رواية نغمات الهوي كاملة جميع الفصول بقلم نورهان محسن

رواية نغمات الهوي كاملة جميع الفصول بقلم نورهان محسن

رواية نغمات الهوي كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة نورهان محسن رواية نغمات الهوي كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية نغمات الهوي كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية نغمات الهوي كاملة جميع الفصول

رواية نغمات الهوي بقلم نورهان محسن

رواية نغمات الهوي كاملة جميع الفصول

ومين الحليوه الي داخل علينا دا!.. "اسكتي يخربيتك دا ادهم بيه صاحب القصر؟ قولت باعجاب" بس هو في كدا؟
صحبتي " احنا جايين هنا نشتغل مش نحب في صاحب القصر!! فوقي يا حبيبتي بدل مايطردنا انتي مشوفتهوش لما بيتعصب"
-ومالو!! دا هيبق شكلوا حلو وعروقه باينه كدا"
"علشان خاطري خلينا نرجع علي المطبخ نشوف شغلنا احنا مش قد الناس دي يلا يا فرح "
مشيت مع ندي صحبتي وانا متغاظه لحد ما وصلنا المطبخ فضلنا نعمل الاكل لحد ما جه وقت الاكل "
بت يا ندي هما معقول هياكلو كل الاكل دا ؟
ندي بغضب" يبنتي اسكتي بق هتودينا في داهيه" واه بياكلو ياستي الاكل دا كلو والي بيتبق بيتفرق علينا"
فرح بزهول" لا والله واشمعنا بق احنا ناكل البواقي ومدت فرح ايديها اخدت قطعه من الاكل الموجود علي السفره " ندي بخوف" الله يخربيتك انتي عملتي ايه يلا بسرعه نرجع المطبخ قبل ما حد من اصحاب القصر يشوفنا"
مشيت ندي وفرح ورجعوا للمطبخ وبعدها بشويه نزلوا اصحاب القصر ياكلو ولاكن ادهم منزلش واحده من الموجودين" ادهم منزلش ليه"
ردت واحده تانيه" راح لكارمن يطمن عليها وزمانو نازل اما بق نسرين مش عارفه مجتش ليه"
وبعدها سمعوا صوت عالي جي من فوق" جريوا بسرعه ولاقو ان نسرين ماسكة في كارمن وبتحاول تضربها وادهم في النص بيبعدها عنها"
الخدم كلهم خرجوا يشوفوا ايه الصوت العالي لحد ماجت واحده من الخدم" الحقوا دا نسرين هانم وكارمن هانم بيتخانقوا"
سالت فرح باستغراب" وهما مين دول" ردت البنت دي مدام نسرين مرات ادهم بيه وكارمن هانم مراته التانيه"
شهقت فرح بصدمة" يعني متجوز اتنين؟؟؟
-----------------------------------
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
حياتها ....
كانت جميلة تشبه قطرات الندى كل صباح 
لديها زوج رائع يلقي عليها كلمات حب ،
و تداعب تلك الفتاة الصغيرة أصابعها ، 
و هي تملأ الكون سعادة بضحكاتها .
لكن ما لم يؤخذ في الاعتبار أن كل ضحكة لها ثمن ، 
وكل لقاء هو فراق . 
ها هي الآن .... بعد رحيل الزوج المحب والسند !! 
اصبحت وحيدة .. تائهة .. خائفة.
بين الصدمة المريرة و الوصية التي كسرت ظهر أنوثتها.
ستصبح مقيدة بأخ زوجها .. الذي لا تحتمل النظر إلى وجهه البارد و الغامض ، لكن لتنفيذ وصية زوجها ، و حفاظا على ميراث ابنتها ، يجب أن تتزوج من أخيه !!!
و تلقي بنفسها بين المطرقة و السندان .
بين عم ابنتها المتغطرس و زوجته التي تكاد تصل إلى السماء في غرورا. 
ماذا تفعل ؟ كل الطرق شاحبة و مقفرة !! 
و ماذا تقول و وصية زوجها أسكتت الجميع 
يا له من رعب هذا !! 
ما ستقابله تلك الفتاة الخاوية من كل المشاعر .. 
بسبب فقدان الزوج الذي بمثابة البيت والأسرة والوطن.
هو البارد .. الصارم ..
صاحب شخصية جدية
و الوصيه اجبرته علي الزواج منها...
كيف يعشق زوجة اخيه ..؟!
و يا تري هذا العشق قبل وفاه اخية ام بعده ..!؟
تعريف الشخصيات «مزيج العشق»
"كارمن الشناوي" بطلة الروايه
.. 26 عام ..
.. درست فنون تطبيقيه قسم ملابس ..
.. تزوجت عمر البارون منذ 3 سنوات .. 
من عائلة متوسطة والدها توفي و هي طفلة
خجولة .. عصبية .. عنيدة .. طيبة القلب .. رقيقه جدا
"ادهم البارون" بطل الرواية 
.. 35 عام ..
.. متزوج من نادين .. 
مهندس ، ولكنه يحب تصميم الملابس كهواية ، وتطور حتى اصبح اسمه من اشهر الاسماء في هذا المجال 
يدير شركات المقاولات العائلية
وأسس أكبر شركة أزياء في مصر والعالم العربي ، هو وأخوه الصغير 
صارم ، وقاس ، صارم ،وعصبي للغاية ، 
يحاول دائمًا السيطرة على هذا الغضب بقناع من البرودة واللامبالاة ، ولكن هل ستدوم هذه السيطرة ام سيسقط هذا القناع ، و يظهر الوحش الكامن ؟
شخصيات اخري
"عمر البارون"
.. 30 عام ..
.. تزوج من كارمن بعد قصه حب جميلة ، و انجب ‏​‏​منها ابنتهم
ملك ذات العام و نص .. 
شريك اخوه في شركاتهم الخاصة ...
توفي في حادث تحطم طائرة أثناء سفره بغرض العمل.
"نادين المهدي"
..31 عام ..
من عائلة مرموقه بالمجتمع لهذا السبب تزوجها ادهم
طماعه .. حقودة .. تحب المال اكثر من نفسها و لأجله تفعل المستحيل 
"مالك البارون"
.. 34 عام ..
ابن عم ادهم و عمر و الصديق المقرب لأدهم
يعمل في الشركة معهم 
متزوج من "يسر" و رزقهم الله ب "ياسين" الطفل المدلل
مرح ، و طيب القلب ، و لديه نسبة من شموخ ادهم ،
جاد جدا في عمله
" يسر الحناوي "
.. 25 عام ..
فتاة رقيقه جدا ، و هادئة
زوجة مالك .. تحبه بشدة
الصديقة المقربة لكارمن 
منذ زوجها من عمر ابن عم زوجها
" مريم الجندي "
والدة كارمن 
امرأة لٱ يوجد في حنانها تعيش لإبنتها و تعشق حفيدتها كثيرا 
ورثت كارمن منها الجمال التركي 
" ليلي الالفي "
والدة ادهم و عمر
تعيش لأبنائها منذ وفاة زوجها و حبيبها
تكره نادين كثيراً
"مراد عزمي" 
36 عام 
اعزب 
لديه شركات كثيرة و مطاعم و فنادق في اغلب بلدان العالم
ك واجهة لعمله الحقيقي فهو يعمل في تجارة الاسلحة مع منظمة مافيا دولية و لم يتم اثبات شئ غير قانوني عليه حتي الأن
مستبد .. قاسي لأبعد الحدود .. منزوع الرحمة .. 
متملك .. 
عنده هوس اتجاه الاشياء التي تعجبه و لا يحصل عليها بشكل مرضي للغاية.  "عائلة الشناوي"
من أكبر عائلات صعيد مصر في هيبة و مال و ايضا الكرم
الحاج "عبد الرحمن الشناوي" .. كبير هذه العائلة 76 سنة ..
توفت زوجته منذ سنوات عديدة 
له ولدان وبنت واحدة
الابن الأكبر "محمد عبد الرحمن الشناوي"
طيب القلب .. حنون .. يحب أسرته و يطيع أوامر والده دائما
درس الهندسة في جامعة مصر
وهناك التقى بمريم الجميلة ، وعاشوا قصة حب رائعة ، كان لديهم الكثير من الأشياء المشتركة التي قربتهم اكثر لبعض ، وعندما أنهى دراسته ذهب للتحدث مع والده عن زواجه من "مريم"
لكن "عبد الرحمن" رفض بشدة لأنها يتيمة ومن أصل تركي ، لكنها مسلمة وعاشت في مصر طوال حياتها ، 
لكنه اعتقد أن ذلك لا يناسب ابنه ولا تقاليد بلده
أصر على أن يتزوج ابنه عمه بحكم العادات ، 
"محمد" عارض بشدة هذا القرار ، فهو عاش حياته مطيعًا لوالده ، لكنه سئم من هذا الاستبداد ، وأنه كان دائمًا يجبره على فعل أشياء لا يريدها.
تزوج "مريم" لأنه لم يستطع التخلي عنها بعد أن اصبحت هي أنفاسه ، لكن رأس والده كان أكثر عنادًا منه ، فغضب منه ومنعه من دخول منزله وحرمه من الميراث.
لكن "محمد" كان متفوقا في دراسته و كان الأول على دفعته ، وبعد تخرجه عمل في شركة هندسية كبيرة ، واستطاع أن يعيش حياته في استقرار مع زوجته التي أعطته أحلى هدية "كارمن" ابنته ، لأنها كانت نسخة مصغرة منها. 
ما أزعج سعادته هو حزنه من غضب والده عليه.
و عندما بلغت "كارمن" العاشرة من عمرها ، توفي والدها بعد صراع مع مرض خبيث ، وتركها هي والدتها وحدهما في هذه الحياة.
★★★
ابنته الوسطى "حياة" 48 سنة 
حنونه جدا وطيبة ، مات زوجها منذ مدة طويلة
لها ابن واحد "زين الاسيوطي"
28 سنه 
طبيب و عنده عيادته الخاصه
شخصية جدية ، ذكي ، طيب ، هادئ لكن عند عصبيته لا يدرك ما يقول
★★★
"بدر" ، 45 عامًا ، 
الابن الأصغر للعائلة تولي مسؤولية الأسرة بعد أن مرض والده ، 
يحب أخيه الأكبر كثيرًا وحزن بشدة على فراقه ، 
و كان يبحث عن ابنه أخيه منذ سنوات ليمنحها ميراثها من والدها ، لكنه لم يعثر عليها.
زوجته "حنان" اسم علي مسمي 40 عام
بشوشة الوجه و تحب الجميع 
لديهم ولد وبنت 
"ماجد" 22 سنه
مرح جدا ، يساعد والده بأعمالهم
و "روان" 20 سنه 
جميلة ، مرحة ، شقية ، لسانها طويل 
تدرس في كلية تجارة
عشق حياتها زين و هم مخطوبين حاليا لكنه دائما بارد معها
و لا تعلم السبب ؟
كل يوم الساعه ٧ م كونوا بالقرب
و بعض الفراق نجبر عليه ..
ف يأتي بثقل الجبال .. نستقبله بوهن شديد
و لكن الحياة لٱ تقف لتحزن علينا .. بل تتسابق معنا ..
ف نجبر ان نمضي .. و نلتفت للوراء قليلا ..
لان في الخلف اشياء و احلام .. و ارواح معلقه قلوبنا بها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
،،،،،في جمهورية مصر العربية،،،،، 
تحديدا في القاهرة.... سنة 2016
قصر البارون
في صباح يوما لا يخلو من الحزن 
بدا العزاء والبكاء والنحيب على فقيدهم 
الاخ الاصغر والاجمل لهذه العائلة الثرية 
(عمر البارون ) الذي توفي في حادث طيران اثناء رحلة عمل .
ها وقد انتهى اليوم 
واعلنت الشمس عن غسقها
و راحت رائحة الظلام تلامس عتاب الحزن 
المترامية في ذلك القصر العريق ، و اغلقت ابوابه 
بعد ان ودع "ادهم البارون" اخر المعزين، 
ابن عمه الذي كان ملازما له طيله فترة الدفن والعزاء
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••
التفت لأمه و صار ينظر لها بعين العطف تارة
و بعين الحزن تارة اخرى
اقترب منها نفث بانفاس الفقد على اكتافها 
واحتضنها برفق و حنان ، كأنه يخاطبها ناشدا. 
سنشد من الصبر يا امي
فقد أعد الله سبحانه للصابرين أجراً عظيماً كما في قوله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة: 156 ـ 157 }
فعليكِ أن تصبري و تحتسبي الأجر عند الله فله ما أخذ و له ما بقي ، وكل نفس ذائقة الموت
كلماته كانت كالدواء الذي يشفي و يخفف عليها هول المصيبة والفاجعة ، لإبنها الذي كان لا تمضي ليله الا و يحدثها حتى في سفره نعم ..انه متعلق بها بشده .
نظرت له بأعين باكية ، و هي تقول بإنهيار و بكاء :
 كان قلبي مقبوض من السفرية دي بالذات ، 
و حاسه ان دي اخر مرة هاخده في حضني يا ادهم ، 
كان كل مرة يسافر يقولي ادعيلي و سامحيني .. و يفضل يوصيني علي كارمن و ملك و هو غايب ، بس المرة دي ماكنش عاوز يسيب حضني كأنه كان حاسس يا حبيبي ...
_كفاية يا امي انتي تعبتي جدا انهاردة و ماينفعش تزوديها علي نفسك دا قضاء الله و قدره ، ادعيله بالرحمه و ان ربنا يصبرنا ...
هتف لولدته بحنان يخصها هي وحدها ، و هو يجذبها اكثر الي احضانه ، و يربت علي كتفها في محاولة لتهدئتها.
_ كارمن في المستشفي ، ماشوفتش لما وصلنا الخبر حصلها ايه ، وقعت من طولها ، و هي اصلا ضعيفه و مش متحملة ،
و هي يا حبيبتي لسه خارجة من عملية من مدة بسيطة .. لازم الصبح نروح نطمن عليها هي و ملك مالهمش غيرنا دلوقتي..
خرج صوتها قلقا و مبحوح اثر البكاء الشديد.
حاول السيطرة علي نبضاته المتسارعه فور سماعه لكلمات والدته ، و بصوت كالجليد اجاب : حاضر يا امي الصبح هنروح نطمن عليها ، فين ملك ؟ ...
خرجت من حضنه و هي تقول : مع المربية فوق من الصبح بتعيط كأنها حاسة باللي بيحصل ، هطلع اطمن عليها 
اشار بالموافقه و هو يقبل رأسها 
: ماتخافيش عليها كدا يا طنط هيكون جرالها ايه يعني هي مش اول واحدة جوزها يموت احنا اللي فضلنا سهرانين طول الليل بنستقبل في الناس ...
قطع حديثهم دخول "نادين" زوجة "ادهم" التى جلست تتحدث بتهكم و قسوة
كان يجعد حاجبيه ، ويضيّق عينيه ليخفي غضبه من كلامها ، وكان معتادًا على سلوكها المتغطرس والأناني ، لكنه يتجاهلها دائمًا.
نظرت اليها "ليلي" بإزْدراء : انا طالعه اوضتي يا ادهم استريح تصبح علي خير.
غضبت نادين من تجاهل تلك المرأة العجوز لها ، لكنها تجاهلت ذلك باستخفاف.
نظرت"لأدهم" الجالس ، و الذي لا يلقي لها بالا ، و هذا امرا ليس جديد عليها معه.
غادرت لتصعد غرفتها و تركته لأفكاره.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••
... في نفس التوقيت ...
داخل غرفة واسعه في احدي المستشفيات 
امرأة في أوائل الخمسينيات من عمرها تجلس أمام سرير ابنتها النائمة كارمن بعد أن تلقت نبأ وفاة زوجها ، انهارت من الصدمة ، ونقلوها إلى المستشفى.
عندما استيقظت ، بدأت تتذكر ما حدث ، ثم شرعت تبكي وتصرخ باسمه حتى أتى الطبيب مهدئًا قويًا
، و ها هي تنام لا حول لها و لا قوة.
ذكرتها بنفسها عندما توفي زوجها و حبيبها ، وكانت كارمن لا تزال صغيرة.
مريم بدموع علي حال ابنتها : الله يكون في عونك يا حبيبتي
رن هاتفها فمسحت دموعها ، و اجابت بصوت باكي : 
الو 
ليلي : طمنيني علي كارمن يا مريم؟
مريم : نايمة يا ليلي .. فاقت من شوية و فضلت تصرخ و تعيط 
الدكتور اعطها مهدئ و قال عندها انهيار عصبي 
بكت ليلي حزينه علي حالهم الذي تبدل بيوم و ليلة.
ليلي : طيب انا هجيلها الصبح اطمن عليها المعزيين لسه ماشيين من شوية بسيطة 
مريم : اكيد كارمن هتزعل اوي لما تعرف انه ادفن يا ليلي قبل ما تلحق تشوفه و تودعه يا ليلي
قالت ليلي ببكاء : كدا احسن كانت هتتعب اكتر و الدفن حصل بسرعه ، ربنا يصبرنا كلنا انا لسه مش قادرة اصدق و حاسة اني هموت من الوجع يا مريم
هتفت مريم بحزن : ادعيله يا ليلي هو محتاج دعانا دلوقتي 
تنهدت ليلي بحزن : ملك نايمة هنا جنبي البنت مابطلتش تقول ماما و يدوب راحت في النوم من شوية انا هقفل دلوقتي و اطمن علي كارمن الصبح
مريم : مع السلامه
اغلقت تنظر الي ابنتها ، و هي تدعي ان يشفيها و يصبرها
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في أحد أرقى الأحياء في القاهره
منزل "مالك البارون"
دلفت يسر الي البيت في حزن علي ما اصاب صديقتها 
يسر : الحمدلله ان ياسين عند ماما انهاردة 
انا تعبانه اوي و ماكنتش هستحمل شقاوته 
هتفت بنبرة متعبه و هي تجلس علي الاريكة
جلس بجانبها مالك قائلا بمزح : علي اساس انه بيهد حيلك لوحدك مش كل يوم بفضل اتحايل عليه عشان ينام في سريره و انتي تخليه ينام معنا 
يحاول ان يخفف عليها الامر ، و هو يحتاج من يخفف عنه رحيل ابن عمه و صديقه "عمر".
لٱ يعلم كيف سيعتاد عدم وجوده ،
سيشتاق الي مزحاته و مرحه الدام معه ؟
رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن
همست يسر له بحنان ، وهي تربت علي كتفه وتدخل بين احضانه : حاسة بيك يا حبيبي صعب اوي اللي حصل ، بس دا قدره و مكتوب انه يحصل 
احنا لازم نكون اقوي عشان نقف جنب طنط ليلي وكارمن في محنتهم دي
اشار مالك لها بصمت وهو يتنهد بحزن ، يجذبها الي احضانه اكثر ،
يحمد الله علي هذه الزوجة الصالحة التي تقف بجانبه في جميع المواقف بحب و صبر شديد.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في قصر البارون
هذا القصر الكبير ذو الثلاث طوابق 
بحدائقه الواسعة يحيطها الحراس من كل جانب
الطابق الأول به مطبخ كبير ، غرف الخدم ، صالة مفتوحة 
و 4 غرف واسعه للضيوف مرفق لكل غرفه حمام كبير ، 
وغرفة طعام داخلها سفرة تكفي 20 فرد و حديقة واسعه و حمام سباحة
أما الطابق الثاني به اربعه أجنحه واسعة 
جناح للسيدة مريم ، والثاني لنادين ، اما الثالث فهو مخصص لعمر قبل ان يتزوج
، و الطابق الثالث بالكامل فهو لأدهم يحتوي علي جناحا واحد بإتساع الطابق بأكمله
صعد "أدهم" إلى جناحه في الطابق الثالث ، 
الغير مسموح لأحد دخوله غير والدته و الخدم ،
ذلك الجناح الفسيح كثيرا بأثاث راقي ، وملحق به حمام واسع ، و غرفه رئيسة للنوم ذات لونين الاسود و الابيض و بها غرفة ملابس مع أشهر تصاميم البدلات العالمية ، و غرفة مكتب واسعة و غرفه صغيرة لا يستخدمها ، وصالة كبيرة للرياضة .
دخل أدهم إلى الجناح ، وجلس على الكنبة العريضة ، وهو متعب جداً اليوم هو أصعب يوم في حياته بعد وفاة والده الذي تركه مسؤولية هذه الأسرة على كتفيه.
سمع أدهم قرعًا على الباب اجاب للدخول.
صاحت نادين بصوت خافت : حبيبي انت لسه ما نمتش؟
اتجهت عيناه في مكان الصوت ، و رأى زوجته تقترب منه ، وكانت ترتدي قميصًا ليليًا أسود يكشف أكثر مما يخفي من مفاتن جسدها.
جلست الي جواره تضع يديها في شعره البني الناعم ، فقلب عيناه سخطا على تصرفات هذه البغيضة ، فهو يعلم جيدا غرضها.
أجاب ادهم بسخرية واضحة : انتي شايفه ايه ؟ و ايه اللي جابك لجناحي مش سبق و نبهت عليكي ممنوع تطلعيه
تمتمت نادين بغيظ من سخريته المعتادة معها : جيت اطمن عليك و اكون معاك في الشدة اللي انت فيها يحبيبي.
قالت هذا الكلام ، بينما كانت تلعب بزر قميصه وتحاول فتحه.
صاح بحدة ، ونفض يديها عن جسده : اطلعي برا يا نادين انا مش فايقلك.
رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن
_ ليه بتعاملني كدا يا ادهم عملتلك ايه !! عشان تكون قاسي معايا كدا !!
حاولت إخراج نبرة صوتها المؤلمة ، تحثه على أن يخفف حدته معها ، فهي الان تخاف من هذا البرود الدائم ، ولا تريد ان تحرم من ماله ومن المستوى الذي تعيش فيه.
_ دا اللي عندي و انتي قبلتي انك تكملي معايا رغم انك عارفه اني مش بخلف و دلوقتي حالا تروحي اوضتك .. مفهوم ..
قال أدهم اخر كلمة بصياح شديد بعد ان هب واقفاً مستعداً ان يلقنها درس لن تنساه ، فهرولت مسرعه تغلق الباب ورائها.
ذهب إلى سريره ، وألقى عليه بثقله ، وسقط في نوم عميق بعد أن انهار من شدة التعب ، والألم الذي يعيشه اليوم و منذ سنوات عديدة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكان جديد
رن جرس الهاتف بداخل الغرفه الواسعه ، وايقظ ذلك النائم
اجاب مراد بصوت ناعس اجش : احسنلك يبقا في حاجة مهمه تخليك تصحيني عشانها في الوقت دا؟
: ..................
تسائل مراد بإندهاش من ما سمعه : متأكد من اللي بتقوله دا ! امتي حصل كدا؟
: .................
استمع بإنصات واهتمام شديد و اجاب : تمام خليك متابع الاخبار و عينك ماتنزلش من عليهم من غير ما حد يحس بيك زي ما انت فاهم 
اغلق الخط ، و هو مندهش من هذا القدر الذي يعتقد انه يقف في صفه هذه المرة.
مراد : كان عندي استعداد للقتل لكن الحظ خدمني من غير تدخل مني، قريب جدا هتكوني جنبي هنا و ليا ومحدش هيقدر يحميكي مني بعد انهاردة
تمتم داخله بـ هوس و تملك 
الصورة لحظة ميته ..

يحييها فقط من يسكن فيها او من يلتقطها ...!!!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


7:45 صباحا


يدخل الي غرفتها في المستشفي 

بعد ان علم ان والدتها غير موجودة بالغرفه.


نظر اليها يراها نائمة بضعف ، و وجهها شاحب ،

شعر ان قلبه يتمزق من الحزن عليها و علي نفسه ،

فهو اختار سعادتها علي سعادته ،

كان يكفيه ان يعلم انها سعيدة ، و يتابع اخبارها من والدته بهدوء ليطمئن باله.


افاق من تفكيره ، و هو يشعر بها تتحرك في مكانها ،

فخرج قبل ان تفتح عينيها و تراه امامها.


أنصرف خارجاً في هدوء ، ليصل الي سيارته ، ثم توجه الي مدفن شقيقه !!


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


قصر البارون 


في جناح نادين 


تجلس علي الاريكة ، و هي تتحدث في الهاتف مع صديقتها


نادين : عملت كل اللي قولتيلي عليه يا ميرنا ، و في الاخر طردني 


ميرنا بدهشة : معقوله .. ماتأثرش خالص .. هو جوزك دا معمول من ايه بالظبط ؟ ازاي وحدة حلوة زيك و ماتأثرش عليه!! 


اجابت بحنق : معرفش .. انا زهقت من معاملته الباردة ليا .. انا كل اللي يهمني فلوسه .. و الا مكنتش فضلت علي ذمته لحظة .. خصوصا بعد ما بابي خسر كل فلوسه في البورصه.


هتفت بخبث : شكل كدا في وحدة تانية في حياته ؟


شهقت برعب : تفتكري كدا !! دي تبقي كارثه ، و كل اللي عملته عشان احافظ علي مكاني هنا هيدمر و لو عرف مش هيرحمني !!


ميرنا بخبث اشد : اهدي بس .. اصل مفيش راجل يهمل مراته كدا الا لو في وحدة تانية شغله باله !!


نادين بتفكير : لا ماظنش الجواسيس للي حطاهم في الشركة بيجيبولي اخباره كلها.


ميرنا : تمام ، هتيجي النادي امتي ؟


نادين : مش قبل اسبوع علي الاقل .. ما انتي عارفه الدنيا هنا غامقه ازاي عشان وفاة عمر.


هتفت ميرنا بحسد : ايوه عندك حق بس عارفه مراته دي محظوظة مقعدتش معه كتير و خلفت منه و هتورث من وراه ثروة 


صاحت نادين بغيظ : فعلا الجربوعه دي هتبقي سيدة مجتمع


ميرنا : طيب انا هقفل بقا يا حبيبتي عشان لازم انزل بعدين نكمل كلامنا .. باي


رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن


نادين : باي


اغلقت الهاتف تفكر بكلام صديقتها .


هل من الممكن ان يفكر ادهم في امرأة اخري ؟ 


فهي تعرف طبعه البارد ، و لم تراه ينظر لإمرأة منذ زواجهم !!


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في المستشفي


فتحت عيناها ، و هي تشعر بآلم حاد في رأسها 

، لتتعجب من ذلك المكان حولها ، اخذت عدة لحظات لتعلم انها في مستشفي ، لتبدأ دموعها في النزول عند تذكرها ما حدث انه واقع و ليس كابوس.


تذكرت ان موت زوجها حقيقه تعيشها الان.


اخذت تبكي في صمت ، ولم تستطع التحرك ، سوى حركات جفنيها البطيئة ، ودموعها التي تتساقط دون توقف.


لمحت كارمن ان والدتها تجلس على أريكة أمامها ، افرجت شفتيها محاولة ان تناديها ، ولكن صوتها لا يريد الخروج من حلقها كأن لسانها شُل تماماً عن الحركة .


•••••★•••••★••••


انتبهت مريم الي حركة الفراش ، فنهضت مسرعه تري ابنتها فاقت ، فأخذت تمرر يديها علي شعرها في حنان تطمئنها انها ستصبح بخير ، و راحت تستدعي الطبيب ليراها.


بعد عدة لحظات 


دخل الطبيب و معه ممرضة ، و بدأ فحصها 

و هو يتحدث مع والدتها بعملية : تمام .. ضغطها بدأ يرجع طبيعي .. و نبضها منتظم .. بعد شوية هتفوق تماما من تأثير المهدئ


مريم : الحمدلله و تقدر تخرج امتي يا دكتور ؟


هتف الطبيب بجدية : مش قبل اسبوع .. و لازم تتابع مع طبيب نفسي دا هيساعدها تتعافي من صدمتها 


غادر الطبيب و الممرضة الغرفه ، جلست مريم بجانبها تعانقها بحنان و هي تدعي لها بالشفاء.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في نفس التوقيت 


كانت ليلي و يسر في ممرات المستشفي يتوجهون الي غرفه كارمن.


سمعت مريم طرق خفيفاً علي الباب ، فسمحت بالدخول


هتفت ليلي بصوت خفيض : صباح الخير يا مريم 


نهضت مريم من مكانها تعانقها بشدة : صباح النور حبيبتي


ثم رحبت بـ يسر ، واتجهو الي الاريكة يجلسون عليها... 


يسر : هي عاملة ايه يا طنط دلوقتي؟ 


مريم : فاقت من شوية و الدكتور قال شوية و تخرج من تأثير المخدر .. بس محتاجة دكتور نفسي يشوفها


يسر : عنده حق يا طنط دا افضل لها


مريم : طمنيني عليكي يا ليلى!! 


تساقطت دموع ليلي : ربنا يصبرني يا مريم .. وجود ملك و كارمن هو اللي مهون عليا .. مش مستحملة اشوفها تعبانه قدامي كدا .. انتي عارفه دي بنتي زي ما هي بنتك بالظبط


عانقتها مريم في محاولة لمواساتها و التخفيف عن اوجاعها.


يسر : اتفضلي انتي يا طنط مريم روحي ارتاحي شوية و انا هفضل هنا جنبها


مريم  : مقدرش اسيبها يا بنتي و انتي عندك بيتك و ابنك مش عاوزة اتعبك زيادة


يسر : ماتقلقيش يا طنط انا استأذنت من مالك و ياسين عند ماما و بليل حضرتك تيجي تباتي معها و مالك هيعدي عليا يروحني


رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن


مريم : ماشي يا حبيبتي ربنا ماميحرمنيش منك 


يسر بمحبة : و لا منكم يارب 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في مدافن الخاصه بعائلة البارون


يقف ادهم امام مدفن اخيه يقرأ له الفاتحة.


بدأت دموعه في النزول ، و هو يتحدث بصوت خفيض له : الله يرحمك يا عمر .. سامحني

عارف انك زعلان مني دلوقتي .. كان لازم ماروحش ازورها بس ماقدرتش امنع نفسي .. انا بحبها من زمان اوي حاولت كتير ابعدها عن تفكيري و افضل بعيد .. عملت كل حاجة في ايدي .. بس قلبي غلبني المرة دي .. و مش عارف المفروض احكيلهم انك كنت مسافر تعمل عمليه و لا افضل ساكت و مازودش وجعهم عليك ...!!! 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بعد مرور اسبوع غادرت كارمن المستشفي


دخلت كارمن غرفتهما ، وهي تنظر إليها في حزن ، وتخطر في بالها ذكريات جمعتها بينها وبين زوجها في هذه الغرفة.


تحركت منهكة إلى الفراش ، جلست وعيناها مستقرتان على الطاولة التي كانت عليها صورة تجمعهما معًا. 


حملت الصورة بأصابعها المرتجفة ، وتحدثت معها بدموع : ليه سيبتني لوحدي .. ما انت عارف اني ماليش غيرك في الدنيا بعد ربنا .. سيبتني لمين .. ازاي هعرف اعيش حياتي من غيرك .. هكمل ازاي لوحدي!!!


رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن 

نامت وهي تبكي على سريرها ، بينما تعانق الصورة بشدة بين ذراعيها.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


داخل اكبر شركات الازياء فى مصر والوطن العربى 


"البارون ديزاين" صاحبت اشهر براند " كاميلا "


حيث مكتب فخم جدا بتصميم حديث

نجد أدهم جالساً على كرسيه ، وينظر إلى نافذة مكتبه التي تطل على منظر رائع ، لكنه لا يراه بسبب حزنه على أخيه سمع طرقاً على الباب فسمح له بالدخول.


دخلت سكرتيرة مكتبه ، وكانت تشعر ببعض التوتر بسبب عصبيته الشديدة في ذلك الوقت.


هتف ببرود : في ايه يا مها مش قولت مش عايزك تحوليلي مكالمات او مقابلات ؟


تحدثت مها بإحترام : اسفه يا ادهم بيه استاذ مدحت طالب يقابل حضرتك و بيقول امر مهم !!


اشار لها بالموافقه : تمام دخليه 


بعد لحظات ، دخل مدحت الغرفة ، وأشار له أدهم بالجلوس


تحدث مدحت بنبرة حزن صادقه فكان يعتبر عمر مثل اولاده : البقاء الله يا ادهم بيه .. انا طبعا محبتش اتكلم مع حضرتك في العزاء لأن الوقت مكنش مناسب


ظهر بريق حزن في عينيه ، لكنه اختفى قبل أن يلاحظه مدحت ، ثم اؤمأ بجدية : خير يا استاذ مدحت ايه الموضوع المهم ؟ 


هتف مدحت بعمليه : الموضوع بخصوص وصية عمر بيه 


نظر ادهم بدهشة : وصية ايه اللي بتتكلم عنها !!


رد مدحت : وصية كتبها عمر بيه قبل وفاته بفترة ، و تم تسجيلها ، و طلب مني انها ماتتفتحش الا في وجود حضرتك و الوالدة و مدام كارمن و استاذ مالك.


كان يتابع الحديث بإهتمام ، ثم قال بهدوء : تمام يا استاذ مدحت .. امتي تقدر تفتح الوصية دي !! 


أجابه مدحت : انا كلمت والدة مدام كارمن و عرفت منها ان صحتها تعبانه الفترة دي و بلغتها بالموضوع و بعد ما تتحسن صحتها هنفتح الوصية عند حضرتك بالقصر 


اشار أدهم له بالموافقة وأردف : تمام يا استاذ مدحت شكرا لتعبك


مدحت بإحترام : تحت امرك يا أدهم بيه ، استأذن انا


أدهم : اتفضل مع السلامه. 


غادر المحامي يترك ادهم يفكر في محتوي هذه الوصية.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


فى احدى محافظات الصعيد ....


في قصر كبير يغلب عليه الطابع الفرعوني الأصيل ، 

ولا يقل جمالاً من الداخل ، وتحديداً في المندرة الشاسعة. 


يجلس كبير هذه العائلة ، ويبدو حزيناً على الرغم من جلالته الواضحة وخطوطه الرمادية على ملامحه الشرقية.


يتحدث مع نفسه عما إذا كان ما حدث في الماضي إثماً في حق ابنه الاكبر ، ولا ينكر أن الغضب والعناد كانا سيد الموقف في ذلك الوقت ، ولم يكن معتادًا على معصيته ، فقد كان دائمًا يطيع أوامره. 


ربما كان هذا هو سبب تركه ابنه له ، لأنه لم يسمح له بالاختيار من قبل ، لكنه كان دائمًا فخورًا بهذا الولد الطيب.


لكن فات أوان الندم الان ، يدعو الله أن يجد حفيدته ليخفف الألم و الندم الشديد بداخله. 
ستظل الدنيا هكذا لقاء بلا موعد و فراق بلا سبب ...


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


فيلا عمر البارون 


داخل فيلا صغيرة بيضاء بتصميم حديث و بسيط بإحدي الاحياء الراقيه الهادئة


في غرفة نوم مظلمة نجد ذلك الجسد الضعيف هادئ علي الفراش لا يصدر له صوت.


تبكي كارمن بصمت ، وتعانق ابنتها بشدة 

وعقلها لا يتوقف عن التفكير.


هل مات محب روحها وزوجها العطوف ،

و تركها في الدنيا وحيدة هي و ابنته التي تشبه والدها كثيراً بعيون مشرقة من البراءة والفرح؟


كيف ستواصل حياتها بدونه؟


تدعو الله ان يداوي روحها و يصبرها علي فراقه.


أغمضت عينيها عندما خطرت هذه الذكرى في عقلها


★•••••★•••••★


Flash Back


وقف "عمر" في المطبخ ، و احتضنها إلى صدره من الخلف ، وهو يزيح خصلاتها المتمردة علي جانب عنقها ليقول بهمس : تعرفي يا كوكي أنا بعشقك اوي خليتي لحياتي كلها طعم جميل ... مش خايف من حاجة .. قد ما انا خايف تبعدي عني دلوقت !! 


التفتت كارمن اليه و احاطت خصره و شددت من ذراعيها حوله ، ودفنت رأسها بصدره لتهمس له ايضاً : مقدرش ابعد عنك انت الامان بالنسبالي .. كفاية ان ربنا عوضني بيك عن حنان الاب و الاخ و الزوج .. مش عايزة حاجة تانية غيرك من الدنيا. 


أكملت كلامها بمشاكسة : و بعدين هبعد عنك و اروح فين ! انا قاعدة على قلبك لا عينك تزوغ كدا ولا كدا


ضحك عمر بمرح : و انا اقدر اصلا دا كفاية الأخبار اللي في التليفزيون عن جرائم قتل الستات لأزوجهم انا مش مستغني عن عمري. 


كارمن بإبتسامة ماكرة : برافو عليك حرس على عمرك بقي


همس عمر بصدق : انتي و ملك اغلي حاجة عندي و هفضل عايش عشانكم 


ثم غمز لها قائلاً : بحبك اوي .. ماتسيبي الاكل دا و تيجي اقولك كلمة سر قبل ما تصحي ملك 


ابتسمت "كارمن" و قبل ان ترد سمعو بكاء تلك الصغيرة ، و معكرة صفو لحظاتهم الجميلة معاً كما يسميها "عمر" 


Back 


★•••••★•••••★


عادت إلى الواقع على صوت فتح باب غرفتها ، دلفت مريم الحزينة للغاية علي حالة ابنتها منذ ان عادت من المستشفي.


جلست مريم على الطرف الاخر من الفراش بجانب ابنتها قائلة : ادعيله بالرحمة يا حبيبتي هو شايفك دلوقتي و زعلان علي حالك لازم ترضي بإرادة الله هي دي الحياة مفيش شئ دايم


كارمن خرج صوتها مبحوح اثر البكاء : صعب عليا اوي يا ماما .. مش مستوعبة ان اللي انا فيه دلوقتي دا حقيقة .. حاسه انه كابوس و هصحي منه..


رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن


تكلمت الام بحنان : من رحمه ربنا علينا يا بنتي ان الاحزان بتتولد كبيرة و مع الوقت بتصغر .. و لازم تهتمي بصحتك انتي لسه خارجة من عملية الزايدة و انهيار عصبي و مش بتأكلي كويس .. لو مش عشان نفسك عشان ملك ...


اقتربت منها تربت على كتفها بحنان واستمرت في قراءة القرآن الكريم لها لتهدأ حتى استغرقت في نوم عميق على صوت والدتها الرقيق.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بعد مرور اسبوعين


في منزل مالك البارون


استيقظ مالك من نومه علي صراخ طفله ، التفت جانبه لم يري زوجته.


نظر في ساعة الحائط كانت الرابعه فجرا ، رفع الغطاء و هو ينهض متجها الي غرفه ياسين.


دخل ليري يسر تحمل ياسين بين ذراعيها


مالك بخضة : في ايه يا يسر ماله ياسين؟ 


يسر بحيرة و خوف : مش عارفه يا مالك صحيت علي صريخه بيقولي ان بطنه بتوجعه و بحس حرارته سخن اوي !!


حمل من يديها ياسين يربت على ظهره بحنان : طب هاتيه انا هلبسو و انتي روحي البسي و ناخده المستشفي بسرعه . 


يسر : حاضر ...


هرولت يسر الي غرفتها ترتدي ملابسها ، و غادروا الي المستشفي


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


داخل المستشفي


مالك يحمل ياسين علي ذراعيه ، و يدخل للطوارئ و معه يسر 


بعد فحص الطبيب لياسين : اطمنو يا جماعه مفيش خطر المغص و الحرارة من اكله للحاجات اللي فيها مواد حافظة زي الشيبسي و الكراتيه 


يسر : ايوه فعلا يا دكتور دايما ياكل الحاجات دي 


الطبيب بعمليه : ممنوع الحاجات دي الفترة الجاية تماما يا مدام .. لازم ياكل اكل صحي و في فيتامينات و يشرب لبن كتير عشان مناعته تقوى .. 

انا كتبتلو علي شوية فيتامينات و خافض حرارة و ان شاء الله يبقا كويس. 


نظر الطبيب لياسين الذي يعدل ملابسه بمساعدة والده ، وقال بهدوء : و انت يا بطل بلاش شقاوة و تسمع الكلام و لا انت بتحب الحقن


نظر له الصغير بخوف من ذكر الحقن ، و هز رأسه بالرفض


ضحك الطبيب ببشاشة : يبقي مفيش شيبسي و الا هكتبلك علي حقنه كبيرة 


هتف ياسين ببراءة : مش هحب الشيبسي تاني 


مالك : شكرا ليك يا دكتور بعد اذنك 


غادروا المستشفي يتوجهون الي المنزل بعد ان اشتري مالك الادوية 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


صباح يوم جديد 


في قصر البارون


استيقظ "أدهم" في الثامنة صباحاً وحده بجناحه ، وفلم يعد يتقاسم الغرفة مع زوجته منذ فترة طويلة.


فرك وجهه يخرج من النعاس ، والتعب من السهر لا ينام جيداً ، وكيف ينام وهو يشعر بكل هذا الحزن لفقدان أخيه.


يظهر للجميع كم هو متين ومتماسك من الخارج ، والعكس تماما بداخله ، يتنهد بقوة ، يزيل الغطاء عنه ويخفض قدميه على الأرض ليقف منتصباً متوجهاً إلى الحمام الملحق داخل غرفته ، آخذاً حمامه الصباحي.


دخل الصالة الرياضية وقام ببعض التمارين لتنشيط جسده كالمعتاد ، ثم ذهب إلى غرفة الملابس وأخرج بدلته السوداء ولبس ملابسه وساعته وحذائه.


وقف أمام المرآة ، يرتب خصلاته الناعمة بأصابعه ، ويضع عطره الخاص ، ويتجه للخارج ، جاهزًا ليوم حافل بالعمل.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


نزل على درج القصر الكبير الذي كان يسوده الهدوء والسكون.


ذهب إلى غرفة الطعام ، ليرى والدته تجلس امام الطعام ولم تأكل شئ


هتف ادهم بصوته الرخيم : صباح الخير علي ست الحبايب 


ابتسمت ليلي ببشاشه : صباح النور يا حبيبي


اقترب منها مقبلاً يديها و جلس بجوارها ، قائلا بإهتمام : اكلك مش عجبني يا امي ماتنسيش انك بتاخدي ادوية قوية لازم تاكلي كويس 

تحدث بنبرة لوم و هو يشير الي الصحن الذي امامها 


ربتت علي يديه وقالت بحنان : هفطر اذا فطرت معايا الاول قبل ما تروح الشركة


ابتسم ادهم لها وقال : امرك يا ست الكل


رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن


نظرت اليه كأنها تذكرت شئ لتقول بهدوء : ادهم انا هروح اشوف كارمن انهاردة البنت حالها كل يوم بيسوء و هي لسه قايمة من عملية من مدة بسيطة و بعدها انهيار عصبي ربنا يكون في عونها.


اشار بالموافقة قائلا ببرود : تمام يا امي .. و بلغيني لما تتحسن صحتها عشان ارتب مع المحامي يجي يفتح وصية عمر الله يرحمه. 


في ذلك الوقت ، كانت نادين تقف عند باب الغرفة ، تستمع إلى ما يقولونه بداخلها ، 

فهي تتجنب الجلوس مع ادهم منذ ان طردها من غرفته ، لتخاطب نفسها سراً : يا تري الوصية دي فيها ايه يا عمر مش مطمنه بس يا خبر بفلوس بكرا يبقي ببلاش 


عندما شعرت بأقدام تسير نحو الباب غادرت مسرعه الي الأعلي.


خرج ادهم من القصر متجها الي سيارته الخاصه التي يقودها بنفسه ، وبدأ ان يتحرك وسيارة كبيرة بها مجموعه الحرس الخاص به ورائه.


★•••••★•••••★•••••★•••••★••••••★•••••★


في شركة البارون ديزين


دخل "مالك" مكتب "ادهم" بعد ان دق الباب سامحاً له بالدخول


أدهم بدهشة : جاي متأخر انهاردة مش عادتك ...!


مالك بتعب : ياسين سخن الفجر ،

و اخدنه المستشفي بعد ما فضحنا بعياطه 


أدهم : و هو اخباره ايه دلوقتي ؟


مالك : تمام الدكتور كتبلو علي خافض حرارة و فيتامينات ، الباشا مش بيبطل اكل الشيبسي 


ابتسم أدهم بحزن، و شرد بتفكيره في حالة عقمه الذي علم به منذ سنوات افاق من شروده علي صوت مالك : روحت فين يا ادهم ؟


أدهم : معاك !!


احس بما يفكر به صديقه المقرب ، 

فشعر بالحزن عليه رغم قناع الجليد الذي يرتديه دائماً ، فقال بتساءل : لسه مش عايز تفكر بالعلاج مافيش شئ دلوقتي الا و له حل و ربنا قادر علي كل شئ


رد أدهم بجمود : ونعم بالله .. كل شئ و له وقته !!


قال مالك بحيرة : اللي مستغرب منه ازاي نادين كان رد فعلها انها تكمل معاك .. و هي متأكدة انك مش بتحبها و عارفه سبب جوازك منها عشان مركز ابوها..


ابتسم ادهم قائلا بتهكم : عشان الفلوس هي مش تهمها الخلفه و الأطفال قد ما بتحب الفلوس .. و طول ما في فلوس هي موجودة مش بتفكر غير في النوادي و سهر و الخروج و الشوبنج..


رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن


مالك : و انت ايه مصبرك عليها لحد دلوقتي و انت فاهمها كدا..؟


أدهم : بستمتع باللعبة و هي فارقه موجودة او لا .. كله زي بعضو..


مالك : طيب انا هرجع علي شغلي. 


غادر مالك الي عمله و عاد ادهم الي الاوراق التي أمامه. 
.. عندما تشيخ مشاعرنا ..

.. نقف على عتبات الماضي ..

.. نستحضر ذاكرتنا الهشه ..

.. و يفيض سيل من الذكريات الجميله ..

.. نشيح النظر ، و نهز الرمش لتتساقط صورهم ..

.. و تملىء المكان بشظايا من الخذلان والألام ..


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


بعد مرور اسبوع في ايطاليا


حيث فيلا واسعة بتصميم حديث


استيقظ مراد من نومه ، واستدار إلى الجانب الآخر وفتح عينيه الناعسه ، فوجد فتاة عارية نائمة لم يكن جسدها مغطى بشيء. 


يكره ان يفتح عينيه ، ويرى بجانبه عاهرة 

، فهو يأخذ متعته منهم ، ثم يدعس عليهم بقدميه و يلقي بهم خارجا.


ظل ينظر إليها لبضع لحظات قبل أن يدفعها بقدميه لتسقط على الأرض بعنف ، متذكرًا ليلته  معها. 


شهقت الفتاة من الألم من معاملته القاسية لها.


لم يتوقف عن ذكر اسم فتاة أخرى ، وهو يعانقها بقسوة ووحشية ، لكن ما تفعله ذلك عملها وهي معتادة على هذا النوع من الرجال.


_ damn what is this?


_ اللعنه ما هذا ؟


_ Take the money off the table and get out of my face


_ خذي المال من علي الطاولة و اغربي عن وجهي 


نطق بهذه الحروف ببرود شديد


جمعت أغراضها من الأرض و هربت بسرعة من براثن هذا الوحش الشرس. 


نفخ بعصبية وهو يشعل سيجارة ، يفكر فيها.


كم يرغب في العودة إلى مصر سريعاً لرؤيتها بعد الأخبار التي وردت عنها و أنها أصبحت حرة.


من وجهة نظره ، هي تختلف عن أي فتاة آخرى و يريد امتلاكها ، و إنه يتوق كثيرًا للوقت الذي ستكون له. 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في فيلا عمر البارون


رن هاتف المنزل فأجابت مريم : الو !!


ليلي ببحه في صوتها : ايوه يا مريم .. عاملة ايه ؟


مريم : الحمدلله بخير حبيبتي .. طمنيني عنك ؟


ليلي : اهو الحمدلله على كل حال .. اخبار صحة كارمن ايه دلوقتي ؟


تنهدت مريم : تمام .. اتحسنت كتير عن الاول .. كنا فين و بقينا فين يا ليلي.


ليلي : طب الحمدلله .. بصي يا مريم المحامي حدد ميعاد انهاردة بليل ، عشان يفتح وصية عمر الله يرحمه ، و لازم كارمن تكون موجودة


مريم : حاضر يا ليلي هبلغها.


ليلي : و انتي و ملك تعالو معها.


مريم بأسف : سامحيني يا حبيبتي مش هقدر .. بس اكيد كارمن هتاخد ملك تشوفيها.


ليلي : ماشي يا قلبي تسلميلي .. سلام


مريم : مع السلامه


أغلقت "مريم" الهاتف و هي تشرد قليلاً


لا تعرف لماذا تشعر بتوجس من هذه الوصية ،

و لكنها استغفرت و نهضت تحضر الغداء لإبنتها.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في غرفه كارمن


دلفت مريم تقول بحنان : حبيبتي الغدا شوية و يكون جاهز


كارمن بصوت ناعم : يا ماما متتعبيش نفسك ام فتحي هتعمل كل حاجة ارتاحي انتي... 


مريم برفض : ابدا انتي عارفه الطبخ دا تخصصي و بحبه قد ايه؟


ابتسمت كارمن وقالت بإستسلام : علي راحتك يا ست الكل


مريم بتذكر : بقولك يا قلبي ليلي اتصلت بيا .. بتأكد عليكي تكوني موجودة بالقصر المحامي هيفتح الوصية بليل 


نظرت اليها كارمن بحزن ، ففهمت امها نظرتها ، لتجلس بجانبها تعانقها بحنان قائلة : حاسه بيكي يا قلب امك بس لازم تعرفي ان دا ابتلاء من ربنا و في الابتلاء لازم نصبر و نقول الحمدلله


همست كارمن بصوت خافت : الحمدلله علي كل حال يا ماما تسلميلي و ميحرمنيش منك ابدا يارب


مريم بحب : و لا منك يا عيوني .. هروح بقا اشوف ام فتحي بتعمل ايه لوحدها؟


خرجت مريم ، و اتجهت كارمن تجلس أمام المرايا تمشط شعرها في شرود وحزن.


تتذكر كيف التقت بزوجها لأول مرة ، وكم شعرت بالراحة معه؟

                                   

★•••••★•••••★


Flash Back


سنه 2013 


كانت في عامها الأخير بالكلية ، ولأنها متفوقة ولديها موهبة رائعة ، تم اختيارها مع بعض مجموعة من دفعتها للتدرب في أكبر شركة أزياء في مصر ، "البارون ديزاين".


لا تستطيع وصف شعورها بالفخر فقط بسبب هذا الحدث المذهل ، استعدت ليومها الأول ، وأخذت الأوراق المطلوبة وبعض أعمالها ، وغادرت غرفتها بقلب يرفرف بفرح.


كارمن بمرح : صباح العسل علي عيونك يا مامتي

هتفت بصوتها الناعم و ابتسامة مشرقه جميلة


مريم بإبتسامة : صباح الورد يا حبيبتي .. يلا عشان تفطري قبل ما تنزلي


كارمن برفض : مش قادرة اكل يا ماما قلقانه و انتي عارفاني معرفش اكل و انا متوترة كدا 


مريم بإصرار حنون : مفيش نزول الا لو اكلتي حاجة بسيطة حتي وبعدين قولتلك كتير العادة دي غلط عليكي يا قلبي و انتي بقى خايفه ليه ماشاء الله متفوقه علي دفعتك .. جمدي قلبك كدا 


كارمن : التدريب دا مهم جدا ليا يا ماما وهيفرق معايا كتير بالمجال اللي بعشقه، و دي فرصة كل 100 سنه و حصلت في كليتي لازم اقلق غصب عني 


مريم بقلة حيلة : طب حتي سندويتش صغير خديه في ايدك كليه قبل ماتركبي العربية و خدي بالك من سواقتك بلاش سرعه


أومأت كارمن بالموافقة قائلة : حاضر يا مريومه يا قمر حافظة كل الكلام و هتصل بيكي اول ما اوصل و بعد ما اخلص شوفتي انا شاطرة ازاي 


ابتسمت اليها و هي تقبل خديها و تغادر سريعا

و امها كانت سعيدة بإبنتها تشعر بالفخر و تتمني من الله ان يوفقها.


★•••••★•••••★


ركبت سيارتها الصغيرة لم تكون حديثة ، و لكنها تحبها بشدة. 


وصلت أمام الشركة ، وكانت مفتونة بهذا العالم الجديد الذي ستدخله لأول مرة. 


نزلت من السيارة بعد أن وصفته و وقفت قلقة ، فأخذت تقرأ بعض السور القرآنية القصيرة و أغمضت عينيها ، تتكلم مع ربها كما كانت تفعل و هي صغيرة ، ونسيت أنها تقف في وسط الشارع. 


فتحت عيناها خوفاً و هي تلفتت إلى صوت السيارة التي كانت على وشك الاصطدام بها ، توقف قلبها عند التفكير في ذلك ،

وازداد ارتباكها بعد خروج شاب طويل القامة من السيارة.


صاح فيها بقلق و لوم علي فعلتها الحمقاء : ازاي واقفة كدا في نص الطريق .. افرضي مالحقتش افرمل .. كان زمانك تحت عجل العربية. 


تمالكت نفسها و نظرت اليه لتجيب بصوتها الناعم و هي تعتذر فهو محق : متأسفه .. انا كنت بقرأ قرأن في سري و مخدتش بالي انا واقفه فين .. بعتذر لحضرتك


سرح بهاتين العيون الزرقاء التي نسي بها كل هذا الموقف قائلا بإبتسامة : مفيش داعي للاعتذار .. المهم ان ربنا ستر بلاش تكرريها تاني


كارمن بسرعة : تمام شكرا لذوقك .. بعد اذنك. 


تركته و ذهبت سريعا اما هو فرجع لسيارته ، ليصفها بالجراج الخاص بالشركة شاردا يفكر بهذه الملاك. 


★•••••★•••••★


_ اتأخرتي كدا ليه يا "كارمن" ؟


_ انتو بدأتو !!


_المقابلة لسه شوية عليها ، بس استغربت دايما مواعيدك مظبوطة.


_ معلش حصلي موقف برا كدا عطلني شوية.


_ تمام يا حبيبتي


تحدثت هي و صديقتها بالكلية تدعي "ليلي" ، و بدأت تخرج من توترها شيئا فشيئا.

                                      

★•••••★•••••★•••••★


بالناحية الاخري 


يجلس ادهم في مكتبه بالشركة 

، ثم دلف عمر كالصاروخ بدون ان يطرق الباب


عمر بمرح : صباح لي بتغني علي عيونك يا دومه


أجاب ادهم بحنق : دومه في عينك يا زفت مش هتبطل تدخل عليا كدا من غير ما تخبط


عمر بغيظ : هو انا داخل عليك الحمام فيها ايه لما ادخل علي اخويا الوحيد بالشكل للي يعجبني


قطب أدهم حاجبيه وقال بإنزعاج : خلاص بطل دوشة علي الصبح انا مصدع


عمر بتسأل : فين "مالك" المقابلة بتاعت الطلاب اللي تحت التمرين هتبدأ و لازم يكون موجود معايا


دلف مالك من خلفه : بتجيب في سيرتي ليه علي الصبح ياض؟


عمر بمزح : ياريتني افتكرت مليون جنيه احسن 


مالك : انا اهم من المليون جنيه و لا ايه


هتف بهم ادهم بجدية : بس انتو هتفضلو ترغو .. مالك يلا روح معه قابلو الطلاب و اشرحلهم المطلوب منهم مش عايز اخطاء


كلاهما في نفس واحد : تمام 


★•••••★•••••★


دلف كلا من عمر و مالك الي قاعة الاجتماعات حيث يتجمع بها الطلاب 


تحدث مالك بجدية : اهلا بيكم في الشركة .. من الاول لازم يكون في التزام بالمواعيد و جدية في الشغل تدريبكم هيتم 

تحت اشرافنا اتمني من الكل النشاط و التركيز


اكمل عمر بجدية تليق به : مش محتاج افكركم اللي هيثبت نفسه بالشغل المطلوب منه هيتعين هنا بعد التخرج .. بالتوفيق. 


لفت نظر كارمن انه نفس الشخص الذي كان سيرتطم بها خارج الشركة.


وقفت بدهشة تفكر انها كانت تتحدث مع صاحب الشركة ، و احست بالاحراج لهذا الموقف السخيف التي وقعت به.


التقت العيون في هذه اللحظة ، و لكن كارمن اخفضت عيناها سريعاً كي تتفادي نظراته اليها.


لم يصدق ان القدر جمعه بها مرتين في نفس اليوم 

، و انه سيراها لفترة طويلة في الشركة ، و كان سعيد بشدة.


لا يعرف السبب ، ليقول بداخله بهيام : البت جابتك ارضا يا عمر و لا ايه و شكلك حبيت يالهوي على جمال عينيها 


مرت الأيام ، وكانت كارمن سعيدة بالعمل ، وأثبتت مهارتها في التصميم والفن ، ادهشت عمر كثيراً ، وبدأ في جذب انتباها والتحدث معها بحجة العمل ، و هي لا تنكر أنها أحببت أسلوبه المضحك ولطف قلبه وبدأت تفكر فيه كثيرًا.


Back 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


خرجت من ذكرياتها علي رنين هاتفها 


_الو 


اجابت بصوت ناعم مبحوح


يسر : عاملة ايه دلوقتي يا روما؟ 


كارمن : الحمدلله حبيبتي احسن انتي اخبارك ايه


يسر : الحمدلله تمام الواد ياسين مصدعني بالبلاي ستيشن بتاعه


كارمن : هو بقا كويس دلوقتي 


يسر : اه الحمدلله و الادوية نزلت حرارته و بطل الشيبسي بمعجزة و نايم دلوقتي ، قولت انتهز الفرصة و اكلمك، عشان هعدي عليكي انا و مالك بليل نروح القصر 


كارمن : ايوه تمام حبيبتي هستناكم 


يسر : مع السلامه يا قلبوشتي


كارمن : مع السلامه حبيبتي


اغلقت الهاتف ، و هي تفكر في هذه الوصية 

التي علمت بأمرها من المحامي ، و وقفت متجهة الي باب الغرفه لتخرج تري ابنتها و تستعد للقاء المساء. 
ان تغيير حياتنا او تغيير انفسنا ، ليس سهلا و مزخرفا بالورود ..

لابد من التعب و الاذئ و الكفاح لأجل ذلك ..

لا تتراجع مع اول الم او خذلان او جرح ..

يستنزف كل امنياتك و احلامك و كل شئ تؤمن به ..

تأكد كل شئ قابل للتغيير للأحسن او للأسوء بإرادتنا ..

الا القبور فأنها لا تتغير الا بعدد محبيك ..!!!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


قصر البارون


عاد في المساء متعباً من العمل ، لكن كان عليه أن يستعد لاستقبال المحامي. 


صعد إلى جناحه كي يأخذ حمامًا دافئًا لإنعاش عضلاته المتوترة.


ذهب إلى الحمام ، وهو يخلع ملابسه ويغطس في حوض الاستحمام ويغلق عينيه ويريح عضلاته.


يتذكر كيف التقى بزوجته المحفوظة منذ 4 سنوات؟


أصبحت شركة الأزياء مشهورة في وقت قياسي ، ويرغب الكثيرون في التعامل معها وكان والد نادين عميلا مميزا ، و من هنا تعرف على نادين انجذب إلى لطفها و أناقتها المطلقة ولباقتها في الحديث ، كانت من عائلة مرموقة ولأنه أراد أن يرتبط بمستوى يليق به وبعمله ، فرأها تناسبه كما كان يعتقد ، وتزوجها والمعاملة بينهما كانت جيدة ، ولديهما فيلا خاصة بعيدًا عن والدته وأخيه ، وكان هذا من شروط نادين الاستقلال في حياتهم.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


Flash Back


دخل الي فيلته الساعه العاشرة مساءا 

و نادي علي زوجته 


الخادمة بتهذيب : مدام نادين خرجت يا فندم


ادهم بتساءل : خرجت امتي يا عزه؟


أجابت عزه : من العصر تقريبا حضرتك


ادهم ببرود : طيب روحي نامي انتي


عزه بإستفهام : مش هحضر العشا لحضرتك ؟


ادهم برفض : لا ماليش نفس


انصرفت عزة في احترام ..


نفخ خديه من تصرف زوجته هذا ، فكيف تتأخر دون علمه؟ وجلس على الأريكة ينتظرها.


دخلت البيت في الساعه 11:46


كانت ترتدي هذا الفستان الذي لا يليق بالمتزوجة إطلاقا ، رأته أمامها ينظر إليها من اسفل قدميها إلى شعرها ، في عينيه اشمئزاز واضح.


ادهم بصوت كجليد : كنتي فين لساعة دي يا مدام ؟


اقتربت تلف ذراعيها حول رقبته : حبيبي انت وحشتني اوي


شم رائحة كريهة من فمها ، مع العلم أنها كانت في حالة سكر : انتي سكرانه ! بسألك كنتي فين و ايه لي عامله في نفسك دا؟


لكنها لم تكن واعية للرد ، فحملها بين ذراعيه القويتين متجهًا نحو الحمام ، ليضعها تحت الدش ويفتح الماء على رأسها.


شهقت بحدة من صدمة الماء ،

و عندما انتهي اغلق الماء ، و تركها تجفف نفسها و غادر الحمام.


خرجت من الحمام تجفف شعرها بمنشفه صغيرة ، و هي ترتدي رداء الحمام.


هتف بهدوء : فوقتي دلوقتي و تقدري تردي يلا سمعيني


ردت بلا مبالاة : كنت في بارتي لناس صحابي يا حبيبي


صاح بتجهم : اخدتي اذن مين عشان تخرجي .. هي وكالة من غير بواب و راجعه سكرانه .. انتي اجننتي 


نظرت اليه ببرود : اهدا بس يا بيبي انا متعودة علي السهر .. بابا عمره ما سألني و بيثق فيا 


عقد حاجبيه بصرامه : انا مش بابا انا جوزك لازم تحترمي نفسك و تنسي السهر و الشرب و القرف لي كنتي عايشة فيه قبل ما نتجوز


قالت بعدم اهتمام : انت مكبر الموضوع اوي علي فكرة


صاح بحدة : سمعتيني كويس مش هعيد تاني 


تركها و غادر الغرفه 


اتضح له حقيقتها ، المتهورة ، الأنانية ، اللامبالية ، ما عدا بنفسها ، هذا مجرد موقف من كثيرين بعد ذلك ، وعلم أن ما رآه في البداية كان فخ وقع فيه خاصة عندما اصبحت طلباتها تفوق حد البزخ لكنه لم يطلقها لأن الطلاق في عائلته لا يليق بهم ، فقرر جعلها تعيش في القصر مع والدته ، خاصة بعد زواج اخيه.


Back


خرج من الحمام و اتجه الي غرفه الملابس و ارتدي ملابسه ، و نزل يري والدته.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في فيلا عمر البارون


كارمن : حبيبة مامتها المؤدبة مش بتتعبني ابدا 


قبلت ابنتها علي خديها المكتزة بحب بعد ان البستها ملابس وردية جميلة.


تحدثت كارمن بحنان لإبنتها : خليكي هنا بقا لحد ما انا اجهز و ارجعلك يموكة


اعطتها بعض من العابها تلعب بها.


دلفت الحمام تتوضئ ، و خرجت لبست اسدالها 

و ادت صلاتها و دعت لزوجها بالرحمه و المغفرة 

و ان يصبرها علي الالم و يكتب لها الخير ، و ان يقدرها علي رعاية صغيرتها.


اتجهت ناحية الخزانه تخرج ملابس الخروج باللون الاسود ، و هي تفكر انها لم تجتمع مع ادهم في مكان واحد الا مرات قليلة طوال سنوات زواجها من عمر و هذا كان يريحها ، لأنها دائما تشعر بالقلق في حضوره منذ اول لقاء لهم.


★•••••★•••••★


انتهت كارمن من ارتداء ملابسها ، و اخذت ابنتها 

و نزلت السلالم بهدوء.


في هذه اللحظة وصلو يسر و مالك و ياسين 

، فرحبت بهم.


قبلت يسر كارمن قائلة بمودة : وحشتيني حبيبتي


هتفت كارمن بصوت ناعم : انتي اكتر يا ياسو 


مالك بلطف : عاملة ايه دلوقتي يا كارمن؟


تجمعت الدموع بعينيها لتقول بخفوت : بتحسن الحمدلله علي كل حال بحاول اتعود علي غيابه .. بس صعب اوي بجد


عانقت يسر صديقتها ، لعلها تخفف عنها هذا حزنها


همست كارمن بإمتنان : شكرا علي وقفتكم معايا الفترة اللي فاتت .. ربنا مايحرمنيش منكم


يسر بمحبة : كلنا معاكي يا كارمن مش هنسيبك ابدا يا حبيبتي 


ابتسمت بحزن و تحركو جميعا الي الصالون ليجلسوا


جاء ياسين الي كارمن يرفع يديه يود ان يحمل ملك


ياسين : هاتي ملك عروستي العب بها يا راما


ضحكت كارمن بصوت خفيض علي كلام هذا الصغير 


هتف مالك بدهشة : تلعب بمين يا واد انت ؟


نظر ياسين لأبيه وصاح ببراءة : ملك يا بابي عروستي الحلوة


قالت كارمن و هي تحاول تداري حزنها فهي تعشق الاطفال : بتعاكس بنتي قدامي يا شقي .. طب خليها من ورايا يبقالي عذري 


ثم ضحكو جميعا.


يسر بيأس : مفقود فيه الامل الواد دا مش هيسكت 


دخلت مريم و هي تحمل صنية عليها شاي و كعك


مريم بود : اتفضلو يا حبايبي كلو حاجة قبل ما تتحركو


مالك بتهذيب : تسلم ايدك يا طنط ماكنش في داعي تتعبي نفسك


مريم بلطف : ماتقولش كدا يا حبيبي مفيش اغلي منكم


يسر برفض : سامحيني يا طنط الريجيم حرمني من كل حاجة


ابتسمت مريم قائلة : يا حبيبتي تقدري تاكلي كل حاجة بتحبيها بس تاخدي بالك في كميات الاكل و السرعات الحرارية و النشويات تكون قليلة اوي و عمر وزنك ما هيزيد


يسر صفرت بإعجاب وقالت : اوبا دا انتي خبرة بقا يا طنط


مريم بضحك : الانترنت عرفني حاجات كتير ،هبقا ابعتلك كام وصفه تمشي عليهم .. و كلي براحتك الدور و الباقي علي "كارمن" مش بتاكل خالص 


نظرت لها كارمن بلوم : بأكل يا ماما علي قد نفسي 


مالك : طب يلا عشان مانتأخرش عليهم


نهض مالك حاملاً ياسين وغادروا جميعًا في سيارة مالك.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••


نعود الي قصر البارون 


كان أدهم يجلس مع المحامي في غرفة الصالون الفسيحة ومعهما ليلى ونادين ، بينما الصمت هو سيد الموقف.


سمعوا طرقا على الباب ، ثم دخل ياسين يركض إلى أدهم ، وفإلتقطه بين ذراعيه ويمسكه ويقبله على خديه ، وهذه عادة ياسين مع أدهم الذي يحبه كثيرا وأدهم يعشقه.


ثم دخل الباقون ، فاستقبلتهم ليلي بترحيب ، قبلت كارمن و يسر ، وأخذت كارمن بين ذراعيها ، وعانقتها بمحبة وهي تحمل ملك وتقبّلها بحب و حنان ، ولم تزعج نادين نفسها بالترحيب بهم.


التقت عينا كارمن بأدهم ، ورأته كالعادة ينظر إليها بشكل غامض لم تستطع قراءة ما يدور في ذهنه ، ولا يستطع أحد أن يتنبأ بهذا ، ثم التفتت عيناها إلى نادين متسائلة بداخلها ما الذي صنعت منه هذه المرأة الجليدية؟ 


عادت كارمن من أفكارها على صوت ياسين يتشاجر مع أدهم ، و هو يرآه يعانق ملك بحب ويقبلها في فمها ، فشعرت كارمن بمشاعر لم تستطيع تفسيرها.


ياسين بصرخ : مش تبوسها يا ادهم انا بغير دي ليا انا بس


ضحك ادهم بشدة من كلام هذا العفريت الصغير : الواد دا عنده كام سنه بالظبط !!


هتف ياسين يعد علي اصابعه : خمسه


ادهم بسخرية : و بتغير عليها يا اوزعه .. انا عمها ابوسها براحتي


ياسين بعناد : لا محدش يبوسها غيري انا و بس


نظر له ادهم بطرف عينه وقال : مفيش الكلام دا


ضحك مالك وقال بمرح : انا ليه ماعيشتش طفولتي زي الواد دا .. اي كلام في باله بيقولو مابيهموش حد 


نهض يحمله و يجلس به ثم قال بتحذير : اهدي ما تودناش في داهية مع ادهم يا بني الله يهديك .. خديه يا يسر و العبو في الجنينه كدا مش هنعرف نتكلم منه..


تحدث الي زوجته و هو يعطيها ياسين


نظر ياسين الي ملك ببراءة وقال : هاخد عروستي تلعب معايا


ابتسمت كارمن بصمت ، وهي تقف بعد ان اعطي ادهم ملك الي يسر ، و نزلت كارمن الي مستوي ياسين تقبله بعمق في خده ، فهذا الصغير فقط من يخرج ابتسامتها بسهولة مثل ابنتها.


خرجت يسر بالطفلين الي الجنينه ، و عاد المكان الي سكونه.


ضحك مالك بإحراج من ابنه ، ليتحمحم بعد ذلك في جدية ، و هو يري ادهم يشير للمحامي أن يبدأ.


•••••••••


كان "مدحت" متوترا ، بعد لحظات ، 

ستتغيرت موازين الأقدار لكل من يجلس أمامه الأن

أخذ بعض الأوراق من حقيبته وفتحها


وبدأ يقرأ بصوت عال : 


«بسم الله الرحمن الرحيم»

اوصي انا "عمر محمود البارون" 

و انا بكامل القوة الذهنية والحرية الكاملة.

كالأتي :


اولا : بصفتي نائبًا لمجلس إدارة شركات "البارون للمقاولات" ، قررت نقل منصبي إلى مدير الشركات "مالك صلاح البارون"


ثانيا : تنتقل ملكية فيلتي الخاصة لزوجتي "كارمن محمد الشناوي"


ثالثا : منصبي كنائب لمجلس ادارة شركة "البارون ديزاين" سينتقل الى "كارمن محمد الشناوي" ، وتشرف على تنفيذ مشاريع التصميم الخاصة بالشركة


رابعا : ستنتقل وصاية ابنتي إلى أخي "أدهم محمود البارون" فور زواجه من "كارمن محمد الشناوي" ، ويتم تسليم الورث الشرعي لملك فور إتمامها 21 سنة.


في حال رفض أي منهم تنفيذ هذا البند ، يلغى كل ما سبق باستثناء منصب "مالك صلاح البارون" ، وتنقل وصاية "ملك" إلى أخي "أدهم محمود البارون" ، ولا يحق لكارمن الاعتراض ، فإن ابنتي سيربيها فقط أخي.


خامسا : اما نصيبي في باقي العقارات والمصنع ومحلات الملابس تقسم وفقاً للشريعة والقانون.


و هذه الوصية و تنفذ بعد إتمام ستة أشهر من تاريخ وفاتي.


.........


اتسعت عيون كل من في المكان 

، و هم يتوجهون بنظراتهم نحو كارمن التي لا تستطيع وصف ما تشعر به في هذه اللحظة

عدم فهم ، ذهول ، صدمة ، غضب ، حزن


لا يقل عنها حال ادهم بل واكثر ، فهو لم يتوقع ابدا هذا الطلب من اخيه ، ولا احد يمكنه التصديق ان هذا قد يحدث بالفعل ؟
اياك ان تكون ميتا و انت حي 

فالحياة طريقها متسع طويلا 

عليك ان تمشيه كله بخيره و شره


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اتسعت عيون كل من في المكان ، و اول من تجرأ و تحدث !!

كانت نادين التي غضبت كثيرا من هذه الوصية التي سوف تكشف كل شئ فعلته.


نادين بصراخ : ايه الجنان اللي بيتقال دا .. اكيد عمر اتجنن عشان يكتب حاجة زي دي !


ادهم بتحذير : ماسمعش صوتك يا نادين 


نادين بغضب : يعني ايه يا ادهم انت موافق علي الهبل اللي مكتوب دا !!


هتفت ليلي بإنفعال شديد : اخرسي انا ابني الله يرحمه عقله يوزن بلد و ماتدخليش في اللي بيحصل دا .. فاهمة 


اما هي فلم تستطيع مشاركة هذا الحديث الصاخب ،

ماذا تقول لا تصدق ان عمر وضعها في هذا الموقف ؟

تتزوج من اخوه كيف؟


_ انا مش هنفذ الوصية دي


كانت هذه كلمات كارمن و نظرتها مصوبة في الفراغ


صاحت نادين فيها بإحتقار وتعالي : مين قال اصلا ان الكلام دا هيحصل يا حبيبتي .. انتي ناسية نفسك و لا ايه .. مش كفاية انك ضحكتي علي الصغير وخليته يتجوزك وانتي مش من مستواه .. هتكوشي علي الراجل اللي فاضل كمان 


تجمعت الدموع بعيون كارمن وهربت منها الكلمات ، فلم تستطيع الرد.


وصل غضب ادهم الي اقصي حد ، وهو يلاحظ دموعها من كلمات زوجته المسمومه ، ذهب إليها وصفعها بقلم على وجهها.


ادهم بصوت جهوري : الزمي حدود يا نادين مش هصبر عليكي اكتر من كدا .. يلا اطلعي علي اوضتك حالا .. مش عايز اشوف وشك قدامي


صرخ فيها عالياً فاخذت المتبقي من كرامتها ، وغادرت تتوعد بداخلها ان هذه الزيجه لن تمر علي خير.


نهضت ليلي من مكانها جالسة بجانب كارمن ، وهي تعانقها بتعاطف في هذا الموقف الذي لا تحسد عليه.


مدحت بجدية : اهدو يا جماعه فاضل اقل من خمس شهور علي مهلة الوصية لازم توصلو لقرار قبل الميعاد دا و تبلغوني به 


انصرف المحامي ليعم الصمت المكان للحظة


هتف ادهم بملامح صارمة : وصية عمر هتتنفذ يا كارمن


نظرت كارمن اليه بدهشه وقالت بإصرار : بس انا مش موافقه و مش هتجوزك


رفع أدهم حاجبيه قائلا ببرود : لو سمحتم الكل يخرج عاوز اكلمها لوحدها 


ضاقت عيناها وهى ترأهم جميعًا يغادرون في صمت لتبقي معه وحدها ، لذلك لم تنظر إليه.


رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن

ادهم بصرامة : مفيش اختيارات كتير قدامك .. الوصية خلاص اتفتحت و اللي جواها لازم يتنفذ .. و الا وصاية ملك هتكون من حقي لوحدي


نطق اخر جملة بنبرة تهديد و حزم


هبت كارمن واقفه تنظر له بغضب وقالت بصراخ : انت اتجننت .. عايز تاخد بنتي مني


هتف ادهم بغضب ايضا : اتكلمي كويس .. قولتلك معندكيش اختيارات .. يا تقبلي كل حاجة يا تخسري كل حاجة


كارمن بضعف : انا مش عايزة فلوس و لا شركة و أي حاجة غير بنتي وبس


أخفى أدهم شعوره بالأسى عليها ، ليقول من بين أسنانه : الكلام واضح قدامك خمس شهور تفكري فيهم .. لحد معاد تنفيذ الوصية 


هتف بهذه الكلمات و غادر المكان بأكمله.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


منزل مالك البارون


في غرفة مالك و يسر 


دلفت يسر لتجد مالك يجلس علي الفراش شارد بتفكيره ، ولم ينتبه لدخولها.


قالت يسر برقه : ايه اللي واخد عقلك يا قلبي؟


خرج من شروده ينظر إليها ، ويبتسم عندما وجد تلك الجميلة بشعرها الأشقر واقفة أمامه.


كانت ترتدي فستانها الأسود القصير خطفت أنفاسه بإطلالتها الساحرة.


مرت عينيه من رأسها إلى اسفل قدميها كالعادة أبهرته بأدنى حركة منها.


مالك بحب : هو حد يقدر ياخد عقلي وقلبي غيرك يا ام العفريت 


ضحكت بخجل وهي تجلس الي جواره : بلاش تجيب سيرة العفريت .. هتلاقيه جاي ينط فوق بطنك زي كل يوم 


ضحك معها وقال : عندك حق الواد دا متسلط علينا 


يسر بإبتسامة : ماتقلقش لعب كتير مع ملك انهاردة .. اول ما حطيته في سريره راح في ساااابعه نومه


ابتسم مالك بخبث و هو يصقف بيديه ، ليقول بحماس : يعني الملعب فضيلنا اخيرا


ضحكت بدلال علي حركاته ، وسألت بنعومة : قولي بس الاول ايه اللي حصل معاكم و انا في الجنينه 


مالك بإنزعاج : لا كدا الليلة هنقضيها في الحكاوي و هتتحسب عليا اونطه .. و حكاية الوصية دي هيطول شرحها انا عايزك في حكاية مستعجلة دلوقتي


نظرت له بطرف عينيها وتمتمت : حكاية ايه دي بقا ؟!


لم يرد مرة أخرى فقط حاصرها داخل ضلوعه ، هامسًا بجانب اذنيها بكلمات الحب و الغزل التي خدرتها قبل أن يبتعد عنها و يلف خديها بيديه الكبيرتين بينما ينظر بلطف في عينيها وهمس : بعشقك 


خديها يحترقان بهذا الاحمرار اللطيف لقلبه ، فبغض النظر عن عدد السنين التي مرت عليهم فإنها ستظل تخجل من كلماته الحب منه ، لتغمغم بإبتسامة : و انا بموت فيك 


تسارع أنفاسه يقترب أكثر فأكثر ، و أنفاسها الحارة تلهب جلده بالإغراء ، أغمض عينيه وهو يلتهم شفتيها بين شفتيه بقبلة عاطفية تتعمق معه ، وهو يستمتع برحيقها ليذهبو معا في عالمهم الخاص.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في فيلا عمر البارون 


هتفت مريم بصدمة : مش معقولة اللي بتقوليه دا يا بنتي ؟


ردت كارمن ببكاء : هو دا اللي حصل يا ماما 


عانقتها امها وقالت بحزن : ازاي عمر يعمل كدا ؟


خرجت من حضنها ، و صاحت بدموع : معرفش يا ماما .. قوليلي اعمل ايه لو ماتجوزتش ادهم الوصاية هتروح له وهياخد مني ملك .. انا مقدرش اعيش من غيرها 


رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن


مريم بقلة حيلة : اقبلي يا كارمن .. اكيد عمر ماعملش كدا عشان يأذيكي لاني متأكده قد ايه كان بيحبك


كارمن بتعجب : بيحبني !! و يحطني في وضع اجباري زي دا عشان اتجوز اخوه يا ماما .. ازاي يفكر كدا ؟


مريم بهدوء : الله اعلم يا بنتي .. محدش عارف الخير فين ؟


كارمن بعدم اقتناع : بس انا مقدرش اتخيل نفسي مع ادهم ابدا .. ازاي اصلا و انا مرات اخوه


مريم بتصحيح : كنتي مرات اخوه يا كارمن عمر مات و مش هيرجع تاني .. لازم تتقبلي الوضع لو عايزة تفضل بنتك معاكي

و انتي مش اول وحدة تجوز اخو جوزها

هتفت تذكرها بالواقع الذي لا تستطيع ان تتقبله 


نظرت لأمها بحزن و لم تستطيع انكار ما تقوله لكنها قالت : انا هطلع اوضتي استريح .. تصبحي علي خير


مريم بحنان : و انتي من اهله يا حبيبتي 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


نعود الي قصر البارون 


عاد أدهم من الخارج بعد أن خرج ماشياً بسيارته في الشوارع بلا هدف ، غير مدرك ما كان يفكر فيه شقيقه !! 


لماذا أجبره على هذه الوصية ؟ 


بدون ادراك من اخيه فتح الجراح التي حاول إخفاءها خلف قناع البرودة منذ أن علم أن شقيقه يحبها وينوي الزواج منها.


جلس أدهم في مكتبه يفكر فيما حدث بعقله الشارد.


سمع طرقة خافته على الباب ، فسمح له بالدخول


تمتمت ليلي بصوت هامس ، و هي تغلق الباب ورائها : ممكن اتكلم معاك يا ادهم ؟


رد ادهم على الفور : اكيد اتفضلي يا امي 


ليلي بعتاب : كنت قاسي علي كارمن يا حبيبي كنت سامعه كلامك ليها من برا .. براحة عليها ماتنساش هي خارجه من صدمة قوية من فترة بسيطة 


قال ادهم دون أن ينظر إليها : كدا احسن لازم تتقبل الواقع بسرعه .. انا مش عايز احرمها من بنتها .. اكيد انا مش هعمل كدا حتي لو اضطريت اني اضغط عليها و اتجوزها بالعافية


ختم حديثه بإنفعال لتقول ليلي بصوت هادئ : وحدة وحدة عليها يا ادهم البنت يتيمه و بقت ارمله كمان في سن صغير اوي مش هتتقبل كل دا بسهوله 


رد أدهم بغموض : ماتقلقيش يا امي خير ان شاء الله


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في غرفة كارمن 


جلست غاضبة على سريرها ، غير قادرة على النوم .


تفكر في كل ما حدث اليوم ، لا تفهم كيف ستتزوجه بعد خمسة أشهر ؟


تتذكر جيدًا ما حدث في لقائهما الأول ، لم تكن تعلم عنه شيئًا عندما عملت في الشركة لأول مرة ، كانت كل معرفتها به هي كلمات عمر البسيطة عنه فقط.


★•••••★•••••★


Flash Back


تقتربت كثيرا من عمر ، وأحست انها تحبه كثيرا ، فقد لامس قلبها بلطفه و أسلوبه الراقي المهذب ، وبعد أربعة أشهر من العمل في الشركة كانت على وشك التخرج من الجامعة ، و كانت متحمسة لعملها المستقر في الشركة ، فقد أذهلتهم بأفكارها الجديدة و الراقية.


في ذلك الوقت ، قرر عمر أن يطلب منها الزواج ، وبالفعل ذهب إلى أخيه ، وأخبره بما يشعر به لم يرفض أدهم طلب عمر ، و قال له إنه ليس لديه مشكلة فهذه حياته و عليه الاختيار لنفسه. 


كان عمر سعيدًا جدًا بحديث أخيه و زادت ثقته فى نفسه ، و طلب منه إحضار كارمن إلى هنا يتعرف عليها ، و بعد تخرجها سيأتي معه ليتقدم الي خطبتها ، ووافق أدهم علي ذلك.


و باليوم المتفق عليه ...


كانت تمشي في الطابق الأخير من الشركة بمفردها بعد أن تركها عمر لأمر مهم من العمل ، وطلب منها الانتظار في غرفة سكرتيرة شقيقه حتى يعود.


لكنها لا تعرف الطريق الذي عليها أن تسلكه ، هناك ممران ، لذلك بدأت تمشي ، وأنذهلت بفخامة هذا الطابق الذي تراه لأول مرة.


لفت انتباهها لوحة فستان جميلة جدًا معلقة على الحائط.


توقفت كارمن في منتصف الممر ناظرة إليها بإعجاب شديد ، وفجأة شعرت بهزة قوية دفعتها في كتفها ، فشهقت بشدة وسقطت على الأرض لأنها لم تستطع التوازن وذراعها اصبح يؤلمها كثيراً.


اغمضت لبرهة عينيها من الألم ونظرت لأعلى ، لتجد أمامها جدارًا بشريًا كان ينظر إليها ببرودة شديدة.


صرخت كارمن بإندفاع ، محاولة النهوض من الأرض بغضب ، و هي تدلك ذراعها برفق : انت اعمي مش شايف حد واقف و انت ماشي زي الصاورخ كدا


اقترب ‏​‏​منها يقف امامها مباشرة ،

ونظر الي عينيها و هو يقسم بداخله انها صافيه اكثر من السماء.


هتف ببرود و عجرفه : انتي للي غلطانه .. واقفة في نص الممر براحتك كأنك في بيتكم مش في شركة


صاحت كارمن بنبرة غضب و كبرياء : لو سمحت حضرتك الزم حدودك انا كنت واقفه ببص علي اللوحة و انت خبطت فيا و وقعتني و دلوقتي بتغلط فيا .. ايه قلة الذوق دي


تغيرت ملامحه إلى غضب ، فلم يجرؤ أحد على النظر إليه من هذه ، لتأتى تلك الضئيلة وترفع صوتها عليه و تغلط به ايضا بكل وقاحة. 


صرخ في وجهها بحدة : انتي هتحكيلي قصة حياتك .. صوتك مايعلاش هنا و الا هقطعلك لسانك الطويل دا .. و يلا اتأسفي حالا 


حاولت كارمن التنفس بهدوء للسيطرة على انفعالها ، لكنها ارتجفت بشكل لا إرادي خوفا من هذا المهيب ، و شعر أنه يحب ذلك البريق المذعور الذي ظهر في عينيها الزرقاوتين ، فابتسم بداخله بشكل خبيث ، و قرر اللعب بأعصابها عقابا لتحديها له قائلا بسخرية لاذعة : القطة اكلت لسانك دلوقتي .. و لٱ بتفهمي متأخر .. قولت اتأسفي عن الكلام للي قولتيه و صوتك العالي 


اشتعلت غيظًا ، فهذا المتغطرس عدم الاحساس يسخر منها و يهينها بكلماته ايضا رغم ان الخطأ منه.


وضعت يديها على خصرها في تحدي وقالت بعناد : لما تعتذر انت الاول و تتكلم بإحترام .. وقتها انا هكلمك بإحترام


رفع حاجبيه بشموخ يليق به ونطق بكبرياء : غصبن عنك تتكلمي معايا بإحترام 


هتفت كارمن بملل و إستنكار من غروره : و بعدين بقا في اليوم دا .. لو سمحت عديني عشان في ناس مستنياني 


حاولت أن تمر من جانبه ، لكنه أمسك بخصرها ودفعها على الحائط.


شهقت بتفاجئ من فعلته ، و رفعت عينيها له في غضب و نظرت مباشرة إلى عينيه ، فشعرت بارتباك من قربه الخطير منها ، و نظرة عينيه القاتمه التي جعلتها حقا تريد الهرب منه الأن.


اما هو فأصبح مثل الشخص الضائع في امواج هذه العيون ، لا يعرف كم من الوقت بقي في هذا الوضع.


همست كارمن بتوتر : مايصحش كدا .. لو سمحت ابعد عني 


لكنه لم يسمع ما تقوله ، بل اقترب منها اكثر ، فأغمضت عينيها بشدة ، ليشعر بتوترها يزداد تزامنًا مع تسارع أنفاسها ، لكنه استيقظ من هذا السحر فجأة ، وفي غمضة عين لم يكن موجودًا في المكان.


فتحت عينيها ببطئ بعد ان شعرت انها تقف وحدها بالمكان ، لدرجة أنها لا تعرف إذا كان ما حدث هذا حقيقيًا أم أنها كانت تتخيل ، لكن الألم الذي مازالت تشعر به في ذراعها جعلها تدرك ان ذلك حدث بالفعل.


_ كارمن 


كان هذا صوت عمر الذي أنهى عمله ، وذهب للبحث عنها في مكتب السكرتيرة ، ولكنه لم يجدها ولم يكن شقيقه وصل إلى مكتبه ، فذهب للبحث عنها.


نظرت اليه في شرود فهي لم تتخطي الصدمة بعد ، تعجب من امرها ليقول بتساءل : مالك يا بنتي سرحانه في ايه .. و واقفه هنا ليه ؟


همست بإرتباك : توهت معرفتش اروح المكتب !!


عمر بإبتسامة هادئة : و لا يهمك ادهم لسه موصلش .. تعالي نستناه في مكتب مها 


ذهبت معه و هي تحاول ان تستعيد تركيزها ، و تنسي هذا الموقف المحرج لها.


Back


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••


نظرت كارمن الي صورة عمر الموضوعه علي المنضدة بجانبها ، ثم مدت يديها تمسكها و هي تتحدث لها بدموع : ليه تحكم عليا الحكم دا .. مش عارفه اعمل ايه دلوقتي ازعل منك و لا ازعل عليك يا عمر!!!


وضعت الصورة في مكانها ، و اغمضت جفونها لعل سلطان النوم يأتيها لتهرب من افكارها.
لكل صمت هستيريا خاصه به ، فكلما زاد هدوء الشخص ، كثر الضجيج برأسه.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في ايطاليا مساءا


بداخل احدي الفنادق الفاخرة التي يمتلكها "مراد عزمي"


يجلس مراد مع رجال اعمال فاسدون من مختلف البلاد يتحدثون حول اعمالهم و تجارتهم الغير مشروعه مثل المخدرات ، الاثار ، السلاح .. الخ


"سيتم ترجمه المشهد باللغه العربية الفصحي"


_ اللعنه مراد ألم تقل لي ان شحنة الاسلحة قد دخلت الحدود الاقليمية و انه ليس هناك مشكلة


اجاب مراد بثقة : أجل ، كل شئ علي ما يرام ، لقد تأكدت بنفسي 


_ سيدي ، لقد تم التخلص من الجواسيس التي زرعتها الشرطة وسطنا ليتعقبونا ، و لا يوجد اي خطر الان علي المنظمة


_ حسنا ، لا اريد ان يبقي اثر لأي شئ يرشد الشرطة عن اعمالنا مفهوم 


_ حسنا 


_ اما انت مراد سوف تظل في ايطاليا هذا الشهر ، فأننا نحتاجك معنا هذه الفترة


اؤمأ مراد بالموافقه و هو يفكر ان نزوله لمصر تأجل ، و انه سيغيب عن محبوبته لمدة شهر فأنه يتطوق شوقاً لها.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


صباح يوم جديد


فى احدى محافظات الصعيد ، و بالتحديد محافظة قنا التى بها المقومات الاساسية ، والضرورية اللازمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وبها اراضى قابلة للاستصلاح ، والعديد من الاماكن ، والمعالم السياحية ، وسكانها المعروفين بأصالتهم وأخلاقهم منذ القدم


في منزل الحاج "عبد الرحمن الشناوي"


استيقظ جميع من في المنزل يلتفون حول مائدة الطعام كالمعتاد.


كان "بدر" يجلس في مقعده المعتاد على اليمين ، و بجانبه تجلس زوجته "حنان" ، و علي اليسار مقعد "حياة" ، بينما المقعد المترأس للطاولة يجلس عليه الحاج "عبد الرحمن الشناوي" بهيبته الطاغية. 


تحدث الحج عبدالرحمن : لسه العيال ماصحيوش و لا ايه؟


ضحكت حنان قائلة ببشاشة : لا يعمي اكيد صحيو .. بس انت عارفهم عاد متلكعين علي طول


هتفت روان بمرح : يا صباح الفل يا الناس الحلوين


ثم ذهبت الي جدها وقبلت يده بإحترام وقالت بمرح : وحشتني اوي يا ابو الشباب ، و قبلته في خده بحب 


بدر بضحك : يا بت اهمدي علي الصبح و بطلي مناغشه في جدك


اجاب عبدالرحمن بمحبه : سيبها يا بدر دي حبيبه جدها


صاحت روان بطفوليه : شوفت بقي يا سي بابا احنا متفقين اهو محدش يدخل بيني و بين حبيبي لو سمحتم بقي


ضحكت حياة وقالت بنبرة حنونة : مابتكبرش ابدا البت دي .. يلا يا حبيبتي اقعدي افطري


جلست روان ، ثم وضعت يديها علي رأسها كأنها تفكر ثم قالت بلؤم : اه صحيح يا جدي و انا داخلة كدا سمعتك بتكلم عن العيال للي مصحيوش .. اكيد قصدك ماجد طبعا مش كدا!!


ضحكو جميعا علي تصرفات هذه الطفله مهما كبرت لا تتغير.


جاء صوت ماجد من وراءها : بتجيبي في سيرتي ليه يا ام طويلة انتي ؟


روان : يمه تف تف قطعت خلفي يا عم .. ايه انت بتنط علي السيرة .. و الطويلة مالها دي حتي الغلبانة و المستغلة في كل حاجة


ماجد بلا اهتمام : افطر و بعدين ارد عليكي


هتف بدر بنفاذ صبر : كفاياكم دوشة و اقعدو افطرو و سيبو جدكم يفطر


جلسو جميعا يأكلون بصمت


_ صباح الخير


تحدث زين بهدوء بعد ان دلف الي غرفة الطعام ، و هو يقبل يد جده بإحترام.


رد الجد ببشاشة : صباح النور يا ولدي


اجابت حياة بإبتسامة حنونه : صباح الخير يا حبيبي 

قبل يد والدته و جلس بجانبها يفطر بصمت


كانت عيون روان مصوبة نحوه ، لم يكلف نفسه ان يلقي عليها تحية الصباح او حتي ينظر اليها ، لا تعلم لماذا هو بارد هكذا ؟


لكنها تحبه!!


خرجت من تفكيرها علي ضربة من اخيها


صاحت روان بإنزعاج : ضربه في ايدك .. حد يعمل كدا ؟


ماجد بملل : بنادي عليكي من ساعه و انتي في المريخ .. يلا عشان اوصلك للجامعه في طريقي


تحدثت حياة على الفور : قوم يا زين وصل خطيبتك يا ولدي


اجاب زين ببرود : عندي شغل مهم فى المستشفي يا امي مينفعش اتأخر عنه


كتمت روان الغصه التي شعرت بها من حديثه البارد و لامبالاته بها ، لكنها اخفت ذلك الشعور خلف مرحها المفتعل.


روان بإبتسامة واسعة : مش مشكلة ماجد هيوصلني يا عمتي .. سلام يا ناس يا حلوين .. 


أنهت جملتها لتقبل خد جدها.


كان ينظر اليها زين بطرف عينيه ، و لم يبدي اي رد فعل اتجاهها.


بعد لحظات نهض من كرسيه و هو يقول بهدوء : انا كمان لازم اتحرك اتأخرت علي المستشفي عن اذنكم .. سلام


الجميع : مع السلامه


★★★


•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في بقصر البارون


الساعه 9:00 صباحا


استيقظ أدهم من نومه ، أو بشكل أوضح من غفوته ، حيث لم ينم حتى الساعات الأولى من الصباح. 


قام متجها الي صالة الألعاب الرياضية حيث يفرغ كل شيء على صدره بالرياضة كعادته ، أثناء ممارسة للرياضة كان يفكر في أول لقاء لهما .


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


Flash Back


كان يسير في طريقه إلى مكتبه بعد أن تأخر على الوصول للشركة في الوقت المعتاد بسبب نادين التي لا تتوقف عن استفزازه بطلباتها السخيفة ، وهذا اخره كثيرا ، ولابد أن شقيقه ينتظره هو وفتاته ، فأسرع ليكمل طريقه ، وهو ينظر إلى هاتفه ليعرف الساعة. 


اصطدم بها وجعلها تسقط على الأرض بعنف ، و عندما رفعت عينيها إليه ، صرخت في وجهه. 


تذكر كيف أنه لم يتحكم في نفسه معها وهذا جديد عليه ، فهو نادرًا ما ينجذب إلى فتاة ، لكن نظرة من هذه العيون الزرقاء البريئة سلبت عقله في ثوان ، و هي أول من يجرؤ و يرد عليه بشجاعة رغم ارتجافها أمامه و وضوح التوتر عليها.


لا يعرف كيف اقترب منها ، ولكنه افاق هذا السحر وعقله يحذره بالابتعاد عنها فوراً.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بعد مرور وقت قليل 


جلس أدهم في مكتبه ، شارد بتلك العيون الجميلة ، لابد أنها تعمل في الشركة ، وسوف يعرف من هي ؟ 


افاق من تفكيره علي طرق الباب ، سمح لأخيه ان يدخل ، لكنه لم يكن وحيدا كانت معه ، إنها نفس الفتاة الفاتنة التي سحر بها.


عمر بإبتسامة : صباح الخير يا ادهم 


رفع رأسه و هو يرد تحية اخيه : صباح النور 


قال عمر و هو يشير بيديه علي كارمن الواقفة وراءه : اعرفك .. دي كارمن خطيبتي المستقبلية اللي حكتلك عنها .. 


ثم نظر الي كارمن مردفاً بفخر : اقدملك ادهم اخويا يا كارمن و رئيس مجلس ادارة شركاتنا


كسرت هذه الكلمات السحر الذي شعر به ، وهو يرى عينيها تتسعان في صدمة لم تكن أقل من صدمته ، لكنه عالج الموقف بعقله الصلب في ثواني ، و نظر اليها بجدية وبرود ، ثم أشار إليهم بجلوس .


تحدث ادهم بصوته الرخيم : فرصة سعيدة يا كارمن 


اجابت كارمن بصوت مرتبك ، و كانت تنظر الي الارض : انا اسعد يا فندم .. شكرا


ادهم بسؤال : تشربو ايه ؟


لم تستطيع الرد من شدة توترها


عمر ببساطة : انا عاوز قهوة و كارمن بتحب المانجه 


نظرت كارمن بإمتنان لعمر تشكره بإبتسامة صامته ، و هذا ازعج ادهم بشدة ، لا يدري لماذا لا يستطيع يتحكم في مشاعره ؟


عم الصمت للحظة قبل ان يكسره عمر بمرحه الدائم لا يدرك مايجول في خاطر الجالسين امامه.


هتف عمر قائلا بأبتسامة رجولية لم تزيده الا وسامةً : ايه رأيك في ذوق اخوك .. مش بذمتك ليا حق استعجل علي الخطوبة ؟


احمرت كارمن خجلا من حديثه 


اجاب ادهم بغموض : ماكنش عندي شك في اختيارك


ثم وجه نظراته لكارمن مستطردًا حديثه بنبرة عادية : انتي عايشة مع والدتك بس مش كدا ؟


اجابت كارمن بصوتها الناعم : ايوه حضرتك .. والدي توفي و انا طفلة


ادهم بإستفسار : و ايه هي دراستك ؟


اجابت كارمن و هي تشعر انها امام لجنة امتحان : انا هتخرج بعد شهر من فنون تطبيقيه قسم ملابس

Fashion Design


هتف عمر يذكره : كارمن بتشتغل معانا هنا يا ادهم كانت ضمن طلاب التدريب 


اومأ ادهم بصمت و انتهت المقابلة بسلام.


Back 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


افاق من صراعه الداخلي و هو يأخذ نفسا عميقا ، و يعود من تلك الذاكرة الثقيلة على قلبه ، يتذكر كيف كان يتجنب أي لقاء معها بعد خطوبتها لأخيه ؟


كيف كان يتعامل معها بحذر شديد وجدية في أي مناسبة تجمعهم ، لكنه في نفسه لم يتوقف عن التفكير فيها ، لقد حاول كثيرًا وفشل.


خرج من صالة الرياضة يستعد الي عمله ، فهو عليه مباشرة شركة المقاولات مع مالك اليوم محاولا عدم التفكير في المستقبل ، و سوف يترك كل شئ يأتي كما كتبه الله لهم.
لٱ تطل البقاء 

في محطة يأسك 

فقد يمر قطار الامل 

في الاتجاه المعاكس


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في فيلا عمر البارون 


تجلس كارمن في الصالة شاردة بتفكيرها 


مريم ببشاشة : صباح العسل علي عسولتي


كارمن بهدوء : صباح الفل يا ماما


مريم بحب : حبيبتي عملتلك شاي بلبن اللي بتحبيه 


كارمن بإبتسامة عذبة : تسلم ايدك يا ماما


مريم بفضول : بتفكري في ايه ؟


كارمن بحيرة : متلخبطة يا ماما .. مش عارفه لسه عاوزة اعمل ايه ؟


مريم بهدوء : لو عايزة رأيي وافقي يا بنتي 


اتسعت عيون كارمن ، وقالت بإستغراب : انتي اللي بتقولي كدا يا ماما ! طب انتي ليه مفكرتيش تتجوزي بعد بابا الله يرحمه ؟


ابتسمت مريم قائلة بحب : باباكي الله يرحمه ماكنش في زيه محدش هيملي مكانه .. و بعدين انا كان كل تفكيري وقتها فيكي انتي و مستحيل كنت هجيب ليكي جوز ام يبهدلنا


عانقتها كارمن بشدة لتقول بإبتسامة : حبيبتي يا ماما ربنا يخليكي ليا 


مريم بحب : و يخليكي ليا يا رب يا قلبي .. 


واصلت مريم حديثها بهدوء : بس انتي وضعك مختلف عني يا حبيبتي !!


كارمن بدهشة : ازاي يعني مختلف ؟


مريم بصوت حنون : اللي هتتجوزيه دا عم بنتك .. مش واحد غريب و لا طماع .. الشهادة لله يعني انسان محترم و بيعامل ملك زي بنته .. و بالعقل كدا هو اكتر واحد هيخاف عليها


جادلت كارمن بعدم اقتناع : بس يا ماما دا متجوز .. و انتي عارفه طريقة مراته مستحيل هنتفق مع بعض !!!


مريم بجدية : وانتي مالك بمراته .. مالكيش دعوة بيها اصلا انتي ليكي بنتك و جوزك و كل واحدة منكم في حالها.


عقدت كارمن حاجبيها وسألت بسخرية : و انتي فاكرها هتسكت انتي ماشوفتيش اكلمت ازاي عني بعد ما سمعت الوصية و مضايقة من نفسي اني ماقدرتش ارد ؟


مريم بإستفسار : هو انتي مش قولتي ان ادهم وقفها عند حدها و كمان ضربها قدامكم كلكم !!


أجابت كارمن بضحكة خافتة : اه اللهم لا شماته بس انا ارتحت لما عمل كدا لانها فعلا انسانه مستفزة بس قلقانه لا تحطني في دماغها.


قالت مريم تطمئنها بنبرة هادئة : متقلقيش و اهو الراجل من اول يوم خدلك حقك عايزة ايه تاني !


كارمن بحزن : مش حاسة اني هعرف انسي عمر يا ماما !!


مريم بتفهم : يا حبيبتي انتي مش هتنسي عمر لانه ابو بنتك .. بس هو الله يرحمه و انتي اللي عايشة دلوقتي .. ممكن تحسي ان الحياة وقفت عند اختفاء عزيز من حياتك .. بس الحقيقه ان الحياة ماشية و انتي اللي واقفة مكانك.


قالت كارمن بتنهيدة ، و قد بدأت تقتنع بحديث امها : ماشي يا ماما انا هتكلم مع ادهم و ان شاء الله خير...


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في النادي 


تجلس نادين بصحبة ميرنا و هي تتحدث بعصبية شديدة : انا يضربني بالقلم قدام الكل و عشان الجربوعه دي 


ميرنا بكلمات مهدئة : اهدي بس و فهميني براحة .. انا مش فاهمه منك حاجة من وقت ماقعدتي و انتي بتزعقي .. فرجتي الناس علينا


نادين بسخط : بقولك فتحو وصية اخوه .. و مكتوب فيها انها تكون نائب مجلس الادارة .. و مشرفه علي المصنع بعد ما تتعلم الشغل .. و فوق كل دا هتجوز ادهم دا علي جثتي ان دا يحصل


ميرنا بتفكير : معقوله .. كارمن دي طلعت مش سهلة خالص


نادين بقلق تحادث نفسها بصوت عالي : انا مش عارفه افكر هي لو اتجوزته اكيد هيفهم اني كذبت عليه و اقل حاجة هيعملها هيطردني من بيته و يطلقني دا لو مقتلنيش اصلا


ميرنا بفضول : قتل ايه مش فاهمه حاجة؟


نادين بتردد : هقولك ما انتي لازم تفكري معايا و تشوفيلي حل


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في كلية روان 


تجلس مع صديقتها "رنا" يتحدثون فتأتي اليهم صديقتهم "مني" تجلس معهم


مني : صباح الخير يا بنات عاملين ايه


ردو : صباح النور


اجابت روان : الحمدلله تمام


هتفت رنا بفتور فهي لا ترتاح الي مني : بخير 


روان : انتي اخبارك ايه


مني بخبث : تمام و الله .. قوليلي صحيح عاملة ايه مع خطيبك؟


نظرت لها رنا بحنق لتدخلها بحياة روان


روان بحزن : الحمدلله.


مني بمكر : اومال مالك كدا وشك مكشر و زعلانه انتو اتخانقتو سوا


هتفت رنا بسخط : ايه الحشارية اللي انتي فيها دي ياريت تخليكي في نفسك احسن


مني بتذمر : ايه دا مالك انتي .. انا بطمن عليها و عاوزة مصلحتها .. مش شايفه شكلها بتحط ميكب و دايما بالنظارة دي طبيعي مايبقاش واخد باله منها


تتابعهم نظرات روان الحزينة و هي صامته


رنا بتعقل : علي فكرة الحب بالقلوب مش في الشكل ابدا ماتسمعيش كلامها يا روان


مني بملل : خلاص خلاص انا مالي براحتكم ،و نهضت تغادر بحنق


تحدثت روان بحزن علي حالها فهي تجهل تماما امور الاعتناء بمظهرها و كان كل اهتمامها فقط بدراستها : يمكن مني عندها حق يا رنا انا برده مش مهتمه بنفسي 


رنا بتوبيخ حانى : بطلي هبل بالعكس انتي احلي مني انا و هي .. كفاية دمك الخفيف و شقاوتك و قلبك الطيب و طولك ماتسمعيش كلام مني انا مش بستريحلها


روان بيأس : بس مظنش ان دا كفايه يخليه ياخد باله مني يا رنا


قالت رنا بصوت ناعم : لو علي الشكل يا ستي سهل جدا .. سيبيها عليا انتي اصلا مش محتاجة حاجة يدوب هنشيل النظارة و تحطي لينسيز طبي و ميكاب خفيف و تبقي قمر .


روان بسؤال : و تفتكري دا هيخليه يشوفني حلوة يعني؟


رنا بتأكيد : التغيير مطلوب .. و كمان لازم تخرجي من مرحلة الطفولة اللي انتي لسه عايشة فيها يعني تتكلمي بهدوء برقه و بصوت واطي فهمتي يا بت


ابتسمت روان لصديقتها التي تعتبرها اختها فهي طوال الوقت تدعمها ، وقالت ببشاشة : حاضر يلا قومي معايا نشوف المحاضرة اللي ورانا.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في غرفه نادين ظهرًا


جلست تقطم اظافرها من التوتر و العصبية شديدة

، فهي لا تعرف هل حقا خطة صديقتها ستفلح ام لا؟


سمعت رنين هاتفها لتتجه الي المنضدة تري الشاشة تضئ برقم تعرفه جيدا ، اخذت تفكر هل ترد ام تغلق ككل مرة ؟ ولكنها بحاجة الي التحدث مع احد الان.


نادين بتردد : ايوه


_ ازيك يا روحي وحشتيني


نادين بهدوء تحاول السيطرة علي نفسها :  احنا مش اتفقنا نقطع علاقتنا ببعض يا قاسم


قاسم بمراوغة : حاولت و مش قادر انساكي يا بيبي هو انا ماوحشتكيش 


نادين و قد بدأت تلين نبرتها : بس انا حاليا عندي مشاكل و مش هينفع نتكلم


قاسم بلهفة : بس انا لازم اقبلك ضروري بجد مشتاقلك و لا خلاص نسيتي ايامنا سوا


نادين بهمس : لا مانسيتش و لا حاجة بس ياريت انت كمان متنساش اني متجوزة


قاسم بإصرار : و ايه المشكلة ما احنا كنا سوا و انتي متجوزة برده ومبسوطة و لا هتنكري انا لسه بحبك يا نادين و مصمم اني اشوفك


نادين برضوخ : ماشي يا قاسم عايزني اقابلك فين


اجاب قاسم على الفور : في شقتي طبعا اكيد لسه فاكرة العنوان مستنيكي 


نادين بهدوء : تمام ساعتين و اكون عندك سلام


اغلقت و هي تتجه الي خزانة الملابس تبحث عن شئ مغري و ملفت ترتديه ، فهي قررت ان تحاول نزع الخوف من داخلها و لو مؤقتا .


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


اما عند قاسم


ضحكت بخبث : برافو عليك يا قاسم كدا بقي هي وقعت في الشبك و دا كان الوقت المناسب للصيد


شاركها الضحك وقال بفخر : عيب عليكي يا ميرنا انا مش هسيبها غير لما اطلع بكل اللي انا عايزو المرة دي


ميرنا بدلال : بس اوعي تنساني في المصلحة دي يا بيبي


قاسم بإبتسامة : اكيد يا عمري ماتقلقيش .. دا انتي السبب في اني عرفت اجيب رجلها من تاني دا انا بقالي شهور برن عليها و مش معبراني .


نهضت ميرنا قائلة بدلع : تمام يا حبيبي هسيبك بقي تظبط اماكن الكاميرات اللي جبتهالك و هتصل بيك بليل تقولي علي الاخبار 


قال قاسم وهو ينظر لها بشهوة : طب ما تخليكي شوية لسه بدري علي معادها


ضحكت بغنج متصنع وقالت بغمزة : خلينا نأجلها لما يحصل المطلوب و نحتفل سوا يا حبيبي سلام


عض قاسم شفته وقال : سلام


غادرت ميرنا و هي تفكر بحقد و خبث : كدا بقي اقدر اكسر مناخيرها اللي حطها في السما دي .. و اساومها في الوقت المناسب 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في شركة البارون للمقاولات 


وصل أدهم الشركه ، و ترجل من السيارة ، و هو يستقيم بشموخ ، و خلفه حراسه ، سار بخطواته الواثقه يدخل الي الشركه التي تعتبر الاساس لكل شئ فقد تعب بها والده .


دخل الى مكتبه جالساً على مكتبه بشموخ ليسمع طرق الباب ، يعقبها دخول "هناء" سكرتيرته الخاصة 


هناء بإحترام : صباح الخير يا ادهم بيه نورت الشركة.


ادهم بهدوء : صباح النور يا هناء .. كل حاجة جاهزة ؟


تحدثت هناء بعملية : ايوه طبعا يا فندم .. دا ملف المشروع الجديد و الاجتماع بعد نص ساعه زي ما حضرتك امرت .


غمغم ادهم : تمام .. سيبي الورق دا و اطلبيلي قهوة.


أومأت هناء بالإيجاب وقالت بأدب : حاضر يا فندم  اي شئ تاني؟


قال ادهم دون أن ينظر إليها : لا اتفضلي انتي.


انصرفت هناء بإحترام ، و ظل ادهم يعمل في هدوء.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بعد مرور ساعتين 


وقفت نادين امام باب شقه قاسم ، و هي تلتفت ورائها تخشي ان يكون ادهم يراقبها ، فتصرفاته اصبحت غير متوقعه.


ضغطت علي جرس الباب ، و بعد عدة لحظات 

فتح شاب طويل اسمر ، و علي شفتيه ابتسامة جميلة يخفي ورائها خبث شديد لهذه الغبية.


قاسم بخبث : اهلا يا بيبي .. اتفضلي


دخلت نادين بترقب فهذه ليست المرة الاولي لها بشقته ، و لكنها كانت تريد ان تغلق صفحة الخيانه من حياتها ، و تتفرغ الي اموال ادهم فقط.


جاء من خلفها ، يضغط بصدره على ظهرها ، ويضع رأسه على رقبتها ويقبلها بلطف. 


حاولت الابتعاد عنه قليلاً ، لكنه أمسكها من خصرها ، وجذبها نحوه أكثر ، ولم يعطها فرصة للتفكير أو الكلام.


بدأت تضعف من تأثيره عليها وتركت نفسها ، وشعر بذلك ، فابتسم بخبث ، وراح يهمس لها بكلماته المعسولة حتى غرقت تمامًا في عالم آخر ، وأدارها تجاهه وانحنى يقبل شفتيها ببطء مثير ، وعانقها بقوة على صدره ، فرفعت يديها ولفتهما حول رقبته ، واستسلمت له تمامًا ، وتغرق في بحار الزنا والخيانة.


( قاسم : يبلغ من العمر 33 عاما ، طويل القامه ، يملك ملامح جذابه ، خبيث و طماع الي اقصي حد زير نساء يعشق المال ) 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند كارمن 


تمسك هاتفها في تردد تريد ان تحادث ادهم ، فهي اقتنعت بحديث والدتها ، و قررت ماذا ستفعل ، و تريد ان تعرف رد ادهم علي قرارها ، و لكن تخشي ان تقابله في القصر ، و تتدخل زوجته بالحديث ، و تحدث مشكلة اخري.


استجمعت شجعتها و ضغطت اتصال.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


اما عند ادهم 


قطع رنين الهاتف تركيزه بالأورق التي امامه

اخذ الهاتف يري رقم غير مسجل بإسم فأجاب : الو !!؟


_ صباح الخير 


ادهم ببحه رجوليه : صباح النور .. مين بيتكلم ؟


_ انا كارمن !


نظر الي الهاتف بدهشة و هو يجيب : ايوه يا كارمن ..ازيك !!


كارمن بصوت رقيق : الحمدلله انا كويسة.


ادهم بإهتمام : معلش مكنتش عارف رقمك .. خير حصل حاجة !!


كارمن بخجل : لا انا بس بتصل بيك عشان عاوزة اقابلك و اتكلم معاك 


ادهم بهدوء : اكيد مفيش مشكلة نتقابل بليل في القصر.


اجابت كارمن على الفور : لا .. لو سمحت بلاش القصر ممكن نتقابل في اي مكان برا


ادهم بجدية : تمام .. انا قدامي اجتماع مهم دلوقتي .. بعد ساعتين هبعتلك رسالة بالمكان و الميعاد 


كارمن : تمام .. مع السلامه


ادهم : سلام. 
اذا أردت ان تعيد انساناً للحياة ،

فضع في طريقه أنساناً يحبه .. انساناً يؤمن به.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في بيت ميرنا 


تجلس في غرفتها تشاهد ما تصوره الكاميرات في شقة قاسم على حاسوبها ، وتسجل كل ما حدث وهي تبتسم بخبث.


فقد وقعت نادين في الفخ ، كما انها علمت بسرها ، وستنتقم منها بشدة لما فعلته معها منذ سنوات ، فنادين كانت الصديقة الوحيدة لها في الجامعة رغم اختلاف مستويات المعيشة بينهم ، و كانت نادين تجعلها تشعر من طريقتها انها أقل منها ، لأنها من طبقة متوسطة عكس نادين مدللة عائلتها الثرية.


وعندما وقعت في حب زميل لهم في الجامعة وأخبرتها عن ذلك ، أعجبت نادين أيضًا به وأرادته لنفسها ، لكنه كان شخصًا مستغلًا تركها وركض وراء نادين التي تمتلك المال والجمال.


و لكن الآن ما الذي حصلت عليه نادين ولا شيء ،

مرت الأيام ولم يبق شيء على حاله.


تذكرت ما قالته لها في النادي منذ ساعات 


Flash Back


هتف ميرنا بصوت عالي من الدهشة : يخربيت مخك !!؟


تلفتت نادين حولها بخوف قائلة : وطي صوتك .. انتي اجننتي هتفضحيني !


ميرنا بعدم استيعاب : انتي ازاي قدرتي تقنعيه بكدا و ازاي صدقك ؟


أجابت نادين بتوتر : عشان انا اللي كنت مستعجلة اني اخلف .. هو ماكنش في دماغه اصلا و لا مهتم .


ميرنا بعد اقتناع : حتي لو مش مهتم .. مش مصدقة برده ازاي ماحاولش يكشف عند دكتور تاني ؟


هزت نادين كتفيها ، وقالت بفخر : دا كان من حظي الحلو انه اقتنع بسرعة و مادورش ورايا .


ميرنا بتفكير : يبقي انتي حاليا في كارثه فعلا لانه هيتجوز تاني .. و كارمن دي مخلفه قبل كدا و معندهاش مشكلة يعني اكيد هيعرف .


لوحت نادين بكفها في الهواء قائلة بتذمر : اومال انا بحكيلك ليه ؟ لازم تلاقي طريقه معايا تخلينا نمنع الجوازة دي !!


رفعت ميرنا حاجبها وقالت بسخرية : ماظنش انك هتعرفي تمنعي جوازهم .. دي وصية و لازم تتنفذ يا فالحة !!


حدقت إليها نادين بقلق ، وهمست بصوتٍ خافت : يعني ايه .. كدا هيعرف اني انا اللي مش بخلف مش هو .. وقتها اقل حاجة يعملها هيرميني للكلاب و مش هيرحمني !!


صمتت ميرنا للحظة ثم قالت بنبرة خبيثة : بصي انا رأيي انك تطلعي من وراه بأكبر مبلغ تقدري عليه و تختفي قبل مايعرف اصلا.


هزت نادين رأسها نفيًا ثم هتفت بطمع : و اسيب كل العز دا اللي انا عايشة فيه و اطلع منه بفتافيت .. لا طبعا لازم الاقي طريقه امنعه انه مايخلفش منها


ابتسمت ميرنا داخليا بمكر بعد أن علمت ماذا ستفعل لتقول بتفكير مزيف : خلاص سيبيني افكر في حل ؟


نادين بتنهيدة : ماشي انا لازم ارجع القصر .


ميرنا : تمام .. هكلمك 


نادين : سلام.


ميرنا : مع السلامه.


Back


ميرنا تتحدث مع نفسها بنبرة تحمل كراهية وحقد تجاه نادين : لازم اجيب مناخيرك في الأرض يا نادين و مش هخليكي تتهني بأي حاجة...


( ميرنا : تبلغ من العمر 30 عام ، جميلة ، قوامها جذاب ، قصيرة القامة ، سمراء ، و عيونها سوداء .. تزوجت من رجل أعمال ثري عجوز ، وتوفي بعد عامين ، ورثت منه أموالًا كثيرة ، وتحسنت حياتها كثيرًا ، ولكن الآن كل ما تسعى إليه هو الانتقام من نادين فقط )


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في الساعه 4 عصرا 


بفيلا عمر البارون 


ارسل ادهم رسالة الي كارمن بتحديد المكان و الموعد ، فكان بالقرب من منزلها.


نهضت لتأخذ حمامًا دافئ يريح عضلاتها المتشنجه من التوتر.


انتهت كارمن حمامها ، و خرجت تتوجه الي الدولاب تطلع ملابسها باللون الاسود كما اعتادت في الأيام الأخيرة.


و لم تضع اي ميكاب ، و لبست حذائها ، و اخذت هاتفها و مفاتيحها ، و هي تغادر الغرفه.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


نزلت كارمن السلالم بهدوء ، و هي تسمع ضحكات ابنتها من الصاله.


توجهت اليهم لتري والدتها تلاعب ملك .


كارمن بهدوء : ماما انا هخرج .


مريم بتساءل : رايحة فين !!


تنحنحت كارمن قائلة بإحراج : كلمت ادهم .. و هقابلو بالمطعم اللي جنب الفيلا .. مش هتأخر


مريم بفهم : ماشي حبيبتي … خدي بالك من نفسك


كارمن بإبتسامة صغيرة : تمام يا مريومة.. سلام 


ارسلت قبلة لها في الهواء ، و هي تغادر المنزل


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في مطعم فاخر علي النيل


تجلس كارمن تنظر في للساعه بتوتر ، وهي تنتظر حضور ادهم.


هي لا تعرف لماذا تشعر برهبة في وجوده؟


ادهم بصوت رجولى جذاب : مساء الخير


رفعت رأسها تنظر اليه يقف امامها بشموخه الذي يليق به.


كارمن بخفوت : مساء النور


مدّ يده لمصافحتها ، نظرت إلى يديه الممدودتين وصافحته للحظة شعرت بالكهرباء من ملمس يده القاسية ، كانت هذه هي المرة الأولى التي يمسك فيها بيدها ، لكنها تجاهلت هذا الشعور.


ادهم بإبتسامة خافتة : اخبارك ايه!


سحبت كارمن يديها في توتر واضح و أجابت : الحمدلله .. و انت اخبارك ايه !


ادهم بهدوء : الحمدلله.


صمتت كارمن لبرهة ، و هي تنظر الي يديها الموضوعه علي المنضدة ، لا تعرف كيف ستبدأ الحديث.


أما بالنسبة له ، فقد نظر إليها بتمعن لأول مرة دون أن يشعر أن هذه خيانة لأخيه. 


شعر أدهم بتوترها هذا ، وبدأ في الكلام قائلا بتشجيع : كنتي عاوزة تقوليلي حاجة ؟


كارمن بنبرة رقيقة مشوبة بالإرتباك : ايوه فعلا .. بس مش عارفه ابدأ ازاي ؟


تمتم أدهم بهدوء : الموضوع يخص الوصية !


قالت كارمن بإندفاع : اه بالظبط


لاحت علي وجه ادهم ابتسامه طفيفه وسأل بلباقة : تحبي تشربي حاجة الاول ؟


أشاحت كارمن ببصرها عنهُ و ردت بعفوية : شاي بلبن


اتسعت ابتسامته مستفسرًا : اشمعنا شاي بلبن ! دا ميعاد غداء !!


رمشت كارمن عدة مرات ثم همست بإحراج : انا اسفه لو اخرتك علي غداك 


ضحك ادهم بخفوت وهو يضع قدم فوق الأخرى ، ثم تكلم بنبرة عذبة : اتكلمي الاول و بعدين نطلب الغداء لينا


تمتمت كارمن بعد أن بدأت تسترخي قليلا : تمام


استأنفت الحديث بتنهيدة حزينه : انا كنت عايزة اقولك اني فكرت في بنود الوصية .. انا ممكن اعمل اي حاجة عشان بنتي .. و اكيد عمر الله يرحمه .. كان بيفكر فيها قبل اي حاجة و هو بيكتب وصيته .. عشان كدا اختارك انت الاب اللي هيخاف عليها زيه بالظبط .. وانا بقت اهم حاجة عندي هي ملك مش بقي فارقه عندي نفسي.


كان ادهم يتابع حديثها بعيون ثاقبة و تركيز شديد.


اما هي اخذت نفسا طويلا ، و هي تفرك يديها بتوتر ، 

وواصلت حديثها بخجل : انا موافقه علي الجواز .. بس لو سمحت انا ليا طلبات.


كانت مازالت تنظر الي يديها و لا تستطيع النظر اليه من احراجها وترددها


اجاب ادهم بترقب : و ايه هي طلباتك؟


كارمن بنبرة خافته : انا عاوزة يبقي جوازنا علي الورق و بس.


زم شفتيه بإنزعاج من طلبها هذا مع انه كان يتوقعه

، لكنه اجاب ببرود عكس مايشعر به من غضب : تمام


رفعت نظرها اليه وقالت بتعجب : يعني انت موافق !!


تاه في زرقاوتيها التي تنظر اليه ببراءة واضحة ، و لكنه تماسك يجاوبها بنفس البرود ممزوج بالكبرياء : انا مش هفرض نفسي عليكي .. ولا هقرب منك غير لو انتي عايزة كدا.


كارمن بإحراج : شكرا.


ادهم بذكاء : ايه هي باقي طلباتك؟


تنفست كارمن بعمق وهى تشعر بثقة أكبر فى نفسها لتقول على الفور : يكون ليا اوضة لوحدي !


رد ادهم و هو يحاول تمالك نفسه ، قابضًا علي كفه فوق الطاولة : مش ملاحظة ان كدا كتير !!


اهتزت مقلتيها لكنها حافظت على ثبات نبرتها الهادئة : مستحيل تكون متوقع مني اني اتقبل الوضع بسهولة؟


حرك أدهم رأسه بنفاذ صبر ، وقال بنبرة قوية : ماشي يا كارمن .. بس هتكون الاوضة في جناحي بأخر دور بالقصر .. وملك كمان هجهزلها اوضة الاطفال


سألت كارمن بحرج : هي نادين مش بتنام في جناحك


أجاب ادهم بعدم اهتمام : لا ليها جناحها الخاص في الدور الثاني


اندهشت كثيرا من حديثه البارد عن زوجته ، هي كانت زوجه اخيه ، ولكنها كانت لا تعلم عن حياته الخاصة اي شي.


حاولت ان تصر علي قرارها ، وهتفت بعناد طفولي : طب و ليه انا كمان ماتكونش ليا اوضه خاصة !!


ادهم رفع حاجبيه ليقول بصرامه : انا اللي اقرر و مفيش نقاش في الموضوع دا تاني.


انزعجت كارمن منه كثيرا ، لتهمس بصوت منخفض لكنه وصل اليه : مستبد!


قال أدهم مُبتسِمًا بجانبية : بتقولي حاجة !!


نظرت كارمن اليه وقالت على الفور : امتي هقدر ابدأ الشغل في الشركة ؟


أجابها أدهم في عملية وعدستيه تأسر عينيها : الوقت اللي يريحك تقدري من بكرا تيجي الشركة.


