صفوه فدارت وبسطت جسدها بعيدا عنه خافيه وجهه بالوساده كى لا تضعف امامه فينهار ما تبقي من كرامتها ..
تلعثمت الكلمات بحلق مجدى فالقى على قلبها كلمه اخيرة قائلا بيأس
- صفووة .. انا بحبك
ثم تركها وترك بداخلها كلمه فجرت براكين اوجاعها التى لم تكف لوهله عن التأكل بجوفها .. ظل بكاؤها مكتوم حتى ضمنت خروجه من المنزل بمجرد قفل الباب .. فاجهشت ببكاء اشبه بالصراخ وهى تفيض قهرا

 صباحًا
 لا تزهر الارض الا اذا بكت السماء  من اروع الجُمل التى تبث الطمأنينه بجوفى كلما اشتد جفاف اليأس .. فمهما بلغت من ركض لابد اننى سأصل لموطنى مهما استغرقت من اعوام .. ومهما نشبت حروب فلابد من رايه سلام ترفرف على اراضيها يوما ما ..
ورده حمراء تتدلل على ملامح وجهها فتقبع اثار العطر فوقه .. استنشقت عبيرها بنوم عميق لترسم ابتسامه خفيفه قبل ان تغوص مره اخرى فى نومها يبدو ان ليلتها كانت شاقه مليئه بالارهاق الذى يجعلها تنام لايامٍ .. اقتضبت ملامح سليم بيأس قائلا
- لا وحياة امك انا مش جايبك هنا تنامى ... ! قومى لسه مشبعتش منك ...

صدرت وجد صوت مفعم بالنوم لتهذى قائله
- اقفل النور والنبى ياسليم !
وضع ذراعه فوق الوساده التى تنام عليها وظل يداعب شعرها بلطفٍ وبكفه الاخر يمرر الورده على معالمها هامسًا
- نقول صباحيه مباركه يااحلى عروسه شافها قلب سليم .. طيب بذمتك ينفع تسيبينى صاحى لوحدى كده .. ماتخلى عند دم وتقومى !
اتسعت ابتسامتها فتنحنحت بخفوت اثر النوم محاوله استجماع صوتها وترفع عيناها ببطء لتراه امامها .. بعد اعوام من الركض وصلت للنهايه وهى عيناه الاتى تستيقظ عليهما دائما .. فاردفت بحب
- صباح الحب ياحبيبي ..

انحنى ليضع قبلتين كل منهما فوق عينها كأنه اراد ان يتذوق شهدهم قائلا
- طيب بذمتك مش احلى صباح .. يلا قومى دانا محضرلك فطار بنفسي ..
- ياسيدى على الدلع .. اتعود طيب !
لم يكف عن مداعبه شعرها مردفا بحب
- هما اول اسبوع بس زي مابيقولوا وبعدين هرجع لجو سي السيد وامينه ..
انقلبت على جنبها الايمن الذى يؤدى الي مرمى انظارها مردفه بمزاح
- طيب اكدب علييييا !
ضحك بمرح وهو يتأملها باعجاب كأنها كل انتصارته مردفا
- حلمتى بيا ..

اجابت بتلقائيه: تؤؤ محلمتش ..
عقد سليم حاجبيه بامتعاض مصطنع: طيب اكدبى عليا ..!
تعمدت ان تحتضن كفه لتطبع عليه قبله طويله مردفه
- اللي بيحلم دا بيكون ناسي ف قلبه بيفكره بحبيبه .. اما انا مابنساش لانك معايا وفى بالى وفى قلبى ومع كل اغنيه بشوفك انت ..
مرر انامله على ملامح وجهها بلطف قائلا
- شكلك كان حلو اوى امبارح لما جيت اترميتى فى حضنى ونمتى .. كنت بتفرج عليكى وبحفظ ملامحك المرة ده بقلبى .. انا معاك نسيت كل الحروب اللى قومتها عشانك.

نظرت فى عيناه بنشوة حب تغمرها
- عارف ياسليم احلى حاجه فيك ايه .. عمرك ما فرضت عليا ابقي راجل ومدلعش واحارب كل الهجمات لوحدى .. عمرك ماقولت لى متتكلميش مع دا ومتبصيش على دا ولا البسي ايه ولا متلبسيش ايه .. اسمح لى اعترفلك انك غرقتنى فيك بذكاء .. كنت دايما تملأنى بيك وتسيبنى اواجه بشاعه العالم لوحدى مع انى وقتها كنت اشوفه جنه .. كل مره كنا نتقابل فيها كنت بحرافيه قادر تخرج كل الحب والشوق من جوايا شكلتينى على ايدك لحد مابقينا واحد وفى نفس الوقت حافظت على شخصيتى وكرامتى وقويتنى .. انا اول مره احس انى مطمنه امبارح ..

قبل اناملها بحب وهو يستمع لها باهتمام فواصلت حديثها بعدما تلون وجهها بدماء الخجل قائله
- عارفه ان علاقتنا كان فيها تجاوزات كتير قبل الجواز وللاسف مكنتش بتحكم فى نفسى انى استغل اى لحظه اقابلك فيها .. بس كل ده مايساوش شعور ذره واحده ولمسه واحده منك فى حلال ربنا يانور قلبى .. حسيت انى ملكت الدنيا كلها .. حسيت انى لاول مره احس انى عايشه ياسليم .. انا معاك حسيت بحاجات كتير مش عارفه اوصفها غير انى كنت طايره ..
ضمها الي صدره بحب وهو يداعب كتفها باصابعه قائلا
- ماكنش ينفع تكونى لحد غيري .. وعشانك مستعد احارب جيش كامل لوحدى ..

- وانا مش هسيبك تحارب عشانى .. انت هتحارب بيا لانى هكونلك جيشك الوحيد ياسليم ..
ظلت فى حضنه طويلا فى صمت تام لم يتغتصبه الا الحان قلوبهم المتوهجه بالحب .. سالته بفضول
- هى الساعه كام دلوقت ..
- دلوقت ياستى 6 بالظبط ... ويلا قومى نفطر عشان انا نسيت اصلا انى محضر اكل بره ولا تحبى اجيبه هنا !
ابتسمت بمرح وهى تنهض: لا هنقوم يلا ...
اعتدلت وجد كى تنهض من مكانها وبمجرد كشف الغطاء ماترتديه اشتعلت نيران حبه اكثر ليجذبها بقوة اليه كانه للتو تذكر اهم مهامه وهى الارتواء منها حد التشبع ...

تقف فى المطبخ تعد قهوتهما مع صوت فيروز الذي يزهر اى صباح مع مقططفات سريعه تمر على ذكرياتها من ليله امس .. استندت على منضده المطبخ بثغر باسم مردفه بنبره لوم
- ماكانش ينفع خالص يانورا تتصرفى كده .. دلوقت يقول عليا اييه ! ولا اودى وشى منه فين !
فاقت على رائحه القهوة التى فارت وانسكبت على البوتجاز فضربت الارض بقدميها باغتياظ
- اووووووف ياربي .. كده هعمل غيرها ..!

انشغلت فى اعتداد القهوة من جديد شارده مع كلمات فيروز العذبه ففوجئت به يحتضنها قائلا
- هو مش المفروض انا اللي احضر القهوة دي والفطار كمان ومعاليك تقعدى ملكه والاكل يجيلك لحد عندك !
كان يحدثها كالسكران فى كأس حبها يحارب الم الحب ولوعة الغرام باحتضانه لها .. انتفضت نورا لهجومه المفاجئ واكتسي وجهها بستار الخجل اكثر مردده بارتباك
- عماد ! انت صحيت امتى !

كان يقف خلفها بصدر عارٍ لا يرتدى الا بنطال فضفاض ويطوقها بعضلات جسمه البارزه التى رجت كل ساكن بها .. فاكمل عماد بنفس النبره
- زعلانه انى صحيت ولا زعلانه انى اتاخرت عليك !
- اححممم هااا .. لا ابدًا بس اصلو .. بص يعني ماينفعش وقفتنا كده .. هجيب القهوة واجيلك ..
- انت ايدك ساقعه كده لييه !
ثم ابتعد عنها قليلا ليديرها نحوه قائلا بتساؤل
- نورا انت لسه بتتكسفى منى !
شعرت بقلبها يضرب بجدار صدرها اكثر فاطرقت بخجل مردفه
- عماد لو سمحت !

ابتسم بحيره ثم اراد ان ينزع ستار الخجل: مع انك كنتى واحده تانيه خالص امبارح !
دفعته بكل مااوتيت من صدمه نتيجه جراءه كلماته قائله: عماد لو سمحت انا ..
مسك ذقنها بلطف وهو يرفع وجهها اليه:
- انا اللى عاوزك تبصيلى وتملى قلبك منى لحد ما نبقى واحد ومش عاوز اشوف الخجل دا تانى !

ظلت ترمقه بعيون متأرجحه مغريه بأن ينحنى عليها ويتذوق شهدهما وبالفعل لم يقاوم غرائزه الاداميه ليقبل عيناها ... مندلفا الى اسفل قصده ومقصده الاهم فشرع ان يلتقط انفاسها الا ان انتفضت على صوت فوران القهوه مره اخرى بفزع وهى تلف صوب الماقود
- اووووووف دى فارت تانى ..! ياربى ...
يد عماد سبقت يدها فى قفل النار وبيده الاخرى حملها بين ذراعيه قائلا
- قهوة ايه دلوقتى ! مش وقتها خالص ...

- اى رايك مش فطار احلى من الشيف بوراك بتاعكم دا !
اردف سليم جملته وهو يطعمها بيده التى لم تتركها قبل ما تضع قبله سريعه عليها .. مردفه بمزاح
- طبعا وهو بوراك بردو هيعرف يعمل بيض ولا يخرج جبنه ولانشون من التلاجه زي ماانت عملت ! متحطش نفسك فى المقارنات دى يابيبي ..
- مش بتتريقي صح ..؟

- طبعا مقدرش .. دانت حبيبي ..
اوقفها اامامه سريعا وهو يردف
- يلا البسي الفستان الابيض اللي جبتهولك وتعالى نتمشي فالجنينه ..
وقفت امامه للحظه ثم ابتسمت بمرح قائله
- حااضر بسرررعه ..

 بعد عدة دقائق
زاح سليم ستائر الغرفه وفتح الزجاج ليخرجا معا الى الحديقه الخلفيه .. كانت ترتدى فستانا طويلا قطنيا بالون الابيض يجسد جسدها من اعلى وفضفاض حتى قدمها مع انساب شعرها الاشبه بستار سوداء ملقيه خلف ظهرها .. وقفت متشبثه بكفه
- سليم متأكد محدش هيشوفنا هنا !
وضع كفه على عنقها بلطف قائلًا
- ياباشا دانا قايلهم اللي هيجي هنا هضرب بالنار .. عيب عليك ..
بدا يتمشيان فى الحديقه وهو يحتضنها بحب مردفا
- عارفه ياوجد .. انا بعشق اسمك قوى ولو مكنش اسمك وجد كنت هناديكى وجد بردو ..

ردت ممازحه: ياااسلام .. اشمعنا بقى ..
- وجد جاى من الاحساس بالحب والوجدان والوله .. وجد يعني شامل كل معانى الحب اللي لقيتها فى عيونك ..
وجد بحب: وانا محبتش اسمى غير لما سمعتك بتنادينى بيه ..
ثم واصلوا سيرهم مره اخرى فاردف سليم بمزاح قائلا
- فى نقطه تتحسبلك على فكره !
- ايه هى دي !

- لما كنا فى اسكندريه وسالتينى على علاقتى بماجده والغريب انك صدقتى بسهوله ردى .. فاكره قولتيلى ايه ..
اطرقت بخجل وهى تومئ بالايجاب مردفه بمزاح: وافتكر ان دا كان خير دليل ليلة امبارح !
اوقفها فجاه مع تبدل معالم وجهه بامتعاض
- خدى هنا .. قصدك ايه يابت انت !
انفجرت ضاحكه: ماقصديش ياااعم والله .. بس كله بيبان يعني منا مقعدتش ارش كنافه 7 سنين طب ياسليم !

نظر لها بعيون ضيقه وعدم تصديق: اهو الطب دا اللى خرب نفوخك ياوجد ...  !
انفجرت ضحكه محاوله تغير الموضوع عندما مسكت الشال من فوق كتفيها قائله
- يلا هنلعب وسيبك من الكلام دا ... هغمض عينيك وانت ابقي امسكنى ..
وضعت الشال على عينيه وربطته جيدا وشرعت فى مداعبيته والنداء عليه مع اصوات ضحكاتها التى تكسو ارجاء البيت ...
 من ناحيه اخري
انتهى مجدى من جمع اغراضه ووضعهم السائق فى السياره بينما لحق بيه مستندا على عكازه نحو السياره .. فكانت صفوة تراقبه من اعلى بقلب ينشطر لنصفين .. شيء ما جذب انظاره لشقته فسرعان ما اختبئت خلف الحائط ولكن ضلها كشفته اشعة الشمس التى لم تغفل عن نيران الحب .. ابتسامة امل اخرى شقت جوفه ثم تابع صعوده السياره واخرج هاتفه ليكتب رساله لعماد
انا نزلت مصر وصفوة هتنفى كل اتهامات امها النهارده وانهى الموضوع دا ياعماد.

انخرطت دمعه من عيني صفوة التى تراقب سير سيارته مغادره القصر وكل ما بجوفها يرتعد .. شعرت بفراغ احتل قلبها فجاه لمجرد غيابه .. فهناك همًا استوطن جسدها وقلبها غير بصمات غضبه التى يشهد بها كل عضو بجسدها فأصيبت بلعنه اخرى مميته وهى الغياب ..
مسكت قلبها بكف مرتجفه وهى تجهش بالبكاء وتعاتب حالها بينما يصرخ من جوفها صوت اخر شيطانى
- لا هو يستاهل هو اللي عمل فينا كده ..

سقطت عيناها على وجد وسليم اللذين يمرحان بالحديقه الخلفيه .. فشيء من الفضول ارغمها على ان تراقبهم من اعلى وشيء اخر من الالم يعتصر قلبها .. كانت ترى فى مرح سليم ووجد لذه حب عجيبه هزت قلبها فهو دائما ما يتعمد ان يلمسها ليزرع فى اراضيها ورد او بمعنى اخر يريد انى يروى اراضيه بمياه قربها ..
عند وجد وسليم الذي ازال الغمامه من عينه بعدما فشل فى الامساك بها .. قائلا
- يلا دورك ياابطه .. دوختينى !

وضع الشال على عينها وتعمد ان يسحبها الى مقصده .. فوقف امامها ينادى عليها
- هاا ييلاا امسكينى انا قدامك على طول ..
تتحسس الهواء كى تمسك به ولكن دون جدوى .. تعمد سليم ان يرشدها الى خريطه مقصده بمكر عشاق
- خطوتين كمان .. شمااال بقي
- سليييم متهزرش ااحنا فين .. يوووه انا تعبت؟!

- ف الجنينه والله بس يلا خليكى مكمله زي مااانت ..
جعلها سليم تواصل سيرها الى ان وصلا خلف شجره كبيره تخفيهم عن انظار الجميع ..فجذبها من خصرها اليه بعنف جعلها تفزع صارخه فالتهم صرختها بقبله سريعه قائلا بهمس
- هتفضحينا اسككتى ..
- طيب حوش اللي على عينى دا الاول ..
استند سليم على الشحره بضهره وهو يجذبها اليه بحب قائلا
- تو دي مش هتتشال .. وقعتى ف فخك يادودو ..

- طيب انت مكتف ايديا ليييه .. افهم بس
اجابها بمكر: عاوز العب معاكى لعبه جديده
- وانا وكده ياسليم !
- هى ماتنفعش الا وانت كده ياوجد .. اسكتى بقى ..
صمتت منتظره رده ولكنه تلك المره لم يتحدث ..  فكل ما فعله يمرر انامله بخفه على وجهها قائلا بهمس
- ينفع تسيبى نفسك خالص !
- طيب احنا فين طيب ..فى الجنينه لسه صح ..!

زاح شعرها جنبا ليرى رقبتها فارغه فتعمد ان يمرر انفاسه فوقها بحب يلتهمها من الداخل .. بللت حلقها بعناء
- سليم ... ايييه ! ناوى على ايه طيب
واصل سليم حملة جيوشه المدججه بنيران الحب فوقها هامسا
- بيقولوا ان للظلام مذاق خاص فى انتشاء الروح .. حابب اطبق النظريه ..
- سليم ماتتجننش
ظل يداعبها بحب تارة يقترب منها حتى الارتواء وتاره اخري يبتعد ليتركها تبحث عنها .. وبعد تكراره لفعله عدة مرات ترك يدها اخيرا بعد ما اخضع جوارحها اليه فقط .. لم تلتفت لتزيل عتمتها ولكنها كانت تلتفت لاناره روحها بقربه تلتفت لتبحث عنه فكل ما بها ينادى عليه .. اردف سليم
- انا سبت ايدك على فكره تقدري تشيلى اللى عليها ..

تنهدت بحب مردفه:
-  تؤ انت اللي هتشيلنى وتاخدنى لعالمك اللي ادمنته ياسيلم ...
ظلت صفوة تتابعهم من اعلى وكل ما بها يحترق .. كل مابها يحتاج للمسه حب تحيي ما دفنته السنوات الماضيه .. انفجرت فى بكاؤها مع تفجير نيران الغيره التى كان سببها سليم عندما حمل وجد بلهفه متجها نحو جنتهما ..

- يايسر محصلش حاجه .. قدر الله وماشاء فعل .. مش هنفضل نعيط ليل ونهار ..
اردف محمد جملته بنفاذ صبر وهو يجلس بجوارها بعدما انتهى من حمامه .. فرددت عليه وهى تجهش بالبكاء
- صعبان عليا اوي ابننا .. محمد انا بموت من جوايا مش قادره
ربت على كتفه ثم قبل راسها
- طيب اهدى كده .. اهدى وبكره تكونى خفيتى هاخد ونخرج فاى مكان تغيري جو
ثم اكمل ممازحا: وبعدين انا روحت فين مانا جمبك اهو وبكره ربنا يعوضنا خير .. اضحكى بس انت ..

استندت براسها على صدره قائله
- يعني انت مش زعلان منى عشان محافظتش عليه
- انت هبله يابت .. طيب والله لولا انه مش وقت كنت رديت عليك رد تانى خالص .. بطلى هبل ياعبيطه وبعدين محدش هيكون ام ولاد غيرك .. روقى بقي وخفى نكد ..
اومات بالايجاب ثم اردفت: انت هتروح المستشفى
- والله لو هتفضلى فى نكدك دا كتير هروح .. امممما لووو
- مافيش اما لو هتقعد معايا النهارده ومافيش شغل .. وانا مش هعيط تانى خلاص
ابتسم بهدوء يخفى به جسر حزنه الذى يقطم قلبه على ابنه الذي فقد ..

 على طاولة الغداء
بعد اصرار سليم على حضور وجد معه بالقصر الكبير  فجلس بجوارها اقصي اليمين ومن الجهه الاخرى تجلس نورا بجوار عماد على طاولة الغداء التى تجلس عفاف على رأسها ...ظلت عفاف ترمقها بنظرات ناريه مردفه
- على اخر الزمن اقعد مع بت العتامنه على سفرة واحده .. الله يسامحك ياولدى ...
سليم ببروده وهو يشير على وجد: طيب بذمتك القمر ده مش هو اللي منور السفره ومخلى للغدا طعم تانى ياعفاف ..
عفاف باغتياظ: اهى جمبك ياخوي كلها واشبع بيها لكن متقرفنيش انا فى عيشتى !

همس سليم لوجد التى لُجمت باصعب عبارات عفاف  قائلا
- اسمعى من هنا وخرجى من الناحيه التانيه ولا اقولك متسمعيش اصلا اضحكى ف وشها وخلاص ..
رمقته بنظرة عتب مردفه
- ربنا يسامحك ياسليم .. قولتلك بلاش ..
مد ذراعه لتناول فرخه من الطبق ويضعها امامها: عاوزك تاكلها كلها يلا .. ليلتنا للصبح النهارده ...
التوى ثغر عفاف باغتياظ مردفه: ماتسكتوا عالوكل ! شغالين تتوتوا ليه
سليم ببرود وهو يبتسم لها
- عرسان عااااد ياعفاف !

وضع عماد لقمه بفمه ثم انحنى هامسا فى اذان نورا
- خلصى اكل فى السريع عشان عاوزك فى موضوع مهم قووي فوق .
ضغطت نورا على قدمه باغتياظ مع احمرار وجهها بدماء الخجل اثر مغزى عبارته ..
شرعوا جميعهم فى تناول الغداء بصمت لم يرق لسليم فأعلن راية انقطاعه .. فهجمت على رأسه فكره مداعبه وجد .. فشرع بالعبث بقدمها بأصابع قدمه بخفه .. ارتعدت بخفوت وهى تبعد ساقيها عنه وتلكزه بقوة هامسه
- اتلم ..

رفع حاجبه بلا مبالاه: هو انا عملت حاجه !
بادالته نفس النظره ولكنها اكثر غضبا ثم عادت لتناول غذائها مجددا وايضا عاد سليم لمخططه الذى اثار جنونها فأمتدت اصابعه البارده على قصبه ساقها الدافئه عامدا التماس الدفء منها مما جعل انفاسها تعلو وكل ما بها يهتز .. فجزت على اسنانها بنفاذ صبر
- سليم .. اتلم ..

تجاهل تحذيرها تماما متابعا ما بدأه بعبث طفل لا يدرك نتيجته .. فلم تتحمل هى اكثر خشت ان ينكشف امرهم فحاولت قدر الامكان ابتعاد رجلها عنه قائله بنبره تهديديه
- خليك فاكر انك حذرتك !
جحظت لهما عفاف باغتياظ: خبر ايه عاااد .. متسمموش علينا اللقمه ..
لكزته وجد بغضب ثم تابع طعامه بنفس درجة التجاهل ليشعل النار بجوفها مكملا جوله مداعبته التى اخرجتها عن شعورها فوثبت قائمه
- الحمد لله .. شبعت
رمقتها عفاف بعدم اهتمام لطبقها التى لم تأكل منه الا القليل .. رفع سليم انظاره ببرود
- ما كلتيش ياوجد ! طبيخ عفاف مش عاجبك اياااككك ..

عفاف بغضب ونظرات حانقه: المره الجايه تبقي تتشملل هى وتورينا وكلها !
جحظت له وجد بنفاذ صبر قائله
- الحمام منين ياسليم !
عفاف بصيغه آمره: متغسليش يدك دلوق .. استنى لما تلمى الوكل وتغسلى المواعين منا مش هوكلك على الجاهزه ؟!
سليم بتساؤل: والبنات فين ياما ...

تظاهرت عفاف بالتعب: ففرح بت من النجع راحوا يساعدوا فى خبيزها .. مش اللي داخله علينا بطولها ايد ورا وايد قدام ...
شرع سليم ان يتحدث فسبقته وجد وهى تتضغط على قدمه ليصمت: خلاص محصلش حاجه ياسليم هعملهم مش حكايه يعنى ... فين الحمام بس ..
تناول سليم المنشفه الصغيره يمسح بها يده وهى يجحظ لعفاف قائلا
- هاجى اوصلك ياوجد...

لكز عماد نورا: قومى شكلها هتولع دلوق مالناش دعوة .. يلا.
لم يعطيها اى فرصه للاعتراض فقبض على كفها وهى ينهض سريعا مردفا
- فوتك بعافيه ياعفاف
وصل سليم ووجد المرحاض .. فشرعت وجد بفتح الصنبور وهى تنظر لسليم المتكئ على اعتاب الباب عاقدا ذراعيه يتأملها بعيون عاشق فقالت بمزاح
- امك بتموت فيا !

ضحك سليم ضحكه خفيفه تفوح منها رائحه الورد
- وولدها غرقان فيكى ...
اكتفت ان تبادله بنظره لامعه كلها حب فتابعت غسل كفها تحت انظاره الحاده .. استدارت لتجفف يدها فسرعان ما هجمت على رأسه فكره دخوله وغلق الباب خلفه ليبقي ملاصقا بها من الخلف وهو يستنشق رائحتها التى يذوب بها قائلا
- هتطلعى من هنا على بيتنا على طول .. سيبك من عفاف ..
حاولت فك حصار ذراعيه قائله: ياسليم ماينفعش امك بره .. وسع وافتح الباب دا متفضحناش !

التصق بها اكثر وهو يطبع نسمات الحب المتدليه من ثعره على عنقها تحديدا قائلا
- حقيقي مش شايف ولا هاممنى وجود حد غيرك .. طول ماانا قاعد مش عارف اركز غير معاك...
تغنجت بين ذراعيه بدلال مردفه بمزاح: انت هتسرح بيا !
- طيب تحبى اقولك انك كلتى 4معالق رز بس والخامسه مكملتيهاش !
وضعت كفيها على ذراعيه الاتى يلتفان حول خصرها قائله
- وده من اييييه بقي !

دار بها ليبقيان امام المرآه مباشره حتى تلتقى عيونها المدججه بالشوق قائلا
- سليم رَخم شويه !
لكزته بعنفوان: لا كتيير مش شويه !
- خلاص خلاص هصالحك وقتى ولا تزعلى !
ابت معانده وهى تقاوم قربه:
- ياسليم اعقل وبطل حركات العيال دى ..
تجاهل كلماتها ودفعها بقوة اقصي اليسار ليرتطم ظهرها بالحائط واضعها تحت قيود عشقه قائلا بغمز
- انجزى !
- الله يخربيتك انجز اييييه هتفضحنا !

لم تكمل جملتها لانه التهم باقى حروفها بثغره الذي ينجذب لكل ما بها لينسيها مكان تواجدهم ويخضعها تحت تأثيره .. ذابت بشهد قربه طويلا حتى فقد الاثنان عقلهم وهو يرتوي من قربها بشغف حتى طاحت يد سليم بكل ما فوق الحوض ليقع كله ارضا فيفيقهما من سُكرهم الذى كان سببه جنون رجل وعيون امراه تعشق بكل ما اوتيت من نبض ...
صوت دقات عفاف على الباب بقوة جاهرة
_ ايييه اللي عيتكسرر جوووه ...
اتسعت عيون وجد بخوف وهى ترسل نظرات العتاب لسليم الذي انفجر ضاحكا وهى يضع كفه على فمها جاهرا بصوت عال
- معلش يااعفاف غصب عنى ! شوفى وجد خلصت الشاى ولا لسه عندك ..

اتسعت عيونها اكثر من اكذوبته التى ستنكشف عاجلا ام اجلا .. ثم دار اليها سليم بعدما تأكد من خطوات عفاف ابتعدت قائلا بمزاح
- مابلاش حركات العيال دى ياوجد كنت هتفضحينا !
ضربته باغتياظ مبتعده عنه متجهه نحو الباب: وسع طيب .. مافيش منك فايده ..
عقد سليم ساعده وهو يتأملها بتركيز:
- يابركه دعواتك ياعفاف ...

اتجهت وجد لترفع ما فوق الطاوله وتدخله المطبخ .. اما عن عفاف فجلست بعيدا واضعه ساق فوق الاخرى لا ترسل الا نظرات ناريه واوامر صارمه .. انتهت وجد من رفع الاطباق ثم وقف سليم الذى خرج من المرحاض للتو قائلا
- مش يلا ياوجد ولا ايييه
عفاف اكملت تمثليتها متظاهره بالتوجع: اااه يارجليا ..راحت فين صحتك بس ياعفاف ولا الذله لليسوى ومايسواش .. ومين هيغسل المواعين ياولدى والبنات مش جاايين غير بكره ..

شد سليم وجد باختناق قائلا: بعدين ياعفاف .. مراتى تعبانه بردك ..
شدته وجد معارضه: ياسليم مافيش مشكله مش هياخدو 5 دقايق .. روح انت وانا هاجى وراك ...
نظر اليها طويلا ثم عزم امره على خلع جلبابه التى يرتدي اسفلها بنطال وتي شيرت باللون الاسود قائلا
- يلا هساعدك ياوجد وانت ارتاحى ياعفاف !
وقفت عفاف وهى فى كامل صحتها: اي قلة القيمه دى .. اومال انتو قانين حريم لييييه ! اعقل ياولدى
ابتسم سليم قائلا بغمز: قانيين حريم عشان ندلعوهم مش نتعبوهم ... يلا ياوجد ...

ترك سليم امه فى نيران دهشتها وهى تضرب كف فوق الاخر
- البت دي سحرتله ياااك ! عليه العوض ومنه العوض على الرجاله ...
وصل سليم ووجد للمطبخ وهى تكتم ضحكها على ما بدى منه فرمقها بنظره معاتبه
- لا نتلم ونمرقوا وقتنا على خير .. يلا ورينا عيتغسلوا كيف دول ..
تدللت امامه بملامح مستشرقه لتردف بسخريه
- طالما مش عارف .. عملت فيها 7 رجاله لييه وهساعدها يااما ...

قبله خفيفه سرقها من فوق ارنبه انفها ليقول
- معنديش مانع اتعلم كل حاجه منك .. يلا ..
وقفت امام الحوض وهى تمسك بالطبق وتضع المسحوق فوقه وتتابع الغسل بخفه وعيونها لا تتدلى من عليه .. فنظر اليها بعيون ضيقه
- طيب ما الموضوع سهل اهو .. بس فى تاتش خفيف !
رفعت حاجبها باندهاش: اللي هو بقي !

وقف خلفها عامدا ان يحتضنها محيطا خصرها بذراعيه ممسكا بأحد الاطباق ليباشر عمله وهو يستند بذقنه على كتفيها .. فضحكت متعجبه
- طيب واي لزمتها الشعلقه دى .. اقعد ياسليم وانا هخلصهم بسرعه ..
تجاهل كلامها شارعا فى تكمله عمله وهى بين ذراعيه تذوب من دفء انفاسه التى ترتطم بجدار عنقها .. كان يغسل طبقا ويطبع بعض لمسات الشوق عليها هامسا
- مش كده احسن .. ومنها رضينا عفاف وقلبي !
دارت بخفه داخل حصار ذراعيه لتعانقه بحب
- سليم يلا بينا ...

ضحك مداعبا: طاب ماكان من الاول ..
وقفت على اصابع قدمه بدلال لتقبل ملامحه التى ينبعث منها رحيقا تود ان ترتوى منه حتى فجرت كل ما هو ساكن بداخله فسقط الطبق من يده ليحدث ضجيجا عاليا اثر تهشمه .. ف لم يلتفتا اليه اكتفى ان يحملها بين ذراعيه ويضعها فوق المنضده ليبادلها اشهى انواع الحب ذائبا فى سحرها تائها بعالم غير عالمنا ...
دخلت ماجده بجهل تام عن حقيقه وضعهم الا ان اصيبت بخنجر غرز بقلبها قبل عيناها عندنا شاهدتهما يمارسان اشهى انواع الحب التى تفتقدها دوما .. ظلت تراقبهم لعدة دقائق حتى اطرقت بخجل
- سليم عاوزه اتكلم معاك ..
يبدو ان العالم لم يحبنا مثلما اخبرتينى من قبل يا امى .. اسرح بين دروبه لا ارى الا شوكًا يعلق بجسدى حتى اصبحت كائن ينفره الجميع لا يرغب احد بالاقتراب منه .. شخص يؤلم ويؤذي فقط كل من يمر حِذاه .. لم اتعثر حتى الان بمن ينزع منى شوكه عساه ان يخفف ما بى من ندبات .. كل ما بى يصرخ  حتى انت لا تعلمن بذلك لانه عندما يشتد بنا الالم نفقد حتى نبحة الصراخ الاخيره .. هذا ما بى واعانيه يوميا مع دقات الساعه الثانية عشر بعد منتصف الليل والذي اجيزه ب: روحى  شوكٌ يؤلمنى كثيرًا... - نهال مصطفى

-  سليم انا عاوزه اتكلم معاك ..
اخر جملة اردفتها ماجده وهى تقف على اعتاب المطبخ وكل ما بداخلها يشتد احتراقا .. نصبت وجد عودها المنحنى قليلا لتبتعد عن سليم الذى تنحنح بخفوت وهى يرسل نظرات متبادله للاثنين .. فانزل وجد من فوق المنضده بلطف وهو يردف
- جاي ياماجده .. اسبقينى وجاي وراك
فركت كفيها بارتباك بالغ وهى ترمقه بنظرات متارجحه فوق فوهة بركان الحزن .. فأطرقت باستسلام
- هستناك فى الجنينه بره ! وووو اسف كمان انى دخلت فجاه كده ..
اخر جملة اردفتها ماجده قبل ما تنصرف .. فأشعلت نار الغيره بجوف وجد التى اقتطبت ملامحها .. انحنى سليم بنظره لمستواها قائلا
- هروح اشوفها عاوزه اى وانت اسبقينى يلا ..

حاولت ان تبتعد عنه خافيه نيران غيرتها .. قائله بلا مبالاه
- متشغلش بالك بيا .. روح شوفها عاوزه ايه ..
وضع كفيه فوق ذراعيها حتى اصبحت بين حصاره هامسا
- هروح اشوفها ومش هتأخر عليك .. عاوز اجى القاكى جاهزه ..

ثم طبع قبله سريعا على كتفها قبل ما ينصرف ويتركها لنيران الغيره تأكل بها اكثر .. مسكت وجد الطبق لتواصل عملها محاوله انشغال عقلها حتى لا ينهشها بأفكاره اللعينه .. فلم تتحمل اكثر حتى اطاحت ما بيدها فسقط ارضا فلم يبقي منه الا فتات ... دخلت عفاف آنذاك وهى تشتعل بلهيب الغضب
- وكمان كسرت المواعين ! دانت ليلتك مش فايته .. طبعا تلاقيكى خايبه ومش عارفه تغسلى .. اااه ياوقعتك المربره ياولدى ..

ثم اقتربت منها ومن الزجاج المنثور ارضا
- كده كده الصحون ..! مادام ماعترفيش دخلتى المطبخ من الاساس ليه ؟ مال سايب عنخفوووه .. اتقلبى من وشي لما اشوف اللى انت هببتيه ده ...
بللت وجد حلقها عده مرات ولم تتمالك دموعها المنهمره متجاهله كلام عفاف .. فتحركت متأهبه للذهاب وكل ما بها يحترق تاركه عفاف تدندن بحسره
- وانا اللي بقول يكفيكم شر الوقايع ياعيالى .. بت كوثر كسرتلى الصحون .. كان لسانى اتقطع قبل مااقولها اغسليهم .. يامرك يااعفاف وحشة قلبكككك ..

- والله بتهزر حرام نسيب وجد مع عمتى تحت لوحدها مش كنت ساعدتها ياعماد !
اردفت نورا جملتها وهى تدخل الي شقته بعتب ولوم على اذان عماد الذي ركل الباب بقدمه متجاهلا كلامها نهائيا .. دارت اليه متسائله
- انت مابتردش عليا عليه ..
وضع عماد مفاتيحه على المنضده متظاهرا بالتعب مما جعلها تركض نحوه متلهفه لتطمئن على حاله
- عماد .. انت كويس ..

ظل يداعب عيناها بتأوه مردفا
- دوخت فجاه يانورا مش عارف ليه .. شكلى واخد برد واكل عفاف فتش معايا .. اسندينى ..
سند عماد على كتفها متألما مما جعلها تنتفض رعبا على حاله قائله بلهفه
- طيب اقعد هنا براحه ... متخضنيش عليك ..
نفى اقتراحها سريعا ليكمل تمثليته قائلا بتأوه
- لا لا سندنى للاوضه جوه مش قادر حاسس الدنيا كلها بتلف بيا ..

تشبثت بملابسه بقلق وهى تنتفض فستند عليها مصطنع التوجع الذي مزق قلبها اكثر ..
- معلش هعملك حاجه سخنه دلوقت وهتبقي كويس استحمل بس ..
اردفت نورا جملتها وهما فى طريقهم للغرفه فانقض عماد عليها كالمجنون ويدفعها الى داخل المرحاض وهو يضحك مردفا
- واللي مش قادر يستحمل يعمل ايه ..!
اردف جملته وهو يحكم قفل باب المرحاض بعنايه تحت انظارها التى تريد ان تفتتك به اغتياظا .. ارتفعت انفاسها اثر فعله المفاجئ حتى دنى منها بمكر قائلا
- خضيتك !

زاحت ذراعه بعيدا بتأفف: اوعى كده ياعماد وقعت قلبى والله ! كنت هتجنن عليك ..
شرع يداعب شعرها بلطف وبعيون عاشق يود ان يلتهمها
- طيب ماانت كمان وقعتى قلبي .. نبقي خالصين ولا ايييه ..!
تحركت لتهرب من جيوش نظراته المدججه باللهفه وسرعان ما عاودها لمكانها بلطف قائلا
- ما فيش خروج غير بأذنى .. تؤؤ انسي ..

اطرقت بخجل محاوله رفع رايه المعانده: لا هخرج ومش هكلمك اصلا عشان تبطل الحركات دي ..
عماد ممازحا وهو يداعب شعرها بدلال : طيب ماانت مش بتيجى غير بالحركات دى .. اعملك ايه يعنى !
- بص متحاولش .. مش هكلمك تانى لحد ما تتأدب ..
- احم طيب معلش سبينى احاول !
انحنى ليرش ملامحها بعطر انفاسه ليشعل حرائق حبها اكثر .. فاعتلت انفاسها وهى تردد بصوت منخفض
- مش هكلمك تانى .. خلاص ..

بنفس ذات النبره اردف عماد وهى يداعب شفتيها بشوق: متأكده !
لمست انفاسها وجهه فازداد شوقه لها فشرع بوضع عدة قبلات خفيفه منتشره حول ثغرها قائلا
- انت عملتى فى قلبى ايه .. ؟!
رفعت انظارها اليه برجاء وانفاس عاليه: عم اد
تجاهل ندائها وواصل فعله الذي كان كزجاجات الخمر التى تناثرت عليها فتغيبت عن وعييها .. اكمل عماد مكيدته وعذابه لها المستلذ ثم ابتعد عنها قاصدا كى يدمر سور الخجل بينهم
- يلا بقي انا خلصت .. شوفى كنتى هتعملى ايه ..

بعد ما اشعل بداخلها جيوش حبه تركها تقودها بمفردها .. ظلت تبلل حلقها كثيرا وتكور اصابع قدمها وكفها محاوله تمالك حرائقها الكامنه .. خلع عماد ملابسه لياخذ حمامه الدافء .. اما عنها فانهزمت تلك المره فوجهها قلبها اليه .. والى ملاذها الاوحد وهى تخبره بعيونها  ذلك لم يعد كافيا  ... فقربت منه واحتضنته من الخلف مما غمر عماد شعور بنصر عجيبٍ .. فشدها بقوته اليه تحت المياه المنهمره ليذوبا سويا فى وديان عشقهما السجين لاعوام وللتو عثر على حريته ...

- ها ياماجده عاوزه تقولى ايه ؟!
اردف سليم جملته وهى يجلس على المقعد المجاور لها .. ففركت ماجده كفيها باارتباك
- اسفه لو هعطلك عن عروستك ..
- سيبك منيها .. وقوليلى حصل اي مشقلب حالك اكده .. ومغير شكلك ..
وثبت قائمه تتحرك تحت انظاره لفتره ثم استدارت اليه قائله
- انت مش سالتنى قبل كده اذا كنت بحبك ولا لا .. وانا جايه اجاوب ياسليم ..

شعر سليم بأن قلبه وقف فجاه منتظرا صاعق اجاباتها الذي يخشاه .. فتنحنح بخفوت ثم وقف خلفها منتظرا ردها المتأكد من نتيجته .. استجمعت ماجده شتات قوتها مردفه بيأس خيب ظن سليم
- اااه ياسليم .. انا مش بحبك ولا عمرى حبيتك واللى اكتشفته انى معيشه نفسي ف وهم كل السنين دى ..- ثم زالت دمعتها بألم - مافيش حد بيحب هيفكر يأذى حبيبه وانا للاسف فكرت آذيك لما حاولت ابعدك عن وجد .. مكان راحتك ..
ثم قربت منه خطوة سلحفيه وهى تنظر له بعيون ذابله من كثرة البكاء
- سليم انا عاوزاك تسامحنى .. انا لما شوفتك آآآآآ ان ت ووجد يعنى قلبى وجعنى اوى .. هو انا ازاي كنت انانيه وفكرت ابعدك عنها بالقسوة دى .. انا اسفه ياابن عمى حبيت بس اقولك عشان اريح ضميرك وتشيلنى من حساباتك خالص !

تلعثمت الكلمات فى فمه فهو لا يعرف ماذا عليه ان يجيبها اكتفى بأن يرتب على كتفها بحنان قائلا
- انا اللي اسف .. بس قلوبنا مش فى يدنا .. وان شاء الله انا جمبك ودايما سندك وحمايتك لاخر نفس ..
ابتسمت له بامتنان ثم اردفت بتردد
- عندى طلب تانى !
- اي هو ياماجده .. قولى !
فكرت طويلا حتى اردفت اخيرا
- سليم .. انا مش عاوزه اطلق خلينى على ذمتك واوعدك انى مش هضايقك عمررى .. بس انا معنديش استعداد اعيش لحد تانى ولا ان حد يدخل حياتى .. وتفضل حمايتى وضهرى بردو .. انا ماليش غيرك ياابن عمى ..

- طالما مش عتحبينى عاوزه تبقى على ذمتى ليه ياماجده ! ليه عاوزه تعذبى روحك !
ذرفت دمعه اخرى من عينيها: زي ما قولتلك معنديش الشجاعه ادخل حد تانى حياتى ..
سليم بحكمه: انا هعتبر كلامك الاخير ده مسمعتهوش .. هسيبك تفكري بعقلك وتختاري .. مع انك مش مجبره غير تحبى نفسك وتدورى على سعادتها ياماجده .. هى متستاهلش منك تعاقبيها كده !
اجهشت بالبكاء لان الالم فاض بجوفها فتشبثت بذراعه برجاء تحت عيون وجد التى تراقبهم من نافذه بيتها وكل ما بيها يحترق .. فاردفت
- سليم فى مصيبه وانا لازم اقولك عليها ومش عارفه اللي بعمله صح ولا غلط ...

ربت على كتفها برسميه اثر جسدها الذي يرتعش بين يديه ليطمئنها مما جعل وجد تعض اصابعها قهرا وكل ما بداخلها يلتهب كافيا لحرق مدينه كامله .. اردفت ماجده بحيره وخوف
- امى ياسليم !
سليم باهتمام وهو يبعدها عنه ناظرا في عينيها
- مالها امك ياماجده ! احكى ؟ زعلتك ..
اقتحمت عفاف مجلسهم فجاه مردفه بعتب
- والله مابقيت فاهمالك ياولدى .. شكلك انت كمان ماعارفش مكان قلبك فييين .. طب ماتخشوا جوه تتداروا بدل ما تاخدكم عين منزلتش من عليكم من ساعه ماوقفتوا ..

تجاهل سليم حديث امه موجها سؤاله لماجده
- مالها امك ياماجده .. احكى ..
جففت دموعها سريعا وهى تبتعد عنه ركضا  قائله
- ما فيش ياسليم .. بعدين  ..
وقفت عفاف امامه معاتبه: وبعدهالك ياولد بطنى .. ماانت رايد بت عمك جايب بت العتامنه تعمل ايه وسطينا .. تكسر فى الصحون وتحش قلبى وخلاص !
ضحك سليم من حديث امه قائلا بمزاح
- هى مواعين كتيره اللي اتكسرت !

ثم طبع قبله على جبهتها:
-  خلاص عندى دوول .. يلا هسيبك اروح اصالح المجنونه اللي هناك ..
التوى ثغر عفاف بحسره: دانت همك تقيل قوووى ياوولدى ...
تقف ماجده من الشرفه وتنظر للسماء وهى تفيض بكاءا مرتله: يارب انا ماليش غيرك يارب قوينى وابعد عنى كل شر ...

- هاا ياحسن طمنى ! وصلت لحاجه ؟
على مقهى شعبي يجلس حسن امام ادهم يلتقط انفاسه ببطء يبدو عليه الارهاق قائلا
- ليك عندى خبر بمليوون جنيه !
ادهم بنفاذ صبر: ماتنجز ياولد المحروق انت كمان ! حصل ايه ..
شد حسن منه خرطوم  الشيشه
- عمك ياسيدى طلع متجوز !
فزع ادهم من مجلسه بذهول وعدم تصديق: انت عتقول ايه .. متجوز مين !
وضع حسن ساق فوق الاخرى:
- مش هتصدق .. متجوز مراة ناصر الهواري عرفى ..

اصيب ادهم بصاعق كهربي جعل الدماء تتجمد بعروقه فتذكر حديثه مع ماجده سريعا الذى اكد كلام حسن ومنح ادهم جسرا اخرا ينثر فوقه سجاد اشواكه .. فجلس واضعا ساق فوق الاخري بشرٍ
- لا دى احلوووت قوى واللعب كمان احلو ... المهم فين الكاميرا اللي الواد بتاعك صورنا بيها انا وماجده ..
ضرب حسن المنضده الخشبيه الوهنه بكفه القويه قائلا
- قريبتك دي طلعت محظوظه الواد وهو سايق العجله اتقلب فى الترعه والكاميرا كمان اتحرق كل اللي فيها .. اول كارت اتحرق ..
ضحك ادهم بحقد مكيدى:
- مش مهم احنا دلوق معانا الجوكر .. اللي هنقش بيه كل دا وهابقي بتاعنا .. طقطقلى ودانك بس هناكل الشهد ...

 

تجلس فى منتصف مخدعها تعض على اناملها من حده الالم بجوفها .. فالمراه حينما تغار تتحول لحيوان شرس لديه انياب واظافر طويله .. دخل سليم الغرفه بعد ما القى نظره على ملامحها ففهم انها تنتوى له على مكيده وايام لم تزورها اشعه الشمس مطلقا ..خلع  ال تى شيرت ليظهر امامها بتقسيمات جسده الذي تثيرها كثيرا .. عامدا  الا يخلق معها اي حديث .. بدا يجوب الغرفه بدون مقصد متجاهلا وجودها مما جعلها تلتهب بنيران الغضب اكثر مردفه باختناق
- والله ! ولا كأنك واخد بالك انى هفرقع هنا !
ابتسم لها ببرود: مالك بس ياوجد ! انت زعلانه !

- كانت عاوزه منك ايه ؟!
- هى مين دى ؟!
جزت على فكيها بنفاذ صبر: سليم اتللللمممم واتكلم عدل !
دنى منها ليجلس بجوارها محاولا ان ياخدها فى احضانه ولكنه فشل تلك المره لانها دفعته بقوة وابتعدت عنه تجوب فى الغرفه امام عينيه بحركات فوضيه .. ظل يراقبها بعنايه فاردف
- طيب اهدى ياوجد وتعالى نتكلم ؟!
- لا مابقاش ينفع كلام مابينا اصلا .. والبيه بيحضنها عينى عينك ولا عامل اي حساب لوجودى .. مانت بتحبها اتجوزتنى ليه اصلا ..

وقف سليم بهيبته الجذابه وهو يتقدم نحوها ببطء وعو يخفى ابتسامته:
- والله ماكانت بتقول حاجه كنا بنتفق على الطلاق بس ..
- يااحرام ! هبله انا للدرجه دى عشان اصدق كلامك .. تتفقوا على الطلاق تقوم تحضنها .. تصدق منطق بردو ؟!
دنى منها اكثر ممسكا بذقنه فزاحت يده بعيدا .. فواصل حديثه
- ممكن تهدى طيب والله ما حصل حاجه .. انت اللي مكبره الموضوع ياوجد .
-وليييه انت مخدتش بالك انك بتحضنها وبتطبطب على كتفها كمان ياحنين ..
- شكلك حلو اوى وانت غيرانه على فكرة  ..
- سليم متعصبنيش !

- انت هترمى بلاكى عليا ! انت متعصبيه لوحدك وانا بحاول اهديكى مش اكتر .. انت حوله ؟!
دارت بجسدها مبتعده عنه بنفاذ صبر متأهبه للذهاب مردفه باغتياظ
- انا همشي من قدامك احسن ارتكب فيك جنايه !
تحرك بسرعه ليقف امامها بهيئته المثيره  ويعوق سيرها
- طيب اهدى .. وهفهمك ..
تراجعت وجد بخطوات للخلف وهى تعقد ساعديها رافعه رايه التحدي وهى تنظر له بعيون غاضبه
- مش هفهم .. واوعى كده متكلمنيش .. روح شوف الست ماجده يمكن محتاجه شويه طبطبه يارميو ..

تابع سليم الخطى فى اتجاهها محددا مقصده ممازحًا:
-  بت انت كفايه غيره هتولعى يخربيتك  ..
- انت كمان بتهزر معايا ومش مدرك المصيبه اللي سيادتك عملتها ! عادى يعنى انت شايف نفسك مغلطش ! ووجد العبيطه اللى مكبره الموضوع !
واصل اقترابه منها وهو يقول ببرود:
-  انا ! .. انت مكبره الموضوع جدا يادودو والله ! محصلش حاجه .. وبعدين ما هى مراتى بردو ! لو كنت نسيتى !

- لا ناااسيه ياسليم ومش عاوزه افتكر .. انا الاول كنت متقبله الفكرة وبقول عادى مظلمهاش طالما عارفه قلب سليم مكانه فين وواثقه من حبه .. - ثم زاحت دمعه فرت من طرف عينها سريعا وهى تجهش ببكاء مكتوم - لكن لا حبك علمنى الطمع ومش عاوزاك غير ليا وبس ومش من حق اى حد يشاركنى فيك ياسليم .. واللى هيعمل كده انا هقتله عشان انت ليا لوحدى ومش هسمح لحد يقاسمنى فى حبك كله لوجد ...

حاول سليم ان يحتضنها ولكنها ابت تلك المره ايضا وهى تبتعد منه حتى ارتطم ظهرها بباب الحمام الموارب حيث مقصد سليم الذي اراد ان يسجنها فيه حتى لا تستطيع الهرب منه فدنى منها اكثر وهو يقول
- ماتفكيها عاااد .. وحقك عليا انا وتعالى انا هراضيكى ياستى والله ... ولا تزعلى نفسك مش هتتكرر تانى !
لاحت بيدها بنفاذ صبر:
- قولتلك بعد عنى والا هطلع غيظى كله فيك !

فى لمح البصر كان ممسكا بخصرها ودفعها بكل قوته داخل الحمام قافلا الباب بيده الاخرى وهو يقول بتهديد مصطنع
- هنا هنعرف نتكلم كويس .. مش هتفلتى منى .
ضربته على كتفه بنفاذ صبر واغتياظ وصوت يحمل جيوش من الغضب :
- قولت لا ياسليم .. واوعى كده خرجنى من هنا انا مابقاش ليا كلام معاك اصلا  ..
قفل سليم الباب بالمفتاح ووضعه فى مكان عال لم تقدر للوصول اليه قائلا بتحد
- هنا نتفاهم بقا !

ثم استدار ليجلس على حافه  البانيو  وهو يفتح الصنبور قائلا ببرود
- معلش يادودو معاد الشاور بتاعى .. المهم مين بقي استجرى يزعل القمر !
زفرت باختناق وهى تتضغط على شفتها السفليه بضيق مردفه بهدوء مصطنع
- سؤال مش هكرره تانى .. كانت عاوزه منك ايه بقي !
استشعر سليم درجه حراره المياه مستقبلا سؤالها بعدم اهتمام
- زي ماقولتلك كانت بتحكى فى علاقتنا ومصيرها !
عقدت ساعديها بنفاذ صبر وهى تهزك قدمها بغضب
- ياسلام ! قومت حضنتها !

نظر سليم للحوض وجده امتلأ نصفه تعمد شد وجد اليه ليجلسها على رجله هو يقبل كتفها قائلا
- ينفع نأجل الخناق دى لبعدين طيب !
حاولت ان تبتعد عنه ولكن بدون جدوى قائله:
- بص انا مش طايقاك فوسع كده يابتاع ست ماجده ! ولو فاكر انك هتضحك عليا المرة دى تبقي غلطان
- هتستهبلى منا طول عمرى مش بضحك غير عليكِ .. انكرى بقي ؟!
فجذبها اليه وهو يرمي بجسدهما داخل المياه .. فصرخت وجد اثر فعله المفاجئ الذى جعله ينفجر ضاحكا وهو يقربها منه اكثر قائلا
- مافيش هروب متحاوليش ! حبت بس اطفى نار الغيره دى اللى كانت هتحرقنى معاك ..

حاولت الهرب منه ومقاومته بكل ما اوتيت من عناد ولكن جيوش شوقه تلك المرة كانت اقوى كعادتها
- اوووووف .. انت بترغى فى حاجه وانا بتكلم فى حاجه تانيه خالص .. انت عمرك ما خدت كلامى على محمل الجد ليييه ؟!
- انت بترغى كتير كده ليه ما سكتى شويييه ..
ثم طبع قبله على خدها قائلا بهمس
- ينفع نرمى اى حاجه تعكننا بره البيت ده ! ممكن نتخانق فى الجنينه لو حابه لكن هنا دلع وحب وحضن سليم وبس ! مفهوم يابت العتامنه ؟!
- سلييم متغيرش الموضوع !مش طايقاك بقولك بجد ...

غفلها سليم تلك المره وهو يمد يده ليفتح سحاب فستانها بلطف وهو يمرر انامله على ظهرها بحب انساها غضبها منه
- هنشوووف دلوقت .. الا احنا كنا بنقول ايه قبل ما ماجده تيجى ؟!
حاولت بقدر المستطاع ان تتمالك جيوش قوتها كى لا تتفكك بلمساته التى اذابتها عشقا متسلحه بسلاح الثرثره
- سلييييييييييييييييييييييييييم ..
اعتدل فى جلسته ليخضعها له قائلا بمزاح قبل ما يغرقها بحبه
- خلاص افتكرت .. وافتكرت حاجه مهمه جددا لازم اقولهالك حالا غمضى عينك بس ..
انخفضت نبره صوته وهى تنظر له بمضض
- سليييييم ! م

ولكنه تجاهل كل همجيتها وثرثرته ليقفل ابواب النكد التى نشبتها امراه بباب اخر وهو باب السطو .. فسطو العشق اكثر الابواب قوة على هدم جبروت المراه .. الا انها تناست عالمها وخلافها معه لتجذبه اليها بنفس ذات القوة التى يتشبث هو بها ..

- اوووف يامجدي .. غبى غبى .. ازاي يسافر من غير ما يقول لى
اردف عماد جملته وهو ينظر فى شاشة هاتفه ويرى رساله مجدي .. شيعته نورا بنظرات اندهاش على تبدل حاله وهى تلتف بالمنامه وتصفف شعرها امام المراه فتساله
- حصل ايه ياعماد ..
زفر عماد بضيق: اوووف استنى لما اتصل بيه اشووفه !
اقتربت منه اكثر ممسكه بيده وتنظر له بعيونها اللذين يبثون به الامل وتسحبه بهدوء ليجلس قائله باطمئنان
- اهدى .. بلاش العصبيه دى ..

رد مجدي على مكالمه عماد قائلا بمزاح
- ايييه لسه الا شايف الرساله ! شكل نموسيتك كانت كحلى ياعريس !
عماد بغضب: انت فين دلوقت !
- مممم يادوب فى المنيا لسه .. قدامى 3 ساعات كمان واوصل ..
- انت مجنون رجلك متجبسه ازاى تسافر وانت بالحاله دي واصلا امى سابت تسافر ازاى اصلا .
ضحك مجدي بفخر: لا ماهى ماتعرفش .. دى فكرانى ف سوهاج بخلص مصلحه وراجع.
- طب ليييه كل دا .. وصفوة عملت معاها ايه .. يابنى ما تنطق  ..
سكت مجدى قليلا ثم اردف باختناق: انا طلقت صفوة يامجدى ..
عماد بذهول: ايييييييييييييييييييه

- رجعلى بتى ياحيدر .. بتى تقعدش يووم تانى عند الهوارة .. انت اى البرود اللي انت فيه دا .. عقولك رجعلى بتى ياحيدر ..
اردفت كوثر جملتها بصراخ على اذان حيدر الذي فرد ساقيه فوق المنضده بعدم اهتمام وينفث دخان سيجارته
- بتك لو جات هنا هقتلها بيدى ياكوثر .. فاحسنلك واحسنلها متكبروهاش فى راسى ..
بللت حلقها صارخه: ياخووى اقتلها ادفنها ومتقعدش يوم تانى عند  الهوارة اتصرف ياحيدر .. انت مالك بارد اكده لييييييييييييييه !
اقتحم ادهم مجلسهم مردفا باختناق:
- عتنوحى لييه يامراة عمى .. خير !
- وانت كمان ياادهم سكتت وسبت بت عمك فى بيت الهوارة .. فين كرامتكم .. انا عاوزه بتى تتكسر راسها ولا انها تبات ليله هناك .. اغسلوا عاركم ياعتامنه والا هغسله انا بيدى !

حيدر ببرود وهو يخرج المسدس من سترته:
-  طيب يلا .. وادى السلاح روحى موتيها وريحينا ...
رمقته كوثر بعيون غاضبه وبعد تفكير طول انقضت على السلاح لتحمله وبعيون ينبعث منها الشر
- هقتلها بيدى ياحيدر .. عشان العتامنه مابقاش فيها راجل ..
ركض زين الصغير خلفها متوسلا:
- ياااما انت رايحه فين خدى اهنه تعمليش حاجه فى وجد قوليلها انها وحشتنى قوووى .. ياااما انت ماعترديش عليا ليييه ؟!
عند ادهم وحيدر كلاهما يبتادلون الانظار بتساؤل فاردف حيدر قائلا
- ولا تشغل راسك .. المهم شوفلى المحامى يخلصلى حوار وجد دا .. مافاضيش انا لوجع راس المحاكم ..

- اعتبره خلص يااعمى ..
ثم اخرج ادهم سيجارته واشعلها متخذا منها نفسا طويلا وهو يتكأ للخلف
- الا انت ناوى على ااايه مع الهوارة وبيت الخياط ..
حيدر بمكر: سيبك من كل دا دلوق وركز معاي الحى ابقي من اللى راح ياولدى .. واسمعنى عشان الشحنه اللى جايه اكبر واهم واخر عمليه هنعملوها وبعدين هنبطلوا وتوبوا ونعيشوا بالحلال بزيادنا جرى  .. الكفن ملهوش جيوب ياادهم
اعتدل ادهم فى جلسته اثر حديث عمه قائلا بتعجب وبعض من السخريه
- مش فاهم طيب نورنى ..  ووجد انت خلاص قفلت سكتها ! ما ترسينى على الحوار يااعمى ! انت عاوز ايه ؟!

حيدر بشر وهو يتحدث بصوت خافت:
- 40 طن بودره هيدخلوه من اسوان .. عاوز خطه متخرش الميه ياادهم نسلموا فيها البضاعه  .. فتح راسك ورامى كل حاجه ورا ضهرك السوق نايم وعاوزين نشغلوووه يااولدى !
تقف ورد خلف الحائط تستمع لهم باهتمام شديد فارتعد جسدها اكثر وهى تردف بخوف
- نهاركم اسود .. هما ناويين على اييييه !

 

تجلس فى منتصف مخدعها تقلب فى حساب  الفيس بوك  لدى مجدى وتتأمل صوره بعنابه وثغر لم يخل من الابتسامه .. فكبرت صوره يبدو انه انيقا بما فيه الكفايه لجعلها تتوقف عندها طويلا مردفه
- هو انا مكنتش واخده بالى انه قمر كده ازاى .. يخربيت غباءك ياصفوة !
فأكملت مشاهدة الصور بفضول مع متابعه الكومنتس وتسجيلات الاعجاب فالتوى ثغرها بغضب
- والله عال يابيشمهندس .. كل دى بنات ؟! فتحتها بيت طلبه ! ايه دا والحلوه كمان عامله لاف .. اما اشوفه عامله كومنت وقايله ايه
 شكلك زي القمر ياهندسه
ورد مجدى عليها  الله يخليك دا من ذوقك.

اشتعلت نيران الغضب بصفوة اكثر ثم القت الهاتف بعيدا وهى تنفث دخان الغضب
- والله عال ! ماجيبلكم اتنين لمون احسن ! اي اصله ده .. واى البجاحه دي ! لا وهو منشكح اووى وفرحان بصوره ومنزلها .. طيب اما خليتكك تمسح كل الصور دى ! طبعا رجل اعمال ناجح وشايف نفسه وكل البنات بتترمى تحت رجله ... هو ساب كل البنات دى وجيه يقول لى انا  بحبك ياصفوة  ... اوووووووف هو بيشتغلنى ولا ايه نظامه دا مشافش منى ريق حلو عشان يحبنى اصلا ... وبعدهالك ياا سي مجدى !
ثم وقفت تجوب غرفتها ذهابا وايابا هاتفه باغتياظ
- صوره عليها 1020 لايك ملاقيش غير كام شاب وكلهم بنات .. دانت ايامك سوده معايا ... وبعدين هو ازاى قدر يقدملى على رساله الماستر بالسهوله دى ! اى الحيرة دى بس ياربى ..!

ثم تأملت وجهها بالمراه وتسيب شعرها وهى تنتوى له بشر
- طيب .. انا وراك والزمن طويل هخليك تعد النجوم فى عز الضهر .. ماانت عفاف معرفتش تربيك صفوة هتربيك .. بس ... وانت اللي جبته لنفسك .. انا هموت من الغيره لييه اصلا، هو مابقاش فى حياتى ولا يهمنى اصلا .. فوقى لنفسك ياصفوة .. ولا يشغل دماغك ..
التفت نحو هاتفه الذي اعطر صوت بوصول رساله اثارت جنونها من ياسر
- العريس طفش بسرعه ولا ايه .. نقول مبروك الطلاق طيب ..!

يسير محمد فى الجنينه متجها نحو القصر الكبير .. فقابل احد الخفر الذي يتجه صوب منزل سليم ..فساله محمد بفضول
- هو مش سليم بيه قايل محدش يروح هناك !
الخفير: ده موضوع مهم قوة وست وجد منبهه عليا (لازمن) ادهولها بنفسها ..
محمد باهتمام: اللي هو ايه دا !
الخفير: نتيجه تحليل ست يسر ياجناب الضكتور ..
خطف محمد الاوراق من يده قائلا
- ورينى انا هشوفهم بنفسي ..

اطلع محمد على التحليل بتركيز وفجاه تبدلت ملامحه التى كساها الغضب عندما اثبت وجود ماده سامه بجسم يسر كان سببها اجهاض الجنين قائلا بغضب
- لو طلع ورا الملعوب ده حد ورحمة ابويا هدفنه مطرحه ...

تقف امام المراه تصفف شعرها بدلال مرتديه قميصه الفضفاض .. فارسلت له نظره بالمراه
- اوعى تكون فاكر انى نسيت ! دانا لسه ناويالك على نيه سوده ..
انتهى سليم من ارتداء بنطاله قائلا بسخريه
- اتنيلى .. حضن جاابك ورا وورا اوي كمان ... مش مع سليم التهديات دى ..
دارت اليه باغتياظ وعيون ينبعث منه الشرار
- تصدق انا غلطانه انى شفقت عليك .. وبعدين محدش يخطف حد كده ياكابتن لو مش واخد بالك .. انا اتاخدت على خوانه
قرب منها مختالا وهو يغمز لها بطرف عينه.

- بس متنكريش انها خوانه حلوة ! احم طيب يلا اتخانقى اهو وانا هسمعك ومش هخطفك تانى ولا حاجه الا لو غلبتينى
شيعت له نظره بالمراه: الا احنا كنا بنتخانق لييه ؟! فاكر !
تناول فرشاه الشعر وبدا فى تسريح شعرها بلطف مردفا:
- سبيلى انا الطلعه دى وانت افتكرى كنا بنتخانق على ايه ولو زنقت معاك اوى هفكرك انا ..
بدا سليم فى تهدب وترتيب شعرها .. فظلت ترمقه بنظرات ناريه فى المراه متعمده اللعب على اوتار حب .. فعمدت ان تقف على اطراف قدامها وتجسم القميص عليها لتتدلل امام المراه قائله
- سليم هو انا تخنت شويه ..!

نظر لها ببرود: تؤؤ مش واخد بالى وبعدين كله خير ياوجد !
- يعني بجد مش واخد بالك اذا كنت تخنت او لا ؟!
نظر لها بعيون ضيقه وهو يتأملها بعنايه:
- ورينى كده هَشيت بس على بعض الحاجات اللي تهمنى ..
لكزته باغتياظ: انت قليل ادب اوى .. وسع كده سيبنى اشوف عاوزه اعمل حاجه كده .
ابتعدت عنه لتتجه نحو الخزانه وتخرج منها كل الملابس التى احضرها سليم اليها قائله
- اقعد هنا وهعملك عرض ازياء يلا !
حك ذقنه باستغراب: اى الفرهده دى يااما .. وليه ماكله بيبقي ارض فى الاخر ياوجد ..

- تؤؤؤ نفذ الكلام .. وراضي هرموناتى يااخى حابه اقيس كل الحاجات دى .. اقعد هنا واستنانى ...
سليم بنفاذ صبر وهو يضرب كف على الاخر: يامثبت العقل والدين ياارب ..
خرجت وجد لترتدى اول طقم عباره عن هوت شوت وتوب صغير ثم دخلت الغرفه تتمايل امامه قائله بميوعه
- هااا اى رايك حلو عليا ..!
رمقها بنظره طويله بدات من قدمها حتى شعرها وهو ياخذ نفسا عميقا قائلا
- نهارك مش فايت ..
تعمدت ان تدور امامه قائله: ايييه  حلو عليا ولا وحش انجز ..

تنحنح سليم بخفوت محاولا السيطره على جيوش عشقه التى حركتها دلال امراه قائلا بتنهيده
- حلو ياوجد .. ح ل و
خرجت وجد وهى تنتوى له بشر قائله فى سرها:
- طيب يابتاع ماجده اما خليتك تقول حقى برقبتى المره دى .. ثم اخرجت قميصا اخرا قصيرا جدا باللون الفيروز وارتدته ملقيه نظره اخيره عليها قائله
- طيب يابن الهواري ...
دلفت الغرفه متغنجه كعارضات الازياء امامه متعمده على اظهار معالم جمالها قائله بمرح طفله
- وده ! ايه رايك فيه ..

تصبتت قطرات العرق من جبهته قائلا بقهره
- وبعدهالك ياوجد .. ما يتقربى ياتتلمى ! راحه جايه هتجننينى معاكى ليه !
- انت ماتعرفش تتلم خاالص ! جوزى حبيبي وباخد رايه فيها حاجه دى .. المهم رايك ايه حلوو صح ؟!
- اووووووف فاجر ياوجد ..
نظراته بثت الثقه فى جوفها اكثر واحتلتها افكارها الشيطانيه .. وقفت لبرهه تختار شيء اخر ترتديه ولكن تلك المره ايضا افسد مخططها .. فوجدته يقف امامها بنظرات صقر يترقب انقضاضه على فريسته .. فصرخت وهى تحاول ترتدي ملابسها سريعا قائله بقلق
- انت جاي هنا ليييه !

قرب منها وهو يشد ما بيدها من ملابس قائلا
- مش اد اللعب بتلعبى ليه .. وبعدين تعالى هنا انا مكملتش الموضوع اللى كنت عاوزك فيه جوه !
ظلت تتراجع خطوات للخلف تترقبه بتوتر قائله
- انت عاوز منى ايه .. احنا متخانقين على فكره ..
خطوه واسعه خطاها سليم فجعلته يقف امامها ويلقى بها فى حضنه تحديدا قائلا
- مااحنا متخانقين فعلا بس اى العلاقه يعني !

انفجرت ضاكحه فى حضنه كطفله مراوغه ولم يتمالك هو مشاعره ايضا فانفجر ضاحكا على ضحكها .. حاولت الهرب من بين يده الاتى انطبقان عليها قائله:
- ياسليم سيبنى .. خلاص ياعم كنت بهزر يارمضان ..
- مش انت اللي عامله فيها اشلى سكوت  وعرض ازاء ومعرفش ايه اشربى بقي ..
نجحت وجد ان تهرب من بين حصاره راكضه على غرفتها محاوله قفل الباب ولكنها فشلت ايضا فى ذلك عندما تحمل بقوته على الباب فدفعها بقوه للخلف فسقط ارضا ..