سعدت من موافقته ، لكنها توترت قليلا ، فهي تحتاج الي وقت اطول ، لذا قالت بتردد : ممكن نأجل الشغل الفترة دي مش حاسة اني هقدر اركز فيه الفترة دي


ادهم بهدوء : علي راحتك


أطبقت كارمن شفتيها ثم همست بنبرة ناعمة : ممكن طلب اخير .. لو سمحت؟


ابتسم ادهم من اسلوبها الطفولي يشعر انه الأستاذ و هي التلميذة ، وتمتم بنبرة جذابة رجولية : اطلبي


توردت وجنتيها وقالت بخجل : انا عايزة ماما تعيش معايا بعد الجواز .. انت عارف اني ماقدرش اسيبها تعيش لوحدها


رد أدهم بعد أن أخذ شهيقاً قوياً ليزفره ببطئ : اكيد عادي .. مفيش مانع


هتفت بسعادة و قد ارتاحت نوعا ما : اتفقنا


ابتسم أدهم قائلا بنبرة غامضة : اتفقنا
مساءا بالصعيد
في منزل الحج عبد الرحمن 
يجلسون جميعا في الصالة الواسعه يشاهدون التلفاز
كانت روان تنظر الي التلفاز ، و لكن عقلها يفكر في كلام صديقتها رنا الذي قالته لها صباح اليوم عن تغيير اسلوب كلامها و الاعتناء بمظهرها.
تحدث ماجد بصوت مرتفع : رورو .. مالك بكلمك يا بنتي
افاقت روان من شرودها وقالت بتشوش : ها ايوه انا معاك يا ماجد
ماجد بسخرية : معايا فين يا اختي .. واضح ان الفيلم عجبك اوي
روان بإرتباك : ايوه فعلا قصته حلوة 
كان ينظر اليها زين ، و هو متأكد انها لا تتابع التلفاز ، 
نظر الي جده و هو يتحدث بهدوء : جدي انا مسافر بعد اسبوع مصر عندي مؤتمر طبي مهم هناك
الحج عبدالرحمن بتساءل : عن ايه المؤتمر دا يا ولدي ؟
اجاب زين بثقة : دا يا جدي مؤتمر يخص دكتور ليا بالجامعه و طلب مني احضره معه 
هتفت حياة بسؤال : هتقعد قديش هناك يا حبيبي ؟
رد زين بنبرة هادئة : لسه معرفش يا امي بس فرصة اخلص كام حاجة هناك
الحج عبدالرحمن بتفهم : ماشي تروح و ترجع بالسلامه يا ولدي
نظرت روان اليه في حزن ، و هي تفكر انها من الان ستشتاق اليه ، و لكن ماذا عساها ان تفعل ، اخذت تدعي له في صمت.
لاحظ هو نظرتها ، و لكنه تظاهر بإنشغاله في الحديث مع والدته.
ماجد بمرح : ابقي افتكرنا بأي حاجة يا عم زين في السفرية دي 
زين بضحكة : و انا اقدر انسي ماتقلقش
هتف ماجد بظرافة : و هتجيب معاك ايه بقي لروان ؟
قال زين ابتسامة جانبية : خليك في حالك انت وخلاص
ماجد بسماجة : ماشي .. تسلملي يا معلم
ابتلعت روان الغصة التي تشكلت بداخلها ، و هي تسمعه يتكلم بأسلوبه البارد عن سفره هذا ، و لم يحاول حتي مشاركتها معه بالحديث ، كأنها غير موجودة بحياته.
حاولت الجلوس في مقعدها بهدوء ، تنصب نظراتها بتركيز علي الصحن الموجود بحجرها ، و لكنها فجأة لم تعد تحتمل تريد ان تفرغ شحنه البكاء التي تشعر بها بعيدا عن الجميع ، فانتفضت بقوه من مقعدها و هي تقول بسرعة : تصبحو علي خير 
حنان بإستغراب : هتنامي و لا ايه يا حبيبتي .. لسه بدري خليكي معانا
روان بإضطراب : معلش يا ماما عندي كلية الصبح و لازم انام دلوقتي
غادرت المكان سريعاً قبل ان تفضحها دموعها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في فيلا عمر البارون 
عادت كارمن الي منزلها بعد ان اصر ادهم علي توصيلها.
دخلت الي الصالة تري والدتها جالسه و ملك نائمة بحضنها ، فإبتسمت بمحبة و هي تحمد ربها علي وجود امها معها.
همست كارمن حتي لا تستيقظ ملك : مساء الفل يا مريومه
مريم بإبتسامة : مساء النور حبيبتي .. اتأخرتي ليه كدا ؟
قالت كارمن بدهشة ، وهي تنظر الي الساعة : ماتأخرتش و لا حاجة دا لسه الساعه 9 الا كام دقيقة و ادهم وصلني لحد الباب هنا
اتسعت مقلتيها ممَ تسمعه ، ثم هتفت بغرابة : بقالك اكتر من 3 ساعات مع ادهم .. ايه اللي حصل ؟
تفاجأت كارمن أيضا من مرور الوقت بتلك السرعة وقالت بذهول : يااااه تعرفي يا ماما دي اول مرة اقعد في مكان واحد مع ادهم كل الوقت دا .. محستش بالوقت .. 
واصلت حديثها قائلة بهدوء : ابدا محصلش حاجة يعني .. انا قولتله اني هنفذ وصية عمر و اني موافقه علي الجواز .. عشان هو الوحيد اللي هيخاف علي ملك زي عمر بالظبط
قالت مريم بفهم ، وهى ربت علي يديها بحنان : عين العقل يا بنتي و الله
همست كارمن بتنهيدة : بحاول اتأقلم علي اللي انا فيه يا ماما .. و ربنا يعمل اللي فيه الخير لينا 
مريم بإبتسامة : و نعم بالله .. ربنا ينورلك طريقك يا حبيبتي
هزت كارمن كتفاها ، لتقول بنبرتها الرقيقة : و في حاجة كمان تجهزي نفسك من دلوقتي لما ننقل للقصر بعد الجواز .. هتكوني معايا انا قولت لأدهم و هو معندوش اي مانع
اعترضت مريم بحرج : بس يا بنتي !!
قاطعتها كارمن قائلة على الفور : مفيش بس يا ماما .. مستحيل هتسيبيني مع نادين دي لوحدي
ضحكت مريم و هتفت بمزح : قولي كدا وخداني بودي جارد معاكي .. انتي قدها يا قلبي ماتقلقيش و لو علي النقل معنديش مانع انتي عارفه انا بحب ليلي قد ايه ؟
كارمن بمرح : حبيبتي يا مريومة 
قبلتها علي خدها ، ووقفت تظبط ملابسها ثم قالت بتعب : انا هطلع بقي انام يا ست الكل .. هاتي ملك عنك هطلعها تنام في سريرها
مريم بنبرة حنونة : ماشي يا قلبي علي مهلك
حملت كارمن ابنتها و صعدت الي غرفتها 
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
مرت عدة لحظات 
بعد أن وضعت كارمن ابنتها في سريرها ، ثم ذهبت لتغيير ملابسها إلى ملابس مريحة وصعدت إلى السرير ، مستلقية ظهرها عليه ، وهى تفكر في مقابلتها اليوم مع أدهم.
كان متفهمًا ولم يغضب من طلباتها ، ولم يتعامل معها بالطريقة التي اعتادت عليها منه ، شعرت انها بدأت ترتاح قليلًا من جانبه لانه إحترام رغبتها ، ولم يضغط عليها .
تنهدت بعمق و أغمضت عينيها بعد أن أطفأت المصباح الموجود على المنضدة المجاورة لها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل مالك البارون
تجلس يسر بجانب مالك علي الاريكة ، و هو يتحدث مع ادهم بالهاتف ، و بعد ان انهي مكالمته نظرت اليه بدهشة وهتفت بعدم تصديق : معقوله اللي سمعته دا .. بجد كارمن وافقت علي الجواز ؟
مالك بضحكة : ايوه مش لسه كنت بكلم ادهم قدامك و بلغني بموافقتها
يسر بتنهيدة : بجد كارمن صعبانه عليا محطوطة في موقف لا تحسد عليه بصراحة
مالك بهدوء : انا شايف انها اخدت القرار الصح .. كدا و لا كدا هي هتتجوز في يوم من الايام .. دا حقها و ماتنسيش انها لسه صغيرة و حلوة
سألت يسر و هي تنظر اليه بطرف عينيها : مين دي للي حلوة و صغيرة يا حبيبي ؟
مالك بإبتسامة ماكرة : ايه دا هو الجميل غيران و لا ايه ؟
نهضت يسر من جانبه ، لتهتف بغيرة : مالك ماتستفزنيش !!
أمسك مالك بيديها وجذبها إليه لتجد نفسها جالسة على قدميه ، وظهرها ملتصق بعضلات صدره ، حاولت دفعه بعيدًا ، لكنه كبلها بذراعيه وأبقها بين احضانه.
همس لها بصدق وحب بجانب أذنيها : يا مجنونه انا مقدرش اشوف غيرك اصلا
اغمضت عيونها بهيام تهمس مثله : حاول انت بس تعملها و انا هضيعلك مستقبلك
مالك بضحكة صاخبة : اموت انا في الشرس دا يا ناس
نظرت يسر اليه بحب وقالت بنبرة رقيقة : و انا بعشقك اكتر من اي حاجة في الدنيا
عض مالك علي شفتيه متسائلاً بخبث : هو ياسين فين ؟
اجابت يسر ببراءة و هي تنظر اليه من فوق كتفها : فوق نايم 
حدق مالك فيها بغمزة ، وقال بنفس النبرة : يا سلام الواد دا بدأ يبقي عنده احساس و يراعي مشاعر ابوه 
ضحكت يسر حالما فهمت ما يقصده ، وكانت على وشك الرد عليه ، لكنه هبط بشفتيه يلتهم شفتيها بلهفة ، وشد جسدها إليه أكثر ولم يسمح لها بالاعتراض ، أما هي فقد أحاطت رقبته تجذب خصلات شعره بأصابعها و هي تبادله القبلة بإستسلام وعشق جارف.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في ايطاليا 
مراد جالس في حانة يشرب الخمر ، و بجواره إحدى العاهرات ، ولكن ذهنه شارد مع من سرقت عقله ، كان يتذكر أول مرة رآها.
★•••••★•••••★
Flash Back
منذ سبعة اشهر
كان يتابع اعماله في فندقه بالغردقة ، لكنه بدأ يشعر بالملل ، فلا شيء جديد في حياته.
رآها بالصدفة تقف وحيدة على البحر ، بدت مثل حورية البحر التي خرجت لتوها منه.
لم يعرف ماذا حدث له حينما رأى ابتسامتها الساحرة البريئة ، وجدها تتجه نحو شاب يجلس على الشاطئ ، و تجلس بين ذراعيه ، أصيب بالجنون و الغضب الشديد ، لكنه صمم على معرفة من تكون؟
اشار الي احد رجاله يهمس له بشئ ما ، فأومأ بانصياع قبل ان ينصرف من امامه بهدوء.
جلس يراقبهم يضحكون معًا ، وكانت عروقه بارزة من غضبه و حنقه.
بعد قليل أتي هذا الرجل مرة اخري ، فأشار له بالجلوس ، ليهتف بعدها بإقتضاب : عملت ايه ؟
فأجاب الرجل بجدية تامه : عملت كل اللي امرت به يا مراد بيه .. جبتلك كل المعلومات اللي طلبتها عنها...
ثم نظر الي الورقه التي بين يديه 
قائلا بتركيز : اسمها كارمن محمد الشناوي
عندها 26 سنه ابوها متوفي من و هي عندها عشر سنين
خريجة فنون تطبيقية قسم ملابس 
متجوزة رجل اعمال اسمه عمر البارون
و عندهم بنت عمرها سنة و خمس شهور
مراد ببرود : تمام روح انت 
اشار له بالإنصراف
زادت من عصبيته هذه المعلومات ، و قرر أنه سيمتلكها بأي ثمن ، حتى لو اضطر الأمر ان يقتل هذا الزوج المزعوم.
ولكن لابد من التحلي بالصبر ، فعائلة البارون معروفة ، و لا يريد أن يتخذ خطوة غير محسوبة.
منذ ذلك الوقت أمر رجاله بمراقبتها لمعرفة كل تحركاتها ، وانتظار الوقت المناسب للحصول عليها ، فهو مهووس بامتلاك الأشياء الصعبة.
Back 
استيقظ من دوامة أفكاره على يد تلك العاهرة التي بجانبه و هي تقترب منه ، لينظر إليها باشمئزاز ، وهو ينفض يديها ، ويحاول الوقوف للخروج من هذا المكان.
جلس في سيارته محاولاً التركيز على القيادة للوصول إلى منزله ، ولكن بعد عدة لحظات ظهرت سيارة ضخمة من جانبه واصطدمت به ، مما تسبب في فقدانه السيطرة على سيارته وانقلابها ، وهربت السيارة الأخرى بعد التأكد من قلب سيارته.
هل تعرف معني الوقت ..؟ أنه ليس بثواني ، و لا بدقائق ، و لا بساعات .. انها لحظات تمضي من حياتنا ، و نحن نهدرها .. بإنتظار أشخاص رحلوا عنا دون عودة ..
أو نتألم لمواقف مضت ، و تركت اثر بقلوبنا ..
أو نحزن علي ذكريات تأبي النسيان ..
أو مشاعر قلب مرهف و متعب بين صراعات العقل ..
فـ تمضي حياتنا .. بين انتظار و الم و حزن و صراع ..
و لم ندرك انه العمر .. الذي ينتهي دون انتهاء كل تلك الصراعات داخلنا ..
فأمضي و عش حياتك .. لا تهدرها بشئ لا ينتهي 
ابحث عن سعادتك .. حتي لو بشئ بسيط منه 
لا تكن ك عابد الساعات .. لا يري سوي عقاربها 
بينما حياته بين خطوطها !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد مرور اربعة اشهر
مساءاً في قصر البارون
اليوم عقد قران ادهم و كارمن 
يجلس الجميع في صمت ، يستمعون إلى كلمات المؤذون المعتادة ، و لا توجد اي علامة على الاحتفال ، فقط تجمع العائلة.
يد أدهم تمسك بيد كارمن ليعلن المؤذون جملته الشهيرة
"بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير"
و بعد انتهاء اجراءت الزواج غادر المؤذون.
لا تستطيع النظر اليه تشعر برغبة عارمة في البكاء ،
وتتسأل لما كل ذلك يحدث لها ؟
تجلس ليلى التي كانت سعيدة رغم كل شئ ان كارمن ستقيم معها في القصر هي وحفيدتها ، ومريم التي تدعي الي ابنتها بالسعادة و الخير في حياتها الجديدة مع ادهم.
ذهب الجميع نحوهما ، لتقبل يسر كارمن على خدها قائلة بهمس : افردي وشك شويه و ابتسمي ايه البوز اللي مده قدامك شبرين دا
كارمن بنفس الهمس : و النبي تسكتي يا يسر انا ماسكة دموعي بالعافية اصلا
امسكت يسر بذراعها واوقفتها ، و ذهبت بها بعيداً عن مسامع الجميع.
تحدثت يسر بتعاطف : كارمن احنا مش اتفقنا نفتح صفحة جديدة و تحاولي تعيشي الحاضر .. بلاش تنكدي علي ادهم بتكشيرتك دي اكيد هو حالته اصعب منك .. دا اخوه مش سهل عليه اللي هو حاسه دلوقتي
سألت كارمن بتنهيدة : غصب عني اعمل ايه بس يا يسر؟ 
أجابتها يسر ببساطة : ابتسمي و فكي كدا .. و بعدين احنا كأننا في عزاء اصلا يا مفترية كفاية انه وافق ان مفيش معزيم و يكون كتب الكتاب في صمت كدا
كارمن بدهشة : مش هي دي الاصول عمر لسه متوفي من كام شهر .. عوزاني افرح ازاي مش مكفيكي اني سمعت كلامك و قلعت الاسود 
غمغمت يسر بإنشداه : عايزة تحضري كتب كتابك بالاسود و الله انتي مجنونه .. صحيح هي فين نادين مش ظاهرة يعني
أجابت كارمن بلا مبالاة : من وقت ماجينا العصر هنا مالمحتهاش خالص
دمدمت يسر بحنق : كدا احسن خليها تختفي العمر كله يارب
ابتسمت كارمن رغمًا عنها وقالت بهدوء : مالناش دعوة بيها الله يكفينا شر لسانها وخلاص
يسر بتنهيدة قوية : ياااارب عندك حق يلا نرجع لهم بقي 
ذهبت كارمن بإتجاه ادهم ، و كانت ترتدي الفستان الأحمر الذي اشتراه لها أدهم ، حاول أدهم السيطرة على نفسه و هي يري جمالها الاخاذ حيث أظهر الفستان بوضوح رشاقه جسدها وخصرها النحيف.
أصر مالك على أن يلتقط لهم بعض الصور رغم اعتراض كارمن ، لكن أدهم تحرك بجمود ، و وقف ببطء بجانبها ولم يضع يده عليها.
وبكبرياء الأنثى غضبت كارمن منه بسبب بروده ، هي لم تكن تريده أن يعانقها مثلاً ، بل أن يبتسم على الأقل ، ثم بمكر أنثوي وضعت يديها على كتفه وهي تستند عليه.
شعرت بإضطراب جسده حالما لامسته ، فإبتسمت بإنتصار ، لكنه لمحها وفهم فعلتها وابتسم في داخله بغموض.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الصعيد 
كانت الأجواء علي العكس تماما في قصر الحج عبدالرحمن الشناوي 
حيث كانت الفرحة تعم المكان ، فاليوم عقد قران و زفاف زين و روان ، و بالخارج الجميع يحتفلون و يرقصون بالعصا ، و منهم من يجلسون يتناولون اللحوم التي تم ذبحها صباحا بمناسبة زواج احفاد الشناوي.
يجلس كلا من الحج عبدالرحمن ، وولده بدر ، وأيضاً ماجد ، و يتوسطهم زين بعد ان تم عقد القران 
هتف ماجد بفرحة : الف مبروووك يا جوز اختي
زين بجمود و الابتسامه لا تصل الي عينيه : الله يبارك فيك يا ماجد عقبالك ان شاء الله
ماجد يرفع يديه و هو يدعي : يسمع منك ربنا انا جاهز و مستني بنت الحلال
بدر بتوبيخ : يا ولد اهمد و اعقل شوية و قوم شوف الناس محتاجة حاجة بدل قعدتك دي
الحج عبدالرحمن ببشاشة : سيبه يا بدر عن قريب يا ماجد نفرح بيك يا ولدي
قال ماجد وهو يقبل يد جده بإحترام : ربنا يخليك لينا يا جدي و يطولنا في عمرك يارب
الحج عبد الرحمن بمحبة : و يخليكم يارب الحمدلله عشت لليوم اللي افرح به بيك يا زين يا ولدي
زين بإبتسامة : ربنا يفرحك دايما يا جدي و يطول بعمرك 
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
اما بالداخل 
كانت النساء يرقصون و يغنون في مرح ، و روان تجلس بالوسط تنظر لهم بخجل وعلي وجهها ابتسامه جميلة ، فهي سعيدة كثيرا انها اصبحت زوجة زين ، لكنها لا تشعر بإرتياح من اسلوبه البارد الجاف معها.
منذ ان عاد من المؤتمر ، و هو خارج المنزل طوال الوقت حتي بعد ان لاحظ انها تركت النظارة الطبية و اهتمت بمظهرها ، لم يحدث هذا فارقا كبيرا عنده مازال لا يوجه لها اي حديث ، و بعد مرور شهرين اصر الجد علي ان يتم زواجهم في فترة اجازتها الدراسية.
حاولت روان ان تعترض ، فهي لا تدري كيف ستتزوج به و هو يعاملها بهذا الاسلوب القاسي ، و لكن حاولت ان تقنع نفسها ربما ستتغير معاملته معها بعد الزواج ، وظلت مثل عادتها تحاول دائما خلق اعذار له.
اما زين حاول ان يأجل هذا الزواج بحجة عمله ، ولكن لم يفلح بذلك مع اصرار الجد و والدته. 
امضت روان الفترة الماضية في تجهيز ما تحتاج اليه الذي لم يتعدي الملابس ، وبعض احتياجاتها البسيطة فقط ، و ساعدتها امها و عمتها في ذلك .
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند حياة و حنان
قالت حنان بقلق : بصراحة يا ام زين انا قلقانه
قطبت حياة حاجبيها وسألت بغرابة : خير كفا الله الشر يا حنان مالك
حنان بعدم ارتياح : مش عارفه حاسة كدا ان معاملة زين لروان مش ولا بد كأنه مغصوب علي الجوازة
حياة بفزع : ايه اللي بتقوليه دا يا حنان و الله ازعل منك؟
حنان بتبرير : ماتفهمنيش غلط بس انتي اكيد ملاحظة البت قعدة ساكته كأنها مهمومة
قالت حياة بهدوء : و لا مضايقه و لا حاجة .. انتي ناسية ان دي ليلة دخلتهم اكيد متوترة شوية بس .. متقلقيش اول ما هيتقفل عليهم باب واحد هيبقو سمنه علي عسل و كل الوساوس اللي في مخك دي هتروح اول لما نطلعلهم فطار العرايس الصبح و بنتك تطمنك بنفسها
تقوست حنان شفتها الى الاسفل ، لتقول بخفوت : ياريت يا حياة هو انا اكره انتي عارفه معزة زين زي ولادي بالظبط
حياة بإبتسامة : استبشري خير يا خيتي و سيبها علي الله
حنان بتنهيدة : ونعم بالله
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
نعود للقصر
تتحرك نادين في غرفتها ذهابا و ايابا بغضب شديد ، تحاول السيطرة علي ارتباكها وخوفها من القادم.
تذكرت اخر مرة تحدثت مع ادهم ، حالما جاء يبلغهم بموافقة كارمن علي الزواج.
★•••••★
Flash Back
ذهبت ورائه عندما صعد الي جناحه ، دلفت في عصبية لتهتف بإندفاع : انت خلاص قررت تتجوز البنت دي !
أجاب ادهم ببرود : اسمها كارمن .. و ايوه هتجوزها ما انتي كنتي تحت و سمعتي اللي انا قولته !
نادين بإستنكار : طب و انا مفكرتش في منظري قدام الناس !!
ادهم بسخرية : كل اللي يهمك منظرك و انتي ليه مفكرتيش في منظري لما كنتي بترجعي سكرانه من بارتيهات صحابك
نادين بإرتباك و صوت عالي تلقائي : انا مش موافقه انك تتجوز عليا يا ادهم
زمجر ادهم بحدة : محدش طلب موافقتك و صوتك مايعلاش عليا فاهمه
نادين بسخط : لا طبعا حقي ماوفقش انا مراتك و ليا حقوق عليك
تشدق صدغه قائلا بسخرية : وانا حقي اتجوز دا شرع ربنا ايه يضايقك في كدا و بعدين انا مقصرتش في حقوقك دي و لا ايه !!
نادين بإستياء : و انت يعني مالقتش الا دي و تتجوزها و كمان انت بتقرب مني لما انا بطلب مش من نفسك يعني و دا اكيد بيجرحني .
ادهم بجمود : والله انتي عارفه السبب كويس لانك انسانه مستهترة و انانية .. و لولا اني مش حابب فكرة الطلاق كنت طلقتك من زمان 
همست نادين بدموع زائفه : انت كدا بتيجي عليا اوي يا ادهم 
صاح ادهم بازدراء : انتي اللي بتطلبيه بيتنفذ اظن فاهمة قصدي .. بلاش تعيشي في دور الزوجة المظلومه مش لايقلك .. واياكي يا نادين اياكي تقربي لكارمن بقول او فعل هتشوفي مني وش عمرك ماشوفتيه. 
شعرت انه مسح بكرامتها الارض لتقول بحقد مكتوم : ماشي يا ادهم
تحدث ادهم ببرود و هو يوليها ظهره : ودلوقتي اتفضلي علي اوضتك و لأخر مرة هقولك ماتطلعيش الدور دا تاني.
★•••••★
Back 
همست نادين بكراهية ممزوجة بالحقد : بقي هما قعدين تحت و مبسوطين و انا هنا هموت من القلق و الخوف .. مستحيل اسيب وحدة زي دي تتهني في العز بعد كل اللي عملته 
اخذت هاتفها تطلب رقم صديقتها في توتر
نادين : ايوه يا ميرنا
ميرنا : ايه الاخبار؟
نادين بغضب : الاخبار زفت طبعا .. كتبو الكتاب و المؤذون لسه ماشي
ميرنا بخبث : مممم يعني خلاص بقت مراته .. نزلتي تقعدي معهم تحت
نادين بحنق : لا طبعا عاوزاني اشوفهم مع بعض عشان اموت بغيظي
ميرنا بسخرية : اللي يسمعك كدا يقول انك بتغيري علي ادهم
نادين بغيرة : دا جوزي انا .. حتي لو عمري ماحبيته .. كفاية اني متمتعه في فلوسه اللي من غير حساب
ميرنا بلوم : بس كان لازم تنزلي زي ما اتفقنا و تقعدي و تبيني قدامهم انك عادي عشان تمشي الخطة صح
نادين بعبوس : مقدرتش اعمل كدا و كمان خايفه و قلقانه انتي فاهمه
قالت ميرنا بنبرة خبيثة : ايوه .. خلاص من بكرا تجري معها ناعم و تتكلمي بهدوء و تمثلي انك متقبلة الوضع و وماتنسيش تنفذي اتفقنا واوعي حد يشوفك
تمتمت نادين على مضض : ماشي يا ميرنا هحاول
ميرنا : يلا تصبحي علي خير .. سلام
نادين : مع السلامة
اغلقت نادين الخط بإبتسامة شيطانية ، وهي تخرج علبه حبوب من درج الطاولة ، واخذت ترسم خطتها ، وماذا ستفعله غدا حتي تنفذها؟
ليست هذه القمصان التي اختارتها ، وايضا أين بيجامتها التى أشترتها مؤخرًا؟ 
ضربت روان جبهتها بقهر حالما فهمت حركة امها ، و هي تكاد تبكي من الخجل ، فحاولت البحث شئ مناسب ، لكنها لم تجد.
همست بخجل لنفسها ، و هي تلطم على خديها : يالهوي عليا و على سنيني السودة .. انا هلبس ازاي الحاجات دي قدامه.
خطرت الي بالها فكرة طالما رأتها بالأفلام و المسلسلات الرومانسية ، و ابتسمت بمشاغبة و هي تتجه الي خزانته تفتحها ، واخذت تبحث بداخلها عن شئ يناسبها لتلبسه.
وجدت اخيرا تيشرت و شورت قصير ، و بهدوء مشت بإتجاه الحمام تحاول معرفة ماذا يفعل بالداخل كل هذا الوقت؟
فجأة انفتح الباب ، لتجد نفسها امامه مباشرة ، فشهقت بذعر و هي تضع يديها علي قلبها ، و اليد الاخري تخبئها وراء ظهرها لتخفي الملابس ، و احمرت خجلا و هي تنظر الي زين يرتدي شورت فقط و صدره عاري.
زين بخشونه : انتي كنتي بتعملي ايه؟ 
همست روان بإرتباك وحرج : ااا انا .. اه كنت مستنياك تخرج عشان ادخل اغير الفستان
نظر اليها زين بإستغراب من توترها وتمتم : ماشي ادخلي
دلفت الي الحمام ، وهي تغلق الباب بإحكام وتسند ظهرها اليه ، تحاول تنظيم انفاسها التي هربت منها.
روان بهمس : يخربيتك ايه الرعب اللي انا فيه دا!!
بدأت في تبديل فستانها ، ولكن تطلب منها بعض الوقت لصعوبة خلعه ، ولبست ملابس زين التي بدت فيها كطفله صغيرة عبثت بملابس والدها بسبب وسع الملابس عليها.
روان بإستغراب : والناس كلها بتقولي يا طويلة .. دا انا بعوم في هدومه .. ايه دا اتجوزت هالك يا ناس 
خرجت و هي تنظر الي الارض بإحراج شديد ، و تلوم نفسها علي هذا التصرف ، لكنه هذا افضل من ان تلبس هذه القمصان العارية.
اما زين كان يجلس علي الفراش بهدوء ، و لكن عند سماعه صوت فتح باب الحمام ، رفع رأسه لتصيبه دهشة قويه من مظهرها الطفولي الجميل مع شعرها الطويل الذي لم يراه منذ ان دخلت مرحلة الإعدادية. 
كان شعرها ينساب علي ظهرها بنعومة ، و توجد بعض الخصل تحجب وجهها البريئ عنه بسبب انخفاض رأسها لاسفل.
غضب زين من تفكيره و حاول السيطرة علي شعوره ، و هو يهتف ببرود و سخرية : انتي ايه اللي لابسه دا .. مش دي هدومي ولا انتي عشان مش لابسه نظارة النظر بتاعتك فماخدتيش بالك
بلعت روان الغصه التي تشكلت بحلقها من سخريته عليها ، و حاولت التحدث بهدوء وهى تنظر له ببراءة : الهدوم اللي في دولابي كلها عريانة مقدرتش البسها فلبست بيجامتك 
كانت تتحدث بعفوية ، جعلته يندم علي اسلوبه الجاف معها ، ليحاول إصلاح الموقف قليلا ، فنطق بهدوء : ماشي .. تعالي نامي
زاد ارتباكها من جملته ، وببطئ مشت اليه لتجلس علي السرير بجانبه.
لكن فجأة حلت الصدمة مكان الخجل ، و هي تراه يستلقي بجانبها يولي ظهره لها ، و يطفئ المصباح الموجود علي المنضدة الصغيرة بجانب السرير و ينام. 
رمشت بعدم تصديق لما تراه منه.
هل هو حقاً تركها ليلة زفافها و نام بكل برود ألهذه الدرجة ينفر منها و لا يريدها ؟ 
لماذا اذن وافق علي الزواج منها من البداية ؟
اسئلة كثيرة دارت في عقلها ، و عندما شعرت بالتعب استلقت بجانبه تنظر لظهره العاري ، تفكر انها كانت في قمة سعادتها تعد الأيام و الساعات التي ستصبح فيها زوجة له.
كان قلبها يرقص من السعادة تنتظر هذا اليوم طوال حياتها ، و ها هو اتي ، ولكنه كسر فرحتها بقسوة و تجاهل.
اخذت تنساب الدموع من عينيها في صمت حتى غلبها النوم بعد عدة دقايق .
تعتقد بأنك فوق الغيوم ، و فجأة تشعر بطعم التراب بفمك ... 
هذا ما يفعله السقوط السريع بأسهم السعاده لديك ..! 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعود الي زفاف زين و روان 
سمعوا النساء صوت صاخب من الخارج دليل علي دخول العريس لأخذ عروسته.
هتفت حنان بسعادة : الف مبروك يا حبيبتي عريسك جاي ياخدك
احتضنتها حنان بعدها بقوة ، و دموع تهطل من عينيها تعبيراً عن فرحة قلبها بصغيرتها.
اخذت النساء تصفق وتزغرط عند دخول العريس و معه جده و خاله.
لكنها لم ترى احداً منهم ، بل عينيها مصوبة نحو من خطف قلبها قبل عينيها ، أنه حب طفولتها و مراهقتها و حياتها بأكملها.
اما هو أخذ يمرر نظرات عينيه التي تلتمع بشئ غريب ، لم تستطيع تفسيره مقتربا منها ببطء ، و عندما اصبح بجانبها تعالت نبضات قلبها بصخب ، و تورد خديها خجلاً ، حينما انحنى عليها بشفتيه الدافئة مقبلاً جبينها ببطئ . 
نظر اليها زين بغموض قائلا بإبتسامة : مبروك يا عروسة
شهقت روان بدهشة و خجل ، عندما انحني عليها يرفعها بين ذراعيه القويتين ، ليصعد بها إلى غرفتهم بالطابق العلوي ، بينما لفت يديها حول رقبته بإحكام ، و هي تضع وجهها بعنقه ، وتكاد تختفي من خجلها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في قصر البارون
بعد مرور ساعة من ذهاب المؤذون
يجلسون جميعا في الصالة الواسعه يتثامرون سويا ،
و صعدت مريم تنام وحدها بعد اصرار كارمن ان تجعل ملك تنام معهم في جناح ادهم ، و انها لن تترك ابنتها تنام بعيدة عنها ، رغم اعتراض مريم لكنها رضخت لرغبتها بالنهاية ، و اخبرت المربية ان تضع ملك في غرفة الاطفال بجناح ادهم. 
نظر مالك الي زوجته يغمز اليها و هو يهتف بمرح : طيب يا جماعه كانت سهرة جميلة .. انا هاخد مراتي بقي و نمشي احنا
ليلي بإبتسامة : ما لسه بدري يا ابني 
يسر بنعومة : معلش بقي يا طنط .. احنا لازم نعدي ناخد ياسين من عند ماما قبل ما نروح البيت
كارمن بتساءل : ايوه صحيح هو ليه مجاش معاكم ؟
يسر بتنهيدة : ما انتي عارفه مش هسيبينا نتهني دقيقتين علي بعض من شقاوته
مالك بضحكة خافتة : اه و الله كان زمانه اخد ملك و اختفي ورا اي شجرة
ادهم بمزح : ياخدها يروح بيها فين .. طب خليه يقرب منها و الله اعلقهولك علي باب الشركة
رفع مالك حاجبه وتمتم بغيظ : ما تسيب الواد يعبر عن اللي جواه براحته يا اخي 
ضحكت يسر قائلة بيأس : صراحة مالوش حل دا بيغير عليها من ادهم
شاركتها كارمن الضحك لتقول بتأييد : ايوه صح انا كمان لاحظت كدا اكتر مرة .. بس عسل اوي و دمه خفيف ماشاء الله
ابتسم مالك قائلا بفخر : طبعا عسل طالع لأبوه
نظر ادهم الي ابتسامتها الجميلة ، و تمني ان لا يكون هناك سواه يري ضحكتها الفاتنه ، و لكن صبرا كل شئ يأتي في وقته يكون اجمل.
مالك بصوت عالٍ : يا عم ادهم انت سرحت فين!!!
انتبه ادهم إليه وقال : اه معاك .. بتقول ايه ؟
غمز إليه مالك ، ليقول بمكر : واضح اوي انك معايا .. طيب اصبر شوية و كلنا ماشيين و اسرح براحتك
احمرت كارمن خجلا من تلميحات مالك ، هي تعلم انه لن يحدث شئ ، و لكنها شعرت بحرج من مجرد التخيل.
هتف ادهم بحدة يرمي الوسادة علي مالك : يلا يا اخويا مش قولت انك ماشي .. يلا خد مراتك و امشي عندنا شغل الصبح بدري
مالك بإستياء : يالهوي عليك حتي في المناسبات شغل برده ما ترحمنا شوية .. انا عايز اسافر مع مراتي اغير جو خنقة الشغل اللي مش بيخلص دا
هتفت ليلي بلوم : ايوه فعلا يا ادهم ماينفعش تروح الشغل و تسيب عروستك في صبحيتها كدا
ادهم ببرود : ماتشغليش بالك انتي يا امي في شغل مهم لازم يخلص
تجاهلت كارمن هذا الحديث ، فلا تهتم اذا ذهب لعمله او لا ، فهي قررت ان تعيش لطفلتها الصغيرة فقط ، و لن تسمح لقلبها ان يدق الا لوالد طفلتها. 
و لكن هل سيكون للقدر رأياً اخر ام لا ؟ من يدري؟
قامت كارمن مع يسر تودعها ، فهمست لها يسر قائلة بهمس : بقولك ايه بلاش تصديه !! 
كارمن بعدم فهم : بتكلمي عن ايه !!؟ 
رفعت يسر حواجبها بدهشة ودمدمت بإستنكار : نعم يا اختي .. انتي بعد شوية هتكوني لوحدك مع أدهم!! 
تساءلت كارمن مدعية الغباء : قصدك ايه يعني ؟
نفخت يسر خديها وقالت بملل : قصدي يعني بلاش تمنعيه عنك دا جوزك و حلالك يا كارمن فاهماني
عقدت كارمن حاجبيها و همست بغضب : انتي اجننتي يا يسر صح .. مستحيل اخليه يقرب مني انا مرات اخوه
جادلتها يسر بنفس الهمس : لا انتي اللي مجنونه .. انتي دلوقتي مراته هو و بس .. حرام تمنعي جوزك عنك و لا انتي ماتعرفيش كدا
كارمن بعدم اقتناع : ماشي يا يسر .. ربنا يسهل
حمدت ربها انها احتفظت بإتفاقها مع ادهم لنفسها فقط ، و لم تخبر احدا به ، و لكنها اصبحت مشوشه الان ، تخشى ان يكون ادهم كان يسايرها فقط لتوافق علي الزواج به وبعدها يأخذ حقوقه منها بالقوة. 
نفضت هذا التفكير السلبي عن رأسها ، وهي تودع صديقتها وتدعي أن تمر هذه الليلة على خير.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند زين و روان
وصل بها الي غرفتهم في صمت و هو يغلق الباب بقدميه ، و سار بها الي ان وصل للسرير و انزلها عليه برفق. 
اختفي من امامها يدخل الي الحمام الملحق بالغرفه ، 
و لم ينطق بحرفاً واحد ، استغربت هي من كل هذا الصمت منه. 
نظرت للغرفه كانت واسعه و مفروشة بأثاث جديد ،
فأمها و عمتها الايام الماضية هم من كانوا يشرفون علي تجهيز الغرفه و كل شئ ، و لقد اعجبت بذوقهم كثيرا. 
قامت تذهب الي الخزانه تبحث عن شئ ترتديه ، 
و لكنها شهقت بفزع عندما نظرت الي الملابس الموجودة بداخل الخزانة.
أمسكت بقميص نوم تقلب به ، لا هذه ليست ملابس فأنها عاريه و قصيرة للغاية. 
 الفصل الثالث عشر ( سحر اللمسات ) مزيج العشق
القدر لا يأتي حسب رغباتنا ، بل يأتي كمفاجآت لنا ، وكل مفاجأة تحدث فهي مرتبة من عند الله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في قصر البارون 
بعد ذهاب مالك و يسر تركتهم ليلي ، وصعدت الي غرفتها.
صعد كلا من كارمن و ادهم الي جناحهم ، بينما تشعر بتوتر و خوف ، فهي لاول مرة ستكون معه بمفردهم في مكان واحد.
فتح أدهم باب الجناح ، ودلف الي الداخل وتركها علي الباب دون اي كلمة ، فذهبت ورائه تتأمل الجناح بإعجاب الذى يبدو فى حجم شقه صغيرة وقد راق لها ذوقه كثيرا.
ادهم بإبتسامة : عجبك الجناح!!
كارمن برقة : ايوه جميل و الوانه هادية .. ممكن اعرف فين اوضتي ؟
اشار أدهم اليها ليقول بصوت ثابت : اللي علي اليمين دي اوضة النوم الرئيسية ، اللي بالنص دا مكتبي ، و اللي هناك دي اوضة ملك.
كانت تتابعه بعينيها في صمت ، و عندما انهي حديثه.
هتفت كارمن بدهشة : بس انت قولتلي هتكون ليا اوضة لوحدي
أشار ادهم على نفسه ثم قال بدهشة مزيفة : انا امتي قولت كدا؟
رفعت كارمن حاجبيها وقالت بإستنكار : احنا متفقين علي كدا يا ادهم
ادهم ببرود : ماكنش في وقت انقل مكتبي لمكان تاني 
نفخت كارمن خديها بغضب ثم تكلمت بعناد : تمام انا هنام في الاوضة الصغيرة.
أنهت كلماتها سريعا وذهبت بإتجاه حقيبة ملابسها ترفعها ، وهى تتجه الي الغرفه لتفتحها.
اما هو فكان يقف بشموخ ، و يضع يديه في جيوبه بنطلونه يراقبها ، و علي وجه طيف ابتسامة خبيثة ، و اتسعت ابتسامته عندما هتفت من الداخل في غضب. 
فى حين دلفت كارمن الي الغرفه ، و هي تضع الحقيبة بجانب الباب تنظر حولها ، لتنصدم من المنظر فالغرفه صغيرة المساحة تكفي فقط خزانه ملابس و سرير ملك الصغير.
دمدمت بعصبية : ادهم!!
خرجت تتجه اليه و هي تتكلم بصوت عالي نسبيا حتي لا تقلق طفلتها النائمة في غرفه الاطفال ، و كان وجهها اصبح محتقن بشدة وهى تنظر اليه بتجهم : اوضة ملك صغيرة جدا .. هنام انا فين دلوقتي؟
وضع أدهم يديه علي جبهته ، وكأنه يفكر في شئ و هو ينظر اليها بمكر واحباط زائف : معلش يا كارمن كل حاجة جت بسرعه ويدوب جهزت اوضة لملك 
وضعت يديها بخصرها ، وهى تزجره بنظرات متشككة ، لتسأله بحنق : يا سلام و انا مفكرتش هنام فين؟ 
ادهم بهدوء : تقدري تنامي في اوضة ملك مؤقتا لحد ما تجهز اوضتك 
رمشت كارمن بعدم فهم ، وقالت بذهول : انت بتهزر يا ادهم مفيش في أوضة ملك غير سرير الاطفال
قال ادهم يدعى التفكير : خلاص يبقي مفيش غير الاوضة الكبيرة ممكن تنامي معايا فيها
كارمن برفض تام : لا .. مستحيل دا يحصل!! 
بدأ ادهم يفقد السيطرة علي غضبه من عناد هذه المجنونه
هتف ادهم بحدة : خلاص نامي و انتي واقفه مكانك 
تركها و دلف الي غرفته يتوجه ناحية الحمام ، ليأخذ حمامًا باردًا يريح اعصابه المتوترة من جمالها الذي ارهق قلبه.
حدقت كارمن فى مكانه الفارغ بصدمة ، و هي تسبه بكل الشتائم التي تعرفها من اسلوبه البارد المتغطرس هذا ، فهي متأكدة انه فعل ذلك عن قصد.
اخذت تفكر في طريقه لحل هذه المشكله ، ثم اتجهت الي حقيبتها تضعها علي الاريكة ، و تفتحها لتخرج منها بعض الملابس المريحة للنوم ، لكنها لم تجد شيئا مناسب ، حيث كل ملابسها لا تصلح ان ترتديها امامه ، لتتأفف بنزق مخاطبة نفسها بغضب : يوووه و انا اش عرفني انه هيعمل فيا الحركة دي .. كنت فاكرة هكون في اوضة لوحدي .. منك لله يا ادهم
شعرت انها تعرقت بشدة من توترها ، فذهبت الي الحمام الملحق بالجناح لتأخذ حماما دافئا ، لعلها تستطيع التفكير بشكل سليم.
خرج أدهم من الحمام يجفف شعره بمنشفه من الماء ، وذهب يري ماذا تفعل.
رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن
موجودة بالواتباد كاملة فضلا متابعة للحساب واتفاعلو علي الفصول بتصويت وكومنت
انهت كارمن حمامها ، وهنا تذكرت انها لم تأخذ ملابس معها ، نظرت حولها فلم تجد غير منشفه كبيرة نوعا ما ، لفتها حول جسدها بإحكام ، و هي تتمتم بكلمات غاضبة علي غبائها ، ثم خرجت ببطئ تريد ان تصل الي حقيبتها بدون اصدار صوت
، وهى تنظر في خوف الي باب غرفته المغلقه.
شهقت بخوف عندما رأته يقف امامها لا يرتدي غير بنطلون قطني اسود فقط وصدره العضلي عاري.
رمشت عدة مرات بإرتباك ، ووجنتها تتورد بشدة 
رمقته كارمن وهي تبتلع لعابها بتوتر من وقفتها هكذا امامه ، رأته يلقي بنظرته الغامضة عليها ، فأشاحت وجهها عنه بصمت في محاولة منها للمرور بجانبه لتجنب هذه النظرات ، لكنه أمسك بذراعها العاري لمنعها من المشي. 
شعرت كما لو أن تيارًا كهربائيًا قد لمسها ، فارتفع صدرها وهبط من تنفسها غير المنتظم بالقرب منه. 
رفع أدهم إصبعه السبابة ، وحركه ببطء على شفتيها المرتعشتين.
حاولت كارمن التحرك للإبتعاد عنه ، لكنه أمسك بكتفيها ، وضغط عليهم بخفة وهو يجذبها إليه ، حتى اصبحت المسافة بين شفتيهما صغيرة جدًا. 
نظرت إليه بعيون تائهة ، غير قادرة على التفكير بسبب قربه منها ، اما هو كان في عالم آخر ، لا يرى أحدًا غيرها. 
عاد أدهم فجأة إلى رشده وهو يبتعد عنها ، محاولاً السيطرة علي رغبته الشديدة بها ، قائلاً بصرامة : ادخلي نامي جواه و انا هنام هنا علي الكنبة
أنهى كلماته وذهب يستلقي علي الاريكة وهو يغمض عينيه في صمت ، فلا يريد افساد ماخطط له. 
اما هي فقد فاقت من هذا السحر الذي غلفها بقربه ، وبدون تردد اخذت حقيبتها ، ودلفت للغرفه توصد عليها الباب بقوة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في ايطاليا 
كان مراد يجلس في غرفته بإحدي مستشفيات ايطاليا
يفحصه الطبيب قائلا بعملية : حاليا انت بصحة جيدة ، ولم تأثر الغيبوبة علي وظائف المخ لكنك تحتاج الي فترة علاج طبيعي لإستعادة العضلات نشاطها الطبيعي 
مراد بجمود و صوت مجهد : شكرا لك دكتور 
غادر الطبيب الغرفه ، يترك مراد يفكر فيما حدث له خلال الأشهر الماضية بعد أن انقلبت سيارته ، تم نقله إلى المستشفى ، وإجراء عدة عمليات جراحية لأنه أصيب بكسور كثيرة ، ودخل في غيبوبة لأكثر من شهرين ، وها هو جسده بدأ يتعافى وسرعان ما سيخرج ، وبعد ذلك سوف يعرف من وراء هذا الحادث و لن يرحمه وقتها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
صباحا عند يسر و مالك 
استيقظ مالك وهي بين احضانه يبتسم علي منظرها المستكين كقطة مدللة تتوسد صدره في هدوء ، أبعدها برفق عنه و قام يتجه الي الحمام. 
فتحت عينيها تنظر الي جهته فلم تجده ، ثم سمعت صوت المياه الاتيه من الحمام ، فعلمت انه يأخذ حمامًا.
نهضت بكسل تمشط شعرها بأصابعها ، و اتجهت إلي غرفه الملابس تبحث عن ملابس مناسبة لزوجها كما اعتادت ، فهي تحب ان تهتم بكل شئ يخصه.
وقفت فى بادئ الأمر تنظر في حيرة الي الملابس ، حتي استقرت علي بدلة انيقه رمادية اللون.
شعرت يسر به خلفها ينحني الي رقبتها و بعض قطرات شعره تسقط علي كتفها بهدوء ، ووضع قبلة صغيرة علي كتفها بحب وهو يحيط خصرها بيديه هامساً بحب : صباح الشهد 
يسر بمرح : صباح السكر يا مسكر 
مالك بنبرة أجش : انت اللي مسكر الدنيا يا حبيبتي
ضحكت يسر بدلال ، وهى تضع يدها على خده بينما مازال ظهرها ملصقًا بصدره ، ثم قالت بنعومة : طب ابعد بقي عشان الحق احضرلك الفطار علي ما تلبس 
همس مالك بتذمر ، بينما يخفض رأسه مقبلاً باطن كفها : دا وقت فطار برده حد يبقي بين ايده العسل و يدور علي فطار
فكت يسر نفسها منه وهي تلتفت اليه ، وقالت بعبوس لطيف : بطل بكش شوية بوظت ياسين 
تمتم مالك بفخر : هو اللي طالع نبيه زي ابوه 
_ بابا انت بتعمل ايه ؟
نزل بعينيه الي الاسفل ، ينظر لإبنه الذي دخل الغرفه عليهم و لم يشعروا به.
مالك بفزع : بسم الله الرحمن الرحيم طلع منين دا؟
ضحكت يسر بصخب علي منظره قائلة بسخرية ، وهي تتجه الي خارج الغرفه : اسيبك انت و النبيه مع بعض و اروح احضر الفطار
دمدم مالك وهو ينظر بغيظ لياسين ، ويحمله من ملابسه : تعالي هنا يا عفريت العلبة انت .. من يوم ماخلفتك ماتهنتش ساعه واحدة .. يلا عشان نفطر.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في قصر الحج عبدالرحمن 
جلس الجميع علي مائدة الطعام يفطرون
همست حنان بتساءل الي حياة الجالسه بجانبها : الساعه بقت 10 الصبح يا خيتي .. نطلعلهم الفطار امتي؟
ضحكت حياة و ردت بهدوء : يا وليه اهمدي دول لسه عرسان اكيد نايمين 
شاركتها حنان الضحك قائلة بتبرير : عاوزة اطمن علي بنتي يا خيتي مش قادرة اصبر 
حياة بمرح : بدأتي دور الحماه بدري يا حنان طول ماهي مع ولدي اطمني عليها ماتقلقيش
رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن
موجودة بالواتباد كاملة فضلا متابعة للحساب واتفاعلو علي الفصول بتصويت وكومنت
حنان بقلق : انا خايفه يا حياة لا يكون عمل فيها حاجة انتي ماشوفتيش ولدك كان مكشر ليلة امبارح ازاي
لكزتها حياة وقالت بإستياء : يووه عليكي يا وليه ما انا فهمتك اول مايتقفل عليهم الباب خلاص مافيش خوف
بدر بفضول : بتتوشوشي في ايه انتي و هي !!
حياة بسرعة : ابدا يا خوي كنا بنفكر نطلع فطار العرسان لزين و روان
ابتسم الحج عبدالرحمن وقال بنبرة أجش : اطلعو يا بنتي زمانهم صحيو 
قالت حياة بطاعة : حاضر يا حج يلا بينا يا خيتي 
قامت حياة و حنان يجهزون الفطار بالمطبخ 
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند زين و روان 
تململت روان في الفراش ، وعيناها مغمضتان مثل قطة صغيرة ، لكنها شعرت بثقل علي معدتها. 
عقدت حاجبيها وفتحت عينيها سريعا ، لتنظر بصدمة إلى يد زين الموضوعه على بطنها ، و هو مستغرقا في النوم ووجه قريب جدًا منها.
نظرت روان إليه بحب وهيام ، فهذه كانت المرة الأولى التي تنظر فيها إليه دون خجل أو خوف من ان يلاحظ نظراتها ، تحفظ ملامحه عن ظهر قلب ، ذقنه الشامخة ، وحاجبيه كثيفتين ، ونظرة عينيه الحادتين ، وشفتيه الغليظتين. 
احمرت خجلاً من أفكارها ، وتشكلت ابتسامة شقية على وجهها حالما خطرت علي بالها فكرة مجنونة ، وقد نسيت ما حدث الليلة الماضية.
اقتربت روان من وجهه بهدوء وحذر ، حتى اصبحت أنفاسها الحارة تداعب بشرته ، ووضعت قبلة صغيرة على طرف شفتيه العلوية.
كان زين قد استيقظ على صوت شهقتها ، حينما وجدت يديه على بطنها ، لكنه ظل هادئًا و لم يتحرك يتابع أفعالها بترقب.
جسده اهتز بإثارة حالما شعر بأنفاسها الدافئة على وجهه ، وزادت صدمته وتسارعت دقات قلبه ، عندما شعر بشفتيها تقبل شفتيه. 
لا يعرف لماذا لم يفتح عينيه و يوبخها لما فعلته ، علي العكس اعجبه تصرفها ، بل انه يريد المزيد !
حاولت روان العودة بهدوء إلى مكانها ، وخديها احمرت خجلاً مما فعلته ، لكنها تسمرت بمكانها و شهقت بخفة عندما فتح زين عينيه ، ونظر إليها نظرة لم تستطع تفسيرها.
ﺍﻟﺼَﻤْﺖ ﻟﻴﺲَ ﺿﻌﻔﺎً ! 
ﺑﻞ ﻫُﻮَ ﺍﻟﺤَﻞ .. ﺍﻷﻗﻞ إيذاء !
ﻟـﻘُﻠﻮﺏٍ ﺃَﺣْﺒَﺒْﻨﺎﻫﺎ .. ﻭ فشلت ﻓﻲ تقديرنا .،! 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في قصر البارون 
تحديدا في جناح ادهم
استيقظت كارمن من نومها الذي لم يتجاوز الخمس ساعات ، بسبب عدم راحتها في هذه الغرفة القاتمة بعض الشيء ، والتي لا لون بها غير الأسود والأبيض ، شعرت أنها بداخل رقعة الشطرنج. 
ما به هذا؟
كيف يكون صاحب شركة أزياء كبيرة ، وغرفته بهذا الشكل الكئيب؟ 
يا له من غامض حقًا!! 
قامت كارمن و هي تخفض قدميها على الأرض ، و تثاوبت بتكاسل ، وارتدت روبها الطويل ، وخرجت من الغرفة لترى طفلتها. 
لفت نظرها ، الذي كان نائم على الأريكة الطويلة ، ويضع يده على رأسه و الأخرى على بطنه ، وهو يتنفس بهدوء. 
اقتربت كارمن منه لإيقاظه ، لتجلس بجانبه مترددة ، محدقة فى ملامحه الصارمة ، حتى وهو نائم يعقد حاجبيه.
نظرت إليه بصمت ، كما لو كانت تحفر ملامحه في ذاكرتها ، تمرر عينيها على شعره البني الناعم الكثيف ، وجبهته العريضة.
تتذكر جيدًا نظرة عينيه الحادتين ، والتي دائمًا ما تحدق بها في غموض. 
إنها حقًا لا تفهم هذا الرجل ، منذ البداية يثير فضولها ، بعد ما حدث منه في أول لقاء جمعهما معًا ، تعامل معها بشكل طبيعي جدًا ، كما لو أنه لم يفعل شيئًا ، لدرجة أنها اشتبهت في أنه رجل متعدد العلاقات و يعبث مع الفتيات ، لكنها علمت بعد ذلك من عمر أن اخيه ليس لديه علاقات ولا يحب العبث ابدا ، لتزيد الحيرة داخلها ، لكنها لم تعط الأمر أهمية في ذلك الوقت. 
لم تجرؤ على إيقاظه ، نهضت بهدوء وذهبت إلى غرفة طفلتها. 
ترى أنها استيقظت كالمعتاد مبكرًا ، وتلعب بألعابها.
بعد أيام قليلة ستبلغ من العمر عامين ، وللآن تتحدث فقط بكلمات قليلة.
ابتسمت كارمن بحنان ثم اتجهت إليها ، وحملتها مقبلة خديها المكتزتين قائلة بحب : صباح الفراولة يقلب ماما .. انتي كمان مش جايلك نوم زي ماما يا حبيبي .. يلا نلبس و ننزل نشوف تيته 
★★★
غادرت الغرفة وهي تتقدم إلى غرفتها ، أو بالأحرى غرفة أدهم.
رأته استيقظ و جالس علي الاريكة يفرك عينيه وينظر إليها بنعاس.
كارمن برقه عفوية : صباح الخير
ادهم بصوت اجش من تأثير النوم : صباح النور هي الساعه كام دلوقتي ؟
نظرت كارمن الي ساعة معصمها وقالت بنبرة ناعمة : الساعة 10 و ربع
تفاجأ أدهم ، فهو لا يتذكر أنه نام حتى هذا الوقت من قبل ، ليقول بصدمة : يا خبر اتأخرت جامد علي الشغل 
سألت كارمن بإندفاع : هو انت ضروري تروح الشغل انهاردة يعني ؟
شعرت كارمن بالحرج الشديد ، وارتفعت الحرارة في وجهها ، وندمت علي تسرعها بالسؤال ، فماذا سيظن الآن أنها تريد منه أن يجلس معها.
قال ابتسم بهدوء : لا مش ضروري اروح خصوصا اني مش قادر افرد ظهري اصلا.. 
أردف أدهم بلوم : عشان في ناس انانية ماصدقت استولت علي السرير لوحدها
ضحكت كارمن بشدة على تذمره كأنه طفلاً صغيرًا لأول مرة ترى هذا الجانب منه ، قائلة ببراءة : مش انت اللي قولتلي نامي انتي في الاوضة وانا هنام علي الكنبة
نظر أدهم لها بغيظ ، وهو يزم شفتيه قائلا بحنق : و انتي ماصدقتي اخدتي شنطتك و طيران علي الاوضه 
كارمن بمشاكسة : لعلمك بقي اوضتك مش حلوة
رفع أدهم حاجبيه بدهشة و سأل : ليه مش حلوة ؟
أجابت كارمن بصدق : كئيبة اوي كلها ابيض و اسود اخدت وقت طويل علي ما عرفت انام في حلبة الشطرنج دي
رمى رأسه للخلف و هو يضحك بصوت عالي من تشبيها الغريب.
مالت كارمن رأسها قليلا وهي تنظر الي ضحكته بإنبهار ، فنادرا ما يبتسم والآن هو يضحك.
ادهم بمكر : لو مش عجباكي اوضتي .. الكنبة ترحب بكي
قالت كارمن بضحكة خافتة ، بينما تهز رأسها رفضًا : لا انا تمام كدا .. هدخل اغير هدومي و انزل لماما ليلي 
ادهم بهدوء : ماشي بس استني لحد ما ادخل اخد هدومي من جوا الاول
لم ينتظر ردها ، نهض و اتجه إليها لذلك فوجئت جدا ، لأن باب الغرفة على الجانب الآخر. 
انحنى أدهم عليها ، فشهقت بإنشداه حينما اصبح قريبًا جدا منها ، لدرجة انها استنشقت رائحته الرجولية الفواحة.
رأته يقبل ملك برفق التي في حضنها ، ثم استدار و مشي إلى الغرفة بهدوء ، بينما ارتفعت الحرارة في وجنتاها و ازداد نبضها .
أخذت نفسا عميقا في محاولة للسيطرة على إرتجافها لكونه كان قريب منها فقط تشتت عقلها و قلبها ، وبدأت تهمس لنفسها : ( انا قلبي بيدق اوي كدا ليه من حركته دي .. اكيد دا من الخوف حاسة اني كنت واقفة قدام دراكولا مش انسان عادي .. دا ايه الغموض و التقلبات بتاعته دي )
نفضت هذه الأفكار من رأسها ، و هي تراه يغادر الغرفة و في يديه ملابسه متجهًا إلى الحمام الملحق بالجناح ، فدخلت الغرفة بسرعة كما لو كانت تهرب من شيء ما.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند زين و روان 
تسمرت روان بمكانها و هي شهقت بخفة عندما فتح زين عينيه ، و نظر إليها نظرة لم تستطع تفسيرها.
حاولت النهوض والهرب من هذه النظرات ، ولكن في لحظة سحبها من ذراعها ، لتستلقي على السرير مرة أخرى ثم اعتلاها ، وهو يحجزها بين ذراعيه.
حملقت روان فيه بنظرات مذعورة ، متسائلة بدهشة : زين انت بتعمل ايه ؟
همس زين بهدوء عكس ما يشعر تماما : انا اللي بعمل ايه و لا انتي!!
روان بعدم فهم : انا معملتش حاجة 
قال زين هو يرفع حاجبيه بعدم تصديق : و الله
خافت روان ان يكون شعر بما فعلته و هو نائم ، لذا نطقت بإرتباك واضح : اااا ايوه انا لسه صاحية 
حدق فى شفتيها المرتجفه و عيونها الخائفه ، قائلا بصوت أجش : متأكدة انك معملتيش كدا؟
أمال رأسه بالقرب من شفتيها الوردية و انفاسه الحارة تضرب بشرتها ، وقبل طرف شفتها العليا كما فعلت ، اصابتها رعشة قوية من لمسة شفتيه ، واخذت حدقت فيه بعيون واسعة من دهشة وذهول 
زين بمكر : ردي عليا معملتيش كدا؟
اصبحت وجنتيها مثل حبة الطماطم من الخجل ، لترد بتقطع : انا .. انا كنت.. 
انقطعت محادثتهم بقرع على باب الغرفة. 
نهضت بسرعة محاوله الهروب من ذراعيه و هي تدفعه من صدره ، لكنه أمسك بها ثم رفع يديها فوق رأسها وثبتها ، و هو ينظر إليها بمكر ، و واضح عليه انه لا ينوي تركها.
همس زين بالقرب من أذنها : كملي .. كنتي ايه ؟
تململت روان وهي تحاول فك اسر يديها من بين يديه وقالت بترجى : بتعمل ايه يا زين !! الباب بيخبط اكيد ماما وعمتي برا .. خليني اقوم افتحلهم لو سمحت
نظرت إليه بعيون بريئة وخائفة ، كادت تذوب من الخجل ، لا تدري ماذا تفعل في هذا الموقف المحرج.
تنهد زين بداخله على منظرها الفاتن الذي جعله ينسى للحظة ما كان يعاني منه ، ثم رفع جسده عنها كي تستطيع النهوض ، لكنه أمسك بيديها مرة أخرى مشيرا إلى ملابسها وقال : استني هنا .. هتفتحي الباب بالشكل دا ؟
نظرت الي بيجامته التي ترتديها ، ثم تطلعت اليه بغباء.
قلب عيونه بملل فهي لا تستوعب كأنها طفلة حقا ثم تمتم : روحي غيري هدومك في الحمام و انا هفتح الباب  
روان بطاعه : حاضر 
نهض من السرير و ارتدي ملابسه ، و ذهب ليفتح الباب ، فرأى أمه و زوجة خاله يقفان في الملل .
ظهرت ابتسامة جذابة على وجهه قائلا بهدوء : صباح الخير 
حياة بمحبة : صباح العسل يا حبيبي صبحية مباركة يا عريس
تمتم زين و هو يقبل يديها : الله يبارك فيكي يا ست الكل
قالت حنان بعد أن ارتاحت قليلا حالما رأت ابتسامته الواسعة : صباح الفل و صباحية مباركة يا ابني .. اومال فين روان ؟
زين بأدب : الله يبارك في عمرك يا غالية .. اتفضلوا الاول هي في الحمام
دخلوا حياة و حنان الغرفة ، وهم يحملون الإفطار معهم.
روان فتحت باب الحمام ، وكانت ترتدي فستان أصفر طويل أظهر خصرها النحيف وجسمها الرشيق ، وشعرها المتدفق على كتفها . 
جعلت قلب ذلك الواقف ينبض بشدة من جمالها البريء.
تقدمت اليهم بابتسامة مشرقة ، قبلت والدتها بحب ، ثم قبلتها حياة بسعادة و هي تهتف بإبتسامة : صباحية مباركة يا عروستنا
ابتسمت روان برقه قائلة بخجل : الله يبارك فيكي يا عمتي
حنان تعانق ابنتها ثم همست بقلق : طمنيني عليكي يا بنتي عامله ايه!!
روان نظرت إلى زين الذي كان يتابع المشهد في صمت ، وكأنها تحثه على إنقاذها من هذا الموقف المحرج.
جاء زين بجانبها ، ثم وضع يديه على كتفها وجذبها إلى صدره ، قائلاً بإبتسامة : اطمني يا مرات خالي .. احنا الحمدلله تمام 
تنهدت حنان بقلب مرتاح عندما رأت معاملة زين الحسنة لإبنتها لتقول بسعادة : الحمدلله يا ولدي ربنا يطمنك و يسعدكم يارب .. خلي بالك عليها يا زين دي بنتي الوحيدة و دلوقتي امانه عندك
تفاجأت روان من تصرفه وكلماته ، لكنها صمتت بإستحياء.
تقدمت منها والدتها تعانقها مرة أخرى ، قبل أن تهتف بإبتسامة سعيدة : احنا هننزل و نسيبكم تفطرو براحتكم و لو احتاجتم حاجة احنا تحت.
قالت حياة بضحكة مرحة : هيحتاجو ايه يا خيتي .. اتهنو يا ولاد 
ثم غادرت هي و حنان الغرفة ، وهما في قمة السعادة والراحة. 
نظرت روان إلى زين التي ما زال يضع يديه على كتفها. 
روان بتعجب : انت ايه اللي قولته دا ..!
زين : قولت ايه !!
ردت علي سؤاله بسؤال : هما كدا فهمو ايه بالظبط ..؟
انزل زين يديه عن كتفها ، و توجه يجلس علي طرف الفراش قائلا ببرود : فهمو اني دخلت عليكي يا روان
فتحت روان فمها بدهشة ، و حدقت فيه بصدمة وخجل.
استطرد زين حديثه بنبرة هادئة : اسمعي يا روان احنا اتجوزنا امبارح بس..  وعلاقتنا ببعض قبل كدا ماكنتش قوية .. ماتكلمناش قبل كدا مع بعض تقريبا صح
هزت رأسها في موافقة بصمت تنتظره يكمل حديثه
اردف زين حديثه قائلا : يعني اللي تعرفيه عني قليل اوي و انا كمان معرفش عنك حاجة غير انك بنت خالي و شوية معلومات عادية .. ايوه احنا ساكنين في نفس البيت بس عمرنا ما اتكلمنا .. بس اهم حاجة عاوزك تعرفيها عني اني مبحبش حد يعرف حاجة عن حياتي الشخصية واي حاجة تحصل بينا مش عايزك تقوليها لحد فهمتني .. المهم قدامهم تحت هنتعامل مع بعض عادي زي اي عرسان جداد 
نظرت روان إليه في حزن ، لا تعرف ماذا تقول ، أنها تحبه ، وكانت تحلم باليوم الذي ستصبح فيه زوجته. 
ماذا يعني بحديثه هذا ، هل سيبقي زواجهما على الورق فقط؟ 
وأتت إجابته على سؤالها الصامت ليقطع الشك اليقين قائلا بجمود : انتي دلوقتي مراتي و مسؤوله مني اي حاجة تحتاجيها تقوليلي انا مش لحد تاني .. لكن جوازنا هيكون علي الورق لحد ما تخلصي كليتك و تتخرجي .. بعدها ممكن نطلق بأي حجة.
فرك زين رقبته من الخلف ببعض التوتر و اخذ نفسا طويلا قبل يستكمل حديثه : واسف علي اللي حصل من شوية ماكنش ينفع اعمل كدا
حدقت روان فيه بعيون واسعة من الصدمة ، هل هذا حلم أم تخيل ؟
هل هو حقًا لا يستطيع ان يتقبلها كزوجة و يرفض الاقتراب منها ؟
هل يتأسف فقط لأنه اقترب منها قليلاً كما لو كان هذا اثمًا ، وقد ندم على فعله؟
تجمعت دموع كثيفه في عينيها ، حاولت الضغط على شفتيها في محاولة لخنق دموعها و عدم كشف ما تشعر به في قلبها المكسور ، كل ذلك بسبب قلبها الذي كان كل ذنبه أنه أحبه و لم يري أحد غيره ، و بالأخير طعنها بخنجر كلماته السامة دون رحمة.
عند زين و روان
يجلس على السرير ببرود شديد ، وهي تقف أمامه ترتجف يديها ، ومن الواضح أن آثار الصدمة التي تلقتها للتو من الشخص الوحيد الذي يمتلك قلبها ، وروحها تنعكس بشدة على تعبيرات وجهها.
تجمعت دموع كثيفه في عينيها ، حاولت الضغط على شفتيها في محاولة لخنق دموعها و عدم كشف ما تشعر به في قلبها المكسور ، كل ذلك بسبب قلبها الذي كان كل ذنبه أنه أحبه و لم يري أحد غيره ، 
و بالأخير طعنها بخنجر كلماته السامة دون رحمة.
حاولت أن تتنفس الهواء بهدوء ، لتتمكن من الرد على كلماته.
روان بتماسك مزيف و هي تتسائل بحيرة : كان ايه لازمة جوازنا من الاول يا زين .. ليه طلبتني للجواز و انت مش عايز تكمل؟!! 
كان ينظر اليها في تردد يسأل نفسه هل يصارحها ام لا ؟
قال زين و هو يشير اليها برأسه نحو الفراش : تعالي اقعدي جنبي 
لكنها لم ترغب في الاقتراب منه بهذه اللحظة ، فوقفت مكانها دون أن تتحرك.
قرأ هو رفضها الصامت في عينيها ، ليتنهد قائلا بهدوء : ماشي هقولك السبب يا روان عشان انتي من حقك تعرفي ..
تنهد مرة اخري و هو يغمض عينيه قائلا بتوضيح : كنت بحب وحدة زميلتي في الكلية من سنه تانيه و احنا مع بعض .. كانت بينا قصه حب الكلية كلها تعرف بيها .. ماكنتش بقدر امسك ايديها من خوفي علي سمعتها و عشان عاوز احافظ عليها .. و كنت مقرر بعد ما نتخرج هتقدملها رسمي و نتجوز و نبدأ حياتنا مع بعض بالقاهرة .. بس في اخر سنه في الكلية اكتشفت انها علي علاقه بزميل لينا في الكلية .. شوفتها نازله من العمارة اللي ساكن فيها و لما اتأكدت من البواب انها بتتردد علي العمارة دي كتير اجننت و طلعت خبطت علي الواد دا و ضربته كان هيموت في ايدي و من خوفه اعترفلي انها علي علاقه به من فترة طويلة.
نظر اليها فرأها تحدق به بعيون واسعة ، ثم أردف بقهر : فكرت اقتلها بس لاقيت ان مستقبلي انا اللي هيضيع عشان وحدة رخيصة و خاينة ماتستاهلش .. قطعت علاقتي بها و بعد ما اتخرجت .. جدي فتح معايا موضوع جوازي منك و مع تصميم امي كمان علي الموضوع و عشان بتحبك وافقت و اتخطبنا ...
قام من مكانه وهو يرآها تذرف الدموع ، ولا يعرف لماذا شعر بألم في قلبه عندما رآها تنظر إليه بحزن.
شعر بسهام تخترق قلبه ، يعلم أنها تحبه ، لكنه حطمها كما تحطم قلبه من قبل.
حاول ان يقترب منها ، لكنها لم تعطي له اي فرصة  بالاقتراب و فرت هاربة من الغرفة ، متوجهة إلى غرفتها القديمة ، وأغلقت الباب خلفها ، ثم دفنت رأسها بوسادتها ، وأطلقت العنان لشهقتها العالية التي أخفتها بالوسادة. 
اخذت تفكر هل تحزن عليه أم على نفسها ، فهو أذقها طعم الخذلان من نفس الكأس التي تذوق هو منه.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في نفس التوقيت و المكان 
بغرفه بدر و حنان
دلفت حنان في سعادة تبشر زوجها بفرحتها لإبنتها ،
فرأته يرتدي ملابسه ، لتقول بسرور : الحمدلله يا بدر الامور تمام عند بنتك و جوزها
بدر بضحكة : الحمدلله اخيرا اطمنتي عليها و استريحتي معرفتش انام منك طول الليل
حنان بحرج : معلش بقي يا بدر هي البت هتتجوز كل يوم يعني و بعدين لازم اطمن انها مبسوطة و الا مش هرتاح ابدا
بدر بمحبة عميقة : ربنا ميحرمناش من حنيتك يا ام ماجد
اردفت حنان بدهشة : ايه دا انت هتخرج؟
 رد ببساطة : ايوه يا حبيبتي عندي شغل كتير في الارض 
حنان بعتاب : معقوله هتخرج يوم صباحية بنتك يا راجل
ضحك بدر وقال بمكر : هي صبحيتي انا و لا صباحية بنتك يا ولية
حنان بنبرة رقيقة : ماشي بس ماتتأخرش هعملك اكله بتحبها انهاردة
رد بدر غامزًا بطرف عينه : هو دا الحديث الزين يا ريت بقي تكون كوارع ترم عظمي اللي حاسس انه اتفشفش علي الاخر 
ضحكت حنان وقالت بحب : سلامة عظمك .. عينيا يا حبيبي هعملهلك
نظر اليها بإبتسامة يفكر رغم ان زواجه منها لم يكن عن حب ، و لكن استطاعت حنان السيطرة علي قلبه بطيبتها و خفة دمها و مواقفها معه في الازمات.
طبع قبلة على جبهتها ثم أردف بإبتسامة: تسلملي عينيكي يا حنون
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في قصر البارون 
في غرفة الطعام 
بعدما جهزت الخادمة الفطار ، و وضعته علي المائدة.
دخلت نادين تتلفت ورائها ، و يبدو عليها الارتباك .
نظرت إلى الطاولة في حيرة ، هناك أربعة أكواب من العصير بنكهات مختلفة و أدهم يشرب القهوة دائما. 
تقدمت إلى كوب من عصير المانجو ، فهو بالتأكيد يخص كارمن ، ووضعت فيه برشامًا وقلبته سريعا ، حيث والدة أدهم ووالدة كارمن تشربان البرتقال ، و هي تشرب عصير الأناناس ، وعندما انتهت جلست في مكانها المعتاد في صمت كأنها لم تفعل شيئا.
بعد لحظات قليلة ، جاءت ليلي تحمل ملك وورائها كارمن ومريم. 
ألقت كارمن تحية الصباح عليها بأدب ، فأجابت نادين بإبتسامة مزيفه ساخرة : صباح النور يا عروسة 
تجاهلت كارمن نبرة السخرية في صوتها ، و جلست بهدوء دون ان ترد عليها.
في هذه اللحظة دخل أدهم مرتديا ثيابا عادية ، و ليس بدلات رسمية كالمعتاد ، وجلس على رأس الطاولة.
ادهم بصوته الرخيم : صباح الخير 
ليلي و مريم بإبتسامة : صباح النور 
اردفت ليلي بدهشة ممزوجة بالسرور : غريبة يا ادهم ايه اللي اللبس دا انت مش رايح الشغل زي ماقولت امبارح ؟
نظر أدهم من زاوية عينه إلى كارمن الجالسة ، و هي تفطر في صمت بين ليلي و مريم.
رد ادهم بإبتسامة خبيثة : صحيت متأخر يا امي و كارمن اقترحت عليا مارحش الشغل انهاردة وانا عجبتني الفكرة
خجلت كارمن من حديثه الخبيث ، ونبرته الماكرة التي فهمتها جيدا ، ونظرت إليه بغضب صامت
بينما كانت نادين تنظر إلى كارمن بخبث وحقد عندما شاهدتها تشرب العصير ، وتكاد تموت غيظًا من أسلوب أدهم المتغير تمامًا منذ اليوم الأول لكارمن في المنزل. 
اعتقدت ليلي أن شيئًا ما حدث بينهما ، وان الامور تسير علي مايرام ، لأنها تري أدهم مختلفًا تمامًا عما كان عليه طوال حياته ، فمنذ متي وهو يستمع إلى رأي اي شخص ، حتى هي.
ربتت على يد كارمن بحنان ، قائلة بفخر وسعادة : برافو عليكي يا كارمن دا بقالو سنين ماخدش يوم اجازة 
همست كارمن بصوت منخفض ، لكنهم سمعوا جميعا : رجل فولاذي بجد 
ابتسم ادهم قائلا بمشاكسة : قولي الله اكبر من اول يوم قايم من النوم ظهري وجعني
غصت كارمن وهي تشرب العصير من كلماته التي تحمل معاني كثيرة ، وهى تشعر ان الحرارة ترتفع إلى خديها بقوة.
مريم بخوف : اسم الله عليكي يا بنتي .. 
ناولتها كوب من الماء ، فشربته كارمن كله و هي تنظر الي ادهم بنظرات نارية ، ليبتسم لها ببرود كى يستفزها اكثر.
قالت ليلي و هي تلاعب ملك : علي فكرة يا ادهم ملك هتم السنتين بعد كام يوم 
ليأخذها أدهم من والدته ويضعها على قدميه ، وهو يقبل الطفلة على خديها بحنان وقال بهدوء : عارف يا امي و ليها عندي هدية حلوة 
حادثت كارمن بإبتسامه جميلة ، لطفلتها التي تلعب في هاتف ادهم : قولي لعمو شكرا يا لوكه
ليلي بسؤال : هي لسه برده مش بتكلم كتير
كارمن بحيرة : عاوزة اخدها للدكتور بتاعها يطمني عليها لان الاطفال في السن دا بينطقوا كلمات كتير حتي لو مش صح بس هي كلامها بسيط خالص 
مريم بضحكة : كارمن لحد ما تمت السنتين اصلا مكنتش بتكلم انا و ابوها كنا حيرانين اوي و روحنا لدكتور قال هي مفهاش حاجة و اكلوها يمام جبنالها اليمام يومها مش بتبطل الكلام 
شعرت كارمن بالحرج ، حينما لمحت ابتسامة ادهم ، لتقول بتذمر طفولى : انتي حكيتي الموضوع دا مليون مرة يا ماما 
ضحكت ليلي ايضا وقالت : ياسين و هو عنده سنة و نص كان بيقول كلمات كتير و غريبة .. مالك كان علي طول يكلم معه كأنه راجل مش طفل .. الولد طلع لسانه شبرين قدامه
ضحكت كارمن بشدة ممَ جعل أدهم يشرد بملامحها الساحرة وشفتيها المبتسمتين ، ثم ضمت شفتيها بإغراء غير مقصود بينما كانت تمضغ الطعام . 
ذهب معها إلى عالم آخر لم ير فيه إلا هي ، ابتسم تلقائيًا ، ولم يستيقظ إلا عندما لمست أمه كتفه بحنان ، فنظر إليها بدهشة.
ليلي بذهول : روحت فين يا ابني ؟
ادهم بجمود : معاكم يا امي 
ثم نظر الي كارمن مردفًا : قوليلي قبل ماتروحي للدكتور عشان اجي معاكي
كارمن بلا مبالاة : مفيش داعي تتعب نفسك ماما هتروح معايا 
ادهم بحزم : لا هاجي انا معاكي بلغيني بس قبلها 
فهزت رأسها بالموافقة لتغمغم : تمام 
كانت نادين تتابعهم بصمت. ،و لم تحاول مشاركتهم الحديث ، وشعرت بتزايد الكراهية داخلها اتجاه كارمن. 
لا تصدق أن أدهم الذي لا يمزح ولا يبتسم ، ولو قليلاً تراه الآن يتحدث و يمزح بتلقائية ، و ظلت تتواعد في نفسها لكارمن و هي تفكر في خطوتها التالية.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند روان 
هدأت قليلاً من نوبة البكاء ، وشعرت بالارتياح لأنها أفرغت ما كانت تشعر به من غضب وتوتر ، ونهضت بعزم إلى الحمام و توضأت ، و ذهبت لتلبس اسدال الصلاة لتأدي فرضها.
تفكر أنها ليست صغيرة لتشكو مشاكلها لأحد ، أنها ستلجأ إلى الله سبحانه وتعالي الذي سيهديها إلى القرار الصحيح ويزيل همومها.
★★★
أما هو فكان يجلس يلوم نفسه على قسوته عليها. 
ليس ذنبها ، كان هذا اختياره من البداية ، كانت لديه فرصة للرفض ، لكنه لم يرفض ، كان جزء مما قاله كذبة ، فلم يضغط عليه أحد كما اوهمها.
لا يعرف لماذا قال لها هذا الكلام ؟ 
لماذا ينتقم منها هي ؟ 
كان على وشك أن يجعل زواجهما حقيقيًا وأن ينسى كل شيء آخر ، لولا طرق الباب التي جعله يعود إلى رشده. 
هل قال لها ذلك لحماية قلبه بعد تعرضه للخذلان والخيانة ؟
تذكر أول مرة رآها عند عودته من القاهرة بعد تخرجه أعجب بجمالها الذي تضاعف ، فعندما سافر كانت لا تزال صغيرة جدًا ولا يتذكر أنه كان يراها في إجازاته ، لكن ما اعجبه بها نظراتها كانت لا تزال بريئة و قلبها نقي. 
كان غاضبًا جدًا عندما تذكر "جمال" ابن خالها البغيض
عندما مدحها أمامه وهو يرأى نظراته إليها ، كان سينتف رأسه ، فحينها شعر بنيران تندلع داخل قلبه ، و بدون لحظة تفكير واحدة عندما فتح جده معه موضوع زواجه منها ، وافق على الفور.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
اما في ايطاليا 
لازال مراد يجلس في المستشفي يكمل علاجه
سمع رنين هاتفه فأجاب سريعا عندما عرف المتصل
مراد بغضب شديد : انت فين يا زفت يا حمدي بتصل بيك من وقت مافوقت و انت مابتردش .. حسابك بعدين دلوقتي بسرعه قولي ايه الاخبار
حمدي رجل من رجال مراد في مصر فهو من يراقب كارمن ك ظلها و لكن دون ان يلفت الانظار
اجاب حمدي بأدب و ارتباك : اسف جدا يا فندم .. بس انا عندي ليك اخبار مش هتعجبك يا مراد بيه
مراد على الفور : قول بسرعه
حمدي بخوف اشد من الذي سيقوله : مدام كارمن اتجوزت امبارح 
قاطعه مراد بحدة مخيفة : نعم يا روح امك انت اجننت ايه اللي بتقوله دا و ازاي دا حصل 
اجاب حمدي سريعا : زي ما بقولك كدا يا باشا اللي فهمته انها خلصت عدتها و اتجوزت ادهم بيه رجل الاعمال اخو جوزها اللي مات 
شعر بصدمة قوية فهو بالطبع لم يتوقع هذا الخبر ، ووصل غضبه لذروته واندلعت النيران في شرايينه يصرخ بغضب جامح : عينك ماتنزلش من عليهم انت فاهم و انا هنزل مصر خلال الاسبوع الجاي
أغلق الخط وهو يفك أزرار قميصه بعنف ، وبدأ يدور في الغرفة بغضب ، يفكر أن عليه أن يضع حدًا لكل ما يحدث ، ولكن عليه الأن انهاء كل شئ هنا أولا ، وظهرت نظره شر مظلمة في عينيه تعلن بداية الجحيم 
بعد مرور اسبوع 
استدارت حول نفسها ، غير مدركة ما هذا المكان ؟ 
كانت على حافة جبل مرتفع ، أمامها منظر ساحر ، 
وخلفها صحراء. 
لا تعرف ما الذي أتى بها إلى هنا؟
شعرت بحركة من ورائها ، فالتفتت بسرعة ، وعادت بقدمها إلى حافة الجبل دون أن تدرك ، فأمسك ادهم بخصرها خشية أن تسقط بنفسها ، و عندها التقت العيون و تعثرت المشاعر في قلوبهم.
سألت كارمن بإرتباك من قربه منها : انا ازاي جيت هنا !! و انت ليه ماسكني كدا .. ابعد عني !!!!
حاولت دفعه بعيدًا عنها ، لكنه شد قبضته حول خصرها ، وجذبها بالقرب منه اكثر
ادهم : طول ما انتي بتهربي مني هتفضلي تايهة ،
افتحيلي قلبك مرة واحدة بس و مش هتندمي.
كان ينظر إليها وعيناه تشعان بالصدق وعاطفته لها ،
وشفتيه أمام شفتيها.
همست كارمن برفض ضعيف لتأثيره القوي عليها : انا ... لا مستحيل هحبك 
تأوهت كارمن بدهشة عندما تشابكت أصابعه بين خصلات شعرها ، ممَ جعلها أقرب إلى وجهه ، وحرقت أنفاسه جلدها الناعم ، ممَ تسبب لها في دغدغة محببة ، فأغمضت عينيها في استسلام من هذا السحر الذي تشعر به معه.
أحاط وجهها بيديه و قبل خديها ثم ذقنها بلطف ، و دون وعي منها أحاطت بكفها الصغير يداه على خدها ، فرفع بصره إلى عينيها.
ادهم بإصرار : صدقيني قلبك هيغلبك و غصب عنك هتحبيني !!! عارفة ليه ؟ 
لم ينتظر اجابتها قائلا بصوت اجش :
عشان قلبك بدأ فعلا يفتح بابه ليا .. ومش هتعرفي تفكي نفسك من خيوط عشقي ..!
لكنها لا تريد أن تعترف بما يقوله ، ولن تعترف بهذا الحب. 
أغلق جفنيه ودون أن يعطيها فرصة للاعتراض ، مال يزيل المسافة بين وجوههم ، وهو ينزل بشفتيه يفترس شفتيها ، و يعبر عن حبه بقبلة تطفئ نيران قلبه.
ــــــــــــــــــ
استيقظت و هي تتنفس بسرعة ، تنظر إلى المكان في ذعر ، فوجدت نفسها نائمة علي سريرها داخل غرفة ادهم.
نظرت إلى الساعة ، لترى أنها كانت الثامنة والنصف صباحًا
تنهدت كارمن وأغمضت عينيها بقلب يرتجف ، وبدأت تفكر في الحلم الذي رأته ، بدا كأنه حقيقي تمامًا ، لكن عقلها يرفض هذه الفكرة ، ولا ينبغي لها أن تفكر بهذه الطريقة. 
اخذت تقنع نفسها بهذا التفكير ان أدهم هو عم ابنتها فقط ، لكن قلبها مرتجف بشدة ومرتبك ، خاصة أن أدهم يعاملها منذ أسبوع بشكل مختلف تماماً عن تعامله معها عندما تزوجت من عمر. 
يتعامل معها بلطف شديد وأصبح أسلوبه هادئًا ، لكنه أحيانًا يتصرف معها بطريقة استفزازية تثير غضبها بشدة ، لكنها ايضاً لا تنكر انها اعجبت جدًا بإهتمامه بالطفله وحنانه معها وتسعدت في تعلقه بها ، و راقت لها كثيراً هديته في عيد ميلادها ، فكانت عبارة عن كلب صغير لملك أحبته للغاية ، و أصبحت تلعب معه وفرحت به ، كما أنه خصص له بيتًا صغيرًا في الحديقة لينام فيه.
حاولت في هذا الأسبوع تجنب الجلوس والاحتكاك مع نادين التي لا تجلس في المنزل نهارًا ، وتعود في المساء لتصعد إلى غرفتها وتتشارك معهم أحيانًا وجبة الإفطار ، ومن المؤكد أن الامر لا يخلو من بعض كلماتها مسمومة أو نظرتها حارقة نحوها.
نفضت كل هذه الأفكار من رأسها ، متجاهلة دقات قلبها وهي تتذكر هذا الحلم مجدداً ، وأصرت تحادث نفسها بعناد أنه عم ابنتها فقط ، ولا شيء أكثر من ذلك ، ثم نهضت من الفراش وأدت روتينها اليومي.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند أدهم بالخارج
استيقظ أدهم متألم ظهره من نومه على الأريكة.
حسنا ! هذا اختياره ، فكان بإمكانه إعداد المكتب لها أو تركها تنام على الأريكة ، لكنه لم يستطع جعلها تجلس في غرفتها الخاصة التي أرادت أن تأخذها. 
هو يريد أن يأخذ الأمور بينهما بهدوء ، ويقترب منها تدريجيا ولا يريد أن يخيفها أو يجبرها على الاقتراب منه رغماً عنها.
نهض يتكاسل ثم دخل الي الحمام.
بعد لحظات خرج متوجهاً إلى صالة الألعاب الرياضية ، لتنشيط جسده قليلا ، وإزالة الآلام التي يشعر بها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند كارمن
خرجت من الغرفة مرتدية فستانًا رماديًا يتناسب تمامًا مع قوامها الممشوق ، يظهر نحافة خصرها ، وأكمام ذراعيه يبلغ طوله أقل من ربع كم ، ويمتد فوق قدميها بقليل.
تنوي ان تتناول الإفطار مع الجميع ، فقد نامت طفلتها مع جدتها مريم بالأمس.
أرادت التحدث إلى أدهم قبل أن يذهب إلى الشركة ، لكنها رأت أن مكان نومه فارغ ، فنظرت إلى الحمام كان الباب مفتوح ، و لم يكن بالداخل. 
ظنت أنه غادر الجناح ، فأكملت طريقها للخارج ، لكنها توقفت بإندهاش عندما سمعت صوتاً يأتي من صالة الألعاب الرياضية التي لم تدخلها من قبل . 
ذهبت إلى هناك لتري ما يحدث بالداخل؟ 
تسمرت في مكانها محدقة في صدر أدهم العاري أمامها ، و الذي كان يمارس الرياضة بنشاط ، ولم يلاحظ أنها دخلت. 
أعجبت كثيرا بجسمه الرياضي وصلابة عضلاته القوية ، لقد كان وسيمًا بشدة.
خطر ببالها ذلك الحلم الذي رأته و ما قاله لها ، وشردت قليلاً بتفكيرها ، و لم تدرك أنه أنهى ما كان يفعله ، وينظر إليها في صمت.
استيقظت من شرودها عندما رأته يتجه نحوها ، ونصفه العلوي بأكمله مغطى بقطرات العرق.
وقف أدهم أمامها مباشرة ، وفي عينيه نظره غامضة لم تستطع تفسيرها كالمعتاد ، وكان شعره البني يتساقط منه عدة خصلات مبللة على جبهته ، يبدو مثيراً حقاً. 
مال عليها و هو يقترب منها كثيراً ، ويضع يديه الاثنين على الحائط خلفها يأسرها بذراعيه. 
نظرت إليه بتوتر وعدم فهم ، وقلبها يدق كطبول داخل ضلوعها ، لدرجة أنها اعتقدت أنه يستطيع سماعه جيداً.
أما بالنسبة له ، فقد كان يحدق في عينيها الزرقاوتين المرتبكة التي ثملته ، وجعلته ينسى من يكون في هذه اللحظة؟ 
فجأة انقطعت أنفاسها و أغلقت عينيها بإحكام ، حالما أحست بأنفاسه الساخنة تلامس بشرتها ، وشفتاه تكاد تلامسان شفتيها تقريبًا ، ولا يفصل بينهما سوى بوصة واحدة.
اعتقدت للحظة أنه سيقبلها ، لكنه أمسك بالمنشفة المعلقة خلفها مباشرة ، و رفعها يجفف بها وجهه ببطء ، ثم ابتعد عنها وأعطها ظهره. 
ابتسم أدهم بمكر قائلاً بنبرة عادية ، لكن تخفي ورائها الكثير من المشاعر داخله : صباح الخير يا كارمن .. صاحية بدري ليه ..!!
فتحت كارمن عينيها تطلق سراح أنفاسها التي كانت تحبسها داخل صدرها ، و أخذت تحاول التركيز على ما تريد قوله بعد أن شتت هذا الماكر أفكارها. 
لماذا يلعب بأعصابها هكذا ؟ 
لا تعرف لماذا تتبعثر مشاعرها عندما يقترب منها ؟
تمتمت بخفوت : صباح النور .. ممكن اكلم معاك في حاجة قبل ما تروح الشغل؟
نظر ادهم اليها قائلا بإهتمام : اكيد .. بس الاول هاخد شاور من العرق اللي انا فيه دا و نتكلم
كارمن بصوت هادئ : تمام هستناك برا في الليفينج
ــــــــــــــ
أنهى أدهم حمامه ، وتوجه إلى غرفة الملابس مرتديا بدلة رائعة من أكبر الماركات العالمية ، والتي أبرزت قوة عضلات كتفه. 
خرج متوجهاً إلى المكان الذي كانت تجلس فيه كارمن بانتظاره في توتر. 
رأته يتقدم منها برجولته الطاغية ، وسبقته رائحة عطره المميز ، ليخطف أنفاسها بجاذبيته الساحقة.
للحظة شعرت بالغيرة من كل من سوف يراه بكل هذه الأناقة المذهلة التي تذهب العقل ، واخذت تحدق فيه بصمت.
جلس أدهم بجانبها بشكل مريح على الأريكة ، واضعاً يده على الأريكة خلف ظهرها.
بدأت هي الكلام على الفور : ادهم انا كنت عاوزة انزل الشركة و ابدأ الشغل 
ادهم بتساءل : انتي حاسة انك مستعدة دلوقتي و ان صحتك احسنت
أجابت كارمن برقة : ايوه و حاليا ملك طول الوقت مع مامتك و مامتي و انا بدأت ازهق من قعدة البيت و كمان انا بدأت اشتغل تاني علي شوية تصميمات لفساتين جديدة.
ادهم بحماس : بجد طب ما توريني كدا عملتي ايه
كارمن بإحراج : لا مش دلوقتي لما اخلصهم احسن .. انت عارف انا بقالي اكتر من سنتين ماحاولتش اصمم و عشان ارجع لثقتي في نفسي تاني محتاجة وقت و مراجعة
ابتسم أدهم بجاذبية وقال : ماتقلقيش انا موجود و هساعدك فيهم و انا موافق تقدري تيجي الشركة في الوقت اللي يناسبك
ردت بإندهاش و حماسي طفولي : بجد .. يعني ينفع اجي معاك بكرا
ضحك ادهم على حماسها ثم أجاب بصوت رخيم : اكيد ينفع بس هتكوني تحت اشرافي المباشر لحد ما تعرفي كل حاجة ماشية ازاي
رجعت مرة اخري لتوترها ، لأنها لم تكن تريد أن تكون معه كثيرا بسبب ما شعرت به في قربه منها ، و حاولت اعتراض حيث كانت تفرك يديها في حيرة ، وعيناها تنظران إلى الأرض أمامها.
همست كارمن بإرتباك : بس انا الاول كنت بشتغل مع مالك و عمر الله يرحمه.
شعر ادهم بالغيرة من حديثها ، ليصحح حديثها بتريث : كنتي .. حاليا مالك مشغول بإدارة شركة المقولات و ماتنسيش انه بقي نائب مجلس الادارة و بما اني مش دايما موجود فهو اللي بيتابع الشغل هناك
همست كارمن بداخلها : يعني مفيش مفر منك يا دراكولا
أومأت إليه بموافقتها في صمت ، و نهضت من مكانها فنهض معها يغادروا الجناح ، لتناول الإفطار مع الجميع.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في شركة "البارون ديزين"
نزل من سيارته وتوجه إلى شركته ، يسير بخطواته الهادئة في شموخ نحو المصعد ، ليذهب إلى الطابق الأخير.
نزل من المصعد وسار باتجاه مكتبه 
دخل مكتب سكرتيرته فوقفت السكرتيره الجديده عندما دخل مباشرة ، قائلة بغنج متصنع : صباح الخير يا استاذ ادهم
ضاق عينيه عليها بحدة ، محدقًا في مكياجها الزائد عن حده ، وملابسها التي كانت أكثر ملاءمة لتكون ملابس سهرة ليست موظفه في شركة.
تجاهلها واستمر في السير إلى مكتبه ، فتبعته وهي تمشي متمايلة بكعبها العالي. 
دخلت خلفه ورأته جالسًا خلف مكتبه المريح بهدوء يحدق بها بجمود ، للحظة ارتبكت و إبتلعت لعابها بتوتر من نظرته الثاقبة.
هتف ادهم بصوت جهورى : انتي مين؟ 
_ انا ياسمين حضرتك .. السكرتيرة الجديدة مكان مها
تذكر أن سكرتيرته قدمت استقالتها منذ فترة وجيزة بسبب مشاكل في منزلها ، هو لم يقتنع بهذه الحجة ، لكنه وافق على استقالتها في النهاية.
ادهم بجدية : مها عرفتك طريقه الشغل ماشية ازاي و لالا 
ردت ياسمين بالإيجاب : ايوه حضرتك
اردف ادهم بصوته الرخيم : تمام قولي ايه المواعيد و الاجتماعات اللي عندي انهاردة ؟
فتحت دفتر المواعيد وبدأت في قراءة المواعيد بصوت رقيق للغاية ، وعندما انتهت من القراءة ، قالت بميوعه بينما كانت عينيها هائمه في شكله الجذاب : حضرتك تأمر بحاجة تانيه؟
اجاب بحزم و صرامة و هو ينظر اليها بحده ، و يشير إلى ملابسها : اخر مرة اشوفك جاية الشركة بالقرف اللي انتي لابسه دا .. لازم تعرفي ان دي شركة محترمه مش ملهي ليلي .. اتفضلي شوفي شغلك.
ارتجفت من حدة صوته ، و أومأت بصمت ، وغادرت بسرعة 
(ياسمين :تبلغ من العمر 27 عاما ذات جسد ممشوق متناسق و قامه طويلة ، بشره برونزية ، خصلاتها ناريه ، و اعين عسلية ، تعشق المال بشدة ، شخصية جريئة و استغلالية)
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد وقت قصير في مكتب ادهم
دخل مالك إلى مكتب أدهم فور طرقه علي الباب
مالك بإبتسامة واسعه : صباح الخير يا ابو الادهيم
نظر اليه ادهم بحنق : صباح الزفت علي دماغك عملت اللي قولتلك عليه 
ذهب مالك إلى الكرسي أمام المكتب وجلس أثناء حديثه
مالك بمرح : براحة يا عم اخد نفسي الاول 
ادهم بنفاذ صبر : بلاش رخامة دلوقتي و انجز
مالك بجدية : ايوه طبعا ما انا جايلك اقولك ان الخبر اتنشر في كل الجرايد و المواقع اهو 
أخرج الهاتف من جيبه وفتحه و سلمه إليه. 
أمسك أدهم بالهاتف و رأى الأخبار تسطع على الشاشة ، فظهرت علي وجهه ابتسامة ماكرة اظهرت اسنانه البيضاء ، وهو يتخيل رد فعل كارمن عندما ترى هذا الخبر.
هتف مالك بعدم فهم و هو يري ابتسامة ادهم : برده انا مش فاهم انت سعيد اوي كدا ليه من نشر الخبر يعني؟ 
اجاب أدهم بينما يتلاعب بالقلم الذي بين أصابعه : عادي ماتنساش ان كارمن بقت نائب مجلس الادارة هنا يعني طبيعي هتيجي تشتغل معانا .. و لازم الكل يعرف انها موجودة هنا بصفتها مراتي انا .. مش ارملة اخويا و انا متأكد انها مكنتش هتوافق علي كدا.
رفع مالك حاجبيه بذهول من تفكير ادهم وقال : قصدك انك حطيتها قدام الامر الواقع !!
رد ادهم بإماءة بسيطة : بالظبط كدا .. و من بكرا مش عايز اشوف وشك في الشركة هنا
مالك بدهشة : ليه يعني ..؟
ادهم بنفاذ صبر : هتروح شركة المقولات فترة تتابع هناك بنفسك و تبعد عن هنا خالص
مالك بحنق : الله ما احنا بنتابع كل حاجة و احنا بعدين هنا هتمرمطني ليه يا مفتري
اجاب ادهم بتهكم و غيظ : عشان مدام كارمن عاوزة حضرتك تدربها علي الشغل
نظر اليه مالك بشقاوة و قد فهم تصرفه ، ليقول بخبث : مش تقول كدا من الاول .. ماشي هروح .. اما نشوف لعبة القط و الفار بتاعتك انت و هي دي هتوديكم فين.
حدق فيه بغموض قائلا بإصرار : هخليها تحبني يا مالك !!
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
خارج مكتب ادهم تحديدا في مكتب ياسمين 
دخلت إلى الحمام وتتحدث في الهاتف كي لا يسمعها احد
همست ياسمين بفخر : كله تمام يا باشا انا حاليا سكرتيرة ادهم البارون شخصيا .
بتحذير ..... : تمام اوعي حد يشك في حاجة و الا انتي عارفه اللي هيحصلك .
ياسمين بخوف : لا ماتقلقش يا باشا انت عارفني
...... : طيب و اي حاجة تخص مدام كارمن توصلني فاهمه .. كل تفصيله صغيرة تسمعيها تبلغيني على طول بها 
ياسمين بطاعه : حاضر يا باشا انت تأمر 
..... : سلام
ياسمين : مع السلامه
الحب الذي لا يفقدك عقلك و يستحوذ على قلبك
لا يستحق..!! 
فما هو إلا دور سينمائى فاشل في فيلم هندي تافه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظهراً في النادي 
تجلس نادين و ميرنا و تظهر علي ملامح نادين الحنق و الغضب الشديد
هتفت نادين بغيظ : هموت من القهر يا ميرنا الباشا بقي بيقعد في البيت و بيضحك و يهزر مع الزفته كارمن طول الوقت
ميرنا بخبث : انتي بتغيري عليه يا نانو و لا ايه؟ 
نادين بغل : دا جوزي انا حتي لو مش متفقين سوا مش هسيبها تتهني به و بفلوسه
ميرنا بتنهيدة : قولتلك من الاول شكلها مش سهلة .. المهم انتي ماشيه علي خطتنا
نادين بتأكيد : ايوه طبعا بحطلها بإيدي الحبايه في كوباية العصير بإنتظام في مواعيدها بالظبط
قالت ميرنا بتعبير مبهم على وجهها : كويس بس لازم تلاقي طريقه تتخلصي منها بسرعه مفيش حاجة مضمونه ممكن تحمل حتى و هي بتاخد الحبوب
هتفت نادين بخوف : عندك حق انا بقيت خايفه جدا من تغييره .. بقيت حاسة ان ممكن في اي وقت يقلب عليا لو غلطت غلطة صغيرة و يطلقني و اطلع من دا كله ب و لا حاجه
ميرنا بتفكير : قوليلي ايه اخر اخبارهم مع بعض ؟ 
نادين بحنق و حسد : الهانم ناوية تنزل الشركة مع ادهم و تبدأ في الشغل
ميرنا بمكر : طب ماتدخلي في الليلة و تنزلي الشركة انتي كمان تشتغلي
نادين بعنجهية و غرور : مبحبش الشغل و الالتزام انا بحب الخروج و السفر و الشوبنج و بس
ميرنا بتهكم : لازم تعملي كدا لأن في تفكير في بالي لو نفع هتخلصي منها بسهولة 
نادين بتسرع : حل ايه دا؟ 
ميرنا بإبتسامة خبيثة : خليني افكر الأول انتي عليكي تلاقي طريقه تقنعي بها أدهم لنزولك للشركة 
نادين : اوكي 
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عصراً في قصر البارون 
كانت تجلس هي وحماتها ووالدتها يتثامرون في العديد من الموضوعات ، لكن كارمن لم تفهم شيئًا منها. 
كان تفكيرها بهذا الحلم الذي لا يريد أن يخرج من عقلها. 
تفكر في تفسير هذا الحلم ، وكيف استسلمت له؟ وكيف لها تحبه؟ 
ترفض بشدة هذا الشعور الذي تشعر به تجاهه ، و ستستمر في مقاومته فهي زوجة أخيه ، أو بالأحرى أرملة أخيه.
وأيضاً لا تتخيل أنه سيقبلها زوجة له ​​، لقد تزوجها فقط من أجل وصية أخيه ومن أجل ملك ، و هي تزوجته لنفس الأسباب ، فلا داعي للخداع في الوهم.
انقطعت افكارها بدخول يسر وفي يديها ياسين الذي ترك يديها وركض نحو ملك التي كانت تجلس علي قدمي جدتها وبجانبها كلبها الصغير، فجلس جانبها يقبل خديها قائلا ببراءة : وحشتيني خالص يا ملك
نظرت اليه الطفلة تهمهم بكلمات متقطعه ، و هي تضحك بسعادة 
هتفت يسر بتعب و هي تجلس بعد ان سلمت علي الجميع : يا واد بطل شقاوة تعبتني
نظر ياسين الي امه قائلا ببساطة : ببوس ملك يا مامي دي العروسة بتاعتي
يسر بيأس : مفيش فايدة في الواد دا خلاص جنني 
ياسين بتذمر : هي ليه ماما مش موافقه أن ملك تلعب معايا في الجنينه يا تيته؟ 
ليلي بتريث : لسه صغنونه يا حبيبي لما تكبر شوية هتلعب معاك في الجنينه حاليا العب معها هنا
ياسين ببراءة : خلاص ماشي !!
ابتسمت مريم وهي تقبل خده ، فهذا الشقي يأسر الجميع بخفه ظله وبراءته
يسر بإعجاب : ايه الكلب الكيوت دا يا روما يجنن خالص !! 
ردت كارمن بهدوء : دا هدية ادهم لملك في عيد ميلادها من وقت ماشافته مابقتش عايزة تسيبه و طول الوقت بتلاعبه
نبح الكلب الصغير علي ياسين ، وهو يقف دفاعا عن ملك عندما حاول ابعاده عنها ليجلس بجانبها.
كارمن بإبتسامة : تعالي يا ياسين 
ذهب ياسين إلى كارمن التي جلسته على قدميها ، وقالت بنبرة هادئة : ايه يا بطل تاعب ماما ليه الولاد الشطار مش يتعبو مامتهم و يسمعو كلامها و انت شاطر صح
ياسين بعفوية : ايوه صح شاطر .. بس ماما مش عاوزاني ابوس ملك و انا بحبها و كمان الكلب دا وحش هتحبه ملك اكتر مني
ضحكت من كلماته البريئة التي جعلتها تدرك شعوره بالغيرة على ملك من الكلب ، لذا حاولت أن تصلح هذا الموقف بهدوء : لا هي كمان بتحبك انت اخوها الكبير .. و لازم تخاف عليها .. و دا كلب صغير انت القوي اللي فيهم .. و لازم تعطف علي الكلب عشان ربنا يحبك صح كلامي يا بطل..
ياسين بتفكير : ايوه صح
قبلت كارمن خده وقالت بضحكة : طب يلا روح كمل لعب معهم
ذهب يجلس في مكانه بهدوء ، وهو يضع الكلب علي قدميه ، و يلاعبه بلطف
يسر بدهشة : و الله انتي طلعتي جامدة يا روما دا انا بفضل اتحايل عليه عشان يسمع الكلام .. 
ثم اردفت قائلة بتذكر : اه صحيح انتي شوفتي جرايد انهاردة و السوشيال ميديا 
كارمن بنفى : لا مش متابعه حصل حاجة و لا ايه؟
يسر بغمزة : ابدا يا جميل صورك انتي و ادهم منوره في المواقع و الجرايد
و أخرجت الهاتف من حقيبتها ، وأعطتها إياه لتشاهد الأخبار على الإنترنت
انصدمت بشدة كيف وصل خبر زواجها الي الصحافه ، وكيف انتشرت بهذه السرعة ؟ 
لا تفهم ، ولكن بهذه الطريقة تم تدمير كل خططها التي كانت قد وضعتها لنفسها ، فالامر اصبح معروفاً الان ، ولن تستطيع ان تخفيه عن اي شخص في الشركة ، وستظهر امامهم بصفتها زوجة ادهم البارون.
شعرت بالحرج و الاحباط ، وهي تتخيل كلام الناس عنها ، وظلت تشتم في سرها من كان سبب نشر هذا الخبر ، وهو بالتأكيد أدهم.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بالصعيد 
في غرفة زين و روان 
جالسه تشاهد التلفاز ، مر أسبوع على اليوم الذي أخبرها فيه أن زواجه منها كان تحت ضغط والدته ، وأنه سيكون مؤقتًا ، و صدمتها بعد حديثه عن خيانة حبيبته. 
شردت في أفكارها و هي تتذكر ما حدث بعد أن لجأت  تشكي لربها 
Flash Back
استعادت هدوئها بعد أداء صلاتها والدعاء لربها ، بأن يشعر بها ذلك الجدار الذي تزوجته ، وأوكلت كل شؤونها إلى الله.
واتخذت قرارًا بأنها لن تستسلم ليأسها من كلماته المسمومة ، فهي الآن زوجته ، حتى لو كان هذا مؤقتًا كما قال ، ستسعى بكل طاقتها لتجعله يشعر بحبها العميق له ، هي تفهم أنه عانى من الخداع والخيانة ، و لاتستطيع أن تلومه ، لكنها ستجعله يشعر بها و  بعشقها له من تعاملها معه. 
سوف تمشي على الخطة التي رسمتها في ذهنها ، و تتحمل نفوره ورفضه هذا ، و ألا تهزمها العقبة الأولى في حياتها معه.
نهضت بعزم ، وخلعت الاسدال عنها قائلة بمرح : انا هوريك كل انواع الجنان المصري اللي علي حق يا ابن حياة
وقفت امام المرايا ترتب ملابسها ، و شعرها قبل أن تغادر الغرفة و تتجه نحو السلم ، وتنزل الدرج بخفة وبسرعة. 
رأت والدتها وعمتها جالسين يشاهدان مسلسلهما المفضل
روان بشقاوة : مسا مسا علي احلي موزتين في الصعيد كله
اندهشت حنان من نزولها الان لتقول بحسرة : يا مراري عليكي يا بت انتي سيبتي جوزك و نزلتي ليه
روان جلست و ربعت قدميها قائلة بتعبير فكاهي على ملامحها : افضل كابسه علي انفاسه من اول يوم كدا .. الراجل يطق مني يا حنون .. لازم اسيبه شوية عشان يفكر فيا و يشتاقلي
اخفضت حياة صوت التلفاز تنظر الي روان بفخر وقالت : ناصحة يا بت طالعه شاطرة لعمتك
حنان بصدمة : وه دا بدل ماتقومي تجبيها من شعرها قليلة الحياء دي يا حياة 
ضحكت حياة لتقول بمحبة : يا مري .. مقدرش دي حبيبة قلب عمتها تعالي هنا يا مرات ابني .. مالكيش صالح بيها يا حنان
نهضت روان من مكانها ، و جلست بين احضانها 
روان بإبتسامة : انتي اللي فهماني يا عمتي في البيت دا
حياة بسخرية : طبعا يا بت شكل امك نسيت يعني ايه رومانسيه يا حسرة عليك يا خوي 
شهقت حنان تصفع على صدرها ، قائلة بدلال أنثوى : فشر دا انا و جوزي لسه شباب و الله اكبر  زي السمنه علي العسل يا خيتي و مولعين الجو رومانسية
ضحكوا جميعًا بشدة ، و نهضت روان قائلة بحماس : طب انا هروح بقي علي المطبخ احضر الغداء لزين بإيدي و ابهروا بأعمالي المطبخية
تحدث ماجد من خلفها و هو يضحك بمرح : الحقوا جهزوا نمرة الاسعاف لزين بسرعه
روان بنزق : بعد الشر عنه يا زوفت انت
ماجد بتصفير : الله الحب شكله ولع في الدرة من اول يوم
احمرت وجنتي روان خجلاً وسكتت
ردت حنان بدفاع عن ابنتها : بس يا واد يا ماجد بنتي طباخة بريمو تربيتي انا و عمتك
اخرجت روان لسانها لماجد تغيظه ، وركضت مسرعة إلى المطبخ لتحضير الطعام.
ــــــــــــــــــــــ
بعد ان انتهت من تحضير الطعام الشهي إلى زين صعدت به الي غرفتهم.
في ذلك الوقت كان زين يأخذ حمامًا باردًا ، وكان يفكر في غياب روان لأكثر من ساعتين. 
ماذا تفعل الان بعد كل ما قاله لها ، يشعر أنه بالغ في حديثه معها فهي زوجته وإرادته. 
لماذا كان معها شديد القسوة هكذا ؟ 
زفر بحنق وهو يغطى أسفل جسده بالمنشفة و خرج من الحمام ، ووقف في منتصف الغرفة يجفف شعره بمنشفة اخري صغيرة. 
في هذه اللحظة دخلت روان الغرفة ، وهي تحمل صينية الطعام في يديها. 
أغلقت الباب خلفها واستدارت وهي تتطلع للأمام ، لكنها تجمدت مكانها عندما رأت زين يقف أمامها بمنشفة فقط دون أن ينتبه لها.
حدقت روان بدهشة وإعجاب بجسده الاسمر وعضلات صدره القوية ، وكانت عيناها تتبعان قطرات الماء المتساقطة من شعره ، وتهبط على رقبته وتمر ببطء على صدره بإثارة.
ضغطت علي شفتيها واحمر وجهها من الحرج ، وكان قلبها يقرع كالطبول داخل ضلوعها.
أزال المنشفة عن وجهه ، وأصيب بصدمة عندما وجدها أمامه ، كيف لم يشعر بدخولها؟ 
رآها تحدق به في ارتباك ، فنظر إلى وجنتيها الملطختين باحمرار الخجل ، وحركة شفتيها المرتجفة التي تعضهما بتوتر. 
شعر بنار متَأَججة في صدره ، وأراد أن يلمس تلك الشفتين المغريتين.
هذه الحمقاء لا تدرك أنها تلهب أحاسيسه بأدنى حركة منها ، وهو أحمق منها ، فكيف يقاوم رغبته فيها وهو الذي بعد نفسه عنها؟
احس ان دقات قلبه ستفضحه امامها فهمس بداخله : اهدا و اعقل كدا ماتضعفش قدامها و اثبت علي كلامك هو انت مراهق و لا ايه اللي حصلك يا غبي
أخذ نفساً عميقاً ، محاولاً أن يهدأ ويدفع هذه الأفكار من رأسه.
زين بصوت اجش منفعل من كبح رغبته : كنتي فين دا كله؟
افاقت على صوته من إلهاءها بمنظره المهلك ، و عشت مرة اخري علي شفتيها في بخجل لأنها كانت تحدق به كالبلهاء.
حاولت أن تجمع أفكارها بسرعة ، ونظرت إلى صينية الطعام ، وقالت ببساطة : كنت بعملك الاكل و لما خلصته طلعت علي طول
نظر زين إليها بذهول ، و هو يشعر كأن دلو من الماء البارد صب على رأسه من تلك المعاملة منها التي لم يتوقعها ابدا ، قائلاً بإستغراب : وليه تعبتي نفسك في ناس كتير تحت تعمل الغداء ؟ 
اجابت روان بعفوية ، فكانت تحلم دايماً بأن تطعمه من يديها عندما يتزوجان : لا .. دا كان زمان دلوقتي مينفعش .. لازم تاكل من ايدي انا و بس
شعر أنه كان غبيًا حقيقيًا فانها تهتم به ، وهو قابل كل هذا بكسر قلبها و في أول يوم في زواجها ، لا منذ أن أصبحت خطيبته ، وهو يعاملها باستخفاف ولا مبالاة. 
همس زين في داخله بضيق : ياتري يا روان دا قناع براءة مزيف برده و لا انا ظلمتك و اتسرعت في قسوتي عليكي
ثم اتخذ عدة خطوات يقترب منها قائلا بمزح : ويا تري اكلك حلو و لا بتجربي فيا 
اتسعت عيونها ببراءة قائلة وهي تهز رأسها برفض : لا طبعا انا بطبخ كويس اوي و دلوقتي هتذوق و تقولي رأيك و انا متأكدة انك بعدها مش هتاكل من ايد اي حد الا انا
رفع حاجبيه بإعجاب من ثقتها في نفسها ، ليقول بشك : هنشوف و الميه تكدب الغطاس بس انتي فطرتي اصلا و لالا
هزت رأسها بمعني لا
وقف امامها مباشرة و هو يأخذ منها صنية الطعام و يضعها علي المنضدة وقال : موافق اكل بس بشرط هتاكلي معايا 
شعرت بالحرج لكنها لم تستطع الرفض حيث أراد قلبها استغلال أي فرصة للتقرب منه
هتفت بإحراج و هي تنظر الي ارضية الغرفه : حاضر بس ممكن تلبس هدومك الاول 
كانت تقضم شفتيها من التوتر كعادتها ، غير مدركة أنها كانت تزيد من توهج نيران ذلك الواقف أمامها أكثر.
نظر إلى جسده العاري ثم نظر إليها بمكر مستمتعًا بخجلها البريء ، ليتكلم بمكر : انا واقف كدا من ربع ساعه و بعدين فيها ايه لو اكلت و انا كدا
زاد احمرار وجنتاها أكثر من أسلوبه ، وتحدثت بصوت هامس خجول : زين البس حاجة مايصحش تقعد كدا قدامي و كمان ممكن تاخد برد لو سمحت بقي
كان يفكر انها بالتأكيد لا تريد أن يمر هذا اليوم مرور الكرام ، فهي لا تعرف ماذا تفعل به عندما تنطق إسمه بهذا حنان من شفتيها تعذيبه أكثر. 
حاول أن يسيطر على أفكاره وهو يتوجه إلى الخزانة ،ويخرج ملابسه ويتجه إلى الحمام في صمت.
Back 
ــــــــــــــــــ
و منذ ذلك الوقت وهي تخشى أن تقترب منه كثيرًا وهم بمفردهما فيقابلها بالنفور والبعد مرة أخرى ، لذلك اصبحت تنام على الأريكة ليلًا وتترك له السرير ، لكن عندما تستيقظ تجد نفسها على السرير وحدها ، لأنه بعد يومين من زواجهما عاد إلى المستشفى بحجة العديد من الحالات الطارئه ، ولا تراه إلا أثناء تناول طعام الغداء في تجمع العائلة ، والوقت الذي يقضونه مع العائلة يشعرها فقط أنهم زوجين جدد.
ضحكت بخفة وهي تتذكر مشاكستها له أمام العائلة ، فأحيانا تجلس بين ذراعيه او تتحدث معه بدلع، و تطعمه بيديها أمامهم ، فتشعر بقشعريرة جسده بسبب لمسات يديها الناعمتين عندما تمسك بيديه.
هي نفسها تتعجب من جرأتها معه ، لكن ما يطمئنها أنه لم يتجاهلها أو ينفر منها أمام الجميع علي العكس انه يتفاعل معها بشكل جيد.
همست تكلم نفسها بمرح و مكر انثوي : علي رأي سميرة سعيد لما قالت مش حتنازل عنك ابدا مهما يكوووون .. فاكر انك هتقدر تهرب من حبي ليك كتير يا زين .. ماشي اصبر عليا اما جننتك مابقاش انا روان الشناوي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في شركة كبيرة للإستيراد و تصدير 
كان مراد جالسًا على كرسيه الأسود المريح ، وعيناه تلمعان بشراسة وهو يقرأ هذا الخبر المنتشر على الإنترنت ، ويشاهد الصورة التي جمعتهما ، لكنه لم يستطع السيطرة على أعصابه أكثر من ذلك ، وضرب الهاتف بقوة على الحائط ، فتحطم الي اشلاء متناثرة على الأرض ، وهو يتنفس بغضب. 
دخل رجل عجوز إلى المكتب لكنه يتمتع ببنية قوية رغم كبر سنه والشيب يتخلل رأسه هو الحارس الخاص يدعى حاتم ، لكنه ليس مجرد حارس ، فهو كان الخادم المخلص لوالده ، و منذ وفاته و هو يساند مراد في كل ما يفعله. 
حاتم و هو ينظر الي الهاتف المنثورة اشلائه علي الارض ، قائلاً بقلة حيلة : و بعدين في عصبيتك الزايدة دي يا مراد مش معقولة كدا يا بني
نظر اليه مراد بعينيه الحمراء من فرط غضبه صائحاً بحقد و حنق شديد : انا سمعت كلامك و مارضتش اعمل حاجة ست شهور كاملة مع جوزها عشان المنظمة الزفت و العيون اللي مركزة معانا و قولت كويس انه مات لوحده لكن دلوقتي هي اتجوزت و صورهم في كل المواقع عايزني ازاي اهدا و استني
حاتم ينظر اليه بحيرة من أفعاله وقال : انا مش قادر افهم اشمعنا دي اللي مركز معاها بقالك سنه مش بتكلم عن حاجة غيرها .. مش كفايه اللي جرالك في ايطاليا عاوز تفتح ميه جبهة عليك ليه
هتف مراد بغضب و تملك : عشان عايزها انا صفيت الكلاب اللي حولو يقتلوني بعد ماخرجت من المستشفي عشان ارجع هنا و اتفرغ ليهم مش ورايا غير حاجة الا هي
حاول حاتم التحدث بهدوء لعله يستطيع اقناعه : بلاش تدخل في حرب مع العيلة دي انت عارف مركز ادهم البارون كويس في البلد لو حس انك بتراقبهم اكيد مش هيسكت
ضحك بتهكم قائلا غرور : سكرتيرة مكتبه مخدتش في ايدي ساعه واحدة و كانت مقدمة استقالتها
رفع حاتم حاجبيه متعجباً ، ليسأل بسخرية : عاوزها تعمل ايه لما تهددها بولادها يعني
هتف بإنتصار : المهم ان مكتب الزفت دا بقت كل اخباره عندي انت عارف ياسمين شاطرة و صعب حد يشك فيها
حاتم بقلق : ربنا يهديك يا بني بس عشان خطري بلاش تجازف انت كنت بين الحياة و الموت من كام شهر
هتف مراد بتحدي : ماتقلقش يا حاتم انا مرتب لكل حاجة و في الوقت المناسب هاخدها منه حتي لو وصلت اني اقتله 
مساءاً في قصر البارون ليلاً


عند كارمن


تجلس في الجناح ، وهي تحاول السيطرة على أعصابها.


إنها غاضبة جدًا من تصرف أدهم الذي جعلها تشعر رغماً عنها بأنها ملكه وحده ، و أن زواجه منها سيصبح أمرا طبيعياً ومعروفاً ، و هي لا تريد ذلك ، و اصرت انها ستظل في مكانها علي الأريكة حتى يأتي و تتحدث معه.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في منزل مالك البارون 


خرج مالك من الحمام الملحق بجناحهم ، وكان يجفف شعره بمنشفة صغيرة. 


كانت يسر مستلقية على السرير ، و تبدو علي ملامحها الشرود ، فترك المنشفة على الكرسي المجاور له ، و ذهب إليها بهدوء و انحنى عليها ، خطفاً قبلة صغيرة من شفتيها الكردية و قفز بجانبها على السرير.


اعتدلت هي في جلستها و سندت ظهرها على السرير.


يسر بتذمر طفولي : مش هتبطل الحركات دي يا مالك خضيتني 


مرر ابهامه على طول وجهها برقة ، و هو يهمس في اذنيها بصوت حنون يتغلله المرح : سلامته الجميل من الخضة 


ابتسمت بعشق و خجل ، فهو قادر علي تغيير مزاجها في لحظات بعبثه المحبوب لقلبها المتيم بعشقه.


مالك بغيرة محببة : انطقي بسرعة كنتي سرحانه في ايه يا بت انتي ؟


ضحكت يسر بخفه ، وردت ببساطة : ابدا كنت بفكر في كارمن 


مالك بغرابة : مالها كارمن !!


سندت رأسها على كتفه قائلة بخفوت : عاوزة اسألك علي حاجة ؟


مال مالك رأسه على رأسها يهمس بحب : اسألي يا عيوني


يسر بإستفهام : انت اللي نشرت خبر جوازهم في الصحف و المواقع مش كدا !!


مالك بتنهيدة : انا و أدهم .. هو كان مرتب كل حاجة .. اومال انا ليه اخدتلهم صور كتير يوم كتب كتابهم الصامت دا انتي نسيتي.


يسر بتفكير : مممم طلعتو مش ساهلين خالص يا احفاد البارون


مالك بغرور متصنع : اومال يا بنتي دا احنا جامدين اوي 


يسر بحيرة : بس برده انا مش فاهمه ليه ادهم يعمل كدا !!


مالك بجدية : عشان بيحبها يا يسر


شهقت بإستنكار و هي تنظر له لتقول بعدم تصديق : انت بتهزر صح بيحبها ازاي و امتي !! هو لحق يحبها اصلا دول بقالهم اسبوع متجوزين ؟


نظر اليها قائلا بهدوء و جدية يشوبهما قليل من السخرية : هقولك ازاي .. بس عارفه لو وقعتي بلسانك الحلو دا في الكلام مع كارمن وقولتلها وقتها ادهم هيذبح جوزك و تتشردي انتي و ابنك في الشوارع 


هتفت بتركيز و هي تقترب منه اكثر : لا اطمن سرك في بير


مالك و هو يأخذ نفساً عميقاً ثم اردف قائلاً : ادهم بيحب كارمن من يوم ما اشتغلت في الشركة قبل ماتجوز عمر .. بس انتي عارفه ان عمر اغلي حاجة عنده لما عرف انه بيحبها سكت و كتم في نفسه .. حياته كانت خربانه من جهة جوازته من الحيزبونه نادين و عشان موضوع انه مش بيخلف .. 

و الموضوع اتقفل علي كدا و بطل يتكلم فيه معايا لحد ما اتفتحت الوصية و اتفتحت معها كل جروحه من تاني .. تخيلي العذاب اللي هو فيه متجوز ارملة اخوه اللي هو اصلا بيحبها و يمنع نفسه عنها عشان ماتكرهوش و عشان هو فاهم دماغها و انها هتدخل الشركة على أنها أرملة اخوه و بس .. مش بصفتها مرات ادهم و عشان هي رفضت وقت الجواز منه انهم يعملو حفلة لو صغيرة يتعزم فيها معارفنا وأصحاب الشركات اللي ليهم شغل معانا فحطها قدام الامر الواقع.


عندما أنهى حديثه حرك عينيه عليها ، فرأي دموع يسر تنساب بحزن ، فمرر طرف أصابعه على وجنتها يمسح دموعها ، قائلا بصوته الدافئ : الحب مش لينا اختيار فيه يا حبيبتي و الا مكنش حبها هي بالذات


قالت بصوت مبحوح : انا فاهمه كلامك .. بس معني كدا ان كارمن عملت اللي في دماغها .. انا حذرتها بلاش تمنعه عنها و ان دا حرام وأنها تحاول تتقبل انه بقى جوزها .. بس برده انا عذراها صعب عليها و بلاش كلنا نبقي ضدها


مالك بحيرة و حزن : مفيش في ايدنا حاجة نعملها غير اننا ندعيلهم ربنا ييسرلهم الامور و يهديهم لبعض


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


نعود الي قصر البارون


بعد مرور ساعتين 


دخل أدهم الجناح ، ليجد كارمن نائمة على الأريكة في وضع غير مريح.


ذهب في اتجاهها لإيقاظها ، لكنه توقف برهة يحدق بها في صمت ، ثم مال إلى الأمام ، ووضع يديه على كتفها و هزها برفق.


تمتمت كارمن بشيء لم يستطيع فهمه ولم تستيقظ ، لذلك انحنى عليها ماسكاً ذراعيها بلطف ، ووضع يده اليسرى خلف ظهرها ويده اليمنى تحت ركبتها وهدوء و خفة حملها بين ذراعيه القويتين ، وسار إلى الغرفة.


انحنى قليلاً ووضعها على السرير بهدوء ، وعندما رجع للخلف ، خبطت يده المنبه الموضوع على المنضدة وسقط على الأرض ، مما أحدث صوتًا مزعجًا. 


فتحت عينيها وكانت الرؤية مشوشة قليلاً بسبب الإضاءة الخافتة للغرفة.


جلست علي السرير بفزع ، وهي تفرك عينيها بطفولية : في ايه .. انت بتعمل ايه هنا ؟!!


اعتدل في وقفته بعد أن أعاد المنبه إلى مكانه قائلا بحنان : مفيش جيت من برا لاقيتك نايمة علي الكنبة جبتك تنامي هنا . 


تذكرت أنها كانت تنتظره منذ مدة حتى غفت دون أن تدرك.


نهضت من السرير ووقفت أمامه ، وكتفت يداها على صدرها بغضب و قد طار النعاس من عينيها.


حاولت كارمن ان تتحدث بهدوء دون ان تنظر اليه : ممكن اعرف انت ليه عملت كدا ؟


ادهم بعدم فهم : بتكلمي عن ايه ؟


أجابت كارمن بصوت عالٍ تلقائيًا ، رافعة عينيها إليه فقد زاد غضبها بسبب برودة أعصابه : يعني مش عارف !! عن الصور اللي اتنشرت و الخبر اللي بقي في كل المواقع و ماتقوليش معرفش لان دي الصور اللي صورها مالك يوم كتب الكتاب و اكيد مش هيعمل كدا الا لو انت خليته يعمل كدا


تجاهل ادهم صوتها العالي قائلا بصوته الرخيم : و فيها ايه .. الموضوع كان هيتعرف في كل الاحوال ماتنسيش اني شخصية معروفه و الصحافه بتهتم بأي خبر عننا.


كارمن بدهشة : عننا !! بس انا مش مهتمه بنشر اخباري في كل مكان و كان لازم تسألني الاول علي الاقل !!


ادهم بسؤال : و انتي كنتي هتوافقي ؟


كارمن بحدة : لا ماكنتش هوافق


رفع ادهم حاجبيه بإبتسامة جانبية فهو توقع هذه الإجابة منها ليسأل بإستفزاز : ليه !!


صاحت كارمن بتسرع و اندفاع : عشان انا مرات اخوك و اللي بيني و بينك مش زي اللي وصل للناس بالخبر دا


نظر إليها وفي اقل من ثانية هاجت ثورة غضبه ، و اصبحت عينيه لونهما أحمر كالدم من الإنفعال العصبي. 


سحبها أدهم من ذراعيها بشدة لدرجة أنها اصطدمت بصدره الصلب ، وأخذ يزمجر عليها بعنف مصححاً جملتها : كنتي مرات اخويا يا كارمن و دلوقتي انتي مراتي انا .. فاهمه


تأوهت كارمن من الألم وهي تحاول التملص من قبضته على ذراعيها : اه .. انت مسكني كدا ليه !! ابعد عني و سيب ايدي 


لم يتأثر بمحاولتها الهروب منه ، حيث أمسك بمعصمها ولفه خلف ظهرها ، واسر يدها الأخرى بين صدره وأصابع راحة يده لشل حركتها الهوجاء للهروب من قبضته ، واصبح وجهه أقرب إلى وجهها وأنفاسه الحارة مباشرة على بشرتها الناعمة.


متجاهلاً كلامها وهو يستأنف حديثه بالغضب ، فتلك الحمقاء جعلته يشعر بجمرة تحرق قلبه من الغيرة التي تفاقمت بداخله لأول مرة في حياته بهذه القوة ، و أخرجت غضبه الكامن عليها ، فصك على أسنانه بعنف حتى اصدرت صوتًا مخيفا قائلا بفحيح : مش معني اني سايبك تتأقلمي علي الوضع اللي احنا بقينا فيه و تتقبليه برضاكي و مخليكي قاعدة في الاوضة لوحدك .. اني مش هاجي في يوم و اطالبك بحقوقي فيكي يا مدام


شعرت كارمن بإندفاع الحرارة الي وجنتيها ، واجتاح جسدها قشعريرة لتلامس اجسادهم مسببة دغدغة لذيذة في معدتها ، و بنبض قلبها ارتفع من قربه المهلك منها و تحوله المخيف هذا.


لقد بدأ يخونها قلبها و اصبحت تشعر بإضطرابه الغريب عندما يقترب منها ، لكنها قاومت هذا الشعور الذي يغتال قلبها رغما عنها و تحدثت بصوت متحشرج من توتر وإحراج : بس انت وافقت ان جوازنا يفضل علي الورق و كل حد فينا يكون في حاله 


كان يلهث من فرط غضبه و بدأ يهدأ قليلاً ، وحررها من أسر قبضته على معصمعها ، لكنه أبقى يدها الأخرى في يده رفعاً سبابته ، ليحذرها قائلاً بإصرار : و انا لسه عند كلمتي و مقربتش منك .. بس دا مش معناه ان الوضع دا هيستمر كتير و اياكي تنسي انك علي ذمتي انا دلوقتي


ثم اردف بصوت منفعل : و مش هسمحلك تجيبي سيرة راجل تاني علي لسانك حتي لو كان اخويا فهمتي


لم تستطيع اخراج صوتها ، وأعصابها اصبحت مخدرة من قربه منها ، فهزت رأسها بصمت ، ليبتعد عنها و يغادر الغرفة بخطوات سريعة صافعاً الباب خلفه. 


جلست على طرف السرير ، تضع يديها على قلبها تحاول تهدئة دقاته ، و صدي كلمات ادهم ترن في اذنيها.


كانت شديدة الخجل من نفسها ، لأنها عاملته هذه الفظاظة ، وهي تعرف السبب جيداً ، فهي كانت تحاول إنكار شعورها هذا الصباح عندما اقترب منها في صالة الألعاب الرياضية.


تريد التحدث إلى شخص ما ، وإخباره بما تشعر به حتى يتمكن من إخبارها بأنها على حق ، لكنها لا تستطيع إخبار والدتها لأنها تعلم أنها ستلومها بأن ما تفعله الآن خطأ فادح. 


أدهم زوجها أمام الله وبمشيئة أخيه الذي كان زوجها المشكلة معها هي ، لا يمكنها أن تقبل ذلك بسهولة و ليست مستعده له.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في منزل الحج عبدالرحمن الشناوي


دخل زين الغرفة المظلمة نوعاً ما ، و مرت عينيه حيث تنام روان كعادتها على الكنبة ، فقلب عينيه بالملل من تكرار ذلك المشهد خلال الأسبوع الماضي.


من الواضح أنها عنيدة جدًا لأنها تعلم أنه سيجعلها تنام علي الفراش في النهاية.


Flash Back


منذ اسبوع


لقد انصدم عندما رآها تذهب إلى الأريكة وتتركه وحده في السرير ، فغضب بشدة وكاد أن ينهرها، لكنه تمكن من كبت غضبه ، وهمس بداخله يوبخ نفسه : عاوزها تعمل ايه يا غبي بعد كلامك السم اللي قولته اتخمد بقي و اسكت.


بعد فترة كان لا يزال مستيقظًا ، لم يستطع النوم وهو يفكر بها ، لذلك نهض من السرير و سار نحوها بهدوء ، ولاحظ تنفسها المنتظم ، فعرف أنها قد نامت.


رفعها برفق شديد واتجه إلى السرير ، ووضعها بهدوء عليه ، واستلقى بجوارها متأملاً بإبتسامة صغيرة ملامحها البريئة ، وخدودها الناعمة المحمرة وأنفها الصغير.


حرك عينيه بلهفة على شفتيها التي زمتهم ، بينما كانت نائمة بعفوية جعلته يتوق إلى أن يلمسها بشفتيه ، لكنه لم يرغب في إيقاظها.


بقي على هذا الوضع لبضع دقائق حتى غفى بجانبها.


استيقظ مبكراً مقرراً الذهاب للعمل هرباً من شعوره بالشوق الذي كان يسيطر عليه في قربها منه.


لكن هذا زاد من شغفه بها ، فلم يستطيع التركيز جيدا في عمله، وهي ايضا لم تقصر في تشتيت انتباهه بمن حوله ، حينما تقترب منه أثناء اجتماعهم مع العائلة ، ولا ينكر سعادته بهذه الأفعال منها ، 

لكن هذا يجعل السيطرة على نفسه معها أكثر صعوبة.


Back


تنهد بحرارة من كم المشاعر الجياشة التي تفرض سيطرتها عليه رغماً عنه ، و أخذ يحادث نفسه بحيرة : ناوية تعملي فيا ايه تاني يا بنت الشناوي ؟


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


نهاية الفصل الثامن عشر

الفصل التاسع عشر ( إحساس جميل ) مزيج العشق


ان شعور الامان اقوي الف مرة من شعور الحب ، فمن السهل ان يمنحك احدهم الحب ، ولكن صعب ان يمنحك المساندة و الامان

سهل ان تنبهر به ، لكن صعب ان يشعرك انك مسؤل منه ..

سهل ان يقدم لك الحب لكن صعب ان يزيل عنك القلق ...

الحب عطاء مشروط و الامان عطاء بلا شروط !!

الحب كالنسيم يطوف حولنا و الامان نور يسكن قلوبنا و ارواحنا

الكل يحب ، و يبقي للأمان .. مهمه الرد ؟!! 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


صباح يوم جديد 


في قصر البارون 


استيقظ أدهم منزعجًا من هذا الصوت ،

جلس على الأريكة يفرك عينيه محاولًا التركيز لمعرفة هذا الصوت ، الذي لم يكن سوى بكاء ملك يأتي من داخل غرفته. 


متأكد ان كارمن جعلتها تنام معها.


تذكر ذلك الشجار الأخير بينهما ، فمنذ 3 أيام وهو يتجاهلها ولم يتحدث معها.


لا يعرف السبب 


هل نادم على انفلات اعصابه عليها أم لا يزال غاضبًا منها ومن نفسه؟


تنهد بضيق و هو يرفع الغطاء عنه ، و نهض يسير إلى باب الغرفة. 


فتح الباب بهدوء ليرى كارمن تنام بعمق ، ويبدو على وجهها الإرهاق ، وكانت جالسة بجانبها ملك تبكي لأن والدتها لا تستجب لنداءها.


لكن عندما وجدته يتجه نحوها توقفت تمامًا عن البكاء.


نظرت إليه بعيونها الخضراء الصافية التي ورثتها عن والدها ، ثم مدت يديها إلى الأعلى ، كأنها تطلب منه أن يحملها.


مد أدهم يديه إليها ، ورفعها إلى ذراعيه ، وابتسم لها بعذوبة ، يالله كم يعشق هذه الصغيرة.


وضعت ملك رأسها على كتفه ، فارتبك قليلا لانه لا يجيد التعامل مع الأطفال وحده ، فبدأ يمشي بها في الغرفة يلاطفها ، لكنها بدأت تبكي مرة أخرى.


كان في حيرة من أمره ، فخطر بباله فكرة استخدمها مع ياسين عندما كان في عمرها تقريبا ، وهي أن يقفزه في الهواء و يمسكه مرة ثانية بين ذراعيه.


بدأ في رفعها بالهواء يلاعبها ، فأحبت ملك هذه الحركة كثيرًا ، وبدأت بالصراخ والضحك بشدة ، و هو يضحك علي ضحكاتها المسرورة.


★•••••★•••••★


انزعجت كارمن من هذا الصراخ ، ففتحت عينيها تبحث عن مصدر الصوت ، حتى سقطت نظرتها المتعبة على طفلتها يحملها ادهم ، ويطيرها في الهواء و كانت سعيدة وتضحك بشدة ، و كان يقف و ظهره لها.


أغمضت عينيها مرة أخرى ، فهي كانت متعبة ولم تنم جيدًا الأيام الماضيه بسبب تفكيرها المستمر ، لكن لحظة هل رأت أدهم يقف في الغرفة حقا ؟ 


فتحت كارمن عينيها علي مصراعيها ، تنظر إليهما بدهشة و فم مفتوح ببلاهة ، ثم قفزت من مكانها ، وهي تنهض علي الارض و كادت ان تتعثر قدميها. 


انزلت عينيها تمررها علي جسمها ، و رأت أنها تقف في ثوب النوم القصير أمام أدهم.


فقد كان القميص عارياً قصير للغايه ، يصل الي منتصف فخديها ، شفاف يبين مفاتن جسدها بإغراء ، مظهراً جمال قوامها و سيقانها البيضاء الحريري. 


عادت إلى السرير بسرعة وغطت نفسها ، و تحدثت بعصبية من منظرها المحرج امامه وقد حل النعاس تماماً من عينيها : انت بتعمل ايه هنا ؟


توقف عن اللعب مع الصغيرة يضعها علي الارض بجانب العبها ، و رفع وجهه لها فوقعت عينيه التي إلتمعت بشئ غريب مسلطه عليها بإمعان ، لتمر ببطء فوق جسدها الشبه عاري تحت الغطاء امامه.


اعتدل في وقفته و هو يضع يديه بجيوب سرواله ، ويحاول التحكم في نفسه بسبب مظهرها الخاطف للانفاس ، ثم نظر لها بهدوء و شوق برع في اخفاءه.


هنا فقط ادركت انه يقف امامها عاري الصدر ، فإبتلعت لعبها بتوتر.


اجاب ادهم بصوته الرخيم : البنت كانت بتعيط و صوتها اللي صحاني فجيت اشوف مالها


رمشت كارمن بعينيها في دهشة ، وهي تشير اليه قائلة بإستنكار : و ازاي تقف قدامي بمنظرك اللي شبه طرزان دا !!