حك سليم ذقنه وهو يتأملها بحب قائلا بحيره: اكلك منين يابطه ..
ضحكت وجد على اسلوبه قائله برجاء: خلاص والله مش هعمل حاجه تانى تزعل ..سماح المره دى !
بسط سليم جسده بجوارها بخفه كأنه يمارس رياضه  الضغط  فجعلها تحت سطواه وهو يداعب ملامح وجهها بحب
- بس اى الحلاوة دى .. معايا قمر ياناس !
انفجرت ضاحكه بصوت زلزله وهى تتغنج امامه بدلال:
- منا عارفه .. يابنى انت اللي زيك يصلى شكر لربنا كل يوم لانى من نصيبه .. حافظ عليا بقي !

- فى اكتر من قلبى حابسك جواه ! بصي اهم حاجه الثقه .. بحبك وانت واثق فى نفسك اوى يابطل ..
كانت تلك اخر جمله اردفها سليم قبل ما يوزع قبلاته على اراضيها بحب ووله .. فنظر فى عينيها قائلا بغمز قبل مايواصل ما بداه
- منتحداش سليم الهواري تانى هااا ..
ظلا يتبادلان اشهى انواع الحب سويا حتى اخرق صفواهم صوت طرق شديد على الباب ..
وجد بتساؤل مع اقتطاب حاجبيها: روح شوف مين ياسليم !

سليم لم يكترث اى اهميه للامر: كبرى راسك ياوجد عاااد
ازداد معدل الطرق على الباب فنهض سليم متأفف قائلا بغمز
- متتحركيش من مكانك هاااا ..
وصل سليم الى الباب ليفتح وهو عاري الصدر ففوجئي بكوثر تقف امامه وبيدها مسدسا تصوبه ناحية صدره قائله
- اتشاهد على روحك ياولد الهواري ..
مكبلة انا باصفاد شخص لم اراه الا ثلاث مرات فقط .. الاولى كانت فى عتمة الليل فلم ارى منه الا نور عينيه التى قد ميزتها منذ النظره الاولى .. المره الثانيه جمعنا فيها القدر بصدفته العجيبه التى القت بى بجوار قلبه تحديدا مع تلاقي عينانا طويلا حتى ارتعدت شوقا .. الثالثه فترك هو اتساع المكان كله ليأت ويصف بجانبى ويحرقنى بنظرات تملأنى حتى الان .. ثلاث مرات كافيه ان اغرق بشخص ! .. ثلاث نظرات كافيه ان تؤسر قلبي بتلك الاستحواذيه! .. تالله حصل وتالله اصبحت متيمه بثلاث نظرات فقط .. - نهال مصطفى

توجه فوهة السلاح على صدره متتابعه بنظراتها ناريه التى  تحرق كل ما تقع عليه مواصله حديثها بغضب
- لا .. حتى الشهاده كمان خساره فيك .. اللي زيك يموت ومنترحموش عليه ..
رمقها سليم بنظرات لم تخل من الصدمه .. فهو لا يتوقع ابدا انها تأتى الي هنا وتكون بهذا الجبروت التى يجعلها تطيح بروحه فى الحال .. ابتسم لها بثبات قائلا
- طيب اتفضل اقتيلينى انا قدامك .. فكرك هخاف يعنى !
تحرك اصابعها بخفه وهى تحكم قبضتها على الزيناد قائله
- لو كنت فاكر ان رجاله العتامنه ناموا على عارهم .. فحريمهم بياكلوا الزلط والحال المايل ماعيعجبهمش ..

فرد سليم ذراعيه قائلا بتحدٍ
- وانا قدامك اهووو .. مش همانعك .. يلا
اتسعت عيون كوثر وانتصبت وقفتها اكثر ممسكه بسلاحها بقوة وهو ترسل اليه نظرات حارقه من الحقد فبدالها سليم بنفس ذات النظره ولكنها تحمل جيوشا من التحد .. وما هى الا ثوانى معدودة ضغطت كوثر على الزيناد تتابعته صوت صراخ وجد من الداخل التى وقعت ارضا كقطعه  القماش الملقاه ..
- سليم ...

- كنت متأكد انك هتكلمينى .. اصل قلبى عمره ما كدب عليا ..
وضع النقيب  يوسف  ساقيه فوق المكتب وهو يتحدث بثقه عارمه اثارت غضب ورد مردفه
- بقولك اي اتعدل معايا والا هقفل ومش هتلاقي منى معلومه مفيده ..
ضحك يوسف بمرح قائلا بثقه: بقي النقيب يوسف جيه اللي يقوله اتعدل ومايعرفش يرد عليه ! طيب ياستى عموما خدى راحتك بس لحد المهمه دى ماتخلص .. وبعدها اخلص انا بطريقتى ..

زفرت ورد باختناق: ممكن تسمعنى للاخر وبلاش مقاطعه ..
- احممم دانا سامعك بقلبي والله .. عمرك شوفتى حد  بيسمع حد بقلبه .. دانا شكلى هشوف العجب معاك..
- اوووووووووووووووووف .. بعدهالك عاد؟!
- بعدهالى ! هى حصلت ! .. خلاص خلاص سكتت متتعصبيش وتحرقى فى دمك عشانى انا حبيت اطرى المكالمه بس !
- لا ياخويا مش طالبه استظراف واللي بينا شغل وربنا يمرقها على خير الخطه السوده دى .. كان مالى انا بشورتك المهببه دى !
- سوده ! قصدك البدله عاوزاها سوده ! مش كده ..!

قبضت ورد على كفها بنفاذ صبر واتلتزمت صمتها قليلا مما اثار استغرابه مردفا
- انت سكتتى ليه ! اوعى يكون كلامى مش عاجبك
- مستنياك تخلص ظُرف !
- احمم والله انت بتفهمى وعندك نظر .. عموما انا خلصت هاتى اللي عندك بقي !

- اسمعنى .. طلع عندك حق لما قولتلى ان عمى ناوي على عمليه كبيره مع ادهم وكمان مش ناسى ولاد الهواري وهيرجع حقه منهم .. بس هو مركز حاليا فى الشغل كان بيقول ان العيون مداره من عليه دلوق وحديت كده كتير .. المهم انه متفق على 40 طن بودره هيدخلوا عن طريق اسوان ..
- اووووووووووبس ! ماقالش امتى ياورد !
- لا ماقالش بس انا هفضل وراه لحد مااعرف ماتقلقش .. انا حبيت اقولك بس عشان تعمل حسابك هتبدأ منين !
- ياباشا كل حاجه معمول حسابها ومدروس انت بس هاتيلنا طرف الخيط وهتلاقينى جبت البوكس وجيت كريت عمك وكل الجيش اللي وراه .. ادينى بس طرف الخيط يااحلى ورده شافتها عينيا ..
زفرت ورد باختناق وسرعان ما اغلقت الخط بدون استئذان مردفه باقتضاب
- ماله دا .. هو رمى جتت وخلاص !

##فلاش باك ..
- ما قولنا جايين نعاين الله! .. بلاش مقاطعه ..
اردف يوسف جملته ردا على ساميه ام ادهم التى تدخلت سريعا اثر احتشاد رجال الشرطه .. ثم اعطى الامر لرجاله
- فتش يابنى !
ورد معارضه: يفتش اى وبأى حق يفتش اصلا .. انت معاك اذن نيابه !
رمقها يوسف بنظره حانقه ثم ارسل نظره اخرى لساميه مردفا
- ممكن كوبايه ميه ياخالتى !

نظرت له ساميه بسخط وانستكار على طريقه كلامه مغادره من امامه: خاالتك !
طافت عينى يوسف فى المنزل سريعا قائلا لورد بسرعه
- فين اوضة وجد ..
اشارت له ورد بنفاذ صبر لاعلى: اهو عندك فوق اتفضل ..
- لا ماانت هتتفضلى معايا ..

زفرت باختناق حتى سبقت خطاه لغرفه وجد .. ففوجئت به يمسكها من ساعدها يدفعها للداخل كاتما بيده صوت صراخها وفى نفس الحال اخرج الكارنيه لديه امام عينيها المتسعتين بذهول وانفاسها التى يكتمها بيده قائلا بحذر
- النقيب يوسف هلال من قسم مكافحه المخدرات .. اهدى انا جاي هنا عشانك وعاوزك تساعدينى ..
اصدرت ورد انينا مكتوما وهى تحاول التخلص من انقاضه المفاجئ عليها قائلا بحذر وهى يمد انظاره للخارج
- اسمعينى هما كلمتين .. اختك واهلك كلهم فى خطر وعمك وابن عمك مش ناويه على خير انا عاوزك تساعدينى وخصوصا لو عرفتى ان دا له علاقه بمعرفة قاتل ابوكى الحقيقي بدل مااحنا بنجرى ورا خيط ملهوش اثر ..

ارتفعت انفاسها وهى تستمع له بخوف وقلق احتل عينياها فدنى منها يوسف خطوه هامسا لها
- ورد .. انت الوحيده اللي هتقدرى تنقذي اخواتك وامك من شر حيدر واللى وراه ..
#بااااااااااااااك

تنهدت ورد بكلل وخوف: يارب عديها على خير .. انت عارف ماليش غيرك .
نفس عميق اخده سليم وهو يسحب السلاح من يد كوثر الذي انقض عليها محمد من الخلف وخيب هدفها حيث مرت الرصاصه بجوار سليم حتى استقرت فى الحائط خلفه .. فاردف سليم بتوعد
- وانا اقول بتك طالع قلبها قوي لمين !
اطمئن قلب وجد الذي انخلع من مكانه عندما سمعت صوته لازال بقوته فى الخارج .. ارتدى عبائتها سريعا ثم خرجت وعلامات الذهول تملاها قائله بفزع
- امى ! انت هنا ؟!

جحظت لها كوثر بكره: ايوه يابت بطنى .. كوثر اللى ما عرفتش تربي ! وجايه تقطم رقبتك ..
اقتربت وجد منها ودموع وجعها تسيل بحرقه:
- لييه وانا كنت عملت ايه .. فين الحرام اللي يغضب ربنا اللي عملته ؟!
- تسلمى نفسك لكلب زي دا وتقولى اي ذنبى .. ورحمة ابوكى ياوجد ماههنيكى بيه .. وهقتلك وهقتله حتى لو هاخد اعدام فيكم ..
حضن سليم وجد قاصدا ان يثير غضبها  فاردف بتوعد
- دى مرتى واللي يرشها بالميه هرشه بالنار .. حتى لو كنت انت احسنلك ترضي بالمقسوم وتفرحيلها والا عظيم يمين تلاته مااخلى فيكم واحد عايش ياعتامنه لو دوستوا لمرتى على طرف ..

ثم ربت على كتف وجد التى ترتعش فى حضنه وترتعد اشتياقا لامها التى تحمل سلاحا تريد قتلها .. واصل سليم كلامه
- بعد اللي عملتيه انا المفروض ماطلعكيش منه اهنه .. بس اكراما لبتك هطلع متربي معاكى وهسيبك تمشي .. ولو حابه تقعدى مع بتك كمان على راسي .. بس لو زعلتيها ودينى ماهرحمك ..
ظلت كوثر ترمقهم بنظرات تحمل شظايا الغضب حتى زفرت باختناق قائله
- ميشرفنيش اقعد فى بيت كله قتالين قتله وخطافين نسوان .. انا جايه احذرك ياسليم انى انا اللي هرجع شرف العتامنه من اللي جابتلنا العار وخلت سيرتنا على كل لسان !

ثم استدارت لتدفع محمد بعيدا وهى تقول بصوت عال وهى تخترق صفوف الخفر الذين احتشدوا اثر ضرب النار:
- ياويلكم منى ياهواره .. لسه التقيل جاي !
ضم سليم وجد التى انهارت فى حضنه اكثر فلم تكف عن صراخها بل ابتعدت عنه تهذى بكلمات غير مفهومه ممزوجه بدموع قلبها قائله وهى تلهث
- ليييه ليييه ياسليم مش مكتوبلنا نفرح .. ليه ربنا ياخد منى ابويا وسندى فى الدنيا .. ليه امى تعاملنى بالقسوة دي .. ليييه الدنيا مش عاوزانا سوا .. ليييييه ليييه ياسليم انا عملت ايه قووول لى..

قرب منها سليم ليحتضنها ويبث الامان بجوفها ولكنها دفعته بعيدا وارتفع صوت صراخها اكثر
- انا متمنتش غيرك من الدنيا .. هي بتعمل فيا كده ليييه .. واقفه فى طريق فرحتى ليه .. انا عاوزه ابوياا ياسليم .. ابويا وحشنى قووى .. هو سابنى فى الدنيا ومشي وساب وجد من غير سند .. مكنش ينفع يمشي ويسيبنى دلوقت .. انا عاوزه ابويااا ياسليم ..

ثم تشبثت فى ذراعه وهى تلتقط انفاسها بصعوبه وتجهش بالبكاء
- هو كان مفهمنى انى اتعب واعافر هوصل لكن مقاليش انى هدفع التمن غالى قوى وهو قلبى ووجعه بطول العمر .. انا مكنتش عاوزه حاجه غير حبك ياسليم .. والله كنت عاوزه حاجه غيرك .. ابويا قبل مايموت كلمك وقالك تخلى بالك على وجد ياسليم .. بس وجد مابقيتش عاوزه الدنيا ياسليم يلاونمشي منها ونسيبهالهم  .. انا كرهتها كلها طمع ودم وانانيه .. انا خلاص مش قادره اتحمل تانى .. س لي م ..

ظلت تثرثر امامه بكلمات نابعه من جوف الحزن حتى تقطعت حروفها وانخفضت انفاسها تتدريجا حتى سقطت مغشي عليها فى حضنه .. صرخ سليم فى محمد الذي يراقبها بذهول ووجع يقرضه قائلا
- الحقنى يااامحمد ..
ركض محمد نحوها ليتحسس نبضها قائلا بلهفه:
- هروح اجيبلها حقنه مهدئه بسرعه .. وديها جوه بس ..

حملها سليم وبجوفه الآلم لم تنته ولم تكف عن الاحتراق بداخله .. استجمع شتات قواه بعناء وهو يحملها ويتجه بها صوب غرفته يتأمل جسدها الذي ينتفض كالطير الذبيح الذي يغوص فى بحر دماء بحلاوة روح .. وضعها فوق السرير بلطف جالسا بجوارها واخذها الي صدرها بحنان ام ويربت على كتفها جاهرا
- اهدى ياوجد .. انا جمبك .. اهدى والنبى عشان خاطر سليم .. اهدى .

ركضت نورا وعماد وصفوة  لاسفل فالتقوا جميعا فنادى عماد على احد الخفر
- حد فيكم ضرب نار .. صوت ضرب النار دا جاي منين !
ركضت عفاف وثرثا على عماد بلهف: حصل ايه ياولدى وضرب النار دا لييه ..
الخفير قائلا: دي الست ام وجد جات وقالتلنا عاوزه  اشوف بتى وكانت عتبكى فدخلناها واتفاجئنا انها معاها سلاح وضربت على سي سلييم ..
ندبت عفاف بصراخ: ولددددى .. بت العتامنه هتجيب اجله ..

اما عن ماجده التى تراقبهم من اعلى انخلع قلبها من جوفها على سليم .. فالفتت باهتمام لسؤال عماد
- وسليم جراله حاااجه .. انطق !
الخفير: لا ما لولا الدكتور محمد ربنا بعته فى الوقت المناسب كان هيجراله .. بس ست وجد عيانه قوى ..
سمعا نورا وصفوة لجمله الخفير الاخيره ثم نظرا لبعضهم سريعا فجذبت نورا اختها وركضت نحو بيت سليم .. اردفت عفاف بلا اهتمام
- هى فى داهيه المهم ولدى .. ولدى تحصلوش حاجه .. اااه يامرك ياعفاف .. سبتنى لحالى لييه ياعادل !

اما عن ثريا فأكتفت ان ترضي فضولها ثم رمقتهم بنظره اخيره
- يلا .. ولسه هتشووفوا دم من ورا العتامنه ياهوارة .. مش جبتوا راس الحيه لحد بيتنا ..
نظرت لها ماجده من اعلى بسخط واضح فاردفت لنفسها بسخريه: شوف مين بيتكلم !
ركضت عفاف وعماد صوب منزل سليم الذي يقطن به .. اما عن نورا وصفوة اخترقوا منزله فوجدوها فى حاله لا تسر لهم .. ترتعد وترتجف فى حضن سليم الذي لم يتحمل ان يراها فى تلك الحاله .. جلست صفوة محاوله اخذها منه كى تفحصها
- سليم سيبها طيب انا هشوف مالها ..

لازال يحتضنها بكل ما اوتي من حب مع دمعه خدعته وفرت من طرف عينه قائلا بخوف
- صفوة .. هى هتبقي كويسه !
ساعدت نورا صفوة التى تستخدم ذراعا واحدا فى اعتدال وجد فاخيرا تخلى عنها سليم وبسطها على الفراش بلطف .. شرعت صفوه فى فحصها ثم دخل محمد الذي يأخذ انفاسه بصعوبه اثر ركضه قائلا
- جبتلها حقنه مهدئه ياصفوة ...
جذبت صفوة الحقنه من محمد مشيره لنورا
- ارفعى الكم ..

اعطت صفوة الحقنه لوجد التى اثرها هدأ كل ما بوجد تدريجيا حتى قبضتها القويه على كف سليم ضعفت تتدريجا فغاصت فى سبات عميق ودموعها لازالت تفر هاربه من بين جفنيها .. التفت سليم لصفوة بلهفه
- هتبقى كويسه مش كده !
اومأت صفوة ايجابا بخفوت وهى تمد الحقنه الفارغه لنورا: ااه ياسليم خليك جمبها ساعتين تلاته وهتفوق .. انهيار عصبي مستحملتوش فاغمى عليها ..
وقفت عفاف بجواره وبداخلها مزيج من الغضب الخوف: سلليم عاوزاك .. قوم معاي ..
كان سليم يمد الغطاء برفق فوق وجد ف رد على امه بلا اهميه
- بعدين ياما .. مش هسيب مرتى ..

شرعت عفاف ان تتحدث ولكن تدخل محمد ريعا يضغط على كفها قائلا بهمس
- خلاص ياما .. تعالى نسيب سليم دلوق .. خلي مرته ترتاح ..
تصمرت مكانها وهى تشيعه بنظرات حانقه فجذبها محمد برفق قائلا
- يلا يااما .. -ثم جهر بصوته قليلا -  اي حاجه رنلى ياسليم ..

تسللوا جميعهم واحد تلو الاخر ببطء فلم يستشعر سليم وجودهم لانه كان مغيبا تحت ستار خوفه وقلقه عليها .. تحرك ليقفل انوار الغرفه بلطف ويتأكد من قفل باب المنزل ثم عاد اليها ليبسط جسده بجوارها برفق ممسكا بكفها فطبع قبله رقيقه قائلا
- انا جمبك متخافيش .. عمري ما هسيبك .. يلا عاد قومى كملى خناقك معايا زى ما كنت بتقولى !

- انت مالك يابت حالك متشقلب اكده لييه ! حابسه نفسك فى الاوضه وماشاء الله تبارك الله السجاده والمصحف مش مفارقين ايدك ..
اردفت ثريا جملته وهى تقتحم غرفة ابنتها الجالسه فوق سجاده الصلاه تناجى ربها وترتل بعض الايات القرانيه بخشوع .. فتجاهلت كلمات ثريا قليلا حتى انتهت من قراءه صفحه القران ثم قفل المصحف ووضعته على المنضده برفق قائله بتأفف
- ودى حاجه مزعلاكى فى ايه يااما ! ما تطلعينلى من راسك وهرتاح كلنا ..
قبضت ثريا على ذراعها وهى ترجها بقوة بعدما دنت لمستواها قائله
- مضيتى سليم يابت !

دفعت ماجده ذراع امها بقوة لتجيبها
- مش همضي حد .. ووث سليم خد بشقاه وتعبه وهو اللي طفح المر مع جدي .. ولو جينا نفكروا بالعقل احنا ملناش غير التلت فى ورث جدنا اللي هو عيال عمنا مشاركينا فيه ! يبقي باى حق عاوزانا ناخد حاجه مش ملكنا .. اسف ياما انا مش هطاوعك فى حاجه !
تبدلت ملامح ثريا ليركض بها الغضب: انت ضربتى فى نفوخك ولا اي يابت انت .. فوقى وشوفى بت العتامنه عامله زي الحيه عتلف على جوزك كيف ! وانت ياخايبه هتطلعى من المولد بلا حمص ..

وثبت ماجده قائمه محاوله تمالك جيوش غضبها .. فاردفت بيأس
- سيق وقولتلك خلى كل واحد فى حاله يااما ..
ثم سكتت قليلا وهو تجلس فوق الفراش وتعقد ساقيها بخفه
- الا هو انت كنت فين امبارح صح ! الغريب انك مافكرتيش تروحى تبصى على يسر ! خير هى يسر مش اختنا ولا ايه !
وقفت ثريا بتثاقل وهى تستند على المنضده محاوله استيعاب صاعق كلماتها الذى ارعدها
- ان ت .. انت قصدك اي يابت انت ومالك عتتلونى كيف الحييه اكده ! ماتتكلمى عدل !

- احم انت اللي مال وشك اتغير كده ليه .. انا عفكرك بس تسالى على يسر مش اكتر... والنبى ياما خدى الباب فى يدك واقفلى النور عاوزه اريح راسي شويه ..
شيعتها ثريا ببعض النظرات المدججه بالغضب وانفاس مختنقه مردفه بقلق مكتوم
- طيب يابت بطنى ! طيب .. ابقي ماتجيش بكره تبكيلى ..
اردفت جملتها ثم غادرت هاربه من نظرات ابنتها التى تحرقها .. ثنت ماجده ساقيها لتستند عليهم بذقنها قائله بألم
- لازم اعرف مين اللي متجوزاها ! واي اللي يخليكى متجوزه والا كانت متأكده من موت ابويا !

نادى عماد على صفوة التى تسير امامهم متجهه نحو شقتها قائلا
- صفوة .. عاوز اتكلم معاكى !
توقفت صفوة باستغراب حتى اقتربت منها نورا وعماد
- خير ياعماد فى حاجه !
اطرق عماد قائلا بضيق: مجدى طلقك ..
ضحكه ساخره ارتسمت على وجهها عكس ما يخفيه جوفها .. فعقدت ساعديها بكبرياء
- ااااه طلع  عاقل وخاف على نفسه احسن يتحبس ..
عماد بعدم تصديق: لا مستحيل مجدى يعمل كده عشان خايف يتحبس .. انت اكيد فاهمه غلط ..
ارتسمت ضحكه ماكره على ثغرها مردفه
- ااهو خاف عندك اي كلمه .. اى اوامر تانيه !

نورا باستغراب: انت بتتكلمى كده ليه ! ماتتكلم عدل !
تجاهلت صفوة تحذيرات اختها فوجهت حديثها لعماد
- بكره نروح المحكمه نخلص موضوع الدعوى اللي رفعتها امى .. عشان نخلص وافوق لشغلى وحياتى اللي اتعطلوا بسبب البيه .. بعد اذنكم ..
استدارت صفوه امامهم خافيه نيرانها المكبوته فخشت ان تنكشف اشعه حزنها وشوقها له امام اعينهم .. فالعشاق لديهم القدرة ان يقرأوا عيون غيرهم ببراعه .. بادل عماد نورا بنظره تعجب مردفا.

- 6 سنين وكيل نيابه ومن خبرتى اختك مش ناويه تعديها .. وشكل موضوع الطلاق ده واجعها قوى ..
نورا بعدم تصديق: هاااهاا لالا يبقي ماتعرفش صفوة .. وقعت منك دي يامعالى المستشار ..
غمز لها بطرف عينه: هتشووووفى ..

دخل محمد شقته وبداخله جيوش من الغضب محاولا تمالكها وهو يشعل نور الغرفه التى تنام بها يسر
- قوليلي كلتى اي امبارح يايسر ..
نهضت من فراشها بتكاسل وصوت كله نوم: فى اي يامحمد ! مالك ..
القى التحليل على الفراش بقوة مردفا
- قوليلي كلتى ايه الصبح قبل ما يحصل اللي حصل
هزت كتفيها بتلقائيه مردفه: شربت لبن .. امى جابتلى لبن ! لييه
ضحك محمد ساخرا وهو يضرب كف على الاخر: ااااه امكككك .. قولتيلى !

نظرت له بقلق: فى اي يامحمد مالك !
جلس على طرف الفراش وهو يضرب كف على الاخر ثم ارتسم ابتسامه ساخره
- ابدا .. امك بس قتلت ابننا يايسر ..
يسر بصدمه: مستحيل طبعا !
وقف محمد بجيوش غضبه قائلا
- مش هعديهالها .. وهنزل اطرق البيت فوق راسها .. هى حصلت تقتل ابنى ..

فزعت يسر خلفه كالهائم على وجهه بدون مقصد حتى ثنيت ساقها فاتخل توازنها فسقطت ارضا صراخه بالم: الحقنى يامحمد ..
ركض محمد عليها متلهفاا وهو يرفعها من الارض
- مش قادره يامحمد .. ضهرى هيموتنى .. عاوزه اروح مستشفى

- هااا ياادهم ناوى على ايه !
نفث ادهم دخان سيجارته وهو يستند على سيارته
- هبدا اللعب مع الكبار ..
حسن بتركيز: ايوه اللي همما ميين ؟!
شد نفس اخر من السيجاره ثم نفث دخانها حتى انعقد كالسحابه فوق قائلا
- بيت الهوارى .. وبيت الخياط حق ولد عمى فايز لازما يرجع .. والعتامنه حيدر بيه عتمان .. عاوزين خطه متخرش الميه نوقعهم فى بعض .. فكر معاي اكده !
حسن بمكر تعالب: يبقي تسمع ابو على هيقولك ايه ..
- اشجينى !

شد حسن السيجاره من يده لياخذ منها نفس اخر قائلا
- انت ترمى لكل كلب فيهم عضمه تلهيه لحد ماتضربهم كلهم على قفاااهم عشان ماتتعبش ومحدش فيهم تقوملهم قومه بعد اكده !
ادهم باهتمام: ازاى !
حسن بمكر: هع هقولك على اول ضربه ...

مر على غيابها عدة ساعات سرقها النوم منه .. ظل جالسا بجوارها يتأملها ويتوسل لها ان تفيق فقلبه اصبح هرمًا بغيابها .. يكره ساعات غيابها كما تكره الاسماك تكدر مياؤها .. يجلس معها فى ظلام دامس يفيض بوجع قلبه بكلمات وذكريات تضاجع قلبه حتى انجبت حديثا يخلقه مع روحها التى تملأه قائلا بحزن بالغ:
- من 5 سنين لما طلعتى الاولى على الدفعه ساعتها كنتى بتنططى قدام عيونى زي المجنونه .. روحنا المكان اللي كان بيشهد على كل لحظه عشانها سوا .. لقيتك جريتى عليا وحضنتنى حضن لسه ريحته فى قلبى لحد دلوق .. كان له طعم مش قادر انساه .. كل اول حاجه منك ليها بصمه مش مفارقه قلبى .. ساعتها اتعلقتى برقبتى زي الطفله اللي ماصدقت لقيت امها .. ممنعتش نفسي انى اضمك واتمسك بيك زي ماانت متبته بالظبط والف بيكى فى المكان كله .. وقتها كل حاجه جوايا شدتنى ليك حتى عيونك كانوا مغرين قوى انى احضنهم بطريقتى ..

فاكره وقتها عملتى ايه .. هااها انا هقولك معلش بحب كلامى عنك وياريته كل كلامى .. بعدتى عنى وقوليلى انك لازم تروحى .. وجريت معرفتش اوقفك واختفيتى لحد ما كنت هتجنن عليك .. اكتر من شهر ونص مش عارف اوصلك .. لحد ما لقيتنى واقف قدام عربيه ابوكى اللي كان بيدينى فوق دماغى .. قولتلو  عمى عاوز اتكلم معاك
وقتها كان مشغول وبيتكلم فى التليفون اللي اتعمد يخلصه بسرعه ويبصلى ويقول لى  هو انت تانى .. يابنى هو انا مش قولتلك معنديش بنات للجواز !
عاندت قدامه وقولتله: لا عندك واسمها وجد كمان وانا مش هتجوز غيرها .. انت مش عاوز تجوزهانى ليه .. اكمنها دكتوره وانا مش دكتور زيها ! بس الاستاذ سالم قدوتنا عمره ما يفكر فى الفروق دي ..

اتحرك عشان يفتح باب عربيته لقيتنى وقفت قدامه زي عيل صغير متشعبط فى لعبه وهياخدهاا يعنى هياخدها .. لقيته بص لى كده وقال لى  وانت عتحب وجد
قولتلو من غير تفكير: انا مش عتنفس غير وجد ..
قالى: وهى ! رايداك !
ساعتها سكتت مكنتش عارف اقوله ايه .. بس اللي فهمته انه عملى اختبار سريع من بتوعه ومستنينى هنجح فيه ولا لا .. رديت عليه بسرعه وقولتله  هو مش كفايه انى حاببها ورايدها وهشيلها فى عيني ! يبقي اكيد هى كمان لما تعرفنى هتحبنى.

بص لى كده وكنت متأكد انه كاشفنى وبحور عليه ف راح قال لى كلمتين مش ناسيهم
- اتجدعن واثبت نفسك بعيد عن فلوس جدك وابوك واثبتلى انك راجل رايد بتى صوح وساعتها مش همانع اديك حته من قلبي ... سليييييم مش عاوز حبك لوجد يأثر على مستقبلك وشغلك ..
وقتها كنت طاير من الفرحه عاوز اشق الارض والجبل واحفر فيهم عشان اثبتله انا بحبك قد ايه .. وقتها رديت عليه رد كان هياكلنى فيها بس لحقت نفسي واختفيت من قدامه بسرعه البرق
- تأثر على مستقبلى وشغلى ايه بس ياعمى .. دى مأثره عليا انا شخصياا !

ثم فاق سليم من شروده وعلى ثغره ابتسامه باهته ليطبع قبله رقيقه على جبهتها قائلا
- تعرفى ان ابوكى كلمنى قبل وفاته ب 3 ايام وطلب يقابلنى ساعتها كنا اتكشفنا قدامه خلاص .. وقتها قعد وعزمنى على احلى كوبايه قهوة شربتها فى حياتى وقال لى انا جايبك هنا عشان نقرا انا وانت فاتحتك على وجد ... كانت قهوة بنكهة حب حاربت عشانه سنين ولسه بحارب ..

بسط جسده بقربها وهو يتوسل لها
- يلا عااد ياوجد كفاياكى نوم وقومى .. اومال كيف قولتيلى انك جيشي اللي هحارب بيه عمرى كله ! مش قد كلامك عتقوليه لييه ..
طرقت صفوة الباب بهدوء فنهض سليم بتكاسل ليفتح لها الباب فسألته بقلق
- هى عامله اى دلوقت !
سليم بيأس: مفاقتش ياصفوة .. اروح اوديها مستشفى طيب !
صفوة بسرعه وهى تدلف الغرفه: ان شاء الله مش مستاهله ياسليم !
شرعت صفوة فى فحصها تحت انظار سليم التى تتأجح فوق اوتار القلق قائلا
- هاا نبضها كويس..!

ابتسمت صفوه لتطمئنه: ماتقلقش دى نايمه بس .. وساعه بالكتير وهتلاقيها فاقت .. هقوم انا هخلى حد من البنات فى القصر يجيبلها اكل .. وانت متسبهاش .
سليم بامتنان: تعبتك ياصفوة وانت فى الحاله دي !
- ماتقولش كده ياسليم احنا اهل واخوات بردو .. الف سلامه عليها .. اول ماتفوق حاول تخرجها من كل حاجه ممكن تزعلها  .. ماشيه انا بقا هى احسن دلوقت ..
خرجت صفوة من منزل سليم وهى تحترق من جوفها قلقا على مجدي حتى اُرسلت لها رساله اخرى
-  خليكى كده متجاهله رسايلى.. عموما البيه بتاعك اللي راح يدور عليا فى مصر انا لسه فى قنا ومحاصرك زي ضلك ياصفوة.

بث الرعب فى جوفها مما جعلها تلتفت يمينا ويسارا بفزع حتى ركضت الي القصر الكبير لتختبىء به وتقضي ليلتها التى تلاحقها اشباحها بدون شفقه ..
شرعت وجد ان تستفيق بتكاسل وببطء شديد كأن فوق جفنيها جبلان لا يريدان ان ينفصلا .. اتسعت ابتسامه سليم متلهفا
- وجد انا جمبك ياقلبى .. احسن دلوقت ..
حاولت استيعاب ما مرت به صباحا ولكن دون جدوى فالتفت اليه قائله
- هو حصل ايه ياسليم وانا نايمه كده ليه ..

ابتسم سليم ممازحا وهو يحمد ربه على سلامتها قائلا بمزاح
- بركات القميص الفيروزى ياستى ! عشان نتلم بعد كده .
ابتسمت بخفوت محاوله تذكر ما يحكى عنه الا ان مقتطفات من الصباح تلحق ذاكرتها قائله
- سليم هى امى جات هنا صح .. ولا انا كنت بحلم ..
قبل اناملها بشوق قائلا: ينفع تنسي كل حاجه وماتفتكريش غيري .. انا زى القرد قدامك اهو !
ابتسمت بهدوء ثم اردفت بصوت كله نوم قائله
- حلمت حلم حلو اوى على فكره ..

- احم اييه كنا بنكمل الموضوع اياها اللي مكملش بتاع الحمام ولا قصدك الموضوع التانى بتاع القميص الفيروزى ؟!
اتسعت ابتسامتها اثر مزاحه اللا متناهى قائله بحزن مكبوت
- حلمت انك قاعد ما ابويا وبتقروا فاتحتى ؟!
اقتضبت ملامح سليم قائلا بمزاح:
- ودى حاجه حلوة انى قاعد مع ابوكي ياوجد ! مبسوطه انت يعنى .. وهقرا كمان فاتحتى على مراتى ! انت مجنونه .. دانا كنت اروح فيكم فى داهيه .. خلاص يانجم انت اتكلبشت ومابقاش فى مفر منى .. وبذمتك حد يحلم بقرايه الفاتحه وانا اللي دماغى راحت لحته تالته خالص ..

ابتسمت بتعب مصدره صوت ضاحك قائلا: والله انت مشكله ..
داعب وجنتها بحنان قائلا: قلقتينى عليكى جدا .. جالك قلب تعملى فى سليم كده يامفتريه !
- وانا عملت ايه ..
- ولا ايه حاجه كنت حابه تعرفى غلاوتك عندى .. يلا قومى عاد ليكى كتير نايمه وبصراحه وحشتينى جدا .. مممممم قوي يعنى ...
استندت علي ذراعه كى تنهض بتعب وتكاسل شديد  فشعرت بدوران فى راسها متذكره شيئا ما
- سليم هى امى كانت عاوزه تقتلك صح ؟!

زفر سليم بغضب مكتوم محاولا اخفائه فاردف: انسي ياوجد .. كأنه محصلش حاجه وامك معذورة بردو .. انا لو عندى بنت زي القمر كده زيك واتجوزت من ورايا هدفنها .. ولا ايه ..
ثم ضمها الي صدره بحب بالغ قائلا
- ربنا يقوينى واعوضك عن كل حاجه خسرتيها عشانى ياوجد ...

مر يوم طويل على الجميع كل منهم يحترق بنار اخرى بجوفه ..حتى ازحت الشمس ستائر الليل لتشرق اشعتها حامله بين ثناياها احداثا اخرى ..
تقف صفوة امام المراة بعدما انتهت من ارتداء ملابسها .. رنت على عماد لتخبره بأنها جاهزه للذهاب معه الي المحكمه ..
اما عن وجد التى قضت ليلها فى حضن سليم الذى ظل يداعبها بحديثه طوال الليل الى ان خلدت على صدره فى سبات نومها حيث ملجاها ومامنها  الوحيد والاوحد..

وصل عماد بصحبة رجاله الى مكتب العميد فؤاد ابو الحمد والد ياسر قائلا بنبرته القويه للسكرتيره
- اللى مشغلك موجود جوه !
ارتعدت الموظفه من فوق مكتبها عندما رات احتشاد من رجال اقوياء البنيه خلف مجدى ونبرة صوته التى تحمل جيوش مدججه بالغضب قائله برعب
- هديله خبر ..
رمقها مجد بنظره غاضبه
- لا ارتاحى انت .. هديله انا الخبر بنفسى
هجم مجدى ورجاله على مكتب العميد فؤاد الذي اصابه الرعب فى مقتل قائلا بثرثره وهو يمسك بيده الهاتف ليطلب الامن
- انتو مين سمحلكم تتدخلوا ..

مجدى بتحد وهو يتحرك من بين رجاله ليجلس امامه قائلا ببرود
- من غير ما حد يسمح .. احم انا اللي سمحت لنفسي .. ولدك فيين ..!
ترك العميد الهاتف من يده بصدمه مردفا
- ولدى ؟! ياسر .. انت عاوز منه ايه
مجدى بقوه وحزم: ابدا .. تصفيه حساااب ..

يقف ادهم امام وكيل النيابه قائلا بشر مكتوم
- انا عاوز اشهد فى قضيه حيدر عتمان ..
وكيل النيابه باهتمام: جاي تشهد على عمك ! دي شكلها هتحلو اووي !
اومئ ادهم ايجابا: لا انا جاي اقول شهادتى من غير ما عمى يعرف .. اعتبرونى فاعل خير فى القضيه دي ..
وكيل النيابه: وخير ايه اللي عندك يا فاعل الخير !
اخذ ادهم نفسا عميقا ثم اردف بحقد
- عمى هو اللي خطف وجد من جوزها وكان بيعذبها .. وانا ضميري مش مطاوعنى اسكت كل دا .. ولازما حق بت عمى يرجع ..

وكيل النيابه باستغراب: يعنى هى متجوزتش من وراكم وعمك مكنش يعرف انها متجوزه !
- كيف ياابيه اذا كان هو بنفسه اللي بعتى اقف مع خالها وهو بيشهد على العقد .. عمى غلط ولازمًا ياخد جزاته ..ولو سالت خدم القصر كلهم هيأكدوا كلامى .. اهم حاجه انا مش عاوز عمى يعرف انى جيت اهنه واعترفت بأقوالى

على ناحيه اخرى تجلس صفوة امام وكيل النائب العام الذي يستجوبها قائلا بعدما تاكد من هويتها
- هاا يادكتورة صفوة ايه رايك فى البلاغ اللي قدمته المدعيه ثريا الهواري على جوزك البيشمهندس مجدى الهوارى ..
هزت رأسها نفيا بعد تردد مردفه: حصل .. وانا مستعده للطب الشرعى يثبت كلامى ..
ذهل عماد الجالس امامها كالذي انصب عليه اناء ثلج قائلا
- صفوووة !

اشار له وكيل النيابه بكف قائلا: لو سمحت
واصلت صفوة حديثها وشظايا الشر تنبعث من عينيها
- حصل .. اتجوزته غصب عنى .. ودا ممنعهوش كل يوم اهانه وضرب وووووو واخرهم اغتصاب .. انا عاوزه حقى يرجع !
عماد بضجر فزمجرت رياح غضبه للكاتب: استنى يابنى انت بتكتب اييه .. صفوووة انت اتجننتى ..
النائب العام بحزم: استاذ عماد خلينا نشوف شغلنا والا هضطر اخرجك برا التحقيق !

- مالك يامحمد ياولدى .. داخل بسّمك ونارك اكده ليييه !
فزعت عفاف من مجلسها اثر دخول محمد الذى ركل الباب بكل قوته وهو ينادى على ثريا بصوت جمهورى قووووي ..
محمد هتف: يااثريا ... تعالى انزلي جييه الوقت اللى تنكشفى فيه قصاد الكل وتبان حقيقتك ..
دلفت ثريا مختاله وهى تتمايل يمينا ويسارا  فوقفت فى منتصف السلم
- مالك طايح فى الكل اكده ! ماتهدا على نفسك مالك .. ؟!

قطع محمد خطاوي الارض غضبا وهو يصعد اليها جاهرا
- بتك من امبارح محجوزه فى المستشفي بتموت بسبب اللى انتى هببتيه !
تقاسم الغضب معالم وجهها محاوله اخفاء قلقها الذي بلغ ذروته
- بتى مالها يامحمد ! عملت فيها اي ؟!

محمد باستنكار: لا انا معملتش انت اللى عملتى لما سقطيها .. وشوفى بقي حطيتى لها ايه فى اللبن قبل ماتشربه ... انت قتلتى ولدى قبل ما يجى ياثريا ..
ندبت عفاف على وجنتيها اثر حديث محمد المدجج بنيران الذهول الذى احتشد الجميع عليه .. زاحت ثريا محمد من امامها صارخه
- اى الجنان دا ! وسع كده .. انت اكيد بتخرف .. انا سخنت اللبن اللى بعتته امك وهحط اي لبتى انت اتخبلت ...

واصلت عفاف حديثها بذهول عندما رمقها محمد بتساؤل
- حطيتى ايه فى اللبن يااما ..
بدا على وجهها الارتباك وهى تردف
- هحطلها ايه ياولدى .. انا كنت جايباه وجايه قابلت وجد طالعه لصفوة وصممت تاخده منى عشان رجلى وجعانى .. وبس دا كل اللى حصل ..
قهقهت ثريا بمكر لان مخططاها اكتمل كما تريد قائله وهى تضرب كف على الاخر
- روح شوف مين اللى سقط مرتك .. مين الحيه اللى دخلت علينا وعاوزه تبخ سمها فى وش الكل .. مين اللى زايحها عمها عليكم ياهوارة لحد ماهتجيب راسكم فى الطين ...

التهبت عيون محمد بنيران الغضب وهو يكور قبضته بغل
- وجد !
تتابع ماجده الحديث من اعلى ففرت دمعه هاربه من طرف عينيها قائله بذهول
- وكمان سقطتى يسر ! وبتجبيها فوجد ؟!

صوت منخفض اشبه بالهمس تصحى على الحانه
- احنا هنقضيها نوم ولا ايه ياوجد مش كفايه يلا ..
تنفست بارتياح وهى تحضنه اكثر قائله
- يابنى ما تسيبنى نايمه .. انت عاوز تصحينى ليه !
- احمم عيونك وحشونى .. حرام يعنى .
رفعت عيناها اليه مستنده بذقنها على حواجز صدره قائله بحب
- صباح الخير ياحبيبي !

- وهو في خير اكتر من انى اصحى على العيون دي .. وبعدين سيبك انت هو الانهيار  العصبي بيخلى الواحد قمر كده !
ابتسمت له بحزن مكتوم: تعبتك معايا امبارح .. مش كده ؟!
- وهو انا عايش غير عشان اتعبالك .. انت تعبك ليا راحتى ياوجد ..
ثم انحنى على اذنها هامسا
- يلا قوومى عاد عشان نعوض امبارح اللي اضرب دا .. عشان عاملك مفاجاه حلوة اووى ..
- ايه هى بقي .. قول لى !

سليم وهو يبتسلمها بحب قائلا: قومى بس وسليم هيعيشك يومين بره الدنيا يلا ..
صوت طرق شديد على الباب فزعت له وجد التى اصبح لديها فوبيا من اي طارق قائله بخوف
- سليم .. مين اللي جايلنا ؟!
نهضت سليم كى يرتدى ال تى شيرت  سريعا: دى اكيد صفوة جايه تطمن عليك .. او حد من البنات جايب فطور .. مش هتأخر عليك ..
ذهب سليم كى يفتح الباب وتركها ترتعد من القلق الذى هجم على قلبها فجأه وكانت الصدمه هنا بمجرد ما فتح الباب وجد احتشاد كبير من العساكر
- خير .. عاوزين اى ؟!
اردف الظابط قائلا: الدكتورة وجد متقدم فيها بلاغ من النقابه ومطلوب القبض عليها لتحقيق معاها
سليم بفزع: ايييييييييييه !
الى ذلك الشخص الذي لم يفشل يومًا فى شق بسمتى من احجار الحزن .. الى من يسكننى للحد الذى لم استطع التميز بما يملانى فهل هو لى ام تبعه .. الى العيون التى تربكنى كثيرا والى الصوت المفعم بحياه لا اريد الابتعاد عنها ابدا .. الي اول كلمه منه اربكتنى  اصيله يام العيال  حقًا فاننى لا اريد ان اكون امًا الا لك ثم لاولادك وحدك .. الى كل الصدف التى اتت بى في حين اعلن قلبى راية نسياك كأنها تخبرنى بقوة لا يوجد مفر منه الا اليه .. الى قلبى الذي لا ينادى الا عليك .. عد , تلله اسلاك الغياب حاده تهلك .. - نهال مصطفى

- انا ممكن القى تفسير للجنان اللي حصل جوه دا !

نهر عماد صفوة التى سبقت خطاه بمجرد خروجها من المحكمه .. فاستدارت اليه قائلا بغل
- اخوك غلط ياعماد ولازم يتربي .. ويعرف حجم الكارثه اللي عملها ..

ضغط عماد على شفته بنفاذ صبر وعيون جحظت من موضعها ليردف
- وانت هتكونى مبسوطه لما تدخلى ابن عمك السجن !

التوى ثغرها بضحكه ساخره: هاااا .. وهو معملش حساب للصله دى ليه وهو بيرتكب جريمته .. انا ومجدي مابقناش ننفع لبعض خلاص ياعماد

رمقها عماد بنظرات عدم تصديق مما جعلتها تخفض انظارها ارضا خشية من ان ينكشف امرها امامه خافيه انظارها خلف نظارتها السوداء التى ترتديها .. فاردف عماد بشك
- متأكده! اومال انا ليه شايف حاجه تانى .. حاجه رافضه كل كلمه انت بتقوليها !

- محدش له الحق يشوف غير تصرفات .. اما اللي جوايا دا خليه ليا لوحدى .. انا واخوك بقينا خطين سكه حديد لو اتقابلوا ضحاياهم هتزيد ..

دنى منها عماد خطوه عامدا اطاله النظر بعينها .. فخرج صوته ممزوجا مع نسمات الهواء البارده
- افشل حرب يخوضها الانسان مع نفسه انه يتظاهر بالقوة مع ان كل حاجه جواه بتنهار ..

- على كلٍ حتى لو كلامك صح .. محدش هيعرف الفرق بين الاتنين .

زفر عماد باختناق وهو يضرب كف فوق الاخر: لله الامر من قبل ومن بعد ..

ثم اشار اليها نحو السياره قائلا
- اتفضلى يابت عمى...

صعد الاثنين السياره فتعمدت صفوة تجنب اي حديث معه شاغله علقها بالهاتف تتصفح مواقع التواصل الاجتماعى حتى سقطت عينى عماد على اول اسم فى قائمه البحث  مجدى الهوارى
فاطلق ضحكه ساخره ليردف فى سره
- المجنون اللي يحاول يفهم واحده ست ..

تأهب عماد لتحرك بالسياره فأتاه هاتف سليم ذو النبره المرتعده
- عماد .. الحق ادهم قدم الفيديو للنقابه والنقابه مقدمه بلاغ فى وجد .. تعالى بسرعه

عماد بفزع وهو يدور مقود السياره سريعا: جاااي جااي اهو ياسليم متخليش وجد تقول اي حاجه لحد مااجى ..

صفوة باهتمام: فى اييه .. وجد حصلها حاجه !

- هاااا ابنك هتقولنا مكانه فين بالذوق ولا نخلى الرجاله يطربقوا العياده دى بالمستشفى باللي فيها ..

اردف مجدى جملته وهو يبسط ساقه فوق المنضده الصغيره الموضوعه امام المكتب بين المقعدين المجاورين ..
- قولت اييه .. هتقولى ولدك فين ولا اتصرف انا !

جلس ابو ياسر بذهول على القوة التى يتحدث بها مجدى قائلا
- انا عارفك .. انت جوز الدكتوره صفوة ..

 

- ايوووووه ... هى الدكتوره صفوة .. وابنك لعب بديله وداسلها على طرف .. فأنا لازم اقطعله رجله اللي فكرت تقرب بس من الدكتورة صفوه الهوارى ..

- احم .. مجدى بيه .. احنا ممكن نحل الموضوع ودى طيب ! وصفوة زي بنتى ومايرضنيش ابدا ان ياسر يزعلها ..

اقتضبت ملامح مجدى بنفاذ صبر وثب قائما وهو يستند على عكازه
- يعنى مش هتقول هو فين .. تمام ! انا كده عملت اللي عليا عشان لما ابعتهولك متكسر متلاقوهش قطع غيار ابقي ماتلومش غير نفسك .. يلاا ياارجاله !

غادر مجدى بصحبة رجاله مكتب الدكتور فؤاد فتح الله الذي عاود الاتصال بابنه سريعا فور خروجهم ..

- انت يااحيوان .. هببت ايه مش انا قولتلك ابعد عن سكة الست صفوة !

اطرق ياسر بغضب مردفا: بحبها .. بحبها وانت عارف كده كويس ومش هسيبها غير لما تسمعنى ..

والده بامتعاض وهو يضرب سطح المكتب بقوه ليهتز كل ما فوقه
- انت اتجنيت هى عافيه ! يعني اللي خلقها مخلقش غيرها ! انت فينك دلوقت عشان جوزها المجنون ده ناويلك على نيه هباب ..

صمت والده قليلا فاردف بغضب
- قناااااا ! انت لسه عندك بتعمل ايه .. سيب كل حاجه وامشي من عندك .. اسمع كلامى ياياسر جوزها باينله مش سهل وراجل قادر ومحدش يقدر يوقفه ..

يجلس مجدى فى سيارته يحترق غضبا وهو يستمع لحديث فؤاد مع ابنه نتيحه المكرفون الذي وضعه تحت سطح مكتبه .. كور قبضه يده بغضب عارم يطيح بكل ما يقابله .. كالرياح التى سقطت على جبل ترابي اطاحت به دون رحمه .. ضرب على باب السياره بقوة عدة مرات حتى اثار فضول رجال الحرس .. فاقترب احد رجاله ومدير اعماله
- مجدى بيه حصل حاجه احنا اتفقنا مع الممرضه اللي فوق وشكلهم الناس دول وراهم مصيبه !

قاوم مجدى شحنات غضبه القويه فاردف بشر يتوهج من عينيه
- هو فعلا كبير .. اطلع بينا على البيت هاخد كام حاجه وهنرجع قنا ..

- يابيشمهندس الشركه فيها حسابات كتير متلغبطه ووووو
مجدى مقاطعا: مش عاوز اسمع اي حاجه دلوقت .. اخلص من الحوار دا الاول وبعدين نفوق للشركه ..

 

- اي رايك يادكتوره فاللي شوفتيه ؟!
اردف وكيل النيابه سؤاله بعدما شاهدت وجد الفيديو الذى يعد دليل ادانتها وهى تصنع بعض المواد المخدره .. فارسلت وجد نظره لعماد بخوف .. فاردفت بتردد

- مش صح ؟!

اطرق عماد قائلا: انا مش لاقي مبرر كاف لوجودها هنا لحد دلوقت .. اولا التسجيلات دى من غير اذن نيابه يعنى مالهاش اي لازمه .. ثانيا وحتى ولو القانون غير قواعده وبقى ياخد بأدله وتسجيلات من غير اذن .. هو القانون كمان منع الحنه من البلد ؟!

استدارت وجد بذهول الي عماد اثر كلماته .. فاعتدل وكيل النيابه قائلا
- حنه ايه حضرتك .. في ايه يااستاذ ..ماتخلى كلامك منطقى !

- وهو المنظقى انك تفتح تحقيق بمجرد تسجيل .. بس انا هكمل معاك للاخر عشان القضيه دي تتقفل والتسجيلات دى تبقي كارت محروق ..

ثم جذب الحاسوب وشغل الفيديو من جديد فبدا ب وجد وهى تقف خلف منصه خشبيه وبيدها جوارب بلاستكيه وتقوم بمزوج خليط باللون  الاخضر المقارب للسواد  ..ثم قدم عماد الفيديو 10 ث ايضا لتضع عده مواد اخري .. حتى انتهى الفيديو الذي لم تتجاوز مدته 40 ث ..

فواصل عماد حديثه وهو يقف بجوار وجد قائلا
- الموضوع بما فيه حضرتك ان اللي مقدم الفيديو دا ناقص يعني فى جزء مفقود من الفيديو دا لو كان كامل يعني وفعلا موكلتى بتستغل وظيفتها فى تحضير مواد مخدره .. يعني عشان التحقيق يتفتح صح نجيب الفيديو من اوله .. ونشوف مين اللي كان معاها من البدايه وطلع فى الكاميرا ونسأله اذا كانت فعلا بتجهز مواد مخدره او لا .. ثانيا عندك مكتوب الوقت بالتاريخ بالدقيقه وفى نفس الوقت دا كان فى فرح واحده من البلد وطلبت من الدكتوره وجد تعملها حنه ثابته متخرجش بسهوله عشان ترسم بها وشغل عرايس ملهوش دخل فى قضيتنا .. واسم ومكان العروسه عند حضرتك ثابت فى الاوراق ..

وكيل النيابه: الكلام دا صح يادكتوره !

نظرت وجد لعماد بخوف ثم اومأت راسها ايجابا: أأه ااه حصل

صمت وكيل النائب العام لبرهه ثم اردف بضيق
- اثبت يابنى اللي قاله .. عندك اقوال تانيه يادكتوره !

- اكتب يابنى امرنا نحن وكيل النائب العام ___ بالا وجه لاقامه الدعوى واخلاء سبيل المدعى عليه بضمان محل اقامتها .. تعالى وقعى يادكتوره ..

 

- مصيبه ياعمى .. الحق
اردف ادهم جملته وهو يتظاهر بالخوف الشديد ويغلق باب الغرفه خلفه .. فوقف حيدر متعجبا
- مالك ! حصل اييه؟!
- مصيبه يااعمى .. كام واحده من الخدم استدعتهم النيابه وخدت اقولهم واعترفوا انك كنت خاطف وجد وبتعذبها وبتضربها .. وطلعوا امر بالقبضه عليك ..

حيدر باستغراب: ووه وه ! كيف اكده ! ومين له مصلحه فى الحديت دا .. ادهم انا قولتلك خلصلى الموضوع ده بااى تمن !

قرب ادهم منه وهو يتظاهر بالخوف عليه
- ياعمى مافيش وقت انت لازمًا تهرب من اهنه ! يلا قبل ما الحكومه تطب علينا وياخدوك ..

وقف حيدر مذهولا تائها عاجزا عن التفكير فاردف باندهاش
- ومين له مصلحه فى كده ! والخدم دول فينهم دلوق انا هشرب من دمهم ..

- ياعمى مافيش وقت لكل الكلام دا .. انا اللي فهمته وعرفته ان فى واحده جات اهنه واتكلمت مع واحد من الخفر وعطته فلوس وهو اللي وصلها للبنات .. وماتقلقش الخفير انا عرفته وحابسه فى المخزن .. المهم انت تمشي !

حيدر بفضول: مين دي .. مين اللي ليها مصلحه تدخلنى السجن

قفل ادهم الشنطه الصغير بعدما فرغ كل ما بالخزنه من اموال ووضعهم فيها قائلا
- وفى غيرهم الهوارة ياعمى .. ثريا الهواري هى اللي عملت اكده ؟! تفتكر اي مصلحتها من حاجه زي دى ! ماترسينى يااعمى ؟!المراه دى عاوزه منك ايييه ؟

لم يجب حيدر الا ان قطع حديثهم صوت سيارات الشرطه ففزع حيدر قائلا
- هنعملوا ايه يااادهم ..

ادهم بمكر وهو يتظاهر بالخوف: عامل حسابى وهخرجك من اهنه .. تعالى بس معاي ..

 

خرجت وجد بصحبه عماد من غرفة التحقيق .. فركض نحوها سليم ثم تابعته صفوة ليحضن زوجته التى انهارت بين ذراعيه
- كنت هتحبس ياسليم .. انا معملتش حاجه والله ..

ربت سليم على ظهرها ليطمئنها: خلاص ياوجد اهدى ..

ثم رفع سليم انظاره الي عماد قائلا بخوف
- عملت اي ياعماد .. هتروح معانا مش كده ؟!

شرع عماد بالتحرك ثم تحركوا خلفه جميعهم بفضول .. فاردف عماد بحذر
- عملت انت وصفوة زي ماقولتلك واتفقوا مع الناس ..

صفوة: ماتقلقش احنا ظبطنا كل حاجه ..
عماد زفر بارتياح ثم قال: تمام .. هى هتروح معاكم والقضيه خلاص شبه اتقفلت .. بس اللي فهمته ان وكيل النيابه تبع حد وعاوز يلبسها فى تهمه والسلام بس على مين !

سليم باهتمام: يعني ايه ياعماد .. وجد فى حاجه هتضرها

- ياسليم انا قولتلك من الاول التسجيل زى عدمه ملهوش لازمه .. وجيه فى مصلحه وجد انه مش كامل لان ادهم حذف المقطع اللي كان موجود فيه وهو اهم جزء وهى بتركب .. وده اللي نفع وجد .. متقلقش حوار عبيط معرفوش يظبطوه ..

ثم فتح باب السياره ووقف لثوان مردفا
- بس اللي فهمته ان الموضوع مش هيعدى .. وبيدوروا ورا وجد !

صعد سليم ووجد بالمقعد الخلفى .. اما عن صفوة فجلست بجوار عماد الذي اكمل حديثه قائلا
- وطبعا الفضل كله للنقيب حمزه انه قدر يوصلنا نسخه من الفيديو ويبعتهالنا والا وجد كانت ممكن هتتحبس لحد مااوصل لحل واثبت كلامى .. المهم عدى خلاص ولا كأن فيه حاجه ..

احتضن سليم وجد وطبع على جبهتها قُبله خفيفه وظل يربت على كتفها كى تهدأ .. فاردفت وجد بتوسل
- سليم .. والنبى مش هقدر اروح البيت .. نروح اي مكان بس البيت لا ؟!

سليم باستغراب: ليه ياوجد .. ماله البيت حد زعلك
- سليم عشان خاطرى والنبى مش هقدر اروح البيت نروح ايه مكان هنا نعدى حتى الليله دى بس ..

فنظر عماد لاخيه فالمراه مردفا: خلاص ياسليم هوصلكم لفندق قريب هنا وهبعت حد ياجيبلك العربيه .. وهروح انا وصفوة عشان يومنا كان طويل .. ولا ايه !

اقتضب ملامح صفوة لاسلوب عماد الذي لكمها بنظراته الحاده .. فتعجب سليم قائلا
- صحيح موضوع مجدى اتقفل ولا لسه ..

ضحك عماد ساخرا وهو يلف بمقود السياره ليردف ببرود
- لا دا اتفتح وكبر والنيابه طلعت امر بالقبض على اخوك .. وده عشان بنت عمك اثبتت كل كلمه قالتها امها فى المحضر ..

سليم بذهول: صفوة انت عملتى كده ! هتسجنى مجدي ؟!

استجمعت صفوة شتات قواها مردفه بتحد: هو اللي جابه لنفسه .. لو سمحتو دى حاجه تخصنا وانا اللي اتوجعت وانا اللي من حقى اتنازل اوى لا !

قطع باقى جملة صفوة وجيوش غضب سليم صوت رنين هاتف عماد الذي تعمد ان يشغل مكبر الصوت فيصدر صوت مجدي قائلا
- عماد اسمعنى كويس .. عاوزك تعمل اتصالاتك وتدورلى على واحد اسمه ياسر فؤاد فتح الله .. فى كل الفنادق واى مكان ممكن يكون فيه لازم تلاقيه من تحت الارض ياعماد ..

نظرت صفوة لعماد بتردد .. فاطرق عماد قائلا
- خير يامجدي .. ماله الشخص دا وعملك ايه ..

- لا ياعماد ده عمل اللي صفوة وبيساومها على رساله الماستر وانا انا لازم اخدلها حقها منه .. عماد عاوزك تقلبلى قنا عليه وانا جاي بكره ..

ثم صمت لبرهه فاردف بنبره خوف واضحه: عماد هى صفوة كويسه مش كده .. معلش ابقي خلى نورا تروح تقعد معاها وكمان متخلهاش تقعد فى الشقه لوحدها قولها تروح اوضتها فى القصر .. عماد انت ساكت ليه .

فرمق عماد صفوة بنظره ناريه فاردف بضيق
- مجدى اسمعنى .. صفوة ماتنازلتش عن المحضر وراحت اكدت كل كلمه اتقالت .. انا بقولك بس لانهم طلعوا امر بالقبض عليك ..

تغيرت نبرة مجدي على الفور لتصبح اكثر غضبا .. اكثر احتراقا مردفا بزفير عال
- كنت متأكد انها هتعمل كده .. عموما اللي يريحها متنساش انت بس اللي قولتهولك ..

قفل مجدى المكالمه حتى اصبحت صفوة محاصره بانظار الجميع التى تلتهمها .. فقاومت مشاعرها قدر المستطاع كى تمنع دموعها من الهرب ولكن بدون جدوى .. فرت عبراتها هاربه بصوت مكتوم حتى عماد لم يلاحظه .. وصل عماد امام فندق ذو الطراز الحديث قائلا

- هتنزلوا ياسليم ..
اشارت اليه وجد برجاء فاومئ سليم ايجابا بعدما ربت على كف وجد قائلا
- تمام ياعماد .. واحنا هنيجى بكره مش هنتاخر بس وجد تغير جو وتكون الناس رجعت لعقلها وعرفت تحط علقها فى راسها .. سلام يابت عمى ..

جذب سليم وجد بلطف ثم قفل باب السيارة بقوة متجها نحو بوابه الفندق تحت انظار عماد التى تتوق بنيران الغضب .. فدار برأسه للخلف ليرجع بسيارته .. فاردفت صفوة بغضب
- ممكن تقول لاخوك ملهوش دعوة بيا !

تجاهل عماد حديثها فاكتفى بارسال نظره لها ناريه ارعبتها اكثر .. فارتدت ثوب الصمت متسلحه بعنادها التى تردد صدى صوته بجوفها
- عامل نفسه خايف عليا قوى .. طيب يامجدى اما وريتك ..

 

دخل سليم ووجد الفندق فالتفت اليها سليم قائلا
- روحى اقعدى هناك وانا هحجز اوضه واجيلك ..
ذهبت بصمت مكان ما اشاراليه .. هو اتجه الى الاستقبال لينهى الاجراءات اللازمه بحجز الغرفه ثم ذهب اليها قائلا بثغر مبتسم
- تتعشي هنا ولا فوق ..

اجابته بوجه شاحب: لا ياسليم ... عاوزه انام تعبانه ..
- خلاص يبقي فوق يلا تعالى معايا

قامت وجد بتعب شديد يتقاسم ملامح وجهها فاستندت علي ذراعه قائله
- سليم انا دايخه اوى بجد مش قادره ..
ضمها اليه بحنان قائلا: معلش استحملى .. ده عشان بس مكلتيش حاجه طول النهار ..

وصل سليم الي الاستقبال لياخذ مفاتيح الغرفه ولازالت وجد تستند على ذراعه بارهاق شديد حتى شعرت باختناق صدرها متشبثه فى ذراعه اكثر فلاحظ سليم تشبثها به قائلا بخوف
- وجد جرى ايه !

على حده اتى شخص اخر من خلفهم يطلب من موظف الاستقبال
- مفاتيح 411 لو سمحت ..
الموظف بامتنان: اتفضل يادكتور ياسر ..

تحرك ياسر ليقف بجوار سليم ووجد امام المصعد وهو ينظر لسليم الذي يمازح وجدانته بلطف
- اجمدى طيب .. ولا اشيلك ومش هيهمنى حد فى قنا كلها ..

فُتح باب المصعد فدخل ياسر اولا ثم سليم ووجد .. ففضول ياسر سحبه ليتدخل فى الامر قائلا
- هى مراتك تعبانه ؟! انا دكتور ممكن اساعدها لو فى اي مشكله
سليم برسميه: متشكر لحضرتك .. هى هتبقي كويسه دلوقت .. ولا ايه ياوجد !

اخرج ياسر الكارت لديه ويمده لسليم قائلا
- دا الكارت بتاعى لو تعبت او اي حاجه كلمنى انا فى غرفة 411 ..

اخذ سليم الكارت من يده دون ما يلتفت لقراءه الاسم .. فشكره بامتنان حتى فتح باب المصعد امام الطابق المراد .. فانحنى سليم ليحمل زوجته التى لم تتحمل الوقوف على قدميها اكثر تحت انظار ياسر الذي يراقبهم بنظرات حقد ومكر قائلا فى سره
- عقبال ماتتدلعى عليا كده ياصفوة ..

 

فى بيت قديم بمنطقه نائيه عن النجع صفت سياره ادهم امامه قائلا لعمه
- بيت مين دا ياعمى !

بدت على حيدر معالم الارتباك قائلا
- بيت قديم كنت باجى اروق فيه راسى .. المهم هنعملوا اي الحكومه اللي قالبه البلد دى عليا !

ادهم التفت ايه متظاهرا بالاهتمام: حلها عندى .. المهم دلوق تاخد حقك من ثريا وتعرف هى عملت كده ليه واى مصلحتها انها تتفق مع الخدم يقولوا عليك كده ؟!

حيدر بتوعد: كله بحسابه .. وشكل يوم الحساب قرب ؟!

اعتلت ملامح ادهم ضحكه انتصار ليردف بمكر
- هو صحيح قرب .. يلا ياعمى انزل وانا هلحق ارجع القصر ..

دلف حيدر من السياره ممسكا بشطنته الممتلئه بالاموال .. فدلف ادهم خلفه قائلا بخداع
- عمى استنى كنت عاوز اتكلم معاك بخصوص الشغل الجديد .. عارف انه مش وقته بس انت عارف الشغل ما يعرفش خصوصيات ..

حيدر متأففا: اخلص ياادهم حصل ايه ؟!

سحبه ادهم من كتفه قاصدا ان يبعده عن مكان البيت قائلا بصوت منخفض
- انا عندي خطة هنأمن بيها دخول البضاعه .. فتح لى ودانك وقول لى ابدا فيها ولا لا ..

 

انتهت وجد من تناول طعامها بعد اصرار سليم الذي ارغمها على ذلك .. فبعدت راسها عنه قائله
- والله ما قادره ياسليم .. معلش كفايه .. كل انت من الصبح بتاكلنى وماكلتش ..

- انت عندك شك انك اهم من روحى .. يعني انا مش فارق معايا اكل ماكلش .. المهم انك تكونى بخير ..

مسكت كفه لتطبع قبله طويله بداخله فجعله يبتسم اليها فجذبها على الفور ليجلسها على ساقه بحب قائلا
- مش عاوز اشوفك ضعيفه تانى .. انت من ضهر سالم عتمان وتربيه سليم الهواري .. عاوزك جبل ولا اقوى عاصفه تأثر فيكى ..

نظرت له بحب مردفه: سليم انا متقويه بيك .. وبحمد ربنا عليك فى كل دقيقه وكل اذمه بلاقي فيها راسي على كتفك وسانده ومطمنه ..

- انت عارفه ياوجد ان اهم حاجه ممكن يقدمها الانسان للي بيحبه انه يطمنه .. كفايه يحسسه بالامان .. الامان هو بذرة الحب اللي بتطرح حياه رطبه زي مابنتمناها .. لو مفيش امان فى اي علاقه انسي انه الحب دا يكمل ..

سندت برأسها على كتفه قائله بشكر: وانت امانى وحمايتى فى الدنيا ياسليم .. انا حقيقي مش عارفه المركب ماشيه بينا على فين بس مش مهم ولا فارق طالما هكون معاك .. اى حاجه تهون طالما انت جمبى ..

ربت على شعرها بحنان ثم همس لها بشوق قائلا
- سليم موحشكيش ياوجد !

اطلقت ضحكه خافته فى حضنه وهى لاازالت مستنده براسها على كتفه وهو يحتويها كما تحتوى الام صغارها .. فقالت
- انا مافيش حاجه بتوحشنى غير سليم ..

حملها برفق ليتجه بها نحو المرحاض قائلا بمزاح
- طيب اى رايك بحمام دافى كده من يد سليم يفوقك ليا .. عشان عاوزك مصحصالى الليله دى ..

رفعت عيناها اليه وهى تستند بكفها على صدره قائله بغمز
- واشمعنا بالذات الليله دي !
ركل باب المرحاض بساقه وانزلها برفق قائلا
- مزاجى ياستى ! اي هتعترضي !

 

- سليم ومراته فين ياعماد .. !
اقترب محمد من عماد الذي دلف من باب القصر بصحبة صفوة التى تود ان تختفى من امامهم .. فاطرق عماد قائلا
- انت متعرفش اللي حصل ! مش مراته ست وجد هانم خدعتنا كلنا وقتلت ابنى !

اقتضبت ملامح عماد ساخرا: ازاي دا ! انت مستوعب بتقول ايه ؟!

صفوة باختناق: والله من الاول ما كنت مرتاحالها اهو موتت ابن اختنا .. يلا خليها تتبسط وخليكم مصدقينها ..

رمقها عماد بنظره ساخطه جعلتها تبتلع ما بفمها من كلمات حتى اردفت بتوتر
- انتو حرين بقي انا راحه انام ...

كرر محمد سؤال: سليم ومرته فين ياعماد ؟
عماد بتافف: انت يابنى ماتعرفش ترج دماغك قبل ما تتكلم ! وجد اى علاقتها بقتل ابنك واى مصلحتها اصلا

- امك قالت انها اصرت تاخد اللبن منها وهى طالعه تشوف صفوة ؟!ومرتى شربتى اللبن من هنا واللي جرى ليها من هنا ...

زفر عماد باختناق فاقتربت منه نورا لتتشبث بكفه وتهدا روعه .. فوجه عماد سؤاله لامه
- وجد خدت منك اللبن صح ياما

عفاف بتلقائيه:فيش غيرها الغريبه اللي دخلت وسطينا وعماله تبخ سمها علينا واحد واحد ..

اقترب عماد من امه ويبدو عليه الارهاق: ومادام انت عارفه كده عطتيها ليه اللبن ..

ضربت عفاف كف على الاخر ثم تشبث بركبتها: كبر السن ياولدى .. مكنتش قادره امشي على رجليا ..

- يعني خدتهم عشان تعمل فيك معروف .. تقومى تلبسيها جريمه زي دى ..!

جهر محمد باغتياظ وهو يقترب من اخيه: انت بتدافع عنها ليه ومالك عتتكلم اكده ليه ! انت تعرفها ! تعرف سمها ؟!

بنفس النبره الغاضبه رد عليه عماد: انت اي اللي جرى لراسك ايه ! انا بتكلم بالمنطق والعقل .. هى وجد كانت تعرف ان مرتك حامل ! وجد رجلها عتبت بره البيت عشان تجيب برشامه حتى ! واحده صاحيه الصبح راحه تطمن على بت عمك هتاخد في يدها برشام اجهاض !تقدر تقول لى مين عمل التحليل دا لمرتك ! مادام وجد هى اللي عامله كده هتروح تحلل لمرتك ؟! انت مخك راح فيين ؟! متخليش لسانك سابق -ثم اشار الي راسه - ده ياولد ابوي ..

تدخلت ثريا سريعا لترمى شرارة غضبها فى حقل نيرانهم العارمه
- ماتشوفى ولدك ياعفاف واقف يدافع عن بت العتامنه كيف ..

رمقها عماد ساخطا ثم اردف قائلا بتمويه
- فتح عينك زين ياخوي .. وبلاش كلام حريم يجيبك ويوديك ..

التفت محمد لثريا قائلا
- كل دقيقه بكدب نفسي انك انت اللي وراياه مع انها واضحه زي الشمس .. ولحد دلوق بدعى انك متكونيش انت اللي وراها عشان ياويلك منى لو اتاكدت ياثريا ..

- لا يامحمد .. امى ملهاش دخل .. انا اللي حطيت الحبوب ليسر فى اللبن ..

اردفت ماجده جملتها وهى تقف فى منتصف السلم وترسل نظرات ناريه لامها التى تود ان تلتهمها بشظايا شرها .. التفتوا جميعا لجملة ماجده التى ضاجعت ذهول الجميع فانجبت الف سؤال براسهم ...

 

تجلس وجد على المقعد الخشبي امام المراه مرتديه منامتها القطنه وسليم خلفها يصفف شعرها قائلا
- هااا حلو كده ولا المه ؟!

ابتسمت له بالمراه قائله: الشكل اللي تحب تشوفنى بيه اعمله ..

ارسل لها قبله فى الهواء قائلا بحب: انا بحبك كلك على بعضك كده من ايام الضفرتين ..

ضحكا الاثنين معا .. فواصل سليم طوى شعرها وبعدما انتهى مسكها من كفها ليساعدها تقف امامه قائلا بشوق وهو يقترب منها
- احسن دلوقت ؟!

اومأت راسها ايجابا وهى تعانقه: انا احسن عشان شايفاك وماليه قلبى وعيونى منك ؟!

ضمها سليم اليه قائلا: مش هسمح لا حاجه تبعدنى عنك مهما حصل ..

ابتعدت عنه قليلا لتطيل النظر بعيناه قائلا بحب
- سليم اللى بيحب بجد مابيبعدش ولو بعد بيرجع حتى ولو بعد سنين .. لان قلبه هيكون مليان بحنينه لل بيحبه متعلق من رقبته .. دايما هيلاقي نفسه عند حبيبه ..

كانت ترتل جملتها وهو ترجع خطوات للخلف حتى تعمد سليم ان يبسط جسدها برفق فى منتصف الفراش ممتدا بجانبها قائلا
- وانا دايما بقولهالك ياوجد .. انت الارض اللي منها وليها هعود ..

- ربنا يخليك ليا ياحبيبي ويبارك فى حبنا ويكون ثمرته دسته عيال كده يجننوك زي ماانت جننتى فيك ؟!

ضحك سليم بصوت مسموع وهو يستمع لها باهتمام شديد فرد عليها قائلا بغمز
- لو على دسته انا مستعد .. شد حيلك انت بس معايا ..

ضربته على كتفه برفق قائله
- بس اسكت اخوك عماد دا طلع دماغ متكلفه .. ده خلى وكيل النيابه يخرس مايعرفش يقول كلمتين ..

- دا واحد 4 سنين الاول على دفعته مستنيه يكون ايه .. هو من ناحيه دماغ .. فهو دماغ عاليه متكيفه ..

تبدلت ملامح وجهها عندما تذكرت ما مرت به .. فلاحظ سليم تغير وجهها المفاجئ فداعب انفها برفق قائلا
- سرحتى مني روحتى فين ؟!
- فيك .. ليا مين اغلى منك ..
- سيبك انت بس اى الحلاوة دى .. يابتى انت هتبطلى تحلوى امتى ..
عانقته بخفه قاصده ان تملا عيونه بابتسامتها الجميله
- طول ماانا شيفاك قدامى لازم احلو ..

لم يجيبها تلك المره بالكلام بل لجا الى الفعل فهو خير رد لاضفاء براكين شوقه .. طبع بعض قبلاته على معالم وجهها ليزهرها حبا .. كانت تذوب بقربه شيئا فشئيا وتقربه منها اكثر الا ان صدر صوت رنين هاتفه .. فابتعد عنها سليم قائلا
- وبعدين ! دول مستقصدينى والله !

ضحكت بصوت عال قائله: طيب شوف مين وهو انا هطير يعني

نهض سليم ليخرج هاتفه من ملابسه قائلا
- المشكله مش فيكى خالص .. المشكله فى الخبر اللي جاي مع المكالمه .. استر يارب .

خرج سليم هاتفه ثم سقط كارت ياسر ارضا مما ثار فضول سليم ان ينحنى ويقرأه بتمعن مردفا
- ياسر فؤاد فتح الله !
قال أحدهم في وصف أمه: كانت ترتب كل شيءٍ للمستقبل، تفكر دائمًا في القادم، وأكاد أجزم أنها لو عرفت بموعد موتها، ستجهز المنزل للعزاء قبل أن تذهب.
ربنا يحفظ امهاتنا جميعا...

عانقته بخفه قاصده ان تملا عيونه بابتسامتها الجميله
- طول ماانا شيفاك قدامى لازم احلو ..
لم يجيبها تلك المره بالكلام بل لجا الى الفعل فهو خير ردا لاطفاء براكين شوقه .. طبع بعض قبلاته على معالم وجهها ليزهرها حبا .. كانت تذوب بقربه شيئا فشئيا وتقربه منها اكثر الا ان صدر صوت رنين هاتفه .. فابتعد عنها سليم قائلا
- وبعدين ! دول مستقصدينى والله !

ضحكت بصوت عال قائله: طيب شوف مين وهو انا هطير يعني .
نهض سليم ليخرج هاتفه من ملابسه قائلا
- المشكله مش فيكى خالص .. المشكله فى الخبر اللي جاي مع  المكالمه .. استر يارب .
خرج سليم هاتفه ثم سقط كارت ياسر ارضا مما ثار فضول سليم ان ينحنى ويقرأه بتمعن مردفا
- ياسر فؤاد فتح الله !

شرد سليم طويلا فى الاسم يتذكر اين سمعه من قبل .. عاود ليقرأه مره اخرى حتى توقف صوت رنين الهاتف مما اثار فضول وجد التى اعتدلت من جلستها وتحركت ببطء لتقف امامه قائله باستغراب
- سليم .. فى حاجه ياحبيبي ..!
فاق سليم من شروده ليرتسم ابتسامه هادئه: لا ياحبيبي مافيش بس ...
نظرت لهاتفه الذي رن مره اخري قائله
- ده النقيب حمزه .. شوفه عاوز ايه ..

وضع سليم الكاجت الشتوى والكارت فوق التسريحه ثم رد على اتصال حمزه قائلا
- اجدع ظابط فى الداخليه والله .. حقيقي مش عارف اودى جمايلك فين .
دنت وجد سليم لتداعب شفتيه باناملها فرمقها بنظره تحذيريه مردفا
- هااا .. لا ياباشا معاك خير .. سامعك
ابتسمت له وجد ونظرت له بعيون ضيقه فاقترب منه لتطبع عدة قبلات متتاليه على صدره العارى وهى تكتم صوت ضحكها اثر نظرات سليم لها معاودا الرد عليه قائلا
- مش فاهم ! قصدك ايه ياحمزه !
النقيب حمزه: اى اللي مش فاهمه ! انت مش معايا ولا ايه ..
لم تكف وجد عن تصرفاتها الجنونيه وهى تداعب صدره باناملها برفق مما اثار جنونه فرد قائلا
- حمزه بص الصبح هكلمك اخلع دلوقت !
- طيب ياسليم .. بس ضروري هااا !
القى سليم الهاتف من يده وهو يقترب منها بعدما ركضت امامه كطفله متدلله .. فاردف قائلا
- بتجرى ليييه .. دانت مخلتنيش افهم الراجل بيقول ايه ..

وقفت فوق الكرسي قائله بمزاح
- فاكر رخامه الغدا عند عفاف كنت بردها بس عشان تعرف انى مابسبش حقى !
دنى منها سليم وهو ينظر لها لاعلى بعيون ضيقه كانه يتنوى لها على فعل شيء
- مممممم بقي كده ! طيب هتنزلى ولا اتصرف انا ..
ضحكت بصوت طفولى واضعه ذراعيها على خصرها بتحد
- لا الوقفه عجبانى هنا ..

عض سليم على شفته السفليه بتوعد .. فسرعان ما انقض على ركبتيها وثناهما فاختل توازنها لتسقط بين ذراعيه صارخه بصوت عال .. حملها  وعلى ثغره ابتسامه انتصار واسعه ليدور بجسده ويضعها  فوق الاريكه الكبيره ويجلس بجوارها منحنى بجزئه العلوى فوقها قائلا
- مش هنبطل حركات العيال دى !
تعمدت ان تتدلل امامه قائله بصوت هادى
- وانا عملت حاجه يعنى ياسلومى ..
رفع حاجبه باستغراب: اي سلومى دى ! مش عجبانى غيريها ..

وضعت سبابتها فوق ثغرها متظاهره بالتفكير
- ممممم اقولك ايه طيب ..
انحنى سليم ليضع قبله خفيفه على اناملها واخرى على انفها وظفر كلتا عينياها بشهد شفتيه .. حتى وجنتيها انشق منهما ورد اثر قبلاته العطره عليه .. ابتعد عنها قليلا
- هاا نغير سلومى دى .. مفهوم !
زمت شفتيها لتصدر صوتا نافيا متدللا
- تؤؤؤ .. انا اقول اللي انا عاوزاه على فكره ..

رفع حاجبه مستنكرا: ياقلبك الجامد ! انت بتقولى كده وانت تحت رحمتى ..
وضعت ساق فوق الاخرى وهى تأخذ شهيقا عميقا مردفه بتحد
- ولا هتقدر تعمل ايه حاجه ..
التفت لينظر الي قدمها التى اصبحت قرب وجهه ملطخه بالون الوردى فلم يمنع نفسه من طبع قبله شوق جعلتها تنفجر ضاحكه فسرعان ما بعدتها عنها قائله
- ياعم انت بغير الله !
غمز لها بطرف عينيه قبل ما ينقض على همس شفتيها الاتى لم يكفيا عن الضحك
- بتغيرى ؟!

شرع سليم فى تقبيلها باشهى انواع العشق .. فطوقت عنقه بحب ذائبه فى سحر قربه .. غارقا هو فى بحر عشقها .. ابتعد عنها قليلا وهو يرجع خصيلات شعرها خلف اذنها فابتسمت له ضاحكه ناظره له بعيون لامعه بشغف الحب .. عاد سليم ليواصل عمله ويوزع همسات حبه فوق اراضيها وكل ما بها يخدر وينتشي لحبه .. حتى تسلل ذراعه لساقيها والاخر وضع فى منتصف ظهرها ليحملها بين يده وهو يتروى بكل ما بها ويمتلىء منها حتى فاض شوقه ووجدانه ..

ثريا بذهول اثر جملة ابنتها المفاجئه وهى تشيعها بنظرات ناريه .. فدلفت ماجده خطوتين مكرره جملتها
- اااه يامحمد انا اللي اجهضت يسر .. وده عشان سبت نفسي لشيطانى وغيرت منها .. كلكم مبسوطين الا انا .. كتير بحلم يكونلى طفل من سليم بس ربنا مش كاتبلى .. معرفتش ارضا معرفتش اشوف حد فرحان بالفرحه اللي نفسى فيها وبتمناها ..
ثم ذرفت دمعه من طرف عينيها: انا اسفه يامحمد .. انا انسانه انانيه مابتحبش غير نفسها موتت ابن اختها بايدها .. انا اللي زيي ماينفعش يكون اخت ولا خاله ولا يعيش اصلا .. اانا مستعده لاي عقاب يامحمد حتى ولو هتطردنى من البيت .. انا حبيت اريح ضميري قدام ربنا يمكن حاجه تغفر لى ..

نظر محمد لعماد بصدمه بلغت ذروتها .. تراجعت ثريا خطوتين للخلف محاوله استيعاب اكذوبة ابنتها .. دنت نورا من ماجده تنهرها بقوة
- انت عملت كده فعلا ! قتلتى ابن اختك ؟!
انفجرت ماجده فى البكاء خافضه انظارها بعيدا عن نظراتهم التى لا تحمل الا لهيب
- انا قولت اللي عندي .. بعد اذنكم ..
نادى عليها محمد بصوت قوى ارتعدت له الجدران قائلا
- استنى هنا ! انت واعيه لكلامك ! انت عارفه انت جايه تعتذرى عن ايه .. عن ابنى اللي انت حرمتيه من الحياه ولا من اختك المرميه فى المستشفى !

اجهشت بالبكاء وهى تتراجع للخلف بعدما رمقت امها بنظره ساخطه
- مكنش قصدى  .. مكنتش اعرف ان كل دا هيحصل ولا حد هيعرف انى اجهضتها .. سامحنى يامحمد ..
قبض محمد على كفه بقوة وهو يشيعها بنظرات حاره تحرق كل مابيها محاولا تمالك غضبه فاردف جملة اخيره قبل ذهابه
- انت اللي زيك الكلام خساره فيها ... وانا مش مسامح على اللي عملتيه ياماجده .. مش مسامح ..
ركضت ماجده الي اعلى سريعا وهى تنحر باكيه ويعلو صوت بكاؤها شيئا فشيئا .. التفت عماد الي نورا قائلا
- يلا يانورا نروح بيتنا ..

نظرت له نورا بعدم فهم فكرر عماد جملته بنبره اقوى ودخان الغضب ينبعث من فمه
- نورا قولت يلا على بيتنا ..
ركضت عفاف صوب عماد متشبثه بكفه
- اهدى ياولدى .. اهدى .. مافيش حاجه مستاهله ده قدر ربنا ..
زمجرت رياح غضب عماد هاتفا
- واحد راحت تثبت التهمه على اخويا وهتحبسه والتانيه قتلت ابن اخونا .. داحنا لو يهود هنرحم بعض اكتر من كده .. يلاااااا يانورا ..

اردف عماد جملته الاخيره وهو يغادر مجلسهم فركضت نورا خلفه وهو ترتعد .. اما عن صفوة فركضت سريعا على غرفتها لتختبئ خلف جدرانها من حراره انظارهم ... التفت عفاف لثريا التى لم تتفوه بكلمه .. فهتفت بلوم
- مبسوطه دلوق ! فرحانه وبناتك عيهدوا البيت فوق روسنا ! نار شرك هديت ! بناتك عملوا اللي انت عاوزاه .. روحى ياثريا منك لله انت وبناتك .. حسبي الله ونعم الوكيل فيك ذرعتى فيهم الشر لحد ما ملكهم ...

- طيب ياعماد اهدى والنبى .. مابحبش اشوفك فى الحاله دي ..
يجوب عماد فى صاله شقته ذهابا وايابا وهو يهتف بكلمات غير مفهومه .. فزفر باختناق وهو يجلس على المقعد مرددفا
- انا مش عارف اعمل ايه ! وايه المصايب دى القاها منين ولا منين بس ..
نورا بهدوء: طيب عصبيتك دى مش هتحل اي حاجه .. اهدى ونفكر بعقل طيب .

جهر عماد باختناق: عقل ايه يانورا واحنا بقينا ناكل فى بعض .. القتل والسجن عندنا بقي سهل .. من يوم ما الهوارى مات وكل واحد ماشي بدماغه وكيفه لحد ماهيودونا فى داهيه .. محدش بقا له كبير .. كل واحد كبير نفسه وماشي براسه لحد ماهيغرقنا كلنا ...
نهضت نورا من مجلسها لتقترب منه وتجلس على فخذه بلطف .. فلمست خده بكفها وهى تردف بحكمه
-  انا فاهمه والله وعارفه ان الحمل تقيل عليك .. بس انا قولتلك مابحبش اشوفك كده مش المفروض تسمع الكلام ولا انا كمان مابقاش ليا كلمه فى البيت ده ..

تراجع عماد برأسه للخلف وهو ياخذ نفسا عميقا بعيون منغلقه كأنه يفضل الظلمه عن العتمة التى تقع عليها عيونه .. ظلت نورا تتأمله طويلا فشيء ما يدعى بالشوق جذبها من ياقتها بلطف نحو شفتيه تحديدا ولاول مره تتجاوز قلبها وتسير وراء هواها .. شرعت نورا فى تقبيل ثغره بلطف ما انساه كل اوجاعه .. كانت دوما جروحه تطيب بقربها .. فتح عماد عينيه بتثاقل كأنه يرفض عبث العالم مفضلا عالم اخر وهو الظلام وهى فقط .. سقطت عيناه على جزيره عينيها التى تشبه قرص الشمس اللامع ويحدها من الطرفين شطى نجاته .. فظل يرمقها بذهول كالاعمى الذي عاد اليه بصره للتو .. لاحظت نورا تجمد اعضائه فاطرقت بخجل وهى تبتعد عنه
- كنت عاوزاك تهدي بس مش اكتر ..

جذبها عماد بقوة اليه كى لا تهرب منه مجددا .. فارتمت بداخل حضنه اثر انجذابه لها هامسا بشغف
- اتطورنا كتير على فكره !
حاولت التخلص من قبضته بعدما احمر وجهها بدماء الخجل فاكمل عماد حديثه
- وكده احلى حاجه ..
نظرت له طويلا وهى تبلل حلقها وتقاوم ركض قلبها الذي يود ان يستكين عنده واليه كأن بين ذراعيه هدفها وغايتها الوحيده .. ابتسم عماد بحب على ارتجاف ملامحها بنسيم الخجل فاردف
- ما احنا كنا حلوين ..

اطرقت نورا بخجل وهى تبعد عيناها عنه مردفه
- كنت واحشنى جدا على فكره
حاوط عماد خصرها بشوق وباليد الاخري يفك رابطه عنقه وهو يلتهمها بعيناه شوقا
- ما انت كمان وحشتينى جدا .. ووووو
لم يكمل عماد جملته ولكنه حملها بين ذراعيه كأب يحمل طفلته قائلا بغمز
- المواضيع دى ماتتحلش هنا ..
رفعت حاجبها مستنكره وهى تطوق عنقه بذراعها .. فاردف عماد سريعا
- هقولك جوه مستعجليش ...

 

- ثريا عاوز اقابلك ...
تلك الرساله النصيبه التى اضاءت لها شاشه هاتف ثريا فجعلتها تنهض من فراشها .. فعاودت الاتصال به
- حيدر .. فى جديد حصل ؟!
اتكئ حيدر على فراشه بمكر تعالب: وحشتينى ياقلب حيدر .. اي مالك خايفه ليه ؟!
تردد ثريا فاردفت: مش هينفع البيت هنا مش مظبوط وكله بيشك فيا .. بلاش نتقابل والنبى .
زمجرت رياح صوته قائلا: بكره تيجى فى البيت ايااه ياثريا والا هجيلك انا وما حد هيقدر يوقفنى  ..
بد الخوف بصوتها يتراكض .. فاجابت بتردد
- بس اشمعنا البيت ده ! هو احنا مش كنا بطلنا نروح لهناك ..
قهقهه حيدر بتوعد: وحشتنى شقاوة البيت قولنا نرجع الزمان ولا ايه ياسووسو..
زفرت ثريا بخوف وقلق بد يتأرجح على حِدق عينيها: هحاول ياحيدر .. هحاول ...
حيدر بصيغه امره: اسمها هتيجى ياثريا .. اسمها هتيجي ..
ثم قفل انهى المكالمه معها بدون مقدمات مما اثار خوفها اكثر .. فعنده امسك بسلاحه ونيران الشر تلتهب وتحترق قائلا بتوعد
- نهايتك قربت ياثريا ولازماً سرنا يدفن معاكى ...

- ماجده ممكن تردى طيب !
رساله ادهم ال 12 التى تتجاهلها ماجده فى كل مره وهى تنزف الما من عيناها ناظره للسماء
-يارب خليك معايا لحد ما اظهر الحق يارب واعرف ابويا فين !
عاود ادهم الاتصال بماجده كثيرا وفى كل مره تنهى الاتصال بدون رد الا ان نفذ صبرها فردت اخيرا متأففه
- افندم .. هو انا مش قولت مش عاوزه اعرفك تانى ؟!
ادهم متلهفا: ماجده استنى اسمعينى وافهمينى للاخر .. انا محتاجلك قووى .. ماجده متسبينيش ...
زفرت باختناق وهى تجوب الغرفه: يابنى ادم افهم انا مش عاوزه اعرفك تانى .. كان يوم اسود يوم مااعرفتك ...
ادهم برجاء: ياماجده اسمعينى بس وبعدين قولى اللي عاوزاه ..
- اخلص ...

- ماجده انا شكلى حبيتك ! انا مش عارف انساكى .. ماجده انا بحبك ..
زفرت باختناق وانفاسها المتصاعده بصعوبه
- انا غلطانه انى رديت على واحد زيك ..
- ماجده ... انت تعرفى امك متجوزه مين !
صعق قلبها سؤاله فجعلها تتجمد مكانها فجاه قائله
- اييه !
رجع ادهم بظهره للخلف قائلا
- امك متجوزه عمى حيدر ..

لثوان عادت ماجده بالذاكره للخلف وصوت موظف الاستقبال تحديدا دى مراة حيدر بيه .. فاقت ماجده من شرودها على صوت ادهم الذي يتكئ بظهره للخلف داخل سيارته
- ماجده انت معايا ! عمى حيدر ناوى على الشر وكل بعقل امك الحلاوة وعاوز يخرب عليكم كلكم وياخد كل املاك الهوارى ويبقي هو كبير البلد .. ماجده احنا بيتلعب بينا لعبه كبيره قووى لازم نفوقلها ونكشف الاعيبهم القذره .. ماجده انت هتساعدينى مش كده ؟!
صدمت ماجده اثر حده كلماته فجحظت عيناها بعدم تصديق حتى سقط الهاتف من قبضه يداها قائله بذهول
- اكيد لا .. فى حاجه غلط .. امى مستحيل تعمل كده ؟!

 

- خليك متجاهله رسايلى براحتك يادكتورة صفوة .. بس احب اقولك ان كلها ساعات ومش هتكونى غير فى حضن ياسر حبيبك .. اللي محبتيش غيره ..
جملة من عدة احرف كانت كافيه ان ترعب كل اعضائها حتى اصبحت تهذي كمن فقد عقله .. مسكت هاتفها وفتحت اسم مجدى واوشكت ان تضغط على زر الاتصال ولكنها سرعان مافاقت من سطو اشتياقها وهى تلقى الهاتف بعيدا .. لتركض صوب النوافذ وتقفلها جيدا وهى ترتعد وركضت ايضا صوب الباب لتتأكد من انغلاقه واضعه كفها فوق صدرها وانفاسها المتصاعده برعب لتجثو على ركبتيها خلف الباب ببكاء مكتوم
- انت فين بس يامجدى .. غبى غبى انا مكنتش عاوزاه يسيبنى ويطلقنى .. كنت عاوزاه يضربنى يموتنى ويقول لى ماتقوليش كده تانى .. انا عاوزاه جمبى مش عاوزاه بعيد .. يارب انا مسمحاه على كل حاجه .. يارب يرجعلى تانى انا بحبه .. معرفش امتى وازاى بس انا محتاجاه جمبى .. انا اول مره احس انى خايفه كده ..

 

يلملم مجدى باقى اغراضه واوراقه من غرفة المكتب ويجري بعض الاتصالات باحثا عن ياسر.. قفل حقيبته الشخصيه ثم مسكها وباليد الاخر مستندا على عكازه .. فخرج من المكتب ناظرا لاعلى يتذكر بعض المواقف بينه وبين صفوة ..
- ياباشا انت القهوة اللى تلمس شفايفك بتدخل في غيبوبة اصلا .. اعذريها بقي ..
شقت ذاكرته صورتها وهى ضاحكه ثم صورة اخري لها وهى تقف خلف النافذة تراقبه اثناء مغادرته .. ومقف اخر بينهم
- حاسه بايه معايا !
تنحنحت بخفوت وهى تبلل حلقها عدة مرات ثم اردفت بعد طويلا من الوقت قائله
- مطمنة ...

- طيب حلو علي الاقل سلكت طريق واحد لقلبك .. عقبال الباقى ..
قادته ساقيه الي غرفتها بأمر من قلبه .. فدخلها وظل يتأمل ملابسها .. كتبها .. ادوات التجميل لديها .. وصوت حوارهم الاخير يتردد فى اذانه فيداعب قلبه بمنتهى الاجرام
- انت لسه مأمن ان في حب !
- طول ما الحياة مستمرة الحب موجود ...
- اشمعنا انا يامجدى ..
اخذ نفسا عميقا وهو يمد انامله ليلمس خيوط شعرها المنسدله قائلا بحب
- عيونك السبب، عيونك مجرمين اول مابصيتِ لى وقعت على جدور رقبتى يابت الهواري ...  
وقف مجدى فى منتصف الغرفه حتى وجد ورقه بيضاء مطويه وملقاه ارضا .. انحنى بصعوبه ليتناولها ولكنه اتاه صوت نداء مدير اعماله قائلا بصوت عال
- مجدى بيه .. يابيشمهندس ...
وضع مجدى الورقه فى سترته سريعا ثم خرج له قائلا
- خير يافتحى ..
نظر له فتحى لاعلى: احنا عرفنا ياسر فتح الله فين

 

صباحا
استيقظت وجد قبل سليم فانتهت من اخذ حمامها الدافء واجرت مكالمه للاستقبال تطلب منهم فطار معين وتورته صغيره .. فعيد ميلاد سليم بعد يومين ارادت ان تحتفل معه قبلها .. ثم عادت للمرحاض مره اخرى وهى تزفر باختناق
- اووووف يعني ماقدرتش اقوله نشترى لبس ياسليم ..
ثم ربطت حرام منامتها القطنيه القصيره التى تصل لفوق ركبتيها وخرجت من باب المرحاض لتقف مستنده على الحائط تتأمل ملامحه وهو غائصا فى سباته .. عقدت ذراعيها وهى تتبسم
- انا كنت متأكده ان اخرة الصبر دا حضنك ونور عينيك .. كنت دايما تقول لى ربنا محطش الحب دا كله فى قلوبنا علشان نسمح للناس مخلوقه زينا تدمره .. دا نبينا محمد بيفرح لما يلاقى اتنين بيحبوا بعض متجوزين
ثم اخذت نفسا طويلا قائله: الف حمد وشكر ليك يارب .. انا طلبت منك ليله واحده معاه فى حلالك جمبه .. كرمتنى اكتر ماتمنيت .. ربنا يحفظك ليا ياحبيبي زي ماجمعنا ..

استيقظ سليم من نومه وهو ينظر لها بعيون ضيق حتى جحظت تدريجا عندما سقطت على ساقيها الذي فشلت قطعت القماش التى ترتديها فى سترها قائلا
- ياصباح العسل .. واقفه بعيد ليه ؟!
ابتسمت بحب وهى تتدلل امامه: بتفرج عليك .. اي فى مانع ؟!
- مممم طيب اى طالع حلو ؟
- انت فى كل الاوقات قمر ..
نهض سليم من فراشه كأنه اخذ قدرا كافيا من قهوته وهى كلامها المحرك له اولا واخيرا .. ظل يتأملها بعيون لامعه ببحور الحب قائلا
- نمتى كويس ؟!
- انا منمتش كويس غير فى حضنك ياسليم ؟! انا اكتشفت انى كل اللي فات من عمرى فى بعدك مكنش نوم دا كان هدنه كده بينى وبين الحياة عشان اصالح قلبى عليها .. احم وخلاص صالحتها ..

ارتشف بعض المياه ثم وضع الكاس مكانه وهو ينظر لها باعجاب  وهو يقترب ناحيتها
- ما احنا قولنا ياصباح العسل ..
داعبت كلماته ثغرها فشقت بسمه واسعه .. فازاحت وجد شعرها المنسدل جنبا لتتمايل قليلا فى وقفتها قائله
- صباح كل يوم ماشوفش فيه غير عيونك ياروح قلبي ..
قرب سليم منها ليسرق قبلة سريعه من ثغرها قائلا بسعاده بالغه
- مزاجك باين عليه حلو ..
اومأت ايجابا فاطرقت قائله
- مممم هو حلو جدا .. مزاج بنكهه وجودك جمبى وفى حضنى ..

قهقهه سليم بضحكه عاليه تزيح كل ستائر الحزن مردفا
- يابت متاخدنيش فى دوكه كده .. استنى افوقلك طيب ..
ثم نصب عوده امامها يداعب ذقنها بانامله: هتفضلى تبصيلى كده كتير !
سندت كفيها على صدره بخفه قائله:
- عاوزه اقولك حاجه !
رفع حاجبه باهتمام منتظرا ما ستقوله مع اصداره انينا مكتوما .. فواصلت وجد حديثها.

- عاوزه اقولك انك كنت فى حياتى زي نجوم السما بعيده بس منوره حياتى كلها .. كنت كل يوم افقد الامل فى انك تكون ليا .. تعرف ماكانش يعدى يوم غير لما امسك قلبي وانادى بكل وجعى للسما باسمك واقول ياربنا انا مش عاوزه غيره ليا يارب معجزه تكون نهايتها حضنه وعينيه .. كان قلبي بينزف غياب كل ليله وحصلت المعجزه وبقي يطرح ورد كل ليله .. عارف ياسليم انا كنت بسال نفسي من شويه ياترى لو اتجوزت حد غيرك كنت هعمل ايه .. ولا قلبى هقنعه بكده ازاى .. هو انا ازاي كنت هتسحمل نفس راجل غيرك معايا .. هو انا كنت هعمل ايه لو مكنتش انت معايا .. هو انا كان ممكن اعيش لذة الحب اللي مطيرانى دي مع حد غيرك .. انا محتاجه عمر فوق عمرى عشان اشكر ربنا انه استجاب .. اشكره انه محرمش قلبى من لذة قربك ..

كان يستمع لها باهتمام بالغ وهو يداعب وجنتها بلطف .. فحرك يديه ليفك حزام منامتها وهو يقول
- انت فى قلبى عامله زى الدبوس المغروس اللى مش عارف امد ايدي فأى جزء بالظبط عشان اخرجه .. حبك اتغرس لحد ما بقي جزء منى مايتصالحش غير بحضنك ..
انتهى سليم من فك رباط خصرها .. فتح ثوبها ولف الرباط حول خصره وهو يربطه خلف ظهره .. ظلت تراقبه بذهول
- انت بتعمل ايه ..!
غمز لها بطرف عينه ثم انتهى من عقد الحزام حولهما وهو يرجع شعرها للخلف قائلا
- الكلام الحلو ده لازم يترد عليه بطريقتى ..

نظرت لها بذهول مع بسمه لم تفارق ثغرها فرجعت للخلف تلتصق بالحائط ولم تعلم ان بعدها عنه يزيده اقترابا .. فوضع مقدمة قدميها فوقه قدميها هاتفا بتحد
- مافيش مفر ...
عانقته بحب وهى ترتل: ومين قالك انى عاوز افر .. انا خلاص لقيت مكانى ومش هسيبه ..
شرع بارتوائه منها حد التشبع وما هى الي بحيره عذبه يرتوى منها التائه فى قلب الصحراء اكثر من ثلاثين عاما .. فماذا سيكون اللقاء الا غوصا فى الاعماق حد التشبع .. استكان اليها وبها وزرع من جفاف الانتظار بساتين ورد حتى اصبحت مخموره به وبقربه لا تريد سواه .. فهى به تحيا وبه تزهر وبه تكون .. وهو لم يجد ملاذا لشوقه غير فى مشاتلها التى تحتويه بكل مااوتيت من عطور الشوق ..

تقف ثريا امام منزل كلاسيكى ترمقه بنظرات متارجحه خائفه .. شريط سنيمائى من الذكريات يمر امام عينيها حتى انتهى بصوت رصاصه ارعدتها وجعلت تفيق من شرودها .. تقدمت خطوة الى الامام لتخطو قدمها عتبة المنزل حتى طرقت الباب الخشبي وبعد قليل فتح لها حيدر وبيده كأس الخمر ليردف وهو يتمايل
- كنت متأكد انك هتيجى .. وده عشان انت بتحبينى ياثريا وماتقدريش تستغنى عنى !
رمقته ثريا بنظرات خائفه على هيئته المرعبه قائلا
- انت مالك .. انت تقلت فى الشرب ياحيدر !

جذبها وهو يهذي بكلمات غير مفهومه قائلا وهو يتمايل
- عاوز اتكلم معاك ..
- خلصنى وقول في ايه .. واعتبرها اخر مره هشوفك فيها ؟!
قهقهه حيدر وهو يخرج من جيبه ساعه فضيه ويتمايل ويهذي بكلام غير مفهوم
- طول ما دى معايا مافيش مفر ياثريا ...

اتسعت حدقة عينيها بذهول وهى تحاول ان تخطف الساعه من يده ولكنه سريعا ما ابتعد عنها وهو يقول
- اتعصبتى ! ساعة ناصر .. ناصر جوزك ياثريا اللي قتلتيه بيدك ! فاكره قتلتيه كيف !
اعتدل ادهم وحسن الجالسان خلف شاشه الحاسوب يشاهدون حيدر وثريا الذي اشتد حوارهم .. فنظر حسن بفخر لادهم قائلا
- مش قولتلك عمك ده وراه حوار كبير .. اسمع اسمع ...

طرق النادل غرفة سليم .. ففتح واخذ منه الطعام وفوجئ بوجود قطعه مستديره من الحلوى  تورته  تتوسط الاطباق .. فرفع حاجبه لوجد الجالسه فى منتصف مخدعها تترقب دخله قائلا
- ممم وانا اقول مزاجك حلو ليييه ..
وثبت قائمه لتعانقه: كل سنه وانت حبيبي ياسليم ..
ضمها اليه بحب قائلا: هو مش لسه باقى يومين بردو ؟!
- عادى حبيت احتفل بيه واحنا هنا .. فيها حاجه دي ..

- لا دي احلى حاجه فى كل حاجه !
جذبته من يديه ليقفا امام الطاوله قائله
- هشغل انا الشمع وانت تتمنى امنيه عاوزها تتحقق السنه دى ؟!
شرع سليم بتنفذ ما امرته به وجد حتى انتهى من تمنى امنيته فقربها اليه اكثر وانحنى ليطفىء الشمع .. فاستدارت اليه قائله
- اتمنيت ايييه ..
نظر اليها بعيون ضيقه ثم اردف قائلا: اتمنيت امنيتين ..
- ايوووه اي هما بقي ؟!

- ممممممم انت تكونى معايا العمر كله وبنوته شبهك تخطف قلبى زي ما امها عملت ..
حضنته بحب وهى تهمس له: ربنا يديمك فى حياتى نعمه ياسليم .. وينور حياتنا بولاد شبههك ويغلبونى زيك  ..
قطع صفواهم صوت رنين هاتف سليم فابتعد عنها قائلا
- هرد وارجعلك ...
وقف سليم امام النافذه يتحدث فى الهاتف
- ايوه ياحمزه .. خيرر قلقتينى ..

حمزه باهتمام وبصيغه امره: سليم لازم تتنازل عن المحضر اللي قدمته فى حيدر عم مرتك ..
رمق وجد بنظره خاطفه ثم رد عليه قائلا
- لييه ياحمزه .. حصل ايه ..
- سليم .. عشان نوقع حيدر لازم نديله حريته يتحرك براحته وخصوصا بعد ما ادهم جيه وبلغ عنه ووقف مع وجد الدنيا اتقلبت ومابقتش فى مصلحتنا .. واحنا مش هنستفيد حاجه بسجنه ياسليم ...
زفر سليم بعدم فهم فاردف باهتمام: حمزه ساعه وهقابلك عشان مش فاهم حاجه واى اللي قلب ادهم على عمه دول كانوا روح واحده !

يقف امام المراه يشاهد صورها بكل شر .. ويكبرها ويطبع بعض القبلات الحاره على شاشه الهاتف التى تخفى خلفها صور صفوة .. فرفع نظر ياسر  الي المراه قائلا بتوعد
- الليله ياصفوة هصلح غلطه خمس سنين .. الليل مش هتمشي من هنا غير وانت معااايا ...
البعض منا فى امس الحاجه لفرصه ثانيه .. فرصة ثانيه اثبت فيها لك اننى لست الشخص السىء الذي بدَ لك اول مرة .. لست الشخص الذى اقتحم حياتك كصديق يود ان ينعم بصحبته فرصة ثانيه اغتنمك فيها كحبيب .. كنت صديقا رائعًا وستكون حبيبًا اروع .. اثق فى ذلك وعلى الارجح اثق بك وبقلبك الذى لا ينبض الا لينًا .. فرصة ثانيه اخبرك بأن الغياب جعلنى من محبه لمتيمه بك .. وكلمه سريه لقلبك الذى يرافق كل دُعائي " ان لا موطن لقلبى الا بين ذراعيك وكل العالم ظلام وعيناك نور اهتدى به " - نهال مصطفى

- لا ياثريا متبصليش كده .. انت فاهمه انا اقصد ايه كويس قوى .. وخابره كمان ان اللى فات مندفنش مع اللى راح ! اخر حاجه اتوقعتها انك تحاولى تتخلصى منى انا .. من حيدر اللى عاش ليك عمره كله من غير مايسلم قلبه لواحده غيرك ... انا كنت راضي بالليله بتاعة كل شهر وكنت شايفك الدنيا بس شكلى كنت اعمى مش شايف حاجه خالص ...

اردف حيدر جملته وهو يتمايل يمينا ويسارا .. ويدنو منها تارة يتشيث بذراعيها وتارة اخرى يدفعها بعيدا بكل قوته .. ولازال تحت سطو مخدره الذى يتجرعه بشراسه ... ظلت تستمع اليه بعد فهم حتى انفجرت كالقنبله مردفه

- جررى اييه حيلك حيلك ياحيدر ... انت هتسكر عليا ولا ايه .. انا مش فاهمه اى حاجه من كل كلامك دا ... هو كان حصل ايييه ! ..

- حصل اللى مكنتش واخد بالى منه زمان ياثريا ... بس تعرفى خطه فى منتهى الذكاء اتسجن انا واعفن فى السجن وانت بقي تاخدى حريتك من غير ما حد يكشف سرك ...

ثم انقض عليها وجذبها من ذراعها بقوه نحو غرفه تقع بمناى عن القصر مما اثار فضول حسن وادهم اللذان يترقبهما .. فاردف ادهم بضيق

- هو واخدها وراح فين .. الكاميرا مش جايبه ليه ...؟!

حسن بحنقه: انا معرفتش اركب غير فى الصاله والاوضه .. ده اللى لحقت اعمله ...

ضرب ادهم سطح المنضده بكفه باغتياظ
- اووووووووف .. هو خدها وراح فين وهيقولها ايه ! واى علاقة ساعه ناصر دى ؟! انت فاهم اللى انا فاهمه ياحسن ؟!

اتكئ حسن للخلف عاقدا ساعديه بتفكير وهو ينفث دخان حيرته قائلا
- هما اكيد عارفين ناصر فين ! بص شكلهم كده وراهم موال كبير واحنا اكيد هنعرفه ...

الى ثريا وحيدر الذي فتح غرفه متوسطة الاتساع ولكن يبدو عليها القدم .. حيث ممتلئه بالاتربه التى كست اثاثها وجدرانها واتخد العنكبوت من جوانبها بيوتا .. سعلت ثريا بقوة اثر ضح الاتريه وهى تلوح بكفها امام ملقط انفاسها بصعوبه

- كح ح .. انت جايبنا هنا ليه ؟! انت مالك حالك متشقلب ليه .. انا مش فاهمه حاجه !

حيدر بنبرة غضّب عارمه وهو يجثو على ركبتيه ليرفع مفرش الارضيه بحركات جنونيه قائلا بلوم
- عارفه مين هنا ! فاكرة دفتنى مين هنا وهو لسه فيه النفس من غير ما يرفلك جفن الرحمه ! هنا دفنا سرنا احنا الاتنين وردمنا عليه .. هنا خوفنا واترعبنا سوا .. هنا رصاصة مسدسى اتغرزت فى قلب اخوي .. هنا احنا قتلنا عشان نعيش ...

صرخت ثريا بصوت عال وهى تجثو على ركبتها ايضًا وتضربه فوق ظهرها بعتبٍ ولوم
- ليييه عتغكرنى لييييييه ... انا مش عاوزه افتكر .. قولنا ماضي وادفن اي اللى فكرك تفتحه تاني ... ليه عاوز تقلب حياتنا جحيم .. ليه ليه ؟!؟!؟!؟!؟

 

تجوب غرفتها ذهابا وايابًا وينأرجح خطاها على اوتار القلق التى بدى ان يتراكض على معالم وجهها .. مرت اكثر من ساعتين الا ان عاد سليم اليها .. بمجرد ما سمعت لصوت فتح الباب ركضت صوبه متلهفه

- خير ياحبيبي .. حصل ايه !

تقف وجد امامه متشبثه بذراعه فدار سليم ليقف الباب ويرتسم على وجهه معالم الحزن مردفا

- والله انا نفسي مابقيت فاهم حاجه ياوجد .. يلا يلا اجهزى بسرعه خلينا نمشي ..

- احكيلى بس الاول النقيب حمزه كان عاوزك ليه تتنازل .. فهمنى ياسليم ..

دلف سليم غرفته وتابعت وجد خطاه منتظره رده باهتمام بالغ .. فردّ سليم قائلا

- عاوزين يمسكوا عمك متلبس والواضح كده انه هو وادهم اتقبلوا على بعض .. لان اللى عرفته ان ادهم بنفسه اللى راح النيابه يشهد ضدته عشانك .. ياترى ناويين على ايه ..

نظرت له باقتطاب وهى تستدير لتقف امامه حائره
- مش فاهمه وليه ادهم يعمل كده ؟! طول عمره هو وعمى روح واحده ومحدش بيوقع بينهم ! ياترى ناويين على ايه واصلا هما ساكتين ليه على حقهم .. سليم دول معطوش موضوع جوازنا اي اهميه .. هو فيه ايه ياسليم .. اى الدوامه دى ؟!

جلس سليم على مقعد " الانتريه " بتثاقل مردفا
- انا حقيقي مش عارف ممكن يكونوا ناويين على ايه ؟!

جلست وجد بالقرب منه وهى تربت على كتفه بهدوء قائله
- ربنا يستر ياسليم ..

ثم نهضت من موضعها بلهفه لتركض نحو " التسريحه " ممسكه بالكارت الورقى قائله بتعجب
- سليم بقولك .. الاسم اللى على الكارت دا مسمعتوش قبل كده ؟!

نهض سليم وتحرك ببطء صوبها قائلا بحيره
- اسم ايه ياوجد !

قربت منه لتعطيه الكارت قائله بشكٍ
- ياسر فؤاد فتح الله ! مش هو نفسه الاسم اللى كان بيسال عليه مجدى ! ودكتور زي ما مجدى قال ؟! انت فاهم حاجه ؟!

ضرب سليم على جبهته متذكرا
- اوووف .. وانا اقول الاسم دا مش غريب عليا ... وجد البسى بسرعه وانا هكلم مجدى اعرف اي حكايته الواد دا ؟!

 

- ورد .. هو فى اي جديد عندك ...
يخرج يوسف من قسم الشرطه متجها نحو سيارته وهو يتحدث مع ورد ويرتسم على ملامحه معالم الجديه .. تأكدت ورد من قفل باب الغرفه جيدا فهتف بصوت منخفض قائله

- معرفش والله .. البيت فى حركه غريبه .. والحكومه امبارح جات لعمى ... بس الغريب انه هو وادهم اختفوا وبعد كده ماشوفتهمش تانى .. هو حصل حاجه يا يوسف .. مم قصدى يايوسف بيه ...

صعد يوسف سيارته بعدما ارتسمت على ثغره ابتسامه سعاده قائلا بمزاح

- مااحنا كنا كويسين .. اى يوسف بيه دى ؟! مش بحب التكلفه خالص ياست ورد ...

شعرت ببعضببعض الارتباك فاطرقت قائله بخجل
- احم .. اومال اقول ايه ؟!

اتكئ يوسف بظهره للخلف ليتظاهر بنبرة صوت تحمل جيوشا من الثقه قائلا
- قولى يوسف باشا عادى .. بحبها ..

ضحكت ورد اثر تلقائيته .. فاعتدل يوسف فى جلسته قائلا
- منا بقول بحبها وشكلى وهحبها اكتر لما اسمعها منك..

تظاهرت ورد بمعالم الجديه ونبرة صوت اقوي مردفه
- تمام حضرتك مضطره اقفل دلوقت .. سلااااام

هربت من تلقائيه يوسف بسرعه دون ان تنظر منه رد قائله لنفسها باستغراب
- هو ماله دا ! بييسرح بيا ولا ايه ؟!

اقتحمت كوثر غرفتها فجأه لترمقها بنظرات ساخطه
- عتكلمى مين ياروح امك .. ومالك متوهه اكده !

وضعت ورد يدها خلف ظهرها سريعا لتخفى الهاتف مجيبه بتردد وارتباك بلغ ذروته
- هااا .. لا ما بكلمش حد ده ده ..

جحظت لها كوثر متوعده: قسمًا بالله لو عرفت انك عتحكى مع اختك هقتلك زيها ياورد ..

ثم نهرتها بنبره اقوى: مفهووووووووم يابت بطنى  ؟!

- مجدى .. انت في ايه بينك وبين اللي اسمه ياسر ده ؟!

اعتدل مجدى فى جلسته مفزوعا وهو يقطن داخل سيارته قائلا
- سليم .. انت لقيته ..

سليم زاد قلقه فارسل نظره استغراب على وجد انت تقف مستنده على الحائط تراقبه باهتمام .. فواصل سليم حديثه قائلا
- مش بالظبط .. بس فهمنى فى ايه ؟!

سكت مجدى قليلا مردفا بغضب مكتوم: هو فين ياسليم ؟!

- قولتلك فهمنى اى علاقه الشخص ده بصفوه يامجدى ؟!

مجدى باختناق: زعلها ياسليم .. وانا عاوز ارجعلها حقها ؟! بص ياسليم الشخص ده لو متأدبش بت عمك هتتأذي بزياده .. فورحمة ابوك ياشيخ عاوزه حى او ميت ؟!

اقتربت وجد من سليم بخطوات بطيئه وترمقه بنظرات استكشافيه .. فجذبها سليم اليه لتستند براسها على صدره معاودا الرد على مجدى قائلا
- عاوزنى اجيبهولك فين ؟!

مجدى بلهفه: انت ليك سكه معاه ؟! واصلا هتجيبه فين وازاي ..

- اوووف يامجدى كل القصه ان حظه الهباب رماه فى طريقى انا ووجد واحنا فالفندق .. وعرفنا بنفسه لان وجد وقتها كانت تعبانه .. وانا كنت مع عماد لما طلبت منه معلومات عنه .. هاا اعمل ايه ..

مجدى باهتمام وهو ينزع نظارته السوداء: بص ياسسليم انت تقوله مرتك تعبانه وتاخد كام راجل بيت جدك القديم وتكتفه اكون انا وصلت .. 

- اخرها هنبقوا بلطاجيه ياولد ابويا ؟!

جز مجدى على اسنانه: ياسليم اسمعنى انت متعرفش الكلب ده عمل ايه .. هاجى هفهمك يلا نفذ وتابعنى بالتليفون ..

انتهت المكالمه بينهم فاردف مجدى متوعدا: والله وجيه يوم الحساب ياسي ياسر !

نظرت له وجد بتساؤل فبادلها سليم نفس النظره ولكنها اكثر حيره مردفا
- مجبر انفذ .. يلا تعالى ننزل ...

" امام موظف الاستقبال "
اردف سليم بتساؤل: لو سمحت كنت عاوز اوصل لغرفه الدكتور ياسر فؤاد .. ممكن تكلمه لان تليفونه مقفول ..

نظر له الموظف بأسف قائلا: الدكتور ياسر دفع حسابه ومشي الصبح يافندم .. للاسف ..

رمق سليم وجد بنظره استغراب ثم عاود الحديث الي الموظف وهو يمسك بالقلم الامامى قائلا
- طيب بص دا رقمى .. لو رجع هنا تانى كلمنى ضروري .. 

الموظف: حاضر يافندم اللي تأمر بيه ...
مسك كف وجد فسحبها خلفه بلطف نحو سيارته وكل منهما بداخله جيوش من علامات الاستفهام ...

- يسر .. اسمعى الكلام انا بقولك ورجلك دى ماتعبتش القصر .. انت فااهمه ..
اردف محمد جملته بصيغه آمره على اذان يسر بعدما اراحها فى مخدعها .. فرمقته بتساؤل
- لا يامحمد .. انا متأكده ماجده اختى ماتعملش كده .. ولو صدقتها تبقي غلطان .. 

قبض محمد على كفيه بغضب وهو يتحدث خلف فكيه بنفاذ صبر 
- يسر .. اسمعى الكلام قولت ونفذي ... مش عاوز مناهده ؟!

اطرقت بحزن: انت رايح فين وسايبنى ؟!

- رايح المستشفى اللي كل حسابتها متلخبطه دى وكل يوم حاله متوفيه فيها .. رايحه اشوف المصايب اللي بترف على دماغى دي .. هقولهم يبعتولك اكل من تحت متتعبيش فى حاجه ..

كظمت غضبها قائله: يامحمد يعنى هتسيبنى لوحدى وممنوع انزل تحت .. اي ده ؟!

اقترب محمد من شاشه التلفاز وفتحه بغضب وهو يردف: وكمان امك او ماجده لو جم هنا متفتحيش يايسر وانا هنادى بنت من تحت تخدمك .. وهنبه عليها بالكلام ده .. وادى التلفيزيون يسلى العفريت .. هخلص شغلى وارجعلك .. حاجه تانيه ؟

- انت متعصب ليه .. وانا عملت ايه لكل ده عشان تتعصب عليا يعني ...
رمقها محمد بنظره غاضبه ثم تركها وغادر بدون رد .. فزفرت يسر باختناق وهى على وشك البكاء 
- اووووف مش عيشه دي , كله اوامر وتعليمات والممستشفى ياايسر .. هو كان متجوزنى انا ولا المستشفى ؟!

- بس غريبه دي انك مضربتنيش ولا مازعقتيش ولا لومتينى على اللي عملته ؟!
اردفت ماجده جملتها بنيره ساخره وهى تفقل باب غرفة امها خلفها وتدلف بالداخل تتمايل فى خطاها .. فرفعت ثريا عينيها ببطء شديد من بين ركبيتها ويبدو عليهم اثر الانتهاك والارهاق قائله بتعب

- حلى عن راسي ياماجده مش فاضيالك ؟!

وقفت ماجده فى منتصف الغرفه عاقده ذراعيها وتدير جسدها بتمهل قائله بسخريه 
- تؤتؤتؤ اوعى تقوليلى انك زعلانه على يسر ؟! هتفاجئ والله !

وثبت ثريا قائمه وهى تلملم شتات قوتها قائله باختناق 
- يمين بالله لو مااتعدلت ياماجده مش هيحصل خير !

ضحكت ماجده بسخريه وعدم اهتمام: هاهاها ايه هتسقطينى انا كمان ولا هتقتلينى .. ولا هتضربينى بعادتك ؟!

ثريا باقتطاب وهى تقف امامها: انت ليك عين تتكلمى اصلا بعد اللي هببتيه ؟!

ماجده بحزن خارج من جوفها بنفس ذات النبره الساخره قائله 
- سقطى يسر ليه ؟! انت مش معقوله تكونى ام ؟

ثريا باستنكار: مسقطهااش .. محصلش !

ماجده بانفعال: لا حصل .. حصل ياما وانت عارفه كده كويس .. قتلتى حفيدك ليه ؟!

- انت جايه ترمى بلوتك السوده عليا يابت انت ؟!

- ياريتنى كنت انا .. كانت نار قلبي انطفت وقتها .. لكن لما اعرف امى تعمل كده هأمنلك ازاي .. بصي من غير مناهده ولف ودوران .. سقطى يسر اختى لييييييه ؟!

انفجرت ثريا وهى تبتعد عنها قائله بدموع 
- عشان عاوزالها  عيشه احسسن .. عيشه بره قنا والنجع والدم والقرف ده كله .. مش عاوزاها تخلف من ولد عفاف .. وتنصر عليا هى فالاخر .. قبل ما تتجوزوهم شرطت عليكم .. وقولتلكم تعملوا ايه.. بس ولا واحده سمعت الكلام حتى انت طلعتى من المولد بلا حمص واهو سابك لوحدك قفاكى يقمر عيش .. فوقى .. فووقى وشوفى لعبتهم .. واكسبى وحبى نفسك ودوسي عالكل برجلك ..

فرت دمعه من طرف عين ماجده: سليم عمره ما حبنى .. بس يسر ومحمد بيحبوا بعض ليه تكسري فرحتهم .. ليييه تبقي قاتله حفيدك ! انت بتنامى على المخده ازاي ياشيخه ! انت مصنوعه من ايه !

- انتوا اللي اغبيه .. انتوا اللي بتجروا ولا وهم وحب لحد ما جابكم الارض .. انتوا اللي هتخسروا وهما اللي هيكسبوا .. تقدرى تقوليلي كسبتى ايه وهو متمرمغ فى حضن مرته وانا اسمك على اسمه ورق .. متعلقه حالك كيف البيت الوقف .. فوقى ياماجده وبدل ما جايه تحققي معايا روحى شوفى حقك وكوشي عليه ..

خناجر متتاليه طُعنت فى قلبها واحد تلو الاخر سال نزيف الحزن على وديان وجنتها يتدفق بمراره من بؤرة عيناها .. تقف ترمق امها بنظرات متوسله لتصمت عن جمراتها المتقاذفه صوب جروحها فقط .. لاول مره دقه الشوق لسليم قُرعت .. لاول مره شعرت بأنها تحتاج لحضنه لترمم شيء ما بعثر بداخلها .. لاول مره يقودها شغفها لنور عيناه فقط .. كأن كلمات امها كانت الريح التى طاحت بكل الاتربه التى دفنت مشاعرها بداخلها .. انسحبت ماجده من امام امها بهدوء وهى تردف اخر جمله بيأس قبل ما تقفل الباب بقوة خلفها 

- انت اخر واحده تتكلمى عن القلب والهوى ..

وصلت ماجده غرفتها لتلقى بجسدها فى منتصف الفراش وهى تجهش بالبكاء وتتشبث بقلبها كمن يتشبث بشيء يخشي سقوطه وما هى الا دقائق وصلتها رساله اخرى من ادهم
- ماجده لازم اشوفك ضروري اتصرفى !

نظرت للرساله بدون اي اهتمام لتلقى هاتفها جنبا عائده الي حملة بكاؤها الشديده 

 

-( مساءا)
"بعيدا فى سوهاج "

فتح باب الغرفه ببطء وهو يخطو بخفه كى لا يقلق سباتها .. بينما عنها فكانت تلتف بغطاءها متظاهره بالنوم كى لا تنكشف امامه .. انتهى النقيب حمزه من خلع ملابسه ثم اقترب منها بهدوء باسطا جسده بجوارها ثم طبع قبله طويله على بطنها المنتفخه كالبلون واخرى على كفها فلاحظ حركه عيونها العشوائيه فابتسمت بذكاء ليعود ويداعب شعرها 

- كل ده متسائليش عنى ياعشق .. جالك قلب ؟! ممممم بس انا قلبي ماطاعنيش اسيبك كل ده زعلانه سبت كل حاجه فى ايدى وجيتلك عشان اراضيك واقولك انك وحشتينى ووحشنى خوفك ولهفتك عليا .. كان نفسى تكونى صاحيه عشان اخدك فى حضنى واقولك انى اسف ومتحرمنيش من صوتك تانى عشان الايام من غير لحن صوتك ميتم مشافش نور الفرح ..

فرت دمعه من بين جفنيها المنغلقين رغم عنها فسرعان ما رطبهما حمزه بقبله سريعه قائلا
- عارف انك صاحيه .. بس مكنتش عارف انك بالقسوة دي واول ماتعرفى انى جيت متترميش فى حضنى وتتخانقى وانت فى حضنى بردو ..

ثم انحنى ليطبع قبله اخرى طويله على ثغرها كأنه يروى عطشه من غيابها قائلا بمزاح
- بت انت خلى عندك دم وقومى يلا .. دانت ابوكى مش بيبص فى وشي عشان مزعلك ولا ورضى يسلم عليا غير لما اصالحك .. بذمتك ينفع ازعل حمزه الخياط منى ؟!

فتحت عينيها اخيرا وهى تستجمع شتات قوتها قائله 
- لسه فاكر انك متجوز .. حمزه قولتلك طلقنى مادام شغلك دا اغلى من مراتك طلقنى ؟

قبل كفها بحنان مردفا: طيب هو انا مش بتعب واتسحل فى شغلى عشان اجى ارتاح ف حضن .. حتى دى مستكتراها عليا ..

عشق بمراره حزن: ياحمزه طول ماانت هناك انا هتجنن الناس دى مش سهله .. انا بقيت اخاف من كل يوم جديد واترعب مع نهايته .. كنت دايما اخلى ماما تكلمك وتتطمن عليك وتطمنى بس زعلى منك كان اكبر من شوقى ليك ..

ابتسم حمزه بحب مردفا بمزاح: كذابه .. وجدا كمان .. شوقك انا شايفه فى عينك وسامعه فى صوتك وحاسه بنبض قلبك .. قومى بس نتكلم بعقل ومش عاوز جنان .. بس اصالحك الاول وبعدين نتخانق تانى زي ماانت عاوزه ..

كظمت ملامحها لترتسم الغضب فاقترب حمزه منها ليوزع قبلات خفيفه على ملامحها قائلا 
- قولت افردى وشك ده ... ولا انت عارفه هتغابى عليك .

ابتسمت عشق اخيرا فاردف حمزه بفرح
- ايوه كده ياستى خلى الشمس تنور .. بقي انت عاوزه تتطلقى ؟!

اومأت ايجابا بلكنه معانده .. فضحك حمزه قائلا
- وتسبينى لمين طيب .. 

- لشغلك ...

- خلاص بقي فكى .. وروقى كده واتعدلى عشان عاوز اخدك فى حضنى تلات اربع ايام كده انت والمفعوص اللي جاى ده ..

لم تقاوم شوقها تلك المره فنهضت لتعانقه بلهفه وحب وهى تتشبث به اكثر .. ربت حمزه على ظهرها بحنان وهو ينثر بعض نسماته على عنقها قائلا بهمس
- وحشتينى ..

اكتفت بأن تضمه اليها اكثر فكان حضنها ورجفتها بين يديه خير ردا على مدى اشتياقها له ..

 

- ايوه ياسليم .. وانت فين دلوقتى!
اردف عماد جملته وهو يتحدث مع سليم فى الهاتف .. فاجابه سليم وهو يقود سيارته ويدلف داخل البوابه قائلا
- اهو يادوب واصل القصر .. هتنزل ولا الوقت متأخر ؟!

- مممم طيب انزلك لو فى حاجه ضروريه .. ونشوف ايه حكايه الواد ده ؟

استمعت نورا لجملة عماد الاخيره فقامت سريعا لقفل باب الغرفه بتحد وتخفى المفتاح وهى تنظر له مبتسمه .. فاتسعت عيون عماد لها بذهول فهزت كتفيها بتلقائيه وصوت اقرب من الهمس 
- قولت ما فيش نزول ؟!

واصل عماد حديثه مع سليم قائلا 
- طيب هو ملهوش اثر فى قنا خالص ؟!

- والله ياعماد فضلت مستنيه فى الفندق ملهوش اثر وكمان كلمت جماعه صحابى على الصحراوي وفى المحطه .. بردو ملهوش اثر .. انا مش عارف اى اللي بينه وبين مجدى وصفوة الجدع ده ...

عماد بتفكير: والله ولا انا .. عموما انا لسه قافل مع مجدى وقالى كلها ساعه ويكون هنا .

دلف سليم من سيارته وهو يشير لوجد ان تسبقه قائلا باهتمام
- طيب يلا انزل انا مستنيك تحت .. 

تنحنح عماد بخفوت وهو يرفع حاجبه لنورا التى تقف امام المراه تصفف شعرها ببرود قائلا 
- ممممم طيب بص ياسليم خليها بكره عشان افتكرت كذا حوار كده مهمين .. ولا اقولك خليك عندك اول ما يجى مجدى كلمنى وهنزلكم .. فى مصلحة كده هخلصها وانزلكم ...

ضحك سليم بمكر مردفا وهو يقترب نحو منزله: مصلحه ؟! طيب ياعم خلى بالك منها وربنا يقويك ياهوارى .. عاوزين نشد بره وجوه ..

- انت عيل متربتش اصلا .. يلا اخلع انت هتصاحبنى! 

ضحك الاثنين سويا وانتهت المكالمه .. فواصل سليم سيره نحوه منزله تحت عيون تتربص له كالصقر واحده من اعلى وهى عيون ماجده التى تلتهمه شوقا والاخرى عيون ياسر الذي يختبئ خلف شجره كبيره يتابع حركه اهل البيت ..

 

نظر عماد لنورا بتساؤل فبادلته نفس النظره ولكنها اكثر عنادا وهى تدور بجسدها امامه كالفراشه مردفه 
- اي هتكسر الاوامر ولا ايه يامعالى المستشار ؟!

وقف عماد وهو يلقى عليها نظرها سريعه من اعلى لاسفل قائلا
- معالى مستشار ايه بقي ما خلاص .. الهيبه راحت على ايديكى ...

ثم دنى منها ببطء
- الا انت قفلتى الباب ليه صحيح ..

- مزاجى كده .. الله ؟!

مط شفته لاسفل "ممممممم" ثم تابع خطاه نحوها: بس كده يعني مافيش سبب تانى ..

- احم .. لا مافيش .. هى طلعت فى دماغى كده مافيش نزول ...
- طيب خليك فاكره انك انت اللي جنيتى على نفسك..
اردف عماد جملته وهو يجذبها ف لمح البصر بذراعه لتبقى بقربه .. اعتلى صوت ضحكها قائله 
- بهزر والله .. خلااص المفتاح على التسريحه اهوو .. مش هتتكرر تانى ؟!

حملها عماد بذراع واحد وهو يقترب من اريكه " الانتريه " ليغتنم بقربها قائلا 
- تؤؤء انسي .. عماد الهوارى مابيهزرش فى الحاجات دى ؟!

تجلس صفوة فى غرفتها تستكمل ابحاثها .. فنهضت تبحث عن جهاز الحاسوب بدرج مكتبها ولكن دون جدوى .. وقفت فى منتصف الغرفه حائره وسرعان مااخذت قرارها فجثت على فراشها تلملم كتبها واوراقها تدندن مع نفسها 
- هنا مش هينفع .. كل حاجاتى فوق اصلا ...

وصلتها رساله على هاتفها المحمول 
" صفوة بكره تيجى المستشفى ضرورى "

قرأت صفوة الرساله باستغراب ثم عاودت الاتصال بصاحب الرساله وهى تحمل كتبها على ذراع والاخر تمسك به الهاتف قائله
- خير يامحمد ! حصل ايه ؟

محمد باهتمام وهو يقلب فى الاوراق المبعثره امامه قائلا
- كارثه ياصفوة .. هتيجى بكره وتفهمى كل حاجه ؟!

- قلقتنى يامحمد .. اجي دلوقت طيب اخلى السواق يوصلنى ؟!
محمد بسرعه: لالا خليها بكره الصبح افضل ...

- اللي تشوفه .. عموما الصبح بدرى هكون عندك ...

ظهرت صفوة امام عيون ياسر التى تراقصت فرحا .. فاوشك مخططه على الانتصار ..

 

دلف سليم منزله بخطوات هادئه قاصدا الا يحدث اى ضجيج .. فدخل الغرفه ليشاهدها وهى تنزع ملابسها فتعمد ان يخطوه نحوها بهدوء ويجذبها من خصرها فجاه فاصدرت صوت صراخ اثر صدمتها وهى تضربه بكوعها قائله
- والله ياسليم بتستهبل ! خضتنى والله ..

ضمها اليه بحب قائلا
- الف سلامه عليك وعلى نبضك وعلى قلبك من الخضه يانور عين سليم ؟!

- يابنى انت بتتحول ! خبر ايه ؟! وبعدين هو عماد منزلش ولا ايه ..
ابتسم سليم وهى يستند بذقنه على كتفها قائلا
- عنده مصلحه مستعجله ..
قطبت حاجبيها باستغراب: مصلحه ايه دى ؟!

- انت بتسائلى كتير ليه ؟! وبعدين هى فين تورتايه عيد ميلادى اوعى تكونى سبتيهالهم ؟!اروح فيكى فى حديد .

ضحكت وجد بصوت عال وهى تميل برأسها للخلف لتستند على صدره قائله 
- ما انت قفلت لى اليوم الله يسامحك .. كنت ناويه على حاجات كتير بس يلا مالكش فى الطيب نصيب يا سلومى ؟!

ثنى ركبته قليلا ليضربها فى ركبتها برفقٍ فاتخل توازنها قليلا فارتفع صوت ضحكها وهى تتشبث بكفه اكثر .. قائله 
- بطل جنان .. هقع ؟
- وهو انا مش قولت نبطل سلومى دى ؟!
- تؤ .. بس انا بحبه ..
- وانا بحبك انت اكتر .. وبعدين تعالى هنا دانت ليلتك طين ! ازاي بتقولى خايفه اقع وانا فى ضهرك ؟! انت عبيطه يابت ..

- انت هتوقعنا فى الغلط ليه بس ياعمنا .. مش قصدى والله .. ربنا يديمك سندى على طول ..

ابتعد سليم عنها قليلا ليخرج من جيبه سلسله ذهب مكتوب عليها " سليم " بخط جميل .. وشرع فى ازاحة شعرها جنبا وبدء انا ينور بها عنقها قائلا

- عشان الدعوة الحلوة دي يبقي تستاهلى الهديه .. يلا مش خساره فيكى 
دارت وجد لتقف امام المراه بسعاده عارمه وهى تتحسسها بأناملها 
- الله ياسليم .. دي حلوة اووى اوى .. خطف قلبى ؟!

استدار ليقف امامها ويرمقها بعيون ضيقه 
- وبالنسبه لصاحب السلسله ملهوش اى دور ف الخطف ده ..