ضحك علي كلامها قائلا بسخرية : المفروض اكون لابس بدلة و انا نايم يعني و بعدين هي اول مرة تشوفيني كدا !!


احمرت خجلا من كلماته الوقحة و صاحت بتذكر طفولي : لو سمحت ماتتريقش علي كلامي 


ابتسم بمكر مشاكس و هو يشير بسبابته عليها : بدل ما تقولي عني انا طرزان .. شوفي نفسك الاول و انتي منكوشة و شبه العفاريت كدا .. انا دلوقتي عرفت ليه مش عاوزاني انام معاكي في اوضة واحده .. اكيد خايفه عليا من الخضه.


فتحت عينيها علي وسعهم من حديثه ، و تركت طرف الغطاء و أخذت ترتب شعرها و نست امر القميص ، ليظهر جسدها في الثوب العاري امام عينيه. 


انحصرت انفاسه داخل رئته واحس بأن قلبه يتوق لها بشده ، و هي بهذا الشكل.


نظرت كارمن له ، لتراه يركز عينيه علي فتحة الصدر بثوبها ، فراحت تغطي نفسها مرة اخري.


تهدج صوت كارمن بإرتباك : مم ممكن تطلع برا لو سمحت عشان اقوم ؟


ادهم بمكر : ما تقومي حد حايشك ؟


كارمن بإستياء : هقوم ازاي و انت وقفلي كدا !!


ادهم بإبتسامة جانبية : مش فاهم يعني و فيها ايه !!


احمرت وجنتيها قائلة بخجل : فيها ايه ازاي مايصحش تشوفني كدا؟ 


ادهم بجدية : علي فكرة انا جوزك لو ناسية و عادي جدا اشوفك في اي وضع 


هتفت كارمن بحماقه و تسرع : لا طبعا انت اجننت .. انت جوزي علي الورق وبس دا كان اتفقنا ومش هيتغير .. ومش من حقك تشوفني بقميص النوم 


انها تستفزه بشدة وتعزف على أوتار غضبه بشكل احترافي.


رفع إحدى حاجبيه بصرامة و حدة : خدي بالك من كلامك يا كارمن و افهمي اني لو عايز جوازنا يبقا حقيقي هيحصل و دلوقتي و لا نسيتي كلامي الأخير ليكي احسنلك بلاش تستفزيني و تخرجي اسوء ما فيا عليكي


هبت كارمن من فوق السرير ، وهي تسحب روبها لترتديه و تغلقه بإحكام ، ثم نظرت إليه بحنق و غضب ، و هي تضع يديها بخصرها قائلة بتحدي : و انا مش لعبة في ايدك تحركها زي ما انت عايز و تقرر بمزاجك يبقا حقيقي و لالا 


وجدته يقترب منها ببطئ ، فتراجعت خطوات قليلة للوراء تلقائياً. 


فجأة امسكها من معصمها بقوة المتها و سحبها اليه ، هامساً ببطئ ويشدد علي كلماته وهو يقترب من وجهها للغاية : قولتلك خدي بالك من كلامك معايا .. انا مش زي عمر مابعرفش اتعامل مع شغل الدلع دا


ضغطت كارمن على شفتيها من الألم. ،وحاولت الهروب من قبضته والفرار بعيداً ، لكنه لم يتركها.
تناست الألم واجابت بغيظ من عجرفته المعتادة معها : و مش ممكن هتبقي زيه ابدا .. عارف انا شايفاك ازاي ؟ بارد و معندكش احساس و حديد و مش بتحس 


زم شفتيه بقسوة حتى ساروا في خط مستقيم ، محاولاً السيطرة على غضبه وغيرته من كلامها الفخور عن رجل غيره حتى لو كان شقيقه الراحل.


هدر أدهم فيها بحدة وكبرياء : ميهمنيش نظرتك فيا وانا دلوقتي جوزك مش عمر لازم تحترمي دا و تقبليه غصب عنك


اتسعت عينيها بشدة و هي تتذكر شيئاً ما ، واسرعت تضع يدها الأخري علي شفتيه ، لتهمس بخوف على الفور : وطي صوتك ملك جنبنا .. انت نسيت ممكن تتفزع من صوتك العالي دا


اما هو فنسي ما كان يفكر به ، ويقوله منذ لحظات عندما لمست اناملها شفتيه ، وارخي قبضته علي معصمها تلقائياً.


كانت مندهشة من صمته ، حيث توقعت المزيد من الغضب منه ، رفعت عينيها الزرقاء إليه لتجد نفسها قريبة جدًا منه ، والغريب أن هذا أعجبها ، فقد رأت عينيه الزرقاوتين لأول مرة بهذا اللون الصافي ، 

و ليست قاتمه كالمعتاد. 


لا تعرف كم بقيت في هذا الوضع ، رمشت بعينيها و احمر خديها خجلاً ، ثم خفضت يديها ببطء من علي شفتيه ، وهي تشعر بحرج شديد.


فجأة هتفت ملك بصوت طفولي لطيف للغاية : بابا العب معايا


ذهلت كارمن بصوت ابنتها التي نطقت بهذه الكلمة لأول مرة. 


نظرت إلى طفلتها ، ورأتها توجه عينيها إلى أدهم الذي لم يكن في حال أفضل منها ، ولكنه شعر بإحساس جميل جدا ، فهذه الطفله تناديه بكلمة أبي التي أراد أن يسمعها منذ سنوات.


لكنه لا يعرف هل هو سعيد أم حزين ، لأن هذه الكلمة كانت من نصيب لأخيه وليس هو!! 


هل ستتقبل كارمن هذا ام ستغضب اكثر ؟

كانت هذه الأفكار تعصف بذهنه.


نظرت اليه ببلاهة قائلة بخفوت : انت سمعتها صح !!


هز أدهم رأسه اليها بصمت ، و نظراته لا تزال علي الصغيرة التي تشير إليه لكي يأتي لها.


شعرت بالفوضى التى تحدث داخله ، لذا همست له بتلقائية : هي بتحبك و متعلقه بيك يا ادهم و انت تستاهل تناديلك ببابا .. محدش فعلا هيحميها و يحبها قدك


نظر إليها بمشاعر كثيرة لم يستطع ترجمتها أو التعبير عنها ، ليقول بتردد : يعني مش زعلانه انها بتناديلي بابا يا كارمن


ابتلعت لعابها وهى تفكر في اجابة ثم قالت بحيرة : مش عارفه يا ادهم بصراحة القدر دا غريب اوي بس كل اللي بيحصل دا بإرادة ربنا مانقدرش نعترض و لا نسأل عن السبب.


ابتسم لها ابتسامة جذابة خطفت قلبها الذي اشتاق إليه كثيرا في الأيام الماضية.


أرادت تغيير مسار الحديث هرباً من ثورة مشاعرها ، سألت بإبتسامه عذبة : هو انا ممكن ابدأ شغل انهاردة يا ادهم


ادهم بهدوء : اكيد تقدري .. جهزي نفسك و البسي وانا هستناكي تحت نفطر و نروح مع بعض 


كارمن بحماس : ماشي 


ذهبت إلى ابنتها ، وهي تحملها من الأرض ، وتدخل حمامها و تغلق الباب خلفها و هي تشعر بسعادة عارمة لا تفسير لها.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في مكان اخر بداخل القصر


تحديدا في جناح نادين


أغلقت الهاتف مع عشيقها الذي اصبحت تتردد علي زيارته كثيرًا في الفترة الأخيرة ، فهو دائماً يشبع غرورها ويجعلها تشعر بأنوثتها بكلماته الحلوة.


كانت سعيدة جدًا ، حيث لاحظت منذ 3 أيام أن أدهم لا يوجه أي حديث لكارمن ، و هم يجلسون على مائدة الطعام ، وكأنهم يتجاهلون بعضهم البعض ، ومن المؤكد أن هناك شجارًا بينهم ، وهذا ما شجعها على التحدث إليه أمس عندما عاد من عمله ليلاً ، وتوجه مباشرة إلى مكتبه في الطابق السفلي.


قطع رنين الهاتف أفكارها لتجد أن ميرنا تتصل ، فأجابت بحبور : هلووو يا نونا


ميرنا : هلو يا حبي .. اخبارك ايه


نادين : تمام جدا 


ميرنا : خير شكلك فرحانه 


نادين : فوق ماتتخيلي 


ميرنا : خير ايه اللي حصل


نادين بشماته : شكلهم لسه متخانقين سوا و مش بيكلمو بعض تقريبا .. و ادهم مابقاش يقعد في البيت كتير و في خبر كمان


ميرنا بفضول : قولي


نادين بنبرة حماسية : امبارح انتهزت فرصه انه لوحده في المكتب و دخلت اتكلمت معاه وقولتله انا زهقانه من النادي و البيت و عايزة اشتغل في الشركة و اسلي وقتي بحاجة مفيدة


ميرنا بتصفير : اه يا جامدة و بعدين


نادين بضحكة : يعني في الاول كان رافض و مش مقتنع بس لما اصريت وافق والمفروض انزل معه انهاردة


ميرنا بسؤال : و هتشتغلي ايه في الشركة


نادين بلا اهتمام : معرفش لحد دلوقتي بس ماتنسيش اني ادارة اعمال يعني هبقي في منصب مهم اكيد و الأهم تكون عيني عليهم و بكدا هعرف انفذ خطتنا و من موقع الأحداث كمان


ميرنا بتملق : اووووبا طلعتي مش سهلة يا نانو


نادين بحقد : اكيد مش هسيبلها الفرصة تستحوذ علي كل حاجة و انا اطلع من غير و لا حاجة


ميرنا بهدوء : تمام و ابقي بلغيني بالاخبار


نادين : اوكي هسيبك بقي و انزل افطر معهم يلا باي


ميرنا : باي يا حبي


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند كارمن 


نزلت الدرج بحذر ، وهي تحمل طفلتها بين ذراعيها ، وكانت ترتدي الكعب العالي ، ثم دخلت غرفة الطعام ، ورأت الجميع يتناولون وجبة الإفطار ، فألقت تحية الصباح بهدوء ، وتوجهت إلى مكانها المعتاد ، بعد أن أعطت ابنتها لجدتها.


جلست تبتسم بخجل عندما لاحظت أن أدهم يحدق بها ، وهو يحتسي القهوة بهدوء.


قالت مريم بدهشة : اتأخرتي ليه يا حبيبتي علي الفطار ؟


اردفت وهي تنظر إلى ما ترتديه كارمن بإعجاب : و ايه الشياكة دي كلها .. انتي خارجة ؟


اجابت بعفوية : اتفقت انا و ادهم اني هنزل انهاردة الشركة معه


تحدثت نادين التي تتابع الموقف منذ البداية في صمت ، لتشتعل عيناها بالحقد من مشاهدة نظرات الإعجاب من أدهم إلى كارمن.


شعرت بالغيرة تكاد تقتلها بسبب براءة ملامح كارمن التي لا تضع مكياج ، و مع ذلك تتألق جمالاً.


نادين بغيظ و دهشة متصنعة : معقولة انا كمان هنزل شغلي الجديد مع ادهم انهاردة


ليلي بسخرية : و يا تري هتشتغلي ايه في الشركة !! هو انتي عندك خبرة في الشغل!!


كانت كارمن أيضًا متفاجئة جدًا، فمنذ متي كانت نادين مهتمة بالعمل ، ونظرت إلى أدهم الذي تحدث بهدوء : هتدرب في قسم التسويق تحت اشراف مدير القسم 


هتفت نادين بغرور : نعم!! ازاي كدا يا ادهم انا مرات صاحب الشركة يعني علي الاقل ابقي انا مديرة القسم


ابتسم ادهم اليها بتهكم : و مدير القسم الحالي يروح فين .. انتي ماشتغلتيش بشهادتك قبل كدا يا نادين َعندكيش خبرة يعني لازم تبدأي من الاول .. 


ثم نظر لكارمن مردفاً : و نفس الكلام ليكي


نظرت إليه كارمن باستنكار ، وواصل حديثه بجدية : لازم فترة تدريب انتي بقالك سنين ماتعرفيش حاجة عن الشغل و تدريبك معايا زي ما اتفقنا لحد ما انا نفسي اشوف انك جاهزة تستلمي منصب نائب مجلس الادارة 


حدقت كارمن في الطبق أمامها دون أن ترد وتهمس بداخلها : بدأ الديكتاتور اللي جواك يبان يا دراكولا ..

انا متأكدة انك هتخليني الطم بالنحوي .. هبقي معاه علي طول ازاي دا انا متوترة من دلوقتي ربنا يستر
لا خيار في الحب ، حتي و إن كنت حريصًا
فهو رزق مثل المطر الذي يروي الأرض ، و مثل البرق يضئ سماء القلب بإرادة الله وحده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في شركة البارون ديزين
دخل أدهم الشركة بخطواته الواثقة إلى الشركة ، 
و تسير بجانبيه كارمن و نادين التي كانت على وجهها ابتسامة متعجرفة من النظرات الإعجاب التي لاحظتها من الموظفين.
أما كارمن فقد كانت خائفة عندما دخلت إلى الشركة ، لم يكن هناك فرق كبير منذ آخر مرة كانت فيها هنا ، لكنها كانت حينها زوجة عمر ، والآن تدخلها كزوجة لصاحب الشركة وشقيق زوجها الراحل.
تمشي وهي مرتبكة قليلاً ، ولم تشعر بنظرات بعض الناس الذين يحدقون بها بازدراء ، وبعضهم بفضول والبعض الآخر بإعجاب.
خرجت من دوامة افكارها متفاجئة عندما شبك ادهم أصابعه بأصابعها و هو يضغط عليها برفق ، وكأنه يرسل رسالة صامتة بأنه بجانبها ، لكنه لم يقصد ذلك بشكل تام لأنه كان يشعر بالغيرة تتوقد في داخله من نظرات الموظفين لها. 
نظر إليهم بنظرة ثاقبة يعرفونها جيدًا ، فإنتبه الجميع يواصلون عملهم وهم في حالة اضطراب وخوف من غضبه.
وصلوا إلى المصعد ، فتكلم أدهم بهدوء موجهاً حديثه لنادين عندما وقفت موظفة أمامهم تلقي تحية الصباح بإحترام : الانسة هتوصلك لقسم التسويق يا نادين .. روحي معها 
مطت نادين شفتيها بتعالي وغادرت معها ، تمشي بغطرسة ، وتتنفس بغضب ، لم يكن هذا ما كانت تخطط له ، لكن لا بأس ، ستجد طريقة لإصلاح الأمور وضرب هدفها بالإحتراف.
أما أدهم فدخل إلى المصعد مع كارمن
ابتسم بخفة وهو يلاحظ توترها المفرط ، اما هي فبدأت تقرأ القرآن في صمت لتجلب الهدوء في نفسها.
ادهم بإبتسامة حانية : ليه كل التوتر دا !! اهدي شوية 
كارمن بخجل : هو باين عليا اني متوترة اوي كدا 
ادهم بخبث : واضح اوي من ايدك المتلجة 
لاحظت أنه لا يزال يمسك يديها بيديه ، وهو يربت عليها بحنان ، و يقول بصوت دافئ : انا معاكي خطوة بخطوة في كل حاجة اتفقنا 
هزت رأسها بصمت ، وابتسامة جميلة على شفتيها ، و خرجوا من المصعد معًا، فجأة توقفت للحظة ، فاندهش هو من توقفها المفاجئ : وقفتي ليه ؟
كارمن بتساءل : هو انا هيبقي مكتبي فين ؟
ادهم بهدوء : مؤقتا هتقعدي في مكتبي لو تحبي او في مكتب السكرتيرة لحد ما اجهزلك مكتبك 
كارمن بدهشة : طيب ليه ما اخدش مكتب عمر !!
اجاب بثبات كأنه توقع منها هذا السؤال : لإني طلبت تجديد المكتب بالكامل و ماتنسيش انك في فترة تدريب .. لما تبقي جاهزة هتستلمي مكتبك 
نفخت في حنق ، فهو لديه إجابة على جميع الأسئلة ، واستمرت في المشي بجانبه بهدوء.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الصعيد بمنزل الحج عبدالرحمن الشناوي
بعد الإفطار ، تجلس روان مع والدتها وعمتها و هم يتحدثان بعد أن غادر الجميع للعمل
حنان بعبوس : الواد ماجد اتوحشتو اوي يا خيتي حاسه ان البيت هادي قوي
حياة بتأييد : عندك حق هو دايما عامل حس للبيت ربنا يحميه .. بس يعني هي اول مرة يسافر يا حنان و بعدين ما انتي كلمتيه امبارح و اطمنتي عليه 
حنان بقلق : مش عارفه ليه حاسه ان في حاجة مخبيها عننا خصوصا بعد اجتماعاته هو و ابوه الكتير في الايام اللي فاتت
روان بمزح : خايفه لا يكون متجوز عليكي في مصر يا حنون و لا ايه
حنان بغيظ : انكتمي يا بت بلاه الحديث الماسخ ديه
روان بجدية : انتي شغله بالك كدا ليه يا ماما .. ماجد مش صغير اكيد عنده سبب و هنعرفه في الوقت المناسب
حياة بهدوء : عندها حق البت خلاص يا حنان بلاش تقلقي نفسك علي الفاضي مش قالك انه راجع انهارده !!
حنان بإصرار : ايوه و هعرف منه اول مايرجع ايه اللي بيحصل من ورانا
ضحكت روان قائلة بمرح : امي دي طالما حطت حاجة في دماغها مش هترتاح غير لما تجيب قرارها 
حياة بإبتسامة حنونة : سيبك منها المهم عاملة ايه مع جوزك يا بنتي مش ناويين تسافرو كام يوم قبل دراستك ما تبدأ
حاولت اخفاء حزنها و ردت بهدوء : الحمدلله يا عمتي احنا تمام بس مش هنلحق فاضل ايام قليلة و لازم اجهز نفسي 
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهراً في شركة البارون
نظرت إلى المنظر الجميل أمامها من نافذة مكتب أدهم ، ثم نظرت إلى ساعتها بملل. 
مرت ساعة منذ أن تركها أدهم في مكتبه مع مجموعة أوراق لمراجعتها ليتمكن هو من حضور الاجتماع ، لكنها ضجرت من الانتظار. 
بدأت تفكر في الحرباء الجالسة بالخارج التي تدعى ياسمين منذ أن عرفها عليها بأنها زوجته ، وهي تتصرف بدلال زائد أمامها معه ، لم تعجبها تحركاتها أو طريقة حديثها هذه مع أدهم ، كما أنها كانت تتحدث عن مواعيده اليوم بطريقة ناعمة و رقة فائقه اثارت غيرتها بشدة.
زفرت غاضبة من نفسها بسبب أفكارها الحمقاء ، ودار حوار بينها وبين نفسها
كارمن : انا ايه اللي بفكر فيه دا من امتي و دا تفكيري اصلا .. اكيد دا من التوتر بتاع اول يوم شغل 
النفس : شغل ايه يا كارمن انتي صحيح كنتي خايفه من الشغل بس بعد ما طمنك ادهم راح قلقك منه .. بس ياتري ايه سبب غيرتك من السكرتيرة اللي برا دي ؟
كارمن : ايه الهبل دا انا هغير عليه ليه؟ 
النفس : يمكن بتحبيه مثلا .. الغيرة دايما دليل علي الحب .. ليه استفزتك اوي البت دي بدلعها المايع عليه و ايه تفسيرك لما بيكون قريب منك قلبك مابيبطلش دق؟ 
كارمن بتعب : انا اكيد اجننت ايه اللي بقوله دا مينفعش احبه مش هستحمل افقده هو كمان
استغفرت ربها وهي تنهدت بحزن ، وفجأة خطرت على بالها صديقتها التي تعمل في الشركة هنا ، واتجهت خارج المكتب في محاولة للهروب من مشاعرها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في شركة مراد
يجلس بهدوء و يتفحص الأوراق أمامه. 
سمع رنين الهاتف فأجاب بمجرد أن رأي الرقم
مراد ببرود : ها ايه الأخبار عندك يا ياسمين في جديد
همست ياسمين بهدوء و هي تقف في حمام المكتب فهي خشيت ان يسمعها احد بالخارج : ايوه يا باشا مدام كارمن جت الشركة انهاردة مع ادهم بيه 
مراد بإهتمام : و بعدين
ياسمين : ابدا هو راح يحضر اجتماع و هي قعدة في مكتبه 
مراد : تمام تابعي كل حاجة بتحصل عندك و بلغيني فوراً و اي فرصة توقع بينهم تستغليها زي مافهمتك 
ياسمين بطاعه : امرك يا باشا
يغلق الهاتف و هو يفكر أنه يجب أن يقابلها وتراه ، فيكفي اللعب من خلف الستار ، ربما يستطيع أن يسيطر على عقلها ويجعلها تترك أدهم دون الدخول في صراعات لا داعي لها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب السكرتارية
خرجت كارمن من مكتب أدهم ، ومرت بجانب ياسمين التي خرجت من الحمام للتو وهي تعدل ملابسها. 
توقفت لبرهة ثم التفت إليها وقالت بهدوء : انا هعدي علي صديقة ليا موجودة هنا في الشركة لو اتأخرت و ادهم رجع قبلي بلغيه بكلامي
ياسمين بخبث : تمام يا فندم هبلغه
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
نعود الي منزل الحج عبدالرحمن
دلف جمال الي الصالة الكبيرة 
( جمال : الابن الوحيد لشقيق حنان ، شاب يبلغ من العمر 24 عامًا ، لا يفعل أي شيء سوى إنفاق المال والتحدث مع الفتيات عبر الإنترنت ، لا يحب العمل كثيرًا ، يتميز بخفة ظله و كان معجب بروان ، لكنه يعلم انها تراه اخاً لها فقط ، وجهه وسيم إلى حد ما ، وعيناه بنيتان ، ومتوسط الطول ، وجسمه رياضي )
فغطت روان رأسها بالحجاب وقامت من مقعدها لترحيب به..
جمال : مساء الخير و الهنا 
الجميع : مساء النور
حنان : كيفك يا ولدي ؟
جمال : بخير يا عمتي تسلمي
روان : اخبارك ايه يا جمال؟ 
جمال : تمام انتي عامله ايه ؟ و فين ماجد لسه مرجعش من مصر 
روان : لا لسه هيراجع بليل أن شاء الله
جمال : يجي بالسلامة يارب
الجميع : امين يارب
نهضت حياة بعد قليل قائلة بحنو : اعمل حسابك هتتغدي معانا يا ولدي كلها شوي و يجي عمك بدر و زين من المستشفي
جمال بإبتسامة : امرك يا خالة وحشني الاكل من ايدك
نهضت ايضا حنان : بالإذن احنا هنروح نحضر الغداء و انتي خليكي هنا يا روان مع ابن خالك و لما يجي ابوكي اديني خبر
اومأت روان بالموافقه
تحدث جمال وهو يحاول فتح مجال للحديث معها : جامعتك هتبدأ امتي ؟
روان بتنهيدة : بعد اسبوع 
جمال بتودد : بالتوفيق يا رورو و لو محتاجة مساعدة انا موجود
ابتسمت روان قائلة بمزح : تساعدني في ايه يا فاشل انت ناسي الملاحق اللي كنت بتطلع بها كل سنه 
جمال بحدة مزيفة : عيب يا بت بطلي لسانك الطويل دا
فأخرجت اليه لسانها تغيظه بعناد طفولي ، و انفجروا ضحكاً تزامنا مع دخول زين الذي إشتعلت عيناه غضباً ، و شعر بنار الغيرة تحرق قلبه وهو يراها تضحك مع هذا الشخص البغيض.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الشركة عند كارمن
وصلت القسم الذي تعمل فيه صديقتها ، بعد أن استفسرت عن مكانها من الاستقبال ، و عندما دخلت التفتت إليها كل الأنظار بدهشة وتفحص ، فشعرت بقليل من الاحراج والخجل.
أنقذها صوت صديقتها التي هتفت بإسمها في ذهول وفرحة ، ونهضت تمشى نحوها ، واحتضنتها بحب ، وردت كارمن عناقها بالمثل.
ليلي بسرور : كارمن يا بنت اللذينا وحشتيني اوي
كارمن برقة : و انتي كمان و الله يا ليلي
تحدثت ليلي بعتاب مازحة : كدا يا واطية كل دا ماتسأليش عني خالص
كارمن بإحراج : معلش يا حبيبتي .. انا عارفه اني مقصرة معاكي سامحيني .. قوليلي اخبارك ايه ؟
ليلي بود : سيبك مني انا .. انتي اللي اخبارك ايه؟ 
لازم تحكيلي كل حاجة بالتفصيل تعالي 
جلسو معاً بعيدا عن الموظفين 
كارمن بإستغراب : هما بيبصولي كدا ليه؟ 
ضحكت ليلي بخفة قائلة بهمس : اصلك حديث الشركة انهاردة الكل تقريبا بيكلم عنك انتي و مرات ادهم بيه 
كارمن بفضول : بيقولو ايه!! 
ليلي : مستغربين وجودها بالشركة في لأول مرة و مستغربين اكتر انك ضرتها و جاية معها كدا عادي .. عارفه انا كنت عايزة اطلع اسلم عليكي بس خوفت من ادهم بيه 
كارمن : لا عادي يا ريت تطلعي و تونسيني انا دماغي اتمسحت تماما من الشغل قرأت شوية اوراق صدعت و مليت شكلي اخدت علي قعدة البيت
ليلي بضحكة : لا ماتقوليش كدا فين كارمن النشيطة بتاعت زمان .. قوليلي لسه بتفصلي هدومك بنفسك بماكينة الخياطة
ضحكت كارمن برقه : لا بطلت من وقت ما خلفت و تقريبا كل وقتي مع بنتي 
ليلي : يومين تلاته هنا في الشركة وهيرجع حماسك و ترجعي تبدعي زي زمان 
كارمن بتنهيدة : ربنا يسهل .. بجد كنت محتاجة اتكلم مع حد و انتي جتيلي من السما
ليلي بحب : اكيد .. لسه اصلا لينا قعدة طويلة عشان افهم ازاي بقيتي مرات ادهم البارون هرتب يوم الاجازة و نتقابل
كارمن بإبتسامة رائعة : تمام حبيبتي
وأخذها الحديث مع صديقتها ومضى الوقت بسرعة
المرأة تسعد بغيرة الرجل الذي يحبها ، 
ولكن على شرط أن تدفئها تلك الغيرة لا أن تحرقها، وأن تفتنها بنفسها وحبها لا أن تسجنها، 
وأن تعطيها إحساساً عارماً بالأهمية دون أن تدفنها، وحبذا كونها غيرة نبيلة تظهر في العيون والتصرفات وألم الرجل دون ألفاظ قاسية ولا عبارات نابية .. فضلاً عن الاتهام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في منزل الحج عبدالرحمن 
هتف زين بصوت جهوري :  السلام عليكم
توجهت نظرات روان و جمال الي زين الواقف بثبات امامهم ، لكن ملامح وجهه و تكور قبضته بعصبيه يعكسون مدي حنقه الداخلي ، فالغيرة نار والقلب حطب، فإن لمست قلبك الغيرة، فإعلم أنه سيحرق : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
حاول التحكم في غضبه جالسًا بجانب روان على الأريكة ، ثم رفع ذراعيه ووضع يديه على كتفها وعصره بشده دون وعي منه.
ارتفع نبض قلبها من فعلته ، وأنذهلت من قبضته القوية على كتفها ، لكنها رغم ذلك الالم كانت سعيدة جدًا بقربه منها. 
حسنا ، فلا جديد في علاقتهما الزوجية ، لكنها لا تنكر فرحتها باهتمامه بها وكل ما يتعلق بأمورها
تخدرت قليلاً من رائحة عطره الذي استنشقته ، والذي سحبها إلى عالم وردي ، ولم تلحظ النظرات الحارقة والحرب الباردة بين زين وجمال.
عادت للواقع على صوت والدتها وهي تتحدث معها
روان بإنتباه : نعم بتقولي حاجة يا ماما؟
حنان بإستغراب : وه بقالي ساعه بكلم يا بنتي .. قومي مع جوزك يغير هدومه .. و انزلو بسرعه عشان نتغدي .. ابوكي وصل و قاعد مع جدك في المندرة
روان : حاضر 
رأت يد زين ممدودة إليها ، فنهضت واضعة يديها في يده ، فأمسك بيديها برفق وصعدت معه إلى الطابق العلوي.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
نعود الي الشركة
أنهى أدهم الاجتماع ودخل المكتب ، فرأى ياسمين تتفحص الأوراق بهدوء أمامها ، أو بتعبير أدق ، متظاهرة بالقراءة.
تحدثت ياسمين برقه : استاذ ادهم علي فكرة المدام خرجت من شوية
التفت إليها متفاجئًا بكلامها قائلاً بصوته الرخيم : ماقالتش رايحة فين؟
ياسمين بكذب : لا يا فندم 
ادهم : تمام 
تركها ليدخل المكتب 
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند زين و روان
دخلوا الغرفة معًا ، فتركت يديه وذهبت إلى الخزانة ، تبحث له عن ملابس مريحة ، فهي اصبحت تهتم بكل مايخصه و هذا جعل مكانتها في قلبه تزداد اكثر.
تجعد حاجباها بدهشة عندما شعرت أنه يقف خلفها مباشرة ، ويحجب الضوء عنها بطول قامته.
لذا تحركت للالتفات إليه ، لكنها لم تستطع فعل ذلك لأنه كان قريبًا جدًا منها ، وشعرت أن ظهرها أصبح ملصقا لعضلات صدره تماما.
انحنى زين ، وهو يهمس بجانب أذنيها بصوت أجش بسبب انفعاله الشديد ، وغضبه الذي استمر بكتمه في الأسفل.
زين بفحيح : كنتي بتضحكي مع اللي اسمه جمال دا ليه؟
صدمت من حركته وشعرت بحرارة جسده تشع في جسدها ، لم تستطع الرد عليه لأنه كان قريبًا جدًا منها ، لكنها حاولت إخراج صوتها
روان بهمس متقطع : احم .. احنا .. كنا ...
لم يفهم كلامها ، فأدارها إليه
هرب منها الكلام وهي تراه عاري الصدر امامها ، فقد خلع قميصه وألقى به في إهمال على السرير
رمشت روان عدة مرات بتوتر و الخجل يغلفها ، و هي تقف أمامه ويحصرها بينه وبين الخزانة بعد أن رفع ذراعيه ، وسندهما على الخزانة حتى أصبحت محاطة بجسده من الجانبين. 
تمتم زين بخشونه : كنتو ايه؟!
هل يمزح ، كيف يتوقع منها أن تتحدث عندما تكون في هذا الموقف؟
وضع إصبعه تحت ذقنها ورفع وجهها إليه ، فحدقت في عينيه بشرود ، و هو في انتظار ردها.
همست روان بعقل غائب : عادي .. كنا بنضحك
قرب وجهه اليها اكثر ، فلم يعد يفصل بينهما مسافة تذكر ، وأنفاسه الحارة اختلطت مع انفاسها و تلفح بشرتها بإثارة.
زين جز علي اسنانه بغيرة : مافيش حاجة اسمها عادي .. انا مش عايزك تضحكي معه تاني مفهوم كلامي
شعرت بفرح كبير في داخلها عندما انتبهت لنبرة الغيرة في صوته ، لذلك أرادت الاستفادة من الموقف قليلاً ، ولكنها لم تفكر في العواقب. 
تمتمت قائلة بمشاكسة وبراءة : ليه يعني دا زي اخويا ؟
زين بحزم : انتي مالكيش اخوات غير ماجد و بس
ابتسمت له بإستفزاز : لا ليا 
نظر زين إليها بحاجب مرفوع ، فواصلت حديثها بإندفاع : انت .. مش دا كان كلامك ليا في اول جوازنا اننا هنعيش اخوات واحنا فعلا زي الاخوات اهو .. يبقي جمال كمان اخويا زيك 
ارتفع جانب شفتيه غاضبًا من كلماتها الاستفزازية ، فهي تمكنت حقًا من إثارة غضبه ، وقبل أن تفهم ما فعلته ، انحنى واطبق شفتيه على شفتيها ، وجذبها اليه ضاغطًا على خصرها بتملك ، وهو يقبل شفتيها المغرية التي أرهقته في الأيام القليلة الماضية بنهم شديد.
أغمضت عينيها بخدر أثر على جسمها بالكامل من عنف قبلته وحركة يديه على خصرها ، ولم تعد قادرة على الوقوف على قدميها ، فرفعت يديها المرتجفه من المشاعر المفرطة التي تختبرها للمرة الأولي في حياتها ، ممسكة بكتفيه تتثبت به في محاولة مجارته بهذه القبلة التي تملئها اللهفة و الشوق ، و قد غمرتها أحاسيس مليئة بالدفئ و السعادة وهي بين ذراعيه.
مرت عدة لحظات قبل ان يفصل القبلة ، حالما شعر بحاجتهم للهواء ، لكنه لم يتركها ، بل أحاط وجهها بيديه ووزع برفق قبلاته النارية على وجهها ورقبتها بهدوء.
همست بإسمه في استسلام وسط قبلاته اللاهبة : زين؟
نظر في عينيها و هو يتنفس بعمق من فرط انفعاله : خلاص كدا عرفتي الفرق بين جوزك واخوكي و لا اكمل عشان تتأكدي أكتر
احمرت خجلاً من كلماته الجريئة ، وحاولت التركيز بصعوبة ، وهي تهمس في اضطراب واضح : الغداء يا زين هنتأخر عليهم
همس زين بمراوغة : اخ نسيت خالص الغداء دا .. بس احنا ممكن ماننزلش و نطنش .. هما هيفهمو السبب 
أنهى كلماته بغمزة لها بعينه
تمتمت في ارتباك وهي تكاد تذوب من قربه المهلك منها ، وأنفاسه الحارة التي أشعلت جسدها بحرارة لذيذة وتمنت البقاء معه أيضًا ، 
لكنها همست بالعكس ، فهذه المرة ليست مناسبة حقًا ، فالجميع منتظرين في الأسفل : ماينفعش يا زين كدا لازم ننزل 
همس زين بإبتسامة امام شفتيها : طول ما انتي بتنطقي اسمي بالطريقه دي ماطلبيش مني اني اسيبك واسمعي كلامي احسن
وضعت روان يديها على صدره ، في محاولة دفعه بعيدًا ، ونظرت إليه في رجاء ترمش بعيونها واسعة : خلينا ننزل نتغدي الاول و بعدين نتكلم عشان خطري 
توتر جسده عندما لمست صدره ، فأمسك بإحدى يديه كفها الصغير الذي تضعه على صدره العاري ، ورفعه إلى شفتيه يقبله بحنو. 
تنهد زين بقلة حيلة قائلا بإبتسامة ساحرة ، وقرص طرف انفها برفق : ماشي بس اوعي تضحكي للي اسمه جمال دا تاني 
ضحكت روان بخفة سعيدة كثيرا بتغييره معها و قربه منها وغيرته عليها ، ثم أومأت برأسها دليل علي موافقتها.
في البداية لم يعرف سبب شعوره بالقهر والغضب من حديث جمال عن روان أمامه ، لكن الأمر أصبح واضحًا الآن ، فكما يقال ، إذا وجدت نفسك تشعر بالغيرة علي شخص ما ، تفقد مشاعرك جيدًا ، قد تكون في حالة حب وانت لا تعلم.
والآن أصبح واثقًا أن الشعور الذي يكمن بداخله هو عشق و حب كبير جدًا ، فهو لا يطيق تحمل رؤيتها تمزح مع أي شخص ، و لا يريد ان يفقد السيطرة علي نفسه و يجرح مشاعرها ، فالغيرة نار تحرق من يشعر بها وتحرق الحبيب أيضاً ، انه يريد ابتسامتها الرائعة أن تكون بسببه وهو فقط.
رغم ما حدث له في تجربته السابقة بالحب ، وتعرضه للخيانة وانعدام الأمان الذي شعر به في ذلك الوقت ، لكن منذ أن تزوج روان وقد تغيرت كل مفاهيمه عن الحب.
لقد داوت تلك الطفلة جراح قلبه وروحه ببراءتها ونقاوتها وصبرها ، وكذلك حبها الواضح في كل تصرفاتها ، وقريباً ستصبح زوجته فعليا.
لكنه قبل ذلك يجب عليه أن يصلح ما أفسده معها في بداية علاقتهما معًا ، فهو يعلم أنه أساء إليها برفضه ، و لا يستطيع المطالبة بحقوقه الزوجية معها الآن دون أن يعترف لها بمشاعره تجاهها أولاً ، رغم انه يتوق شوقا اليها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور ساعه في مكتب ادهم
وقف أمام النافذة ينفس الدخان بغضب ، فهذه من عاداته السيئة عند التوتر يدخن السجائر ، ولكن ليس كثيرًا للحفاظ علي لياقة جسده و صحته.
سمع قرعًا خافتًا على الباب ، فأذن بالدخول دون ان يكلف نفسه للإلتفات
كارمن بنبرة ناعمة : مساء الخير
عندما سمع صوتها استدار ، لينظر إليها قائلاً بحدة لم تفهم سببها : كنتي فين كل دا يا مدام؟
اجابت كارمن بتلقائية : انا كنت في مكتب وحدة صحبتي هنا بالشركة
اندفع أدهم نحوها ووقف أمامها ، قائلا بصوت جهوري : بلاش كذب يا كارمن .. صحبتك مين اللي بتشتغل هنا في الشركة وانتي بقالك سنين سايبة الشركة
استغربت كارمن كثيرا من غضبه الغير مبرر وصوته المرتفع ، لكنها استشاطت غضبا من هجومه واتهامه لها بأنها كاذبة.
هتفت كارمن بحدة : ايه الطريقه اللي بتكلمني بها دي .. كأني مذنبة واقفه قدامك؟
ادهم بنفاذ صبر : لما اسألك سؤال تردي بإجابة واضحة بلاش اسلوب خدوهم بالصوت دا معايا 
تحدثت كارمن بذهول حقيقي من غضبه ، و لكنها لا تدري أن الغيرة هي العدسة التي تكبر الأشياء الصغيرة ، ثم بدأت تلوح بيديها بدهشة : انت مكبر الموضوع ليه كدا .. انا زهقت من القعدة لوحدي و افتكرت ان في ليا صديقه بتشتغل هنا .. كانت معايا بالكلية روحت اسلم عليها 
نظر أدهم إلى ساعته ثم إليها قائلاً بجدية : انا مخلص اجتماع من ساعه تقريبا كل دا بتسلمي عليها 
اردف بغيظ : ودا مكان شغل مش نادي تقابلي فيه صحابك وحتي لو حصل و هتروحي اي مكان تبلغيني او علي الاقل سيبي خبر للسكرتيرة
فركت كارمن يديها معًا في حرج مثل طفلة صغيرة وقالت بصوت منخفض : عندك حق هو مكان شغل .. بس انا لسه مش متعودة وبصراحة الكلام اخدنا محستش بالوقت .. 
قطبت حاجبيها حين تذكرت ما قاله منذ لخظات ، لتقول بإندهاش : وبعدين انا فعلا قولت للسكرتيرة اني هروح اشوف صحبتي وقولتلها تبلغك
ادهم بإستنكار : تاني بتكذبي هي قالت انك خرجتي من غير ماتقولي حاجة
كانت غاضبة من غطرسته التي حاولت التغاضي عنها ، ولكن إلى هنا طفح الكيل حقا ، تلون وجهها باللون الأحمر من الغضب وغصه كبيرة تتشكل في حلقها. 
رفعت سبابتها أمامه بتحذير قائلة بصوت عالٍ : علي فكرة انا مش محتاجة ابررلك اي حاجة .. ومش هسمحلك تقول عني كذابه يا ادهم فاهم .. واظن شركة كبيرة زي دي اكيد فيها كاميرات في كل مكان .. ابقي اتأكد بنفسك قبل ماتتهم الناس بالباطل .. عن اذنك
التقطت حقيبتها من علي الأريكة ، وغادرت مكتبه والشركة بأكملها 
خرجت من الشركة مختنقة بالعبرات ، هي لم تفعل له شيئا ، فلماذا هو غاضب جدا منها ؟
الأن لا تعرف كيف ستصل إلى المنزل ، لقد جاءت بسيارته
أرادت عبور الشارع ، لكن الدموع التي ملأت عينيها جعلت نظرها مشوش ، ولم تلاحظ السيارة التي ظهرت أمامها فجأة ، نظرت إليها وهي تشهق في ذعر وأغمضت عينيها ، وهي تستعد لإرتطامها بها .
هناك دائما طرف ثالث في العلاقات
ينتظر الانفصال بفارغ الصبر 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أرادت عبور الشارع ، لكن الدموع التي ملأت عينيها جعلت نظرها مشوش ، ولم تلاحظ السيارة التي ظهرت أمامها فجأة. 
نظرت إليها و هي تشهق في ذعر وأغمضت عينيها ، تستعد لإرتطامها بها.
قبل ذلك بساعتين 
في مكتب مراد 
بعد أن أغلق الهاتف مع ياسمين ، ظل يفكر في طريقة سريعة يمكنه من خلالها مقابلتها. 
بعد عدة لحظات ، سمع رنين هاتفه مرة أخرى ، وكان المتصل أيضًا ياسمين
اجاب مراد بضجر : ايوه يا ياسمين في ايه؟
ياسمين : ..........
استمع مراد الي ماتقوله بإنتباه ثم هتف بتساؤل و هو يجعد بين حاجبيه : متأكدة من ان اللي عملتيه دا هيعمل مشكلة بينهم؟
ياسمين : ...........
حك ذقنه بتفكير : تمام اقفلي دلوقتي و تابعي اللي بيحصل و بلغيني
اغلق معها و قد خطرت له فكرة متهورة ، و سرعان ما التقط هاتفه مرة أخرى متصلاً برقم الحارس الذي يراقب كارمن باستمرار
مراد بتساؤل : ايوه يا حمدي انت فين
اجاب حمدي مسرعاً : قدام شركة البارون يا باشا مدام كارمن موجودة جوا
تحدث مراد بعد ان تنفس بعمق : تمام اسمع اللي هقوله و نفذه بالحرف ...
حمدي بإذعان لكلام سيده : اوامرك يا باشا
مراد بتحذير شرس : اوعي يحصل غلطة و لو صغيرة يا حمدي .. عيلتك هتكون ثمنها فاهم 
هتف حمدي برضوخ لأنه يخافه بشدة ويعرف أنه يمكن أن يؤذيه بسهولة : مفهوم كل اللي طلبته هيتنفذ يا باشا
أغلق مراد الهاتف ونهض يضع في جيبه الخلفي ثم إلتقط سترته من خلف مقعده ، و توجه إلى باب المكتب و خرج من الشركة ، وهرع إلى سيارته يقودها متوجها إلى شركة البارون.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند مراد بعد فترة وجيزة
وصل إلى الشارع الذي تتواجد فيه الشركة ، وظل جالسًا في سيارته يتابع مدخل الشركة بتركيز. 
بعد دقائق قليلة سمع رنين هاتفه فأجاب على الفور.
مراد : ايوه يا ياسمين .. حصلت حاجة عندك ؟
ياسمين بثرثرة : مدام كارمن خرجت من المكتب معها شطنتها و شكلهم فعلا اتخانقوا و هي خارجة من الشركة دلوقتي يا باشا
مراد بسأم : خلاص سلام
انهي مكالمته معها ثم اتصل بحمدي ...
مراد بسرعه : حمدي ركز كويس كارمن هتخرج دلوقتي تنفذ اللي قولتو .. و اياك يحصلها حاجة
أومأ حمدي بطاعة كأنه يقف امامه : تحت امرك يا باشا
أغلق الهاتف ونزل من سيارته ، و وقف علي الرصيف وظهره للشركة حتى لا يلاحظه أحد.
في هذا الوقت ، خرجت كارمن من الشركة على عجل و أرادت عبور الشارع ، لكن الدموع التي ملأت عينيها جعلت نظرها مشوش ، ولم تلاحظ السيارة التي ظهرت أمامها فجأة.
نظرت إليها في ذعر و الدماء تهرب من جسدها ، و تتصلب قدميها في الأرض.
تشعر انها لا تستطيع التحرك فأغمضت عينيها بقوة ، وهي تستعد لإرتطامها بها.
شعرت فجأة بيد تمتد من خلفها تشد ذراعيها ، لتسحبها إلى الخلف بسرعة وبقوة ، وتصطدم في صدره القاسي.
مرت بضعة لحظات مبهمة قبل ان تدرك أنها بين ذراعي شخص ما. 
فتحت عينيها و هي ترفع وجهها إلى ذلك الشخص الطويل الذي تراه لأول مرة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب ادهم 
بعد أن ركضت للخارج من أمامه بغضب ، استمر هو في توبيخ نفسه لقسوته تجاهها.
نفخ بسخط من نفسه وتوجه إلى مكتبه ، ثم قام بتشغيل جهاز الحاسوب ليرى ما حدث في مكتب السكرتيرة أثناء الاجتماع.
لكن شيئًا ما في الكاميرات لفت انتباهه ، اتسعت عيناه في صدمة شديدة و خوف حقيقي لأول مرة يشعر به ، وركض من المكتب والشركة بأكملها في هلع.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند كارمن
رمشت بعينيها عدة مرات ، لتستعيد تركيزها وأدركت أنها في أحضان شخص غريب ، فصبغت خديها بحمرة الخجل ، وخرجت من حضنه ثم تنحنحت بحرج و هي تمسح دموعها ، وقلبها يكاد ان يتوقف من شدة دقاته بعد أن أحست بالموت الذي كان قريبًا جدًا منها.
تمتمت كارمن بصوت خافت و نظرتها موجهة للأرض : احم انا ....
قاطع أدهم بصياحه كلماتها : كارمن... 
استدارت ورأت أدهم يندفع نحوها بخطوات واسعه اقرب الي الركض ، وعندما وصل إلى مكانها بتلقائية شدها بين ذراعيه وعانقها بقوة وخوف شديد ، وكاد قلبه أن يتوقف عن النبض من الهلع عليها ، وفي نفسه يحمد الله على انها لم تصاب بمكروه.
أما بالنسبة لها ، فقد كانت متفاجئة للغاية من تصرفه ، لكنها شعرت بدفء يسري في جسدها ، وهي تجرب عناقه لأول مرة. 
تمسكت كارمن به بقوة وأغمضت عينيها ، وهي تسمع نبضات قلبه السريعه بداخل ضلوعه ، ثم اخذت تتنفس بهدوء هي بحاجة إليه الآن ، ولا تستطيع وصف الاحساس بالأمان الذي شعرت به داخل ذراعيه في هذه اللحظة ، رغم أنها كادت أن تفقد حياتها ، و هو السبب.
أخذ نفساً عميقاً قبل ان يخرجها من حضنه ممسكًا وجهها بيديه ، راغبًا في طمأنينة قلبه عليها.
تكلم بسرعه و هو يتفحصها جيداً بعينيه : انتي كويسة .. حصلك حاجة .. في حاجة بتوجعك .. اخدك علي المستشفي
اجابت بهمس مؤكدة : مافيش داعي .. متقلقش انا محصليش حاجة واقفة قدامك اهو
ثم نظرت إلى الشخص الذي يقف أمامهم ، والذي كاد ان يخرج الدخان من أذنيه من الشدة الغضب ، فكل ما خطط إليه و فعله راح هباءاً. 
كارمن بإبتسامة مرتجفة و نبرة امتنان : انا متشكرة لحضرتك جدا علي اللي عملته .. لولالك انا كان زماني موت
كان مراد مسحورا تمامًا بابتسامتها البريئة وبأسلوبها الرقيق للغاية ، حيث شعر لأول مرة بضربات قلبه تنبض في صدره بتلك القوة منذ وقت طويل قبل وفاة أعز الناس إليه.
توجهت نظرات أدهم الثاقبة إلى الشخص الواقف أمامهم ، والذي لم ينتبه إلى وجوده بسبب شدة توتره. 
شعر أدهم بالغيرة الجارفه تتوقد في قلبه بقوة من ابتسامة كارمن ، وكلماتها المعبرة عن شكرها لذلك الوسيم ، وما زاد جنون غضبه اكثر رده علي كلماتها ، ونظرات الإعجاب اللامعه في عينيه بوضوح اليها ، 
و بحركة تلقائية منه وضع ذراعه علي كتفيها من الجنب ، و احتضنها إليه بتملك ، فما هي الغيرة إلا مجموعة من التصرفات الغريبة والأحاسيس المشتعله التي تظهر على الإنسان من دون أن يتحكم بها.
في نفس التوقيت حاول مراد أن ينفض ذكرياته المؤلمة من عقله ، وهو يجمع تركيزه الكامل عندما رأي حركة ادهم و قد فهمها جيدا ، فأراد حرق دم أدهم بعد أن شهد احتضانه القوي لكارمن أمام عينيه ، ممَ جعله يشعر بالغيرة القاتلة منه عليها.
انفرجت شفتي مراد بإبتسامة جذابة جدا قائلا بصدق يشوبه المكر : بعد الشر عنك .. مافيش داعي للشكر و حمدلله علي سلامتك يا انسة
تحدث ادهم بنبرة باردة كالصقيع و هو يشدد علي كلماته : لا اكيد الشكر واجب .. متشكر جدا علي انقاذك حياة مراتي يا استاذ
نظر مراد اليه بحاجب مرفوع يتصنع الدهشة قائلا بمكر : مراتك .. تمام معلش بعتذر ماخدتش بالي لإني ماشوفتش دبلة في ايد المدام 
نظرت كارمن لإصبعها في حرج من تلك المحادثة التي كانت تدور امامها ، وأرادت أن تخفف من غضب أدهم الذي أصبح واضحًا عليه من تعقيد حاجبيه.
همست كارمن بكذب و هي تبتسم بتوتر : ايوه فعلا اصلي انا نسيت الدبلة في البيت .. متشكرة لحضرتك مرة تانية 
تجاهل أدهم هذا الحديث من ذلك الدخيل أمامه ، فوجه حديثه لكارمن قائلا بجدية : ماشوفتيش العربية اللي كانت هتخبطك ؟
هزت رأسها بمعني لا
تدخل مراد في الحديث بثقة : معتقدش ان الغلطة من صاحب العربية لان المدام كانت بتعدي الشارع و هي بتعيط اكيد ماوقفش عشان مايحطش نفسه في مشكلة
ثم واصل حديثه قائلا : المهم انها بخير و اني لحقتها في الوقت المناسب ..
ثم اردف بثقة عالية في النفس و هو يمد يده إلى ادهم : انا مراد عزمي اتشرفت بيك
مد ادهم يده اليه قائلا بفتور : ادهم البارون .. الشرف ليا 
ابتسم مراد لكارمن بجاذبية : ميرسي عن اذنكم عندي شغل
ثم ابتسم لأدهم ابتسامة صفراء ، و غادر بهدوء بعد أن أحدث عاصفة عنيفة داخل قلب أدهم.
ادهم بهدوء مفتعل : يلا بينا
نظرت اليه كارمن بدهشة : هنروح فين؟
تحدث أدهم وهو يرفع أطراف أصابعه بلطف ، ويزيح خصلة من شعرها سقطت على عينيها : هنروح البيت عشان تستريحي بعد اللي حصل
أثارها لمسه اللطيف على وجهها و نبرته الحنونه ، وكان قلبها لا يزال ينبض بعد عناقه الدافئ لها 
كارمن بخجل : طيب و شغلك ؟
ابتسم ادهم قائلا بحنو : مش ورايا حاجة مهمه .. انتي متأكدة انك مش حاسة بوجع ممكن نروح المستشفي نطمن
كانت سعيدة بداخلها لأنه يخاف عليها ، لكنها لم تنس ما فعله بها منذ قليل ، فأجابت بهدوء و هي تبتعد عن ذراعه : انا تمام يلا نروح 
كان يعلم أنها لا تزال غاضبة مما فعله معها ، فسار معها إلى السيارة وركب بجانبها في صمت.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند نادين
كانت تجلس على مكتبها وهي تتصفح مجلة بملل ، وتضع قدمًا واحدة فوق الأخرى ، وتهزها بحركة عصبية.
أضاء هاتفها الموجود على المكتب أمامها بإستلام رسالة.
أخذته تنظر إليه ، لتجد أنها رسالة من جاسوسها في الشركة ، ينقل لها كل ما حدث منذ قليل ، فإبتسمت بشماتة عندما علمت بشجارهما معًا
هامسة بداخلها : مش كانت داستها العربية دي و خلصت منها .. سواق حمار صحيح 
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عاد مراد إلى الشركة وكان في قمة غضبه من فشل خطته ، فبدلاً من استغلال الموقف وجذب انتباها إليه ، قربها اكثر إلي هذا الأدهم.
أثناء ذهابه إلى مكتبه إلتقى بحاتم في الممر. 
توقف عن المشي عندما صاح حاتم متسائلاً : كنت فين يا مراد؟
اجاب مراد بغضب مكتوم : كنت في مشوار في حاجة حصلت و انا مش موجود
رد حاتم بدهشة من تقلباته الكثيرة هذه الفترة : ايوه طبعا العميل تبع المناقصة الجديدة مستنيك من بدري في مكتبك
زم شفتيه و هو يضرب جبهته بتذكر : اخ .. انا نسيت ميعاده خالص 
رفع حاتم حاجبيه قائلا بحيرة : و ايه اللي خلاك تنسي .. دي اول مرة تنسي حاجة في الشغل
قص عليه مراد ماحدث معه قبل قليل 
هتف حاتم بعدم تصديق و هو يخبط كف علي كف : انت اجننت رسمي يا مراد .. في حد يعمل كدا افرض كانت اتفرمت تحت عجل العربية
مراد بتذمر : بعد الشر عليها و انا مش عبيط عشان اخاطر بحياتها انا كنت واثق ان حمدي قدها 
حاتم بسخرية : و ايه اللي استفادته دلوقتي من استفزازك لأدهم .. كدا ممكن هتخليه يحطك في دماغه و يدور ورانا 
مراد بعدم اهتمام و غرور : مايدور انا مفيش حاجة ضدي اخاف منها .. المهم انا هروح اشوف العميل .. بعدين نتكلم .. سلام
حاتم بعجز : ربنا يهديك يا ابني و يكفيك شر دماغك
الحب ماسة غالية الثمن لا يستطيع أحد أن يشتريها إلا إذا كان معه المشاعر


‏إنّ حبكِ قصة

حفر فيها الشوق حروف إسمك في شغاف الفؤاد

وأوشكت أن تُغرق الصدر بشكوى الحنين


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


حل المساء سريعا 


في الصعيد بداخل منزل الحج عبدالرحمن


كان الجميع جالسين في الصالة الكبيرة و معهم الحاج عبد الرحمن 


بعد فترة وجيزة دخل ماجد الصالة يهتف عاليا : مساء الفل عليكم .. وحشتوووني جدا


رد عليه الجميع : مساء النور 


صاحت حنان وهي تنهض من على كرسيها ، وتعانقه بشوق : حمدالله علي سلامتك يا ولدي 


رد ماجد وهو قبل يديها ورأسها بحب : الله يسلمك يا ست الكل


ذهب إلى جده يقبل يديه باحترام ، ثم سلم على الجميع.


جلس بجانب والده الذي ربت على قدميه ، قائلا بهدوء : طمني .. عملت ايه يا ماجد ؟


ماجد بتعب : اصبر عليا بس يا حج اخد نفسي و هقول كل حاجة


زين بإستفسار : ايه الحكاية يا ماجد !


ماجد بشرح : هحكيلكم من الاول .. من كام يوم قرأت علي النت خبر عن جواز رجل اعمال مهم في مصر .. و كانت اسم الزوجة كارمن الشناوي


نظر إليه الجميع بصدمة في صمت ، بإستثناء والده الذي يعلم بكل ما يحدث


كان اول من تكلم هو الحج عبدالرحمن بذهول : قصدك كارمن بنت ابني يا ماجد ؟


اومأ ماجد مؤكدا حديثه : ايوه يا جدي هي .. انا سافرت مخصوص مصر و اتأكدت بمساعدة ناس حبايبنا هناك .. انا قولت لأبويا لما قرأت اسمها و هو ماحبش يقولك الا لما نتأكد الاول 


الحج عبدالرحمن بلهفة : و عملت ايه في مصر يا ولدي قبلتها


ماجد بتوضيح : لا طبعا يا جدي انا بس روحت شوفت شركة جوزها و كمان عرفت عنوان بيتهم 


تدخل بدر في الحديث : انا قولتلو يا بوي انه مايتصرفش واصل و يرجع علي طول .. انا و هو و زين بعد يومين هنسافر و نقابلها كلنا ان شاء الله


ابتسم الحج عبدالرحمن بفرحة : الحمد و الشكر ليك يارب بسرعه يا بدر عاوزها تكون هنا في اقرب وقت 


بدر : كل اللي انت عايزو هيحصل يا بوي ماتقلقش من حاجة


اردف ماجد حديثه قائلا بتذكر : علي فكرة يا جدي ام كارمن عايشة معاها في بيت جوزها .. اللي عرفته انها كانت متجوزه اخوه و عندها بنت منه و من فترة اتوفي في حادثه و اتجوزت بعدها ادهم البارون اخوه و عايشين كلهم في بيت واحد 


نظر الحج عبد الرحمن الي بدر قائلا : طيب اسمع يا بدر عاوزك تقنع امها انها تيجي معها انا عايز اشوفها هي كمان


بدر بطاعة : امرك يا ابوي


ثم نظر الي زين قائلا بإبتسامة : معلش يا ولدي هنعطلك عن شغلك لكن الامر ضروري 


زين بإحترام : تحت امرك يا خالي .. الاجازة مقدور عليها هكون جاهز في الميعاد ان شاء الله


كان الأمر غريبًا وممتعًا للجميع ، حيث أن العائلة على وشك استقبال حفيدة جديدة لأول مرة ، سوف يراها الجميع.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في قصر البارون 


صعدت كارمن إلى الجناح بعد أن تعشت مع والدتها وحماتها في الطابق السفلي و تركت ملك معهم ، فهي اصبحت تنام يومًا مع ليلي و يومًا مع مريم ، وهم سعداء جدًا بذلك.


احمرت خجلاً عندما تذكرت تلميحاتهم بأنها لا تزال في أيام زواجها الأولى ، وتحتاج إلى وقت خاص مع زوجها.


ابتسمت بسخرية علي حالها ، ماذا لو عرفوا حقيقة معيشتهم معًا ، فمن المؤكد أنهم سيصابون بجلطة دماغية من الصدمة ؟


كيف سيصدقون أن رجلاً وامرأة متزوجان منذ أسابيع قليلة ، والزوج لم يقترب من زوجته حتى الآن و ينام بعيدا عنها ايضا ؟ 


فهي نفسها لا تدري من أين أتى بكل هذا الثبات الانفعالي أمامها!


هل يراها غير مثيرة ولا جميلة ام انه يحب نادين ، 

ولكن كيف وهي لا ترى اي تواصل بينهم الا في أضيق الحدود.


كما لم يحضر أدهم العشاء هذا المساء ، فمنذ أن وصلها إلى المنزل وتناول الغداء معهم ، خرج ولم يأت حتى الآن ، ولا تعرف شيئًا عن نادين أيضًا منذ ان عادت من الشركة اختفت بغرفتها ، ولم تظهر مجددا طوال اليوم.


دخلت الغرفة وتوجهت مباشرة إلى الحمام ، لتأخذ حمامًا طويلاً وتعيد النشاط لجسدها ، بعد ما عانته اليوم من توتر وإرهاق جسدي ونفسي.


جلست في حوض الاستحمام ، تغلق عينيها وتريح جسدها به ، اخترق عقلها لحظة اقتراب السيارة منها ، التي كانت على وشك الاصطدام بها ، كم شعرت بالخوف الشديد في ذلك الوقت و قلبها لا يزال ينبض بعنف عندما تتذكر هذا المشهد ، ف مؤكد إن فكرة اقتراب الموت منك هي لحظة صعبة للغاية.


تذكرت ايضا عناق أدهم لها ، و كم شعرت بالدفء والأمان بين ذراعيه.


بدأت تتحدث مع نفسها بغضب و يأس ، ودوامة الأفكار في رأسها لا تتوقف : ايه اللي انا بفكر فيه دا .. معقولة عشان حضني بس يتلخبط حالي كدا .. ازاي انا ممكن اكون اتعلقت به في الفترة البسيطة دي !! ازاي اصلا افكر فيه و هو مش بيثق في كلامي و لا بيصدقني ..!!! و انا ليه قلبي مابيطلش دق لما بفكر فيه او يكون قدامي !! مش عارفه ياربي ؟ بس لا من بعد ما جرح كرامتي الصبح انا مش هسكتلو بعد كدا .. بقي انا يكذبني و يصدق سكرتيرة مايعه زي دي ...


فتحت عينيها وهزت رأسها بغضب من أفكارها الحمقاء ، لا ينبغي لها أبدًا أن تقع في حب شخص متعجرف ومستبد مثله ، رغم انها تعترف أنه احيانا يكون لطيفًا وحنونًا معها ، لكنها لا تفهم شخصيته الغامضة ، وهذا يثير سخطها بشدة.


★★★


أنهت حمامها ، ثم خرجت إلى غرفة تبديل الملابس وارتدت ثوب نوم أبيض طويل مكشوف الكتفين ، و اسدلت شعرها الناعم على كتفها بعد أن جففته ، ورشت القليل من العطر على رقبتها.


نظرت إلى نفسها في المرآة بإحباط.


هل حقا لا يراها جميلة ، حتى لو لم تفهم مشاعرها تجاهه الي الآن ، لكنها في النهاية أنثى تريد زوجها يراها فاتنة في عينيه ويمدحها أيضا ، حتى لو منعته من لمسها ، فهي تعلم أنه إذا أراد يمكنه ذلك ، فهل يعني ذلك أنه لا يرغب بها.


هل الي الان يراها ارملة اخيه فقط ، لكن كيف هي انتبهت الي عصبيته وقت ذكرها امامه اسم عمر و شعرت بغيرته ، وهي في قرارة قلبها تعترف بأنها تريده زوجًا لها. 


لقد تعلقت به ، ولكن كيف تبدأ في الاقتراب منه ، لا بالتأكيد لن تفعل ذلك ، كما أن كرامتها تمنعها من ذلك بعد أن شعرت أنه لا يثق بها ، وستحاول بكل قدرتها ان تكتم الشعور الذي تولد بداخلها اتجه.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند روان و زين 


تجلس روان على السرير مربعة قدميها ، وتضع يديها على خدها بضجر في انتظار خروج زين ، الذي دخل لتغيير ملابسه في الحمام ، وطلب منها انتظاره.


خرج زين من الحمام ، وهو يجفف وجهه بمنشفة صغيرة. 


ارتسمت ابتسامة علي شفتيه بسبب شكلها اللطيف أمامه


ذهب وجلس على حافة السرير بجانبها ، يقرص طرف أنفها برفق ، قائلاً بمرح : الجميل قاعد مكشر كدا ليه؟


حركت وجهها بعيدًا عن يديه و هي تقول بضحكة : بطل مش بحب الحركة دي 


ضحك زين معها قائلا بمشاكسة : كنت بعملها فيكي و انتي صغيرة ولا نسيتي 


شاركته الضحك مؤكدة بمرح ممزوج بالغيظ : لا فاكرة و لو مالحقتش مناخيري منك كان زمانها بقت قد مناخير البلياتشو


انفجر من الضحك علي تشبيها بشدة ، سرحت في افتتان بضحكته الرائعة التي لا تراها كثيرًا ، ولاحظ هو سرحانها به.


نظر اليها بمكر و هو يتلاعب بحاجبيه ، ثم هتف بغرور شديد : عارف اني حلو علي فكرة


اغتاظت روان من غطرسته واجابت بنفس الغطرسة ، و هي تمرر أصابعها في شعرها الطويل ، وتقوس شفتيها بإغراء غير مقصود : مش انت لوحدك اللي حلو .. انا كمان حلوة برده علي فكرة


حدق زين بشرود في حركة شفتيها التي تستفزه إلى التهامها ، فرفع إبهامه ، ومرره فوق شفتيها السفلية برقة وبطء ، مما جعل الدم يرتفع إلى وجهها من لمسته.


خفضت وجهها الي الاسفل بخجل ، فاقترب منها بوجهه ، ووضع أصابعه تحت ذقنها ، ورفع وجهها إليه ، وركز عينيه على شفتيها المغريتين ، وهمس بصوت عميق بجانب اذنيها : غلط حلوة اوي مش حلوة بس 


أغمضت روان عينيها تتنفس بقوة ، وهي تشعر بأنفاسه تلفح بشرتها و تشعل بها لهب لذيذ ، فأخذت ترتجف من لمساته و كلماته العذبة التي نقلتها إلى عالم وردي ، حيث لا يوجد به الا هو و هي فقط.


كان على وشك تقبيلها ، لكنهم استيقظوا من السحر الذي كان يلفهم عندما رن هاتفه على الطاولة.


شتم في سره المتصل السخيف الذي افسد عليه اللحظة التي كان ينتظرها منذ الصباح معها. 


نظر إلى الهاتف بغيظ ثم أجاب قائلاً بحنق : الو .. ايوه 


المتصل : .......


زين : اومال فين شريف ؟


المتصل : .......


زين بضجر : خلاص انا جاي .. يلا سلام


أنهي المكالمة ، ثم نظر إلى روان التي كانت تنظر إليها بفضول ، وهتف في إحباط : دي مكالمة من المستشفي في حادثة حصلت و المصابين كتير محتاجيني هناك دلوقتي


عضت شفتيها بحزن لأنه سيتركها ويذهب إلى العمل ، لكن كعادتها الصبورة ، ابتسمت بحنان قائلة بلطف : يبقي لازم تروح بسرعة دا شغلك و ربنا يقدرك علي علاجهم و انا هدعيلك خير ان شاء الله


ظل ينظر إليها بنظرات لم تخفي ندمه ، كيف استطاع جرح هذه الرقيقة ، فتصرفاتها معه جعلته يوبخ نفسه كل لحظة بشدة على قسوته تجاهها في بداية زواجهم.


امسك زين وجهها بين يديه ، و نظر في عينيها بعمق ، و عيناه كانتا تتألقان بحب ، و دقات قلبه تنبض بعنف ، تهتف برغبة قلبه في البقاء معها ، قائلاً بصوته الدافئ : انا بحمد ربنا علي وجودك في حياتي يا روان و بجد كل اللي انا عايزه دلوقتي ان ربنا يقدرني اعوضك عن اي وجع سببته ليكي بغبائي


قبلت باطن يديه التي يضعها على خدها قائلة برقة : انا مش عايزة حاجة غير انك تكون بخير و معايا يا زين ويلا بقي اتفضل روح شوف شغلك و ماتتأخرش عليا


زين بحنو : لازم نكلم كتير يا روان .. انا اسف الايام دي مش لاحق اخد راحتي معاكي..  بس اوعدك لما ارجع من مشوار مصر هتتغير كل حاجة


وضع قبلة عميقة على خدها ، يبث بها ما جزء بسيط مما يشعر به في قلبه لها قبل النهوض ، لتغيير ملابسه والذهاب إلى المستشفي.


تنهدت تنهيدة سعيدة بعد مغادرته ، لا تطلب من ربها أكثر من أن يشعر بحبها العميق له،  وأن يحبها حتى لو نصف ما تحبه فقط.


أغلقت عينيها وذهبت إلى النوم وهي تبتسم بشكل مريح لأول مرة منذ وقت طويل.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••••••★


نعود الي قصر البارون


قامت بتعديل ثوبها قبل الخروج من غرفة الملابس للنوم.


تفاجأت بوجوده في الغرفة امامها.


نظرت إليه بصدمة ، رأته جالسًا على حافة السرير عارياً لا شيء يغطي جسده سوى المنشفة فقط ، ولم يلاحظ أنها دخلت ، وواضح عليه الشرود.


تسارعت دقات قلبها وهي تتفحص جسده العضلي العاري أمامها بعيون واسعة ، وتعض شفتيها في حرج ، و تشتم تحت لسانها.


هل هذا وعدها لنفسها و هي بالداخل ؟ 


ها هي الآن تذوب بمجرد رؤيته هكذا ، و تتساءل في نفسها بإستغراب ، كيف لم تشعر بدخوله الي الغرفة؟
ماكر هو يتحدث فارتجف ك ورقة خريفيه 

تتلاعب بها رياح شغفه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


نعود الي قصر البارون


قامت بتعديل ثوبها قبل الخروج من غرفة الملابس للنوم


تفاجأت بوجوده في الغرفة معها ، و ظلت تنظر إليه بصدمة.


رأته جالسًا على حافة السرير عارياً لا شيء يغطي جسده سوى المنشفة فقط ، ولم يلاحظ أنها دخلت ، و واضح عليه الشرود.


تسارعت دقات قلبها وهي تتفحص جسده العاري أمامها بعيون واسعة ثم عضت علي شفتيها في حرج ، و اخذت تشتم تحت لسانها.


هل هذا وعدها لنفسها و هي بالداخل ؟ 


ها هي الآن تذوب بمجرد رؤيته هكذا !! تسألت  في نفسها بإستغراب كيف لم تشعر بدخوله الي الغرفة؟


★★★


أما بالنسبة لأدهم ، فقد كان يفكر فيما حدث 


Flash Back


اثناء تناوله الغداء معهم ، كان يلاحظ نظراتها الحزينة التي لم ترفعها عن طعامها ، و ظل يلقى باللوم على نفسه كثيرًا ، وقرر أن يكتشف ما حدث في المكتب.


حينما هدأ من ثورة غيرته التي تجعل الإنسان يبالغ في أصغر الأشياء ، رأي أنه لا يوجد سبب منطقي لكل ما يفعله معها ، وأن اتهامه لها بالكذب في الأساس لم يكن سوى حماقة منه ، ولكن لم يكن ذلك بإرادته ، لأن الغيرة تشوش العقل ولا تسمح بالتفكير العقلاني تمامًا.


★★★


على الفور توجه ادهم مباشرة إلى الشركة ، وفتح الكمبيوتر وشغل تسجيل الكاميرات وشاهد ما حدث ، ليكتشف ان كارمن لم تكذب عليه كما توقع ، لقد أخبرت السكرتيرة بأنها ذهبت إلى مكتب صديقتها .


شعر بالغباء والغضب من نفسه ، ليشعر بفوران الدماء في عقله ، فأنها كادت أن تفقد حياتها بسبب تهوره و إنفعاله عليها ، وجرحه لها بحديثه الغاضب معها الذي كان بسبب غيرته القاتلة عليها.


ذهب إلى مكتب ياسمين ، وهو لا يري أمامه من شدة سخطه في تلك اللحظة.


كانت جالسة وهي تتفحص الأوراق بضجر ، لكنها توقفت و هي تنهض عن كرسيها عندما رأته أمام عينيها


ياسمين بدلال انوثي : اي اوامر يا ادهم بيه !!


صاح أدهم بجدية ووجه صارم ، وهو يحاول السيطرة على نفسه حتى لا يرتكب بها جريمة الآن : تكتبي استقالتك حالا قدامك خمس دقايق يلا..


اختفت الإبتسامة عن وجه ياسمين التي تسألت بإستغراب : ليه كدا انا حصل مني حاجة يا فندم؟


ضيق ادهم عينيه قائلا بحدة : انتي عارفه عملتي ايه كويس !! تسجيل الكاميرات صور كلامك مع كارمن و هي بتبلغك بخروجها لصحبتها و لما سألتك قولتي متعرفيش


شعرت بالغباء الشديد بسبب هذه الثغرة التي لم يتم أخذها في الحسبان و هي تدبر خطتها ، لكنها أرادت إنقاذ الموقف ، لذلك سرعان ما هتفت قائلة بإستعطاف : انا اسفه جدا يا فندم انا نسيت و الله


هتف بها بشراسة و هو يضرب علي المكتب بقوة : نسيانك دا كان هيموتها انهاردة و رفدك دا اقل عقاب ممكن اعملو فيكي .. من غير مناقشة تكتبي استقالتك و مش عايز اشوف وشك تاني مفهوم 


صرخ في الكلمة الأخيرة بصوت عالٍ ، فإتنفضت من مكانها وهي تمسك القلم و تميل علي المكتب لتكتب الاستقالة بأصابع مرتجفة ، فكانت مرعوبة حقًا من نظرته الشرسة إليها.


★★★


عندما عاد إلى المنزل وصعد إلى جناحه ، دخل الحمام الملحق بالجناح وأخذ حمامًا سريعًا ، ثم تذكر أن ملابسه كانت بالداخل عند كارمن ، فذهب إلى الغرفة و هو ينوي أن يعتذر لها على ما حدث. 


لكنه لم يجدها في الغرفة ، وسمع صوتًا قادمًا من غرفة الملابس ، فجلس كما هو منتظرًا خروجها.


Back


★★★


في الوقت الحالي 


ابتلعت كارمن لعابها بصعوبة و هي ترمش بعينيها ، ، وعقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة بخجل وتبعثر : ايه دا .. انت ليه قاعد عريان كدا ؟


رفع وجهه في اتجاها ونظر إليها ، لتنحبس أنفاسه تلقائيًا في صدره من مظهرها الساحر في ثوب النوم الناعم ، الذي أظهر جمال بشرة ذراعيها البضة.


اخذ أدهم يتنفس بهدوء ، و يحاول السيطرة على مشاعره الشغوفة تجاهها ، و يركز انتباه علي ماسيقوله بعد ان استحوذت علي حواسه تلك الفاتنة التي تقف أمامه بعودها الرشيق.


تحدث بصوته الرخيم في صمود مفتعل رغم تشتته الداخلي من مشاعره المفرطة نحوها : كنت داخل البس هدومي بعد ما اخدت دوش ولاقيتك جوا فقعدت استناكي 


واصل حديثه بابتسامة خبيثة ظهرت على شفتيه ، وأراد أن يتلاعب بأعصابها قليلاً : ولا كنتي عايزاني ادخلك جوا و انتي بتغيري هدومك 


ازاد احمرار وجهها من الخجل الذي يعشقه بها ، و هتفت بتبرير وإنفعال فيما اخذت تلوح بيديها في الهواء : لا طبعا مقصدش كدا .. انا بس اتخضيت من قعدتك كدا قدامي مش اكتر


ضحك ادهم بخفة : طيب هدي اعصابك .. المهم كنت عايزك في موضوع


ردت كارمن بسخرية ، و هي ترفع احدي حاجبيها بعد أن تذكرت ما فعله بها وأرادت استفزازه : خير .. ناوي تكمل محاضرة اتهامك ليا اللي مخلصتهاش الصبح


صر علي أسنانه سخطًا من أسلوبها معه ، فهي اصبحت تشعل غضبه بسهوله ، ليتمتم : بطلي تريقة وخليني اتكلم


قام أدهم من مكانه ، مستقيما بطوله أمامها ، وأصبحت عضلات صدره تتألق بلمعة من الضوء الخافت للغرفة أمام عينيها ، واخذت هي تحسب فرق الطول بينهما.


هي ليست قصيرة ، ولكن عندما يقف بجانبها تشعر أن جسدها ضئيل أمام جسده العريض.


نفضت عنها هذه الأفكار ، وهي ترمش بعينيها و تعاتب نفسها على شرودها الكثير بتفاصيله ، واخذت تستمع إلى ما كان يقوله بأعين متسعة من الذهول.


ادهم ببرود : خروجك بدون اذني في وقت الشغل ايا كان السبب دا غلط يا كارمن


خطت نحوه خطوتين ، ووضعت يديها علي خصرها ، وأجابت عليه بانفعال ، بعد أن نجح بإشعال غضبها بإصراره على أنها كانت مخطئة : تاني .. تاني بتقول نفس الكلام .. هو كان ايه اللي حصل لما اتمشيت خطوتين و روحت اشوف صحبتي


اردفت بنبرة مفعمة بالغيرة لم تستطع إخفاءها من انفعال اعصابها ، وهي تقبض علي كفها بشدة : لا و في الاخر بتصدق كلام وحدة لابسه شبه الرقاصات زي اللي مخليها سكرتيرة مكتبك و تكذبني انا


تبخر غضب أدهم كله في هذه اللحظة عندما شعر بغيرتها عليه ، و غمره الفرح لذلك حاول بمكر استغلال توترها العصبي في هذا الوقت لصالحه.


اجاب ادهم بهدوء : مين قال اني بكذبك ..؟


كارمن بعبوس : مش دا كان كلامك الصبح !!


ادهم بنفى : لا مش عشان كدا.. 


ثم ابتسم بخبث مردفًا ببراءة مزيفة : و بعدين مالو لبس السكرتيرة ؟؟


تذكرت كارمن مظهرها المثير للإشمئزاز ، وهي تجعد حاجبيها قائلة بإمتعاض : مقرف و شكلها علي بعضه اصلا مستفز .. ازاي دي سكرتيرة مكتب محترم مش عارفه؟


اتسعت ابتسامته ، لتكشف صف اسنانه المتساوية و متناسقه بجاذبية ، قائلا بمكر : بالعكس دي كلها انوثة و فيها شوية امكانيات جامدة


فتحت فمها علي اخره ، و اتسعت عيناها بدهشة من كلماته الجريئة ، وازداد سخطها فهو يتغزل بإمرأة أمامها بكل وقاحة كأنها هواء لا وجود لها.


هتفت فيه كارمن بإنفعال شديد : انت قليل الادب .. ايه الكلام الوضيع اللي انت بتقوله دا؟


اقترب منها خطوة قائلا بصوته الرخيم يتخلله المكر على عكس طبقة صوتها العالية : و فيها ايه لما اعبر عن اللي شوفته .. انتي ايه اللي مضايقك ؟


اجابت بغيظ : و انا هضايق ليه انت حر..


خطرت على بالها صورة الشخص الذي أنقذها هذا الصباح ، و أرادت أن تستفز أدهم بنفس الطريقة التي استفزها بها ، فوضعت يديها على جبينها ، متظاهرة بالتفكير ، قائلة بمكر أنثوي و تغير مجري الحديث تماما : انا تقريبا شوفت اسم مراد عزمي دا قبل كدا في الاخبار .. شكله بزنس مان مهم و معروف وكمان وسيم جدا


رفع أدهم حاجبيه وتشنج جسده بعد سماعه اسم ذلك المقيت ، وهو يتذكر نظراته إليها ، ليقول بتهكم و هو يلمس انفه بتوتر : لا والله


مالت برأسها جانبا ، ثم نظرت إليه ببراءة مصطنعة ، وبالكاد أخفت ضحكتها بعد رؤية وجهه ، الذي تغير بعد سماع سيرة مراد و قد توترت عضلات جسده ، لتعلم أنها أصابت وتر حساس بداخله ، وستجعله يحترق بنفس النار التي حرقها بها الآن ، ثم أجابت  ببراءة و سخرية مبطنه تقصده بها : ايوه واضح عليه انه انسان مهذب و راقي اوي في معاملته مع الناس 


كور أدهم قبضته في عصبية مقاطعا حديثها بصوت مرتفع ، وهو علي وشك أن ينفجر فيها : كارمن


ابتلعت كارمن ريقها بصعوبة ، حالما رأته يتقدم نحوها ، و علمت انها قد تمادت من بروز عروق رقبته ، واحمرار وجهه من شدة الغضب.


تراجعت بخوف تلقائي للخلف ، فإستمر في الاقتراب منها حتى توقفت عن التراجع عندما شعرت أنها اصطدمت بالجدار خلفها ، واصبح هو أمامها مباشرة. 


ارتجف جسدها من الارتباك ، و بدأت تتحدث مع نفسها بتوتر داخلي : انا اتسرعت و لا ايه .. يخربيتي بقيت بقول كلام غبي وافكر بتفكير غريب في اوقات اغرب .. اتورطتي يا كارمن


استغل أدهم صمتها وسكونها ليحيطها بجسده ويداه على الجانبين.


نظرت في عينيه الداكنتين ، مغمغمة بكلمات غير مترابطة : انت .. ليه .. واقف كدا .. هو في ايه !!


مال أدهم بجانب أذنيها وهو ينفث انفاسه الحارة علي عنقها بغضب ، فحينما يشعر الرجل أن المرأة التي يحبها ترى شخصًا أخر أفضل منه و تمدحه ايضا ، تجعله يكره رأيها ولا يريد أن يسمعه من الأساس ، حيث أن الرجل الطبيعي يريد كل ما تتفوه به امرأته من مدح يكون موجه نحوه هو فقط ، هذه هي أنانية الرجال المعروفة.


همس أدهم بفحيح غاضب ، بينما رغمًا عنه مستمتع بهذا القرب الشديد منها : ابدا مفيش كل الحكاية ان مراتي بتتغزل في واحد تاني قدامي .. قوليلي المفروض اعمل فيها ايه ؟


أصبحت متوترة اكثر ، وشعرت بالفراشات تطير في بطنها فأغمضت عينيها ، ورائحة جسده المثيرة تقتحم أنفها وتسلبها عقلها.


كان هو ايضا يستنشق عطرها الرائع الذي كانت تضعه على رقبتها ، تحفزه على التهامها فلم يعد بإمكانه التحكم في نفسه اكثر ، و أراد أن يتذوقها بفمه ، فنزل إلى رقبتها ولمسها بشفتيه في شوق ورقه بالغة مستمتعا بنعومتها.


تجمدت أنفاسها وتخدرت مما تفعله شفتيه بها ، و بدون ارادة منها ، رفعت يديها ووضعتهما على صدره العاري ، وأصابعها ترتجف من قبلاته البطيئة والمثيرة على رقبتها.


شعر بإستسلام جسدها بين يديه ، لكنه لا يريد أن تكون علاقتهما جسدية فقط ، لقد أراد يأخذ روحها وقلبها وعقلها منها ، انه يرغب بإمتلاك كل شيء فيها ، لكن بحبها له وإرادتها الكاملة ، سوف يكتفي مؤقتًا بهذا التغيير الذي يحدث بينهما حتى الآن.


مرت لحظات قبل أن يبتعد عنها بصعوبة ، لكنه ما زال يحيطها بيديه ، قائلا بصوت أجش من شدة مشاعره العنيفة التي وصلت لدرجة الغليان بداخله : مش بتردي ليه .. اعمل فيكي ايه ؟


حاولت السيطرة علي ذاتها ، واخذت تتنفس ببطء قائلة بخفوت وتلعثم : مش انا .. لا انت اللي بدأت الاول


نظر أدهم إليها بمكر ، ورفع حاجبيه ، قائلا بتساءل : بترديهالي يعني ..!!


لا تدري كيف استطاعت ان تنطق بتلك الكلمات بثبات في مثل هذا الموقف ، لتجيب بكبرياء الأنثي : محدش احسن من حد .. وممكن بقي تلبس هدومك وتخرج عشان انا عايزة انام


تغاضي هو نبرة التحدي في صوتها ، ليهمس أدهم متظاهرا بالاستياء ، وهو يحاول الاقتراب منها مرة أخرى : مش ملاحظة انك بقيتي تطرديني من اوضتي كتير 


دفعته من صدره و كأنها تدفع الحائط ، لتهمس بصوت مرتعش بسبب ضيق التنفس الذي تشعر به من اثارته لجسدها : اطلع برا يا ادهم


ابتسم ادهم علي توترها ليغمغم : ماشي هخرج بس بمزاجي 


أمسك يدها بين يديه ورفعه إلى فمه ، وقبّل راحة كفها من الداخل بدفء لدرجة أن قشعريرة لذيذة ركضت في جسدها بالكامل.


أنزلت عينيها بخجل منه ومن ضعفها أمامه ، ثم أحست ببعده ودخوله الي غرفة الملابس ، حيث تركها وحدها تتخبط في مشاعرها المضطربة بسببه. 


تقدمت من السرير ، وجلست على حافته لأن قدميها لم تعد قادرة على حملها اكثر من ذلك.


بعد لحظات رأته يخرج من الغرفة بسروال قطني فقط وهو عاري الصدر ، ثم غادر الغرفة بهدوء ، وكأنه لم يقترب منها منذ قليل و بعثر مشاعرها بلمسات خفيفة منه فقط.


ما الذي يريده بالضبط ؟ 

هل هذا تعذيب جسدي لها ، أم أنه من فولاذ ؟ 

هي لا تعرف حقًا ، لكنها ستريه من تكون كارمن المتمردة من الغد ، همست لنفسها و هي تكاد تقطم اظافرها من القهر : ماشي يا دراكولا اما نشوف يا انا يا انت
عندما يغضب احدكم فـ ليسكت !!!

فـ أنت كـ مثل الذي يمسك جمرة مشتعلة 

و معتقداً ان الطرف الاخر هو الذي سوف يحترق بها


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


صباح يوم جديد علي أبطالنا 


منهم من سعيد بحياته ويرضى بها ، 

ومنهم من لا يستطيع النوم خوفا مما ينتظره في المستقبل ، ومنهم من يخطط للإنتقام وينصب الفخاخ لاصطياد الآخر ، 

ومنهم من تطارده ذكرياته المؤلمة التي تعذبه ولا احد يعلم عنها أي شيء ،

ومن بينهم من يزداد العشق في قلبه ولا يستطيع التعبير عنها ،

ومن منهم من يعاند قلبه ولا يريد الاعتراف بمشاعر الحب التي تنمو بداخله ، 

ومن بينهم من بدأت حياته تتألق وتشرق بوجود الشخص الذي يستحق حبه الحقيقي ،

ومنهم من تمنى أمنية طفولية ، ثم يكبر و تزداد المحبة في قلبه ، ولا يمكن للظروف أن تهز هذا العشق من قلبه و روحه.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند يسر و مالك 


استيقظت يسر من نومها وفتحت عينيها على منظر جميل للغاية ، حيث رأت زوجها الحبيب يحتضن طفلهما بين ذراعيه ، و يغطون في نوماً عميقاً.


كانت سعيدة جدًا لأنها قضت أجمل ثلاثة أيام مع مالكها في الإسكندرية.


فمنذ أن قررت كارمن الذهاب إلى الشركة ، ولم يسمح أدهم لمالك بالذهاب إلى هناك لتكون وحدها معه ، ولا تطلب مساعدة مالك ، فإنتهز مالك هذه الفرصة و طلب من أدهم إجازة ليقضيها مع يسر ، وتركوا ياسين مع امها ، وبالأمس فقط عادوا إلى القاهرة.


ابتسمت يسر بإشراق ، وهي تتذكر تلك اللحظات الممتعة التي قضتها على البحر بجانبه ، و استمتعها الشديد بكل المناظر الطبيعية رائعة التي ساعدتها على الاسترخاء و تجديد نشاطها ، ثم تنهدت و هي تفكر في نفسها بأن الأيام الجميلة التي نكون فيها مع أحبائنا تمر بسرعة حقاً.


مدت يديها وابتسمت بمشاغبة ، وهي تداعب أنف مالك بطرف اصبعها ليستيقظ ، وبقيت على هذا الحال لبضع لحظات حتى فتح عينيه ينظر إليها بنعاس وعبوس.


يسر برقة : صباح الورد يا حبيبي


تلاشى العبوس من على وجه مالك ، لتظهر ابتسامة جميلة قائلا بحب : صباح المهلبية و القشطة بالعسل


ضحكت بخفة وتساءلت : انت صاحي جعان و لا ايه 


غمز مالك لها وقال بشقاوة : ايوه و عايز اكلك انتي .. تعالي


يسر بصوت منخفض وهي تضع يديها على شفتيه ، لتسكته : هووش .. ياسين نايم جنبك يا مجنون .. يلا قوم بشويش و سيبو نايم عشان الحق احضر الفطار قبل ما يصحي 


أمسك بيديها اللتين وضعتهما على فمه وقبلها بحب ، قائلاً بهمس : حاضر يا قلبي


قام بإزاحة ياسين ، ووضع رأسه على الوسادة بحذر ، ثم مد جسده إلى الأمام للتخلص من تقلصات النوم ، ونهض معها من السرير لكي يستعد للذهاب إلى العمل.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بالصعيد في منزل الحج عبدالرحمن


في غرفة روان و زين


استيقظت وتثاؤبت بتكاسل.


سرعان ما ترك النعاس عينيها الجميلتين عندما تذكرت ما سيحدث اليوم ، كانت متحمسة للغاية اليوم ، ستخرج مع زين لأول مرة منذ زواجهما ، لقضاء اليوم كله في التنزه وأيضًا من أجل أن يشتري لها ملابس جديدة ، لأنها ستبدأ بالذهاب إلى الجامعة بعد أيام قليلة ، وأصر على أن يرافقها وهي سعيدة للغاية لأنها ستكون معه ولا شيء آخر يهم.


استدارت بوجهها إلى زين الذي كان نائمًا بجانبها كالعادة ، واضعًا يده على بطنها وهو غارق في نومه ، فجأة التمعت عينيها وقد خطر ببالها فكرة. 


نهضت بهدوء من بجواره بعد أن رفعت يده عنها بحذر ، وسارت على أطراف إصابعها حتى لا تحدث ضوضاء ، وخرجت مسرعة في بيجامتها الحريرية ، لأنها تعلم أنه في مثل هذا الوقت لا أحد يستيقظ من المنزل ، وذهبت للمطبخ لتحضير فطور زين بسرعة وحيوية.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في قصر البارون


تحديداً في جناح نادين 


لم تستطع النوم بسبب التوتر العصبى الذى يلازمها بإستمرار ، فمنذ يوم أمس لم تتوقف عن التفكير ، تأكدت بإحساسها الأنثوى الفطري من حب أدهم لكارمن بعد أن أخبرها جاسوسها في الشركة عن ارتعاب أدهم ، وركضه أمام الجميع إليها ، واحتضنها في الشارع دون أن يهتم بمنظره أمام موظفيه. 


ستموت من غيظها و رعبها ، فماذا لو أقنعته كارمن بتطليقها لتكون هي زوجته فقط ، دون أدنى شك سيوافق ، ووقتها ستفقد حياة الرفاهية التي تعيشها الآن. 


لم تعد قادرة على تحمل أفكارها المرعبة هذه أكثر من ذلك ، ورفعت هاتفها واتصلت بميرنا لإيجاد حل


بعد لحظات وصل صوت ميرنا النائمة إليها


ميرنا : الو .. ايوه


نادين : صباح الخير 


ميرنا بتذمر : صباح النور .. في ايه حد يتصل بدري كدا


نادين بإرهاق : انا مش قادرة انام اصلا 


اعتدلت ميرنا و هي تفرك عينيها من النعاس قائلة : حصلت حاجة و لا ايه


نادين بسرعة : لا .. بس هتحصل حاجات كتير و هخسر كل حاجة قريب اوي


ميرنا : اكلمي وحدة وحدة عشان افهم


نادين بتنهيدة : ادهم بيه شكله بيحبها كان هيجنن امبارح لما عرف ان في عربية كانت هتخبطها و حضنها قدام الناس كلها


ميرنا بحسد : مممم لدرجة دي !!


نادين : ايوه و دلوقتي لو هي طلبت منه انه يطلقني مش هيتردد لحظة واحدة


ميرنا بحيرة : و ايه العمل ؟


نادين بقلق : انا مش عارفه افكر يا ميرنا شوفيلي حل سريع خطتنا دي بطيئة اوي و انا عايزة اخلص منها بسرعة


ميرنا بتفكير شيطاني : كدا مفيش غير حل واحد بس احنا محتاجين حد تالت يكون معانا بس يكون ثقة عشان مايستغلناش


نادين بتسرع : طب قوليلي ايه الحل ؟


ميرنا بمكر : مش دلوقتي اصبري لحد ما اظبط الموضوع في دماغي الاول و انتي دوري على حد ثقة و ابقي كلميني


نادين : طيب هشوف كدا .. سلام


ميرنا : سلام 


أغلقت ميرنا معها ، و علي شفتيها إبتسامة خبيثة تفكر في أنها اقتربت كثيرا من انتقامها الذي تسعى إليه من نادين.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند روان


بعد بضع دقائق ، كانت قد انتهت من إعداد الفطور اللذيذ لزوجها ، و تحركت للصعود إلى غرفتهما بخفة.


دخلت الغرفة بهدوء ، لتجد أنه لا يزال نائمًا على وضعه كما تركته. 


وضعت صنية الفطور التي كانت تحملها على الطاولة وبدأت في إيقاظه برفق ، لكنه تململ في مكانه ولم يستيقظ. 


حاولت روان معه بكل الطرق الرومانسية التي تشاهدها على التلفاز مرارًا وتكرارًا ، ولم يستيقظ لتتنهد بغضب وملل ، ثم ظهرت ابتسامة شيطانية على فمها لا تبشر بالخير ، وقررت أن تتعامل معها بأسلوبها الفريد من نوعه.


اقتربت منه بهدوء شديد وفجأة صرخت بصوت عالٍ بجوار أذنه : اصحي ياااا زييييين


فتح عينيه بسرعة منتفضا من مكانه في ذعر ، معتقدًا أن كارثة كونية قد حدثت.


ضربت روان الأرض بقدميها ، ويداها تضغطان على بطنها ، لتطلق ضحكة مدوية هزت ارجاء الغرفة ، و صوت ضحكاتها كانت تتزايد وترتفع عالياً ، وهي تتذكر منظره المضحك.


سرعان ما فهم تصرفها واتكأ على مرفقيه ، ليقوم وهو يزمجر عليها بغضب : يا بنت المجانين في ناس طبيعية تصحي حد بالشكل دا 


تحدثت روان وهي تحاول كتم ضحكها ، وتبسط كفيها بقللة حيلة : ما انا غلبت وانا بصحيك بكل الطرق الحلوة ومش عايز تقوم .. شكلك مابتجيش غير بالعنف يا زيني


عادت إلى ضحكاتها مرة أخرى ببراءته ، بينما زين احب سماع اسمه بياء المالكية الذي نطقتها بدلال ، ممَ جعل ابتسامته تشق طريقها إلى شفتيه قائلا بحب : صباح الخير يا رورو


روان بإبتسامة رقيقة : صباحك شهد علي عسل ابيض


نظر زين إلى ساعة معصمه ، ثم نظر إليها متسائلا في حيرة وذهول : ايه مصحيكي بدري اوي كدا؟


خفضت روان رأسها وقالت بخجل : اصلي بصراحة متحمسة اوي لخروجتنا سوا انهاردة و ماقدرتش افضل نايمة كتير


ابتسم زين حيث أعجبه شكلها اللطيف ، فهي طفلة شقية ولذيذة تجعله يفقد عقله بحركاتها العفوية ، لا يدري من أين يأتي بكل هذا الصبر عليها ، فهذه الفتاة المجنونة تجعل مزاجه متعكرًا ومتوازنًا دون أدنى جهد منها.


أمسك بمعصمها وجذبها بالقرب منه ، وقبّل خدها وعينيها ، ثم فكها بنعومة وببطء ، فأغمضت عينيها بخجل ، وشعرت بالحرارة تتدفق إلى جسدها بالكامل بسبب قبلاته اللذيذة ، ثم سمعت همسه العميق بجوار أذنها : احلي حاجة انك اول وش بتصبح به لما بقوم من النوم


كانت دقات قلبها تنبض بجنون في صدرها ، ثم رفعت وجهها إليه وهي تقترب منه ، قبلته بلطف و رقة على ذقنه المنمقة بأناقة ، ثم ابتعدت عنه مبتسمة بخجل ، ومدت يدها لتمسك صينية الفطور ، ووضعتها أمامه.


قال زين بإبتسامة و شهية كبيرة : الله الله ايه الفطار اللي يفتح النفس دا 


غمغمت روان بحب : بالف صحة و هنا علي قلبك 


رمش زين وهو يحدق فيها بقوة ، وتساءل باستياء : انتي نزلتي بالبيجاما دي لتحت


هزت رأسها بشكل عفوي ، وهي تضع قطعة من جبنة الرومي في الخبز المحمص ، وتصنع له سندويتش صغير .


هدر زين بغضب : تاني مرة ماتخرجيش من باب الاوضة بلبس النوم ويكون علي شعرك طرحة


ابتلعت روان ريقها بتوتر من نبرته الغاضبة ، ثم اجابت بضيق وغصة بدأت تتشكل في حلقها من ثورة غضبه في وجهها : حاضر بس والله ماخدتش بالي ولا قصدت .. انا بس ماكنتش عايزة اعمل دوشة عشان ماتصحاش قبل ما احضرلك الفطار


أمسك زين بيدها وقبّلها برفق قائلاً بحب ، يلوم نفسه على أسلوبه القاسي معها رغماً عنه : حقك عليا حبيبتي خلاص ماتزعليش وتسلم احلي ايد عملت احلي فطار


اردف مازحًا : بس لسه مانسيتش الفزع اللي حصلي من شوية و هعاقبك 


روان بتذمر طفولي : الله جوزي حبيبي و بهزر معه .. ايه المشكلة يعني؟


نظر زين اليها من زاوية عينه ، و هو يرتشف بعض من العصير ثم غمغم : انتي بتثبتيني صح


قبلته علي خده ، ثم أردفت بطفولية ، و هي ترجع شعرها للخلف علي ظهرها : صح يا مز


هز رأسه بإستسلام من جنونها الذي اعتاد عليه في الفترة الأخيرة ، و بدأو تناول الفطور سويا في جو لا يخلو من شقاوة روان و ضحك زين.


لقد أصبحت حياتهما معًا أكثر سلاسة الآن ، على الرغم من أنه لم يقترب منها كزوجة بسبب المسؤوليات العديدة التي تقع على عاتقه خلال تلك الفترة ، لكنه سعيد بهذا الوضع المؤقت ، ويشعر وكأنهما يعيشان فترة خطوبة متأخرة.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في شقة عائلة مراد القديمة 


عندما يشعر بالضيق الشديد يأتي إليها


رن الهاتف في جميع أنحاء الغرفة ، لا يريد التوقف 


حاول تجاهله والعودة للنوم ، لكنه ظل يرن ، لذلك زفر يائسًا وهو يمد يده إلى الطاولة التي بجوار الفراش ، وأجاب دون رؤية من المتصل بصوت أجش من الشرب طوال الليل وقلة النوم : الو


ياسمين بتوتر : ايوه يا مراد بيه صباح الخير


مراد بمزاج متعكر : صباح الزفت يا ياسمين عايزة ايه على الصبح


ياسمين بتبرير : انا برن عليك من امبارح و انت مش بترد


مراد بسخط : مش عايز ارد .. انتي هتفتحيلي تحقيق اخلصي في حاجه


شتمته ياسمين في سرها من اسلوبه الوقح معها ثم أجابت بقلق : ادهم رفدني من الشركة امبارح


مراد ببرود : ماشي


رمشت ياسمين بدهشة : باين عليك انك مش مستغرب يعني


اجاب مراد بتهكم : طبيعي يرفدك بعد ما كذبتي عليه هو انتي مش واخدة بالك ان كل حركة متصورة بالكاميرات


ياسمين : انا نسيت خالص موضوع الكاميرات دا .. يعني كنت عارف ان دا هيحصل !!


مراد بثقة : طبعا عموما خلاص مهمتك خلصت لحد كدا و ماتتصليش تاني غير لما انا اتصل بيكي لو محتاجك في حاجة


ثم أنهى المكالمة معها دون انتظار سماع ردها 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في قصر البارون


في غرفة كارمن التي كانت غرفة ادهم سابقا


استيقظت كارمن بنشاط ، وهي متحمسة لما ستفعله به بعد فترة وجيزة ، وتتذكر استفزاز أدهم لأنوثتها بعدم اكتراثه بها ، ومغازلته في هذه السكرتيرة الحقيرة امامها.


تعترف بأن هذا خطأ هي السبب به ، فمتي حاولت أن تجعله يشعر بأنها مهتمة به أو متي حاولت الاقتراب منه ، فإنها تهرب منه دائمًا ، ولكن من الآن فصاعدًا ستظهر له أنها إذا أرادت أن تبدو فاتنه ، فلا شيء يمنعها. 


ظلت تحاول إقناع نفسها بأنها ستفعل هذا فقط لرد كرامتها لا اكثر ، لكن في حقيقة الامر هي تغار عليه و بقوة ، لكنها لن تعترف بذلك.


نهضت وأخذت حمامًا منعشًا ، ثم ذهبت إلى غرفة الملابس.


تفكر أنها يجب أن تعتني جيدًا بمظهرها من الآن فصاعدًا ، ولا ضرر إذا تجرأت قليلاً على لبس شيئاً جذاباً ، وهي ذاهبة إلى الشركة.


احتارت فيما ترتديه حتى وقعت عينيها علي فستان أحمر اللون ، فالأحمر هو عشقها ، و كان الثوب يتوسطه حزام أسود عريض ، ويغطي ذراعيها واسفل عنقها لحد بداية فتحة الصدر قماش باللون الاحمر الشفاف ، ويصل إلى ركبتيها تقريبا.


خرجت من غرفة الملابس ووضعت الفستان على السرير ، ثم توجهت لتجفيف شعرها ، ثم وضعت بعض المكياج الخفيف مع أحمر الشفاه وملمع الذي أظهر جمال شفتيها ، و ذهبت لتلبس الفستان ومعه الحذاء العالي ، ووقفت تنظر إلى نفسها برضا تام في المرايا.


في هذه اللحظة فتح ادهم الباب ليدخل فجأة دون أن يطرقه ، وقد فعل ذلك عمداً 


شهقت كارمن بخفة ، وهي تضع كفها على صدرها ، واستدارت إليه قائلة بخضة : بسم الله الرحمن الرحيم 


رفع حاجبيه وقال بإستنكار : شوفتي عفريت


همست بصوت منخفض ، لكنه وصل لمسمعه : لا دراكولا


ادهم بمكر : بتقولي حاجة!!


أنحرجت عندما تذكرت استسلامها امامه الذي كان واضحا له بالأمس ، ولم تكن تعرف ماذا تقول ، لكنها شجعت و هي تفكر أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم ، فنظرت إليه باستياء قائلة بهجوم : علي فكرة الباب اتعمل عشان الناس تخبط عليه ولا هي بقت قاعدة عندك تدخل تخضني بالطريقة دي


ادهم ببرود : اتعودي علي كدا .. عشان مش هخبط بعد كدا و ادخل في الوقت اللي يعجبني 


أردف في استغراب ، وهو يشير بإصبعه عليها ، وعيناه تتسعان بذهول ، وكأنه قد لاحظ للتو ما كانت ترتديه : ايه اللي انتي لابسه دا ؟


نظرت إلى نفسها في المرآة وقالت بفخر ، لأن بسبب بروده معها كاد يهز ثقتها بنفسها : فستان .. ايه حلو ؟


بينما أدهم ينظر اليها مفتونًا حرفياً بكتلة الأنوثة التي تقف أمامه بقوامها الفاتن الذي أظهره الفستان بوضوح.


فتح أدهم فمه بشكل لا إرادي تاركًا مسافة صغيرة بين شفته العليا وشفته السفلى ، وظل ينظر إليها بإعجاب شديد ، ثم تتنهد محاولاً السيطرة على نفسه قائلاً بصوت اجش : احم اه حلو بس مافيش وقت تجربي فساتينك قدام المرايا دلوقتي .. اتفضلي جهزي نفسك بسرعة ورانا شغل كتير في الشركة


نظرت اليه وقالت بإستنكار ، وهي تشير إلى الفستان : سلامة عينك .. ما انا لابسة و جاهزة اهو 


عبست ملامحه حينما أدرك ما ستفعله هذه المجنونة ، ارتفع جانب شفتيه في غضب عارم متسائلاً بوجوم : يعني ايه .. عايزة تروحي الشركة بالفستان دا ؟


اجابت كارمن بعدم اهتمام ، وكأن هذا أمر طبيعي بالنسبة لها ، ولم تنتبه الي حدة صوته : بالظبط كدا


أصاب أدهم بالجنون من اللامبالاة في صوتها ، وشعر بضيق شديد لأنها لا تلبس معه هذه الملابس وهو زوجها ، والآن تريد أن تجعل جميع موظفي الشركة يرونها بجمالها الطاغي هذا ، وشعر بروحه تلتهمها نار الغيرة لمجرد تخيله أن يراها رجلًا غيره بتلك الثياب.


ادهم بنفاذ صبر : انا مش ناقص شغل هرمونات الجنان دا علي الصبح و اتفضلي حالا غيري الزفت دا


نظرت كارمن إليه بدهشة ، ولاحظت الجدية في عينيه لتقول بإنشداه : زفت .. اغيره ليه .. مالو الفستان يعني !!


ابتسم ادهم قائلاً بسخرية : ابدا مالوش كتافك و صدرك باينين من القماش الشفاف دا بس يا مدام..


اردف و هو يقترب منها بغضب : وتعالي هنا ايه الروج اللي في بوقك دا كمان .. كارمن بلاش تطلعي جناني و روحي اغسلي وشك و البسي لبس عدل


قالت كارمن غاضبة من تسلطته وفرض أوامره عليها : هي الموضة بتاعته كدا و مايخصكش انا حرة البس اللي يعجبني 


استشاط غضبًا من تحديها له ، صرخ وهو يقف أمامها مباشرة ، وعيناه الزرقاوان تتحولان إلى عاصفة رمادية مظلمة تهدد بنزع الاخضر و اليابس ، وكل ما تقابله امامها : لا يخصني يا مدام مش معني اني سمحلك تبقي براحتك في حاجات .. تقومي تنسي انك علي ذمتي وان طريقة لبسك لازم تليق بزوجة محترمة


شعرت كارمن أنه أهانها كثيرًا ، وبسبب انفعالها الشديد وغضبها صرخت بشيء ما ، ولكن بمجرد أن لفظته ، ندمت عليه كثيرًا : انا محترمة غصب عنك و نادين كمان مراتك و بتلبس لبس مفتوح اكتر من كدا مابتفرضش سيطرتك دي عليها ليه ولا هتعمل راجل عليا انا..


ابتلعت بقية جملتها بعد أن صفعها بيده القوية على خدها الرقيق


نظرت إليه بصدمة وعيناها ممتلئة بالدموع ، وتهدد بالنزول لا تصدق أنه قد صفعها للتو.


في حين ان صدمته هو أقوى من صدمتها ، للحظة توقف عقله عن التفكير ، لا يعرف ماذا يفعل ؟
تَدهِشني قُدرتك على قلبي ،قلبي الذي أظنه صلب في أغلب الأحيان كيف يكون معك بكل هَذا اللّين دَائماً


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عند ادهم و كارمن


كانت صدمته أقوى من صدمتها ، و للحظة توقف عقله عن التفكير ، لا يعرف ماذا يفعل ؟


لا يدري كيف حدث ذلك ؟ 


كيف له ان يصفع من سلبت فؤاده ، لكنها استفزته بشدة ، فمنذ نزولها الشركة من الأمس وأعصابه تحت ضغط مستمر ، ولم يستطع السيطرة على نفسه أكثر من ذلك.


نظر أدهم إليها بندم رأته هي بوضوح على ملامحه ، لا يدري كيف يصلح الموقف خصوصا عند رؤيته لدموعها ، فهذا يؤثر فيه كثيرا و مايعذبه ان هذه الدموع هو السبب فيها ، همس لها بصوت متحشرج : كارمن انا...


هزت رأسها رافضة ، غير راغبة في سماع صوته أو التواجد معه في هذه اللحظة ، لا تعرف حتى ماذا تقول؟ 


تشعر بمرارة الإهانة في حلقها ، لأول مرة تتعرض للضرب ، هل هو حقاً يكرهها لهذه الدرجة ؟


تحركت أمامه راغبة في مغادرة الغرفة في أسرع وقت ممكن.


تجمد أدهم للحظة مكانه ، وهو يراها تهرب من أمامه ، غير قادر على الحركة ، ولكن قبل أن تصل إلى باب الغرفة ، شعرت أن يديه تلتف حول خصرها ويرفعها عن الأرض. 


فوجئت كارمن بحركته وصاحت بدهشة : ايه دا بتعمل ايه !! سيبني 


حاولت ان تفلت منه بكل قوتها ، لكنه كان يمسكها جيدًا ، ومشي بها ليضعها على السرير وسط مقاومتها له ، ثم اعتلاها يثبت ساقيها بركبتيه ، و هو يستلقي فوقها بجذعه العلوي لمنعها من الحركة تماماً ، بينما يمسك يديها على كلا الجانبين ، لتقييد حركتها وهو يشبك أصابعه بين أصابها.


حاول ادهم تهدئة غضبها قائلا بإعتذار متوتر : اهدي انا اسف مقصدتش..


قاطعت حديثه بصوتها الباكي قائلة بقهر و حدة : مقصدتش تمد ايدك عليا و تهيني بالشكل دا .. انت انسان همجي ابعد عني


لم يكترث بكلماتها ، شاعراً بالغضب من نفسه وهو ينظر إلى وجهها المملوء بالدموع ، ووجنتها التي ظهرت عليها بوضوح آثار أصابعه من صفعته لها.


هبط في صمت بشفتيه على خدها ، وقبلها بحنان شديد لدرجة أنها للحظة توقفت عن الحركة بصدمة ، و شعرت ان قلبها يدق بجنون داخل صدرها ، وهي تفكر هل هذا الرجل مصاب بإنفصام في الشخصية.


كيف له يؤذيها ، ثم يقبل ألمها بكل هذه المشاعر الحارة؟


ظل يقبّل كل شبر من وجهها برفق ونعومة ، وتدريجياً تباطأت حركتها الهوجاء اسفله حتى سكنت عن الحركة تمامًا ، وعيناها شبه مغمضتان بسبب القشعريرة اللذيذة التي تشعر بها في جميع انحاء جسدها من ملمس شفتيه ، ومن انفاسه الساخنه على وجهها.


بعد عدة ثوان معدودة شعرت بشفتيه تنزلان بتمهل مثير على رقبتها لتوزيع قبلاته عليها ، والتي تحولت بعد لحظات قليلة من لمسات ناعمة إلى قبلات عاطفية شغوفه للغاية ، وأنفاسه الحارة تحرق بشرتها من شدة شوقه ولوعه بها.


أغمضت كارمن عينيها وهي تلهث بإضطراب ، و تذوب لا إرادياً في عالم آخر من تأثير قبلاته الرائعة لها.


بعد لحظات ، رفع وجهه إليها يحدق بها بنظرات مشتعلة وأنفاسه تتسارع من مشاعره المفرطة ، وعيناه تجولان على خصلات شعرها المتناثرة على وجهها عندما كانت تتحرك للتخلص منه ، ثم انتقلت عيناه إلى عنقها المرمري الذي يظهر عليه بوضوح علامات ملكيته ، برائحته المثيرة التي تداعب أنفه وتثيره أكثر ، ثم نظر إلى شفتيها المغريتين له اللتين تفترقان بعض الشيء عن بعضهما البعض. 


فتحت عينيها ببطء عندما شعرت بإبتعاد أنفاسه الساخنة عن نحرها ، لتجد نفسها تنظر مباشرة إلى عينيه اللتين كانتا تحدقان بها بشوق ولهفة واضحة.


ظل ينظر إلى عينيها لحظات ، ثم خفض عينيه ببطء إلى شفتيها ، وقد استفزه حقًا لونها الوردي مثل حبة الفراوله الطازجة لدرجة أنه أراد أن يتذوق طعمها الأن بشدة ، لا يستطع كبح جماح نفسه أكثر من ذلك ، ثم صعد بنظره مرة أخرى يحدق في عينيها ، كما لو كان يرسل لها رسالة واضحة مفادها أنه ينوي تقبيلها. 


هبط إلى ذقنها وقبّله بتمهل مثير ، ثم أغمض عينيه وهو يصعد ببطء إلى شفتها السفلية المكتنزة بإغراء ، وطبع عليها قبلة خفيفة في البداية ، وعندما لم يشعر بمقاومة منها ، سحبها بلطف بين شفتيه مستمتعًا بمذاقها اللذيذ ، ثم إنتقل إلى شفتها العليا ، يلتهمها بنفس الحرارة ، فإنتفض جسدها بإستجابة مع رعشة قوية من الإحساس الرائع الذي شعرت به بين ذراعيه ، وأغلقت عينيها بذوبان.


كان سعيدا و هو يشعر بإستجابة جسدها للمساته ، و هي تبادله نفس اللهفة بقبلة ، ففك تشابك أصابعهم تدريجياً معمقاً قبلتهما بشغف ، ووضع يديه على خصرها بشكل تملكي مقربا جسده علي جسدها اكثر.


كان قلبها ينبض بإثارة وحماس ، وشعرت أن يده تضغط بمداعبة مثيرة على خصرها عندها وجدت نفسها بشكل لا إرادي ترفع يديها حول رقبته ، وتضع أصابعها في شعره البني الكثيف ، وتشد خصلات شعره الناعمة بضعف ، وتبادله هذه القبلة النارية ، ممَ جعله يئن بمتعه بين شفتيها ، وأراد أن يبقي معها هكذا لفترة أطول ، لكن كان عليه أن يفصل شفتيهم حالما شعر أنهما بحاجة إلى الهواء.


ابتعد أدهم قليلاً عن وجهها ، متكئاً جبهته برفق على جبهتها ، يلهث معها بشدة ، ثم رفع شفتيه الدافئة إلى جبهتها يقبلها بحرارة ودفء ، ثم نهض من فوقها ، واتجه إلى الحمام مباشرة دون أن ينبس ببنت شفة.


فتح أدهم الماء البارد على رأسه ، محاولًا تهدئة نفسه ، يفكر إذ لم يسيطر على نفسه بصعوبة كان سيمتلكها بهذه اللحظة ، فقد جن جنونه حينما شعر بهذه الاستجابة اللذيذة منها ، ولكن هذا ليس الوقت المناسب لفعل ذلك ، لا يريدها أن تشعر أنه يريد جسدها فقط ، ويجب تسوية كل شيء بينهما أولاً حتى تصبح زوجته بالفعل.


اما هي بقيت مكانها ، عيناها مغلقتان ، تتنفس بصعوبة و قلبها ينبض بإضطراب ، وأفكارها تتصادم بحدة في رأسها.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في منزل مالك البارون


خرجت يسر من المطبخ بعد إعادة ترتيبه بعد الإفطار ، وهي تدور حول نفسها حائرة بما ستفعله الآن بعد أن ذهب مالك إلى العمل وياسين الي الروضة. 


ضحكت بخفة وهي تلتقط هاتفها المحمول ، وتذكرت كلمات مالك التحذيرية لها قبل يذهب إلى عمله بأن لا تبلغ كارمن أنها سافرت مع زوجها في إجازة ، لأن حينها ستعرف أن أدهم يكذب عليها بعد أن قال لها أن مالك مشغول في الشركة الأخرى. 


قائلة لنفسها بحيرة : مش عارفة ايه اخرتها معاكو انتو الاتنين 


قامت بالضغط على رقم كارمن للاطمئنان عليها.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند كارمن


بقيت في مكانها على السرير متجمدة ، تحاول أن تجمع شتات نفسها المبعثرة ، وتنظيم تنفسها حتى سمعت رنين هاتفها ، فالتقطته ببطء من على المنضدة ، وهي تزفر بإضطراب عندما رأت اسم يسر على الشاشة.


جاهدت تنظيم تنفسها ، ثم أجابت بصوت خرج مهزوز رغماً عنها : اا .. الو


يسر بمرح : ايه يا قلبي وحشتيني


كارمن بصوت مرتجفاً قليلاً : ازيك يا يسر و انتي كمان وحشتيني


يسر بإستغراب : مالك بتنهجي كدا ليه !!


أجابت كارمن وهي تكافح للسيطرة على حالتها : احم انا بخير مفيش حاجة


رفعت حاجبيها بدهشة وابتسمت قائلة بمكر كأنها فهمت ما يحدث مع صديقتها : هو انا اتصلت في وقت مش مناسب و لا ايه يا روما باين عليكي اخيرا رضيتي عنه 


تصاعدت الحرارة بقوة في خديها ، وهي تتذكر قبلتهما النارية وانجرافها في دوامة المشاعر الثائرة التي افقدتها عقلها تماما ، ثم ردت بانفعال : بطلي كلام اهبل مش نقصاكي يا يسر دلوقتي قولتلك مفيش حاجة


يسر بغيظ : اه يا واطية بتخبي عليا ماشي اما اشوفك هخليكي تقري بكل حاجة


كارمن بنفاذ صبر و كذب : يا بنتي مفيش حاجة تتحكي 


اردفت محاولة تغيير الموضوع : و بعدين انتي فين بقالك كام يوم رنيت عليكي كذا مرة و مكنتيش بتردي


يسر بكذب هي الأخرى و عينيها تدور في كل مكان امامها : ابدا كنت مشغولة في البيت شوية و مع جوزي حبيبي مش زي ناس مهملة في جوزها 


ضحكت كارمن قائلة بقهر : تصدقي مافيش فايدة فيكي ماشي انا هروح الشركة دلوقتي لما ارجع هكلمك


يسر : ماشي حبيبتي مع السلامه


كارمن : سلام


أغلقت معها وهي تستدير إلى المرايا ، ورفعت عينيها تنظر إلى نفسها في المرايا لتشهق بفزع ، وتضع راحة يدها علي فمها ، وهي في حالة صدمة من انعكاسها الغريب في المرايا فشعرها مبعثراً ، وشفتاها ملطختان بأحمر الشفاه حول فمها بفوضوية ، وما اثار ذعرها حقًا هي العلامات الحمراء الداكنه التي تركها أدهم على رقبتها ، فهذا الأمر الذي زاد من حدة غضبها أكثر.


لطمت علي خديها بحيرة تحادث نفسها في المرايا كالمجنونه : يا نهار اسود هخرج انا ازاي كدا دلوقتي .. منك لله يا ادهم الزفت اما وريتك 


ركضت بسرعة إلى حمام الجناح ، ثم فتحت الماء وظلت تمسح آثار شفتيه عن وجهها ورقبتها ، لكن هذه العلامات لم تختفي ، كادت تبكي بقوة ، وشتمته بكل الكلمات التي تحفظها ، ربما تهدأ نار غضبها.


★★★


في هذا الوقت ، خرج أدهم من الحمام يلف نصفه السفلي بمنشفة ، واستدارت عيناه بالمكان ، لكنه لم يجدها ، ففتح باب الغرفة وسمع خرير الماء يأتي من حمام الجناح. 


ظهرت ابتسامة ماكرة على شفتيه ، ثم دخل غرفة الملابس ، وأخرج له بذلة أنيقة ، ودخل الحمام مرة أخرى.


★★★


انتهت كارمن من غسل وجهها جيداً ، ثم توجهت إلى غرفة الملابس بحثًا عن شيء آخر ترتديه حتى اختارت بلوزة باللون البيج برقبة عالية قليلًا وبنطال بني.


ظبطت شعرها حول رقبتها بعد ان وضعت بعض البودرة لإخفاء آثار هذه العلامات على رقبتها ووجهها ، و اخذت تتواعد لأدهم كثيرًا لما يفعله معها ، وتشعر أنها تريد أن تقتل نفسها لاستسلامها المخزي بين يديه. 


تكلمت كارم مع نفسها بغضب : غبية غبية انا ازاي استسلم في ايده كدا بعد ماضربني و بهدلني بالمنظر دا ازاي .. برافو عليكي يا كارمن دوبتي في ايده في ثانية و نسيتي كل حاجة..


لكنها ستنزل إلى العمل ، ولن يوقفها شيء ، طالما أنها بدأت العمل مرة أخرى ، يجب عليها الإكمال إلى النهاية.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


خارج غرفة الملابس


كان أدهم في ذلك الوقت قد ارتدي ملابسه و يقف أمام المرايا يضع من عطره المفضل ، فرآها تغادر غرفة الملابس مرتدية ملابس محتشمة أكثر من ذي قبل ، لكنها لم تخف جمالها ، بل على العكس ، أصبحت أكثر جمالًا في عينيه. 


شاهدها تخرج من الغرفة كلها ، ولم تنظر إليه بنظرة واحدة وكأنه غير موجود ، فكان غاضبًا من تجاهلها له الذي يتلف أعصابه ، وهمس بداخله : كل ما اقرب منك خطوة الاقي نفسي بعمل حاجة ابعدك بيها عني شارع بحالو .. تعبتيني جامد معاكي يا كارمن


ثم ترك ما في يديه ، وذهب وراءها لينزل ويفطر معهم بالأسفل.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في شركة مراد


يسير داخل الشركة بهيبته الطاغية دون أدنى اهتمام بنظرات الموظفات المعجبات به.


لا أحد يعرفه جيدًا من الداخل الكل معجب بمظهره الأنيق وملامحه الرجولية الوسيمة وامواله الطائلة ، لكنهم لا يعرفون ما وراء ستار الجمود الدائم والغضب الذي يتعامل به مع الجميع.


وصل إلى مكتبه وجلس على كرسيه بشموخ ، ورأى حاتم يدخله قائلا بقلق : انت كنت فين يا مراد من امبارح بكلمك و تليفونك مقفول


زفر بنفاذ صبر ، حيث أن مزاجه متعكر بشدة ، ولا يستطيع تحمل أي أسئلة الآن ، قائلاً باختصار : كنت في الشقة القديمة


اتسعت عيون حاتم بدهشة وخوف ، فلا يذهب مراد إلى هناك الا عندما تسوء حالته النفسية كثيرًا ، هتف حاتم بنبرة قلق صادقة : مالك يا بني احكيلي ايه اللي حصل و ليه روحت هناك!! 


مراد بصوت اجش : وحشوني يا حاتم روحت افضفضلهم باللي جوايا و مش قادر اقوله لحد


شعر بتعاطف كبير تجاهه فبرغم طبيعته العنيفة ، ولكن بداخله طفل صغير حرم من والديه وأخته ، عندما أخذهم الموت أمام عينه وقال : طب احكيلي انا معاك اهو


نظر مراد إليه بعيون حمراء من غضبه الداخلي قائلا بلوعة : بحبها يا حاتم مش حب امتلاك و لا رغبة زي ما كنت بوهم نفسي .. لا بحبها بجد و مش متقبل ابدا انها علي ذمة الزفت ادهم دا .. انا محتجلها اكتر منه .. لكن متقيد لا عارف اقرب و لا عارف ابعد خايف عليها من اللي ممكن يجرالها لو الاوس** اللي بشتغل معاهم عرفوا انها نقطة ضعفي


حاتم بتنهيدة : اهدا طيب و هنلاقي حل للناس دي احنا خلاص قربنا نخلص منهم .. بس لو فعلا بتحبها يبقي خليك بعيد عنها محدش عارف الناس دول ممكن يعملو ايه لو عرفو بإهتمامك بيها و متنساش وراك سفر و لازم تبقى مركز النهاية قربت... 


هز مراد رأسه متفقًا مع رأيه ، فلا شيء في يديه الآن ، ثم خرج حاتم تاركًا مراد غارقًا في أفكاره السلبية
امام باب قصر البارون 


خرجت كارمن معه من باب القصر ، وسارت بجواره ، وعندما نزلوا الدرج البسيط ، توجه أدهم إلى سيارته ، ظنًا منه أنها ستتبعه.


لكنها تجاوزت سيارته بتحدى ، وكأنه شفاف امامها لا تراه ولا وجود له ، وذهبت إلى إحدى سيارات الحراس الواقفة أمامهم ، وركبت في الخلف دون أن تنطق بكلمة واحدة.


اعتصر شفتيه بأسنانه غاضبًا من هذا التصرف ، فهذه العنيدة ستتسبب في إصابته بجلطة يومًا ما ، تنهد بعمق ثم ركب سيارته صافعا الباب بقوة متجهًا إلى الشركة.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••


في الحديقة الخلفية للقصر


جلست ليلى ومريم بعد خروج أبنائهما ، وبدت ملامح مريم مشوشة وقلقة ، فوجئت ليلى لأمرها ، لأنها منذ قليل كانت طبيعية تمامًا.


ليلي بتعجب : مالك يا مريم ؟


مريم بتنهيدة : مش عارفه يا ليلي قلقانه علي كارمن


ليلي بتساؤل : ازاي يعني مالها كارمن؟


أجابت مريم بحيرة : يعني مابقتش تقعد معايا زي الاول و تفضفضلي باللي بيحصل معها و دي مش طبيعتها معايا من وهي صغيرة بتناقشني في كل امورها 


ليلي بتفكير : يمكن معندهاش حاجة تحكيها يا مريم


مريم بإصرار : لا من وقت موت عمر الله يرحمه و جوازها من ادهم و هي متغيره حاسة انها مخبية عني حاجة سكوتها مش مريحني و كمان انتي مش ملاحظة ان في توتر بينها و بين ادهم


اومأت ليلي برأسها توافقها الرأي ، لتقول بإرتياب : يعني هما انهاردة قعدو معانا مانطقوش بكلمة عكس الايام اللي فاتت دايما ادهم يشاكسها قدامنا 


مريم بتأكيد : بالظبط يبقي اكيد في بينهم مشكلة


ليلي بتنهيدة : طيب لما ترجع كارمن بهدوء كدا استفسري منها لو في حاجة بينهم نحاول نصلحها .. انا كان قلبي ارتاح من تغيير ادهم من يوم جوازه منها والله يا مريم نفسي الاتنين يحبو بعض و يعيشو حياتهم مبسوطين مع بعض


مريم بإندفاع : كارمن بنتي و انا عارفها علي قد ما تبان هادية و مسالمه بس عنيدة جدا و دماغها ناشفه و قلقانه تكون تاعبه ادهم معها و عايشة علي ذكري عمر 


همست ليلي بحزن : لازم نعذرها يا مريم يعني هي عاشت مع عمر كذا سنه ازاي نتوقع منها تنساه في كام شهر 


مريم بأسف : ماتزعليش مني يا مريم مش قصدي سامحيني


تحركت ليلي قليلا ، تربت علي كف مريم بلطف ، لتقول بفهم : مفيش حاجة يا حبيبتي .. تعرفي انا حاسه ان في بينهم مشاعر مستخبية جواهم بس زي ما كارمن عنيدة ادهم كمان عنيد و محتاجين وقت عشان التلج اللي بينهم يتكسر


مريم بنبرة هادئة : ربنا يهديهم لبعض و يطمنا عليهم


ليلي بهمس : امين يارب


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في الشركة


ساروا معًا وتوجهوا مباشرة إلى المصعد ، وعندما أغلق الباب ، كانت تقف بجانب لوحة التحكم على اليمين ، لذلك رفع أدهم ذراعه الأيسر تلقائيًا للضغط على زر الطابق الذي سيصعدون إليه.


بينما كانت كارمن في عالم آخر بسبب اضطراب جسدها من وقوفه بالقرب منها ، ومن رائحة عطره المثيرة التي تخدر أطرافها حرفيًا ولا تستطيع التركيز. 


فوجئت بحركة يديه وأساءت تفسيرها ، فتراجعت وانكمشت في ذعر بجوار لوحة التحكم. 


نظر إليها وهو يرآها خوفها الغير مبرر ، ولكي يحرق أعصابها اكثر كما تفعل معه رفع ذراعيه ببطء ، ووضع كلتا يديه حولها على جدار المصعد بسماجة ، فأصبحت محاصرة منه ولا يفصل أجسادهم عن بعضهم البعض إلا إنشأت صغيرة جدًا


تبادلوا النظرات العميقة التي حملت الكثير والكثير من المشاعر في قلوبهم يصعب ترجمتها في بضعة كلمات ، لكنها لم تستطيع الصمت مدة طويلة ، فقالت بخفوت بينما ترمش بسرعة : انت واقف كدا ليه .. من فضلك اقف بعيد شوية


رفع أدهم حاجبه قائلا بعناد مشاكس : لا مش هبعد هتعملي ايه يعني؟


همست كارمن برجاء وارهاق : ادهم بقولك من فضلك


تشدق صدغ ادهم قائلا بسخرية لاذعة : ماشي بس مافيش داعي لنظرة الخوف اللي في عينيكي دي انا مش هاكلك في الاسانسير يعني


وانتقل بعيدًا إلى الركن الآخر من المصعد ، وظل الصمت سيد الموقف حتى وصل بهم المصعد بعد لحظات إلى الطابق المطلوب.


★•••••★


تقدمها بالسير لأن خطواتها كانت بطيئة بشكل متعمد ، وهي تعبر ذلك الممر الذي التقيا فيه لأول مرة.


وقفت تنظر إلى اللوحة المعلقة على الحائط ، وشردت بذاكرتها تستعيد كل التفاصيل التي حدثت في ذلك الوقت ، تتذكر ذلك الشعور الغريب الذي اجتاح قلبها في تلك اللحظة عندما اقترب منها. 


اتسعت عيناها مصدومة من حقيقة شعورها ، حيث لم تعد تمتلك خيار سوى الاعتراف لنفسها قبل أي شخص آخر.


حيث ينبض قلبها بجنون داخل صدرها في كل مرة تفكر فيه ، وتشتعل المشاعر بداخلها عندما تراه ، وتتألق عيناها بشغف وهي تتأمله في الخفاء وتتوق للتحدث معه حتى لو تشاجره ، وغيرتها عليه ، ومحاولتها لإستفزاز غيرته عليها ، ولن تنكر استجابة جسدها للمساته هذا الصباح ، بل زاد شوقها ولهفتها له أكثر.


تشعر بألم غريب في قلبها من ذلك الجدار الذي يفصلها عنه ، تريد بشدة كسره لتتخطاه ، و ترتمي بين ذراعيه ، وتبوح بكامل الأحاسيس التي تكنها له و تعصف داخلها ، فهي أصبحت منغمسة لأذنيها في بحار عشقه.


سوف تصاب بالجنون من كثرة التفكير.


كيف اخترق حبه قلبها رغم كل تحذيرات عقلها لها بعدم الانجراف في تيار عشقه؟


استيقظت من دوامة أفكارها ، وأطلقت أنفاسها المحبوسة لتهرب من صدرها ، وهي تمسح الدموع التي علقت برموشها بسبب الأحاسيس المفرطة التي شعرت بها دون توقع ، ثم رفعت ذراعيها لتعيد شعرها خلف كتفيها ، و ذهبت إلى المكتب.


★•••••★


مرت بمكتب السكرتارية ووجدته خاليًا ، فدارت عينيها حول المكان وزادت حيرتها. 


أين ذهبت تلك الخبيثة ؟ 


اتسعت عيناها من الرعب ، عندما استنتجت أنها قد تكون بالداخل مع أدهم وحدهم. 


دوي إنذار الغيرة في قلبها ، فتأهبت لمعركة دامية ، فإذا وجدتها تتدلل عليه في الداخل ، سوف تقوم بتحطيم رأسها.


كما أنها تحتاج أن تفجر الغضب المكتوم بداخلها في أي مخلوق لكي تهدأ ، وهي الأنسب لهذه المهمة.


بدأت ترفع طرفي اكمام بلوزتها استعدادا لنتف هذه المرأة الملعونة ، وهي تهمس لنفسها بجنون و شراسة : والله لو لاقيتك بتتدلعي عليه لا اكون مقطعاكي بأسناني يا بنت القرعة


هرعت إلى مكتب أدهم وفتحت الباب فجأة دون أن تطرقه.


تنفست الصعداء عندما رأت أنه يقف بمفرده أمام مكتبه وظهره لها ، وكان يرتب بعض الملفات، و قد خلع سترته ووضعها خلف مقعده وراء المكتب ، ودون أن يلتفت إليها تحدث ببرود : اعملي حسابك ان الفترة دي انتي اللي هتمسكي شغل السكرتارية


رفعت كارمن حاجبيها متسائلة بصوت مبحوح : اشمعنا راحت فين السكرتيرة؟


اردف أدهم بنفس نبرة الفتور في صوته حيث كان لا يزال يعطي لها ظهره : رفدتها امبارح


فوجئت كارمن بهذا الخبر قائلة بدهشة : ليه!!


رمقها بنظرة ذات مغزي ، بينما تغيرت نبرة صوته للجدية الشديدة : عشان كان ممكن يحصلك حاجة امبارح بسبب كذبها عليا و لولا ان ربنا ستر كنت دفنتها مكانها مش رفدتها


اتسعت عيناها بذهول من كلماته الجادة التي أحست منها بمدى خوفه الشديد وقلقه عليها. 