كتمت ضحكتها وهى تعانقه بحب 
- يكفى انى مقدرش اعيش من غير صاحب السلسله ولا انت ايه رايك ..

- ممممم غلبتينى .. ماشي ياستى

ثم انحنى ليطبع قبله طويله بجوار قالب السلسله العالقه بعنقها قائلا
- مبروكه عليك يااحلى وجد شافتها عينيا ..

- ربنا يباركلى فيك انت ياسليم .. وبعدين المفروض انى انا اللي اجيبلك الهديه ده عيد ميلادك مش العكس ..

قبل كفيها الاثنين بشوق وهو يقول
- وجودك احلى هديه وضحكتك الحلوة دي الشمس اللي بتنورلى الدنيا .. وان كنت عاوز هديه بجد -ثم وضع يده على بطنها وهو يطيل النظر بعينها الاتى اخفقت لاسفل مع تسارع ضربات قلبها قائلا - " عاوز خبر حلو هنا  بعد كام اسبوع واتاكدى انه هيكون احلى تانى هديه لقلب سليم ..

فرت دمعه فرح من طرف عينها وعانقته بحب وامتنان 
- ياحبيبي ياسليم .. انا مش عاوزه احسدنى عليك بس عاوزه اعترفلك انى لو كنت بحبك قيراط قبل الجواز حبيتك 24 بعد .. ربنا يتم فرحتنا ياروح قلبى..

قطع صفواهم صوت طرق على الباب فهمس سليم لها ومازالت عالقه بين يديه 
- نفتح ولا كأننا مش موجودين ؟!

ابتسمت بمرح وهى تبتعد عنه قائله 
- لا روح افتح ده اكيد عماد اخوك وانا هروح اخد دش سريع كده تكونوا خلصت كلام ..

تركته وجد بعد ما طبعت قبله خفيفه على وجنته ثم سار سليم نحو الباب ليفتحه اذا بماجده تقف امامه بعيون خائفه 
- ماجده ؟! مالك ؟! حصل اي الساعه دي ومال وشك مخطوف ليه ..

بللت حلقها عدة مرات: سليم عاوزه اتكلم معاك ضروري .. ممكن .

- طيب الصبح .. انت مش شايفه الساعه كام ؟!

فركت كفيها بارتباك: لا ماينفعش التاخير .. 
اطرق سليم بهدوء: طيب تعالى فى الجنينه ..

ردت ماجده سريعا: لا نطلع اوضتى او شقتنا .. ماينفعش نتكلم فى الجنينه .. مممم قصدى يعنى الموضوع اللي عاوزاك فيه ماينفعش هنا ..

استدار سليم برأسه للخلف ليأكد من وجود وجد .. فاومئ ايجابا بملامحه التى احتلها الغضب 
- تمام ياماجده ... تعالى فى القصر طيب ...

 

" محمد انت وحشتنى اوى .. ممكن ترجع عشان انا مش عارفه انام فى البيت من غيرك "
ارسلت يسر رسالتها لمحمد الذي قرأها وعاود الاتصال بها على الفور 
- يسر انت تعبانه ..

اجهشت بالكباء لتردف بصوت حزين: محمد انا خايفه وحاسه نفسي لوحدى ..

اغمض عينه لبرهه ليردف بهدوء: طيب انزلى القصلا نامى فى اوضتك .. متناميش لوحدك ..

- يعني انت مش هتيجى ؟!
- صعب يايسر معلش نعدى بس اليومين دول والدنيا هتظبط .. يلا البسي وانزلى وانا معاكى على التليفون مش هقفل غير لما تقوليلى وصلتى .

- حاضر يامحمد ...

 

قفل سليم باب الغرفه وهو يستدير بجسده صوب ماجده قائلا بعجل 
- ها ياماجده مالك .. واى الموضوع اللي ينزلك فى نص الليل كده ..

احمرت عيناها بالبكاء فاردفت بحزن: سليم انا تعبانه اوى .. وعاوزه نتكلم شويه ..
- سامعك ياماجده حصل ايه ؟!

اقتربت من المنضده الصغيره لتمسك بكوب العصير بتردد وتعطيه له قائله 
- طيب خد اشرب الاول وتعالى اقعد ياسليم ..

نظر لها بعيون ضيقه باستغراب وعلى العصير بيدها قائلا
- انت غريبه ليه .. مش عاوزه اشرب وانجزى ..

فرت دمعه من عينياها بحزن: انت كمان مش عاوز تشرب منى حاجه ! للدرجه دى ياسليم ؟!

نفذ صبر سليم فاقترب منها ليأخذ العصير ويرتشفه جرعه واحده ثم اقترب من النافذه ليراقب غرفته باحثا عن ضلها .. ثم عاد الي ماجده قائلا 

- هااا عاوزه تقولى اي ..

بللت حلقها عدة مرات محاوله خلق حديث معه 
- انت سمعت انى انا اللي اجهضت يسر !

اتسعت حدقت عيناه بذهول مردفا: ايييييه ! اي الجنان ده وانت عملت كده فعلا 
- منا جايباك هنا عشان اقولك الحقيقه وانا قولت كده ليه ..

شرع سليم فى تراقص جفون عينيه مع دوران خفيف برأسه مستندا على المقعد الخشبى وهو ينصت لها بتثاقل .. ظلت تراقب حركاته بعيون متأرجحه وقلب يتراقص هلعا 
- سليم .. انت كويس ؟!

وصلت صفوة شقتها ثم نسيت المفاتيح بالخارج وقفت الباب غائصه فى بحر افكارها ودراستها .. وحديثها مع محمد .. حتى وصلت لمنتصف مخدعها بعدما احضرت الحاسوب وشرعت فى تشغيله لتفتح رساله الماستر .. ولكن قلبها تلك المره انتصر ايضا فسرعان ما اغلقت الصفحه لتفتح "فيسبوك" تتجول فى حساب مجدى بفضول يقطمها بدون رحمه 

- مممم وكمان اون لاين ورايق كمان ولا على بالك ! ياترى بيعمل ايه .. طيب بيكلم مين ! طيب هو لسه سهران لحد دلوقت لييه .. طيب انا على باله زي ماهو على بالى كده ولا خلاص صدق ما طلقنى ورتاح .. اوووووف وانا مالى .. فوقى ياصفوة فووووقى اي الهبل اللي انت فيه دا .. يعني اي محور تفكيري كله سي مجدى افضل بلف وراه من فيس لواتس لانستا .. مش اسلوب ده ... ده اسمه هبل رسمى .. خلاص خلاص نفوق كده وهنذاكر ومافيش مجدي ...

وصلت يسر للطابق الارضي ولازالت تحادث محمد وتضحك بصوت عال وسرعان ما اختبئ ياسر خلف السلم كى لا تراه .. اكمل يسر طريقها وظل ياسر يتنظرها حتى اختفى .. فتسلل خلسه الى الطابق الاعلى بالدور الثانى وهو ينظر خلفه يمينا ويسارا .. فاعتلت ابتسامه النصر على ثغره عندما وجد مفتاح شقتها بالخارج .. فواصل خطاه حتى وقف امام الباب وبعد تفكير لبره واخذ نفسا عميقا وضع يده على مفتاح الشقه وفتحها بخفه حتى لمست اقدامه عتبة شقتها وعلى وجهه ابتسامه نصر عجيب...

على حدا وصل مجدى الي بوابة القصر .. فهلل الخفير بقدومه .. فواصل السائق طريقه حتى صف امام باب القصر .. دلف مجدي بتعب من سيارته مستندا على عكازه واول ما سقطت انظاره عليه نافذة غرفتها فابتسم بمجرد ما لمح اضاءه الغرفه .. وفى نفس اللحظه فتح " الفيسبوك " وجدها متصل الان .. فتنهد بكلل

- كل حاجه جوايا بتشدنى ليك .. بس مش دلوقت ياصفوة هستنى الوقت المناسب اللى مش هسمحلك فيه تبعدى تانى...

استند سليم الذي فقد اتزانه على كتف ماجده وهو يهذي بكلمات غير مفهومه .. الا ان وصل الي مخدعها فبسطته فوقه بلطف وهى تلتقط انفاسها بصعوبه ثم انتصب عودها لتقول بحزن 

- سليم .. انت لازم تكون ليا انا كمان...
اللون الاخضر بات لقلبى شبحًا بعد ما كان مصدرا لبهجته  .. اللون الاخضر على صورتك الشخصيه والاشارة التى تدل انك " متصل الان " تحرقنى وتحول ما بى من سنبلات الامل الخضر ليابسات .. وسمان شوق قلبى ياكلهن عجاف الغياب ..
انت الان تجلس امام شاشة هاتفك فترى هى عيناك وتشاهد ابتسامتك وتشهد على تبدل ملامحك التى اعشقها فى كل حالاتها .. تعرف ما يسعدك وما تفكر به ومع من تتحدث ومن تراقب .. ان يداك الان تحتضنها وتلتمس منها الدفء اما انا قلبى عارى مرتجف بارد يتمنى لمسه دفء منك ..

وانا ايضا جالسه خلف شاشة هاتفى ولكن فى الحقيقه انا اجلس امامك انت وامام صورك وحالتك ونشاطك .. ماذا لو كنت انت هكذا ايضا وتجلس امامى لتتابع آخر أخبارى ..ماذا لو كنت انا وانت نفكر فى ذات الشيء الذى يملأنا وهو " نحن "
شاشتك الوحيده التى تعرف الرد ... اما انا تائهه فى دروب الوهم انتظرك ...  شاشتك تعلم ما فشل فى لمسه قلبى ..
ياالله اصبحت اغار من جماد ؟ ا من حق الجماد ان يتلذذ بقرب من يتلهفه القلب ولو لدقيقه .. هاتفك محظوظا بك كثيرا لأنك دائما ماتحتضنه ويعلم عنك ما ابحث انا جاهده لمعرفته ... - نهال مصطفى.

استند سليم الذي فقد اتزانه على كتف ماجده وهو يهذي بكلمات غير مفهومه .. الا ان وصل الي مخدعها فبسطته فوقه بلطف وهى تلتقط انفاسها بصعوبه ثم انتصب عودها لتقول بحزن

- سليم .. انت لازم تكون ليا انا كمان .. انا كل يوم بنام خايفه مش بلاقى حد يطمنى .. انا اقولتلك انى مش بحبك بس انا مكمتلش .. انا عشقاك يابن عمى ..

ثم تحركت ببطء نحو الجهه الاخرى من الفراش لتجثو على ركبتيها بهدوء فارده ذراعه لتميل برأسها ببطء فوق صدره .. سندت ماجده راسها فوق صدر سليم فتسلل بجوفها شعور الامان والاطمئنان .. مدت كفها ببطء لتحاصر خصره قائله بحزن

- انا مش عاوزه اوصفلك كنت خايفه ومرعوبه ازاى ودلوقت اطمنت .. اسمحلى بالليله الوحيده اللي انام فيها مطمنه بيك ياسليم .. اسمحلى اطلع انانيه المره دى ..

ثم رفعت رأسها قليلا وتتأمل ملامحه بشغف وهى تتحسسها بانبهار كالاعمى الذي رد اليه بصره ويري الورد للمرة الاولى .. لم تستطيع منع نفسها من تقبيله بشوق فاض بصاحبه .. اما عن سليم فغاص فى سبات نومه مغيبا عن العالم باكمله ماعدا قلبه الذي لا يغفو ولا يخدر عن عشق وجدانته .. تعالت ضربات قلبه حتى استحستها ماجده كأنها تأبى اقترابها .. حتى جسده الذي تعشقه كثيرا يرفضها .. لم تكف ماجده عن قبلاتها المختلطه بدموع الوجع حتى توقفت ببطء لتعود لراحة رأسها وهو صدره تحديدا .. غمضت عيناها بتنهيده قويه قائله

- سامحنى مقدرتش اقف قصاد قلبي فى حاجه زي دى .. سليم انا بتقطع من جوايا كل دقيقه انت مش معايا فيها ..

ثم مسكت كفه عنوة عنه لتضعه فوق بنطنها قائله بحزن شديد
- هو انا مش هيكونلى حتى طفل منك يعوضنى عن غيابك ياسليم ؟!

ثم اعتدلت فى جلستها بحزن يتقاسم معالم وجهها قائله بوجع مكبوت
- يمكن مقدرتش اسرق قلبك وده حقك .. وحقى كمان ان يكونلى ابن منك ومقداميش غير كده سليم انا مش هينفع اعيش غير على حبك ومكتوبه باسمك .. متخلقش راجل تانى بعدك ممكن احبه .. عاوزاك تسامحنى فاللى هعمله ...

***

تسلل ياسر داخل الشقه بحرص شديدٍ كى يكمل مخططه الدنئ .. حتى وصل الي غرفتها يتأملها بلهفه جنونيه وهى تخضع تحت تأثير شاشه الحاسوب فوق مخدعها .. اذا بيد لعينه تتسلل لخصرها فجعلتها تفزع صارخه باسمه

- مجدى !

تقف فوق الفراش ترتعد تلهث .. يجن جنونها برؤيته صارخه بوجهه
- انت اتجننت صح ! انت دخلت هنا ازاى وبتعمل ايييه هنا ... دانت بجح ياخى !

صعد اليها  فوق فراشها قائلا
- نتكلم .. 5 سنين رافضه تسمعى مكنش قدامى غير كده ..

ركلته بقوة محاوله الابتعاد عنه فى اثناء تشبثه بها بقوة صرخت بالم
- انت حيوان .. هتودي نفسك فى داهيه ..

استطاع ياسر ان يكبل يدها يأسرها بقربه هامسا بنيره جعلتها تختنق
- لا ... انت لسه بتحبينى محبتيش غيري .. انا ياسر ياصفوة .. مش هسيبك انا بحبك وانت كمان بتحبيى ومش هخرج من هنا الا وانت معايا ..

كل ما بجسدها يرتجف .. يرتعد .. يتنمناه بقربها الوحيد الذي يطمئن قلبها به .. اعتلت انفاسها حد الاختناق وهى تقاومه بكل مااوتيت من كره له  .. فى لمح البصر اثناء حديثه ولمساته التى نفرتها روحها .. انحنت بوجهها لتعضه بقوة مما جعلته يرخى قبضه عليها .. ركضت سريعا من امامه متجهه نحو النافذه لتستغيث .. فسرعان ماانقض عليها ليأسرها فى ركن جحيمها الذي سبق وان طبع مجدى عليه ذكريات حزنها ..

تحولت حاله صفوة من الخوف والفزع الي الجنون الهستيري .. تشعر بألم يتراكض بجوفها فهى لم تتحمل رؤيته ولا قربه .. سرقتها ذاكرتها لذلك اليوم المشئوم وكل جيوش مشاعرها تركض صوب عيناي مجدى بسعاده عارمه ماعدا كبريائها لم يخضع له ابدا .. تمنت ان يعيد فعله بفيديو سنيمائى ابشع ولكن معه فقط ولست مع مخلوق ك ياسر .. ركلته صفو بكل قوتها وهى تصرخ باختناق .. فكبل ياسر ذراعها الذي تقاوم به بالحائط وهو يتنفس بصعوبه قائلا

- مافيش مفر ياصفوة .. لازم تفمهى انى حبيتك ومخنكيش وصحبتك دي هى اللي جات انا ماروحتش لحد ..

- انت اقذر انسان انا شووفته .. ابعد عنى وانسانى بقي يااخى ..

- لا ياصفوة انا مش هبعد .. انا ماينفعش اسيبك تانى .. انت الحاجه الوحيده اللي قالتلى لا .. ومش انا اللي حد يرفضنى انت فاهمه .. انت هتخرجى معايا عشان انا عاوز كده ومافيش قوة هتمنعنى من اللي عاوزه .. انت ليا ياصفوة فاهمه يعني ايه ..

سالت دموع عينيها بألم وهى تحاول التخلص منه صارخه
- مريض .. انسان مريض ! بكرهك وكرهت الحب وكل الرجاله بسببك ...

ثم دفعته برجلها بقوة فتراجع للخلف متألما
- انت عاوزه اي ؟! انا بحبك وعشانك عملت كل ده .. صفوة تعالى معايا نمشي ونعيش حياتنا اللي رسمناها زمان ؟!

- انا بكرهك وبكره اليوم اللي عرفتك فيه وقلبي دقلك .. انت مابتحبش غير نفسك ونجاحك ومستقبلك .. اما انا كنت كماله من ضمن الكماليات بتاعتك .. انت طماع وانانى كلب بتجرى ورا كل واحده ترميلك عضمة .. شخص عنده نقص عاوز يكمله .. بس مش انا يا ياسر واخرج من هنا احسن هقتلك وانت عارف صفوة ما بتخافش ..

وضع ياسر يده بجيبه بشرٍ يتناثر من عيناها ليخرج حقنه مخدره قائلا
- كنت متاكد انك هتعاندى ... ياسر مش هسيبك لحظه ياصفوة ..

ركضت صفوة نحو المطبخ وهى تأكل خطاوى الارض رعبا .. فطرقت بجسد مرتجف على شباك المطبخ مستغيثه
- يااعمماااااد .. عممممماااااااااااااد الحقنى  ..

هجم ياسر عليها بوحشيه كالضال المغيب عقله .. فتحت صفوة الدرج وهى تتخلص من قبضته لتتشبث بالسكينه قائله بصراخ وصوت متقطع
- هقتلك ... والله هقتلك لو قربت خطوه كمان .. ارمى اللى في ايدك دي قولت ..

تراجع ياسر ببطء وبدا الخوف يتراكض على ملامحه
- صفوة خلاص .. اهو اهوو هسيبها .. بس انت مش عاوزه تفهمينى ليييه .. ممكن نتفاهم بالعقل طيب

اجابته صارخه وهى تلتقط انفاسها بصعوبه: انت مابتفهمش انا بكرهك وبكره العالم المقرف اللي انت جااااااي منه ...

وعلى حدا وصل مجدى الى اعتاب شقته بتردد ممسكا بالمفتاح ليحدث نفسه بلوم
- انا مش عارف اي اللي جايبنى هنا .. وليه وصلت للباب القصر ورجعت .. انت عملت لى سحر يابت الهوارى ولا اييه ..

وماهى الا بضعة لحظات وصل مجدى الي شقته واستدار ليقفل الباب فالتفت لصوت صراخها
- بقولك امشي من هنا ياحيوااان ..

ركض مجدى الستند على عكازه نحو مصدر صوتها حتى اقترب من المطبخ فتعمد الا يحدث ضجيجا فهدئت خطواته وهدأت ضربات قلبها انذاك .. فهجم عليه وهى يمسك عكازه بالعرض ويطوق به رقبه ياسر قائلا
- والله وجيت لقضاك ياابن ال*****

انفجرت صفوة صارخه باسمه: مجدى!

ضغط مجدى اكثر على عنق ياسر الذي اوشك على فقد نفسه متشبثا بالعكاز ليبعده عن عنقه قائلا بصوت متقطع

- مكنتش متوقع انك ترجع تانى .. انت ليه مش فاهم انها حبيبتى ومحبتش غيري ..

صرخت صفوة بلهفه: كداب يامجدى متصدقهوش .. لا ...

استند مجدى على ساق واحده وتراجع للخلف وهو يجري ياسر بقسوه حتى خرج من المطبخ قائلا
- البنى ادم الغبي هو اللي بيجى لمكان موته برجليك .. انت عاوز منها ايه ..

تابعت صفوه خطاهم بهلع وجسد مرتجف وهى ترمق مجدي بنظرات من الشوق والخوف فى آن واحد .. فى لحظه استجمع فيها ياسر قوته ليركل مجدي على غفله فى ساقه المكسورة .. فجعلت توازنه يختل .. فصرخت صفوة باسمه راكضه نحو النافذه لتستغيث .. فتشبث ياسر بشعرها بعنف
- انت مش هتخرجى من هنا غير معايا ياصفوة ..

فى لمح البصر ضربه مجدى بقوه بطرف عكازه فى منطقه الحظر مما جلعته يتلوى الما .. ركضت صفوة للخارج مناديا على عماد
- عمااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااد .. ياعمااد الحق مجدى ..

فلم تكبح مشاعر خوفها فصعدت لاعلى راكضة لاهث وكل ما بجوفها يرتجف لتطرق  على شقة عماد بعنف ولكن دون جدوى ..

" فى حمام شقة عماد "
مع اندفاع صوت المياه وضحكات نورا العاليه فى حوض الاستحمام.. فاردف عماد قائلا بمزاح
- الضحكه دى بتزلزل قلبي على فكره ...

فتحركت نورا بدلال لتستند على كتفه قائله
- وانت لما بتكون رايق بتخطف قلبى ..

قطب عماد حاجبيه متسائلا: ولما اتعصب ..

- احمم .. بحبك اكتر والله .. وبعدين من هنا ورايح هيكون للبيت ده شويه قواعد .. اولهم مافيش خروج بعد الساعه 8 ..
- وتانى حاجه بقى ؟!
- ممممم تفضل سهران معايا لحد الفجر .. عماد انا عمرى ما مليت من انتظارك ولا عمري هشبع من قربك .. كنت شيفاك الاول كل حاجه قلبى محتاجها ودلوقت انت قلبي اللى انا ماينفعش اعيش من غيره ..بتحبنى ياعماد ؟!

اعتدل فى نومته داخل الحوض ليعلوها قائلا
- تؤ .. الحب كلمه قليله على وصف كل دقيقه معاك وبسمع فيها صوت ضحكتك .. يكفى انى حسيت معاكى بحاجه مفتقدها من زمان ..

- احم .. ينفع اطلب طلب ؟!
هز رأسه نفيا ليردف بحب: مش عاوز كلام حب تانى .. عاوز ارد على الحب ده بطريقتى ... ممكن .

 

عادت صفوة الي شقتها بعدما لم تجد فائده من النجاه .. فوجدت مجدى يتحمل على ساق واحد ويطوقه ياسر بساعده متأوها .. صرخت صفوة متوسله
- ياياسر سيبوه .. ارجوووووك ..

لهث ياسر مردفا: هتمشي معايا ياصفوة انت ليا لوووحدى !
لكزه مجدى بكوعه فى بطنه قائلا: ده نجوم السما اقربلك ياحيلتها ..

ثم صوب لكمه اخرى قويه اسفل عينه قائلا بنبره قويه
- نادى على الغفر ياصفوة ..

فزعت صفوة فأثر الصدمه على قلبها اكبر من ان تتحمله .. فتحركت وهى تلوم نفسها بدندنه
- غبيه غبيه ياصفوة .. اتحركى واقفه تتفرجى ليهه !

فجأة اخرج ياسر سلاحه وهو يركل مجدي بقوى على ساقه الموجوعه قاصدا ان يهزم قوته لاعبا على اوتار وجعه .. فانخلع قلب صفوه من مكانه اثر صرخه مجدي القويه التى جذبت اذان احد الخفر المارين تحت البيت .. فوقفت لبرهه تراقب فوهه السلاح المصوبه نحو مجدى وهو يقاوم وجعه بصعوبه .. فسقطت عيناها على الحقنه المخدره الملقاه ارضا .. ونظره اخرى ارسلت لكلماته ياسر التهديديه ..

فانحنت بلهفه وهى تقترب من ياسر الذى اوشك على الضغظ فوق زناد المسدس .. وبمهاره مهنيه غرزت صفوة الابره بعنقه فى نفس اللحظه التى حركت ذراعه الاخر بذراعه الذي يكسوه الجبس  لاعلى لتصيب رصاصته شاشه التلفاز .. فسقط ياسر ارضا فى الحال اثر الابرة المخدرة ..

ركضت صفوه نحو مجدى لتطمئن عليه بلهفه وقلق
- انت كويس مش كده .. رجلك بتوجعك طيب ... انت مابتردش ليه .. يامجدى طمنى عليك والنبى .. طيب ورينى رجلك فيها حاجه

ذاب مجدى فى سحر شعرها المنسدل على كتفه كخيوط الحرير .. واصلت صفوة عملها كحبيبه قبل ان تكون طبيبه فى تلك اللحظه وهى تفحص ساقه بعنايه .. بينما عنه تخدرت كل اوجاعه المؤلمه بعطر قربها ..

 

صوت طرق على باب غرفة ماجده

- ياماجده افتحى .. انت بتعملى ايه جوه ؟!

اردفت يسر جملتها الاخيره بعدة طرقها عدة مرات على الباب وهى تقف خلف باب غرفة ماجده .. فقتلها الفضول منذ اللحظه التى رأت بها سليم يدلف لغرفتها .. فهى تخشي ان تقوم اختها بعمل شيطانى يفسد علاقته بزوجته ويخسرها ذاتها .. تجاهلت ماجده نداء اختها اما يسر لاحظت حركه القصر المريبه .. فركضت نحو عفاف التى خرجت من غرفتها مرتعده

- فى ايه ياعمتى .. اي ضرب النار ده ؟!

عفاف وهى تركض على الدرج بخوف: سترك يارب .. سترك

يسر برعب وهى تبحث عن هاتفها: محمد !

بعد دقائق معدوده احتشدت الشقه بالخفر والشرطه التى اتت نتيجه اصرار صفوة على تبليغها .. لتأخذ كل من ياسر ومجدى .. اخيرا التفت عماد الجالس بغرفته الي صوت سيارة الشرطه وحركه البيت المربكه بالخارج .. فركضت نورا بجواره بنظره استكشافيه

- هو في ايه والشرطه دي بتعمل ايه هنا ياعماد ...

ارتدى عماد جلبابه سريعا مردفا: هنزل اشوف في اي يانورا ...
نورا بقلق وعيون خائفه: اووووف استر يارب ...

 

ركضت وجد نحو النافذة اثر الضجه القويه بالخارج .. فارتعد قلبها على سليم فعادت لتتصل به ولكنها فوجئت بصوت هاتفه بجوارها .. فانقبض قلبها اكثر
- ياتري انت فين ياسليم !

ارتدت عبائتها سريعا لتخرج من المنزل متجهه نحو اجتماع الخفر .. فالتفت الى عماد الخارج من بوابه العماره فسألته
- سليم فين ؟!

عماد بجهل وهو ينادى على احد الخفر: فى ايه يابنى والبوكس ده خد مين ؟!

الخفير: ده حرامى فى شقة مجدي بيه والحكومه جات وخدتهم ؟

نظره استغراب رمقت بها وجد عماد الذي بادلها نفس النظره مردفا
- حرامى ازاى ! وانتوا قاعدين هنا تعملو ايه ... ومجدي فينه ..

الخفير: ما البوكس خد سي مجدى والحرامى ياعماد بيه

وجد بلهفه: وسليم فينه ..

حك الخفير براسه قائلا
- ماخابرش بس يستهيألى راح ورا مجدي بيه ..

وجد بقلق: اووووف ياسليم .. - ثم التفت الي عماد - هتروحلهم مش كده !

عماد بدون تفكير: اااه لازم هروح .. خشي انت ياوجد وانا هخلى سليم يطمنك ..

زفرت وجد باختناق وهى تعود لمنزلها وتتمشي بتمهل فى الحديقه مردفه بضيق
- اى المصايب دى بس ياربي !

 

صوت تلكسات السياره احدث ربكه غير عاديه فى قلوب الغرفه .. فركض بعضهما نحو البوابه مهللين

- ياحيدر بيه .. نورت والله نورت ..

زمجرت رياح غضبه قائلا: ساعه يابهايم عشان تفتحوه
- معلش معلش ياحيدر بيه اللي ما يعرفك يجهلك ؟!

دلفت سيارة حيدر داخل القصر مصدرة ضجيجا عاليا .. اثر اخرج ادهم راسه من النافذه ليتفاجئ بوجود فلعن ذلك الحظ
- اووووف وده مش خايف ولا ايه ؟!

خرج ادهم بعجل ليكتشف ما الامر متظاهرا بالفرحه
- والله نورت يااعمى ... البيت من غيرك ملهوش حس !

اردف حيدر بغضب وهو يجلس على المقعد المجاور للباب
- ايه ياادهم .. مكنتش متوقع انى اجى ولا ايه ! فاكر انك هتستفرد بممتلكات العتامنه لوحدك !

حك ادهم ذقنه بتعجب فاردف بتمويه
- لا كيف ! بس مستغرب من الشجاعه دي .. انت مش خايف من الحكومه ياعمى !

التوى ثغر حيدر بتعجب: لا ماهو ولد الهوارى اتنازل خلاص .. لسه واحد من معارفى قايلين لى ..

اقتطبت ملامح ادهم باستغراب: ايييييه ! سليم اتنازل ! وده ليييه يعنى ؟!
حيدر بمكر: ماخابرش .. بس شكله ناوى على حوار اكبر ... ادهم خلصلى الشغل وبعدها هنروقوا لعيال الهوارى ؟

- ووجد ياعمى ؟!

- هقتلها .. ورحمه ابويا هقتلها على عملتها الهباب دي !

 

" صباحا "

استيقظ سليم من سباته اخيرا بتكاسل شديد .. ليتقلب فى فراشه ببطء ويفتح عيناه بتثاقل اى ان سقطت انظاره على تواجده بغرفه ماجده .. فزع سليم من موضعه ممسكا برأسه بتعب محاولا تذكر ليله امس .. ولكنه دون جدوى , نهض من فراشه كالمجنون باحثا عن ماجده التى لم يجد اثرا فى القصر .. فوقف فى منتصف القصر وركل المقعد الخشبي بقوة كشيء يفرغ به جيوش غضبه قائلا
- ياويلك ياماجده لو اللي فى بالى صح ؟!

لمح سليم وجد تسير بفردها فالجنينه .. فخرج سريعا ليذهب اليها فاستقبلته بلهفه كلهفه رد الروح
- سليم كنت هتجنن عليك ! كده تمشي من غير مااعرف !

عانقته وجد بشوق اما عنه فتغيب عن كل واقع وخيال التفت فقط لجيوش الالم التى تتراكض براسه .. فواصلت وجد حديثها
- مجدي عمل ايه طمنى .. ؟

نظر لها سليم باستغراب: ماله مجدي !

احتلت الدهشه معالم وجهها قائله
- سليم انت مش كنت معاه فى القسم ؟! الخفير قال لى كده .. انت مالك مش مظبوط ليه ؟!

مسك سليم راسه بقوة قائلا: دماغى هتتفرتك من الصداع ياوجد ..
لمست جبهته بلطف مردفه: ده اكيد عشان منمتش طول الليل .. بص روح نام وارتاح ومجدى معاه ربنا ..

زادت مشاعر الدهشه والاستغراب والفضول والقلق ف آن واحد بجوفه .. فهو يجهل تماما ما حدث ليلة امس ومجدي ما الامر الذي القى به الي القسم ! فالتفت اليها
- وجد هاتيلى محمولى من جوه بسرعه ..

- سليم انت هتروح فين ! انت مش صالب طولك ..

بنبره قويه اردف سليم: خشي ياوجد .. واسمعى الكلام ...

 

" فى شقة صفوة "

- يابتى ماتريحى قلبى وقوليلى الزفت دا كان بيعمل ايه هنا ؟!

اردفت عفاف متوسله لصفوة ان تجيبها .. ولكنها التزمت الصمت ايضا ولم ترد على احد .. اقتربت نورا منها راجيه

- ياصفوة انت من امبارح على الحال ده .. فهمينى طيب ؟!

صرخت صفوة بهم بنفاذ صبر: اطلعوا كلكم بره مش عاوزه اتكلم مع حد .. مش عاوزه اسمع اي كلام .. حرام عليكمم !

ثريا بغضب: ماتتعدلى يابت مش ناقصاك انت كمان .. وتردى وتفهمينا ..

وثبت صفوة قائمه الا ان انخفض ضغطتها فجاة وشعرت بدوران فارتمت على الاريكه بتعب
- الحقينى يانورا دايخه اوى ..

هتفت نورا بلهفه: يسر هات ميه بسكر بسرعه ..

ركضت ماجده ويسر نحو المطبخ لتعد ما طلبته منها نورا فاطرقت ماجده باختناق
- يسر .. انت مش بتكلمينى ليه ؟

زفرت يسر باختناق وهى تتحدث بصوت منخفض
- انت مش مكفيكى اللي عملتيه فيا وقتلتى ابنى وكمان عاوزه ترتكبى جريمه اكبر وتاخدى حاجه من سليم مش من حقك ؟! ليه ياماجده الغل ده ليه ؟! ليه واقفه فى طريق سعاده سليم ... احمدى ربنا انى لحقتك وقتها والا كان سليم هيكرهك طول عمره ومش هتلاقي حد تسندى عليه .. متحاوليش تخسري سليم حتى كأخ ليك .. واعقلى .. هما كلمتين واقفين فى زورى وبعدين مش عاوزه اعرفك تانى .. وسعى من وشي ..

اجهشت ماجده فى البكاء بصوت مكتوب وهى تتشبث بقلبها الذي شعرت بألم به كانسكاب الزيت الساخن فوقه .. ظلت تنوح بالبكاء بالم وهى تجثو على ركبتيها ارضا لتناد
- يارب خدنى بقي .. انت تعبت ...

 

لمح سليم عماد ومحمد من بعيد فركض نحوهم بتساؤل
- حصل ايه ياعماد ؟!

محمد بغضب: انت كنت فين من امبارح .. طبعا نايم ولا على بالك ..
ضغط سليم على فكيه قائلا باختناق: والله ما كنت اعرف .. ماله مجدي ..

عماد بحيره: بس انت كنت فين دي حتى وجد كانت بتسال عليك امبارح ..
شعر سليم بالاختناق فاردف بنفاذ صبر
- ياعماد خلصنى وقول لى حصل ايه مش فاهم حاجه ..

روى عماد ما حدث بليلة امس على اذان سليم التى تبدلت ملامحه ملتهما بها نيران الغضب .. فاردف سليم بحذر وصوت منخفض
- عماد وجد لو سألت انا كنت معاكم فاهمنى !
محمد بنرفزه وغضب يتأكل من ملامحه: وده ليه اومال انت كنت فين ؟!

سليم بضيق: انا صحيت لقيتنى فى اوضة ماجده معرفش ازاي .. ده اللي عاوز افهمه .. عموما زي ما قولتلكم ..

قطم محمد شفته السفليه بغضبه وعيون يجحظ منها تيارات الكره: الزفته دي تانى .. دي شيطانه عايشه معانا فى البيت ؟!

تجاهل سليم اتهامات محمد فاردف قائلا: ومجدي فينه دلوقتى ؟!

عماد باسف: ودناه المستشفى .. البيه فضل مقضي الليله فى الحبس امبارح ومستحمل الوجع لحد ما رجله التهبت وربنا يستر وما تقلبش بغرغرينه !

سليم بتساؤل: نعم .. ومجدي يبات ليه فى الحجز اصلا ؟!
محمد بنفاذ صبر: عشان بلاغ ست صفوة اللي هتلبسه فى 3 سنين سجن ...

ابتسم عماد بمزاح وهو يلكزه بمزاح: ماتعرفش فى فالقانون تبقى تسكت يابتاع الادويه انت ؟!
محمد باقتطاب: اومال اي اللي هيحصل فى اخوك يافالح ؟!
تنحنح عماد بثقه فاردف:
- منا مش قاعد ارش كنافه فى حقوق 4 سنين يادكتور .. بص طبقا لنص الماده504 " ان القانون بيعاقب بالاشغال الشاقه من جامع شخصا غير زوجه " وكمان الماده 503 " ان اكره غير زوجه بالعنف او بالتهديد على الجماع عوقب بالاشغال الشاقه المؤقته وهى من 5 ل 7 سنين " ... يعنى بالمختصر ولاسف الصريح ان القانون موضعش نص يجرم الاغتصاب الزوجى ... فااخوك خلع منها .. ممكن بس يلبس فى 3 شهور بتهمة الضرب البسيط ودى سهله وليها حل ... كل حاجه عند عماد الهوارى ليها حل ...

نظر سليم لمحمد بذهول .. فاردف محمد قائلا
- وانا اقول حال البلد دي مش ناوي يتصلح ليه .. طول ما القانون اللي بيحكمنا طرى عمرنا ماهنتعدل ..

اقتحمت وجد اجتماعهم قائله بهدوء: تليفونك ياسليم ؟!

تناوله سليم منها قائلا بامتنان: متشكر ياوجد .. روحى ارتاحى انت وانا هطمن على مجدي ومش هتأخر ...

 

دخل عماد ومحمد شقة مجدى حيث مكان اجتماعهما .. فنهضت صفوة بلهفه
- مجدى عمل ايه ... عماد انت ساكت ليه والنبى طمنى ؟!

تبدلت ملامح عماد متظاهرة بالغضب والحزن مردفا بسخريه
- يهمك قوي يعني .. عموما انا هقولك بسببك مجدى امبارح بات فى الحجز عشان يتعرض على النيابه الصبح .. وفضل مستحمل الوجع فى رجله لحد ماحالته اتدهورت وفى المستشفى حاليا ... حقك رجعلك كده يادكتورة ؟!

دمعه فرت من طرف عينيها باحباط ثم دارت الي محمد بتوسل
- محمد .. قوول لى ان كلامه ده مش صح ؟!

رمقها محمد بنظره جافه ونظره اخرى سقطت على عماد الذي يقف خلفها يغمز لمحمد بمكر فكتم ضحكته قائلا
- رجل مجدي ممكن تتبتر فى ايه وقت .. افرحى يابت عمر حقك رجع ..

ثم رفع نبرة صوته مناديه على زوجته
- يلا يايسر .. يلا من هنا ! ناقص نولع فى بعض !

ثم تظاهر عماد بالجديه قائلا بصوت كظيم
- واحنا كمان يا نورا يلا بينا ! سيبى النار تحرق صحابها !

ظلت صفوة تراقب كلماتهم ونظراتهم التى اشعلت نيرانها اكثر فوقفت مكانها متجمد غير قادره على التحدث .. بات الندم يقطم بجوفها بقسوة .. تسللوا جميعهم واحد تلو الاخر الا انها فاقت على صوت عفاف راجيه
- خدنى عند اخووك ياعماد والنبى ...

 

- فتحلى راسك ياادهم .. البضاعه كلها كام يوم وتوصل .. عاوزك تستلمها بنفسك .
اردف حيدر جملته بحرص بعدما تأكد من قفل باب المكتب .. وجلس بقرب ادهم مواصلا حديثه

- هتروح اسوا تستلم البضاعه وتحطها فى مخزن قديم هديك عنوانه .. وهنوزعها احنا بطريقتنا بعد كده ؟!

ادهم بتساؤل: مش فاهم ياعمى .. انت عارفه بتتكلم فى كام طن ؟! وبعدين انا محتاجه رجاله كتير وازاي هفرز الكميه دي لحالى ؟!

ابتسم حيدر بمكر وهو يمد له عينه بسيطه من الصنف
- شوف .. صنف مدخله زيه ولا هيجى بعده !

شم ادهم بانتشاء رهيب ثم رفع حاجبه باعجاب مردفا
- دى حاجه فاخره قوي .. عموما معاك .. طالما كل حاجه متأمنه ؟!

ظل حيدر يرمقه بمكر قائلا لنفسه
- لعبتك اتكشفت ياولد اخوى وهتقع فى شبكه حيدر قريب !

تقف ورد خلف النافذه بالجنينه تستمع لهم باهتمام .. ثم اخرجت هاتفها لتخبر يوسف عن كل شيء استمعت له .. وبعد ما انهت مكالمتها وهى تتمشي بالجنينه ظهرت لها ساميه المختبئه خلف الشجره لتقبض على شعرها بشده قائله

- والله ووقعتى ومحدش سمى عليكى يابت ساميه !

ثم نادت بصوت عال
- ياحيدر .. يااادهم تعالو الحقوا نصيببببه ! يااادهمممممم الحقق !

ركض كل من ادهم وحيدر للخارج نحو صوت ساميه المرتعد .. ومن ناحيه اخري دلف زين الصغير اخو وجد لغرفه المكتب فوجد سلاحا جذبه فضوله اليه .. فاقترب منه ليلعب به قائلا
- انا لازم يكون معاى سلاح حقيقي زي اللي فى اللعبه ..

ثم لفت انتباه كيس صغير باللون الابيض .. فوقف امامه قليلا فأخذ بدون وعى ليشمه عده مرات مردفا باستغراب
- اي ده ؟!

لم يكف زين عن ذلك بل اكمل سيره وراء فضوله ليذوقه حتى تجرع كميه كبيره اطاحت بحياته على الفور فسقط طريحا كالطير الذبيح الذي يسبح فى دماء روحه يلهث انفاسه بصعوبه بالغه ..

تصرخ ورد محاوله التخلص من قبضه ساميه القويه
- بقولك سبينى فى حالى .. عاوزه منى ايه ؟!

وقف حيدر متسائلا
- هببت ايه البت دي ياساميه .. ؟!
اردفت ساميه بشر: الهانم شغاله مخبر للحكومه .. وبتبلغهم كل خطواتكم .. مكفهاش عار اختها  لا وكمان عاوز تسجنكم !

نظر لها ادهم نظرات غاضبه وهو يقبض على ساعدها ويرجها بعنف
- الكلام ده حصل ؟!

صرخت ورد متألمه: محصلش ! وسيب يدى

اردفت ساميه مستنكره: افتح تلفونها ياولدى وانت هتعرف ..

شد ادهم الهاتف من يدها ثم عاود الاتصال بأخر رقم فظلت ترمقه بتوسل وصوت يصرخ من جوفها بالا يفعل ذلك .. رد يوسف على اتصالها قائلا
- هاا ياورد .. جد جديد ؟!

صرخت ورد لتستغيث به: ياايوووووسف الحقنى !

فزع يوسف من مكانه بينما اسرع ادهم فى انهاء المكالمه قائلا بغضب
- دانت وقعتى تحت يد اللي ماعيرحمش ؟!

اردف حيدر بملامحه يشتعل منها نيران الغضب
- البت دي تتحبس فى المخزن تحت لحد مانروقلها ؟!

التوى ثغر ادهم بمكر وهو يجرها بقوة على لحن صراخها وتوسلها ونداءها على امها قائلا فى باله
- كده احلويت ولقيت الطعم اللي ست وجد هتقع بيه فى المصيده ...

 

"فى المستشفى "

تجلس عفاف بجوار ابنها وهى تنوح الما قائله بعتب
- كان مستخبيلك فين كل ده بس ياولدى ... عينى عليك وعلى بختك ؟

اردف مجدي مازحا: جرى اي ياعفاف مانا زي القرد اهو قدامك واتسترت !

- لا ياولدى قلبى واجعنى عليك .. مجدي طمنى عليك فى حاجه بتوجعك ! يعنى حاسس بحاجه ؟!

هز مجدى رأسه نفيا وهو يضحك قائلا
- اقوم اتنطط قدامك طااب ياعفاف عشان تصدقى انى زين ؟! منا قدامك حى اهو .. اومال لو واخدلى طلقتين ؟!

اردف سليم بمزاح: تصدق ياض يا مجدى انت انقذتنى من ورطه كبيره لدرجه انى عاوز ابوسك دلوقت ؟!

رد مجدي ضاحكا: لا ياعم وفر بوسك لصحابه .. اما احنا غلابه بنخدم من غير مقابل ..

دلف عماد عليهم قاائلا بحماس وهو يلقى حقيبته على طرف السرير
- هااا ياوحش ازى الصحه؟!

- عااال ياعماد .. طمنى الواد الزفت ده حصله ايه ؟

اردف عماد باسف
- للاسف محاميه طلب انه يتعرض على دكتور نفسانى .. شكله عنده حاجه فى عقله ..

مجدي بحنقه: ده اكيد .. وهو فى حد عاقل يستجري يقرب من مراة مجدي الهواري .. ده كان اتنسف ؟!

التفت عفاف اليه بدهشه وذهوله وهى تشده برفق من ملابسه
- انت بتقول ايه ! انتوا مش اطلقتوا ؟!

اردف مجدي: اااه حصل ب

قطع حديثه صوت خبط صفوة على الباب فدخلت بتثاقل وهى تنظر لهم بخوف .. فاردفت بخجل
- انت عامل ايه دلوقتى ؟!

جهرت عفاف غاضبه: وانت كمان ليك عين تيجى لحد هنا مش كفايه انك السبب فى كل ده ! بقا ولدى انا يبات ليله فى الحجز بسببك .. روحى يابت ثريا مش مسامحاكى ؟!

لكزها مجدى برفق قائلا بعتب
- خبر ايه اومال ياعفاف ماتستهدى بالله ...

ثم نظر الي صفوة قائلا باتسامه واسعه
- انا احسن الحمد لله .. ودراعك اخباره اي ..

صمتت قليلا ثم اطرقت بهدوء
- اه الحمد لله .. على فكره انا متشكره على كل اللي حصل وكمان انا اتنازلت عن القضيه فتقدر تطمن وتعيش حياتك عادى ..

اتسعت ابتسامه عماد وهو يرمق سليم بمكر لنجاح مخططه مردفا فى سره
- والله ياواد ياعمده عليك دماغ المااااااظ ..

اعتدل مجدى فى جلسته ليردف برجاء
- طيب ممكن تسيبونى معاها شويه ...

احمر وجهها خجلت فاردفت سريعا
- لا لا انا همشي وبعدين نتكلم تكون خفيت ..

اوقفتها نبرة مجدي القويه قائلا
- صفوووة .. قولت عاوز اتكلم معاكى... عماد خد امك وامشوا يلا ..

عفاف بحنقه: مش هسيبك معاها ياولدى !
اطرقت صفوة بخجل وهى تستمع لحديث عفاف .. فاقترب منها عماد قائلا
- يلا يااما تعالى ..

خرجت عفاف وهى ترمقها بنظرات شرانيه ارعبتها .. فاردف مجدي قائلا
- تعالى اقعدى .. هتفضلى واقف !

دنت صفوة منه لتجلس على طرف السرير بخفه قائله
- عاوز تقول ايه اتفضل ..

ابتسم مجدى بهدوء: وحشتينى ..
التفت صفوه كى تهرب من حصار عيناه ولكنه قبض على كفها سريعا ليقربها منه اكثر
- بلاش دى ... حبيت لهفتك عليا اوى ؟!

تنحنحت صفوة بخفوت لترد
- خوفت على رجلك .. وكده وبعدين الحقير ده متخيلتش انه يوصل بيه الجنان يعمل كده ..

وضع مجدي كفه على راسها من الخلف ليداعبه بلطف
- ايوه .. انا عاوز اعرف حكاية الواد ده ؟

نظرت لذراعه الممتد على راسها باستغراب فاردف بتوتر
- هاا ! لما تخف وتبقي كويس هابقي احكيلك ..

ابتسم مجدي ابتسامه تراقصت عليها ضربات قلبها قائلا
- طيب اتنازلتى ليه .. انا كنت مستعد اتحبس عشانك على فكره ..

اطرقت بخجل: احمم حبيت اقولك شكرا بطريقتى ... وكمان شكرا للامان اللي بحسه فى وجودك ..مافيش مره اتمنيت وجودك الا ولقيتك .. ممممم مش فاهمه فى ايه .. فجاه لقيتنى فى المحكمه وبتنازل .. وجيت اطمن عليك ...

رجفة شفتيها وحركه عيناها القاصده الهرب عن اسهم نظراته حركت كل ما هو ساكن بجوفه .. فلم يكبح رغبته فى التهام رجفتها وقلقها وتوترها البالغ .. فدنى منها ببطء فتجمدت صفوة فى مكانها عاجزه عن الحركه حيث تحولت يدها الدافئه لمثلجه .. لاول مره تستنشق انفاسه بلهفه وحب .. لاول مره تثور اشواقها اليه فلم تمنعه تلك المره .. اكتفت بتقفل عيناها ببطء مستقبله لمساته بانتشاء مكبوت .. حظى مجدى من شهد قربها بعدة قبلات اسرته عشقا ليضمها من خصرها بشوق ولهفة اليها .. ففزعت صفوة من موضعها كالملدوغه

- مجدى كده ماينفعش ... لو سمحت

- ماينفعش ليه ياصفوة ..

- احنا اطلقنا لو مش واخد بالك ..

ابتسم بثقه قائلا
- بس انا رديتك امبارح ؟!

جملته الاخيره كانت ككرباج اندلى على قلبها خصيصا .. فاتسعت عيناها بذهول مع تبدل معالم وجهها من الحب للكره ومن المرح للغضب لتثور قائله
- دانت ايامك معاايا سوده ومهببه .. انت بأى حق تعمل كده ... ! دانا هوديك فى داهيه ...

فتحت وجد باب منزلها ففوجئت بالطارق .. فظلت ترمقه طويلا حتى ارتسمت ابتسامه مزيفه
- ماجده ! اتفضلى ؟َ! انت عاوزه حاجه ؟!

ماجده بحزن: وجد .. محتاجه اتكلم معاكى ...
اُصاب بنوبة حنين لذات تاريخ اليوم ولكن منذ عامين سابقين .. احاول ان اتذكرنى ولكن الصورة تبدو مشوشه جدًا .. كل ما اتذكره اننى لم اكن على ما يرام ولكنى كنت افضل من الان .. كنت بعد ثمان عشر يومًا من ذات التاريخ وهو يوم ميلاد قلبى على عيناك اصبحت واحده اخرى كل ما بها يتشكل بك ولك ..
كنت ذكيا للغايه لانك نزعت حزن قلبى من جذوره واغلقت مسامه ببذور شوقٍ تنمو لك وحدك فهى لازالت تتغذى على اوكسجين صوتك وهواء ضحكتك وترتوى بمياه صمتك .. تالله كل ما بى يتذكرك كأنك تركتنى بالامس وتالله برغم جفاف الغياب الا اننى ارتوى بذكريات نسقتها انت ببراعة محب اذابنى بهواه .. لِن لى , نحن لسنا فى ساحة الحرب , عد .. فأن حربنا الوحيده هى تدمير وسطها ... عد فذكرى ميلاد قلوبنا تقترب لنحييها بعوده حميده خاليه من دخان الغياب .. عوده بلا غياب ... - نهال مصطفى ..

ارتسمت معالم الحيره والاندهاش على وجه وجد التى قتلتها بابتسامه هادئه
- تعالى ياماجده اتفضلى ... تعالى محدش موجود وسليم عند مجدى ..
طافت عيون ماجده سريعا فى جوانب البيت .. فدلفت بهدوء وهى لازالت تقف مكانها .. اما وجد فقلت الباب ثم التفت اليها قائله
- تحبى تشربي حاجه ؟!

ردت ماجده على الفور مردفه: مش جايه اضاايف ..
تظاهرت وجد بعدم الاهتمام لجملتها فاردفت بتلقائيه
- انت صاحبة بيت ياماجده .. اتفضلى تعالى ...
تنهدت ماجده بحزن مكبوت ثم اردفت بتردد
- انا اسفه .. ومش عاوزاكى تزعلى من سليم بسببى بس ...
نظرت لها وجد بعيون ضيقه .. محاولة فهم ما ترمى اليه .. فاردفت بتجاهل
- مش فاهمه ! ومين قالك اصلا انى زعلانه من سليم ! انت اكيد فاهمه غلط ..

فكرت ماجده قليلا فلاحظت من حديث وجد انها لم تعلم حقيقه الامر .. فتنحنحت بخفوت ثم غيرت حديثها سريعا وعلى ثغرها ابتسامه كاذبه
- مممممم كنت فكراكم اتخانفتوا بسببي .. بس انا كنت عاوزاه فى موضوع ضرورى وكده ..
اتسعت ابتسامه وجد بطيبه مردفه وهى تفرك كفيها بارتباك
- انت مكبرة الموضوع .. محصلش حاجه لكل ده وبعدين سليم ابن عمك قبل اى حاجه .. اكيد مش هزعل لما تطلبى منه مساعده .. بصي ياماجده مافيش صدفه جمعتنا اننا نتعرف على بعض بس انا متأكده اننا لم نعرف بعض اكتر كل الاسوار اللي مابينا دي هتتهدم وانا واثقه  انك هتكونلى زي ورد اختى فى يوم من الايام ... وعلى فكره كمان انا كنت عاوزه اتكلم معاكى ولو مكنتيش جيتى كنت انا هجيلك ...

حاله من الذهول سيطرت على ملامح ماجده محاولة استيعاب اسلوب وجد الذي لم تتخيله يوما .. فاردفت باهتمام
- عاوزه تقولى ايه .. اتفضلى ..
- اكيد مش هنتكلم واحنا واقفين كده .. تعالى اقعدى ..
استسلمت ماجده لطلب وجد فتحركت ببطء لتجلس على اقرب مقعد منتظره حديث وجد اليها .. جلست وجد امامها بثغر لم تفارقه الابتسامه قائله
- تعرفى ان احنا الاتنين وجعنا واحد ! وتعرفى كمان اننا ضحايا ..

رفعت ماجده حاجبها باندهاش منتظره تكملة حديثها .. فواصلت وجد قائله
- انت بتحبى سليم ياماجده ؟! مممم مش عاوزه هروب لو سمحتى جاوبى ...
وقفت ماجده محاوله الهرب من نظرات وجد التى تحرقها وسؤالها الذي كان كصاعق كهربي على قلبها .. احيانا ما تكون بعض الكلمات على قلوبنا كجمرات من نار .. صمتت ماجده قليلا وهى تجوب المكان ببطء حتى التفت اليها قائله
- ولو قولت اااه ... بحبه !

وقفت وجد امامها بهدوء فاجبت: وهو ؟!
ردت ماجده سريعا: مش شايف غيرك ..
اغمضت وجد عيناها لبرهه مردفه: انت لو عرفتى ان فى حد بيحبك دلوقت ومستعد يحارب الدنيا كلها عشانك .. وانت مش شايفه غير سليم .. هتعملى ايه ! هتروحى للشخص التانى اللي بيحبك ولا هتعيشي على اطلال سليم ؟!
- احيانا الذكريات بتكون لنا المُسكن اللي بيخلينا نكمل ونعيش .. حتى ولو كان وجودها وهم !
اقتضبت ملامح وجد مردفه بنفس النبره الهادئه: وانت اى ذكرياتك مع سليم؟ .. انت شايفه ان سليم قدملك كلمه حلوة تستاهل تضيعى الحلو من عمرك عشانها .. انا عارفه مش بايدك وان لكل واحد مننا قلب اتخلق ليه وعشانه ..

- انت لو مكنتيش موجوده كان سليم هيحبنى مكنش هيلاقيى غير قلبي  اللي بيخاف عليه فهيحبنى انا متاكده ...
- وانت ليه ترضي بالجبر وبدل للتفقد .. الحب الحقيقي ان يكون قدام عيون سليم مليون بنت احلى واجمل منك وبيحبوه اكتر منك ويختارك انت .. مافيش حاجه اسمها ملقتش اللي يحبنى فحبيت اللي لقيته ! ارحمى نفسك ياماجده ... مش هقولك انسي سليم بس هقولك خافى على قلبك وبلاش تستنى حاجه مش مستنياكى .. كفايه وّهم .. لانه عامل زي الموجه اللي لو الواحد سابلها نفسه هتجري بيه لمكان عمره مااختاره ... اختاري المكان المناسب لقلب ياماجده ...
عقدت ماجده ساعديها محاوله تمالك دمع عيناها قائله بسخريه

- انت بتقوليلى كده ليه ! متحسسنيش انك خايفه عليا ! انت عاوزه تبعدينى عن طريق سليم وخلاص ..
- مش انا اللي هفكر كده ياماجده واكبر دليل انك لسه على ذمة سليم لحد دلوقت .. وحتى ولو كان على ذمته 3 غيرك انا واثقه فيه وواثقه ان قلبه معايا ومفتكرش ان الست تتمنى حاجه اكتر من كده .. يمكن كلامى بيوجعك بس لازم تسمعيه قبل فوات الاوان .. انا خايفه عليك مش عوزاكى تجري ورا سراب ... فى يوم ابويا وابوكى كانوا صحاب اوى واعتبرى كل كلمه بقولها اكرامنا لعلاقتهم ..

صمتت ماجده قليلا ثم اردفت بحزن: هو انا ليه مصدقاكِ .. ليه بسمع كلامك لحد دلوقتى ؟! غريب ان الانسان يسمع ويقتنع من ألد اعدائه ..
- احنا مش اعداء ياماجده ولا هنكون .. ومتمناش نوصل للمرحله دي حتى ولو كانت الحرب على سليم .. عاوزاكى تتأكدى ان لو احتار سليم للحظه بينى وبينك مش هقعد معاه دقيقه بعد كده لانى انا عارفه قيمه نفسي ومش انا اللي اتحط فى مقارنه مع حد بالذات فى الحب .. وع
ثم قطع حديث وجد صوت رنين هاتفها فالتفت سريعا نحوه لتجد المتصل امها .. ثم نظرت لماجده بحيره مردفه
- دي امى ؟!

اومأت ماجده راسها ايجاابا: اسفه عطلتك .. هسيبك وامشي ..
تشبثت وجد بكفها بدون رد مشيره اليها بعيناها ان تبقي وهى تجيب هاتفها قائله
- خير ياما ! مالك ..
كوثر صارخه: انجدينى يااوجد .. الحقي اخوكى بيروووح منى ياوجد !
وجد بلهفه وقلب منخلع: زيييييييييييين !
ماجده بقلق: فى حاجه ياوجد ؟!
رمقتها وجد بنظره خاطفه مواصله حديثها مع امها: انا جيالك دلوقتى ياما متقلقيش ... خير ان شاء الله ..
ماجده بخوف: حصل ايه ياوجد ؟!

تركتها وجد سريعا وهى تتأهب للذهاب بجسد مرتعد
- اخويا ياماجده تعبان .. انا لازم اروح اشوفه ؟
ماجده بتنبيه وهى تحاول ان توقفها: استنى بس هتروحى فين .. متتجننيش ياوجد !
تجاهلت وجد حديثها لتركض نحو الباب سريعا وهى تأكل خطاوي الارض خوفا .. فركضت ماجده ايضا نحو القصر لتتصل بسليم الذي رنت عليه مرارا وتكرارا بدون جدوى ..فاردفت باختناق
- اووووف ياسليم ... مش وقتك رد بقي !
ثم عزمت امرها على الذهاب اليه المشفى .. فركضت نحو الباب سريعا مناديه على احد الخفر
- حد يجيبلى عربيه حالا ..

 فى المشفى
سليم بمزاح: اي يارميو البت دى طالعه وواخده فى وشها ليه .. هببت اي يافقري ...
اتكئ مجدي للخلف وهو يفّرد ساقه بتأوه قائلا
- هى اللي خُلقها ضيق ياعم اعملها ايه !
غمز له عماد قائلا: طب ماتوسعه .. خليك ناصح ..
ركله مجدي بمزاح قائلا: والله ياعفاف ماعرفتى تربي عيل فى عيالك دول ..
جلست عفاف بجواره لتربت على كتفه قائله
-  خليك انت عاقل واسمع منى وفكك من بت ثريا .. دي نابها سم ياولدى .. روح هاتلنا واحده من بنات مصر كده تخزى العين وتدلعك وتسعدك مش دى وبوزها اللي يقصف العمر ..

رد عماد ممازحا: مش عاوز اصدمك ياعفاف واقولك انها جابت ولدك على جدور رقبته ؟!
ندبت عفاف حظها قائله: يانيله بختك فى ولادك ياعفاف .. ياريتكم بنات كنت عرفت احكم واربي بدل العيشه والغلب اللي شيفاه على يدكم ...
دنى منها سليم ضاحكا ثم قبل رأسها قائلا
- خبر ايه اومال ياعفاف .. دانت حبيبه قديمه .. مش هتحكيلنا عادل الهوارى كان بيعملك ايه ..
اتسعت ابتسامه عفاف واضاءت ملامحها بمجرد سماعها لسيرة زوجها .. فاردفت بارتياح
- وهيييييه وهو فى زي ابوكم .. يلى ما فى واحد فيكم طالع زيه ..

اقتحم محمد عليهم الغرفه بزيه الطبي قائلا
- متجمعين عند النبى .. خيررر ..
مجدي ممازحا: تعالى تعالى اسمع امك هتحكيلنا على غرامياتها مع ابوك ...
قفل محمد الباب سريعا ليقترب منهم والفضول يملأه
- اوبسسسس .. يافوفا ياجامد .. صح انت وقعتى فى ابويا كيف ولا وقعك كيف ! ماتحكى ياعفاف ..

شردت عفاف لبرهه ثم اردفت بهيام
- ابوكم كان راجل تتهز له شنبات وتقفله رجاله ببدل .. كان يتحجج ويجيلى البيت كل يوم بحجة انه يسلم على ابوي.. كان يجيبلى الخير كله فى كل مره يروح فيها مصر .. كانت كل البنات من سنى تطلع تلعب الا انا كان يجي ياخدنى ويقول لى مراة عادل الهوارى ماتلعبش الا معايا .. جيه خطبنى وانا عيله 13 سنه واتجوزت وانا 15 .. كنت بته ونور عينه .. كل مره اولد فيها واحد فيكم كان نفسي تيجى بت فهو مكنش يرضى كان يقول لى انا مش عاوز بت غيرك .. انت بتى وامى واختى وحبيبتى .. كان عليه دلع كل بنات العيله بتحسدنى عليه ...

تنحنح سليم بمزاح قائلا
- دا ابويا طلع دنجوان واحنا مانعرفش ..
اجابه عماد بسخريه: ابن الوز عوام يااهوارى ..
ثم اشار محمد على اخوته قائلا بضحك: واللي خلف مامتش ياعفاف ..
لاول مره تنطلق ضحكه عاليه من قلب عفاف قائله
- ياريته كان موجود دلوق .. كان خفف على قلبي كتير ..

اردف سليم بمزاح: خبر اي يام عماد هو كان حد زعلك ولا ايه داحنا نرميه للسمك ...
اقتضبت ملامح عفاف لتعود لجبروتها قائله
- دانا اللي عاوزه ارميكم للسمك .. -ثم لكزت مجدى- وانت يلا قوم روح بلاها قعدة المستشفيات دي ..
مجدي ضاحكا: لا انا مرتاح هنا ..
ثم اكمل عماد قائلا: شكله عارف مصيره وان ست صفوة هترجعه تانى بس المره دي بعاهه مستديمه ...
اقتحمت ماجده الغرفه وهى تلتقط انفاسها بصعوبه:
- الحق ياسليم وجد ..

ارتعد قلب سليم وهو يدنو منها متلهفا: مالها وجد ياماجده انطقى ..
اجابته بصعوبه محاوله استجماع نبره صوتها
- امها اتصلت بيها وقالتلها اخوكى تعبان وهى راحتلهم .. الحقها ياسليم شكلو فخ ...
اتسعت عيون سليم وهو يضرب على الباب بقبضته القوة ثم غادر الغرفه سريعا
- ليييه كده ياااااااوجد ليه !
صرخت عفاف: الحق اخوك يااعماد .. ماتسبهووش ...

 فى قصر العتامنه
دخلت وجد وكل ما بجوفها يحترق .. فوجدت اخيها ملقاه على الاريكه لا حول له ولا قوة وتجلس كوثر على الارض بجواره تندب حظها وتصرخ بأعلى صوت فيها كمن اصابه سقم لا علاج له .. خطت وجد بقلب مرتعد لتدنو منه
- مال اخويا ياما جراله ايه ...
تصرخ كوثر وتضرب على ساقيها ورأسها وجهها وتنوح
- اااه ياوجع قلبي على اخوكى الوحيد ياوجد .. اخوك راح منى ..
صرخت وجد بنفاذ صبر وهى تفحص اخيها برعب
- حصله اي يااما .. زين جراله ايييه انطقى !

فتحت كوثر كفها بتثاقل وهو يرتعش كارتعاش كفها لتقول
- لقيت الكيس ده فى يده يابتى .. اخوكي ماات خلاص ياوجد .. ماااات
لازالت وجد تحت تأثير صدمتها فمدت كفها ببطء لتتناول الكيس وتشمه قائله بصدمه
- بودره !

ثم عادت لتهز جسد اخيها بصراخه وتوسل: يازين قووم عشان خاطري قووم والله كنت جايه اخدك انت وورد عشان تعيشه معايا .. زين قووم انت امانة ابوياا اللى معرفتش احافظ عليها .. هقول ايه لابوك .. ليه كده يازين ليييه .. قووم قووم انا جيتلك اهو مش هسيبك تانى خليك جدع انت كمان وماتسبنيش ...
اقتحمت ساميه صفوف النساء المجتمعين لتردف
- انت ليك عين تخطى عتبة البيت ده ؟!

لازالت وجد تحت سطو انهيارها تقبل كل عضو بأخيها متوسله اليه
- زين سامحنى ياحبيبي انا اسفه معرفتش احميك من شرهم .. انت تمن سكوتى وانا بدفع التمن غيابك ياحبيبي ..
انحنت ساميه لتمسكها من ساعدها بقوه وتجذبها بعنف قائله بجبروت وعيون متسعه يحاصرها كحل الشر
- اطلعى بره .. واياكى تعتبى اهنه تانى .. اخزى الشيطان واطلعى لان ولدى لو شافك مش هيروحك على رجليك .. فاقصري الشر يابت سالم ..
دفعتها وجد بكل قوتها لتنهرها بعنف وبنبره تهديديه
- ولدك ! اااه تاجر البودره ؟! انا هقتل ولدك بيدى لانه هو سبب كل المصايب اللي احنا فيها .. هريح البلد كلها من شره ياساميه بزياده ظلم وغدر ونشر فساد من تحت راسه ..

لطمتها ساميه بقوة صارخه بوجهها: قطع لسانك .. ولدى هو اللي هيقتلك ويغسل عاره منك يافاجره ..
وضعت وجد كفها على خدها بالم لتردف بنيران غضب وهى تتدفعها من امامها
- هتشوفى ! ولدك اللي فرحانه بيه محدش هيقتله غيري ياساميه .. نهايته قربت ...
دفعتها وجد بكل قوتها ثم اتجهت نحو غرفة المكتب باحثه عن سلاح ابيها فى الادراج بدون وعى .. فتحت كل الادراج ولكن دون جدوى
- اوووف .. فينه بس ده كان هنا ؟!
ثم استدارت نحو درج اخر به مفتاحه .. فشدته بدون تفكير لتبحث عن هدفها بين الاوراق حتى فوجئت بوجود ساعه فضيه فى الدرج فتجاهلت وجوده للحظه حتى اقتحم عقلها بعض الذكريات ..

##فلاش
- الله يابابا الساعه دي حلوة اوي ياحج سالم .. جايبها لمين ؟!
دنى منها ابيها ليخطف الساعه قائلا بمزاح
- هى مش واضح انها ساعه رجالى ولا ايه ! يعنى مافيش منها قلق ..
- ابدا ياقلب بتك ... لازم اعرف مين الغالى على قلبك كده عشان تجيبله من مكه ساعه بالجمال ده ؟!

حاوط كتف ابنته بحب قائلا
- وانا هرضي فضولك واجاوبك ياست الدكتوره ... دي جبتها لناصر الهواري ياستى .. صاحب عمرى ومينفعش احج وارجعله فاضي كده .. ولا ايه !
- ممممم اذا كان كده ماشي ياسي بابا .. يلا هسيبك انا بقي ترتاح شويه ..
- لا ارتاح ايه .. لازم اديها لناصر وافرحله بيها ..
- للدرجه دي انتوا صحاب ؟!
- الصاحب ياوجد يابتى عالم زي الضهر .. شخص مافيش مابينكم اي صله ده اتولد من رحم الدنيا وجالك هديه واحنا مش كل يوم هنلاقيه فلازم نسعده ويكون كتفنا بكتفه لاخر نفس ..
##بااااك

فاقت وجد من شرودها ولازالت تحت سطو صدمتها
- الساعه دي اى اللى وصلها لعمى حيدر ... واى علاقه ناصر بحيدر ! هو في ايييه .. اى المتاهه دي بس ياربي ؟!

- ياسياده النائب انا عاوز اذن عشان افتش البيت .. بقولك فى واحده هتروح فى داهيه !
اردف يوسف جملته على اذان النائب العام متوسلا اليه بالحصول على الاذن .. فأردف قائلا برسميه
- بتهمة اى يايوسف .. انا شايف انك بتتخطى حدود وظيفتك بطلبك ده وانا مش هوافقك ولازم اوقفك ..
جلس يوسف على المقعد المجاور للمكتبه بنفاذ صبر
- حضرتك بقولك البنت اهلها سمعوها وهى بتدينى المعلومات ودول ناس مابترحمش .. فى حياة انسانه معرضه للخطر لو انا مااقتحمتش دلوقت ؟!
النائب العام: بتهمه ! انت شكلك نسيت القانون ياسيادة النقيب .. وبدل ماتشغل نفسك بالحاجات دي الافضل تروح تكمل مهمتك اللي انت هنا عشانها ..
اجابه يوسف معارضا: يافندم اس
قطعه النائب العام بحزم: يووووسف قولت الموضوع منتهى !اتفضل شوف شغلك

- انا جهزت الشنط خلاص ياحمزه .. يلا بينا ..
اردفت عشق جملتها وهى تتحرك ببطء نحو حمزه الذي يجلس على مخدعه يتصفح هاتفه .. فاعتدل قائلا بنفاذ صبر
- ياعشق بطلى غلبه واسمعى الكلام مش هينفع تيجى معايا قنا ببطنك دي .. انت داخله ف  التاسع ؟!
عشق بنبره طفوليه: انت بترجع فى كلامك ليييه .. وبعدين احنا مش اتفقنا وده شرطى انى اصالحك اصلا ؟!
زفر حمزه باختناق: ابوكى مش هيرضي على الفوضي دي .. وبعدين انا هكون طول اليوم فى الشغل مش هعرف اخد بالى منك .. هى هكون مكمن عليك اكتر ..
عشق باصرار: ياحمزه انا عاوزه اجى معاك وبعدين عاصم والهام سافروا امريكا ومش راجعين دلوقتى وانا مش هقعد هنا لوحدى .. يلا بقي عشان نوصل قبل الليل .. وبعدين الدكتور اصلا قال لى اهم حاجه المشي الكتير والراحه النفسيه وانا نفسيتى مش هترتاح غير وانا جمبك وكمان عاوزه اتمشي معاك كتير زي زمان ..
زفر حمزه بنفاذ صبر ثم دفث راسها فى صدره قائلا بغلب
- يلا يااخره صبري .. يلااااا ربنا يستر من ابوكى ...

وصل ادهم القصر واتسعت ابتسامه عندما رأي وجد خارجه من غرفة غسل اخيها وترمقه بنظرات غاضبه فاردف قائلا
- والله عال مش كنتى تقولى انك هنا ياعروسه كنا فرشنا الارض رمل !
اردفت بغضب يتأكل من ملامحها: لا الرمل ده انا الل هدفنك جوه بيدى ياادهم ..
وقف ادهم امامها لم يفصل بينهما مسافه تذكر قائلا بغل
- العريس سابك يعنى تيجي لحد اهنه .. خبر اي اومال هو زهق حالا اكده ؟!

جزت على اسنانها بنيران وهو تكور يدها بغضب
- متجيبش سيرته على لسانك .. لانك لو وقعت تحت يده ياادهم مش هيرحمك .. لكن ورحمه زين اخوى لاوديكم فى داهيه ..
دخل حيدر انذاك ولم تخل نظراته من الدهشه والذهول وهو يرمق وجد قائلا
- والله عااال .. شوف ياخى بجاحة البنات .. دانت قلبك ميت وجايه برجلك لاهنه ..
اردفت بقوة: ااه جاايه عشان اموتكم بيدى ... واخد تار اخوي منكم ...
ثم اتاهم صوت سليم جاهرا من الخلف فاستكان قلبها فواصلت حديثها
- ورحمه ابوي واخوى لحقهم هيرجع تالت ومتلت ...

فابتعدت عنهم سريعا راكضه نحو الباب لتلقى بجسدها فى حضن سليم باكيه ومنتفضه .. حضنها سليم باستغراب قائلا
- فى ايه ياوجد مالك بتترعشي ليه !
اجابته باكيه ولازالت ترتعد بين ذراعيه: زين اخوى مات بسببى ياسليم .. انا اللي سكت ومبلغتش عنهم .. انا اللي سبت البيت ومشيت وسبته .. منفذتش وصيه ابويا ياسليم ..
ربت سليم على ظهرها بحنان مردفا:لا اله الا الله .. اهدي ياوجد اهدى ياقلبى ..
ابتعدت وجد عنه وهى تجفف دموعها عنوة عنها وتسحب سليم من كفه صوب عماد الواقف من الناحيه الاخرى للسياره قائله بضعف وهى تمد الساعه الفضيه له
- عماد انا لقيت دى فى مكتب عمى ..

سليم بتعجب وهو يتأملها قائلاا: الساعه دي مش غريبه عليا ؟!
اكملت وجد حديثها وهى تتمالك قوتها: بص ياسليم الساعه دي جابها ابويا من 4 سنين لعمك ناصر .. واللي مستغرباه ازاى الساعه دي وصلت لعمى ...
فكر عماد لبرهه فاردف بفطنه: ومن وقت وفاة ابوكي وعمى مظهرش ! يبقي اكيد عمك يعرف حاجه عن غيبه عمى ناصر ! والساعه دي وصلتله ازاي ... اى الحيره دى ..

صوت ضرب نار فى الهواء التفت اليه الجميع فلحقه صوت حيدر جاهرا
- والله رجليكم خدت على المكان ياهوارة ومابقاش حد هاممكم .. خبر ايه اومال احنا سكتناله دخل بحماره ؟!
شرع سليم ان يتحدث فتدخل عماد سريعا: لا ياحيدر بيه احنا ماشيين .. بس اتاكد اننا هنرجع تانى ..
تشبثت وجد بكف سليم: مش هقدر اسيب امى ياسليم بالحاله دي وفى نفس الوقت خايفه منهم .. وكمان ورد آآآآآآآآآآآآآ - ثم صمتت قليلا- هى ورد فين مالهاش اثر من الصبح !
ثم تقدمت بنيرانها نحو ادهم قائله: ورد فين ياادهم ..
هتف ادهم قائلا: وانا هعرف منين .. تلاقيها طفشت ولا اتجوزت كيف مااختها عملت ...

جهر سليم بقوة وهو يندفع اليه قائلا بتهديد
- ما تتلم يازفت وانت ولا شكلك نسيت انت بتكلم مراة سليم الهوارى ...
ثم دار الى وجد قائلا بحده
- يلا ياوجد ...
هزت راسها نفيا وهى تنظر له بعيةن راجيه
- لا ياسليم .. مش هينفع ..
اقترب عماد منهم بهيئته المريبه قائلا بقوة
- يلا احنا ياسليم وسيب مرتك تقف فى عزا اخوها .. ومتخافش مافيش حد عاقل هيفكر يلمس منها شعره ساعتها رجالة الهوارى هيدفنوه حى ... مش اكده ياحيدر بيه..!

جيوش من النظرات المتبادله بينهم التى تحمل بين ثناياها جيوش الغضب .. فاستدرات وجد نحوه برجاء وهى تتشبث فى كفه
- سليم امشي انت والنبى ماينفعش تقعد هنا .. وانا هجيب ورد وامى ونجيوا .. احنا خلاص مابقاش لينا قعده فى البيت ده ؟!
رمقهم سليم بنظراته القويه قائلا بتهديد
- طيب ياوجد تلفونك فى يدك وانا مش هبعد ولا هسيب نجعكم واللي يدوسلك بس على طرف رنى لى .. البقيه فى حياتك ...

تقطن صفوة بداخل غرفتها بالقصر وتجوبها ذهابا وايابا وبداخلها جيوش من نار
- ااااه ياناري ...هو ازاي يرجعنى اصلا من دماغه كده وكان طلقنى ليه من الاصل ! عيلة صغيره انا يضحك عليها بكلمتين ! طيب يامجدى اما خليتك تعد النجوم فى عز الضهر .. هو فاكر نفسه عشان دافع عنى ابقي كده هسامحه وارجع مراته ! عقله المريض فهمه انى هموت عليه ومقدرش اعيش من غيره .. بس دا بيحلم .. انا كنت قادره ادافع عن نفسي على فكره ولا الحاجه له ..
ثم وقفت امام المراه تتأملها هيئتها فانفجرت صاارخه: ااااااااااااااااااااااه هيجننى لييييه ...

وصلت عفاف ومجدي ومحمد القصر فدلفوا جميعهم من السياره .. فتحرك مجدي نحو شقته فنهرته عفاف قائله
- انت رايح فين ! ياواد انت هطير برج من نفوخى !
- رايح اشوف مرتى يااما !
- احنا نقوم تور يقولوا احلبوه ... هتجننونى ياولاد عادل ..
رفع مجدي انظاره لمحمد ضاحكا قائلا
- محمد استلم ...
ضحك محمد وهو يقترب من امه قائلا
- ماتيجى يافوفا تحكيلى باقى مغامراتك انت وعادل الهواري اهو منكم نتعلم بردك ..

بتلقائيه ارتسمت على ثغر عفاف ابتسامه جميله فلاحظها مجدي فبادلها نفس الابتسامه ثم دار متأهبا للذهاب مردفا فى سره
- ااااه ابو الحب وسنينه ياااخى ...
وصل مجدى لشقته ولكنه خاب امله عندما لما يجد صفوة بداخلها .. فدلف الي الشقه يتأملها بارتياح يقف امام كل ركن بها يتذكر وجودها امامه وضحكها .. فتنهد مردفا
- انا اكيد مش موهوم بحبك ياصفوة مش كده ! عملت لى ايه .. عملت اي فى مجدي الهواري ..!

وصل الي غرفة نومها فوجد جهاز اللاب توب ملقى على الارض فانحنى بتثاقل ليرفعه ولم يمنع فضوله من تشغيله قائلا
- نشوف كنت بتفكري فى ايه !
شغل مجدي الجهاز ففوجئ بصورته وحسابه الشخصي اخر شيء كانت تتأمله .. فاتسعت ابتسامته وهو يقف باب الجهاز بايتسامه نصر عجيب مردفا
- اومال البت عامله فيها الشحات مبروك ليه ! واالله ووقعتى فى شباك مجدي الهواري ياصفوة ومحدش سمي عليك !

- بتفكر فى ايه .. مالك ساكت اكده !
اردف سليم جملته وهو يتأمل عماد الذي يقلب الساعه بين انظاره قائلا
- ساعه عمك ناصر اى اللي يوصلها لحيدر !
اتكئ سليم على مقعد سيارته التى تصف بالقرب من قصر العتامنه فاجابه
- طيب  نمسكها واحده واحده .. الساعه دي كانت اخر حاجه لابسها عمك قبل مايروح يقابل سالم ومن بعدها سمعنا خبر قتل سالم ومن وقتها عمك اختفى ؟!
اكمل عماد حديثه: يبقي اللي قتل سالم واللي يعرف سر اختفاء عمك هو حيدر !

- بس حيدر ليه يحتفظ بالساعه دي ! مفتكرش انه بالغباء ده ؟!
- المجرم دايما بيسيب وراه اثر .. وافتكر ان ده الاثر ..
- بتفكر فى اي ياعماد ؟
تنهد عماد بأسف: عمك ناصر اتقتل ياسليم وسالم كمان اتقتل واللى عاوزين نوصله دلوق اى السبب اللي يخلى اتنين صحاب يتقتلوا والساعه دي تكون مع حيدر ..
سليم بتفكير: استنى استني ياعماد .. هو لما تقوم تار بين العيلتين ومنهم عيله تقضي على التانيه اللي هتتحبس يبقوا الاتنين راحوا فى داهيه مين الوحيد اللي هيستفيد بكل دا .. انه يستفرد بالثروه كلها لوحده !

ضرب عماد بيده على جبهته: سليم ! انت عارف ليه ثريا وافقت على جوازنا من بنتها .. لانها كانت متفقه معاهم انهم يمضنونا على عقود بيع وشرا وان فى مشتري مستعد ياخد كل دا ويدفع فى وقتها .. انا سمعتها بتقول كده لنورا .. سليم الموضوع بيتعقد ... وفى سر كبير واحنا لازم نعرفه !

صوت طرق على باب غرفة صفوة فهتفت بنفاذ صبر
- قولت مش عاوزه اكل ...
اخذ مجدي القرار وفتح الباب قائلا بمزاح
- وكمان مانعه الاكل ! لا متزعليش عليا للدرجة دي ياصافى انا كويس اهو قدامك !
بعثرت شعرها بنفاذ صبر وهى تزفر بقوه
- انت خرجت امتى !

دخل مجدي ليقفل الباب خلفه قائلا
- وراكى على طول .. مهنش عليا اسيبك لوحدك تانى ...-رمقته بنظره ساخره فى الحال فواصل حديثه قائلا - اااه والله زي مابقولك افرض الزفت ده خرج تانى من السجن مين يلحقك غيرى ..
- ما خلاص عارفه انك لحقتنى وسوبر مان ومعرفش اي .. متشكرين ياسيدى ..
جلس مجدي على فراشها ببطء وهو يتأمل جدرانها قائلا
- ممممممم يعني اوضتك مش اد كده ! افتكرت ذوقك احلى من كده بكتير .. ياشيخه دانا اوضتى احلى ...
استدارت اليه واضعه يديها على خصرها بغضب
- انت جاي هنا لييه !

- اوضة مراتى اييه هتمنعينى !
- لا مش همنعك بس هخلى رجلك التانيه تبقي زي اختها ..
استند مجدى على عكازه فنهض ليقف امامها وهو يقترب شيئا فشيئا
- واهون عليك بعد اللهفه دي كلها .. دانا اتمنيت اجيب ياسر كل يوم عشان يضربنى واشوفك خايفه عليا كده
اجابته ساخره ولازالت عيناها تتعلق بعيناه: وّهمك قاتلك على الاخر ودا خطر على صحتك ياهندسه ...
- والمكابره دي هتدمر صحتك ..

ارتفعت نبرة صوتها وهى تلوح بكفها: انت ازاى تعمل المصيبه دي مين قالك انى عاوزه ابقي مراتك مين سمحلك تردنى !
اجابها ببرود وهى يقترب منها وهى لازالت تبتعد: قلبى ! اي عندك اعتراض ؟!
- وان قولتلك هخلعك ؟!
- المحكمه قدامك ورينى ازاي ..
التصق ظهر صفوة بالحائط وهى ترمقه بعيون متراقصه خائفه ان تضعف امامه قائله
- انت جايب الثقه دي كلها منين !
اجابها بتلقائيه: من اللاب توب بتاعك ..
اتسعت عيونها: اييييييييييييييييييييييييه !
- احم سيبك عاوز اسألك كام حاجه كده .. ممكن !
- اووووف لما نشوف اخرتها ؟!

اقترب مجدى خطوة سلحفيه منها ولكن تلك المره لا يوجد اي تناسب طردى لتبتعد عنه .. فكل خطوه اليها يزيدها اقترابا .. شرع مجدى بالحديث قائلا
- نفسي اعرف اخرة عنادك دا ايه ! صفوة انت عاوزه تقنعينى انك دلوقتى مانفسكيش تترمى فى حضنى .. ان كل نبضه فى قلبك مش ملهوفه عليا .. ان مشاعرك اتعرت قدامى مع اول لمسه .. انت محستيش بنفسك وانت فى حضنى بتعاتبينى على كل دقيقه غياب ازاي ! انت مش شايفه نظرات عينك هتموت على لمسه منى وانت بجبروت بتقاوميها .. انت بتعاقبينى ولا بتعاقبي نفسك .. انت عارفه انى بحبك ومصممه تعملى مش واخده بالك .. صفوة انا عاوزك ليا ومافيش مفر ..

تحركت صفوه لتتخلص وتفر هاربه من حصار نظراته قائله بعناد
- لا طبعا كل ده محصلش .. انت بتوهم نفسك .. ووو
جذبها مجدي بقوة ليعيدها لمكانها مره اخرى قائلا بعدم تصديق
- ااه وبروفايلى وصورى اللي على جهازك دي ايه !
نظرت لها بهلع وقلبٍ يتراقص على اوتار الخوف .. فهى من تخشي ان تقودها مشاعرها مره ثانيه .. هى من اخفتها تحت ستار القوة والعناد .. هى التى انتوت الا تخضع لشبح الحب مره ثانيه ولكنه بنظرة واحده كشفها امامه .. اصبح قلبها عاريا امام عيناه .. اجهشت صفوة بالبكاء مردفه.

- انا بكدب .. كل مره حاولت فيها الهروب منك لقيت كل حاجه جوايا بترمينى ليك .. عاوزه اتخانق معاك اضربك بس مش عاوزاك تبعد .. فجاه لقيت جوايا جيوش من المشاعر كلها عاوزه تخضع لنور عنيك .. كل تلج الجبروت والعناد ذابوا فيك وبلمسه منك .. مالقتش طوق للنجاه منى ومنك غير صورك اللي كنت بنام حضناهم كل ليله .. معاك حق انا كنت بعاند كل حاجه جوايا انها تكونلك بس غصب عنى اتهزمت مع اول لمسه منك .. -اعتلى صوتها باكيا ثم اجهشت بالبكاء وهى تتشبث بملابسه - معرفش ليه بعاقبنى كده بس اللي عاوزاك تعرفه ان اللي جوايا مش سهل يترمم .. انك هتتعب معايا لحد ماتحولنى للشخص اللي حبيته ..  م ج د ى آآن ا مم مم  بحبك.

لم يكبح حيوش شوقه تلك المره فكانت اقوى من جيوش غضبه السابقه .. فلم يعطى نفسه فرصه للتفكير بل اكتفى بان ينقض عليها بجيوش شوقه ليلتهما عشقا .. فى كل مره كان يقترب منها كانت تتأوهه صارخه ومتألمه الا تلك المره فصوت انينها كان مدججا بالشوق وهى تتشبث بملابسه بقوة كمن يخشي الفراق بعد ما تجرع مرارته .. لم يكف مجدي عن افعاله فهو يريد ان يأسرها بجوفه ليرضي سلطان شوقه .. وقع عكازه من يده فلم يلتفت اليه الان اصبحت هى سنده الحقيقى .. ظل يرتوى منها حتى هزم كل جيوش عنادها الى ان امتدت يداها لتلامس خصرها وتدنوها منه اكثر ففاقت صفوة من سُكر قربه كالملدوغه وهى تتذكر ذلك اليوم المشئوم ف صفعته على وجهه بجسد يرتعد قائله ببكاء يقطم روحها
- لا يامجدى .. لا مش هسامحك .. انت هتطلقنى ...

تجلس يسر فى منتصف مخدعها كالقرفصاء تتذكر بعد تفاصيل امس وهى تركض نحو الشرفه وتتحدث فى الهاتف
- يامحمد الحق فو ضرب نار والدنيا خربانه هنا ..
ثم التفت يسارا فوجدت ماجده تقف ايضا فى الشرفه فانتهت المكالمه سريعا مع محمد ثم نادت عليها
- انت مابتفتحيش ليه !
بدا الارتباك والفوضي على ملامح ماجده .. فكررت يسر سؤالها
- سليم عندك ليه ! وهو فينه .
نفت ماجده اتهامها: سليم ! لا مش موجود
- انت بتكدبي .. عملى اي فى سليم .. ماجده قولت افتحى حالا يلا ..

عادت يسر لتطرق الباب مره ثانيه وبعد اصرار منها فتحت ماجده اخيرا فسقطت عيناها على سليم الخالد فى نومه فانفجرت ماجده باكيه
- بحبه .. بحبه يايسر ومش قادره ابعد عنه اكتر من كده !
فاقت على صوت محمد الذي اقتحم الغرفه قائلا
- البطل سايب شقته وقاعد هنا ليه !
ابتسمت بحب وهى تنهض لتقترب منه وتحضنه قائله بشوق
- كنت مستنياك يادكتور .. اى الغيبه دي كلها ؟!
مرر محمد انامله على ظهرها بشوق قائلا
- احم احنا خفينا خلاص !

لازالت عالقه فى حضنه فضربته برفق: دماغك دي مافهاش غير الشمال ! ياخى اقصد يعني تقعد معايا نرغى سوا وكده !
ضحك محمد بصوت عال قائلا: لالا احنا كرجاله ملناش غير فالشمال .. مش بنحب نضيع وقت يااسووو ..
ابتعدت عنه قليلا: طمنى اخبار الشغل ومجدي وكل المشاكل دى ايه ؟!
قضب محمد حاجبيه قائلا: بقي واحد يكون معاه القمر ده ولوحديهم فى الاوضه الحلوه دي وتالتهم الشيطان وتسالينى على سي مجدى والشغل والمشاكل ! اى النكد ده ! لالالا شكلى هعملها واروح اتجوز واحده تدلعنى ياعم !
كظمت ملامحها سريعا: طيب ورينى هتعملها ازاي .. والله اقتلك انت وهى !
- ياواد ياشرس انت .. خلاص ياعم وهو فى حد عاقل يكررها مرتين .. لا يلدغ المؤمن من نفس الحجر مرتين ياسووو ..

مساءا
تتحرك عشق بتعب فى شقتها لتحضر الريموت كنترول ثم تعود لتجلس مره اخرى على الاريكه بتثاقل ناظره للساعه
- اوووف باقى ساعتين وحمزه يجى !
بعد مرور قليلا من الوقت سمعت صوت جرس الباب فاصيبت بالدهشه
- الله ! مين اللي هيجي لى دلوقت ..
ثم نهضت لتقترب من الباب واقفه خلفه: مين بره !

اتاها صوتا قويا اجش: ياست عشق الحقى حمزه بيه اتصاب فى المهمه وحالته خطر وهو عاوزك حالا فى المستشفى
انخلع قلبها من موضعها ففتحت الباب سريعا لتجد امامها شخصيا يرتدى زي عسكري فهتفت قائله
- انت بتقول ايه .. حمزه محصلوش حاجه مش كده !
- بسرعه ياهانم .. ده بين الحيا والموت . . مافيش وقت ..
تناولت عشق شال سريعا بدون وعى لتركض للخارج مع هذا الشخص الذي غدر بها من الخلف ووضع قماشه مخدرة على انفها فسقطت بين يديه نائمه فى الحال...

- ياحمزه انا هتجنن .. ومش عارف اعملها ايه ومش عارف اوصلها ..
اردف يوسف جملته وهو يشعل سيجارته بغضب .. فرد عليه النقيب حمزه
- اهدى طيب يمكن عشان ظروف اخوها وكده فهى اتشغلت فى العزاء ..
- بقولك سمعتها بتصرخ بودنى يااحمزه اكيد سمعوها !
- يابنى مااكيد كلمتك تستنجد بيك عشان وفاة اخوها .. اهدي بس وان شاء الله خير ..
جلس يوسف وهو يهز فى ساقه بحيره وقلق يقرضه على عجل .. فاردف حمزه قائلا
- كنت عاوز اتنين عساكر يفضلو تحت الشقه عندي عشان عشق لوحدها وكده هكون مطمن عليها اكتر .. ويلا بقي اسيبك انت واروحلها عشان قاعده لوحدها ..
زفر يوسف دخان سيجارته: طيب يااحنين !
فى نفس الوقت رن هاتف حمزه باسم عشق فاتاه صوت الخادمه صارخه
- الحق ياحمزه بيه .. انا كنت فى الحمام وفى شخص جيه خد الست عشق وبصيت عليه من فوق لقيته دخلها فى عربيه ومشي ملحقتوش ... ست عشق اتخطفت ...

فى مجتمع النساء المندسين داخل الرداء الاسود بعد الانتهاء من مراسم دفن الصغير .. تجلس وجد بعيدا على احد درجات السلم لا حول لها ولا قوة تقرأ قرآن بصوت منتفض ودموع تسبق صوتها الذي ينقطع تارة ثم يعود ثارة اخرى بصعوبه بالغه .. اتت الخادمه عنايات
- ست وجد .. فى حاجه ضروريه لازمًا تعرفيها ..
قفلت وجد المصحف ثم نظرت لها بعيون ذابله ضعيفه حتى انها تراها مشوشه
- خير ياعنايات ..
فركت عنايات كفها بارتباك وهى تنظر خلفها
- ست ورد مش فى الدرس .. ست ورد ادهم بيه خطفها بره القصر لانها كانت بتخبر الحكومه عن اخر عمليه ليهم
فزعت وجد من مجلسها قائله: ايييه ! ورد !...
حتى الان لم اجد تفسيرا واضحا لصدفه قدريه ينطوى عندها خُطانا فنلتقى .. مابين كل المارين حذاى اقف امام عيناك ارتعد اتذوق نظرة الحب التى كتبت عنها كثيرا وفى الحقيقه كل ما كُتب لم يكف لوصف دقة حب لك وانا امام عينيك يضمنا القدر بمشيئته .. ما بين ظلام الارض  حجبت كل النور ليكون لك وحدك ومنه انا اضيىء .. كلمه سريه لقلبك .. 
" انا شكلى غرقت فيك بأمر عنيك وقلبى خضع وفتح ابوابه على اخرها  "

 

خبر كصاعقه سقط على اذانها .. فسرعان ما اخترقت وجد صفوف النساء المندسين داخل ردائهم الاسود مقتحمه مجلس الرجال اثناء العزاء وبدون وعى اقتربت من ادهم لتنتشله من وسط الرجال قائله بنبره قويه 

- عااااوزاك ... 

تنحنح ادهم بخفوت وعيناه تطوف سريعا على باقى الرجال .. فاشار بكفه بشياكه 
- اتفضلى يابت عمى ... 

وصلت اقدامهما الى اعتاب مكان مظلم جانب القصر .. فتوقف وجد متسلحه باقوى النظرات البارزه فوو وجهها 

- كلمتين ملهمش تالت يا ادهم اختى وجد فينها ؟! ..

مط ادهم شفته متظاهرا بالبرود وهو يدور بجسده حولها نصف دائرة 
- ممممم وانا هعرف منين يا وجد .. تلاقيها هربت مش واخداكِ قدوتها .. ويامحاسن القدوة عاااد ..

قبضت وجد على ذراعه وهى ترجه بقوة 
- خطفت ورد ليه ياادهم كانت عملتلك ايهه ؟! 

ضحكة ساخرة شقت صخور وجهه الجفافه مردفا 
- مممممم ليه حد قالك انى قتال قتله ؟! 

جزت وجد على اسنانها وهى تشتاظ غضبا مكررة سؤالها ولكن بنيرة اشد

- خطفت ورد ليييه يااادهم ! 

دنى من اذنها هامسا بمكر 
- مممم هربيها ... اصلها ناقصه ربايه .. عقبال الباقى ما نربيه  .. يلا كل واحد وله روقة ياا وجد ... 

ابتعدت عنه باشمئزاز وهى تشير بسبابتها بنبره تهديديه 
- طيب اسمعنى .. ومن غير قسم يا ادهم ورد لو مظهرتش خلال ساعه واحده هخليك تحفر قبرك بايدك ... 

قهقهه بصوتٍ عال وهو يصقف لها بسخريه 
- والمفروض انى اكش واخاف واقولك سمعًا وطاعة يابت عمى ! بدل متدورى على اختك دوري على اللى هينقذك منى .. 

اغمضت عينها لبرهه محاولة تمالك اعصابها فاردفت بصعوبه كأنها تصارع شيء ما بداخلها 
- عدى من الساعه دقيقتين .. احسنلك تعقل وماتلعبش فى عداد عمرك لانه انتهى معايا ... خاف منى يا ادهم .. 

كانت اخر جملة اردفتها وجد قبل مغادرتها .. فرمق ادهم سيدة تختبىء خلف الشجرة مستره بزيها الاسود بنظرة آمرة تفهمت مغزاها فاكتفت بأن تومئ ايجابا متبعه خُطى وجد بطاعه وحرص شديد ... 

زفر ادهم باختناق وهو يدور متأهبا للمغادرة فتوقف على صوت رنين هاتفه .. فرد سريعا 

- خير ياحسن ... 
ابتسم حسن بمكر تعالب قائلا بفخر 
- ليك عندى خبر بمليون جنيييه ... 

- اوووف انجز يااحسن ... حُصل ايييييه ؟! 

يجلس حسن على المقعد الامامى بالسياره بجوار السائق فدار برأسه للخلف ولم يخل ثغره بابتسامة النصر 

- انا قاطر الواد الظابط من اول ما مشي لحد ما رجع هو والقطه مرته ... ومعرفتش اوصل للظابط فجبت اللى هتجيبه لحد عندنا .. 

ركل آدهم حجرا صغيره بغيظ وبدَا على ملامحه الانفعال قائلا 
- يا غبى ... انت ازاى تتصرف من دماغك فى حاجه زى دى ! اتجننت ياحسن .. كده هتفتح علينا ابواب جهنم واحنا مش قدها ... تخطف بت حمزه الخياط انت اتخوتت ! 

عاد حسن لمقعده بارتياح ليواصل حديثه قائلا 
- ولا يهمنا ياابو عمو .. طول ما حسن معاك متخافش وبعدين القطه دى هى اللى هتجيب جوزها لحد عندنا ولا الف زى حمزه الخياط هيهمنا ... التار ياادهم وتار فايز لازمًا نرجعووه .. ولا نسيت يا ولد عمى ... 

- اوووووف ... انت شايف كده يعنى .. 

- انا مش شايف غير كده ... وهوديها المخزن عند بت عمك واهو نضرب عصفورين بحجر ... 

ابتسم ادهم بانتصار وهو يفكر بخبث 
- هيبقي تلات عصافير وحياتك ... كده احلوووووت قوى واللعب هيبقي بالنار ... 

حسن بثقه: واللى فى الوش حيدر وهو الراس الكبيره .. فأحنا وفقنا الروس الكبيره مع بعضها ونتفرج على اقوى مصارعة تيران .. بص هنستمتع كلنا وهنقش فى الاخر ... 

انهى ادهم مكالمته مع حسن وهو يبتسم ويتسلح باسلحة الفخر بمخططه الدنئ .. فحك ذقنه بفتور 
- والله ضربة معلم ... الله ينور عليك يا ابو على ... 

شرع ان يتحرك مجددا فتوقف على صوت رنين هاتفه ولم يخل ثغر تلك المرة من البسمه بل اتسعت اكثر وهو يضغط على زر الموافقه قائلا بفرحه عارمة 

- كنت واثق انك هترجعى تانى .. اصل العاشق مهما غاب بيرجع لمكانه والمكان اللى بيتمناه دايما ياااماجده ... ازى الصحه ! 

 

- اهدى اهدى ياحمزه عشان نعرف نفكر مين له مصلحه فى كده ! 

اردف يوسف جملته وهو ينهض من فوق الكرسي بنبره عاليه على اذان النقيب حمزه الذى يأكل خطاوى الارض ذهابا وايابا بغضب شديد يقرضه من الداخل قائلا بقلة حيلة 

- عشق على وش ولاده ياايوسف وملهاش ذنب فى كل اللى حصل .. انا عارف مين اللى وراها مافيش غيرهم .. عاوزين يصطادونى ... بس ودينى ما هرحمهم .. 

وضع يوسف سلاحه وراء ضهره كمن يتأهب للحرب 
- قولتلك ياحمزه ان اللى حصل وراه سر .. واختفاء ورد ومراتك ف يوم واحد اكيد سببه نفس الشخص والهدف .. 

ركل حمزه المنضده بقدمه باغتياظ ووجه يتقاسم معالمه الغضب ..
- اقسم بالله لو حصلها حاجه ماهيكفينى فيهم عيلتهم كلها .. 

يوسف بحماس: يلا يلا ياحمزه ... مافيش وقت ...

 

عودة لحديث ادهم مع ماجده الذى اسره صوته واخضعه لها قائلا 
- هنهرب ياماجده .. هنهرب ونسيبلهم البلد بالنجع ... بس بعد ما اخدلك حقك .. 

تجمدت ماجده فى مكانها بعدما كانت تتحرك بعشوائيه فى غرفتها فاردفت بتساؤل 
- انت ناوى على ايه ! ادهم مش عاوزين دم ؟! 

- لا ياماجده لازمًا الدم .. لان النار مابتنطفيش غير بالدم .. هحرق قلب سليم زى ماحرق قلبك .. بس لما ارميله الطُعم اللى هصطاده بيه ... ماجده انا مش عاوزك تسيبنى .. 

بللت حلقها عدة مرات كأن هناك غصة عالقه به 
- ووو وجد ناوى على ايه معاها ... 

- دى بقي اوانها قرب وبحق اللى عملته ومرمغت اسمنا فى التراب هقتلها واغسل عارنا ... 

ماجده بتشجيع: ادهم انا واثقه فيك انك هترجع لى حقى ... انا ما صدقت حد يحبنى ويضحى عشانى ... ادهم احنا من النهار ده سرنا واحد وهدفنا واحد ... 

واصل ادهم حديثه بحماس: هنفرح ياماجده وهعوضك عن كل اللى حرمك منه سليم .. انا معاي فلوس كتيره قوى هتعيشك ملكه .. انا وانت وامى هنهربوا ونسيبلهم نارهم تحرقهم بعد ما احنا هنولعها ... 

- انا واثقه فيك ياحبيبي ...

 

 

- رد ياسليم ... رد ! روحت فين بس ؟! 
تجوب غرفة المكتب ذهابا وايابا وهى تعاود الاتصال بسليم مرارا وتكرارا بدون جدوى الذى يترك هاتفه بداخل السيارة ويقف بالخارج مستندا على بابها غائصا فى بحور فكره مع عماد ... فاردف

- هتلف فى المكان كتير كده .. بتفكر فى ايه يا ولد ابويا ! 

يعقد عماد كفيه ببعضهما وراء ظهره وهو يتحرك امام انظار سليم 

- فكر معايا كده .. اتنين صحاب جايين يقعدوا قعدة صفا مع بعضهم ياخدوا معاهم سلاح ليييه ؟!

تحرك سليم ببطء نحوه قائلا 
- السؤال مايتسألش كده يامعالى المستشار .. السؤال هنا من بعد ضرب النار سالم قعد ينزف ساعه لان الرصاصه كانت فى بطنه .. معقوله محدش خد باله لصوت الرصاص! 

- نفس اللى كنت بفكر فيه .. بس بطبيعة شغلنا بنحب نجيب طرف الخيط .. يعنى الموضوع من اوله ... 

عقد سليم ذراعيه مفكرا 
- يبقي اللى وصلناله صح ..

واصل عماد حديث سليم قائلا 
- عمك ناصر وسالم اتقتلوا واللى قتلهم عرف يظبطها .. يوقع عيلتين فى بعض وهو بعيد عن القضيه بأكملها .. بس السؤال لو كان فعلا حيدر ايه مصلحته فى كده ؟! 

- الفلوس بتعمى النفوس ياخوى .. 

هز عماد راسه نافيا بثقه وثبات 
- لا اللى قتلهم خايف من سر قرر يدفنه معاهم ... سليم اركب تعالى ملف القضية دى لازم يتفتح ... القاتل الحقيقي مش عمنا ... 

اسرع الاخوة صوب السياره لتتبدل الاماكن .. فاحتل كرسي القياده عماد فى تلك المرة ... اما عن سليم الذى طار عقله بمجرد ما رأي اتصال وجد المتكرر .. فعلى الفور عاود الاتصال بها ... وفى محاولته الثانيه اخيرا اجابت قائله 

- فينك ياسليم كل دا .. خلعت قلبى عليك .. 

- وجد .. انت بخير مش كده .. 
زفرت باختناق وهى تمسك رأسها بكفها 
- الحقنى ياسليم نصيبه .. انا محتاجاك جمبى .. 

تلجلج من مكانه بلهفه وهو يمسك كف اخيه القابض على مقود السيارة بأن يغير مسار سيره قائلا بلهفه 
- سامعك يا وجد فى ايييييه ! قولى .. 

- وررد ... 

كانت اخر كلمه اردفتها وجد منتهيه بصرخه مكتومه قبل ان تسقط مغشيه عليها اثر وضع قماشه مخدرة على فمها فجاة من الخلف .. رمقتها السيده التى كانت تتابع خطاها بانتباه وبحرص ثم تحركت خارج المكتب لتقفله ذاهبه الى ادهم لتخبره عما حدث .. صرخ سليم باسمها عدة مرات بدون رد ثم تكلم بلهفه 
- عماد عماد اقف اقف وتعالى هسوق انا .. يلا بسرعة..

صف عماد جنبا فتبدلت الامكان سريعا فانطلق سليم بنيران غضبه التى كانت تطيح بالسيارة من فوق الطريق حتى تفاجئ عماد قائلا 
- سليم مش كده اهدى ... 

ضرب مقود السيارة بكفيه بغضب 
- هقتله لو مس شعره منها ...

 

- اللى كنت خايف منه حصل .. 
تهمس جسوسة ادهم فى اذانه بحرص وهى تقف معه بعيدا عن الانظار .. فادخل ادهم يده فى جيبه واعطاها بعض النقود قائلا

- اختفى انت دلوق .. هى ف المكتب ..

اومات ايجابا بعيونها التى يحاوطها كُحل الشر قائله 
- انا عملت اللى عليا .. 

ربت ادهم على كتفها بفهم ثم تحرك سريعا داخل القصر وبالاخص متجها نحو غرفة المكتب ليجدها ملقاه ارضا غائصه فى سباتها .. فانحنى قليلا ليحملها بين ذراعيه بعدما تأملها بنظراته الشرسه قائلا 
- القطه خلاص وقت بين يدى عقبال مانجيبلها الفار...

تحرك ادهم للخارج امام انظار السيدات جاهرا بلهفه مصطنعه 
- الحقنى يااما .. الحقى بت عمى عتروح مننا .. 

ركضت ساميه وخلف منها كوثر التى هتفت بلهفه 
- بتى ... بتى فوقى ياحبيبتى .. 

صرخ ادهم قائلا: بتك كانت عتنتحر ياكوثر .. لازم اخدها المستشفى اعملها غسيل معده ..

كوثر باصرار: اسيبش بتى ... بتى لا مش عاوزاها تضيع منى زى اللي ضاااع .. 

القى ادهم نظرة لساميه فهمت مغزاها 
- وهتسيبى الحريم لمين ... اعقلى ياكوثر وانت ياادهم خد بت عمك يلا وديها المستشفى وانا جايه وراك ... يلا ياولظى البت عتطلع فى الروح ...

من خلفهم تحركت عنايات بحذر شديد لتقتحم غرفة المكتب وتبحث عن هاتف وجد الذى وجدته ملقيا تحت الكرسي .. فمسكته وحاولت بقدر جهلها ان تعاود الإتصال بسليم بعد محاولات كثيره وهى ترتل " عيشتغل كيف دا " ... 

فى السيارة رن هاتف وجد مرة اخري فالتفت عماد قائلا 
- دى وجد ياسليم ! 

صوت يحمل بين طياته لهفه وخوف قائلا 
- رد رد ياعماد وشغل المكرفون يلاا .. 

" الو .. ايووة ياسليم بيه الحق ست وجد وست ورد وقعت فى فخ ادهم " 

فرمل سليم بغضب وهو يلتفت لمصدر الصوت متلهفا ويلتقط انفاسه بصعوبه 
- براحه وفهمينى .. وجد مالها ... اى اللى حصل ؟! 

فجأه اختفى صوت عنايات الذى تسبب فى ثوران غضب سليم اكثر .. وهو يهتف مرارا مناديا عليها بتوسل .. اقتحمت ساميه غرفه المكتب فجاة 

- انت عتعملى اي هنا يابت .. تعالى شوفى طلبات الحريم بره ... 

- ااا احممم .. جايه جايه وراك ياهانم ...

 

يجلس مجدى فى حديقة القصر يرتشف اخر رشفه بفنجان قهوته الخاليه من السكر وسكره الوحيد نور عيناها .. كثيرا ما تمنى ان يرتشف قهوة بطعم الحب تلك المرة .. فتنهد بفتور وهو يمد ساقه الموجوعه على الكرسى الامامى قائلا بمرارة غياب وبلهجه صعيديه اجشه فكلنا عندما يتنصر علينا الوجع نختبىء خلف الجدار الصعيدى ليذكرنا بأن القوة خلقت لنا وعلى يدانا فقط 

- وبعدهالك ياصفووووووة .. وبعدهالك عاد . 

ما هى الا دقلئق قليله اعتزمت صفوه امرها بدلا من مراقبته من اعلى قررت ان تتسلح بالمواجهه .. فسرعان ما تحركت لتقع امام مرمى انظاره وهو يضع الفنجان على الطاولة فاهتز من يده اول ما راى قدميها تقفان امامه .. رفع انظاره تتدريجيا لتفتن زيها وجسدها الممشوق الذي يبدو فى هيئته الساعه الرمليه .. ترتدى بيجامه بيتى باللون الرمادى وشعرها الذي يغطى ظهرها مردفه بارتباك بينّ 
- ااا نا اسفه ... 

تنحنح مجدى بخفوت وعلى يتكئ للخلف قائلا 
- على ايه بالظبط ! 

فركت كفيها بارتباك محاوله البحث عن كلمات تردفها .. فصمتت لبرهه ثم هتف 
- على كل حاجه .. من اول ماشوفتك وانا شاغلاك بمشاكلى ومعايا وو 

اردف مجدى بثبات: تعالى اقعدى ياصفوة ..

صمتت قليلا محاولة استيعاب طلبه فتحركت ببطء وقلب يتراقص على اوتار التردد لتجلس بجواره على حافه المقعد 
- عاوز تقول حاجه .. 

هز رأسه نافيا فواصل حديثه قائلا 
- تؤؤ .. عاوز اسمعك .. 

راقب همس شفتيها وارتجافهم ودرجه ارتباكها التى بدت تتراقص على معالم وجهها قائله 
- انا منفعكش يامجدى .. انا واحده حبت بكل ما فيها واسعجلت وعطت كل حاجه جواها للشخص اللى مستاهلش .. شخص مريض نفسي مصلحته قبل اى حاجه .. ممممم وكمان انت اتفرضت على حياتى ومرحمتنيش كلكم واحد كلكم ...

رد مجدى سريعا مقاطعا لحديثها الذى اكتسي بنبره باكيه قائلا 
- صفوة انت عامله زى اللى كان بيجرى فى حقل كله شوك لحد ما رجليك ورمت منه .. ولما وصلتى لبر الامان بتدورى على الشوك دا عشان تغرزيه فى ارضك ليييه ! انت باللى بتقوليه دا بتجيبى شوك الماضي وتزرعيها فى مستقبلك ! دا يصح بردو يادكتوره ؟! 

اتكأت على عكاز ماتبقى من فتات مقاومتها 
- اللى ملهوش ماضي ملهوش حاضر يابيشمهندس .. الماضي الاساس اللى بنبنى عليه اللى جاى من حياتنا

- ولو كان الماضى دا ورق هيفيدك بحاجه ؟! بالعكس دا هيهد كل حاجه بتحاولى تبنيهاا .. 

فرت دمعه من طرف عينيها ثم قالت بنبرة بكاء مكبوته 
- انا ممكن انسي اى حاجه غير انى انسي اللى عملته فيا ... 

- وانا ماقولتلكيش انسيه ياصفوة .. انا عاوزك تسيبيلى نفسك وانا هنسهولك ... 

- انت مش مدرك حجم الجرح اللى سببته لى .. 

- وانت مش مدركه بتتمردى على قلبك وقلبى ازاى ..! 

رفعت حاجبها مستنكره .. فاردفت بدون تفكير 
- قصدك ايه ؟! 

- قصدى انك سمعتى الكلام اللى قولته والاهم سمعتى لقلبك ..

- اللى هو ! حقيقي مش فاهمه قصدك ايه ؟! 

قطب حاجبيه باستنكار وهو يتشبث بمقعدها ليجذبه اليه قائلا 
- يعنى قلبك مرددش كلامى ونفسه يجى فى حضنى ويطمن بوجودى ... بتبصي على ايه انا جمبك اهو عينيك بتروحى وتيجى فين ؟! 

وثبت صفوة قائمه كالملدوغه: انا لازم امشي .. 

مسك مجدى كفها سريعا وهو يستند على عكازه ليعق طريقها قائلا بتحدٍ 
- دايما الى بيتهزم بيهرب .. اعتبر نفسي انتصرت ! 

رمقته بعيون متأرجحه وقلب اوشك على الانخلاع من موضعه 
- مجدى مش وقته الكلام دا .. 

رفع كفها الى فمه ليطبع بعض قبلات الشوق فوق اناملها قائلا بحب 
- اومال امتى وقته .. صفوه الراجل مننا لما بياخد قرار الجواز يعنى بيدور على الست اللى تسعده .. وانا مالقتش سعادتى دى غير معاك وحابب اكملها قصاد عيونك الحلوة دى ... عارفه انك مقدمتيش حاجه لقلبى عشان يحبك .. بس يمكن غموضك هو اللى جنن قلبى اكتر ان يعرفك ويكتشفك .. صفوة عاوز فرصه اخيره وبعدها هسيبلك الخيار بس بشرط تكونى فيها معايا بكلك ...

ظلت ترمقه بنظرات يشتعل منها لهيب الشوق ونظرة طويله على كفها الذي وقع فى اسر كفه فدب بروحها روح الامان .. فرت دمعه هاربه من عينها قائله 
- متوقعتش ان شخص يكون بيحبنى كده .. 

- وانا متوقعتش انك هتتعبينى كده .. 
ثم وضع كفه على خدها ليزيل دمعتها برفق قائلا بمزاح 
- فرصه اخيره ؟! 

اخيرا شق ثغرها ابتسامه رضا وهى تومئ ايجابا 
- اللى تشوفه ... 

فرد صدره بثقه عارمه ليرد ممازحا 
- انا شايف كتير وبنات على قفا من يشيل .. بس مش شايف احلى ولا اجمل منك .. فخلى عندك دم بقا وامسكى فيا بايديك وسنانك ... 

اقتضبت ملامحها فجاة لتصدر وجها غاضبا متأهبه للذهاب ولكنه سرعان ما اوقفها امامه بصرم قائلا وبلهجه صعيديه
- وسعى خلقك دا ... ماتبقيش حماقيه عااااد ... 

ابتسمت رغم عنه فلم يكبح رغبته ان يطبع قبله خفيفه ليرتوي من عبير تلك البسمه ثم رفع راسه قائلا 
- تصبيره !


- بتى فين ياحمزه ! 
اردف حمزه الخياط جملته وهو ينهض من منتصف مخدعه بحرص الا يوقظ زوجته ليتجه نحو النافذه بهدوء .. فرد النقيب حمزه 
- قلبت عليها قنا ياعمى ملهاش اثر ؟! 

التقط حمزه الخياط انفاسه بصعوبع محاولا تمالك اعصابه 
- يعنى اي ملهاش اثر ... انا هعرفك شغلك ولا ايييه يا حضرة الظابط ؟! 

- الحركه دى ماتطلعش غير من العتامنه انا متأكد ... 

- وساكت ليييه ياسياده النقيب ... اتصرف بتى ماتنامش ليله بره البيت والا انت المسئول قدامى لو حصلها خدش بس ... 

- اسمعنى ياخالى ... عاوز رجاله من الغفر ابعتهم لى ضرورى ... لان مافيش اي اجراء قانونى ينفع اخد الا بعد ٢٤ ساعه ... 

جهر حمز الخياط وهو يضرب على النافذه بقبضة يده 
- انت بتقول ايه ياحمزة ! رجالة ايه انا اللى جايلك بنفسي ... 

نهضت وعد من سباتها وتقترب من حمزه بخطوات هادئه وهى تستمع لمكالمته باهتمام فوضعت كفها على كتفه قائله بهدوء
- حمزه ... فى حاجه يا حبيبي .. 

انهى حمزه الخياط حديثه مع النقيب حمزه قائلا بحزم
- انا جايلك يا حمزه .. يلا اقفل ... 

وعد بفضول وبات الخوف يقبع اثاره على ملامحها 
- حمزه ! مالك ... 

نزع حمزه زيه البيتى وتناول عبائته سريعا 
- نامى ياوعد .. مافيش حاجه ... 

- اى مشغلش بالى ... وانت بتزعق ليه مع جوز بنتك هى بتولد ؟! 

انتهى حمزه من ارتداء عبائته ليجهر بضيق 
- قولت مافيش حاجه ياوعد ... 

اقتطبت ملامحها بدهشه 
- انت ما بتتعصبش عليا غير لما يكون فى مصيبه .. حمزه والنبى قول لى بنتى فيها حاجه ... 

تنهد حمزه باختناق ليقبل جبهتها 
- متقلقيش قولت .. نازل انا ..

- هاجى معااااك ...

- وعد ! 

- حمزه منا مش هطمن غير لما اشوف بتى .. عشان خاطرى ياحمزه ماتسبنيش هنا لوحدى انا ممكن اتجنن ! 

- اووووووف ... اجهزى ياوعد لحد مااخبر الرجاله تحت ...

 

اقتحمت سيارة سليم قصر العتامنه فنزل منها سليم قبل ان ترسو جاهرا 

- ياااووووجد يااااوجددددد ... 

خرجت ساميه بهيبتها الماكره 
- حسك عالى ليه ياجدع انت .. مرتك مش اهنه .. 

دفعها سليم بقوة من امامه ليقتحم القصر هاتفا باسمها 
- ياااوووجد ياووجد ... 

اقترب عماد من ساميه قائلا بهدوء ما يسبق العاصفه 
- مراة سليم فين ... 

عقدت ساميه ساعديها ببرود 
- ماجتش اهنه اصلا .. روحوا دوروا على مرتك بعيد عن اهنه ... 

ابتسم عماد ببرود اكثر 
- ومالك شاده اعصابك اكده ليه .. اهدى على حالك الشدة دى بتدمر الصحه ... عموما رساله تبلغيها لولدك " مراة سليم ترجع مافهاااش خدش والا هيرجعلك جثه " 

- ياما ياما .. المفروض انى اخاف يامعالى المستشار السابق .. وبعدين انا ولدى ملهوش دخل بغيبة مراة اخوك روح شوفها طفشت مع مين ولا شوقها رماها فين !

اقترب سليم من كوثر تحت انظار باقى السيدات يجثو على ركبتيه امامه تلك السيده الجالسه ومتكوره حول نفسها بحزن نهش جوفها 
- بتك فين ياكوثر وجرالها اى ! 

تقف عنايات جنبا تستمع الى حديث سليم بخوفٍ ... اما كوثر فالتزمت الصمت وكأنها فقدت القدرة على الكلام .. رجها سليم بقوه 
- بناتك فين يااكوثر .. 

نظرت له بعجز وقلة حيله وعادت الى الاختباء خلف رداء صمتها ... جز سليم على اسنانه 
- انت لو متكلمتيش بنات هيروحوا فى داهيه ... قوليلى تعرفى اييه .. 

لم يجد سليم اى رد من كوثر حتى فاض صبره فنهض محذرا ليلقى اخر جمله على قلبها 
- خليكى فاكرة ان لو بناتك حصلهم حاجه هتبقى انت السبب ... 

دار سليم ظهره وتأهب للمغادرة .. فركضت عنايات سريعا بجوار كوثر لتتهامس فى اذانها وتروى لها ماحدث .. وبعد قليلا من الوقت حتى لمست اقدام سليم اعتاب المنزل فاتاه صوت كوثر صارخه 

- سلييييييييم ... 
توقف سليم فى مكانه للحظه محاولا تميز صوتها حتى دار ببطء نحوها .. فواصلت كوثر حديثها بنبرة راجيه بعدما تقدمت خطوة للامام
- رجعلى بناتى .. بناتى امانه فى رقبتك ... 

زفر سليم باختناق فاومئ ايجابا وغادر البيت دون اي رد .. التفت عماد لاخيه الخارج باهتمام 
- هاا ياسليم وصلت لحاجه ... 

رمقه سليم ساميه بنظره حانقه 
- لا لسه موصلنااااش .. بس هنوصلوا وياريت الناس تخاف .. يلا ياخوووى ... 

صعد سليم وعماد السيارة التى شرعت ان تتحرك تحت انظار ساميه التى كبت خوفها متسلحه بهيئتها القويه ..فسرعان مااخرجت هاتفها متصله بحيدر 

- حيدر فينكككككك .. الحق ادهم ... 

صوت رنين هاتف سليم فرفع عماد انظاره قائلا 
- ده النقيب حمزه ..

- افتح بسرعه ... 

فتح عماد الاتصال فرد سليم بلهفه 
- حمزه فى مصيبه ... وجد ملهاش اثر .. 

جهر حمزه بعصبيه 
- ولا عشق ولا ورد اخت مرتك يااسليم ... 

فرمل سليم بقوة ليجذب الهاتف من يد عماد ويتحدث 
- كده وضحت اللى خد وجد هو اللى خد عشق وورد ... وادهم وحيدر مختفين يبقي اكيد هما اللى ورا العمله المهببه دى ..

رفع يوسف صوته بلهفه 
- سليم انت فين احنا لازم نتقابل .. 

- تعالى على القصر يايوسف انت وحمزه .. واحنا هنسبقوكم .. اسعجلوا بس .. 

عماد بحيره وهو يضرب تابوه السيارة 
- اى الغباء دا .. وادهم هيستفاد اى بحركه زى دى ؟! 

سليم وهو يدير مقود السيارة 
- عاوز يجر رجلى لعنده وكمان ياخد تاره من حمزه وهو عارف انه مايقدرش يتحرك قانونى غير بعد ٢٤ ساعه وطبعا مش هيقدر يصبر كل دا فهيجيبه لعنده ... اللى عاوزين نعرفه دلوقت هما فين ممكن يكونوا مخبين البنات ... 

صمت عماد لبرهه ثم اردف بثقه 
- ثريا ... مافيش غيرها ...

 

- مجدى الا اخواتك فين .. سليم وعماد ملهمش اثر وامك قلقانه عليهم .. 
اردف محمد جملته وهو يقتحم مجلس مجدى المنفرد بمخيلته مع صفوه .. فرفع انظاره قائلا بمزاح 
- يكونش واحد فيهم هيتجوز من ورانا .. والتانى بيشهد معاه

رمقه محمد بسخط وهو يجلس بجواره 
- ياخفيف وكمان بتهزر .. مافتكرش لو هيعملوها كان هيقولولى اكيد ... 

ضحك مجدى بهدوء ثم اردف بجديه
- ياعم تلاقيهم فى عزاء العتامنه .. هو احنا المفروض نروح ولا ايه .. داحنا نسايب بردك ... 

محمد بغيظ: والنبى انت تسكت خالص انا لو روحت عندهم هخلى الصوان دا مايترفعش .. والعمل انا حاسس ورا غيبتهم دى مصيبه ؟! 

اعتدل مجدى فى جلسته ليردف 
- المهم انت .. اخوك عاوز خبرك فى موضوع كده ؟!  

محمد بحماس: رقبتى سداده ... 

نظر له مجدى بطرف عينه 
- الا قول لى هى البنت اى اكتر حاجه بتحبها من الراجل مننا يعنى .. اقصد يعنى عاوزه دلع ولا حنيه ولا حد يسمعها باهتمام .. هما بيكونوا عاوزين ايه .. وأنت لازم تلحق اخوك عشان صفوة مش هتدينى اى فرص تانيه ابوس على يدك ..

قهقهه محمد بصوت عال ثم اردف قائلا 
- واى دخل صفوة بالبنات يامجدى ! 

ركله مجدى بنفاذ صبر 
- اتلم ! واتكلم عدل .. 

تأوه محمد قليلا ثم دنى من اذن اخيه هامسا 
- النوع اللى زى صفوة دا .. لو دلعته هيشوف نفسه عليك ولو طبطبت عليه هيتفرعن .. انسب حل الاقتحااام ... ايوووووة اسمع منى خش عليها بكلمتين حلوين وماتدهاش فرصه ترد وبعدين ااااااااااااااااااااااااااا ... 

فكر مجدى لبرهه ثم رمقه بسخط
- تصدق انا غلطان انى باخد رايك .. 

- انت مابتسمعش كلام امك ليييه وتشوفلك قطه من بتوع مصر .. دول يتمنى اشارة منك ياهندسه .. 

- لا منا بحب النوع اللى يدينى فوق دماغى ... 

- هااا .. اشرب بقاااا .. 

تسامر الاخان حتى اقتحم سليم وعماد مجلسهم ولم يبدو عليهم اي بشائر .. فنهض محمد بفضول 
- فينكم من بدرى يارجاله ...

 

- اااااه اوووووف .. مش قادرة ... 
تتأوه عشق امام انظار ورد التى لم تجد مفر للتخفيف عنها الا البكاء مثلها مردفه 
- طيب انا اعملك اى قوليلى ... 

تلتقط عشق انفاسها بصعوبه بالغه 
- فى وجعه فى بطنى وضهرى وحاسه انى هولد خلاص ... احنا هنا لييييه ؟! 

مسحت ورد جبهتها اثر قطرات العرق المتصببه 
- انا مش عارفه ادهم عاوز اى ... ومنك انت عاوز ايه وليه يجيب هنا ... 

تجلس عشق وورد فى مكان متوسط الاتساع لم يتسلله اى شعاع نور غير اشعه القمر الهاربه من النافذة الصغير يجلسان فوق حصير خشن .. بسطت عشق ظهرها فوق الارض ممسكه ببطنها وظهرها باليد الاخرى لتنوح بصوت متألم 
- ياورد انا مش قادرة .. حاسه روحى بتتسحب منى خلاص .. 

اجهشت ورد بالبكاء اثر قلة حيلتها .. فركضت نحو الباب لتضرب عليه صارخه 
- انتوا يلى بره الحقوناااااا ... انتوووو فييين ... ياااااادهممممممممم ... 

بعد ما نحر صوتها من النداء فوجئت بصوت فتح الباب من الخارج .. اذا بآدهم يحمل وجد على كتفه وخلفه حسن ورجل اخر قويه البُنيه .. صرخه قويه هربت من جوف ورد صارخه 
- وجدددددددد ! 

ثم انقضت على ظهر ادهم باقوى القبضات وهى تصرخ بقله حيله 
- انت عملت فيها ايه ... والله يا ادهم هقتلك ... اختى مالها ... 

القى ادهم وجد فى الارض بقوه فهى لازالت مغيبه تحت تاثير المخدر .. ولم تكف ورد عن الضرب بقوة بجسد ادهم صارخه 
- حرام عليك انت عاوز اييه ... سيبنا فى حالنا والنبى... 

دفعها ادهم بقوة حتى ارتطم ظهرها بحائط فصرخت متوجعه 
- منكككك لله .. منك لله يابعيد ..

جهر ادهم: تستنوا هنا لحد ما حسابكم يجى ... واحده عارهه ماتربتش والتانيه ماشي مع المباحث .. ابقي خليهم ينفعوكى ... 

ظلت تثرثر بكلمات غير مفهومه وهى تصرخه تارة تسب وتارة اخرى تناجى ربها حتى زحفت بتثاقل نحو اختها لتوقظها وتضرب على خدها برفق 
- وجد ... فوقى والنبى فووقى ... ازاي الحيوان ده وصلك ... فوقى متوجعيش قلبى اكتر ... 

صرخه قويه هربت مش جوف عشق متألمه وبانفاس متقطعه 
- خلاص يااورد مش قادرة .. الحقينى شكلى هولد ... 

يقف ادهم بصحبه حسن بالخارج .. فاردف قائلا 
- هنعملوا اى ياحسن ! 

فكرة حسن قليلا ثم قال 
- كله معمول حسابه .. الاول بس خلى الرجاله تحاوط المخزن بالبنيزن والغاز عشان اى لحظه غدر نعرفوا نلهوهم عننا كيف ... 

رفع ادهم حاجبه باعجاب: عليك دماغ المااااظ ...

 

اتى يوسف وحمزه الى قصر الهوارى وكل منها يأكل خطاوى الارض خوفا وغضبا .. ثار محمد معاتبا 
- انا لما قوووولت نصفوا دمهم محدش سمعنى .. اهو مكفهمش شر وفساد ولسه بيكملوا .. 

اردف عماد بنبرة قويه 
- اهدى يامحمد ... 

هتف محمد بصوت اقوى 
- اهدى ايييه .. دول خاطفين لحهم وبنات عمهم وعاوزنى اهدى ! 

مجدى بحكمه: 
- اهدى خلينا نفكر .. اكيد مش هيعملوا ليهم حاجه دول هببوا كده عشان ياخدو تارهم من سليم وحمزه ومحدش هيجيبهم غير وجد وعشق ... 

اردف محمد بتلقائيه 
- ايووووة واخت وجد اى دخلها بقي ...

عماد بحيره: ما هو دا اللى شاغلنى ... اى العلاقه !

اردف يوسف سريعا 
- عشان كانت شغاله معانا .. كنا عاوزين نوقع حيدر وادهم وللاسف سمعوها ... 

وثب مجدى قائما مستندا على عكازه 
- انا هغير لبسي ونازلكم ... 

عماد بتلقائيه: تمام ... -ثم نظر لحمزه - حمزه باشا الخياط قرب يوصل ... 

- خلاص نص ساعه ويكون هنا ...

 

تقف ثريا امام المراة ممسكه بسلاح بيدها مردفه بنظرات كلها شر 
- لازمًا تموت ياحيدر ... لازما السر يدفنا .. زمان قتلنا عشااننا والنهارده هقتل عشانى .. عشان اعيش والسر يفضل مدفون مع اللى ادفن ... 

على حدا وصل مجدى لغرفته ليبدل ملابسه .. فوجد ورقه بيضاء ملقاه فى الارض اسفل الجاكت تبعه الذي كان يرتديه فى القاهرة .. انحنى قليلا ليتناول الورقه وهو يجلس على الفراش وبدا فى فتحتها بفضول ... الا ان اتسعت حدقه عيناه فجاااة قائلا بذهول 

- ورقه تنازل عن كل ممتلكاتى باسم صفوه ... معقوله ؟! 

ثم رجع بذاكرته للمكان الذى عثر على تلك الورقه اذا بغرفتها .. ولقطه فوتغرافيه ايضا لها وهى ممسكه بورقه بيضاء وتجوب امام انظاره فى نفس مكان عثوره على الورقه قائله 

- بص ماهو انت ياما هتطلقنى يااما ... 

فاق مجدى من شروده فجاة قائلا بعدم تصديق 
- صفوة اتجوزتنى عشان الورث ؟! معقوله تكون انسانه انانيه للدرجه دى ؟!
سكة الصبر اخرها جبر مهما طالت  ...
تجلس امام المرآه تضع بعض لمسات التجميل الاخيره وتتأكد من تهدب شعرها كما يروق لها .. تناولت قلم الروج  باللون الكشميري وتمرره على شفتيها بفظاظه ليتناسب مع لون فستانها القصير الذى يبرز معالم جمالها .. نظرة اخيره وهى تنصب عودها امام المراة وهى تتخلص من رباط ساعدها قائله بتنهيده تعب
- تعبت معايا يامجدى .. وكفايه بقي لازم اعوضك عن كل التعب دا ..

استدارت لتبحث عن هاتفها لتتصل به وبجوفها جيوش شغف تجذبها بكلها الى بن ذراعيه تحديدًا .. ولكنها فوجئت بفتح باب غرفتها بدون استئذان وتبدو على ملامحه اثار غضبٍ مكبوت .. فاستدارت نحو الباب بلهفه
- كنت لسه هكلمك ..
لم يجذب انظاره ما ترتديه ولا يتحرك له جفن الرقه رأفة بتلك الحوريه التى غادرت محيطها واتت لعشه .. عمت سحابه الغضب عيناه ليركل الباب خلفه بشده اثارت فضولها وطوت ابتسامتها شيئا فشيئًا
- انت مالك ؟! فيك حاجه وشك متغير ليييه ؟!

دنى منها مجدى بخطوات متباطئه وهو يطيل النظر بعيناها قائلا بغلٍ
- لا برافو .. عجبتنى ؟!
- هى ايه دى ؟!
- لعبت القذرة اتكشفت خلاص يادكتورة ..
بللت حلقها وهى ترمقه بعيون متأرجحه
- مجدى .. ممكن تقول لى فى ايه ؟! انا مش فاهمه اى حاجه ؟!

فتح مجدى الورقه التى ييده قائلا بنبرة غاضبة وهو يقترب منها
- دى ؟! تقدرى تقوليلى تعملى حاجه زى كده ليييه ؟!
القت نظرة خاطفه على الورقه فعلمت ما بها ثم زفرت باختناق
- هو انت مش قولت بلاش نزرع شوك الماضي فى الحاضر ؟!

قبض مجدى على ذراعيه بكفه الحديدى حتى غرزت انامله بجسدها وهو يرجها بقوة
- دا مش شوك .. دا غدر وطمع وكشف نوايه ؟! ليه ناقصك فلوس تعملى كده ياصفوة .. ليه مصممه تبنى الف سور ما بينا بعافر عشان اهدهم .. انت ازاى تعملى كده ... عاوزه تاخدى حاجه مش من حقك بالسرقه ؟!

فرت دمعه هاربه من طرف عينيها .. مردفه بنبرة باكيه
- اللى عملته انا نفس اللى عملته بالظبط .. ما انت كمان خدت حاجه مش من حقك وبالسرقه كمان .. على الاقل انا احسن منك حته ورقه كنت هساومك بيها عشان تطلقنى واهى رجعتلك اما انت اللى خدته منى ما بيرجعش يامجدى ..

رخى مجدى قبضته ببطء وهو
- انت بتبررى ايه ! وكمان ليك عين تقاوحى ..
ابتعدت عنه قاصده ان تخفى منه دموع ضعفها متسلحه بكبريائها
- انا من الاول قولتلك احنا ماننفعش لبعض .. واظن كده كويس اووى .. جبرت يامجدى ..
نظر لها باحتقار وهو يردف بصعوبه
- مكنتش مفتكر انك بالكُره والغل دا ..

ثم طبق الورقه بيده باشمئزاز والقاها بوجهها
- للاسف ياصفووة ..
صمتت قليلا ثم اردفت بحزن يقرضها من الداخل
- طول ما لسانك سابق تفكيرك عمرك ماهتتغير ..

- ايوة ياحبيبي انت فين دلوقت !
اردفت ماجده جملتها وهى تجوب غرفتها ذهابا وايابا .. فرد ادهم قائلا
- بفكر كيف اصطاد الحيتان ...
بللت حلقها وكل ما بجوفها يرتعد
- انا هقولك تعمل ايه .. بس قول لى الاول انت فين ؟!
- انا فى المخزن اللى ورا مصنع البوتجاز القديم .. والبنات هنا ..

- انا عاوزه اجيلك يا ادهم مش عاوزه اسيبك لوحدك ...
جلس ادهم فوق صخره فى الظلام الدامس
- لا ياحبيبتى .. انت هتجهزى عشان بكرة هنسيبوا البلد ونطفشوا ..
فكرت ماجده لبرهه فاردفت بحزن بالغ
- ادهم .. احنا لازم نعرف السر اللى امى وعمك خافينه .. لازم  نعرف هما مخبين ايه يا ادهم ..
حك ادهم ذقنه وهو يثنى ركبته
- ودى هنعرفوها ازاي يا ادهم ؟!

فكرت ماجده لبرهه فاردفت بعجز
- مش عارفه مش عارفه .. هتجنن واعرف هما مخبين ايه ؟! المهم انت هتعمل اى فاللى عندك ...
اردف بشرا يتناثر من عيناه وهو يشعل النار بولاعه السجائر
-  محدش فيهم هيطلع حى .. سواء البنات او غيرهم .. نار غضبى هتحرق الكل من غير ما ترحم يا ماجده .. من اول نسل الخياط لحد حيدر عمى ...
- لا يادهم احنا لازم نعرف السر .. لازم نعرف اللى ورا امى وعمى ...

اجتمعوا الرجال بغرفه الضيوف حتى توسط مجلسهم حمزه الخياط وزوجته التى تجلس بعيدا بجوار عفاف وكل ما بقلبها يتمزق اشلاء .. جهر سليم بنفاذ صبر
- احنا هنفضل قاعدين كده ومش عارفين هما فين ؟! ..
وقف حمزه الخياط والغضب يتقاسم ملامحه
- تفتكروا الزفت دا ممكن يكون مخبى العيال فين ... وحيدر ليه يعمل اكده ! انا راسي هتنفجر ..

وقف عماد بتردد ثم اردف
- انا شاكك فى حاجه كده ومش عارف ...
رمقه سليم بلوم لانه فهم مغزى كلماته فتدخل سريعا
- مش عاوزين نظلم ياعماد .. متنساش ان كل دا من نسيج افكارنا ..
النقيب حمزه باندفاع: فى ايه ياعماد ... مااالك انطق ..

صمت عماد قليلا ثم اردف
- ثريا مراة عمى .. انا واثق انها تعرف علاقه حيدر بالموضوع دا ..
صمت تام خيم عليهم .. فتدخل حمزه الخياط قائلا
- فهمنى ياعماد .. قصدك ايه !
حكى عماد ما يدور بأفكار وشكوكه من ثريا فاستمع له حمزه الخياط وجميع الحضور باهتمام شديد .. حتى اردف بثقه
- محمد روح خلى مراة عمك تعملنا شاى
اتسعت العيون باستعراب صوب جملة حمزه الخياط التى لم تعد بمحلها ولا بموعدها .. فجلس حمزه وكأنه ينتوى لشيء
- اسمع الكلام يامحمد ... وتجيبه بنفسها هى يلا ..