لا تنكر أن قلبها يرقص فرحا ، لأنه طرد تلك الحقيرة لأجلها ، لكن كرامتها جعلتها تأبي إظهار هذه الفرحة له. 


عقدت كارمن ذراعيها أمام صدرها ، ونظرت اليه متظاهرة بالهدوء قائلة ببرود : لا مش هي السبب خالص انت اللي مش عندك ثقة فيا


ضاقت عيناه وسار أدهم نحوها ووقف أمامها مباشرة ، قائلا باستنكار : انتي ايه اللي بتقوليه دا !! انا واثق فيكي طبعا


لم تستطع النظر إليه ، تعلم انها ستضعف مقاومتها الواهنة أمامه كما يحدث معها كل مرة ، لذا أدارت ظهرها له وهي لا تزال عاقدة ذراعيها على صدرها ، قائلة بنبرة اللوم من أفعاله معها مؤخرًا : لو بتثق فيا ليه بتعاملني كدا .. ماكنش في داعي لكل اللي قولته و اللي عملته 


مال أدهم نحوها قليلا ، وأغلق عينيه يستنشق رائحة شعرها بعمق وإنتشاء ، فهو لا يستطع ان يشبع منه ، ثم مر بأصابعه ، وجذب شعرها برقة خلف أذنيها ، قائلاً بهمس رجولي أصاب جسد كارمن بقشعريرة مثيرة : يعني انتي مش فاهمه ليه عملت كدا؟


استدارت كارمن إليه فجأة ، فتراجع خطوة إلى الوراء.


رفعت عينيها ، محدقة فيه لتقول بنبرة مرتبكة ومندفعة : هفهم ازاي و احنا مش بنكلم كلمتين مع بعض الا و تقلب بخناق و طول الوقت غامض معايا وكمان مديت ايدك عليا و...


رفع أدهم حاجبيه بمكر ، منتظرًا أن تستأنف الكلام : وايه كملي كلامك؟


نظرت كارمن اليه بغيظ ووجنتيها متوردة خجلاً : انت عارف اللي عملته بهدلتني و مشيت اللي في دماغك و في الاخر خليتني اغير الفستان برده 


كان مفتونًا بسحر عينيها الزرقاوتين اللتين أشعَّتا بغضب طفولي أحبه قلبه.


رفع أدهم ذراعه يمرر إبهامه على خدها الناعم ، وهو ينظر إلى عينيها الزرقاوين ، قائلاً باعتذار ونبرة دافئة تغلغلت في اعماق قلبها وأطاحت بعقلها : حقك عليا يا كارمن عارف انها غلطة كبيرة مني اني امد يدي عليكي .. انا اسف و عايزك تسامحيني ووعد مش هتتكرر حاجة زي دي تاني و لو عايزة تاخدي حقك من ايدي اللي ضربتك ماعنديش مانع 


حاولت كارمن أن تبقي علي عبوسها أمامه لكنها ببساطة فشلت ، وأشرق وجهها بابتسامة خلابة زينت شفتيها ، حيث لم تعد قادرة على إخفاءها بعد أن لامست كلماته واعتذاره شغاف قلبها. 


كارمن برقه : خلاص هكتفي بإعتذارك المرة دي بس 


أضافت بمشاكسة ، وهي ترفع سبابتها أمام عينيه بتحذير : و اصلا لو اتكررت تاني هنتقم منك في حاجة انت بتحبها اوي


ضيق أدهم عينيه وقال بتساءل : حاجة ايه دي؟


ردت عليه كارمن ، وهي تلوي شفتيها إلى الأمام بمكر أنثوي : الساعات ذات الماركات العالمية و البرفانات الغالية بتوعك هترجع البيت مش هتلاقي ليهم اثر 


ضحك بشدة على تهديدها ، وتساءل كيف عرفت أنه يحب هذه الأشياء و يحرص علي الحفاظ عليها بعناية : لا خلاص الطيب احسن


دقات قلبها أرهقتها كثيرا من ضحكته الجميلة مع اعتذاره لها ، وكذلك طرده إلى الياسمين الحقيرة ، بعد أن أمضت الليلة الماضية في كوابيس مستمرة بسببها ، ووجدت نفسها بشكل تلقائي تضع كبريائها جانبا ، قائلة بضيق ممزوج بالغيرة : و انا كمان اسفه عشان انا عارفه اني اتماديت في كلامي الصبح و مش من حقي اني ادخل بعلاقتك مع مراتك 


عبست ملامح أدهم قائلا بتعجب : هو انتي فاكرة ان دا اللي عصبني ؟


هزت رأسها قائلة بخفوت : ايوه 


اردف ادهم بحنان : انا اتعصبت عليكي و ضربتك عشان حطيتي نفسك في مقارنه معها .. عشان عايزة تعملي زيها فاكرة ان هو دا صح يا كارمن .. 


واصل حديثه بإبتسامة تهكمية : هي علي ذمتي عشان ابوها قبل ما يموت وصاني عليها لولا كدا انا كان زماني مطلقها بسبب تصرفاتها و انانيتها 


أساءت كارمن فهم معنى كلامه ، فقالت بنبرة مبطنه بالحزن : يعني مافرقتش كتير هي علي ذمتك عشان وصية ابوها ليك و انا علي ذمتك عشان وصية اخوك 


أحاط أدهم وجهها بين يديه ، وهو ينظر مباشرة في عينيها ، ليهمس من بين أسنانه بغضب لأنها لم تفهم مشاعره تجاهها للأن : اسكتي ماتعصبنيش عليكي تاني عشان وقتها العلامه اللي في رقبتك و مزعلاكي اوي هكررها في كل جسمك


سددت له ضربة خفيفة بقبضتها الصغيرة في صدره ، وكادت تذوب في خجل من كلماته الجريئة ، وزمجرت بحرج : ادهم بلاش قلة ادب 


لانت ملامحه قليلاً من مظهرها الخجول ، ليهمس بابتسامة عذبة : عادي مش مراتي انا حر اعمل اللي يعجبني


استأنفت كارمن كلامها بضيق ، وشعرت بالاختناق يعذب قلبها العاشق له : مش دي الحقيقة انت اتجوزتني عشان ملك


تنفس ادهم بعمق قبل ان يقول بهدوء : لو دا صحيح انا كان ممكن انفذ الوصية لفترة معينه و بعدها نطلق و لو علي ملك كنت هخليها معاكي و اهتم بكل حاجة تخصها و مش هقصر معها .. خصوصا انك كنتي رافضة الجواز اصلا حصل و لالا ؟ 


هزت رأسها بصمت بين يديه دعمًا لكلماته


أضاف أدهم قائلاً بنبرة عشق منغمسة بتملك : بس كان ممكن بعدها تفكري ترتبطي تاني و دا مكنتش هسمحلك انك تعمليه مش عشان الوصية و ملك بس


إتسعت حدقتى عينيها بشكل لا إرادي ، هامسة بأمل : اومال عشان ايه؟


ظل يحدق فيها وعينيه لتلمع بشغف قوي لعدة ثوان ، ثم غمغم بعشق كبير : عشان انتي عامية مش شايفه اني مهتم بيكي و بحاول اخليكي تحسي بحبي ليكي و اكبر دليل علي كدا .. اني اكتفيت باللي حصل بينا الصبح و مكملتش رغم انك كنتي عايزاني كمان ماتنكريش دا


أخفضت عينيها بخجل بعيدًا عن عينيه ، وتسارعت دقات قلبها بفرح وسعادة لإعلانه العميق عن حبه لها.


رفع أدهم ذقنها محدقًا في عينيها اللتين تتألقان بشغف وحب يراه بها ، ثم تابع حديثه بدفئ مفعم بالعاطفة : بس انا عايز اكتر من مجرد رغبة بينا يا كارمن .. عايز قلبك و حبك .. صابر عليكي عشان عايزك بجد .. ياريت تفهمني و ادينا فرصة نقرب من بعض و نفهم بعض نعيش زي اي زوجين طبيعيين 


احمر كارمن خديها خجلاً ، وشردت بعينيه التي تثملها وتبعثر قلبها ، ثم ازدردت لعابها للمرة المليون ، تفكر في كلامه هي تريد أن تبدأ معه صفحة جديدة من حياتها أيضًا.


أقرنت أفكارها بأفعالها ، حالما بادرت بوضع كفها على يديه التى علي خدها ، وقد اتخذت قرارها ، ثم أجابت بكلمة واحدة ، وهي تبتسم بخجل : موافقة
في الشركة


داخل مكتب ادهم


احمر كارمن خديها خجلاً ، وشردت بعينيه التي تثملها وتبعثر قلبها ، ثم ازدردت لعابها للمرة المليون ، تفكر في كلامه هي تريد أن تبدأ معه صفحة جديدة من حياتها أيضًا.


أقرنت أفكارها بأفعالها ، حالما بادرت بوضع كفها على يديه التى علي خدها ، وقد اتخذت قرارها ، ثم أجابت بكلمة واحدة ، وهي تبتسم بخجل : موافقة


ابتسم أدهم ابتسامة عريضة ، ليس فقط من اجل تلك الكلمة التي أراد ان يسمعها منها بشدة ، لكنه سعد للغاية ، وهو يري قبولها له الواضح بعينيها ، وأنها ترحب ببدأ حياة جديدة معه بإرادتها.


علي حين غرة وضع يديه على خصرها ، وجذبها إلى صدره ، وغمرها بعناق حار بين ذراعيه ، وهو يلحم جسده القوي بجسدها الناعم بقوة.


رفعت كارمن يدها في خجل تبادله العناق ، وهي تتنفس عطره الرجولي الذي يسحرها ، و بتلقائيه تمسكت به اكثر ، ووضعت رأسها مكان قلبه الذي سمعت بوضوح خفقاته العالية.


اقتحم الشوق أعماق قلبه المعذب بحبها ، حينما شعر بمبادلتها لعناقه واستكانتها بين ذراعيه ، فقبل شعرها في حنان ، و هو يربت علي ظهرها براحة يده برفق.


سمعت كارمن صوت همسه الدافئ بجوار أذنيها : اوعدك يا حبيبتي مش هتندمي 


خفق قلبها بعنف،  وهي تلتمس الصدق في صوته ، 

وشعور بأمان كبير يتغلغل في أعماق قلبها ، وهي تسمع منه لأول مرة كلمة حبيبتي التي خرجت منه بعفوية شديدة.


تريده أن يصبح حياتها وعائلتها وامانها في هذه الحياة ، وسعيدة جدًا باحتوائه لها بهذا الشكل ، لكنها ببساطة تخجل من ان تبوح بذلك أمامه الأن.


أخرجها أدهم من احضانه ، لكنها بقيت بين ذراعيه التي تحاصرها بحماية. 


قال وهو ينظر في عينيها ، وغمز لها متعمداً إحراجها : مش هتقولي حاجة؟


رمشت بأهدابها باسمة الثغر ، لتتمتم بتوتر : مش عارفه اقول ايه؟


أدعى ادهم التفكير قائلا بدهاء : قولي موافقه اننا نخرج نتعشي سوا الليلة 


اجابت كارمن تتصنع التفكير ايضا : سيبني وقت افكر 


قال ادهم بضحكة عاليه : ياريت ماتتأخريش عليا في الرد عشان انا مستني علي نار


شاركته الضحك ، ثم همست بحرج : طيب ممكن تخلي حد يفهمني شغل السكرتارية لاني معرفش المفروض اعمل ايه


أعاد أدهم بأصابعه ترتيب شعرها الأشعث من عناقه : و لا يهمك هبعتلك موظفه تفهمك كل حاجة


قالت كارمن بخجل من تشتتها المفرط أمامه : تمام انا هستني برا و اسيبك لشغلك


غمغم ادهم رافضا الابتعاد عنها : لا خليكي شوية


ابتسمت كارمن قائلة بدلال عفوي : ادهم احنا في الشركة لو سمحت بقي اتفضل شوف شغلك


ادهم بعبوس : عايزاني اسيبك ازاي و انتي بتتكلمي كدا .. ماتقدري مشاعري يا مفترية و اقولك حاجة مش هسيبك الا لما توافقي علي عزومة العشا قرري دلوقتي


ضحكت بخفة وهي تحاول فك حصار ذراعيه عن خصرها ، قائلة برقة بعثرت فؤاده : موافقة خلاص انت كسبت سيبني بقي


كانت على وشك الخروج من المكان ، لكنه أمسك بذراعها وجذبها نحوه ، وقبلها بقبلة عميقة على خدها المحمر الذي أغراه لإلتهامه بشغف ، وهو ينظر إليها بحنان.


ابتسمت له بنعومة يستوطنها الخجل ، وهي تغادر المكتب.


تنهد أدهم بقوة ، ثم نظر إلى المنظر الرائع خلف زجاج مكتبه ، واحتلت ابتسامة عشق وسعادة وجهه ، ووعد نفسه بأنه لن يكتم مشاعره بدافع الكبرياء بعد اليوم ، ولن يخاطر بفقدانها مهما حدث. 


الكبرياء ، مثل العديد من النقاط التي يجب أن تكون موجودة في أي علاقة حب طبيعية ، هو طلب معاملة خاصة وجيدة من الشخص الذي نحبه. 


من الطبيعي أن نرى الحب حتى في مشاجراتنا. 


الكبرياء يضيف مزيدًا من الحلاوة إلى الحب ، ولكن إذا تجاوز الأمر الحدود ، فلن يقبل الطرف الآخر أن تجعله يشعر بأنك أفضل أو أنه ليس له أيضًا الحق في التعبير عن كبرياء وأنه أيضًا له نفس المرتبة في عيون حبيبه.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بالقصر في جناح نادين


كانت نائمة وهاتفها المحمول يرن بجانبها. 


استيقظت نادين متأففة بضجر من هذا الإزعاج ، فهي استطاعت النوم بصعوبة من عواصف أفكارها التي لا تهدأ.


نظرت إلى الهاتف وتبدلت ملامحها في أقل من ثانية وابتسمت ابتسامة عريضة ، وهي تري اسم قاسم يضئ على الشاشة ، ثم أجابت بدلال : صباح العسل حبيبي


قاسم بغزل : صباح السكر يا سكرتي وحشتيني


نادين بصوت مبحوح : و انت اكتر 


قاسم بدهشة : انتي كنتي نايمة و لا ايه .. مش كنتي بدأتي تنزلي الشغل مع جوزك


اجابت نادين بعفوية : ماقدرتش اروح انهاردة تعبانه شوية و اصلا ما صدقت قدرت انام شوية من القلق اللي بقيت عايشة فيه


قاسم بمكر : ليه يا قلبي مالك احكيلي ايه اللي قلقلك؟


ردت نادين بدلع و قد خطرت علي بالها فكرة : عندي مشكلة كدا و مش عندي حد يساعدني فيها


قاسم بخبث : خير حبيبتي قوليلي ايه المشكلة؟


تنهدت نادين و هي تتثاؤب بكسل : مش هينفع في التليفون خلينا لما نتقابل اقولك كل حاجة


قاسم بوقاحة : و انتي هتجيلي امتي .. انتي وحشاني اوي 


ضحكت بغنج : و انت كمان مش هتأخر عليك ممكن اقدر اجيلك بعد يومين كدا


قاسم بشوق كاذب : اوكي يا حبي هتوحشيني اوي لحد ما اشوفك .. سلام


نادين بإبتسامة واسعة : انت اكتر .. باي باي


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


ظهرا في شركة البارون


استرخت كارمن على المقعد أمام مكتبها بعد مغادرة الموظفة التي ساعدتها في تعليم بعض الأساسيات في العمل.


ظهرت ابتسامة حالمة رائعة على شفتيها ، فهي حتي الآن لا تستوعب بعد التطورات التي حدثت بينها ، وبين أدهم منذ الصباح حتى اعترافه بحبه لها ، وكلماته اللطيفة التي اخترقت قلبها وشتت كيانها. 


وما جعلها سعيدة للغاية هو أنه يريد أن يبدأ معها صفحة جديدة برغبتها ، يروق لها نضوج تفكيره و انه يهتم بمشاعرها أكثر من مجرد علاقة جسدية بين أي زوجين ، وهذا يؤكد أنه يكن لها مشاعر عميقة ، كما تكن له حب كبير في قلبها لم تعترف به بعد ، ولكنه يزداد في كل لحظة تمر عليها بجانبه.


أخذت نفسًا عميقًا ، لتحاول التركيز الآن فقط على شاشة الحاسوب والأوراق التي أمامها ، لعلها تفهم شيئًا منها. 


رغم أن الموظفة لم تقصر في شرح كل شيء لها ، إلا أن عقلها مشغول بهذا الأدهم الذي لا يفصلها عنه إلا باب مكتبه فقط.


استغرقت في عملها على الحاسوب عن التفكير ، ولكن انقطع تركيزها بصوت الهاتف المجاور لها ، رفعت السماعة ليأتيها صوت أدهم الذي طلب منها الحضور إلى مكتبه فورا.


نهضت من مقعدها ، وأخذت معها دفتر ملاحظاتها ، وذهبت إلى مكتبه ، لمعرفة ماذا يريد منها بفضول؟


★•••••★•••••★


عند ادهم


في الداخل ، لم تكن حالة أدهم مختلفة تمامًا عن حالة كارمن ، فهو ايضًا لم يستطع العمل ، وخاطره كان مشغولاً بمن سرقت عقله وقلبه.


كان يمسك بين يديه مسودات تصاميم لنماذج لفساتين كارمن ، والتي وجدها على مكتبه بالأمس ، حيث اعجب بإبداعها وأفكارها الرائعة فأنها حقًا مميزة جدًا.


أراد أن يخترع أي عذر للتحدث معها ، فقد مرت أكثر من ساعتين منذ أن غادرت مكتبه ، لكنه ظل يشاهد كل حركة لها على شاشة جهاز الكمبيوتر الخاص به بإبتسامة علي تعبيرات وجهها الحائر في التصرف ، ونبضات قلبه العاشق لها تخفق بشوق بداخله تطالب بإحتضانها مرة أخرى إلى صدره.


كل تصرفاته معها جديدة تمامًا عليه يعيشها للمرة الأولي في حياته ، فهي الحب الأول الذي يغزو قلبه ليستعمره ولا يطالب بحريته إلا بين ذراعيها فقط.


لم يستطع الانتظار أكثر من ذلك ، فامسك السماعة بجانبه يخبرها أن تأتي إليه ، ثم نظر إلى الأوراق أمامه ومثل الانشغال.


طرقت كارمن الباب قبل الدخول ، ثم وقفت في منتصف المكتب تحدق به ، وهو جالس مستقيم الظهر خلف مكتبه.


انتظرته ليبدأ الكلام ، لكنه لم يظهر أي رد فعل ووجهه كالصفحة البيضاء لا يعبر عن أي شيء.


تنهدت كارمن بضجر لأنها سئمت من الوقوف هكذا حتى سمعته يقول في صيغة الأمر ، بينما الإبتسامة تعلو وجهه في نفس الوقت : اعمليلي قهوة


رمشت كارمن بعدم تصديق ، ثم نظرت إلى صانعة القهوة الكهربائية ، التي أشار إليها بطرف إصبعه.


لم تستطع كارمن الاعتراض عندما رأت تلك الابتسامة الرائعة على شفتيه ، ثم قالت لنفسها وهي تحك رقبتها براحة يدها : هو صدق اني سكرتيرته بجد ولا ايه ماشي يا ادهم خليني وراك اما اشوف اخرتها


كارمن بتنهيدة : امرك يا ادهم بيه


ذهبت إلى الآلة الموجودة في الزاوية ، لتشغيلها وبدأت في صنع القهوة ، ولم تسأله كيف يشرب قهوته لأنها تعلم أنه يشربها مظبوطة.


كانت عيناه تراقبها بنظرات ثاقبة تلمع بحب عميق ، وبعد فترة وجيزة أحضرت له القهوة ، ووضعتها على المكتب أمامه ، ثم وقفت بجانب كرسيه ، قائلة بخفوت : اتفضل


بدأ أدهم ببطء احتساء القهوة ، أغمض عينيه و غمغمًا بإستمتاع ، ثم فتحهما ، وهو ينظر إليها قائلا بدهشة : انتي ازاي عرفتي اني بشربها مظبوط؟


همست كارمن بحرج : من ماما ليلي كانت قالت قدامي قبل كدا


ابتسم أدهم إليها بجاذبية ساحرة ، وهو ينظر نحوها بعينين يفيضان عشقا جارف ، وثمة شعور بالسعادة والرضى تغلغل فى أعماقه من اهتمامها بمعرفة ما يحب ، ليقرن أفكاره بقوله فى هدوء : يعني مهتمه بالحاجات اللي تخصني


شعرت كارمن بالحرج ، وازداد خفقان قلبها عندما رأت عينيه اللامعتين تنظر تجاهها ، فقالت متلعثمة : عجبتك القهوة؟


وضع أدهم فنجان القهوة على المكتب ، وجذبها بخفة إليه لتجد نفسها جالسة على قدميه أمام المكتب.


احس أدهم بقشعريرة جسدها حالما لمست جسده ، وهي تقع بين ذراعيه ممَ جعله يشعر بالسرور والثقة ، لتأثيره عليها بهذه القوة.


لم يستوعب عقلها ما كان حدث ، ولم يمنحها فرصة للتفكير ، فامسك بيدها بين يده ورفعها إلى فمه ، وبدأ بتقبيل باطن كفها بحب وعيناه تنظر إليها مباشرة ، لتتشبع وجنتيها بحمرة الخجل ، واحست بفراشات تدغدغ اسفل معدتها.


أشاحت كارمن بنظرها نحو الأسفل بإرتباك ، فجلوسها بهذا الوضع وقربها المهلك منه ، توقد مشاعر حارقه في اعماق قلبها من الصعب اخمدها.


أجاب ادهم بهمس و إبتسامة المهلكة من فرط جاذبيتها : كفاية ان القهوة من ايدك انتي عشان تعجبني 


خفق قلبها بجنون وتوردت وجنتاها ، حيث أن كلماته تذوبها أكثر به ، وشعرت بفرح لا يوصف رغم إرادتها ، ووجدت شفتيها تنطق اسمه بهمس ناعم : ادهم 


ابتلع ريقه بصعوبة ، حيث نطق حروف اسمه بصوتها الناعم الهادئ هذا ، حقا يجعله يفقد عقله وينسى من هو.


قال بهمس رجولي دافئ ضد شفتيها ، وهو يرفع ذقنها لتنظر إليه ، وهي تبتلع لعابها ووجنتيها تشتعلان خجلاً : يا عيون ادهم


لن تقوي على الصمود أمامه أكثر من ذلك ، فهو ماهر في سلب دفاعاتها منها بسهولة فائقة ، لذا همست تحذره بقلق : ادهم احنا في المكتب ماينفعش نقعد كدا حد يدخل علينا


نظر أدهم لها متأملاً حمرة وجنتيها المغرية ، مبتسمًا لهذا العذر الواهى قائلا بمكر : ومين يقدر يدخل هنا من غير اذن .. لو عايزة تهربي انسي مش هسيبك


حدقت فيه ، لتقول بتوسل وهي تحاول النهوض ، لكن ذراعه الذي طوق به خصرها قيدت حركتها : عشان خطري يا ادهم بقي مايصحش احنا في الشركة


ادهم بخبث : عندك حق احنا نستني لما نرجع البيت و ناخد راحتنا


احمر خديها من فرط الحرج ، وعيناها الزرقاوان المذهولتان تنظران إليه بدهشة من جرأته التي لم تعتاد عليها ، قائلة بتذمر طفولي : ادهم احترم نفسك .. مش قصدي كدا وبطل تحرجني من فضلك


وضع أدهم كفه على خدها المتورد وقرصها بلطف ، هامسا ببراءة خادعة : اعمل ايه انتي اللي شكلك بيجنني وانتي مكسوفه كدا


تنهدت كارمن بقلة حيلة ، وعيناها تدوران ، تحاول إخفاء خجلها المسيطر عليها أمامه لتغمغم : طيب خلاص سيبني اقوم...


بترت حديثها حالما رأت مسودات تصاميمها على المكتب ، فوجهت إصبعها إليها قائلة بإستغراب : هي تصاميمي بيعملو ايه علي المكتب هنا؟


ادهم بإبتسامة : انتي امبارح نسيتي تاخديهم و انا لما رجعت المكتب شوفتهم و عجبوني جدا


كارمن بعدم تصديق : بجد عجبوك 


أومأ ادهم برأسه قائلا بصدق : شغلك فعلا تحفة يا كارمن و في مفاجأة كمان هقولك عليها بس بعدين


نسيت كارمن نفسها ، ورفعت يديها عفوية ، وشبكتهما خلف رقبته ، وتحدثت بحماسة طفولية لأنها أنجزت شيئًا اعجبه حقًا : لا ارجوك قول دلوقتي


لمعت عينا أدهم ببريق خطير من حركتها العفوية ، وقربها هذا المرهق لقلبه ، ولم يعد يستطيع مقاومة رغبته بها ، فوضع يده خلف رقبتها وشدها يزيل المسافة بينهما وهو يلتهم شفتيها بين شفتيه بقبلة حارة ، ولم يمر وقت حتى سايرته هي نفس الشغف ، ونسيت العالم أجمع ، لتضع كفها الصغير المرتعش على خده ، تداعب شعر ذقنه برقة متناقضة مع خشونة ذقنه.


ممَ اثار جنونه اكثر ، وتعمق أكثر في القبلة ، متذوقًا شهد شفتيها ، لينغمس معها في عالم آخر ، وهي بين يديه التى يمررها صعودًا و نزولاً برفق علي ظهرها.


كانوا يقبلون بعضهم البعض بتمهل وشغف كما لو كان لديهم كل الوقت ، ونار متأججة رائعة اشتعلت حتى ارتفع لهبها لتسيطر علي قلوبهم ، ولم يكن يفصل قبلتهما إلا لبضع ثوان ، ليجعلها تلتقط أنفاسها ، ويعود مرة أخرى يلتهمها بلهفة.


بعد لحظات طويلة مليئة بالتناغم و الحرارة ، أُضطر رغماً عنه على فصل قبلتهما ، حينما شعر بحاجتهم إلى الهواء ، لينظر بعينيه الزرقاوين الداكنتين إلى جفنيها المغلقين ولهثها العنيف نتيجة سيل المشاعر التي تسيطر عليها بسبب تلك القبلة العاصفة.


أخذ أدهم نفسًا عميقًا ، وهو يشعر براحة كبيرة تغمر كيانه ، ثم اقترب منها يقبل جبهتها بحب ، ففتحت عينيها ببطء لتنظر إليه بذوبان ، سرعان ما اطرقت رأسها للأسفل دون ان تنطق بشيئا.


سمعت كارمن همسه الرخيم بجانب اذنيها ، يسألها بنبرة حنونه دافئة اخترقت قلبها بسرعة رهيبة ، ممَ جعله ينبض بجنون لذيذ : مالك انتي كويسة ؟


اغمضت عينيها وهي تشعر بالخجل بسبب تفاعلها القوي معه في ثورة مشاعرهم المجنونة منذ لحظات ، قائلة بصوت خرج مبحوح ناعم : ايوه .. انا تمام


ازاح أدهم شعرها بلطف خلف أذنيها ، ليتحدث بهدوء حيث يعرف ما يدور في ذهنها الآن : سيبي مشاعرنا هي اللي بتمشينا يا كارمن وبلاش نحسبها .. احنا هنعيش مرة واحدة بس


أومأت كارمن إليه بفهم ، وهي تبتسم في وجهه بخجل ، وتشعر بالراحة والأمان من حديثه الدافئ : حاضر بس اتفضل بقي كمل شغلك انا عطلتك زيادة عن اللزوم


رفع أدهم وجهها بأصابعه ، ليجبرها على النظر إليه قائلاً بحنو : في دقايق في العمر تستاهل ان الواحد يوقف فيها كل حاجة وراه و يعيشها بإحساسه كله 


تألقت زروقتيها ببريق عشق يفيض بمدى مشاعرها الجياشة تجاهه ، وهمست بصدمة : مش مصدقة ان اللي بيكلم كدا هو ادهم اللي علي طول مكشر و حياته كلها شغل في شغل


هتف أدهم بابتسامة عذبة ، فهو سعيد بسلاسة الحوار بينهما : بمناسبة الشغل اليوم قرب يخلص تحبي تروحي البيت تجهزي نفسك لمعادنا بليل


ازدردت كارمن لعابها ، ثم أخذت نفسا عميقا قبل أن ترد ، مبتسمة بلطف : لا هستناك و نروح سوا .. هخرج اكمل شغلي برا 


قام بتقبيلها برقة على وجنتها المحمرة ، ثم أومأ إليها بالموافقة ، فقامت بتعثر بسبب ارتباك المشاعر التي تتفاعل بداخلها ، قائلة بهدوء بينما تلتقط الاوراق من علي المكتب : انا هاخد المسودات معايا 


ادهم بإبتسامة : ماشي حبيبتي


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند كارمن في مكتب السكرتارية


خرجت من المكتب بابتسامة رقيقة على وجهها الجميل ، وهي تغلق الباب خلفها. 


تشعر براحة كبيرة تتغلغل في جميع اوصالها ، ولكن بمجرد أن استدارت للأمام وخطت خطوة واحدة ، حتي اصطدم كتفها بشخص ما ، وسقطت جميع الأوراق التي كانت تحملها في يديها على الأرض.


نزلت كارمن فورًا على قدميها ، لتقول بسرعة وحرج من شرودها الذي اوقعها في هذا الموقف السخيف : معلش انا اسفه جدا 


هبط هذا الشخص أيضًا ، جاثيًا على قدميه أمامها ، وساعدها في جمع الأوراق ، قائلا بنبرة اعتذار : محصلش حاجة انا اللي اسف


رفعت كارمن رأسها ، محدقة به في حرج : شكرا لحضرتك


اتسعت بؤبؤ عينه قسراً ، دليلاً على إعجابه بفتنة عينيها الزرقاوتين التي تشع براءة ، ثم خفض نظره إلى محتويات الأوراق ، ورفع حاجبيه قائلا في دهشة وإعجاب : دا شغلك انتي


... : ايوه


لاحظ توقيعها اسفل الورق ليهتف بلطف : بجد تصاميمك حلوة جدا يا كارمن صح


انتهت كارمن من جمع الأوراق ، ثم نهضت قائلة بهدوء خجول : اه متشكرة 


مد يديه إليها وقال لها بأدب ، وابتسامة جذابة تعلو شفتيه : انا يوسف مهران


رفعت يديها لتصافحه بمجاملة ، متمتمة بابتسامة جميلة هادئة على وجهها : اتشرفت بحضرتك انا كارمن الشناوي


يوسف بإعجاب واضح : هو انتي السكرتيرة الجديدة لأدهم بيه مش كدا


فتح باب المكتب فجأة من خلفهم ، ليظهر أدهم الذي تابع ما حدث منذ قليل من خلال شاشة الحاسوب ، ووجهه مقتضبًا بتجهم لا ينذر بالخير.
من لطف اللغة ان لٱ يقال للقلب فؤاد ،

الا إذا سكن الحب فيه ..!!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


داخل شركة البارون


فتح باب المكتب فجأة من خلفهم ، ليظهر أدهم الذي تابع ما حدث منذ قليل من خلال شاشة الحاسوب ، ووجهه مقتضبًا بتجهم لا ينذر بالخير.


تحدث أدهم ببرود كالصقيع عكس شعوره بنار الغيرة التي عصفت بقلبه : ازيك يا يوسف


يوسف بإبتسامة : الله يسلمك يا ادهم بيه


تساءل ادهم بهدوء : هو انتو تعرفو بعض ؟


يوسف بعفوية : لا انا لسه متعرف علي الانسة من دقيقتين بالظبط و عجبني شغلها اوي


ضحك أدهم ساخرًا ، ثم قال و هو يضغط علي كل حرف ينطق به : اعرفك انا عليها حضرتها مدام كارمن مراتي


شعر يوسف وكأن دلو من الماء البارد سكب على رأسه ، فهو لاحظ عدم وجود دبلة في إصبعها ، وهكذا استنتج أنها ليست مرتبطة .


يشعر الآن أنه غبي حقيقي و قد أحرج نفسه كثيرًا.


يوسف بإرتباك : معلش بعتذر علي سوء الفهم يا مدام كارمن 


ثم اردف بدهشة كأنه تذكر شيئا : بس مش مراتك حضرتك حسب ما انا فاكر اسمها نادين


شعر أدهم بالانزعاج من هذا الأبله الذي ينطق بالحماقات في وقت غير مناسب تمامًا ، وقبل أن يتمكن من الرد عليه.


سمع كارمن التي قالت بأسلوب هادئ مصطنع ، وهي تبتسم ابتسامة صفراء لم تصل إلى عينيها ، فكانت تغار في قلبها من ذكر سيرة تلك الشقراء : انا مراته التانية .. عن اذنكم عندي شغل 


أمسك أدهم بذراعها ، لكي يمنعها من المشي ، قائلاً بهدوء لعله يستطيع إصلاح الموقف : كارمن حالا سكرتيرتي الشخصية و هتشرف بنفسها علي تنفيذ التصاميم اللي هندخل بيها الديفيليه‮ الجاي


نظرت إليه كارمن بصدمة هو لاحظها ، لكنه استمر في الكلام متجاهلاً رد فعلها ، قائلاً بجدية : دا يوسف Event Planner "منسق الفعاليات" المسؤل عن تنظيم كل حاجة خاصة بعروض الازياء الخاصة بالشركة .. 


ثم أضاف ، موجها حديثه إلى يوسف : كام فستان جاهز دلوقتي من المجموعه للديفليه


يوسف بعمليه : 22 فستان جاهز 


اومأ ادهم بتفاهم قائلا بحزم : تمام يعني فاضل 8 فساتين .. هنختارهم من تصاميم كارمن اللي شوفتها دلوقتي و هي بنفسها هتشرف علي تنفيذهم مع الفريق بلغهم يجهزوا


يوسف بجدية : امرك يا فندم


ادهم بهدوء : طيب تقدر تتفضل 


غادر يوسف في احترام من أمامهم


(يوسف : يبلغ من العمر 32 عامًا ، أعزب ، نشيط في عمله ، يحترم أدهم ويحبّه بشدة ، ولولا فضله ما كان ليكون في هذا المنصب المهم ، لكن على الرغم من ذلك ، فهو يعرف قيمته الخاصة وأنه جدير بالمسؤولية ، و هو ايضا وسيم للغاية وجذاب ، ويتميز ببشرته الخمرية ، وجسمه الرياضي ، وعيناه السوداء ، وقلبه الطيب )


التفت أدهم إلى كارمن ، التي كانت واقفة تنظر للأمام ببلاهة ، ليسأل : مالك في ايه؟


حدقت به كارمن في خوف قائلة على الفور : ادهم انا مش جاهزة للي قولته دا


وضع أدهم يديه على كتفيها ، وربت عليهما بلطف يحادثها كأنها طفلة صغيرة ، ليقول بلطف : ممكن تهدي يا حبيبتي خدي نفس طويل و طلعيه براحة


اومأت كارمن اليه في انصياع ، وأخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء.


ادهم بحنو و هو يحاول اقنعها بهدوء : ايوه كدا ماتخافيش الديفليه دا مهم للشركة و ليكي كمان شغلك فعلا جميل .. مش معني انك قعدتي فترة طويلة مش بتشتغلي انك مش هتقدري و 8 فساتين في اقل من شهرين وقت كافي هتخلصيهم بسرعة


كارمن بذهول : شهرين بس


ادهم بضحكة : هما بظبط 56 يوم .. انا معاكي خايفة ليه و الفريق اللي هتشتغلي معه ممتاز و متأكد بعد يومين من الشغل هتندمجي معهم .. ايه راح فين حماسك 


تنهدت كارمن قائلة بإرتباك : موجود بس عندي رهبة من الحاجات الجديدة عليا 


ابتسم لها ابتسامة جميلة ليقول بصوته الرخيم الذي جعلها تنسى كل فكرة سلبية : كدا المفاجأة اتحرقت و عرفتي اللي كنت بخططو ليكي 


ابتسمت كارمن بامتنان وحب ، ممسكة بيدها يديه ، سعيدة جدًا بتشجيعه وإصراره على أن تصبح عنصرًا مهمًا في الشركة و ان تبرز موهبتها ، وهذا يجعل مكانته في قلبها تزداد رغماً عنها ، قائلة بنبرة هادئة : شكرا يا ادهم بجد شكرا علي دعمك ليا و ثقتك فيا و سامحني لو عملالك قلق الايام دي 


وضع كفه علي عنقها وقبل جبينها ثم عينيها ، وقال بحب عميق : انتي تستحقي كل حاجة حلوة .. المهم دلوقتي الفترة الجاية هتكوني مشغولة طبعا ف مضطر اطلب من مها ترجع مكانها هنا تاني .. بس من هنا و رايح قهوتي هتبقي من ايدك انتي 


رمشت كارمن بعينيها ، وهي تفكر ان مها اهون بكثير من تلك الياسمين البغيضة ، ثم سألت بحيرة : و مكتبي هيكون فين 


ادهم بغموض : ماتقلقيش هتعرفي في الوقت المناسب


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في الصعيد داخل منزل الحج عبدالرحمن 


في غرفة الحج عبدالرحمن


جلس بدر بجانب والده على الأريكة ، وقال ببشاشة : اطمن يا حج خلاص بكرا بمشيئة الله هننزل علي مصر و نرجع و معانا حفيدتك


الحج عبدالرحمن بإبتسامة : ماشي يا ولدي خدو بالكم من نفسكم و ماتنساش مريم تيجي معاكم كمان عايز اشوفها ضروري


بدر بطاعه : حاضر يا حج ماتقلقش 


الحج عبدالرحمن بقلق : خايف تعاند البنت و ماترضاش تيجي اكيد شيلة في قلبها مني عشان ماوقفناش مع محمد في مرضه


تحدث بدر بضيق فهو لا يريد ان يزيد من تعب والده : احنا كنا نعرف منين موضوع مرضه يا ابوي .. دا بالصدفة فهمنا من الشركة انه كان مريض قبل وفاته سيبها علي الله بلاش تتعب روحك 


تنهد الحاج عبد الرحمن وهو يربت على يد ابنه بحنان ، واعتزاز وهو يدعو الله بداخله أن يطيل عمره حتى يلتقي بابنة ابنه العزيز رحمه الله ، لكي يجعلها تسامحه علي ظلمه لهم سنوات طويلة. 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


مساءا في قصر البارون 


دخل أدهم غرفة الملابس بعد أن انتهى من ارتداء ملابسه ، ورآها واقفة وعلي وجهها علامات الحيرة و العبوس وهي تنظر إلى صف الفساتين أمامها.


وقف خلفها مباشرة ، نزل برأسه ليطبع قبلة لطيفة على كتفها ، قائلاً في همسة حنونة : الحلوة مكشرة ليه؟


ظهرت الابتسامة على وجهها محل التجهم ، عندما شعرت بقبلته الناعمة على كتفها مما جعل الحرارة تشع في جسدها ثم التفتت لتنظر إليه ، فوجدته بكامل اناقته في بدلة سوداء تظهر جسده المنحوت وعضلات كتفه المجسمة من خلف قماش البدلة ، لذلك كانت كلمة "ساحر" قليلة في حقه.


كانت عيناها تفيضان بإعجاب واضح به ، ثم تنهدت قائلة بحزن وحيرة : ايه دا انت بقيت جاهز و انا لسه محتارة البس ايه لخروجة العشاء دي


ادهم بإبتسامة : تحبي اساعدك


ضيقت عينيها عليه قائلة بشك : هتعرف


ادهم بثقة : هتندهشي


مطت كارمن شفتيها قائلة بعناد وعقدت ذراعيها على صدرها : لا مش هخليك تختار معايا


أمال رأسه قليلاً ، قائلاً بتذمر طفولي ، راق لها كثيرًا : ليه بس!!


كارمن بعتاب : هتتعصب عليا تاني زي الصبح


ضحك أدهم بخفة وسحبها من خصرها اليه ، ووضع جبهته على جبهتها : قلبك قاسي علي فكرة لسه فاكرة


وضعت يدها على صدره و هي تلعب في رابطة عنقه ، وقالت بعبوس مزيف وهي تلوي شفتيها بإغراء : اه لسه


رفع أدهم وجهها إليه وتحدث بهمس ، وهو يطبع قبلات متناثرة على كل شبر من وجهها : حبيبتي .. اسف .. حقك .. عليا .. انا غلطان ..


تلون وجهها من خجل بسبب القبلات الدافئة والهمسات التي ألهبت مشاعرها ، فحاولت تغيير الحوار لإخفاء خجلها منه ، وهي تقوم بتحرير نفسها من حصار ذراعيه. 


ذهبت إلى صف الملابس لتخرج ثوبًا عشوائيًا أثناء حديثها بصوت مبحوح : خلاص ماشي ممكن تخلينا دلوقتي في موضوعنا ايه رأيك في الفستان دا


وضع أدهم إحدى يديه على خصره ، ولوح لها بيده الأخرى قائلاً ببرود : لا مينفعش صدره مكشوف 


ألقت الثوب على الأريكة المجاورة لها ، وأخرجت له ثوبًا آخر ، ثم وضعته أمام جسدها ليرى ما إذا كان يناسبها أم لا : طيب و دا؟


تحدث أدهم مع رفع حاجب واحد : قصير اوي


زفرت بضيق ، لكنها حاولت السيطرة على غضبها وأخرجت ثوبا آخر وفعلت الشيء نفسه : هاااا


وضع أدهم يديه على جبهته متظاهراً أنه يفكر ، و تمتم : لونه مش حلو


رمت الفستان على الأرض بغضب ، وصرخت بنفاد صبر وتذمر طفولي ، ودبت على الأرض بقدمها وهي تشير إلى باب الغرفة : ادهم اخرج برا انت زهقتني مفيش حاجة عجباك .. بلاش اسلوب التسلط بتاعك دا مش بحبه


اقترب منها أدهم وقال لها بابتسامة هادئة ، ونظرة عشق تلتمع في عينيه : ليه ماتفكريش اني بغير عليكي


بهتت ملامحها ونظرت إليه بدهشة من اعترافه الذي لم تتوقع أن يقوله لها ، فمنذ الصباح وهي تحاول أن تجعله يشعر بالغيرة ، وهو بالفعل يشعر بها أم أن عقلها يختلق أشياء ليس لها صلة بالواقع. 


أمسك أدهم بيديها ، ورفعهما إلى فمه ، وقبلها بلطف ، مؤكدًا كلامه : بغير اوي


عضت كارمن شفتيها بخجل وفرحة عارمة تتراقص في قلبها ، ولم يستطيع لسانها الرد.


ادهم بهمس بجوار اذنها : غمضي عينيك


أغمضت عينيها بطاعة ، مختلفة تمامًا عن عنادها السابق


مرت لحظات قبل أن تسمعه يقول بهدوء : فتحي 


فتحت عينيها ببطء ، لكن سرعان ما اتسعت في ذهول وانبهار حقيقي بما تراه.


فأدهم يحمل بين يديه فستان أبيض يصل طوله إلى ما بعد الركبة بقليل ، وله حافة شراشب ذات طبقات جذابة ، وبأكمام طويلة شفافة مع الدانتيل.




تطلعت الي الفستان بعيون تتألق ، وقد أَثار إِعجابها ذوقه كثيرا مما جعل ادهم يشعر بالسرور والانبساط عند ظهور تلك الابتسامة الجميلة علي شفتيها  


كارمن بعدم تصديق : دا ليا انا


ادهم بإبتسامة : طبعا يا روحي عجبك ذوقي 


قالت كارمن بسعادة وهي تلتقط الفستان من يديه : دا تحفة بجد يجنن يا ادهم


ثم اقتربت منه بشكل عفوي ووضعت قبلة صغيرة على خده ، مما أذهله وجعله سعيدًا جدًا. 


كانت هذه هي المرة الأولى التي تبادر فيها برد فعل كهذه ، كانت قد ابتعدت عنه قليلاً بينما كانت ترمش بتوتر من صمته الذي اثار قلقها.


سرعان ما هدأت أنفاسها ، و هي تري ابتسامة جميلة تزين فمه ، فإنحني عليها يقبلها بالمثل ، قائلاً بصوت أجش : هستناكي تحت لحد ما تجهزي نفسك 


ثم تحرك بسرعة وخرج من المكان قبل أن يتهور ، ويفسد كل خططه لهذه الليلة.


أغمضت كارمن عينيها ، وشعرت بنبض قلبها يدق مثل الطبول ، احتضنت الفستان بابتسامة جميلة على وجهها ، ثم اسرعت لارتدائه بحماس.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


اما في الاسفل


أدهم يجلس بانتظار نزول كارمن ، وبجانبه تجلس والدته و مريم ، وأيضا معهم نادين التي يقتلها الفضول بسبب مظهر أدهم الانيق ، ولا تعرف سر تلك الهمهمات بينهما امامها والتي لا تفهم منها شيئا.


قاطع صوت أدهم أفكارها وهو يحادثها


تساءل ادهم ببرود : ايه سبب غيابك انهارده يا نادين؟


ابتلعت لعابها بإرتباك و غمغمت بكذب : كنت تعبانه شوية ماقدرتش اقوم


ادهم بنبرة لاذعة : انا في الشغل مش بحب الاستهتار و تعبانه ازاي ما انتي قاعدة كويسة قدامي و حتي لما بتبقي تعبانه كنتي برده بتخرجي مع صحابك و للنادي 


عضت نادين شفتيها ، وهى تشعر بالحرج من توبيخه لها أمام هاتين العجوزتين ، قائلة بلطف متصنع : معلش يا حبيبي اول و اخر مرة


ادهم بصرامة : مافيش لا اول و لا اخر يا نادين الفرصة مرة واحدة عندي .. انتي عرفاني و انسي موضوع الشغل في الشركة .. دا غير خناقتك مع موظفه في قسم التسويق و تهزيقك ليها انا مش ناقص مشاكل و دوشة


هتفت ليلي بصدمة و عدم رضا : يا خبر معقول 


نظرت إليها نادين بسخط ، ثم صاحت بتذمر لأنها لم تستطع إيقاف لسانها اللاذع من الكلام : يا ادهم دي كانت شايفه نفسها عليا كان لازم اعرفها مقامها


ادهم بغضب : نادين لو سمحتي كفاية .. الست ما عملتش اي حاجة غلط انا شوفت بعيني كل حاجة حصلت من الكاميرات .. اسلوبك ماينفعش عندي في الشركة خلاص انتهينا 


همست ليلى بغضب في أذن مريم : مش كفاية احنا مستحملينها 


حاولت مريم أن تزم شفتيها حتى لا تدع الضحكة تفلت منها في هذا الجو المشحون بالتوتر.


زفرت نادين مستاءة من كلام أدهم الغير منصف من وجهة نظرها ، تفكر أنه لا فائدة من كل هذا من الأساس ، حيث لن تتمكن من فعل أي شيء مع كارمن داخل الشركة بسبب وجود الكاميرات في كل مكان. 


★•••••★•••••★


بعد عدة دقائق 


رن صوت الكعب العالي يتشقق على الدرج ، تحول انتباه الجميع إلى مصدر الصوت.


اتسعت عيون الجميع بدهشة ، حتى نادين انذهلت من شدة جمال كارمن التي نزلت الدرج بحذر و هي تتمسك بالدرابزين لتحافظ على توازنها ، فهي لا تحب الأحذية ذات الكعب العالي ، لكنها تريد أن تظهر في أبهي طلة هذه الليلة في عين أدهم الذي يرى الكثير من الجميلات كل يوم ، و هي لا تضاهي بجوارهم شيئًا ، لكنها لا تعلم أنه لا يري سواها فقط منذ أن وقعت عيناه عليها.


أما أدهم ، فقد كان مفتونًا تمامًا بتلك المرأة المذهلة التي عذبت فؤاده بشكلها الملائكي.


شعر وكأنها عروس وهذا بالضبط ما أراده عندما قام بشراءه ، بدت كملاك في ذلك الفستان الأبيض الذي يناسبها تمامًا ، كما لو أنه صنع خصيصًا لها.


نهض ليمشي ببطء نحوها ، و عيناه لا تحيدان عنها ، مثل الذي عينيه مسحورة ، و على خطى سحر فاتنته يسير. 


خطفت أنفاسه برفعة خصلات شعرها ، التي صفتها بطريقة جذابة على شكل كعكة فوضوية ، تاركة بعض الخصلات تتدلي في رقة بجانب وجهها ورقبتها بطريقة تناسبها كثيرًا.


كما حددت عينيها الزرقاوين بالكحل الأسود ، مما زادها جمال فوق جمالها ، و سلبت عقله حقا بشفتيها المكتنزة باللون القرمزي بإغراء.


وصل أدهم إليها ، وأمسك كفها الرقيق بين يديه الكبيرتين ، ليهمس بصوت لا يسمعه أحد غيرها : انتي ليه كدا؟


نظرت إلى الفستان ، ثم نظرت إليه دون أن تفهم مقصده وسألت بدهشة : كدا ازاي يعني!!


ادهم بهيام : حلوه اوي ليه كدا 


منحته ابتسامة حلوة ثم سألته بقلق : بجد يعني الفستان حلو عليا و لا هتعترض زي الصبح


تنهد أدهم قائلا بعاطفة جياشة : انتي في احوالك كلها حلوة يا قلبي


اتسعت ابتسامتها أكثر من مغازلته المستمرة بها منذ بداية اليوم ، وأحبتها كثيرًا حقًا وتمنت أن يظل دائمًا على هذا النحو ، ثم تمتمت بإعجاب وصدق : انت كمان دايما وسيم جدا في كل حاجة بتلبسها


ادهم بغمزة : هي الحلوة بتعاكس و لا ايه


نظر إليها بمكر وضحك عندما رأى خديها يشعان بحمرة الخجل ،  لترهق قلبه اكثر ، و اردف بصوته الرخيم ، محاولاً التحكم في دقات قلبه : طيب يلا بينا عشان مانتأخرش


ثم سار معها نحو الجالسين ينظرون إليهم بسعادة ، تحدثت ليلي بمحبة : كل يوم جمالك بيزيد يا حبيبتي ربنا يحميكم


كارمن بإبتسامة خجولة : عيونك الاحلي يا ماما ليلي 


مريم بحنان : ماشاء الله عليكي يا قلبي ربنا يحرسك من العين 


أرسلت لها كارمن قبلة في الهواء ، ثم تسألت : يارب .. اومال فين ملك يا ماما


مريم بإبتسامة : نايمة فوق في اوضتي يا حبيبتي 


ادهم : كدا تمام محتاجين اي حاجة


ليلي بحنان : سلامتك يا نور عيني 


ثم أضافت ليلى و هي تنظر الي نادين التي تتابع ما يحدث بعيون حادة والحقد يتغلغل في عروقها ، وهي على وشك الانفجار في أي لحظة : المهم اخرجو انتو و انبسطوا بوقتكم


أومأ برأسه بابتسامة صغيرة في صمت ، ثم غمز لهما بغموض دون أن تلاحظ كارمن ، ثم نظر إلى أصابع كارمن المتشابكة بأصابعه ، بينما كان الاثنان يسيران بجانب بعضهما مثل أي زوجين سعيدين يتجهان الي الخارج تحت أعين نادين ، التي تأكدت من بدء العد التنازلي لها هنا في هذا المنزل. 


لم تستطع تحمل البقاء مع هاتين العجوزتين ، لذلك غادرت المكان بسرعة.


نظر كل من مريم وليلى إلى مكان نادين الخالي ، وانفجرا ضاحكين حتى إمتلئ المكان من حولهما بأصوات ضحكاتهم.


تحدثت ليلي وسط ضحكتها : شوفتي ان كان قلقلك الصبح علي الفاضي 


مريم بإرتياح : و الله انا كان قلبي قلقان فعلا الصبح بس من وقت ما رجعو مع بعض بيضحكو و مبسوطين انا ارتحت


ليلي بإبتسامة : الحمدلله شكل الامور هادية بينهم 


مريم بضحكة : عندك حق الحمدلله بس طلع ادهم مش سهل خالص يعني شخصيته الجدية طول الوقت خلاني استعجب اوي من كلامو معانا من شوية


ليلي بتأكيد : دا يثبت انه فعلا بيحب كارمن .. انا اللي مزعلني بجد العقربة نادين وجودها مابقاش له اي داعي بس هو مش عايز يطلقها معرفش ليه!!


مريم بتعقل : ادهم محترم يا ليلي و ابن حلال اكيد مش عايز يطلقها لان والدها متوفي و مالهاش حد


ثم أضافت وهي تنظر إلى ساعتها : المهم ماتخليش الكلام يسرقنا انا هطلع ابص علي ملك و بعدها نحضر الحاجات اللي طلبها ادهم 


اومأت ليلي بالموافقة : ماشي يا مريومة يلا


ثم نهضت معها إلى الطابق العلوي.
العشق هو مزيج من المشاعر القوية من 

مودة، وحنان، ودفء، وتعلُّق، وانجذاب، واحتياج، واحترام، واحتواء...

تكون جميعها تجاه شخص معيّن فقط ، وتنعكس هذه المشاعر على سلوكيات الشخص الواقع في الحب ، وفي الحب تزيد الرغبة في العطاء للحبيب ، ويصبح الحبيب في أعلى أولويات الإنسان حتّى على حساب نفسه.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


مازلنا في قصر البارون


بعد قليل...


في الاعلي بجناح نادين 


بعد أن دخلت الجناح ، أمسكت هاتفها ، و اتصلت علي ميرنا ، وهي تسير ذهابا وايابا بعصبية في المكان حتى سمعت صوت ميرنا الناعم : الو يا حبي


نادين بتوتر : ايوه يا ميرنا


ميرنا بدهشة : مالك يا بنتي متعصبه كدا ليه؟


نادين بحنق : لا و حاجة .. البيه منعني اروح الشركة تاني بسبب حجج فاضية 


ميرنا بهدوء : خلاص مش مهم الشركة انتي عندك ناس هناك بتنقلك الاخبار اصلا


نادين بحقد : ايوه بس انا كنت عايزة ابقي وسطهم هناك .. دا غير ان ادهم بيه اخد الهانم دلوقتي و عازمها علي العشاء برا .. انا حتي مش فاكرة اني خرجت معه قبل كدا في اي حته 


ميرنا بخبث حيث تضرب على الحديد وهو ساخن : يبقي تستخدمي انوثتك و تكيديها 


نادين بعدم فهم : ازاي يعني؟


ميرنا بمراوغه : عيب يا نادين انا برده هقولك ازاي .. يعني انتي مش عارفه


ابتسمت نادين قائلة بمكر : خلاص فهمت قصدك 


ثم اردفت بإحباط : بس افرضي ان الموضوع اتقلب ضدي و الزفته دي انتصرت عليا زي كل مرة


ميرنا بسأم : ماظنش يا نادين وو ماتنسيش انك انتي كمان مراته زيها ودا حقك يعني 


ناذين بتفكير : تمام هشوف كدا وابقي اكلمك بعدين


ميرنا : اوكي باي حبيبتي


نادين : باي باي


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند ادهم و كارمن


أمام فندق فخم ، توقفت سيارة أدهم ، ثم نزل كلاهما ، وعندما وصلت كارمن إلى جانبه ، جعلها تتأبط ذراعه ، وضغط علي يدها برقة ، ثم سار بها إلى الداخل ، بينما انحنى الأمن أمامهما باحترام.


دخلوا إلى المصعد ومعهم المرفق الذي ضغط على زر الطابق المطلوب ، حيث يقع المطعم في الطابق الواحد والأربعين ، وهو أعلى مطعم في الشرق الأوسط و يطل على البانوراما الساحرة لنهر النيل مما يوفر إطلالة مباشرة على الأهرامات والنيل في مدينة القاهرة الرائعة. 


انبهرت كارمن كثيرا عند دخولهم المطعم ، حيث كان للمطعم تصميم داخلي أنيق من حيث القاعة الفخمة حقًا ، بألوان أنيقة ومزينة برقي واضح ، طاولاته مزينة بشرائط حمراء وذهبية ، مما أضفى عليه طابعًا رومانسيًا للغاية.


جلسوا على طاولة في إحدى الزوايا الهادئة ، ثم ظهرت ابتسامة صغيرة على فم أدهم من ملاحظته لتألق عيني كارمن ، التي أعجبت بالمنظر من النافذة المجاورة لها ، ثم اتسعت ابتسامته أكثر ، وهو يسألها بهدوء : ايه رأيك في المكان؟


استدارت للإجابة عليه بسعادة غامرة : حلو اوي يا ادهم


مال أدهم برأسه قليلا والابتسامة لم تفارقه ، وكان الشغف رفيق دقاته في تلك اللحظات تحديدًا ، قائلا بشرود في ملامحها المسرورة : احلي حاجة في المكان هي وجودك انتي فيه 


ابتسمت كارمن له بنعومة ، وخجل دون إجابة 


أليست تكفي تلك الضحكة الجذابة على ثغره التي ترهق فؤادها ، ليبعثرها أكثر بكلماته اللطيفة التي تجعلها تشعر بالدفء والراحة ، هي تعترف بأنها سعيدة الآن معه ، لكنها تشعر أنها سعادة تنقصها أشياء كثيرة.


سأل ادهم وهو ينظر اليها بتمعن : ساكته ليه عايز اسمع صوتك؟


أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت في حيرة ، وعيناها تنظران إليه ببريق حب لم تستطع إخفاءه : لسه مش مستوعبة .. يعني كل حاجة حصلت بسرعه وفي وقت واحد 


تأملها أدهم وهو يتحدث بعشق وعفوية : كل لحظة بتمر عليا معاكي هي احلي حاجة بتحصل في حياتي


نظرت كارمن اليه ، وهي تبتسم قائلة بتلعثم : ادهم .. من فضلك براحة عليا انا لسه مش متعودة علي حنيتك دي كلها بتحرجني


ابتسم بمكر : احسن عشان خدودك يحمروا و تحلوي اكتر...


قاطع النادل حديثهما وهو يضع الطعام أمامهما ، ثم انتهى وانصرف بعد أن شكره أدهم.


تسألت كارمن بحيرة : انت امتي طلبتلنا اكل؟ 


ضحك أدهم بخفة ، وهو يفرك مؤخرة رأسه ، ليقول بإبتسامة : الحقيقة كل حاجة متحضر لها من قبل ما نوصل


رفعت حاجبيها بدهشة ، وسألته : افهم من كدا اني هاكل علي ذوقك كمان؟


اومأ ادهم بثقة : ومتأكد ان ذوقي هيعجبك زي ما عجبك في كل حاجة لحد دلوقتي الحمدلله


فكرت في نفسها أن كل تفصيلة به أو فعلها لها أعجبت بها حقًا بل انها عشقتها ، لكنها تظاهرت بالعبوس وهي تجعد حاجبيها قائلة بمشاغبة : خليني ماشية وراك اما نشوف اخرتها ايه


مدت يدها لإزالة الغطاء عن الأطباق ، ثم اتسعت عيناها في الذهول وهي تنظر إلى محتوي الطبق أمامها ، ثم نظرت إليه بعلامات الدهشة على وجهها.


هل كان يقرأ أفكارها أم ماذا؟


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في منزل مالك البارون


دخل المنزل ليتفاجأ بهذا الهدوء ، والظلام الذي يلف المكان ، صعد إلى الطابق العلوي ليتفقد زوجته فهي لا تنام مبكرا.


لكنه رأى ضوءًا ضعيفًا في غرفة المعيشة ، فذهب إلى هناك ليرى منظر مضحك للغاية.


يسر جالسة وفي حجرها طبق كبير من الفشار ،

و تشاهد فيلم رعب باهتمام كبير. 


كتم مالك ضحكته بشدة على نظرتها الطفولية المرتعبة.


اقترب منها دون ان يصدر اي صوت ، و عندما اصبح خلفها مباشرة وضع يديه على كتفها ، هامسًا بصوت مخيف : أنا جيت 


ذعرت يسر وألقت طبقً الفشار من حجرها ، وهي تصرخ في رعب ، فإنفجر مالك ضاحكًا بصوت عالٍ ،و هو يقع علي الأريكة خلفه.


هدأت قليلا عندما تأكدت من أنه زوجها ، وهي تضع يديها علي قلبها الذي تقسم انه كاد ان يوقف ، وغضبت كثيرا من مزاحته الثقيلة.


قفزت يسر عليه ، و صارت تضربه في بطنه ، وألقت عليه وسائد الأريكة وهي تسبه ، فحاول صد ضرباتها ، لكنه فشل بسبب كثرة الضحكات في فمه.


هتفت يسر بحنق وصراخ : بقي انت تخضني بالشكل دا يا مفتري .. قلبي وقف حرام عليك


مالك بلهاث : لما انتي مرعوبة اوي كدا قاعدة تتفرجي لوحدك ليه وكمان مضلمة البيت


يسر بغيظ : مش هسيبك انهاردة .. هفطسك يا مالك


توقف عن الضحك فجأة ، وهو يمسكها من معصمها ويجذبها نحوه ، لتنام على بطنه وهو ممدد جسده علي الأريكة ، واخذ يهمس أمام شفتيها بصوت رجولي مثير اذابها : اهون عليكي يا ياسو .. دا انا بحبك 


ابتلعت ريقها بصعوبة من قربه المهلك لقلبها المفتون الذي يعشقه ، ويستجيب لأدنى حركة منه ، لكنها تصنعت يسر القوة ، وقالت بعبوس : لا ماتهونش عليا بس هنتق....م


ابتلع بقية كلامها في فمه ، وهو يقبل شفتيها الكرزية بشغف ، ويده تضغط على خصرها بقوة لطيفة.


تأوهت يسر بسبب حركة يديه على خصرها ، فأدخل لسانه في فمها ، وتعمق في قبلته أكثر ، فلم تستطع أن تفعل شيئًا سوى أن تتبادل معه مشاعره الحارقة.


جلس مالك وهو دفعها إلى الخلف دون أن يفصل قبلتهما ، فلفّت يديها حول رقبته ونهض معها ، وهو يلف قدميها حول خصره وسار بها نحو غرفتهما.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في المطعم


وجدت داخل أحد الأطباق التي فتحتها علبة مخملية باللون الأزرق الغامق تم فتحها مسبقا ، ويظهر بداخلها خاتمًا رائعًا ومبدعًا من الماس ، في منتصفه جوهرة زرقاء تشبه سماء عينيها على شكل قلب ،

و تاريخ الشراء محفور بأناقة على العلبة.


نظرت كارمن إليه بصدمة ، وعيناها تلمعان بسؤال ، قائلة بصوت هامس : ادهم...


قاطع حديثها ، قائلاً بتمهل وهو يميل نحوها ، ويسند بمرفقيه على الطاولة أمامها : قبل ما تسألي عارف عايزة تقولي ايه .. انا اشتريت الخاتم قبل جوازنا باسبوع .. بس ماقدمتوش ليكي عشان كنت عارف دماغك الناشفه هترفضي تلبيسه .. 


اردف بصوت ماكر ، وهو يرفع حاجبيه : فاكرة قولتي ايه لمامتك لما طلبت منك تقلعي دبلة عمر؟


حدقت فيه بدهشة فكيف عرف ذلك ، وتذكرت عندما عارضت والدتها علي عدم قدرتها على إزالة خاتم عمر من إصبعها ، لكنها استسلمت لكلماتها في النهاية بعد جدال طويل بأنها ستبدأ حياة جديدة باختيارها ، ويجب طي الماضي لمواصلة العيش.


ابتلعت كارمن لعابها قبل ان ترد عليه بتساءل : وانت عرفت ازاي الكلام دا؟


أجاب أدهم بنفس الهدوء ، وابتسامة واثقة على شفتيه : لأن انا خليت مامتك تكلمك في الموضوع و طبعا هي بلغتني بكل حرف انتي قولتيه فمحبتش نبدأ حياتنا بخناقة من اولها 


استمر في المزاح حتى لا يحرجها أكثر : كفاية القوانين اللي حطتيها من بعد ماسمعتي الوصية


خفضت كارمن بصرها ، محرجة من صدق كلماته ، و وقعت عيناها على الخاتم ، لقد أعجبت به حقًا وأحبته كثيرًا ، وشعرت بالحرج لأنها كانت قاسية عليه وعلى نفسها منذ البداية ، فما الخطأ الذي ارتكبه في حقها ، ليتلقي كل هذا العناد والرفض منها؟


إغرورقت عيناها بالدموع لتزداد سحرا أخاذ هامسة بتردد : ادهم انا اسفة 


تحدث أدهم بصوته الرزين يتغلغله عشق جارف ، الذي ببساطة اخترق قلبها دون استئذان : حبيبتي مش عايزك تعتذري لان كل تصرف اتصرفتيه كان رد فعل طبيعي للظروف اللي مرينا بيها


ابتسمت كارمن له بحبور ، وشعرت بارتياح شديد بسبب فهمه لها ، فما من شيء أكثر دفئًا من كلمة أعرفك في موقف يتطلب تبريرًا.


مد أدهم يده إلى العلبة وأخذ منها الخاتم ، ثم بسط يده إليها وقال بابتسامة عذبة : تسمحيلي !!


مدت كارمن يدها اليسرى إليه ، و هي تشعر أن دقات قلبها تنبض بجنون ، على عكس أي وقت آخر ، ليمسكها بلطف ويضع بإصبعها البنصر خاتم الزواج الذي سيكون أول رابط حقيقي يجمعهما من الآن وإلى الأبد.


قبل أدهم يدها برقة ، دون أن تبتعد عيناه عن عينيها ، لينظر الي خدها الذي احمر خجلاً ، لتصبح أجمل في عينيه.


قال أدهم بابتسامة ، ونبرة دافئة تحمل في طياتها مقدار الحب الذي يتجاوز الحدود في قلبه ، بينما لا يزال يمسك يدها بيده : دلوقتي الخاتم زاد جمالو لما لبستيه 


عفويًا وجدت نفسها تضغط على يده بابتسامة جميلة تزين شفتيها ، قائلة بسرور وقد قررت التخلي قليلا عن الخجل الذي يسيطر عليها في وجوده : بجد عجبني اوي ذوقك جميل و رقيق .. ميرسي يا ادهم علي كل حاجة الخاتم و الفستان و العشاء ربنا يخليك ليا


حدق فيها بشغف ، مستمتعًا بكلماتها التي هي بمثابة بلسم ينعش الروح والقلب ، وتمتم : و يخليكي ليا يا حبيبتي


سحبت راحة يدها بلطف من يده ، ثم قربتها من فمها بشكل تلقائي وقبلت الخاتم أمام عينيه التي تألقت بلهب الحب ، والشوق الذي أحرق قلبه لسنوات عديدة.


تنحنحت كارمن برقة ، غافلة عما فعلته به بحركتها : احنا مش هناكل الاكل هيبرد


بدأوا في تناول الطعام في جو حميمي يتسم بالدفء والعاطفة والمرح ، وتحدثوا عن العديد من الموضوعات ، واكتشفوا أشياء أخرى كثيرة مشتركة بينهم.


لقد استمتعت بالحديث معه كثيرا ، حيث اكتشفت العديد من جوانب شخصيته التي لم تكن تعلم بوجودها ، وتدريجيا نسيت توترها ، ودخلت في محادثات شيقة معه.


★★★


..... : مش معقول ادهم بيه حضرتك هنا !!


انقطع حديثهم بسبب ذلك الصوت الأنثوي الرقيق.


نظرت كارمن إلى من حطمت سحر جلستهم الرومانسية.


كانت امرأة ، ذات جمال فائق ، وطويلة ، وكان جسدها منسجمًا مع قوام رشيق ، لم يكن فيها عيب واحد ظاهريا.


أومأ أدهم برأسه ترحيبًا بها ، وهو يبتسم ابتسامة ساحرة جعلت قلب كارمن يغلي من الغيرة الحارقة رغما عنها ، فهي لا تريده ان يبتسم هكذا لغيرها ابدا ، ولكن صعب جداً أن تتحدث المرأة عن غيرتها على الحبيب ، ولو كانت دماؤها مترعة بتلك الغيرة ومشاعرها تحترق.


ادهم بهدوء : ازيك يا رانيا 


سبَّلت رانيا عينيها قائلة برقة : بخير بشوفتك اكيد .. حلوة جدا الصدفة دي وبعتذر لو قطعت حديثكم


ادهم ببساطة : مفيش مشكلة 


أضاف موجهًا حديثه إلى كارمن بإبتسامة : دي رانيا من عارضات الازياء المميزات في الشركة .. اقدملك كارمن مراتي و المدير التنفيذي للشركة


مدت رانيا يدها لكارمن لتصافحها ​​قائلة بابتسامة حلوة : اهلا و سهلا بحضرتك يا مدام اتشرفت بيكي .. 


كارمن بإبتسامة رقيقة : الشرف ليا .. فرصة سعيدة 


رانيا : ميرسي عن اذنكم معايا صحابي


اردفت بنعومة مقصودة وهي تنظر لأدهم : و قريب هنتقابل عشان العرض يا ادهم بيه


بعد ذلك تركتهم و ذهبت بهدوء ، فحاولت كارمن تهدئة نفسها من خلال أخذ عدة أنفاس عميقة ، لردع نفسها عن مشاعر الغيرة القوية التي اصبحت تراودها كثيرًا. 


ادهم بهمس عميق دافئ : ايه اللي واخذ تفكيرك و انا معاكي


صدمت كارمن من صوته بجوار أذنيها ، فرفعت رأسها في اتجاه الصوت ، لتجد وجهها قريبًا جدًا من وجهه ، وكان يجلس بالقرب منها ويميل جسده تجاهها و ملاصقا لها.


بينما خلال شرودها قام أدهم من مقعده ليجلس بجانبها ، فأحست بيده خلف ظهرها تلفها بحنان.


لا تعرف لماذا شعرت بالأمان عندما أحاطها بذراعه. 


شعرت كارمن بالاسترخاء ، على عكس المرات السابقة ، عندما كان يجلس بجانبها ، كان جسدها يصبح متيبسًا ، لكن الآن تتنفس بثبات ، ودقات قلبها تنبض بهدوء وبفرح ، ربما لأنها تعرف الآن أن هناك حبًا بداخله لها.


بلا شك ان تلك المساحة المحصورة بين ذراعي المحب تغني عن اتساع كل هذا الكون ، وهذا ما يسمى بالاحتواء.


اجابت كارمن بصدق وبشكل عفوي للغاية علي سؤاله ، وشعور قوي يغمر روحها ، وهي تحت تأثير لمساته الرقيقة على ظهرها وكتفها : انت


لا تعرف حقًا من أين حصلت على تلك الجراءة ، لتجد نفسها ترفع يدها ، وتلمس ذقنه بلطف ونعومة بابتسامة تزين ثغرها.


اتسعت حدقتى عينيه التي لمعت عشقا من اجابتها و حركتها اللطيفة ، مما ألهب المزيد من المشاعر في جسده ، وواصل حديثه في نفس الهمس العميق بأذنها ، وهو ينظر مباشرة في عينيها ويسألها : تحبي ترقصي معايا؟


تشعر كما لو أنها مسحورة ، وتسحبها قوة سحرية نحوه ، لتجد نفسها تهز رأسها بالموافقة بدون اي وعي منها.


أمسك بيدها ووقفوا معًا ورافقها إلى حلبة الرقص.


وقف أدهم أمامها وهو يضع يده على خصرها ، ليثير قشعريرة لذيذة في جسدها وهو يقربها منه بشدة ، لتقول هي بإحراج وقد استوعبت الموقف الذي أوقعت نفسها فيه : ادهم انا مش برقص كويس


تحدث أدهم بهدوء ، ونظر إليها بدفئ لتستكين رجفة جسدها بين يديه ، متزامنًا مع استخدام يده اليسرى لربط أصابعه بأصابعها : ركزي مع الموسيقي و اتحركي مع خطواتي 


ترك خصرها للحظة ، ثم رفع يدها اليسرى ووضعها على كتفه ، و لف خصرها مرة أخرى بيده مبتسمًا لها ، ليبدأ الحديث معها لمساعدتها على نسيان التوتر والاسترخاء والاستمتاع بتلك اللحظات.


بدأوا في التأرجح بسلاسة وخفة ، و بعد ثوان اندمجت في هذا الجو الرومانسي من حولها.


ادهم بإبتسامة دافئة : طلعتي بترقصي حلو اهو .. اومال ليه الخوف دا كله؟


كارمن بضحكة خافته : بصراحة كنت مكسوفه شوية في الاول 


رفع يدها التي يمسكها بيده إلى شفتيه ليطبع عليها قبلة لطيفة ، و ينظر إليها في صمت ، فإن لغة العيون هي أكثر ما يعبر عن الحب ، ولأن العين هي مرآة الروح ، وكان مبتسما وسعيدا بخجلها ورقتها التي تسحره.


تورد خديها قائلة بحرج : ادهم عيب كدا الناس حوالينا


ادهم بغمزة : براحتنا محدش له عندنا حاجة


مد يديه وربت على خديها الوردية التي تزامنت مع رقصهما ، فأغمضت عينيها مستمتعة بدفء يده ، وكأن حنان العالم كله تكمن في تلك اليد ، ثم مرر أصابعه في شعرها ، يداعب خصلاتها ببطء ونعومة ، وقربها إليه ليستنشق رائحتها التي تثمله.


رفعت كارمن وجهها إليه ونظرت عيناها الزرقاوتين إلى عينيه بحب يغطي كيانها بدون كلمات. 


ف للعيون لغة صريحة خاصتا عندما تركز على وجه الحبيب ، وتترجم المشاعر له بخجل وتلقائية دون اللجوء إلى الكلمات.


كانت في عالم آخر ، لا ترى سوى عينيه تشعان بحب لم تكن تعلم أنها ستلتقي به يومًا ما ، وتشعر أن كل شيء رائع معه و به.


لتنتهي الأمسية بقضاء لحظات جميلة محاطة بالدفء والعاطفة وانجذاب واضح تجاه بعضهم البعض. 


غادروا المكان بقلوب سعيدة ، وعندما وصلت بهم السيارة أمام القصر. 


كان على وشك النزول ، ولكنها التفتت إليه مسرعة ، ووضعت يدها على ذراعه لمنعه من الحركة ، ليتفاجأ بتصرفها وينظر إليها بتساءل ، لتقترب منه بناءا على إلحاح قلبها عليها.


استندت كارمن عليه لتضع قبلة رقيقة بجوار شفتيه ، ثم همست له بجانب أذنه بدلال أنثوي : انبسطت اوي بالسهرة .. شكرا حبيبي


قبلتها الناعمة مع تأثير كلمة "حبيبي" التي خرجت من شفتيها جمدته للحظة في مكانه ، وجعلت دقات قلبه تخفق بجنون في صدره ، لكن حالما استيقظ من صدمته ، لم يجدها داخل السيارة معه ، حيث فرت هاربة من جانبه دون أن يدرك.


ظهرت ابتسامة صغيرة على شفتيه ، فتلك الماكرة سلبت عقله بفعل صغير فقط منها.


نزل أدهم من السيارة وتبعها مسرعًا خلفها ، وقبل أن تطرق باب القصر وصل إليها ، ولف يده على خصرها وقربها منه ، ثم قبّل شعرها وهمس بحنان : العفو يا قلب حبيبك


ابتسمت كارمن بسعادة ، وهي بين يده التي احتوتها ، وشعرت أنها في مأمن معه حقًا.


دخلوا القصر معًا ليفاجأ الاثنان بالشقراء التي تجلس أمامهما ، وتضع قدمها اليمنى بإغراء على يسارها ، بفستانها الأحمر المرتفع لقبل ركبتها بكثير ، ويكشف بسخاء عن  جسدها الرشيق.
في قصر البارون


دخلوا القصر معًا ليفاجأ الاثنان بالشقراء التي تجلس أمامهما ، وتضع قدمها اليمنى بإغراء على يسارها ، بفستانها الأحمر مرتفع لقبل ركبتها بكثير ، ويكشف بسخاء عن جسدها الرشيق.


كانت نادين جالسة على الكنبة بإسترخاء ، وتبدو في حالة سكر شديد ، وأمامها زجاجة نبيذ وكوب في يدها اليسرى ، بانتظار وصولهم.


تحدثت نادين بلسان ثقيل ، وقامت من مكانها ، وسارت نحوهما مترنحة في مشيتها : انت اتأخرت ليه كدا يا حبيبي وسايبني لوحدي .. تؤ تؤ انا زعلانه منك اوي


قلب أدهم عينيه ، وهو يتنهد بملل من تكرار ذلك المشهد والسيناريو الذي سئم منه حقًا.


على عكس حالة كارمن التي صُدمت بشدة من الوقاحة التي تراها من نادين ، لم تكن تعلم أنها تشرب الكحول من الأساس.


ادهم بإزدراء : انتي اتجننتي يا نادين ايه اللي انتي عاملة في نفسك دا ؟


نادين برقه متصنعه : كنت عايزة اتكلم معاك شوية يا بيبي 


زفر أدهم ونظر إليها ، ليقول ببرود ، راغبًا في إنهاء هذه الفقرة بسرعة : ماشي


نظر إلى كارمن ، التي كانت تقف متجمدة في مكانها ، تحاول السيطرة على نفسها حتى لا تنقض على تلك الإنسانه الوقحة وتنتف شعرها ، ثم أمال رأسه قليلاً وقبل خدها قائلاً بنبرة هادئة : استنيني هنا مش هتأخر عليكي


تمتمت بإبتسامة باهتة : لا انا هطلع اشوف ملك 


غادرت كارمن ، وتركتهم دون أن تسمع رده ، لتظهر علي شفتي نادين ابتسامة خبيثة.


قالت نادين بدلال ، وهي تقترب منه ، وتضع يديها خلف رقبته : تعالي نروح علي جناحي يا حبيبي


صاح أدهم بحدة ، مبتعدا يدها عنه ، ورجع خطوة إلى الوراء : انتي عايزة توصلي لإيه بالظبط من عمايلك دي يا نادين؟


رمشت نادين بتوتر من هجومه العنيف عليها كالمعتاد منه ، ثم صاحت به في عصبية : جرا ايه يا ادهم بتزعقلي ليه .. مش كفاية خرجت مع الهانم وانا عمرك ماخرجتني معاك في اي سهرة 


ادهم بإشمئزاز : لاني ماليش في سهراتك رقص طول الليل و شرب و اماكن زبالة مش مناسبة لزوجة محترمة تكون فيها اساسا .. القرف اللي انتي عايشة فيه دا خلاص مش هقدر اتحملو كتير 


صاحت نادين في سخط ، وعيونها حمراء من الشرب : ما انت عارف اني كدا من الاول و ماحاولتش تسيبني .. فجأة كدا دلوقتي مش قادر تستحمل .. 


اردفت بحقد : اكيد عشان خاطر الهانم طبعا


نظر أدهم اليها بإمتعاض ، وهو يزم شفتيه في خط مستقيم ، ثم قال أدهم بجمود وحزم : من الاول كنت واضح معاكي لو مش متقبلة الوضع اللي انتي اختارتي حياتنا تمشي عليه بسبب بتصرفاتك دي يبقي نسيب بعض بهدوء


نادين بخوف و ضعف : لا يا ادهم انا مقدرش ابعد عنك ماتسيبنيش خلاص مش هتكلم في حاجة .. بس من فضلك وصلني لجناحي مش هقدر اطلع لوحدي 


أغلق أدهم عينيه بقلة حيلة، ثم رفعها بين ذراعيه ، وأخذها إلى الأعلى دون أن ينبس ببنت شفة معها.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند كارمن


صعدت كارمن الدرج بحذر من الكعب الذي ألم قدميها للغاية ، ثم تمتمت بحنق لنفسها ، ووجهها أحمر من شدة الغضب المكتوم داخلها : يا نهار اسود عليا و علي حظي انا كان مستخبيلي دا كله فين ياربي .. هلاقيها من نادين ولا ياسمين ولا الزفته رانيا دي كمان .. هلاحق علي مين ولا مين .. قربت اجنن وبقيت بكلم نفسي


دخلت غرفة والدتها بهدوء حتى لا تزعجها ، واستدارت بعد ان اغلقت الباب لتتفاجأ بإيقاظها ، وجلوسها في منتصف السرير ، وهي تحمل القرآن الكريم في حضنها ، ويبدو انها كانت تقرأ به وتوقفت عند دلوف كارمن.


كارمن بدهشة : معقولة يا ماما صاحية لحد دلوقتي؟


ابتسمت مريم بنعومة وقالت بحنان : من امتي يا قلب ماما بعرف انام قبل ما اطمن عليكي .. هو صحيح ادهم معاكي و دا مطمني بس قلبي مايطوعنيش برده


اقتربت كارمن منها بصمت ، ثم جلست بجانبها على السرير ذ وانحنيت عليها تعانقها بإرهاق ، فهي الآن بحاجة إلى عناقها أكثر من أي شيء آخر.


بعد برهة تنهدت بحرارة ، وقالت بحزن : ربنا يخليكي ليا يا ماما


سألت مريم بقلق ، وهي تمسح شعرها بلطف ، و قد شعرت أن شيئًا ما يزعج ابنتها : مالك يا حبيبتي حصل حاجة ضيقتك في الخروجة


خرجت كارمن من حضن والدتها ، وأجابت عليها بغيظ عفوي : جينا من برا مبسوطين لاقيت اللي اسمها نادين سكرانه طينه و قاعدة في انتظارنا و لابسة فستان لا تقريبا دا قميص نوم وقال ايه...


ثم غيرت نبرة صوتها تقلد اسلوب نادين بدلال : عايزة اكلم معاك يا بيبي 


عادت تتحدث بصوتها الطبيعي مردفه بإمتعاض : و دلوقتي هي تحت و ادهم معاها 


لم تتفاجأ مريم بما تسمعه فقد أخبرتها ليلي عن تصرفات نادين الخرقاء ، لكن حدسها يقول إن هناك تطورًا في مشاعر كارمن تجاه أدهم.


رفعت مريم حاجبيها قائلة بمكر : بتغيري عليه منها صح؟


أومأت كارمن إليها ، وموجة من الضيق تجتاح مشاعرها من مجرد التفكير في أن يبقي أدهم مع نادين ، ولا يعود إليها.


مريم بصوت هادئ : الغيرة اكبر دليل علي انك بتحبيه يا كارمن؟


ابتلعت كارمن غصه تشكلت في حلقها ، ثم أجابت بصدق وألم ، وامتلأت عيناها بالدموع : ايوه يا ماما بحبه الاحساس للي بحسه معه غير احساسي مع عمر خالص .. لما بكون معه او بفكر فيه قلبي بحس ان دقاته مختلفة .. بتعجبني سيطرته في كل حاجة حتي لو مش علي هوايا بكون مبسوطة بتعليقاته علي ابسط تفاصيلي .. بس دلوقتي حاسة اني مضايقة اوي من الغيرة اللي مولعه في قلبي .. مش عايزة ابقي انانية هي كمان مراته .. بس معرفش ليه بعد كل لحظة حلوة بينا بتدخل نادين و تحطمها كدا


تحدثت مريم ، وهي تربت على يد كارمن بحنان : هو لو بيحبك بجد هيعرف ازاي يراضيكي يا قلبي وانا متأكدة انه بيحبك


همست كارمن بدهشة من ثقة والدتها العالية في حديثها ، ولا تزال هي نفسها تشعر ببعض الشك حول مشاعر أدهم تجاهها : وانتي عرفتي ازاي ؟


مريم بمنطقية : تغييره من يوم جوازكم .. نظراته ليكي و اهتمامه بيكي .. هو انا صغيرة يا بت ما انا حبيت قبل كدا و اعرف اللي بيحب من نظرة عينه و انتي اكيد حاسة بكدا فبلاش تحطي حواجز بينكم


همست كارمن بصوت متعب : انا لو حطيت حاجز او اتنين في مية حاجز بينا برده يا ماما 


أنهت كلامها ، ثم نهضت وتوجهت إلى ابنتها ، وقبلتها بحنان وربت بلطف على شعرها وهي نائمة. 


مريم بتصميم : بلاش تستسلمي بسرعه يا كارمن دا جوزك و انتي مش صغيرة دافعي عن حقك فيه .. بس بلاش تكوني انانية و تشتتيه بالغيرة بسبب و من غير سبب اتعاملي بهدوء معه .. خليكي انتي حضن حنين يهرب له من الناس كلها و هوني عليه .. الحياة وريته كتير كفاية عليه انه مستحمل وحدة زي نادين دا له الجنه والله


كلام والدتها جعلها تشعر بالراحة ، فابتسمت لها ثم أمسكت بيدها ، وقبلتها بحب كبير : ربنا مايحرمنيش من نصايحك يا ست الكل يا قمر انتي .. هروح اشوف جوزي بقي


ضحكت مريم بخفة : براحة يا مجنونه التقل صنعه برده ارخي وشدي بالقلب و العقل سوا


ارسلت كارمن لها قبلة في الهواء : حاضر يا مريومه .. تصبحي علي خير


مريم بإبتسامة : و انتي من اهله حبيبتي


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند ادهم 


كالعادة الروتينية التي قد سئم منها. 


غادر جناح نادين بعد أن وضعها على السرير وغطها ، وقد غرقت هي في النوم ، ولم تدري بأي شيئا من حولها ، ثم توجه إلى الطابق الثالث الخاص به. 


في ذلك الوقت...


خرجت كارمن من غرفة والدتها بعد أن هدأت قليلاً من كلمات والدتها السحرية ، وصعدت إلى الطابق العلوي ، وهي تفكر فيما إذا كان أدهم لا يزال مع تلك الشقراء أم لا.


لكنها شهقت بخفة عندما سحبتها يد فجأة من معصمها ، لتجد نفسها ترتطم بصدر أدهم الذي كان يقف عند باب الجناح منتظرا صعودها.


أحاط أدهم بإحدى يديه خصرها ، ورفع اليد الأخرى ووضعها خلف رقبتها ، وهو يبتلع شهقتها بشفتيه في قبلة عميقة وعاطفية خطفت أنفاسها ، وخدرت عقلها لدقائق وهم يغيبان معا في عالم فوق السحاب حيث لم يكن هناك فيه أحد آخر سواهما.


مرت لحظات قليلة قبل أن يبتعد عنها قليلاً ، ليعطي لها مجال للتنفس ، وهم يغلقون أعينهم ، ويلهثون بشدة بعد تلك العاصفة التي اقتلعت كل ذرة عقل بداخلهم.


رفعت كارمن عينيها ونظرت إليه بعتاب ، فهمس لها بشوق ، وهو ينظر إليها ويلف ذراعيه بإحكام حول خصرها : وحشتيني اوي


زادت دقات قلبها من همسه الحنون الذي لامس شغاف قلبها ، ثم تمتمت بغنج أنثوي : والله بأمارة ما فضلت معها و سيبتني


أضاف أدهم بهمس خطير ، وهو ينظر إلى شفتيها : هو في واحد عاقل يسيب مراته في اول يوم حقيقي بجوازهم


خجلت كارمن من تلميحاته التي تحمل الكثير من المعاني ، ولم تستطع مجاراته في الحديث.


عندما لاحظ خجلها ، ووضعهما غير الملائم لفعل اي شيء ، حاول تغيير مسار الحديث حتى لا يرتكب شئ أكثر تهورًا من ذلك : اطمنتي علي ملك 


أومأت إليه كارمن قائلة بخفوت : ايوه الحمدلله هي نايمة


انهت كلامها ثم حاولت بهدوء إزالة يده من خصرها ، لكنه تركها تفلت من بين يده بابتسامة غامضة ، وهو يراها تتجه إلى باب الجناح لفتحه.


دخلت كارمن إلى الجناح بإبتسامة ، ولكن تجمدت الابتسامة علي شفتيها و هي تتسمر في مكانها مما تراه امام عينيها


رمشت في ذهول عندما رأت الجناح مزينًا بالورود الحمراء والشموع موضوعة على الأرفف والنوافذ ، لإضفاء جو عاطفي ساحر ، وهادئ في المكان مع موسيقى رومانسية هادئة.


نسيت ما كان يزعجها منذ قليل ، وكل ما كانت تفكر فيه سلبياً ، وشعرت كأنها تدخل هذا الجناح لأول مرة ، كان رائعًا حقًا ، لكن السؤال هو متى رتب أدهم كل هذا ، وكيف؟


تردد ذلك السؤال في عقلها بحيرة.


خرجت كارمن من أفكارها ، فور أن أدركت أن أدهم يقف خلفها ، وشعرت به يمد ذراعيه القويتين حول خصرها ليلصقها به من الخلف ، ثم أراح ذقنه على كتفها.


لا يوجد شيء أجمل من الشعور بالراحة ، وأنت قريب ممن تحب إلى الحد الذي يمكنك فيه إراحة رأسك على كتفه بإرتياح ، فهذه لحظات مذهلة حقًا ولا تقدر بثمن.


همست كارمن بتهدج و تأثير شديد ، وعيناها تتلأَلأَ بإنبهار : انت اللي عملت كل دا؟


همس أدهم بجانب أذنها بصوته الرخيم الذي يجلب الاطمئنان الي نفسها : انا صاحب الفكرة بس اللي نفذ و حضر كل حاجة مامتي ومامتك واحنا برا


رفعت كارمن رأسها قليلا ، لتنظر إليه بحب عميق ، لأنه اليوم يستمر في صنع مفاجآت سارة لها ، ولا تعرف كيف تشكره على كل هذه الأشياء الجميلة التي تجعلها تشعر بمدى أهميتها بالنسبة له.


كارمن بإبتسامة صافية : حاسة كأني اول مرة ادخل الجناح


أدارها أدهم وهي ما زالت بين ذراعيه ، و عندما تبادلا النظرات في عيني بعضهما البعض بشغف ، حيث هي بين احضانه ، كانت كلمة "أحبك" واضحة وصريحة للغاية ، ويمكنها قراءتها بسهولة دون أن ينطقها بشفتيه. 


همس ادهم بعشق : لان اليوم دا مختلف عن كل الايام اللي فاتت يا قلبي


كارمن بصدق : انا مبسوطة اوي يا ادهم بكل حاجة عملتها او فكرت فيها عشاني ربنا يديمك في حياتي و ميحرمنيش منك


زادت الابتسامة على وجه أدهم ، وهو يمسّح بنعومة على خدها ، قائلاً بحنان متناقضًا مع خشونه صوته : مش عايز حاجة غير انك تبقي مبسوطة ربنا يقدرني اسعدك علي طول


ابتسمت كارمن له بسرور ، ولفت يديها حول خصره من تحت سترته ، إنه شعور رائع للغاية أن تشعر أن سعادتك هي أولوية شخص معين.


أرادت التحرك لدخول غرفة النوم ، لكنه أمسك معصمها وهو يمنعها من التحرك ، لتنظر إليه بتساءل!!


رأته يبدأ بحل ربطة عنقه ببطء وخلعها عن رقبته ، ثم قام بفك اول زران من قميصه ، و هي تراقبه بإنشداه. 


أدار أدهم جسدها بيديه حتى أصبح ظهرها مقابل صدره ، كل هذا وسط دهشتها مما يفعله ، لكنها لم تحاول أن تعترض ، أرادت أن تفهم ما ينوي فعله.


تفاجأت كارمن حينما غطي عينيها بربطة عنقه ، ودون أن يتكلم إنحني عليها ، ليرفعها بين ذراعيه.


تمسكت كارمن برقبته ، وهي تتحدث بخوف وعدم فهم من تصرفه المريب : ايه دا يا ادهم .. انت بتعمل ايه ؟


همس بحرارة في اذنها : ماتخافيش و انتي معايا


كارمن بإضطراب من همسه : هنروح فين ؟


اضاف ادهم بنفس همسه الغامض : دقيقة و هتعرفي


سار بها نحو الغرفة بخطوات هادئة.


★•••••★•••••★


بعد أن دخل الغرفة بها في صمت أنزلها أرضًا ، ووقف خلفها رافعًا يديه ليفك ربطة عن عينيها ، قائلاً بصوت هادئ : فتحي عينيكي


فعلت ما طلب منها بابتسامة فضولية.


ومضت عيناها بحب واتسعت ابتسامتها على شفتيها الوردية ، حيث رأت الغرفة مزينة أيضًا بالشموع الموضوعة على شكل قلب في منتصف الغرفة ، وعلى المنضدة بجانب السرير. 


توجد شموع على شكل قلوب أيضًا لإضفاء إحساس بالدفء والاسترخاء الحميم مع الإضاءة الخافتة للغرفة ، ويوجد على السرير ثوب نوم لها وبيجاما له ، وبدون أدنى شك أن هذه الإضافة كانت بترتيب والدته ووالدتها أيضًا. 


لقد كان جوًا رائعًا حقًا ، مليئًا بالعاطفة والرومانسية ، واعتراها شعورا كما لو كانت هذه الليلة هي المرة الأولى التي تكون فيها معه في تلك الغرفة.


لا ، إنها في الواقع الليلة الأولى ، فمن الواضح أن حياتها ستتغير معه منذ تلك الليلة.


لا تصدق أن صاحب هذه الأفكار الرومانسية والترتيب هو أدهم الصلب ، الذي لطالما نعتته بالبارد والمتحجر ، وهو نفسه الآن الذي يشعرها بأنها مهمة ومدللة عنده.


التفتت كارمن إليه وعانقته بشكل عفوي ، وسط اندهاش ادهم من جراءة فعلتها ، لكنه لم يهتم لأنه كان في قمة سعادته ، وهو يرى مدى سعادتها بهذه الأشياء البسيطة والقيمة في نفس الوقت ، فكان يريد أن يحفر تلك الليلة في ذاكرتها بكل التفاصيل. 


وضع أدهم يده خلف شعرها والأخرى على ظهرها ، وهو يغلق عينيه ويستنشق عبق شعرها المميز بقوة ، ويميل رأسه ليقبل عنقها من الجنب بشغف ، ويشدد عناقه لها اكثر بين ذراعيه القوية.


يضمها اليه كأنه يريد أن يدخلها في وسط ضلوعه ليريح قلبه المعذب بحبها ، ولكي تهدأ نيران اشتياقه لها حتى وهي بين ذراعيه.


أغمضت كارمن عينيها ، وكان عناقه لها الدافئ أفضل تعبير عن المشاعر الجياشة التي تأججت بنيران عشق لم يدرون من اي مزيج خلقت ، لتنشب بين ضلوعهم وتجعلهم يخضعون للهب الدافئ في قلوبهم العاشقة.


همس ادهم بينما انفاسه تلفح بشرتها بحرارة : كارمن انا مش قادر ابعد عنك و عايز اعرف انتي موافقه جوازنا يكون حقيقي دلوقتي و لالا


لم يتلق أي إجابة سوى الصمت ، بينما كانت كارمن تجمع شجاعتها ، وتفكر في كيفية إخباره أنها تريده كما يريدها ، وإنها تود حقًا أن تشعر بلمساته الدافئة ، وقبلاته ، وكل شيء معه.


مر الوقت وهو ينتظر الجواب بشغف ، هو ايضا لديه مشاعر ، ويود أن ينال منها ما يدل على موافقتها ، وأنها ترغب به كما يرغب بها.


رفعت كارمن رأسها ، ونظرت في عينيه ، ثم خفضت عينيها إلى شفتيه واقتربت ، لتقطع المسافة بينهما ، وطبعت قبلة رقيقة على شفتيه ، تودع بها كل ما تشعر فيه ، ولا تستطيع التعبير عنه بالكلمات.


كان قلبه يرفرف بين ضلوعه من فعلتها التي اشعلت في جسده نيران هوجاء ، وانحنى عليها أكثر ، وتبادل معها القبلة في شغف وعمق بمنتهي الجنون .


ابتعد أدهم عنها قليلًا وهو يلهث ، لكنه ما زال يلف ذراعيه حول ظهرها بإحكام.


عضت كارمن علي ​​شفتيها في حرج ، ووجهها يتوهج باحمرار لطيف ، وخفضت بصرها إلى صدره. 


سند جبهته على جبهتها ، قائلا بصوت أجش من الأحاسيس المفرطة التي تهاجم جوارحه بقوة : بحبك


رفعت كارمن رأسها ونظرت إليه بشكل مباشر ، و عيناها داخل عينيه اللتين كانتا تنظران إليها بحنان ، لتشعر بالأمان يطوقها ، قائلة بعفوية : و انا كمان بحبك يا ادهم


اتسعت عيناه بإنشداه ، و هو يقرب اذنه منها قائلا بعدم تصديق : قوليها تاني كدا


ابتسمت له بخجل ، وهمست الحروف ببطء : ب.ح.ب.ك 


قام أدهم بلف جانبي رقبتها بيده برفق ، هامسًا بنبرة تجيش بالعاطفة المخزونة بداخله : مافيش حاجة في الدنيا ممكن اقولها و توصفلك اللي حاسس به دلوقتي .. انا بعشقك بجنون يا قلب ادهم


اضاف بندم : واي تصرف حصل مني و زعلك كان من غيرتي عليكي اللي كتمها في قلبي و مش عارف اعبر عنها 


ابتسمت كارمن ، لتقول برقة : خلاص انا مش زعلانة منك .. ممكن نبطل نتكلم في اللي فاتت و نبدأ من جديد مع بعض


لأنه كما يقال اغفر لمن تحب حتى تسعد روحك بتلك المغفرة ، وابتعد عن الجدل واللوم الذي يقتل العاطفة ويجلس على عرش موتها ، فكل إنسان يعرف بينه وبين نفسه عدد الأخطاء التي ارتكبها ، لكنه يطمح دائمًا إلى بعفو حبيبه عنه.


أغمض أدهم عينيه وقربها منه ، وقبلها على جبهتها بمزيج من المشاعر المختلطة التي تجمع بين الحب والعشق والتقدير ، يحمد ربه علي منحه تلك الانسانة التي تحمل في قلبها كل هذا اللطف ونقاء.


لأن الجمال بلا طيبة لا يساوي شيئًا ، وطيبة القلب ونقاؤه هما وحدهما ما يعوضان كل تلك الخسائر التي حدثت في حياة بعضهما البعض.


ارتجفت أوصالها عندما مرر أنامله على طول ظهرها ، وشعرت بتلك القشعريرة اللذيذة تدب عبر جسدها بفعل لمساته الحانية.


بينما هو ينحني على رقبتها ، و يستنشق رائحة بشرتها ناعمة الملمس قائلا بإنتشاء : تعرفي اني بقيت مدمن ريحتك اللي تجنن دي


ثم اردف بمزح : و مش مصدق ان انهارده مافيش نوم علي الكنبه


ارتجف كتفها بسبب الضحك الذي كانت تحاول كبته ، ولم ترفع بصرها عن صدره ، ليرفع هو ذقنها ، وينظر إلى عينيها الزرقاوين ، فوجد نفسه يغرق في بحارها العميقة ، التي لا يريد النجاة منها الا بها.


تمتم أدهم بمشاكسة وهو يقرص طرف أنفها : اضحكي بتكتميها ليه ما هو انا اللي كان ظهري هيتقطم من النوم عليها


ضحكت كارمن ضحكة صغيرة قائلة بخفوت : بعد الشر عليك .. الكنبة فعلا مش مريحة للنوم عليها .. معرفش انت كنت بتنام عليها ازاي و ليه اصلا كنت موافق تنام عليها


وضع أدهم يده على جانبي وجهها ومسح بإبهامه على وجنتاها بلطف ، يهمس بعشق ومكر : اومال كنتي عايزاني اسمع كلامك و اعملك اوضة ليكي عشان اشوفك بالصدف .. مستحيل .. عارفه ان في حياتي كلها ماحدش خلاني اعمل حاجة مش علي مزاجي غيرك انتي يا مجنناني


ابتسمت كارمن في داخلها علي نبرة صوته المتملكة التي راقت لها كثيرا ، ولقد أعجبت ايضا بذكائه في التفكير والترتيب ، وكانت نظراتها إليه تفيض بالحب الحقيقي ، ففي كل دقيقة تمر تكتشف مدى تفهمه وصبره. 


هبط على شفتيها المغريتين ، بلهفة متناولها بين شفتيه بنهم.

، متمنيا هذا القرب منها من فترة طويله ، وكان هذا اختبارا قاسيًا لقوة صبره منذ اليوم الأول لها داخل مملكته.


شعرت بأصابعه تداعب سحاب فستانها ، ثم جردها منه وسط عاصفة مشاعرها ليسقط على الأرض ، وهو ما زال يقبلها ، ثم بدأت تساعده على خلع سترته وتجريده من قميصه قبل أن يعود يمسكها به داخل احضانه مرة أخرى بنفاذ صبر ، ويكمل جنونه ، وهو يكاد يفقد عقله من مجاراتها له في كل ما يفعله معها.


رفع جسدها بين ذراعيه بخفة ، وقادها إلى السرير المريح ، ووضعها عليه برفق ، و اشرف عليها بجسده 


تجولت شفتيه بين عينيها ووجنتيها ، وشفتيها ، موزعا قبلاته المتناثرة عليهم بتمهل يجعلها تحترق شوقا اكثر للمزيد ، ثم مال على رقبتها يقبلها 


ويضع عليها صك ملكيته ، ثم يقبل عظام الترقوة بشغف حتي جعل مشاعرها تشتعل بجنون اكثر ، واخذت تردد اسمه بصوت هامس مثير من شعورها بهيمنته عليها ، وتود ان لا يتوقف عما يفعله بل ان يتعمق اكثر.


أحاطت برقبته ورفعت رأسه تجاهها لتجذبه إليها ، ويجتاحها شعور قوي يغذي الروح ويتحكم في العقل يغمرها ، لتقبيل شفتيه بقوة لطيفة.


فإحتوها أكثر بحنان ، معتبراً أن هذه كانت إشارة منها للتعمق معها في بحر من اللذة ، ثم يغوص معها في رحلة خاصة للغاية مفعمة بالعشق والجنون ، و أخيرًا ، اندمجت أجسادهم وأرواحهم معًا لتصبح زوجته بكل ما تحمله الكلمة من معنى.


★★★


وتسدل شهر زاد عليهم الستار الأن ، ولكنه لن يكون ستار النهاية بل انها بداية أحداث طويلة ، وصراعات كثيرة ستحدد ما إذا كان هذا العشق الممزوج بالألم سيستمر أم سينهار ويسقط امام عقبات القدر.
في صباح مليء بأمل جديد 


حياة جديدة تشرق في القلوب التي تسكن قصر البارون ، يوم يملؤه العديد من الأحداث قد تغير المصائر القادمة.


تملمت في نومها ، منزعجة من ذلك الصوت الذي لا يريد التوقف ، فتثاءبت بكسل ، وحاولت الالتفاف إلى الجانب الآخر لإيقاف المنبه الذي يرن للمرة الثالثة  ، لكنها وجدت نفسها محاطة بساق ويد ممَ يعيق حركتها. 


فتحت كارمن عينيها محاولة التركيز ، لتحمر خجلا حينما أتت في ذهنها مقطتفات سريعة ممَ حدث الليلة الماضية. 


نظرت إلى المنبه الموجود على المنضدة ، واتسعت حدقتها فزعا من نومها طوال هذا الوقت وتأخرهما عن العمل.


وضعت كارمن راحة يدها على كتف أدهم وهزته بلطف ، لتهتف بسرعة محاولة إيقاظه ، وكان واضحًا أنه نائم بعمق ولا يدري بشيئًا حوله : ادهم اصحي احنا اتأخرنا علي الشركة يلا قوم


تململ أدهم بانزعاج وهو ينظر إلى الساعة ، ثم حدق في تلك الفاتنة بقميصها الذي يكشف مفاتنها بإغراء ، قائلاً بمكر ونعاس : دا مش وقت شركة اصلا تعالي هنا 


جذبها لتستلقي بجانبه ثم ، اعتل جسدها بجسده الضخم ، وقبل أن تنطق حرفًا أقتنص شفتيها بقبلة شغوفة. 


انهارت حصون إحتجاجها الضعيف تحت تأثير المشاعر العنيفة التي اجتاحت روحها ، وتبادلت معه القبلة النارية ليجن جنونه أكثر ، ويسحب الغطاء عليهم و يختبئون معًا وراءه ، ليغيبون مرة أخرى في بحار الهوى المليئة بالشوق اللامنتهي والعشق الجارف.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بالأسفل 


مريم وليلي تجلسان بجانب بعضهما البعض ، وتجلس نادين أمامهما التي تشعر بصداع في رأسها من الإفراط في الشرب الليلة الماضية ، ولا تتذكر شيئًا مما حدث على الإطلاق ، مجرد ومضات مشوشة من حديثها المتهور مع أدهم.


ليلي بمكر : غريبة الساعة بقت 11 الصبح و لحد دلوقتي كارمن و ادهم لسه مانزلوش يفطرو


تحدثت مريم بابتسامة سعيدة وهي تطعم ملك في فمها ، متناسية وجود نادين : حقهم يتأخرو اكيد سهروا امبارح كتير مع بعض ربنا يسعدهم


ليلي : امين يارب


كانت نادين تحدق بهم بحقد وكراهية، وفهمت ما تعنيه ليلي بكلامها، واضح أن العاشقين بالأعلى يغوصون في بحار العسل لذا تأخروا على الإفطار اليوم.


تحدثت ليلي بغطرسة و قسوة ، حيث أخبرتها إحدى الخادمات بما حدث الليلة الماضية : اسمعي يا نادين اخر مرة يتكرر اللي حصل امبارح ممنوع تشربي في وسط البيت بالشكل دا في اصول يا حبيبتي لازم تلتزمي بيها لانك مش لوحدك هنا في اطفال معانا زي ما انتي شايفه


نادين بوقاحة : بمناسبة الاصول يا طنط هو ان يصح ابنك يهمل مراته الاولانية بالشكل دا و يهتم بمراته التانية و بس


تنهدت ليلي قائلة ببرود : دي حاجة خاصة بينكم و بين بعض مادخلنيش فيها


نفخت نادين بإمتعاض من عجرفة تلك العجوز دائمًا معها ، واكتفت بصمت لاذع ، فلا شئ يستدعي للقلق الآن إلا أنه من الممكن أن تحمل كارمن من أدهم حتى مع مواعيدها المنتظمة ، لوضع أقراصها في العصير ، لذلك ستضاعف جرعة الحبوب في العصير حتى تشعر بالأمان قليلاً من أي مفاجأة ، قد تهدد بإقصاؤها من هذا الرخاء الذي تستمتع به ، ولا تستطيع الإستغناء عنه.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


ظهرا في جناح ادهم


هتف أدهم وهو يقف أمام الحمام : حبيبي هتفضلي جوا كتير 


نظر إلى ساعته ، ثم أردف بتذمر : بقالك اكتر من ربع ساعة جوا بتعملي ايه كل دا ما تخرجي بقي


بعد لحظات فتح باب الحمام ، وظهرت كارمن بمنشفة تلف بها جسدها الناصع ، وتلف شعرها بمنشفة صغيرة.


كارمن بغضب طفولي ، وهي تضع يدها على خصرها : حرام عليك يا ادهم كل شوية تنادي عليا بتوترني كنت هتزحلق كذا مرة


ثم أضافت بدهشة ، وهي ترى ملابسه الشبابية الأنيقة ، كان يرتدي بنطال جينز رمادي وتي شيرت أبيض منقوش عليه حروف باللون الأسود.  وعليه جاكيت أسود أنيق وعصري به خطين باللون الرمادي علي جانبي اكتافه : هو انت لابس كدا ليه اومال فين البدلة


ابتلع أدهم لعابه على منظرها المغري جدا ، قائلا ببحة خشنة : مافيش بدلة انهاردة 


تمتمت كارمن وهي تفرك رقبتها من جاذبيته التي تشتتها : وناوي تروح كدا الشركة يعني


أهداها أدهم ابتسامة جذابة ، ليقول بنفى : لا احنا مش هنروح الشركة انهاردة مالك هيحل مكاني 


وأضاف مشيرًا إلى ملابسه : ايه مش عجبك الطقم دا؟


اقتربت كارمن منه ، وهي تزم شفتيها للأمام بدلال ، لتغمغم برقة : بالعكس عجبني اوي


همس مزمجرا من جمالها الأنثوي الأخاذ الذي يفقده ثباته الإنفعالي : هتفضلي واقفة كدا قدامي بالفوطة دي .. يلا ادخلي البسي هدومك بسرعه عشان هنخرج .. البسي حاجة تقيلة الجو بدأ يبرد


ابتهجت أسارير وجهها بفرح وهي تسأل على الفور : بجد هنروح فين ؟


ابتسم أدهم علي حماسها قائلا بنفاد صبر : مفاجأة ماتيلا بقي الحقي نفسك قبل ما اتهور و انتي زي القمر قدامي كدا و اغير رأيي و نقضي الوقت كله علي السرير دا


قهقه عليها بشدة عندما احمرت وجنتاها بالخجل من جرأته ، وركضت بسرعة نحو غرفة الملابس دون لحظة تردد واحدة.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في فيلا مراد 


كان يرتب حقيبة سفره ، ولم يتبق وقت لإقلاع طائرته إلى إيطاليا ، وحاتم يقف الي جواره.


حاتم بإضطراب : انا قلقان يا بني عليك ما تخلي الشرطة هي اللي تتعامل معاهم


تكلم مراد وهو يغلق سحاب الحقيبة قائلاً بهدوء : ماتقلقش كله مترتب و مافيش حد هيقضي علي الكلاب دول غيري 


حاتم بعدم اقتناع : مش هتقدر لوحدك انت عارف عددهم كام


نظر إليه مراد قائلا بإصرار : الشرطة هتلم كل اعضاء المنظمة بمعرفتها كل دا مايهمنيش انا عايز زعيمهم 


حاتم بخوف : يا مراد انت رايح للموت برجلك


مراد ببرود اعصاب : ما انا في كل الاحوال ميت هتفرق ايه علي الاقل المرة دي بجيب حق اهلي اللي اتقتلو غدر علي ايدهم بطريقة صح


ربت حاتم علي كتفه بحنان وقال : انا فاهم بس خايف عليك انا ماليش غيرك .. مش فاهم اشمعنا المرة دي مصمم افضل هنا و ماجيش معاك


تحدث مراد بسأم و هو يضع سلاحه المرخص في حزام الصدر تحت سترته : تاني هنتكلم في الحوار دا مافيش وقت الطيارة هتقوم بعد ساعتين .. خلي كارمن دايما تحت عينك يا حاتم محدش ضامن لو في جواسيس مزروعه وسط رجالتنا اكيد عندهم خبر اني براقبها محدش غيرك بثق فيه


حاتم بطاعة : ماشي هتغيب هناك قد ايه طيب


مراد بلا مبالاة : حوالي شهرين او اكتر علي حسب 


حاتم بقلة حيلة : ربنا معاك يا بني و يعديها علي خير


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في احدي فنادق القاهرة 


وصل زين وبدر وماجد إلى القاهرة ، وتوجهوا إلى أحد الفنادق للإقامة الليلة حتى يأتي ميعاد ذهابهم لمنزل كارمن.


صعد الجميع إلى غرفهم ، فكان لزين وماجد غرفة وكان بدر وحده في غرفته ، بعد أن اتفقا على الراحة من عناء السفر قليلاً ، ثم تناول الغداء معًا.


جلس زين على سريره ، وبجانبه على السرير الآخر تمدد ماجد ، ونام بسرعة من شدة إجهاده.


أخرج زين هاتفه من جيبه راغبًا في الاطمئنان على روان التي تركها مبكرًا قبل الفجر ، ونزل بسرعة حتى لا تستيقظ من نومها.


بدأ بإرسال رسالة لها عبر WhatsApp


زين : وصلنا الفندق من شوية حبيبتي ..

طمنيني عليكي لما تشوفي الرسالة


بعد فترة ، أضاء الهاتف برسالة جديدة


روان : حمدلله علي سلامتكم انا الحمدلله بخير بس زعلانه منك ليه مقومتنيش اشوفك قبل ما تسافر


زين : محبتش اقلقك يا حبي .. المهم انتي بتعملي ايه من غيري 


روان : مفيش قعدة انا و امي و حماتي حبيبتي نرغي شوية سوا .. قولي صحيح انت فطرت 


ابتسم زين علي اهتمامها به حتي ، وهو بعيد عنها : ايوه اكلنا حاجة خفيفه و احنا في الطريق ماتقلقيش


روان : معنديش اغلي منك اقلق عليه و اهتم به


زين : تعرفي رغم اني سيبتك من كام ساعه .. بس وحشتيني فيهم اوي .. هكلمك قبل ما انام مع اني مش عارف هنام ازاي اتعودت تبقي في حضني و اشم ريحتك الحلوة لحد ما انام


خجلت روان من كلماته الرقيقة، لكنها حاولت تشجيع نفسها، فهو لا يراها ولا يسمع صوتها الأن ، فلا ضرر إن قالت ما تشعر به دون قيود الخجل : انت كمان وحشتني و صعب عليا انام و انت مش جنبي ماتتأخرش عليا و طمني عليك


زين : ماشي يا قلبي خدي بالك من نفسك لحد ما ارجع و طمنيني بكرا برسالة قبل ما تروحي الكلية


روان : حاضر هكلمك انا مضطرة اروح اشوف الاكل امي مش سايباني اقعد دقيقتين علي بعض

.. سلام حبيبي 


زين : سلام مؤقتا لحد ما ارجعلك و تسمعيني كلمة حبيبي اللي طالعه حلوة اوي من شفايفك 


ثم أغلق الهاتف وحاول النوم قليلاً ، لكنه لم يستطعز، فقرر الخروج من الغرفة والنزول إلى الطابق السفلي ، ليشم بعض الهواء.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في أحد المطاعم على النيل


كارمن تجلس بابتسامة سعيدة وشعرها يتطاير بفعل الريح ، كانت اية في الجمال ببراءتها ، وامامها يجلس ادهم يستمتعون بالمناظر الرائعة من حولهم ، و هم يتناول الغداء اللذيذ ، ويتحدثون اثناء الاكل. 


عضت كارمن شفتيها قائلة بتردد : انا ممكن اسألك سؤال


ادهم بإرتياح : اسألي براحتك


ابتلعت الطعام في فمها ، ثم نطقت بخفوت : احم هي نادين ليه بتشرب و ازاي انت محاولتش تخليها تبطل 


أمال أدهم رأسه قليلاً ، وهو ينظر إليها بتمعن ليسأل : مين قالك اني ماحاولتش؟ 


ثم أردف بهدوء : حاولت كتير في بداية جوازي منها لكن هي كان عجبها عيشتها نوادي وشوبنج و شرب و كانت متعودة تسهر وترجع متأخر لكن لما هددتها ان دا هيخليني اطلقها بطلتو .. ويمكن لان ماكنش في بينا مشاعر وحياتنا مختلفة جدا عن بعض يأست منها بسرعه


كارمن بترقب : يعني انت ماحبتهاش خالص


ادهم بتنهيدة : لا جوازنا كان عادي جدا اقل من العادي كمان


مدت يدها وشربت العصير في اضطراب ، وقد خشيت أن يزعجه فضولها.


ادهم بإبتسامة : فاكرة اول مرة شوفنا بعض فيها


كارمن بضحكة : اكيد فاكرة طبعا هو دا يوم يتنسي


شاركها ادهم الضحك قائلا بفضول : قولتي ايه عليا في اليوم دا؟


كارمن بخبث : عايز الصراحة 


نظر إليها آدهم من زاوية عينه : بدأت اقلق


كارمن بغيظ متصنع : ماكنتش طايقاك و فضلت ادعي عليك طول اليوم .. انت عارف ان ذراعي اللي وقعت عليه فضل اسبوع في كدمة زرقه كل ما توجعني افتكر اللي عملته فيا


ادهم بغموض : وانا عمري ما نسيت احلي عيون زرقاء شوفتها في حياتي


خفق قلبها من مغازلته اللطيفة ، ولم تدرك مقصده الحقيقي قائلة بخفوت : طب ممكن طلب


ابتسم بمشاكسة : ياسلام علي الادب اومال فين كارمن العنيدة اللي احتلت اوضتي بالإجبار و ماصعبتش عليها لا انا و لا ظهري المسكين


شعرت كارمن بالحرج ، ومسحت يدها بمنشفة بعد أن انتهت من الأكل ، ووضعتها بجانبها : انا عارفه هتفضل فاكرلي الموقف دا طول العمر 


ثم اردفت بمرح : شوف بقي انا وجعت ظهرك و انت وجعت ايدي كدا احنا خلصين


ابتسم لها ثم أمسك بيدها ، وهو يصنع دوائر في بطن كفها ببطء مثير لخبطها ، قائلاً بحنو : مش عايز حواجز بينا تاني يا كارمن لما تعوزي تقولي او تطلبي حاجة ماتتردديش و لا تستئذني اتفقنا


أومأت كارمن مبتسمة : حاضر


قال ادهم مستفسراً : ايه هو بقي الطلب؟


رمشت كارمن بخفة ، ثم أجابت بنبرة متوترة إلى حد ما : كنت محتاجة ادوات التصميم اللي بشتغل بها و كلها موجودة في بيت عمر و كنت بفكر ابقي اجيبهم من هناك


لم تتغير تعبيرات وجه ادهم ، قائلا بهدوء : الوقت اللي تحبي تروحي فيه قوليلي عليه .. وبعدين الفيلا دلوقتي بإسمك انتي مش بتاعت عمر


كارمن برفض : لا الفيلا و كل حاجة بتاعت ملك انا بحافظلها عليهم لحد ما تكبر بس


ابتسم لها وعيناه تتألقان بعشق ، لأنه رمي اليها تلك الكلمة وهو يعرف ان ذلك سيكون ردها ولم تخيب ظنه ، فحبه لها يزداد في قلبه كلما تعمق في معرفته بها أكثر.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند زين 


بعد أن تجول حول الفندق لفترة ، خطر بباله أن يشتري هدية بسيطة لروان ، لأنه لم يشتري لها هدية زواج بعد.


أوقف سيارة أجرة متوجها إلى مكان معين.  وبعد فترة وجيزة وصل إلى المكان ، ونزل من السيارة ومشى منتصبًا بجسده داخل المحل الذي بدا فخمًا ، وذو ذوقا رفيعا.


شرد برهة عندما تذكر سبب مجيئه إلى هنا ، وبدلاً من الشعور بالحنين إلى الماضي ، كان يشعر بالاشمئزاز من غبائه.


وقف زين ينظر إلى المعروضات أمامه ، لا يعرف لماذا أتى إلى ذهنه تلك الهدية الوحيدة التي قدمها لروان عندما كانت صغيرة ، كانت عبارة عن مشبك شعر رفيع على شكل فراشة.


أخذ نفسًا عميقًا ، ثم اتجه للداخل وبعد إلقاء التحية تحدث مع البائع بهدوء : لو سمحت عايز....


البائع بإحترام : تحت امر حضرتك لحظة واحدة 


....: هاخد دي حلوة اوي دي يا حبيبي


قطب زين بين حاجبيه وأدار رأسه ، فهذا الصوت الأنثوى يعرفه جيدًا وقد صدق حدسه.


....: تمام حبيبتي هناخدها في حاجة تانية عجباكي


زمت شفتيها بتفكير ، ثم رفعت رأسها لكي تجيبه ، لكن عينيها اتسعت في دهشة ، محدقة في هذا الشخص الذي يقف على بعد أمتار قليلة وينظر إليها، وعيناه تعكسان مدى الازدراء الذي يشعر به تجاهها.


في حين أن الرجل الواقف معها يبدو في الثلاثينيات من عمره ، ومظهره الأنيق دليل رخاء معيشته.


لاحظ عينيها المجمدة على هذا الرجل الأسمر الوسيم الذي كان يقف بعيدًا عنهما بقليل


...: حبيبتي في حاجة انتي تعرفي الراجل دا


أومأت إليه وارتفع صوتها قليلاً ، وهي تلف أصابعها حول ذراعه بامتلاك ، وسارت معه نحو زين الذي زفر بامتعاض ، وهو يراها تتجه نحوه. 


نطقت بتوتر : ازيك يا زين اخبارك ايه؟


زين ببرود : الله يسلمك يا ريهام انا تمام


ابتسمت ريهام إليه ، وقالت بفخر وغرور : احب اقدملك جلال الحديدي خطيبي من رجال الاعمال الكبار في البلد


ثم اضافت بإبتسامة : دا الدكتور زين كان زميلي في الكلية 


صافحه جلال بهدوء : اهلا و سهلا اتشرفت بيك


زين بإحترام : الشرف ليا 


ريهام بخبث : هو انت استقريت في مصر يا زين


لقد فهم ما قصدته عندما لاحظ أن عينيها موجهتان إلى يده اليسرى ، هو حقًا لا يعرف كيف كان يحبها في يوما ما هي تختلف عنه في كل شيء ، ولا تناسبه من جميع النواحي : لا حاليا مستقر في بلدي قنا و اتجوزت هناك كمان 


ريهام : حلو مبروك ..ابقي خلينا نشوفك 


اومأ اليها قائلا بفتور : ان شاء الله 


جلال : فرصة سعيدة يا دكتور


زين : ميرسي جدا


قال البائع يوجه حديثه إلى زين : بعد اذنك يا فندم


زين : معاك .. عن اذنكم 


تركهم يسترسل حديثه مع البائع ، لكنه سعيد رغم كل شيء بما حدث الآن ، لأنه لم يشعر تجاهها بأي شعور لا كراهية ولا حب ولا حتى ألم ، وهذا يؤكد أنها لم تعد تشكل اهمية عنده ولا تترك أي أثر به مطلقا، وأن تلك التجربة قد شفى من جراحها ، والفضل يعود إلى زوجته الشقية، التي تسللت إلى قلبه لتقلب كيانه وحياته رأسًا على عقب.


بينما ريهام تائهة في تفكيرها بزين لم يتغير ، فرغم كل ما حدث منها ، لكنه لم يسيء إليها ، فهي تعلم كم هو شهم وعالي الأخلاق.


إذ لم تكن مندفعة وإنساقت وراء تهورها في الماضي ، ربما كانت هي زوجته الآن ، لكن هذا هو قدرها وهي الآن سعيدة بحياتها ، ويبدو أنه سعيد في حياته الجديدة أيضا ، وتأمل أن يغفر لها في يومًا ما على ما فعلته به.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


جاء المساء بسرعة


كانت كارمن تجلس أمام المرأة وتبتسم بشرود ، وهي تتذكر الساعات الجميلة التي قضتها مع أدهم.


رمشت عيناها مندهشة وهي تري انعكاس ابنتها على المرأة خلفها وهي جالسة على السرير ، ممسكة بالقلم وتخربش على ورق دفتر الرسم التي أحضرته لها مريم لتسليتها.


استدارت وسارت إلى مكانها بابتسامة حيث تري ابنتها تلون الرسومات غير الملونة بألوان جميلة حقًا.


قالت كارمن وهي جالسة بجانب ملك ، وتمسح علي شعرها برقة : حبيبة ماما بتعمل ايه وريني كدا


ناولتها الورقة تقول بصوتها الطفولي : رسمة ملك


كارمن بإعجاب : الله ايه الحلاوة دي يا نور عيني


ثم أضافت وهي تحملها بين ذراعيها وتجلسها على حجرها وتلاعبها بضحكه : بقيتي تقعدي مع كتير تيته ليلي و تيته مريم و سايباني لوحدي ينفع كدا


مريم : كارمن 


استدارت عينا كارمن نحو الباب الذي انفتح ، ودخلت والدتها فقالت وهي تلهث : نعم يا ماما


ليلي ببشاشة : بتعملو ايه؟


كارمن بإبتسامة حلوة : تعالي شوفي ملك بتعمل ايه


اقتربت منهما مريم التي بدت مرتبكة قليلاً ، ثم بلطف مسحت براحة يدها على شعر الصغيرة لتقول بخفوت : بقي عندنا فنانه تانية صغننه ربنا يحميها


نظرت كارمن إلى ملك بحنان ثم قبلت وجنتيها الحمراوين ، قائلة بهدوء : يارب يخليكو ليا يا ماما ..


اردفت وهي تري مريم تفرك يديها بإضطراب : بس انا حاسه ان في حاجة عايزة تقوليها صح


خفضت مريم بصرها قائلة بتوتر : هقولك بس براحة كدا مش عايزة اعصابك تتوتر .. انتي عارفه مين تحت دلوقتي مع ادهم؟


همست كارمن ، وبدأ القلق يتملكها من نبرة والدتها المرتبكة : مين يا ماما!!


مريم : عمك و ولاده 


فتحت فمها بدهشة وعدم استيعاب : عمي اللي في الصعيد جه هنا


عندما رأت شحوب وجه ابنتها ، هتفت مريم بسرعة في محاولة لطمأنتها : ايوه يا حبيبتي .. بصي هما عايزين يتكلمو معانا فإلبسي و تعالي نشوف عايزين مننا ايه .. انا هسبقك علي تحت و ماتخافيش ادهم موجود معانا


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بعد قليل في الاسفل


نزلت كارمن والقلق يسيطر عليها ، كانت في حيرة شديدة من سبب قدوم هؤلاء الناس الآن ، بعد كل هذه السنوات ، تذكروا أن لديهم ابنة ويريدون رؤيتها 


لن تنسى حزن والدها بسبب غضب والده عليه لأنه تزوج والدتها صحيح أنهم لم يتحدثوا عن هذا الأمر أمامها ، لكنها كانت تسمعهم يتحدثون عنه كثيرًا بالخفاء ، وفي كل مرة كانت تري دموع والدها تتساقط بحزن كلما تذكر غضب والده عليه ، ورفضه رؤيته حتى عندما كان يحتضر أو ​​هكذا اعتقدت أنها لا تعرف تماما ما كان يحدث.


وصلت إلى الريسبشن الخاص لاستقبال الضيوف ، ولكن قبل الدخول ألقت نظرة خاطفة ورأت ثلاثة رجال ، بدا علي أحدهم أنه أكبرهم سناً بسبب شيب شعره ، كان وقورا في جلسته ، لكن ما فاجأها أن ملامحه كانت قريبة جداً من ملامح والدها.


بالتأكيد هذا عمها الذي لا تذكر اسمه حتى ، وبجانبه شابان لابد أن يكونا أبناء عمها ، ومعهم أدهم وليلى ومريم وهم يتحدثون ، لكنها لا تسمع شيئًا مما يقولون.


أغمضت عينيها وأخذت نفسا عميقا لتهدئة نفسها، ودخلت برشاقة ، وخطوات متزنه عليهم.


فجأة توقفوا عن الكلام عندما رأوا تلك المرأة الفاتنة تظهر عليهم في مظهرها الهادئ خارجيا ، وقام الجميع من مقاعدهم للترحيب بها.


كارمن بهدوء : مساء الخير


قام الجميع برد التحية


مريم بإبتسامة : تعالي يا كارمن سلمي علي عمك و اولاده


احمرت وجنتاها قائلة برقة فطرية : اهلا وسهلا


همس ماجد بصوت خافت لم يسمعه سوى زين الذي كان يقف بجانبه : تصدق طلعت حلوة اوي علي الطبيعة .. بقي دي بنت عمي انا والله مش مصدق


تمتم زين بحنق ، وهو يلكزه بخفة : احترم نفسك جوزها واقف جنبك يا غبي


اقترب منها بدر ، وقال بابتسامة بشوشة : بسم الله ماشاء الله انتي اجمل من الصور بكثير 


مدها يده لمصافحتها ، فرفعت يدها وصافحته بابتسامة صغيرة قائلة بتحفظ : شكرا لحضرتك


قهقه بدر بمرح : ما بلاش رسميات يا بنتي انا عمك بدر قوليلي عمي من غير حضرتك دي


أومأت إليه بخجل وهي تنظر إلى أدهم الذي كان يتابع ما يحدث دون أي رد فعل ، لكن عينيه على كارمن لم يرمش ، فكان يشعر بارتباكها ويريد بأي شكل من الأشكال طمأنتها.


أراد أن يصعد إليها منذ قليل ، لكنه حافظ على ثباته وأرسل والدتها لتخبرها بنفسها.


ادهم بثبات : تعالي يا كارمن


بدت كما لو كانت تنتظر تلك الجملة وبمجرد أن نطق بها ، توجهت بسرعة نحوه.


اضاف ادهم برزانه و هدوء : اتفضلو استريحو


جلست كارمن بجانب أدهم الذي رفع يديه خلف ظهرها ليحيطها بحماية ، وضغط بلطف على ذراعها كما لو كان يرسل رسالة صامتة بأنه بجانبها لدعمها.


شعرت بالأمان يغلف قلبها بحضوره فقط و أنها تحت كنف مسؤليته ، فالأمان العاطفي هو الذي يولد شعورًا بالحب الصادق ، ويجعله يدوم طويلاً. 


جلس بدر مرة أخرى وقال بهدوء : اول حاجة يا كارمن عايز اعرفك علي الدكتور زين ابن عمتك حياة 


ثم أشار إلى ماجد ، الذي قاطع كلماته ، قائلاً بمرحه المعتاد : و انا ماجد ابن عمك بشحمه و لحمه .. فاضلي السنه دي و اخد ليسانس حقوق و ابقي محامي 


ابتسمت كارمن بسبب خفة ظله : ربنا يوفقك


حدق بدر في ماجد بتحذير ، ثم اتجهت عيناه إلى مريم وهي تتحدث بهدوء مع كارمن : عمك بدر كان عايز.....