نفذ محمد ما اُمر به .. اما عن نورا فهى تجلس بجوار وعد وتربت على كتفها
- اهدى طيب الحالة دى مش هترجع عشق واكيد حمزة بيه هيتصرف ...
اجهشت وعد بالبكاء: معنديش استعداد اخسر بنتى ولا اتعذب تانى .. بنتى حامل يانورا وعلى وش ولاده وانا هتجنن عليها .. ياريتنى صممت انها ماتخرجش انا اللى وقفت قصاد جوزها وحمزه انها تروح معاه قنا ...

زفر عفاف باختناق وهى تتحرك من مقعدها لتجلس بجوارها قائله بحسره
- ادى اخرة النسب اللى يعر .. وادى اخره الدم وبيبانه اللى ماعتتقفلش ...
جحظت نورا لعفاف لتصمت فاردفت بنفاذ صبر
- يلا ربنا يرجعهم سالمين ...

- ياوجد احب على يدك فوقى انا مش عارفه اعمل حاجه ...
تضرب ورد على وجنتى وجد برفق لتوقظها وبجسد ينتفض على صرخات عشق المتأوهه .. فلم تجد فائده من استيقاظها فركضت نحو الباب تضرب بكلتا كفيها بصراخ
- يااادهم افتح حرررام عليك ... البت بتمووووت ..

وقفت ورد على طراطيف اصابعها لتنظر من فتحت الباب الحديدي لتجد بعض الرجال يطوفون امام عيناها مع اختراق انفاسها رائحه الغاز .. فقفزت عدة مرات محاوله استيعاب من اختلط بأنفاسها .. الى ان انغمست قديمها بقطرات الجاز المتسربه من اسفل الباب ورجل يمسك بدلو منه ويحاوط المخزن  .. فتضاعف خوفها للحد الهستيري وهى تضرب على الباب بقوة
- انت هتعمل اييه .. بقولك افتحلنا ... ياااااارب ... ياادهم ماينفعش والله ... طيب حقك معايا انا سيب وجد وعشق ياااااااااادهم انت فين ..

دارت ورد نحو وجد التى بدات ان تستعيد وعيها اثر رائحه الجاز .. فجثت على ركبتيها متلهفه بأمل
- وجد ياووووجد فوقى والنبى يااالا ... الحقى ..
فتحت وجد عيناها بتثاقل محاوله ان تستجمع ذكراياتها
- ورد ! احنا فين ...

لم تجيبها ورد لانهما التفتوا سريعا نحو صراخ عشق المكتوم .. فزحفت ورد صوبها ثم تابعتها وجد بلهفه
- مش دى بنت حمزه بيه الخياط ...
تتساقط قطرات العرق من مسام وجهها وتلتقط انفاسها بصعوبه بالغه مردفه بصوت متقطع
- انا مش قادره .. ابنى ياوجد .. لازم تنقذيه ..
فزعت وجد كالملدوغه لتفخصها بلهفه وبعد مرور قليلا من الوقت
- اهدى ياعشق اهدى .. دا وجع عادى مافيش حاجه اهدى والنبى ...
ورد بخوف: هو بتتالم ليه كده ياوجد ... هى مش هتولد ..

مررت وجد كفها على شعر عشق لتطمئنها
- اهدى هى قربت بس .. دى وجعه عاديه والمفروض تروح المستشفى عشان تاخد حق طلق بس ان شاء الله قبل ما دا يحصل هنكون خرجنا من هنا ... تعالى يا ورد تعالى نيميها على رجلك وارفعى ضهرها من الارض ..
نفذت ورد ما طلبته منها وجد التى ركضت نحو الباب جاهره بصراخ
- انتوا يلى بره .. افتحوا الزفت دا ...

هتف ورد والرعب يكسو صوتها
- دول محاوطين المكان بالجاز ياوجد ... هما هيعملو ايه ...
عادت وجد لاختها وهى تربت على كتف عشق
- مافيش حاجه هتحصل انا متاكده .. ادهم عمل كده عشان يجيب رجل سليم وحمزه واللى هما اكيد مش هيسكتوا .. اهدوا وكلها كام ساعه وهنخرج من هنا ...

دخلت ثريا وخلفها بنت من الخدم تحمل صنيه فوقها ابريق الشاى واكواب زجاجيه مشيره لها
- حطيها هنا يابت ...
اشار محمد للخادمه ان تنصرف ثم شرعت ثريا فى صب كاسات الشاى .. اما عن حمزه الخياط واصل حديثه وهو يمعن النظر بعفاف
- احنا بالساعه اللى لقناها دى اكبر دليل ان اللى قتل سالم وناصر هو حيدر .. واحنا لازم نتحرك قبل ما يعملوا حاجه فى الينات ونعرف مين اللى شاركه فى الجريمه دى ..

لاحظ حمزه الخياط التفات اذان ثريا وكل تركيزها مع حديث حمزه الخياط الذي تأكد من شكوكه نتيجه امتلاء الكاسات حتى فاض معيارها وانسكب بالصنيه بدون وعى .. تبادلوا الانظار جميع فواصل حمزه الخياط حديثه وهو يتفتها ببراعه حتى أسقط الساعه الفضيه بقصدٍ من يده فشهقت ثريا بانتفاضه وهى تدور بجسدها نحو مصدر الصوت ..

تبادلوا الانظار جميعا حتى تدخل عماد سريعا
- يسلموا ياحماتى .. مكانك انا هكمل ..
انصرفت ثريا وهى تاكل خطاوى الارض غضبا شارده فى حديث حمزه الخياط فاشار حمزه لعماد اشاره فهم مغزاها فاومىء ايجابا بأن  كل شيء على مايرام .. واصل حمزه حديثه بثقه

- انا اتاكدت انها ليها علاقه بحيدر .. دى اول ماسمعت اسمعه براد الشاى اتهز من ايدها وبص على الكوبابات مافيش ولا كوبايه فيهم اتملت اد التانيه .. اللى هتلاقي نصها المليان او اللى فاض منها الشاى .. ودا يعنى ان الموضوع يهمها للدرجه اللى مااخدتش بالها من اللى في ايدها ..
اردف عماد بسرعه
- انا فهمت امى تعمل اي ...

النقيب حمزه باغتياظ: هو ما حدش اتصل ليييه ... والزفت دا خاطفهم ليه طالما متصلش يقول عاوز ايه ؟!
سليم بغضب مكبوت: ادهم اذكى من انه يعمل كده لانه عارف مش هيقدر يواجهه هو دلوقت بيفكر يلعبها صح ! لو حطينا نفسنا مكانه ممكن نتصرف ازاى نخطف تلات بنات عشان يجيب رجل هدفه الاساسي المفروض انه يتصل ويقول طلباته لكن ادهم مش هيعمل كده ... ادهم عاوز يخلص مننا احنا والبنات بضربة معلم وهو يطلع منها زى الشعرة من العجينه ..

تدخل يوسف سريعا: او يلبس عمه كل الليله وهو يخرج منها شاهد ملك ...
انضم مجدى لمجلسهم محاولا اخفاء غضبه حتى فوجىء لماجده تركض لتقف خلفه على اعتاب المجلس قائله بقلب مرتعد
- الحق وجد والبنات ياسليم ..

وقفوا جميعا اثر جملة ماجده المفاجئه .. فوقف سليم امامه والغضب يتقاسم معالمه
- فى ايه يا ماجده انطقى ...
بللت حلقها بخوف فاطرقت قائله
- ادهم خاطف البنات فى المخزن اللى ورا مصنع البوتجاز القديم وناوي يقتلهم .. الحقهم والنبى يااسليم بسرعه .. ادهم مش ناوي على خير ..
هتف محمد من الخلف:  انا عارفه المخزن دا ..

مسكها سليم من ساعدها بغضب
- وانت عرفت منين الكلام دا ..
- مش وقته ياسليم .. الحق وجد والبنات والنبى مافيش وقت ... صدقنى ياسليم انت لو متحركتش دلوقت ادهم هيخلص عليهم ...
نظرها سليم بشك ثم التفت لحديث النقيب حمزه
- احنا لازم نروح المكان اللى بتقول عليه ياسليم .. يلا مافيش وقت ...
ساد الصمت بينهم قليلا تحت انظار ماجده التى لم تخل من نظراتهم المرعبه .. اما عن نورا وصفوة الاتى انضمن اليهم بعدما قصت نورا ما حدث لصفوه التى اردفت سريعا
- انا هاجى معاكم ...

هجر محمد بعصبيه: تيجى فين انت كمان هى رحله ؟! ماتتكلم يامجدى ..
اردفت صفوة بحزم
- مجدى ملهوش دعوة ...
زفر حمزه الخياط بغضب
- مافيش وقت يارجاله يلا بينا ..
اقترب صفوه منه برجاء
- عمو لو سمحت نورا قالتلى ان عشق حامل واحتمال تكون تعبانه ووجد اكيد مش هتقدر تعملها حاجه انا هاجى معاكم اقعد فى العربيه ان لزم الامر ..
هجر مجدى غاضبا: تروحى فين انت كمان .. ما تقعدى على حيلك ..

تدخلت نورا: صفوة خطر عليك دول يعتبر طالعين الجبل ...
- ياجماعه انا خايفه على عشق لقدر الله لو وجد مغمى عليها او حاجه مين هيساعدها .. ياعمى انا هقعد فى العربيه وهستناكم بره ..
تبادلوا الانظار جميعا حتى جهر مجدى
- قولت لا يعنى لا ياصفوة .. لمى دورك واختفى من وشي ..
تدخل عماد سريعا
- كلامها صح يا مجدى واحنا مانعرفش اى حالتهم واكيد محمد مش هيكون فاضي لحد ...

سليم بصيغه امرة
- مجدى انت خليك قاعد هنا مع امك والبنات وانت ياصفوة يلا تعالى معايا ...
مجدى بغضب: تيجى فين يااسليم انت اتجننت .. انتوا هتاخدوا بنات معاكم مش كفايه اللى عندهم ...

تجاهلت صفوة حديثه واندفعت للخارج نحو سيارة سليم لتقطن بها .. فاستدار حمزه الخياط ليضع خطته سريعا
- يوسف انت هتروح على المديريه وتجيب قوة وانا هكلم مدير الامن يتحرك .. واحنا يارجاله مافيش وقت لازم نروح المكان اللى ماجده قالت عليه ... نورا يابتى خلى بالك على وعد دى لما بتتجنن مش بتشوف قدامها .. جهزوا اسلحتكم يارجاله ويلا ... سليم لم الرجاله بره ..
مجدى بحزم: جاااي معاكم ...

محمد وهو يعد سلاحه: برجلك دى بطل جنان ..
- منا مش هلبس طرحه واقعد جنب الحريم يامحمد ..
عماد بحكمه: مجدى متسبش البنات لوحدهم واحنا هنتصرف ماتقلقش ..
ركضت يسر صوب محمد هامسه: اى الجنان ده .. انت مستحيل تتحرك ..

شد محمد سلاحه بتوعد: دى فرصتى وجات لحد عندى يايسر ولازمًا تار راجح يرجع .. تقلقيش عمر اللى على حق ما هيتهزم ..
اقتربت نورا من عماد لتهمس فى اذنه قائله لخوف مكبوت وهى تتشبث فى كفيه برجاء
- انا مش همنعك تروح بس هتوعدنى انك تخلى بالك على نفسك عشان ابننا اللى جاي فى السكه ياعماد ..
نظر لها بذهول فاومأت بخفوت وهى تبتسم وتهمس فى اذنه بفرحه
- لسه عامله اختبار الصبح ..

ثم ابتعدت عنه ولازالت تتشبث بكفه
- يلا الرجاله طلعوا ..
خبر مفرح اقتحم حزن ايامه .. قشعريره انتابت بدنه ما بين الفرح والصدمه وعدم التصديق ظل يرمقها طويلا ثم طبع قبله طويله على رأسها
- الف مبروك ياحبيبتى .. خلى بالك على نفسك
ثم مسك ذقنها بأمل
- لما ارجع لينا احتفال خاص انا وانت .. يلا لا اله الا الله ..
قبلت كفه بحب وعيون تأثر عبراتها: سيدنا محمد رسول الله ...

ودعها عماد ثم لحق بالرجال فى الخارج اما عن مجدى يأكل خطاوي الارض غضبا على رد فعل صفوة وعفويتها .. على حدا تشبثت نورا بساعد ماجده قائله بحزم
- عاوزاك ..
تألمت ماجده قليلا وهى تسير معها
- اى يانورا ماسكانى كده ليه ..
- الكلام اللى قوليه لهم دا لو صح عرفتيه منين ! هما لو صدقوكى دا عشان متعلقين فى قشايه .. ماجده قوليلى لو فى حاجه نلحقهم والنبى ..

حررت ماجده ساعدها بصعوبه من قبضة نورا متألمه
- عرفت وخلاص يانورا .. ماتقلقيش صح وواثقه جدا كمان .. وان شاء الله هيقدروا يرجعوا وجد والبنات انا واثقه ..
- ايوة بقي واثقه منين ! قوليلى ...
تدخلت يسر من الخلف متوعده
- اقسم بالله لو كنت بتوقعيهم فى فخ من حركاتك الزفت دى ماهيحصل طيب ياماجده ..

اغرورقت عيني ماجده بالدموع
- اللى عاوزاكم تعرفوه ان الموضوع اكبر من خطف البنات .. احب اعرفكم حقيقه امكم الموقره انها متجوزه فى السر من كبير العتامنه .. تقدروا تفهمونى واحده معارفاش اذا كان جوزها ميت ولا عايش ومتجوزه ..
جمرات من نار قُذفت على قلوبهم فرددوا بصوت واحد: اييييييه !
ندبت عفاف من الخلف
- يامرى ! هى عملتها ؟!

تبادلوا الانظار جميعا ثم ركضوا جميعا يتسابقون الخُطى لاعلى .. فلحقت بهم عفاف بخطوات متثاقله .. التفت وعد لحركتهم العجيبه فتجاهلها وخرجت فى الجنينه تجوبها ذهابا وايابا وهى تناجى ربها ...
 فى الخارج
تأهبوا الرجال للمعركه وتركهم يوسف ذاهبا لمديريه الامن .. احتشاد كبير من الخفر سار امامهم وخلفهم ثلاث سيارات واحده بها سليم وصفوة والثانيه بها محمد وعماد والاخيره النقيب حمزه وحماه الذي يأكلون خطاوي الارض رعبا ...

- كح كح ريحة الغاز دى خنقتنى ياوجد .. انا حاسه نفسي هيروح ..
اردفت ورد جملتها وهى تهدب شعر عشق التى لا حول لها ولا قوة .. خلعت وجد شالها قائله
- خدى حطيه على نفسك انت وعشق ..
ثم وقفت لترفع انظارها صوب النافذة المرتفعه التى يتوسطها ضياء القمر
- يااارب يارب بحق ما جمعتنا انا وسليم وسط النار نجينا منها زى ما انقذت نبيك ابراهيم .. انت فين ياسليم اول مرة تتأخر عليا كل ده .. طول عمرك قبل ما قلبى يتمناك بيلاقيك .. هات العواقب سليمه يارب ...
صرخه قوية دوت فى المكان من جوف عشق التى فقدت زمام السيطرة .. فركضت وجد نحوها سريعا
- ايه ياعشق استحملى بالله عليك .. هانت خلاص

- هو مش كفايه بقي تمثيل وتفهمينا في ايه !
اردفت ماجده جملتها وهى تقتحم غرفه امها التى القت هاتفها سريعا بمجرد ما رأتهم ..
- انتو كيف تدخلوا اكده !
ركضت يسر نحو هاتف امها لتلتقطه بنظرات استكشافيه
- انت كنت بتعملى ايه ؟!
حاولت ثريا ان تجذب الهاتف من ابنتها ولكن بدون جدوى ابتعدت يسر عنها لتفتحه فوجدت رساله مكتوبه لرقم غير مسجل
-  بكرة لازمًا اشوف فى مطرحنا  ..

ثم دارت الشاشه نحو اخوتها بسخريه
- وهو مين دا اللى لازما تشوفيه فى مطرحكم ..
التوى ثغر ماجده ساخرا وهى تعقد ذراعيها امام صدرها
- الا هى الست ازاى تتجوز راجل تانى وهى لسه على ذمته جوزها ..
سؤال كالخنجر طعن فى قلب ثريا التى تلجلجا فى مكانها وهى تنهر ابنتها
- جرى لمخك اي يابت انت .. ما تتحدتى عدل .

رجعت ماجده حاجبها مستنكرة
- ما هو طول ما الحديت مجايش على هوانا عمره ماهيكون عدل ...
ثم صرخت جاهره بنبره صعيديه
- كيف جالك قلب تتجوزى حيدر الهواري وابويا غايب له سنتين ...
- اكتمى يابت اقفلى خشمك ... انت ادبيتى يااااك ؟!
تدخلت نورا بهدوء
- الكلام دا صح ؟! انت ايه علاقتك بالراجل دا ..

- انتوا جرالكم ايه يابنات نااصر .. !
ضحكت ماجده ساخره: تصدقى حتى دى مابقتش مصدقاها !
صفعتها ثريا على وجنتها بكل قوتها
- اكتمى يابت ياقليله الربايه ...
فى نفس الوقت اتصلت يسر بالرقم صاحب الرساله وبعد قليلا من الوقت اردف حيدر قائلا
- ايوة ياثريا عندى مصلحه مستعجله هخلصها واجيلك ...
قفلت يسر الخط سريعا بعدما سمعت اخوتها جملة حيدر قائله
- هااا اي قولتلك ؟!

دنت منها ماجده مردفه: على فكره يايسر بالمناسبه اللي حطلك حبوب الاجهاض هى امك مش انا .. واذا كنت قولت كده قدام محمد فده عشان اجيب اخرها واخليها تطمن ..
غصة علقت فى حلقه يسر محاوله استيعاب حديث اختها فتحركت لتقف امام امها معاتبه
- انت عملت كده ؟! قتلتى ابنى ليه قبل مايشوف الدنيا ..

تدخلت نورا سريعا: بلاش نحكى فالللى فات يايسر .. خلينا نشوف الست امنا مخبيه علينا ايه تانى ..
هتفت عفاف من الخلف: اما حرمه قليله الاصل صوح ! بقي مكفاكيش كل اللي حصل زمان من تحت راس التعلب ده رايحه تتجوزيه .. لولاش حرام لكنت قتلتك بيدى ..
اقتربت نورا من امها بهدوء: ياما عشان خاطرنا كلنا قولي لنا مخبيه ايه عننا .. واى علاقة بالراجل ده .

جهرت ماجده بصوت عالٍ: انا بنفسي مشيت وراها لحد الفندق اللي بيتقابلوا فيه والموظف قالى انهم متجوزين ... ناصر الهواري ابويا فين يااما ؟!
- انطقى يا ثريا .. ولادى التلاته رايحين لنار العتامنه برجليهم وانت ساكته .. لو تعرفى حاجه قولى ..
صرخت ثريا: معرفش .. معرفش .. واطلعوا بره كلكم ؟!

صرخت عفاف وهى ترجها بقوه: انت اييه مصنوعه من اييه .. معجونه بميه عفاريت ! عقولك عيالى طلعوا وماعارفش اذا كانوا هيرجعوا تانى ولا لا وانت بمنتهى البرود متجوزه التعبان اللي اسمه حيدر
اقترب نورا منها راجيه والدموع تنهمر من مقلتيها
- ياما احب على يدك .. اعملى حاجه واحده تغفرلك .. بصي بلاش تحكى بس ساعدينا نعرفوا الحقيقه متسيبناش كده ..

اندفعت ماجده: عارفه اللي زي مايستاهلش يبقي ام اصلا من ساعه ما قستينا على جوزانا وكل هدفك الورث والفلوس .. وانت لما قولتى لنا المشتري جاهز يتحمل شيلة اراضينا كان قصدك مين ! هو مش اكده ..
واصلت يسر حديثها وهى تلقى الهاتف: عال انتوا الاتنين تداروا ورا ستارة التار والخلافات بين العيلتين لحد ما يقضوا على بعض وفى النهايه كل الهلمه دى ليكم .. خطه فى منتهى الذكاء
ردت عفاف غاضبه وهى تدور حولها بغضب مردفه.

- دا لو مكانوش هما اللي زرعوا بذرة التار من البدايه .. انا واثقه ان ناصر كشف لعبتك وقرر يخلص منكم فقومتوا اتغديتوا بيه قبل ما يتعشي بيكم !
زالت نورا دموع عينيها صراخه: قتلتى ابونا ! قتلتى ناصر الهواري ! طب لييه اى الجحود دا ..
سدت ثريا اذنيها ومشهد ذكريات قتل زوجها تدور امام عينيها فصرخات باعلى صوت بها كأنها تريد ان تفيق من غيبوبتها صارخه
- محصلش ..

ماجده بنفاذ صبر: اوماااال ايه اللي حصل .. ! اى اللي يخليكى تتجوزى غريب وانت مش متأكده ان ابويا مات ..
- متجوزتهوش !
ماجده بذهول: اومال ماشيه فى الحرام .. كمان ! عذر اقبح من ذنب !
تحركت ماجده حولهم بتثاقل مواصله حديثها لتستدرج امها فى الحديث

- طيب انا هقولك كلام محدش يعرفه .. الاول بس عاوزه اهنيكى على بذره الشر اللي زرعتيها جوانا فهى كبرت .. لدرجه اللي خلتنى اروح اشترك مع ادهم ضد وجد وسليم عشان ابعدها عن طريقه .. لحد ما فوقت فى الوقت المناسب وده من فضل ربنا .. واضطريت ارجع لادهم عشان اعرف ناوي على ايه والحق وجد منه يمكن اقدر اعتذر لسليم بطريقتى .. بس الغريب بقي ان حيدر بنفسه مكلم ادهم وقاله انه عاوز يخلص منك عشان سركم يدفن ... اى السر اللي عاوزين تدفنوه واللى عاوز يقتلك بسببه عشان هو يعيش !

اتسعت عيون ثريا بذهول وهى تتراجع للخلف لتجلس على طرف الفراش بذهول
- التعبان عاوز يخلص منى ! بعد العمر دا كله ..
جثت نورا على ركبتيها متوسله: قولى فين اي عشان نلحق نتصرف .. قولى يمكن نفكر ونخرجك منها .. مهما غلطتى لازم يكون عندنا فرص تانيه عشان نكفر .. وحيات الدم اللى بيجري مابينا احكى واعملى حاجه واحده صح ..
جهرت يسر بحزم وانتقام: لا مش هنتطق .. بس انا هعرف ازاي اخليها تنطق ...

وصلت السيارات المدججه بالرجال الي منطقه قريبه من المخزن .. فدلفوا جميعا من سيارتهم ملتفين حول بعضهم .. فاردف حمزه الخياط
- حمزه خد سليم ولفه سريعه حولين المكان وتعالوا نشوف هنخش ازاي .. وانت ياعماد وزع الرجاله حولين المخزن بهدوء من غير ما حد يحس .. وانت يامحمد تعالى معايا ..

اشار سليم لحد الرجال بنظره امره: تقف جنب العربيه اللي فيها الدكتورة متتحركش واي حركه غريبه تاخدها تروحها .. فااااااهم !
تأهبوا جميعهم للحركه منتشرين حول المكان .. ظلت صفوة ترمقهم بخوف يغمرها من الداخل وهى تترقب خطاهم ومهارتهم فى تسلل الجدران .. مردفه بقلق
- استر يارب .. هاتت العواقب سليمه ..

فى القصر
خرج مجدي الي الجنيه الذي بدا القلق يتأكل فى جوفه وهو يرمى عكازه بعيدا محاولا الوقوف على ساقه متحديا المه .. خطى عدة خطوات ببطء فشعر بتحسن فى حالته .. فاعتزم امره
- لا انا ماينفعش اقعد هنا وانا هتجنن عليها .. مقدرتش تمنعها لييييه يامجدي !
ركضت وعد صوبه بخوف ووجه شاحب: انا قلقانه عليهم يابيشمهندس .. خدنى عند بتى ..

اطرق مجدي بحيره: انا هروح اشوفهم وانت اطنى وخشي اقعدى مع الحريم جوه .. حمزه بيه موصينى عليك !
تشبثت وعد بكفه وبعيون راجيه: بالله عليك يابنى خدنى معاك .. انا حاسه برج من دماغى هيطير ..
فكر مجدي لبرهه فاردف
- والله ماينفع .. انا هتجنن اكتر منك ولازم اروحلهم وعلى اتصال
وعد بحزم وامر منتهى: قولت هاجى معاك .. يلا .. زي ماانت قلقان على مرتك انا قلبى بيتقطع على بتى ..

ظل مجدي يرمقها طويلا
- اووووف يلا طيب وربنا يسترها ...
عوده لساحه المعركه
عاد سليم وحمزه ركضا فاردف حمزه
- فى جوه حركه 15 راجل وكلهم مسلحين .. المخزن متأمن من 3 جهات والجهه الرابعه من الغرب مافيش غير شخصين وتقريبا دى اضعف جهه ممكن نخش منها .. فى ساحه فاضيه محاصره المخزن ومليانه بشكاير الرمل .. وباين على المكان قديم ومجهور من زمان
فأكمل سليم: شرق المخزن ادهم وحسن قاعدين وبيتعشوا .. فى باب خشب صغير على جنب دا انسب مكان نخش منه اللى الناحيه الغربيه وزي ما حمزه قال مافيش غير راجلين ..

- تمام اتوزعوا زي ما كنتوا وعماد نبه على الرجاله شكل بهدوء من غير دم خليهم هما يحمونا من بره واحنا اللي هنخش جوه نخلصوا .. - ثم التف حمزه الخياط نحو محمد محذرا - مش عاوز تهور يامحمد .. ويوسف هيلحقنا بالقوات ان شاء الله
شدو جميعهم اجزاء اسلحتهم وسار كل منهما فى طريقه المحدد حول المبنى المتوسط الاتساع .. دلف سليم وحمزه بحرص شديد وهما يتحدثون بالنظرات فاختبئ حمزه خلف شجره اما عن سليم تعمد ان يلقى قطعه خشب للفت انظار الحارس قاصدا ان يري ظله .

دار الرجل نحو مصدر الصوت جاهرا  مين هناك  ظل يتقدم فى الخطى حتى تعمد سليم جذب انظاره اكثر فغير مكانه .. اسرع الحارس صوب الظل وهو يصدر فوهة سلاحه .. وفى لمح البصر ظهر سليم امامه مستسلما .. شرع الرجل ان يجهر بصوته فانقض عليه النقيب حمزه بحركه بهلاوانيه اسقطته ارضا مع ضربه قويه على رأسه بمؤخره سلاحه فتغيب عن الوعي ..
اشار سليم بحرص: فى واحد تانى هناك ..

امام حائطه منخفضة تسلق حمزه الخياط بمساعده محمد بحرصٍ شديد فجلسا سويا فوقها لبرهه يكتشفان المكان فهمس الخياط
- دي ملغمة رجاله ! ماينفعش ننزل .. كده مش هنحل حاجه
فكر محمد لبرهه: هناك فى 4 رجاله والناحيه دي على اليمين ف 3
واصل الخياط حديثه: وقدامك فى اتنين !
- احنا ننزل ونخلص عليهم كلهم ..
- جرى اي يادكتور هما مش علموك فى الجيش طريقه الصيد ؟!

رفع محمد حاجبه فواصل الخياط حديثه: مش دايما الكثرة تغلب الشجاعه .. الصياد برمي شباكه فى قلب البحر ويصطاد سمك .. احنا هنعمل كده .. هنصطاد السمك .. شايف الشجره دي انا هركب فوقها وانت احمى ضهري .. ولما تشوفنى استقريت انزل واركب على الشجره اللى هناك بخفه وانا هحمى ضهرك .. ركز يادكتور !

هبط الخياط بحرص مختبئا خلف الاشججار حتى تم مخططه الاول بنجاح فأشار لمحمد ان يتحرك فهبط الاخير ببراعه وهو يندس خلف الاشجار ليقف وراء واحده امام مرمى انظار حسن وادهم .. هتف الخياط بصوت مكتوم
- يلا يامحمد ...

تجاهل محمد هتافه فصوب سلاحه نحوهم بغل .. هتف الخياط باغتياظ: بطل جنان واتحرك ..
لم يستمع محمد لتعليمات وفشل مخططه ايضا لان ادهم تحرك لغسل يده .. واصل محمد حركته وتسلل بحرص حتى فوجئ بشخص يغرز فوهة سلاحه بظهره قائلا بتهديد
- ارمى سلاحك ؟!

توقف محمد قليلا ليفكر كيف يخرج من ذلك المآزق فاستدار ببطء وهو يرقع كلتا يديه باستسلام قائلا: تمام تمام اهووو ..
فى لمح البصر انقض الخياط على رأس الحارس بمؤخره سلاحه بقوة فوق راسه فسقط مغشيا عليه  محدثا صوتا لفت انتباه بعض الحرس الذي هتف
- ميييين هنااااك ..
رمقه الخياط بنظره تحذيريه: والله انا ما خايف غير منك عشان كده خليتك معايا .. اركب فوق شجره وحط كاتم الصوت لسلاحك واضرب فى اماكن ماتموتش .. شل حركه الهدف احنا مش قتالين قتله ..

انضم عماد لحمزه وسليم فاردف بحرص
- البنات جوه ياسليم وللاسف الباب مقفول بالقفل ..
حمزه بحرص: التلاته الواقفين هناك دول .. سليم روح اظهرلهم نفسك وانا وعماد هنصطاهم من هنا ..
اختبئ عماد وحمزه فى اماكن متفرقه فاشار لهم سليم بحرص بالموافقه .. فاومئ حمزه ايجابا وهو ينظر لعماد: جاهز ..

اردف عماد وهو ينبطح على بطنه ممازحا: طول عمرى
تحرك سليم بحريه حتى وهو يقترب من اجتماع الثلاث رجال فاتسعت عيون عماد وحمزه الذي اردف
- المجنون دا بيهبب ايه ..
- والنبى ياخينا ملاقيش معاك ولاعه ..
اردف سليم جملته وهو يقترب من الثلاث رجال بقدوم .. فالتفتوا جميعا مصوبين اسلحتهم فاردف احدهم
- انت مين ؟!

- شكلكم مش معاكم ولاعه طيب خلاص مااعطلكمش ..
دار سليم بجسده فنهره الخفير بقوة: مكانك ياجدع انت !
اخرج سليم سلاحه من سترته ببطء وهو يتأهب للهجوم وعلى حدا همس حمزه لعماد
- هيودينا فى داهيه اخوك ! اضرب ياعماد
دارسليم بخفه وبحركه بهلاوانيه وهو يركل السلاح من يد الخفير بقدمه وعلى الفور انهالت ضربات الرصاص نحو الخفر فى مناطق تشل حركتهم .. اشعل سليم الحرب ثم تحرك داخل المبنى الذي يغسل ادهم به يده مقتحم صفواه جاهرا
- والله ووقعت ومحدش سمى عليك ياعتمانى !

ارتعدت وجد من مكانها بعدما كانت مستنده على الحائط باستسلام
- فى حركه غريبه بره .. انا سمعت ؟!
ورد بيأس: تلاقي حركه المقاطيع .. ربنا يخلصنا منهم
فى نفس اللحظه انفجرت عشق صارخه من بعد حملة التألم التى عانتها .. فركضت وجد نحوها بلهفه قائله
- يالهووووى دي بتولد !

ركضت ورد نحو الباب لتضربه صااارخه وبحركات جنونيه: الحقنننووووووووونااااااا
فى نفس ذات اللحظه شرع محمد والخياط فى اقتناص ضحاياهم بمهاره قتاليه محديثن اصابات فى ذراعيهم وارجلهم حتى نهض حسن مفزوعا رافعا سلاحه مناديا على احد الحرس
- فى اييييه عندك ؟!
ركض الخفير: شكل فى حد فى المكان ؟!

التوى ثغر حسن ساخرا فاذا بالحال رصاصة محمد التى فشل مقصدها وهو ساق حسن فثبتت ف المنضده الخشبيه القديمه .. ركض حسن بعيدا بيختبئ خلف مجموعه الاخشاب قائلا بمكر
- كنت عامل حسابى ...

توجهت رصاصه حسن نحو الشجره التى يقطن بها محمد فتفادها بخفه وهو يقفز لاعلى منتقلا على فرع اخر .. تسلل حسن خفيه وهو يخرج علبه الكبريب ويقترب من جهة المخزن ..
- كل حاجه معمول حسابها كنت متأكد انهم جااااايين ..
نجح حسن فى فتح باب المخزن قائلا ببرود: فى ايه ..

صرخت وجد بقلة حيله: دي بتولد الله ينتقم منكم .. طلعونا من هنا ..
التوى ثغر حسن ساخرا وفى لمح البصر كان ذراعه ملتفا حول عنق ورد ويسحبها للخارج ولازالت تقاومه بكل قوتها وتضربه به: سيبنى قولتلك ...
القى حسن ولاعه النار و فى جزء اقل من الثانيه تكاثرت النيران حول المخزن الذي يقطن بداخله وجد التى فقدت قدرتها ان تنقذ اختها وعشق التى تفقد وعيها شيئا فشيئا  اصبحت النار كحلقه كامله ... جن جنون الجميع فركض عماد وحمزه فى منتصف الساحه ليقتنصوا كل من يعوق طريقهم حتى جهر عماد وهو يطلق الرصاصه من مسدسه
- حااااسب ياحمزه ...

- البنات جووه البنات جووووه ياعماد ...
فزع الخياط من موضعه بمجرد ما راي اشتعال النيران: بتىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى !
فوجئ محمد بحمزه الخياط يترك مكانه ويركض بجنون نحو باب المخزن .. رفع محمد سلاح ليحمى ظهره بمهاره قتاليه مردفا: ياوووولاد الكلللللللللب ...
احتشد الخفر حول المخزن ليمنعوا اقتراب احد منهم .. لازالت وجد تصرخ من الداخل وهى ترى النيران ترتفع امام عينيها عاجزه غير قادره على فعل اي شيء غير الصراخ
جفف ادهم يده فى جلبابه ولم يلتفت الى سليم فاردف ببرود
- طب زين .. جيت لى قبل مابعتلك ..

شرع سليم ان ينقض عليه ففاجئه ادهم بضربه قويه تحت عينه مما جعله يتراجع للخلف .. دخل يده بسترته ليخرج مطوه
- اخرتك تبقي فى كبانيه ؟! وعلى يدى شووف يااخى الزمن وغدره ..
ركل سليم المطوه بقوه ليحاصر عنق ويضغط عليه بقوة
- انت ايه الشر اللي فيك دا ياخى ؟!

ضغط ادهم على قدم سليم بقوة ليرخى قبضه وضربه برأسه فى انفه بقوة فتراجع سليم للخلف .. سرعان ما تناول ادهم خشبه من الارض وضرب بها سليم فوق رأسه فسببت له دوران على الفور .. ركض ادهم للخارج ليتفاجئ بمعركه قويه ينهال فيها طلقات الرصاص كالمطر .. ركض اتنين من الحرس صوبه
- هنعمل اي يادهم بااشا ..

تناول ادهم من مسدس قائلا
- غطى ضهري يلااااا وتعالى وراء ..
اختبئ ادهم بين رجاله لير النيران ترتفع لاعلى وتتكاثر بشكل مرعب .. خلع ادهم عبائته القطنيه ليطفى بها نيران مدخل المخزن تحت اصوات ضربات الرصاص المتبادله .. صرخت وجد بمجرد ان راته فانقضت على سترته
- البت بتمووووووووت
جذبها ادهم امامه كدفاعا له بقوه وهو يخرج محتميا برجاله من الجههه الاخري .. لاحظ محمد الذي يجلس فوق الشجره حركته المريبه وهو يجذبها بقوة .. سرعان ما دلف خلف
- ااااه يااكلللللللللللللللللللب .. قتلك على يدى ..

ركض محمد خلفه متسلل فى خفيه وسرعان ما اطلق رصاصه بجوار قدمه جاهرا
- والله ووقعت ومحدش سمى عليك ياادهم .. ياخى الدنيا دي صغيره قوووى
وقف ادهم خلف وجد وهو يصوب السلاح على راسها
- انسي انك تقرب خطوه ..
صرخت وجد: بت حمزه الخياط يامحمد .. الحقها جووه وسيبك منىىىىىىىىىى ...

وفجاة انقض احد حرس ادهم بمؤخره سلاحه على عنق محمد فسقط مغشيا عليه ..
ات حمزه الخياط من الخلف لتصيب رصاصته ظهر احد الخفر ولكنه فوجئ باخر يأتيه من الخلف
- ولا حركه ؟!
وعلى حدا جهر النقيب حمزه وهو يركض فى ساحه المعركه
- مرتى ياعماد هتروووووووح منى ..
- هتعملى ايه يايسر !
اردفت نورا جملتها وهو تقترب من اختها بفضول .. فاجابت بغل
- لازم الزفت دا يجي هنا عشان ناخد حقنا منه ..
ماجده بعتب لثريا: عاجبك كده ؟!عاجبك كل اللي بتعمليه فينا ده .. - ثم التفت الي يسر-"انت بتفكري فى ايه "
اردفت يسر وهى تفتح هاتف امها وتكتب رساله نصيه: هتعرفى دلوقت ..

" حيدر الدنيا اطربقت فوق دماغنا .. القصر هيكون فاضي الصبح لازم تيجى عندنا مواضيع مهمه نحكوها "
ثم ضغطت على زر ارسال .. شدت ثريا منها الهاتف بصراخ
- انت هتهببى ايييييه !
يسر بنفاذ صبر: طالما انت مش هتقولي لنا الحكايه يقولنا هو ..
نورا بتوسل وهى تجهش بالبكاء: ابوس على ايدك قوليلنا ايه اللي مخبياه من ورانا ! احنا معاك مش ضدتك ..

نهضت عفاف من مقعدها وهى تراقب حديثهم باهتمام فاردفت
- انا هقولكم الكلام اللي كدبته اكتر من 30 سنه .. امكم من وهى عيله ماشيه مع الواد ده .. ولما وقفت قصادها عشان تبعد عنه كرهتنى واعتبرتنى عدوها .. حاولت احميها منه ومن شره بكل الطرق له ببساطه كان بيحاول يلف عليا فلما ملقاش منى سكه راح لامك فاكر انه بينتقم .. بس الغبيه امك صدقته ووقعت فى شباكه ... لما خلصنا الاعداديه جيه عمنا راجح واتكلم مع اخواته ابويا وابو امكم وعاوز يجوزنا لولاده ... طبعا هى اتفرعنت ورفض وانا الوحيده اللي كنت عارفه السبب .. اتكلمت مع امها الله يرحمها وقولتلها ناصر زين وراجل وكفايه انه تربيه راجح الهواري .. وثريا لو رفضت الجوازه دي شرارة النار هتولع فى قش البيت ومحدش هيوقفها .. وفعلا اتجوزت انا وثريا فى ليله واحده .. بس اللي حصل واللي اكتشفه ناصر انها كانت بتاخد حبوب منع حمل اكتر من 5 سنين عشان مش حباه ولما كشف مخططها قالها هطلقك خافت واتراجعت وجات نورا وسافرت معاه على مصر ...

وعشتوا حياتكم هناك كنت اسمع اخبارهم من فين لفين .. وكانت تزورنا بكل بت فيكم اول ما تولدها وبعدين مانشوفش وشها تانى ... ومرت الايام لحد ما دخان الاشاعات طلع وجاتلى "زينب " الشغاله عندكم كان عمى راجح باعتها تخدمها عشان مابيثقش غير فيها ... فاكره زينب ياثريا ! وقالتلى ان بت عمى على علاقه مع راجل غير جوزها .. مصدقتهاش وهددتها وطردها وماتت زينب محروقه بعدها بكام شهر .. وقولنا قضاء وقدر .. وكتير كتير لحد ماوصلنا للوقفه دى ! بالمختصر امكم خاينه عيله طايشه بتجري وراء اوهامها .. والصوره وضحت دلوقت بكلامك ياماجده.

جمرات من النار تتقاذف على قلوبهم .. ربطت الصدمه افواهمم يتبادلون الانظار فيما بينهم بذهول ودهشه .. تعكزت نورا على عكاز دهشتها لتردف بعدم تصديق
- الكلام ده ح ص ل !
لم تجد ثريا مفرا غير الاعتراف .. فنطقت صارخه: كنت بحبه ومحبتش غيره ! عمرى ماحبيت ابوكم .. حيدر الوحيد اللي خلانى اقدر اعيش معاه العمر ده كله ؟!
هتفت ماجده بذهول: اااه وده من علاقتك معاه فى الحرام !
يسر باستنكار: انا قرفانه من نفسي انك امى ..
واصلت عفاف حديثها: انت اللي قتلتى ناصر ياثريا ! مش كده .. انا عارفه من اول يوم غاب فيه انه اتقتل .. ناصر لما خرج انت مكنتش فى البيت ومن ساعتها مارجعش ..

سدت نورا اذانها فلم تتحمل ان تستمع للمزيد صارخه: ايه الشر دا !
وقفت يسر وهى تجهش بالبكاء: ابونا اتقتل ! قتلتى ابونا .. لا ماتقوليش !
هزت ثريا راسها نفيا وهى تلتقط انفاسها بصعوبه:حيدر اللي قتله زي ماقتل سالم ...

ركض محمد خلفه متسلل فى خفيه وسرعان ما اطلق رصاصه بجوار قدمه جاهرا
- والله ووقعت ومحدش سمى عليك ياادهم .. ياخى الدنيا دي صغيره قوووى
وقف ادهم خلف وجد وهو يصوب السلاح على راسها
- انسي انك تقرب خطوه ..
صرخت وجد: بت حمزه الخياط يامحمد .. الحقها جووه وسيبك منىىىىىىىىىى ...
وفجاة انقض احد حرس ادهم بمؤخره سلاحه على عنق محمد فسقط مغشيا عليه ..
جاء حمزه الخياط من الخلف لتصيب رصاصته ظهر احد الخفر ولكنه فوجئ باخر يأتيه من الخلف
- ولا حركه ؟!

ثبتت خطوة الخياط مفكرا ببرعه فتعمد ان يرجع للخلف بخطوات سلحفيه ليتعرف على سلاح عدوه الذي تعمد غرزه فى ظهره .. فهم الخياط ما يحمله الحارس بنقدقيه فسرعان ما ركل قدمه للخلف ليصيب الرجل فى ركبته وفى لمح البصر دار بمهاره قتاليه وهو يقبض على فوهة البندقيه ويدفعها للخلف فتصيب مؤخرتها ذقن الرجل فيتراجع متألما .. لك يكف عن ذلك فانهال عليه ببعض اللكمات القويه التى فقدته وعيه ..

اصبحت النيران تتنقل شيئا فشئيا وتمسك فى الاخشاب الموجوده بالمخزن حتى اختنقت انفاس عشق التى فقدت القدره على التحرك .. استجمعت كل قوتها بتقف على رجليها مستنده  على الحائط وهى تتلوى الما واختناقنا وتسعل بقووة حتى انعدمت كل مقاومتها ولم تتحمل الالم اكثر حيث سقطن مغشيا عليها فى بركه المياه التى انفجرت منها
ركض سريعا حتى وصل اى مسقط النيران التى تكتسح كل ما يقابلها .. فنزع عبائته سريعا وهو يضفىء النيران التى تحاصر الباب جاهررا.

- متخافيش يااعشق ...
وعلى حدا جهر النقيب حمزه وهو يركض فى ساحه المعركه
- مرتى ياعماد هتروووووووح منى ...
ركض عماد خلف حمزه وهو يقتنص اعدائهم بحرافيه  .. ومن ناحيه اخري وجدوا انفسهم محاصرين بين تلاته من الحرس .. فلم يتحمل النقيب حمزه اكثر حيث استجمع كل ثورات غضبه وهو يقفز بخفه ويركل الشخص الذي يقف امامه وفى نفس اللحظه انطلقت احدى الطلقات الطائشه من احداها فتلقاها النقيب حمزه فى صدر الشخص الذي هاجمه .. اما عن عماد فطوق ذراعه بحرافيه حول عنق الاخر وهو يحتمى بجسده ليضرب من اطلق النار على النقيب حمزه فاصابت رصاصته ذراعه والثانيه كانت فى ساقه فرفع سلاحه ويضرب بموخرته الشخص الذي يحاصره بذراعيه ..

يخرج سليم من المكان الذي فقد وعيه به متجها على صوت صراخ وجد التى تقاوم ادهم بكل قوتها .. ركض خلفهم باتزان مختل وهو يتمايل يمينا ويسارا .. جاهرا
- غبى لو كنت مفكر انى هسيبهالك ؟!
اسرع ادهم فى خطاه ليختبىء خلف سيارته ويطلق رصاصته عليه :
- وتبقى غبى لو فكرت انى هسيبك تتهنى بيها بعد النهارده ...
اختبئ سليم وراء مؤخرة سياره ادهم ليتفاد رصاصته قائلا بحده
- انا شايف انك تخرجها هى من الحساب اللي ما بينا .. ونتحاسب راجل لراجل
ضحك ادهم بسخريه وهو يحكم قبض يده على شعر وجد وهو يلهث
- مابلاش وتتكلم على قدك .. انا اللي معايا السلاح ياولد الهواري ..

طافت عينى سليم بحذر وهو يترقب لمخرج فاردف بسخريه قاصدا ان يشغله
- عمرها ماكانت بالسلاح ..
تحرك سليم ببطء على حافة السياره لينقض على ادهم ولكنه فوجئ بالرجل الذي ضرب محمد
- اقف مكانك ..

جذب ادهم وجد من شعرها فتعمد ان يفقدها وعيها وهو يضربها بقوة على راسها اصدرت صرخه قويه ارعدت قلب سليم الذي جن جنونه وانقض على الرجل المسلح بجبروت وبضرب مفضى الى موت .. استغل ادهم اشتباك سليم مع الحارس  وادخل جثمان وجد فى الكنبه الخلفيه وسريعا صعد سيارته -الجيب شروكى-  وتأهب للانطلاق فرجع  للخلف قاصدا ان يتخلص من سليم ولكنه سريعا ما حدف الرجل مكانه وقفز هو ليتمسك بالسياره .. تعمد ادهم ان يرتطم بالجدران والاشجار ليفلت قبضه سليم وللاسف فاز فى ذلك .. دار مقود السياره ليفر هاربا من البوابه ولكنه فوجئ بقوات الشرطه تقتحم المكان .. لف سريعا وهو يلعن الحظ منطلقا نحو الباب الخشبي الخلفى هاربا ...

ركض سليم بكل قوته صوب سيارات الشرطه ليدفع يوسف الذي يندلف من سيارته ويحتلها بجنون ... هتف يوسف صارخا
- يااااسليييمممم انت هتعمل ايه ؟
تجاهل سليم نداء يوسف وانطلق بسيارته خلف ادهم .. اما يوسف فتحرك سريعا ليصعد هو الاخر البوكس ويعطى الاوامر للعساكر سريعا
- نضف لى ياابنى المكان ده .. يلا ...
انطلق يوسف خلف سليم بنفس السرعه التى تسببت فى احداث سحابه من الاتربه تشوش الرؤيه ..

نجح الخياط فى انقاذ ابنته من بين النيران .. فحملها بين ذراعيه وركض بها للخارج فتلقاها منه زوجها وهو يأكل خطاوى الارض ركضا
- عشق ... عشق انت كويسه ؟
بسط حمزه جسدها على ساقه وهو يتوسل لها رجيا ان تفيق .. اما عن ابيه الذي انخلع قلبه وهو يقبل كفها ولثانى مره تخدعه دموع عينيه وتتساقط امام احد غير امها ..
لاحظ عماد من بعيد حركه محمد وهو يستعيد وعيه فاسرع اليه وهو يتشبث بيده ليساعده على النهوض
- انت كويس يامحمد !
- ادهم خد وجد يااعماد ومعرفش اتلحقها ...
- يوسف طلع وراه فوق بس وتعالى الحق مراة حمزه ...

دلفت صفوة بارتباك من السياره للخفير: هما اتاخروا اووى جووه ... انا قلقانه يكون حصلهم حاجه ...
الخفير بحزم: ان شاء الله خير يادكتورة .. الحكومه وصلت جوه وهينقذوهم كلهم ..
صفوة بقلق وهى تهز راسها نفيا: لالا انا لازم اروح اشوفهم حصل اي .. منا مش هقعد متكتفه كده ..
وقف الخفير امامها ليعيق طريقها: ماينفعش جنابك .. كده هنخالف اوامر سليم بيه ..
زفرت صفوة باختناق: خلاص انا هقعد فى العربيه وانت تروح تطمنى حصل ايه .. نفذ يلا يااما هروح اشوف بنفسي ...
- خلاص خلاص جنابك .. ارتاحى فى العربيه وانا هروح واطمنك ...
- يلا بسرعه طيب ...
ذهب الخفير بنفاذ صبر بعد اصرار صفوة التى تقف على اوتار القلق مزفره
- استرها يارب ومايكنش حد فيهم جراله حااجه ..

وسرعان ما خطف اذانها صوت صراخ مكتوم يبتعد عن المكان .. فحددت مصدر الصوت وهى تقترب بخطوات استكشافيه وتنظر يمينا ويسارا تحت ضوء القمر فى ليله تمامه .. حتى وضحت لها الرؤيه عندما وجدت حسن يفر هاربا ب ورد التى اتخذها حمايه له .. اتبعت صفوة خطاه بحرص شديد .. وهى تختبئ خلف الصخور .. فسقطت عينها على حجر كبير فى الوقت التى عضت به وجد كف حسن ونجحت فى التخلص منه وهى تصرخ بقله حيله محاوله الهرب منه .. استجمعت صفوة كل قوتها فهجمت على رأسه بضربه قويه اثرها سالت الدماء من راسه .. شهقت ورد وهى تحتمى بها
- انت عملت ايه .. يلا نجرى من هنا ..

اردفت صفوة بتساؤل وهى تتشبث بكفها: انت اخت وجد ؟!
ظل حسن يتأوه قليلا حتى رأي الدماء تتساقط من رأسه فجن جنونه .. فقفز خطوه واسعه لينقض على صفوة من شعرها التى تراجعت صارخه .. وعلى حدا انهالت عليه ورد بضربات جنونيه كى يفك قبضته من عليها .. دفعها حسن بكل قوته فأطاح بجسدها بعيد لترتطم رأسها بحجر صخرى فتقد اتزانها .. صرخه صفوة مستغيثه وهى تحاول التخلص من قبضته .. فصفعها حسن بقوة على وجهها قائلا بنبره تهديديه
- وده رد خفيف عشان تحاولى تمدى يدك على حسن ابو قبيل ..
ثم دفعها بقووة وركض نحو الطريق السريع فصدمته سيارة مجدي التى يقودها باقصي سرعه .. فرمل مجدي على صوت صراخ وعد.

- حاااااااااااااااااااااااااااااااااسب يامجدى .. .
تحمل حسن على ساقيه محاولا القيام ودلف مجدي سريعا فاتبعته وعد بخوف يقطم جوفها .. ركضت صفوة عليه مستنجده
- متسبهوش يهرب يامجدى ...
انقض عليه مجدى بلكمه قويه انهت كل قوته
- والله ووقعت فى يد اللي ما بيرحمش ..
وعد بلهفه: صفوة طمنينى على بنتى .. جرالها حاجه ...

فاقت ورد من اثر الصدمه وهى تقترب منهم
- عشق كانت مع وجد لما حسن ولع فى المخزن .. لازم نلحقهم ..
مسكت وعد كف ورد راجيه وهى تشدها بقوة
- تعالى تعالى نطمن على بتى ..
اما عن صفوة فالتفت لنداء مجدى اضعف قوة حسن قائلا
- هاتى حبل من شنطه العربيه بسرعه ...

ياكل خطاوي رمال الصحراء بسرعه محاولا الهرب من سليم الذي يلاحقه ... اما عن وفلازالت مغيبه تحت تاثير ضربه ادهم شارده فى عالم اخر لا تبحث فيه الا عن قلبها .. تستلذ فى منامها بصورة سليم الذي يمازحها ويركض خلفها جاهرا
- هتروحى منى فين ؟!
لتصدر ضحك فى منامها عاليه تبث المرح بجوفها
- منا لازال اتعبك شويه عشان تستمتع بطعم الحاجه .. اومال تاخدها كده بالساهل يعنى ..

استطاع سليم ان يضرب جانب سيارة ادهم بحرفيه فاندفعها اثرها للامام وهو يلعنه بابشع المصطلحات .. داس ادهم بنزين وهو يلتفت للخلف بخطف نظره على سياره سليم التى بعد عنها قليلا ونظره اخرى لوجد قائلا بتوعد
- لازم احرق قلبه عليك .. انت نقطة ضعفه وانت نفسك نقطه قوتى !
يحاول من الخلف يوسف ان يلحق بسياراتهم التى لم ير منها الا انوار تملا المكان واتربه تحجب الرؤيه وهو يضرب مقود السياره بغل ويضغط بنزين ..
- يلعن كده ياااخى ..

تعمد سليم ان يغير مسار ادهم ناحيه ارتفاع الجبل .. فدار مقود سيارته للجهه الاخرى وهو يقترب منه حتى اصبحت سيارته من الشمال يحاصرها الجبل وصخوره وومن الامام سيارة سليم .. لم يجد ادهم حلا الا المواجهه .. شد اجزاء سلاحه متوعدا
- حفرت قبرك بيدك يااااهواري ...
دلف سليم من سيارته ومن الناحيه الاخرى ادهم الذي ضرب عدة رصاصات نجح سليم فى تفاديهم .. قفز فوق السياره بخفه وهو يركل بساقه السلاح من يد ادهم وبمهاره قتاليه حاوط عنقه برجليه وهو يجلس فوق مقدمه السياره ..

لم يجد ادهم مفر من قبضة سليم الا انه يتراجع للخلف ببطء وهو يلتقط انفاسه بصعوبه .. اردف سليم بغضب
- كده نتحاسب راجل لراجل ..
تحلص ادهم من حصار سليم بصعوبه وهو يتراجع للخلف مختلا اتزانه .. اندلى سليم من اعلى ليقف امامه
- لا لسه دانا عاوزك حي انا هتفيص من اولها ... دا حساب وبيتاخد ..
فاجئه ادهم بلكمه قويه وبعد ركض من امامه .. لم يهتم سليم به فلحق به ثم امسك بملابسه من اعلى وهو يديره ليردها له بضربه اقوى ثم اخرى على انفه جعلت الدماء تتدفق منها قائلا بنبرة قويه
- طول عمرك عايم فى بحر الشياطين اللى كله كره وغل وحقد .. وده لانك ناقص .. وسبق وقولتهالك الناقص هو اللي بيبص فى طبق غيره ... بس جيه الوقت اللي اريح فيه الناس من شرك ..

انقض سليم على ملابسه بكلتا يديه وهو يرجه بقوه
- انت ايه ؟! مش بنى ادم ! طيب قبل ماتلعب بالنار ماجاش فى بالك انها ممكن تلسعك .. مش دمك ولحمك اللي انت مبهدلها دى !
عدة لكمات من سليم طفرت بها ملامح وجه ادهم حتى جثى على ركبيته متأوها .. لم يكف سليم عن ذلك فركلها بساقه بعيدا حتى القى ارضا وهو يسعل بقوة ويلهث رمال الصحراء قائلا
- ااه وتوجع قلب بت عمك اللي غرقان فيّ .. ماجده هى اللي قالتلى اخطفها كان شرطها الوحيد انى اقهر قلبك على وجد عشان تتجوزنى .. وانا كنت بنفذ .. شوفت انتوا كمان ياهواره ناب الشر فى سنانكم..

توقف سليم لبرهه محاولا استيعاب كلماته قائلا: ماجده ؟!
انحنى كى يقفه امامه مره اخرى ولكنه فاجئه بوضع الاتربه بعينه ليبتعد عنه .. نصب سليم عوده وهو يتراجع للخلف اثار الام عينيه .. وفى تلك الاثناء وقف ادهم الذي فوجئ بسيارة الشرطه تقف امامه ..
دلف يوسف سريعا وهو ينقض عليه ولكنه فشل فى اصابته باى مكروه لان ادهم هجم على خصره وتراجع به للخلف ليرتطم بالسياره .. كتم يوسف اصوت تألم .. فرفع كوعه بقوة وانهال على ظهره .. ارخى ادهم قبضته وهو يتراجع للخلف قليلا ثم يندفع بقوة بجسده ليضرب بيوسف ولكن مخططه فشل تلك المره فسرعان ما دار يوسف بمهاره قتاليه ليبتعد عن مقصده ..

شرعت وجد ان تستعيد وعيها شيئا فشيئا لتر نفسها ملقاه داخل سياره تكره اركانها فنهضتت ببطء محاوله ان تتذكر ما مرت بيه لتلتف انظارها نحو الشجار الناشب بالخلف .. فهتفت بفرحه
- سليم !
طوق سليم خصر ادهم من الخلف فاسقط يوسف بعض لكماته الحديديه على وجهه فلم يستلسم فسرعان ما ضرب انف سليم برأسه وركل يوسف فى بطنه مبتعدا عنهم ويخرج سلاحا ابيض من سترته "مطوه " ويلوح امامه وهو يلملم ما تبقي من قوته
- محدش فيكم يقرب .. انا خلاص مابقتش باقى على حد ..

قرب يوسف خطوه سلحفيه فجهر ادهم بصوت هستيري: قولت محدش يقرب ..
فى تلك الاثناء اندلت وجد بهدوء من السياره لتسير فى خفيه حتى وصلت لسيارة يوسف وسقطت عينها على سلاحه الملقى بالداخل .. فوقت لبرهه تترقب الوضع حتى عزمت امرها وانحنت لتأخذه ..
لازال ادهم يلوح بمطوته ويتراجع للخلف ويهذى بكلمات غير مفهومه
- انا ههرب ومحدش فيكم هيقربلى .. ب س بس حط فى بالك ياهواري هرجع تانى واكون اقوى من الاول وهحرق قنا باللى فيها ! انا راجع .. راجع وهحرق قلبك .. انا اللي هكسب فى الاخر ...

كانت تلك اخر جملة اردفها ادهم قبل ما تنطلق رصاصة الثار من جوف وجد الي صدر الهدف الذي سقط فى الحال .. نظره خاطفه من عيون سليم ويوسف نحو جثمان ادهم الذي لقى مصرعه فى الحال ونظره اخري نحو مصدر الرصاصه ..
القت وجد السلاح من يدها وهى تجهش بالبكاء الهستيري
- خدت تار اخويا ... كان لازم يدفع تمن كل الشر اللي عمله ...
ركض سليم نحوها ليلتهمها فى حضنه ويتحسس جسدها الذي يترعد وانفاسها التى تحترق قائلا
- اهدى يااوجد اهدى !

اما عن يوسف فجثى على ركبيته سريعا لينتاول سلاحه ويمسح اثار وجد قابعا اثار يده فوق السلاح قائلا بسرعه
- اهدى ياوجد .. ده مجرم وكان لازم ياخد عقابه ..
صرخت وجد فى حضن سليم: انا قتلته ياسليم .. هو يستاهل هو اللي جابه لنفسه هما اللي قتلوا اخويا ...
ضمها سليم الي صدره بقوة محاولا تهدئتها
- اهدي خلاص اهدددددددي !

"صباحا"
- اهدي ياوعد .. هتبقى كويس !
حضن الخياط زوجته التى تقف امام غرفه العمليات فى المستشفى وكل ما بجوفها يرتعد الما .. فتشبث بذراعه
- ليهم تلات ساعات جوه .. بتى هتروح منى خلاص ياحمزه ! اعمل حاجه ..
- هتقوم ان شاء الله .. دي بت حمزه الخياط قويه وهتتحمل .. وانت كمان اهدي وبلاش توتر ..
صرخت وعد بألم: خايفه يحصل فيها زي اللي حصلى .. مش هقدر اشوفها متعذبه زي مانا اتعذبت واتحرمت من الخلفه باقيه عمرى .. واتحرمت ان يكونلى ولاد كتير منك .. انا لاول مره اكون جمبك فيها مرعوبه ياحمزه ...

قبل حمزه كفها لتتساقط دموع عينيه قائلا بحزن
- وانا لاول مره اكون مطمن بيك .. ربنا عادل ياوعد مش هيوجعنا مرتين ..مش دى نتيجة صبرنا وعوضنا .. خلى ايمانك بيه كبير ..
اقترب النقيب حمزه الذي تدهورت ملابسه قائلا بلهفه: هما بيعملوا ايه جوه لكل ده !
التفتوا جميعا نحو صوت فتح الباب فخرجت الممرضه وبيدها طفل صغير وعلى ثغرها ابتسامه فرحه
- الف مبروك ولد زي القمر ...
وعد بلهفه: امه عامله ايه .. طمنينى بتى كويسه ..

اومأت الممرضه ايجابا: هى حالتها كانت صعبه اوي بس دلوقت هى احسن ونايمه ساعتين كده وهتفوق متقلقوش .. الف مبروك ..
تناول الخياط حفيده بين يديه بشغف وهو يقبله بحب ضم عليه حمزه ووعد الذان انفجرت اصوات ضحكهم من جوف الحزن وهما يقبلان الصغير بشوق وارتياح بعد رحلة عناء ...
هجهر حمزه الخياط قائلا
- اهلا بالخياط الصغير اللي نور حياة جده ؟!
رفعت وعد عيونها مستنكره: انت هتسمى الواد اييه !
حمزه باصرار: قولت الخياط على اسم جدي ؟

رد النقيب حمزه بعدم تصديق: حمايا بيهزر يادودو متاخديش على كلامه ..
اقتضبت ملامح حمزه وتحولت من الفرح للعبث
- انت بتدلع مراتى قدامى كمان ! دانت يومك اسود معايا ...
التقطت النقيب حمزه ابنه اخيره من قبضه الخياط قائلا بمزاح
- بااااااس انا هاخد ابنى وانت خد مراتك ونفضها سيره .. انا ولدى يتسمى الخياط لييه ! خلصت الاسامى من البلد ! دا الواد يطلع يتحسبن فينا !

- سامعه الواد اللي مترباش ياوعد .. طاب هنشوف كلام مين فينا اللي هيمشي ياسياده النقيب .. وكلمة حمزه الخياط مش هتنزل الارض
جهر الخياط جملته باغتياظ فضحكت وعد وهى تعانقه بحب وتتخلص من احزان قلبها قائله
- تؤ هو حمزه الخياط واحد بس ماينفعش يتكرر ؟!
اخفض نظره اليه ليقول بحب: ممم خلاص هسيبهاله المره دي عشان الكلمتين الحلوين دول ياوعد ...

 

خرجوا جميعهم من قسم الشرطه ولازالت وجد عالقه بذراع سليم بخوف وتقف صفوة بجانبها تربت على كتفها بهدوء تحت انظار مجدي الذي يتفرسها بعينها .. اتى يوسف من الخلف ليقف بين عماد ومحمد قائلا
- ماتقلقوش ياجماعه كله سهل .. مافيش غير شخص واحد اللي مات من الحرس والنقيب حمزه قال ان هو اللي ضربه .. وكمان وجد مافيش اي شبه ناحيتها لانها لما ضربت النار كان بسلاحى وانا قولت انى ضربته اثناء مطاردتى له .. وتقدروا تروحوا ولو فى اي استدعاء من النيابه هكون صوري بس مش اكتر ..
تدخلت ورد سريعا فى الحديث: يعني خلاص على كده هنعيش مرتاحين .. مافيش خووف ؟!
ابتسم يوسف مردفا بدون وعى: طول ماانا موجود مافيش حاجه تخافى منها !
لكزه محمد فى ذراعه فتنحنح يوسف ليعدل كلامه سريعا
- قصدى كلنا يعني .. رجاله الهواري ياكلو الزلط ياورد ...

تدخل عماد سريعا
- طيب دلوقت احنا عرفنا ادهم ومات وحسن فى الحبس .. حيدر بقي فينه راس الافعى لسه موجوده ؟!
ربت سليم على كتف وجد باطمئنان ليردف بثقه عارمه
- دي عليا انا بقي ... حبيت اموته بالبطئ ..
التفتوا جميعهم الي سليم بصوت جمهوري: ايييه اززاي !
ابتسم سليم بكبرياء: ازاي دى هتعرفوها فى وقتها .. المهم يلا نطمن على مراة النقيب حمزه !

وقفه عماد قائلا: يابنى البيت والع حريقه وامك على اعصابها وكمان نورا صوتها مش عاجبنى ..
تدخل مجدي سريعا ليردف: المهم دلوقت انا حد يخفينى من وش حمزه الخياط عشان لو شافنى هيخلى الطب يحتار فيا ...
ضرب محمد فى كتف مجدي بسسخريه
- بقي الراجل يقولك خلى بالك على مراته .. تقوم تجيبهاله وتيجى !
ضحك مجدي بصوت هادئ ليردف بثقه
- حبيت ابهركم بانجازاتى ..
يوسف ممازحا: سلملى على الانجازات دي لما يقابلها الخياط ...

" صباح الفل الاول .. قبل ماتخش المخزن عاوزك تجمد قلبك لان كل بضاعتك عامت جوه وبقيت سحلب .. مع تحيات سليم الهواري ..(اصل دم راجح مش هيروح هدر بالبطئ كله هيستوى)
ورقه بيضاء بالخط العريضه موضوعه على باب المخزن الذي ذهبت له وجد سابقا لتعد المخدر تركها احد رجال سليم الهواري الذي يتابع خطى حيدر منذ فتره .. فنجحوا فى تدمير بضاعة من الممنوعات يتجاوز سعرها ملايين الجنيهات .. قرأ حيدر الورقه الذي جاء ليطفر بامواله قبل ان يغادر البلد ولكنه احتل ملامحه الذهول محاولا استيعاب مفردات الورقه وما تحمله بين ثناياه .. فتح القفل سريعا ليتفاجئ بالمياه اذابت كل شيء .. انغمست قدميه فى بركه المياه المتعفنه وهو يطوف بعيناه فى ارجاء المكان يبحث عن بضاعه وامواله فصرخ جاهرا.

- ياولاد الكلب ... ياولاد الكلب
ثم دخل فى غيبوبه ضحك هستيري كأنه ارتدي ثوب الجنون ليتفاد صاعق صدمته .. يحرك اقدامه فى المياه بتقاثل وهو يلهث ضاحكا
- الفلوس كانت هنا ... البضاعه اللي خدت عربونها .. كلهم كانوا هنا ...
ثم جحظت عيناه الاتى التهبت غضبا مردفا: هتدفع التمن غالى ياا ولد الهواري ..

امراة تختبئ داخل ثوبها الاسود تحمل حقيبه من القماش على كتفها وتركض متسلله خلف الاشخار تبحث عن طوق النجاه
- يلا ياساميه .. لازمًا تمشي من اهنه ! يلاااا مافيش وقت قبل ماحكايتك تتكشف ..
وصلت ساميه للطريق السريع لتقف امام شاحنه ضخمه وتلوح بكفيها .. فصف السائق جنبا وهو يخرج راسه من النافذه
- في ايه .. عاوزه ايييه ؟!
وقفت ساميه تحت النافذه لتتوسل اليه
- شالله تعيش ياخويا خدنى لمصر فى طريقك ...انا واقعه فى عرضك .
رمقها السائق بحيره ثم اردف قائلا بشك
- تعالى .. اركبى ..

فرحت ساميه وهى تهذي بعدم تصديق
- روح اللهى يسترك ومايوقعك فى ضيقة ابدا ...
دارت ساميه لتصعد الشاحنه بعتب بجوار السائق وهى تشكره كثيرا .. شرع السائق بالتحرك اما عنها فاستندت برأسها على النافذه تسترجع ذكريات الماضي.

#فلااااش بااااك
فتاة فى منتصف العشرينات ترتدي ملابس خليعه فى احد غرف الملهى الليلى لتتدلل امام انظار فؤاد العتمانى " اتاخرت عليا المره دي .. هونت عليك "
نهضت ليحتضنها بلهفه فابتعدت عنه بميوعه ودلال: هو مش باين انى زعلانه ولا ايه ؟!
- هو الموضوع بجد ولا ايه ..
اومأت ايجابا وهى تتدلل امامه: بص يافؤش انت خدت وقتك وفكرت ياما يابن الناس تكتب عليا وابنك يتربي فى عزك .. يااما تدينى مبلغ معتبر يسكتنى ويادار ما دخلك شر ..
- بس انا عحبك ياساميه ؟!