قاطعها بدر قائلا بوقار : خليني انا افهمها احسن يا ست الكل


أومأت إليه مريم بتفاهم ، وجعلته يبدأ الحديث بينما كان الجميع في حالة ترقب


بدر : ....
في الحب لا تطلبي ملكا ً، 
فالملوك على رقعة الشطرنج نقطة ضعف ..
في الحب اطلبي رجلا بقوة جيش بأكمله ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما زلنا في قصر البارون
بينما هم مجتمعون في الداخل.
نزلت نادين بغطرسة ، ولفتت أنظارها تلك الضجة في غرفة استقبال الضيوف ، والتي نادرًا ما يدخلوها.
مرت أمامها خادمة كانت قد خرجت لتوها من الداخل بعد أن قدمت بعض المشروبات والحلويات للضيوف.
أوقفتها نادين بإشارة من أصابعها قائلة بتعالي يتخلله الإستفهام : تعالي هنا ايه اللي بيحصل جوا مين اللي قعدين دول يا مروة؟
ردت مروة التي دائما ما تنقل أخبار الجميع إليها قائلة بثرثرة : الله اعلم بس باين كدا انهم قرايب كارمن هانم من الصعيد .. انا فهمت كدا من لهجتهم يا نادين هانم 
نادين همست بصدمة ، وتحدثت إلى نفسها بصوت مرتفع قليلا : من الصعيد .. و ايه اللي جايبهم هنا؟
مروة بحيرة : علمي علمك يا هانم
نظرت نادين اليها في إزدراء ، ثم أشارت إليها بتكبر لكي تغادر متمتمة : خلاص يلا روحي انتي شوفي شغلك
بعد أن غادرت الخادمة ، تقدمت نادين إلى الأمام بخفة ، تتنصت من خلف الباب لتسمع ما يقال في الداخل ، ربما تفهم ما يدور من ورائها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الداخل
إستطرد بدر حديثه بابتسامة لطيفة تليق به : شوفي يا بنتي عارف انك بتسألي ازاي وصلنا ليكي و ايه اللي جابنا من الاساس .. صدقيني احنا بقالنا سنين بندور عليكي وعلي الست ولدتك عشان نطمن عليكم ونعطيكي ميراثك من نصيب ابوكي بس ماكناش عرفين ارضيكم فين .. 
تنهد بحزن وأضاف بشرح : بعد موت محمد الله يرحمه .. ابويا اللي هو جدك تعب اوي وصحته بقت ضعيفه و مابقاش بيفكر ولا علي لسانه غير انه عايز يشوفك و يرجعلك حقك ويستسمحك علي اللي حصل منه زمان .. وعرفنا من الشركة اللي كان بيشتغل فيها ابوكي الله يرحمه عنوانكم القديم لكن محدش هناك كان عارف عنوان سكنكم الجديد 
كارمن خفضت عينيها ، وفركت يديها ببعض الحزن، وامتلأت عيناها بالدموع من ذكرى والدها الحبيب.
بدر بعطف : بلاش دموع يا بنتي اهدي واسمعيني
رفعت وجهها ، ونظرت إليه بعينين محمرتين من الدموع المكتومة داخلها قائلة ببحة خانقة : اسمع ايه حضرتك !! انت ماتعرفش بابا كان كل يوم بيبكي علي زعل ابوه منه و لما مرض محدش فيكم حاول يقف جنبه 
بدر بأسف : والله يا بنتي ما كنا نعرف حاجة عنكم دا اخويا الكبير واكتر واحد اتقهر علي فراقه كان انا .. 
تدخل أدهم في الحديث بحزم ، وهو يحاول السيطرة على أعصابه بالضغط على قبضته ، حينما لاحظ أن كارمن ترتجف ودموعها تنهمر بصمت : أأمر ايه المطلوب مننا بالظبط؟
تنفس بدر بعمق ، حيث تأثر بشدة بدموع ابنة أخته ، واستمر في حديثه : كل اللي طلبه منكم انكم تشرفونا و تيجو معنا الصعيد عشان كارمن تشوف جدها و تتعرف علي عيلتها هناك
حاولت كارمن الاعتراض ، لكنه أوقفها بإيماءة صغيرة : قبل ما توافقي او ترفضي جدك خلاص في ايامه الاخيرة ونفسه فعلا يشوفك وتسامحيه قبل موته بلاش تقسي قلبك زي ماهو قسي قلبه زمان و عاش في ندم سنين طويلة يا بنتي 
ربت أدهم على ظهرها بحنان ، فنظرت إليه كارمن تفكر في هذا الموقف الذي وقعت فيه صعب جدا عليها ، وهي في حيرة حقيقية الآن ، لا تعرف ماذا تفعل ، ثم نظرت إلى والدتها التي أومأت إليها لتوافق. 
مرت بضع لحظات قبل أن تأخذ نفسًا عميقًا ، لتهمس بصوت خافت : جوزي قدامك يا عمي يعني اذا وافق اسافر معنديش مانع
اعجب بدر بجوابها اللبق الذي يظهر الكثير من تقديرها واحترامها لزوجها ، وأحس بالفخر من تربية أخيه لابنته.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد عدة ساعات في جناح أدهم
كانت كارمن جالسة على السرير ، شاردة في قرارها بالموافقة على السفر غدًا إلى صعيد مصر ، بعد أن شعرت بالفضول للتعرف على أسرتها ، ورؤية جدها الذي ظل عمها يتحدث عنه طوال الجلسة ، ثم عادوا بعد بضع ساعات إلى الفندق بعد أن اتفق عمها مع أدهم على السفر معهم في الصباح الباكر.
لا تنكر انها قد ارتاحت قليلا لعمها ، فهو يبدو حنون للغاية و لكنها قلقة بشأن جدها الذي لا تعرف عنه اي شئ سوا كلام عمها عنه.
هل حقا يريد رؤيتها ويقبل بوجودها كحفيدته الآن ، بعد كل هذه السنوات ؟ 
غدًا ليس ببعيد وستحصل علي إجابات لكل الأسئلة التي تعصف في عقلها الأن!!
شعرت كارمن بالأمان يحاوطها بوجود أدهم بجانبها ، يساندها ويقويها بقوة شخصيته التي سيطرت على الموقف بشكل كامل ، وفي نفس الوقت أعطها كل الحرية في الرفض أو الموافقة ، وشعرت بالفخر والإعتزاز أمام عائلتها لكونها زوجته.
أدارت عينيها نحو باب الغرفة عندما انفتح ، لترى أدهم يدخل بخطوات هادئة ، ويحمل بين يديه ملك النائمة على كتفه بوداعه.
همس أدهم مبتسمًا وهو يتجه نحو السرير ، ويضع عليه ملك بهدوء حتى لا تستيقظ الطفلة : ملوكه هتنام معانا انهاردة
كارمن بدهشة : بجد .. بس كدا هتزعجك ومش هتعرف تاخد راحتك في النوم
استلقى أدهم بجانبهم على السرير ، وكان يغطّي ملك ويضم اليه كارمن من جانب كتفها : ماتخافيش علي قلبي زي العسل .. 
ضحك أدهم ، ليقول بصوت منخفض : دا انا اخدتها من مامتك بالعافية .. بس وجودها وسطنا مهم لسببين 
همست كارمن تتساءل بفضول : ايه هما؟
أجاب أدهم بصدق ، وهو ينظر في عينيها : اول حاجة عشان مش عايزك تحسي انك لوحدك انهاردة بعد اللي حصل و عشان انا كمان عايز احسكم جنبي و أدفي بيكم في حضني ..
ثم أضاف ، وهو يغمز لها بمكر : التاني بقي محتاجين نقوم فايقين الصبح بدري و انا مابقتش ضامن سيطرتي علي نفسي .. قدام الجمال دا كله يعني ملك هتبقي درع دفاعي ليا الليلة دي
ضحكت كارمن بخفة عندما فهمت ما يقصده ، وهمست برقة وهي تضع يدها بجرأة على صدره : يعني بعد السيطرة الفولاذية دي كلها علي نفسك طول المدة اللي فاتت .. حبكت الليلة دي تحتاج درع دفاعي لنفسك
همس أدهم ببحة رجولية مثيرة بجوار أذنيها : الاول كان ممكن لانك كنتي بعيدة دلوقتي انتي بين يدي الموضوع مختلف خالص
ازدردت كارمن ريقها بإرتباك من همسه الخطير لها قائلة بصمود ضعيف : طيب روح غير هدومك عشان ننام ورانا سفر الصبح و يوم طويل...
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل مالك البارون
دخلت يسر إلى الشرفة الواسعة حيث كان زوجها جالسًا منذ بضع دقائق ، وهي لا تعرف ماذا يفعل في مثل هذا الطقس بالخارج؟
يسر بإستغراب : حبيبي انت قاعد هنا ليه الجو بدأ يبرد دلوقتي؟
حرك مالك رأسه يجيبها بعقل شارد : حاضر حبيبي هدخل دلوقتي
جلست بجانبه قائلة بتسائل : انت كنت بتكلم مع مين من شوية!!
مالك بتفكير : دا ادهم .. 
تسألت يسر وهي تلوح بيدها أمام وجهه : ايه سرحت في ايه؟
رمش مالك بعينيه وقال بهدوء : بفكر في اللي طلبه مني
يسر بفضول : طلب ايه!!
اجاب مالك بحيرة : عايزني ابعت حد دلوقتي للصعيد يجيب معلومات عن اهل كارمن هناك
ضاقت عينيها بدهشة : اهل ابوها .. وبمناسبة ايه بيدور عليهم؟
مالك بتفسير : مش بيدور عليهم .. هما اللي راحو لحد عندهم .. عمها وولاده كانو عند ادهم في البيت و قابلو كارمن .. 
يسر بإستفهام : و هما عايزين ايه منها!
مالك : عايزنها تسافر معهم تشوف جدها هي و امها .. علي حسب كلام ادهم و هو عايز قبل مايوصلو هناك يعرف كل حاجة عنهم وايه اللي في نيتهم خير و لا شر
يسر بإضطراب : ربنا يستر و يعديها علي خير انا بدأت اقلق
مالك بإبتسامة : خير ان شاء الله و كدا احسن الاحتياط واجب .. انا خلاص اتصلت برجالتنا و زمانهم اتحركو علي هناك 
يسر بإبتسامة جميلة : تمام حبيبي ممكن بقي تقوم و ندخل جوا انا تلجت مكاني
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
صباح يوم جديد مليء بالأحداث
في قصر البارون
في جناح ادهم و كارمن
استيقظت بعد أن غفوت لفترة وجيزة من التفكير فيما سيحدث اليوم !!
فتحت كارمن عيناها ورأت أدهم نائمًا ، وملك في منتصف السرير بينهما وهو يعانقها بحماية ، فابتسمت في شكلهم الجميل.
للحظة تذكرت هذا المشهد في نفس الموقف مع عمر اغمضت عيناها و هي تدعي من أجله بالرحمة في سرها ، لولاه ما كانت لتتزوج من أدهم وربما كانت ستبقى ملك محرومة من الأبوة أيضًا ، و حتى لو تزوجت بعد عمر ، فمن يعلم هل كان سيحب ملك بقدر ما يحبها أدهم ، انه لا يحبها فقط هو الذي يعتني بها ويعوضها عن فقدان والدها ويحافظ على ميراثها.
تلألأت الدموع في عينيها بالعاطفة ، أليس هذا سببًا يكفيها لتقع في حبه ، وتسعى وراء إسعاده بكل طاقتها أيضًا؟
من الآن فصاعدا لن تحرم ابنتها من حنانه بل لن تحرم نفسها من نعيم حبه المتدفق ، ستترك مصيرها معه هو من يقودها ، هذه نعمة من الله تدعي أنها تكون قادرة على الحفاظ عليها.
ابتسمت أكثر وهي تخفض عينيها إلى خاتم زواجها الذي يزين إصبعها ، ثم تنهدت وهي تنظر إلى الساعة واقتربت من أدهم ، وتقبّل خده وتهزه برفق قائلةً بصوت خافت : ادهم يلا اصحي
فتح عينيه بنعاس ، وابتسم بلطف عندما رآها أمامه مغمغمًا بنعاس : صباح الخير
كارمن بإبتسامة : صباح النور .. اسفه اني صحيتك بس انت عارف ورانا سفر
ادهم بحب : احلي حاجة اني افتح عيني و اشوفك قدامي .. عارفه ان شكلك حلو و انتي لسه صاحية من النوم
احمر خديها بسبب كلماته المغازلة التي جعلت قلبها ينبض بلا هوادة ، ثم ابتسمت بمكر وهي ترفع حاجبيها ، مذكّرة إياه بما قاله لها من قبل قائلة بدلال : والنبي صحيح يعني مش منكوشة و شبه العفاريت
ابتسم أدهم و هو يضيق عينيه قليلاً ، وهو يربت برفق على خدها : قلبك اسود اوي مابتنسيش ابدا
كارمن بشقاوة : تؤ مش هنسهالك ابدا .. يلا بقي اتفضل قوم يدوب نلحق نفطر و ننزل علي طول
ادهم بتساؤل : هي الساعه كام دلوقتي؟
أجابت كارمن برقة : سته و نص 
تثاءب أدهم وقال بنعاس : محدش بيبقي صاحي من الخدم في الوقت دا .. ممكن نفطر بأي حاجة و احنا في الطريق
كارمن بإعتراض : لا لازم نفطر هنا الاول .. شوف انا هودي ملك لماما زمانها صحيت تصلي الفجر و جهزت نفسها .. هي هتلبس ملك وانا هحضرلنا فطار سريع علي ما تلبس انت
نظر إليها نصف عين قائلا بريبة ، وهو يقرص طرف أنفها : هتعرفي تعملي فطار؟
رفعت كارمن أنفها عالياً وقالت بثقة ، وتكبر مصطنع وهي ترفع سبابتها محذرةً : انا هعتبر نفسي ماسمعتش الجملة دي لمصلحتك
أومأ أدهم برأسه متفقًا وهو يضحك على أسلوبها الفكاهي ، ثم قبلها بحب على خدها ، لتبتسم له بحبور ، وتنهض من السرير وتحمل ملك بحذر وهدوء ، لتخرج من الغرفة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد بضع ساعات مرت في الطريق إلى قنا
أدارت كارمن رقبتها للوراء للمرة التي لا تعلم عددها ، ونظرت إلى السيارة التي كانت فيها والدتها وطفلتها للاطمئنان عليهما.
أمسك أدهم بيدها ، وقال بهدوء وتعجب : ممكن اعرف ايدك متلجة كدا ليه؟
كارمن بقلق : من التوتر 
ادهم بإستفهام : و ليه تتوتري!!
تحدثت كارمن محاولة إطلاق سراح ما يعصف في قلبها حتى ترتاح : غصب عني يا ادهم رايحة مكان لاول مرة في حياتي وهقابل ناس قرايبي معرفش الا حاجات بسيطة عنهم لولا وجودك جنبي انا كانت حالتي هتبقي اسوء من كدا
ضغط أدهم على يدها برفق قائلاً بحنان : الصبح بعد ما صحينا وصلني تقرير عن كل فرد له علاقة بعيلة الشناوي .. جدك راجل طيب و محبوب في البلد .. مافيش منه اي خوف و انا مستحيل كنت هوافق تخرجي من البيت لا انتي ولا مامتك ولا ملك .. واخليكم تروحوا مشوار زي دا قبل ما ابقي متأكد بنفسي ان كل الامور تمام.
ابتسمت كارمن بإتساع ، وقالت بامتنان : ربنا مايحرمناش منك و معلش بقي انا عارفه ان عندك شغل كتير و دلوقتي عطلته عشانا
ادهم بنبرة دافئة : ماتقوليش كدا انتو دلوقتي مسؤلين مني و تهموني اوي
كانت كارمن محرجة من لطفه الزائد معها ، لكنها شعرت بالارتياح من حديثه ، وحاولت تغير مسار الحديث : انت ممكن تنام شوية اكيد ماقدرتش تنام كويس امبارح
ادهم بلؤم : ايه خايفة عليا!
كارمن : طبعا لازم اخاف عليك انت جوزي وواجبي اخاف عليك
نظر إليها أدهم بتمعن : يعني مش عشان بتحبيني؟
همست كارمن بوجه محمر خجلاً : الاتنين واحد
ادهم بتنهيدة : لا يا كارمن الواجب شئ مفروض عليك ممكن بتأديه بضمير لكن مش شرط تحبيه 
أسدلت عينيها في حرج من صحة كلامه ، لكنها تخجل من أن تكشف له ما تكنه نحوه في قلبها ، هي ليس بتلك الشجاعة ، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها.
أما بالنسبة له فقد غضب من صمتها وعدم تبريرها لما قالته ، واكتفى بالصمت ولم يجادل في الحديث أكثر ، ولكن من داخله شعر بالضيق لأنه أراد سماع كلمة "أحبك" منها مرة أخرى ، لكنه بدأ يراوده هاجس أنها استعجلت عندما قالت ذلك في المرة الأولى ، وربما ندمت على قولها.
همس بداخله : لحد امتي هفضل حاسس بأن في حاجز بيني و بينك يا كارمن 
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهرا 
داخل سيارة بدر
حيث يجلس ماجد خلف عجلة القيادة ، وبدر بجانبه ، وزين يجلس خلفه ، وهم على وشك الوصول.
تحدث زين بصوت عالٍ نسبيًا بسبب تيارات الهواء القادمة من النافذة المفتوحة بجانبه : ماجد ماتنساش تنزلني عند المستشفي
بدر بدهشة : معقول يا بني هتروح الشغل دلوقتي بعد المشوار المتعب دا
زين بتفسير : لا يا عمي مش هدخل المستشفي عربيتي سايبها هناك هاخدها و اروح اجيب روان من الكلية
ماجد بمزح : يا عيني علي الشوق مش قادر تصبر لحد لما ترجع لوحدها 
زين يلكزه في كتفه قائلا بقسوة متصنعه : ركز في الطريق و خليك في حالك
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد فترة وجيزة امام كلية روان
ترجل زين من سيارته ، ثم سار منتصبا في مشيته بطول قامته ، وعضلاته البارزة ورأسه المرفوع بكبرياء يليق به.
يفتقدها كثيرًا ويتلهف على رؤيتها ، لأن اليومين اللذين أمضاهما بعيدا عنها ، جعلوه يشعر بشوق جارف يقتاد في قلبه لها. 
أشتاق لضحكتها وعنادها وطفولتها واهتمامها به.
دخل زين الكلية وأخرج هاتفه من جيب بنطاله للاتصال بها ، لكنه وجده نافذ الشحن منه ، ضرب جبهته بغضب لأنه نسي شحن الهاتف.
بينما كان يتجول بحثًا عن حل للوصول إليها ، سمع صوتًا أنثويًا ناعمًا يهتف باسمه.
رفع رأسه في اتجاه الصوت ليرى امرأة جميلة جاءت نحوه وابتسمت عندما وقفت أمامه وتحدثت بفرح : ازيك يا دكتور زين
زين بتعجب : الله يسلمك .. حضرتك تعرفيني!!
★★★
عند روان
في نفس الوقت خرجت روان من محاضرتها مع صديقتها وذهبا إلى الحمام ، و كان شارد عقلها قليلاً ، تفكر أنها تود العودة إلى المنزل بفارغ الصبر ، فقد أرسل لها زين رسالة في الصباح بمجيئه اليوم ، لكنها حاولت الاتصال به كثيرا بعدها ، لكن هاتفه مغلق ولم ترغب في إزعاج والدها والاتصال به ، لتسأل عن زوجها.
صاحت رنا أثناء تعديل كحلها في المرايا : انتي يا زفته بكلمك ماتردي!!
انتبهت روان من شرودها قائلة بانزعاج : ايه يا بت براحة بتزعقي كدا ليه؟
رنا بثرثرة : ما انا بكلمك و انتي في دنيا بعيدة اعملك ايه عشان ترودي
روان بنفاذ صبر : اخلصي عايزة ايه يا رغاية؟
رنا بتعجل : ابدا يا اختي خطيبي سمسم كلمني و هو مستني برا هخرج له انتي شكلك مطولة في الحمام 
روان بضحكة ساخرة : خلاص اطلعيلو يا عصفورة الحب ماتشغليش بالك بيا 
رنا : تمام باي يا مزة 
خرجت روان بعد قليل في طريقها إلى بوابة الكلية ، لكنها فوجئت برؤية زين هناك ، وكانت سعيدة للغاية وكادت أن تتجه نحوه ، لكنها إنصدمت بسيدة جميلة تردد باسمه وتتقدم نحوه ، ثم بدأوا في الحديث ، كأنهم يعرفوا بعضهم البعض منذ فترة طويلة.
لا تعرف تحديدا ما تشعر به ، هل هو غليان في رأسها شديد الحرارة ، أو حريق في صدرها ، أو ربما كلاهما معًا ؟ 
بالكاد خطت خطوة إلى الأمام للوصول إليهم ، لكنها سمعت صوتًا يناديها.
★★★
عند زين
زين : حضرتك تعرفيني!!
قالت بتفسير : ايوه طبعا حضرتك مش فاكرني انا رحاب محي اخت عائشة محي .. كانت زميلة ليك في الدفعه و كنت بشوفك كتير لما بروحلها الكلية 
قال زين مبتسمًا بخفة ، وهو يضع يديه في جيب بنطاله : ايوه افتكرت صحيح انتي طالبة هنا في الجامعة 
رحاب بضحكة بسيطة : لا انا حاليا معيدة هنا .. انت ليك حد هنا معانا في الكلية
زين بنفس الإبتسامة : ايوه مراتي هنا في تانية تجارة 
رحاب بنبرة رقيقة : تمام يا دكتور مبسوطة اني شوفتك عن اذنك لازم امشي 
بالتزامن مع رحيل رحاب ، لاحظ أن روان تقف على بعد مسافة منه ، فابتسم لها بشوق ، لكن ابتسامته اختفت واستبدلت بعبوس شديد عندما رأى شابًا طويل القامة يقترب منها ، ويتحدث معها.
★★★
عند روان
.... : لو سمحتي
نطقت روان عيناها مثبتتان على زين و من تقف معه : نعم
....بأدب : انا اسف جدا علي اني وقفت حضرتك .. انا ياسر مجدي كنت معاكي في المحاضرة و كنت محتاج منك خدمة
نظرت إليه روان وهي متوجسة ، فماذا يريد منها قائلة بحذر : أأمر اقدر اساعدك في ايه!!
ياسر بحرج : بصراحة في شرح فاتتني من غير ما اكتبه فلو تسمحي تديني دفتر المحاضرات بتاعك اكتب للي فاتني و ارجعه ليكي مع زميلتك رنا هي بنت خالتي بس للاسف مالحقتهاش شكلها مشيت
تنهدت بابتسامة هادئة : و لا يهمك اتفضل وانا هبقي اخده منها المحاضرة اللي جاية
قال ياسر بامتنان وهو يأخذ منها دفتر الملاحظات : متشكر و ممنون ليكي جدا علي ذوقك
....: كل الشكر دا عشان دفتر محاضرات
كانت على وشك الرد عليه ، ولكن قاطعها ذلك الصوت الحاد الذي تميزه عن ظهر قلب ، وشعرت بخفقان قلبها يزداد عندما استدارت لتجده يقف خلفهم بوجه صارم.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل الحج عبدالرحمن
ولج الجميع إلى الداخل ، وكان كل قلب ينبض بطريقة مختلفة عن الآخر.
مزيج من المشاعر المتضاربة بين الخوف والقلق والحزن والفرح.
ظهرت حياة من خلف الخادمة و هي تهلهل بفرح : يا الف مرحب بالغاليين حمدلله علي السلامة
التفت إليها ماجد وقال لها بتعب : عمتي و النبي انا سايق بقالي ساعات وعايز اكل جعان وانا هموت من العطش 
وبخته حياة بيأس : يا ولد اهمد شوية و عايز تشرب المطبخ عندك روح و سيبني اسلم علي الناس
أضافت بابتسامة وهي تنظر إلى وجه كارمن ومريم واقتربت منهما وقبلتهما بمودة : منورين و الله .. انا حياة ابقي عمتك يا كارمن 
كارمن بإبتسامة : اهلا بيكي يا عمتي
حياة بود : منورة والله يا ست مريم الدنيا نورت بمجيتكم
مريم بإبتسامة : ان شاء الله تعيشي يارب و اسمي مريم علي طول من غير ست
حياة : ماشي يا غالية 
ثم أضافت وهي تنظر إلى أدهم : اكيد انت يا ولدي جوز بنت اخوي مش كدا
ابتسم ادهم بإحترام : ايوه انا .. اتشرفت بيكي يا حجة حياة
حياة ببشاشة : ربنا يعزك يا ابن الاصول .. مايصحش نفضل نتكلم واحنا واقفين كدا اتفضلو الجماعه جوا 
أمسكت كارمن بيد أدهم ، الذي كان يحمل ملك على كتفه ، وهم يدخلون الي المندرة ، ابتلعت لعابها و هي تري رجلاً عجوزًا جالسًا على كرسي ضخم في وسط الغرفة ، تظهر عليه الهيبة على الرغم من تقدمه في السن. 
ابتسامة إرتسمت علي شفتي الحاج عبد الرحمن عندما رآهما يدخلان ، وتعرف على كارمن التي وقفت بجانب زوجها و تبدو مرتبكة. 
حياة بإبتسامة : الجماعه وصلو يا ابوي .. اتفضلو البيت بيتكم
وقف الحج عبدالرحمن مستقيما علي عكازه و تحدث بصوت اجش : يا اهلا و سهلا نورتو المكان 
ذهب إليه أدهم يسير بثقته المعتادة ، وبجانبه كارمن التي اكتسبت الثقة منه أيضًا. 
تحدث ادهم بهدوء ، وهو يصافحه : بنورك يا حج عبدالرحمن انا ادهم البارون جوز حفيدتك
الحج عبدالرحمن بوقار : يا مرحب بيك يا ولدي يارب السكة ماكنتش طويلة عليكم
ثم أردف بحبور محدقًا فى كارمن : تعالي يا كارمن انا جدك
كانت كارمن تنظر إليه بشيء من القلق ، لكنه تلاشي عندما شعرت بالحنان في صوته 
تركت يد أدهم تلقائيًا وذهبت إليه ، ليعانقها لطف و محبة كبيرين ، وشعر وكأن ابنه الغالي قد عاد إليه من جديد. 
سقطت دمعة واحدة من عينيه بتأثير قوي : الحمدلله ان ربنا مد في عمري وشوفتك قبل ما اموت يا بنت ولدي الغالي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند زين و روان في الجامعة
.... : كل الشكر دا عشان دفتر محاضرات
كانت على وشك الرد عليه ، ولكن قاطعها ذلك الصوت الحاد الذي تميزه عن ظهر قلب ، وشعرت بخفقان قلبها يزداد عندما استدارت لتجده يقف خلفها بوجه صارم.
ابتلعت لعابها ثم قالت بابتسامة متوترة ، بعدما لاحظت وجه زين المتجمد الذي كان يقف بجانبها ولف يده على ظهرها لتكون قريبة منه ، لتقدمهما لبعضهما البعض : احم دا دكتور زين جوزي .. و ياسر زميلي وقريب صحبتي استلف مني دفتر المحاضرات
زين ببرود : وهو مافيش غيرك ياخد منه الدفتر
حدقت روان في وجهه بصدمة من رده الوقح ، الأمر الذي أحرج بالتأكيد هذا الشاب المسكين الذي يقف كطالب يوبخه معلمه لفشله في الامتحان.
قال ياسر بحرج ، وشعر أنه إذا مر المزيد من الوقت أثناء وقوفه مكانه ، فإن هذا الأسمر الشرس قد يدق عنقه ، حيث أن مظهره لا يوحي بالخير : زي ما انت شايف حضرتك الكل مشي .. عموما متأسف و شكرا مرة تانية يا مدام روان و بعتذر لك يا استاذ زين لو عطلتكم بالاذن
هتفت روان في زين بإستنكار بعد رحيل ياسر : ممكن اعرف ليه اتعاملت بالطريقة دي معه؟
نظر إليها زين بغضب و تحدث ساخرا بصوت خفيض ، حتى لا يجذب الأنظار من حولهم ، وكان قلبه يغلي من ذلك الأحمق الذي جعلها تبتسم له بغير حق : المفروض اصقفلكم وانا شايفك واقفة بتضحكي معه .. يلا امشي قدامي علي العربية مش عايز اتهور عليكي وسط الناس
في منزل الحج عبدالرحمن


يجلس الجميع بعد الغداء بابتسامة إرتياح على وجوههم ، مما يعكس القلق الذي شعروا به حالما دخلوا هذا المكان لأول مرة


تكلمت كارمن مع الحاج عبد الرحمن الذي تجلس على قدميه ملك ، وهي تلعب بعكازه : جدي كفاية علي ملك كدا دي شقية جدا و مش هتزهق من اللعب 


الحج عبدالرحمن ببشاشة : لا سيبيها معايا انا مبسوط بها


بدر بمزح : لو روان هنا كانت غارت من ملك علي جدها


كارمن بإستفسار : روان دي بنت حضرتك مش كدا


بدر : بالظبط روان بنت عمك زمان زين جايبها من الكلية و جايين في السكة 


حنان بعفوية : طول الايام اللي فاتت مش بتتكلم غير عنك و نفسها تشوفك 


تكلمت حياة وهي تنظر بذهول إلى حنان التي خرجت الآن من صمتها ، فهي منذ البداية لا تتحدث كثيرا كالعادة وتريد أن تفهم ما بها : ايه رأيكو تطلعو تغيرو هدومكو و تستريحو من السفر .. انا مجهزة الاوض بنفسي و كل حاجة زي الفل


مريم بإبتسامة : تسلم ايدك حبيبتي تعبناكي معانا


ابتسمت حياة لتقول بود : تعبكم راحة و الله ماتقوليش كدا معنديش اعز منكم


نهضوا جميعًا وذهبت كارمن لتأخذ ملك من علي قدم جدها ، ثم خرجت مع حياة ، لكن مريم توقفت فجأة عندما هتف الحاج عبد الرحمن بإسمها.


مريم بإحترام : نعم يا عمي


الحج عبدالرحمن بإبتسامة : تعالي اقعدي شوية معايا بنتي عايز اتكلم معاكي...


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في سيارة زين


نظر إليها من زاوية عينيه ، ليراها علي نفس الحال تحدق من النافذة ، وهي عابسة بشدة.


نفخ زين ، ليقول بحنق : هتفضلي ضاربة بوز كدا لحد ما نوصل و لا ايه .. بقي دا وش تقابلي به جوزك وهو لسه جاي من سفر


اتسعت عيناها بدهشة وهي تنظر إليه ، قائلة بتعجب ملئ بالاستنكار من حديثه : انت كمان هتطلعني غلطانه بعد اللي انت عملته!!


هتف زين بتحذير : احسنلك بلاش تفتحي الموضوع دا تاني خصوصا دلوقتي مش كفاية انك بتكسري كلامي


نظرت إلى الأمام ببلاهة ، مشيرة إلى نفسها ، قائلة باستنكار : نعم امتي انا كسرت كلامك يا زين قولي امتي قصرت حتي معاك 


زين بتهكم : والله انتي ادري يا مدام ..


ثم اردف بجدية : احنا اتفقنا ماتضحكيش مع حد حصل و لالا


زفرت روان بنفاذ صبر : زين بلاش جنان انا مكنتش بضحك معه انت ليه مكبر الموضوع كدا .. قولتلك انه قريب صحبتي و معانا في نفس السنه .. زي ماشوفت بعينك .. ماكنش ينفع يطلب مني خدمة بسيطة زي دي و اكسفه .. دا عادي بيحصل بين الزملاء انت اكتر واحد عارف كدا 


جز زين علي اسنانه ، ليقول بغضب : اوعي تفتكري حركة ان مافيش غيرك ياخد منه المحاضرة دي دخلت عليا .. انا فاهم حركات الشباب دي كويس مش مختوم علي قفايا يا هانم 


أوقف السيارة أمام مدخل المنزل ، وأدار جسده نحوها ، وسمع صيحاتها بصوت هائج يملأه الضيق الشديد : وانت تسميها ايه لما اشوفك واقف قدام عيني مع وحدة و بتكلمو كأنكم تعرفو بعض من زمان .. كان ممكن برده اعملك مشكلة و احرجك زي ما احرجتني بس انا عندي ثقة فيك يا زين لكن انت ماعندكش ثقة فيا و لا في حبي ليك


بعد أن أنهت جملتها ، مدت يدها وفتحت باب السيارة للخروج ، وكانت على وشك البكاء بل انها تذرف الدموع بالفعل.


قام زين بضرب عجلة القيادة بغضب على سلوكه الفظ معها ، لكنها جعلته يفقد عقله من غيرته عليها ، فمن يقع عليه اللوم الآن ، هو أو هي؟


ترجل أيضا من السيارة ، ثم أغلق الباب خلفه بعنف ، سرعان ما خطى خطواته خلفها ، وعندما وصل إليها جرها من ذراعها بعنف ، ليلفها تجاهه قائلا بسخرية : استني هنا هو انا سواق عندك عشان تسيبيني وتمشي كدا


تأوهت هي بألم عندما إصطدم جسده الصلب بجسدها ، وتمتمت بوهن بسبب الدموع والتعب الذي أصابها : اوعي ايدك عني


نظر زين إليها بندم ، وهو يرى دموعها على خديها ، قائلا بغيظ : بلاش جنان وشغل عيال يا روان بتعيطي ليه دلوقتي؟


حدقت روان فيه بدهشة من قسوته ، ثم بدأت بالصراخ بغضب كالمجنونة ، وقد فقدت السيطرة على نفسها من برودة أعصابه ، وكما يقولون ، يمكن أن تنفجر لأدنى سبب : عشان انا خلاص تعبت منك يا زين انت واحد اناني و مستبد من الاول و انا مستحملة كل حاجة منك .. بس توصل انك تقلب الدنيا عشان ابتسمت مع زميل ليا من باب الذوق يبقي انت متوقع مني الخيانه و مابتثقش...


وضع زين يده على فمها ، ليمنعها من الاستمرار في حديثها الأحمق ، هامسا بهسيس وأنفاسه الحارة تحرق بشرتها الناعمة : اخرسي مش عايز اسمع ولا كلمة تانية و الا هدفنك مكان ما انتي واقفة سامعه


اتسعت روان عيناها بذعر من همسه المخيف ، ثم حاولت أن تخفض يده عن فمها لإبعاده عنها ، لتتمكن من دخول المنزل ، لكنه لم يتحرك مثل الجبل من مكانه.


عضت يده بأسنانها في حقد منه حتى أنه ئن من الألم واستشاط غضبًا منها ، ثم انحنى فجأة ورفعها على كتفه مثل الزكيبة ، ليمشي بها إلى الداخل ، وهي تهتف برعب حيث جفت الدموع علي وجنتها : انت اجننت يا زين ايه اللي بتعملوا دا نزلني!!!


بدأت في توجيه ضربات خفيفة على ظهره والركل بقدميها في الهواء.


زين بزمجرة : عليا النعمة لو سمعتلك صوت لا اكون ضربك  .. و انسي خالص اني دكتور و متحضر .. فاتلمي و بطلي حركة خلي يومك يعدي


احمر وجه روان وهي تضع يديها على فمها ، لتمنع نفسها من نطق أي كلمة قد تؤدي بها إلى مشكلة أخرى هي في غنى عنها ، وقد استراحت قليلاً بعد أن أفرغت ما في قلبها. 


بينما هو يركض بخطوات واسعه ، وهي على كتفه حتى لا يشعر أحد من المنزل بوجودهم.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في الاعلي في غرفة حياة 


دخلت الغرفة ، وخلفها حنان التي أغلقت الباب عليهم ، وسارت تجلس على الكرسي بجانب كرسي حياة.


حياة بحيرة : في ايه يا خيتي من وقت ما الناس وصلو و انتي مدة بوزك شبرين قدامك ؟


اردفت بينما اتسعت عيناها بتعجب : انتي مش فرحانه اننا وصلنا لبنت اخوي!!


حنان بصدمة : ايه اللي بتقوليه دا .. اكيد فرحانه عشان عمي الحج عبدالرحمن


اردفت بتوتر : بس غصب عني معرفش ليه مقبوضة من مجيتهم


حياة بعدم فهم : يعني ايه مقبوضة يا حنان ؟


حنان بإندفاع : الصراحة يعني مش مطمنه للست مريم دي خالص .. من وقت لما شوفتها خايفة بدر يحط عينه عليها و يتجوزها 


صفعت حياة على صدرها وصرخت في وجه حنان باستنكار شديد : يخرب مطنك يا وليه يا خرفانه كيف تفكري كدا ؟


حنان بغيرة : يعني انتي مش شايفها دي كأنها بنت تلاتين سنة  مش جدة .. دا غير ان بنتها متجوزة اخوه جوزها يعني الموضوع مش غريب عنهم


قالت حياة بعدم تصديق ، وهي تضرب كف على كف : حقيقي انتي اتجننتي من عقلك بدر بعد العشرة اللي بينكم السنين دي هيعمل كدا


اضافت بخذلان : انا حزينه من ظنك في الناس 


ثم اكملت بصرامة : و ماتكلميش كدا تاني يا حنان الكلام الماسخ دا قدام حد و لا حتي بينك و بين نفسك استغفري ربنا و استهدي بالله


حنان بتنهيدة : استغفر الله العظيم يارب


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في غرفة زين و روان


استمر في المشي ذهابا وإيابا في الغرفة بغضب ، منتظرًا خروجها من الحمام ، لأنها عندما دخلوا الغرفة وأنزلها على الأرض ، ركضت إلى الحمام و قد مر اكثر من عشر دقائق ، وهي في الداخل.


بعد عدة دقائق 


فتحت روان الباب للخروج من الحمام مرتدية بيجاما مريحة ، ولكنها مجسمة على جسدها الفاتن. 


بعد أن أخذت حماما سريعا أنعشها من التوتر العصبي ، والإرهاق الذي أصابها لاستعادة نشاطها الكامل.


كان زين متوتر بعدما شاهد شكلها الأنثوي الجميل ، لكنه سيطر على نفسه ، وتتمتم بسخرية : ما لسه بدري يا مدام اخيرا خرجتي 


مرت روان بجانبه ، ورفعت شعرها الطويل ، وربطته حتى لا يزعجها ، ولم تهتم به كأنه لم يتكلم ، فاغتاظ من تجاهلها الواضح له.


صاح زين وهو يتبعها بنرفزة : لما اكون بكلمك تقفي وتردي عليا .. سامعة


التفتت روان إليه ، وهي تصرخ في وجهه أيضًا : انت مش ناوي تجيبها لب...ر


بتر جملتها عندما انحني عليها ، وهو يمسك وجهها بكلتا يديه ، ويقبلها  قبلة عنيفة قاسية فإختل توازنها ، ووضعت يديها تلقائيا على مرفقيه تتشبث به حتى لا تسقط بسبب هجومه الضاري عليها.


لم تقاومه في البداية لأن عقلها توقف عن التفكير لبرهة ، لكنها استعادت وعيها وحاولت رفع يدها لدفعه بعيدًا عنها ، لكنه أدرك نواياها وانها تريد الهروب.


قبض علي خصرها وضغط عليه بقوة ، ويضغط  على شفتها  و يتعمق بنهم وشغف أكبر في تقبيلها ، ممَ جعلها تذوب في يده في لحظات وردية لم تحسب كم عددها.


كان يفرغ كل القهر الذي يكوى صدره  بشفتيها ويرتشف منها شهد العسل ، لتجعله ينسي من هو.


ترك زين شفتيها علي المهل رغماً عن إرادته ، ليجعلها تتنفس ثم دفن وجهه في تجاويف عنقها المرمر ، وأنفاسه الحارة تذوبها بحرارة مثل شمعة في نيران عشقه.


همس بصوت أجش رجولي من بين انفاسه اللاهثة : سيبتك تكلمي و تزعقي و تخرجي كل اللي جواكي كفاية جنان لحد كدا كل كلامك غلط


همست بتخدر : وايه هو الصح؟


رفع زين رأسه ببطء وحدق فيها بإفتتان ، كانت وجنتاها حمراء اللون ، لذا بدت جذابة ومغرية.


تمتم زين بغيظ : يا غبية افهمي انا بحبك وبغير عليكي من اي حد 


رددت روان ببلاهة وعدم استيعاب ، وشعرت أن قلبها ينبض من الفرح : بتحبني!!


زين بشبح ابتسامة على فمه : مش بقولك غبية انا مقصدتش اجرح كرامتك و لا اتهمك ولا اقدر اشك فيكي .. انتي القلب الطاهر اللي شفي كل جروحي بس انا بغار عليكي اوي .. عارف اني زودتها مع الواد زميلك بس حسي بيا انا راجل و بحب مراتي ماقدرش ابقي بارد و اعديها من غير ما انفعل شوية


روان بحزن : وماقولتش كدا ليه و احنا في العربية 


زين بندم : كنت متعصب اوي انا فعلا اناني زي ما قولتي مش عايز حد يقربلك او يبصلك حتي


اردف بزمجرة : مايغركيش اني دكتور و تعليم عالي و الشويتين دول .. انا في الاول و الاخر راجل بيعشق و يغار و مش شايف غير اللي مجننه امي من يوم ما اتجوزتها


هربت منها ضحكة عالية بسبب كلماته ، وهي تشعر بمدى سيطرتها على مشاعره بهذا الإعتراف.


همست روان له دلال ، بعثر كيانه وهي تلف يديها حول رقبته ، وتضم جسدها على جسده اكثر : حقك عليا يا قلبي انا كمان والله بغير عليك 


اردفت في سخط فجأة ، وهي تبتعد عنه وتضع يديها علي خصرها : ماقولتليش تطلع مين دي اللي كنت واقف معها يا سي زين؟


قهقه زين على كلامها وتحولها من رقة إلى عنف في ثوانٍ ، ثم أجاب ببساطة : دي معيدة في الجامعه عندك و اخت زميلة كانت معايا في طب .. جت تسلم عليا وراحت لحالها بس كدا


روان بمزح : اذا كان كدا براءة 


تحدث زين وهو يتنهد الصعداء : الحمدلله عديت من الامتحان الصعب دا علي خير


ضحك الاثنان بشدة حتى اختفت الابتسامة عن وجه روان التي صاحت بدهشة : اومال فين بنت عمي انا نسيتها خالص؟


ضرب جبينها برفق قائلاً بمرح : لسه فاكرة تسألي عنها دلوقتي اكيد وصلت مع ابوكي قبل ما نيجي بكتير 


تمتمت روان بتعجب وهي تنظر إليه بغيظ : غريبة مالمحتش حد و انت شايلني زي الشوال لحد هنا


زين بضحكة : هموت من كلامك يا بنت الايه انتي اعقلي


اخرجت لسانها وهي تلاعب حاجبيها بحركة مضحكة ، ثم قالت برقة مقصودة : لا مش هعقل قبل ما اجننك يا روحي


أمسكها من خصرها وجذبها حتي التصق جسده بجسدها حيث وجهها الخجول بات قريبًا جدًا من وجهه : انتي خلاص جننتيني و اخدتي قلبي و عقلي و روحي وفلوسي وصحتي حياتي كلها ليكي


نظرت إليه بابتسامة عاشقة تزين ثغرها ، بينما قلبها يدق مثل الطبول ، ثم همست بشرود في ملامحه : وحشتني


جلس زين على حافة السرير خلفه ، وجعلها تجلس علي قدميه ، قائلا بصوت هامس في أذنها : مش اكتر مني 


همست بدلال : تؤتؤ انا اكتر


جعلها تستلقي على السرير فجأة ، ثم إشرف عليها بجسده الضخم قائلاً بنظرة ماكرة : اثبتي كلامك بالفعل


"زين"!!


همست روان باسمه في إستحياء ، وارتباك من حركته المفاجئة ونظراته المتفحصة لها.


"ويلاه" إن نطقها لأحرف اسمه لم يبعثر فؤاده فقط بل كيانه بأكمله ، وكانت هي الشعلة التي توهجت بها مشاعره اليها ، ولن تنطفئ إلا بقربه منها.


ابتهجت أساريره حينما وجدها تلف ذراعيها حول رقبته بخجل و رقة ، ليقترب أكثر فأكثر حتى لامست أنفاسه الساخنة وجهها.


ابتلع زين لعابه بتوتر ، وهو يجول بعينيه على كامل وجهها ، ثم صوب نظراته في نقطة معينة ، وبدأ بتقبيل شفتيها قبل صغيرة ببطء حتى استجابت له بخجل  ، ليقتحم  شفتيها التي اشتاق لها في بضع دقائق يقبلها  بشغف وشوق ، لكنه فجأة أصيب بالجنون عندما شعر أن شفتيها الناعمتين تحاول التناغم مع شفتيه بقلة خبرة أفقدته رشده كلياً.


نزل زين إلى رقبتها ، ووزع عليها قبلاته ، خلال ذلك بدأ في خلع قميصه عنه جسده ،


كادت تذوب في يديه بسبب الخجل من قبلاته ، بينما يقبل كل إنش منها ببطء وعشق شديد ، لتنصهر كل حصونها الضعيفة وتطوق رقبته مع العبث في شعره بهذيان.


وتتركه يحكي عن اشتياقه إليها ، وحرمانه من النعيم من قربها وهي بين ذراعيه على طريقته الخاصة ، وهو يقبل كل شيء فيها بلهفة ، لعله يستطيع الإرتواء منها ، لكن كلما اقترب اكثر ، زاد شوقه للمزيد اكثر وأكثر.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في غرفة ادهم و كارمن


خرج من الحمام يجفف شعره بعد أن أخذ حمام منعش من عناء السفر.


رأي كارمن تجلس على الكنبة أمام السرير العريض في وسطه ملك نائمة بكل براءة ، وتحتضن لعبتها الصغيرة.


ابتسمت كارمن بحبور عندما وجدته يمشي باتجاه الطفلة الصغيرة ، ويقبل شعرها بحنان ، ويدثرها جيدا ثم مشى نحوها ، وجلس بجانبها علي الأريكة.


همس أدهم وهو يعطي المنشفة لكارمن ، وانحنى قليلاً بجزعه ، فأمسكتها وبدأت تجفف شعره بلطف : ايه يا حبيبي ليه مانمتيش شوية ؟


رفعت كارمن كتفيها بعدم معرفه قائلة ببساطة : مجاليش نوم 


ادهم بهدوء : لازم بتفكري في حاجة؟


وضعت المنشفة على حافة الأريكة ، ثم التفتت إليه واستلقيت في حضنه ، لف إحدى ذراعيه حولها ، وبدأ بالأخرى في المداعبة خصلاتها الناعمة بحنو.


كارمن بسرور : مبسوطة اني جيت وحاسة اني مرتاحة اوي .. جدي طلع طيب و حنين زي انت ما قولتلي


ادهم بإبتسامة : يارب دايما مبسوطة .. انا كمان حسيت بيك كان باين عليكي لما اندمجتي بسرعه في الكلام معهم.


أومأت برأسها قائلة بهدوء : طلعو كلهم ناس طيبين .. وكمان انا فكرت واحنا في الطريق لهنا اكيد بابا لو عايش كان هيفرح بمسامحة و رضا ابوه عنه و انا عايزة بابا يبقي مرتاح في قبره لما يعرف اني سامحت جدي .. 


اضافت بتساءل : بس اللي محيرني يا تري جدو عايز ماما في ايه؟؟


ادهم بثقة : اكيد هيصالحها 


اردف بفخر واعتزاز : بس عارفه انك عجبتيني جدا لما لاقيتك واقفة بثقة .. كنتي قوية في وقت حد غيرك كان ممكن ينهار او الخوف يسيطر عليه بس انتي اتعاملتي مع الموقف بشجاعه و لباقه


كارمن بتنهيدة شاردة : انا مش قوية ابدا بالعكس انا ضعيفه اوي .. بس من يوم ما بابا سابني انا وماما لوحدنا بقيت بكتم مشاعري جوايا .. ماما كانت ليا اب وام مع بعض .. كان لازم انا كمان احاول اعملها حاجة كنت بذاكر كتير و مش بخرج مع اصحابي و مش بتعامل مع حد ولحد ما وصلت سن 17 سنه كان شعري قصير جدا .. بس لما دخلت الجامعه بدأت اسيبو يطول شوية.


نهضت كارمن من عناقه ، ثم رفعت بصرها إليه ، فوجدت عينيه مثبتتين عليها ، وتلمعان بحب.


اعتدلت في جلستها بشكل مريح قائلة بصدق : انا مبسوطة اكتر بوجودك انت معايا وسطهم .. قوتك انت خليتني اواجهه من غير خوف


ابتسم ابتسامة عريضة،  وسحبها على صدره ثم تحدث بصوت هامس ، وهو يربت برفق على ظهرها : يا قلبي مفيش شخص قوي طول الوقت كل واحد له لحظة ضعف .. بس المهم انه يبقي حواليه ناس بيحبوه عشان يطمن بدعمهم.


حل الصمت بعدها قليلا ، وبعد مدة شعر بإنتظام أنفاسها على صدره ، فعرف أنها قد نمت ، فظل على وضعه حتى لا يقلقها ، وبعد فترة وجيزة نام هو الأخر.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند زين و روان


توسدت صدره وعيناها مغلقتان ، منهكة قليلاً 


لا شيء يكسر الصمت الذي يحيط بهم سوى أنفاسهم السريعة و التي بدأت تهدأ تدريجياً ، بعد انتهاء تلك العاصفة المليئة بالمشاعر  بينهما.


سمعت همسه الحنون في أذنها ، وهو يشد من ضمه اليها اكثر علي صدره : مبروك يا حرم الدكتور زين الاسيوطي


ردت روان بينما تحمر خجلاً ، وتمرمغ وجهها أكثر في صدره ، وغطت جسدها بالكامل تحت البطانية بحياء خجول : الله يبارك فيك يا حبيبي


زين بضحكة : ارفعي وشك طيب هتفضلي مستخبيه تحت اللحاف كدا .. بتخبي ايه ما خلاص كل شئ انكشف و بان


وخزته في الجنب بحرج : زين لو سمحت بطل قلة ادب 


تأوه زين بوجع طفيف ، وقال ضاحكًا : بهزر خلاص ماتزعليش .. تعرفي اني مبسوط من اللي حصل دا


روان بعدم استيعاب : اللي هو ايه؟


زين بمكر : خناقنا سوا .. يا سلام لو كل مرة ينتهي النهاية دي .. هتخانق معاكي كل ساعة


قالت روان وهي تحاول النهوض من بين ذراعيها بصوت خفيض : احم انا هقوم اخد شاور


أمسكها من خصرها لمنعها من الحركة قائلا بخبث : اجي معاكي


شهقت روان وقالت بعبوس : تيجي معايا فين هو انا طالعه رحلة


رفع حاجبيه ليقول ببراءة خادعة : انتي الخسرانه حبيت اعرض خدماتي واساعدك يمكن تحتاجي حاجة كدا و لا كدا


روان بزمجرة : بس بقي يا زين عيب كدا


زين بصدمة : ايه هو اللي عيب يا هبلة انا جوزك لحقتي تنسي 


روان تكاد تبكي بسبب جرأته ، و بدأت بالتحرك في محاولة للهروب من قبضته : يخربيت كلامك دا منظر دكتور محترم دا ازاي


ضحك زين بخبث : دكتور مع الناس كلها بس معاكي انتي .....


همس لها بالكلمة الأخيرة في أذنها ، فإنصبغت وجنتاها من فرط الخجل ، وضربته في بطنه بكوعها وركضت إلى الحمام ، وهي تلف نفسها في ملاءة السرير دون أن تفكر فيما سترتديه عندما تخرج.


بعد عدة دقائق 


خرجت روان وهي تنظر إلى الأسفل في حرج ، وتلف جسدها الرشيق بمنشفة فقط ، وشعرها مبلل قليلاً ويتساقط منه قطرات على رقبتها.


لمحت زين يتوسط الفراش بكسل كما تركته ، بينما هو يتأملها بنظرات لامعة وثاقبه بابتسامة محبة على وجهه ، ثم أشار إليها بإصبعه حتي تقترب منه ، لكنها همست قائلة بعقل مشوش : لحظة هلبس هدومي و اجي


هز رأسه بصمت مستنكرًا ، مصرًا عليها أن تأتي إليه. 


تنهدت روان في إحباط من إصراره ، وسارت بخجل إلى السرير قبل أن تتمتم بخفوت : جيت اهو في حاجة!!


وضع زين يده على المكان الفارغ المجاور له علي السرير مبتسما بمكر : اقعدي و خلي ظهرك ليا


علقت عيناها إلى السقف بحيرة من طلبه ، لكنها نفذته دون اعتراض.


اقترب منها اكثر ، لتنبعث حرارة جسده الملتصق بها في انحاء جسدها ، ثم رفع يده لإزاحة شعرها إلى جانب واحد.


أغمضت عينيها عندما هبط برأسه ، وشعرت بشفتيه تقبل رقبتها من الخلف بطريقة بطيئة.


بعد ذلك شعرت بشيء بارد يلامس عنقها.


أنتهى من إغلاق السلسلة خلف رقبتها ، فأنزلت رأسها قليلاً ، ثم شهقت مندهشة من جمال الفراشة التي كانت تزين عنقها.


أمسكت بها تلامسها بأصابعها ، واستدارت بجسدها اليه قائلة بسعادة : الله حلوة اوي دي بتاعتي


أومأ زين إليها وهو يتأملها وعيناه متلألأتان بعشق وابتسامة محبة تحتل شفتيه : ايوه يا قلبي


روان بابتسامة جميلة جدا قالت بدلع : تعيش وتجيبلي يا زيون ربنا يخليك ليا


زين بإستنكار : ايه زيون دي!!


تنحنحت روان بحرج : بدلعك ايه مش حلو!! 


زين بنظرة خبيثة أوشك علي تقبل ذقنها : منك انتي حلو بس لو اخره ياء هيبقي احلي جربي تقوليها كدا


دفعته روان من كتفه بتذمر طفولي : زين وبعدين معاك بقي .. هي السلسلة دي بمناسبة ايه ؟


زين بإبتسامة حنونه : ممكن تعتبريه عربون صلح


روان بذكاء : معني كدا انك لسه هتجيبلي حاجة كمان!!


زين يمسح إبهامه على خدها قائلاً بحب : انتي اطلبي اي حاجة و انا هنفذها


غمغمت روان بتفكير : اطلب اي حاجة اي حاجة


أومأ إليها في صمت


نظرت إليه روان ببراءة وقالت برجاء : عايزة اروح البحر بقالي كتير اوي ماشوفتوش


همس زين متظاهرًا بالدهشة : ايه دا هو انا غلطت اوي كدا!!!


روان بتحذير : زين بطل رخامة


ضحك زين على أسلوبها قائلا بقلة حيلة : ماشي يا ست روان اوديكي البحر .. عايزة حاجة تانية؟


قبلته علي خده برقة وأردفت بدلال : هبقي أفكر واقولك .. حبيبي يا ناس


حدق بها زين بتردد : عايز اقولك حاجة بس من غير تزعلي؟


نظرت إليه روان بقلق لتسأل : حاجة ايه!!


أجاب زين بجدية : و انا بشتريلك السلسلة قابلت ريهام


رمشت روان ، وقالت بعدم فهم : تطلع مين ريهام دي؟


زين بصوت أجش : اللي حكيتلك عنها في بداية جوازنا 


صُدمت روان وتحول وجهها إلى شاحب جدًا مما سيقول بعد لحظة ، ثم همست بريبة : و بعدين!!


زين بإستغراب :  ليه خوفتي كدا؟


خفضت عينيها عن عينيه ، وتمتمت بإرتباك : لا انا ماخوفتش كمل كلامك


رفع زين ذقنها برفق قائلا بحنان : روان بصيلي انتي دلوقتي مراتي يعني كل حاجة في حياتي من حقك تعرفيها و تشاركيني فيها مش كدا


روان بخفوت : ايوه


استكمل زين حديثه : انا كنت واقف في محل الدهب و لاقيتها جاية هي و خطيبها و سلمت عليا


روان بفضول : طيب قولته ايه لبعض؟


زين ببساطة : كلام عادي ومحدود


ابتلعت روان بتوتر وشعرت بألم خفيف في معدتها : و انت حسيت بإيه لما شوفتها؟!!


زين : ..... 
في غرفة زين وروان


ابتلعت روان بتوتر ، وشعرت بألم خفيف في معدتها ، وسألت بتردد : و حسيت بإيه لما شوفتها؟


رد زين بصدق مليء بالعاطفة ، وهو ينظر في عينيها البريئة : حسيت ان ربنا راضي عني و بيحبني عشان رزقني بزوجة زيك وبحمد ربنا انه خلاني امر بالتجربة دي .. عشان اعرف قيمتك انتي دلوقتي و اعرف قد ايه انا بحبك يا روان


إلتمعت الدموع في عينيها ، وتهدجت نبرة صوتها من فرط تأثيرها بكلماته الجميلة : بجد يا زين


اومأ زين اليها قائلا بترقب : روان عايز اعرف انتي مسمحاني علي اللي فات و لا لسه شايلة جواكي مني


شعر قلبها بالراحة بسبب حديثه اللطيف ، لذا عادت إلى أسلوبها المشاكس مرة أخرى وتظاهرت بالتفكير : اديني شوية وقت افكر و رد عليك


زين بحب : عمري كله تحت امرك و ملكك


غمغمت روان بشرود في ملامحه التي تعشقها وتحافظها مثل اسمها : طب انا لو حابة اعاقبك هقدر ازاي بعد كلامك الحلو و تصرفاتك دي قلبي مايطوعنيش .. 


ثم وضعت يدها على ذقنه المنمقة و أستطردت بصوت هامس : زين انت حب طفولتي و مرهقتي وشبابي وعمري كله .. عارفة ان جوازنا كان تقليدي .. و صدقني ماكنتش منتظرة منك كتير بس كان عندي امل في ربنا انك تحس بيا و تديني فرصة .. اوريك قد ايه انا بحبك بجد .. انا مسمحاك والله 


ضمها زين بين ذراعيه قائلاً بهمس حاني : بحبك اوي يا روان و مش عايز غيرك و بشكر ربنا و بحمده علي انه كرمني بإنسانه قلبها حنين وبتقدر تسامح و روحها حلوة و اجمل وحدة في عينيا أنا مش بحبك بس انا بتنفسك


همست روان وعيناها مغمضتان داخل احضانه الدافئة التي بالنسبة لها تمثل النعيم بحد ذاته : و انا بعشقك يا زين اكتر من كل حاجة في الدنيا


قبل زين جبينها بحب قائلا بهدوء : قلبي انتي تعالي ننام شوية قبل ميعاد العشاء 


روان بخجل : هنام كدا اصبر البس حاجة بس


همس بنبرة تملُّك ، ولفها جيدًا في أغطية السرير بين ذراعيه : و انتي في حضني ماتقوميش لأي سبب 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في مكان اول مرة نذهب اليه 


داخل شقة في احدي الاماكن الراقية 


نادين تستلقي براحة بين ذراعي قاسم ، وهي تعبث  صدره بعد عاصفة 

 من الأفعال المحرمة.


قبل قاسم وجنتها بعمق قائلا بإبتسامة : كنتي وحشاني بشكل فظيع يا حبي


همست بغنج : انت اكتر يا قلبي


قاسم بلهفة : اخيرا قدرت اشوفك ليه كنتي غايبة عني كل الفترة دي


نادين بتبرير : ما انا قولتلك في التليفون العين مفتحة عليا جامد من يوم ما اتجوز البيه و انا مستحيل اعمل حاجة تخليه يشك فيا .. دا انا لما بجيلك كدا بلف كتير قبلها بالعربية .. عشان اتأكد انه مش مخلي حد ماشي ورايا


قاسم بخبث : برافو عليكي بحب فيكي ذكائك يا روحي


نادين بنظرة مغرية قائلة بهمس انثوي : ذكائي بس اللي بتحبه


عض علي شفتيه قائلا بوله : كل حاجة فيكي بعشقها


نادين اعتدلت في نومها وقد أشبع غرورها بكلماته ، لتقول بجدية : لازم ابقي حريصة طول الوقت و اتوقع كل حاجة .. ادهم مش سهل لو حب يعرف انا بروح فين هيعرف 


قاسم بإستفهام : طب ازاي جيتي و انتي قلقانه كدا


ردت نادين بخفوت : عشان سافر الصبح وهيغيب كام يوم مافيش في القصر غير امه وانا بس


نظر قاسم بجرأة إلى جسدها  ، وقال بشغف : يعني ينفع تباتي معايا انهاردة


هزت نادين رأسها وقالت برفض على الفور : لا طبعا ماينفعش ابات برا هتكشف علي طول يا حبيبي .. ممكن نشوف بعض كل يوم لحد مايرجع .. و بعدين انت ماقولتليش ليه خليتنا نقابل هنا ؟!


قاسم بنبرة خبيثة لم تدركها نادين تحمل بين طياتها الكثير من المؤامرات : دي شقة واحد صحبي اخدت مفاتيحها منه .. ماكنش ينفع نتقابل في شقتي اختي قاعدة عندي اليومين دول و انا ماصدقت انك قولتي انك جاية كان لازم اتصرف بسرعة


استندت عليه وهي تقبل شفتيه بخفة ، قائلة بدلع انثوي : بحبك 


ومضت عيون قاسم بشكل خبيث وهو يرفع الغطاء عليهما : و انا بموت فيكي 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


مساءا في منزل الحج عبدالرحمن 


يجلس الجميع حول المائدة ، ويأكلون العشاء في أجواء مليئة بالسعادة والسرور


حياة بتساءل : فين مامتك يا كارمن؟


كارمن بهدوء : طلعت اشوفها من شوية لاقيتها نايمة محبتش ازعجها اكيد تعبانه من مشوار السفر


حياة ببشاشة : ماشي حبيبتي انا هبقي اطلع اطمن عليها يمكن تصحي و تجوع بليل


الحج عبد الرحمن بحنان : كلي يا بنتي انتي مكسوفه و لا ايه


كارمن برقة : لا يا جدي والله باكل اهو


حياة بتأنيب : قولها يا ادهم يا ولدي تتغذي كويس .. انتي نحيفة اوي يا حبيبتي


ابتسم ادهم بمكر : اصلها خايفة جسمها يتخن و أبص برا


ضحكوا جميعًا ، لكنها نظرت إليه بتوعد.


بدر بهدوء : لالا ادهم ولد اصول مايعملش كدا


تحدث ادهم برزانة : تسلم يارب من اصلك الطيب


الحج عبد الرحمن بإبتسامة : الحمدلله انا دلوقتي مطمن اني هسيبك في عصمة راجل جدع و معدنه اصيل


ابتسم ادهم بإحترام : الله يخليك و يبارك في عمرك يا جدي


كارمن : ربنا يديك طولة العمر يا جدو


الحج عبد الرحمن : تسلم يا ولدي و تعيشي يا قلب جدو


صرخت روان مصدومة : خياااانه .. انت بتتغزل في وحدة غيري يا جدي دي اخرتها


انفجر الجميع ضاحكين على تلك الفتاة المجنونة التي دلفت مثل صاروخ الي غرفة الطعام مع زوجها.


حنان بتوبيخ : يا بنتي اعقلي ايه اللي بتقوليه دا؟


نظر زين إلى السقف مغمغمًا بمزاح : مفيش فايدة قدري ياربي و رضيت به


روان بهمس متواعد : قدرك ماشي خليك فاكرها


أشار بدر اليها وقال : تعالي سلمي يا روان علي بنت عمك


نهضت كارمن مبتسمة ، وانتظرت روان التي وقفت امامها و هتفت بإعجاب : ايه العيون الزرقه القمر دي ماشاء الله انتي حلوة اوي انا روان


اتسعت ابتسامة كارمن لتلك المرحة ذات القامة الطويلة عنها قليلاً ، ثم رفعت وجهها اليها لتقبيل خديها قائلةً بحبور : انتي احلي حبيبتي تسلمي .. ما انا عارفه بسمع عنك من وقت ماجيت وكان نفسي اشوفك


دعتهم حياة قائلة بهدوء : لا سلام علي طعام .. اقعدو يا ولاد يلا عشان تكملو اكل و بعدين اتكلمو زي ما انتو عايزين


وهكذا مر اليوم بسعادة غامرة في القلوب وراحة طغت على مشاعر الجميع ، بعدما كانت بدايته مليئة بالفوضى والقلق والحزن والشجار.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


كانت تمشي حافية القدمين على شاطئ البحر الذي تحبه كثيرا، وتفكر بعقل شارد ، لكن شيئًا ما لفت انتباهها جعل عينيها تتسعان بدهشة ، وهي تراه على بعد أمتار قليلة منها.


يجلس عمر على الرمال ، وكالعادة التي يحب فعلها دائما يرسم على الرمال.


لم تصدق أنه موجودًا أمام عينيها ، وكانت تخشى أن يكون مجرد طيف وسيختفي ، فركضت إليه وصرخت باسمه ، وعندما وصلت إليه كان يحدق بها، فوقفت تلهث في مكانها من الركض.


عمر بإبتسامته العذبة : قربي ماتخافيش يا كارمن اقعدي جنبي


جلست كارمن على الرمال بجانبه ، تاركة مسافة بينهما ، مضطربة قليلاً من آثار المفاجأة ، ثم همست بصدق : وحشتني و كان نفسي اشوفك يا عمر


عمر بمحبة : وانتو كمان كلكو وحشتوني و ملك وحشتني اوي


كارمن بإبتسامة : طمني عليك


قال عمر بتنهيدة وهو ينظر إلي البحر : انا كويس اوي و مبسوط بس ناقصني وجودكم معايا .. لكن انا مطمن عشان انتي مش لوحدك دلوقتي و مابقتيش خايفة زي الاول


نظرت كارمن إليه قائلة بإستفهام : ليه عملت كدا يا عمر ليه؟


قال عمر بنبرة حزينة يكتنفها الغموض : بكرا هتعرفي بس انتي حبيتي ادهم .. مش هنكر ان دا بيوجعني بس هتكون انانية مني لو هنبسط بوحدتك سنين عمرك الجاية وانتي عايشة علي ذكري زوج ميت كنتي متعودة علي وجوده في حياتك بس محبتهوش


خفضت عينيها وقالت بدموع : سامحني يا عمر لو خذلتك بس دا مش بإيدي .. حاولت امنع نفسي بس انا ماقدتش محبوش


عمر بإبتسامة حنونه : انتي محبتيش غيره يا كارمن وانا مرتاح ان ادهم معاكم هو هيعرف يحميكم احسن مني ومن اي حد .. اهم حاجة بنتي خدي بالك منها واحكيلها عني وفكريها بيا دايما 


ثم قال مردفًا : خدي حذرك من الثعابين اللي بدأت تخرج من جحورها و مش ناوية الا علي كل شر ليكم


لم تستطع فهم ما قاله لها ، ثم بعد برهة رأت عمر فجأة يختفي من أمامها ، ولم يعد له أثر.  


في غمضة عين ، وجدت نفسها في مكان مختلف تمامًا


تقف في وسط حديقة واسعة جدًا مليئة بالنباتات الخضراء والورود الملونة والأشجار ، ثم رأت أدهم وملك يضحكان ويلتفان حولها وهما يلعبان بمرح. 


لم تستطع أن تكتم ضحكتها علي منظرهما معًا ، لكن ابتسامتها اختفت عندما رأت الورود والنبات الأخضر يذبل ، وظهرت العديد من الثعابين من الأرض ملتفة حول أقدامهم.


★★★


فزعت من نومها وهي تطلق صرخة تشق حلقها ، لكنها كتمتها بسرعة حتي لا تقلق الصغيرة وزوجها النائمين بجوارها.


جلست متكئة على مرفقيها وتلهث بشدة وتصبب وجهها عرقا ، تتذكر أحداث ذلك الحلم الذي تحول إلى كابوس مروّع هشم قلبها.


نظرت إلى ملك تلقائيا ، ثم انحنت وقبلت يدها الصغيرة حنان ، ودموعها تنهمر على خديها في خوف.


ضمتها إلي صدرها وهي تغطيها جيدًا ، وأمسكت بيد أدهم الغافي بهدوء وهي ترتجف ، ثم رددت بصمت بعض الآيات القرآنية لطمأنة روحها وحاولت العودة للنوم مرة أخرى ، لأن الوقت كان لا يزال مبكرا.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


صباح يوم جديد


في غرفة زين و روان


كانت روان تململ في نومها ، وهي تمسح بأناملها على خدها ، ثم بعد برهة تعود مرة أخرى منزعجة من تلك اللمسات الخفيفة التي تمشي على وجهها.


غمغمت روان مستاءة ، وهي تفتح جفنيها بتكاسل ونعاس ، لاستكشاف ذلك الشيء المزعج الذي يؤرق نومها الهادئ.


اصطدمت عيناها البندقية مباشرة مع عسليته اللامعة ، التي كانت تحدق بها بحب ، وابتسامة احتلت فمه حيث تمكن من إيقاظها أخيرًا.


قبل زين وجنتها الناعمة ، وقال بصوته الأجش : صباحية مباركة يا عروستي


لانت تعبيرات وجهها بإبتسامة خجولة ، ثمّ همست ببحة مغرية من آثار النوم أرهقت قلبه كثيرا : الله يباركلي فيك يا قلب العروسة و روحها


دفن زين رأسه في تجاويف رقبتها ، يستنشق شذاها الطيب ، يهمس بأنفاس ساخنة تلفح عنقها : اااااخ من دلعك للي هيكون سبب رئيسي في ان قلبي يقف نبضه


حاولت روان النهوض قائلة بإرتعاب : يا ساتر يارب بعد الشر عليك .. ايه الكلام الفظيع اللي بتقوله علي الصبح دا؟


وضع زين إصبعه على فمها وقال في نفس الهمس المثير : اسكتي ماتبوظيش اللحظة الرومانسية دي وبعدين في حل واحد يرجع قلبي يشتغل تاني


ضحكت روان متمتمة بخفوت : وايه هو بقي يا دكتور ؟


حدق في شفتيها الشهية بنظرة غامضة ، ثم إقترب فجأة وسرق منها قبلة خاطفة ، ثم عاد يحدق في ملامحها بحب قائلا بصوت مبحوح : كدا قلبي رجع يدق من تاني 


احمر خديها أكثر ، قائلة بتلعثم : وسع بقي .. عايزة اخد دوش وانزل اشوف بنت عمي .. مش هروح الجامعة انهاردة عشان مالحقتش اقعد معاها امبارح


ضحك زين متمتمًا في سخط : انا بدأت اغير منها هي هتاخدك مني من اولها كدا


أمسكت وجهه بين راحة يدها الصغيرة قائلة بدلال ممزوج بالحنان ، وهي تلامس طرف أنفه بأنفها : يا قلبي هي شوية و هترجع بيتها وهفضل ليك لوحدك خالص


زين بإبتسامة جانبية : بتثبتيني يا لمضة ماشي يلا قومي


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في الاسفل


بعد أن تناولوا الفطور ، وقاموا من على طاولة الطعام ، حاولت كارمن الإمساك بالأطباق لمساعدة عمتها ، لكن حياة صاحت عليها قائلة : سيبي يا حبيبتي اللي في ايدك مايصحش 


كارمن بضحكة صغيرة : عادي يا عمتو بساعدك 


حياة بإستفهام : طيب يا قلبي .. امك فين دي من امبارح ماكلتش لما طلعتلها لاقيت صنية الاكل كيف ما هي


كارمن بحيرة : والله ماعرف ايه اللي جرالها حاولت معها من شوية عشان تنزل تفطر كمان بس مش قادرة 


حياة ببشاشة : خلاص يا حبيبتي انا هحضرلها فطار و اخليها تاكلو من ايدي


كارمن بإبتسامة : تسلمي يا عمتي تعبينك معانا


حياة بود : تعبكم راحة يا ست البنات معرفش فين البت روان اتأخرت في النزول ليه هي كمان!!


★★★


صعدت كارمن إلى الطابق العلوي ، راغبة في معرفة ما حدث لوالدتها ، فعندما ذهبت إليها قبل الإفطار ، كان أدهم معها فلم تفهم منها شيئًا.


وجدت شخصًا ظهر في وجهها دون سابق إنذار.


...: قفشتك 


أطلقت كارمن صرخة الذعر مما حدث قائلةً بخوف : خضتيني يا روان اخس عليكي


روان بشقاوة : سلامته الجميل من الخضة


كارمن بخفوت : بكاشة اوي


ضحكت روان بخفة لتقول بمرح : بنت حلال كنت لسه بدور عليكي عشان استفرد بيكي و نرغي شوية


راقت الفكرة لكارمن التي قالت بإبتسامة : ومالو نرغي تعالي نقعد في اوضتي 


روان بفرح : يلا بينا


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في المطبخ


دخلت حنان المطبخ ورأت حياة منشغلة بما في يديها ، كانت حياة تدير ظهرها نحوها ولم تراها تدخل.


سعلت حنان قليلا لكي تلفت انتباها قائلة بهدوء : انتي لسه واخدة علي خاطرك مني يا حياة 


لاحظتها حياة لكنها تجاهلتها ولم ترد عليها.


اقتربت منها حنان وربت على كتفها بلطف ، وقالت بضيق : خلاص ياستي ماتزعليش مني كانت ساعة شيطان و راحت لحالها


نظرت إليها حياة بنظرة عابرة قائلة بهدوء : دايما بقول عنك عاقلة .. معرفش انك كبرتي و عقلك خف منك يا حنان


فركت حنان يديها بتوتر ، وبررت بنبرة خافتة : بصراحة ماقدرتش امسك نفسي لما شوفت جمالها .. مش بإيدي انتي عارفة بحب اخوكي و هفضل دايما اغار عليه


ضحكت حياة بسخرية وهتفت : اطمني يا اختي الست فوق راقدة متسطحة و تعبانه عينك جابتها الارض 


خبطت حنان على صدرها ، وهي تشهق هلعًا ، وعيناها كادت أن تبرز من مقل عينيها وقالت بفزع : يا خرابي انتي بتكلمي بجد مالها الولية


حياة بحزن : من ساعة ما كانت مع ابوي معرفش ايه اللي جرالها شكلها اتأثرت بالكلام عن محمد الله يرحمه 


شعرت حنان بالخجل من نفسها قائلة بندم : واضح كدا انها كانت بتحبه اوي واني ظلمتها بظنوني .. الله يسامحني شكلي حسدتها فعلا 


ثم اردفت بفضول : انتي بتعملي ايه؟


حياة بإختصار : زي ما انتي شايفه اكل خفيف ليها الست ما اكلتش حاجة من امبارح


ذهبت حنان إلى الصينية التي عليها الطعام وشرعت في حملها : طيب سيبيه و انا هطلعهولها


حياة بشك : حنان


حنان بهدوء : والله ما فيش في قلبي حاجة نحيتها يا حياة خلاص بقي كفياكي عاد .. عايزة اعتذرلها عن تكشيرتي في وشها امبارح و اطمن عليها وافتح معاها صفحة جديدة


تنهدت حياة بابتسامة : ايوه كدا دي حنان خيتي ام قلب ابيض و نظيف .. ماشي خدي الاكل طلعي اوضتها ويبقي كتر خيرك لو اتأكدتي انها اكلته


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في غرفة كارمن


روان تجلس على السرير مربعة قدميها وأمامها كارمن وهما يتحدثان


روان بتنهيدة عالية : بس يا ستي و هي دي بقي قصة حياتي


كارمن بدهشة : حكايتك غريبة جدا


روان بعبوس : مش اغرب من حكايتك يا مفترية بهدلتي الراجل .. ايه الجبروت دا


كارمن بضحكة حلوة : هو الاغرب من اي حاجة ان انا وانتي اتجوزنا في نفس اليوم


مدت روان شفتيها إلى الأمام في استياء : ماتفكرنيش باليوم دا والنبي يا اختي


كارمن بإستفهام : انتي مش دلوقتي مبسوطة معه و الامور معاكو تمام


هزت روان رأسها ثم غمزت بمكر : ايوه الحمدلله .. بس انتي باين عليكي بتحبي ادهم


بهت وجه كارمن بشدة ، وهي تتذكر تلك الجملة التي قالها لها عمر في حلمها بالأمس.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•


عند حنان


صعدت بصينية الطعام إلى غرفة مريم ، ثم طرقت الباب بلطف و إنتظرت برهة حتي سمعت نداء مريم من الداخل ، وتسمح لها بالدخول.


حنان بإبتسامة ودودة : اخبارك ايه دلوقتي يا ست مريم!!


ردت مريم بابتسامة نقية أيضا : الحمدلله تسلمي حبيبتي و مافيش داعي لست مريم ناديني مريم علي طول


تقدمت حنان من الفراش قائلة ببشاشة : ماشي انا جبتلك لقمة تسندك .. حسيت انك ما اكلتيش كويس من امبارح


مريم بحرج : ليه تعبتي نفسك كتر خيرك


حنان بطيبة : دا الواجب و احنا اهل


مريم بلطف : عارفه فعلا حسيت انكم اهلي من وقت ما جيت هنا .. من زمان اوي كان نفسي اكون وسطكم مع محمد الله يرحمه 


ثم تنهدت بحزن : بس للاسف راح قبل ما تتحقق امنيته انه يتجمع معاكو من جديد


احمر وجه حنان وهي منزعجة من نفسها بسبب سوء ظنها في تلك المخلوقة الطيبة ، قائلة بإحراج : حقك عليا يا مريم لو عاملتك في الاول بجفاف شوية .. ربنا يبعد عننا الشيطان و يحمينا من الوساوس


مريم بسماحة نفس : امين يارب .. انا علي فكرة فهمت نظراتك ليا يا حنان .. لكن انا عذراكي و مش زعلانه منك باين انك طيبة ومش بتشيلي جوا قلبك


شعرت حنان براحة كبيرة ، كأن ثقل جبل قد أزيل عن صدرها : تسلميلي يا خيتي و عايزاكي من هنا و رايح تعرفي اني اختك و اي حاجة هتعوزيها اطلبيها مني و عيني ليكي


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند روان و كارمن


روان بإستغراب : مالك وشك اصفر ليه كدا


كارمن بإضطراب : مفيش بس حلمت بحاجة قلقاني شوية


تسألت روان بإستفهام : حلمتي بإيه


حدقت بها بتردد ثم بدأت تخبرها بكل ما رأته في حلمها المزعج


★★★


في ذلك الوقت


صعد أدهم من الأسفل وعلى كتفه ملك التي كانت نائمة ببراءة ، وكان ينوي الذهاب إلى غرفتهما لتنام براحة على السرير دون أن يقلقها أي شيء.


رفع يده الأخرى لفتح باب الغرفة ، لكن ذراعه تسمر في الهواء ، وهو يقف مكانه بعيون واسعة بصدمة و يستمع لما قالته كارمن.


★★★


في الداخل 


اردفت كارمن بحزن : خايفة ان يكون اللي حصل دا معناه ان عمر مش راضي عني و زعلان مني و بيلومني علي اني قربت من ادهم و دا محسسني بالذنب ناحية عمر اكتر 


★★★


عند ادهم


أصبح وجه أدهم محتقناً جداً ، ثم عاد إلى الوراء بصلابة حيث لم يعد يحتمل سماع المزيد ، ثم مشى مسرعًا متجهًا نحو غرفة مريم ليعطيها الصغيرة.


★★★


في الداخل


روان بإستنكار : ايه الهبل اللي بتقوليه دا يا بنتي مش لسه قايلة انه قالك في الحلم انه مرتاح انك في امان مع ادهم


كارمن : ايوه 


روان بتفكير : الثعابين في الحلم معناها غدر و خيانة و عداوة يعني في جوا العيلة حد بيتمنالك الشر و الاذي 


كارمن بحيرة : حد زي مين ؟


روان بتأكيد : اكيد مش من عيلتنا انتي شايفه اننا كلنا بنحبك ممكن يكون من عيلة جوزك


كارمن : مفيش حد غير ماما ليلي وهي بتعتبرني بنتها


روان : لا يا نبيهة في .. مرات جوزك اللي حكيتيلي عليها باين عليها حرباية من غير شك هي بتكرهك


كارمن بخوف : ربنا يستر انا عمري ما اطمنتلها 


ربت روان على ركبتها قائلة بلطف : خدي حذرك منها انا قلبي بيقولي انها بتحاول تأذيكي


كارمن : حاضر


روان بغمزة : نرجع لكلامنا بقي انتي حبيتي ادهم بجد مش كدا 


أومأت إليها مؤكدة في صمت خجول.


★•••••★•••••★


عند ادهم


خرج أدهم من غرفة مريم وسار في الممر الضيق ، فرك يديه ببعض التوتر ، وشعر أنه بحاجة إلى الهواء في أسرع وقت ممكن ، وكان يكاد يختنق في كل مرة ترددت فيها كلماتها في أذنه.


.... : اهلا يا ابو الشباب


ظهر شبح الابتسامة على شفتيه : اهلا يا ماجد


ماجد ببشاشة : جدي تحت كان بيسأل عنك كل رجالة العيلة تحت و عايزين يتعرفو بيك


على الرغم من أنه لم يكن في حالة مزاجية جيدة للسماح له بالجلوس مع أي شخص.


لكن كالعادة ، إكتسي وجهه الجمود الذي لا يجعل أي شخص يتنبأ بما سيفكر فيه هذا الصلب ، وكأن شيئًا لم يحدث.


قال أدهم وهو يأخذ نفسًا عميقًا ويحاول السيطرة على هدوئه : تمام يلا ننزلهم


ماجد بإبتسامة : يلا يا معلم 


★•••••★•••••★


عند روان وكارمن


روان بإستفهام : بس ازاي اتقبلتي وجود ست تانية علي ذمته .. انا عن نفسي ماقدرش استحمل كدا ابدا ابدا


تنهدت كارمن قائلة بهدوء : الظروف بتحكم وفي الاول مكنتش بهتم اصلا بيها 


ثم ارتفعت نبرة صوتها تلقائيًا ، وأردفت : بس من وقت ماقلبي بدأ يدق له وانا حاسة ان جوايا غلاية مش بتنطفي كل مابتخيل انه ممكن يقرب منها في اي وقت


انْتفَضَ جسد روان برعب من صياحها المفاجئ ، وقالت بحذر : اهدي يا ست الغلاية انتي هتفوري في وشي انا ولا ايه


قهقهة كارمن بشدة على أسلوبها المرح ، وتعبيرات وجهها وحركاتها المضحكة.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


جاء المساء دون حدوث أشياء مهمة


دخلت كارمن غرفة والدتها قائلة بابتسامة رائعة : مساء الخير يا ماما عاملة ايه


مريم بحنان : مساء النور انا كويسة يا قلبي


جلست على السرير بجانبها وقالت حيرة : في ايه يا ماما انتي مانزلتيش الا مرتين بس تحت و باقي الوقت جوا اوضتك 


اردفت بقلق : حصل حاجة بينك و بين جدي قالك حاجة زعلتك .. وشك مخطوف من لما كنتي عنده احكيلي عشان خطري


تحدثت مريم بابتسامة هادئة لطمأنتها : بالعكس جدك طيب جدا اليوم اللي قعدنا مع بعض فيه .. فضلنا نتكلم لحد قبل العشاء عني وعن ابوكي و عن اختي الله يرحمهم


كارمن : الله يرحمهم .. ماما انتي ليه مش بتحبي تحكيلي عنها!!


مريم بتنهيدة حزينة : الكلام ساعات بيوجع يا كارمن و بيفتح جروح كتير مالهاش علاج .. يمكن عشان حكيت مع جدك عنها نفسيتي تعبت شوية


كارمن بخوف : بعد الشر عنك خلاص ارتاحي و بلاش تكلمي لو دا هيتعبك


ربت مريم على كفها الناعم قائلة بحنان : لا يا روحي انتي لازم تعرفي كمان طالما حكيت لجدك


كارمن بتوجس : ماشي


نطقت مريم بتحشرج وعيناها تتألق بالعبرات ، فهي حتي الان لم تشفي جروح قلبها من حزنها على شقيقتها الوحيدة : .....
في منزل الحج عبدالرحمن 


على وجه التحديد في غرفة مريم التي ما زالت تستكمل حديثها


نطقت مريم بتحشرج وعيناها تتألق بالعبرات ، فهي حتي الان لم تشفي جروح قلبها من حزنها على شقيقتها الوحيدة : الكلام دا حصل قبل ماتتولدي بأكتر من عشر سنين .. ابوكي اتجوزني بعد موتهم بأسبوع ماكنش عايزني ابقي لوحدي رغم كل الظروف و المشاكل مع ابوه.


أضافت بصوتًا مخنوقًا بالعبرات : كلهم راحو مرة واحدة بدون اي انذار هي و جوزها والواد والبنت محدش عاش منهم 


سألت كارمن بتأثير : ماتو ازاي؟


مريم بتفسير : كنت لسه صغيرة لما اتجوزو .. هو اتعرف عليها عن طريق شغلو .. وكانت هي صحفية عنيدة ومابيهماش حد وهو صاحب شركة ادوية اهلو كانو ناس اغنياء وعندهم فلوس كتير وهو كان وحيدهم .. المشكلة بينهم بدأت لما كتبت مقال عن سمعة الشركة بتاعتهم جننه عملها مشاكل مع الجريدة اللي بتشتغل فيها تقريبا اتقفلت خالص والله مافاكرة بس كان عنده حق لان بعد كدا عرفت ان المعلومات اللي وصلتها كانت مزيفة وناس كانو قصدين يعملو فيه الحركة دي 


أومأت كارمن برأسها ، وحثتها على الاستمرار : وبعدين


مريم بابتسامة صغيرة من عيني كارمن المتلألئة بالفضول : حصل بينهم زي ما بيقول المثل ما محبة الا بعد عداوة .. طالبها للجواز هي شرطت عليه اعيش معاهم .. لاننا مالناش الا بعض كانا انا و هي لوحدنا في الدنيا .. اتجوزها وعشنا كلنا مع بعض .. كنت بعتبره اخويا الكبير وعوضنا عن دفي الاسرة اللي اتحرمنا منه


كارمن بتساءل : كان اسمه ايه يا ماما؟


لفظت مريم الاسم بشكل عفوي كما لو كان محفورًا في ذاكرتها : احمد راشد .. عدت سنين كتير انا كبرت و دخلت الجامعه و هما خلفو ولد و بنت اسمهم يحيي و مريم 


ثم اردفت : قبل الحادثة بفترة ابوكي طلبني من احمد وهو رحب بالموضوع لما لاقاني بحبه .. بس كانت معرضة ابوه هي العقبة الوحيدة


واصلت حديثها بدموع : في يوم الحادثه انا كنت مع ابوكي اخدني و روحنا اسكندرية قضينا اليوم كلو هناك .. لما رجعت البيت لاقيت المساعد الخاص لأحمد بيبلغني ان عربيتهم اتقلبت و اتحرقو جواها .. محدش عاش منهم و زي ما حصل معاكي وقعت واتحجزت في المستشفي مالحقتش الدفن و لا قدرت اودعهم لأخر مرة


احتضنتها كارمن بسرعة قائلة وهي تبكي : كفاية يا ماما خلاص كدا كتير عليكي


مريم بتحشرج : هالة وحشتني و الولاد كنت بحبهم اوي .. لولا وقوف ابوكي جنبي كنت موت لوحدي رغم معرضة ابوه اتجوزني و ساندني في وقت احتياجي له .. انا مسامحة جدك يا كارمن و انتي كمان لازم تسامحي من قلبك الفراق صعب اوي يا بنتي .. مفيش حاجة تستاهل الزعل كلنا رايحين سامحي جدك و حافظي علي بيتك و جوزك


خرجت من بين ذراعي والدتها قائلة بإنصياع : ماشي يا ماما حاضر


مريم بحنو : اتكلمي مع جدك هو كمان من وقت ماعرف وهو حزنه زاد علي ظلمه لأبوكي .. اقعدي معه و صفي اي حاجة في قلبك نحيته 


كارمن بهدوء : تمام اللي انتي عايزه هعملو .. ممكن ترتاحي لو سمحتي


مريم بإنزعاج : ماشي بس فين ملك انتو بقالكم يومين واخدينها مني مش عارفه انام من غيرها


ابتسمت كارمن ، لتقول بلطف ، وهي تمسح دموعها : هروح اجيبهالك يا ست الكل 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند كارمن


دخلت غرفة نومها بعقل شارد فيما أخبرتها به والدتها عن أختها وأولادها ، نفضت كل الأفكار عن رأسها بعد أن أغلقت الباب خلفها واستدارت ظننا منها أن أدهم كان جالسًا في انتظارها ، بعد أن أخذت الطفلة منه منذ دقائق لتعطيها لوالدتها ، وطلبت منه انتظار عودتها إليه.


تفاجأت كارمن برقد أدهم على السرير ، يدير ظهره لها ، وبدا أنه نام من الإضاءة الخافتة للغرفة همست بدهشة : معقولة لحق ينام


لا تعلم لما شعرت بالغضب والإحباط ، ربما لأنها أرادت أن تخبره عن كل ما حدث لها منذ بداية اليوم ، وحلمها المزعج ، وكلام والدتها حتى تستريح قليلاً من التوتر العصبي الذي اصابها. 


اردفت بتنهيدة : خلاص مش مشكلة نأجل الكلام للصبح اكيد تعبان و نام غصب عنه 


ذهبت إلى الخزانة ، وسحبت ثوب النوم ، ودخلت الحمام الملحق بالغرفة.


بعد قليل خرجت من الحمام ، وسبقتها رائحة عطرها المميز ، ثم سارت بخفة إلى السرير ، واستلقت بجانب زوجها مدثرة نفسها في البطانية.


وضعت يديها تحت وجهها ، وظلت تنظر إلى ظهر أدهم ، وبعد قليل غفوت.


فتح أدهم جفنيه عندما شعر بإنتظام أنفاسها خلفه ، وقلب جسده نحوها معانقا خصرها إليه ، ثم رفع أصابعه برفق ، وأبعد خصلات شعرها المبعثرة عن وجهها ، وظل يحدق في ملامحها الناعمة.


لم يستطع النوم بسبب الفكر الذي يؤرقه كثيرا ، وبقي على هذا الوضع مدة طويلة حتى تغلب عليه سلطان النوم.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


صباح يوم جديد


في غرفة زين و روان


استيقظت روان منزعجة من صوت المنبه المزعج ، كم تكره هذا الصوت لأنه يخرجها من أحلامها الوردية.


غمست رأسها أكثر في صدر زوجها الذي كان نائماً بجانبها ، لتمنع أشعة الشمس التي تضيء الغرفة من الوصول إلى عينيها.


فتحت روان عينيها ببطء وتكاسل ، وأخذت تتأوه بضجر من ذلك المزعج الذي لا يريد التوقف.


تثاءبت قائلة لنفسها بغضب ، وهي تمد يديها إليه لكي تغلقه : خلاص اسكت دا انت زنان و لحوح اوووي


انحنت بالنصف الجزء العلوي من جسدها على جسد زين النائم ، قائلة ببحة خافتة من آثار النوم : زين اصحي يا قلبي 


زفرت روان بتمتمة : يالهوي عليك يا زين و علي نوم امك التقيل دا .. يا زين .. يا زينووو .. قوم وراك شغل


اردفت بابتسامة لعوبة على فمها : مفيش مفر انت اللي اضطرتني لكدا


أخذت نفسًا طويلًا استعدادًا لما ستفعله ، وكانت على وشك الصراخ ، لكنها وجدت يدًا فوق فمها ، ولم يستطع صوتها الهروب من حلقها.


رفع زين جسده قليلاً تجاهها ، وقال بهسيس خبيث بجوار أذنها : اياكي تفكري تكرريها وتصرخي في وداني يا مجنونه


سقط قلبها في قدميها ونظرت إليه بعيون واسعة مندهشة ، وهو يخفض يده من علي فمها ، لتقول بصدمة : هو انت صحيت من امتي !!


زين ببرود : من يالهوي عليك و علي نوم امك التقيل


حاولت روان أن تتكلم لكن انعقد لسانها ، فخرجت الكلمات غير مترابطة : يا خبر .. احم .. انا مكنش قصدي انا..


حاولت التحرك لتهرب من جنبه ، لكن يده كانت أسرع منها وسحبها إليه بابتسامة خبيثة ظهرت على شفتيه، فأصبحت ممددة على صدره ووجهه منغمسا في بشرة رقبتها الناعمة، لتسمعه يهمس بصوت أجش : صباح الخير


نظرت روان إليه باسمة الثغر ببلاهة ، لتقول بصوت مبحوح : صباح الفل


زين بعبوس : ايه الصباح الناشف بتاعك دا


قبلته بجانب شفتيه بعفوية لتسأل : كدا لسه ناشف


زين بنصف عين : ايوه لسه


روان بتذمر طفولي : ايه دا انت بتدلع يلا قوم عشان تلحق تنزل علي شغلك


عانق خصرها أكثر.  وقال بنفس الهمس الأجش : وانتي هتروحي الجامعة ولا هتعملي عبيطة زي امبارح


طبعت قبلة خاطفة على خده ، قائلة بابتسامة حمقاء : هعمل عبيطة طبعا


زين بجدية : معرفش ليه حاسس انك بتهربي من مرواحك الجامعه يا روان


زاغت عيناها ، وتلعثمت في الرد : لا خالص .. انا ههرب ليه


حرك ذقنها لتواجهه مباشرة و غمغم بإصرار : قولي الحقيقة


لم تستطع أن تتجادل معه أكثر ، وهو لن يتركها دون أن يحصل على إجابة ، قائلة بتردد : بصراحة خايفة اروح وتحصل مشكلة بينا وانا ماصدقت اننا مبسوطين 


أغمض أدهم عينيه متضايقًا من نفسه ، ثم هتف بتساءل : انتي لسه بتفكري اني مابثقش فيكي مش كدا؟


أدارت عينيها ولم تجيب على سؤاله.


تنهد زين وهو يرفع وجهها بأصابعه قائلا بهدوء : ارفعي وشك هنا دي اخر مرة هقول الكلام دا .. انا بحبك يا روان ومتأكد من حبك ليا زي ما انا متأكد من نفسي .. 


حدقت في عينيه عندما بدأ يداعب بشرتها الناعمة بإبهامه مردفًا : انسي كل حاجة فاتت .. تصرفي كان من غيرتي عليكي .. عارف انها صعبة شويتين بس استحمليني 


استأنف حديثه مبتسمًا بمزح : انا زي جوزك برده


ابتسمت متأثرة بكلماته ، حيث شعرت بأنها تستوطن قلبه حقا ، ثم قالت متظاهرة بالتفاجئ ، وهي تزم شفتيها للأمام : يعني دي اخر مرة هتقولي بحبك


ضحك عليها وهو يضرب رأسها بخفة ، وتنهد بقلة حيلة من جنونها : هو دا اللي لفت نظرك من كل كلامي


وضعت روان يدها على خده قائلة بحب : مش عارفة اوصفلك قد ايه كنت محتاجة اسمع منك الكلام دا


صمتت قليلاً ثم اردفت بدلع طفولي : بس دا مايمنعش اني اسمع منك كلمة بحبك علي طول .. من حقي كمواطنة اسمعها منك دايما


ابتسم بمكر ، ثم في لحظة قلب وضعمها لتجد نفسها في غمضة عين مستلقية على السرير بينما اصبح فوقها ، قائلا بهمس خطير أمام شفتيها : ايه رأيك اسمعهالك بالافعال مش بالكلام؟


اتسعت عيناها بهلع حيث احمر خديها من الخجل عندما أدركت ما قالته ، وما الذي سيفعله زين.


روان بتحذير و استعطاف : اعقل يا زين انت عندك شغل و متأخر كمان


أدار وجهه ونظر إلى الساعة المعلقة على الحائط ، ثم ابتعد عنها قائلاً متذمرًا : كل مرة بتفلتي من ايدي بحجة مقنعة ملاحظة مش كدا


هتفت بمرح وهي تنهض من جانبه : دي حظوظ بقي .. انا غيرت وهروح الجامعة


زين بإبتسامة : برافو يا قلبي


نظرت إليه ببراءة قائلة بدلال : ممكن توصلني في طريقك


زين بضحكة : من عيوني  


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في قصر ادهم البارون


تجلس ليلي في الشرفة الكبيرة ، وتحمل كوبًا من الشاي بالنعناع كما تحب.


سبق نادين صوت رنين كعبها العالي ، ليحطم هدوء المكان ، وقالت بإستخفاف : صباح الخير يا طنط


نظرت ليلي إليها بعين غاضبة من سخريتها متمتمة : صباح النور 


أردفت ببرود بينما كانت نادين تسير ، وتجلس علي المقعد الأخر أمامها : بالمناسبة ادهم و مراته راجعين انهاردة من السفر


نادين بتعجب : بالسرعة دي غريبة ماكملوش يومين يعني


ليلي بسخرية : انا حبيت اعرفك قبل ما تخرجي وترجعي متأخر زي كل يوم من وقت ما سافرو


كانت نادين متوترة من أسلوب تلك المرأة العجوز ، فتذمرت حتى لا تلاحظ عصبيتها : ايه يا طنط انتي عايزاني اتحبس في البيت يعني مش كفاية اني متجوزة ابنك و مش مراعيني خالص جواز بالاسم بس


تشدق وجه ليلي بابتسامة جانبية قائلة بصرامة : احمدي ربنا يا نادين انه مستحملك ومش عايز يطلقك لحد دلوقتي و اسلوب كلامك معايا تعدليه بلاش دور الزوجة المظلومة اللي انتي عايشة فيه دا واضح كلامي


تمتمت نادين بحنق : واضح 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


اما في الصعيد 


تحديدا في غرفة نوم ادهم و كارمن


تملمت كارمن في نومها إلى الجانب الآخر من السرير ، ووضعت يدها على مكان نوم أدهم لتتفاجأ أن المكان كان فارغًا.


نهضت وفتحت عينيها الزرقاوين ، تتثاءب بنعاس ، تحدق في الغرفة لتدرك أنها كانت وحيدة فيها.


مدت يدها إلى الطاولة المجاورة للسرير وأخذت هاتفها ، لتنظر إليه مخاطبة نفسها : انا نمت كتير اوي كدا .. الساعة بقت 10 ونص .. ادهم شكلو سبقني علي تحت .. بس ماصحنيش معه ليه دا؟!!


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند ادهم


كان يسير في الأراضي الخضراء حول المنزل ، وقد استيقظ منذ الفجر وتسلل من جانب كارمن ثم جاء إلى هنا ، وحتى الآن كان يفكر فيما سيفعله ، ويحاول ترتيب أفكاره بهدوء وتمهل.


أخرج هاتفه من جيب بنطاله وضغط على زر الاتصال.


بعد لحظات سمع صوته قائلا بمرح : صباح الخير يا ابو الاداهيم


ادهم بضجر : صباح النور مش وقت سخافه علي الصبح يا مالك


مالك بحيرة : في ايه يا ادهم شكلك قرفان ليه كدا؟


تنهدت ادهم قائلا بهدوء : مفيش حاجة انت فينك


مالك : في البيت هفطر واروح الشركة


ادهم : طيب لما توصل احجزلي علي طيارة باريس انهاردة بليل او بكرا بالكتير


مالك : صبرك عليا عشان اترجم الكلام .. انت مش في الصعيد يا بني 


ادهم بملل : ايوه راجعين انهارده هنتحرك من هنا علي الظهر و بليل نوصل مصر


مالك بدهشة : ايه اللي هيرجعكو بسرعة كدا في مشاكل ولا ايه !! ماتفهمني عدل


ادهم بهدوء : مش ضروري تفهم بعدين هبقي اقولك .. المهم دلوقتي نفذ اللي قولته .. يلا سلام


مالك بقلة حيلة : ماشي اللي تشوفه .. سلام 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بعد فترة وجيزة في المندرة 


الحج عبدالرحمن : ايه يا ولدي الكلام دا .. معقول تسافروا بسرعة كدا لسه مالحقناش نشبع منكم 


ادهم بإحترام : سامحني يا حج عبدالرحمن لكن عندي شغل كتير لازم اتابعو بنفسي


أومأ الحج عبدالرحمن برزانه و تفاهم : اذا كان الموضوع شغل خلاص يا ولدي ربنا يكتبلك التوفيق و يصلح حالك 


ادهم بإبتسامة : تعيش يارب


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


عند كارمن 


خرجت كارمن من الحمام علي طرق الباب ، فذهبت لتفتح لتجد مريم تدخل وتمسك بيد ملك


كارمن بإبتسامة رقيقة : صباح الخير يا ماما


مريم : صباح الورد يا كوكي


هبطت كارمن أمام ابنتها الصغيرة ، وهي تقبل وجنتها المكتنزة بحب : ملوكة قلبي هاتي بوسة لمامي


مريم بهدوء : حبيبتي انا جيت اقولك ان ادهم كلم جدك عشان عايزنا نرجع مصر انهاردة


نهضت كارمن علي قدميها قائلة بإستفهام : ليه نرجع هو كان قالي اننا ممكن نقعد اسبوع .. و بعدين هو ماقاليش بنفسه ليه ؟


مريم بتبرير : يمكن زهق من القعدة هنا .. انتي عارفه طبع ادهم شغل و خروج .. حياته مختلفة خالص عن الحياة هنا يا بنتي .. 


ثم اردفت مجيبة علي سؤالها : هو اكيد اتحرج يقولك عشان ماتزعليش منه 


كارمن بقلة حيلة : ماشي هحضر الشنط واجهز نفسي


مريم : لا سيبي انتي الشنط و روحي اقعدي مع جدك زي مافهمتك امبارح بعد مانفطر كلنا سوا قبل السفر


كارمن بضيق : حاضر هغير هدومي... 


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في الاسفل


تناول الجميع وجبة الإفطار في جو هادئ. 


لم يتحدث أدهم وكارمن أثناء الإفطار ، لكنهما تبادلا بضع كلمات بسيطة رداً على أسئلة الجميع.


بعد فترة وجيزة


كانت كارمن تجلس على بعد مسافة صغيرة من الحاج عبد الرحمن في المندرة بناء على طلبها ، رحب الجد بذلك ثم جلسوا يتحدثون بهدوء.


استرسل الحج عبدالرحمن حديثه : انتي عارفه يا كارمن يا بنتي قبل ما تيجي .. كان عندي خبر بكل حاجة عن طريقة جوازك من ادهم وعدم رضاكي عن الوضع وانك اضطريتي لكدا عشان مافيش حد يقف في ظهرك


حاولت كارمن أن تقاطع حديثه : جدي


الحج عبدالرحمن : خليني اكمل كلامي وبعدين احكي علي راحتك


كارمن بإحراج : اسفه اتفضل يا جدو


الحج عبدالرحمن بنفس الهدوء : كنت ناوي اطلقك منه واخليكي تعيشي تحت سقف بيت اهلك و وسط عزوتك حتي لو هو مارضيش .. لكن بعد ما شوفت قد ايه هو انسان كويس و طيب .. كمان امك نفسها حكيتلي كل حاجة بيعملها عشانك وعشان الصغيرة فبدأت افكر من تاني


اختنق صوته ، لكنه أصر على أن يخرج ما في قلبه ، وامتلأت عيناه بالدموع التي بدأت تتساقط بهدوء ، قائلا بندم وألم : انا غلطت يا بنتي في حق ابوكي جيت عليه كتير من صغره .. مش عشان مابحبوش بالعكس دا ابني البكري الغالي اللي من يوم ما اتولد اعتبرته السند و العون ليا .. يمكن عشان كدا قسيت عليه من غير ما ادري .. و بعد اللي حكيته ليا امك اتأكدت اني خلفت راجل بصحيح


تأثر قلب كارمن كثيرا بكلمات جدها ، ورغم عنها دموعها سقطت على خدها ولم تستطع الجلوس في مكانها ، فقامت وعانقته بحزن ودعم كبير.


اردف بصوت أجش ، وهو يربت على رأسها ويعانقها بحنان : صدقيني يا بنتي بعد ما لاقيتك يعز عليا فراقك .. لكن انا مرتاح انك في عصمة راجل جدع كيف ادهم هو انسان شهم .. رغم اني عرفت انه متجوز لكن معاملته ليكي وخوفه عليكي وعلي بنتك يغفرله اي حاجة


صمت قليلا ، ثم أخرجها من أحضانه عندما لم يتلق أي رد منها ، ليقول بهدوء : وماتفتكريش اني بقول كدا عشان اللي سمعته عنه و بس .. لا من كلامي معه فهمته و عرفت قد ايه هو راجل يعتمد عليه 


هتفت كارمن بإندفاع : بجد يا جدي دا رأيك فيه؟


ابتسم علي لهفتها وقال بمحبة : ايوه يا حبيبتي انتو صحيح ظروف جوازكم كانت غلط و قاسية بس قلبكو نظيفة و هتنجحوا في حياتكو مع بعض ان شاء الله 


ابتسمت كارمن من بين دموعها قائلة بسعادة حقيقية : ربنا مايحرمنيش منك يا جدي و يخليك لينا يارب .. انا كمان فرحانه اوي اني شوفتك و عرفتك كنت محتاج ليك جدا في حياتي


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بعد قليل 


قالت حنان بصعوبة وهي تعانق مريم بلطف : هتمشو بسرعة اوي كدا مالحقناش نقعد ونتكلم زي ما اتفقنا يا مريم


نظرت مريم اليها بإبتسامة وقالت : سامحيني يا حبيبتي مش بإيدي لكن اوعدك هنيجي تاني انا حبيت المكان و حبيتكو اوي ربنا اللي عالم


حنان بود : من القلب للقلب رسول يا غالية


انضمت إليهما كارمن فإقتربت من حنان وعانقتها ، قائلة بهدوء : سلميلي علي روان اوي يا طنط حنان و قوليلها ماتزعلش اننا مشينا وهي مش موجودة .. وانا لما اوصل مصر هبقي علي اتصال بيها عشان اطمن عليكو 


حنان : فكرتيني صحيح هتزعل جدا انكو ماقعدتوش معانا وماشيين .. معرفش انا وراكو ايه لو علي جوزك هو يسافر لشغلو و يعاود تاني يا الف مرحب به


كارمن بتنهيدة : ياريت كان ينفع يا طنط انا نفسي جدا افضل معاكو اكتر من كدا .. بس انا كمان بشتغل معه وفي شغل كتير محتاجنا 


حنان : ربنا يصلح ليكو الحال يا حبيبتي و نشوفكم علي خير


بدر بإبتسامة لطيفة : مش هتسلمي علي عمك يا بنتي


ذهبت اليه كارمن و عانقته بمحبه ، بينماوهو اخذ يربت علي شعرها ، ليغمغم بحنان : هنتوحشك يا حبيبتي و قريب هتلاقينا عندك عشان نطمن عليكي


كارمن بنبرة ناعمة : ربنا يخليك ليا يا عمو


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بعد ساعتين علي طريق السفر 


في سيارة ادهم 


أدهم يجلس بجانبها ، لكنه لا يرفع عينيه عن الحاسوب الذي يضعه في حجره ويواصل عمله ، بينما كارمن أيضًا صامتة ، لا تريد أن تبدأ الحديث معه ، ويدور في ذهنها سؤال واحد بحيرة : ايه اللي غيرو من نحيتي كدا لا بيكلمني ولا معبرني كأني مش موجودة .. حتي ماكلفش نفسه انه يقولي ليه راجعين بسرعة كدا .. ماهو لو علي الشغل صحيح هو بيشتغل من مكانه و مالك بيتصرف لو في حاجة ايه قلب حاله كدا ياربي بس


ادهم بهدوء : مالك ساكته من ساعة ما مشينا .. زعلانه مش كدا؟


خرجت من افكارها على صوته وردت بهدوء ايضا : لا عادي مش زعلانه ولا حاجة طالما الشغل عايزك مفيش مشكلة 


أغلق أدهم الحاسوب ونظر إليها بتمعن ، ليسأل بصوت أجش : بس انا حاسك زعلانه من حاجة


كارمن بخفوت : اضايقت شوية انك ماقولتليش بنفسك اننا راجعين انهاردة 


لم يستطع أدهم مقاومة ملامسة خصلات شعرها البنية التي هبت عليها الريح ، فداعبها عفويا بأصابعه قائلا بحنو : مارضتيش اصحيكي من نومك 


كارمن بإبتسامة هادئة : تمام 


أمسك بيديها الدافئتين قائلا بلطف ، ولم يستطع تصنع البرود بعد أن شعر بضيقها : اتكلمتي مع جدك في ايه؟


بينما كانت تنظر إليه بدهشة ، تتسائل في ذهنها ما الذي غير مزاجه معها دون أي سبب واضح ، ثم ردت برقه : قولتلو اني مش زعلانه منه واني سامحته و وعدته اننا هنزوره تاني قريب


واضافت بهمس : اول ما حضنته استريحت وشميت فيه ريحة بابا حسيت انه قدامي من تاني الله يرحمه .. عشان كدا اضايقت شوية و احنا ماشيين ماكنتش عارفه اني هتعلق به بسرعه كدا 


ادهم بإبتسامة : هخليكي تسافري تشوفيهم تاني اي وقت تحبيه


كارمن بسعادة : بتتكلم جد!!


أومأ إليها بصمت ، ثم عاود النظر إلى جهاز الحاسوب الخاص به.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في منزل ميرنا


تقدمت ميرنا من باب الشقة عندما سمعت دق الجرس ، ثم فتحته لتتفاجئ بقاسم يقف عند باب المنزل ، ويقول بابتسامة جانبية ، بينما تفحصت عيناه جسدها الرشيق في ذلك السالوبيت الجينز الذي لائم عودها تماما : وحشتني يا وحش


ميرنا بفتور : اهلا يا قاسم ادخل


اردفت وهي تغلق الباب بعدما دخل : خير ايه سبب الزيارة المفاجأة دي؟


ذهب إلى الأريكة الكبيرة وجلس عليها بشكل مريح : كل حاجة اتفقنا عليها حصلت 


جلست ميرنا بالمقعد المجاور اليه قائلة بتعجب : لحقت تنفذ بالسرعة دي 


ابتسم قاسم بمكر : اضرب علي الحديد وهو ساخن يا مزة 


ميرنا : تمام اوي هات الفلاشة 


ألقى قاسم نظرة جريئة على جسم ميرنا الجذاب : مش قبل ما تسهرينا سهرة حلوة


ردت ميرنا بضحكة ساخرة : هي نادين ماقامتش بالواجب


قاسم : نادين صاروخ مافيهاش كلام .. بس انتي حاجة تانية 


ضعت ميرنا إحدى قدميها فوق الأخرى أمامه قائلة بمكر أنثوي : دا عشان لحد دلوقتي ماطولتش مني حاجة .. و ماينفعش يحصل احنا مع بعض فيد و استفيد اكتر من كدا مفيش


قاسم بضحكة : ماشي يا ريري اتقلي براحتك بكرا هتيجي بكيفك


اضاف بإستفهام : قوليلي ناوية علي ايه ؟


ميرنا ببرود : مش لازم تعرف


رفع قاسم حاجبه قائلا بدهشة : ازاي مش لازم اعرف احنا مش شركاء ولا ايه؟


ميرنا : اكيد 


قاسم بإلحاح : خلاص امتي هنساوم نادين علي الفيديوهات


ميرنا بضجر : انت ليه مستعجل كدا الصبر حلو !!


قاسم بإستياء : ايوه بس انا محتاج فلوس الايام دي


ميرنا بسخرية : ومين سمعك انا كمان محتاجة فلوس يمكن اكتر منك بس لازم نصبر


قاسم بدهشة : ومحتاجة الفلوس في ايه ما انتي عندك ورث جوزك


ميرنا : صح بس اللي انت ماتعرفوش ان اهل المرحوم مش ساهلين مستكترين عليا الملاليم اللي ورثتها عنه و عاملين ليا مشاكل


قاسم : طيب ما نسرع الامور


ميرنا : ومين قالك ان نادين معاها فلوس .. انت ناسي انها صحبتي كل حاجة عنها اعرفها


قاسم بتأفف : اومال عاملين الحكايات دي كلها ليه!!


هتفت ميرنا بسأم : فتح مخك جوزها مليونير و معروف اسمه زي الطبل في البلد .. لما توصلو الفيديوهات دي هيبقي مستعد يدفع اي مبلغ نطلبو منه من غير مايفكر .. مش هنحتاج نتعامل مع نادين من الاساس .. ساعتها هيدفعلنا و قليل عليها لو طلقها بعد اللي عملته فيه وممكن يقتلها كمان مين عارف؟


ابتسم قاسم قائلا بصوت خفيض ، وعيناه تلمعان بخبث من إعجابه بشدة دهائها : انتي ازاي خطيرة كدا دا ابليس نفسه يضربلك تعظيم سلام


ضحكت ميرنا بحقد : ساعتها حلال علينا الفلوس و حلال في نادين اللي هيجرلها من جوزها المغفل 


قاسم بإلحاح : هرجع تاني و اسألك امتي هنفذ!


ميرنا بحنق : يوووه علي زنك مش دلوقتي انا عارفه بعمل ايه كفاية اسئلة انا صدعت منك
ليلا في قصر البارون
داخل جناح ادهم 
خرج أدهم من الحمام ، وهو يلف جسده بمنشفة كبيرة فقط ، بعد أن أخذ حمام منعش من عناء السفر الطويل ، ولكي يجدد نشاطه تمهيداً لسفره الذي يفكر في كيفية إخبار كارمن بذلك الآن.
توقف مكانه ، وهو يراها تدير اليه ظهرها ، وتعبث في حقيبة سفره.
رفع ادهم حاجبيه متسائلا : بتعملي ايه!!
أدارت كارمن كتفها إليه ، وقالت بنبرة عادية : بطلع هدومنا من الشنط زي ما انت شايف
أخذ نفسا عميقا قبل الرد محاولا الحفاظ علي رِباطة جأشه أمامها : احم لا سيبي هدومي زي ماهي في الشنطة
رمشت كارمن بعدم استيعاب : ليه مش فاهمة!!
تحرك بثبات نحو غرفة الملابس ، قائلاً ببرود : انا مسافر .. بعد كام ساعة هتقوم طيارتي
وقفت هناك مصدومة ، وعقلها يكافح لترجمة ما قاله منذ ثوان ، ثم مشيت ورائه إلى غرفة الملابس ، قائلة بتوتر : هتسافر لوحدك
تسائل أدهم بدهشة وهو يقفل زر بنطاله بعد أن لبسه : نعم!
تنحنحت بحرج من سؤالها السخيف مصححة صيغة سؤالها : قصدي يعني هتسافر فين و هتقعد قد ايه؟
أجاب أدهم ، وهو يستمر في ارتداء ملابسه بجمود : رايح باريس في عملاء مهمين لازم اقابلهم قبل ما يبدأ الديفليه 
فركت كارمن رقبتها بإضطراب ، وقالت بإستفهام : ضروري يعني السفر النهاردة. ..احنا لسه راجعين من مشوار متعب كتير عليك الضغط دا
رد أدهم بكذب دون أن ينظر إليها : ماتقلقيش عليا انا متعود .. وكمان هما ناس مهمه جدا يعني وقتهم بفلوس و مرتبطين بمواعيد كتير واحنا المحتاجين ليهم لان الفايدة الاكبر هتعود علينا فلازم اسافر بسرعة
قطبت كارمن حاجبيها قائلة بضيق : هتغيب كتير
ادهم بتنهيدة : مش اقل من اسبوعين 
وأضاف بعد أن انتهى من لبسه ، وتوجه نحو باب غرفة الملابس ، ملاحظًا صمتها قائلا بهدوء وهو يقف أمامها مباشرة ، ومد يده إلى ذقنها ليجعلها تنظر إليه : مكشرة ليه!!
نظرت كارمن اليه ببراءة قائلة بنعومة : مافيش حاجة
نظر أدهم إلى داخل زرقاوتيها التي شتت كيانه بالكامل ، خاصة عندما حدقت فيه بعيونها اللامعة بإطلالاتها البريئة ، ثم تدحرجت عيناه على ملامحها عاقدا حاجبيه ، بينما زرقاوتيه الداكنه تموج بمشاعر مختلطة علي ملامحها الجميلة ، فهو يشتاق إليها منذ الأن ، هامسا بدون وعي : هتوحشيني
أحاط أدهم رأسها بكفيه وقبل جبهتها بحنان لم يستطيع قمعه ، ليغمغم بصوت هادئ : خدي بالك من نفسك كويس و من ملك
ابتسمت كارمن بحب رغم الضيق الذي يألم قلبها ، وتمتمت : وانت كمان
رفعت أصابع قدميها ، لتطبع قبلة رقيقة دافئة بجوار فكه مما ألهب مشاعره بشوق أكبر لها.
ثبت أدهم عينيه على شفتيها المرتعشتين ، ثم جذبها إليه علي حين غرة ، مقتنصا شفتيها في قبلة  بمشاعر عديدة.
اتسعت عيناها مصدومة من فعلته لبرهة ، ثم سرعان ما تلاشت الصدمة ، وهي تلف ذراعيها حول رقبته.
تبادلت معه القبلات بجرأة كبيرة أثارت مفاجأتها هي نفسها ، لكنها من الآن تشتاق إليه ، لا تريده أن يبتعد عنها ، تريد أن تحيطه بحنانها ، و أن تشعر بالأمان الذي يحيطها بحضوره بجانبها.
كيف ستتحمل غيابه عنها ، على الأقل الآن ، يمكنها أن تأخذ منه جرعة صغيرة لتهدئة روحها ، لعلها تستكين قليلاً ، فأن عشقه سكن وجدانها ، واصبح حياتها كلها.
إستمع إلى تنبيه عقله ، وانه يتواجب عليه أن يتغلب على هذا الانجراف الذي قد يجعله يلغي كل ما خطط له ، ويبقى في ذلك النعيم بالقرب منها.
يريد الابتعاد ، لكن كل حواسه ترفض الانصياع لأوامر عقله ، مطالبة بالبقاء على هذا القرب المهلك منها ، ولا تريد سواها.
كانت الدموع تنهمر من جفنيها المغلقين ، وأغرقت خدها حين صفعت تلك الأفكار السيئة التي تخيفها في عقلها ، وأنها لن تبقى معه في هذا الوضع أكثر من بضع ثوانٍ ، ثم سيبتعد عنها. 
كيف ستتحمل فراقه ، لا تستطيع ليس بعد أن أحبته بجنون.
شعر أدهم بتلك القطرات التي بللت وجهه ، وعقد حاجبيه بحيرة وهو يفصل بين قبلتهما ويبتعد قليلاً ، ناظرًا إليها بدهشة ، لكن عقله ترجم تلك الدموع التي رآها تغرق وجهها بشكل خاطئ تمامًا.
حيث ظن أنها تذكرت أخاه ، أو ربما لا تريده أن يكون قريبًا منها من الأساس ، فلم يستطيع التحدث معها أو مواجهتها ، قائلاً بصوت أجش : انا لازم انزل اعمل شوية مكالمات من المكتب قبل السفر 
شعرت كارمن بالدوار حالما ابتعد فجأة عن جسدها ، فحاولت أن تتكئ على الباب خلفها ، قائلة بحة خافتة ، وهي تمسح دموعها بظهر كفها : طيب انا هحضرلك باقي الحاجات في شنطتك 
ذهب ادهم الي المنضدة ، وتناول ساعته لكي يلبسها ، قائلا بجمود : تمام 
ابتلعت كارمن غصه تشكلت بحلقها قبل أن تتساءل بتفكير : احط لبس تقيل
هتف ادهم وهو يفتح باب الغرفة ، ليغادر إلى الأسفل : مش كتير الجو في الوقت دا كويس من السنة هناك
همست كارمن بأنفاس مضطربة : حاضر 
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد عدة أيام من سفر أدهم
في الصعيد 
هتفت روان بصوت عال : ايوه يا كوكي وحشتيني اخبارك ايه
قطبت كارمن بين حاجبيها من صخب صوت روان وقالت بلطف : الحمدلله حبيبتي انتي عاملة ايه و جدو والجماعه كلهم ازيهم
وزعت روان أنظارها بين جدها وامها الذين يجلسون أمامها وقالت علي الفور : كلنا بخير الحمدلله بيسلمو عليكي و جدو عايز يكلمك
همست لجدها بعيون تلتمع برجاء : جدو عشان خطري بلاش تطول .. عايزة الحق اكلم معاها شوية
زجرتها حنان بتأنيب : بطلي رخامة يا روان سيبي جدك براحته عيب كدا
قال الحاج عبد الرحمن وهو يمسك الهاتف : ماشي يا شقية سيبي التليفون من يدك هيقع مني كدا
ثم قال الجد بمحبة بعد أن وضع الهاتف بجوار اذنه : الو يا نن عين جدك اتوحشتك يا حبيبتي
ابتسمت كارمن بسعادة وهي تستمع إلى كلماته الحنونة ، حيث حياتها اصبحت افضل بعد أن تقربت من جدها : اهلا اهلا يا جدو .. انت كمان وحشتني .. طمني علي صحتك بتاخد الدواء و لا بتطنش 
ضحك الجد قائلا ببشاشة : لا يا بنتي عندي هنا طقم كامل بيشرف علي كل مواعيد الدواء .. دا كفايه زين لوحده لو نسيت او راحت عليا نومه يفضل يتحدث كثير علي انه غلط .. لكن كلامه مابفهموش اصلا
قالت كارمن بضحكة : خايفين عليك يا جدو و دا لمصلحتك .. سيبك منهم كلهم وحياتي انا عندك خد الدواء بإنتظام
الحج عبد الرحمن بحنان : عيوني يا روح جدك .. سلميلي علي والدتك ووصلي سلامي لجوزك و امه كمان و بوسي الصغيرة نيابة عني
اردف بضحكة رجوليه عاليه : المخبلة روان عينيها بتطق شرار من دلعي ليكي خدي اهي معاكي كلميها
ضحكت كارمن علي كلماته وقالت برقة : حاضر يا جدي يوصل 
أخذت روان الهاتف عن جدها ، وابتعدت عنهما قليلاً ، وقالت مازحة : ايوه يا كوكي كدا عايزة تخطفي مني الراجل حرام عليكي
كارمن بإستياء مزيف : انتي طماعة اوي يا لهوي منك مش مكفيكي جوزك
روان بتذمر طفولي : جدو قاعد معايا علي طول بس جوزي بينزل الفجر و يرجع بليل يا اختي
كارمن بسخرية : احمدي ربنا انا بقي جوزي مسافر بقالو 4 ايام اهو و محدش بيدلعني
روان بضحكة عاليه قائلة بمكر : ليه هو مش بيديكي جرعة حنان و رومانسية في التليفون
تنهدت بحزن : لا شكلو مشغول جدا بشغلو ومعندوش وقت للرومانسية
روان بإستغراب من صوت ابنة عمها الحزين : مالك يا كوكي حاسه انك مضايقة
تطلعت كارمن إلى السقف وقالت بهدوء : انا تمام يا حبيبتي ماتقلقيش .. بس عندي شغل دلوقتي لما اروح البيت هرجع اكلمك براحتي
صمتت روان قليلا ولم تصدق نبرتها المهزوزة ، لكنها أجلت الأسئلة لوقت أخر ، قائلة بقلة حيلة : ماشي يا قلبي هستناكي سلام
كارمن : مع السلامه
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهرا في النادي 
حيث تجلس نادين وميرنا
تساءلت ميرنا ، وهي تري شرود صديقتها الغريب : ايه الاخبار؟
تنهدت نادين بسأم : من وقت ما رجعو من السفر و ادهم سافر علي باريس .. مافيش اي جديد غير ان الهانم كل يوم بتنزل الشركة مع الحرس بتوع ادهم 
ميرنا بإستفهام : و تفتكري ليه ماسفرتش معه؟
تمتمت نادين بغيظ : مالحقتش افهم ايه اللي حصل اصلا في الصعيد .. بس سمعت امه بتقول ان كارمن هانم بتجهز للديفليه اللي هتعملو شركة ادهم .. يمكن عشان كدا ماسفريتش معه 
ميرنا بإبتسامة خبيثة : واو شكل كارمن هانم هتكون سيدة اعمال مهمه الفترة الجاية
نظرت نادين إليها نظرة حارقة وصاحت بغضب : ميرنا انا مش نقصاكي .. دا كلو كوم و الحصار بتاع امه عليا كوم تاني خالص .. حاسبة عليا الدخول و الخروج ربنا ياخدها الحيزبونه دي و يخلصني منها
إلتفتت ميرنا حولها وعلي وجهها إبتسامة جامدة ، وهمست بزمجرة فيها : اهدي يا نادين كل مرة تفرجي علينا الناس بصريخك دا
نادين بقهر : مش عارفه اتصرف ازاي معهم حاسة بخنقة بشعة بسببهم
فجأة ، شعرت بصدام على الطاولة التي كانوا يجلسون عليها ، فتطلعت إلى الأمام لتري بعض الأطفال يلعبون بالكرة ، وقد اصطدمت بالطاولة أثناء اللعب.
صرخت عليهم نادين بغضب حاد : انت يا شاطر منك له العبو بعيد لا اخلي امن النادي يطلعو برا
خاف الأطفال من صراخها المرعب وهربوا من المكان ، بينما كانت ميرنا تراقب ما يحدث ، وهي تضحك على طريقة صديقتها المخيفة مع الأطفال.
ضحكت ميرنا بقلة حيلة : ما تهدي يا نادين دول اطفال ذنبهم ايه تطلعي همك فيهم .. وانتي اصلا موضوعك معقد وبعدين كنت عايزة افهم حاجة ..
عقدت نادين حاجبيها وقالت : حاجة ايه!!
ميرنا بتساءل : انتي ليه كنتي مستعجلة في اول جوازك علي الخلفة و انتي اساسا مابتحبيش الاطفال ؟
اجابت استخفاف : مين قال اني كنت مستعجلة انا حتي لو كنت خلفت كانت هتربيه مربيات مش انا خالص ..
ثم أردفت بحنق : دي كانت فكرة بابا منه لله بقي قبل ما يموت ملي دماغي .. خلفي منه و هاتيلو وريث عشان تضمني انك تعيشي في العز عمرك كله
أومأت ميرنا برأسها ساخرة : ايوه و مات ابوكي و البستي انتي في حيطة
أومأت نادين وقد تجعد وجهها بعبوس ، قائلة بإستياء : بالظبط كدا فتحت علي نفسي فتحة سوده .. كان بقالنا 10 شهور متجوزين ومفيش حمل .. فضلت ازن ازن علي دماغ ادهم عشان نكشف و انتي عارفه الباقي و بقت اكذب كذبة ورا كذبة عشان اداري علي الكذبة الكبيرة
ابتسمت ميرنا بتلاعب ، وقالت بخبث : عارفه احسن حل تعمليه ايه
نادين بلهفة : الحقيني به
ميرنا بغموض : تخلصي من مراته دي تماما 
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور اسبوع 
في شركة البارون
داخل مكتب كارمن ، الذي كان في الماضي مكتب عمر المدير التنفيذي السابق ، لكن يبدو مختلف تمامًا بعد التجديدات التي طرأت عليه.
أغمضت عينيها وأعادت رأسها إلى المقعد المريح ، منهكة من كثرة التدقيق في الأوراق أمامها ، ثم شردت في أفكارها بعيدا.
مر الأسبوعان بسرعة ، وهي تستمر في العمل بانتظام ، وكل شئ يسير على ما يرام ، لكنها تجد ضغوطًا كبيرة من مقدار الأعباء التي تتحمل مسؤوليتها وحدها.
ماذا عليها أن تفعل؟ 
يجب أن تتحمل ، لأنها تريد أن تثبت جدارتها حتى يعلم أدهم مدى التزامها وجديتها في العمل.
تنهدت بعمق علي ذكر أدهم الذي تفتقده بشدة ، لكنها حزينة في أعماقها رغم أنها لا تظهر ذلك ، لكن عدة مشاعر تأتي إليها ، وتزعج نومها في الليل حزينة لأنه بعيد عنها.
بعد أن تعودت على وجوده بجانبها ، تفتقد مشاكسته معها ، وجديته ، ومداعبته ، وقربه الذي يجعل قلبها يخفق مثل الطبول. 
تعترف بأنها تشتاق لكل شئ يخصه ، وما يحزنها كثيرا هو بروده في الحديث معها عندما يتصل بها ، فهو لا يتحدث في الهاتف لأكثر من دقيقتين ، ولا يتحدث معها إلا عن أمور العمل وعن أحوال ملك.
لتنتهي المكالمة خالية من أي عواطف ، رغم أنها ترغب في التعبير عن شوقها إليه ، لكنها عندما تتلقى هذا الجفاء غير المبرر منه تصمت حفاظًا على كرامتها.
أطلقت تنهيدة عميقة ، وهي تفتح عينيها محاولة إخراج كل هذه الأفكار من عقلها حتى تتمكن من التركيز فقط على العمل.
بعد بضع دقائق رن الهاتف اللاسلكي بجانبها حيث كانت السكرتارية تتصل بها ، وأجابت بجدية : ايوه يا مها
تحدث مها بنبرة عملية مهذبة : استاذة كارمن الفريق في انتظار حضرتك في القاعة عشان ميعاد الاجتماع
كارمن بهدوء : تمام انا جاية حالا
أغلقت المكالمة ، وقامت من مقعدها ، وجمعت الأوراق والأشياء التي تخصها ، وأمسكت بها بإحكام في يدها ، وغادرت المكتب بخطوات ثابتة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد بضع ساعات من العمل 
تقف كارمن داخل غرفة فسيحة مخصصة للتصميم مع فريقها ، وكانت الغرفة مميزة جدًا بزخارفها التي تتناسب مع أجواء الفساتين ، وكل ما يتعلق بالأزياء والموضة.
التفتت كارمن إلى الفتاة التي تقف خلفها ، وبدت وكأنها شاردة ، حتى بعد أن أنهى الجميع عملهم وبدأوا في مغادرة الغرفة. 
بقيت واقفة في مكانها غير منتبهة لأي شيء ولا تتحرك ، تفاجأت كارمن بها وذهبت نحوها ، قائلة بسؤال قلق : مالك يا نسمة .. نسمة بكلمك
خرجت نسمة من شرودها قائلة بإحراج ، وهي تري أن المكان كان خاليًا من الجميع : انا اسفه في حاجة فاتتني؟؟
عبست ملامح كارمن ، وقالت بإستغراب : انتي مش معايا خالص عقلك فينه
خجلت نسمة منها قليلا ، وقالت بإبتسامة بسيطة : موجود والله
ضيقت كارمن عينيها عليها ، وقالت بفطنة : لا انتي كنتي سرحانه في حاجة شغلاكي
ثم تركت كارمن الأقلام من بين يديها ، واقتربت منها واضعة راحة يدها على ظهر نسمة ، لتمشي معها دون اعتراض من الاخري ، ثم جلسوا على الكنبة بجانب بعضها البعض.
تسائلت كارمن بهدوء : مالك احكيلي 
نسمة بإضطراب : مافيش حاجة مهمة
كارمن بإصرار : لا اكيد مهمة عندك طالما مشغول بالك بيها لدرجة دي
ابتسمت نسمة بأدب وقالت بصدق : انا اسفه انا فعلا سرحت شويه غصب عني صدقيني مش قصدي 
ربت كارمن براحة يدها علي كتف نسمة بلطف : مش محتاجة تعتذري كتير كدا .. لو مش هتعتبريني بدخل في امورك الشخصية .. هو السرحان دا سببه يوسف مش كدا
حدقت نسمة فيها ، لتقول بصدمة : هو انا واضح عليا للدرجة دي
أومأت كارمن وقالت بهدوء : كان واضح من نظراته المركزة فيكي طول الاجتماع و انتي كمان كنتي متوترة و مسهمة .. كأن الجو مكهرب بينك وبينه هو مضايقك في حاجة
تحول وجهها إلى اللون الأحمر من الحرج الذي تسببت فيه لنفسها ، ولم تستطع الإجابة.
عندما تلقت كارمن منها الصمت غيرت صيغة سؤالها ، وقالت بإستفهام : انتي بتحبيه يا نسمة؟
أطلقت تنهيدة قصيرة وخفضت جفنيها ، وكانت الأفكار تتضارب في عقلها.
تحتاج إلى أن تخبر أحدهم بما يزعجها ، لأنها بطبيعتها انطوائية للغاية وتحتفظ بأسرارها في داخلها ، لكنها حزينة لدرجة أنها تشعر وكأنها على وشك الاختناق. 
لا تعرف سبب ارتياحها لكارمن ، فهي تعمل معها منذ أسبوعين فقط ، لكن طيبة قلبها ولطفها في المعاملة جعلها تطمئن ، وتفتح قلبها لها ، لعلها تهدأ قليلاً. 
همست نسمة بصوت خجول منخفض : انا و يوسف كنا مخطوبين لبعض
ارتفعت حواجب كارمن بإندهاش عند سماع هذا النبأ : بتكلمي بجد!!
اومأت برأسها قائلة بنبرة هادئة يشوبها الحزن : ايوه .. اتخطبنا 6 شهور و قبلها كنا زمايل و اصدقاء هنا بالشركة سنتين من وقت ماجيت اشتغلت في الشركة
عضّت كارمن شفتيها بتردد خوفًا من إزعاجها : تسمحيلي اسألك طيب ايه اللي حصل معاكو
أسدلت نسمة عينيها واستمرت في الحديث بنفس الهدوء : في الاول انا كنت فرحانه اوي لما خطبني هو انسان كويس اوي و ابن ناس و طموح جدا في شغله وناجح .. كانت كل الامور تمام و بجهز للجواز .. 
تنهدت بضيق مردفه : بس هو فجأة اتغيرت طريقته معايا بقي مشغول طول الوقت معندوش دقيقة واحدة يكلمني فيها .. في الاول عذرته وقولت يمكن عنده سبب مهم وضغط الشغل عليه و التزامات الجواز فسيبته لنفسه شويه ...
نطقت كارمن تحثها على استكمال حديثها : تمام و بعدين
أخذت نفسا عميقا قبل أن تستأنف كلامها : الوضع دا استمر شهر و نص .. وانا معرفش مالو ولا عارفه اتكلم معه .. ومن 3 شهور كنت جيبالو ورق مهم يمضيه في مكتبه .. كان ممكن ابعته مع السكرتاريه بس قصدت اروحلو انا عشان اتكلم معه
ثم اضافت بتفسير : كان هو في حمام المكتب وقتها .. انا قعدت استناه و كنت محضره كلام كتير اقوله لما يخرج .. كان حاطط تليفونه علي المكتب .. سمعت صوت وصول رسالة ليه وانتي عارفه فضول البنات حبيت اشوف الرسالة عادي مش اكتر .. قومت ووقفت ورا المكتب وانا مترددة وخايفه من رد فعله واول مرة اتصرف بالشكل دا وعلي اخر لحظة كنت خلاص غيرت رأيي وهرجع مكاني .. لكن لمحت اسم رانيا علي الرسالة ففتحتها... 
كارمن بتساءل : رانيا مين!!
رمشت نسمة وقالت : بنت بتشتغل هنا في الشركة عارضة ازياء
جاءت في ذهن كارمن صورة تلك الفتاة الفاتنة التي لم تشعر بالراحة إليها منذ الوهلة الأولى : ايوه افتكرتها انا شوفتها مرة قبل كدا .. معلش اني قاطعتك كملي
أضافت نسمة بصوت مخنوق بالعبرات : لما فتحت الرسالة لاقيت محادثة طويلة بينهم و كلها كلام زي حبيبي روحي وبيدلعها وبيهزروا سوا بقالهم فترة كبيرة
ارتفعت حاجبين كارمن بإزدارء وقالت : يعني طول الفترة اللي كان متغير معاكي فيها كانو بيكلمو بعض
نسمة : بالظبط كدا
كارمن : و عملتي ايه؟
Flash Back
كانت نسمة واقفة بجانب المكتب ، وعلى وجهها علامات استغراب وصدمة مما قرأته من كلمات غزل تشير إلى وجود علاقة حب بين خطيبها ، وتلك الفتاة المسماة رانيا.
قلبت بأصابعها مرة أخرى في الهاتف ، ووجدت تاريخ الرسائل بينهما منذ أشهر ، وأنهما يتواصلان بشكل يومي.
تجمعت دموع كثيفة في عينيها لدرجة أن بصرها أصبح مشوش. 
هتف يوسف بإستغراب من خلفها : انتي بتعملي ايه هنا يا نسمة و وافقة كدا ليه ..
فجأة إنتفضت في مكانها من الذعر عندما سمعت صوته خلفها ينادي باسمها ، فالتفتت إليه لتواجهه بهذا الشكل المذري الذي أصبحت عليه بسبب صدمتها.
رمش بعينه في اضطراب عندما رأى هاتفه في يديها ، والدموع تنهمر على خديها مردفا بتساءل : انتي بتعيطي ليه!!
حدقت به ، دموعها تتسرب على خديها الناعمتين ببطء ، ولم تستطع الرد بأي كلمة ، لكنها مدت يدها وسلمت له هاتفه.
أخذ الهاتف منها و هو متعجب من بكائها ، ثم حدق في شاشة الهاتف ليتفاجأ بأن محادثته مع رانيا كانت مفتوحة ، والآن وجد إجابة علي كل ما يحدث أمامه.
حاول السيطرة على توتره قائلا بنبرة هادئة يسودها الاضطراب : نسمة ممكن تهدي عشان نعرف نتكلم
هتفت نسمة من بين شهقاتها بتهدج : كنت جاية فعلا هنا عشان نتكلم بس المفروض هتقول ايه بعد اللي شوفته .. هتبرر بإيه انشغالك عني شهرين بدون اي سبب واضح وانا زي الهبلة عماله احطلك اعذار من الهواء
اردفت بحدة : ولا انك بتعرف واحدة تانيه و بينكم غرميات و انا اللي اسمي خطيبتك ولا معبرني ..
جعد بين حاجبيه مقاطعا جملتها وهو يهتف بإنفعال : انتي ايه الهبل اللي عماله تخرفي به من الصبح دا .. مفيش حاجة بيني وبينها مجرد كلام عادي بين صحاب
راحت تحملق فيه بعين تطلق شرزا من بروده قائلةً بغضب شديد : صحاب يعني ايه .. الكلام اللي قرأته مش كلام بين اتنين صحاب 
يوسف بتوتر : ايه اللي بتقوليه دا قولتلك انتي فاهمه الموضوع غلط
عقدت نسمة ذراعيها أمام صدرها قائلة بحدة : خلاص فهمني ايه هو السبب اللي مخليك مشغول ولا بتكلف نفسك برسالة فيها كلمة واحدة ليا .. دا حتي مش هاين عليك ترد علي مكالماتي و لو رديت تقولي مشغول ..
اردفت بسخرية : اتاريك مقضيها حواديت و ضحك مع الانسة رانيا
هتف يوسف بنفاذ صبر : اسمعي ماتتجاوزيش حدك وانتي بتكلميني .. انتي هتفتحيلي تحقيق و ازاي اصلا تسمحي لنفسك تمسكي تليفوني وتفتشي فيه 
مسحت ما تبقى من دموعها بأطراف أصابعها قائلة بتهكم ساخر : بقي هو دا ردك عليا .. بتهاجمني عشان تتهرب من الرد علي كلامي
تحدث يوسف بهدوء قدر المستطاع : نسمة قولتلك نقعد وانا هفهمك بهدوء انتي مش عايزة تسمعي الكلام .. و اصلا احنا في مكان شغل مايصحش الكلام دا هنا خلينا ننزل نقعد في اي حته طيب و نتفاهم
حدقت فيه نسمة بنظرة حادة وحاولت أن تجعل صوتها ثابتا لكنه خانها أيضا وخرج مرتجفا قليلا : لا هنا و لا في اي مكان .. لو كان عندك ذرة شجاعة واحدة بس .. كنت وجهتني من البداية و قولت انك مش عايز تكمل .. مش تتهرب مني و عايش حياتك ولا كأن في انسانه ربطتها بيك .. وشكرا يا ابن الاصول علي تقديرك واحترامك ليا و ربنا يسعدك انت وهي مع بعض
ثم خلعت الخاتم من إصبعها ووضعته في يده ، ثم غادرت المكان دون تردد
Back
نسمة : من وقتها مفيش بينا كلام الا في حدود الشغل وبس .. لولا اني متمسكة بشغلي هنا انا كنت سيبت المكان من زمان 
ثم نظرت اليها بحيرة من ذاتها : انا اتوجعت جدا من اللي حصل .. الخداع احساس صعب و مر اوي .. من يومها جوايا حاجات اتغيرت ثقتي طبعا فيه اتعدمت و يمكن ثقتي في نفسي كمان من كتر مابفكر ليه يعمل معايا كدا
رفعت كارمن يدها تربت على كتفها بتعاطف ، وقد غضبت من المدعو يوسف كثيرا كيف يمكنه أن يخذلها ويتلاعب بها هكذا ، وشعرت بالحزن عليها قائلة بهدوء : طيب هو حاول يفتح معاكي الموضوع بعد كدا
فركت نسمة وجهها من ذلك الصداع الذي لا يفارقها من كثرة التفكير وقالت بنبرة متعبة : ايوه حاول جه لبابا واتكلم معه و لسه بيحاول يكلم معايا بس خلاص انا نفرت منه ومن الحب والارتباط كله
كارمن : ماتقوليش كدا انتي لسه العمر قدامك يعني ممكن تعتبريها تجربة و فشلت .. مفيش حاجة نجاحها مضمون ميه في الميه من اول مرة ولا ايه رأيك!!
اومأت نسمة بإبتسامة اشرقت وجهها الجميل تؤيد رأيها : عندك حق
ابتسمت إليها كارمن قائلة ببشاشة : طيب امسحي وشك و تعالي نكمل شغلنا 
نسمة بإمتنان : حاضر .. متشكرة ليكي يا كارمن علي اهتمامك و كلامك ليا
كارمن بمودة : مافيش داعي للشكر احنا زمايل و بقينا اصدقاء كمان .. ماتشغليش بالك بحاجة الا مستقبلك و ربنا يقدرلك اللي فيه الخير
★★★
نسمة شاهين : تبلغ من العمر 25 سنة ، جميلة وجذابة للغاية لديها عيون خضراء واسعة ، تعيش مع والدها الذي ليس لديه سواها ويحبها كثيرًا وهي أيضًا شديدة الارتباط به ، حاصلة على بكالوريوس فنون جميلة قسم الملابس و المنسوجات.
عملت في الشركة لأكثر من عامين ، ولديها خيال جيد وحس فني رائع ، لذلك أبهرت كارمن بذوقها وخبرتها منذ اليوم الأول لها معهم في الفريق ، وساعدتها أيضًا في بعض الأشياء التي وجدت صعوبات فيها ، وبالتالي أصبحا قريبين من بعضهما البعض.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ليلا في قصر البارون
دخلت كارمن القصر بعد انتهاء يومها الطويل في الشركة أخيرًا
صاحت كارمن بنبرة عالية قليلا : مساء الخير عليكم
قالت ليلي بإبتسامة : مساء الشهد يا قلبي
تسائلت مريم بحنان : حمدلله علي السلامة يا حبيبتي .. اتأخرتي كدا ليه!!
جلست كارمن بجانبهم وقالت : الله يسلمك يا مامتي .. دا انا كنت هقعد في الشركة لحد الساعه 9 .. عشان في قماش من المخازن كان لازم استلمهم بس هما بعته بدري الحمدلله خلصت و جيت علي طول
ليلي بصدق : ربنا يعينك يا كوكي 
تطلعت كارمن حولها قائلة بإستفهام : امين يارب .. ملوكة وحشتني اوي هي فين!!
ضحكت مريم بحبور وقالت : لعبت طول اليوم مع ياسين ابن يسر و لما مشيو كانت نعست و نامت
أراحت كارمن رأسها على الأريكة بتعب ، وأغمضت عينيها : ياسو كلمتني كتير وانا في الاجتماع بس معرفتش ارد عليها هكلمها قبل ما انام .. الصداع هيموتني يا ماما و عينيا مزغلله اوي 
ثم اردفت بتعجب : مش عارفه ازاي ادهم بيستحمل كل التعب دا سبحان الله
ليلي : ربنا يقويكم يا قلبي
ربتت مريم علي قدمها قائلة بهدوء : طيب انتي اطلعي استريحي شوية علي ما العشاء يجهز يا كوكي
اعتدلت كارمن في مقعدها قائلة بإرهاق : لا يا ماما انا هقعد معاكو يمكن ادهم يتصل عشان اطمن عليه 
حدقت مريم بصمت في ليلي ، التي هتفت بهدوء على الرغم من توترها : ادهم اتصل من ساعتين يا حبيبتي و طمنا عليه هو بخير و بيسلم عليكي .. بس هو اضطر يتصل بدري انهاردة عشان وراه عشاء عمل و هيبقي مشغول لوقت متأخر
حاولت كارمن التحكم في نبرة صوتها حتى لا تبدو غاضبة قائلةً بجمود : عشاء عمل تمام يا ماما ليلي مش مشكلة .. 
ثم أضافت ، ناظرة إلى ليلي : ومن بعد اذنك يا ماما ليلي .. كمان يومين هروح لبيت عمر عشان محتاجة انقل ادواتي واعرف اشتغل هنا في البيت .. وهحتاج كام وحدة من الشغالين هنا يساعدوني بنقلهم
ليلي بإبتسامة : بسيطة من عينيا يا كوكي 
ابتسمت كارمن بهدوء : ميرسي يا ماما ليلي .. انا هطلع ابص علي ملك وارتاح شوية عن اذنكم
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
داخل منزل صغير في حي راقي
صاح رجل عجوز من داخل المطبخ : يلا يا روح بابا تعالي جهزتلك العشاء 
بعد قليل
جاءت نسمة ترتدي إحدى بيجاماتها المريحة ، حيث تحب دائمًا أن ترتدي ملابس فضفاضة في المنزل ، وقالت بمرح و شهية : الله الله علي الروايح الحلوة يا عم شاهين 
أشار شاهين برأسه إليها : هاتي العيش من هناك عشان تلحقي تاكلي الاكل و هو سخن
أومأت نسمة إليه و قالت : حاضر
جلست نسمة على طاولة الطعام الصغيرة في المطبخ مع والدها يتناولون وجبة العشاء
نسمة بعبوس : بابا مش انا قولتلك كتير تديني فرصه اعمل انا العشاء ولو مرة واحدة حتي
شاهين بضحكة : بقولك ايه احنا بينا اتفاق مافهوش رجوع من يوم ما طلعت علي المعاش .. انا اطبخ و امارس هوايتي المفضلة وانتي تشتغلي و ترسمي و تشخبطي براحتك
ضحكت نسمة ثم قالت بنبرة هادئة : ايوه يا بابا بس وقفه المطبخ غلط عليك علي الاقل سيبني اساعدك
ثم اردفت بمزاح : ليه الانانية دي استحوذت علي المطبخ خلاص
ضحك شاهين بمرح و قال بتسلية : خلاص مايهونش عليا زعلك المواعين عليكي 
انكمش وجه نسمة قائلة بحسرة : المواعين ماشي أمري لله
شاهين بمحبة و حنان : لما تتجوزي اعملي اللي انتي عايزه في مطبخ محدش هيمنعك
وضعت نسمة يدها اسفل ذقنها بحزن مصطنع : عايز تخلص مني بالسرعه دي يا شاهين
حدق شاهين فيها بطرف عين وقال : ماتتهربيش زي عوايدك يا نسمة انتي فاهمه قصدي
زفرت نسمة بضيق : بابا لو سمحت انا قولت قراري رجوع ليوسف انا مش هقدر 
هز شاهين رأسه برفض وقال : انا مش بكلم عن يوسف خالص ..حتي لو عايزة انتي ترجعيلو انا اللي هرفض هي بنات الناس لعبه عشان يعمل كدا معاكي .. انا بكلمك علي العريس اللي اتقدم بقالو اسبوعين وانتي حتي مش عايزة تقابليه
تركت الشوكة من يدها قائلة بتنهيدة عميقة : اسمعني يا بابا يوسف غلطان في اللي عملو و الموضوع اتقفل لحد كدا بالنسبالي ومش هنكلم فيه تاني .. لكن انا محتاجة فترة ابقي لوحدي من غير ضغط .. 
ثم أضافت بحزن : اللي حصل دا يا بابا خلي ثقتي في نفسي تتهز لاني مالقتش مبرر لتصرفه معايا الا اني فيا حاجة غلط 
شاهين بحنان : الكلام دا مش مظبوط يا نسمة انتي يا بنتي الكل بيشهد بأخلاقك و تربيتي ليكي و بجمالك و ذكائك ونجاحك في شغلك و اذا كان الموضوع علي فترة راحة انا موافق خلاص مش هنكلم عن الجواز الفترة دي خلاص يلا كملي اكلك 
نسمة بحب : ربنا يخليك ليا يا احلي عم شاهين في مصر 
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في جناح أدهم
جلست كارمن أمام المرايا ، تمشط شعرها بعقل شارد ، بعد أن صعدت جناحها للنوم بعد أن تناولوا العشاء جميعًا. 
أصبحت تشعر بقبضة في قلبها في كل مرة ترى نادين أمامها ، لكنها تحاول أن تبقي تلك التخيلات التي تراها في أحلامها بعيدة عن عقلها قدر الإمكان.
يكفيها أفكارا السلبية ، لعل هذه الأفكار هي سبب الكوابيس التي بدأت تراودها بعد سفر أدهم.
كما أنها أصبحت في الآونة الأخيرة عندما تكون وحيدة في الليل ، تحاول ألا تكتم داخلها شوقها إليه ، بل تلبس ثيابه قبل النوم وترش عطره المفضل حتى تشعر بوجوده معها ، ربما هذا يريح قلبها قليلاً ، وتبعد عنها تلك الكوابيس المرعبة.
نظرت للأمام بطيف ابتسامة وهي تقف أمام المرايا ، ورأت نفسها في قميصه الأبيض ، الذي وصل إلى بعد منتصف فخذها بقليل.
قالت بضحك علي حالها : بتصرف زي الحراميه و بستخدم حاجاته من وراه .. بس عادي مين يعني هيشوفني بالقميص ؟
ثم أضافت بنبرة مقهورة بعد أن نظرت إلى ساعة هاتفها : ماشي يا ادهم الساعة بقت 11 بليل و لحد دلوقتي ولا سألت فيا .. 
اردفت بسخرية : هو فيه عشاء عمل لحد دلوقتي .. 
ثم تحدثت مع نفسها بعناد ، ناظرة إلى انعكاس صورتها في المرايا : طيب انا بقي مش هستناك و هروح اجيب اللي انا عاوزة من بيت عمر .. مش هفضل معطلة نفسي بسبب سيادتك وانت بقالك اسبوعين ولا سائل فيا 
ثم ذهبت إلى الفراش وأطفأت الضوء بحيث لم يكن هناك سوى ضوء خافت بجانب السرير ، ثم تمددت وأخذت الوسادة بجانبها لتمسك بها وتضمها إلي صدرها ، لتظل تفكر قليلاً وبعد ذلك تغرق في نوم عميق بسبب الكثير من التوتر والتفكير.
داخل فندق في باريس
ادهم بهدوء : ايوه يا مالك 
نظر مالك إلى الساعة ليجد أن الوقت قد تأخر ، وقال بقلق : ايه يا ادهم حصل حاجة معاك
ادهم بتنهيدة : لا انا كويس .. انت عامل ايه
مالك بتساءل : الحمدلله تمام .. انت مش خلصت اللي كنت رايح عشانه هترجع امتي
فرك ادهم ذقنه بتفكير وقال بصوته الرخيم : لسه مش عارف .. طمني ايه اخبار الشركة؟
ابتسم مالك بخبث : الشركة ولا اللي في الشركة
زفر ادهم وقال بضجر : بطل رزالة و رد علي قد السؤال
تغيرت نبرة مالك قائلا بجدية : هي كويسة وامور الشغل معاها تمام جدا بس دايما بتسألني عليك 
ثم اضاف بحيرة : انت ليه بتعمل معها كدا
أغلق جفنيه متعبًا قائلاً بهدوء : خد بالك منها ولو احتاجت حاجة تنفذها فورا
ابتسم مالك بسخرية وقال بسأم : بتتهرب ماشي .. 
ثم أردف : بالحق قبل ما انسي هي هتروح بعد يومين لڤيلة عمر
فتح عينيه وابتسم بغضب متفهمًا حركتها العنيدة قائلاً ببرود : طبعا عشان ادواتها تمام .. لازم اقفل دلوقتي يلا سلام
قال مالك بقلة حيلة من تقلبات لابن عمه الدائمة : سلام
رمي أدهم الهاتف بإهمال على السرير بجواره ، يفكر في وضعهما ، يحاول كبح شعوره وأن لا يتبع رغبة قلبه المشتاق إليها.
فما كان سفره إلا لأنه ظن أنه يحاصرها بحضوره ، لذا قرر البقاء بعيدًا لفترة مؤقتة ، ليجعلها ترتب أفكارها المشوشة ، ثم يعود لترتيب الأمور بينهما.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور يومين 
في فيلا عمر البارون 
دخلت كارمن إلى المنزل ، لكنها شعرت بالغرابة والحيرة ، كيف يمكن أن تشعر أنها غريبة في ذلك المنزل الذي كان منزلها ، وعاشت فيه لأكثر من عامين من حياتها.
ابتسمت كارمن بدهشة من تغيرات المصير اليوم ، هذا المنزل الذي تشاركته مع عمر والذي جمعها معه تحت سقفه ذكريات كثيرة ، أصبح شيئًا من الماضي في حياتها.
بينما تعيش الآن في الحاضر مع آخر شخص كان من الممكن أن يتوقعه عقلها ، وربما ما كان يمكن أن يخطر ببالها ابدا ، والعجيب أن هذا الحاضر أصبح محور حياتها ، ولا تتخيل أبدًا أن مستقبلها سيأتي بدونه ، وهذا ما تخشي منه منذ سفره ، لكنها لا تستطيع الاعتراف حتى ، لنفسها لأنها خائفة جدًا من هذه الأفكار.
... : مدام كارمن
إنتبهت علي كلماتها وقالت بهدوء : نعم
ابتسمت الخادمة بإحترام : كنا بنسأل حضرتك نبدأ منين النقل
طردت كل تلك الأفكار التي شغلت عقلها منذ أن دخلت هنا لتقول بجدية : تعالو معايا هنبدأ بالحاجات اللي فوق الاول
بعد أن مرت ساعتين 
كارمن : الو يا يسر
غمغمت يسر بينما تأكل الفشار : ها لاقيتيه ولا لسه
كارمن بنرفزة : يا بنتي اهمدي شوية في زحمة و كركبة هنا جامدة .. عشان كنت ناسية اماكن الادوات و فضلت ادور علي الكتاب فوق مش لاقياه
يسر بضحكة : مش مهم اي حاجة غير الكتاب 
تمتمت كارمن بغيظ : اضحكي اضحكي دا اللي فالحة فيه .. انا مش عارفه اركز من زنك عليا
تنهدت يسر بملل وقالت بتحذير مزيف : خلاص هسيبك بس انا بحذرك اوعي ترجعي من غيرو 
كارمن : كتبت قائمة بكل حاجة هجيبها و اول حاجة كتابك .. بس ناسية هو فين هدخل دلوقتي مكتب عمر يا زنانه واشوفه
قوست يسر شفتيها وقالت بحزن متصنع : كدا يا كوكي انا زنانه
قالت كارمن بضحكة : لا ماتزعليش خليني اخلص واكلمك .. ماقولتلك تعالي معايا المشوار دا عملتي من بنها كنتي ساعدتيني شويه و اتمرمطتي معايا 
يسر : ماكنتش عارفه انك هتحتاسي كدا لو فعلا محتجالي هلبس علي طول واجيلك
كارمن : بعد ايه انا تقريبا خلصت .. ماتقلقيش معايا هنا بنات من القصر بيساعدوني .. بس ارحميني انتي شوية فاضل كتابك هدور عليه وبعدها هروح البيت .. يلا سلام بقي
يسر : أوك باي يا كوكي
أنهت كارمن المكالمة عندما دخلت مكتب عمر ، وواصلت البحث في الرفوف عن الكتاب ، لكنها لم تجده.
دلكت كارمن فروة رأسها في حيرة : وبعدين هيكون راح فين الكتاب المنحوس دا بس يا ربي
تحولت نظرتها إلى المكتب في منتصف الغرفة : يمكن علي المكتب او جوا درج من الادراج اما اشوف
قلبت في الأشياء الموجودة على سطح المكتب ، ولم تجد شيئًا فجلست على كرسي المكتب وبدأت في فتح الأدراج واحدة تلو الأخرى.
ثم زفرت براحة : الحمدلله اخيرا لاقيتك متعب انت زي صاحبتك 
ثم اردفت بضحكة : بس عسل لا تموتني ..
كانت هناك عدة أوراق تحت الكتاب خاصة بالعمل ظنت أنهم ذات قيمة ، فبدأت تتمعن النظر فيهم ثم  أعدتهم حيث كانوا ، لكن لفت انتباهها ظرف كبير ملفوف ومغلق بعناية بأسفل الدرج ، لكنها تراه لأول مرة : ايه دا كمان!
أخرجته من الدرج ووضعت الكتاب بجانبها ، ثم بدأت في فتح الظرف وتفريغ محتوياته على المكتب ، وراحت تتفحصه بعيون واسعة من الصدمة وعدم التصديق.
نهضت من مقعدها مذهولة ووقفت في منتصف الغرفة وهي تشعر بالدوار والتشويش
تتبادر إلى ذهنها كلمات مما قرأته للتو ، وأحداث مرت منذ شهور ، تتضارب في عقلها بشكل غير مترابط.
_ورم في الفص الأيمن من المخ في حالة متطورة 
_سفر الي المستشفي الأمريكي في باريس
_عملاء مهمين في باريس يا حبيبتي لازم اقابلهم هيكون في شغل بينا و بينهم كتير و كمان مؤتمر مهم هنتكلم فيه عن الشركة
اتسعت عيناها في صدمة من تكرار ذلك الحدث تقريبا ، فالأولى كانت من عمر قبل ساعات من رحيله ووفاته ، والآخري كانت من أدهم قبل أسبوعين.
تكلمت مع نفسها في ذهول ، وانحدرت الدموع بلا هوادة من عينيها من تأثير الصدمة عليها : يعني عمر كان عنده ورم في المخ وفي حالة خطيرة ودا سبب سفره .. بس هو مالحقش يوصل باريس والطايرة وقعت به .. ليه ماعرفش بكل دا من زمان ليه كنت انا اخر من يعلم كدا ...
همست بخوف بينما تغطي فمها براحة يدها : ادهم
استدارت وبحثت عن حقيبتها ثم لمحتها على الأريكة الصغيرة.
ركضت نحوها وأخرجت هاتفها ، وبدأت تعبث بقائمة الأرقام ثم ضغطت على زر الاتصال.
تنهدت بإحباط وقلق عندما لم يرد على مكالمتها ثم مسحت دموعها بباطن كفها ، وذهبت إلى المكتب وجمعت الأوراق في الظرف وأخذت الكتاب أيضًا ووضعته في الحقيبة ، ثم خرجت بخطوات مترنحة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ليلا في قصر البارون
ليلى همست بلطف ، إلى ملك التي كانت جالسة بجانبها على الأريكة بينها وبين ليلي : مين الحلوة اللي هتنام جنب تيته انهاردة
مريم بضحكة : لا موكة هتنام معايا انا انهاردة
عبست ملامح ليلي وقالت بإستنكار : كانت معاكي امبارح يا مريم .. احنا بينا اتفقنا كل وحدة يوم
صاحت مريم بمرح في كارمن التي دخلت لتوها من الخارج ولم تلحظ شحوب وجهها : تعالي يا كارمن شوفي حماتك العنيدة مش عايزاني انيم ملك معايا انهاردة
ليلي بدهشة : لا يا مريومة انتي بقيتي تنصبي عليا كتير .. احنا نعمل جدول تنظيم نومها عند كل وحدة فينا يوم .. الكلام الشفوي دا مابقاش ينفع
حاولت كارمن التركيز على ما كانوا يتحدثون عنه ، وواجهت صعوبة في إخراج صوتها بشكل طبيعي ، قائلة بهدوء : الافضل للبنت تتعود تنام لوحدها يا جماعة .. عشان لما تكبر ماتبقاش مدلعة وتخاف تنام لوحدها
نظرت مريم إلى ليلي ، التي أومأت لها بالموافقة ، وقالت مريم دعمًا لرأي إبنتها : البت طلعت اعقل مننا و عندها حق مع اني مابقدرش استغني عن نومها عندي لكن هو دا الصح 
كارمن بإبتسامة رقيقة : ماتزعلوش امشو علي الجدول فترة بسيطة وبعدين نخليها تنام من وقت لتاني لوحدها بالأوضة اللي عاملها ادهم ليها في الجناح بتاعه .. غلط انها تتعود علي كدا علي المدي الطويل 
ليلي بإبتسامة : تمام يا حبيبتي .. جبتي كل اللي انتي عايزة من الفيلا
أومأت كارمن وقالت : ايوه يا ماما ليلي
قالت مريم بينما تهم بالنهوض : طيب يلا انا هقوم اقولهم يجهزو العشاء و نتعشي كلنا
هتفت كارمن برفض : لا يا ماما انا تعبانه جدا من المجهود اللي عملته طول اليوم هطلع انام علي طول تصبحو علي خير
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد قليل في جناح ادهم 
كارمن تجلس على السرير وركبتها مضمومتان إلى صدرها ويبدو عليها التوتر والقلق بعد أن حاولت الاتصال بأدم لتطمئن عليه ، لكن هاتفه مغلق. 
لا تريد أن تتخيل قط فكرة عدم عودته إليها ، أو عدم وجوده في حياتها.
ليس بعد أن فهمت مشاعرها ، وأطلقت العنان لقلبها وتبعته ، ليقودها لمن يمتلكه.
هي احبت عمر ولا تنكر الا انه حب عشرة وتعود ، فهو اول رجل يدخل حياتها ، ويملأها باهتمامه لذلك من الطبيعي ان تنجذب اليه وتعتقد أنها تحبه ، ربما بسبب قلة خبرتها في هذه الأمور.
كما أنه طلب منها الزواج منها بعد أشهر قليلة من معرفته بها ، لكنها لم تشعر معه بنفس المشاعر التي تغزو قلبها الآن والتي تشتت كيانها ، وتجعلها ترتجف خوفا من فقدانها.
حتى لو كانت تحبه حقا ، فهي الآن تعشق أدهم.
تحبه من كل قلبها ، تعشق كل تفصيلة صغيرة فيه ، كل لمسة ناعمة ، كل همسة لطيفة منه ، أو مجرد قبلة صغيرة منه قادرة على جعل نبضها يتبعثر لساعات.
مددت كارمن ساقيها وأمسكت بالوسادة ، وسحبتها بين ذراعيها ، وهمست برجاء : يارب اغمض وافتح الاقيه قدامي مش قادرة استحمل غيابه اكتر من كدا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور بضعة ساعات قليلة
دخل أدهم غرفة النوم بهدوء في وقت متأخر من الليل ، فطائرته قد وصلت لتوها إلى مصر ، وبعدها توجه مباشرة إلى القصر دون أن يخبر أحداً ، حتى والدته لا تعلم متى سيصل.
نظر إلى كارمن ، التي كانت تنام بهدوء على السرير ، ووسادته بين ذراعيها.
تمنى في هذه اللحظة أن تضمه بدلاً من الوسادة ، وأن يشعر بأطراف أناملها وهي تلعب بخصلات شعره بحنان ، حيث كان يتوق بشوق إلى لمساتها الرقيقة للغاية.
اقترب أدهم ببطء ، وتمهل من السرير ، ثم جلس على حافته ، ودارت عينيه على وجهها ، ينظر إليها بعشق وشوق جارف.
شعرت كارمن بحركة جانبها ، ففتحت عينيها ببطء واستغرقت بضع ثوانٍ بينما ترمش عينها ، لتتضح الرؤية في ذلك الضوء الخافت الذي يسود الغرفة حتى أدركت أنه كان يجلس بجوارها ويحدق بها. 
صاحت كارمن باسمه في لهفة ، وهي تقفز من مكانها : أدهم
ادهم يحاول تهدئتها لإعتقاده انه أثار ذعرها : ماتتخضيش ايوه ان..
لم يستطع إكمال جملته ، حيث فوجئ بها ترتمي في حضنه دون لحظة من التفكير ، وعانقته بشدة ، وهي تغمض عينيها بقوة وتشكر ربها على أنه استجاب دعائها ، وبالكاد تصدق أنها بين ذراعيه ، وأنه علي ما يرام. 
صدم أدهم من رد فعلها لرؤيته ، والأكثر من عناقها له. 
أحاطها أدهم بقوة لا يريدها أن تبتعد عن قلبه ، إنه يشعر الآن أن نبضاته قد انتظمت بضمها إليه ، حيث إستنشق عطر جسدها الذي يدمنه ، وهذا ما كان حقا يفتقده كثيرًا.
قالت كارمن بصوت مبحوح ، بينما كانت ذقنها علي كتفه وتضمه بقوة : انت كويس امتي رجعت من السفر
رفع أدهم كفه ، وربت على شعرها بحنان ، ثم قال بصوت خافت بجوار أذنها ، حيث أرسل إليها موجة من الإطمئنان : لسه واصل حالا والحمدلله أنا بخير معاكي اهو
خرجت كارمن من بين ذراعيه ، وأحاطت وجهه بيديها الصغيرتين ، وتفحصته باهتمام قائلة بعفوية : حمد الله علي سلامتك .. كنت بتصل بيك من بدري وخوفت عليك لما لاقيت التليفون مقفول
اجاب ادهم بهدوء : كنت في الطيارة ..
اردف بهمس : خايفه عليا من ايه؟
إرتبكت كارمن من نبرة صوته الهامسة ، بينما أحمرت وجنتاها خجلا قائلة بتلعثم : انا .. كنت بحاول اطمن عليك بس
لم يرد أدهم إحراجها أكثر ، فغير الموضوع : صحيتك من النوم
خفضت كارمن يديها إلى جانبها ، وقالت برقة : لا انا لسه ماكنتش نمت
حدق ادهم فيها وعينيه تلتمع بنظرة غريبة ، وقال بتساءل : مع انك طول اليوم كنتي في بيت عمر بتنقلي ادواتك من هناك
تفاجأت كارمن بأنه علي علم بالأمر لتسأل بدهشة : انت عرفت منين؟
أجاب أدهم بينما ينزع سترته ، ويضعها علي طرف السرير بإهمال : مالك هو اللي قالي من يومين
أومأت كارمن برأسها بصمت.
نهضت من السرير وذهبت إلى الخزانة في زاوية الغرفة ، ثم فتحت أحد الأبواب ، وأخرجت مظروفًا كبيرًا وعادت للوقوف أمامه ، محاولة ترتيب كلماتها : انا لاقيت الظرف دا وانا باخد حاجتي من بيت عمر انهاردة
أمسك أدهم المغلف من يدها ، وقام بفتحه ليخرج تقارير المستشفى ، وينظر فيها بصلابة دون أي رد فعل يبدو علي وجهه ، ولكن بداخله شعر بقبضة مؤلمة تعتصر قلبه من رؤية ذلك الورق ، ثم رفع رأسه وحدق في كارمن ، متسائلاً بهدوء مبهم : كان فين بالظبط الورق دا!!
تفاجأت كارمن من هدوئه ، وأنه لم ينظر حتى إلى ما بداخل الأوراق متسائلة بارتياب : مش هتفتحو وتقرأ اللي جواه
ادهم بجمود : انا عارف الموجود فيه
حدقت فيه كارمن ، ثم هتفت بصدمة : يعني ايه عارف .. كنت عارف ان عمر عنده ورم في المخ و انه دا سبب سفره من الاول
قام أدهم من الفراش ، وقد توترت أعصابه بهذا الحدث الذي لم يكن مستعدًا للكشف عنه الآن.
أمسك بمرفقها برفق محاولا تهدئتها : ممكن نقعد وتسمعيني
سحبت ذراعها من قبضته ، قائلة بحدة : لا عايزة اسمع وانا واقفة
زفر أدهم من عنادها ، ثم بدأ يتحدث بهدوء قدر استطاعته : كارمن .. عمر في الفترة الاخيرة كان دايما حاسس بإرهاق و صداع مستمر واكيد انتي كنتي عارفه
ردت كارمن بعد أن ابتلعت ريقها بقلق : ايوه ولما سألته وقتها قال انه راح لدكتور وقاله ان دا بسبب الارهاق و محتاج انه يهتم بصحته مش اكتر
قال ادهم دون أن ينظر إليها : انا اللي خليته يقولك كدا
أردف بحزم ، ورفع يده أمامها عندما حاولت الكلام : ماتقطعنيش .. هو ماكنش عايز يعرفك حاجة ولا انتي و لا امي .. حالته كانت سيئة و لازم عمليه الدكتور اقترح انه يعملو العمليه في مستشفي بباريس وهو فعلا حضر نفسه عشان يسافر و انا كنت هاحصلو بعدها بيومين عشان محدش منكم يحس بحاجة غريبة 
أضاف بحزن وألم علي أخيه : بعدها حصلت الحادثه علي طول قبل مايلحق يوصل
همست كارمن بصدمة : يعني انت كنت عارف بالوصية مش كدا
هتف ادهم بصدق : ماعرفتش بوجود وصية اصلا غير لما جالي المحامي للشركة وبلغني .. و لا كنت اعرف باللي جواها الا لما اتفتحت قدامنا كلنا 
كانت كارمن صامتة ، مطرقة رأسها لا تدري ماذا تقول ، لأنها لم تفكر للحظة أن أدهم لديه خبر عن كل هذا ، واتضح أنها هي التي لم تكن تعلم شيئًا عما يجري من حولها.
استمعت كارمن إلى صوته الرخيم ، مستطردًا حديثه : ماكنش ينفع اقول بعد موته بأن سفره كان للعلاج يا كارمن حطي نفسك مكاني واحكمي انتي وقتها كانت حالتك صعبه وامي كانت منهارة من حزنها علي ابنها كنت هبقي بزود الوجع عليكم 
رفعت عينيها إليه ، وهتفت بقهر ، بينما تعتصر قبضة قاسية قلبها : وانت بقي ضحيت بنفسك واتجوزت مرات اخوك عشان تربي بنته وتنفذ وصيته وعشان حياتك ماتبقاش بايظة من كل جهه حاولت تحبها لكن ماقدرتش تضحك علي نفسك كتير وسافرت عشان تبعد عنها وترتاح منها شوية
احتدت نظراته قائلا بغضب : انتي اتجننتي من الصدمة باين عليكي .. عماله تخرفي بتقولي ايه
للحظة خافت كارمن من غضبه ، لكنها أكملت بتمرد : تفسر بإيه تجاهلك ليا من يوم ما رجعنا من الصعيد وسفرك السريع وبرودك طول الاسبوعين اللي فاتو معايا من غير أي سبب واضح 
صمت ادهم قليلا و هو محدقًا بها ، وقال بجمود : عايزة تعرفي السبب 
تفوهت كارمن بإصرار : ايوه عايزة اعرف
تسائل أدهم بضيق ، بعدما تملكته مشاعر الغيرة ، وهو يكرر تلك الكلمات التي تسربت في عروقه كالسم : المفروض اعمل ايه لما اسمعك بتقولي انك حاسه بالذنب من ناحية عمر عشان قربتي مني يا كارمن 
للحظة تسمرت كارمن مكانها حتى أنها حصرت أنفاسها في رئتيها ، وشعرت بحروفها تهرب من بين شفتيها ، وهي تتذكر تلك الجملة التي قالتها لروان في غرفتها قبل أسبوعين ، ثم استطاعت أن تهمس بصعوبة ، بينما عينيها متسعة بصدمة : انت سمعت كلامي مع روان
صر أدهم على اسنانه بغضب دفين حتى أنه اوشك على تحطيمهم ، ليقول من بينهم : سمعت تحديدا الجملة دي يا كارمن
تصلب وجه كارمن التي ابتسمت بسخرية وقالت : طبيعي انك سمعت الجملة دي و بعدها اكيد مشيت لانك لو سمعت الجملة اللي بعدها او حتي الكلام من اوله ماكنتش هتعاملني بالطريقة دي .. بس ازاي وانت عايز بأي شكل تخليني غلطانه 
رفع ادهم حاجبيه قائلا بإبتسامة جانبية : انتي شايفه كدا فعلا؟
هتفت كارمن بإنفعال : انا شايفة انك لو كنت سألتني عن اللي سمعته يا ادهم او حتي كنت اديتني فرصة ومارجعتناش هنا بالسرعه دي من الصعيد او حتي فضلت هنا يوم كمان كنت هقولك لوحدي علي نفس الكلام اللي حكيته لروان لكن انت هربت وسيبتني
ادهم بتعجب : كلام ايه دا!!
قالت كارمن بتفسير : قبل ما كل دا يحصل بليلة واحدة شوفت كابوس خوفني وخلي اعصابي تعبانه اكتر من الاول
ثم بدأت تخبره بكل شيء رأته في حلمها
واضافت : دا اللي كنت بحكيه لروان اللي فسرت الحلم علي انه مجرد توتر عصبي بسبب الضغوط اللي كنت بمر بها
ثم همست بنبرة تأنيب ممزوجة بقسوة : بس انت متسرع جدا يا ادهم و اناني اوي مافكرتش غير في نفسك ومافكرتش انا حاسه بإيه او حتي عذرتني لو شايفني غلطانه
استدارت لتغادر المكان ، وقد اختنقت بشدة لدرجة أنها لم ترغب في البقاء أمامه لفترة أطول.
وجدت يده تلتف حول معصمها ، مما منعها من الابتعاد ، فحدقت به بغضب لتجد نظراته عليها تبرز شرزا ، هاتفًا فيها بغضب عنيف ، وقد بدأت اعصابه تخرج عن سيطرته : رايحة فين .. مش انتي عايزة تعرفي كل حاجة من البداية .. اقفي هنا واسمعيني كويس .. الحقيقة هي اني بحبك من قبل ماتتجوزي اخويا
اردف أدهم بنبرة حادة ، بينما يري عينيها تتسمر عليه بصدمة ، كأن دلواً من الماء البارد قد سكب اعلى رأسها ، لتفر الدماء من وجهها : بس لو اناني ومش بفكر غير في نفسي زي ماقولتي .. كنت اتجوزتك بدالو ولو غصب عنك .. بس انا مش حقير عشان اجبرك علي حاجة ولا افرض نفسي عليكي لو بعبدك .. و لا اقدر احطم قلب اخويا اللي مربيه ولا اكسر فرحته بإيدي واخدك منه .. وهروبي زي مابتسميه عشان كنت خايف ومتعذب .. لو كنت قادر استحمل كتمان حبك جوا قلبي زمان واعيش عادي .. بقي مستحيل اقدر اكتمه بعد ما ادمنت كل لحظة بتبقي فيها قريبة مني وفي حضني .. بعد ما قربت منك ولمستك .. بعد ماحسيت بإنجذابك ليا وفي نفس الوقت مش قادر الومك علي تشتتك وهواجسك اللي بتقولي عليها
أخذ نفسا عميقا قبل أن يواصل حديثه بنبرة أهدأ من ذي قبل ، لكنه استمر في النظر إليها بعينه الداكنتين : كنت خايف تكوني استعجلتي لما قولتي انك بتحبيني .. كان لازم ابعد فترة عشان مابقاش ضاغط عليكي وتعرفي انتي عايزاني وبتحبني فعلا ولا اتقبلتي الوضع اللي انفرض عليكي و بتتعايشي معه وبس
همست كارمن بتحشرج من الدموع الكثيرة،  التي تذرفها نتيجة كلماته التي أكدت مدى عشقه لها وعذابه لسنوات ، وهي لا تعلم عنه شيئًا : المفروض بعد ماقرأت التقارير دي افكر في عمر وفي حياتي معه واحن ليه .. مش هو دا الصح .. بس انا لما شوفتهم مقدرتش افكر غير فيك انت .. كنت هموت اصلا من الرعب وانت بعيد عني .. من يوم سفرك وانا خايفة بس حاولت اصبر نفسي واطمنها أنك بتكلمني حتي لو من تحت درسك .. لكن لما عرفت الحقيقة اللي كانت مستخبية عني انهارت ومخي وقف
سألت بعد أن لم تتلقي منه سوى الصمت : برده لسه مش عارف اذا كنت بحبك ولالا ؟
تركته كارمن لتذهب ، وتشعل إضاءة الغرفة القوية وركضت إلى المرايا لإحضار شيء منها ، ثم عادت إليه وهي تقول بحنق ، وأعطته في يده زجاجة العطر الخاص به : مش دي بتاعتك انت كنت سايبها كدا .. قبل ما انام كنت بملئ بها الاوضة وأرشها هدومي 
ثم نظرت إلى ما كانت ترتديه وقالت بتهدج : تفتكر ليه لابسه ترينجك وبنام به كل ليلة لمدة اسبوعين ..
كل اللي بعملو دا عشان ارتاح لو شوية من الكوابيس والافكار الوحشة المسيطرة علي عقلي وانا لوحدي وانت ولا داري اساسا بيا
أكملت حديثها بدموع ، ونبرة صادقة تسللت إلى أعماق قلبه دون أدني مقاومة منه : انا بحبك اوي يا ادهم لما بكون قدامك قلبي بيرتبك وينتفض من مكانه ولما بشوف ابتسامتك بطمن ولما بتضمني في حضنك روحي بترتاح 
حدقت فيه بعيون تلتمع بحزن ، وأضافت بصوت هامس كما لو كانت تتحدث مع نفسها : انت بقيت جزء رئيسي في حياتي .. اقتحمتها فجأة بدون ارادتي وعلي المهل قربتني ليك .. بقيت قدامي طول الوقت احتليت عقلي و حصرتني لحد قلبي ما اتعود علي وجودك ولما بعدت مابطلش يوجعني ويسألني عنك انا مابقتش حتي عارفه امتي حبيتك
تلألأت الدموع في عينيه بتأثير شديد لاعترافها الذي أعاد قلبه إلى الحياة ، واصبح ينبض بقوة من جديد.
كانت تنظر إليه ، وصدرها يرتفع وينخفض ​​من شدة إنفعالها بينما تنهمر دموعها بلا هوادة ، فقال وهو يمسح وجهها براحة يده : حبات اللؤلؤ دول غالين اوي عندي .. انتي الوحيدة اللي قلبي فتحلها بابه رغم كل حاجة .. ماكنتش بفكر غير فيكي ودايما متابعك وبطمن عليكي من غير ماتحسي
أزاحت يده من على خدها بغضب ، قائلة بقهر منه : موتني من الرعب لما مرديتش عليا وانت بكل برود بتقولي انك سافرت عشان تديني مساحتي و فرصة افكر في علاقتنا ها و خايف تكون بتضغط عليا وبتشوشر علي قراري 
ثم عادت إلى همسها قائلة : لما أنا قولتلك قبل كدا اني بحبك كنت بكلم بجد من قلبي .. ممكن اكون كنت متوترة شوية من الاحداث اللي بتتغير حواليا بسرعة .. بس انا فعلا بحبك لكن كنت مكسوفه زي اي وحدة في بداية جوازها ايه الغلط في كدا
أسدلت كارمن عيناها ، واستمرت في التكلم بدموع أكثر ، وأصبح صوتها مبحوحا جدًا : يمكن كانت المشكلة في الاول اني كنت خايفة امشي ورا قلبي واحبك بعدها اخسرك ماكنتش هستحمل انك تروح مني 
لم يستطع تحمل صعوبة كلماتها القاسية عليه أو تخيلها ، ليجذبها إلي صدره وضمها إليه ، فتتثبت هي به جيدًا بينما تسمعه يقول : استغفري ربنا و بطلي هبل انا علي قلبك مش هروح في اي حته فاهمه 
كارمن بهمس : أستغفر الله العظيم .. 
أكمل ادهم حديثه بألم : اعذريني يا كارمن يمكن كنت خايف لان جوازنا كان بسبب الوصية في الاساس خوفت تطلبي نسيب بعض بعد ما قابلتي عيلتك .. مش عشان الفلوس انا عارف ان ملك هي سبب قبولك للوصية لكن خوفت تبعدي عني وتعيشي معاهم
تفوهت كارمن بينما تضم نفسها أكثر في حضنه : دايما انت بتحس بنفسك اذا هتقدر تكمل من غير شخص معين ولالا .. دايما كنت بستغرب ليه ماما ماقدرتش تحب او تتجوز بعد بابا رغم انها كانت مش كبيرة في السن اوي .. بس دلوقتي فهمت
دفنت وجهها في تجاويف رقبته ، مستنشقة عطره الحلو ، وهي تلف ذراعيها حول خصره وقالت بهمس : انت طمنتني ودعمتني وفهمتني ومبسوطة معاك مش عايزة ابعد عنك ابدا انا بموت فيك يا ادهم
زمجر أدهم وهو يشدد قبضته على جسدها : ماتقوليش الكلمة دي تاني .. قولي هتعيشي ليا يا كارمن 
ثم أضاف بهمس حاني ، وهو يقبّل رقبتها من الجنب : بعشقك
أسترسلت كارمن حديثها الذي ينبع من أعماق قلبها : بقيت حبيبي واماني وحياتي كلها ومش عايزة حاجة من الدنيا غير انك تكون جنبي ..
ثم همست بتساءل حزين : هو دا صعب للدرجة دي يعني
أمسك أدهم بكتفها برفق وأخرجها من حضنه ، لكنها كانت لا تزال بين ذراعيه قائلا بحب : خلاص انسي اللي حصل ممكن ماتزعليش مني
كارمن بتذمر طفولي : لا انا زعلانه عشان تعبت اوي وكنت محتجالك وانت سايبني
ادهم بندم : صدقيني كان غصب عني انا لما بتنرفز بكتم جوايا اتعودت علي كدا يا كارمن 
هزت رأسها برفض وقالت بعناد : مش مبرر دا علي فكرة انا هفضل مخصماك عشان بعد كدا لما تزعل تيجي وتقولي مش تهرب مني
وضع أدهم خصلاتها الضالة على جبهتها خلف أذنها ، وقبل وجنتها بحب ، قائلاً بصوت هامس : حقك عليا انا اسف
كارمن بتبرم : مش كفاية
تنهد أدهم وبدأ يضجر من عنادها معه ، لكنه تمالك نفسه قال بصبر : عايزاني اصالحك ازاي ؟
عقدت كارمن ذراعيها فوق صدرها  وقالت بإصرار : لا انا هعاقبك بأني أطلع انام في الريسبشن برا واسيبك تنام لوحدك هنا لمدة اسبوعين
هتف ادهم بضيق : اللهم طولك ياروح .. كارمن بلاش تبقي قاسية كدا
قالت كارمن بنظرة خاطفة : اتعلمتها منك وهو دا العقاب اللي تستاهلو علي كل اللي عملته فيا 
تومضت عيناه بحزن من كلماتها ، مما جعله يشعر بإختناق شديد في صدره ، لكنه يدرك جيدا أنه الذي أوصل نفسه إلى تلك الحالة معها ، فعليه أن يتحمل قليلاً ، ثم أخذ نفساً عميقاً قبل أن يدعي القول بفظاظة و غيظ : مادام انا اللي طلعت غلطان يبقي انا اللي هطلع انام علي ام الكنبة دي بس بعد كدا هولعلك فيها 
بعدها تحرك أدهم إلى الخارج بحنق ، بينما ظهرت ابتسامة خبيثة على شفتي كارمن ، ثم سرعان ما اختفت.
شعرت بالندم فالجو بارد بالخارج ، ثم توجهت إلى غرفة الملابس لإحضار شيء ما.
★★★
بعد قليل
خرجت من الغرفة ، وعيناها تدوران في المكان ، ثم رأته مستلقى بملابسه على الأريكة وعيناه مغمضتان ، وظهرت علامات عبوس جعدت ملامحه الوسيمة.
شعر بخطواتها تقترب منه ، لكنه بقي على حاله دون أن يتحرك ، بينما كارمن تبتسم وهي تراه عاقدا حاجبيه بشدة. 
تساءلت كارمن برقة : ادهم انت نمت؟
فتح أدهم جفنيه ببطء ، وخفق قلبه من نبرة صوتها الرقيق ، لكنه نظر إليها بسخرية عندما رأى ما كانت تمسكه بيديها : كتر خيرك .. جيبالي غطاء من البرد
لوت شفتاها بتهكم من سخريته اللاذعة ، لكنها تجاهلت ذلك قائلة بهدوء : جيبالنا احنا الاتنين
ادهم بعدم فهم : قصدك ايه؟
صعدت بقدميها على الأريكة ، ثم استلقت بجانبه وهي تمد ساقيها مثله.
كان هو على حافة الأريكة وكانت بالداخل ، ثم تحدثت بنبرة ناعمة ، وهي تسند رأسها على الوسادة خلفها بشكل مريح ، وتغطي نفسها بالبطانية : انا بقالي اسبوعين مش عارفه انام كويس من يوم سفرك فكنت بلبس من هدومك وارش برفانك عشان احس بيك معايا واقدر انام .. بس انا صبري خلاص خلص وعايزة انام في حضنك الليلة دي بالذات
برقت الدموع في عينيها ، وهي تقول بنبرة متحشرجة بعض الشيء : وفي نفس الوقت .. مصممة اخليك تنفذ العقاب اللي قولت عليه جواه بس مع تغيير بسيط .. اني هعاقب نفسي معاك وننام هنا
استدار على جانبه ، وهو يميل نحوها ويسند جسده على مرفقه ، وأصبح وجهه قريبًا من وجهها. 
حدق فيها بنظرة ثاقبة يهمس باسمها ثم قال : عارف ان من حقك بعد اللي حصل تنقهري وتزعلي مني..
وضعت كارمن سبابتها على شفتيه قائلة بإصرار رقيق : انت اتكلمت كتير دا دوري انا .. احنا حياتنا سوا في البداية اتفرضت علينا .. بس اننا نستمر سوا اختيار .. لما بعدت عني لاقيت نفسي بتلقائية بختارك وعايزاك معايا رغم اي حاجة .. وبعد كل اللي قولنا من شوية انا بعيدهلك تاني وبقولك انا اخترت اكمل معاك بإرادتي عشان بحبك
كانت عيناه تتألقان بتأمل عاشق فيها ، ثم همس بصوته الرخيم : شعورك من ناحيتي دلوقتي هو اكتر حاجة حلوة حصلتلي في حياتي .. كفاية عندي كلامك اللي خارج من جوا قلبك و روحك و نظراتك اللي كلها حب بالدنيا كلها 
ثم اردف : تدابير ربنا جمعتنا و يمكن الفرصة دي هي بداية لحياة سعيدة نعيشها مع بعض 
دارت عيناه تتأمل ملامحها وابتسامة جذابة شقت شفتيه وقال : بحبك من اول مرة بصيت في عيونك من سنين طويلة .. بقيتي حته من روحي و قلبي كله ملكك انتي .. عمرك ماخرجتي من تفكيري حتي وانا في عز ازماتي
شعور جميل يسكن روحها حيث رأت عينيه تتألقان بنظرة غريبة ، مزيج من العشق والدفء والحنان والعاطفة التي جعلت قلبها يرقص بسعادة كبيرة.
أغمضت كارمن عيناها وقالت بألم : كنت فعلا محتجالك اوي يا ادهم .. مش هقدر تاني اكون لوحدي من غيرك 
مسح بظهر كفه على بشرة خدها الناعم بينما هي تستمع إلى همسه الرقيق بقلب يرتجف مع العشق حتى في أحلامها ، لم تتخيل أنها ستشعر بهذا الأمان : اوعدك مش هسيبك تاني .. وعايزك تعرفي انك عمرك ماكنتي لوحدك يا كارمن انا دايما معاكي حتي لو من بعيد
همست ، وهي تجعد حاجبيها بعبوس لطيف : لا مافيش بعد تاني 
لمعت عيناه خبثًا وقال : ايه دا هو انتي بتحبيني اوي كدا 
عضت كارمن علي شفتيها ، وواصلت بصوتها الهامس المغري الغير مقصود وهي تعبث بشعر ذقنه ، الذي نمى قليلاً عن ذي قبل : لا مش بحبك يا ادهم .. دا قليل علي احساسي نحيتك انا بتنفسك وبعشق..
ارتجف جسده بسبب تلك اللمسة البسيطة منها ، ومضت عيناه بنظرة قاتمة لم تدركها ، وقبل أن تنتهي من حديثها ، كانت شفتيه مضغوطة على شفتيها.
تفاجأت من مباغتته لها ، لكنها لم تستطع منع يدها من التسلل إلى صدره ، ثم رقبته دون أدنى مقاومة ، بل كانت تبادله بنفس الشوق ، فقبلاته الشغوفة أذابتها تمامًا بين ذراعيه ، بعد لحظات حلق كلاهما فيها فوق السحاب فصل القبلة عندما احتاج كلاهما للهواء ، قائلاً بأنفاس لاهثة : دلوقتي بس ارتحت حصل اكتر من اللي كنت بتمناه
حملقت به بوجه احمر ، وتنفس سريع من اضطراب قلبها الذي نثر نبضاته من تلك القبلة اللاهبة ، قائلة بخجل وبدأ النعاس يداعب عينيها : حبيبي ممكن ننام عشان انا تعبانه اوي 
ابتسم علي منظرها اللطيف ، ثم سرعان ما اختفت ابتسامته ، وكأنه يتذكر شيئًا ، فقال بجدية : كارمن امي عرفت بحاجة عن التقارير اللي لاقيتيها
إحتارت من تقلباته المفاجئة ، لكنها هزت رأسها برفض قائلة بهدوء : لا انا ماتكلمتش مع حد غيرك
رفع أدهم جسده عنها ، ووقف على رجليه ، قائلا بإصرار : قبل ما ننام في حاجة مهمة لازم نعملها قومي معايا
نهضت كارمن أيضًا معه ، قائلة بعدم فهم : حاجة ايه؟
أمسك أدهم بيدها برفق وقال : الورق دا لازم نتخلص منه عشان اتأكد انه مش هيقع في ايد ماما و حالتها تسوء انتي عارفه هي مش هتستحمل وصحتها ضعيفه ازاي
أومأت إليه بتأكيد : معاك حق
ذهب كلاهما إلى غرفة النوم ، ثم أمسك أدهم بالأوراق وسار إلى الطاولة المجاورة للسرير ، وفتح أحد الأدراج وتلاعب بمحتوياته قليلاً تحت عيون كارمن المتفاجئة بما يفعله.
نظر إليها أدهم مشيراً إليها لتتبعه ، فسارت كارمن ورائه ثم دخلت خلفه إلى الحمام ، ثم ضغط على الولاعة وهو يرفع الأوراق بيده الأخرى لإشعال اللهب في طرفها ، بعد ثوان بدأت النار تلتهم الورق أمام أعينهم ، ثم تركها من يده تحترق داخل الحوض علي المهل.
التفت إلى كارمن قائلا بجدية وحزم حزين : السر دا محدش غيرنا هيعرف به يا كارمن .. ابن عمي نفسه مش عارف حاجة خالص ولا اي حد مهما كان لازم يعرفو تمام
أومأت إليه بالموافقة ، ثم إرتمت بين ذراعيه حيث عانقته بشدة ، تربت على ظهره بحنان ، كأنها تواسيه ، على أمل أن تخفف العبء الذي يحمله على عاتقه وحده. 
صباحا في منزل مالك البارون


وقف مالك أمام التسريحة ، ناظرًا في المرآة ، وهو يمشط شعره بينما يدندن أغنية بروقان بصوته العذب : يا جميل يا اللي هنا ما بقينا لوحدنا يا جميل يا جميل


تسللت يسر إلى الحجرة بخفة ، ووقفت وراءه ، وهي تضع كلتا يديها علي خصرها ، قائلة في غضب مصطنع : بتغني لمين وانت غزالتك رايقة كدا يا سي مالك؟


ضحك مالك بمرح ، وهو ينظر إليها من خلال المرآة ، وقال بغمزة : هو انا عندي غيرك انت يا جميل في حياتي


ضيقت يسر عينيها ، ثم أدارت جسده في مواجهتها ، قائلة برقة مفرطة : هممم انا كمان بقول كدا 


رفعت يدها وبدأت تصلح ربطة عنقه ، و أردفت بدلال ، وهي ناظرة إليه بعيون متسعة ببراءة : ميكي حبيبي


علق مالك نظراته في السقف ، وقال بارتياب : طالما فيها ميكي و علي الصبح كدا .. يبقي وراها حاجة استرها من عندك يارب


وكزته يسر برفق في كتفه ، وقالت بعتاب ، بينما تقوس شفتيها للأسفل : اخس عليك يا مالك


قبل مالك خدها بحب. ثم أشار إليه بإصبعه ، وهو ينذرها : بهزر معاكي يا قلبي أأمريني .. بس بسرعة انا متأخر علي الشغل وابنك عنده حضانه 


تنحنحت يسر قائلة بصوت منخفض : أحم كنت عايزاك تجيبلي حاجة معاك وانت راجع من الشغل


نظر مالك في المرآة ، وهو يعدل ملابسه ، رافعًا حاجبيه ، ليقول بملل : حاجة ايه دي ما تتكلمي علي طول يا يسر بلاش مقدماتك الطويلة دي 


فركت يسر فروة شعرها بتوتر خفيف ، ثم إستجمعت شجاعتها ، ونطقت بسرعة : انا عايزة رنجة


التفت مالك إليها بسرعة ، وعيناه جحظت بصدمة ، وهتف بدون وعي و إستنكار : نعم يا اختي عيدي تاني كدا


إنتفضت يسر من صراخه عليها ، قائلة في ذعر ، بينما تجمع قبضتيها معا علي صدرها : خضتيتي ما براحة بقولك عايزة رنجة .. ايه جريمة دي


تشدق صدغ مالك بسخرية ، ثم سألها بصوت لاذع : من امتي وانتي بتاكلي الحاجات دي يا هانم


رفعت يسر كتفها ، وقالت دون أن تهتم باستهزائه بها : نفسي راحتلها .. مفيهاش حاجة لو جربتها .. ريحتها مش بتفارق مناخيري من كام يوم


ابتسم مالك بإيماءة صغيرة ، وقال بشك مليء بالفرح : الله الله انتي بتتوحمي يا سوسو


فتحت فاهها بصدمة ، وتفوهت ببلاهة : ها .. بلاش سخافة يا مالك .. وحم ايه دلوقتي


أمسكها مالك من كتفيها ، وهو يردد مجددا بحماس : لا انتي بتتوحمي انا متأكد 


أسدلت يسر عينيها للأسفل ، وظلت تحسب الأمر في ذهنها لبعض الوقت ، تتخبط أفكارها دون أن تصل إلى أي شيء ، ثم نظرت إليه وقالت بحيرة : تصدق مش عارفه بس حاليا ضروري تجيبهالي و انت جاي


قال مالك بسرعة ، وهو يمشي بها إلى خزانة الملابس : ماشي هجيبلك اللي انتي عايزاه بس تعالي البسي عشان نروح للدكتور


توقفت يُسر ، وإستدارت إليه بكامل جسدها ، قائلة بدهشة من إلحاحه : مالك يا حبيبي انت اتجننت دكتور ايه .. انت وراك شغل و انا عايزة اروح لكارمن عشان اخد منها الكتاب


برزت عيناه ، وقال بلهفة ، وهو يربط الأشياء معًا في ذهنه : اهو الكتاب دا اكبر دليل ان كلامي مظبوط .. انتي بقالك فترة زنانه ومتغيرة عماله تزني علي البت تجيبهولك بقالك اسبوعين ومش طايقه نفسك ولا طايقاني


أشارت يسر إلى نفسها بغباء وقالت : معقولة انا بقيت كدا بجد


تنهد مالك بسأم من اعتراضاتها الكثيرة ، وقال بسرعة : مش وقته الكلام دا يلا البسي خلينا ننزل بسرعة يا حبيبتي


ربَّتت يُسر على ذراعه ، وقالت بتريث : اهدا يا قلبي واسمعني ياسين مستنيك عشان تاخده الحضانه لما ترجعه من الحضانه نوديه عند ماما و نروح للدكتور بليل في الروقان 


قلب هذا الكلام في رأسه ، ثم أومأ إليها بالموافقة ، وقال بتحذير : خلاص موافق بس بشرط تاخدي بالك من نفسك و ماتنزليش .. اتصلي حالا بكارمن خليها تجيب الكتاب علي الشركة و انا هعدي اخده منها


قبلته يسر على خده بلطف ، وقالت بإبتسامة متسعة مظهرة أسنانها البيضاء : حبيب قلبي انت حاضر


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


في قصر البارون 


داخل جناح ادهم


رن الهاتف الخلوي فوق السرير ، بينما كارمن كانت تقف أمام المرآة وهي تعدل مكياجها ، ليقطع رنين الهاتف إندماجها فذهبت إليه لالتقاطه ، وتنهدت بقلة حيلة عندما وجدت اسم يسّر مضاءً على الشاشة.


ألقت نظرة خاطفة على الحمام الذي دخله أدهم للتو ، ثم أجابت بهدوء : الو


هتفت يسر بمرح ، بينما تقف وراء النافذة تنظر إلى زوجها ، وهو يسير نحو سيارته وفي يده ياسين : صباح القشطة يا قلبي


ابتسمت كارمن ، وقالت بنبرة رقيقة : صباح الورد يا ياسو عاملة ايه


يسر بتنهيدة عميقة : فل الحمدلله و انتي طمنيني عليكي


جلست كارمن أمام الطاولة تمشط شعرها ناظرة إلى المرأة ، وقالت بلطف : يارب دايما انا تمام والله 


همهمت يسر بتساءل : فينك كدا


كارمن بعدم إكتراث : ابدا لبست و نزلين علي الشركة


عقدت يسر حاجبيها قائلة بإستفهام : نزلين انتي و مين


لوت كارمن شفتيها ، وأجابت بسخرية : انا و ادهم يا تايهة


توجهت يسر نحو المطبخ لإعداد كوب قهوة ، بينما تسألها بعدم إستيعاب : هو رجع امتي مش المفروض مسافر


قامت كارمن من مكانها تتحرك في أرجاء الغرفة ، وقالت : لا رجع امبارح بليل


تمتمت يسر بإستغراب : غريبة مالك ماقلش انه جه يعني


كارمن بتنهيدة من كثرة اسئلتها : عشان مالك مايعرفش .. محدش عارف اصلا 


ثم أضافت بإبتسامة خبيثة : بقولك ايه ماتقوليش حاجة و خليه يتفاجئ به قدامه في الشركة


ضحكت يسر أيضا بطريقة شريرة ، وأعجبت بتلك الفكرة حيث ستستطيع الانتقام منه لاستهزائه بها منذ قليل : ماشي يا سوسة مش هقول حاجة بس لو عرفتي تصوري الحدث دا ابقي ابعتيهولي


ثم أردفت بسرعة : بس اسمعي صحيح مالك هيعدي عليكي عشان ياخد منك الكتاب خديه معاكي اوعي ماتنسيش


قلبت كارمن عينها للجهة الأخري ، قائلة بملل واضح : يادي الكتاب يا ست الزنانه ماشي عايزة حاجة تانية لازم اقفل متأخرة ارحميني من رغيك شوية


قهقهت يسر بصخب ، وبدأت تصدق حديث مالك عن أسلوبها مؤخرًا : لا يا حضرت المهمه هانم روحي والقلب دعيلك و ابقي كلميني بليل


قالت كارمن بضحكة عالية : اوك يلا باي


يسر بإبتسامة مشرقة : مع السلامة


التفتت كارمن إلى زوجها بعد انتهاء مكالمتها ، وتشمله بإلقاء نظرة فاحصة من الرأس إلى أخمص القدمين ، قائلة بإعجاب صريح بجسده المعضل داخل بدلته الرسمية الأنيقة : قلبي لا ماقدرش علي الشياكة الفتاكة دي كلها


ابتسم أدهم بلطف علي تغزلها الرقيق به ، وهو يقترب منها قائلاً بصوت رخيم هادئ ، وهو يقبل جبهتها : كلي ليكي يا روحي .. يلا بينا ننزل نشوفهم بيعملو ايه تحت!!


أشارت كارمن بيدها إليه ، وقالت على الفور : حاضر بس لحظة واحدة حبيبي


انتهت من الحصول على الكتاب ، ووضعته في حقيبتها قبل أن تنسى ، ثم أخذت معطف زوجها ومعطفها وسلمته خاصته ، وبعد ذلك تأبطت ذراعه ونزلوا معًا إلى الطابق السفلي.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بعد قليل في الأسفل 


دخل أدهم وكارمن غرفة الطعام حيث كان الجميع جالسين في أماكنهم بهدوء.


كانت أول من رأتهم هي ملك التي كانت تطعم كلبها الصغير بلطف ، لذا ركضت إلى أدهم قائلة بنبرة طفولية سعيدة : بابا


حملها أدهم من الأرض ، وهو ينظر إلى الجميع ، وقال معتذرًا : سامحوني يا جماعة بس السكر دي وحشاني جدا


ضمها بين يديه ، وهو يقبل خدها بشوق لرائحتها اللطيفة ، قائلا بابتسامة عريضة علي شفتيه : يا حبيبة بابا .. انا وحشتك قد ايه


همهمت ملك بكلمات غير مرتبة ، وهي فتحت يديها على مصراعيها وقبلته على خده بلطف ، لكن ملامحها عبست فجأة.


تساءل ادهم بعدم إدراك : هي مالها كشرت كدا ليه!!


قالت كارمن بضحكة ، مداعبة خد ابنتها بلطف ، ثم قرصت أنفها برفق ، وهي تبتسم إليها بحنان ، لتقول بشقاوة : ذقنك يا بابا طويلة شوكتها


ضحك ادهم ، وهو يومئ بتفاهم ، قائلا بحنو : معلش يا روحي عشانك انتي بس يا ام عيون تجنن هخفها


واصل حديثه بصوت منخفض بالقرب من أذن كارمن : وعشان عيون امك كمان


ابتسمت كارمن بخجل ثم أومأت برأسها ، وهي تبتعد عنه متجهة نحو طاولة الطعام.


أنزل أدهم الصغيرة إلى الأرض ، لتجري خلف كلبها الصغير ، وقد نست ما حدث منذ دقيقة ، ثم هتف ادهم بمرح : يا صباح الفل علي الحلوين


قالت ليلي بفرح لرؤيته أمامها ، وهو يبدو سعيدا : صباح الورد يا حبيبي حمدلله علي سلامتك


بينما ابتسمت مريم بإتساع ، وهي تصافحه بمحبة : نورت بيتك يا بني وحشتنا والله 


بعد أن رد على تحياتها بأدب وود ، ذهب أدهم إلى ليلي واحتضنها بشوق كبير ، ثم انحنى وقبّل يدها ثم جبهتها ، قائلاً بابتسامة جذابة : وحشني حضنك جدا يا ست الكل طمنيني صحتك عاملة ايه؟؟


جلست كارمن أمام كرسي والدتها من الجانب الآخر للطاولة ، قائلة بابتسامة رقيقة مشرقة ، وعيناها تشعان بالسرور : صباحك هنا يا مامتي


قالت مريم بحبور : صباح الورد يا نن عين امك


كانت والدتها سعيدة للغاية بتألق عينيها ، وابتسامتها التي تذبلت على شفتيها منذ سفر أدهم ، وحتى وجبة الإفطار لم تتناولها معهم منذ فترة طويلة ، وكانت تذهب مباشرة إلى الشركة أثناء غياب زوجها.


دخلت نادين الغرفة برشاقة في ذلك الوقت ، لكنها توقفت فجأة عندما رأته أمام عيناها يصافح والدته.


تضاربت الأفكار في ذهنها بحيرة ، متي وصل من سفره ، ثم إرتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها ، وهي ترى ابتسامة كارمن السعيدة ، و سرعان ما اندفعت إليه بسرعة ، متظاهرة باللهفة : حبيبي ادهم 


تفاجأ أدهم بمن إرتمت عليه وعانقته ، ثم تمسكت برقبته ، وقبلت خديه ، وهي تردد بدلال أنثوي مقصود : وحشتني موت .. حمدلله علي سلامتك يا روحي


اشتعلت عينا كارمن بلهيب أزرق ناريّا كاد أن يحرق نادين في ظهرها.


أما بالنسبة له ، فلم يشعر بأي شعور يذكر عندما اقتربت منه نادين بهذه الطريقة ، وكأنها لا شيء على الإطلاق ، على عكس كارمن التي بلمسة بسيطة منها جعلته يشعر بتيار كهربائي في جميع أنحاء جسده ، ثم تمتم ببرود : الله يسلمك يا نادين


أنزل ذراعيها اللتين تلتف حول رقبته مثل الحية التي تلتف حول فريستها ، وهو يتنهد مما فعلته ، فهذا الأمر الآن بالطبع سيسبب له مشاكل مع كارمن ، بالتأكيد ستغضب منه الآن. 


نظر إلى كارمن التي كانت جالسة تشاهد هذا العرض المسرحي الساخر أمامها دون أي رد فعل يظهر علي ملامحها المقتضبة.


اختفت الابتسامة المشرقة عن شفتيها ، وقد أقتحن وجهها بشدة حيث نجحت تلك المرأة البغيضة حرق أعصابها عندما اقتربت منه ، ولكن كيف لها أن تمنعها ، وهي زوجته في النهاية أيضًا.


جلس أدهم بهدوء بجانبها دون ان ينبس ببنت شفة.


تساءلت ليلي في محاولة لفت انتباه كارمن ، عندما رأت نظراتها النارية إلى نادين : انت رجعت امتي يا ادهم محدش من الخدم شافك و الا كانو بلغوني علي طول


بدأ أدهم بشرب قهوته بعد أن سكبتها كارمن في فنجانه ، ثم قال بعدم إكتراث : جيت بليل يا امي و محبتش ازعج حد طلعت علي جناحي فورا


نطقت ليلى بصوت خفيض ماكر ، وألقت نظرة سريعة على مريم التي فهمت عليها سريعا : قول كدا بقي انك ما صدقت وصلت و روحت طيران علي الناس اللي وحشوك 


غصت كارمن أثناء شرب العصير من تلميحات والدته الجريئة ، لكنها سرعان ما ابتسمت بمكر أنثوي ، لأن الكرة أتت إليها ، ولابد من أن تسجل هدفا ذهبيا الآن.


اقتربت كارمن منه بجرأة ، وهي تميل عليه ، ثم وضعت كفها الناعم على خده ، ومسحت آثار قبلات تلك الحرباء بتعمد واضح ، ثم رفعت يدها الأخرى إلى صدره متظاهرة بتعديل رابطة عنقه.


حدقت كارمن في عينيه بإشتياق ، قائلة بنعومة مفرطة يتخللها الغنج : لا يا ماما بالعكس ماتظلميهوش .. انا اللي مسكت فيه امبارح اول ما لاقيته قدامي .. كان وحشني اوي اوي ماقدرتش اقوم من حضنه طول الليل


اختتمت جملتها بقبلة صغيرة بجوار فكه أمام كل الجالسين.


برزت عينا أدهم إلى الأمام ، وهو يحدق فيها بصدمة حقيقية ، لأنه توقع منها كل شيء بعد حركة نادين ، باستثناء هذه التصرفات الجريئة منها أمامهم ، لكنه ابتسم بدهاء من مكرها الذي أسعده وأرضاه كثيرًا ، وهي علمت بذلك جراء عيناه التي إلتمعت بشغف نحوها.


قالت ليلي بابتسامة متلاعبة ، وقد أحببت ما فعلته كارمن : ربنا يسعدكم يا حبيبتي


بينما كانت نادين تجلس بابتسامة سطحية على شفتيها ، تختبئ وراءها قدرًا هائلاً من الكراهية والحقد لكارمن ، التي انتصرت عليها للمرة المائة ، وبدلاً من مكايدتها ، كانت هي التي أغضبتها كثيرًا.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بعد بضع دقائق ، أمام قصر البارون


ركبت السيارة بجانب زوجها حيث كان جالسًا أمام عجلة القيادة ، وفقالت برقة : ادهم ممكن تستني ماتطلعش دقيقة بس


أنهت كلماتها ، ثم عبثت قليلاً في حقيبة يدها ، وأخرجت منها شيئًا تحت عيون أدهم الذي يناظرها بحيرة


همست كارمن بنبرة خجولة بعض الشئ ، بينما تعلو شفتيها إبتسامة رائعة : اتفضل


أخذ من يدها الصندوق الملفوف بأناقة ، وحدق فيها بذهول ، وسأل باهتمام : فيها ايه العلبة دي يا حبيبي


هزت كارمن كتفيها ، وأجابت ببساطة : افتحها وانت تعرف


بدأ أدهم بفك الرابط من علي الصندوق ، ثم أزال المغلف ورماه إلى جانبه بإهمال ، لتتسع عينيه بدهشة ، حيث رأى مجموعة مصاحف قرآنية داخل الصندوق ، ثم استمع إلى صوت كارمن اللطيف قائلة : كنت بفكر طول فترة سفرك في هدية اقدمهالك لما ترجعلي بالسلامة  


ثم ألتقطت احدي المصاحف من الصندوق ، ووضعته امام زجاج السيارة من الداخل ، قائلة بمحبة : مافيش افضل من كلمات الله عشان تحفظك من كل مكروه في اي مكان تروحو 


في نظره ، كانت هذه بالفعل أعظم هدية نالها في حياته ، لأنها كانت كلمات الله الحافظ ، كما أنه شعر بمقدار المشاعر العميقة التي تكنها كارمن في قلبها له ، لقد كانت هدية معبرة جدًا و تأثر بها بقوة. 


قال أدهم بابتسامة ، وعيناه تشعان لها بالحب والتقدير : ربنا يخليكي ويحفظك انتي ليا يا قلبي و كفاية عندي اني اشوفك قدامي دي احلي هدية في الدنيا


همست كارمن بصوت خجول : ربنا مايحرمنيش منك حبيبي .. باقي المصاحف هنحطهم في المكتب عندك


ثم أدارت رأسها إلى الوراء ، ونظرت إلى السيارات المتوقفة في الخلف من خلال الزجاج المظلم للسيارة ، وتمتمت مازحة : طب يلا اتفضل اتحرك .. احنا بقالنا كتير واقفين كدا الحراس هيفهمونا غلط


ضحك أدهم بصوت عال على مزحتها الطريفة ، ثم سرعان ما سيطر على قهقهته ، وهمس بابتسامة جذابة على شفتيه ، بينما يقترب منها بمكر واضعا يده علي قمة المقعد خلف رأسها : مش متحرك ويفهمو اللي يفهمو مايهمنيش 


إلتصقت كارمن في باب السيارة ، قائلة بإرتباك مختلطًا بخجل مما ينوي فعله : ادهم مش وقت رخامة بقي لو سمحت


رفع أدهم حاجبيه ، وابتسامة لا تزال على شفتيه ، متمتما : لما تقوليلي الاول انك مابقتيش زعلانه مني 


ابتسمت كارمن بهدوء ، وقالت بنبرة متلاعبة أيضًا ، بعد أن تأكدت قليلاً من أنه لن يكون متهورًا : لا لما اتأكد انك بقيت تفهمني ومش هتسيبني تاني لوحدي وتخلع


مال أدهم نحوها قليلاً ، وقبل خدها بحب ، ليهمس بجانب أذنها : اوعدك وغلاوتك عندي عمري ما هخلع ابدا


رفعت بصرها محدقة فيه ، متسائلة ببراءة : والمرة الجاية هتاخدني معاك وانت مسافر


لثم ادهم جبينها بعمق ، قائلا بنفس الصوت الخافت : مش هسافر بعد كدا غير وانتي معايا .. 


ثم قرص وجنتيها المشتعلة بأحمر قاني بخفة متسائلاً : ها لسه زعلانه


أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تجيب عليه ، بينما تصاعدت الحرارة في وجنتاها ، ممَ جعلها تشعر بالدفء والإسترخاء : من خوفي عليك كنت زعلانه منك


ثم أردفت بنبرة صادقة : ادهم انت نعمة ربنا عوضني بها عن كل حاجة اتحرمت منها في الدنيا و بحبك اوي


إلتمعت عينا أدهم من السعادة التي جعلت ابتسامة كارمن العاشقة تتسع أكثر ، قائلاً بهيام في عينيها : وانا بعشقك يا عمري كله


جميل أن تكون شيء ثمين لدى شخص يخاف فقدانك يومًا.


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بعد حوالي ساعتين في شركة "البارون ديزين"


في مكتب كارمن


جالسة أمام الكمبيوتر تقوم ببعض الأعمال ، قاطعها دلوف مالك بعد أن طرق الباب.


مالك بصوت مرح : صباح النشاط علي مديرتنا


تركت شاشة الحاسوب ناظرة إليه ، وردت بابتسامة على تحية الصباح : صباح الورد يا مالك


جلس مالك امامها قائلا بإهتمام : ايه الاخبار معاكي بالشغل


أومأت برأسها قائلة بهدوء : كله تمام انت لسه واصل 


همهم مالك ، وقال بلا مبالاة : ايوه عديت علي الشركة التانية خلصت شوية حاجات وجيت علي هنا ..


ثم أردف ، وهو يستعد للنهوض : اذا احتاجتي مني حاجة انا علي مكتبي


أوقفته كارمن ، وهي تعبث في حقيبة يدها وقالت على الفور : ماشي .. استني قبل ما انسي 


أخرجت الكتاب من حقيبتها ، وقالت بمزح : خد و قول لمراتك ترحمني شوية من الزن 


أمسك مالك الكتاب منها ، وبدأ يفحص غلافه ، وهو يتمتم : ماظنش انها هتبطل دي يدوب بتسخن


رفعت كارمن حاجبيها بدهشة وقالت بتساءل : ازاي يعني؟


نظر مالك إليها محاولا كبح ضحكته ، وقال على مضض : الهانم طالبة مني اجيبلها رنجة 


اتسعت عيناها ، وقالت بإيماءة صغيرة من رأسها : انت بتهزر صح


قال مالك بضحكة خافتة : والله بجد شكلها بتتوحم 


تمتمت كارمن بغيظ : ازاي البت دي ماتقوليش


اجاب مالك ، وهو يستقيم في جلسته : احنا هنروح بليل للدكتور واذا الخبر صحيح ان شاء الله هتقولك بنفسها 


دخل أدهم المكتب فجأة بهدوء ، وهو يغمز بعينيه إلى كارمن التي فهمت معنى تلك الإيماءة ، ثم سعلت بعد أن أفلتت منها ضحكة صغيرة حتى لا ينكشف أمرها أمامه.


وأجابت علي مالك بنبرة عادية ، وهي تكتم ابتسامتها بصعوبة : خلاص ماشي احم


هبط أدهم بكف يده على كتف مالك الجالس ، ويولي ظهره نحو باب المكتب ، ثم صاح في غضب أجاد تصنعه : انت قاعد تكركر هنا يا استاذ وسايب شغلك


اتنفض مالك من على كرسيه ، وخفق قلبه بقوة من تلك المفاجأة ، قائلا بدهشة مستنكرًا : بسم الله اللهم احفظنا .. انت طلعت منين يا اخي


انفجرت كارمن ضاحكة من التعابير المفاجئة على وجهه ، والتي كانت مضحكة للغاية.


نظر أدهم إلى كارمن ، وهو يشير بيده إلى مالك ، وقال بتهكم ساخر : والله عال شايفه الاستقبال بيبقي عامل ازاي منه


هزت كارمن رأسها مؤيدة لزوجها في حديثه ، وقالت بتسلية : دلوقتي عرفت يسر جابته منين اكيد اتعدت منه


صاح عليهم مالك بسخط : حيلك حيلك انت و هي هتتمسخرو عليا انا و مراتي كدا كتير


قالت كارمن بينما تمط شفتيها للخارج متصنعة الحزن ، وتسبل عيونها : لا خلاص كفاية عليك اللي هتعملو فيك يسر 


عبست ملامح مالك قائلا بحسرة : ربنا معايا


ثم قال موجها حديثه لأدهم : قولي صحيح انت رجعت امتي يا شبح


وضع أدهم يديه في جيوبه ، وقال بفظاظة وغرور : بعدين هبقي اقولك انزل شوف المخازن دلوقتي .. عايز مراتي في كلمتين لوحدنا


جز مالك علي أسنانه من لهجته المتعجرفة ، وقال بقهر : بتوزعني كدا عيني عينك


أومأ ادهم ببرود : اكيد


غمز مالك بخبث ، وقال بإبتسامة : ماشي يا ابو الادهيم


زم أدهم شفتيه وشد علي قبضته بحنق من استفزاز مالك له ، ثم تحرك قاصدا أن يلقنه درسًا عنيفًا ، لكن فر مالك من أمامه في غمضة عين للخارج.


أدار أدهم رأسه ونظر إلى كارمن ، التي كانت تغطي فمها براحة يدها لإسكات ضحكها عن زوجها الغاضب ، الذي يبدو لطيفًا جدًا هكذا.


تقدم ادهم منها بإبتسامة جانبيه ، وسأل بينما هو واقف امامها مباشرة : بتخبي ضحكتك ليه يا شقية؟


ردت كارمن بضحكة خافته بعد أن خفضت يدها ، وإستندت علي حافة المكتب خلفها : قلقانه لا تمسك فيا .. مين هينجيني منك وقتها؟


نظر أدهم حوله ، حيث كان جدار الغرفة مصنوعًا من الزجاج ، ممَ يجعل الواقف من الخارج يرى الداخل بوضوح ، وقال بتنهيدة : لا اطمني انتي هنا في امان


تنهدت كارمن براحة ، وقالت بإبتسامة رائعة : طب كويس انك قولتلي


مال أدهم بجسده عليها قليلاً ، وهو يمسك خصرها بين يديه ، وقال بينما كانت عيناه تتألقان بنظرة خبيثة : بس مش عايزك تاخدي كلامي بالثقة دي انا ممكن اتهور بعد الابتسامة اللي تجنن دي


جحظت عيناها فى رعب ، وهي تحاول الافلات منه بإحراج ، لكي لا يراهما أحد في هذا الوضع الحميمي ، فقالت مبتعدة عنه قليلاً : لا وعلي ايه .. نلبس الوش الخشب ونتكلم في الشغل احسن


نظر أدهم إليها بنصف عين ، قائلا بهدوء : شطورة يلا هاتي لابتوبك وتعالي اشتغلي عندي بالمكتب 


جعدت كارمن حاجبيها ، وهي تضع يديها على خصرها ، وقالت بعبوس لطيف : اشمعنا بقي


ضاق أدهم عينيه وهو يتظاهر بالتفكير ، ثم أجاب : عشان تشتغلي وأنتي قدامك منظر جميل وتقدري تخرجي كل الابداع الفني 


أردف بجدية : وفي موضوع مهم كمان عايز نتكلم فيه قبل ما نرجع البيت


حركت كارمن رأسها بإيماءة صغيرة ، وقالت برقة : حاضر اسبقني و انا هاجي وراك


ادهم بتحذير : بس ماتتأخريش 


قالت كارمن بينما تعبث في حاسوبها : ماشي


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بعد قليل 


غادرت كارمن مكتبها ، وسارت في طريقها إلى مكتب أدهم لتتفاجأ بأن أدهم ، يقف مع مها السكرتيرة في الممر ، ومعهما رانيا عارضة الأزياء.


زمت كارمن شفتيها مستاءة من تلك الفتاة التي لا ترتاح لها ، ولا لنظراتها الجريئة إلى أدهم ، وأيضا غاضبة مما تسببت فيه هي ويوسف إلى نسمة من ألم و خذلان ، لكن اللوم لا يقع عليها وحدها كان هو أيضًا سببًا رئيسيًا لهذا الوجع لتلك المسكينة ، أنهما نفوس خبيثة حقًا.


سارت بهدوء ووقفت خلفهم ، لتقول بصوت رقيق للغاية : ادهم حبيبي اسفه لو قطعت كلامكم


التفت ادهم اليها قائلا بإبتسامة حنونة تخصها وحدها : لا ابدا حبيبتي لحظة واحدة


ثم عاد يردف بجدية ، منهيا حديثه مع رانيا التي كانت تثرثر ، لبضع دقائق دون جدوى : الموضوع دا تقدري تكلمي فيه الفريق المنظم للديفليه يا رانيا وحاليا عن اذنك لان عندنا شغل كتير 


اضاف بتساءل يوجه حديثه إلي سكرتيرته الخاصة : مها في ورق محتاج امضتي غير اللي بعتيهم الصبح


مها بنبرة عملية : لا يا فندم


ادهم بهدوء : تمام .. تعالي يا كارمن


سارت كارمن معه ، وشبكت يدها في يده يكملون طريقهما إلى مكتبه ، وعندما دلفت خلفه مغلقة الباب خلفها ، تمتمت بشئ وصل إلى مسامع أدهم : البنت دي مش طبيعية بجد 


ادهم بإستفهام : بنت مين !!


تقدمت كارمن من المكتب الذي جلس خلفه أدهم ، لتتسلق حافة المكتب أمامه ، وتجلس عليه بشكل مريح قائلة بسخرية : الانسة رانيا


رفع ادهم حاجبه بتعجب وقال بدهشة : مالها بس عملتلك ايه


زمجرته كارمن بنبرة حادة : وهي تقدر تعملي حاجة كنت قرقشتها بسناني


ابتسم أدهم لأسلوبها اللطيف ، وكلماتها الغاضبة وهو يقرص أنفها ، وقال مازحا : يا واد يا شرس انت


وجهت وجهها بعيدًا عن متناول يده ، وقالت في انزعاج : ادهم بطل الحركة دي .. يسر كانت بتعملها في ابنها لحد الواد ما مناخيره بقت قد البرتقالة بسببها .. وبعدين هبقي اقولك هي عملت ايه


قام بشبك أصابعه بين أصابعها النحيلة ، قائلاً بجدية : ماشي ركزي هنا معايا عشان عايزاك في موضوع


نظرت إليه كارمن بتمعن وقالت بفضول : خير موضوع ايه دا؟


قال أدهم في صوته الرخيم ، وعيناه لم تترك عينيها : عارف ان نادين بحركاتها المستفزة بقت تضايقك كتير


أسدلت كارمن عينيها ، وقد ألمتها معدتها من سيرة تلك المخلوقة ، حيث ظنت أنه سيدافع عما فعلته نادين في الصباح ، لكنها تحدثت بهدوء : دا العادي مش جديد عليها يا ادهم وانا بقيت متعودة


رفع أدهم ذقنها بأصابعه ، لتنظر في عينيه ملاحظا هو نظراتها الحزينة ، ليردد مجددًا : كارمن هي وجودها فعلا بيضايقك ماتنكريش .. انا وهي اصلا علاقتنا ميته من سنين والمفروض انها تنتهي لان مالهاش معني وانا حاليا عايز اطلاقها و...


بترت كارمن جملته ، قائلة برفض وهي تهز رأسها : لا .. لو هتطلقها يا ادهم يبقي عشان انت عايز كدا لكن ماتعملش كدا عشاني


رفع ادهم حاجبيه ، قائلا بعدم تصديق : يعني هي وجودها في حياتنا مش مزعلك 


تنهدت كارمن بضيق ، وقالت بنبرة حزينة : انا مش ملاك طبعا زعلانة وهموت من القهر والغيظ .. ان وحدة غيري علي ذمتك ولما بتقرب منك ببقي عايزة اخنقها .. بس بلاش تطلقها بسببي انا وانت قولت مالهاش حد غيرك هتروح فين وتعيش ازاي


أومأ أدهم برأسه وقد تفاهم كلامها ، قائلا بابتسامة صغيرة : خلاص فهمتك انا هشوف الموضوع دا قريب واخلص منه بطريقتي وصدقيني مش هظلمها يعني هتاخد حقوقها بالكامل ومبلغ كويس تعيش منه.


إلتمعت عينيها بالدموع تأثيرا بحديثه ، وقالت بنظرة عاشقة ، بينما كلتا يديها وضعتها علي وجهه : مفيش حد في طيبتك و رجولتك يا ادهم وبجد بحسد نفسي اني معاك و انا فعلا بموت فيك و هعيش ليك طول عمري


★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••


بعد مرور عدة ايام


في شركة البارون ديزين


نزلت من المصعد ، وسارت بخطوات هادئة في الممر بعد انتهاء الاجتماع ، ثم توقفت عندما رأت الساعي يمر بجانبها ، لتنطق بنبرة منهكة : عم ممدوح لو سمحت تعملي النسكافيه بتاعي وتجيبو علي مكتبي


قال ممدوح بتهذيب : تأمري يا استاذة نسمة


أهدته ابتسامة لطيفة ، ثم توجهت مباشرة إلى مكتبها.


دخلت المكتب ، وهي تفحص بعناية الأوراق الممسكة بها بين يديها ، لذلك لم تلاحظ من كان يجلس على الكرسي أمام المكتب بهدوء صامت.


رفعت نسمة بصرها ، ونظرت إليه بتفاجئ من جلسته هكذا ، وللحظة شعرت بالتوتر ، لكنها سرعان ما وضعت الاوراق على المكتب ، وقالت بنبرة رسمية ، وهي تتخذ موقفًا دفاعيًا حيث كانت ذراعيها متشابكتان تحت صدرها : ايوه يا استاذ يوسف في حاجة تبع الشغل


تحدثت ببرود وبلا مبالاة ، وهي تتساءل محتارة في سرها ، أين ذهب شعور الإعجاب والإستلطاف الذي كانت تشعر به تجاهه من قبل؟


أثارت لهجتها الجليدية دهشة واستياء يوسف كثيرا. 


صحيح أنها كانت تتجنبه منذ شهور ، لكنه ظن أنها فترة ستمضي وستعود إلى طبيعتها معه ، خاصة عندما علم من صديقه المقرب أن رانيا اقتربت منه فقط لأنه كان قريبًا من صاحب الشركة لا أكثر ، و كانت تطمح في أن تقترب منه من خلاله ، لكن منذ زواج أدهم وهي إبتعدت عن يوسف ، لإعتقادها أنه وسيلة بطيئة للوصول إلى مبتغاها ، وهو كان في تلك الحكاية مثل الأحمق الذي انجرف بسحرها وفقد خطيبته.


ظل يوسف محدقًا فيها بنفس الصمت ، بينما كانت الأخرى ترمقه بعيون باردة قوية.


أين ذهبت ابتسامة نسمة الرقيقة الآن ؟ 

هل هو بالفعل قد أذي شعورها لهذه الدرجة ؟


تنهد في سره يفكر ما فائدة الندم الأن ، عليه أن يحاول إسترجعها وألا يقف مكتوف الأيدي هكذا؟


نطق يوسف بتعجب : انتي ليه بتتكلمي معايا بالاسلوب دا يا نسمة؟


هتفت نسمة بتصحيح ولهجة جدية للغاية : استاذة نسمة لو سمحت .. ثانيا انا بتكلم بكل ادب مع حضرتك


حاول السيطرة على أعصابه التي بدأت تهتز من أسلوبها الصارم معه ، وقال بتوتر طفيف : انا قصدي ليه الرسمية دي كلها .. احنا كنا اصدقاء قبل مايكون بينا ارتباط وخطوبة 


ابتسمت نسمة ابتسامة لم تصل لعينيها ، وقالت بسخرية : انت قولتها كنا مافيش حاجة بتمشي لوراء .. حاليا احنا مجرد زمايل وبس


هدر يوسف بإنفعال ، بعدما تمكنت من خروج غضبه الكامن بسبب تهكمها الزائد معه : يا نسمة اسمعيني شوية بلاش طريقتك الزفت دي


صاحت نسمة بصوت عال ايضا : لو سمحت لو عندك حاجة خاصة بالشغل قولها لو مش...


قطع مشاجرتهما دخول ممدوح بعد أن طلب الإذن بكل احترام : القهوة يا استاذة نسمة


نسمة بهدوء مفتعل ، بينما صدرها يعلو ويهبط جراء تنفسها السريع : شكرا يا عم ممدوح 


وضع ممدوح القهوة فوق سطح المكتب ، ثم نظر إليهم غير مدرك لحرب النظرات بينهم لبعضهم البعض ، قائلا بابتسامة بشوشة : تأمروني بحاجة يا استاذ يوسف اجيبهالكم هنا


اجابت نسمة بهدوء لاذع : تسلم يا عم ممدوح .. الاستاذ يوسف هيروح لمكتبه لأن عنده شغل كتير 


ثم جلست خلف مكتبها ، وقالت بهدوء أشد ، وهي تنظر إلى الأوراق أمامها : بعد اذنك يا استاذ يوسف ورايا انا كمان شغل عايزة اخلصه


شعر يوسف بإحراج شديد ، وإقتحن وجهه بقوة من طردها له بالذوق أمام ساعي الشركة ، ثم اتجه للخارج بخطوات غاضبة دون أن ينطق بكلمة.


قالت نسمة بتهذيب : اتفضل انت يا عم ممدوح اذا احتجت حاجة من البوفيه هبلغك


بعد أن أصبحت وحيدة في الغرفة شبكت يديها ، وأرحت مرفقيها على المكتب ، وأسدلت رأسها بإرهاق بينهما ، وهي تغلق عينيها بقوة ، وتضاربت الأفكار في عقلها ، ولكن رغم أي شيء لم تندم أبدًا على معاملته بهذه الطريقة الجافة. 


ماذا ينتظر منها بعد أن استهزأ بها ولم يحترمها ، وأهان كرامتها بفعلته.


كما أنه سقط عن أنظارها ، وانتهى الأمر لهذا الحد.