- يبقي تكتب يافؤاد !
- دول كانوا يقتلونى فى البلد .. مانا مش هتجوز غزيه ؟!
- والغزيه مش عاوزه تعرفك تانى ! يلا طريقك اخضر ..
رمقها فؤاد بنظرات حائره ثم خرج بنيران غضبه .. ظهرت امراه اخر من بين الملابس لتردف بلوم
- ياجبروتك ياشيخه .. افرضي عرف انك مش حامل ؟!
ضحكت بمكر وهى تنزع حذائها العال: كله معمول حسابه .. هو واقع فى ساميه وساميه مش هتسيبه وهيرجع تانى بس لما اختفى واخليه يدور عليا الاول ..
- انت ناويه على اي ريحي قلبي يابتى ؟!

- انا تعبت ياما من شغل الكباريهات عاوزه ارتاح ومافيش غير فؤاد هو اللي هيريحنى من القرف ده هياخدنى الصعيد عندهم مكان بعيد ومحدش هيعرفنى وكمان راجل متريش ومعاه خير يبقي اسيبه ليه ؟!
- واي حكايه العيل دا ؟!
التوى ثغرها ضاحكا بمكر: اهو نكسب ثواب فى اي عيل من بتوع الملجأ ...
#بااااااااااااااااااااااااااااك.

نفس الابتسامه شقت جوفها ولكنها اكثر الما
- 30 سنه اربي فى واد مش ولدى .. جيه الوقت اللي ارجع فيه لارضي للمكان اللي اتبرت عليه وسبته ..
تدون اناملة اخر كلمات عالم وهمى خلقته افكارى .. واليوم تنتهى منه بألم يتسلل بهدوء كم هو مرهق .. شيء يشبه الم الفراق والوداع والاحضان الاخيره التى نغسل اكذوبتها بدموع قلوبنا .. اليوم ادركت ان كل البدايات جميله كأباطرة العشق وان النهاياته قاتله .. ياليت كل النهايات كبدايه بلقاء جديد وصدفه جديده وحضن اخر يدمرها للنهايه .. لاول مرة تاسرنى رواية بين كلماتها وحروفها للحد الذى اتأكد انهم اشخاص موجودة حولى وفى عالمى .. يرفض قلبى اى فكرة اخرى " كالوهم " مثلا .. هما بداخل كل منا بذكرياتنا وفى قلوبنا .. هما احلى خدعه احبها قلبى ...

لما كتبت " في مهب الريح: 2015 .. وكانت حوالى 56 فصل .. عشقتها بكل تفاصيلها ولحد
دلوقت ساكنه فيا بكل دقه قلب قولت " انا مستحيل هكتب روايه تاني بنفس قوتها ... ولما
اتوقفت فتره وكتب" عشقتك وحُسم الأمر": خرجت فيها كل حاجه جوابا قولت اني صعب جدا
اكتب روايه بنفس المستوى ده والناس تحبها كده .. ولما كتبت بعدها " لازلت اتنفسك " وحقيقي
انا فخورة بيا في كل سطر كتبته فيها لانها خرجت احلى مما اتوقعت وخايفه اعملها جزء تاني
مايطلعش بقوة الأول .. بعدها على طول كتبت "أباطرة العشق " ودي حكايتها حكايتها حكايه ...

ده
و كنت نايمه وحلمت حلم وصحيت قرب الفجر مش فاهمه في ايه غير اني بمسك الفون وبكتب ..
قومت صليت ورجعت تاني مسكت الموبايل مافوقتش غير على أذان الضهر لقيتني كتب
فصلين .. كل حاجه فيا كانت متخدره تحت تاثيرها في الوقت اللي كنت مفكره اني مش هكتب
روايه بمستوى اللي عدوا فحرفيا انا غرقت في كل كلمه من الرواية عن كل الكتابات اللى عده ..
تاريخ ميلادها كان 2 ابريل 2015 .. والنهاية 15 فبراير 2020 .. 10 شهور كنت عايشه في
مكان وحان الوقت اني اودعه زي كل حاجه بنودعها يومياااا ...

غرفه واحده لاول مره تنغلق لمده ليله كامله على ثريا وعفاف اكثر من 35 سنه .. كل منهما يجلس فى ركن خاص سابحا فى همومه .. والفتيات كذلك فهم يجلسن فى اماكن متفرقه من الغرفه وحاله من الحزن تخيم على جميعهم .. كابوس لعين تمرد واخترق القوانين ليقتحم الاذهان وهى يقظه .. لاول مره تشرق شمس يوم جديد ولا زالت ظلمة ليلهم محتله قلوبهم .. صمت دائم احتل افواههم كطفل نسي ان يتعلم النطق حتى كبر.. رفعت ثريا رأسها المدفونه بين كفها قائله بحزن
- انا مابقتش عاوزه اى حاجه غير انكم تسامحونى !

تنهدت عفاف بكلل وحزن: لله الامر من قبل ومن بعد .. الله يرحمك ياعمى .. زين انك موتت قبل ما تشوف المصيبه دي والا كنت هتموت وقتها ..
مسحت نورا دموعها مردفه بهدوء: يعني انا دلوقت ابويا مات ! او اتقتل وانا طول الوقت ده مستنياه وبكتبله كلام كتير على امل انه يرجع !
فاقت يسر من صدمتها صارخه:
-  وهو الزفت ده قتله ليه ؟! انا عاوزه افهم وماتقوليش فلوس وحساب انا ادينى سبب مقنع يخلى اللى اسمه حيدر ده يقتل ابويا ..

انتفض جسد ثريا حتى بدا الارتباك يتقاسم معالم وجهها
- اللى اعرفه قولته ؟!
تحركت ماجده من مجلسها وهى تقترب من ثريا قائله وهى تلوح بيدها مسترجعه كلمات امها
- يعني هو دا السر اللي مخبياه حيدر قتل اخوه  بالغلط والقصد كان يقتل ابويا عشان شويه فلوس .. حلو ! هوب يتنشر فى البلد ان ابويا قتل سالم وهرب عشان البيه يطلع منها وفى نفس اللحظه تولع نار التار بين العلتين والدم بقي للركب والبيه ولا على باله .. لا وكمان تقومى معاليك تتجوزيه وتخططوا ازاى تكوشوا على كل حاجه !

ثم صفقت بغل: لا بجد ضربه معلم ! دماغ شغاله مابتلعبش ! انت مرتاحه كده ؟!
انفجرت ثريا باكيه وهى تنهض من موضعها محاوله ان تحتضن ابنتها  فدفعتها باستنكار
- لا انت مش امى ولا ينفع تكونى ام اصلا
انفجرت ثريا باكيه: انا عملت كل ده عشانكم ..
يسر بمراره: انت عملت كل ده عشانك انت .. مش عشاننا .. احنا عاوزين حق ابويا اللي اتقتل مش نروح نداري على القاتل ...
" يا ولد الهواري ! يااااسلييييييييييييييييييم ! انت فين ".

صوت فوضوى قوى يحدث من الخارج .. فسرعان ما ركضوا جميعهم نحو النافذة ليروا مصدر الصوت .. فاردفت ماجده بسخريه
- لا ده كمان له عين يجي لحدت اهنه ؟! خليه يتأكد انه حفر قبره بيده ؟!
ارتعدت ثريا وهى تتراجع ببطء للخلف خشيه من انكشاف سرها الذي اندس فى ضباب ظلمته لشهور .. اوشكت شمس الحق ان تشرق فتذوبه ليكون مطرا تزهر به الارض .. فمهما طال ليل الشر لابد من نسمات الفجر ان تهزمه .. ركضت عفاف والفتيات للخارج وهما يهذون بكلمات غير واضحه .. لم تجد ثريا مفرا الا ان تلحق خُطاهم بتردد وخطاوى مهتزه ..

وصلوا جميعهم الي الحديقه فجهرت ماجده لاحد الغفر
- خليه يدخل نشوفه عاوز ايه ؟!
نورا بصدمه وهى تقف امامها: انت اى الجنان اللي بتقوليه دا ؟! يدخل فين ؟!
ماجده بصوت عال: خليه يجى .. اوعى تكون صدقتى الكام كلمه والشويتين اللي عملتهم امك ..
اقتحم حيدر مجلسهم فلاحظت نورا عدم اتزانه وحركته المختله .. فبدا امامها يتمايل يمينا ويسارا كمن فقد عقله .. فاردفت عفاف من الخلف
- والله زمان ياحيدر .. ياخى الدنيا دي صغيره قووي ..

هجر حيدر بصوت مهتز غير واعى بما يهرب من بين شفتيه
- ولدك فين ياعفاف .. هقتله ! لازمًا اخد حقى منه ..
اندلت عفاف درجه واحده من فوق السلم
- ااه انت مستعجل بقضاك عااد ؟! خاف على روحك طاب عشان لو حد من ولادى شم خبر انك اهنه هيقتلك ؟! وساعتها مش هياخد فيك يوم ؟!
تقف ثريا على اعتاب باب القصر ترمقهم بنظرات حانقه .. تراهم خلف سحابه فوضتها الداخليه بمقلتيها الذابلتين .. اقتربت ماجده منه لتشير للخفير
- سيبه وامشي انت فى موضوع عائلى حبتين محتاجين نتكلم فيه ..

اردف الخفير باعتراض: ياست ماجده ماينفعش اصل
اجابت ماجده مقاطعه: قولت امشي انت دلوقت ؟!
طأطا الخفير بطاعه ثم تراجع للخلف: اللي تأمرى بيه جنابك ..
ارسل حيدر اليهم نظرات مستنكره .. محاولا استيعاب حجم خطأه الفادح الذي ارتكبه .. فهو الان يقف فى منتصف بيت الهوارة بمفرده بدون خدمه وحراسه .. اقدامه خطت البيت الذي يتسابق على مصرعه .. اردف حيدر بنبره شر
- ولدك فين ياعفاف ...

صرخت ماجده بوجهه وهى تقف امامه
- قتلت ابويا ليه ؟!
شهقت ثريا من الخلف كشهقه طلوع الروح فرفع حيدر مقلتيه اليها بتساؤل .. فرمقته بنفس النظرة ولكنها اكثر رعبا وهى تهز رأسها نفيا .. فواصلت ماجده حديثها
- انت بتبص على مين ! هى خلاص اعترفت وهتطلع دلوقتى معايا على القسم هتشيلك الليله كلها وتبقى انت الضحيه ياحرام يااااجوز امى ؟!
قهقهه حيدر بصوت هستيري وهو يتحرك بعشوائيه امامه عينهم قائلا
- هى قالتلكم اكده ؟! انى انا قتلت ابوكم ؟!

تدخلت يسر بصوت منتفض لتقف امامه بهئيتها الضئيله قائله بثبات
- ااااه وقتلت سالم اخوك ؟!
فواصلت نورا حديثهم قائله بقوة: يعنى حبل المشنقه هيتلف حولين رقبتك يعني هيتلف ؟!
رفع حيدر انظاره لثريا مهددا:
- انت قولت اكده ! فهمتيهم انى قتلت ابوهم ؟! وهو انا اللي دفنته حى ياثريا ... لا بقولك اي مش حيدر اللي هيتغدر بيه ويسكت .. وطالما فهمتى بناتك انى ورا كل المصايب دى لوحدى .. يسمعوا منى الحقيقه ..

ركضت ثريا وهى تجهش بالبكاء نحوه حتى فوجئت بعفاف تعوق طريقها بحزم
- انت رايحه فين .. اقفى اهنه وخلى شمس الحق تنور ... لكل ظلم له اخر يابت عمى ..
رمقت ماجده اختها نورا بنظره خاصه ثم واصلت حديثها وهى تعقد ساعديها امام صدرها
- بقي انت سبب كل المصايب دى كلها .. طب ليه ! استفدت ايه ؟!
فواصلت نورا حديثها: عمرك مافكرت ف حبل المشنقه اللي هيتلف على رقبتك ! عاوزه اقولك انك لبست وخسرت كل حاجه .. حتى امى باعتك وهتروح تعترف عليك دلوقت ..

فالتوى ثغر يسر ضاحكه مردفه بسخريه: وابقي خلى كل الفلوس والجشع اللي جريت وراهم ينفعك ...
فاتاهم صوت عفاف الساخر من الخلف: هى امك مقالتلكش ان الكفن مالهوش جيوب ياولد العتامنه !
ثارت جيوش غضب حيدر وهو يدفع ماجده بقوة من امامه ويقترب من ثريا الواقفه بعيدا وجيوس انفاسه تتسابق بداخله .. اصحبت مقلتيه كجمرتان من نار .. فانفجر قائلا
- بعتينى ياثريا ! وغدرتى .. بس لا انا مش هخش السجن لوحدى ولا حبل المشنقه هيتلف حولين رقبتى لوحدي ؟!

ثم دار بجسده حول البنات مكملا حديثه
- انا هقولكم الحقيقه اللي امكم ضحكت عليكم بيها وفتحوا ودانكم زين ...
اقترب خطوة واحده منهم وهو يشير بسبابته فاجهش غضبا
- واحده فيكم انتوا التلاته بتى ؟! ااه ماتستغربووش وهتعرفوا هى مين بس لما اخلص كلامى ..
صاعق كهربى لُجم به قلوب البنات وهن ينظرن اليه بعيون متسعه وثغر مفتوح .. ندبت عفاف على وجنتيها بذهول ثم استدارت لثريا وترجها بقوة:
- نهارك مطين ؟! اللى عيقوله ده صح ؟!
صرخت ثريا راجيه: اسكتتت سوقت عليك النبى تسكت ...

فتح ذراعيه بلا اهتمام كمن يتحرر من زمام الحياه قائلا
- اسكت ! لا مش هسكت ياثريا .. لازم يعرفوا انك يوم مااتقتل سالم وناصر كنتى فى حضنى ...
#فلاااااااش باكككك
- ياترى مين اللي جايلنا دلوق ياحيدر ..
اردفت ثريا جملتها وهى تترك الطعام من يدها .. فنهض حيدر ليرتدي جلبابه الفضفاض
- ياخبر بفلوووس هروح اشوف مين ؟!
تشبثت بذراعه راجيه
- ما بلاش قلبي متوغوش ..

وضع سلاحه فى سترته فاردف بثقه عارمه
- جرى ايه اومال ! انا معاكى متخافيش من حاجه .. هشوف مين وراجع
مر قليلا من الوقت وهى ترتعد حتى التفت قلبها لصوت تعلمه جيدا .. فركضت على اعتاب باب الغرفه لتردف بذهول
- يامرك ياثريا ؟! ناصر ؟
ارتفع صوت الشجار بين حيدر وناصر الذي اصر على تفتيش منزله وكان الاول يمنعه بكل قوته .. حتى دفعه ناصر بهيئته الضخمه فوقع ارضا واقتحم حرمت بيته جاهرا
- انا متأكد انك هنا .. الخفير بنفسه بيراقبك وقالك انك هنا ...

وصل سالم الذي يركض بسرعه فائقه لاعتاب منزل حيدر وهو يمسك بقلبه مناديا
- ارجع ياناصر ! وبطل جنان ..
يبحث فى غرف البيت كالمجنون وهو يضرب كل ما يقابله .. فاقترب منه حيدر قائلا
- قولتلك مافيش حد .. هتمشي ولا ابلغ ؟!

تقف ثريا خلف باب الغرفه ترتعد حتى جف حلقها وسجنت انفاسها اخرجت رأسها قليلا لتر الوضع فسقط حقيبه يديها العالقه فى مقبض الباب فاصدرت ضجيجا ركض نحوه ناصر كالمجنون ففوجئ بها امام عينيه .. ظل يرمقها بعيون ثابته لوقت طويل حتى ثارت جيوش غضبه فانقض على عنقها بقبضته الحديديه جاهرا
- طول عمرى بشك فيك وبقول ده الشيطان .. طلعت انت الشيطان نفسه ياثريا ..
ثم جذبها بقوة ولازال يحاصر عنقها حتى اختنقت انفاسها
- لازما تموتى واغسل عاري منك .. قصرت معاك فى ايه انا فهمينى ؟!

احتضنه سالم من الخلف متوسلا
- احب على يدك ياناصر .. اعقل متوديش نفسك فى داهيه ؟! سيبها سيبها قولت ..
دفعه ناصر بقوة للخلف بكوعه جاهرا
- لازما تتقتل هى والخاين اللي معاها .. هقتلهم ياسالم .. اللي زيهم حرام يعيشوا لحظه ...
اقترب منه سالم مرة اخرى وهو يتشبث بذراعه القابض به على عنق ثريا فبعد محاولات كثيره استطاع ان يفك قبضته من عليها واقفا امامه
- اهدى ياصاحبى الله يرضي عنك .. بلاش جرس وفضايح وبلاش تضيع بناتك ومستقبلهم .. فكر بعقل ...

زاحه ناصر بقوه بعيدا عنه فسقط فوق الفراش وفى التو انهال ناصر على زوجته باشد انواع الضرب المبرح حتى باتت ان تفقد انفاسها بصعوبه .. اخرج حيدر سلاحه من سترته وشد اجزاءه فلاحظ سالم مايفعله اخيه وفى نفس اللحظه التى تحرك بها ساالم ليمنع اخيه من فعله الدنئ هربت الرصاصه من فوهه سلاح حيدر لتصيب سالم فى بطنه ...
التفت ناصر وهو يخرج سلاحه من سترته فدارت ثريا فى الحال لتضربه بقوه على رأسه بمضفأة السجاير الزجاجيه .. فسقط مغشيا عليه ..

ذهول تام من حيدر وثريا جمدت الدماء فى عروقهم .. بعد قليلا ركض حيدر نحو الباب الموارب لبتأكد من غلقه ثم عاد اليها مره اخري صارخا
- هنعمل ايه ياثرياااا فى المصيبه دى ؟!
تلفظ سالم وهو يتأوهه بتعب: اطلب الاسعاف ياخوى انا بموت ؟!
صرخت ثريا معارضه: لا ياحيدر هنروحوا فى داهيه وهنتحبس ..
اردفت ثريا بعد تفكير: انا هقولك نعمل ايه ؟!

#باااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااك
واصل حيدر حديثه وهو يتمايل بحركات جنونيه
- عارفين امكم قالت ايه ؟! قالت اننا ندفن ناصرر فى مكان محدش يقدر يوصله ونرمي سالم فى اي مكان بعد ما يكون طلع فى الروح .. ودفنا ناصر وهو بيتنفس قدام اخويا سالم .. فى نفس الاوضه اللي شافنا فيها .. وبعربيتى خدت سالم للمكان اللي بيعقد فيه دايما هو وناصر وسبته ومشيت ...
اختل اتزان عفاف فلم تتحمل ساقيها اكثر فجثت على الارض وهى تندب على رأسها .. تحركت ماجده بتثاقل لتقف امامه مستنده على عكاز فضولها
- مين فينا بنتك ؟!

دار حيدر لثريا ضاحكا بسخريه
- انت كمان ماقولتلهمش دي ؟! طبعا خايفه على صورتك قدام بناتك ؟!
صرخت ماجده بجزع توالى خلفه قنبله موقوته من الدموع انفجرت
- مين فينا بتك ... انطق ..
اقتربت نورا منها بهدوء لتربت على كتفها
- اهدى ياماجده .. اكيد بيقول ايه كلام .. كلنا بنات ناصر الهواري .. انا واثقه ..
مسكت يسر بكم حيدر وهى تديره امامها صارخه.

- اوعى اكون انا ؟! انا لو بتك هقتل نفسي ولا ان الدم اللي فى عروقى ده يكون دمك ؟!
صف من السيارات اقتحم قصر الهواري .. فادلف سليم من سيارته بدون انتظار توقفها جاهرا
- يادى النور يادى النور .. وانا اقول البيت منور ليه ؟! بقي حيدر الهواري عندنا ! يامرحب ياااامرحبببب ..
تابعت وجد خطاوي سليم التى تبدل لون جهها واصبح اكثر شحوبا مناديه عليه
- سليم .. سليم انت هتعمل ايه ؟!

هتف عماد من الخلف جاهرا: هو الواحد مننا كل مايكبر كل ماعقله يخف ؟! حد يجي لقضاه برجليه يااخى ..
نحرت ماجده بنفاذ صبر
- قولتلك مين فينا بتك .. رد ...
ثم دارت برأسها نحو امها: طيب ردى انت .. قولى ان كل كلامه ده مش صح ..
احتل الذهول ملامح الجميع فاردف محمد وهو يقترب منهم: فى ايه مالكم ..
اجابت عفاف بعويل نساء
- تعالى شوف النصيبه التقيله اللي حطت فوق راسنا ياولدى ..

التفتوا جميعم الي حديث عفاف .. فأطرق سليم قائلا
- فى اي ياما .. طيب ردى انت ياماجده الزفت ده عمل ايه ؟!
اقترب محمد من امه الجالسه فوق السلم بفضول: انت قاعده كده ليه ياعفاف ؟!
استندت عفاف على ساعد ابنها بتثاقل حتى نصبت عودها بصعوبه
- عمكم ناصر وابوكى ياوجد .. اتقتلوا على يد عمك اللي واقف جارك ؟!

حاله من الصمت التام خيمت عليهم قليلا مع تبدل ملامح وجههم وشحوبها المفاجئ .. تحركت وجد ببطئ لتقف امام عمها بعيون اضعف من انها تحتبس دموعها
- انا كنت حاسه ! بس ليه ؟! تعمل كده فى اخوك وفيا انا لييه ؟!
فواصلت عفاف حديثها وهى تشير على ثريا الجالسه ارضا والتى فقط كل اسلحه تمردها
- وكمان فى بت من بنات ثريا تبقي بته
تدخل سليم سريعا ليبعد وجد من امامه قائلا باعتراض
- متصدقوش كلامه ده قاصد يوقعنا فى الغلط .. الكلام ده محصلش .. هو بيقول اي حاجه وخلاص عشان يشفى غليله من اللي عملته فيه .. مافيش الجنان ده طبعا ..

يقف حيدر فى المنتصف وهو مغيبٌ عن وعيه تماما وخلفه عماد وورد واقصي شمال صفوة ومجدى .. وعلى يمينه وجد وسليم وماجده .. ونورا ويسر وعفاف يقفن امامه اما عن محمد فاقترب من حماته بعدم تصديق ليردف
- انت ساكته ليه ؟! ماتقومى تنكرى كل كلامه ده .. انت مالك مستسلمه ليه .. قولى ان كل الكلام ده كدب والهوارة راسهم هتفضل طول العمر مرفوعه .. مالك ساكته ليييه ..

جميعهم التفتوا لحديث محمد مع ثريا الذي اجهشت له العيون حزنا وتأكل له القلب الما .. فتراجع حيدر خطوه للخلف بحذر وهو يراقبهم بتمعن فأدخل كفه بسترته واخرج سلاحه وفى نفس اللحظه زاح وجد بكل قوته جنبا وبدون تردد انفجرت رصاصته فى جوف هدفه صارخا
- هاخد حقى منك ياسلييييم ...
فى لمح البصر انقض عليه عماد ليكبل ذراعيه صارخا بقوة: ماجده !
صرخت ثريا بعدم استيعاب وهى تندب على وجنتيها بحركات هستيريه
- قتلت بتك يااااحيدرررررررررر !

وقف من كان جالسا وركضت من كان واقفا وجثى من وصل لمرمي رصاصة حيدر .. حاله من الذهول والدهشه .. كل منهما يلهث يصرخ يبكى ويتجمد غير قادرا على استيعاب ماحدث ..
جثت نورا على ركبيتها فتابعتها يسر صااارخه باسم اختهم: مااااجده ! متهزريش ! قوومى ..
تحركت وجد ومحمد فى آنٍ واحد ليلفتوا حول تلك التى لقيت حدفها بين ذراعي حبيبها الاول والاخيرة ..
دمعه فرت من طرف عينيها حجبت الرؤية  عن الجميع الا هو .. رفعت عيناها بتثاقل اليه وعلى ثغرها ابتسامه رضا وهى تسعل بضعف
- بت الزنا ماينفعش تعيش ياسليم ..

زالت وجد "اشراب" رأسها بلهفه لتكتم به منفذ الدم .. فجهر محمد: يلا ناخدوها المستشفى انتوا هتتفرجوا ..
رمقت محمد بنظرة توسل وهى تلتقط انفاسها بصعوبه ثم عادت النظر بمقلتيها لسليم مع اخر دقيقه تلفظ فيها انفاسها
- امنيتى اتحققت وهموت بين يدك وقصاد عينيك انا مش عاوزه حاجه تانى .. لسه بردو مصدق انى مش عشقاك يابن عمى !
كانت اخر جملة اردفتها ماجده قبل ما تغيب روحها عن عالمهم .. ضربها سليم بكفه الذي لطخ بدمائها ذاهلا فوق وجنتيها
- ماجده ! فوقى ياماجده .. فوقى ماينفعش تموتى .. الرصاصه دى قصدانى انا مش انت !

فزع الجميع على صوت رصاصه طائشه ممزوجه بصرخه قويه نابعه من جوف حيدر ومن الناحيه الاخرى تلقى ثريا السلاح من يدها الذى وجدته فى سيارة سليم لتنفجر ضاحكه
- قتلته ؟! كان لازم يتقتل زى ماقتل بتى .. قتلته وريحت الناس من شره ...
حاله من العجز والذهول خيمت على جميع اهل البيت كل منهما ينظر للاخر بعيون ثابته ودماء متجمده فى العروق .. حاله من كأن الموت ذاته آت اليهم على اقادمه ليقتنص ضحاياه ببراعه .. بدا عليهم الحزن المصحوب بالذهول حتى انفجرت اصوات النساء صارخه ولاول مره يضم سليم ماجده الي صدره قائلا بتوسل
- سامحينى !

ضمه قويه طرقعت فيها عظام جسدها كأنها تود ان تخبره بعتاب " ليتك فعلتها ولو لمرة واحده وانا اقف امام عينيك .. فجميعنا نحيا بلمس حبه وبضمة شوق .. فعلتها بعدما فرت روحى من طيله انتظارك جازعه ! فعلتها وانا بين ذراعيك جثه هامده لاحول لها ولا قوه .. جسدى الهالك بين يديك كان ينتظر لمسه حب منك .. ولكننا جميعا لا نعرف الندم الا بعد ضياع الفرصه .. فلو فعلنا كل شيء بوقته لِمَ لم يكن للندم بيننا ظلٌ ...
" بعد مرور 3 شهور "
اصعب فترة مرت على الجميع مابين غياب ماجده وتحمل الصدمات وحبس ثريا فى مستشفى الامراض العقليه لاصابها بالجنون .. ووفاة حيدر وعودة ساميه الى مسرحها وعالمها الدنئ .. انتهت ورد من اختبارات الثانويه العامه بتشجيع من يوسف الذي لم يغيب عنها لساعه ..
تجلس وجد بصحبة امها فى جنينه الهواري .. فاردفت كوثر بحنيه
- جوزك عامل ايه دلوقت ياوجد .. لسه ساكته ومش عيرد على حد ..

فرت دمعه من مقلتيها بألم مكبوت: هو احسن بس من ساعة موت ماجده وهو حاسس بالذنب وعلى طول عندها وبيقرالها قران حتى انا مابقتش اشوفه غير صدفه .. والله انا تعبت ومش عارفه اعمل معاه اي ؟!
قضبت كوثر حاجبيها بضيق وحذر
- بقولك اي ياوجد هتكتمى فى نفسك وتحزنى مش هتاخدى غير العيه يابتى وانت حبلى وغلط على العيل ده حتى يطل فال شوم والواد يعيش متنكد طول حياته ..
- اومال اعمل ايه انا بس ياما .. والله غلبت ومابقتش طايقه جو البيت ..
- هما شهور الحمل يعودوا وهتبقي زينه وتتعافى .. المهم شدى عودك وهاتك لجوزك الواد اللي يفرحه وينسيه وجعه .. وهاتيلى حفيدي اللي يعوضنى عن اللي راح..

وضعت وجد كفها على بطنها بحيره لتردف بتنهيده
- انت املى الوحيد اللي فاضلى .. مستنيه سليم يرجعلى بيك ...
لاحظت وجد عفاف التى انزلقت رجلها فى التربه بعيدا .. فوثبت قائمه ركضا مما اثار جنون كوثر
- شوف البت اقولها خلى بالك على نفسك تجري كيف !
تجلس عفاف فى الارض متألمه من رجلها .. فجثت وجد على ركبتيها بلهفه
- مالك يااماما ... الف سلامه على رجلك .. اس
بعدت عفاف كفها بكرهه: انا مش امك .. امك اهى هناك قاعده .. ومين قالك انى عاوزه مساعدتك .. دا جزع بسيط وهيروح ..

تجاهلت وجد سُم كلماتها فعرت ساقها بلهفه: فى  مرهم للعروق عندى جوه .. هدخل اجيبه متتحركيش ...
ذهبت وجد اما عفاف فعاندت وحاولت ان تقف على رجلها لتثبت لوجد انها لازالت بقوتها ولكنه دون جدوى فسقطت متألمه ... عادت وجد لمنزلها مره اخري واحضرت المرهم سريعا اليها قائله
- اول مااحط بس هتبقي كويسه .. افردي رجلك براحه بس ..
اجابت عفاف بغيط: قولت مش عاوزه حاجه منك ..

جلست وجد على ركبتيها وهى تبتسم بحب على اسلوب عفاف وشرعت فى وضع المرهم بلطف وهى تمرر اناملها فوق ركبتها .. تأوهت عفاف بألم فاردفت وجد بحب
- معلش استحملى وهتبقي زي الفل ..
جهرت عفاف بغضب: انت عتوجعينى اكتر ويدك تقيله ! اقولك ايه اوع
لم تكمل عفاف جملتها عندما رأت سليم يقف خلف وجد مشيرا اليها الا تلفت انتباها لوجوده .. رفعت وجد حاجبها مستنكره
- اي كملى زعيق مش بزعل انا والله .. ممم ولا بقيت احسن دلوقت !

تردد عفاف فاردفت: لا انا عزعق فيك لمصلحتك ومصلحه ولد ولدى اللي فى بطنك ماينفعش يابتى تقعدي اكده ؟!
عقدت سليم ساعديه ليترقب تحول امه المفاجئ الذى اثار فضول وجد فردت ممازحه
- يعني انت خايفه على الواد مش عليا ؟!
تلعثمت الكلمات فى حلقها لبرهه فهى لا تعرف للكذب سبيل فاردفت
- اااه الواد مننا ومن دمنا وانت ..
زمجرت رياح صوت سليم: ممممم عفاف !

غيرت عفاف حديثها سريعا: وانت بردك بتى يابتى .. وسلامتك من سلامته ...
نصبت وجد عودها لتقف بجوار سليم قائله بمزاح
- امك بتموت فيا ياسليم .. واخد بالك ..
هز سليم رأسه بتفهم: ايوة ايوه واخد بالى هى وعدتنى انها هتحبك وبصراحه عفاف عمرها ماوعدت بحاجه وخالفت .. مش كده يااما ...
التوى ثغرها باستنكار مصطنع التعب: خد بيدى ياولدى ووصلنى لجوه بدل القعده دي !
تأهب سليم ليساعد امها فى القيام وهو يرمى على اذان وجد جملته بهدوء
- عاوز اتكلم معاكى .. هوصل عفاف واجيلك اسبقينى انت ...

 

- يابنتى انت قريتى كميه كتب فى ايام انا مقرأتهاش فى سنين ! اى يانورا انت بتنتقمى من نفسك ؟!
اردف عماد جملته وهو يقتحم المكتبه التى تجلس بها نورا .. فقفلت الكتاب ووضعته جنبها قائله بحزن
- الحاجه الوحيده اللي بتخدر كل اوجاعى ياعماد ..
جلس بجوارها وعلى ثغره ابتسامه حب قائلا
- ومادام الكتب بتعمل كده انا اي لازمتى فى حياتك ..

تشبثت بكفه سريعا بلهفه وهى تطيل النظر بعيناه
- انت لو مكنتش فى حياتى بعد كل اللي حصل ده انا كنت هتجنن ياعماد .. ربنا قبل ما يوقع على قلوبنا البلاء بيمنحنا الصبر وانا كنت صابره ومستقويه بيك .. ممتنه للحب اللي جمعنا ..
اقترب منه وهو يهدب شعرها بشوق
- وانا ممتن للنصيب اللي خلاك ليا .. اسمحيلى اعترفلى انى كنت مستقوي بيك .. وحقيقي لولا وجودك وعيونك الحلوين دول اللي منورين حياتى انا كان زمان فى وضع تانى خالص ..

ابتسم برغم صخور حزنها: اللي هو ايه بقي ؟!
غمز لها بطرف عينه: كان زمانى بدور عليك بردو .. ماهى سهله اي يانورى ..
- ربنا يباركلى فى حبك وفيك ياعماد ..
وضع يده فوق بطنها بفضول وهو يتسائل
- الواد اللي جوه ده عامل اي .. اوعى يكون تاعبك !
- انت متأكد ليه انه ولد ! على فكره انا حاسه انها بنوته ..

هز رأسه نافيا: لا لو سمحتى اول خلفه عماد الهواري لازم تكون واد يقف فى ضهره ..
- يااسلام ! يعني لو جات بنت مش هتحبها ...
- يعني انا بعشق امها مش هحب البت ! طب يارب تيجى بنت وتكون شبهك كده وتبقي حقيقي يابركه دعواتك ياعفاف ..
مالت برأسها على صدره لتطمئن شيء ما بداخلها: بنت ولد اهم حاجه انك ابوهم ياعماد ربنا يباركلى وجودك وينوروا حياتنا ...
قبله خفيفه طبعها على جبهتها وهو يضمها اليه بحب قائلا
- حياتى منوره بيك .. واى اضافه تانيه منك هديه من عند ربنا ده كرم كبير قووي ..

اكتفت نورا بتقبيل كفه بشغف مردفه: معاد زياره نيره النهايه .. انت ماروحتش الاسبوع اللي فات ..
تنحنح عماد بخفوت: ومين قالك انى ماروحتش ؟!
- انت ماقولتليش انك روحت ! يبقي ماروحتش ..
ابتسم عماد بحب فاردف بصوت هادئ: لا ياستى انا روحت وكان الزياره كلها بحكي لها عنك .. ونسيت اقولك بس انشغلت فى اكتر من حاجه ..
رفعت انظارها اليه بفخر: الاول كنت تروح وتخبى عليا عشان خايف ازعل .. ودلوقت مافتكرش ان فى عذر يخليك تروح من غيري .. متتصورش فى الكام مره اللي روحت معاك فيهم قلبى ارتاح ازاي ...

- مادام قلبك بيرتاح يبقي هاخدك معايا المره دي .. وهو انا اقدر ارفضلك طلب !
طرق مجدي الباب متنحنحا .. فاعتدلت نورا فى جلسها وهى ترمي حجابها فوق راسها بعشوائيه .. وقف عماد قائلا
- اي ياهندسه خلاص نويت ؟
فرك مجدي كفيه بحماس: كفايه ياعم ليا اسبوع قاعد معاكم مزهقتوش منى ..؟!
احتضنه عماد بحب وهو يربت على ظهره بقوة
- توصل بالسلامه .. شد حيلك ..

ثم همس له قائلا
- وبالنسبه لصفوة هتفضلوا ماتتكلموش كده كتير .. مش تبطل شغل عيال ياض انت ؟!
زفر مجدي باختناق: اول مره معرفش اسامحها .. مش عارف ليه ؟!
- الغريب ياخى انها سامحتك على مصايبك السوده ؟! وجاى فى دي ومش عارف تسامحها ..
- مش عارف ياعماد .. حقيقي مش عارف او تعبت من كتر المحاولات لحد مافقدت شغف العوده
- طيب ماتطلقها !

- انت اتجننت انا بحبها ياعم ..
- انت هتجننى ليييه !
رفع مجدي حاجبه بنفاذ صبر: هى مصدره دايما الوش الخشب وكل ما اقولها نتكلم تقول لى عندى مذاكرة ومش فاضيه .. ياعم كبر دماغك سيب الايام تصلح اللي تكسر ..
اقتحمت صفوة مجلسهم فجاة قبل ما يردف عماد رده قائله بغضب
- عماد انا عاوزاك ترفعلى قضية طلاق !
نظر عماد لاخيه فبداله نفس النظره ولكنها اكثر لا مبالاه متجاهلا جملتها وهو ينادى على نورا قائلا
- هااا يامراة اخويا اشوف وشك بخير ..
- الله يسلمك يامجدى .. توصل بالسلامه ..

رد عماد على صفوة قائلا: معنديش مانع .. عاوزه امتى وانا ارفعهالك ..
عقدت صفوة ذراعيها امام صدره وهى تهز ساقها اليسري بتحد
- ياريت لو دلوقت !
حك عماد ذقنه وهو يرمق مجدي بعيوون ضيقه وعلى حدا كان الاخير يأكل بنظراته الملتهبه غيظا .. فواصل حديثه
- بقولك اي ماتخليها خلع اضمن .. وتوجع !
صفوة بعاند: معاك فى اي حاجه المهم نخلص
تدخلت نورا سريعا: اى الجنان دا بتاعكم انتوا الاتنين.

رد مجدي باختناق: ماتسكتى جوزك اللي عاوز اى جنازه يشبع فيها لطم
تجاهل عماد حديث اخيه فوجه حديثه لصفوة قائلا
- هااا ايه اسبابك بقي ؟!
نظرات له صفوة من اعلى لاسفل فاردف
- مش عاوزاه يبقي على ذمتى .. ده سبب كفايه ياعماد ..
كتم عماد صوت ضحكته فثار مجدي ساخرا
- دي بتقولك على ذمتى ! انت اللي على ذمتى يااهانم .. انا الراجل لو مش واخده بالك .. انت حوله ؟!

- ضيف عندك ياعماد سب وقذف كمان ..
تشبث عماد بكف نورا هامسا: تعالى معايا ... - ثم جهر قائلا- طيب انا هسيبكم تتحاسبوا هنا ولو متفقتوش مضطر انى ادخل ..
لم يعط لهم عماد اى فرصه للرد .. جذب نورا خلفه وخرج من المكتبه وتعمد ان يغلقها بالمفتاح فسألتها نورا باستغراب
- بتعمل ايه ! مش خايف دا مجدي هيقتلك ..
- والله انا ماخايف غير على مجدي من اختك اسكتى .. وبعدين هما مش عاوزين غير كده عشان يتلموا .. - ثم غمز لها بطرف عينه - وبعدين سيبك انت المكتبه دي مبروك وانا متفائل بها خير ... هنبه على عفاف الباب ده لو اتكسر خبط محدش يفتح وادى كمان المفتاح هاخده

 

قُبله خفيفه نثرت على عنقه بشوقا وهو يضمها اليه هامسا
- انا اسف ...
اغمضت عينيها لبرهه كأنها تحاول ان تهدا روع شوقها مردفه بارتياح
- وحشتنى اوي ..
ابتعد سليم عنها ليغلق باب غرفتهم ثم عاد اليها وهو يجذها من كفها ويجلسها امامه على الاريكه
- انا محتاجه اعتذر لعيونك ورموشهم ولقلبك ولكل جزء فيك كنت سبب فى انه يزعل ياوجد ..
- سليم .. انا مش زعلانه منك ..

- عارف ياوجد .. وعارف ان قلبك احن من انه يزعل منى .. بس انا اللي زعلان من غيبتك عنك .. 3 شهور ماسمعتكيش كلمه حلوة .. 3 شهور شخط وزعيق وشخص انا ما كنتش اعرفه .. انا غصب عنى مكنتش شايف قدامى ولاول مره يخدعنى قلبى ويبعدنى عنك .. اسف بعدد كل دمعه نزلت من عينك واسف على كل لحظه وجع معرفتش اكون فيها جمبك ومعاك .. واسف انى خيبت ظنك .. واسف عن كل ليله نمتها بعيد عنك .. وجد سامحينى ..

فرت دمعه من طرف عينيها فابتسمت قائله
- كل اللي وجعنى انك كنت توحشنى ومكنتش اعرف القاك .. حتى لو عرفت نفسي حامل معرفتش اقولك بالطريقه اللي تسعدنى .. مالقتش منك الحضن اللي تقول لى فيه مبروك لينا .. كل الحلو والمر عشناه سوا اشمعنا الازمه دي اللي بعدت فيها ..
طبع قبله طويله على كفيها ثم نظر في عيناها بولهٍ
- عشان اثبت لنفسي انك الارض اللي منها وليها اعود ياوجد وهفضل اقولها لاخر نفس فى عمري .. انا لما بعدت وكنت ابات بالليالى من غير ماشوفك مكنش يفرق معايا ليل من نهار .. كل الايام كانت ضلمه وانت الوحيده اللى لقيت عندك النور .. اوعدك انى مش هبعد عنك تانى ! ولا هزعلك مهما حصل ومهما حصل مش هسمح لقلبك انه يشتاق لسليم ميلاقهوش .. ولا ايه ..

- اقولك على سر بس ما تضحكش ..
- موعدكيش .. بس قولى ..
- كنت كل ليله بقف فى نص الاوضة هنا وافضل اخلق حوارات وهميه مابينا وانا هكشر فى وشك ومش هرد عليك حلو وفى نفس الوقت كنت القى رجليا وخدانى قدام الدولاب محتاره ياتري البس ايه ! وبفضل على الحال ده لحد ماانت تخيب ظنى وماترجعش ولحد ماانام وانا مستنيه .. بس لاول مره ابقي مستنيه وانا مطمنه ومتنونسه بابنك اللي كنت اشتكيله منك دايما .. وخلاص بقي جيه الوقت اللي اشتكى منك ليك ...
مسكت ذقنه برفق وه ترمقه بعيون لامعه لتردف بلهجه صعييديه
- وحشتني يااولد الهواري .. وحضنك وحشنى ...

مسك وجنتها بشغف مردفا
- وانت كمان وحشتني للدرجه اللي خايف ارتكب فيها جنايه دلوقت ومحدش مانعى عنك غير ابن ال*******
- اششششش بقولك اي ماتشتمش ابنى ولا ابوه لو سمحت !
دنى منها اكثر ليردف بشوق: ماهو يستاهل الشتيمه .. مش كفايه انه حارمنى منك !
احمرت وجنتها بخجل ثم اردفت بضحكه واسعه: ومين قال انه حارمك منى ! انت اللي بتتلكك ؟!
رفع حاجبه وبدات اقدام الفرحه تكسو ملامحه قائلا باندهاش
- يعني هو ينفع !

- اللي هو اييييه ؟!
- لا بقولك اي هتعملى نفسك من بنها هتغابى عليك ..
ضحكت بصوت عال قاصده ان ترد الفرح فى جدران جنتهم مره اخرى لرفعت راسها قليلا لتطبع قبله خفيفه ثغره قائله بشوق
- وحشتنى ياسليم ...

- هااا بقي والحلوه اي اللي مش عاجبها فيا !
اردف مجدي جملته وهو يجلس على المقعد الجلدى لمكتبه بنبره ساخره فاجابته صفوة باغتياظ
- اهو مزاجى كده ... ولو سمحت انجز انا عاوز اشوف حياتى ومستقبلى ومن حقى احب واتحب ..
نهض مجدي وبداخله جيوش عارمه من الغضب
- من حقك ايه يااما ؟!
هزت كتفيها بلا مبالاه: احب وتحب ...واشوف مستقبلى
- جاكى كسر حقك انت كمان ! وطلاق مش هطلق ...
رفعت انظارها اليه باغتياظ فاردفت بغل: ابقي ماتزعلش لما اخلعك انا واخوك ..

- سيبك من اخويا ده مترباش .. والحلوة بقي هتقول اي للقاضي لما يشوفنى راجل ملوى هدومى كده والف مين تتمنانى ..
نظرت له بعيون ضيقه ثم اردفت بثقه: مقصر فى حقوقى الزوجيه ياسياده القاضي ..
ضغط مجدى على شفتيه السفليه بغضب وهو يرمقها بعيون متسعه ويتقدم نحوها بتباطئ
- مقصر في ايييه ياحلوه ..
ارتعد جوفها خوفا من نظراته فاردفت سريعا
- مش بيصرف عليا ولا بيأكلنى ولا بيشربنى ...

لم يمنع مجدي نفسه ان ينفجر ضاحكا على تلقائيتها فنظر اليها قائلا
- ايوه كده اتعدلى ...
اشارت اليه بسبابتها وهى تقترب من الباب وبنبره تهديديه: انا حبيت بس اديك خبر عشان ماتتفاجئش ..
- لا كتر خيرك .. يكرم اصلك والله ..
حاولت صفوة ان تفتح الباب فدارت اليه بدهشه: الباب مابيفتحش !

طقطق مجدي صوابعه وهو ينظر لها بعيون ضيقه متظاهرا بالتفكير مرددا بصوت منخفض
- ميكنش عماد الهواري عملها .. ورحمه ابوه دانا ابوس دماغه لو اللي فى بالى صح ..
- انت بتقول ايه ! بقولك الباب مقفول ..
- حلو ادينا قاعدين بندردش ونتعرف على بعض ..
- اوووووووف .. اى برود الاعصاب بتاعك ده ؟! اتصرف افتح الباب ..

تجاهل مجدي حديثها وذهب الي المكتبه يطلع على الكتب الموجوده بها باهتمام .. فضربت الارض بساقيها بحركه طفوليه وهى تقترب منه
- هو انا مش بكلمك ! انا عاوزه اخرج من هنا !
دار مجدي برأسه نحوها فوجودها تقف خلفه .. فسقطت عيناه على حجابها الذي يتدلى شيئا فشيئا فجذبها بلهفه ممزوجه بصوت شهقتها ليضعها تحت حصاره قائلا بهدوء وهو يستد بذراعه على المكتبه
- نتكلم كده احسن طيب ..
رفعت انظارها اليه فسرعان ما اخفضتهم بخجل قائله بتوتر
- مجدي في ايه ؟!

مسك ذقنها برفق ورفع وجهها اليه بلطف قائلا
- وحشتينى ...
- هاااااااا !
ابتسم مجدي بحب فاردف: لسه زعلانه منى !
اومأت ايجابا بصمت تام ولازالت تتفتنه بعيون لامعه .. فضحك ضحكه ساحره وهو يهمس لها
- هصلح غلطى حالا ..
وضعت كفيها على صدره لتمنعه من الاقتراب منها قائله بعتاب
- على فكرة انت معندكش دم ..

قطب مجدي حاجبيه بدهشه فواصلت صفوة حديثها ممزوجا بنبرة باكيه
- ايوه معندكش دم .. سبتى فى اصعب ظروفى وسافرت سبتنى وانا محتاجالك .. سبتنى وانت عارف انى بحبك .. هتقول لى حاولت كتير وانا مسمحتش .. بس انا كنت مستنيه منك فعل اقوى مستنيه منك تاخدى فى حضنك غصب عنى .. انا كنت هرتاح كده .. لكن انت مشيت وسبتنى على راحتى ونسيت ان راحتى معاك وبس يامجدى ... انا نزلت اقول لعماد يطلقنى منك عشان اوصلك رساله انى مش عاوزاك تمشي انك شاغل فكرى دايما .. مش عاوزاك تغيب تانى زي ماكل حاجه غابت .. مجدى متسبنيش تانى .. ممكن ..

- انا عمري ماسبتك اولانى ياصفوه بس ماكنتش حابب اكررى غلطى مرتين .. كنت مستنيك تيجى انت هتلاقى دراعتى مفتوحين لك وساعتها عمرهم ماكانوا هيسمحولك تبعدى تانى ...
ظل يعبث بخصيلات شعرها بشوق فواصل حديثه قائلا
- عارف انكم لما بتحبوا بتبقوا مجانين مش بتقدروا تتحكموا فى مشاعركم بتاخدوها على كفكم وترموها قدام عنينا واحنا وحظنا .. المحظوظ بس هو اللي هيكوش على كل الحب دا لحسابه والغبي اللي هيتجاهله او يستغله غلط .. وانت اهو جيت وغرقانه فيا زي ما انا غرقان فى عيونك دول ... واوعدك من النهارده مافيش اي خناقه غير فى حضن مجدي ياست الددكتوره ...

وقفت على طراطيف اصابعها لتعانقه بلهفة فؤاد عطش من جفاف غيابه قائله بتوسل
- انا ازاى كنت غبيه وسمحت لنفسي احارب مشاعري بالجبروت ده ..
ولاول مره يظفر بقربها عن تراضي فضمها حتى استشعر طرقعت عظامها بين يديه قائلا بدفء
- لكل بعد مهما طال عوض ياصفوة ..

طرقت على باب مكتبه بتردد .. فرفع رأسه من بين زحمة الاوراق التى تسرق انتباه قائلا
- اتفضل ؟!
فتحت يسر باب متنحنحه بخفوت: وحشتنى قولت اجيلك ؟!
ترك القلم من يده وهو يتكئ على ظهر مقعده قائلا باستغراب
- خلاص هدينا والاكتئاب والنكد والحزن راحوا !
قفلت الباب خلفها بهدوء وهى تقترب منه مكتبه بتساؤل
- للدرجه دي كنت لا اطاق !
نهض محمد من فوق مقعد وهو يرمقها بنظرات مدججه بالحب قائلا
- قدرى لازم استحمل هعمل ايه يعني بحبك ومجبر ..
رفعت انظارها اليه باعجاب
- شكلك حلو فى البالطو ...

رفع حاجبه متسائلا بغمز: اااممم فى البالطو بس !
- لا ياعم متوقعناش فى الغلط .. انت حلو فى الاوقات بس فى البالطو محلو زياده ..
جلست يسر فوق مكتبه بدلال وهى ترمقه بعيون لامعه
- انا لقيتنى كنت خنيقه اوى الفترة الي فاتت وانت استحملت كتير .. فقررت اصالح واجى لحد عندك واجيبلك هديه كمان ..
اقترب منها محمد وهو يقبل كفيها
- انت هديتى يايسر .. وكلنا مرنا بفترة صعبه وغصب عننا لازم نتجاوزها ..

فرت دمعه من طرف عينيها بحزن: ماجده وحشتنى اوى يامحمد .. هى اتظلمت اوي وملقتش اللي يعوضها ..
وضع كفه على خدها قائلا بهدوء
-  احيانا الموت بيكون اكبر مكافئه للعبد يا يسر .. وخلينا متفقين ان ماجده مشيت وكلنا بنحبها وبندعيلها .. هى دلوقت عند الكريم اللي احن عليها من اى مخلوق .. ولا ايه !
اومأت ايجابا وهى تتشبث بذراعه: معاك حق !
اردف مبتسما: مش هتقولى جيتى ليه ؟!

ابتسمت بصعوبه فاطرقت قائله: جيت اخطفك يومين من شغلك وعيانينك .. تسمح لى !
- ياباشا انا كلى ليك .. انت تأمر بس المهم انى اشوف الضحكه الحلوة اللي اتحرمت منها 3 شهور ..
دلفت يسر كالطفله المشاغبه وهى تبعده عنه مقتربه من الباب قائله
- هروح اجهز حاجاتنا وبالليل نروح اي مكان بعيد عن القصر ... ممممم وخلى الهديه بعدين بقي لما نسافر
دار محمد بلهفه ليقفل الباب الذي فتحته سريعا .. فدارت بجسدها تحت حصاره قائله.

- فى ايه يامحمد !
- فى ايه انت ! حد سمحلك تخرجى !
- مش فاهمه ! انت قصدك ايه ..
مد محمد يده خلف الباب ليقفله بالمفتاح قائلا بغمز
- هتفهمى حااالا ...
دارت برأسها للخلف لتر ماذا يفعل فصرخت باندهاش
- اى الجنان ده .. انت عاوز ايه !
انحنى محمد ليحملها بين ذراعيه قائلا بشوق
- مش عاوزه تجربى الشازلونج اللى جوه ؟!
- يامحمد ماتتجننش احنا فى المستشفى !

هز كتفه بلا مبالاة: والمستشفى بتاعتنا .. حد له عندنا حاجه !
- طيب نزلنى  وبعدين نشوف الموضوع ده ..
اصدر من ثغره صوتا نافيا وهو يضعها فوق الشازلونج بلطف ويدور ليشد الستار قائلا
- انسي ! انا لو ضيعت الفرصه دي هابقي غبى ...
- طيب انت بتشد الستاره ليه وهو فى حد غيرنا ! دانت غريب !
- صح ! يلا الاحتياط واجب بردو  ..
- لا دانت اتجننت رسمى !
اقترب منها اكثر وهو يتأملها بعيون محب فاض من جوفه بحور الشوق
- ما احنا لازم نعوض العيل اللي راح ولا انت شايفه ايه ! كفايه كده كتير يايسر ! ولاد الهواري كلوا وشي ...

 

- ايوة يعني انا اجى اخطبك امتى !
اردف يوسف جملته بنفاذ صبر وهو يخرج من قسم الشرطه ويتحدث فى الهاتف مع ورد التى فزعت من مجلسها قائله
- ماينفعش يايوسف .. وانا لما فكرت لقيت انه مش هينفع !
فتح يوسف باب سيارته قائلا بسخريه
- وانت بتفكري باى حق .. ومين سمحلك اصلا تفكري وانا موجود .. تصدقى انا غلطان انى باخد رايك !

- يايوسف افهمنى بس .. انت ظابط وليك وضعك وانا بنت اهلها قتالين قتله يعني لو اتجوزنا مش هتقدر تخلى ابنك زيك ويبقي ظابط .. وغيره وغيره وبعدين اهلك فى القاهره مش هيتقبلونى يايوسف .. لو بتحبنى بجد سيبنى .. سيبنى وخد واحده تستاهلك وتفهمك ..
- انت مجنونه ياورد ! انت شايفه بتتكلمى فى كام سنه لقدام .. يعني 18 سنه وانت ضامنه انى اطلع بخلف يعني مش يمكن فيا عيب لقدر الله وابقي خسرتك كمان .. وانت باى حق تحكمى على مستقبل ولادك من دلوقت يمكن يطلع شاطر زي خالتو ويهوى الطب او الهندسه زى امه .. انت جري لعقلك حاجه ؟!
زفرت ورد بضيق: انت التفاهم معاك صعب اي الدماغ دى ؟!

ضحك يوسف بصوت عال: دماغكم بقي شكل قعدتى فى قنا غيرت دماغى ؟!
- يوسف .. انا فايق لكلامك ..
دور يوسف سيارته قائلا: وانا وبكلمك لا !
- نعم ..
ضحكة ضحكة اخري ساحره فاردف بثقه: والله مابهزر .. اول مابسمع صوتك كل حاجه بتبقي سراب قدامى .. لا اري لا اسمع لا اهوى غيرك ... وبعدين انا ليا 3 شهور طالع عينى معاك واجيب فى  مدرسين واسمع واحفظ واسهر للفجر وقراية الفاتحه اللي مع امك واختك دى ! دانت وقعتك سوده ! لا بقولك اي تعبى وشقايه يتردلى من فضلك ..

اجابته بمزاح: انت اللي جبت لنفسك اعملك ايه ؟!
فكر يوسف لبرهه: يبقي توافقى نتجوز واهو يبقي زيتنا فى دقيقنا ومافيش حساب ولا ديون واخلص كل حاجه بطريقتى بقي ..
كتمت صوت ضحكها قائله بجديه
- يووووسف .. اتلم .
- والله انا على كده ملموم .. ماشوفتيش الوش المبعتر بتاعى ... تستعجليش نتجوز بس وهوريهولك ...

كتمت ورد صوت ضحكتها وتعمدت ان تغلق الهاتف فى وجهه بدون اي مقدمات قائله
- ربنا مديلوه لسانك اطول منى .. اوووف انت وقعتى ولا ايه ياورد ..
وقفت امام المراة وتكرر نفس السؤال حائره
- هو بصراحه وقعت من ساعه ما جيه يشوف قلبه وقع فين ؟!

فاقت صفوة من مخدر حب لتغلغل اصابعها باصابعه وتثبنى ساقيها على الاريكه لتستند براسها على صدره مردفه
- هنرجع القاهرة ؟!مش كده ..
ضمها مجدي اليه بشوق
- وانت فكرك عاوزانى اسيبك لحظه بعد ما لقيتك !
- احم ! انا اللي مش هسمحلك تسيبنى لحظه بعد ما دوقت طعم الحب معاك ..مجدي
نظر الي عيناها التى ارتفعت اليها باهتمام قائلا: عيون مجدي ..
تعمدت ان تلف ذراعه على خصرها لتقترب منه اكثر كأنها ترمم شقوق روحها منه قائله بحب
- أنا بحبك ..
تعمد ان يتجاهل كلامها قائلا: منا عارف .. ومن زمان كمان ؟!

ضربته على صدره باغتياظ: اى تقل الدم دا ؟! لا بقولك اي انت هتشوف نفسك عليا عشان قولتلك بحبك ومعرفش اي هقلب على الوش التانى !
ضحك مجدي بصوت عال وهو يطبع قبله طويله على جبهتها: منا هرجعك تانى وبطريقتى بردو ..
- اي الثقه دي يابااااي ...
- طيب قومى نشوف حد يفتح لنا الباب ده عشان انا الود ودى اخدك ونطير لمكان بره الدنيا ...
- منا براها فعلا يامجدي انت مابتكذبش .. لاول مره احس بطعم الراحه غير فى حضنك ...
- وانا اول مره اعرف ان عفاف راضيه عنى اوى كده ؟!
- ياسلام عفاف بس ؟!

- لا ..
- احم اومال مين كمان !
- راجح قبل مايموت كان راضى عنى ؟!
ابتعدت عنه بنفاذ صبر وهى تقول: قومى افتح لنا الباب ده احسن ارتكب فيك جنايه دلوقتى .. يلا ...
- ليه بس دا حتى المكان طلع بركه .. دانا حتى بفكر كل ماتعصلجى معايا هجيبك هنا .. انا دلوقت فهمت ليه عماد راشق فى المكان ده طول الوقت
***
- هاا ياسيدى جايبنا هنا ليه ؟!
فى الجنينه الصغيره خلف منزل سليم وبالاخص خلف اول شجره بها شهدت على عشقهم يستند سليم على الشجره يتأملها بحب
- فاكره المكان ده ؟!
ضحكت بصوت مكتوم ثم عادت لتنظر لعيناه الاتى تستمد منهما الامل قائله
- وده مكان يتنسي بردو .. انا هنا عرفت يعني اي معنى الحب معاك .. واد ايه انا مقدرش استغنى عنك ..

جذبها اليه من خصرها قائلا
- وهنا انا اتولدت على ايدك .. بستغرب على الناس اللي بتحتفل بعيد ميلادها بحتة تاريخ مسجل فى شهاده .. انا تاريخ ميلادى الحقيقى مع اول لمسه حب منك .. اول نظر رضا من عينك .. اول كلمه بحبك انا سمعتها .. مع اول طفل هينور حياتنا بعد ملحمه الحب دي كلها .. انا تاريخ ميلادى الحقيقي وانت جمبى ومدفى بحبك وتايهه فى سحر عيونك ..
بللت حلقها عدة مرات وهى ترمقه بعيون متأرجحه
- سليم فى ايه ؟

عبث فى شعرها بحب فاردف بهدوء
- فى شويه كلام محبوس جوايا وانت لازم تسمعيه ياوجد .. انا لما بعدت عنك كنت محتار تايهه .. صدمة ماجده كانت صعبه اوى ان قلبى يعديها بسهوله .. كنت بلوم نفسي طول الوقت .. حسيت انى انانى .. بس لما هديت وفكرت لقيت ان ربنا له حكمه فى كده .. له حكمه انه ياخد ماجده عنده عشان يعوضها نتيجه صبرها لانه عارف ان سليم عمره ماهيسعدها عشانى قلبي مدقش غير لواحده بس حارب الكل ومستعد يقوم الف حرب تانيه بس شعرها يتفرد على كتفه كل ليله .. لومت نفسي انى معطتش ماجده فرصه بس لقيت الحل مشكله فى نفس الوقت .. ماجده فدتنى بعمرها .. انا كنت تايه ياوجد لاول مره ابقي شخص انا ماعارفهوش ..
وضعت اناملها على ثغره
- سليم انت بتقول كده ليه دلوقت ...

قبل اناملها بحب فواصل حديثه
- عاوز اقولك واعترفلك قدام ابننا اللي لسه مشافش نور الشمس ان حبك فى قلبى اكبر من وصفه بشويه كلمات .. كفايه انك الوحيده اللى جرتينى من قلبى ليك ولقلبك ولعينك .. وحدك اللى نمت ليلى اقول يارب "هى" ومش عاوز غيرها .. كل مره كنا نبعد فيها بعدها بفترة كنا نرجع اقوى بحب اشد وشوق اكبر .. كل مره كنت تمشي فيها عمرك ما فلتى ايدك اللي قابضه على قلبى وكانت تجيبنى من ضفايره ليك .. انا محاوط بطيف عشقك .. جبتك هنا اقولك اسف على كل اللي فات وكل اللي جاي .. وجد سليم لقى نفسه معاكِ وبيك ومعندهوش استعداد تغيبى عنه للحظه ...

تنهدت بحب مردفه: احيانا كل لخبطه المشاعر بتهدا بضمة .. ضمه واحده كافيه انها تقدم اعتذار عُمر ..
حضن قبضه كفها بلهفه
- وضمة منك هتحينى عمر ..
طوقت عنقه بشغف وحب فاض بقلبها
- بعشقك ياسليم العمر ..
دفنها بين احضانه هائما
- بعشق عمرى طول ماهو متحاوط بوجد عشقك ..

لا يوجد بيتا خاليًا من قدح القلوب التى التهبت عشقا دون ان تنضفى بضمه .. فى كل بيت نافذه يزورها القمر وتراقبها النجوم  دائما لتشهد على احتراق قلوب توهجت غياب وانضفأت فراقا .. هناك انين خافت يصدر لكل ليله من قلب احداها لا تضمه الى الوساده .. هناك قلوب تحترق بالحب وقلوب تحترق للحب ليكون لها فى نهايه المطاف .. فعندما يقع الامبراطور فى بحور العشق غارقًا فيصبح عشقا من نار تأكل كل من يعوق طريقها .. ليصبح العالم ساحة معركته والبشر اعدائه وعشقه درع حماتيه ليخوض حربا بكل ما اوتي من وّله ليظفر بقلبٍ اسره .. مع صوت كل دقه قلب عوض يأتيك ركضا ليظللك بمظلة حب ابدى ..
"فى الحب والحرب لازما نخلعوا عقولنا ياما "
قالها كلمه ووفاها ..
وسلمَ جريح القلب من سكين البعد بوجد اللقاء وضمة البقاء ونجى من الموت على مركبه جفن عيناها فرسى فوق قلبها الذى اذابه عشقا ...
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلًا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ...

تصدح اصوات تكبيرات عيد الاضحى بالخارج بابهج الاصواات التى تدب بالفؤاد نشوة فرح لا تعلم من اين تسللت بجوفك لتغمرك بريحتها المبهجه ... انتهت وجد من فتح نوافذ الغرفه فى القصر الكبير ثم استدارت بجسدها لتراه يخرج من المرحاض بعد اغتساله قائله بصوت مبهج
- كل سنه وانت طيب ياحبيبي ! عيد مبارك علينا يارب ...

القى المنشفه على طرف السرير وهو يقترب نحوها ويتأملها بتظرات مستشرقه
- كل عيد وانت منوره حيااتى ..
انتهى سليم من جملته وهو يدس رأسها بصدره يقبلها بحب .. فربتت عليه بلطف لتقول
- طيب اايه يلا اجهز بسرعه عشان الصلاه وانا هنزل اجهز الفطار تحت .. عشان نفطر كلنا سوا ..
- استنى بس فطور ايه دلوك ... مافيش خروج الا لما البس ..
تحركت امام عيناه بتلقائيه وهى تردف بمزاح
- بطل حركاتك دي .. جلابيتك ومكويه ياحبيبي البس وبس هعملك ايه انا يعني ..

قطم سليم شفته السفليه بنظرات متوعده ينبعث منها اسهم التنمر
- بااااااس هو الاهتمام مابيطلبش وخلاص كده سنين العسل بتوع الجواز عدوا .. انا اروح اتجوز بقي واحده تتدلعنى ...
عقدت مابين حاجبيها وهى تحمل جلبابه على معصمها لتردف بثقه
- بلاش تقول كلام انت مش قده .. واصطبح يااسليييييييييم ..
شد جسمه بمهاره رياضيه وهو يروضها بنظراته الحاده قائلا
- والله هموت واصطبح جدا ... لولا في عيد بس ...
ضربته بجلبابه وهى تضعه على كتفه باغتياظ مردفه
- طيب كويس انك فااكر .. البس وانزل صلى واخزي الشيطان ..ولم نفسك
ثم رمقته بنظرات حانقه: قال تتجوز قاال !

ضحك سليم بصوت مسموع وهو يهم بارتداء ثوبه قائلا بغمز
- وانا هلاقى بردو فى حلاوتك ولا طعامتك يابطل يامتكلف انت ..
نظرت له شذرا بعدم تصديق وهى تهم بقفل ازرار جلبابه باناملها قائله بدلال
- منا عارفه .. اصلا مافيش واحده هتستحملك غيري .. ولا هتعرف تحس بطعم الدلع غير معايا اصلا
اندلى برأسها ليسرق قبله خفيفه على كفها فتمتم بهيام
- احبك وانت واثقه .. كل عيد وانت متربعه جوه قلب سليم ...

سقطت انظاره على ضحكه واسعه من ثغرها وهى تميل بكتفها لترتمى فى حضنه وتطوق ظهره بذراعها قائله
- وانت طيب وبخير ياحبيبي ..
لم يكد ان يجيبها فالتفت انظارهم نحو الباب الذي فُتح متتاليا لصوت طرق خافت عليه .. فانفجرت ضحكه من جوه وجد قائله
- العفاريت جم اهوووو ..
طفل يتحلى بملامح ابيه التى نسخت على وجهه وهيبته ذو الخمس اعوام وتلحق به فتاه صغيره  ذات الثلاث سنوات لديها ملامح ملائكيه تتشكل على نحوٍ يعكس صوره صغيره لامها يتقدمان نحوهم .. فأردف سالم الصغير بنبره طفوليه
- انا عاوز العيديه بتاعتى .. انت اتاخرت ليه.

فاردفت ماجده وهى تضع يديها فى خصرها وترفع مقلتيها التى تشبه عينا امها قائله
- وانا كمان عاوزه العيديه بتاعى ..
انضمت وجد لجيشهم ممازحه وهى تقف مقابل سليم بتحدٍ
- اااه وانا كمان عاوزه العيديه بتاعى ...
رمقهم سليم بنظرات متأرجحه وهو يحك ذقنه بتفكير
- ده عيد لحمه عيديه اى اللي عاوزينها ...
هجمت ماجده على ساق ابيها بعفويه وهى تحضنها وتدفعه للخلف لتجلسه على طرف الفراش لتصرخ بفوضيه
- لا انا عاوزه العيديه بتاعتى دلوقت يلااا ...

غمز سالم بطرف عينه لابيه وهو يعض على شفته عدة مرات ببراءه
- بص يابابا خلاص ادي ماجى العيديه وانا راجل مش عاوز .. -ثم خفض صوته وهو يشير له بمكر - " تحت هتدينى عيديه اكبررر ...
عقدت وجد ذراعيها وهى تستند بظهرها على الخزانه وتراقبهم بعيون لامعه وثغر مبتسما .. فرفع سيلم انظاره اليها قائلا بغيظ
- فرحانه انت باللى بيعملوه فيا دا ..!
- وانا مالى ياعم مش عيالك البس بقي .. اقلها هيطلعوا عليك اللي معرفتش اعمله انا .. يلا هى نوايا ياسلومى ...
ارسل لها نظره متوعده وهو يميل قليلا ليفتح درجه "الكومود" ويخرج حافظه نقوده الجلديه
- عاوزين كااام يعني .. خلصونى الصلاه هتفوتنى !

سالم وهو يطوق عنق ابيه من الخلف
- انا راجل يبقي اخد اكتر من البنت ؟!
اقتضبت ملامح الصغيره بعناد
- لا يابابا انت بتحبنى اكتر ... فهتدنى فلوس اكتر مش كده ..
ضحكت وجد بصوت عال على حيره سليم وشجار صغارها .. فاردفت
- الصلاة يابابا هتفضل تتخانق معاهم مش هتخلص ...
فتح سليم حافظه نقود واخرج بعض الورقات النقديه قائلا
- يلا شالله يتمر اهو .. وفى الاخر تطلعوا بتحبوا امكم اكتر
هلل صغاره فارحين وهما يتناولون النقود من يده .. فلوح سالم بيده وهو يركض بشقاوة
- ياعم هات انت هتذلنا ؟!