لكن هل ينتهي الأمر حقًا عند هذه النقطة ، أم ستقلب الأقدار التالية كل شيء رأسًا على عقب ، من يدري؟
بعد قليل 
و مازلنا في شركة البارون
في مكتب ادهم 
كارمن تجلس منذ أكثر من ساعة علي الأريكة الموجودة أمام مكتب أدهم ، وتعمل على جهاز الحاسوب الخاص بها بناءا علي تعليماته ، بينما أدهم جالس على مكتبه ، يتابع حركاتها اللطيفة من حين لآخر بابتسامة صغيرة دون أن تلاحظه.
وقفت كارمن علي قدميها ، وهي تستقيم بجسدها مع شعور طفيف بالألام في رقبتها من جلوسها بوضع ثابت فترة طويلة ، لكنها شعرت بالجوع وكانت علي وشك أن تسأله ماذا يأكل ، لكن هاجمها دوار مفاجئ لتتمايل قليلاً في وقفتها ، وشعرت بهزة تحت قدميها ، فجلست بسرعة ووضعت يدها على جبينها تدلكه بألم.
لاحظ أدهم ما حدث معها ، لينهض بسرعة من مقعده متجهًا نحوها ، قائلاً بإهتمام : حصلك ايه حاسة بحاجة بتوجعك ؟
ابتسمت كارمن له بإرهاق ، وحاولت أن تجعل صوتها طبيعيًا لكي تجعله يطمئن بعد أن إستشعرت خوفه عليها ، لكنه رغما عنها كان خافتًا : دوخة بسيطة يا حبيبي و عدت ماتقلقش 
جلس أدهم بجانبها يلف كتفيها بحنان بذراعه ، ويربت على شعرها ، ثم قال بقلق يتخلله بعض اللوم بسبب خوفه عليها : ازاي ماقلقش انتي من مدة حاسة بصداع ودلوقتي دوخة .. اكيد من مجهودك طول الوقت في الشغل
رفعت كارمن عينيها إليه ، ثم تمتمت في محاولة أن تنكر ما يقوله برقة : لا يا ادهم انا ماكنش بيحصلي كدا وانا بشتغل زمان
لثم ادهم شعرها وهو يضمها أكثر بذراعه ، وقال بحنو : دلوقتي غير زمان انتي ناسية انك ضعيفة من وقت ما ولدتي ملك لازم نروح للدكتور نطمن 
مدت كارمن ذراعيها حول رقبته ، وقالت بابتسامة هادئة مقوسة شفتيها للأسفل ببراءة : بس انا مش بحب الدكاترة ولا المستشفيات
ثم قبلته على ذقنه بأنفاس ساخنة ، وقالت بدلال : صدقني شوية ارهاق صغيرين وهيروحو لحالهم عشان خطري
تنهد من قلبه ، غير قادر على الضغط عليها ، لكنه همس بإصرار ، ورفع حاجبيه : بشرط تاخدي اليومين الجايين اجازة من الشغل
ادارت عيناها بتفكير ثم قالت برضوخ : ماشي 
أردف ادهم بنفس الهمس المخملي ناظرا إليها بعيون تفيض حبًا : وتوعديني اذا حسيتي بتعب تاني تقوليلي ماتخبيش وحياتي عندك .. بلاش عنادك دا كله الا الصحة يا كارميلتي
نطقت كارمن بإبتسامة رائعة : حاضر هو انا اقدر اعاند قصاد الحنان والاهتمام دا كله 
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في قصر ادهم البارون ليلا
يجلس أدهم على مكتبه ، وينجز بعض الأعمال المهمة ، لكن شتت انتباهه دخول ملك عليه التي ركضت نحوه ، ليلتطقها بين يديه ويجلسها على قدميه قائلاً بحنان : ايه يا قلبي انتي تهتي منهم برا ولا ايه؟
هتفت ملك بتعثر بلهجتها الطفولية الناعمة : لا .. بابا .. مش عايزة اكل
إبتسم ادهم وقال بصبر : ليه يا روح بابا الاكل هيخليكي تكبري وتبقي حلوة .. انتي مش عايزة تبقي حلوة
عبست ملامحها البريئة قائلة بإشمئزاز : عاوزة .. بس لبن يع 
ابتسم أدهم لحركاتها البريئة وقال ضاحكًا ، وهو يشير إلى قدميها الصغيرتين : لا اللبن هيخلي الرجلين الصغنين دول يكبروا بسرعة يا شقية
ثم دغدغها بمرح حتى رن ضحكها العالي في المكان بسعادة
دخلت كارمن من خلال باب المكتب المفتوح ، وشاهدت ما يحدث بابتسامة رقيقة على شفتيها ، قائلة بحزن متصنع : ايه دا انا قطعت عليكم اجتماع مهم ولا ايه ؟
ثم اكملت بتوعد زائف للصغيرة : كدا يا لوكة تدوخيني عليكي في الجنينه وانتي قاعدة مبسوطة وتضحكي هنا
نظر إليها أدهم ، ورفع شفتيه جانبًا ، وقال ساخرًا : هو دا اللي هتقعدي في البيت وترتاحي .. بقي هي دي قعدة البيت بتاعتك يا كارمن
زمت كارمن شفتيها بإحراج ، قائلة بدفاع عن نفسها : انا بقيت احسن صدقني وبعدين انا مش بتحرك كتير 
هز رأسه بقلة حيلة من عنادها ، ثم وجه حديثه لملك قائلا بحنان : لوكة احسن منك يا ماما خلاص هي تشرب اللبن عشان تكبر مش كدا يا ملك
أومأت ملك ببراءة همهمت : اه
طبع ادهم قبلة علي وجنتها المكتنزة بحب وقال بلطف بالغ : طب يلا روحي مع ماما ولما تخلصي الاكل كلو هجيبلك لعبة كبيرة
كانت الطفلة سعيدة للغاية ، ونزلت بسرعة من قدميه ، وتوجهت إلى والدتها التي قالت ، وهي ترفعها بين ذراعيها : افضل انت دلع فيها كدا وكل يوم شقاوتها بتزيد يا ادهم
تلاعب ادهم بحاجبيه وقال بخبث : من حق الجميل يدلع انا عارف انك متغاظة منها عشان بتدلع اكتر منك
شهقت كارمن قائلة بصدمة مزيفة ، وهي تقوس شفتيها للأسفل : بقي دي اخرتها هتركن علي الرف 
قال ادهم بغمزة : ماعاش ولا جاش اللي يعمل فيكي كدا يا كارميلة قلبي 
ثم اردف بهدوء : طلب صغير حبيبي قولي لكريمة تعملي فنجان قهوة دماغي وشت من الشغل
كارمن بإبتسامة جميلة : حاضر من عينيا 
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في المطبخ 
دخلت كارمن وعلي ذراعيها تحمل ملك ، قائلة بابتسامة حلوة : دادة كريمة معلش هتعبك اعملي قهوة لادهم ووديهالو في المكتب علي ما اعشي ملك انتي عارفه مابتحلاش القهوة الا من ايدك 
أومأت كريمة بطاعة قائلة ببشاشة : بس كدا غالي وادهم بيه يأمر 
قالت كارمن بود لتلك المرأة الطيبة : تسلمي يا دادة ربنا يديكي الصحة
كريمة : سيدة في أواخر الأربعينيات من عمرها وتعمل في القصر منذ أن كانت طفلة ، وكانت هي التي اعتنت بأولاد ليلي واعتمدت عليها في أمور كثيرة ووثقت بها ، كما أن أدهم يكن لها مكانة خاصة كثيرا في قلبه.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد قليل
دلفت كريمة المكتب بعد أن طرقت الباب ، وسمح لها أدهم بالدخول ، وهي تحمل صينية قهوة في يديها ، ثم بعد وضعتها على سطح المكتب ، ووقفت تنظر إليه بتردد وارتباك.
نظر أدهم إليها ، مندهشًا من وقوفها الصامت ، وهي تتحدث معه عادتا عندما تأتي إليه ، فسألها باهتمام : خير يا دادة انتي حاسة انك تعبانه!!
أجابت كريمة بتلعثم متوترا بعض الشئ : لا يا ابني الحمدلله انا كويسة
ضيق أدهم عينيه ، وهو ينظر إلى عيناها التي تدار في المكان ، ولا تنظر له مباشرة قائلا بشك : اومال مالك وشك مخطوف ليه
قالت كريمة بتردد : ادهم بيه انا كنت عايزة اتكلم معاك في موضوع كدا
ترك أدهم القلم من يده واتكأ ظهره على الكرسي ، قائلاً بتوجس : طالما فيها ادهم بيه يبقي في مشكلة اكلمي من غير لف ودوران في ايه
أجابت كريمة بتنهيدة مضطربة : بصراحة في حاجة حصلت وانا مش لاقية ليها تفسير وكان لازم ابلغك بها فورا لكن مالحقتش الصبح
تنهد ادهم بضجر من مماطلتها له ، وقال بينما يفرك فروة رأسه بإنزعاج : يا دادة ادخلي في الموضوع علي طول الله .. انتي عارفاني مابحبش المقدمات الله يرضي عليكي قلقتيني
صمتت كريمة تحاول ترتيب كلماتها ، ثم ذكرت اسم الله في سرها ، وبدأت حديثها بهدوء : انا كنت بحضر السفرة انهاردة الصبح بنفسي زي ما ليلي هانم طلبت مني وبعدين خرجت اجيب اكل الكلب بتاع ملك .. لما رجعت شوفت مدام نادين بتحط برشام في كوباية العصير بتاعت مدام كارمن
جحظت عينيه بصدمة ، وزادت خفقات قلبه مما يسمعه قائلا بقلق وتشوش : انتي متأكدة من كلامك ايه البرشام دا
رفعت كريمة كتفيها دلالة علي عدم معرفتها و أردفت : معرفش والله يا بني .. انا بعد ما هي خرجت للجنينة قبل ما انتو تنزلو .. دخلت لميت كل الكوبيات .. رميت اللي فيها وصبيت لكل واحد فيكم في كوبيات تانية نظيفة .. لزوم الاحتياط ما هو انا معرفش هي حطت لمين تاني غير ست كارمن
احتدت نظرات ادهم الذي قال بغموض : ماشي يا دادة روحي انتي لشغلك و ماتجبيش سيرة لاي حد خالص فاهمه يا دادة و خصوصا امي مش عايزها تعرف حاجة دلوقتي
أومأت كريمة بطاعه وهمت لتغادر الغرفة : حاضر عن اذنك
أوقفها صوت ادهم قائلا بتحذير صارم : دادة خلي عينك علي نادين كويس ماتغفلش عن عينيكي و لما تخرج بكرا للنادي بلغيني
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
صباحا في اليوم التالي
داخل إحدي المقاهي بجانب القصر ، حيث يجلس أدهم و يبدو عليه الشرود بعيدا بتفكيره.
فرك أدهم عينيه متعبًا ، حيث كان جالسًا على هذا الوضع لأكثر من ساعتين.
زفر ثم سند رأسه على مرفقيه أمام الطاولة منهكا ، لأنه لم يتذوق طعم النوم منذ أمس.
سيفقد عقله من كثرة التفكير في تصرفات تلك المجنونة التي تجلس في منزله ، ولا يدري ما الذي تخطط له وما المخزي من فعلتها. 
همس ادهم بوعيد حاقد لنفسه : ياريت اللي في بالي يكون غلط عشان وقتها مش هرحمك يا نادين 
انقطعت أفكاره بسبب رنين هاتفه فأجاب بلهفة : ها يا دادة في جديد
نظرت كريمة جيدًا حولها بشك ، لكي تتأكد من عدم وجود أحد ما قد يتنصت عليها ، حيث لم تعد تشعر بالراحة إلى معظم الخدم في القصر ، ثم قالت بصوت منخفض : الست نادين خرجت من خمس دقايق يا ادهم بيه 
قال ادهم بتحذير : ماشي اوعي يكون حد حس بحاجة عندك
تنهدت كريمة وقالت بنفي : لا مافيش
زفر ادهم وقال ببرود : تمام سلام
نهض بسرعة وهو يتأكد من وجود مفاتيح السيارة في جيبه ، ثم سرعان ما غادر المقهى متجهًا مباشرة إلى القصر.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في شركة البارون
دخل يوسف مكتبه الذي يتشاركه مع زميله كإعصار دون أن ينبس ببنت شفة.
هتف بإستغراب : السلام لله يا اخينا
تمتم يوسف بحنق : وحيات ابوك تسيبني في حالي يا سامر
قام سامر من مقعده وذهب ، ليجلس فوق مكتب يوسف وقال : خير يا ابني .. وشك مالو مقلوب ليه كدا .. ما ترد عليا هفضل اكلم مع نفسي
حدق يوسف فيه بنظرة غاضبة ، وقال بغيظ : سمعت كلامك و جربت معها مرة و اتنين وعشرة كل يوم مافيش اي فايدة
ضرب سامر كف علي كف ، وهو ينظر إليه بحاجب مرفوع ، وقال بذهول : اما انت امرك عجيب صحيح .. منين تعجب بوحدة تانية وانت خاطبها ودلوقتي شاغل بالك بها وحليت أوي في عينك
زفر يوسف بحرارة ، قائلا بغضب من نفسه : كنت اعمي ارتحت كدا
ثم أضاف بندم غاضبًا ، بينما كان يضرب سطح المكتب أمامه بقوة : بس انا استحق اللي بيجرالي دا واكتر .. عشان جريت ورا وحدة زي رانيا دي .. معرفش عقلي كان فين !!
ربت سامر على كتفه بمواساه ، قائلا بتشجيع : خلاص طالما فوقت لنفسك وعايز تصالحها لازم تتعب شوية
فرك يوسف عينيه بإرهاق ، وقال بتنهيدة مؤلمة : بقالي شهور بحاول معاها و روحت لأبوها كذا مرة .. بيقولي نفس الجملة دي بنتي الوحيدة وانت من علي البر ماعرفتش تحافظ عليها اومال بعد الجواز هيحصل ايه
دعك سامر ذقنه ، وقال بتمتمة : عنده حق اب و يهمو مصلحة وامان بنته انت اللي غلطان 
أومأ يوسف بتفاهم وقال مرددا حديث صديقه : صح مافيش حاجة بتحصل بالساهل عندك حق .. انا ماكنتش عارف اني بحبها بالشكل دا الا لما رجعتلي الدبلة وبعدت عني
واضاف بغيظ : بس هي دماغها حجر ربنا يقدرني عليها
قال سامر بتحذير : خد بالك هي اكيد فقدت الثقة فيك و مش بسهولة هتقدر تسامحك و تنسي و حتي اذا سامحت هتفضل تخنقك بشكها فيك و هيكون ليها حق .. 
حملق به يوسف بعيون تلتمع بحزن وقال : انا برده انسان مش معصوم من الغلط يعني .. و ربنا بيغفر ليه هي ما تغفرليش اول غلطة ليا
بسط سامر كفيه أمامه قائلا بهدوء : هي مابقتش عايزة تكمل معاك كل بنت حسب طاقتها في ست تسامح و ست ما تقدرش .. لو مراتك كانت ممكن تديك فرصة لكن دلوقتي هي قفلت الباب في وشك وانتهي الموضوع .. نصيحة من صحبك سيبها في حالها و شوف نصيبك بعيد عنها .. انت جرحت كرامتها و الست رانيا الله يكرمها ماسابتش حد الا و قالتلو انك سيبت نسمة عشان خاطرها
تمتم يوسف بصوت خفيض : دي بنت تيت انا فعلا ندمان اني عبرتها من الاول .. 
ثم قال مردفا بعزيمة : بس مش هستسلم بسهولة و هفضل احاول يمكن وقتها تقتنع اني فعلا بحبها و شاريها
تنهد سامر بقلة حيلة من صديقه ، وصمت ليعود إلى عمله.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند ادهم
دخل أدهم القصر ، وصعد الدرج بسرعة حتى لا يراه أحد من الحاضرين بالأسفل.
ذهب أدهم مباشرة إلى جناح نادين ، وحالما دلف إلى الداخل ، بدأ يبحث في كل مكان وقعت عيناه عليه حتى وجد أخيرًا ما كان يبحث عنه في خزانة ملابسها.
جلس على السرير ، وقلب فيما وجده الذي كان عبارة عن مجموعة من علب الأدوية ، والعديد من الأقراص المختلفة. 
أخرج هاتفه وكتب أحد أسماء تلك الأودية ، وبدأ يبحث عن ما تكون تلك الأشياء.
برزت عيناه مما اكتشفه ، وكأنه قد تلقى للتو صفعة قوية ، فما هي تلك الحبوب إلا من أجل منع الحمل ، ومن عيار شديد وخطير أيضًا ، كيف لم يفكر في تلك النقطة ، كيف له أن يغفل عما قد تفكر في فعله تلك الأفعي السامة؟
اشتعل قلبه بالحقد والكراهية تجاه تلك الحية التي تفرز سمها في كل مكان حولها ، وهو مثل الأحمق الذي لا يدري شيئا عما تفعله ، وقد يؤدي إهماله هذا إلى إصابة تلك المسكينة بالأذي التي لا ذنب لها فيما يجري من حولها. 
ضغط أدهم علي تلك العلبة في قبضته حتي اعتصرها بقهر ، واعدًا نفسه أنه لن يرحمها ، ثم نهض بغضب جحيمي وهلع إلى الطابق السفلي ، ليهدر بصوت جهوري : كريمة
بعد لحظات هرولت راكضة إلى عنده بسبب صوته الذي نادرا ما يكون مرتفعا جدا إلا إذا كان في قمة غضبه : ايوه يا ادهم بيه
أمرها أدهم بعيون حمراء ونبرة حادة : اول ما توصل نادين من برا يا كريمة ماتخليهاش تطلع لفوق تجيبها علي مكتبي فورا مفهوم 
أومأت كريمة بطاعة ، وهي تدعي في خاطرها أن يمر هذا اليوم علي خير : امرك حاضر
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند كارمن في توقيت العصر
نزلت من الجناح بعد أن أمضت اليوم كله في الفراش ، وهي لا تعرف ما هذا الخمول الذي أصابها ، ربما يكون هذا بسبب العمل الدائم خلال الفترة الماضية.
مرت إحدى الخادمات أمام كارمن ، وأوقفتها كارمن بابتسامة : مساء الخير يا رقية 
رقية بتهذيب : مساء النور يا هانم 
كارمن بتساءل : فين الجماعة و ملك
ابتسمت رقية لها ، وقالت بعفوية : موجودين في الجنينة و ملك بتلعب مع كلبها معهم و نادين هانم لسه في النادي و ادهم بيه في مكتبه
فوجئت أن أدهم جاء مبكرا جدا اليوم ، لأنه عادة يأتي بعد غروب الشمس ، لكنها ردت عليها بهدوء : تمام يا رقية روحي انتي علي شغلك
توجهت كارمن إلى المكتب ثم فتحت الباب بعد أن طرقته.
تساءلت كارمن بهدوء : حبيبي انت هنا من امتي؟
كان جالسًا خلف مكتبه ، ويبدو عليه الإرهاق ، ولكن عندما سمع طرقًا على الباب ، استقام في مقعده وأجابها بهدوء : من شوية 
أومأت إليه كارمن بفهم ، ولم ترغب في إطالة الأسئلة عليه ، عندما لاحظت شحوب وجهه ، ثم مشيت نحوه بهدوء ، ووقفت خلف مقعده ، ثم رفعت ذراعيها وغمرت أصابعها في شعره ، ودلكته برفق.
أغمض أدهم عينيه مصدرا أنين خافت من التعب ، وراق له كثيرا ملمس أناملها الرقيقة بين خصلاته ، وطغي علي حواسه شعورا بالارتياح مذهل جعل الصداع الذي يألم رأسه يتقلص تدريجيا.
كارمن بخفوت : باين عليك التعب و ماما قالت انك مافطرتش قبل ماتنزل الصبح .. اكلت أي حاجة طول اليوم
همس أدهم وهو على حاله : لا يا قلبي
تفحصت كارمن وجهه بإهتمام ، ثم قالت بإبتسامة : طيب تحب اخليهم يحضرولنا الغداء و ناكل كلنا مع بعض 
ادهم بتنهيدة : ماليش نفس 
طبعت قبلة دافئة على جبهته ، قائلة بإصرار ناعم : عشان خطري تاكل شكلك مرهق اوي و دا غلط علي صحتك ولا انت غاوي بس تقولي اقعدي في البيت و ماتتعبيش نفسك وانت تتعب
أمسك بيديها اللتين وضعتهما على كتفه ، وقبّل راحة يدها ، ليقول بأنفاس حارة : كلي فداكي وبعدين يمكن تعبت شوية لاني طول اليوم ماكنتيش معايا في الشركة
قالت كارمن بضحكة رائعة جعلت أدهم لا يستطع المقاومة أو الرفض : انت بقيت بكاش اوي علي فكرة برده هتاكل ماتحاولش انا مصرة
وقال أدهم مازحًا بعد أن صفي ذهنه قليلا من أسلوبها الهادئ الحنون و رقة همساتها التي كان يعشقها : ماشي روحي خليهم يحضروا الاكل بس انتي تتفرجي من بعيد ماتبوظيش الاكل 
ابتعدت كارمن عنه قليلاً ، قائلة بعبوس لطيف : دمك تقيل يا ادهم
ادهم بحب : بهزر يا عيونه
أرسلت له قبلة في الهواء ، لتقول بينما تغادر المكتب : ماشي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور ساعة 
كانت كارمن تتحدث إلى روان على الهاتف ، بجانبها ملك التي تلاعب كلبها ، وليلي ومريم يتحدثان عن العديد من الموضوعات أثناء متابعتهما إلى التلفاز بعد أن تناولوا جميعًا الغداء.
روان : اخبارك ايه دلوقتي
اجابت كارمن ، بينما تلاعب خصلات شعر ابنتها بحنو : الحمدلله تمام بس تعرفي اتعودت علي الشغل حاسة بملل من القعدة
روان بتحذير : ريحي نفسك يا كارمن الصحة مافيهاش هزار
تنهدت كارمن ، وقالت بقلة حيلة : انا بقيت احسن دلوقتي والله
روان بنفي : ولو اسمعي الكلام
كارمن بإبتسامة : ماشي يا اختي قوليلي انتي ايه اخر اخبارك
روان بضجر : الروتين العادي الكلية و مذاكرة و طلبات زين و كدا 
ثم اضافت بحماس : بس المفاجأة بقي اني اقنعت زين اننا نسافر يومين اسكندرية بعد كام يوم قبل زحمة الامتحانات
كارمن بإستغراب : يا مجنونة الجو بدأ يبرد ماتستني للصيف
روان بنعومة : لا هو بيقول ان اسكندرية في الوقت دا جوها جميل وانا هموت واروحها بقي 
كارمن بهدوء : ماشي ربنا يهينيكم يا رورو .. واحنا مش باقيلنا كتير و يبدأ الديفليه وفي شغل لازم اخلصو و ادهم مصمم افضل في البيت
قالت روان بضحكة : ماتعانديش معه و خديه بالسياسة كدا امي علي طول تقولي الجملة دي بس انا ماشاء الله عليا زي الدبش برمي الكلام وانا ونصيبي بقي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب ادهم
نادين تقف أمام المكتب ، وخلفه يقف أدهم بهيئة صارمة للغاية بعد أن أغلق الباب ورائها عندما دخلت.
ينظر أدهم إليها ، بينما تغلفه هالة من الغموض لا تستطيع معها تخمين ما يدور في ذهنه.
عصفت الأفكار في ارتباك وقلق برأسها من صمته المطول منذ دخولها من دقائق ولم ينطق بشيء ، 
و لقد أدى هذا حقًا إلى توتر أعصابها ، وجعل القلق يتفاقم بعمق أكبر داخلها.
تفوهت نادين بتوتر : في حاجة يا ادهم انت ليه موقفني كدا
تحدث أدهم ببرود مبهم ، وهو يحترق من الداخل ، لكنه سيطر على نفسه بكل قوته حتى لا يرتكب جريمة فيها : كنت عايز اسألك عن حاجة؟
دقت نواقيس الخطر داخل عقل نادين التي همست بحذر ، بينما قلبها يخفق مثل الطبول بين ضلوعها ، منذ متى يسألها عن أي شيء : اسأل
أخرج علب صغيرة من جيوبه ووضعها على مكتبه ، قائلاً بسؤال بارد ، بينما عيناه تطلقان أسهم الغضب التي كانت على وشك الإطاحة بكل شيء أمامه دون ذرة تفكير : تعرفي دول بتوع ايه!!
هرب الدم من وجهها ، وللحظة شعرت أن الغرفة تدور بها عندما رأت تلك الأشياء أمامها ، وجعلها الخوف مثل ورقة مزقتها ريح الخماسين ، التي تحمل آلاف الأطنان من الكوارث التي ستدمرها حتماً ، لكنها هتفت متلعثمة بإنكار : لا .. مع.. معرفش .. هما ايه دول
احتد صوت أدهم قائلا بنظرة قوية محذرا : متأكدة
نادين همست بعيون زائغة تفرك يديها في ارتباك شديد : ايوه
ابتسم أدهم ببرود ، يتلاعب بأعصابها أكثر ثم أجاب : دول موانع حمل والغريبة انهم كانو في اوضتك وتحديدا جوا دولابك
لم تطمئن أبدًا لهذا البرود الجليدي الذي يغلف صوته ، وهذا الهدوء الذي يسود كلامه ، تقسم أنه ما هو إلا هدوء ما قبل عاصفة ستندلع بسببها الأخضر و اليابس ، لكنها هتفت كاذبة : صدقني انا معرفش عنهم اي حاجة 
تجعد أدهم حاجبيه شاعرا باشمئزاز من إنكارها غير المجدي قائلاً بسخرية : المفروض اسألك انتي بتستخدمي الحبوب دي ليه وانا مش بخلف ولا بقرب منك اصلا .. الا اذا كنتي بتلعبي بديلك من ورايا يا نادين هانم
سرت قشعريرة باردة في جسد نادين من الرعب الذي كانت تشعر به في تلك اللحظة ، وقالت بهستيريا بينما هزت رأسها مستنكرة : انا لا طبعا ازاي تفكر فيا بالشكل دا .. اكيد حد حطهم ليا..
هدر فيها أدهم بغضب شديد جعلها تجفل ، وتتوقف عن قول تلك الكلمات الحمقاء : او انتي اللي بتحطيهم لحد يا نادين
برزت عيني نادين بشدة ، وقالت بقشعريرة مضطربة : يعني ايه ؟!!
كشر أدهم عن أنيابه قائلا بغموض : هتعرفي دلوقتي
بعد أن قال ذلك ، توجه مباشرة إلى باب المكتب وفتحه ، ونادى بصوت عال : كريمة
هرولت إليه كريمة التي كانت واقفة على بعد أمتار قليلة من المكتب ، كما أمرها أدهم منذ قليل وقالت على الفور : ايوه يا ادهم بيه
أشار أدهم لها للدخول ، ثم التفتت عينيه إلى نادين ، وقال بسخط : عيدي تاني كلامك ليا امبارح
وزعت الأخرى نظراتها ، بينهما بقلق لكنها تشجعت ، وردت بصدق : انا شوفت الست نادين بتحط حبوب في كوباية مدام كارمن 
صرخت نادين فيها بهستيرية : انتي وحدة كذابة انا معملتش حاج...
لم تكمل جملتها لأن أدهم هرع إليها ، وأمسكها بشدة من شعرها ، ولم تشعر إلا بصفعة قوية هشمت عظام خدها من يده الأخرى ، لتترك خدها مخدرًا من قوة الضربة ، ثم صرخ في وجهها بتحذير عنيف : اخرسي خالص ماسمعش حسك يا زبالة
زأر بصوت مخيف مخاطبا كريمة بكلماته ، دون أن يرفع عينيه المشتعلة بوميض ناري عن تلك المرتجفة من الخوف في يده : اخرجي انتي يا كريمة دلوقتي
أومأت كريمة برأسها خاضعة لأوامره التي لا يمكنهم كسرها واندفعت للخارج.
ثم واصل صراخه في نادين التي كانت تتلوى من الألم الرهيب بسبب قبضته القاسية على شعرها ، بصوت جهوري حاسم مليء بالغضب : انطقي والا اقسم بالله هدفنك مكانك 
★★★
بينما ركضت كريمة إلى الصالة الكبيرة حيث جلست جميع السيدات.
تلعثمت بصوت لاهث ، وغير مفهوم من الإرتعاب : الحقي يا ست ليلي 
نهضت ليلى من مقعدها واقتربت منها ، قائلة بقلق عندما لاحظت وجهها الشاحب : مالك يا كريمة انتي تعبانه
تكلمت كريمة بتحشرج : ادهم بيه
صاحت ليلي بذهول مذعور ، بينما خفقات قلبها بدأت تعلو بإضطراب : اتكلمي علي طول في ايه يا كريمة ادهم ماله
أمسكت كارمن بكتفها ، وسحبتها بعيدًا عن كريمة ، وقالت بحذر وهي تنظر إليها : استني بس يا ماما .. خدي نفسك يا ست كريمة و فهمينا 
ابتلعت كريمة لعابها بصعوبة ، وواصلت حديثها بصوت متقطع : ادهم .. في المكتب مع ست نادين .. و بيضربها
استفهمت ليلي بإستنكار : ليه عملت ايه البني ادمه دي!!
انقبض قلب كارمن التي هتفت بسرعة : مش وقت اسئلة يا ماما تعالي ورايا بسرعة يا كريمة 
وهرعوا جميعًا إلى المكتب بقلق ليروا ما يجري هناك
★★★
في المكتب 
صاح ادهم بصوت مخيف بينما الشرز يتطاير من عينيه بغضب : صبرت عليكي سنين عملت فيكي بدل الثواب عشرة وانتي وحدة خس*سة وحق*رة ماطمرش فيكي رغم اني كنت مستحملك بعللك 
ثم أضاف بقسوة بينما يواصل هزها بعنف ممسكا بذراعيها بقبضته الفولاذية : الحاجة الوحيدة للي هتخلي ناري تبرد شوية اني اشوفك مرمية في السجن يا نادين وهيحصل دلوقتي حالا
نزلت على ركبتيها ، تقبّل قدميه بضعف و ذعر من تلك الفكرة المروعة بالنسبة لها ، والدموع تنهمر من عينيها وقالت بتلعثم : ابوس ايدك .. ابوس رجلك ماتعملش كدا ماتأذنيش يا ادهم ارجوك .. صدقني والله انا هطلع من حياتك خالص مش هتشوفني تاني ولا هقرب منك بأي شكل .. بس وحياة اغلي حاجة عندك ماتسجنيش 
صر أدهم على أسنانه بغضب كاسح حتى كاد أن يكسرها ، ليقول من بينهم بحقد وكراهية : كل اللي جرا منك زمان يا نادين لحد دلوقتي .. هتتحاسبي عليه هتدفعي تمنه ومش هرحمك مهما قولتي لان اي حاجة هتقوليها مش هصدقها اصلا .. و كلو كوم واذيتك لمراتي كوم هدوقك المر و محدش هيشفق علي ك*بة زيك
ثم عبست ملامحه ، واردف بإشمئزاز : كفاية السنين اللي ضيعتها من عمري وانا سكت فيها عن عمايلك .. وانا عارف انك بتكذبي عليا وان العيب منك وفاكرة نفسك ناصحة وبتخدعيني 
شعرت أن دلوًا من الماء البارد قد سكب على رأسها ، و جحظت عيناها برعب ممَ قاله حيث خارت أعصابها ، وتركت ذراعه الذي كانت تمسكه بضعف ، علي أمل أن تستطيع استعطافه ليرحمها ، لكن الآن كل ما كانت تخاف منه صار مكشوفا وهو يعرف كل ما فعلته.
شق هدوء المكان صرخة قوية منها دوت في أرجاء المكتب ، حينما ركلها أدهم بمقدمة حذائه في بطنها ، ثم أمسكها مرة أخرى من شعرها الذي أصبح منتوف خصلات كثيرة منه بسبب قسوة قبضته عليه ، ليجعلها تنهض بعنف ، وقبل أن تتمكن من تخمين ما كان يفكر فيه. 
نزل عليها بصفعات قوية متتالية على وجهها ، ممَ جعل شفتيها ينزفان بغزارة ، وكان الدم ينبض في عروق وجهها التي كانت ملونة بالأزرق ومتورمة من كثرة الضرب الذي إنهال عليها به ، بمنتهي الحقد والغضب الدفين.
تحت اصوات صراخها المستغيثة ، والتوسل اليه ان يرحمها ، لكنه لا يسمع أي شيئا مما تقوله لانه فقد السيطرة تماما ، ليصب جام غضبه فيها.
... : ادهم!!؟
لم يعيده إلى رشده إلا صوت كارمن المذعور وهي تركض إليه ، ووقفت حائلا في الطريق بينه وبين نادين.
تراجع إلى الوراء قسرًا لئلا تتأذى منه في حالته الجنونية التي وصل إليها ، وكان صدره يهبط ويعلو جراء أنفاسه سريعة ، وشعره متناثر على جبهته بفوضي مع وجود بعض قطرات العرق متساقطة عليه أثر المجهود الذي بذله للتو.
أما نادين فحدث ولا حرج ، كانت في حالة مذرية و فوضوية شديدة وشعرها أشعث ، وثيابها تناثرت بعض قطرات الدم عليها من وجهها الذي أصبح مثل خريطة ملونة بألوان عديدة.
سألت ليلي بدهشة وخوف مما تراه عيناها : ايه اللي بيجري يا ابني .. عملتلك ايه عشان تضربها بالمنظر دا ما تفهمنا
صرخ بهن هادراً بنفاذ صبر : خدوا بعضكم علي برا يا امي حالا
قالت نادين وهي تنتحب بصوت مبحوح : لا يا طنط ليلي ارجوكي دا هيموتني في ايده .. خليه يسيبني امشي وانا والله ما هقرب لحد فيكم ابدا
هتف فيها أدهم بزمجرة شرسة علي أثرها إرتجفت أوصالها ، وهي تزحف الى الوراء قليلا بعد أن سقطت علي الأرض بإنهاك قوي : تمشي منين يا روح امك انتي هتخرجي من هنا علي السجن 
نظرت مريم إلى ليلي ، ثم هتفت الأولي ، متسائلة بعدم إستيعاب : سجن ايه بس يا ابني .. استهدي بالله كدا واقعد قولنا ايه اللي حصل
أجاب ادهم علي سؤالها بسؤال أخر بصوت شديد الصارمة : عايزين تعرفو في ايه .. ؟
أردف بصوت بارد يتخلله بعض الحدة ، بعد أن حدق فيها من رأسها إلى إخمص قدمها بنظرات حارقة كالبارود : الهانم كانت بتحط في عصير كارمن حبوب منع الحمل وكريمة شافتها وبلغتني 
سكت الجميع للحظة ، يحدقون فيه بنظرات تفيض بالدهشة والاستنكار والاستغراب الشديد ، والأفكار المختلفة المتداولة في أذهان كل منهم على حدة.
ابتلعت ليلى ريقها قائلة بتوجس وعدم فهم : بشويش عليا عشان افهم يا ابني ازاي يعني !! وهي تعمل كدا ليه وانت اللي مش بتخلف
قهقه أدهم بقهر قبل أن يجيب عليها ببرود ساخر : المدام هي اللي عندها عقم مش انا .. فاكرة نفسها ذكية و بتخدعني ومكملة في التمثيلة بمنتهي البجاحة
أنهي جملته بينما كان يوجه عينيه نحو زوجته ، فوجد وجهها شاحبًا وهي ساندة على حافة المكتب في صدمة مروعة بعدم تصديق ، وعيناها مفروجتين على وسعهما.
صاحت نادين بتوسل : ارجوك انا غلطانة واستاهل اي حاجة تعملها فيا .. بس ابوس ايدك بلاش السجن يا ادهم والنبي
 تقدم نحوها بغضب عاصف ، قاصد لكمها لتصمت ، لكن كارمن أوقفته عندما ركضت إليه مذعورة ، لتمنعه ​​بأحاطتها ذراعه قائلة برجاء : ادهم لو سمحت عشان خطري انا .. ماتعملش كدا
هدر ادهم بها في حدة محاولا ابعادها عن طريقه : انتي مجنونه دي بتأذيكي الله اعلم بسبب الادوية دي اتسببت في ايه
نظرت كارمن له نظرات مترجية دامعة ، وهي مقوسة شفتيها الى الاسفل مردده في استماته مجددا ، لتهتف بصوت مبحوح : وحياتي عندك يا ادهم ماتعملش كدا فيها .. اذا علي العقاب ربنا المنتقم الجبار وقادر ياخد حقنا عشر اضعاف ما انت هتعمل فيها .. ماتشيلش ذنوب بسببها وسيبها تمشي من هنا
نظراتها البريئة وكلماتها المفعمة بالخوف عليه كانت كتعويذة سحرية جعلته لأول مرة في حياته ، يتراجع عما قاله ، ثم أدار عينيه فتجهمت نظراته فجأة ، تجاه تلك المرأة المنكمشة ، محاصرة نفسها في زاوية بعيدة بالمكتب ، و امتلأت عيناها بالذعر من المصير الذي ينتظرها ، ثم هتف بغضب مشمئز : سمعتي يا حقي** اللي كنتي بتأذيها بتقول ايه .. هسيبك تغوري من هنا بس عشانها .. لكن لو فكرتي بس تقربي من حد فينا تاني او شوفتك صدفة انتي الجانية علي روحك ساعتها 
استرسل حديثه بصوت جهوري ، بينما يرمقها بنظرة مليئة بالاحتقار الشديد : انتي طالق يا نادين و ورقتك هتوصلك علي شقة ابوكي اللي بإسمك .. وحالا تطلعي برا من غير اي حاجة .. بالهدوم اللي عليكي وبس وسيبي مفاتيح العربية هنا 
أشاح بصره عنها محدقًا في كريمة ، ليصيح ببرود : كريمة اتأكدي انها خرجت من القصر يلا
سألت ليلي بصدمة ، حالما غادرت نادين المكان بعد تعرضها للإذلال أمامهم جميعا : يعني انت كنت عارف انها هي اللي مش بتخلف
تمتم ادهم بجمود : ايوه
نظرت ليلي إلي ولدها متعجبة مما يقوله ، قائلة بعدم فهم : وايه اللي سكتك .. ليه مطلقتهاش يا بني
وزع نظراته عليهم جميعا ، وهو يحاول امتلاك اعصابه المتوترة ، وقال : اقعدوا الاول و نتكلم
بعد أن أنهي جملته ، خطي خطوات واسعة نحو الأريكة في منتصف مكتبه ، وقال بنبرة هادئة على عكس صراخه منذ دقائق ، بعد أن جلس الجميع أمامه ينظرون إليه بإنشداه : في البداية انا اتجوزت نادين عشان شغل ابوها معايا .. يعني لولا علاقاته الكتير بشركات عالمية ماكنتش الشركة اشتهر اسمها بالسرعة دي مش بس بالفلوس لكن بالتسويق .. طبعها الزفت و عاداتها المستفزة كان لازم اسكت عنهم عشان اي انفصال في الوقت دا كان هيبقي له تأثير علي الشركة و هخسر كتير محدش يعرف بكدا غيري ..
أضاف نظرة جانبية إلى والدته التي سألته كثيرًا في السابق ، لكنه لم يعطها سببًا مقنعًا ، لذلك التزمت الصمت لأنها أدركت أن لديه أسبابه لقول هذا : اخترعت ان العيلة مافهاش حاجة اسمها طلاق عشان ما اديهاش فرصة تعرف نقطة ضعفي وتستغلها والايام عدت .. الهانم طلعت فجأة بحكاية الخلفة وبعد الزن المستمر علي وداني روحنا للدكتور
ثم اضاف بنفس الهدوء الذي يحسد عليه في مثل هذه المواقف : لما هي عرفت انها عندها عقم من التحاليل رشت الدكتور او هي افتكرت كدا مكنتش عارفه انه صديق لأبويا من زمان وهو اللي بلغني .. بس قدرت اقنعته انه يوافق وهي دخل عليها اني مصدق ان العيب مني
كان الجميع يستمعون بصدمة وسكون ، لكن صوت ليلي كسر هذا الصمت التي قالت بعدم إستيعاب : ايه اللي بتحكيه دا يا بني .. دا اسمه جنان كان لازم تطلقها مهما كانت النتائج دي وحدة مؤذية و كذابة وغشاشة
أومأ اليها ادهم برأسه في تفاهم وقال بغضب : هو فعلا كان جنان بعد كدا عرفت بالصدفه ان نادين كانت بتتعالج في مصحة نفسية
تمتمت مريم بإندهاش و عدم تصديق مما تسمعه : لا حول ولا قوة الا بالله
بينما هتفت ليلي بإستنكار شديد : يا نهار مش فايت كمان يا ادهم
استرسل ادهم حديثه بعد أن فرك وجهه براحة يده في تعب شديد : ايوه كان عندها اضطراب في السلوك بعد ما خلصت الجامعه بالعافية ابوها لمصلحتها حاول يعالجها بس ماكملتش علاج .. لانها هددت ابوها يا اما يخرجها من هناك يا هي هتفضحو عشان مدخل بنته مصحة نفسية .. طبعا هو نفذ بدون تفكير لما حس ان خبر زي دا هيأثر علي سمعته وعلاقاته و هيخسروا اسهم كتير في البورصة .. ولما روحت المصحة بنفسي عرفت ان هناك ماكنش في علاج اصلا لانها كانت مدمنة كحول و بيتسرب لها ممنوعات لحد جواه
هزت ليلي رأسها تصيح فيه بعدم تصديق و دهشة مروعة : يعني كنت عارف انها مريضة نفسيا و مخليها معانا طول السنين دي يا ادهم ازاي تعمل كدا شوف وصلتنا لحد فين بتصرفاتك دي
هدر ادهم بإنفعال بعد أن ثارت اعصابه : انا ماتخيلتش ان يبقي جزائي في النهاية انها تعمل العملة السودة دي
قام بتوزيع نظراته على الجميع ، ثم نظر إلى كارمن التي كانت تستمع من البداية دون أن تشارك في الحديث ، لأن لسانها معقودًا من الصدمات القوية المتتالية عليها.
سألت مريم بذهول وحزن : ليه ماقولتش بس يا بني انها مريضة كنا حاولنا نعالجها حتي لو غصب عنها
نظرت ليلي إليها قائلة بإستنكار يشوبها بعض من القسوة : اللي زي دي مستحيل هتتصلح .. مش عشان مريضة لا هي ايمانها بالله ضعيف و مزروع جواها الشر وبتموت في الفلوس .. ممكن تعمل اي حاجة عشان ماتخسرهاش حتي ممكن توصل للقتل .. انا عمري ما قلبي ارتحلها ولا صعبت عليا
صوب أدهم عينيه بحدة مما كان يسمعه ، والذي كان خائفًا جدًا من إحتمالية حدوثه لكارمن ، وقال بإهتياج مضطرب : لولاكي يا كارمن انا مكنتش سيبتها تمشي .. كنت هرجعها المصحة تاني أو حتي اسجنها علي عمايلها والله لو حاولت تيجي جنب من اي حد فيكم هسجنها باقي عمرها دا لو مخلصتش عليها
هتفت ليلي بعد أن ابتلعت ريقها بخوف : بلاش تهور يا ادهم انا مش مستغنيه عنك يا بني ربنا يلطف بينا .. مش مصدقة ان في حد بالأنانية والجحود دا
تدخلت كارمن لأول مرة في مشاركتهم بالنقاش ، وقالت بهدوء بعد أن شعرت بغضب زوجها يتفاقم للمرة الثانية ، والذي من الممكن أن يسبب مشاجرات أخرى بينه وبين والدته في حالته العصبية التي يبدو عليها : ماما ليلي خلاص خليه يهدأ دلوقتي بلاش نضغط عليه
أومأت برأسها لها في صمت ، ثم خرجت مع مريم التي ربتت على ظهرها بحزن وأسي ، لتتركهما وشأنهما لفترة وجيزة.
★★★
رفع أدهم عينيه نحو كارمن التي كانت جالسة على كرسي منفرد ، بينما كان جالسًا على الأريكة.
علم من خلال نظراتها المتسائلة أن في ذهنها سؤال ولم يخمن كثيرا ، بل أجاب عليها بهدوء دون الحاجة إلى طرح هذا السؤال : لما الشركة اسمها اشتهر في الشرق الاوسط و كونت علاقات كتير بالشغل المميز اللي قدمنا .. مابقتش محتاج لجوازة نادين وفكرت جديا اني اطلقها .. في الوقت دا ابوها احواله في البورصة ادهورت وبقي عليه ديون .. اضطر يبيع اصول كتير من املاكه ويستلف فوقها عشان يسدد .. كنت عايز اخلص بسرعة من الموضوع وعرضت عليه اسدد ديونه في مقابل اطلق بنته .. رفض واترجاني ماطلقهاش عشان مابقاش ليها حد وبسبب ظروفها النفسية دي هتبهدل نفسها في الدنيا .. مقدرتش ارفض
همست كارمن بأسي : دي كانت وصيته ليك
أومأ إليها برأسه قبل أن يرجع بها للوراء مستندا علي الاريكة بإرهاق مردفًا : ايوه بعدها بكام شهر مات بسكته قلبيه .. الحاجة الوحيدة اللي سابها لبنته شقة بإسمها وبس
نهضت كارمن من مقعدها بتردد ، وجلست بجانبه على الأريكة ، ثم مالت رأسها قليلاً لتريحها على كتفه اليسار ، وربت على راحة يده الباردة قائلة بحنان : ممكن تهدا خلاص حبيبي
رفع ذراعه ووضعها خلف ظهرها ، وشدها برفق تجاهه ، فتشبثت به أكثر واحتضنت خصره بذراعيها ، وبقيت على هذا الحال لفترة.
شعر أدهم بالارتياح قليلا من ذلك السكون الذي أحاط بهم حتى تملمت قليلاً بين ذراعيه ، رفعت ذقنها ونظرت إليه بعينها الزرقاوين قائلة بنبرة رقيقة : هروح اعملك عشاء بإيدي و ماتقوليش ماليش نفس هتاكل معايا والا انا مش هتعشي كمان
ابتسم نصف ابتسامة علي كلماتها التحذيرية له ، قائلا بتهكم مصتنع ، بينما نظراته مفعمة بحب عميق : بقي ليكي تأثير شديد عليا و علي قراراتي يا كارمن هانم
اغرورقت الدموع عينيها رغما عنها ، وقالت بهمس : انا خايفة عليك لمصلحتك انت يا ادهم عملت كدا مش عاوزة حاجة غير انك تبقي بخير وجنبي
طبع قبلة دافئة على جبينها بحب وامتنان علي آثارها أغلقت عينيها ، وهي تغمغم وتغمر نفسها مرة أخري داخل أحضانه ، ثم بعد فترة حاولت النهوض من جنبه لتقف بابتسامة رقيقة على شفتيها ، لكن ذلك الصداع والدوخة هاجمها مرة أخرى ، ممَ جعل جسدها يترنح وتفقد توازنها.
استقبلها أدهم بين ذراعيه ، يساندها بقلق ، ثم تفحص وجهها قائلاً بلهفة : علي مهلك حاسة ايه
كافحت كارمن لمحاربة هذا الغثيان ، وقالت بنبرة مجهدة : مافيش حاجة
سألها أدهم ، ويبدو على وجهه المقتضب علامات يقين عن الجواب الذي سيسمعه منها حالا : نفس التعب تاني صح
أومأت كارمن برأسها بضعف ، وهي تعلم أن هذه المرة لن تمر مرور الكرام.
قال أدهم بلهجة حاسمة لا يوجد بها ثغرة نقاش : الصبح هاخدك للدكتور واذا رفضتي هجيبو لحد هنا
دون أن ينتظر لحظة لكي يستمع لردها ، قام من بجوارها ورفعها بين ذراعيه ، طوقت هي ذراعيها حول رقبته بإستسلام تام ، ثم إتجه إلى خارج المكتب للصعود إلى جناحهم بهدوء.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في صباح اليوم التالي
في إحدى العيادات الخاصة لأخصائي أمراض النساء والتوليد شهير.
تحدث الطبيب بنبرة مهنية مطلقة ، بينما جلس أدهم وكارمن أمامه : الفحوصات والتحاليل اللي قدامي بتأكد ان مدام كارمن عندها مشكلة في الانجاب
قال أدهم بتوتر بعدما تسرب القلق إلى قلبه الذي زادت خفقاته مما سمعه ولا يستوعبه : ازاي دا يا دكتور وهي خلفت قبل كدا
أومأ الطبيب برأسه وقال بهدوء : انا متفاهم كلامك يا استاذ ادهم
ثم نظر إلى كارمن وأعاد بصره إلى أدهم ، ليقول بجدية : لكن زي ما عرفت من حضرتك هي كانت بتاخد موانع حمل .. دا شئ عادي لكن الادوية اللي انت وريتهالي دي ليها اثار جانبيه شديدة و دا اتسبب في مضاعفات ليها
نظر أدهم إلى شحوب وجه كارمن الصامتة ، لكنه تمكن بسهولة من قراءة ما يدور في ذهنها من تعبيرات نظرتها المصدومة ، وهتف بتساؤل : طيب ايه الحل يا دكتور!!
قال الطبيب أثناء كتابة بعض الملاحظات في دفتر أمامه : هكتبلها علي دواء يعالج الخلل اللي حصل بالتبويض ولازم تاخده بإنتظام و مايكونش في كسل او تهاون .. عشان يكون في نتيجة سريعة و دا طبعا يتوقف علي حسب استجابة كل جسم
أومأ ادهم له وقال بتنهيدة : تمام شكرا يا دكتور
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
مرت عدة ايام متتالية من دون احداث
في شقة قاسم
جلست ميرنا على الأريكة ، ووضعت قدمًا واحدة فوق الأخرى ، قائلة بإحباط : عرفت اللي حصل مش كدا
جلس قاسم على المقعد بجانب الأريكة وقال : ايوه عرفت نادين مش راضية تخرج من شقتها من يوم طلقها
نفخت ميرنا بغيظ متمتمة بقهر : خططنا كلها اتهدت و بقت علي فشوش
ابتسم قاسم بمكر وقال : انا عندي حل
اعتدلت ميرنا في جلستها بسرعة ، وسألت في لهفة : ايه هو ما تتكلم بسرعة
اتسعت ابتسامة قاسم وقال بهدوء : بما اننا مش هنقدر نبعت الفيديوهات لجوزها لانه طلقها .. يبقي نبعتهم لنادين نفسها
لم تجعله ينهي جملته قائلة بازدراء : يا شيخ روح ما قولتلك ان الحل دا فشنك
تنهد قاسم بملل و اردف : اسمعيني لحد الاخر هي هتترعب وهتجري عليكي تستنجد بيكي واكيد هتتهمني اني السبب. .. وقتها هقولها ان صحبي اللي كنا في شقته غدر بيا وهو اللي خطط لكدا و بيبتزنا انا و هي دلوقتي وعايز فلوس
لقد راقت إلى ميرنا هذه الخطة كثيرًا ، ثم قالت تحثه علي الإستكمال بخبث : كمل وبعدين
قاسم بإبتسامة ماكرة : طبيعي هتسألك و ايه اعمل يا ميرنا
أردف وعيناه تلمع خبثا : دورك بقي انك تقنعيها انها تخطف مراته اللي فضلها عليها مع رشة شطة علي الجرح من بتوعك .. وقتها هتوافق وتضرب عصفوين بحجر انها تنتقم من غريمتها و تطلع من ادهم بفلوس تشتري سكات اللي عايز يفضحها
تهللت أسارير وجه ميرنا بسعادة ، وقالت بسرور : برافو عليك يا قاسم
ثم اضافت بحيرة : بس مين اللي هينفذ!!
أجاب قاسم ببساطة : انا هقولها اني عندي رجالة ممكن يقضو المصلحة و ياخدو حقهم
نظرت ميرنا إليه بشك ، وسألته : انت متأكد
هتف قاسم بثقة : اكيد دول ناس كل همهم الفلوس طالما هندفعلهم كويس هيعملو شغلهم مظبوط
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في جناح ادهم
يجلس أمام التلفاز ، لكن عقله شارد في مكان بعيد جدًا ، فإنه يشعر بهموم الكون بأسره فوق كتفيه وحده ، ولا يعرف ماذا يفعل ، ولا يمكنه النوم جيدًا حتى من المشاكل العديدة التي تؤرقه.
صعدت كارمن من الأسفل بعد أن كانت تجلس مع والدتها التي حاولت أن تخفف عنها بكلماتها الحانية وتصبرها علي هذه الحادثة ، لكن ما صدم الجميع ، وأولهم أدهم هو هدوءها وقبولها للأمر.
كما لو كانت على علم بذلك بالفعل ، لكن ما لا يعلمونه أن حدسها كان ينبئ بحدس سيء ، وحمدت ربها أن أدهم لم يتأذى بسوء ، لكنها حزنت على صمته وبُعده عنها خلال الأيام الماضية.
أمسكت كارمن بجهاز التحكم عن بعد وأوقفت التلفزيون ، ثم سألته بلطف وهي تستدير بكامل جسدها أمامه : ادهم هو احنا متخاصمين!!
نظر إليها أدهم بدهشة قائلاً بابتسامة خفيفة : ليه بتقولي كدا ؟
سارت نحوه ببطء وجلست بجانبه على الأريكة ، قائلة بنبرة حزينة مع فرك يديها في بعضهما البعض بتوتر طفيف : بقالك كام يوم متغير مش زي عوايدك معايا
ابتسم ادهم بخفة واضعا كفه الدافئ علي وجنتها المتوردة ، وقال بهدوء : ماقدرش يا كارمن اتغير معاكي لاني روحي فيكي وانتي متأكدة من كدا
نظرت كارمن إليه بحدقتيها الواسعة ، وهمست بحيرة : طب مالك بس ايه اللي بتفكر فيه
اعتدل ادهم في جلسته للأمام ، وقال بتنهيدة دون أن ينظر لها شاعرا بغصة في حلقه : محرج منك يا كارمن و زعلان من نفسي
بعد أن قال ذلك حاول النهوض من بجوارها ، ولكن منعته يد كارمن التي مدت كفها ممسكة بذراعه ، وقالت بنظرات مترجية : ماتقولش كدا يا ادهم و ماتفكرش بالطريقة دي .. ممكن تفضل قاعد لو سمحت عشان نعرف نتناقش
نظر إليها بتعجب من هدوئها الذي استفزه للغاية ، وهدر فيها بحدة دون وعي منه : اهدا ازاي و الاذي اللي كنت خايف منه مطالكش غيرك انتي
زفرت كارمن بضيق وقالت بخفوت : يا ادهم العصبية بتاعتك دي مش هتحل حاجة ما انا معاك اهو و كويسة
تطلع ادهم إليها بأعين منفرجة بعدم تصديق ، وقال بينما يلوح بيده بإنفعال : انتي ازاي قادرة تتكلمي بالهدوء دا .. ازاي ماكرهتنيش بعد اللي حصلك بسببي!!
أدارت عينيها بعيدا عنه وابتلعت لعابها ، قائلة بصوت خانق بعد أن تجمعت الدموع في عينيها : مقدرش ارمي اللوم عليك وكمان مش المفروض اصلا نتكلم في الموضوع دا الا و انت هادي عشان كدا محبتش اضغط عليك في الكام يوم اللي فاتو
أخذ نفسا عميقا ، ومسح وجهه براحة يده ، ثم جذبها بين ذراعيه ، وعانقها بحنان ، وربت على شعرها برفق.
قال بهدوء وهو يخرجها من أحضانه ، وينظر إليها بعيون تلتمع بحزن من شعوره بالذنب تجاهها : انا هادي اهو .. معلش لو انفعلت عليكي سامحيني يا حبيبتي .. بس انا بتمني اخلف منك نفسي اوي اجيب ابن منك انتي .. كنت بدعي أنه يحصل كدا من وقت ما اتجوزنا
قالت كارمن بعيون دامعة ، مرددة ما قالته لها والدتها : انا كمان نفسي يا ادهم .. لكن دلوقتي قول قدر الله وماشاء فعل .. دا قضاء ربنا .. لازم نرضي به عن إقتناع عشان ربنا يكرمنا باللي بنتمناه
أغمض أدهم عينيه ، وهو يرفع وجهه للأعلي ، ثم تنهد بحرارة قائلا : ونعم بالله .. بس لازم ادفع نادين تمن اللي عملته فيكي مش هينفع اسيبها بعد اللي حصل .. يمكن ارتاح شوية من النار اللي حاسس بها دلوقتي.
قالت كارمن وهي تغمر نفسها داخل احضانه مرة آخري : ادهم .. ممكن نخرج سيرة نادين من حياتنا .. ربنا قادر ياخد حقنا احنا الاتنين منها
ثم اردفت بهمس : وانا فكرت كويس وقررت اني اخد العلاج وانتظم عليه زي ما قال الدكتور و ان شاء الله يجيب نتيجة
شدد ادهم من احتضانه اليها أكثر ، قائلا بإصرار : لا انا هاخدك ونسافر نشوف هتقول ايه الدكاترة برا
خرجت من حضنه وهي ترفع رأسها ، لتنظر إليه قائلة بصوت مبحوح : ادهم الدكتور اللي هنا مش قليل .. دا تقريبا اشطر دكتور في مصر خلينا معه عشان خطري و ربنا يسهل
لم يريد أدهم أن يجادلها عندما شعر بتعبها ، وقال بابتسامة جذابة على شفتيه : ماشي يا كارمليتي
ابتسمت كارمن بحبور لأنها تمكنت أخيرًا من تغيير مزاجه المتعكر ، وغيرت الموضوع قائلة بنعومة : ممكن نركز في شغلنا شوية بقي فاضل كام يوم بس علي الديفليه
رفعها من خصرها ، ليجلسها علي قدميه كأنها طفلة مدللة ، وأحاطها بين ذراعيه ، قائلاً بصدق : مفيش حاجة اهم من صحتك عندي
أغمضت كارمن عينيها، وأسندت جبهتها على جبهته بارتياح ، بعد أن أطمأن قلبها ، ثم لفت ذراعيها حول رقبته قائلة بابتسامة : عارفه يا حبيبي بس انا متحمسة اوي دي اول مرة ليا
وضع أصابعه تحت ذقنها ، ورفع وجهها إليه ، ونظر إلى شفتيها ليجد ابتسامة صغيرة جميلة تتراقص فوقهما ، ليقول بعدها بثقة : هتنجحي بإذن الله يا قلبي
رفعت كارمن مقلتيها ، وشردت في ابتسامته الجذابة قائلة بعفوية : المهم تكون معايا
قبلها بحب في عينيها ، وقال بيقين : دايما هنواجه كل حاجة مع بعض وهنعدي الازمات دي علي خير
تنهدت كارمن بارتياح من نبرة صوته الدافئة الممتزجة بالحنان ، وأيضا بكلماته التي تطمئن قلبها الذي غمره بعاطفته الجياشة تجاهها ، وقالت برقة بالغة : الكل متجمعين تحت عشان نتعشي سوا مش هتنزل
لوي أدهم شفتيه بابتسامة عابثة ، قائلاً بنبرة لئيمة ، بينما عيناه تلمعان بوميض خبيث : لا ماليش نفس للاكل..
ثم أضاف شيئًا بنبرة منخفضة إلى جانب أذنها جعلها تشهق ، وهي تضربه على كتفه برفق ، لأنها فهمت مقصد كلامه ، ففلتت منها ضحكة خجولة رغماً عنها ، جعلته يتنهد بحرارة ألهبت بشرتها ، وهو يطوقها أكثر إليه بشغف.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
مساء اليوم التالي
في قصر البارون
ملأت ضوضاء الضحك الصاخبة حديقة القصر ، حيث جلس الجميع حول طاولة كبيرة أمامهم شاشة محمولة ، لإجراء مكالمة فيديو عبر الإنترنت.
هتف الحاج عبد الرحمن الذي ظهرت صورته على الشاشة أمامهم بانزعاج في الجالسين بجانبه : اهدو شوية يا اولاد .. انا ماسمعش حاجة من دوشتكم جنبي
من ناحية أخرى ، تقول كارمن بمرح : يا جدو بقولك انت وحشاني
تهلهلت أسارير الجد بابتسامة سعيدة قائلا بصدق : وانتي كمان يا حبيبة جدك
تدخلت روان في المحادثة ، ووضعت وجهها أمام الشاشة بطريقة مضحكة ، قائلة بغضب مصطنع : نحن هنا انا بغير مش معقولة كدا
قالت كارمن بضحكة ساخرة : طب غيري علي جوزك و سيبنا في حالنا شوية مش عارفة اكلم جدو حبيبي براحتي يا لازقة
لكزها أدهم برفق في خصرها ، قائلاً بحزن مزيف بعد أن شعر بالغيرة : انا قاعد جنبك علي فكرة راعي مشاعري انا كمان
انفجر الجميع ضاحكين ، وقال زين من بين ضحكته بقلة حيلة : انسي يا عم دول مابيراعوش مشاعر حد
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
مر اسبوعين علي ابطالنا
حيث كان أدهم وكارمن يقضون أوقاتهما في جو هادئ ودافئ مع بعضهما البعض ، وبالتأكيد أيامهما لا تخلو من مشاجرات أدهم بسبب عناد كارمن أحيانًا ، لكن الشجار لا يدوم طويلًا ، لأنهما تعلما أنه من خلال المناقشة والصراحة بينهما يمكن التغلب علي كل شئ يعكر صفو حياتهما.
حتى الآن ، هم مشغولون جدًا بالتحضير لعرض الأزياء الذي سيقام في غضون أيام قليلة.
أما بالنسبة لزين وروان ، فهما سعيدان جدًا في حياتهما الجديدة ، وكل منهما يتعرف علي كل شيء يخص الآخر ، كما أنهما صاروا يحافظون كل التفاصيل الصغيرة عن بعضهما البعض ، وهما الآن يستعدان للسفر لقضاء يومين بعيدًا عن الجميع.
أما عن عصافير الحب مالك و يسر ، تسير معيشتهما على ما يرام مع وجود بعض الإضافات التي طرقت عليهما ، حيث كانت طلبات يسر منذ حملها كثيرة ، ومالك يبذل قصارى جهده ، ليوفر لها جميع إحتياجتها الغريبة التي لا تنتهي.
وحال نسمة كما المعتاد ، حياتها كلها والدها وعملها ، لكنها تحاول جاهدة أن تجعل يوسف يفهم أنها أصبحت غير مبالية به ، لكنه رغم ذلك لا يتوقف عن المحاولات التي تفشل في النهاية.
كما لا تنسوا أمر مراد الذي غاب أكثر من شهرين دون أي ذكر أخبار له.
هل سيعود أم سيبقى مختبئًا إلى الأبد ، لا يوجد تأكيد علي ذلك!
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
صباح يوم جديد
في قصر البارون
داخل جناح ادهم
تأففت كارمن بضجر لأكثر من نصف ساعة ، وهي مرتدية ملابسها ، وتحاول إيقاظ أدهم الذي لا يريد النهوض ويتجاهل ندائها عليه.
صعدت كارمن فوق السرير بركبتيها ، وهزته من كتفه قائلة بتوسل رقيق ، وأصبح صوتها مبحوح قليلا من كثرة النداء إليه : يا ادهم يا حبيبي انا تعبت يلا قوم الله يهديك
أدار أدهم وجهه إلى الجانب الآخر ، وهو يتمتم بنعاس : عشر دقايق بس وهقوم يا حبيبتي
عبست ملامح كارمن مزمجرة به في إستنكار : ليه يعني !! يا ادهم قوم حرام عليك ورايا حاجات كتير بالشركة البروفا الأخيرة انهاردة و انت وراك اجتماع مهم
هتف ادهم بحنق وهو مغمض عينيه : كفاية زن علي وداني يا كارمن قولتلك قايم هي الدنيا هتطير
قرصته كارمن في خده بلطف قائلة بإستغراب : معرفش انت ليه بقيت كسلان كدا!!
قام أدهم من نومه وجلس أمامها على ركبتيه قائلا بضجر ، وهو يفرك عينيه بظهر كفه كالأطفال : خلاص انا قومت
رفع أدهم بصره إليها ، بينما توسعت حدقتيه بإنبهار متأملا جمالها الأنثوي الناعم في البدلة الرسمية النسائية التي ترتديها.
كانت رائعة للغاية عليها بينما كان شعرها ينسدل بنعومة على ظهرها مع لمسات ناعمه جدا من المكياج ، فقال مبتسمًا دون وعي : ايه الحلاوة دي كلها علي الصبح .. بقول ايه ما تسيبك من الشغل انهاردة والاجتماعات اللي مابتخلصش ونخرج نقضي اليوم في اي حته
حملقت فيه بعيون منفرجة على مصراعيها ، وفغرت فاهها بذهول ، بينما أمالت رأسها قليلاً ، محاولة فهم ما يحدث لزوجها.
قالت بصدمة بعد أن وضعت كفها الدافئ على خده : يا خبر .. معلش سؤال .. هو انت ادهم نفسه للي بيعشق شغله ولا انسان تاني ..
ثم تظاهرت بالحسرة ، وهي تقوس شفتيها ، وواصلت كلامها : دلوقتي يقولو اني انا اللي بوظتك وانا ماليش ذنب
أمسك كفها الناعم فوق خده بذقن خشنة مقارنة بنعومة يدها ، وطبع عليها قبلة عميقة في راحة كفها ، قبل أن يغمغم بشغف في ملامحها البريئة والفاتنة بابتسامته الخلابة التي تخصها وحدها : جننتيني بعشقك اللي بيزيد جوايا كل يوم اكتر
ابتسمت كارمن بخجل بسبب مغازلته لها ، قائلة بحياء مغري زاد من خفقات قلبه المتيم بها : انت اللي خطفت قلبي و بقيت روحي و حياتي
أطلق أدهم تأوه بإستمتاع ، وقال بمكر : اوووه اخيرا .. بقيتي تقولي كلام حلو اهو
احتضنت كارمن وجنته بكلتا يديها ، ثم همست بحب : قلبي هو اللي بيكلم
ثم أردفت بنبرة جدية فجأة ، وهي تبتعد عنه قليلا : بس لازم نروح الشغل لان دا مستقبلنا و طالما بدأنا لازم نكمل و ننجح فيه
رفع ادهم حاجب واحد يناظرها بإعجاب ، وقال دهشة متصنعة : لالا ايه اللي حصل في الدنيا انتي بقيتي كمان اشطر مني و لا ايه ؟
حاولت كبح ابتسامة علي تعبيرات وجهه المصدومة ، قائلة برقة : والله دا أول درس علمهولي مديري وانا لازم انفذ كلامه بالحرف
دعك ادهم ذقنه وقال بعبوس : فكريني اكلمو المدير السئيل دا واقوله يحل عننا ويسيبنا نعيش يومين رايقين مع بعض
مطت كارمن شفتيها بإستياء وقالت بنعومة ودلع : لا ماتقولش عليه سئيل ابدا .. دا ارق والطف مدير في العالم
اقترب أدهم منها قليلا مستنشقا عطرها بثمله ، وهمس بتلاعب أمام شفتيها مداعبا وجنتها الناعمة بإبهامه : بجد وايه كمان
انتفضت كارمن مبتعدة عنه ، بينما خفقاتها تعلو في صدرها من تأثيره القوي عليها ، ووقفت امام الفراش قائلة بتذمر لطيف : لا انت بقيت فظيع و خطر هتكسلني معاك يلا اتفضل قوم البس
نفخ ادهم بضجر وقال بصوت عال : أوووف انتي لسه مصممة علي السيرة دي
أمسكت كارمن بذراعه ، محاولة سحبه من السرير ، قائلة بلطف كما لو كانت تتحدث إلى طفل صغير : الشطار مايقولوش أوف يا حبيبي يلا قوم يلا يا روحي قوم تعالي
أمعن أدهم النظر إليها بطريقة تدركها منه جيدًا ، وقال بخبث : عايزاني اجي بجد
صاحت كارمن عليه بتذمر بعد أن جعل الخجل يتصاعد إلي وجنتها : ادهم بطل لئم عليا بتكسفني و بتفقدني تركيزي بعمايلك دي وانا لازم ابقي مركزة
حدق فيها أدهم بابتسامة عاشقة ، وهو ينهض واقفا على قدميه ويسير نحوها قائلا بصوت هامس ، وهو يمسك ذقنها بين أطراف أصابعه : بحب اشوف خدودك الحمر من الخجل دول بتحلوي أكتر و تجنني قلبي زيادة
بعد أن أنهى جملته اللطيفة ، أمال رأسه قليلاً وقبل خديها وشفتيها بقبلات رقيقة.
ابتسمت له بخجل أكثر ، تتخللها نظرات حب كبيرة ، فرجت فاهها قليلا في محاولة للرد عليه ، لكن الكلمات هربت منها بسبب قربه الطاغي علي حواسها بالكامل.
ليقترب منها أكثر ضاماً اياها بين ثنايا قلبه بحنان ، ودفن وجهه في تجويف عنقها ، لتفعل هي الشيء نفسه ، مستسلمة لدفئه اللذيذ وتهمس بتنهيدة حارة : بتنسيني كل حاجة اول لما بتقرب مني ومابكونش عايزة ابعد ابدا عن حضنك
استنشق عطرها الخلاب الذي أدمنه حرفيا ، وتنهد بحرارة ضربت أنفاسه الحارة بشرتها ، فارتعش جسدها من سخونتها اللطيفة ، ثم سمعته يهمس بشوق : حضنك علي الصبح دا عندي مهم اوي بيمدني بطاقة ونشاط رهيب عشان اكمل اليوم .. بحبك يا كارميلة قلبي
ابتسمت بسعادة وهيام ، بينما تشدد أكثر من ضمه على جسدها ، مسندة رأسها على كتفه ، وعيناها مغمضتان تغمغم : وانا بحبك أكتر ياروح قلبي
بقوا في هذا الوضع الحميم بضع لحظات قبل أن تفتح عينيها بسرعة عندما تذكرت شيئًا ما ، ثم ابتعدت عنه وهي تحدق به في سخط ، ليقول هو بإستنكار من حركتها المفاجئة : ايه اللي حصل؟
صاحت كارمن مستاءة ، وهي تعدل ملابسها التي تبعثرت بسببه : مافيش فايدة فيك يا ادهم بتجرجرني للرزيلة بمكرك دا و بتنسيني الدنيا كلها ..
ثم قالت تصنعت العبوس ، وهي تنظر له بدلال ، وتشير بإصبعها للأمام : يلا يا حبيبي علي الحمام بلاش معايا الحركات دي
صدرت منه قهقهة عالية على ما قالت ، ثم رفع يده مستسلمًا وسار معها إلى الحمام دون أن يحاول الاعتراض مرة أخرى ، لكن الأمر لم يسلم من بعض التدلل عليها في الداخل.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد عدة ساعات في شركة البارون
دخلت كارمن مكتب نسمة التي كانت تنجز بعد الأعمال ، ولم تلاحظ وجودها حتي ، قالت كارمن بإبتسامة هادئة : صباح الخير
ردت نسمة بإحدي ابتسامتها الرائعة : صباح الفل يا روما
قالت كارمن هي تحدق بها في إستغراب : انتي لسه قاعدة يلا يا نسومة عندنا شغل في قاعة البروفا البنات مستنين هناك
ابتلعت نسمة ريقها ببعض التوتر ، وقالت بحرج : معلش يا كارمن اعفيني رانيا موجودة هناك
ضيقت كارمن عينيها وقالت بإستفهام : وفيها ايه !!
اخذت نفسا عميقا قبل أن تقول بحنق : نظراتها ليا بتستفزني وانا مش عايزة اشتبك معها وتحصل مشكلة بعدها دا غير أنها ماسبتش حد ماقالتلوش أنه يوسف سابني عشانها تخيلي الوقاحة
جلست كارمن علي الكرسي المقابل لمكتب نسمة ، وقالت بعزم : بالعكس يا نسمة لازم تحضري دا شغلك و انتي تعبتي فيه ماتخليش اي حاجة تهز ثقتك في نفسك .. كل ما تحسي الاحساس دا اتحدي نفسك واقفي قدامهم بثبات .. والاهم أن يوسف لحد دلوقتي بيجري وراكي عشان يصالحك .. يبقي مين فيكم اللي ساب التاني بالعقل كدا .. ماتهتميش بكلام حد فاهمة
ابتسمت بمحبة لحديثها الذي جعلها سعيدة للغاية ، وغمغت بشكر الله في سرها على وجود هذه الصديقة الرائعة في حياتها ، لتقول بامتنان صادق : معرفش من غيرك انا كنت هتصرف ازاي يا كارمن كان زماني استقلت من هنا من زمان ربنا يخليكي ليا
اتسعت ابتسامة كارمن حتى ظهر صف من أسنانها اللؤلؤي ، قائلة بود : ويخليكي ليا يارب حبيبتي انتي .. يلا قومي بسرعة مش عايزين نتأخر
ثم أضافت وهي تنهض من مكانها بعد أن قامت نسمة واستدارت ، لتخرج معها من المكتب : اه بالمناسبة بعد الاجتماع عايزاكي في حاجة جنان كدا بس عشان خطري اوعي ترفضي
سألت نسمة بفضول ، وهي ترمقها بطرف عينها : شوقتيني ايه الموضوع!!
تأبطت كارمن ذراع نسمة ، وقالت برقة : هقولك عليه بعدين يلا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل نادين
ميرنا فتحت باب المنزل مستخدمة مفتاحها الذي أعطته إياها نادين منذ أن مكثت هنا من أجل إحضار ما تحتاجه ، فهي ترفض تمامًا النزول أو الاختلاط بأي شخص.
فرغت ميرنا محتويات الأكياس التي أحضرتها من الخارج إلى الثلاجة قبل أن تتوجه إلى غرفة نوم نادين التي لا تخرج منها إلا للضرورة فقط.
دلفت إلى الداخل ، فصدمت عينيها بالظلام الذي يحيط بالغرفة في منتصف النهار ، لتتجه مباشرة إلى النوافذ لفتحها.
أزعجت نادين الإضاءة القوية التي ملأت المكان ، لتتنهد بضجر وهي تنحني رأسها لأسفل.
سألت ميرنا وهي جالسة على الكرسي بجانب السرير : ها فكرتي هتعملي ايه؟
تنفث نادين دخان السيجارة التي بين إصبعها ، بينما كان في يدها الأخري كأس مليء بالكحول ، وقالت بتشويش : لا عقلي واقف مش قادرة اركز
صاحت ميرنا بتذمر : طبعا من الهباب اللي بتشربيه دا يا نادين
نظرت لها بأعين حمراء من قلة النوم ، وقالت بإنكسار : هو دا اللي مهون عليا اللي حصلي
مطت شفتيها للخارج ، وقالت تدعي الحزن علي حال صديقتها : اهدي طيب و روقي .. استحملي شوية .. ضروري في حل
قالت نادين بسخرية : حل .. حل ايه يا ميرنا ما كل حاجة راحت مني وفوقهم مهددة بفضيحة كمان بسبب الو*خ اللي بيهددني بالفيديوهات وطالب مبلغ كبير جدا عشان ماينشرهمش .. دا غير أدهم اللي طلعني من بيته بالهدوم اللي عليا وبحمد ربنا انه سابني أفلت من ايده بمعجزة .. لو عرف بقي حاجة زي دي وانا طليقته ممكن يرميني في السجن عمري كله
رمشت ميرنا بعينيها مدعية التفكير ، وقالت بهدوء : يبقي ماعندناش غير حل واحد و انتي عارفاه كويس
نادين بحذر : قصدك مراته
أومأت لها برأسها وقالت : بالظبط..
قاطعت نادين كلامها ، وهي تقول بخوف : لا يا ميرنا دي لولاها كان زمانه رميني في السجن هي اللي خليته يسيبني امشي
هدرت ميرنا فيها بغضب : انتي عبيطة ايه التخريف اللي بتقوليه دا .. بسببها شوفي بقيتي عاملة ازاي هو لولا جوازه منها ماكنش هيكشفك و حتي لو كان عارف بلعبتك من الاول و سيبك بمزاجه زي ماقولتي فبعد دخولها هي حياته طلعك منها مع أول غلطة
انكمشت ملامحها وقالت بحيرة : عايزاني اعمل ايه يعني!!
تمتمت ميرنا ببرود : نخطفها
جحظت عينان نادين التي هتفت بذعر : انتي اجننتني يا ميرنا بتتكلمي كدا كأن دي حاجة سهلة
تأففت ميرنا بضجر ، لتصيح بإنزعاج : اسكتي و اسمعيني هو انا بقولك انا ولا انتي اللي هنخطفها .. احنا هنأجر ناس يفهمو في الشغلانه ينفذو هما و ياخدو اللي يطلبوه .. وقتها اطلبي أي رقم من ادهم هيدفعو بدون تفكير .. ساعتها هتسكتي الواد اللي بيهددك انتي و قاسم ويبقي معاكي فلوس تعيشك طول حياتك في اي مكان برا مصر
عادت تتساءل نادين بحذر : يعني مش هنأذيها
تشدق وجه ميرنا بسخرية وقالت بتعجب : ايه اللي جرالك يا نادين دي غريمتك انتي خايفة عليها
قالت نادين بضيق : لا انا مابقتش عايزة اجيب لنفسي مصيبة جديدة فوق اللي عندي ..
قالت ميرنا بثقة : اطمني هنتفق علي كل حاجة مع الرجالة وبعد مايتم الغرض هيسيبوها وخلاص
ثم أردفت بنبرة مليئة بالخبث : بس لو اخدت رصاصة طايشة في الزحمة مش هنخسر حاجة و بكدا تبقي اخدتي بطارك منهم و سيبتي لادهم ذكري توجعه طول حياته
تألقت عيون نادين بشر ، وعاد إليها شيطان الحقد يتمكن منها ، وهي تتخيل مشهد أدهم عندما يفقدها ومقدار الألم ، و المرارة التي ستجعله يذيقها بعد أن أهانها و قام بإذلالها وقالت بإنشداه : انتي طلعت دماغك سم يا ميرنا
قالت ميرنا بضحكة صاخبة : تلميذتك يا حبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد قليل
أمام مطار القاهرة الدولي
فتح حاتم ذراعيه على مصراعيه وصرخ فرحًا : ألف حمدلله علي سلامتك يا حبيبي
عانقه مراد بشوق و قال : الله يسلمك يا حاتم
غمز له حاتم بعينه قائلا بمرح : وشك منور
ابتسم مراد ابتسامة جذابة وقال بحماس : حاسس اني اتولدت من جديد مش متخيل انا حاسس بإيه كأن انسان مختلف رجع غير اللي سافر من شهرين
ارتاح حاتم كثيرا بسبب كلماته التي تدل علي أن مزاجه رائع وقال : الحمدلله يا حبيبي طمني عليك ايه الاخبار
غمغم مراد بتهكم ، وهو يتطلع حوله : و احنا هنتكلم هنا يا حاتم فين العربية؟
اطلق حاتم قهقهة من حديثه اللاذع ، فهو دائمًا لا يفوت شيئا مهما كان صغير : علي رأيك تعالي اهي هناك في الطريق احكيلي كل حاجة
توجهوا معًا إلى حيث توقفت السيارة ، ثم ركبوا حتى يتولى حاتم القيادة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في شركة البارون
خرجت من غرفة الاجتماعات ، وهي تشعر بصداع طفيف بسبب الحديث الصاخب الذي كان بداخلها ، لكن كل هذا لا يهم ، الأهم أنها أنجزت كل ما يطلبه العمل منها وتنتظر العرض بفارغ الصبر.
في ذلك الوقت كان أدهم أنهي إجتماعه مع أحد العملاء ، ثم لمحها تمشي في الممر دون أن تلاحظ وجوده ، رغم نداءه عليها كما توجد ابتسامة بلهاء على شفتيها.
إرتسمت ابتسامة شيطانية على شفتيه ، واقترب منها ببطء و خفة بعد أن تأكد من عدم وجود أحد في الممر.
خرجت شهقة قوية من شفتيها ، فجأة حالما امتد ذراعا قويتان حول خصرها ، ثم اصطدم ظهرها بصدره ورفعها للأعلي ، لم تستطع نطق كلمة واحدة ، لأنها وجدت نفسها في غمضة عين داخل غرفة فارغة.
همس أدهم بمكر ، وهو يدفعها على الباب خلفها لتتكئ عليه ، ويحتجزها بين ذراعيه : الجميل اللي ماكنش بيرد عليا ايه اللي شاغل عقله
تنفست كارمن الصعداء ، وهي تضع يدها علي قلبها تحاول تهدئته ، قائلة بخوف : حرام عليك يا ادهم والله كان قلبي هيقف من الخضة
أردف أدهم بهمس بجوار اذنها ، بينما يفرك يدها الباردة بين يديه الدافئة : الف بعد الشر عنك يا روح قلبي انتي
عادت الدماء تندفع في وجنتاها من الخجل ، وقالت بحب : اخ منك ومن كلامك .. معلش حبيبي كنت سرحانه شوية ومانتبهتش عليك
رفع ادهم حاجب واحد ناظرا اليها ، وقال بتحذير : لو سرحانه فيا هسامحك لكن غير كدا هعاقبك عقاب شديد
زمت كارمن شفتيها ، وقالت بذكاء : علي فكرة ممكن اكذب واقول اني بفكر فيك عشان افلت من العقاب
قهقه ادهم علي إجابتها التي أذهلته ، وقال بلؤم أكبر : مش لما تعرفي العقاب الاول ابقي خدي القرار
تغنجت كارمن قائلة برقة ، وهي تميل بجسدها نحوه : عرفني ايه هو!!
تلامس شفتيها الناعمة بابهامه متمتماً بخبث : لو كنتي بتفكري فيا هكافئك بأربع بوسات ولو بتفكري في حاجة تانية هعاقبك بعشر بوسات وعلي أقل من مهلي
اتسعت عيناها بصدمة ، ثم نظرت حولها يمينا و يسارا ، وعضت شفتها وقالت بصوت خفيض : يا خبر ابيض .. ادهم حبيبي انت مش واخد بالك احنا واقفين فين؟
تمتم ادهم بعدم إكتراث : عادي وفيها ايه احنا ساندين علي الباب محدش يقدر يدخل علينا
كانت كارمن على وشك البكاء بسبب هذا الموقف المحرج ، وكالعادة هو لا يبالي بأحد ، ثم قالت بنبرة لينة ورقيقة للغاية ، محاولة أن تستعطفه : والنبي اعقل و بلاش تهور و لما نروح البيت عاقبني زي ما تحب
صاح بها ادهم بزمجرة مزيفة : ماشي هعديها المرة دي .. بس لو سرحتي في اي حاجة غيري انتي حرة
ثم أردف بنظرات إعجاب : قوليلي ايه بقي الجدية دي كلها في الاجتماع !!
إتسعت عينان كارمن بإنشداه ، وقالت بإبتسامة : انت شوفتني!
اومأ أدهم إليها برأسه، وقال بثقة : طبعا كنت متابع كل حاجة
عدلت كارمن ياقة قميصها ، وقالت بغرور كاذب : احم طبيعي انا هنا مديرة و لازم اكون جدية قدامهم عشان ينفذو اوامري
غمز إليها بعيون تلتمع بشغف ، وهو يقبل وجنتها بحب وقال : ادوب انا فيك بجديتك دي
ابتسمت إليه كارمن ، وقالت برقة مغرية للغاية : ممكن اطلب منك حاجة
قال ادهم بإبتسامة سلبت عقلها : انتي تأمري امر
وضعت كارمن يدها على صدره ، متكئة عليه ، بينما تسللت خفقات قلبه المرتفعة لها من قربها الخطير منه ، ممَ جعل قلبها تزداد نبضاته أيضًا وقالت بغنج : نمشي بدري انهاردة ونروح نتغدي برا مع بعض لوحدنا
لفت كارمن ذراعيها حول رقبته بلطف ، حينما همس لها بهدوء : غالي والطلب رخيص يا عيوني .. خلصي اللي وراكي اوام ولما تكوني مستعدة تعاليلي ونخرج مع بعض
انفرجت شفتا كارمن بابتسامة تظهر أسنانها ، وقالت بسعادة : بحبك يا قلبي
سند أدهم جبهته ضد جبهتها ، وقال بشغف : وانا اكتر يا كارميلتي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد قليل في سيارة حاتم على الطريق السريع
صاح عليه حاتم بغضب وعدم تصديق ، بينما عيناه كانت على الطريق أمامه : معقولة يا مراد مفيش فايدة فيك!!
ضحك مراد بخشونة رجولية جذابة قائلا بإستمتاع : ماكنتش هستريح لو فضل عايش حتي لو اتسجن .. واللي حصل كان في مصلحتي
زجره حاتم بنظرة حارقة ، وقال بتعنيف : مصلحة ايه يا مجنون كان ممكن تفقد حياتك في لحظة
أجاب مراد بعدم إكتراث : ما انا قدامك اهو زي الفل مافيش فيا خدش حتي .. هو اللي عاش و مات خسيس كان مرمي علي الارض قدامي .. لولا ان الشرطة ادخلت و مسكتني كنت خلصت عليه
أضاف بإشمئزاز و هو ينظر للخارج من النافذة بجانبه متذكرا ما حدث : بس الغبي مافيش احقر منه .. مد ايده علي مسدس جنبه و صوت نحيتي لكن رصاص الشرطة كان في دماغه قبل مايضرب بلحظة واحدة
زفر حاتم بحنق مما يسمعه ، وهو يختلس نظرة نحوه بإستسلام من جنونه المستمر قبل أن تعود حدقتيه علي الطريق ، وقال بنبرة هادئة قليلا : المهم انك بخير و رجعت بلدك بالسلامة .. مابقاش في داعي لمسلسلات الاكشن بتاعتك دي تاني
نظر إليه بطرف عينه ، وقال نافيا بهدوء ، بينما يحاول كبح ضحكته المرتجفة علي فمه : لا خلاص مفيش علي الاقل حاليا
ساد الصمت لبضع ثوان ، قبل أن يقطع تساءل مراد هذا الصمت : طمني علي كارمن اخبارها ايه!!
تمتم حاتم ببرود : اطمنك ليه مش كل اخبارها بتوصلك
حدق به مراد بغيظ ، وقال بإنزعاج : بطل رخامة يا حاتم انت فهمني كويس
تحدث حاتم بتنهيدة : البنت مبسوطة في حياتها يا مراد بلاش تخرب حياتها بتهورك و جنانك .. مش كفاية لعبتك قلبت جد و اتعلقت فعلا بها بعد ما كانت مجرد تمويه للجواسيس المزروعه في فندق الغردقة بتاعك
ثم أضاف بغضب من تفكير مراد الشيطاني : كل دا عشان تثبتلهم انك انسان مهوس بالسا**ة والتملك
ثم حملق فيه بنظرة ساخرة مردفا بضيق : وأخرتها بقيت معين حراسة 24 ساعة عليها و بتحميها منهم
نفخ مراد خديه قائلا بنفاذ صبر : يوووه يا حاتم عكرت مزاجي دا مش وقت تأنيب نهائي انت شايفني روحت اخدها بالقوة يعني .. اقفل علي السيرة دي دلوقتي لحد ما ارتب اموري الاول
صمت حاتم علي المضض ، ثم قال بجدية بعد لحظات : قبل ما نقفل السيرة انا رأيي ان مابقاش له داعي وجود الحرس اللي انت مدورهم وراها
جز مراد علي أسنانه بقوة ، ثم هتف فيه بزمجرة ونبرة غبر قابلة للنقاش : لا يا حاتم كل حاجة هتفضل زي ما هي ماتوقفش حاجة مفهوم
قال حاتم بضحكة متهكمة : طب هدي اعصابك عليا شوية عشان بخاف
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في اليوم التالي
في الصباح داخل شقة صغيرة بالإسكندرية
استيقظت روان بنشاط ، وابتسامة سعيدة على شفتيها ، ثم نهضت وركضت مسرعة إلى نافذة الغرفة المطلة مباشرة على البحر ، متأملة بمنظر البحر الساحر أمامها.
تثاءبت وهي تفكر فيما حدث بالأمس عندما وصلوا إلى هنا بعد غروب الشمس ، وتناولوا العشاء معًا ، ثم أمضوا الليلة في مشاهدة فيلم أجنبي ثم ناموا ، وهي تنظر بفارغ الصبر نزولها للسير على الشاطئ.
ابتعدت عن النافذة بعد أن اشتنشقت الهواء العليل ، واستدارت نحو السرير الذي كان نائم عليه زين موليا ظهره إليها ، لتضع يدها على خصرها بابتسامة شيطانية.
لقد أصبحت بارعة في إفزاع زوجها حتي يقوم من نومه الثقيل والمتعب عليها.
اقتربت ببطء من السرير ، وقفزت عليه بحركة مفاجئة ، ومدّت يدها لتدلك كتفه بلطف لإيقاظه من غفوته ، قائلة بصوت ناعم : قوم يا زوز .. اصحي بقي يا حبيبي
نفخت خديها بملل منه لا ينفع به اللطف واللين إطلاقا هذا المخلوق ، ثم كتمت ضحكتها وهي تقترب جدا من أذنه ، ثم همست بخبث : يلا قوم يا زوز عايزة ألحق انزل البحر من أول اليوم
قام الأخر من نومه بغضب ، بعد سماع ما تفوهت به ، ناظرا إليها بعيون واسعة جدا من الذهول ، وضم شفتيه في خط مستقيم ، ثم زمجر بغضب : نعم يا روح امك تنزلي فين!!
إرتعبت روان خائفة قليلاً من هجومه المفاجئ ، ثم سرعان ما انفجرت ضاحكة على طريقة حديثه وحدقتيه التي برزت من مكانها ، ومنظره الفوضوي بشعره المشعث ، قائلة بمرح من بين ضحكاتها : انا كدا عرفت كلمة السر اللي هصحيك بيها كل يوم
أمسك زين الوسادة من جانبه ، وألقى بها على وجهها متمتما بغيظ : عبو شكل رخامتك علي الصبح يا بنت الشناوي
التقطت الوسادة قبل أن تصل إلى وجهها ، وهي ترفعها بيديها للأعلي قائلةً بغضب مصطنع وهي تنحني عليه بوجه مقتضب : نعم نعم مالها بنت الشناوي يا دالعاااداي
شدها زين من خصرها ، حتي مالت على جسده أكثر ، هامسا أمام شفتيها بحب ، بينما تلفح أنفاسه الحارة وجهها الصغير ، ممَ جعل نبض قلبها يعلو بخجل : مالهاش جننت اهلي بس
احمرت وجنتاها ، بينما ابتسامة عاشقة واسعة إرتسمت علي شفتيها ، ثم همست بدلال وهي تلقي الوسادة ، وتحيط رقبته بكلتا يديها : انا بحسب حاجة تانية ..
أردفت روان ، وهي تطبع علي شفتيه قبلة سطحية : يلا قوم عشان تفسحني .. ولا انت جايبني هنا عشان تقضيها نوم و ارجع البلد اقولهم ايه كان نايم .. هسوء سمعتك انا مجنونه و…
أُنجبرت على التزام الصمت حالما وضع راحة يده على فمها لمنعها من الثرثرة ، وهو يتمتم بضجر : هششش افصلي يخربيت شيطانك اتهدي لينا جيران هنا هتصحيهم بالراديو اللي في بوقك .. بطلي تبوظي اللحظة الرومانسية زي كل مرة ها قوليلي عايزة تروحي فين يا قدري
اتسعت عيناها عسليتين من حديثه بصدمة ، وهي ترفع يدها لتبعد يده عن فمها ، وقالت بأنفاس متلاحقة : اوعي ايدك .. هكلم ازاي وايدك الضخمة دي كلها علي بوقي
وأضافت بغرور مزيف وهي تطير شعرها الطويل المبعثر حولها إلي خلف ظهرها : اعتبر نفسك من دلوقتي المرشد السياحي بتاعتي وفرجني علي كل حته في اسكندرية
جعد زين حاجبيه ، وقال في استياء ، وهو يعض علي شفته بغيظ : بترفعيلي مناخيرك لفوق يا بت .. بقي دكتور محترم زيي هيبقي مرشد سياحي ليكي يا مفعوصة .. انا هوريكي تعالي هنا
باغتها بإمساك جسدها بيديه ، وجعلها تستلقي على السرير بقوة ، وإشرف عليها بسرعة ، فإنتفض جسدها بعد لحظات من كثرة الضحك بسبب دغدغته لها على خصرها وبطنها ، وفي أي مكان أصابعه تمر به.
هتفت روان بصوت متقطع ، وقد تجمعت الدموع في عينيها من قوة ضحكتها : خلاص .. كفاية ..
قال زين بعناد وهو يضحك : مش هبطل قبل ما تعتذري
قالت روان بإستسلام من بين ضحكتها ، وهي تتلوى في كل الاتجاهات : اس.. اسفة يااازين .. يخربيتك صوابعك حرام علييييك
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
داخل مكتب أدهم في شركة البارون
كان أدهم جالسًا خلف مكتبه ينظر إلى بعض الأوراق بعناية قبل أن يرفع عينيه ، حالما سمع صوت كارمن الرقيق ، وهي تقترب من مقعده خلف مكتبه ، لتقول بهدوء : حبيبي انا هروح ابص علي الشغل و اجي
أمسك بإحدى ذراعيها قبل أن تفكر في الابتعاد عنه ليسحبها نحوه ، فمالت عليه بنصفها العلوي ، بينما إستندت عليه بكلتا يديها ، ونظرت إليه بإستغراب من مباغتته لها هكذا حتى قال بابتسامة : الحلوة مستعجلة علي الشغل اوي من اول اليوم انا بدأ الموضوع دا يستفزني
ردت كارمن عليه بابتسامة لطيفة : انت مكبر القصة علي فكرة الوقت ضيق و الشركة كلها فوق بعضها
خرجت منه تنهيدة ، وهو يدفع كرسيه للخلف قليلاً بينما كان يمسك بيدها على صدره ، ثم نهض ليستقيم أمامها بطوله الفارع ، قائلاً بضجر وضيق : انا اللي جبته لنفسي ولازم اسكت غصب عني…
بترت عبارته بينما كانت تحيط خديه بكفيها ، لتهمس بصوت دافئ : يا حبيبي خلاص باقي يوم واحد علي الديفليه لازم نستعدلو وخصوصا انا .. لازم استعد نفسيا كويس وبعده هلزقلك لحد ما تزهق مني
شدد أدهم عناقه لخصرها أكثر حتى إلتصقت بجسده ، قائلا في إنكار ماكر : غبية مابزهقش من العسل انا بموت فيه
إكتست وجنتاها بإحمرار لطيف ، بينما ارتسمت ابتسامة خجولة على شفتيها وهي تغلق عينيها.
أختلطت أنفاسهما ، حينما إقترب من شفتيها للغاية بغرض تقبيلها ، ليقاطع عليهما تلك اللحظة طرق خافت على الباب.
حاولت التملص منه بلطف ، فترك خصرها بابتسامة ملتوية على شفتيه من مظهرها الخجول ، قائلا بهدوء يحسد عليه : ادخل
تحدث مها بإبتسامة مهذبة : اسفة علي المقاطعة يا فندم .. الانسة اسراء طلبت تكلم مدام كارمن
سارت إسراء صوب كارمن بهدوء ، قائلة باحترام بعد أن غادرت مها إلى مكتبها بهدوء : استاذة كارمن دي نماذج دعوات العرض بقت جاهزة زي ما حضرتك طلبتي
ثم وجهت حديثها إلى أدهم بعد أن أخذت كارمن البطاقات منها وبدأت تنظر إليها ، بينما قالت هي بجدية ، لكن في داخلها مضطربة قليلا من وقفتها أمام صاحب الشركة بشخصيته الصارمة والباردة نوعا ما : اتصلت بالفندق يا ادهم بيه واطمنت ان كل شئ جاهز وهنروح نتأكد بنفسنا من كل حاجة زي ما طلبت
أومأ أدهم برأسه وهو يجعد حاجبيه بتلقائية ، ثم قال بصوت جاد : تمام يا اسراء لو في حاجة محتاجة تعديل عرفينا وبالنسبة لمكان الحفلة بعد العرض اتاكدي انه كمان اتحضر
هتفت إسراء بحماس عفوي رغما عنها : هو جاهز فعلا احنا لسه راجعين من هناك و اتأكدنا منه
تمتم أدهم وهو يتكئ بيده على المكتب المجاور له ، ولا يرفع عينيه عن كارمن التي كانت تنظر إلى البطاقات باهتمام متصنع ، حتي لا يلاحظ أحد إضطربها من قربه منها منذ قليل : كويس اوي
طرقت مها باب المكتب ثم دخلت مجددا ، وخلفها أحد موظفي الفريق التي قالت بهدوء : استاذة كارمن الفساتين اتغلفت و هتروح للاوتيل دلوقتي .. تحبي تشوفيهم قبل ما نتحرك
هزت كارمن رأسها بالإيجاب قائلة بجدية بعد أن سيطرت على توترها ، ثم سلمت البطاقات لإسراء : اكيد هشوفهم اتفضلي وانا جاية وراكي
بعد أن غادر الجميع ، بقيت هي وأدهم فقط ، فاقتربت منه بعفوية ، ليضع يده على خصرها وجذبها إليه ، لتستند عليه قائلاً بعبوس : مالحقناش نفضل مع بعض شوية
طبعت قبلة صغيرة على وجنته ، وقالت بابتسامة على مظهر حواجبه المعقودتين بعبوس لطيف للغاية : هخلص بسرعة و ارجعلك
أسدل يديه عن خصرها ، وقال بقلة حيلة ، بينما تتألق عيناه بحب : طيب هسيبك بس ماتطوليش عليا
نبرته الدافئة ونظرة الحب الصادقة في عينيه اللامعتين جعلتها تشعر بالإشتياق إليه وهو أمامها ، فتمتمت بخفوت ، بينما ينبض قلبها بصوت عالٍ : ادهم لو سمحت بطل تبصلي بالطريقة دي عشان وقتها مش هقدر امشي من هنا اصلا
انحنى أدهم عليها وقبل وجنتها المتوردة بلطف ، قائلا على مضض : ماشي
اقتربت كارمن منه كثيرًا ، لتهمس في أذنه بدلال قبل أن تغادر بسرعة : بحبك
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في شركة مراد
كان يجلس مراد في مكتبه الواسع بديكوراته المميزة متكئ بظهره على الكرسي الجلدي الاسود الخاص به ، و موليا ظهره بالكامل نحو النافذة الزجاجية الخلفية في غرفة المكتب.
قاطع شروده رنين الهاتف في جيبه ، فأخرجه ثم أجاب ، بعد أن وضع الهاتف على أذنه وقال بهدوء : ايوه يا حمدي
حمدي بإحترام : اهلا اهلا يا مراد بيه حمدلله علي سلامتك
مراد ببرود : الله يسلمك كل الامور عندك تمام
أومأ حمدي برأسه كما لو أنه كان يقف أمامه وأجاب : ايوه يا فندم انا اتصلت عشان اسلم علي حضرتك و عندي خبر عايز ابلغك به
قال مراد بإستفهام : ايه خير
اجاب حمدي بتفسير : حفل الازياء لشركة البارون بعد يومين و زي ما حضرتك امرتني عرفتلك كل المعلومات عنه و كمان قدرت اخد دعوة لحضرتك اذا حابب تحضر وكمان دعوة للحفلة التنكرية المعمولة بعد الديفليه علي طول بنفس الليلة
مراد بإبتسامة صغيرة : حلو اوي ابعتلي المعلومات اللي عندك و الدعوات في اسرع وقت
حمدي بطاعة : تمام تأمرني بأي حاجة تانية
أدار مراد كرسيه لتتسع عينيه بذهول ، لكنه قال بتنهيدة : لا متشكر يا حمدي .. يلا انت سلام
ثم أردف مراد بسخرية : ايه يا حاتم مش هتبطل عادتك دي .. واقف من امتي كدا؟
خطي حاتم داخل المكتب وقال بهدوء : من اول المكالمة يا مراد
مراد ببرود : ماشي كويس وفرت عليا الشرح
جلس حاتم امامه وقال بإزدارء : بلاش البرود دا معايا عايز تروح الحفلة دي ليه
مط مراد شفتيه بلا مبالاة ، ليقول ببرود : فضول و اغير جو شوية ايه المشكلة
هتف حاتم فيه بسخط : انت نفسك مشكلة يا بني خرجها من دماغك كفاياك تتعلق بوهم .. انت مش صغير واللي كنت موقف حياتك بسببهم خلاص غارو .. ليه ما تدورش علي بنت الحلال وتخلف زي اي انسان طبيعي
تنهد مراد وهو يشرد في كلمات حاتم ، ثم قال بهدوء : صدقني انا مش عايز اخرب حياتها .. بس انا من يوم ماشوفتها بجد جوايا احساس مش قادر اوصفه .. بحس براحة و بألفه يمكن عجباني براءتها .. لكن الاكيد ان سفري كان له مصلحة عشان أهدي و افكر بعقل في الموضوع
واضاف : المهم سيبك من دا كلو واطمن يا حاتم خلاص مش هحضر الديفليه ..
ثم ظهرت علي شفتيه ابتسامة لعوبة مردفا بحماس : بس هروح الحفلة التنكرية اغير جو واتسلي
تشدق صدغ حاتم بسخرية : و هتلبس ايه يا عم المتنكر!!
ابتسم مراد بغموض ، بينما تومض عيناه الزرقاوان بخبث ماكر.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في توقيت ما بعد الظهر في الإسكندرية ، داخل مطعم أسماك بجانب البحر
نظر زين بإبتسامة الي روان وقال بهدوء : عجبك الاكل يا قلبي
قالت روان بهمهمة مسرورة من المذاق اللذيذ للمأكولات البحرية الرائعة : تحفة بجد
قال زين بحب : بألف هنا و عافية علي قلبك
ابتسمت روان بخجل وقالت برقة : تسلملي حبيبي
تساءل زين بعد أن وضع شوكته بهدوء بجانب طبقه دون أن يصدر صوت طقطقة : ايه رأيك نطلع نتمشي شوية بعد ما تخلصي اكل
لقد أحبت الفكرة حقًا لذا أومأت بسرعة وقالت بحماس : الحمدلله انا شبعت ياريت نتمشي
صمتت روان عندما نادي زين علي النادل ودفع الحساب ، ثم نهضوا وقال زين : يلا بينا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في ذلك الوقت بداخل قصر البارون
اجتمع الجميع بعد تناول الغداء معًا
قال مالك بإمتنان لكريمة التي أحضرت لهم مشروبات مختلفة بين بارد وساخن ، برفقة بعض الخادمات الجدد ، بعد إصرار ليلي على تغيير بعض الفتيات اللاتي لم ترتاح لهن ، وكان ذلك بمساعدة كريمة التي اختارت الفتيات بحذر وتأنى : مش عارف اشكرك ازاي يا دادة لولا مساعدتك انا كنت اتمرمطت
ابتسمت كريمة في وجهه وقالت بود : ولا يهمك يا ابني دي حاجة بسيطة
ثم اردفت بصدق : المهم ربنا يقوم ست يسر بالسلامة وربنا يفرح قلوبكم بالنونو الجديد
يسر بإبتسامة جميلة : تسلمي يا دادة و بجد شكرا الرنجة كانت تجنن
اتسعت ابتسامة كريمة قائلة بإحترام : العفو يا حبيبتي عن اذنكم
استدارت يسر متسائلة بحيرة : اومال فين ياسين يا مالك؟
مط مالك شفتيه دلالة علي عدم معرفته و أجاب : والله ماعارف احنا اكلنا من هنا وهو جري معرفش بيعمل ايه!!
جاءت كارمن من ورائهم وقالت بابتسامة : اطمنو هو برا في الجنينه مع ملك بيلعبو لسه جاية من عندهم
قالت يسر بخوف : برا دلوقتي يمكن يبردو
اجابت كارمن بنفي ، وهي تجلس بجانب ادهم : ماتقلقيش الجو حلو دلوقتي برا
ثم اضافت بتساؤل رقيق موجهة حديثها الي زوجها : حبيبي احطلك حاجة حلوة
لف ذراعه حول كتفها ونظر إليها بشغف قائلا بهمس : وانتي جنبي يا كارميلتي .. هحتاج اي حاجة حلوة .. ازاي يعني!!
صاح مالك الذي كان يتابع هذا المشهد أمامه بعيون واسعة بعدم تصديق وصدمة قوية وقال بسؤال أحمق : الله اكبر عليك يا روميو من امتي الرومانسية دي كلها طلعت مش ساهل ابدا
زجره ادهم بنظرة حارقة ليقول بتهكم : خليك في مراتك لو سمحت .. بدل ما اطردك انت وابنك اللي لازق لبنوتي في الجنينه
لكزته يسر في كتفه بقبضتها ، وهتفت بغيظ : ماتسيبو يعبر عن شعوره يا سي مالك وركز انت هنا شوية و لا مش عاجباك انا يعني
غمغم مالك وهو يقرص وجنتها بلطف : ازاي يا روحي انتي الخير و البركة
حدقته يسر بصدمة وصرخت بغضب : يا نهارك مش فايت وخليتني بركة كمان
رفع مالك عينيه الي السقف بضجر ، و قال بحسرة : يارب صبرني اهي زي ما انتو شايفين اللماضة و النرفزة بيطلعو في لحظة واحدة
قالت مريم بهدوء : اهدي يا حبيبتي هو يعني مش قصده وانت يا مالك استحمل شوية ما انت عارف الهرمونات يا بني
أومأ مالك برأسه ، وقال بابتسامة مغتاظة : انا مركز دلوقتي في الاتنين اللي بيتوشوشو هناك دول ولا معبرنا
غمغم أدهم في استياء وهو يلتفت إليه ، وقال بنفاد صبر : اللهم طولك ياروح .. لو قومتلك هرميك برا
رجع مالك للوراء وهو يلتصق في يسر ممسكا يدها ، ويقبلها قائلاً بخوف مصطنع : خلاص يا ابو الشباب خد راحتك دا انا بهزر
صدح بعدها أصوات ضحك الجميع عليه.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
وقت غروب الشمس على كورنيش البحر الأبيض المتوسط ​
وقف كل من مالك وروان يشاهدان هذا المشهد المبهر في صمت ، ثم قاطع زين هذا الصمت بعد لحظات ، قائلاً بصوت هامس : حبيبتي
غمغمت روان بصوت خافت ، وهي تستند رأسها على كتفه : نعم
قال زين بهدوء وهو نظراته شاردة نحو البحر : في حاجة عايز اقولك عليها !!
رفعت رأسها وهي تنظر إليه بقلق ، لتقول بإنزعاج : زين لو سمحت انت عارفني بقلق من مقدماتك ياريت تتكلم علي طول
سألها زين وهو يضحك ، بينما يضع ذراعه على ظهرها ، ويتحرك معها إلى الأمام : مش عارف انا ليه انتي بتتوتري كدا .. اهدي كدا شويه و اطمني
تنهدت روان بنفاذ صبر : مطمنة يلا احكي
جلس زين معها على أحد المقاعد ، وسألها بتروي : ايه رأيك لو عيشنا في القاهرة؟
عقدت روان حاجبيها بدهشة ، وقالت بعدم إستيعاب : القاهرة مش فاهمه .. ليه فكرت في كدا!!
أخذ زين نفسًا عميقًا قبل أن يقول بهدوء ، وهو يمسك يديها بين يديه : روان انتي عارفه ان مستقبلي الطبي هيكون افضل في القاهرة
همست روان بتفكير : ايوه عارفه بس..
بتر زين جملتها قائلا بتفاهم : عارف اللي بتفكري فيه اهلك واهلي
نظرت إليه وهي تومئ بالايجاب ، قائلة بإضطراب : صح انا عمري مابعدت عنهم
قال زين بتنهيدة وهو يسحب شعره بيده الذي تبعثر بفعل الريح : مقدر كلامك صدقيني .. بس في مصر الابواب هتكون اوسع دا هيفيدني جدا وانا كنت ناوي علي كدا بس ماحبتش بعد جوازنا نسافر علي طول
كانت صامتة ولم تستطع الرد على حديثه ، حيث بدا أنه اتخذ قراره و إنتهي الأمر.
مد يده الكبيرة ورفع ذقنها ليجعلها تنظر إليها وقال بإبتسامة : روان بصيلي هنا .. خدي وقتك في التفكير مابقولكيش تقبلي الوضع دلوقتي فكري علي مهلك خالص
نظرت روان إليه بحب وقالت بإبتسامة هادئة : مش محتاجة تفكير يا زين امي قالتلي نصيحة يوم جوازي هي قديمة شوية و كنت بسمعها في المسلسلات بس كانت مظبوطة .. قالتلي بلدك مكان مايروح جوزك
أمسكت بيده الباردة من التوتر الذي كان يشعر به وحاول كبحه طوال حواره معها ، بينما كانت تفرك يده بين يدها الدافئة قليلاً قائلة بابتسامة جميلة : وانا مكاني جنبك في اي مكان هتروحو رجلي علي رجلك
ابتسم بإتساع وهو ينظر إليها بنظرات عشق تتفاقم كل لحظة في قلبه تجاهها ، وقال لها بجدية يتخللها حب عميق : فكريني لما نرجع الصعيد ابوس علي راسها انها خلفت احلي واعقل واجن بنوته عشان تكون ليا انا وبس
قالت روان تقلد نبرة صوته الأجش بطريقة طريفة : كل دول .. وبعدين حيلك حيلك انت ممنوع تبوس اي حد غيري يا دكتور حتي لو امي البوس دا ليا انا وبس
قال زين وهو يقهقه علي اسلوبها الظريف وتعبيراتها اللطيفة : ماشي يا لمضة
اردف بجدية : عموما ماتتوتريش مش هننقل الا بعد امتحاناتك ولما تطلع النتيجة هنقلك ورقك للجامعة في مصر واكون رتبت اموري هناك
قالت روان بسعادة وحماس ، وهي تصفق بكلتا يديها ، وتنظر إليه ببراءة : انا مش متوترة بالعكس تصدق انا فرحانه اني هبقي قريبة من كارمن ماكنتش في فرصة نقعد مع بعض براحتنا
قرص انفها برفق وقال بعبوس مزيف : يا بكاشة فرحانه عشان بنت عمك ماشي صحيح زي القرع بتمدي لبرا
ضحكت روان بشقاوة ، وقالت بنظرات مترجية : يعني مش لبرا اوي .. بس اوعدني انك هتخليني اورحلها علي طول
نظر إليها من زاوية عينيه ، محاولًا إخفاء الابتسامة الماكرة على شفتيه من غضبها بعد ما سيقوله للتو : انا كنت عامل حسابي علي كدا .. اهو اخلص شوية من الدوشة بتاعتك
كانت روان فاغرة فاهها بدهشة من حديثه ، ثم ضاقت عينيها عسليتين وتمتمت بغيظ ، وهي تنهض من جنبه : دوشتي طب يلا بقي خلينا نروح عايزة اتابع المسلسل قرب يجيي
أمسك بذراعها ليمنعها من الحركة ، وقال في بعدم تصديق ساخراً منها : تعالي هنا في وحدة عندها مخ تضيع خروجة علي البحر عشان حلقة مسلسل
مددت له لسانها في حركة طفولية وقالت بعناد : اه انا
أشار زين لها للتحرك أمامه ، وهو يتمتم بحنق متصنع : مجنونة ولبستك امشي قدامي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
حل المساء سريعا
في منزل نادين
يجلس قاسم على الأريكة بمفرده ، بينما تجلس ميرنا ونادين على كرسيين منفصلين.
قالت ميرنا بإستنكار متساءل : يعني ايه الكلام دا يا قاسم؟!
قال قاسم بجدية : زي ما بقولك الرجالة بدوا بمراقبة كارمن .. وهي مابتخرجش لوحدها ابدا يا معها ادهم او الحرس
نظرت نادين بلوم إلي ميرنا ، وقالت بسخرية : شوفتي ان كلامي كان مظبوط .. ما انا قولتلك كدا يا ميرنا من الاول صعب تستفردو بيها بالساهل
تجاهلت ميرنا حديثها وهي تشيح بنظرها عنها وقالت : خلاص يا قاسم خليهم يستمروا بمراقبتها ولما تيجي فرصة ينفذو فورا
ابتسم قاسم بتهكم وقال بإبتسامة لا تصل إلي عينيه : بس دا مش ببلاش محتاجين فلوس اكتر .. دي عطلة ليهم
تأففت نادين بحنق وقالت : يوووه كلو بحسابو يا قاسم انت بس ثبتهم لحد ما نخلص
تمتم بسخرية لاذعة : دول ماينفعش الكلام دا معاهم يا ماما دول كلا*ب فلوس وانتي مشبعاهم تعرفي تسيطري عليهم .. لو جاعوا و مارمتيش لو عظمة ليهم هياكلوكي حية
قالت نادين وهي تبسط راحة يديها بقلة حيلة : اعمل ايه انا مامعييش اي فلوس دلوقتي؟
هتفت ميرنا بإنزعاج منهما : خلاص منك ليها .. انا هدفع و نبقي نتحاسب بعدين
نظر قاسم إليها بفتور وقال ببرود : ماشي تمام كدا انا هنزل و لو في جديد هتصل بيكو سلام
ميرنا و نادين : باي
العشق مثل الهزة الأرضية ، تأتي بشكل مفاجئ ومرعب ، وبمجرد أن تمر اللحظة الحرجة ، تعرف كم أنت محظوظ!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مساءًا يوم عرض الأزياء
داخل غرفة مكياج كبيرة وتغيير ملابس مليئة بالفتيات
كانت نسمة تنسق بعض الأمور مع الفتيات ، ثم أدارت رأسها لترى كارمن واقفة وعيناها على الهاتف ، وتبدو مستاءة.
اقتربت منها وقالت بينما وضعت يدها برفق على كتف كارمن : مالك يا كوكي!!
ابتسمت كارمن لها ، وقالت بصوت منخفض : متوترة شوية يا نسمة وادهم رن عليا كذا مرة وماكنتش مركزة مع الموبايل
أومأت إليها نسمة بتفاهم قبل أن تقول بإبتسامة هادئة : اهدي كدا و ماتتوتريش .. سيبي اللي باقي عليا .. احنا خلاص جاهزين انتي روحي شوفي استاذ ادهم .. دقيقتين بالظبط والبنات هتخرج بالدور
تنهدت بارتياح قائلة بإمتنان : تمام يا حبيبتي تسلمي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في إحدى الصالات الضخمة بأحد الفنادق الفخمة
خرجت كارمن من القاعة ، واتجهت نحو الصالة الكبيرة بزخارفها الرائعة التي أعطت لأجواء العرض الكثير من الفخامة والرفاهية.
تفاجأت بعدد الناس الكثيرة الموجودة في المكان ، فإزداد التوتر داخلها أكثر.
رأت أدهم واقفا مع بعض الناس ، فذهبت إليه مسرعة ، بينما هو رآها قادمة إليه حتى استأذن من المدعوين بوقار ، ومشى إليها.
ابتسمت كارمن عندما وقف أمامها ممسكًا بيدها بحنان ، وقالت بهمس : حبيبي
قال ادهم بإبتسامة متسائلاً : ايه يا روحي برن عليكي و مابترديش!؟
تنحنحت كارمن بحرج ، ثم قالت بإبتسامة مضمومة : معلش ماسمعتش الموبايل من الدوشة وكمان انا مرتبكة و خايفة اوي يا ادهم
ضاق أدهم عينيه ، محدقا بها ، وقال متسائلاً : ليه حصلت حاجة معاكي!!
أومأت كارمن برأسها في نفي ، قائلة بصوت خافت : لا كل حاجة تمام .. اطمنت علي البنات هيطلعو دلوقتي ونسمة معايا خطوة بخطوة بس معرفش ليه قلقانه!!
هدأ قلق أدهم قائلا بإبتسامة جذابة : اطمني كل شئ ممتاز وانا جنبك
قالت كارمن بعفوية : مطمنة طول ما انا وياك
أدارها أدهم برفق حتى التصق ظهرها بصدره ، وأشار إليها بإيماءة صغيرة بإصبعه ، بينما تحدقه بنظراتها الحائرة محاولة فهم ما يفعله حتى سمعته يقول بثقة : عايزة تتأكدي أنه كلو تمام بجد .. تابعي نظرات الموجودين علي الموديلات لو لاقيتي لمعان و اندهاش في عيونهم و ابتسامة من الودن دي للودن التانية علي وشهم .. اعرفي انك نجحتي
أدارت رأسها لتنظر إليه من ورائها ، وأنوفهم قريبة جدًا من بعضهم البعض ، ثم همست بإعجاب و تقدير : خبرة انت مافيش كلام
نظر أدهم إليها ، وعيناه تلمعان بلطف مع ابتسامة هادئة ، ثم اقتنص منها قبلة صغيرة علي وجنتها المتوردة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل مراد
وقف أمام المرآة الطويلة في غرفته الواسعة بأثاثها الراقي الذي يتناسب مع شخصيته المتغطرسة.
كان على وشك الانتهاء من ارتداء الزي التنكري الذي اختاره لحضور الحفلة ، بعدها ظهرت ابتسامة مغرورة على شفتيه ، حقًا كانت تليق به.
تحدث حاتم من خلفه ، وهو يدخل الغرفة : تعرف أنها لايقة عليك الهدوم دي
استدار مراد بتلك الهيئة المخيفة قليلاً ، وقال ساخرًا : لا والله..
إبتسم حاتم قائلاً بتهكم : ناوي تخطف مين يا عم القرصان؟
لوى مراد فمه عبثا متظاهرا بالتفكير ، ليقول بسماجه : هخطفك انت يا ميتو
تمتم حاتم بإشمئزاز : يا سخافتك
تبدلت نبرة مراد قائلا بجدية : ما تيجي معايا يمكن يعجبك الجو
جلس علي طرف الفراش أمامه ، وهو يقول بقلق : لا روح انت وانبسط بس علي الله ماترجعيش بمصيبة كعادتك
صمت برهة يزم شفتيه ، ثم قال بثقة : عيب عليك دا العادي يعني
صمت حاتم على مضض ، لأنه مهما كان عمره لا يتغير أبدا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
انتهى العرض ، تلاه تصفيق حار من الجمهور بإعجاب ودهشة للأفكار المذهلة التي أحدثت ضجة حول العرض.
نزل أدهم وكارمن من المنصة بعد أن وجهوا كلمة شكر للمدعوين.
قالت مريم التي عانقتها بلطف عندما وصلوا إليهما ، وهي ممسكة بيد أدهم بابتسامة جميلة على وجهها : الف مبروك يا حبايبي ربنا يوفقكم دايما
أدهم بهدوء : الله يبارك في عمرك يا احلي روما
هتفت يسر في حماس بإبتسامة سعيدة وهي تقبل خدها : كنتي تجنني بجد
همست كارمن بإبتسامة واسعة : الله يبارك فيكو..
أردفت بحب نحو يسر : تسلمي يا قلبي انتي اللي قمر
قالت يسر بدلع ، بينما تزجر زوجها بإمتعاض متصنع : خمسة مووواه دايما مدلعاني .. مش زي ناس عارفة نفسها
ناظرها مالك بصدمة قائلا بغرابة : يا خرابي عليا هو انا نطقت دلوقتي
لوت فمها بإستياء ، وقالت بسخرية : اللي علي راسه بطحة ما هو النصيبة يا اوختشي أنه بطل ينطق
همست كارمن في أذن يسر بصوت سمعه الجميع : بيتقي شر لسانك يا ياسو اهدي علي الراجل لا يتجوز عليكي
برزت عيناها للأمام بذهول ، وتمتمت ، وهي تنظر نحو مالك بشر : يانهارو كحلي طب يوريني نفسه و يعملها انا سانة السواطير في البيت ومجهزة الأكياس
تمتم مالك ، وهو يحدق فيها فاغرا فمه ، ثم إبتسم برومانسية ، قائلا بحذر متصنع : يا ساتر .. لا وعلي ايه هو حد يبقي معه الجوهرة الرقيقة اللي كلها عقل دي ويبص برا
كان أدهم يطالعهم بصمت ، بينما ابتسمت ليلي علي مزحتهم بحب قبل أن تربت علي كف كارمن بمحبة ، وقالت بحنان : مخليني علي طول فخورة بيكي يا كوكي ربنا يحميكي
ثم أضافت ، وهي تنظر نحو أدهم : ويحميك يا حته من قلبي الف مبروك عليكم
ابتسم مالك بسماجة ، وقال مازحا بعد أن عم الهدوء على المكان : جرا ايه يا عم انت وهي .. ارحمونا من نظراتكم لبعض هنفضل واقفين سنه كدا
كانت كارمن محرجة منهم لذا رفعت يدها ، وفركت رقبتها بينما أحمرت وجنتاها بعد أن حنت رأسها بخجل ، لكن النظرة الثاقبة من أدهم كانت كافية لإسكات مالك.
همس مالك بتبرم : خلاص بهزر يا جدع
ثم أردف بفخر : انتو كسرتو الدنيا الناس مبهورة بجد
جاء بعض المدعوين نحوهم يهنئون بعبارات لطيفة ، ومن بينهم امرأة في العقد الثالث من العمر بدت امرأة من مجتمع راقي للغاية ، وقالت بابتسامة : مبروك يا مدام كارمن .. مبروك يا ادهم بيه
قال أدهم برزانة : ميرسي الله يبارك فيكي
بينما أومأت كارمن برأسها بابتسامة هادئة على وجهها ، وقالت بمجاملة : كلك ذوق ميرسي لحضرتك
ثم قال أحد العملاء الواقفين بجانب السيدة الأنيقة بنبرة رصينة : أهنيك يا أدهم بيه الديفليه كان رائع ووجود كارمن هانم بإبداعها ميزكم أكتر بالتوفيق
بينما هتفت سيدة تبدو في العقد الرابع من عمرها ، قائلة بإنبهار : فعلا كنت مخبيها فين .. العرض جنان انتو علي طول مميزين بشغلكم لكن لمسات مدام كارمن كانت قنبلة الموسم دا
قالت كارمن بإبتسامة خجولة : ميرسي
كانت خديها ورديتين للغاية من الخجل ، ولكن بداخلها كانت تشعر بسعادة بالغة لأنها حققت أحد أحلامها ، وذلك بفضل عائلتها الصغيرة الذين يقفون الآن بجانبها وأمامها ، كما يهنئها الناس ويفخرون بها.
تدخل أحد المدعوين موجهاً كلماته إلى أدهم ، بينما كانت عيناه مركّزة على كارمن التي إنذهل بجمالها الأنثوي الفاتن : كانت مفاجأة حلوة وجود مدام كارمن بتصاميمها المميزة .. انت دايما ذوقك عالي في كل حاجة يا ادهم بيه
اشتعل قلبه بغضب الغيرة ، حينما سمع مديحه ، ولاحظ نظراته الغير بريئة إليها ، وذلك إرتسم بوضوح على وجهه المقتضب من خلال إرسال نظرة حادة زجره بها.
لاحظها الآخر عندما التقت عيناهما ، وسرعان ما أدار نظراته بعيدا عنها ، وهو يتمتم بخوف وارتباك من تلك النظرة الحارقة التي جعلت الدماء تفر هاربة من عروقه ، موضحًا عبارته بصيغة أخري ، وهو يلعن في نفسه ذلك الشرود الذي كاد يوقعه حتما بمأزق كبير : انا قصدي أقول انك بتبهرنا في كل مرة بأفكار الجديدة
أجاب أدهم بنبرة حادة واثقة ، بينما لف جسدها الملاصق له في احتواءً وحماية أكبر بذراعه : من ذوقك متشكر لرأيك واكيد قصدك واضح
قام بتقبيل شعرها بلطف ، وهو يشدد من انغمار جسدها إلي صدره أمام الجميع ، في حين كان ذلك الرجل محرجًا جدًا بعد أن لاحظ نظرة الإحتقار من الجميع إليه ليغادر بهدوء ، بينما كانت تلاحظ ردود أفعال جسد زوجها الذي لا يزال مضطرب من الغضب ، الذي كان يحاول ردعه بالضغط بقوة على قبضته حتي هربت الدماء من أطراف أصابعه بعد أن قال ذلك الشخص كلماته التي لم تكن تستحق الغضب ، لكن نظراته الشاردة بها أستفزت أدهم بقوة.
شعر براحة يدها تتحرك على ظهره من الخلف بنعومة ، وهي تنظر إليه بنظرات مليئة بالحنان ، مما جعله يهدأ قليلا ويبادلها الإبتسامة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في سيارة مراد
يجلس في الخلف مرتديًا ملابسه التنكرية ، بينما يجلس السائق في المقدمة متجهًا نحو الحفلة.
التقط مراد شاشة الهاتف من جواره ، وشاهد عرض الأزياء الذي يقام الآن من خلال تسجيل فيديو قام به احدى رجاله.
ظهرت ابتسامة منبهرة على شفتيه ، وهو يرى جمال ورقي هذا الحفل المميز.
همس مراد لنفسه بإبتسامة : طلعتي فنانة فعلا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الحفل
جاء أدهم من خلف كارمن بعد أن بدأ يمل من التهاني التي لا تنتهي ، وقال بشوق بجوار أذنها : وحشتيني
ضاقت عيناها ببراءة مرهقة بعد أن ابتعدت الأضواء التي كانت تصورها عنها ، وقالت بهدوء رقيق : وانت وحشتني
لف خصرها بإحدى ذراعيه من الجانب ، وقال بابتسامة جذابة : حبيبي كانت سرحانه في ايه
تمتمت كارمن ببحه مغرية : فيك بحمد ربنا انك في حياتي يا ادهم
همس بهدوء بينما يشعر داخله براحة وسعادة كبيرة : انا فخور جدا جدا بيكي .. وشك حلو عليا اتحجزت تقريبا المجموعة كلها..
خرجت منها الصعداء وقالت بفرح : الف مبروك يا روحي
ظل صامتًا للحظة ، يحدق فيها بنظرة شغوفة ، وبعض الأفكار تدور في خلده ، بعدها هتف وعيناه تتألقان بحماس : يباركلي فيكي يارب .. اسمعي عندي كلام كتير عايز اقولهولك و محضرلك مفاجأة
عبست كارمن قليلا قائلة ببراءة : بس انا مبحبش المفاجأت
همس بنبرة مثيرة متلاعبة بينما نظراته أصبحت داكنة للغاية : مني انا هتحبيها
تنحنحت كارمن بخجل قبل أن تتساءل باندفاع : ماشي ايه هي!!
اخذ يربت علي شعرها بحنان واضعا أياه خلف أذنها وقال بإبتسامة : مش هقولك عليها دلوقتي يلا حبيبتي يادوب تحضري نفسك للحفلة من غير ما حد ياخد بالو
قطبت بين حاجبيها بتفكير في كلماته ، لكنها قالت بطاعة : حاضر بس الاول هتصل بنسمة اشوفها فين و هنطلع نغير هدومنا
رد عليها بهدوء وهو يغمز بعينه : ماشي يا عمري
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور ساعة
داخل صالة فسيحة يتوسطها ساحة رقص كبيرة ، والمكان مزدحم بينما تملأه الأضواء الملونة بطريقة مذهلة.
وقفت نسمة في إحدى الزوايا بعيدًا قليلاً عن التجمعات ، وبدت مرتبكة قليلاً ، لأنها كانت منزعجة حقًا من كثرة الأشخاص الذين هنأوها على العرض ، وفي داخلها ضحكت عليهم كثيرًا بسبب عدم إدراكم لها.
كانت ترتدي فستانًا جعلها أقل ما يقال عنها ، إنها أميرة في إحدى القصص الخيالية.
فستان سماوي فاتح ضيق من الصدر ثم ينزل بتوسع من الخصر الى الاسفل ، ومزين بنقوش على شكل ورود وكما يوجد علي الخصر فيونكة اعطته رونقا رائعا ، بينما أكمامه من الشيفون الشفاف تصل إلى المرفقين ، و شعرها مزين بتاج دائري من الورود ، وتخفي وجهها خلف قناع رقيق أنيق بلون السماء الرائع ، وشعرها الطويل ينسدل بنعومة خلف ظهرها، وتلك هي المرة الأولي التي تجعله حر.
أتت إليها كارمن بطلة ملائكية في قناعها الفضي المذهل ، وفستانها الفضي الناعم للغاية الذي يناسب جسدها الرشيق ، قائلة بتساؤل هادئ : قلبي واقفة لوحدك ليه!
شكرت ربها في داخلها أنها جاءت ، لإنها في حيرة من أمرها قليلا وقالت : متوترة شوية يا كارمن
نظرت كارمن إليها بإنشداه ، لتقول بإعجاب : ليه بس انتي طالعة تجنني اهو
أجابت نسمة بإنزعاج لطيف : كل ما حد يشوفني يفتكرني انتي و يباركلي .. انا معرفش عقلي كان فين لما سمعت كلامك!!
ضحكت كارمن بمرح وقالت بعفوية : دي كانت فكرة ادهم و بصراحة انا مبسوطة و منطلقه بالقناع دا
سرعان ما قوست شفتيها مردفة بأسي : ماتزعليش بالله عليكي انا عارفة انها انانية مننا اللي عملنا فيكي
إبتسمت نسمة وهي تقول بتنهيدة : ربنا يهنيكو يا قلبي وبعدين الحفلة جميلة وانا متسلية جدا بالكابلز الغريب اللي بيرقصو مع بعض دول
نظرت كارمن حيث كانت نسمة تشير إلى رأسها ، ووجدت شخصًا متنكرًا في زي روبوت مع فتاة ترتدي ملابس هارلين ، صديقة الجوكر.
خرجت منها ضحكة مرحة قائلة بدهشة : بس شكلهم حلو مع بعض .. لسه شايفة واحد عامل افتار معرفش ازاي داهن نفسه بويه زرقه كدا بس خطير
قالت نسمة بضحكة خافتة : اه شوفته وجه طلبني للرقص مرتين اومال انا هربت علي هنا ليه خوفت ارقص معه تسيح البويه عليا
ضحكت كارمن على مزحتها المضحكة ، ثم أضافت نسمة بعد أن هدأت كلتاهما من موجة الضحك التي دخلاها ، وهي توزع نظراتها على المكان : المصلحة الوحيدة اللي نفعتني من كل دا .. ان لحد دلوقتي يوسف معرفنيش والاضاءة المظلمة دي فادتنا جامد .. مخليه الوان العيون مش واضحة والا كنا انكشفنا
أومأت كارمن بخفة وقالت بتأكيد : معاكي حق .. هو مافيش جديد معه!
قالت نسمة بنفي غير مبالي : لا جديد ولا قديم انا دايما مصدرة له الوش الخشب واحساسي ناحيته اختفي ليه معرفش؟
تمتمت كارمن بإستفهام : ازاي يعني!!
نظرت نسمة إليها وأجابت بتفكير : يعني كنت شايفة انه انسان هادي ولطيف وطموح وحنون دا اللي عجبني فيه .. طلع حنين فعلا بس مع كل الناس ياااختي
وضعت كارمن راحة يدها على فمها لكتم ضحكها ، وقالت بصوت مكتوم : يخربيتك اسكتي هنفجر من الضحك
صاحت نسمة بلا وعي بعد أن تحمست ، ونظرت إليها في سخط : اقولك علي حاجة انا غيرت رأيي في مواصفات الانسان اللي هحبه عايزة يكون واحد شرس و مغرور حتي بارد كمان بس مايبقاش خاين
ثم ضحك الاثنان على مزحتها الطريفة التي لم تقصدها على الإطلاق.
قالت كارمن بأنفاس متهدجة من كثرة الضحك : ياخبر ابيض عليكي هموت من الضحك .. عقلك فوت يا حسرة عليكي
انقطع حوارهما معا بقدوم أدهم ، بأناقته المعتادة ، بينما علي وجهه القناع الخاص به ، وقال بابتسامة : معلش مضطر اقطع الحديث الشيق بتاعكم .. واطلب المدام بتاعتي للرقص
ابتسمت نسمة بأدب و قالت بهدوء : اكيد اتفضلو
قالت كارمن ، وهي تربت على يديها بلطف قبل أن تبتعد هي وزوجها إلى ساحة الرقص : هرجعلك تاني
أومأت إليها نسمة ، وقالت بهدوء : خدوا راحتكم
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
اصطحبها أدهم إلى ساحة الرقص ، ثم رفعت ذراعيها حول رقبته لتحيطها بهم ، بينما كان يلف ذراعيه حول خصرها المنحوت برفق قبل أن يسألها باستفسار : تعبتي انتي انهاردة جامد؟
قالت وهي تحدق فيه بإبتسامة : اه اوي
همس لها قائلًا وهو يحرك جسده معها بسلاسة ، وانسيابية على الألحان الرومانسية التي أعطتهم شعورًا بالرضا والسعادة وهم يرقصون عليها : ماتقلقيش شوية و هنخلع من هنا
ضحكت برقة وهي تقول بأسي : ياريت بس صعبانة عليا المسكينة نسمة الصحافة هريتها تصوير انا يدوب اتصورت كام صورة دوخت وعيني وجعتني
شاركها الضحك قائلا بهدوء : هي متعودة علي الجو دا اكتر منك وانتي اصلا بتتعبي بسرعة لولا انها رضيت بالموضوع .. انا ماكنتش وافقت علي الحفلة دي عشان عارف الازعاج اللي هيحصلنا فيها
لمعت عيناها بسعادة مردفة بلطف : بس بجد الحفلة حلوة اوي
همس بعشق جارف وهو يتأملها بشغف : انا شايفها حلوة لانك معايا وفي حضني
ضمت شفتيها بابتسامة خجولة زادت من تألقها وجمالها في عينيه ، قائلة في همس : ماتفوتش فرصة انت ابدا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الناحية الأخري
عند مراد
ضاق عينيه عليهم ، ولم يفهم كيف أخطأ رجاله عندما أخبره أنها كانت ترتدي ثوبًا سماويًا ، لكنه لم يخطئ في تخميناته وحدسه فهو قوي الملاحظة.
من يقفون أمامه في ساحة الرقص هم أنفسهم أدهم وكارمن ، وليست من تقف بعيدًا عنه في زاوية وحدها.
إذن من هي تلك الفتاة؟
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند أدهم و كارمن
أوقفها ادهم برفق عن الرقص وقال بهمس : حبيبي
همهمت بخفوت وهي تضع رأسها علي كتفه : عيوني
ربت ادهم علي شعرها بحنو وقال : يلا عشان نتحرك
تطلعت له بإنشداه وتسائلت : دلوقتي..
قاطعها أدهم بهدوء : دا انسب وقت
هزت كتفيها بإستسلام وقالت بسرعة : ماشي لحظة اجيب الشال والشنطة واجيلك
إبتسم إليها وهو يؤمي بالموافقة وقال : مستنيكي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند نسمة
هتفت نسمة بعفوية : الو .. ايوه يا بابي
أردفت نسمة وهي تنظر حولها ، وعيناها تشعان بالسعادة : ماتقلقش اطمن الحفلة هنا خيالية اخر حاجة
ضحكت نسمة برقة وقالت بمرح : دي لغة العصر يا عم شاهين
أومأت برأسها ببراءة كأنه يراها ، ثم استطردت حديثها : مش هتأخر اطمن هكلمك قبل ما اتحرك
ثم أضافت بتحذير لطيف : بس عشان خاطري أوعي تنسي تتعشي و تاخد الدواء .. حاول ترتاح وانا اول ما اوصل هصحيك اطمنك عليا
أمالت نسمة رأسها قليلا قائلة بعبوس لطيف من إرشاداته المتكررة : حاضر يا بابا
ودعته نسمة بلطف : مع السلامة يا بابي
في ذلك الوقت ، كان أحدهم يستمع إلى المكالمة وهو مبتسم ، ولا يدري سبب إعجابه بصوتها العذب وكلماتها البريئة وأسلوبها الحنون للغاية ، حينما اقترب منها قبل لحظات بفضول.
كان يعتقد في البداية أنها كارمن عندما لاحظ أن بعض المدعوين يرحبون بها ، فكانت عيناه عليها ، لكن الوقوف بمفردها لفترة طويلة جعله يشك بها ، والآن بعد الاستماع إلى صوتها تأكد من أنها خدعة ذكية تلعبها.
ظهرت ابتسامة غامضة على فمه ، وعيناه الزرقاوان تومضان بمكر ، لكن تلك الابتسامة سرعان ما اختفت حالما رأى هذا المنظر أمامه.
★★★
عند نسمة
بعد أن أنهت المكالمة مع والدها ، وقفت شاردة الذهن في الذين يرقصون بشكل رومانسي في حركات هادئة وسلسة على حلبة الرقص ، بينما انفرجت شفتيها بابتسامة لطيفة.
قال بلباقة : مدام كارمن تسمحيلي بالرقصة دي!!
بكل تأكيد تعرف صاحب هذا الصوت ، وكيف لا تعرفه وتميزه ، وهي كانت تستمع اليه يوميًا.
اختفت ابتسامتها تدريجياً ، وظلت مولية ظهرها له محاولة أن تستجمع شجاعتها للرد عليه ، بينما كان يقف خلفها في انتظار موافقتها أو حتى الرفض ، لكنه لم يتلق جوابًا إلا الصمت.
قاطع أفكارهم وقوفه أمامهما بحضوره الطاغي ، وبكارزمتهِ العظيمة ، وجاذبيته بلا منازع ، قائلا بهدوء بارد ، بينما عيناه الزرقاء تبعثان شرارات لهيبة من وراء قناعه موجهًا نحو يوسف الذي يقف خلفها : للأسف أنا سبق وطلبت الرقصة دي من مدام كارمن ووافقت
ليحدق في نسمة بلطف متسائلا بإبتسامة صغيرة : مش كدا؟
لا تعرف كيف نطقت تلك الحروف ، لكن ما شعرت به بعد نطقها هو أنها لن تندم لتتخلص من المأزق الذي وقعت فيه ، أو هكذا اعتقدت : ايوه
اتسعت ابتسامته بعد أن أجابت بالموافقة حيث مد يده نحوها ، لتنظر إليها وعقلها تائه قليلاً ، لكن دون أن ترهق نفسها في التفكير أكثر ، وضعت يدها في يده ليضغط عليها برفق ، ثم ساروا معًا إلى ساحة الرقص ، تحت نظر يوسف المذهول لما حدث للتو أمامه دون أن يفهم.
في ذلك الوقت
كانوا يرقصون بهدوء على نغمات رقصة سلو ، وكانت تحاول وضع مسافة بينهم أثناء رقصهم بينما عقلها مشتتًا بالارتباك الواضح ، لكنها حاولت الاندماج ، ونسيان أي شيء يزعجها.
لم تستطع نسمة حتى رفع رأسها إليه ، لأن مظهره الصارم بهذا التنكر المريب جعلها تشعر بالتوتر لدرجة كبيرة حتي سمعته يهمس ببرود : اشكريني
رفعت نسمة رأسها إليه ، ونظرت إليه في حيرة ، ولاحظت أنه كان يحدق بها بقليل من الحدة ، لكنها همست بدهشة : افندم!!
قال مراد بنفس الهمس ، وهو يحدق فيها بإبتسامة عابثة : بعد ما انقذتك المفروض تقوليلي شكرا
رمشت نسمة في ارتباك وحيرة أكبر ، حالما سلط إحدي الأضواء علي عيناها بقوة فبان لونهما بوضوح ، وهو يحركها برفق مع الموسيقى بين ذراعيه ، قائلة بعفوية : مش فاهمة حضرتك بتتكلم عن ايه!!
اتسعت عيناه بالتزامن مع قلبه ، الذي زادت دقاته بشكل ملحوظ ، ولا يعلم أنه سقط أسيراً لخضرتها ، بل ابتسم ببرود وهو يسحبها نحو جسده بقسوة أكبر ، حيث إنصدمت منها كثيرًا وحتى هو لا يعرف سبب هذا التصرف منه ، قائلاً بهدوء جليدي : لو كان الشاب الامور اللي طلب انك ترقصي معه من شوية رقص معاكي .. أكيد كان عرف انك مش كارمن
اتسعت عيناها الخضرتان بصدمة واضحة ، وهي تحاول الرد ، لكن فمها دمدم ينفتح ويطبق دون أن يصدر صوت ، وكأنها نسيت طريقة نطق الحروف.
أما بالنسبة له ، فقد سلط عينيه على حركات شفتيها ، غير مدرك ما حدث له ، لكنها استفزته بشفتيها الوردية بإرتجافتها الواضحة.
مضت ثوان قبل أن تتغير سماء عيناه للأزرق الداكن ، وهو ممسكا يدها بقوة ، مستشعر دقات قلبها الذي كان ينبض بدلاً من صدرها في راحة يدها بسبب التوتر الشديد الذي تفاقم داخلها بسببه.
أضاف مراد بإستخفاف ، وابتسامة غريبة على شفتيه : ببساطة ست متجوزة واقفة لوحدها من أول الحفلة ورافضة الرقص مع أي حد وعيونها هتطلع علي الناس اللي بترقص دا غير ان عيونها لونهم خضره مش زرقاء يعني سهل أوي إنك تنكشفي
ثم أردف مراد بنبرة متلاعبة ، ورفع حاجب واحد بينما كان يميل رأسه قليلا بجانب أذنها : عشان كدا ادخلت في الوقت المناسب وانقذتك ابقي استاهل الشكر ولالا!!
ارتجف جسدها من لهجته الجليدية ، واندلع الغضب والإزدراء بداخلها بسبب عجرفته المفرطة ، فوجدت نفسها تحاول الإبتعاد وتريد الهروب من أمامه في أسرع وقت ممكن ، قائلة بإنزعاج : ابعد ايدك عني لو سمحت مايصحش ك…
قاطعها بهدوء ، لكن نبرته خرجت آمرة للغاية : انا مابحبش حد يتجاهل كلامي ردي عليا
قطبت حاجبيها بتجهم من غريب الأطوار ذلك الذي لا تعلم من أين ظهر لها ، فقالت بصوت هامس مستنكر ، حتى لا تلفت الانتباه إليه وتسبب مشكلة في عملها ، لكنها إتكئت علي حروفها بقوة من فرط تكدرها : انت فاهم غلط وكمان انا مش مضطرة ابررلك أي حاجة ولا طلبت منك تنقذني يا عم العوامة انت .. أوعي ايدك عني وخليني امشي
حاولت إزاحته عنها من خلال الدفع بيدها علي صدره ، لكن ذراعيه إزدات صلابة حول خصرها بقسوة ألمتها ، وقد أصبح العناد هو سيد الموقف الآن.
لم يعد بإمكانه أن يكتم غضبه اللهيبي أكثر ، ومد يده الأخري يزيل قناعها عن وجهها في غمضة عين ، لكن للحظة تسمرت عينيه بصدمة ، وهو يحدق في ملامحها البريئة ، تمامًا مثل صوتها ، لكنه تدارك نفسه في ثوان ، وأختفت لمعة الإفتتان التي ظهرت في عيناه.
همس بصوت يشبه الفحيح قائلاً بحزم : لسانك الطويل دا أوعدك اني هقصه بطريقتي
حدقت فيه بعيون منفرجة علي وسعهم في دهشة وصدمة من مباغتته لها ، وقد لاحظت نظراته الجريئة لها.
قالت بحدة مشوبة بالخجل الواضح من إحمرار وجنتاها : أنت انسان وقح وقليل الذوق وحشري كمان .. انت دخلك ايه بيا وتطلع مين عشان تكلمني كدا؟؟
تحرك فمه بابتسامة جانبية قبل أن يمد يده نحو وجهه ، ويرفع القناع الذي كان يغطيه به ليكشف عن ملامحه الوسيمة والقاسية قليلاً ، قائلاً بطريقة غامضة جعلت الرعب يدب في أوصالها : ماتستعجليش هتعرفي انا مين قريب اوي!
في غمضة عين وجدت نفسها تقف في منتصف ساحة الرقص وحدها لأنه إبتعد عنها وغاب وسط الإزدحام ، فلم يعد هناك أي أثر له.
أما هو فقد غادر سريعا من المكان بأكمله قبل أن يترتكب فعلاً قد يندم عليه أثناء غضبه.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في سيارة أدهم
نظرت كارمن من خلف نافذة السيارة ، ربما تعلم إلى أين سيأخذها زوجها ، لكن لم يتبين أمامها أي شيء مألوف ، فسألت بهدوء : ممكن تقولي احنا رايحين فين؟
قال أدهم بمرح بينما نظراته مسلطة علي الطريق أمامه : قولتلك حضري نفسك لمفاجأة كبيرة
ضحكت كارمن بنعومة وقالت : ماشي
تمتم بعفوية : انا قولتلك قبل كدا أن ضحكتك دي بتخطف قلبي
توردت وجنتاها خجلا من الإطراء الرقي الذي يغمر وجدانها به ، من حين لآخر دون أن يكل أو يمل ، فاقتربت منه بشكل تلقائي ، وطبعت أسفل فكه قبلة ناعمة قبل أن تتظاهر بالذعر قائلة : أوعي تكون خطفني
رفع حاجبه ناظرا اليها من زاوية عينه وتساءل : انتي خايفة ولا ايه!!
قالت بتنهيدة : صراحة انا اتوترت شوية
ناظرها أدهم وقال بضحكة : بجد
أومأت كارمن بإبتسامة وقالت برقة : ايوه لاني هبقي لوحدي معاك
قال أدهم بعدم تصديق : لا والله
ضحكت كارمن وقالت بعفوية ، بينما أدارت جسدها تجاهه ، وضمت كلتا يديها إلى صدرها : انت عارف اني كنت مسمياك دراكولا من كتر اللبس الاسود اللي دايما كنت تلبسو .. وكنت اتوتر جامد من بصتك ليا
خرجت منه ضحكة قوية من حديثها الذي شعر منه بمدى قسوة تعامله معها في الماضي ، ليستفسر بغيظ : طيب ودلوقتي لسه دراكولا
ضمت كارمن شفتيها بإبتسامة محرجة ، قائلة بشقاوة : لا دلوقتي اتغيرت جدا بقيت دراكولا رومانسي
ادهم بتمتمة بينما علي شفتيه شبح إبتسامة : لا والله
نطقت بنبرة بسيطة وصادقة : ايوه وفي كل الحالات عجبني اصلا
حدق فيها بإبتسامة واثقة قبل أن يقول برضا : ايوه كدا اعدلي كلامك لاني كنت علي وشك افتراسك حالا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل مراد
داخل الصالة الرياضية
كان مراد واقفًا ونصفه العلوي عاريًا ، والعرق يتدفق من جميع أنحاء جسده العضلي القوي من مجهوده أثناء لعب الملاكمة أمام كيس الرمل الذي يدعي السند باج ، حتى أفرغ شحنة الغضب التي شعر بها ، وتلك عادة من عاداته التي يلجأ إليها منذ الصغر عندما يصاب بالغضب الشديد حتي أتقنها بمهارة.
هتف حاتم الذي كان جالسًا على أحد المقاعد القريبة منه بضحك صاخب ، وهو يريح جسده إلى الوراء في استرخاء ومرح : هو مافيش مرة تستر في مكان ابدا .. انا لحد دلوقت مش متخيل انها هزقتك كدا ياريتني روحت معاك عشان اشوف اللقطة دي
تمتم مراد بغضب من بين أنفاسه السريعة ، ولا يزال يلكم الكيس الرملي بقوة : حقك تضحك انا الغلطان عشان حكيتلك وانا عارف انك هتفضل تتريق عليا للصبح
حاول حاتم كبح موجة الضحك التي انخرطت فيها رغماً عنه ، بينما انهمرت الدموع من عينيه من الضحك المفرط وقال : خلاص روق و اهدا
توقف مراد عما يفعله ، وقال بسخط : انسانة غريبة كانت في حجم العصفورة قدامي بس سبحان من صبرني علي طولة لسانها اللي عايز قطعو
حدق حاتم فيه بنظرة ارتياب ، وتمتم : واضح انها دخلت دماغك
تطلع إليه بعيون مفتوحة على مصراعيها قبل أن يحاول تنظيم أنفاسه ، لتهدئة نبضاته التي زادت رغماً عنه ، قائلا بتكبر يشوبه الإستنكار : بتقول ايه .. هي تطلع مين اصلا عشان ادخلها في دماغي!!
هتف حاتم بتأكيد ، وهو يطلق ضحكه قصيره بغلاظة : اهو مش ملاحظ من ساعة ماجيت وانت ماسكتش عن الكلام عنها و كل شوية توصف فيها .. شوية تقول ملامحها بريئة و جميلة وكل حاجة فيها تجنن و زي القمر و شوية تقول انها قطة برية عصبية ولسانها متبري منها
احتدت عيناه بنظرة قاسية نحو حاتم ، وصر علي أسنانه بعنف شديد حتى كاد أن يكسرها عندما سمعه يكرر حديثه عنها خلال فورة انفعاله.
ابتسم حاتم قبل أن يردف بسخرية منه : و حاليا بتطلع دخان من ودانك من كتر عصبيتك الفظيعة دي .. اللي مستغرب منه انك ماجبتش سيرة كارمن خالص ولو بكلمة!!
زفر مراد بقوة بينما يحك ذقنه بتفكير ، وقال ببساطة : بيني وبينك انا مهمنيش خالص لما شوفتها بترقص مع جوزها
تسائل بإستفسار : قصدك يعني انها مابقتش مهمه في نظرك وزهقت من الحوار
رد بنبرة عادية : مش كدا انا معجب جدا بشغلها حقيقي بهرتني ..
أصبحت نبرته أكثر حدة قليلا ، وهو يتذكر كلمات تلك الفتاة التي كانت أول من تجرأ علي التحدث معه بهذه القوة والتحدي : بس انا دلوقتي مابفكرش غير في البت اللي تجاوزت حدودها معايا وناوي أربيها
إبتسم حاتم قائلا بعبث ماكر : مش بقولك انها شغلتك عيب دا انا اللي مربيك
رد بإقتضاب بارد متجاهلًا كلماته أو ربما يحاول الهروب من التفكير بها ، وهو يلتقط أغراضه ويتجه للخارج : انا طالع اخد دوش وانام
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند ادهم و كارمن
في مكان بعيد قليلا عن المدينة و الضوضاء
توقفت السيارة أمام بوابة فيلا بحديقة صغيرة ولكنها رائعة ، ثم ظهر رجل عجوز فتح لهم البوابة لدخول السيارة ، ثم بعد أن حيا أدهم ذلك الرجل وأمره بالذهاب للنوم.
نزلت كارمن من السيارة برفقته أمام باب المنزل ، وهي تحدق حولها بدهشة مما رأته من جمال هادئ.