وقف سليم متعجبنا وهو يقترب من زوجته قائلا
- الواد بيشوحلى يااوجد .. ياليتك السوده ؟!
- وسودتها ليه بس .. ماهى عيد وزى الفل .. واهو
سند كفه على خزانه الغرفه ليضعها تحت حصاره وبنبره تهديديه بعدما مسح اجزاء جسدها الذي شُكل ملاذا له قائلا
- العيال دول يتعاد تربيتهم !
تغنجت امام عيناه بدلالا وهى تطوقه بذراعيها: ربنا يديك الصحه وربي يابابا وانت روحت فين ..
دنى منها خطوة اخري قائلا بغمز:" لا منا مركز مع البطل الكبير " ..

اطلقت ضحكه عاليه فسرعان ما التهمها بقُبله سريعه ثم همس قائلا
- الباب مفتوح يخربيتك ..
- يلا طيب يابابا عشان تلحق تقعد مع عفاف قبل الصلاه ..
- طب وبعد الصلاه !
- احم .. هتدبحوا ياسليم ! انت نسيت ولا ايه ..
كبح غيظه وهو يضربها على كتفها برفق: لا ياختى مانستش يلا قدامى .. احسن الواحد مايتهورش ...
حضنت ذراعه بحب وهما يواكبان السير للطابق السفلى بمرح وسعاده تحتضن قلوبهم ..

ترتشف كوب النيسكافيه امام النافذة ويداعب ملامحها نسمات الهواء الدافئه.. فاستدرات برأسها لتبتعد عن النافذه وتضع الكوب على المنضده ثم تقترب من مجدي الذي خرج للتو من المرحاض قائله بغزل
- اى الحلاوة دي ؟!
نظر له بعيونه الضيقه وكأنه يكتظ غضبا بجوفه: ايوه ايوه ياختى بتحايلينى .. مش كده ..
دنت منه بانسيابيه لتطوق عنقه فعاقت قُربهم بطنها المنتفخه كالبلون فاردفت بدلال
- خلاص بقي ياميجو .. متحسسنيش بالذنب اكتر من كده ..

هزمته عيناها كعادتها فتلاشى ضجره سريعا: أحنا مش قولنا نبطل قهوه ياهانم !
اتسعت ابتسامتها ولمعت عيناها لتردف بهدوء: معلش بقي اخر مرة والله .. عشان دوشه السفر ودماغى مصدعه .. ومتنساش احنا يعتبر ما نمناش من امبارح ..
- اااه يااختى .. ماهى حبكت رسالتك تتناقش امبارح .. عاجبك الزنقه دي !
- الله ! وانت كنت عاوزنى اسيب رسالتى يعني !
- ما انت كنتى عاوزانى اسيب اهلى ومحضرش العيد معاهم ..
- يوووه .. ما خلاص ياعم .. احنا هنتخانق ولا ايه .. عيد مبارك علينا ياحبيبي ..

ضمها الي صدره بدفء حتى سبحت بين ذراعيه قائلا
- كل سنه وانت معايا .. وبعدين ما انت لازم تكونى رايقه ماانت نايمه فى الطياره طول الطريق ..
اطلقت ضحكه خافته فى حضنه لتردف: اييه ياعم انت كمان هتحسدنى على النوم !
ابتعد عنها بلطف ليتناول جلبابه الابيض قائلا: لا ياستى نوم الهنا .. خدى راحتك ..
تناولت زيه سريعا لتساعده فى ارتدءه قائله بمزاح: هو انا نمت كتير !
شدت مجدي جلبابه بقوة ليردف باغتياظ: اااه ياستى طول الطريق قاعد برغى مع نفسي انا ..
- وانت زعلان عشان سبتك لوحدك !

اقترب من التسريحه ليصفف شعره مردفا: دانا كنت هطق .. بس دا مايمنعش انه كان فى شويه بنات على الطياره صواريخ ..
ارتفعت نبرة صوتها بغضبا ملحوظ: بتقول ايه ياسي مجدي ..
نظر اليها فى المراه وهو يرسل لها قبله سريعه: بقولك محلوه لييه .. صاروخ يخربيتك ..
هدئت شيئا فشئيا: اااه بحسب ..
انتهى مجدي من تصفيف شعره فاقترب منها وانحنى قليلا على بطنها البارزه الذي يعلوها توب قصير ليطبع قبله طويله
- ابن الايه اللى عذبنى هو وامه عامل ايه ..

تسللت اناملها بين خصيلات شعره بلطف: ابنك عاوز العيديه هو ومامته ..
نصب عوده مره اخرى ليردف بغمز: عينيا ليه هو ومامته .. هو ياخد قلبى ومامته هتاخد حاجات اهم بس نخلص صلاه ..
ضحكت بصوت عال: ياابنى اتلم .. ويلا العيد هيخلص ..
- ياريت .. يخلص العيد عشان يبدا عيدي انا ..
- يوووووه يابنى انجزز .. وبطل قلة ادب بقي .

- صفوة انت متاكده ان الجوازه دي مش منظوره .. يعني سوري يعني بس مضطر افضفض معاكى انا واحد متجوز ليا اكتر من5 سنين ومراته كانت واحده ملبوسه شيبتنى عشان نجيب حته العيل ده واحده كل دماغها متبرمجه على المذاكره والرساله يامجدي لالا مش فاضيه  .. دانا لو شاقطك من المقطم كنت هتبسط اكتر من كده والله ..
اطلقت ضحكه عاليه وهى تغلق له زر جلبابه: ما خلاص ياعم انت هتذلنى ولا ايه .. ايام وراحت لحالها وانت استحملتنى لحد ما اتعالجت وبقيت احسن وكتر خيرك كمان ... بس ماتنكرش انى بقيت حلوة بعد كده ؟!

بذراع واحد جذبها لتكون فوق اسوار قلبه قائلا: سبحان ما كان مصبرنى عليك .. بس دا مايمنعش انى اقولك انى غرقان فيك يابت الايه وبعشقك .. وكان لازم اضحى عشان افوز بجنتك .. ولا ايه ..
لم تمنع نفسها من ان تطوقه بذراعيها هامسه: الجنه الحقيقيه هى حضنك ووجودك جمبى يامجدى .. انا من حسن حظى انك نصيبي الحلو فى الدنيا والاخرة ..
ربت على ظهرها: لا وحياة عفاف مش وقتك .. بقولك اى نثبت كده لحد مانخلص صلاه ودبيح ونيجى ندبح بمزاج بقي ..
ضمت كفيها بقوه وهى تندس براسها فى عنقه قائله بشوق: مستنيه .. عشان انت كمان وحشتنى جدا ..

انت بتهزر يامحمد .. راجع من المستشفى دلوقت ! دانا فقدت الامل انك تيجى
اردفت يسر جملتها وهى تركض نحو الباب الذي انفتح .. فطل منه محمد ذو الملامح التى نُقش فوقها معالم الجديه وشاربه الكثيف .. فوضع حقيبته بعجل مردفا
- يسر حبيبي هاخد حمام بس فى السريع تكونى جهزتى حاجه اكلها انا ليا يوم واقف على رجليا فى المستشفى ...
ضربت الأرض بقدميها: اووف يامحمد .. انا زهقت دى مابقتش عيشه ..
اغمض عينه بكلل وهو فى طريقه للحمام قائلا
- حبيبي والله دماغى هتتفرتك والصلاه قدامها ربع ساعه الحق ارش شويه ميه على جسمى ...
- روح يامحمد .. لما اشوف اخرتها معاك اى ..

يرش عطر قبلاته على عنقها بوله قائلا
- الحلو بيعمل ايه وسايبنى البس لوحدى .. كل سنة وانت نور حياتى .
قفلت سترته القصيره لتقول بهدوء: بسخن لبن بس عشان انا عارفه طقوس العيله دى مش بيفطروا غير بكبده العجل .. وممكن تجوع .. فحاجه تسندك ياحبيبي ..
استند بذقنه على كتفها قائلا بمزاح:
- نورى .. احنا امبارح مكملناش كلامنا ونيره قطعته وانت قولتيلى هتنيميها وترجعي .. وفضلت مستنى لحد مانمتى جمبها .. انا اعمل فيك ايه دلوقت ؟!
لكزته بكوعه بلطف وهى تطلق ضحكه خافته
- الله ياعماد .. بنتك كانت تعبانه ؟!

- ما انا كمان كنت تعبان والله ...
همست بحذر: عماد نيره فى الحمام  ابعد مايصحش تشوفنا كده ...
تسللت انامله لرباط سترتها بشوقٍ: وفكرك بخاف يعنى .. وبعدين هو الواحد بيخلف عشان يتسجن .. انا اول مرة اشوف حد بيجيب جلاده بنفسه ... وبعدين يعنى !
اتاه صوت طفولى من الخلف:
- داد انت بتعمل ايه ..
توقفت انامل عماد عن عبثها ليبتعد سريعا عن مهجه روحه واحتلت معالمه الارتباك قائلا
- روح وعقل وقلب داد .. اى الشياكه دى ؟! ..

دارت امام والدها ببراءة: اى رايك ف الدريس بتاعى .. مامى كانت بتقول لى اكيد انه هيعجبك ..
انحنى قليلا ليحملها بحب ويطبع قبلته العفويه على وجنتها قائلا
- الدريس قمر .. واللى لابسه الدريس قمرين ..
مسحت نيره اثر قبلة وادها:
- داد .. احنا مش اتفقنا تحلق يور بيرد " دقنك " .. انت مابتسمعش كلامنا انا ومامى ليه .. اصلها بتشوك جامد ..
قفلت الموقد وشرعت لتسكب الحليب فنظر اليها عماد بمزاح
- طب استنى نشوف مامى ونسالها .. هى دقنى بتشوكك يانورى ..

اردفت نيرة سريعا:" وماما هتعرف منين .. انت بتبوسنى انا فعشان كده بتشوك .. لكن مامى مش بتبوسها فأكيد يعنى مش هتعرف "
انفجر عماد ضاحكا على عفويه ابنته قائلا
- ممممم لا عندك حق يانونا .. طيب تيجى نجرب ونبوس مامى وناخد رايها .. مع ان الموضوع كان عاجبها اوى قبل كده .. ولا اييه يامامى ؟!
تعمدت نورا ان تضغط على مشط قدمه وتكز له باسنانها قائله بهمس:"عماد .. اتلم " ..
كاد ان يجيبها فمسكته ابنته من لحيته قائله بصيغه امرة
- يلا احلقها دلوقت عشان العيد ..
- ما ينفعش ياحبيبة قلبى عشان الدبيحه ودى سنة عن الرسول .. وعد منى اول ماندبح هحلقها خالص .. وانت وامك اتصرفوا بعد كده ... واخده بالك يامامى بنتك بتتعدى على حقوقك وممتلكاتك ...
لم يكف عماد عن مزاحه ولم توقفه اشارات نورا التحذيريه حتى فاض كليها منه قائله بنفاذ صبر
- اللبن يابابى .. والصلاه هاااا الصلاااه ونلم دورنا .. كده كتييييييييييررر اوى ..

انتهى محمد من تناول السنادوتش الذي اعدته يسر سريعا مردفا
- تسلم ايدك ياحبيبي ...
شرعت ف أن تجيبه متأففه ولكنه قطعهم ابنه قائلا
- يلا يابابا ولاد عمو سليم بينادوا عليا تحت .. كده هنتأخر ..
وضعت يسر ابنتها الرضيعه فوق الاريكه وهى تراقبه بنظرات ناريه .. فاخرج محمد بعض النقود ليعطيها لصغيره قائلا
- ياسين خد عيديتك يلا وانا هحصلك .. اجرى الحق ولاد عمك سليم تحت ...
ركض ياسين مهللا بعدما خطف النقود من يد ابيه .. فاستدار محمد الي يسر قائلا
- كل سنة وانت حبيبي ..

انكمشت ملامحها فاردفت بضجر: روح صلى يامحمد ..
شدها من كفها اليه وطبع قبلة طويله عليه قائلا
- عارف انى مقصر معاك جدا الفترة دى .. بس معلش يومين وارجع احسن من الاول .. عاوز اشوف ضحكتك بقي عشان العيد يبقي عيدين ..
اغرورقت عيناها بالدموع فاردفت
- محمد انت ليك اسبوع مش بشوفك غير عشان تاخد شاور وتخرج تانى .. هو انا مش بوحشك ولا انت بطلت تحبنى !
- طيب نبطل عبط ونشوف الموضوع دا بعد الصلاه .. لانه عاوز قعدة يا أبيض ..
ثم انحنى قليلا ليطبع قُبله بجوار ثغرها مردفا بمرح
- خلى التقيل فى قعدتنا ..

رغم عنها تبسمت ودق جوفها بدماء الحب واللفه فاردفت بحنان وهو تداعب لحيته
- كل سنة وانت حبيبي وابويا وكل دنيتى ..
شرع ان يجيبها ولكن قطعه هتاف عماد المدلف من اسفل قائلا
- جرى اى ياحنين فى صلااه .. طب نقفل الباب بدل ماهو موارب كده واللى مايشترى يجى يتفرج ...
ضغط محمد على فكيه باغتياظ مردفه
- روح ياخى الهى اشوف فيك اسبوع مش يوم ..
تبادلوا الضحكات فهّم الاخوه للذهاب للصلاه  .. فتوقف محمد على نداء يسر المفاجئ
- محمد .. انت نسيت تحط برفيوم .. استنى ..

ما هى الا بضع دقائق فكانوا الاخوه مجتمعين بالطابق الاسفل للقصر يتادلون التههنئات والمعايدات .. طبع كل منهم قبلته على راس امهم مهللين والفرحه تتسابق مع نبرات صوتهم حتى اتى صوت وجد من الخلف جاهره وهى تحمل صنيه الحليب
-الصلاه يارجاله .. انتو الكلام اخدكم ولا ايه ..
ف همّ جميعهم مغادرين حتى اردف محمد قائلا
- كل سنه وانت طيبه يأم سالم ..
ابتسمت وجد بامتنان وهى تضع الصنيه قائله
- وانت بخير يادكتور ..

غادروا جميعهم محتشدين خلف بعضهم البعض يتتضاحكون وصغارهم يتسابقون فى الركض .. اجمتعن باقى نساء القصر وهما يتابلون الاحضان والقبلات حتى اردفت نورا قائله
- كل عيد واحنا متجمعين يارب ..
دمعه سريعه فرت من طرف عين يسر التى ارتعش كوب الحليب بيده
- كان نفسي اوى ماما وماجده يكونوا معانا .. مهما فرحنا حاسه ان فرحتنا ناقصه .
حاربا كل من نورا وصفوه شلالات دموعهم حتى اردفت عفاف قائله
- الظلم اخرته وحشه يابتى وامك مسيرها تخف ويرجعلها عقلها وتيجى وسطيكم ..

اردفت نورا بحزن: انا كنت عندها امبارح دي مش فاكره اى حد فينا غير ماجده ... انا بقيت بروحلها اتوجع وارجع تانى ..
انفجرن الفتايات فى بحيرات الدمع التى شوشت الرؤيه امامهم فواصلت عفاف حديثها
- وبعدهالكم عاد .. انتو هتقلبوها نكد على الصبح .. ده عيد يابنات روقوا اكده وصلوا على النبى ..
ترددت اصواتهم:" عليه افضل الصلاة والسلام "
اختطفت صفوة زمام الحديث هاتفه: واللي اسمه حيدر ده عمل ايه ..؟!

جلست وجد بجوارها لتربت على كتفها بحنو قائله بحزن مكبوت
- من ساعة النطق بالحكم عليه فهو هرب ومحدش عارف له طريق .. يلا مسير الظلم له رب عادل هيخلص الناس منه ..
وثبت عفاف قائمه: جرى ليكم ايه اومال ! ده عيد يابت انت وهى يلا افتحوا لينا الاغانى الحلوه اللى تشق الفرحه على القلب ... وانت ياوجد يلا تعالى نحضروا الفطور قبل الجزار ما يوصل ..
هتفت نورا بمزاح: وانا ماليش شغلانه يامراة عمى ولا ايه ! ولا هى وجد كلت الجو مننا ؟!

اجابتها عفاف بامتعاض: لا يالمضه روحى جهزى خلق جوزك عشان الدبيح .. وانت يايسر ادى بتك لصفوة وروحى شوفى البنات جهزوا مكان الدبيح ولا لا ؟!
يسر بمزاح: يعجبنى فيك ياعمتى انك عندك شغل مابيخلصش ..
تغنجت صفوة فى جلستها بفظاظه: ياجماعه انا حماتى بتحبنى والله .. ومافيش بعد كده دلع ... ااه وياريت بسرعه بقى عشان انا واقعه من الجوع .
يسر بسخريه: ده عشان بطنك بس ماتتمرعيش قوى .. فوفا مش بترحم حد ..
توقفت وجد بتساؤل: صحيح ياصافى ولد ولا بنوته ..؟!
نورا وضعت ساعدها على كتف وجد ممازحه: انت متعرفيش .. الهانم طلعت سوسه ..
رمقتها وجد بطرف عينيها لتردف باستغراب
- انتوا مخبيين عليا ايه ؟!

اتت يسر لتستند بكوعها على كتف وجد الاخر قائله
- الهانم تسكت تسكت وتجيب بالجوز .. لا والاتنين صبيان كمان !
انطلقت عفاف مهلله بازهى اصوات المرح والزغاريد لتميل على صفوة وتقبلها
- الف بركه يابتى .. ربنا يقومك بالسلامه ..
ربتت صفوة على كتفها قائله: لا بقولكم اي انا لسه ماقولتش لمجدى ومستنياه بعد الصلاه .. محبتش افاجئه غير فى مصر .. بليز محدش يبوظ لى المفاجئه ..
يسر بمزاح: ااه ياسيدي ياسيدى .. نطلع منها يعني ..
وجد بمزاح وهى تلكز يسر برفق: ماتبقيش رخمه وخفى قر بقي ..

يسر بمرح: دي سوسه ياعم .. تعالى تعالى نحضر الفطار واحكيلك كانت تقول ايه وتعمل ايه
صفوة بنبرة تحذيريه وهى تشير اليها بسبابتها
- بت انت اتلمى .. الله ..
- خليك فى حالك انت .. يلا ياوجد سيبك منها _ ثم توقفت للحظه _ ااه تخلي بالك من بنتى هاا ولو عيطت انت حره بقي متعرفيش ممكن اعمل ايه ؟!
شهقت صفوة بنبرة عاليه: شايفه ياعمتى ؟!

حسمت عفاف الجدل: خبر ايه عااااد ماتقصروا ! خلاص يايسر هشيل انا البت وانت روحى ساعدي وجد يلا .. وانت يانورا روحى اقضي مُصلحه ..
تحركت كل من وجد ويسر نحو المطبخ وتابعت نورا خطاهم الذي انحدر فى نهايه ساحة القصر .. مره حوالى نصف ساعه انتهت فيها صلاه الاضحى وجلسوا رجال العائله فى مجتمعهم السنوي لدى العائله كبار البلد يتبادلون المباركات والضحكات .. فاردف سليم وهو يتناوله كأس الشاى من يد احد الخفر قائلا
- قصدك ايه يا عدنان بيه ! بأن البلد دي يكون لها كبير تتسند عليه ! احنا مش مالين عينكم ؟!
واصل عدنان كبير احد العائلات قائلا
- فهمتنى غلط ياسليم ياولدى .. قصدى يعنى معالى المستشار عماد بيه يترشح لمجلس الشعب .. هو الوحيد اللي يستاهلها ونسل هوارة سيد الرجال ولازما يفضل اسمهم مرفوع طول العمر ..

صمت تام خيم على الاخوة حتى اردف محمد بحماس: دى فكره حلوه قوى ! وانا موافق
عماد مقاطعا: استنى بس يامحمد .. ياعدنان بيه كبارات البلد كتار وكلهم يستهاهلوا المنصب ده ؟!
هتف صوت اخر: على قولتك يابيه .. هما كتار لكن مافيش فى عقلك وحكمتك واصل ؟!انت اللى تستحق المكانه دي .. خاصه هيكونلك درايه بشئون البلد وعاداتها .. ولا ايه يارجاله !
جهر صوت مجموعه من الرجاله مزمجرين
- صُح كلامك يابيه .. عماد باشا هو اللي يستاهلها ..

شرع عماد ان يتحدث فلكزه مجدي بخفيه هامسا: هنشوفوا الموضوع ده فى البيت ..
تبادلوا الاخوات النظرات الاستكشافيه بينهم حتى اتفقوا بنظرة على المغادرة .. فهتف عماد قائلا وهو يهم بالنهوض
- طيب يارجاله هنشوفوا الموضوع دا وارد عليكم .. مع انى مع انكم تفكروا تانى ...
نهض الشيخ عدنان قائلا: ده قرار كبارات البلد يامعالى المستشار .. ومافيش منه رجعه واصل ...
لم تتوقف نظرات الأخوه التى تتبادل كالاسهم حتى واصل الشيخ عدنان قائلا
- يلا يارجاله ... عيدكم مبارك .. كل واحد يروح يشوف دبايحه ولينا كلام المسا ...

ااه والله ياوجد زي مابقولك كده
اردفت يسر جملتها الاخيره وهى تضع ما بيدها فوق الطاولة، فلحقت بها وجد لتردف بنبره ساخره
- بقي صفوة يطلع منها دا كله ؟!
صدح صوت ضحكات يسر العاليه مواصلة حديثها
- وقال اى مجدى دا لو اخر راجل فى الدنيا مش هتجوزه ... ويا جماعه فوقوا بقي جواز اى وجهل ايه اللى انتوا فرحانين بيه دا ...
سحبت صفوة مقعد الطاوله وهى تردف بنبرة حانقه
- ما خلاص ياست يسر ... صدقتى ما لقيتى ؟!

استندت يسر على مقعدها مواصله حديثها
- استنى بس احكى لوجد عشان مكانتش متابعه الحوار من اوله ... وهااا ياستى كانت ليل مع نهار تشتم فى مجدى وتقول هطلع عليه القديم والجديد وهسود عيشته، بنى ادم مغرور وشايف نفسه ... وانا بصراحه معنديش خُلق اتجوز واحد متخلف زى دا واجيب منه عيال متخلفين ؟!
- " الله الله ؟! لا المعلومه دى اول مرة اعرفها ؟"
صدح صوت مجدى الذى اقتحم البيت بمفرده فجذب اذانه حديث يسر الساخر .. التفوا جميعا للخلف فكتمت يسر ضحكاتها قائله
- احممم .. انا شكلى عكيت ولا ايه ..

قهقهه مجدى بمزاح وهو يقترب من مجلسهم
- ياستى مهما حكيتى مش هيجى زى السود اللى شوفته على ايدين اختك .. دانا عديت النجوم فى عز الضهر ...
تعالت صدح اصوات ضحكاتهم الا صفوة التى التفتت اليه بغضب
- بقي كده ! بتشتكى ليهم منى ؟! هما مش هيجوا معانا فوق على فكرة ؟!
انحنى مجدى ليطبع قبله خفيفه على كتفها قائلا
- هو اللى يقول الحق فى البلدى يبقي غلطان ؟!

بمجرد ماانتهى مجدى من جملته دلف باقى الاخوة جاهرين مع اصوات ضحكاتهم ومرح صغارهم .. فانشق ثغر وجد بابتسامه عريضه مردفه
- مش يلا يايسر نجيب باقى الاكل ...
هزت يسر رأسها وسبقتها على المطبخ فلحقت بها وجد، اما عن نورا فدلفت هى الاخرى من باب الحديقه حامله بعض الملابس على يدها .. فرفعت انظارها نحو حديث محمد الذي جهر قائلا
- تعالى يادكتورة شوفى جوزك وعقليه ..
نظرت له بفضول وهى تقترب منه: حصل ايه ؟!

جلس عماد وسليم على الطاوله اما عن محمد فواصل حديثه قائلا
- رافض يخش مجلس الشعب ... والنبى قولى حاجه انت ..
صمتت لبرهه وهى ترمق زوجها بنظرات حائره ثم تنحنحت بخفوت لتردف بمزاح
- شكل سيادة المستشار اخد على قعدة البيت ولا ايه ! ليه كده ياعماد دى فرصه كويسه لينا ولولادنا ؟!
رد عماد قائلا
- ياجماعه دا حوار كبير ومسئوليه ووجع دماغ ملهوش اول من اخر وانا فر غنى عن كل دا ؟!

سحب محمد مقعد الطاول ليجلس بجواره قائلا
- مهما كانت المسئوليه اللى بتتكلم عنها مش هتيجى زى ما كنت مستشار وبكلمه منك هتموت انسان وكلمه تحييه ... ما تقولى حاجه ياعفاف !
- اقولكم ايييه ولدى عاقل وعارف مصلحة نفسه وهو حر ... ويلا كلوا قبل الجزار ما يوصل وسيبكم من حديت الشغل فى البيت ..
ردت صفوه بانبهار: انا شايفه ان معالى المستشار مايفوتش فرصه زى دى ...

فواصل مجدى: هو دا اللى بحاول اقنعه بيه طول الطريق
شرعوا فى تناول الطعام وجلس باقى افراد الاسرة وصغارهم حول المائده يتبادلون الاحاديث الضحكات حتى التفتوا جميعا نحو صوت احدى الخادمات
- ست عفاف الجزار وصل بره والخفر ودوه مكان الدبيح ..
نهض جميعهم مهللين وبعض الحماس يغمر ملامحهم فاردف عماد
- يلا ياارجاله...
صاح الجزار مهللا باسم " الله اكبر " مع مرور سكينه على رقبة الفدو التى التقتط مع نهايتها روحه .. فصاح الصغار مارحين سعداء بتكوم العجل الاسود ارضا .. شرع الجزازين فى اتمام مهامهم تحت اعين رجال البيت اللذين يتبادلون الحديث بشغف فنهض سليم بعجل وبدت عليه معالم الارتباك
- طيب يارجاله 5 بس وراجع ..
جلس محمد على المقعد الخشبي بجوار بقية اخوته قائلا بمزاح
- على فين ياهوارى .. قومت كيف الملدوغ ليه ؟!
خلع سليم شاله والقاه فى وجه محمد مغلولا
- بطل تدخلى نفسك فى حاجات مالكش فيها ..

القى سليم شحنة كلماته ثم دار مسرع الخطى نحو بيته القديم عندما سقطت عيناه على وجد تقترب من هناك .. رتب زيه محمحا ليتابع خطاها بحذر ان تراه حتى دخلت البيت وتركت بابه مواربا ... فتسلل سليم خلفها بهدوء حتى وصل الى اعتاب المنزل وتعمد ان يغلق بابها بلطف حتى وصل الى مكان تواجدها وهو المطبخ مستندا على اعتابه يراقب خطواته عشوائيه وهى تقلب فى الاوانى كانها تبحث عن شيء ما .. عقد ذراعيه امام صدر مرسلا جيشا من نظرات الشوق تحت ابتسامه ساحره .. حتى اردف بصوته الرخيم عندما وجدها تحاول ان تصل لاعلى المطبخ لتتناول ما تبحث عنه
- اساعدك ؟!

شهقه عاليه تكاد انها سحبت اكسجين المكان وبتلقائيه كانت يدها فوق اسياج صدرها قائله
- حرام عليك ياسليم .. خضيتنى ! انت هنا من امتى ؟
تسكعت عينها على كل إنش بجسدها وهو يقترب ببطء شديد
- من ساعة " كان يوم حبك أجمل صدفه "
دوت عاصفه من الضحك الخارج من جوفها لتقول بنبرة سحرته
- لا دانت من زمان بقي .. بس هو انا ازاى ماخدتش بالى !

انحنى بتلقائيه ليطبع قبلة سريعه على كفها الذي لازال عالقه على صدرها قائلا
- اسألى نفسك عاد .. شكلك بطلتى تحبى وأنا لازم اجدد الحب ده حالا بطريقتى ..
دفعته بعيد برفق وهى تهتف: والنبى انت رايق .. سليم ينوبك ثواب هاتلى العلبه الكبيره دي من فوق مش عارفه اجيبها ...
ثم صمتت للحظه تتفقد عيناه الحائره فواصلت حديثها: يابنى انجز امك مستنيانى يلا ..
ظل يقطم فى شفته السفليه عدة مرات حتى ثار جيوش الضحك بداخلها
- الله ! مش مرتحالك .. ياسليم انجز يلا وهات العلبه من فوق ..
ظل يرمقها بعيونه الصقريه التى لم تنتو على خير ابدا .. فتراجع خطوه للخلف وهو ينظر على الشيء الذي طلبته منه  قائلا
- ضروري ..

- سليممم !
بسط كفه امامها ليقول: يلا هسندك ..
تأرجحت عيناها باستغراب بدا على فاها المفرغ
- اكيد بتهزر .. لا مش هركب أنا .. حبيبي انا حامل لو كنت نسيت ..
- ما اكيد مش هطلع انا على الرخامه هتتكسر ياوجد ! ماتقلقيش هسندك .
تأهبت لتهرب من حصار عيناه الاتى تصمهم جيدا .. فاردفت
- طيب هنادى على سالم تشيله ويجيبه ..

طوق خصرها بذراعه القوي ليتدلى بانفاسها على عنقها الذي هرب من فوق شالها قائلا
- مش واثقه فيا انى اقدر اشيلك ولا ايه ؟! شكلك نسيتى .. بس انا حابب افكرك ..
اطلقت ضحكه مكتومه محاوله التملص من قبضته قائله بدلال
- انت عاوز ايه ؟!
- عاوزك ...
- مش وقته وسع كده ..
- ولو قولت لا ؟!

- ما انت طول عمرك بتقولى لا .. فين الجديد ! وبعمل اللي عاوزه بردو ..
- ياسليم الباب مفتوح , حد من الولاد يجي ..
شعرت بانفاسه المدججه بلهب الحب ترتطم بجدار عنقها فهمهم
- قفلته ...
دارت بخفه لتقف مقابله له قائله بنبرة تحد: بقولك ايه .. احنا اصلا متخانقين فوسع كده ؟!

ظل يداعب خصيلات شعرها بشغف: ايامنا هنا وحشتنى .. ايه بطلى رخامه بقي دا حتى اليوم عيد ..
كتمت ضحكتها فرفعت عيناها اللامعه ببلايق من الحب: طيب ممكن يا بابا نأجلها عشان دلعك ده مش وقته ..
انخفض مستوى ذراعيه ليطوقا خصرها قائلا: تؤ .. هو ده وقته ..
كانت اخر جمله اردفها قبل ما يبتلع همس شفتيها بقبلاته المختلفه .. تارة قويه وتارة خفيفه ليشعل براكين الحب المتوقه له بجوفه حتى لم تجد مفر منه الا اليه لتتشبث بجلبابه كمن يخشي البعد سابحه معه فى انهار حبهم ..

ابتعد عنها قليلا فاستغلت الفرصه لتعانقه بقوة وتتنفس بين ذراعيه قائله بهمس
- كنت واحشنى جدا على فكره ..
لم يكف سليم عن تقلبيلات المثيره المتوزعه على عنقها حتى اردفت بهدوء
- عاوزه اتكلم معاك شويه ..
سحبها من كفها خلفه لغرفتهم حتى توقفت على اعتاب المطبخ قائله
- سليم .. عاوزه اتكلم معاك ممكن !
اغمض عينيه بنفاذ صبر فانثنى سريعا ليحملها بين ذراعيه متجها نحو مقصده قائلا: مش وقته ياوجد !

رفعت عيناها اليه وذراعها الاخر ملتف حول عنقه لتداعبه بلطف باناملها قائله
- وانت عارف انا عاوزه اقول ايه ؟!
توقف على اعتاب غرفته قائلا: اه ياوجد عارف .. وانتِ كمان عارفه ردي .. ممكن ننسى ونعدي يومنا ؟!
تعمدت ان تبسط ساقها الممتد فوق ساعده مستنده على الحائط لتمنعه من خطوه اضافيه مع عبوث ملامح وجهها
- نزلى ياسليم ..
زفر باختناق: وجد انت عتهربى من ايه ..
احمر وجهها بالغضب: نزلنى قولت ياسليم ..
استجاب لطلبها قائلا بتأفف: هااا احكى ..

دفعته بتجاهل: لا ماانت عارف ومصمم رايك .. والكلام اللي لا هيقدم ولا ياخر قلته احسن ..
تابع خطاه بعجل ولكنه دون جدون نجحت فى الهروب من حصار اوامره المستبده .. تأكل خطاوى الارض ركضا حتى تتحاشي الخلاف معه .. وقف سليم فى منتصف الصاله مزفرا بعجز
- وبعدهالك ياوجد !

- " فستانك حلوة اوى يا نينو "
صوت طفولى انطلق بجملته وهو ويقف امامها بتغزل ليستد بكفه الصغير على الحائط التى تعتبر مسندا لظهرها فاردفت بخجل
- ده ذوق مامى على فكره يالومى .. عجبك بجد !
اومئ سالم الصغيره ايجابا: زى القمر اوي .. كل سنه وانت طيبه ..
شعرت نيره بالخجل فاردفت: وانت طيب ..
قبض سالم على كفيها ليقترب منها اكثر ويطبع قبله طفوليه على جبهتها
- دى عشان العيد ...
احمر وجه الصغيره اكثر وهى تدير وجهها بعيدا لتردف بخجل شديد
- عيب اللى انت عملته ده .. مايصحش ..

هز سالم كتفيه ببراءه
- لا مش عيب .. بابا بيعمل كده مع ماما .. وكمان بيبوسها فى بؤها .. تحبى ابوسك انا كمان !
- دول كبار .. احنا كمان لما نكبر هخليك تبوسى كده .
- طيب ودلوقتى ليه لا
دفعته نيره بعيدا لتهرب منه قائله: انت قليل ادب وانا هروح اقول لبابى انك عاوز تبوسنى ..
القت نيره جملتها لتفر راكضه بعيدا حتى ارتطمت بساق سليم الذي اوقفها قائلا
- مالك ياحبيبتى !

القت نظرة على سالم الذي تمهل فى ركضه بمجرد ما راي والده .. فاردفت نيره بغيظ
- اونكل .. سالم كان عاوز يبوسنى زي ما حضرتك بتبوس انطى وجد .. وانا قولت له عيب مايصحش لما نكبر ..
كبح سليم ضحكه بصعوبه: صلاه النبى ! يعني دلوقت حرام ولما تكبروا حلال ..
ثم رفع نبرة صوته مناديا على ابنه: خد ياسالم تعالى ..
تهمل الصغير فى خطاه خاشيا نظرات والده قائلا: نعم يابابا ..
رفع سليم نبرة صوته اكثر: قولت تعالى هنا ..
ارتعد جسده اكثر حتى وقف امام والده مطاطا الرأس .. فواصل سليم حديثه
- اى اللى انت قولته لبت عمك ..
- مش قولت حاجه !

زمجرت رياح غضب سليم: اللى اتعمل ده مايتكررش ..فاهم !
سالم ببراءه: ماانت كمان بتبوس ماما !
تارجحت عيون سليم فردد بهمس: ااه انت ومحمد بقي اللي باصين لى فى ام الجوازه دي .. قولوا كده ...
ثم سقطت عيناه على ابنه الذي ينتظر رده فهذي سليم بكلمات غير منمقه
- انا وماما غير .. دي بنت عمك واختك مايصحش عيب .. لما تكبروا ووووو بص هو ماينفعش فاهم ولا لا
اجابت نيره ببراءه: مانا قولت له يااونكل دي تصرفات كبار .. استنى لما نكبر ..

- الله ! دانتو جيل منيل ! عاوزين تبوسوا على طول كده ! بقولكم اي اتلموا وخلاص يانيره سالم مش هيعمل كده تانى ..
- مممم يعني ماقولش لداد !
- لا وحياة داد احنا مش قده ! لمى الدور !يلا روحى العبي مع ماجى ..
انصرفت نيره ببراءه ثم اقترب من اذان ابنه قائلا: وانت ياخاايب اللي يبوس بيسئذن ! خليك واعى زي ابوك .. الحاجات دي تتخطف خطف كده !
تفرغ فاه الصغير بعدم فهم: نعم !

عبث ملامح سليم بتصنع: راسك تخينه زي امك .. اوعى تعمل كده تانى فاهم ! عماد هيدبحنا زي العجل اللي لسه شايفه ..
ركض سالم مهللا: هروح اقول لماما انك قولت عليها راسك تخينه ...
- خد ياواد انت هنا .. يخربيتك وبيتى ! هى ناقصه تشعللها !
ثم ضرب كف على الاخر: اخرة اللي يحكى مع عيال !

يتحرك فى ساحه قصرهم .. خاصة امام المكتبه .. ففوجئ بصوت يناد عليه بحذر قائلا
- مجدي ..
التفت بتعجب قائلا: صفوة ! واقفه عندك بتعملى ايه ..
اشارات االيه بحرص فاقترب منها قائلا: مالك وبتتكلمى بشويش ليه !
جذبته من كفه داخل المكتبه لتقفل بابها سريعا كى لا يراهم احد ولكن عيون عفاف كانت كالصفر متوزعه فى جميع انحاء القصر فضربت كف على الاخر
- شوف ياخويا البنات ! وعجبى !
عودة لصفوة التى انهالت على ثغر مجدي بقبلات عديدة فلم تعطيه فرصه لتحدث .. فلم يجد مفر الا ان يبادلها ما بدأته بشوق يغمزه حتى خرت ضاحكه بين يده لتقول
- فاكر المكتبه ؟!

فرك مجدي كفيه بحماس: وحد ينسي البركه بتاعتنا ..
استندت بكفيها على صدره بدلال: منا قولت لما افكرك وكده .. وبما اننا مطولين مش هنروح بيتنا دلوقت .. قولت الحق اعتذرلك على دبش يسر الصبح ..
خطف قبلة من ارنبه انفها قائلا: ياباشا انا كلى ملكك .. معرفش ازعل منك اصلا .. وخصوصا بعد حركة الجدعنه دي ..
تعمدت ان تطبع قبله خفيفه عما ظهر من فتحته سترته مردفه بشوق يناديه
- انت محلو ليه النهارده !
سقطت عيناه على شفتيها المرسومين بفرشاه فنان قائلا
- النهارده بس !

- ممم يعني النهارده زياده شويه ..
حاوط خصرها لينهال عليها بقبلات ممزوجه بالشوق والحب وهما يمرحان فى ساحه المكتبه .. خطاهم واحد .. دقة قلبهم واحده .. انفاسهم تنكتم معا وتنطلق معا .. فوجئ مجدى باناملها تفصل بينهما قائله
- عندي مفاجأه ..
رفع حاجبه باعجاب: بجد ! طب ماتقولى !
نظرت له بعيون ضيقه تحمل بين طياتها مكرا
- طيب شيلنى الاول ؟!

رفع حاجبه ممزوجا بضحكه ساحره حتى يأست من تنفيذ لطلبها فدارت لتبعد عنه قائله
- خلاص مش هقولك المفاجأه ..
احكم قبضته على ساعدها ليوقف خطاها: ماتبقيش حماقيه عاااااد ..
ثم انثنى ليحملها بتثاقل بين ذراعيه قائلا
- انت بتتقلى ليه كده !
ضحكت بدلال: ممممممم كده هفجر المفاجئه ؟!
تحرك مجدي ببطء فى ساحه المكتبه منتظرا حديثها
- انت عجبك الوضع ولا ايه !

- ممم هو بصراحه انت عندك حق .. عشان انت شايل تلاته مش اتنين ؟!
فرغ ثغره مذهولا بعدم استيعاب محاولا تركيب جملتها .. فعقد ما بين حاجبيه
- قصدك !
مالت على اذنه هامسه بنبره كافيه لتشعل حقل نيران من الحب بجوفه قائله
- مبروك ياابو البنين !هتسميهم اي بقي ؟!
- هما مين ..
تعلم ان صاعق الصدمه على قلبه ليس بهين فاشارت على بلونتها المنتفخه
- هنا فى اتنين صبيان ياابو البنين .. هاا بقي هتسميهم ايه ..
- بتتكلمى جد !

اومأت راسها ايجابا بابتسامتها الواسعه .. فلم يجد مفرا الا ان يتناسى كل شيء ويدور بها فارحا مهللا على جهر صوته المدجج بالفرح وصرخاتها المنتشيه ..
- خلاص يامجدي نزلنى متتجننش !
- انزلك اي بس .. دانا الود ودى افضل شايلك كده العمر كله .. لا استنى كده افتكرت حاجه مهمه جدا !
- اللى هى بقي ؟!
غمز لها بطرف عينه: ريفريش بقي لليلة المكتبه من 5 سنين .. الخبر دا مش هيعدي كده !
- مجدي اخواتك بره ! بطل جنان !
- مش شايف غيرك اصلا ..

- عفاف ماشوفتيش يسر ؟
اردف محمد جملته على اذان امه بمجرد دخوله من باب المنزل الخلفى .. فاجابته وهى تبسط ساقها اليمنى بتعب
- بترضع بتك فوق .. وبعدين انتوا سبتوا الجزار لوحده ليه ؟!
حك محمد رأسه بارتباك خفى قائلا
- ما هو قرب يخلص .. هشوف يسر بس عشان كنت سايب معاها حاجه مهمه ..
رمقته عفاف بعدم تصديق: " طب ياولدى .. ابعت حد من العيال يشيع لها !"
- لالا ياعفاف يشيع لها اي بس .. انا هروح اشوفها ..

كانت اخرج جمله اردفها محمد وهو يشد طرف جلبابه مسرعا لاعلى نحو غرفته .. فلحظت عفاف دخول وجد الذي يحمل فى ذيوله نيران غضب .. فنادت عليها جاهره
- ياوجد .. مالك يابتى ..
ضجيج غضب وجد العارم كان اقوى من ان تلتفت لنداء عفاف .. فتجاهلته تماما لتتجه نحو غرفتها بعجل .. غلت دماء الغضب بعروق عفاف لتضرب كف على الاخر
- هما مالهم مش على بعضهم ليه ! يكش يكونوا اتحسدوا !

اقتحم محمد غرفته بالقصر .. فتفوهت يسر بحذر شديد
- اششششش البنت يامحمد ..
اشار اليه بكفيه بتفهم .. فدار بجسده ليغلق الباب ببطء كى لا يزعج صغيرته قائلا  بهمس
- نامت !
اومأت راسها ايجابا وهى تضعها برفق فى منتصف الفراش لتتفاجئ بيدي محمد يلفتان حول خصرها قائلا بهمس
- وحشتيني !

نصبت يسر عودها ببطء لتتحدث بهمس: البت نايمه اششش قولت ..
جذبها اليه بقوة مطلقا العنان لكفوفه تتحرك بحريه على ساحتها قائلا
- وحشتينى اعمل ايه يعني ؟!
تملصت بين يده بدلال: لا بقولك ايه انا لسه زعلان ؟!
نظر اليها بعيون ضيقه: منا هنا عشان اصالحك ..

اضاءت ببريق حب كلماته وبدالته ابتسامه ساحره كانت كافيه ان تجذب شفتيه اليها لارتشاف شهد ملامحها .. تعمد محمد ان يطبع بعض قبلاته الخفيفه المتوزعه بحرافيه عاشق على ملامحها فهمس ضاحكا
- انا ليا كتير مش شوفتكيش صح ؟!
ضربته برفق على كتفه قائله بعتب: اسبوع يادكتور !
- اخص عليا ! دانا محتاج اسبوع ادهم عشان اعتذر رسمى لكل جزء فيك كنت بعيد عنه ..

قطمت شفتها السفيله مما كان كافيه ان يتوهج بنار الحب ليلتهما بكل ما اوتى من وشوق .. ظلت تبادله بقبلات اكثر شوقا وشغفا .. سبح الاثنين بين ذراعى بعضهما فى ساحة الغرفه باسمى انواع الحب تحت صوت ضحكاته المترنمه وهمهماته المحمله بالحب .. حتى تنسا زمان ومكان تواجدها فنيران حبهم اصبحت تلهم كل ما يعوق طريقهم .. وبدون مقصد اطاح كف محمد الفازه الموضوع فوق الطاوله لترتطم بالارض مصحوبه بصوت صرخات طفلتهم ..
بعدته يسر عنه بصعوبه بالغه وتحت انفاسها المتراقصه: البنت يامحمد ؟!

كان ان يلتهمها مره اخرى ولكنها ركضت سريعا نحو صغيرتها قائله
- معلش ياحبيبي .. هتعيط وقلبى مش هيستحمل يسيبها كده ؟!
تمالك محمد شحنات ضجره قائلا: وانا اولع يعني !
كتمت صوت ضحكتها وهى تحمل ابنتها على كتفها وتنهض لتقف امامه بدلال
- خلاص بقي .. ليك عليا هنيمهم بدرى النهارده ..
هدأ محمد شيئا فشيئا مردفا: وبنت الكلب دي تنيميها من المغرب !

ضحكت يسر على اسلوبه الطفولى واكتسبت زمام الامر لصالحها فشرعت فى تقبيله بفرق ثم ابتعدت عنه
- خلاص بقي اعتبرها تصبيره ياسيدي .. يلا انزل ..
- انت مالك مبسوطه ليه ؟!
انفجرت يسر ضاحكه: شكلك يموت من الضحك حقيقي !
كان ان يقطم شفته السفليه مزفرا: طيب اصبري على رزقك الليله .. عشان تضحكى كويس ..
كانت اخر جمله اردفها محمد قبل ما يجري ذيول خيبته ويغادر الغرفه ويتركها تنفجر ضاحكه وهى تحتضن ابنتها ذات الخمسة اشهر على كتفها ..

" انت بتعملى ايه ؟!"
يقف خلفها ويثقل حركتها بسبب قبضه يده الطابقه على خصرها .. فنجح فى ازاله غطاء رأسها ليتدلى بشهد شوقه على جدار عنقها فحاولت التملص منه قائلا
- ياعمده عيب كده احنا مش فى بيتنا .. وبعدين امك لو دخلت هيبقي شكلنا زي الزفت ؟!
استند على كتفها ليتابع ما تصنعه قائلا: ماهى قفشتنا كتير .. دي بقيت مسجلانا كلنا سوابق ! واهو المطبخ احسن من اوضتها ؟!
انفجرت ضاحكه بصوت عال: متفكرنيش ! يالهوى انا كل ماافتكر الموقف ده بموت من الضحك ؟!

انفاس ضحكاته لمست ملامحها قائلا: ما انت اللي كنت منفضه لى جامد ومش لاقيه حاجه تهربي منى فيها غير تنضيف اوضه عفاف ! وبصراحه كنت هطق منك احمدي ربنا بقا انها دخلت قبل ما اتهور وووو
لكزته فى بطنه باغتياظ: اشششش اخلاقك بقيت زفت اوى .. كنت فكراك محترم والله !
- ماهو الراجل المحترم بيبقي كده مع مراته .. متخافيش غير من المحترم مع مراته .. ده بيكون مدورها ساقيه بره ؟!
كبحت صوت ضحكاتها الذى كاد ان ينفجر منها: يالهوي عليك تشبيهات فظيعه !
- المهم انا لحد دلوقتى معرفتش انت بتعملى ايه ؟!

تناولت المطرقه لتقلب ما بالاناء
- بجهز التدبيلة عشان الشوي ياباشا .. وحتى وجد اختفت مش عارفه مجاتش ليه ؟!
- لا ماهو سليم مكلبشها هى كمان !
- انتوا مفضوحين اوي .. وسع كده .. بنتك لو شافتك هتسود عيشتك ؟!
- والله ما بعمل حساب لحد غير بت الايه دي ..
شرعت نورا ان تجيبه ففزعا كلاهما على صوت عفاف المستاء
- يعني انا لا عارفه القاها من كبير ولا صغير .. جرالكم ايه ياولاد الهوارى ..

احمر وجه نورا بحمرة الخجل لتنغمس فى صنع ما بدأته .. اما عن عماد قهقهه بمرح واقترب من امه ليقبل رأسها ويدسها بحضنه قائلا
- ياست الكل 5 سنين متعودتيش ؟! وبعدين دي مراتى يافوفا وانا شاقطها يعنى ؟!
- ياخى دانا ابوك لما كان ينده عليا وسط الحريم كان يقول لى  يا "عماد " .. انما انتوا رجاله اخر زمان ..
رد عماد بغزل: وفى اوضه النوم كان يقولك ياعماد بردو !
ضربته عفاف باغتياظ ممزوجا بهذى من السب غير المفهوم .. فاردفت نورا بشماته
- والله تستاهل .. ابنك كل تفكيره بقى كده ياطنط .. ربيه بقي ..
- ما بلاش انت !

- ولا هخاف .. طنط هتاخدلى حقى ؟
واصلت عفاف حديثها: يلا ياولدى الله يهديك خلينا نجهزوا الوكل ونخلصوا ..
غمز عماد بطرف عينه ضاحكا: احمم فى السريع يانورى هاا .. فى مشروع بيبي عاوزين نجيبه سوا
لكزته عفاف بنفاذ صبر: ياواد اتحترمنى طب ..
- يعني انت غريبه يعني ياعفاف .. مش نفسك نجيب اخ لنيره ! انا غلطت ؟!
- وانا فى دى الساعه ياولدى لما تملولى البيت عيال !  شهلى يانورا يابتى جوزك راسه رايقه النهارده !

فى الظهير بعدما انتهوا من توزيع اللحوم على الفقراء واهل القريه .. اجتمع اهل البيت فى الحديقه للممارسه فن الشوى الذي استلمه كلا من مجدي ومحمد .. اما عن سليم فظل يمرح ويلهو مع صغار البيت فتتدخل عماد سريعا ليلهو معهم ويمرحان .. حتى افسدته نيره التى توقفت امام والدها
- داد .. عاوزه اقولك سر
نكث عماد على ركبتيه وهو يحتضنها
- مالك ياحبيبي .. حد زعلك ؟!
اومأت راسها ايجابا لتقول بهمس: ابن اونكل سليم !

رفع عماد حاجبه مستفهما: سالم ! ماله ؟
تعلثمت الكلمات بحلقها قليلا فاردفت
- ممممم كان عاوز يبوسنى فى بؤي .. بس انا زعقت له والله ياداد .. وكمان قولت لاونكل سليم وهو قالى هيضربه ...
جز عماد على فكيه بنفاذ صبر .. فارتعد صوته مناديا على سالم الذى اسرع الاختباء خلف ساق والده خائفا .. فجهر سليم قائلا
- فى حاجه يامعالى المستشار ؟!
اقترب عماد بنيرانه قائلا: هات لى الواد ده ؟

اختبىء سالم اكثر خلف والده: اهدى بس ياعمده واللى اتباس هيتصالح ..
جحظ عماد بغل فسرعان ما عاد حديثه بصيغه اخرى: قصدي اللي اتكسر هيتصلح ؟!
- ولدك لازم يتربي ياسليم ؟! بيستفرد ببتى ؟!
اتاه صوت ناعم من الخلف قائلا: والله ياعمو كنت عاوز اقولها كل سنه وهى طيبه .. وبعدين منا ببوسها فى راسها على طول اشمعنا بؤها يعني اللي زعلها ..
وضعت نيره كفيها فى خصرها لتردد ببراءه تحت انظار سليم وعماد
- عشان الكبار بس هما اللي بيبوسوا فى البؤ .. اما احنا لسه صغيرين ..

انعقد لسان عماد من هول الصدمه حتى اردف ضاجرا: انت تخرسي خالص .. لسه حسابك جاي ..
كبح سليم ضحكاته قائلا فى نفسه: مش كنتى تتباسي وتسكتى اهى الترابيزه اتقلبت عليك ..
عماد بغضب: بتقول ايه ياسليم !
- اي ياعمده وهو فى حد لاقى بوس ومايباسش .. بت مش وش نعمه ..
ضربه عماد فى كتفه بحنقه: والله انت اللي عاوز تتربي مش ولدك ..
ثم جثى على كبتيه وبنيره قويه هم فى نهر سالم قائلا
- فاهم لو عرفت انك قربت منها تانى انا هكتفك وارميك فى الصحرا لتعالب !

اختفى سالم خلف جلباب سليم خوفا .. فتدخل ياسين ابن محمد سريعا
- عمو انت متعصب ليه .. ما انا كمان ببوس ماجده لما بشوفها بتعيط .. وعمو سليم مش بيتعصب ..
سليم بتلقائيه: شوفت ياعمده انت اللي مكبر الموضوع
ولوهله تكرر فى اذانه جملة ياسين قائلا بغضب مفاجئ
- بتبوس مين ياض انت ! دانت نهارك مش فايت ..
تدخل عماد سريعا: ما من شويه كان وهو فى حد لاقى بوس ومايتباسش يبقي مش وش نعمه ..
اختبئ ياسين خلف عماد من نظرات سليم هاتفا

- ليلة ابوك سوده .. هات الواد ياعماد من وراك ..
- هات ولدك الاول ونكتفهم فى بعض ...
- لا واد سليم يبوس زي ماهو عاوز ..لكن بته لا !
ارتفع صوت عماد: لم دورك وهات الواد اربيه ياسليم ..
تدخل محمد سريعا: مالك وقفتوا لعب ليه ! دانا كنت جاي العب معاكم ..
هجر سليم بغضب: ولد بيبوس بتى ياسي محمد ..
غمز محمد لابنه بفخر: جدع ياض .. طالع لابوك نمس ..
جهرت نيره بصوت طفولى: وكمان سالم قليل الادب بيبوسنى !


ضحك محمد: دا ابن سليم لو معملش كده تبقي عيبه فى حق ابوه ! فى المشكله !
جهر عماد بنفاذ صبر لمحمد: تصدق ما فى حد عاوز يتربي غيرك ..
- الله ! وانا مالى .. ماتربوا عيالك .. ياض يااياسين الجري فى المواقف دي كل الجدعنه .. حصلنى ..
سرعان ما توزع شملهم فى جميع انحاء الجنينه حتى اتفقوا كلهم على محمد ليكون ضحيتهم فى حوض السباحه ثم لحق بيه سالم الذي رفعه عماد بغضب والقاه لمحمد داخل المياه
- ربيلى الواد دا عندك ...

تحت مظله ضحكاتهم ومزاحهم لاحظ سليم اختفاء وجد .. فتسلل بهدوء ليبحث عنها حتى اتاه صوت امه من الخلف
- ما طلعتش من اوضتها من الصبح ... روح شوفها ياولدى !
بادل امه بابتسامه حب .. فالوحيده التى تقرأه من عيناه وحركاته .. ركض سريعا لاعلى نحو غرفتهم فاتحا بابها بهدوء
- بقولك اى .. والله ماطيقاك .. اختفى من وشي ..
قفل باب اوضتهم وهو يقjرب منها
- مالك بس ياوجد .. قالبه وشك ليه ..

- ياسليم انا زهقت وعاوزه انزل الشغل .. وجو سي السيد بتاعك دا مش هياكل معايا ... اقولك اى لينا ٥ سنين متجوزين كده حلو اوى .. انا بقول ..
قعطها سليم قائلا: انا بقول يومك عشان مافيش دماغ لموضوع بنفتحه خمس تلاف مرة كل يوم ..
ضربت الارض برجليها لبروده
- سليم انا عاوزه انزل اشتغل حرام عليك .. دانا قربت انسي الطب وبقيت جاريه ليك ولولادك ...
نزع جلبابه الفضفاض متأففا
- وجد .. مرتبك بتاع المستشفى بدهولك اضعاف .. اما شغل ووجع دماغ مش هياكل معايا .. انا عاوز ارجع القى مراتى على سجنه عشرة ومستنيانى ... اما بالنكد دا بقيت عيشه تزهق ...

ارتفعت نبرة صوتها إثر اسلوبه الرجعى
- اااه جو سي السيد وانا المفروض امينه .. بنات عمك كلهم بيشتغلوا .. ومجدي اخوك سافر امريكا مع مراته عشان تنجح وتحضر الدكتوراه بتاعتها .. وعماد فضل ورا نورا لحد مابقيت دكتورة ف الجامعه .. وانا هنا بطبخ واتسحل ليك ولعيالك عشان ربع ساعه تقضيها معايا فى اليوم ... سليم كلامى مش هيتكرر تانى من بكرة هنزل المستشفى عشان انا تعبت واتخنقت وانت طول اليوم فى شغلك ومن هنا لهنا وانا قاعده بناكف فى امك لحد ما هتجننى ..

كانت اخر جمله اتفجرت من بين شفايفها قبل ماتتركه وتذهب للحمام ققفل الباب بكل قوتها لتجهش بالبكاء ... زفر بصوت عال وهو يضرب الحيطه بقبضة يده .. لاول مرة تشعره بقسوته وانانيته معها ... من غير اي استئذان فتح الباب وجدها تتحرر من ملابسها لتطفىء نار عصبيتها ... بتلقائيه كانت ايده على ضهرها لمنعها من تكملة ما بداته .. احست برعشه قويه فى جسمها فبعدت عنه متكهربه ..انحنى على كتفها بحب ليطبع قبلة اعتذاره
- انا اسف
- خلاص بقي ياسليم .. هى جابت الاخر اصلا ..

اقترب منها اكتر وهو يستمتع برائحه عطرها
- اول مرة صوتك يعلى عليا يااهانم .. طول عمره بيعلى بضحكك معايا .. ينفع اللى حصل !
زاحت شعرها الكثيف على جنب محاوله فك قبضه ذراعيه من عليها
- وينفع اللى انت بتعمله ! سليم .. انت اتغيرت ليه .. انت تكره تشوفتى ناجحه ونفرح بنجاحى سوا ..
- والله ياوجد ماقصدى وانت عارفه كده .. كل الحكايه عاوزك تركزى معايا انا والعيال ..

- والله ياسليم مش هقصر وتقدر تختبرنى اول شهر .. سليم انا دايبه فيك للدرجه اللى خلتنى انتازل عن سنين عمرى دراسه وتعب .. كنت مستنيه منك تقدر بس ..
استند بذقنه على كتفها وهو يداعب بطنها بحركات مغريه
- طيب ياستى هترجعى المستشفى .. بس مستشفى الهوارى ومن بكرة تقدري تنزلى شغلك ياهانم .. وابقي خلينى اجى فى يوم تقوليلى تعبانه ياسليم .. هطربق قنا فوق دماغك ..

وقفت مصدومه غير مستوعبه كلامه .. لفت بين ايده بعدم تصديق من هول فرحتها
- دا بجدددد ... ! سليم انت مش بتضحك عليا صح ...
رمقها بنظرة خبيثه
- بس بشرط الاول ..
- انت تاخد عينيا !
وطى على ودنها بهمس: عاوز ليلة من ايام زمان .. شغل الطيارى والعيال دا مش واكل معايا ...
ضحكت بميوعه وصوت زلزل كيانه كله وهى بتلف ايديها على رقبته
- يعني هرجع المستشفى والشغل خلاص !

- ااه وشك ضحك دلوك ! يعني المستشفى بقيت اغلى منى !
- والله ياسليم ما قصدي .. بس تعبت ومش عارفه اخد نفسي وعيل ورا التاني حسيت انى حيوانه مش بنى ادمه .. بس خلاص والله هوعدك انى مش هزعلك تانى .. وهنظم وقتى بين الشغل والبيت .. ووو انت وحشتنى اوى على فكره .
غمز لها بطرف عينه وهو يدنو منها اكثر: ما كان من الاول .. وانت وحشتني اكتر يابت الايه ! الا هو انت كنتى بتغيري هدومك ليه ؟
هزت كتفيها بتلقائيه: كنت هاخد دش وانزل وو كده يعني ..

حضنها اكثر حتى اصدرت صوت تأوه خفيف بين يده وهو يركل الباب بساقه قائلا
- يبقي ناخده سوا ..
حاولت الابتعاد عنه: سليم مش وقته ووو
لم يبد لها اي اهتمام شرع فى تقبيلها وهو يتراجع للخلف حتى فتح صنبور المياه فوقهم .. فصاحت صارخه
- ينفع كده !

جذبها لحضنه بقوة لترتطم بسياج صدره البارز من جلبابه المبلل ليغمرها بحبه تحت اصوات ضحكاتها الممدججه بدلال يُسكره .. شرع فى نزع ملابسها بلهفه تحت قطرات الحب المتدليه من فوقهم .. فلا يزيدها القرب الا لهفه وشهية فى الامتلاك .. ظلوا يرتويان من انهر حبهم المغموس بعطر القرب حتى عانقته بكل حب هامسه
- كنت متأكده انى مش ههون عليك .. انا مش بعشقك من قليل ياسليم ..
ليردف بين احضانها: يعني لو كنت صممت وقولت لا .. مكنتيش هتحبينى !

- كأنك بتقول لى بطلى تتنفسي يا وجد !
- ان جيتى للحق انا مش بتنفس غير بوجودك ..
التقطت نفسا اكثر طولا قبل ما تغمره هى بقبلاتها المدججه بازهى انواع الحب وبريق عيناها الذي كان يحمل دعوة صريحه سريه لا يفهمها غيره فسرعان ما لبى ملتهفا .. تشعر بلذة الحب الذي كان سببه سحر رجل فما اجمل من ان يحسر رجلا امراه بضوء عشق لا يشتعل غير فى سماؤها.

" يايوسف يلا .. كل ده فى الحمام بتعمل ايه .. اتأخرنا وكمان عشان نلحق نروح لوجد "
تقف ورد امام باب الحمام بنفاذ صبر لتستعجل زوجها .. الذي فتح الباب فجاه فشهقت مفزوعه
- كنت هقع ..
- منا كنت هسنتدك .. تعالى .
جذبت يدها بحرص: ماما صاحيه بره اتلم ..
لم ينتظر جدلها .. فجدبها عنوه الى الداخل .. وغلق الباب خلفه بسرعه ليلتهم شقتها بقبله قويه اذاب ملح تمردها .. فابتعد عنها قائلا
- ايه عاوزك تساعدينى .. حرام يعني ..

- بتهزر يايوسف .. وبعدين هساعدك فى ايه .. وسع كده هروح اشوف امى .
- ورد انت مش واخده بالك ان امبارح كانت ليله العيد ! وانت قضتيها مع امك ؟!
- الله اسيبها تعبانه يعني يايوسف !
- طيب خلاص هى خفت دلوقت ... عاوزه تسيبينى ليه ؟!
بللتت حلقها لتهمس: يوسف ..
كان كفه المبلل يحاوط جدار عنقها ويعبث به بحب قائلا
- هما اجازه 3 ايام .. اتلمى بقي وسيبى الواحد يشوف شغله .
وضعت كفها الصغير على ساعده قائلا: طيب احميك يعني ..
هز رأسه نافيا وهو ينحنى ليحملها ويلقيها فى حوض الاستحمام قائلا
- هنتحمم سوا ..

- يوووسف ..
تناول ثرثره تمردها بقبله خفيفه فلم تجد مفر من شوقها الا اليه .. فلم تراه منذ 45 يوما .. تدللت بالمياه بمرح حتى همس فى اذنها قائلا
- وحشتك !
هزت رأسها نفيا: تؤ .. لاه
نظر لها شزرا: لا ياشيخه .. ماهو واضح اهو .. بتحايل عليك عشان اقعد معاك ..
اقتربت منه لتلمس وجنتيه باناملها: انت وحشتني جدا جدا .. بس كنت مخططه شويه حاجات كده وانت اهو بوظتهم ..
- حاجات ايه !
- لما نرجع من عند وجد !
- طيب على بال ده مايحصل تسمحيلى اعترفلك انت وحشتينى اد ايه ..
تغنجت بين ذراعيه لتردف بدلال: اد ايه !
- احم ما دي بقي هتعرفيها فى حضنى ..

" فى العصر على طاولة الطعام "
تلملم شمل العائله حول مائده الطعام مطوقين باصوات ضحكهم العذب وامامهم اشهى المأكولات .. فاردفت عفاف نحو ورد الجالسه بجوار زوجها
- وانت يابتى مافيش حاجه جايه فى السكه .. ليك كتير متجوزه .. خبر ايه اومال عاوزين نفرحوا ..
تركت ورد الملعقه من يدها بارتباك لاحظه يوسف حتى هتف
- بصراحه ياعمتى  دا اتفاقنا وورد لسه بتدرس وحرام اشغلها بولاد ودراسة حاليا ! ولا ايه ياوردتى ..
تدخلت كوثر فى الحديث: قوليلهم يأم عماد والنبى .. لسانى نشف معاهم .. وحضرة الظابط مش بنشوفه غير 3 ايام كل 45 يوم .. يرضي مين ده ..
لاحظت وجد تبدل ملامح اختها وزجها فهى الوحيده التى تعلم بالمشاكل الصحيه لدى ورد تمعنها فترة من الانجاب .. فهتفت لتطف الجو
- جرى ياجماعه .. دي حياتهم .. وهما حرين .
عفاف: يابتى الوحده لما تجيب عيالها صغيرين يتربوا معاها احسن ما تجيبهم ع كبر ..
اخيرك تفوهت ورد بابتسامه زائفه: دعواتك ياطنط ..

توجه عماد بسؤاله ليوسف قائلا
- مافيش اخبر عن ممممم حيدر ياحضرة الظابط ..
ارتشف يوسف كأس المياه ليقول: الارض انشقت وبلعته .. ملهوش اثر ..
غصة علقت فى حلق وجد وورد الاتى تبادلا النظرات بأسف .. فواصل يوسف حديثه
- الشخص اللي يفوق من الانعاش بعد ما نبض قلبه وقف مش سهل نجمعه بسهوله .. ده هرب وسط جيش من الحرس .. بس اكيد هنوصل للى ساعده ..
وجد: وانت سنتين مش عارفين توصلوا يايوسف !
اكمل يوسف: عمك قعد 3 سنين وسط المجرمين وغيرهم واكيد اتعرف على حد هناك وساعده يهرب .. متقلقوش اكيد هيظهر هيروح فين يعني ...
تدخل مجدي ممازحا: مالك ياجماعه ماتفتكروا حاجه حلوه بدل الغم ده ..
وضع محمد قطعه اللحم بفمه قائلا
- والله كنت لسه هقول .. لازم يقلبوا فى الماضي ..

تفوهت نورا ببعض من الخجل
- طيب انا عندي خبر ... لا اتنين هيفرحكم ...
نظروا كلهم نحو نورا بحماس .. فواصلت حديثها
- الاول انى اخيرا عماد وافق انه يتشرح فى المجلس ..
صوت من التهليل خيم على المكان وكثير من المباركات التى انهالت على اذان عماد وكيثرا من الحماس لقراره الصائب حتى اردف
- طالما كلكم شايفين انه ده الصح والدكتوره نورا موافقه مقدرش ارفض طبعا ...
صفوة بتلقائيه: وهو ده عين العقل بصراحه الغبى اللي يرفض فرصه زي دي !
لكزها مجدى بخفه قائلا بهمس: يابت فلترى كلامك يخربيتك ..

عماد بمزاح: قولها .. هى امريكا مغيرتكيش يادكتوره !
ضحكوا جميعا فتدخلت يسر بحماس
- ده خبر .. التانى اي بقي !
رفعت نورا انظارها نحو عماد بخجل .. فالتهم حمره خجلها قائلا
- لا الخبر التانى ده هقوله انا .. لانه شجعنى انى اخد خطوه زي دي .. والهانم كانت مخبيه عليا عشان تعملهالى مفاجئه عيد ميلادى .. المهم ان بعد 8 شهور بإذن الله الهوارى الصغير هينور بيتنا وهابقي ابو عمر ...
تدخلت نورا سريعا: وليه مش بنوته !
عماد بثقه: لالا احساسي مش بيكدب ...

كل تلك المناقشات والضحكات بيهم فلم يترك سليم كف وجد من اسفل الطاوله لوهله حتى التقت عيناهم للحظه وهى تضم كفه اكثر لتهمس بين ضحكات الجميع قائله
- بحبك ياهوارى ..
ليلقى نظره سريعه على الجميع هامسا بشوق
- مش محتاج اقول بحبك لانك عرفتيها فوق .. محتاج اقول " دمت لى ودام لى حبك يابت العتامنه ".

الحب هو الملجأ الذي يجلعنا نسعد فى نهاية اليوم ..هناك بعض الرجال ان التقيتِ بهم تشعر بأنك التقيت بقدرك ..مجيئه كان حدثا غير عاديا جاء بقلبى لهُنا  فوق سُحب الحب التى قرات عنها كثيرا تحديدا .. فاجمل ما يقابل المراه القدر الجميل المهيأ فى صور رجل كل مُر سيمر طالما معه ..فصاحه وجوده طاغيه ولعنة غيابه مميته .. فيبقي الحب اولا واخيرا مهما توالت الايام واشتدت ظُلمتها .. هناك نور يتسلل من ظلام الليالى على هيئه قدوم رجل لساحتك فلا تخجلى ان تعرى قلبك امامه .. هناك ماء وهواء وحب وبكلاهما نحن نحييا وبغياب احدهما نموت .. احببتك كما ينبغى فأحببتنى بكل ما يحتاجه قلبى ليفيض بك .. لاظل اتسال عمرا " ماذا فعلت بى يارجل ".
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-