تقدم أدهم يتجاوزها نحو المدخل ، ثم أدار مفتاحه في الباب ودفعه قليلاً ليدخل ، ثم تبعته بخطوات بطيئة ، تتأمل ذلك المنزل بأرضياته الخشبية وأثاثه البسيط والأنيق للغاية.
همست كارمن بتساؤل وسط تأملاتها : ايه المكان دا!!
التفت إليها أدهم بعد أن خلع معطفه وسترته ووضعهما على أحد الكراسي ، ثم سألها بابتسامة : ايه رأيك فيه الاول؟
ردت كارمن بعفوية : جميل اوي
إتسعت إبتسامته وهو يقترب منها قائلا بتفسير : دا بيتي السري محدش عارفو .. بجي فيه لما بكون عايز افضل لوحدي
تمتمت كارمن بتعجب : يعني محدش جه هنا قبل كدا
وضع أدهم يده في جيب بنطاله ، مستقيمًا ظهره بشموخ ، وقال في نفي : لا ابدا مفيش غير الحارس اللي شوفتيه برا بينظف البيت وبس
سارت في أرجاء المنزل وهي تقول : عجبني اوي البيت و دافي اوي كمان
سار أدهم خلفها حتى أصبح بجانبها ، وأمسك راحة يدها بين يديه ، وهو يسحبها برفق ورائه لإدخالها في إحدى الزوايا قائلا : تعالي
همست كارمن بإنشداه : دفايه كمان
رد ادهم مردفًا : خليت عم ابراهيم شغلها قبل ما نوصل
قالت كارمن بفرح وهي تقف أمامها تتأمل النيران المشتعلة التي تضفي على المنزل لمسة من الراحة والدفء : تحفة يا ادهم
قال أدهم بلطف وهو يشد خصرها ويسحبها نحو صدره ، فتمسكت بقميصه بقبضتها : أنتي لسه ماشوفتيش حاجة .. شوفي بقي أول حاجة هنعملها نقفل موبايلتنا ونفصل عن الدنيا خالص
جعدت حاجبيها وهزت رأسها برفض قائلة بنعومة : مينفعش يا دومي مامتي ومامتك هيقلقو افرض احتاجونا
أجابها أدهم ببساطة : ماتقلقيش من حاجة كل الامور تمام
عضت كارمن علي شفتيها بتفكير قبل أن تقول : طب ممكن قبل ما اقفل الموبايل اطمن علي نسمة !!
أدهم بإبتسامة هادئة : ماشي حبيبي
عند كارمن
إستمعت إلي صوتها الناعم تقول : الو
إبتسمت كارمن بمرح وقالت : حبيبتي
أجابت نسمة بإبتسامة هادئة : شغلتيني عليكي روحتي فين؟
كارمن بإختصار : انا و ادهم خرجنا من غير ما حد يحس
ثم أردفت بإهتمام : المهم انتي روحتي ولا لسه اتصلت اطمن عليكي
ردت نسمة بهدوء : ماتقلقيش انا روحت ويدوب لسه مغيرة هدومي
كارمن بلطف : ماشي يا قمر
ثم سرعان ما هتفت بتساؤل بعد أن تذكرت شيئا : الا قوليلي لمحتك بترقصي مع قرصان تقريبا واحنا ماشيين .. ايه الموضوع!!
تذكرت وقاحة هذا الشخص معها ، لتقول بعفوية بينما سرت رجفة في كامل جسدها لا تعلم سببها : دا بني ادم همجي و قليل الذوق والادب خلاني ارقص معه بالعافية تخيلي
وضعت كارمن راحة يدها علي فمها بعدم تصديق ، قائلة بضحكة : يا خبر ابيض معقولة!!
أجابت نسمة وهي تومئ برأسها كأنها أمامها : ايوه بس انا ماسكتش هزقته وبعدها اختفي معرفش راح فين كأنه شبح
قالت كارمن بحماس : ولا يهمك روقي وافتكري النجاح اللي حققناه انهاردة وبس .. يلا هسيبك تنامي و ترتاحي
قالت بتنهيدة مطمئنة بعد حديثها اللطيف معها : ماشي يا روما تصبحي علي خير
كارمن بود : وانتي من اهل الخير باي
نسمة : باي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند أدهم
أتت إليه كارمن ووجدته واقفاً في المطبخ ، وقد شمر أكمام قميصه وهو يعبث بالثلاجة ، فقالت وهي ترفع الهاتف بيدها : تمام خلاص قفلت الموبايل اهو
غمز أدهم لها بعينه وقال مع إشارة من رأسه : شطورة يلا اطلعي فوق غيري هدومك علي ما احضر عشاء خفيف لينا
مطت كارمن شفتيها للأمام وقالت بنعومة : استني اساعدك طيب
قال أدهم بنفي و هو ينظر إلي محتويات الثلاجة أمامه : لا انتي اطلعي خدي حمام دافي والبسي الفستان اللي علي السرير وانزلي ماتشغليش بالك بحاجة
أومأت كارمن بإستسلام ، وقالت بذهول جعل إبتسامة تظهر علي شفتيه : وفستان كمان .. ماشي يا مستر غامض
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند نسمة
دخل شاهين غرفتها بعد أن سمحت له بالدخول ، قائلا بدهشة : ايه يا حبيبتي لسه مانمتيش ليه؟
ردت نسمة بابتسامة جميلة وهي تقترب منه ، ووضعت قبلة صغيرة على خده : كنت بتكلم مع كارمن يا بابا اطمنت عليها وهنام اهو
أومأ إليها شاهين بحنو وقال بفخر : ماشي يا قلبي مبروك علي نجاحك العرض شوفته في الفيديوهات كان أكتر من هايل
قالت نسمة بشرود عندما تذكرت تلك الحفلة : الله يبارك فيك يا بابا
لاحظ شاهين إختفاء إبتسامتها ونبرتها الشاردة ، فقال بتساءل : مالك يا نسوم حصلت حاجة مضايقاكي!!
أجابت عليه بسرعة ، وقد نفضت تلك الأفكار من رأسها ، وللمرة الأولى تخفي ما حدث لها لأنها لم تكن تريد أن تجعله يخاف عليها أو تجعله ينفعل عندما يعلم عن تلك التمثيلية التي أدتها اليوم ، والأكثر من ذلك أنها تعرضت لهذا الموقف السخيف : محصلش حاجة انا من الصبح واقفة علي رجلي مارتحتش خالص يمكن عشان كدا باين عليا الارهاق
هز رأسه بفهم وقال ، وهو يسير معها إلى سريرها ، ليجعلها تتسلق عليه ويغطيها : خلاص مش هسهرك اكتر .. يلا نامي والصبح تحكيلي اللي حصل في الحفلة
همست نسمة بهدوء ، وهي مستلقية بعد أن عانقته بمحبة : حاضر تصبح علي خير يا حبيبي
رد شاهين بابتسامة حنونة ، وهو يطفئ الأنوار بجانب السرير : وانتي من أهله يا نور عيني
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند أدهم و كارمن بعد أن تناولو العشاء
كانت كارمن تثرثر من أجل التهرب قليلاً من عينيه اللامعتين تجاهها بشغف ، منذ أن رآها في ذلك الفستان بعد أن نزلت لتناول العشاء ، ولم يرمش للحظة ممَ جعلها ترتبك من الخجل الواضح : انا كل ما افتكر أننا عملنا كدا في المسكينة دي ازعل .. تخيل أنها وقعت في مشكلة مع حد بالحفلة لكن عدت علي خير الحمدلله
كانت مرتدية فستان زهري هادئ مع شق في الصدر ، و شرائط حول العنق ملفوفة ومربوطة على شكل فيونكة على الرقبة ، ويصل طوله إلى منتصف الفخذ.
ابتسم بمكر ، وهو يعلم ما كانت تحاول أن تفعله بإستماته لإخفاء خجلها قائلا بهدوء : ممكن طلب
كارمن بخفوت : إتفضل
ترك أدهم الملعقة التي كان يمسكها ، وقال بابتسامة شاردة في ملامحها بعد أن وضع قبضته تحت ذقنه : انا مش عايز نكلم عن حد غيرنا .. الليلة دي بتاعتنا احنا وبس
عضت كارمن شفتها ، محرجة قليلاً ، وخفضت عينيها إلى صحنها ، بينما احمرار وجنتاها تزايد خاصتا عند سماعها نبرته الرجولية المثيرة : تعرفي ان الفستان دا عليكي يجنن خليتي جماله يبان عليكي
ابتلعت كارمن اللقم داخل فمها بصعوبة قبل أن تتنحنح بحرج ، وقالت بتلعثم : ادهم لو سمحت وحدة وحدة عليا انا مكسوفة دلوقتي
زم أدهم شفتيه بتفكير قبل أن يهتف بإقتراح : طيب ايه رأيك نقوم نرقص شوية وقتها الكسوف هيروح!!
فلتت ضحكة من بين شفتيها قائلة بشك : تفتكر
رد أدهم ببساطة : نجرب
قام من مقعده بعد أن قال كلمته ، وبدأ باللعب في المسجل الموجود فوق التلفزيون ، ليصدر نغمات رومانسية تملأ المكان.
بدأوا يرقصون معًا بعد أن مد يده لها ، لتنهض ممسكة بيده ، ثم حركت قدميها بخفة تتمايل معه على تلك النغمات الرومانسية الهادئة ، وهو يعانق خصرها بكلتا يديه ، بينما أراحت رأسها على كتفه.
ازال أدهن بأنامله شعرها إلى جانب واحد ، ثم وضع قبلة رقيقة بشفتيه على رقبتها قبل أن يدفن وجهه في عنقها ، مطلقا أنين خافت قبل أن يقول بصوته الرجولي المثير : بقيت بعشق ريحة الياسمين لانها ريحتك يا كارميلتي
ارتجفت قليلاً وشددت عناقها له بحب مستكينة بين ذراعيه ، واستمروا في رقصهم بحركات سلسة وإنسيابية هامسة بشوق : انت واحشني اوي رغم انك كنت معايا كل لحظة بس حاسة اني مشتقالك خالص ..
ثم رفعت حدقتيها ، ونظرت إليه قائلة بصوت هامس : لما بتكون جنبي مش قادرة اوصفلك بحس جوايا بإيه .. شعور اكبر من اني اوصفه في كام كلمة حتي لما بغمض عيني مش بشوف غيرك قدامي
جعل جبهته ضد جبهتها ، وهو يتنهد بحرارة مست بشرها ، متمتما بعشق : انتي اللي عملتي فيا ايه .. دا كأني كنت عايش في كهف ضلمة وانتي اللي قدرتي تخرجيني منه و غيرتي حياتي كلها بوجودك فيها حتي لمساتك البسيطة ليا بتولع قلبي
همست تضم شفتاها الوردية بتلقائية : سلامة قلبك
لمعت عيناه المسلطة على شفتيها ، ثم انحنى على أذنها ، وهمس بصوت غليظ فيه بحة ، محاصرا جسدها بكلتا ذراعيه أكثر : ماتعمليش الحركة دي لاني مش هبقي مسؤل عن اللي هيحصل
تغنجت كارمن بدلال ، بينما تفرك طرف أنفه مع أنفها بشقاوة : لا هعملها براحتي ومش مهم اما نشوف هنوصل لحد فين
كانت عيناه تتدفقان بأمواج من العشق والغرام الدافئ التي غمرتها بكلمات الحب قد قرأتها في عينيه دون الحاجة إلى تحرك شفتيه لقولها ، لذا صدرت المبادرة منها ، حينما اقتربت علي مهل من شفتيه ، ولمستها بشفتيها قبل أن تغمض عينيها ، ثم شعرت أن يده ترتفع من فوق ظهرها ، وتجذب رأسها أكثر نحوه ، بينما تلتهم شفتيه شفتيها بقوة أكبر.
أحاطت رأسه بكلتا ذراعيها ، وشدت خصلاته ، وتبادلت القبلات معه بحب مماثل.
طالت قبلتهم العميقة بنهم بينما كاد أن يفقد عقله من تجاوبها معه ، فصل قبلتهما عنوة حالما تطلبت رئتهما بإلحاح إلى الهواء ، وعانقها بقوة يمرمغ وجهه في عنقها برائحتها الجميلة و ملمسها الناعم ملثمها برقة بالغة ، وعيناه مغمضتين بينما اشتدت خفقات قلبه بجنون من فرط مشاعره .
كما أنها كانت تدفن وجهها بكتفه وتتشبث به ، يغلفها الأمان بين ذراعيه ، وتستمتع بلمساته فوق رقبتها ، وبعد بضع ثوان ، شعرت بأصابعه ، التي تلمس جسدها الرشيق من فوق قماش الفستان الرقيق ،
رفعها بسهولة للأعلي بيديه التي علي خصرها ، فلفّت قدميها تلقائيًا حول خصره.
سار إلى الأمام حتى يصعد إلى الغرفة ، ممسكًا بها بين ذراعيه ، ليأخذها معه أخيرًا إلى عالمه الخاص الذي لا يوجد فيه أحد غيرهم ، ليبث عشقه لها علي طريقته الخاصة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الصباح الباكر
وقفت تنظر إلى الحديقة من خلف الزجاج ، وفي يدها فنجان شاي ساخن والأخرى تحمل بها شطيرة صغيرة ، وكانت ترتدي أحد قمصان أدهم ، لأنها لم تستطع العثور على أي شيء ترتديه للنوم أمس ، وكانت ترفع شعرها في كعكة فوضوية متبعثرة منها كثير من الخصلات حول وجهها بدت بريئة جدًا بهذا الشكل.
نزل أدهم من فوق بعد أن استيقظ ، ولم يجدها بجانبه ، مرتديا سروالا قطنيًا فقط ، وكان صدره عاريًا.
رآها تقف وظهرها إليه بهذا الشكل الفوضوي ، لكنها فاتنة جدًا حتى عندما تستيقظ من النوم ، لقد أرهقت قلبه للغاية لأنه مغرمًا بها في أصغر التفاصيل التي تخصها.
همس أدهم بإمتعاض بعدما سار نحوها بخفة ، وحاصر خصرها بامتلاك : هو انا ليه مش شايف فطار جاهز ليا!!؟
أدارت كارمن رأسها إليه عندما سمعته يقول ذلك ، ثم قالت بتمطق : أول حاجة الصبح الناس بتقول صباح الخير
ابتسم أدهم علي مظهرها اللطيف ، وقال بنظرة مشرقة : صباح التفاح الامريكاني .. صحيتي إمتي؟
ردت كارمن بنعومة بعد أن ابتلعت ما في فمها ، وهي تضع رأسها بخفة على كتفه : من شوية انت ليه قومت دلوقتي لسه بدري !! ولا انت ماشي عكس الناس وقت الشغل تصحي متأخر وفي الاجازة تقوم بدري
مرر أدهم أطراف أصابعه على خدها الناعم ، وهمس بنبرة صادقة ، بينما يشد عناقه على خصرها بيده الأخرى : وانتي حواليا في الاوضة بكون مطمن .. وبحب ادلع عليكي واعمل نفسي نايم عشان تيجي وتصحيني
رمشت كارمن بعدم تصديق وقالت بقهر : يا ابن اللظينا يعني كل الايام اللي فاتت كنت بتشتغلني وبتكون صاحي
اتسعت عيناه بصدمة متمتما بغيظ : لظينا و بتشتغلني .. خربتي اللحظة الحلوة
ثم أردف بضحكة متحسرة : اكيد بنت عمك كرفت عليكي وبعدين انتي عندك مانع لو ادلعت عليكي ؟
اتسعت الابتسامة على شفتيها ، وقالت بنظرة ماكرة : ادلع براحتك يا روحي
ضاقت عينيه عليها بدهشة ، وقال بشك : مش مرتاح للاستسلام دا منك
ثم فجأة إنحني برأسه يلتهم جزءًا من الشطيرة التي في يدها ، فابتسمت بينما قلبها ينبض بسيل من المشاعر التي تومض بوضوح في عينيها.
قال أدهم وهو يمضغ اللقمة في فمه بصرامة : علي فكرة ممنوع تبتسمي قدام حد بالطريقة دي .. إمبارح عديتها بمزاجي عشان كنتي فرحانة
اتسعت ابتسامة على شفتيها ، رغم رؤية نظرة الغضب التي ظهرت بعينيه في تلك اللحظة ، تعلم أنه يتحدث بجدية ، لكنها كانت سعيدة عندما شعرت بغيرته عليها ، لأنه نادرًا ما يظهرها ، ولكن عندما يتكلم معبرا عنها ، يرتجف قلبها فرحا.
أضاف أدهم بغيظ مزيف وهو يتأمل ملامحها الجميلة بحب : برده لسه مبتسمة!!
نظرت كارمن إليه ببراءة وقالت بتبرير : لان مافيش حد معانا
همس أدهم بصوت رجولي مثير بجانب أذنها ، جعل وجهها يشتد حمرته : دا لمصلحتك انتي لو فضلتي بصالي كدا هتهور وانا مابصدق وانتي عرفاني
همست بإحراج تحاول تغيير الموضوع ، وهي تلكمه في صدره بقوة طفيفة : هو الجو فجأة بقي حر ليه!!
رفع أدهم حاجب واحد ونظر إليها قائلا بسؤال : مش عجبك كلامي ولا ايه؟
تمتمت كارمن بعبوس متصنع : لا
إبتسم أدهم بجانبية ، وهو يقول بإصرار ماكر : ولو انتي اتورطتي انا مابشبعش منك
قالت كارمن بهمس ، بينما تستند علي صدره اكثر : حتي انا مش بشبع منك حبيبي بس نعمل ايه!!
ابتسموا لبعضهم البعض في نفس الوقت قبل أن تقترب منه بجرأة ، وقطعت المسافة الصغيرة بينهما ، ثم تطبق علي شفتيه قبلة متمهلة رقيقة ، بينما كانت تكمش بقبضتها الصغيرة على ذراعه العضلي ليلتصق بها أكثر.
ارتشف رحيق شفتيها بعمق أكبر ، بينما كانت تمسك الفنجان بيدها الأخرى بقوة ، جاهدة ألا يسقط منها.
مرت علي القبلة بضع لحظات حتى شعر بحاجتها للهواء ، فإبتعد برأسه علي المضض ، ورأى ابتسامتها الصغيرة مزينة شفتيها ، فابتسم لها ، وعيناه تلمعان برضا.
ابتعدت كارمن عنه قليلًا وقالت على عجل ، وهي تضع الكوب من يديها على المنضدة ، وهرولت للأعلي تحت نظراته المندهشة : لحظة بس وهرجعلك
عادت إليه بعد فترة وجيزة حاملة أحد قمصانه في يدها ، لكنها لم تجده في الصالة الداخلية للمنزل ، فسارت مباشرة نحو المطبخ ، لتراه جالسًا على أحد الكراسي الخشبية أمام الطاولة الطعام.
مشيت كارمن لتقف خلفه ، ووضعت ذلك تي شيرت علي ظهره من الخلف ، ثم همست بهدوء في أذنه : ممكن تلبس دي عشان ماتاخدش برد
قبل يدها بحب قبل أن يقول بخبث : خايفة عليا من الجو السقعة و لا مكسوفة كالعادة اعترفي
عضت شفتها السفلى في حرج ، وقالت بعينان زائغة تحاول الإنكار : انا مش مكسوفة
نظر أدهم إليها بتمعن ، وقال بسخرية : مهما انكارتي نظراتك بتفضحك
أنهى أدهن عبارته ثم أجلسها على ساقه فجأة ، حالما سحبها من ذراعها ، لتنظر إليه باستسلام ، هو يعرف ما تشعر به دون الحاجة إلى النطق به ، ومهما كانت أفعالها جريئة في بعض الأحيان ، لكن خجلها يشتعل في وجنتاها منه بسرعة قصوى ، وهذا لا يضايقه بل على العكس من ذلك ، فهو يجعلها أكثر فتنة في عينيه ويؤجج شوقه للمزيد منها.
همست كارمن تحاول تغير الحديث عبثا : تحب احضرلك ايه علي الفطار!!
غمغم أدهم أمام شفتيها بمكر : أنا بحب حاجات كتير منهم الخدود دول اللي بيحمروا في السقعة
همست كارمن وهي تغمز له بشقاوة ، وقد تبدد خجلها بعيدا : دا انت مركز اوي
أومأ أدهم برأسه وقال بثقة وعيناه تلمعان بلهفة : حافظك مثلا لما بتكوني مبسوطة بتقدري تتغلبي علي خجلك ولسانك بيقول أحلي كلام ولما بتتوتري بتشوحي بإيدك كتير و تغيري الموضوع زي دلوقتي بالظبط
لقد أذهلها حقا إدراكه لتلك التفاصيل الصغيرة بها ، ونطقت مستسلمة : عمري ما هقدر اغلبك ابدا .. يالهوي بص انت اللي كسبت انا بعترف انت هزمتني
أجابها بشرود في ملامحها اللطيفة بينما كانت تلمس أنفاسه بشرة خدها بحرارة أذابتها : وانا عايز أحب فيكي طول الوقت انتي دلوقتي حياتي وعايز اعيش فيكي كل لحظة في عمري
عضت بشفتيها على خده بلطف ، وقالت بصوت ناعم مليء بالعشق له : بعشقك انا وماقدرش اتحمل كل الدلع دا منك علي فكرة براحة عليا
ثم أضافت في نفس الهمس الخافت ، وهي تنظر إليه بحب شعر به فور أن سمع النبضات العالية في صدرها الملتحم لصدره : لما بتبصلي بالطريقة دي بحس كأنها اول مرة عشان كدا بتلخبط واتكسف
طبع أدهم قبلة عميقة بين حاجبيها المعقودة ، وقال هامسًا بصوت أجش ، دغدغ إحساسها : اللي ماتعرفيهوش ان بنظرة منك بتاخدي عقلي و تسرقي تفكيري ومش بكون عايز ابعد عن حضنك الدافي دا ابدا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
مرت عدة أيام
في مكتب كارمن
دخلت نسمة بخطواتها الهادئة لأنها نادرا ما ترتدي حذاء بكعب عال ، وقالت بدهشة : انتي هتمشي ولا ايه!!
ردت كارمن عليها ، وهي تعبث بمحتويات حقيبتها بعد أن ارتدت معطفها : نسومة كنت هعدي عليكي
سألت نسمة بحيرة : ايه حصل معاكي حاجة مش علي بعضك ليه؟
أجابت كارمن بسرعة : مستعجلة ادهم في اجتماع وهيطول وانا عايزة استغل الفرصة
هزت نسمة رأسها بتوجس ، وقالت بعدم فهم : مش فاهمه منك حاجة
همست كارمن ، وهي تتطلع حولها بريبة : هفهمك بس عايزاكي تيجي معايا ضروري
جلست نسمة ، لتتمتم مستاءة : علي فين انا من وقت الحفلة واللي حصلي فيها وانا متعصبة منكو
وضعت كارمن يدها علي كتفها ، وقالت بمواساة : عارفه اننا دبسناكي ماتزعليش عشان خطري بس فعلا الموضوع المرة دي مهم اوي عندي
نسمة بقلق : قلقتيني بزيادة اكلمي
قالت كارمن بحرج : عيد ميلاد ادهم بعد 4 ايام و بصراحة كدا عايزة اجيبلو هدية واحتفل معاه .. هو كل مرة يفاجئني .. المرة دي عايزة اعمله انا مفاجأة
نسمة بإستفهام : طب ايه المشكلة في كدا؟
نفخت كارمن خديها بضجر وقالت بغيظ : الحرس تحت معايا في كل مترح بروحه واكيد لو راحو معايا يقولوله وهو هيفهم الفولة
قامت من على الكرسي وقالت بذهول : والمطلوب اوعي تقوليلي اروح انا اجيب الهدية!!
لوحت كارمن بيدها بنفي ، موضحة كلامها : لالا مش كدا انا عايزاكي تيجي معايا وبالمرة تفديني بذوقك يا فنانة
لعبت نسمة في أطراف شعرها المربوط علي شكل ذيل الحصان بغرور مصطنع وقالت : اذا كان كدا مفيش مانع
قبلتها كارمن على خدها بسعادة ، وقالت بسرعة لكي لا تهدر مزيدا من الوقت : فل عليكي .. روحي هاتي شنطتك وحصليني عند الاسانسير بسرعة عشان نرجع قبل مايخلص ادهم اجتماعه
همت نسمة بالتحرك للخارج قائلة : اوكي دقيقة و اجيالك
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد عدة دقائق أمام الشركة
صاح رجل سمين بصوت غليظ داخل سيارة متوقفة على جانب بعيد نسبيًا ، علي الرجل الآخر الذي يجلس بجانبه نائم على عجلة القيادة أمامه : واد يا سمير انت يا زفت فوق انت نايم!!
قال بتذمر خشن ، وهو يرفع رأسه إلى الآخر : عايز ايه من امي يا رجب ماتسيبنا نكوع شوية الدنيا هادية
وبخه رجب وضربه بقوة طفيفة في مؤخرة رأسه : بص قدامك يا غبي مش دي البت اللي بنراقبها
ألقى سمير نظرة فاحصة إلى الأمام قبل أن أومأ برأسه بغباء : اه هي
قال رجب مثبتا عينيه على ما يحدث في الخارج : خلينا نركز معاهم
سرعان ما أمره قائلا بلهفة : الحق دور العربية اوام دي طالعة مع البت اللي معها بالعربية لوحدهم
تمتم وهو لا يفهم شيئا ثم أدار محرك السيارة كما أمر رجب : مش المفروض الاتفاق تكون لوحدها
صاح في اشمئزاز من غباء صديقه ، وقال بتفسير خبيث ملئ بالطمع : وهي دي بتطلع لوحدها اصلا دي فرصتنا والاتنين حريم مش هياخذو في ايدنا غلوه ويمكن الكاشات تزيد
أنهي عبارته ثم أدار رأسه إلى الوراء ، وهو يصرخ على أولئك الذين كانوا مستلقين على الأريكة الخلفية : انت يا لوح انت وهو فوقو العملية هتم دلوقتي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند كارمن في السيارة
زفرت كارمن براحة وقالت بحماس : اخييييرا مش مصدقة اني عرفت اتحرك من غيرهم
نسمة بتعقل بينما كانت تتأمل السماء ذات اللون الغامق بفضل الغيوم المتلبدة ، والتي تعلن سقوط أمطارها من خلال النافذة : دول امان ليكي يا بنتي
أومأت برأسها قائلة بهدوء : ايوه عارفه وانا مش مضايقة بس موقف زي دا محتاجة شوية خصوصية يعني
سألت نسمة بحيرة ، وهي تنظر من النافذة بجانبها : ناوية تروحي فين؟
أجابت كارمن ببساطة : هنشوف المول القريب من هنا
بعد لحظات قليلة ، ضغطت على الفرامل بشدة للفرملة بسرعة عندما قطعتها سيارة أخرى فجأة ، مما جعل الفتاتين تفزعان بشدة.
وسرعان ما نزل من السيارة الأخرى أربعة رجال من ذوي الأجسام الكبيرة ذات الملامح القاسية للغاية ، واقتربوا من السيارة وسط دهشة الفتيات ، وعدم فهمهم لما كان يحدث.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
علي الناحية الأخري
اتسعت عيون رجال مراد الذين كانوا يراقبون كارمن كالمعتاد ، حالما رأوا هؤلاء الأوغاد يخطفون كارمن ، والفتاة الأخرى معها ويضعوهم في سيارتهم ، فإنطلقوا وراءهم بأقصى سرعة.
تحدث إحدي الرجال الي حمدي : اتصل حالا بمراد بيه
★★★
هب مراد من كرسيه ، وهو يصرخ عليهم بزمجرة عنيفة ، وقد تمكن منه القلق عندما سمع ما حدث ، معتقدًا أن الجناة هم المافيا أنفسهم ، والذي كان في الواقع خائفًا من ذلك الحدث منهم رغم أنه طوى تلك الصفحة إلى الأبد : ايه الهبل اللي بتقولوه دا مامنعتهمش ليه !!
هتف حمدي بتبرير : يا مراد بيه احنا وراهم ماغفلوش عنا لحظة وهما طالعين علي الطريق الصحراوي قولنا نتصرف ازاي!!
سب مراد بألفاظ نابية قبل أن يقول بسرعة : اكسروا عليهم يا بهايم وتمسكوهم دي عايزة سؤال يعني
تمتم حمدي بطاعة : امرك
اردف مراد بحدة محذرا : اسمع اياك وحدة فيهم يحصلها حاجة وتجيبو العيال دول والبنات علي المخزن اللي جنب الشركة فاهم وانا هلحقكو علي هناك
أغلق حمدي المكالمة وهو يقول : حاضر يلا يا فهمي اكسر عليهم
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في شركة البارون
خرج أدهم من غرفة الاجتماعات ، وتوجه مباشرة إلى مكتب كارمن ، لكنه لم يجدها.
جعد حاجبيه وهو يزم شفتيه في حيرة ، وأخرج هاتفه للاتصال بها ، لكن هاتفها وجده مغلقاً ولم يكن هناك أثر لحقيبة ومعطفها ، كما أنه وجد عدة إتصالات من قائد الحرس الخاص به.
أثار ذلك ارتيابه قليلا ، ثم ضغط علي رقم حارسه للإتصال به ، فأجاب بعد لحظات بإحترام : أأمر يا ادهم بيه
تساءل أدهم قائلا : انتو خرجتو مع مدام كارمن يا صبحي!!
أخبره صبحي مفسرا ما حدث بإختصار : لا يا فندم كارمن هانم من شوية خرجت مع انسة نسمة وقالولي عندهم مشوار هنا قريب و هيرجعو علي طول و امرتنا مانروحش معاهم
ادهم بتمتمة : تمام يا صبحي
أنهى المكالمة ، وهو شعر بتوجس داخله يفكر إلى أين ذهبت مع صديقتها الآن ، و دون أن تخبره هذه ليست عادتها معه.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في سيارة رجب
يجلس في الأمام سمير على عجلة القيادة وبجانبه رجب ، وخلفه من الجانبين الرجلان الآخران ، وفي الوسط كارمن ونسمة مخدرتان وغير مدركتين لما حولهما ، بينما تبرز نظرات الرجال برغبة حيوانية علي أجسادهن الفاتن في عيونهم ، وتدور في مخيلتهم أفكارا مقززة.
هتف رجب بنبرة غليظة : ايوه يا ست نادين انا بتصل علي قاسم بيه مابيردوش ليه!!
نادين بإستغراب : معرفش هو فين بس طمني في اخبار جديدة؟
رد بخبث بينما عيناه تلتمع بطمع متخيلا كثرة النقود التي سيحصل عليها من تلك العملية : ايوه البنتين معانا في العربية وطالعين علي الوكر بتاعنا
هتفت نادين بإنشداه : بنتين ايه هي واحدة بس انت هببت ايه؟
انزعج رجب من صراخها الحاد في أذنه وقال غاضبًا : فاهم فاهم بس الست اللي انتو اتفقتو عليها ماكنتش بتطلع لوحدها .. ودي اول مرة تخرج وهي معاها وحدة كان لازم نستغل الفرصة
نادين بإستفهام : ماخدوتهاش لوحدها ليه و سيبتو اللي معها
اجاب رجب قائلا بتبرير : كانت هتعملنا دوشة و زيطة
تفاجأ الجميع بعدة سيارات تحيط بهم من الجانبين وتكسر الطريق عليهم ، ففرمل سمير بسرعة ، بينما يوزع نظراته التائهة والمذعورة على باقي الأشخاص في السيارة.
هتف سمير بإنكماش متسائلا بخوف : مين دول يا رجب!!؟
رمش رجب بعينه عدة مرات غير مستوعب ، وقد تمكن منه التوتر أيضًا قائلا بتقطع : مم معرفش!!
نطقت نادين بسؤال من الصوت الصاخب الذي سمعته بوضوح من الهاتف : ايه الصوت دا؟
صرخ بها بحدة وقد نفذ صبره منها : اش عرفنا ناس مانعرفهمش بعربيات كتير هجمو علينا و شكلهم مسلحين
صفعت نادين على خدها في رعب ، وسقط قلبها في صدرها قائلة بخوف : يا نهار اسود دول اكيد رجالة ادهم اسمع اياك تجيب سيرتي فاهم
هدر رجب بزمجرة شرسة ، وهو في داخله يكاد يموت من الأرتباك الشديد : هو احنا فينا من كدا بتخلعي لا دا انا اسلمك وقتي يا امورة انتي و الفرفور بتاعك…
لم يكمل جملته لأن السيارة تعرضت لهجوم من قبل حراس مراد الذين أحاطوا بهم بالأسلحة النارية ، ولم يمض سوى دقائق معدودة ، وتم تقييد المجرمين بأيديهم وأرجلهم ، واستلقوا في حقائب سيارات في الخلف بسرعة قصوي بسبب القدرات العالية للغاية لهؤلاء الحراس المتدربة على مستوى عال ، بعدها أخذوا الفتاتان المخدرة معهم في السيارات ، وتوجهوا إلى المكان الذي أخبرهم به مراد بعد أن اتصلوا به ، وأخبره حمدي بما حدث للتو.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل ميرنا
رن الهاتف على المنضدة بينما كان مستلقى بجانبها على السرير ، لكنه تجاهله فأخيرًا تحققت اللحظة التي أرادها منذ وقتا طويلا ، وهي الاقتراب منها ، بعد أن تمنعت كثيرًا عليه ، فإستعمرت عقله بإغوائها له في الفترة الماضية.
تمتمت ميرنا في استياء ناعس : اوف مش هترد علي البتاع اللي بيرن دا صدعني موت
تمتم وهو يقبل ظهرها بقبلة عميقة : سيبك من التليفون و صحصحيلي شوية انا لسه ماشبعتش منك
فتحت عينيها ، ونظرت إليه قائلة باستنكار رقيق : ما احنا طول الليل مع بعض!!
عض طرف شفته و الرغبة في عينيه ، وقال بصوت رجولي : انا مابشبعش من الحلويات اللي زيك ابدا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل نادين
ترزع الأرض بقدميها ذهابًا وإيابًا بتوتر عصبي ، وتحاول الاتصال بهما ، لكنها لا تتلقى أي رد ، فتزفر بغضب متمتمة : اوووف راحو فين دول احنا روحنا في داهية .. مافيش حل غير اني ألبس بسرعة واروحلها ممكن في اي لحظة البوليس يخبط عليا اصلا
ركضت إلى غرفتها ، وارتدت ملابسها على عجل ، ثم فتحت أحد الأدراج ، وأخرجت مسدسًا صغيرًا يخص والدها ، وتأكدت من وجود ذخيرة فيه ، حتى إذا حدث شيء ما في الطريق ، يمكنها التصرف معه ثم خرجت من المنزل في انتظار مرور سيارة أجرة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مستودع بمكان شبه مهجور ، ومخيف بعض الشئ بسبب الجو الممطر ، والغيوم المتلبدة في السماء جعلت المكان شبه مظلم.
جلس مراد علي عقبيه أمام نسمة ، وهي جالسة على أحد الكراسي في المستودع حيث كان يحتفظ بهم فيه ، لحين وصول الشرطة.
شعر مراد بخفقاته تعلو بفزع عندما رآها مخدرة أمامه ، وبجانبها كارمن لا يدري ما حدث له أو ما كان يفكر فيه ، لكن الفكرة الوحيدة التي سيطرت على عقله كانت أن هؤلاء الأوغاد وضعوا أصابعهم القذرة عليها ، فجأة تحولت عيناه إلى ألسنة اللهب ، وخرج الغول المفترس من داخله ، الذي ما أن يتمكن منه لا يرحم أحداً ، وأطاح بهؤلاء الأوغاد الملقون على الأرض الآن بضرب عنيف ، قد تهشمت عظامهم بسببه.
لاحظها ترتجف فخلع سترته ومد يده إليها بها ، فأخذت السترة ورفعت نظرتها إليه ، لتنظر بصدمة إلى حمالة السلاح التي كان يرتديها ، وهذا زاد من قلقها كثيرًا منه ، وما جعلها أكثر توتراً هو نظراته الثاقبة التي يحدقها بها ، لكنها تمتمت : شكرا
صاح بصوت أجش موجهًا حديثه إلى كارمن التي كانت جالسة بجوار نسمة : الحمدلله انكم بخير .. انتي كويسة دلوقتي !!
هزت كارمن برأسها بصمت دون رفعها ، لأنه يراودها شعور بالدوار البسيط من تأثير المخدر ، لكنها رفعت وجهها تنظر له بلهفة ملحوظة ، حالما سمعت اسمه الذي ردده مراد أمامها : انا اتصلت بجوزك وهو جاي في الطريق و كمان الشرطة هتوصل دلوقتي .. معلش لو اعتبرتيه تطفل اني امسك تليفونك لكن كنت مضطر
أومأت برأسها وقالت بعقل شارد : ولا يهمك متشكرة
أضافت كارمن متسائلة بصوت خجول مضطرب بعد أن تذكرته : معلش مش حضرتك مراد عزمي اللي قابلتنا قدام الشركة من فترة .. بتعمل ايه هنا وايه علاقتك باللي حصل!!
عرف مراد أن هذا السؤال سيوجه إليه ، فأجابه بثقته المعتادة : الكلاب دول خطفوكم من قدام شركتي تقريبا وشئ طبيعي لما رجالتي يشوفو حاجة زي كدا بتحصل قدامهم يدخلوا فورا
استطرد مراد حديثه ، بعدما أن إستقام واقفًا بجسده في شموخ يليق به ناظرًا حوله : وبالنسبة للمكان دا مخزن بتاعي قريب من الشركة مش بستخدمو عشان كدا جبتهم فيه
كلتا الفتاتين هزتا رأسهما بفهم لأنه كان يتحدث بثقة عالية دون أن يرمش له جفن ، وهذا ما اكتسبه من ممارسة الرياضة العنيفة بشكل دائم ، ولكن كان يبدو علي نسمة النصيب الأكبر من الصدمة لرؤيتها له مرة أخرى بتلك السرعة ، وفي مثل هذه الظروف.
تنهدت نسمة داخلها تشكر ربها لإرساله لهم لأن بدونه ، لم يكن أحد ليعلم ما كان سيحدث لهم ، لكن ما أثار خوفها قليلاً هو نظرته الغاضبة ، التي كان يحدقها فيها من وقت لآخر دون سبب واضح.
كما أنها لا تنكر أيضا أنها اعتقدت للحظة أنه هو الذي خطفهم من أجل الانتقام منها كما هددها ، لكنها نفضت هذا الاعتقاد من عقلها عندما سمعت مكالمته لأدهم لأنها استيقظت قبل كارمن بدقائق ، وذلك جعلها أهدأ قليلا منها.
أما بالنسبة له فقد شرد عقله في التفكير بها ، فهو لم يحاول أن يعرف عنها شيئًا ، رغم أن عيناها لم تفارق خياله ، كما كان يشتاق بشدة لسماع صوتها العذب ، لكن بالرغم من ذلك ، فهو لا يريد أن يتورط في شيء قد يؤثر عليه ، ولا يفهم ما هذا الشعور الغريب الذي غزا كيانه لمجرد أنه رآها ، فهو عادة لا يبالي بأي شيء.
أما الآن كل تلك الأفكار ذهبت هباءًا ، هي أمامه للمرة الثانية ، دون أي ترتيب منه ، ثم لمس ذلك الشيء الصلب داخل جيب بنطاله ، قبل أن تظهر ابتسامة غريبة على شفتيه.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند أدهم
كان أدهم جالسًا خلف عجلة القيادة متجهًا بأقصى سرعة نحو العنوان الذي أرسله الشخص الذي اتصل به ، وأخبره أن زوجته وصديقتها قد اختُطفا بعدها تحرك لا يري أمامه بهلع ، بينما كان يجلس بجانبه مالك متوترًا للغاية بعد أن أجرى مكالمة للشرطة ، وهم بالطريق إليهم.
هتف مالك بإرتباك طفيف : يا ادهم عارف انك متوتر بس خفف السرعة شوية كدا هنتقلب قبل ما نوصل
قال أدهم بوجه مقتضب : سيبني في حالي دلوقتي يا مالك الله يخليك
تساءل مالك بحيرة : تفتكر مين يكون عمل حاجة زي دي؟؟
أجابه أدهم بثقة : مافيش غيرها العقربة اللي سيبتها تفلت من ايدي بغباء
تمتم مالك بذهول : نادين!!
هدر أدهم بغضب ناري وهو يشعر بداخله بمرارة شديدة من شعوره بالعجز ، لأنه لم يستطع حماية زوجته من تلك الأفعى التي لدغتها أصبحت أقوى تلك المرة : هو في غيرها ممكن يتجرأ يعمل معايا كدا .. المرة دي مش هرحمها كفاية استحملت جنانها سنين
حاول مالك تهدئه قائلا بثقة : اطمن انا بلغت الشرطة عن عنوان شقتها واكيد هيمسكوها وهيحققوه معاها
كيف تأكدتي انه يحبك ؟
_ كان دائما يري سعادتي مسؤليته ، و لا يقوي ان يراني حزينه ..
حتي عندما كان مشتتا كان يربت علي كتفي و يشعرني بالامان ،
اهتمامه في عز انشغاله يثبت لي اني في حضرة عاشق ..!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند نادين
سرعان ما صعدت نادين السلم عندما لم تستطع الصعود في المصعد لوجود عطلا ما فيه.
وصلت إلى الطابق الذي تعيش فيه ميرنا ، ومشت بخفة نحو الشقة بينما كانت تتطلع حولها للتأكد من عدم وجود آثار لأي شخص ، ونزلت برفق على ركبتها أمام المشاية على عتبة الباب و رفعتها حتي ظهر المفتاح الاحتياطي للمنزل ، التقطته بسرعة واستعدت لفتح الباب على عجل ، شاكرة حظها على معرفة مكان المفتاح ، و إلا كانت سوف تنتظرها على السلم.
دخلت نادين المنزل بخطوات هادئة ، تنظر عن كثب ، ربما تلمح صديقتها ، لكن الصمت يخيم على المكان بقوة.
تحركت صوب الكنبة وجلست عليها ، بإرهاق واضح ، وأعصابها قد خارت مما حدث وما سيحدث ، لابد أن الشرطة علموا الآن أنها وراء ما حدث ، وأن أدهم سينتقم منها هذه المرة بلا رحمة.
رمشت نادين في تعجب ، وهي تستمع لأصوات ضحكات مكتومة قادمة من غرفة نوم ميرنا ، زمت شفتيها بفضول ونهضت ببطء من مقعدها لتتجه نحو الغرفة بخطوات صامتة ، حيث نزعت عنها الحذاء ذو كعب حالما دخلت المنزل.
★★★
بداخل الغرفة
كانوا مستلقين على السرير ، يلهثون لالتقاط الأنفاس ، بعد عاصفة المحرمات التي كانوا يغرقون في بحارها منذ لحظات ، قبل أن يغمغم قاسم بتفكير : عارفه بعد ما نتلايم علي الكاشات من ورا العملية دي هاخدك و نسافرلنا يومين حلوين نمتع فيهم نفسنا
التفتت ميرنا إليه بجسدها ، ووضعت كفها تحت خدها على الوسادة ، لتقول بنظرات ساخرة : لا والله وهتسيب نادين بتاعتك
زمجر قاسم بخشونة ، قائلا بإستخفاف : اسيب ابوها هي ماتلزمنيش اصلا لولا انها ماسكة فيا وبستفيد منها كل فترة بقرشين كنت رميتها من زمان
عقدت ميرنا حاجبيها بقوة ، وهي تقول بتهكم : وعايزني اطمنلك ازاي بعد ما قولت كدا .. يمكن يجي عليك يوم وتشوفني مصلحة وبس
قام قاسم متكئًا على مرفقه ، ومد ذراعه خلف رقبتها ، يجذبها من شعرها بلطف ويقبلها بخشونة رجولية لذيذة على شفتيها ، قبل أن يهمس بعيون براقة من الرغبة التي إشتعلت من جديد في جسده : انتي حاجة تانية بتعجبني قوتك و تقلك عليا وبعدين أنا لو بفكر فيكي كدا ماكنتش قولتلك الكلام دا
سألته ميرنا وهي تمرر يدها في شعرها بتنهيدة ناعمة : تفتكر إمتي هنرتاح من كل الدومات دي؟
قال قاسم بثقة : هانت قربنا اول ما نستلم الفلوس من طليق نادين هنسافر و تخلصي من ورثة جوزك اللي مات و نعيش برا حياتنا كلها
قالت ميرنا بلهفة : ياريت يحصل دا بسرعة..
أردفت بنبرة حقد واضحة : بس قبلها لازم اشوف ذل نادين اكتر من كدا بعد ما تعرف انك رميتها عشاني
عند هذه النقطة ، دفعت نادين الباب بعنف لتظهر منه ، مشيرةً مسدسًا نحوهما ، قائلةً بحدة ، وعيناها تومضان بجنون وغضب بعد أن فهمت ما كان يدبر من وراءها : اه يا كلبة بقي انتي وهو يا حثالة عاملين عليا خطط و عايزين تغدرو بيا يا اندال
نهض قاسم عاري الصدر ، مرتديًا سروال قصير فقط ، واقفًا بجانب السرير ، صارخًا من الفرغ والارتباك ، وعيناه تبرزان من مكانها بصدمة : اهدي يا نادين انتي فاهمه غلط
صاحت نادين بتحذير شرس ، وهي تمسك المسدس جيداً بكلتا يديها عندما وجدته يحاول الاقتراب منها : انا دلوقتي فهمت صح خليك عندك انت وهي المسدس متعمر
بينما على الجانب الآخر من السرير ، وقفت ميرنا بملابسها الداخلية فقط ، وشحب وجهها من الذعر ، كما أن أطرافها تخدرت ممَ يحدث أمامها ، والذي لم تكن مستعدة له على الإطلاق.
قالت ميرنا بنبرة هادئة ومهزوزة لا تخلو من اضطراب شديد : قالك اهدي يا نادين انتي مش مش فاهمه حاجة تعالي نقعد و نتفاهم مع بعض
إبتسمت نادين علي كلماتها بجنون ، وتزمجر عليها بحدة ، بعد أن بصقت عليها في اشمئزاز : الوقت فات يا حلوة انسي .. ادهم خلاص عرف اني انا اللي ورا خطف مراته و بيدور عليا
تمتم قاسم بذهول : ازاي!!
هتفت نادين بسخرية بينما تشتعل عيناها بالغضب : ما انت لو بترد علي تليفونك كنت عرفت .. لكن كويس اللي حصل دا كله عشان اعرف اني كنت لعبة في ايديكو .. عايزة تذليني يا صاحبتي!!
تغيرت ملامح ميرنا إلى الشراسة ، حيث تمكن منها شيطانها ، وصرخت في وجهها بينما تلمع عيناها بالكراهية ووالحقد ، وللمرة الأولى تخلت عن قناع الطيبة الذي كانت تتصنعه معها : ايوه عايزة اذلك و اخليكي تتوجعي مية مرة و انتي تستحقي اكتر من كدا بسبب تكبرك و انانيتك اتعلمت الحقد منك انتي
وجهت نادين نظرتها الزائغة نحو قاسم ، وهي تشعر الألم الشديد يعصف بقلبها من صدمتها في من يقف أمامها ، لكنها ابتسمت ساخرة في نفسها ، كيف تتوقع منهم الوفاء ، وهي في الأصل أكثر خيانة منهم ، فمن يكافئ الناس بالمكر يجازونه بالغدر ، قائلة بإنفعال : وانا ليك مصلحة ولما قربت تنتهي عايز ترميني زي الكلبة مش كدا!!
ابتلع قاسم لعابه ، وهو يحاول أن يفكر في طريقة لإيقافها عن ذلك الجنون ، قائلاً بلطف كاذب : اهدي يا نادين بلاش جنان
ابتسمت نادين بسخرية ، لتقول بهستيرية ، وصوتها محتقن بالإختناق : انت جبت المفيد انا هموتكو دلوقتي و مش هتحبس فيكو يوم عشان مجنونة
أنهت جملتها ، ودون أن تدرك كيف فعلت ذلك ، وجدت نفسها تضغط على الزناد ، وتوجه المسدس إلى قاسم الذي إندفعت الرصاصة في صدره.
ثم حركت المسدس في يديها ، ووجهته نحو ميرنا التي جحظت عيناها مرعوبة عند رأيتها سقوط قاسم غارق في دمائه.
نظرت إلى نادين ، وهي تصرخ في هلع ، لكن صراخها تجمد عندما أصيبت في بطنها برصاصة من مسدس نادين التي تسمرت لحظات في مكانها ، وهي تراهم مستلقين على الأرض ، والدماء تحتهما مثل بحيرة صغيرة.
ابتلعت نادين لعابها بصعوبة ، ثم هرولت نحو حقيبة ميرنا بتعثر ، وبحثت عن مفاتيح سيارة ميرنا حتي وجدتها وحملت حقيبتها الخاصة ، ووضعت المسدس فيها ، ثم ركضت إلى الخارج وهي ترتجف بعنف.
ركبت نادين السيارة بعد أن تمكنت من فتح الباب بصعوبة ، لأن أصابعها كانت ترتعش من الخوف.
إنطلقت بالسيارة بعد أن ادارت المحرك بأقصى سرعة محاولة الهرب ، بينما كانت عيناها تنزف بدموع كثيرة ، وهي تهذى بكلمات غير مفهومة من شدة خوفها.
في ذلك الوقت ظهرت شاحنة ضخمة على الجانب الآخر أمام سيارة نادين ، والتي لم تنتبه لها بسبب كثرة البكاء.
حاول السائق تفادي السيارة ، وأطلق جرس الإنذار ، لتحذير من كان جالسًا في السيارة الأخرى ، لكن نادين أدركت ذلك في الوقت متأخر كثيرا ، لأنه بمجرد أن إنحرفت بالسيارة بعد أن فزعت من رؤية تلك الشاحنة أمامها فقدت السيطرة علي السيارة.
انقلبت السيارة عدة مرات قبل أن تصطدم بعمود كهرباء ، وانفجرت على الفور مسببة حريق هائل و مفزع ، لكل السائرين في ذلك الطريق.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند أدهم
وصل أدهم إلى المكان حسب الموقع الجغرافي الذي لم يكن سوى أحد المستودعات الخاصة ، لشركات مراد التي احتفظ فيها ، بهؤلاء الأوغاد حتى وصول الشرطة.
ظهر أدهم الذي خلع سترته ، وألقاها بإهمال في السيارة بالخارج ، وطوي أكمام قميصه رغم برودة الطقس استعدادًا لأي شيء.
بجانبه سار مالك أيضًا ودخلو المخزن ، وخلفهم كان حراس أدهم ، الذي أصر مالك على أن يكونوا معهم ، فلا أحد يعرف ما إذا كان هذا فخًا أم حقيقة.
همس أدهم بصوت أجش مصدوم من رأيته لمراد الذي تذكره من الوهلة الأولى : انت بتعمل إيه هنا!!
كاد مراد أن يرد عليه ، لكن سبقه صوت حاتم مبادرًا الحديث لإنقاذ الموقف ، فهو أفضل من يعرف جيداً بلسان مراد اللاذع ، قائلا بهدوء وهو يشير إلى الجانب الآخر بإصبعه : ممكن تهدي يا أدهم بيه مراتك حضرتك كويسة جدا .. اهي اطمن عليها بنفسك وبعدها نتكلم
★★★
….: أدهم
أدار جسده للجهة الآخري فور أن سمع اسمه ، الذي صرخت به كارمن بصوت متلهف مرتجف ، والتي ما زالت مذعورة ممَ حدث معهم.
قبل لحظات قليلة
كارمن جالسة على كرسي عريض ، وركبتيها مضمومة نحو صدرها ، ورأسها مخبأة بين ساقيها من الخوف بينما تتمسك بيد نسمة التي تجلس بجانبها ، وتحاول أن تخفف عنها ، وهي أيضًا مذعورة بعد أن شاهدت الضرب العنيف الذي تعرض له هؤلاء المجرمون من حراس مراد ، الذي لم تترك عيناه ملامحها ، ممَ جعلها متوترة للغاية.
توجه أدهم إليها فورًا متجاوزًا رغبته في استجواب مراد حاليًا حول ما يحدث ، بالتزامن مع قيامها من الكرسي بضعف من تأثير المخدر.
انتظرت كارمن حتى وصل إليها ، ودون سابق إنذار قفزت في حضنه ، متشبثة في عنقه بكل ما أوتيت من القوة ، وتغمر رأسها في تجويف رقبته.
أطلقت العنان لدموعها التي ظلت حبيسة طوال تلك الفترة ، وعندما شعرت أخيرًا بالأمان الذي فقدته خلال الساعات الماضية ، انفجرت في بكاء مرير بسبب خوفها الشديد ، والوقت الصعب الذي مرت به أثناء بعده عنها.
بينما أدهم إحدى يديه على شعرها يربت عليه بحنان ، وذراعه الأخر يحيط به جسدها بإحكام و حماية ، ويضمها بقوة إليه ، هامسًا بإسمها بصوت مختنق ، متألماً من شعوره بالذنب لأنه لم يتمكن من حمايتها كما يجب.
فى حين كان الخوف من فقدانها لا يزال يكتنفه بألم رهيب في قلبه ، بدأ يهدأ قليلاً وهو يضمها على صدره.
قام بتمرير يده برفق على ظهرها محاولاً بث الطمأنينة في نفسها ، رغم أنه كان هو من كان يحتاج ذلك الشعور ، فقد جن جنونه من تخيل شيء سيء يحدث لها ، وتفاقم غضبه على نفسه عندما ذاق المرارة والعجز لأول مرة في حياته ، ثم همس بحنو بالغ : اهدي يا قلبي خلاص انا معاكي
همست كارمن بصوت مكتوم خنَّقته العبرات التي بدأت تزرفها بإرتجافة وتحاول شرح ما حدث معهم ، وهي لا تزال متعلقة بشدة بعنقه كما لو كانت طفلة صغيرة : انا اسفة يا ادهم .. والله كنت عايزة اجيبلك هدية .. وماكنتش عايزاك تعرف عشان كدا .. مخدتش غير نسمة معايا .. في العربية لحد ما طلعو علينا الناس دي وخرجونا من العربية بالعافية و حطو منديل علي بوقي ماحسيتش بنفسي غير وانا هنا
أدار أدهم رأسه إلى مكان ما أشارت برأسها ، وكأنها لفتت انتباهه الآن فقط لأولئك الذين ملقي بهم بإهمال في أحد أركان المخزن ، وبدا أنهم جميعًا في حالة يرثى لها ، وكانت وجوههم منتفخة ومتورمة مليئة بالدماء بعد تلقيهم ضربات عنيفة وهم مقيدون أيديهم.
دفع أدهم جسد كارمن بلطف بعيدًا عنه ، لتتمسك فى نسمة ، وهي تنظر إليه بقلق ممَ ينوي زوجها القيام به ، الذي ركض نحو من يرقدون على الأرض.
★★★
اندفع أدهم نحو أحدهم ، وجذبه بعنف من ياقة قميصه ، مغمغمًا في أذنه ، و يجز علي أسنانه بقسوة : انطق منك له قبل ما اخلص عليكو قبل حتي ما البوليس يوصل و مالكوش ديه عندي .. عملتو كدا ليه ومين اللي وزكوا !!؟
ابتلع سمير لعابه بخوف من نظرة رجب الحادة إليه ، لكن نظرة أدهم أثارت الذعر فيه بقوة ، خاصة حالما تحدث بجدية عن القتل ، فهو قادر على ذلك ، واستشعر ذلك من هالته المخيفة أمامه ، لذا نطق بسرعة : يا بيه احنا عبد المأمور جه واحد اسمه قاسم اتفق معانا علي خطف وحدة واننا نراقبها مترح ماتروح من غير ماحد يحس وفي اول فرصة نخطفها عشان يساومك بها
سأله أدهم مزمجرًا فيه بشراسة ، أرعبت سمير الذي كانت عيناه مغمضتين تقريبًا بسبب تورم الكدمات الزرقاء والسوداء على جفنيه : يطلع مين قاسم دا انت هتنقطني ما تقول اللي عندك كلو وتخلصني يا حيوان
حدق به سمير في ذعر من لهيب الغضب اللامع في عينيه ، وهو يهز رأسه مستسلما ، وأجابه بصوت مرتعش يلهث : حاضر حاضر اللي اعرفو انه اسمه قاسم و هو فهمنا ان كل دا من تدبير وحدة ست اسمها نادين وهي اللي كانت بتتواصل معانا من التليفون حتي الرقم موجود علي موبايل رجب اللي خطط لكل حاجة يا باشا
صرخ رجب عليه بشتم بسبب إعترافه عليهم بتلك البساطة : يا ابن الكل*ب اما انك خسيس بصحيح
ظهرت على مُحيّا أدهم علامات الغضب الناري ، وهو الآن تأكد من شكوكه ويقسم بداخله أن يقتلها ، ولن يوقفه شيء هذه المرة مهما كان.
سرعان ما نفض ذلك الأحمق من يده في اشمئزاز ، واستدار عندما سمع صوت نسمة التي هتفت باسم كارمن ، ورآها تسقط بشكل ضعيف ، وأصبحت ساقاها مثل الهلام بين ذراعي نسمة التي حاولت بقوتها الضعيفة أن تساندها ، لكنها لم تستطيع الصمود أكثر ، فصاحت عليها بخوف.
ركض الجميع نحوهم ، وأخذها أدهم بين ذراعيه ، ورفعها على صدره لتستريح عليه ، وهو ينظر إليها بلهفة ، لتضع رأسها وعينيها مغلقة ، بينما تعتلى شفتيها شبح ابتسامة من تصديقه للعرض التمثيلي الذي قدمته الأن حتى تشغله عما يفكر فيه ، حالما سمعت اسم نادين ، واثقة من أنه سيفعل شيئًا متهورًا ، وقد يؤذي نفسه بسبب تلك الأفعى التي لا تريد أن تترك حياتها بسلام.
هتف أدهم بها بذعر : كارمن حبيبتي انتي كويسة حاسة بإيه ردي عليا!!
تحدثت نسمة بسرعة بقلق : اكيد ضغطها وطي من الخوف اللي حست به
تنهد مراد قبل أن يقول بهدوء : انا رأيي انك تاخدها و تخرج من هنا الشرطة خلاص علي وصول
نظر إليه أدهم بنظرة حادة ، وقال بإصرار بعد أن اطمئن قليلاً إنها بخير : مش همشي من هنا قبل ما افهم انت بتعمل ايه هنا بالظبط!؟
في الوقت الذي كان مراد يشرح فيه ما حدث ، كان رجب يحاول فك الأربطة حول يديه ، ونجح بالفعل باستخدام أداة حادة التقطها من الأرض دون أن يشعر به أحد ، عازمًا على الانتقام منهم لكرامته ، كما أنه لديه عدة أحكام تمكن من الفرار منها ، حتى وصلت خمسة عشر عامًا ، وقد أوقعه ذلك الوغد الملقب بمراد.
كما أهان أدهم رجولته ، حالما بصق عليه أمام رجاله وقت كان يعنف سمير ، ممَ جعله علقة في أفواههم ، فأثار غضبه الجحيمي عليه ، وأراد أن يحرق قلبه ، فلا يوجد لديه شيء ليخسره.
تسلل من خلف رجاله دون أن يلاحظه أحد ، وأخرج سلاحه الناري الذي كان يخفيه تحت سرواله ، و لحسن الحظ لم يتمكن الحراس من العثور عليه معه.
سمع الجميع أصوات سيارات الشرطة ، وكان حاتم أول من تكلم قائلا بارتياح : اهو البوليس وصل
كان أدهم لا يزال محتفظا بجسد كارمن بين ذراعيه ، مسندة هي رأسها على صدره ، تحيط بذراعيها خصره ، ونسمة تقف بجانبها ، وتفكر بضيق في والدها.
لقد تجاوزت الساعة ميعاد إنتهاء العمل ، و الآن هو قلق عليها بالتأكيد ، بينما كانت عينان مراد الثاقبة تراقبها لا يدري ما الذي يجعله يتصرف هكذا ، لكنها كالمغناطيس تجذبه نحوها دون جهد منها.
رفعت نسمة عينيها تجاهه تلقائيًا ، سرعان ما نظر بعيدًا عنها ، لكن فجأة جحظت عيناه إلى الأمام بصدمة ، حالما رأى ذلك المجرم يوجه سلاحه نحوهم ، وتحديدا تجاه أدهم الذي يقف موليا ظهره على تلك الجهة التي يقف فيه هذا المجنون ، ويشعر ببعض التشوش في عينيه جراء الضرب الذي تعرض له منذ قليل.
أخرج مراد سلاحه الذي لا يتركه من جنبه ، وتحرك بسرعة الفهد واقفا أمام ظهر أدهم مصوبًا سلاحه نحو رجب.
وفي الوقت نفسه ، دوى صوت عيارين ناريين ، تزامنا مع دخول الشرطة المكان ، وصراخ نسمة التي أصابها الذعر ممَ حدث أمامها ، وانكماش جسد كارمن ممَ جعلها تزيد تلقائيا من إحاطة جسد زوجها بحماية وخوف عارم.
تهاوي جسد مراد الذي شعر أن الأرض بدأت تميد به ، والدماء تفر هاربة من جسده ، فسارعت نسمة إليه التي كانت تقف بالقرب منه حتي تسند جسده قبل أن يصل إلى الأرض ، لكنها شعرت برعشة قوية سرت في كامل جسدها ، وإنهارت به على الأرض فور أن رأت الدم تذرف منه بغزارة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في إحدي المستشفيات
جاءت مريم وليلي ركضتين نحو الجالسين أمام غرفة الطوارئ.
مريم بلهفة وخوف : حبيبتي اللي سمعنا دا مظبوط!!
حاولت كارمن التحدث بهدوء : الحمدلله ماحصلش حاجة يا ماما اهدوا
أردف أدهم يستكمل باقي الأحداث بإختصار : اللي اتصاب هو اللي انقذنا كلنا وهو جوا حالا مستنين الدكتور يطلع يطمنا عليه
ليلي بضيق : يا ساتر يارب
اتسعت عينان كارمن بذعر ، وهتفت بلهفة : ماما فين ملك؟
مريم بهدوء : ماتقلقيش سيبناها مع كريمة يا بنتي
خرج الطبيب من غرفة مراد ، ووقف الجميع أمامه في انتظار حديثه ، فقال بجدية : الحمدلله الجرح كان سطحي في كتفه الشمال واحنا عملنا اللازم وخيطنا الجرح
أدهم بهدوء : الحمدلله شكرا يا دكتور
ابتسم الطبيب وقال بهدوء : العفو بعد اذنكم
زفرت مريم براحة لتقول : الحمدلله انه بخير
نظر مالك إلى أدهم بنظرة يفهمها الآخر جيدًا ، ليقول بجدية : لولاه كان ممكن الرصاصة تيجي فيك الحمدلله انه ربنا نجاك و نجاه
أومأ أدهم برأسه في خفة ، وقال بنفس الجدية : عشان كدا هنفضل هنا معه لحد ما نطمن عليه بنفسنا
ابتسمت له كارمن بهدوء مؤيدة لرأيه أيضًا.
بينما ابتسمت نسمة بفرح وراحة ، لم تعرف سببها ، لكنها كانت تدعي من صمام قلبها ألا يصيبه مكروه ، والحمد لله أنه بخير.
….: نسمة
التفتت نحو الصوت ، فوجدت شاهين يجري نحوها ، وقال بلهفة وهو يضم وجهها بيده راغب في الاطمئنان عليها : حبيبتي انني بخير ايه اللي حصل و ايه الدم دا!!؟
نظرت إلى ملابسها المليئة بالدماء ، لكنها شبه مغطاة بسترة مراد التي أعطاها إياها ، قائلة بابتسامة هادئة : اطمن يا بابا والله صدقني انا كويسة دا مش دمي دا دم استاذ مراد
شاهين بتساؤل : مين مراد دا؟
نسمة بإرهاق : هقولك بعدين يا بابا
جاءت كارمن واقفة أمامهم ، وخلفها واقف أدهم ، قائلة بإحراج من شعورها بالذنب : انا اسفة اوي علي اللي حصل كان بسببي
نسمة قالت على الفور قبل أن يتكلم والدها ، لأنها تعرفه جيدا ، يخاف بشدة إذا حدث لها شيء ، حتى لو كان شيئا بسيطا : بابا استاذ أدهم صاحب الشركة و مدام كارمن مراته وصحبتي و والدته و والدتها
شارهين بهدوء : اتشرفت بحضراتكم و كان نفسي نتقابل في ظروف احسن من كدا
إبتسم أدهم قائلا بإحترام : اهلا بحضرتك و متأسفين للبهدلة للي حصلت
نسمة بضيق : الحمدلله انها عدت علي خير
تحدث شاهين بإصرار : مش هتقولي الدم دا جه منين يا بنتي وايه اللي لابسه دا!!
أغلقت الجاكيت جيداً الذي أشار إليه شاهين ، وقالت بحرج : احم دي بتاعت استاذ مراد اللي انقذنا انا و كارمن من اللي خطفونا وللاسف هو اتصاب برصاصة لكن الدكتور طمنا عليه من شوية
هز شاهين رأسه في استسلام ، وسحبها من يدها يسير بها إلى أحد الكراسي القريبة ، وقال : لا حول الله يارب .. طيب تعالي اقعدي هنا لحد ما نطمن علي الراجل ونشكره دا الواجب بعدها نروح عشان ترتاحي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
داخل غرفة مراد
نهض حاتم من الكرسي ، ومشى نحو السرير ، ناظرًا نحو الشخص المستلقي والابتسامة تعلو وجهه ، متذكرًا نظرة الخوف في عينيها والجنة التي شعر أنه وقع فيها ، حالما سقط بين ذراعيها.
شعور غريب أحبه كثيرا ، وظل يتكرر في ذهنه مرارا وتكرارا.
هتف حاتم بغيظ : ايه يا بني هتفضل مستموت كدا كتير .. الناس برا عايزة تطمن عليك!!
استيقظ مراد من أفكاره ، ودمدم بانزعاج : فصلتني دا الملافظ سعد
هتف حاتم فيه بذهول ساخط : ماهو مش معقولة تصرفاتك العجيبة دي فضلت لازق في البت وعامل نفسك دايخ واصابتك خدش بسيط اصلا
اتسعت الابتسامة علي شفتيه ، وقال ببرود : قول للدكتور اني هخرج بليل .. هي لسه برا ولا مشيت!!
برم حاتم فمه ، وقال بقهر : لا انت فعلا هتجيبلي شلل ببرودك دا من امتي بتطيق تقعد في المستشفيات
غمز مراد بمشاكسة وقال بتلاعب : حبيتها دلوقتي
نظر حاتم إليه بإشمئزاز وقال بيأس : سخيف وانا هعرف ازاي انها برا ولالا وانت مقعدني جنبك هنا .. شوية وهيجي الظابط ياخد أقوالك صحصح كدا معايا
★★★
انقطعت محادثتهم بقرع على الباب ، وسمح لهم حاتم بالدخول ، حيث جاء الجميع للاطمئنان على مراد.
وبعد التحية.
كانت عينان حاتم تحدقان بصدمة للأمام وهو صامتًا ، لكن قلبه ينبض بجنون ، لا يصدق ما تراه عيناه أمامه.
لاحظ مراد عينيه الثابتين تجاه إحدى النساء الواقفات ، والتي لم تكن سوى والدة كارمن ، مريم التي بدورها ظلت تنظر إليه بصدمة ودهشة أيضا ، و ذلك لفت الانتباه الواضح من الجميع عليهم ، حتى كسرت مريم الصمت وقالت بتردد ، وكأنها تخشى أن تكون هذه خدعة من عقلها : حاتم!!
ابتسم حاتم ، وعيناه تتلألآن بالدموع من تأثير اسمه من شفتيها ، وقال بإنشداه : لسه جميلة زي ما انتي!!
شعرت مريم للحظة بالخجل من كلماته التي خرجت منه بعفوية قصوى ، فيما أدرك متأخراً ما قاله ، فتنحنح بإرتباك من نظرات مراد المستفهمة نحوه ، وقال : صدفة عجيبة اننا نتقابل بعد السنين دي كلها
ظهر بريق حزين في عينيها عندما سمعت منه هذا الكلام ، و ردت بنبرة خافتة : فعلا صدفة ماتتصدقش انت بتشتغل مع استاذ مراد دلوقتي!!
رد حاتم بإقتضاب : ايوه
دخل الشرطي الغرفة للتحقيق في تلك الواقعة ، مقاطعا علي الجميع فهم ما حدث الآن أمامهم ، قائلاً برسمية : مساء الخير .. عارفين انك تعبان يا مراد بيه لكن دا تحقيق رسمي ولازم نقفلو معلش قولنا انت ايه علاقتك بالحادث ؟!
أجابه مراد بما حدث بنفس ثقته المعتادة : الحادثة حصلت قريب من مكان شركتي تقريبا و رجالتي شافو الناس دول وهما بيخطفو البنات من عربيتهم مشيوا وراهم وبلغوني باللي جرا وانا امرتهم انهم يهجموا علي العربية وياخدوهم للمخرن بتاعي واتصلت بيكم وبلغت جوز مدام كارمن وبعدين حصل اللي انت شايفو بعينك دلوقتي
أومأ إليه الشرطي قائلا بتفاهم : تمام متشكرين لوقتك و الف سلامة عليك
واضاف موجها حديثه نحو ادهم الذي كان يقف بجانب كارمن تتكئ عليه بضعف ، وهو يحيط جسدها بحماية : استاذ ادهم عندنا اخبار لحضرتك
إنتبه إليه أدهم قائلا بهدوء : خير يا حضرة الظابط!!
قال الشرطي بنفس الهدوء : اتفضل معايا برا لو سمحت الأول
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
خارج الغرفة بعد عدة لحظات
قال الشرطي بعد أن خرج أدهم وكارمن وليلي ومريم ومالك معه أمام غرفة مراد : بعد استاذ مالك مابلغنا بعنوان مدام نادين طليقة حضرتك بعتنا قوة لهناك لكن مالقنهاش
الضابط مردفًا بعملية : بس في نفس التوقيت جاتلنا انها عملت حادثة في **** وانها كانت راكبة عربية مش بتاعتها واتحرقت وهي جواها
همست كارمن برجفة : ماتت!!
هز رأسه مسترسلاً حديثه : ايوه وفي عمارة قريبة من مكان الحادثة جالنا بلاغ من السكان عن وجود جثتين لراجل و ست و البواب شهد أن مدام نادين كانت موجودةفي الشقة دي وقت ارتكاب الجريمة وانها صاحبة القتيلة اسمها ميرنا و كان معاها واحد اسمه قاسم طبعا اتعرفنا عليه من بطاقته و دا نفس الاسم اللي قالوا عنه الرجاله اللي قامو بعملية الخطف واعترفو عن اتفاقهم معاهم
هتف ادهم بصدمة واستنكار : يعني نادين هي اللي قتلتهم!!
أجابه بتأكيد : بالظبط .. احنا اتأكدنا أنهم مقتولين بنفس رصاص مسدس نادين اللي كان معاها في عربية ميرنا اللي ركبتها بعد ما نزلت علي طول من شقة صاحبتها
ثم أضاف : وبكدا تكون قتلت صحبتها وعشيقهم
هتفت ليلي بعدم إستيعاب : عشيقهم إزاي!!
أردف موضحا كلماته إليهم : لما طلع قرار من النيابة بتفتيش شقة قاسم لقو علي لابتوبه فيديوهات مع بنات كتير منهم مدام نادين وتم التحفظ عليها جميعا
أكمل حديثه برسمية : طبعا هنحتاج استاذ أدهم و استاذ مراد بعد خروجه من المستشفي عشان نقفل المحضر
أدهم بهدوء مفتعل بعد الذي إكتشفه حاليا : تمام يا حضرة الظابط
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بداخل غرفة مراد
لا يبدو علي حاتم أنه مرتاحًا على الإطلاق منذ أن رآها ، الأمر الذي زاد من فضول مراد ، لكنه تغاضى عن سؤاله الآن ، وركز عينيه على نسمة التي تجلس على الكرسي أمام السرير ، ووالدها يجلس بجانبها الذي ، قال بإبتسامة صافية : حمدلله علي سلامتك يا ابني
إبتسم مراد بجاذبية قائلا بهدوء : الله يسلم حضرتك متشكر
قال شاهين بامتنان وود ، غير مدرك لما دخل ذلك الرجل في قلبه : انا اللي متشكر علي معروفك و شهامتك الحمدلله ان ربنا بعتك للبنات نجدة
إبتسم مراد بإحترام : دا الواجب ماعملتش حاجة
نهض شاهين من الكرسي وقال بلطف : الف سلامة عنك مرة تانية و تسمحلنا نمشي نسمة تعبت جدا انهاردة
هز رأسه بتفاهم وقال بسخرية : اكيد اتفضلو حمدلله علي سلامتك يا انسة نسمة
نظرت نسمة إليه بهدوء مفتعل من نبرة التهكم التي شعرت بها في صوته ، قائلة بصوت خفيض : متشكرة علي ذوقك
ثم خفضت نظرها إلى السترة التي كانت ترتديها وكانت على وشك خلعها ، لكن صوته أوقفها ، حينما قال ببرود وبنبرة أوامر كالعادة : خليها عليكي ماتقليعهاش
نظرت له بدهشة ، لكنها قالت بإستسلام من شدة إرهاقها : طيب
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد قليل
تمتمت مريم بضيق : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم معقولة كل اللي حصل دا !!
ردت ليلي بقسوة ، بينما قلبها يغلي من القهر : الحمدلله اننا خلصنا منها الفاجرة .. دي ما سابتش غلط ماعملتوش دي أخرة المعروف فيها
قالت ليلي وهي تربت علي كتفها : استغفري ربنا يا ليلي هي عند ربها دلوقتي يحاسبها ماتشليش ذنوبها
ليلي بتنهيدة عميقة : استغفر الله العظيم .. الحمدلله انه طلقها قبل ما كانت تبقي فضيحة لينا احنا .. تفتكري الناس كانت هتقول ايه لما يعرفو انها زانية و هي علي ذمة إبني!!
أومأت برأسها تؤيدها وقالت بمواساة : قدر الله وماشاء فعل احمدي ربنا انها جت من عنده
همست ليلي بعيون دامعه : الحمدلله ان ولادنا بخير الف حمد وشكر ليك يارب
نظرت مريم أمامها بشرود فيما حدث في الداخل منذ قليل ، و ثمة أسئلة كثيرة تدور في رأسها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند أدهم
رفعت رأسها عن صدر أدهم الجالس بجانبها على أحد الكراسي ، وسألت بقلق من صمته : أدهم انت كويس!!
أغمض عينيه وهو يضم كتفها أكثر إليه ، ورد بحزن : لا يا كارمن مش كويس أبدا
مسحت براحة يدها على صدره لأعلى ولأسفل ، وقالت بحنان : حاسة بيك ربنا يعدي الايام دي و الموضوع دا مايأثرش عليك
فتح عيناه ونظر إليها قائلا بعدم فهم : موضوع ايه!!
كارمن بحذر : اللي حصل من نادين؟
صاح بصوت عالٍ نسبيا من إنفعاله ، حالما تذكر ما كادت أن تتسبب به تلك الحقيرة : هي اصلا مش فارقالي ولو لسه عايشة انا كنت قتلتها بإيدي للي عملته فيكي لكن الموت كان اسرع مني
انقطع حديثهم بسبب قدوم مالك بمشروبات ساخنة ، وقال بعد أن مدها إليهم : ادهم لازم نتحرك دلوقتي علي البيت نوصلهم و نتطلع علي النيابة نخلص الاجراءت هناك مع المحامي
أدهم : ماشي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور يومان
في مكتب كارمن
سألت نسمة بدهشة ، وهي تجلس على الكرسي أمام مكتب كارمن : ليه جيتي يا كارمن الشركة باين عليكي لسه مرهقة!!
كارمن بلا مبالاة : لا انا كويسة اهو
تطلعت نسمة إليها ، وقالت بشك : متأكدة يعني انا قلبي وقع في رجلي لما دوختي واحنا في المخزن
إبتسمت كارمن بمحبة إليها ، وقالت بحرج : ماتخافيش انا اهو قدامك اساسا انا مادوختش ولا حاجة بس اضطريت اعمل كدا عشان اشغل ادهم عن المصايب للي كان ممكن يوقع نفسه فيها في لحظة غضب
هتفت نسمة بقهر : حرام عليكي انا دمي نشف وقتها بسببك
كارمن بندم : انا كنت خايفة عليكي اوي من اللي حصل وزعلت من نفسي جدا اني كنت السبب في اللي جرالك و البهدلة اللي حصلتلك بسببي
وبختها نسمة بلطف : اخس عليكي ماتقوليش كدا عارفه بأمانة انا كان نفسي من زمان يكون ليا أخت بس عارفة لو كان عندي أخت فعلا .. ماكنتش هتبقي طيبة وحنينة زيك كدا
كارمن بإبتسامة صافية : ربنا يخليكي ليا و مايحرمنيش منك يااارب
نسمة بهدوء : امين يارب
نفخت كارمن بضجر وقالت بإحباط : بت انا حاسة اني منحوسة كل ما احاول اعمل حاجة عشانه حلوة بتبوظ مني حتي المناسبة اللي فرحت انها جت عشان احتفل معاه بيها ذهبت ادراج الريح لانه كان مشغول اوي اليومين اللي فاتو
نسمة بمواساة : معلش ولا يهمك انتي حاولي تقفي جنبه وبس دا كل اللي محتاجلو دلوقتي
إبتسمت كارمن بمكر : انا علي قلبه مش جنبه بس
غمزت إليها قائلة بمرح : يا واد يا رومانسي
قوست شفتيها قائلة بضيق : انا مضايقة اوي
كارمن بتعجب من تغيير مزاجها هكذا : ليه خير تاني!
قالت بعد أن ابتلعت غصة تشكلت في حلقها : سلسلتي ضاعت في الحادثة كانت غالية عليا عشان بتاعت ماما وشكلها وقعت من رقبتي لما الكلاب دول خطفونا
ربت علي يدها تحاول أن تواسيها : قولي الحمدلله ان ربنا عدها علي خير وانها جت علي قد كدا
ثم أردفت بتردد : الحمدلله كنت عايزة اقولك علي حاجة كمان
كارمن بتحفز : ايه قولي!!
نسمة بهدوء : فاكرة الشخص الوقح اللي ضايقني في الحفلة
أجابت كارمن بعيون واسعة : اه مالو اوعي تقولي انك شوفتيه تاني
ردت نسمة بهمهمة : ممم شوفته
سألت كارمن بفضول : شوفتيه فين و ايه اللي حصل!!؟
إبتسمت نسمة بسخرية ، وأجابت ببساطة : طلع هو مراد بيه اللي لحقنا انا وانتي
صرخت بصوت منخفض ، متمتمة بصدمة : يا خبر ابيض بتهرجي ولا بتكلمي جد
هزت نسمة رأسها صعودا ونزولا بسرعة ، وقالت بنبرة متحسرة : لا بجد و شوفتي سخرية القدر المرتين كنتي انتي السبب فيهم
انفجرت كارمن ضاحكة على تعابيرها العابسة اللطيفة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب أدهم
دلف مالك بعد أن استدعاه أدهم على عجل قائلًا بحيرة : في ايه يا ادهم وشك مش طبيعي؟
قال أدهم بنبرة باردة : عايزك تعرفلي كل حاجة عن واحد اسمه احمد راشد رجل أعمال
تحدث مالك بعد جلوسه على الكرسي متسائلاً بلا فهم : ماشي بس يطلع مين دا!!
أجاب أدهم بهدوء ، وهو يعبث بقلمه بين أصابعه : كارمن كانت حكتلي من فترة عن موضوع اخت امها و عيلتها اللي ماتو في حادثة
رد مالك يحثه بالمزيد من المعلومات ، حيث زاد الفضول داخله : وبعدين!
أجابه أدهم مفسرا كلماته المبهمة : ام كارمن قالتلي بعد حادثة الخطف أن مساعد مراد اللي اسمه حاتم كان هو نفسه مساعد جوز اختها قبل مايموتو
ثم قص عليه ما يدور في ذهنه.
هز مالك رأسه قائلا بعدم تصديق و استنكار : يا بني اللي بتقولو دا مايتصدقش و مستبعد اصلا انه يبقي حقيقي!!
رد أدهم بثقة : بس انا مش مستبعدو خالص .. اربط الاحداث ببعض و هتوصل للي وصلتلو
مردفًا بنبرة متزنة : الاول عملو حادث سير اتقيد ضد مجهول وقالو ان الكل مات فيه ونفس الشخص اللي كان مساعد احمد راشد .. يطلع هو هو مساعد مراد عزمي اللي هو تقريبا في نفس سن ابن احمد لو عايش .. يبقي ايه!!
شعر مالك ببعض التشوش ، وهو يجمع هذه الأحداث معًا وقال باستنكار ، وهو ينظر أمامه في الفراغ : ازاي يعني!! انت عايز تقول ان مراد دا هو نفسه يحيي ابن خالة كارمن .. طيب ايه اللي غير اسمه و ليه اتقال انه مات!!!
حدق فيه في صمت لبضع لحظات قبل أن يقول بيقين : حاتم المساعد بتاعه هو اللي عنده الاجابة علي كل الاسئلة دي
هز رأسه بتأكيد قائلا بتساؤل حائر : انا برده مش فاهم انت ليه شاغل دماغك بيه!!
أجابه أدهم وهو يكور قبضته بقهر : لان مراد بيه كان حاطط حراسه علي كارمن 24 ساعه بقالو فترة طويلة وانا مش واخد بالي تفتكر ليه ها!
نظر مالك إليه غير قادر على فهم كل تلك الأحداث التي وقعت على رأسه في نفس الوقت : اهدا كدا وبلاش عصبية الله يخليك وبراحة عشان انا تهت منك
صرخ أدهم عليه بغضب ، حالما بدأ يفقد السيطرة على هدوءه : يراقب مراتي بأمارة ايه حتي لو هو ابن خالتها مالوش حق و لازم اوقفو عند حدوده .. من وقت ما كذب علي المباحث و قال ان الموضوع حصل صدفة وانا مش مرتاحلو .. اللي سكتني أنه هو اللي انقذنا من الرصاصة اللي جت فيه
هتف مالك بسرعة محاولا تهدئته بالمنطق : ادهم بلاش تتسرع فكر شوية بهدوء دا أنقذ حياتك و لولا الحرس اللي انقذو كارمن من ايد الحيوانات دول الله اعلم كانت هترجع سليمة و لالا
زفر أدهم بغضب ، متمتما على مضض : استغفر الله العظيم .. خلاص يا مالك بس لازم نتأكد الاول وبعدين هبلغ مامت كارمن
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ليلا في فيلا مراد عزمي
كان جالسًا في غرفة نومه بعد خروجه من المستشفى حاملاً قلادة رقيقة الشكل بين أصابعه.
يتذكر عندما رآها تلمع تحت جسد نسمة ، وهي مخدرة في المستودع فأخذها ، ووضعها في جيب سرواله دون تفكير.
ظل ينظر إليها بشرود ، ولم ينتبه لدخول حاتم الذي شاهد ما يحدث أمامه بدهشة : مش مطمن لهدوئك دا يا مراد؟
فاق من افكاره وهو يحدق فيه ، قائلا بإستغراب : عشان ايه!!
جلس بجانبه علي الفراش وقال مفسرًا : اصلك خالفت توقعاتي ماكنتش مصدق وانا شايفك بتكلم أدهم بنفسك عشان تسلمه مراته و كمان فديته بحياتك
حدق به في حزن قائلا بضيق : انت ليه بتكلمني علي اساس اني وحش الغابة مش انسان وبحس وانا فهمتك قبل كدا مابقتش بفكر فيها اصلا
إبتسم حاتم وقال بحنان : بصراحة وقتها ماكنتش مصدقك بس حاليا اقتنعت لأن واضح أن حد تاني اخد عقلك منك والسلسلة اللي بين صوابعك من وقتها تشهد بكدا
خرجت منه تنهيدة حارة ، ليقول بهدوء : مش هنكر اني معجب بيها بس انا مش هفرض نفسي عليها خصوصا اني لسه مش متأكد اذا حد بيرقدلي علي حاجة ولالا مش عايز اعرضها لخطر بسببي
حاتم بتأكيد : كلامك دا دليل علي ان اللي جواك اكبر من الاعجاب انت حبيتها بجد يا مراد
نظر له بدهشة ، وقال بتهكم : ايه الثقة الزايدة دي في كلامك!!
أجاب حاتم بشرود : لمعة عينك دي بتفكرني بحد عزيز عليا اوي لما حب كان زيك كدا محتار و بيعاند نفسه لكن في الاخر كان عنده الشجاعة واعترف بحبه
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في جناح أدهم
دخل ادهم غرفته ، ليتفاجئ بالضوء الخافت المنبعث من الشموع التي ملأت الغرفة بطريقة مزخرفة ، ورائعة تضفي على الغرفة جواً رومانسياً هادئاً.
همس أدهم في ذهول بما رآه ، وظهر بريق في عينيه من مظهرها الجميل أمامه بفستان أحمر جعلها آية في الجمال والأنوثة ، وأبرز جسدها بطريقة مثيرة وأنيقة في نفس الوقت : حبيبي!!
استدارت كارمن ، التي كانت واقفة أمام المرأة ووضعت أقراطها في أذنها ، قائلة بنعومة وهو يقترب منها بخطوات ثابتة : ادهم
: قلبه و روحه
أجابها بعفوية ، بينما عيناه الشاردتان مثبتتان عليها ، يرى الحمره التي لطخت وجنتاها بإغواء غير مقصود ، وشفتيها المكتنزة مغطاة بأحمر شفاه قاني ، ورموشها الطويلة تحرس عيناها التي أبرزها الكحل وجعلها فاتنة للغاية.
قالت بإرتباك وهي تفرك أصابعها ببعضها البعض : احم احم انت مش قولت هتقعد في المكتب تحت شوية!
ابتسم أدهم بخفة وسحبها نحوه ، ثم لف ذراعيه حول خصرها بحنان ، وانحني برأسه يسند جبهته علي جبهتها ، قائلا بهمس : وحشتيني
ظهرت ابتسامة حب على فمها ، لتقول باستسلام : كل سنة وانت طيب
اتسعت ابتسامته بسعادة ، وهي تقطف قبلة ناعمة على خده بعد أن أدرك ما كانت هي تخطط إليه ، قائلا بلطف : وانتي طيبة و معايا علي طول
أنزلت ذراعيه برفق من حولها ، وهي تركض نحو الطاولة ، وتلتقط منها صندوقًا كبيرًا إلى حد ما من عليها ، ثم عادت واقفة أمامه ، وقالت بنبرة رقيقة : كان نفسي احتفل بأول ميلاد ليك واحنا متجوزين واجيبلك هدية أحلي من كدا
حمل عنها الصندوق الثقيل قائلاً بصدق : قولتلك قبل كدا انتي هدية ربنا ليا مش محتاج غير وجودك معايا
أشارت إلى العلبة التي تحتوي على آلة صنع القهوة بتصميم أنيق للغاية ورشيق للغاية حيث تعرف زوجها جيداً ، الذي يحب القهوة ، وهي شرابه المفضل في الصباح قائلة برقة : يارب تعجبك دي .. ماكينة قهوة هنحطها هنا في الجناح عشان لو حبيت تشرب قهوة في اي وقت ماتحتاجش تنزل تحت يعني
برم شفتيه بمكر وقال بحب : انتي بتخططتي انك تخليني احب القعدة هنا بقي
تمتمت كارمن بخجل : صراحة اه يعني انا شايفة ان القعدة هنا احلي من المكتب اللي تحت
وضع الصندوق على السرير بجانبه ، وقال بصوت أجش ، بينما يمرر إبهامه على خدها الناعم : تعرفي اني ماكنتش بحب قعدة البيت اصلا خالص علي طول برا بس بسببك بقيت بيتوتي اوي
همست كارمن بعفوية ، وارتفعت خفقات قلبها داخل صدرها من الشعور المفرط بالحب الذي طغى على حواسها : انا بحبك اوي يا ادهم
همس أدهم وحنى رأسه قليلا ، ليغمرها بين تجاويف عنقها المرمر مقبلا بشرتها الناعمة بشغف رقيق : وانا كمان بحبك يا قلب أدهم ونفسي بجد أعوضك عن كل حاجة حصلت الفترة اللي فاتت
أغمضت كارمن عيناها بتأثير من لمساته الحانية ، وقالت بنبرة مهتزة قليلا : مش انت قولت .. اننا مع بعض هنعدي كل حاجة خلاص عايزاك تنسي أي حاجة فاتت و نبدأ صفحة بيضة مع بعض
إحتجز جسدها أكثر بين ذراعيه ، و ضمها بقوة قائلا بهمس متعب : عايز أفضل حضنك اوي
مررت يديها برفق على ظهره ، وهي تعانقه بقوة ، لتقول بحنان وهي تخرج من أحضانه : حبيبي محضرالك عشوه بسيطة كدا كإحتفال تعالي معايا
شبكت كارمن أصابعها بأصابعه وشدته معها ، ثم غادروا الغرفة ووصلوا إلى ركن بجانب النافذة ، حيث كانت هناك منضدة مزينة بفرش طاولة أنيق ، وعليها مجموعة شموع تفوح منها رائحة جميلة ، وهناك أطباق بها عشاء خفيف لكليهما.
قال أدهم بهدوء بعد فترة ، وهم يتحدثون بينما يأكلون : حبيبي عندي موضوع عايز أعرفك به
كارمن بتعجب : موضوع إيه دا!
نظر إليها بتمعن ، ورأى الفضول يلمع في عينيها الواسعتين ، وتنهد بعمق وبدأ يخبرها بكل ما وصل إليه ، بينما عيناها تتبعه في صدمة وعدم تصديق.
في صباح يوما جديدا
كان منتظرًا قدومها القريب ، وهو ينظر إلى ساعته كل دقيقة ، وفي داخله شوق عارم يؤجج مشاعره لهذا اللقاء.
لقاء تأخر لسنوات عديدة ، حرمه القدر منها بعد كل ما حدث معهم ، ورغم التوتر الذي يشعر به من تلك الأحداث التالية خلف بعضها دون موعد أو إنذار ، لكنه لا ينكر سعادته من اتصالها به ، علي الرغم بأنه لا يعلم حتي من أين جلبت رقم هاتفه؟
جاءت مريم من خلفه وقالت بتساءل ، وهي تجلس أمامه : اتأخرت عليك
تمتم حاتم بشرود : كتير
لم تسمعه مريم جيدا ، فقالت بدهشة : بتقول حاجة!
انتبه حاتم لنفسه ، قائلا بسرعة : مفيش اتفضلي تشربي ايه؟
ابتسمت مريم بهدوء وقالت : شكرا يا حاتم انا طلبت أقابلك عشان اسألك ليه عملت كدا ليه!!
حاتم بحذر : عملت ايه!
مريم بجدية يشوبها العِتَاب : اخدت ابن اختي واختفيت ليه خبيت عليا انه عايش ليه؟؟
حاتم بهدوء : ممكن ماتنفعليش انتي جبتي الكلام دا منين!!
مريم بتنهيدة : ادهم جوز بنتي عرف و بلغني بكل حاجة
علم حاتم أنه لا مفر أمامه الآن من الحديث فبرر قائلا : تمام انا عملت كدا لأسباب كتير يا مريم
مريم بإنفعال : مافيش اي سبب يديك الحق انك تخبي عني ابن اختي 27 سنه
هتف بها حاتم بقهر رغما عنه : لا في عشان احميكي واحميه كان لازم اعمل كدا
وبدأ يخبرها بكل شيء
مسحت الدموع العالقة برموشها وتهدد بالنزول ، ونظرت إليه بألم قائلة بصوت مختنق : انا لازم اشوفه واتكلم معه يا حاتم
أومأ حاتم قائلا بهدوء : هيحصل بس انا لازم اقوله الاول هو مايعرفش اي حاجة من اللي قولتها
مريم بإبتسامة : خلاص خد وقتك وقوله واتصل بيا طمني عليه
ابتسم حاتم وهو ينظر إليها بلطف : ماشي في اقرب فرصة هنتجمع كلنا و اقابلك به
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في شركة البارون
داخل مكتب كارمن
هتفت روان بعيون واسعة من الصدمة ، وقالت بلوم : يا خبر أسمر كل الأكشن دا يحصل وماتقوليليش
كارمن بتبرير : معلش عارفة اني قصرت معاكي بس غصب عني الأيام اللي فاتت كانت صعبة علينا كلنا خصوصا أدهم
روان بتفاهم : اكيد اللي حصل مش هاين الله يكون في عونه
كارمن بهدوء : الحمدلله هو احسن دلوقتي
قالت روان بقلة حيلة : الحمدلله مانقدرش نقول غير ربنا يسامحها عشان حرام لا شماته في الموت
هتفت كارمن بإنفعال : انا مش عايزة سيرتها تتفتح اصلا بخير او بشر خرجت من حياتنا وربنا يحاسبها من عنده
أردفت روان قائلة بتفاهم : معاكي حق أكيد
أضافت كارمن بتحذير : روان أوعي تجيبي سيرة لحد عندك خصوصا جدو الموضوع خلص مافيش داعي اننا نخضه
فركت روان فروة رأسها بتفكير وقالت : مع أني مش بيتبل في بوقي فولة بس ماشي زي ما تحبي
كارمن بإبتسامة : جدعة طمنيني عليكي
روان بحماس طفولي : انا كويسة والاوضاع مستقرة بذاكر الفترة دي عشان الإمتحانات قربت ومتحمسة أوي اني هبقي قريبة منك عشان اعيش الاكشن دا معاكو
هزت كارمن رأسها وقالت بيأس منها : مافيش فايدة في عقلك المخبول دا اطمني مابقاش في اكشن تاني
روان بحسرة : يا خسارة
ثم إنفجروا ضحكا مع بعضهما.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهرا في شركة مراد عزمي
صاح مراد مندهشا ، وهو جالس على كرسي مكتبه بعد عودته للعمل ، وقد تحسن كثيرا : اهلا يا دوم كنت فين مش بالعادة تيجي متأخر
حاتم بجدية : في موضوع عايز نتكلم فيه
تفاجأ بجدية نبرة صوته وحدسه يخبره أن هناك شيئاً ما يجري معه ، فقال بهدوء : طيب أقعد هتتكلم وانت واقف
تحدث حاتم بحذر بعد أن جلس أمامه : من غير عصبيتك والا مش هكلم
ترك القلم من يده وانحنى نحو مكتبه ، واتكأ عليه بمرفقيه قائلاً بتركيز : انا هادي قدامك اهو قول ها
نطق حاتم بهذه الكلمات في ارتباك دون أن ينظر إليه : انت ليك خالة عايشة يا يحيي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في قصر البارون
داخل غرفة مريم
دلفت ليلي بعد أن طرقت الباب قائلة بهدوء : مريومة
رفعت مريم رأسها ونظرت إليها بينما هي جالسة على السرير ، وقالت بابتسامة صغيرة : نعم يا حبيبتي
سارت ناحيتها وجلست بجانبها قائلة بإستغراب : جيتي من برا علي فوق علي طول مش عوايدك
قالت مريم بعيون دامعة وصوت حزين : حسيت اني مخنوقة شوية محبتش اضايقك
تأثرت كثيرا بحزنها قائلة بعطف : ماتقوليش كدا احنا مش صحاب احنا اخوات واللي يضايقك يضايقني و يشغلني
إبتسمت بصعوبة وقالت : تسلمي يا لولا
ليلي بتحفز : حصل ايه احكيلي؟
تنهدت مريم بضيق وقالت : قابلته و اتكلمت معه وعرفت منه كل حاجة
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب مراد
هتف حاتم بتبرير : افهمني ماكنش ينفع الناس دول يعرفوا ان حد من عيلتك عايش .. كانت خالتك و جوزها هيتقتلو و فوقهم بنتهم كمان
نظر إليه بغضب بعد أن هب واقفا بإنفعال ، وقال بعدم تصديق مما يسمعه : تقوم تخبي عني السنين دي كلها
إبتلع حاتم رمقه بإضطراب قائلا : اضطريت اعمل كدا حماية ليك وليهم
ثم أضاف بنبرة أعلى ، ولقد استطاع حقا أن يتمكن منه الغضب بسبب معاناته في السنوات الماضية ، وهو يحتفظ بهذه الأسرار وحده : كنت عايزني بعد ما حاربت عشان اطلعلك شهادة وفاة مع عيلتك و اقفل الموضوع و يطلعلك اسم جديد و حياة جديدة اخليك تعرف اي حاجة عن اللي فات مستحيل .. خصوصا أن الامانه اللي سابها ابوك انا بس اللي كنت عارف مكانها
قال مراد بنبرة واثقة : قصدك فلوسه وتركيبات الدوا اللي كان بيصنعو
حاتم مؤكدا : مكنش حد عارف بطريقهم غيري لأنه كان حاسس ان هيتغدر به في أي لحظة
مط مراد شفتيه للأمام ساخرا وقال بتهكم : اللي مستغرب منه اكتر من أي حاجة انك ماطمعتش في الفلوس دي و رميتني في الشارع
إبتسم حاتم قائلا بحزن : لو تعرف ابوك كان غالي عندي قد ايه ماكنتش هتقول كدا .. عمره ماحسسني ان في فرق بيني وبينه بالعكس كان كسفني دايما بكرمه و حنانه
حدق فيه قليلا بتأثير من صحة كلامه ، لأنه كان من يعتني به وهو الذي كان يحميه طوال هذه السنوات ، لكنه هتف بنفاذ صبر : حاتم ليه دلوقتي بذات جاي تعرفني ان ليا خالة عايشة!!؟
تنهد حاتم مضيفا تفسيرا : بعد اللي حصل خالتك اتجوزت علي طول ودا كان افضل حل ليها لانها بقت من غير عيلة بعدها بفترة بسيطة خلفت .. ولحد هنا اخبارها بطلت توصلني وانا كنت وقتي كله معاك كنت صغير اوي عندك 9 سنين ومصدوم عشان كدا أخدتك وسيبنا البلد كلها ماكنتش حابب اعرف مكانها او اي حاجة عنها
ضيق مراد عليه بتوجس وتساءل : و ايه اللي جد دلوقتي .. ما تكلم علي طول
رد ببساطة : قابلتها في المستشفي اللي كنت فيها
مراد بإستنكار : نعم .. تطلع مين هي و كانت بتعمل ايه هناك؟
أغمض عينيه بشدة بعد أن شعر بالدموع تهدد بالنزول من مهدها بمجرد ذكر اسمها في عقله وقال بصوت منخفض : خالتك تبقي ام كارمن .. مدام مريم
جحظت عيناه للخارج بصدمة قوية متمتما : ايه اللي بتقوله دا!
حاتم بتنهيدة : اللي سمعته
قال مراد وهو يردد كلماته مرة أخرى بصدمة ، وبدأ يتضح له تفسيرا لمشاعره تجاه كارمن في البداية ، لأنها كانت من دمه : امها تبقي خالتي انا
أومأ حاتم برأسه قائلا بهدوء : ايوه و كان لازم تعرف لانها عرفت انك ابن اختها مني
مراد بتساءل : وليه قولتلها!!
أجاب حاتم بتبرير : ماكنتش عايز اتكلم .. بس ادهم هو اللي اكتشف الموضوع لما دور ورانا بعد خطف مراته و اصابتك ..
مردفا حديثه بنبرة هادئة : قالها كل اللي عرفو و هي كلمتني واتقابلنا .. طالبة تقعد معاك
أضاف بتصميم ناظرا إليه بحنو : انا شايف ان الوقت دا مناسب يا مراد .. خصوصا ان الناس اللي كنا وخدين حذرنا منهم خلاص انتهينا منهم
تمتم مراد بإرهاق ويشعر أن رأسه تعصف بالأفكار : ماشي خلاص سيبني دلوقتي انا هتصرف
حاتم بتحذير : مراد انت مستوعب اللي بقولوه اصلا كارمن بنت خالتك مابقاش ينفع تتصرف بتهور
مردفا بتهكم ساخر : او صحيح انت عقلك في حته تانية دلوقتي
زجره مراد بحدة قائلا بسخط : حاتم انا مش فايق لتريقتك دلوقتي
إبتسم حاتم بحنان وقال بسرعة : معلش غصب عني بقيت متعود علي كدا معاك
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهرا في شركة البارون
داخل مكتب أدهم
مها بإحترام : ادهم بيه في واحد عايزك برا اسمه استاذ مراد عزمي
اندهش من تلك الزيارة السريعة بداخله ، لكنه قال بهدوء : خليه يدخل
مرت بضع ثوان قبل أن يدخل مراد إلى المكتب بخطواته الواثقة ، ويقول بهدوء عندما أصبح يقف في منتصف الغرفة : مساء الخير
تحرك أدهم من خلف مكتبه بعد قيامه من كرسيه والسير نحوه بخطوات ثابتة ، ومد يده إليه ليصافحه قائلاً بوجه لا ينم فيه عن ظهور أي علامات مفاجأة : مساء النور اهلا وسهلا
تمتم مراد وهو يصافحه : اهلا بيك
أردف بعد جلوسه على المقعد أمام مكتب أدهم ، واضعا إحدى رجليه فوق الأخرى ، بينما جلس أدهم على الكرسي المقابل له بظهر مستقيم ، مما يعكس ثقة عالية بالنفس : بعتذر عن الزيارة من غير معاد سابق
قال أدهم بنبرة هادئة : ولا يهمك مفيش مشكلة
قال مراد بنبرة تساؤل بحذر : انت طبعا عارف سبب الزيارة
أومأ أدهم قائلا بثقة : اكيد
تحدث مراد في صلب الموضوع دون أي مراوغة : انا عايز أقابل مدام مريم
لاحت علي فمه إبتسامة متسائلا : مش قادر تقول خالتي
تومضت موجة من الألم في عينه ، ثم سرعان ما اختفت قائلا ، في لامبالاة مصطنعة : يمكن عشان طول عمري كنت لوحدي معنديش عيلة غير حاتم
ارتفعت ابتسامة على فم أدهم ، متفاهما ما يمر به مراد ثم قال بهدوء : كل حاجة هتتصلح قريب اوي ان شاء الله
مردفا بإمتنان : وعايز أشكرك علي كل اللي عملته رغم أن في حاجات مالقتش ليها تفسير و محتاج أعرفها منك
قال مراد بلطف ، وبدأ يشعر بالراحة تجاه أدهم بعد تلك الكلمات الواثقة التي قالها ، وقبوله للأمر بهذه البساطة : مافيش داعي للشكر و اللي عايز تعرفو انا مديون ليك بشرحه وهيحصل دلوقتي لو عايز
شعر أدهم أن الجليد الذي أحاط الحديث منذ بدايته بدأ يذوب ، وقال مرة أخرى بإصرار : قبل ما تقول أي حاجة انا ممنون منك علي انقاذك لينا وياريت تسيبلي أرقامك عشان هتصل بيك في اقرب وقت وتقابل خالتك
مراد بتنهيدة : ماشي
ثم بدأ في سرد ​​كل شيء عن سبب مراقبته لكارمن
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب نسمة
….: نسمة نسمة
رفعت رأسها من علي الأرواق أمامها قائلة بهلع : ايه يا نهال مالك مصروعة كدا ليه و ازاي جايبة مروان معاكي
نظرت نهال إلى الطفل الذي يقطن في حضنها بابتسامة ، وقالت : ما هو دا الموضوع اللي عايزاكي فيه
نسمة بإستفهام : ايه خير!!
هتفت نهال بسرعة دون أن تلتقط نفسها : دادة مروان ماجتش النهاردة فجأتني امبارح بليل انها هتاخد اجازة وانا اجازاتي زادت عن حدها و اللي زاد أكتر اني لازم اروح المستشفي دلوقتي اجيب لماما التحاليل بتاعتها ولو اخدت مروان معايا هيغلبني
بدأت تشعر بالتوجس فقالت بحذر : والمطلوب ايه بعد المرشح دا انا مش مستريحالك
اقتربت منها وقالت بلطف : من الاخر كدا انا استئذنت ساعتين من الشغل هروح واجي في السريع
أضافت بسرعة أثناء وضعها للطفل الذي يبدو أنه لا يزيد عن عام من عمره في حضن نسمة : وانتي اخدميني الخدمة دي وخدي مروان خليه معاكي
ابتعدت عنها ، وهي تمشي باتجاه باب المكتب ، بينما تنوي المغادرة متجاهلة هتافات نسمة المحتجة : تعالي هنا هو انا بقيت الملجأ بتاعكو ولا ايه!!
نظرت إلى مروان الذي كان يتمسك في كنزتها بأصابعه الصغيرة ، وهي تضمه برفق ، وقالت بحسرة : بكلم مين أنا دي جريت عجبك كدا تصرفات أمك اللسعة دي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند مراد
خرج من مكتب أدهم ينوي المغادرة ، لكنه غير رأيه وتوقف أمام مكتب مها ، ليسأل ببرود : لو سمحتي مكتب الأنسة نسمة شاهين فين
إندهشت مها من سؤاله ، لكنها أجابت بتحفظ : الدور التالت يا فندم
تمتم مراد : متشكر
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند نسمة
نهضت من كرسيها ، وهي تتحدث مع مروان الذي بدأ يتذمر قليلاً : ايه يا حبيبي بدأت تتنرفز ليه بس اهدا كدا يا حلو انت
بدأت تمشي به في المكتب ، وهزته برفق على ذراعيها وفركت ظهره بلطف ، وهي تتحدث معه بصوت ناعم لعله يهدأ : انت مش عجبك مكتبي صح باين عليك بس والله هو جميل وفي شباك حلو بص علي المنظر كدا هيعجبك
سارت نحو النافذة المغلقة بإحكام ، وواقفت أمامها ثم استدارت بعيدًا ، حالما بدأ الطفل الصغير في البكاء قائلة بسرعة : خلاص بلاش بلاش حتي انا مابحبش الشباك دا ولا بقرب منه عشان بخاف من الاماكن العالية بس دا سر بينا محدش يعرف .. تحب نطلع نتجول في الشركة وافرجك عليها .. ها تروح فسحة صغيرة معايا واعرفك علي كارمن صحبتي بالمرة .. ايوه صح كارمن كانت تايهة عني فين هي هتعرف تتعامل أحسن مني وهتساعدني
سارعت عندما أنهت جملتها إلى خارج المكتب ، بينما كانت لا تزال تربت على ظهره برفق شديد.
لم تنتبه للشخص الذي كان على وشك الدخول إليها ، لكنه تراجع في زاوية مظلمة نوعًا ما ، وهو يراقب الطريقة التي تعاملت بها مع ذلك الطفل الذي كان علي ذراعها ، والذي لم يكن يعرف من هو حتى خرجت من المكتب.
مشى خلفها بخفة مثل الفهد دون أن تدرك ذلك ، أو بالأحرى هي في عالم آخر مع مروان.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
خارج المكتب
نادى صوت أنثوي خلفها : اللي جابلك يخليلك يا قطة مين الأمور دا؟
نظرت إليها بملل وقالت بضجر : وحيات ابوكي يا ماجدة سيبني في همي دا إبن نهال وسابته معايا وطفشت وانا محتاسة به
تشدق صدغها بسخرية منها ، وقالت ماجدة بتصحيح : ضميه أكتر علي صدرك يا خيبة بإيدك الأتنين و بعدين ما يمكن جعان
علقت عيناها الخضراء في السقف بتفكير ، وقالت بغباء : ممكن برده كانت تايهة عني فين دي
هزت ماجدة رأسها بيأس منها ، وقالت بتساءل : انتي فعلا تايهة فين حاجاته؟
همست نسمة ، وهي تضمه أكثر بين ذراعيها : شنطته في مكتبي
قالت ماجدة التي علي دراية باحتياجات الأطفال أكثر ، تحدثت بمرح : استنيني هنا هروح اجيبها وارجع نروح علي مكتبي و نظبط العسول دا
عبست نسمة في اشمئزاز زائف ، وهي تراها تبتعد إلى الجانب الآخر : نظبط !! دا لفظ يخرج من موظفة محترمة امشي بسرعة و خلصيني
وقفت في زاوية بالممر وقالت بحنان : ايه يا قلبي انت ايه يا روحي جعان ها يا ميرو رد عليا بصلي هنا يا واد
….: ياريتني كنت استاذ ميرو
نظرت بدهشة إلى الشخص الواقف بابتسامة أمامها ، متسائلة في نفسها ما الذي أتي به الآن ، قائلة ببرود : قصدك ايه بكلامك يا استاذ يوسف!!
قال يوسف لها بتبرير وعيناه تتألقان عليها : مافيش بهزر معاكي
تجاهله نسمة ، نظرت إلى مروان تهمس له قائلة بحنان شديد : بس يا حبيبي اهدي
هتف يوسف وهو يقترب خطوة منها : ماتجبيه شوية
بدأت تشعر بالملل من تطفله المفرط ، قائلة بلا إكتراث : لا معلش عن اذنك لازم أرجع مكتبي
خرج يوسف عن طوره بسبب تجاهلها الاستفزازي لأعصابه ، قائلا بنفاذ صبر : يا نسمة اديني فرصة اكلم معاكي
نسمة ببرود : مافيش بينا كلام يتقال اصلا
استمعوا إلى صوت نهال التي أتت بالحقيبة الصغيرة في يديها : انا جيت يلا بينا ازيك يا يوسف!!
تمتم يوسف بإيجاز مقتضب وهو يبتعد عنهم : كويس
إندهشت نهال من أسلوبه الفظ وقالت بإستفهام : مالو دا!!
قالت نسمة وهي تضحك مع الصغير الذي بدأ يهدأ ، ويشد علي أصابعها : سيبك منه و خلينا في العسول الجعان دا
نهال بإبتسامة : ماشي يلا بينا
ألتهبت عيناه بنيران مشتعلة بسبب الغيرة المفرطة التي كانت تحرق قلبه من ذلك الأحمق الذي تطفل عليها منذ قليل ، وهو عازمًا على معرفة كل شيء عنها ، ولن يضيع الوقت في الهروب ممَ يشعر به مؤخرًا.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب أدهم
صاحت كارمن بعدم تصديق ، وهي جالسة على حافة المكتب أمام أدهم : بجد كان هنا!!
قال أدهم مؤكدا : أيوه و لسه خارج من شوية
سألت كارمن بفضول : و قولتو ايه!!؟
رد أدهم بهدوء : عايز يقابل مامتك .. لما نروح البيت نقولها و بكرا يجي عندنا
أومأت كارمن بتفاهم وقالت : تمام كدا انت عارف أن شكل في بينه و بين نسمة كمياء كدا
أدهم بإستفهام : وعرفتي ازاي!
أجابت كارمن مفسرة حديثها : أصلو هو دا الشخص اللي اتخانقت معه في الحفلة
تمتم أدهم بإمتعاض : و كان بيعمل إيه دا في الحفلة!!
رفعت كتفيها دلالة علي عدم معرفتها ، و قالت بلا إكتراث : معرفش بس الحفلة حضرها ناس كتير اوي
تساءل أدهم وقد بدأ يرتاح قليلا أن تركيز ذلك المراد علي شخص أخر : تفتكري عينه منها بجد
إقتربت منه قليلا ، لتقول بحماس : صراحة باين أنت ماشوفتوش كان في المخزن نظراته نحيتها غريبة و كمان سمعت الحرس بيتوشوشو عن ضربو للمجرمين بإفتري علشانا
رفع أدهم حاجبيه بإندهاش وقال بإبتسامة : علي كدا الأخ عشقان
قالت كارمن بتأكيد : أنا احساسي مش بيخيب بس المشكلة أن نسمة خارجة من تجربة فاشلة .. يعني هيطلع عينه
همس أدهم بسخرية : أنا بدأ يصعب عليا الجدع دا أنتو ستات قادرة و جبارة
قبلته على خده وقالت بغنج : بس لما بنحب بنضعف أوي يا دومي
شرد في ملامحها الجميلة قائلا بتحذير : بلاش الرقة دي كلها يا قلب دومك و بعدين بترجعي تتكسفي و وشك يلون
نفخت كارمن بضجر لطيف ، و زجزته بنبرة خافتة : يالهوي علي رخامتك
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في صباح اليوم التالي
ظهرت الشمس المشرقة بأشعتها الدافئة على الرغم من برودة الجو.
استيقظت كارمن مبكرًا كالعادة ، وهي تشعر بنشاط وسعادة ، ثم نهضت من بين ذراعي زوجها النائم ، بلطافة مثل طفل صغير ، ظلت تنظر إليه لفترة وجيزة ثم اقتربت علي المهل من فمه ، طابعة على طرف شفته قبلة بلطف ، ولم تريد إيقاظه الآن ، فاليوم عطلة.
قامت من السرير ، وبعد أداء روتينها اليومي ذهبت لإيقاظ طفلتها الصغيرة ، واعطتها حماما دافئا وسط ضحك ولعب الطفلة بمرح ، ولم يخلو الأمر دون تذمر منها بلطف.
بعد قليل
صعدت كارمن من الأسفل لإيقاظ الشخص الكسول القابع في السرير حتى الآن اقتربت منه ببطء ، بينما تراقب ملامحه الجامدة ، وتعلم كل العلم أنه مستيقظًا حتما.
جلست بجانبه على السرير ، وابتسامة ماكرة على شفتيها.
خفضت رأسها تجاهه مقتربة منه بشكل خطير ، واستنشقت عبير أنفاسه الهادئة موزعة بشفتيها قبلات صغيرة برقة بالغة على سائر وجهه ، من بداية جبهته العريضة إلى ما بين حاجبيه المعقودين ، ثم إلى أنفه الروماني الذي يدل على عناد شديد وتصميم كبير على النجاح والطموح ، ثم قبلت وجنتاه ونزلت على الخط الفاصل بين خده وفكه من خلف ذقنه الخفيفة ، وشعرت بانقباضات جسده من تحت يدها التي وضعتها على صدره.
ابتعدت قليلاً عن وجهه لتراه بوضوح ، تزامنًا مع ظهور ابتسامته ، فقالت بهدوء : صباح الفل حبيبي
رد بصوت أجش : صباح الكراميل
إبتسمت بحب وقالت برقة : يلا حبيبي قوم الفطار تحت جاهز
ظل علي وضعه قائلا بنفي : لا مش عايز أقوم
عضت علي شفتيها قائلة بتعجب : ليه بقي !!
همس بنبرة عابثة وهو يمرر أصابعه على يدها التي على صدره : راجعي نفسك يمكن تكوني ناسية حاجة
قلبت عيناها بتفكير قائلة بحيرة مزيفة : لا مانسيتش حاجة
نظر إليها بنصف عين قائلا بتهكم : لا فاتتك حاجة مهمة وانتي بتبوسيني
كتمت إبتسامتها بصعوبة وهي تبتلع ريقها ، وقالت بمكر : انت مش كنت نايم منين عرفت اني كنت ببوسك لازم كنت بتحلم!!
حدق فيها بحاجب مرفوع قائلا بإستنكار : كارمن!
إبتسمت كارمن قائلة بدلع وهي ترمش بعيناها : قلبها
فرك ذقنه بخفة قبل أن يقول ببرود لاستفزازها : مش هقوم قبل ما تصالحي المكان اللي نسيتي تبوسيه
مطت كارمن شفتيها إلى الأمام بطريقة مغرية ، وقالت بغيظ : ياباااي عليك انت بقيت تستغل نقط الضعف بإحتراف
ابتسم منتصرًا وقال باستفزاز ، وهو يلعب بحاجبيه : انتي اللي بتضيعي الوقت في الكلام
اقتربت كارمن منه باستسلام تام ، بينما كان مستلقيا على الوسادة في نفس وضع نومه ، حالما لفحت أنفاسها الحارة وجهه تلقائيًا أغمض عينيه مستنشق عطرها الرائع بشغف ، بينما طيف ابتسامة خبيثة ظهرت على فمها ، وبقيت ثابتة على حالها.
فتح عين واحدة ، مندهشًا من عدم حدوث شيء فرأها في مكانها ، لكنها مالت برأسها حتي أصبحت قريبة بشكل خطير من شفتيه المتباعدتين قليلاً عن بعضهما البعض ، بينما عيناه تتابعها بحماس واستعداد ، ثم فجأة إبتعدت عدة إنشأت للوراء.
نظر أدهم إليها بعدم فهم حتى تكرر نفس الحدث عدة مرات متتالية ، وهي تبتسم علي مظهره المتضجر بلطف ، لكنه باغتها علي حين غرة بوضع حد لهذه اللعبة التي حرقت أعصابه بالتزامن مع سحبه إلى رقبتها من الخلف ، ووضع شفتها السفلي بين شفتيه بنهم وجوع منتقما منها علي مماطلتها له ، وهو يقضم على شفتها بأسنانه برفق.
جعلها تذوب بين ذراعيه ، وتبادله الشغف والحب بحرارة غمرت جسدها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهرا في المكتب الموجود بجناح أدهم
دخلت كارمن عليه ، وهو يعمل أمام جهاز الكمبيوتر الخاص به بتركيز حتى سمع صوتها الهادئ ، فرفع رأسه تجاهها : القهوة حبيبي
مشيت نحوه ووضعت القهوة على المنضدة ، فقال أدهم بحب : تسلمي لقلبي
بقيت واقفة بجانب كرسيه ، تفكر قليلاً ، ثم قالت بحرج : عايزة أسألك سؤال!!
تحدث بعد ارتشاف القليل من القهوة بتلذذ : إسألي
سألت بهدوء : انت ليه بقيت تحب تشرب القهوة مره؟
تفاجئ قليلاً بالسؤال ، لكنه أجاب وهو ينظر إلى الفنجان في يده : عشان القهوة بالنسبالي زيها زي الدنيا لازم يكون فيها مرارة بسيطة
ظل ينظر إليها بهدوء لبضع ثوان ، قائلاً بابتسامة جذابة تزين فمه : وانتي في دنيتي السكر اللي بيحلي أيامي و بتنسيني أي مرارة حسيت بها
ابتسمت له بلطف وهي تأخذ منه فنجان القهوة وترشف منه قليلا تحت نظرات عيناه العاشقة لها .
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
مساءا في قصر البارون
على وجه التحديد في البهو الفسيح حيث يجلس جميع أفراد القصر ، مع حاتم ومراد.
أنهي حاتم حديثه قائلا بهدوء : دي كل الحكاية من طقطق لسلامو عليكو
تمتم مالك بدهشة واضحة : والله مش مصدق ان في ناس في الزمن دا زيك يا استاذ حاتم
قالت مريم بتأنيب حزين : اتعذبتو كتير يا حاتم بس انا عاتبه عليك مهما كان دا ابن اختي لو كنت عرفتني وطمنتني عليه كان قلبي هدي شوية من وجعو اللي عايشة فيه لحد دلوقتي
تدخل مراد في الحديث قبل أن يستطيع حاتم الرد ، قائلا بهدوء : حاتم عمل الصح وقتها .. ماكنش ينفع يحصل تهاون ابدا
ابتسمت مريم وعيناها تتألقان في سعادة ، لأنها بالكاد تصدق أنه جالسًا أمامها قائلة بفرح : انا مش قادرة اصدق أنك قدامي و بتكلمني يا يحيي
ابتسم لها وعيناه تلمعان ببريق حزين دون أن يجيب.
أضافت بتساءل متعجب : بس انا لسه مش فاهمه يا واد انت ازاي ماكنتش فاكرني .. ازاي نسيتني وانت متربي علي ايدي
نظر مراد نحو حاتم بحاجب مرفوع وقال بتهكم : قولها انت ازاي؟
أومأ برأسه ، وقال بنبرة خافتة بعض الشيء بعد أن تنحنح بحرج : احم الحقيقة هو سألني وانا اوهمته أننا فقدناكي
فغرت فاهها بصدمة وهتفت بذهول : يا لهوي!!
أردف حاتم بصدق : بعدها اخدته و سافرنا علي كندا كنت عايز ابعده عن كل حاجة هنا
نظر مراد إلى كارمن وأدهم ، اللذين كانا صامتين منذ بداية الاجتماع ، متسألا بهدوء : هتفضلو ساكتين كدا مش هتعلقو
كان أدهم أول من بدأ الحديث مجيبا برزانته المعتادة : انا متأكد ان كل شئ بيحصل له هدف و اهمية يمكن عشان كدا مش قادر اكرهك بعد اللي قولته رغم اني متعصب منك و من افكارك المخبولة دي لكن مش هنكر إن كان ليك دور مهم و ايجابي في حياتنا حتي واحنا منعرفش بوجودك
ابتسم له بود ثم نظر إلى كارمن وقال : وانتي!؟
ابتسمت كارمن بإضطراب طفيف : انا اتعرضت لصدمات الفترة اللي فاتت كتير خليتني مشوشة و متوقعة كل حاجة لكن هبقي بكذب لو قولت اني ما انصدمتش للمرة الالف بعد اللي عرفته
ظل يتحدثون فيما بينهم في جو يسوده الود والمحبة ، لأول مرة ينغمس فيه مراد.
بعد فترة ، طلب أدهم الإذن منهم للرد على مكالمة عمل ، بينما جلس الجميع بعد رحيل مالك في ذلك الوقت ، بدأ مراد في التعود على الدفء العائلي الذي فقده طوال السنوات الماضية ، قائلاً بابتسامة شاردة في ملامح مريم التي تجلس بجواره : انتي شبهها اوي
قالت مريم بحنان : انت وحشتني يا يحيي
أسدل جفنيه قائلا بتمتمة : انا بتوجع لما بسمع الاسم دا مش متعود عليه
هتفت مريم بإصرار : من هنا ورايح اتعود مش هناديلك غير يحيي تعالي هنا
عانقته بشوق وحنان كبير ، تردد قليلا قبل أن يربت على ظهرها ، ويعانقها أيضا بمشاعر كثيرة تشكلت بداخله شوق عميق لرائحتها قريبة جدا من رائحة والدته ، بينما كانت كارمن تراقبهما بتأثير كبير.
قطع عناقهما الفتاة الصغيرة التي شعرت بالغيرة علي جدتها من الغريب الذي رأته لأول مرة ، وكانت متمسكة بحافة فستان مريم حتى تنبها إلى وجودها.
ابتعد مراد عن مريم ، ونظر بدهشة إلى الفتاة الصغيرة التي نظرت إليه بنظرات خجولة مماثلة.
كانت هذه هي المرة الأولى التي يراها قريبة جدًا هكذا منه.
قالت مريم بضحكة لطيفة : دي ملك بنت كارمن
ابتسم لها بهدوء وانحنى ليأخذها بين ذراعيه وأجلسها على ساقه ، وظل يلاعبها بحنان متردد ، فهو غير معتاد على الأطفال إطلاقا.
تحدثت كارمن بهدوء وهي تشاهد مداعبته اللطيفة للصغيرة : لازم تتعود علي الأطفال عشان تساعد نسمة
تجهمت نظراته عليها وقال بدهشة : نعم
ردت بثقة : واضح انك بتحبها
حدق أمامه بجمود ولم يرد عليها ، بينما كانت مريم تنظر إليها بنظرات استفهام ، فواصلت كارمن بإصرار : لو بتحبها بجد لازم تقولها
إبتسم بسخرية وقال بإستنكار : واثقة من كلامك كأنه حقيقي
قالت بإبتسامة هادئة : مهما داريت باين عليك
شعرت مريم بالحيرة أكثر من كلماتهم الغامضة ، فقالت بدهشة : ما تفهموني يا ولاد بتكلمو عن إيه!!
تسائل مراد بتهكم و نظراته موجهة نحو كارمن : وتنصحيني بإيه؟
إزدات إبتسامة كارمن الواثقة و قالت بهدوء : الصراحة والمواجهة .. تقابلها و تقولها انا معجب بيكي و عايز اتقدملك
قهقه بذهول علي حديثها وتساءل : بالبساطة دي و هي هتوافق
رمشت بأهدابها عدة مرات قبل أن تقول بجدية : من واقع معرفتي بها انت هتتعب شوية بس لو فعلا انت بتحبها هتقدر تروض تمردها
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في ذلك الوقت بالصعيد
داخل غرفة زين و روان
سرعان ما وضعت المنديل على فمها ، وسعلت بعنف بينما كان أنفها أحمر للغاية من ذلك البرد الذي أصابها
يجلس زين بجانبها على الأريكة الطويلة في غرفتهما ، يشرب بهدوء من وعاء الحساء الساخن في يده.
زمت شفتيها بتعب وقالت بغيظ : مافيش دم عند بعض الناس قعدة جنبي ما قالتش حتي سلامتك وبتشرب من الشربة بتاعتي كمان
رفع وجهه للسقف متنهدا بسخط قائلا بتمتمة : الصبر من عندك يارب .. دا جزائي اني نزلت في الوقت المتأخر دا تحت والجو تلج وعملتهالك
أضاف أبعد أن ربع قدميه بحذر على الأريكة حتى يتمكن من النظر إليها جيدًا : وبعدين انتي مش عايزة تشربيها وهتبرد يعني تعبي هيروح علي الفاضي فبشربها انا
ذرفت عيناها الدموع من الألم الذي اجتاح جسدها كله ، وقالت دون وعي : انت كمان بتقاوح معايا و بتزعقلي وانا عيانة دا بدل ما تشوفلي دواء يعالجني ولا انت دكتور في البطاقة بس
نظر لها بحاجب مرفوع وقال بسخط : لاحظي انك بتخبطي في الحلل وانا مستحمل عشان عيانة ماتسوقيش فيها..
ثم اردف بنبرة لينة قليلا كأنه يحادث طفلة صغيرة : انتي بقالك عشر دقايق بس واخدة الدواء يلا يا روحي أفتحي بوقك وكلي عشان العلاج يشتغل في جسمك و تخفي
فتحت فمها مستسلمة ، وإبتلعت الحساء بصعوبة فحلقها يؤلمها بقوة.
إبتسم لها بحنان و قال بتهكم مزيف : شطورة هتتحسني بس اصبري انتي عايزة تخفي في نفس اللحظة ازاي يا هبلة
عضت شفتيها بغضب طفولي قبل أن تبتسم بمكر وهي تقترب ، قائلة بشقاوة : بقي كدا طيب ماتجيب بوسة زي بتوع السيما
حرك زين رأسه للخلف بسرعة و قال بصياح : يخربيت شكلك ابعدي ببوزك دا عني .. هنبقي اتنين مزكومين مين هياخد باله مننا ساعتها يا غبية
جلست بركبتها على الأريكة أمامه ، عازمة على تقبيله بأي شكل من الأشكال ، بينما منعها بمد ذراعيه أمامه ، ودفعها برفق حتى لا تسقط ، لكنها قالت بإلحاح : ولو لازم تجرب الاحساس اللي انا حاسة بيه بقولك هات بوسة يا راجل انت
اتسعت عيناه بدهشة من تحولها المفاجئ ، حيث شعر بحرارة جسدها ، قائلا بأنفاس لاهثة : اتهدي و اهمدي كدا هتتعبي زيادة وحرارتك عالية كمان يادي الليلة الهباب
جلست متعبة بشكل معتدل في مكانها ، و أرجعت رأسها إلى حافة الأريكة ، قائلة بأنفاس سريعة : ماهو كلو منك انت في الأساس ولا ناسي
نهض بقلة حيلة من تذمرها وذهب إلى الطاولة بجانب السرير ، وأمسك بوعاء الماء الذي أحضره من الأسفل ، وسكب بعض الماء الفاتر في صحن صغير.
عاد إليها وحملها بخفة بين ذراعيه ، فتمسكت بعنقه ، لكنها أبعدت وجهها عن وجهه قليلًا حتى وصل بها على السرير ومدد جسدها برفق ، ثم أجاب على كلماتها السابقة : وانا كنت قولتلك قومي استحمي الفجر وانتي جسمك دافي
سعلت بخفة قبل أن تقول بصوت مبحوح : كنت منعتني بالقوة يا اخي
هز رأسه بنفي ، وهو ينزل قطعة القماش في ماء فاتر ثم يعصرها جيداً ، وبدأ في وضعها برفق علي قدميها ويديها تدريجياً ، لتقليل درجة الحرارة المرتفعة التي أصابتها بعد أن رفضت بشدة الاقتراب من الماء ، وأخذ حمام فاتر لإرخاء جسدها ، بينما ينتفض جسدها تحت القماش البارد برجفة بسيطة : لا يا حبيبتي أنا مش بجازف بنفسي واقوم من تحت الغطاء و جسمي دافي
سعلت بشدة وأغمضت عينيها عندما وضع القماش البارد على جبهتها ، ومررها إلى مؤخرة رقبتها ، وهي تنظر إليه بعيون حمراء ، وقالت بصوت ضعيف : عندك رد جاهز علي كل حاجة ارئف بحالي انا بموت
إنتابه شعور بالاختناق في قلبه لأنه لم ينبهها لذلك ، واقترب منها بعد أن استقام في جلسته وسحبها من جنبها بذراعه ، فأسندت رأسها على صدره مع الإرهاق أثناء تغيير القماشة كل عدة دقائق بالماء الفاتر فوق جبهتها الحارة.
بعد قليل
شعر بإنتظام أنفاسها المتقاربة على صدره ، فغمرها جيدا بالبطانية معه ، وأطفئ الضوء بجانبه ، وأغلق عينيه بتعب وهي بين ذراعيه.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مغادرة مراد و حاتم من قصر البارون
التفتت مريم إلى كارمن ، التي كانت جالسة بجانبها على الأريكة ، مع ملك التي تنام في حجرها ببراءة.
قالت مريم بعد انتهاء كارمن من سرد تفاصيل ما حدث مع مراد ونسمة : ياريت كلامك يكون صح يا كوكي
حملقت بها في ثقة وقالت : هو لو مش صح هو ماكنش سألني اعمل ايه يعني هي فعلا في دماغه و بيفكر فيها
أومأت مريم تؤيدها قائلة بصدق : نسمة بنت حلال و ابوها راجل طيب دخلت قلبي لما شوفتها في المستشفي
مررت أطراف أصابعها في شعر ملك بحنان ، وقالت بقلق بسيط : بس انا حاسة ان الموضوع هيبقي صعب من ناحيتها و ممكن ترفض
حدقت مريم بها بدهشة ، وقالت بإستنكار : ترفض ليه هي تطول تناسب عيلتنا و يحيي شاب زي القمر و متعلم و راجل بجد هتلاقي زيه فين
حدقت بها بفزع وهي تحذرها بلطف : براحة يا ماما ماصدقت ملك نامت جرا ايه يا روما انتي بدأتي دور الحماة بدري اوي
ضحكت مريم بخفة وقالت : ربنا يقدم اللي فيه الخير
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور يومان
صباحا في قصر البارون
استيقظت ولم تجده بجوارها ، لتعقد حاجبيها بطريقة لطيفة ، متسائلة أين ذهب مبكرًا ، فتثاءبت بتكاسل قبل أن تلاحظ الورقة موضوعة على المنضدة ، فامسكت بها بين يديها.
سرعان ما تألقت عيناها بإنبهار ، فكان داخل الورقة رُسمة وجهها وهي نائمة ، وفي أسفل الورقة كان مكتوب بخط أنيق : صباح العسل علي كارميلة قلبي إلبسي وحصليني علي تحت
ابتسمت بسعادة من رقة أفعاله التي كان يمطرها بها يوميًا ، ثم تنهدت بارتياح قبل النهوض والسير باتجاه المرآة حتى علقت الرسمة في أحد أركان المرآة ، ثم شرعت في تحضير نفسها لبداية يوم جديد.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل شاهين
خرجت نسمة من غرفتها بعد أن ارتدت ملابسها بصعوبة ، وهي تشعر بإعياء شديد.
قال شاهين بهدوء وهو يقرأ الصحف التي أمامه على المنضدة : صباح الخير يا حبيبتي
إبتسمت بإرهاق قائلة بصوت خافت : صباح النور يا بابا
ترك ما في يده ، لينهض من علي الأريكة متسائلا بإهتمام : انتي لسه حاسة بوجع برده
قالت نسمة بإنكار : لا يا بابا انا احسن دلوقتي
حدق فيها بشك قائلا بقلق : احسن ازاي هو انا مش شايف باين عليكي التعب بلاها شغل انهاردة
هتفت بإستماته : صدقني انا كويسة و بعدين الشغل بيسليني لو قعدت في البيت هتعب اكتر
هز رأسه بإستسلام من عنادها حتي بالمرض ، وقال بإصرار : ماشي بس لو فضلتي كدا لحد بليل هنروح نكشف و مش عايز اعتراض
ردت بطاعة : حاضر
حاول شاهين أن يجعلها تسترخي قليلاً فغير الحديث : يلا عشان تفطري
زمت شفتيها في رفض ، لأنها حقًا لا تشتهي الطعام على الإطلاق ، قائلة بتوسل : لا يا بابا ماليش نفس
هتف شاهين بخوف يتفاقم داخله مما يحدث لها : كدا انا بجد قلقان ايه اللي فيكي بس يا بنتي
رددت مجدداً محاولة أن لا تقلقه عليها أكثر : ماتقلقش انا هكلمك وانا في الشغل واطمنك عليا
وضع كفه علي وجنتها بحنان و قال بإهتمام : طيب بس اتصلي بيا لما توصلي الشركة و سوقي علي مهلك
إبتسمت بمحبة وقالت بعد إبتعدت نحو الباب حتي تغادر : حاضر باي يا بابا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في فيلا مراد عزمي
استيقظ مراد من نومه مصممًا بإلحاح على مقابلتها اليوم والتحدث معها ، وأيضًا أن لكي يعيد لها القلادة التي يحتفظ بها معه حتى الآن.
قام من سريره وتوجه إلى الحمام الملحق في غرفته ، وبعد أن أنهى حمامه ، وقف بملابسه الرسمية الأنيقة ورش عطره المفضل.
تحرك إلى باب الغرفة وخرج منها ، لينزل يشرب قهوته ، ثم يمر بها قبل أن يذهب إلى شركته.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في سيارة أدهم
ابتسمت كارمن وهي تحدق به قبل أن تقول بنعومة : عجبتني رسمتك اوي
نظر إليها لثوان قبل أن يعود للتركيز على الطريق ، متسائلاً بهدوء : تعرفي ترسميني كدا
تمتمت بتوتر طفيف : انا .. لا الحقيقة معرفش
خرجت منه ضحكة صغيرة قائلا بإستفزاز : يعني طلعت انا اشطر منك و حافظ ملامحك أكتر
قوست شفتيها بتبرم من ضحكته الاستفزازية ، وتحدق فيه بسخط ، قبل أن تعقد ذراعيها على صدرها ، قائلة بغيظ طفولي : بلاش تتحداني يا أدهم
نظر إليها بحاجب مرتفع وقال بإستخفاف مزيف : اعتبريني اتحديتك و وريني شطارتك يا روح ادهم
نظرت إليه بغضب قائلة بتحدي : هتشوف
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
أمام شركة البارون
وصل مراد بسيارته وأوقفها في مكان فارغ ، ثم نظر أمامه وهو يشرد لعدة لحظات ، يفكر في شكل المحادثة التي سيفتحها معها.
في ذلك الوقت
كانت نسمة تتحدث مع والدها من داخل السيارة بوهن ، بعد أن كادت أن تصف سيارتها ، ولكن قاطعها رنين الهاتف ، فسرعان ما أوقفت السيارة ، وأجابت عليه حتى لا تقلقه أكثر.
بعد أن أنهت نسمة المكالمة أثناء قيامها بتشغيل محرك سيارتها حتى توقفها في مكانها المعتاد ، فوجئت بوجود سيارة أخرى متوقفة فيها.
نفخت خديها بتعب ، لم ينقصها شيء سوى هذا الشيء إنها حقًا لا تملك الطاقة للانتقال إلى مرآب سيارات الشركة حتي تصف السيارة هناك.
اتسعت عيناها بصدمة عندما رأته يخرج من السيارة أمامها بشموخ ، سرعان ما تحولت الصدمة إلى غضب شديد تجاهه ، حتى أن مكانها في الزاوية إستحوذ عليه ، مثل سيرته التي لا تنغلق في منزلها بعد رؤية والدها له و إعجابه به.
نزلت من سيارتها وأغلقت الباب غاضبة ، فأصدرت صوتا نبه الشخص الواقف أمام سيارته إلى وجودها.
لمعت عيناه بالفرح للحظة ، لكنها اختفت عندما رآها تسير نحوه ، من الواضح أنها مستاءة من شيئا ما.
قالت بصوت عال نسبيا ، بعد أن وقفت على مسافة متوسطة منه : لو سمحت ابعد عربيتك دي عشان اعرف اركن عربيتي
تحدث ببرود محاولا السيطرة على سيل المشاعر التي اندلعت في قلبه بعد سماعه صوتها الذي كان يتوق إليه في الأيام القليلة الماضية : انا اللي ركنت هنا الاول دوري أنتي علي مكان لنفسك
طالعته بحاجب مرفوع ، لتتمتم بغيظ : صحيح انك لوح تلج متحرك
ابتسم باستفزاز وقال ببرود ليثير غضبها أكثر ، ويمكنه التحدث معها لفترة أطول : قولي اللي يعجبك بدأت أخد علي لسانك الطويل
اختلطت عيناها بالقهر والألم الذي اجتاح أحشائها بطريقة أشد ، ومفاجئة من ذي قبل على جانبها الأيمن.
إبتلعت غصة ألم حاد تكونت في حلقها قبل أن تتمتم بضعف محاولة ألا تتأثر بقربه منها الذي يجعلها ترتبك بشدة : انا مش هضيع وقتي في الكلام معاك
تركته حتى تعود إلى سيارتها ، وهو ينظر إليها بصدمة من استسلامها الذي يراه لأول مرة بهذا الوضوح على وجهها.
لم تمنحه الكثير من الوقت للشرود في أفكاره المشوشة ، وقبل أن تخطو خطوة إلى الأمام ، انهار جسدها بشكل ضعيف نحو الأرض ، ليسارع إليها دون ذرة تفكير لتسقط بين ذراعيه ، وهي تسمع اسمها بصوته الملهوف بخوف يأتي من مكان بعيد قبل أن تجذبها سحابة مظلمة بعيدًا عن ذلك العالم.
قبل ذلك بدقائق
وصل يوسف أمام بوابة الشركة ، بعد أن أوقف سيارته في الجراج ، ولم يرغب في الصعود في المصعد الموجود في الجراج لأنه أراد التحدث إلى نسمة في بداية الصباح ، ربما تسمعه هذه المرة وهو يعلم أنها ستوقف سيارتها بالخارج.
ظهرت ابتسامته عندما رآها تصل في سيارتها ، ولكن سرعان ما تبدلت تلك الابتسامة إلى حيرة ودهشة ، وهو يرى ما حدث منذ قليل.
ركض بذعر والغيرة نحو مراد الذي كان جاثيا على الأرض محاولًا إيقاظ نسمة دون جدوى ، تزامنًا مع وصول سيارة أدهم ، التي خرجت كارمن منها بقلق ، ورأت نسمة مغشيا عليها بين ذراعي مراد.
هرولت كارمن نحو مراد وقالت بتساءل : حصلها ايه مالها يا مراد!!
تمتم مراد بخوف كافح كبحه ، لكن بدا واضحًا عليه من نظراته الضائعة ، حيث قام من الأرض ورفعها بين ذراعيه : معرفش فجأة أغم عليها انا هاخدها علي المستشفي بسرعة
ووجه حديثه إليهما متجاهلا وجود يوسف تماما : وانتو حصلوني
قال يوسف بإصرار جعل مراد ينظر إليه بحدة قاتلة : انا جاي معاكو
نظرت إليهم كارمن بتوتر ، بعد أن لاحظت النظرات المحترقة بين هذين الرجلين ، ثم حدقت في أدهم الذي قال بسرعة : ماشي يا مراد خدها معاك في العربية وانا وكارمن ويوسف هنيجي وراك
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
داخل احدي المستشفيات
خرج الطبيب الذي كان داخل الغرفة يفحص نسمة ، وقال بجدية : الحالة عندها الزايدة ملتهبة جدا و لازم تدخل العمليات فورا قبل ما لا قدر الله تنفجر جوا جسمها
أومأ أدهم قائلا بجدية : ماشي يا دكتور اعمل اللازم
نظر الطبيب نحو الممرضة الواقفة بجانبه ، وأخذ منها دفتر ملاحظات وقال : تمام بس في ورق لازم يتمضي ان العملية تتعمل تحت مسؤلية فرد من أهلها
هتفت كارمن بسرعة : باباها زمانه في الطريق يا دكتور
قال مراد الذي كان يستمع إلى ما يقولونه بقلب ينبض بعنف من القلق ، ولم يعد بإمكانه الصمت أكثر بعد الآن ، قائلاً بسرعة : هات الورق دا وانا همضيه علي مسؤليتي الشخصية
نظر له يوسف بدهشة وقال بإمتعاض واضح : وانت تمضي علي مسؤليتك بأي صفة
صاح مراد بثقة ، دون أن يبالي بأي شيء : بصفتي خطيب الانسة اللي حياتها في خطر جوا
اتسعت عينا يوسف في صدمة ، وتسلل شعور بالمرارة إلى قلبه مما سمعه الآن.
بينما كانت كارمن تحدق بدهشة في أدهم ، الذي كان صامتا منذ البداية ، يشاهد ما كان يحدث بابتسامة صغيرة ، وهو يعلم ما هو الشعور الذي يمر به مراد الآن دون أي تعجب.
داخل غرفة نسمة في المستشفي
قالت كارمن موجّهة حديثها إلى شاهين الجالس بجانب سرير ابنته : الحمدلله يا عمو نسمة بقت كويسة الدكتور لسه مطمنا عليها من شوية
أغمض عينيه وغمغم براحة : الف حمد وشكر ليك يارب هي هتفوق أمتي!!
نظرت إلى ساعة معصمها ، ثم حدقت فيه ، لتقول بهدوء : مش باقي كتير وتفوق
سأل شاهين بصوت خفيض : طيب الدكتور ماقالش هتخرج أمتي يا بنتي
أجابته كارمن بهدوء : مش قبل يومين لان حالتها كانت تعبانة جدا يا عمو حتي كمان قال انها مش هتقدر تاكل او تشرب أي حاجة عشان كدا معلقين ليها محاليل
همس شاهين بألم في قلبه علي ما أصاب إبنته الحبيبة : لدرجة دي يا حبيبتي يا بنتي
همست كارمن تحاول التخفيف عنه : قدر الله ماشاء فعل
شاهين بتمتمة: ونعم بالله
جاء منها صوت ضعيف قائلة بتحشرج : ميه
قال شاهين بلهفة : نسمة يا بنتي
تمتمت نسمة بإرهاق وهي تفتح جفونها : بابا
اقتربت منها كارمن ، لتقول بإبتسامة : حمدلله علي السلامة يا نسومة
همست بتهدج ، بينما كنت تسعل بتعب : انا عايزة اشرب
حدقت كارمن فيها ببعض التوتر وقالت بقلق : اه دا اللي كنت خايفة منه
تدخل شاهين يحادثها بحنان : نسمة حبيبتي ماينفعش اي حاجة تدخل جوفك انتي لسه قايمة من عملية
رمشت نسمة بدهشة وتساءلت بعدم فهم ، وقد بدأت تستعيد وعيها : هو ايه اللي حصل!!
قالت كارمن بلطف ، يتخللها المرح حتى تخفف عنها الألم قليلا : انتي زي الفل كل الحكاية انهم شالولك الزايدة بس
تطلعت لها بذهول مما تسمعه ، لكنها تسائلت بإستماته : يعني انا مش هشرب انا بجد عطشانة اوي
قال شاهين بحزن علي حالها : استحملي يا حبيبتي
رن هاتف كارمن ، الذي كانت تمسكه بيدها ، فقالت بسرعة : عن اذنكم .. لحظة
أجابت بعد أن وقفف أمام النافذة التي تتوسط الغرفة : ايوه يا ماما
أردفت كارمن بهدوء : لا هي فاقت الحمدلله
أدارت رأسها وهي تراقبهما جالسين بهدوء ، وقالت لوالدتها بضحكة خافتة : كلنا موجودين و مش هتصدقي مراد عمل ايه؟
ثم همست بسرعة : هحكيلك بعدين انا هقفل دلوقتي و اخرج اشوف ادهم
أومأت برأسها ثم أردفت : ماشي احنا ممكن ساعة و نرجع علي البيت نكون اطمنا اكتر
كارمن : باي
★★★
عادت كارمن لهما ، وهي تقول بإبتسامة هادئة : نسومة انا هخرج انادي الدكتور ورجعالك تاني
إبتسمت نسمة قائلة بصوت متعب : تسلمي يا كارمن ربنا مايحرمنيش منك
كارمن بمحبة : ولا منك يا قلبي
اتجهت نحو باب الغرفة للمغادرة ، وعندما خرجت وجدت يوسف جالسًا أمام باب الغرفة منتظرًا بفارغ الصبر للاطمئنان على نسمة ، لكن ما أثار فضولها هو رؤية أدهم ومراد يقفان في زاوية ، ويتناقشون بصوت خافت.
سأل يوسف بلهفة بعد أن نهض من مكانه : فاقت ولا لسه؟
أجابت كارمن ببساطة : ايوه فاقت وهي مع بابها دلوقتي
هز رأسه لها ، ثم جلس وقال بهدوء : تمام
سارت نحو أولئك الواقفين في الزاوية ، وهي تسعل بهدوء حتى يلاحظوا وجودها : احم
ابتسم أدهم بهدوء : حبيبي
عقدت ذراعيها فوق صدرها وقالت بإرتياب : مش عارفة ليه مش مستريحة نفسيا لوقفتكو سوا كأنكو بتدبروا لحاجة
قال مراد بسخرية وهو ينظر إلي أدهم : خيال مراتك واسع
أومأ أدهم له بإبتسامة وقال مغيرا الحديث : فعلا طمنينا ايه الأخبار!!
نظرت نحو مراد نظرة ذات مغزي قائلة بتهكم : فاقت من شوية ومصممة تشرب ميه و الدكتور مانع الميه والاكل عنها
غمغم مراد بعدم تصديق وهو يبتعد عنهما : مجنونة .. انا هدخل اطمن عليها
تمتمت كارمن بإرهاق : ربنا يستر انا اعصابي سايبة
وضع أدهم ذراعه علي كتفها قائلا بإهتمام : تعالي نقعد شوية
أراد دخول الغرفة ، فتفاجئ بخروج شاهين وهو يزفر بإرهاق : ازيك يا عم شاهين
ابتهجت أسارير وجه شاهين عندما رآه ، خاصة عندما قالت كارمن إنه هو أيضًا من أخذ ابنته إلى المستشفى ، وقال بينما يمد يده ، ليصافحه بمودة : اهلا وسهلا بيك يا مراد بيه ازيك انت
ابتسم مراد وقال بعد مصافحة يده باحترام : اسمي مراد من غير بيه انا كويس حمدلله علي سلامة انسة نسمة
شاهين بهدوء : الله يسلمك يا بني
تنحنح مراد يحاول ترتيب كلماته بلباقة ، قائلا بجدية : كنت حابب اتكلم معاك في موضوع
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند أدهم و كارمن
همست كارمن بتساءل فضولي : تفتكر بيقولو ايه!!
أجابها بنفس الهمس بجوار أذنها ، بينما تتكئ الأخرى على صدره : مش عارف بس ابن خالتك دا لاسع توقعي كل حاجة منه
رفعت رأسها عن صدره ، وهي تتمتم بغيظ طفيف : انا حاسة انك بتلقح عليا بالكلام يا سي ادهم
إبتسم أدهم لها إبتسامة جذابة ، وهو يرمقها بنصف عين قائلا بمكر : قلبي يا ناس انتي مافيش اعقل منك في الكون
تطلعت فيه بحاجب مرتفع قبل أن تهمس مازحة بإستفهام : عقلي اللي انت بتاكل به حلاوة دلوقتي
ابتسم لها أدهم بابتسامة جذابة ، وهو يحدق فيها بغمرة عين وقال بمكر : ذكية
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند مراد
أنهى مراد حديثه مع شاهين ، ليختتم بالقول : عارف انه مش الوقت المناسب لكلامي لكن انا حابب اعرف رأيك فيا!!
بدا شاهين مندهشًا ، لكن بداخله كان سعيدًا حقًا بما سأله عنه مراد ، فقال بصراحة : والله يابني انت راجل شهم وجدع واي عيلة تتشرف بيك لبنتها وانا والشهادة لله ارتحتلك من اول ما شوفتك بس عايز اقولك ان بنتي…
نظر إلى يوسف الذي كان جالسًا على مسافة منهم ، من زاوية عينه ، قاطع عبارة شاهين بتمتمة : عارف كل حاجة
أومأ شاهين بتفاهم وقال بجدية : عموما انت اديني شوية وقت البنت تتعافي وانا هكلمها و ربنا يابني يقدم اللي فيه الخير
صافحه مجددا قبل أن يتساءل بهدوء : تمام تسمحلي ندخل نطمن عليها؟
شاهين بإبتسامة : اكيد اتفضل
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في غرفة نسمة
جاء الجميع إليها بينما كانت هي مغمضة عينيها ، متذكرة بتشوش تلك الأوهام التي رأتها في تلك السحابة التي غرقت فيها أثناء إغمائها في الصباح ، حيث كان لديها هاجس يخيلها بوجود مراد ، وأنه حملها بين ذراعيه و أحضرها إلى هنا ، لكن كيف يحدث ذلك؟
لابد أن كل هذا له علاقة بتأثير المخدر عليها لا أكثر.
….: حمدلله علي سلامتك
فتحت عينيها بسرعة ، عندما سمعت صوته المميز ، بنبرته الأجش والبحة الرجولية الغليظة ، وبالكاد تصدق أنه أمامها الآن.
همست نسمة بتعب وهي تنظر إليه ببراءة محببة بعيونها الخضراء الواسعة : الله يسلمك
وزعت نظراتها علي الناس الواقفين حولها عن كثب ، لكن ما أثار استغربها هو وجود يوسف بينهم.
ما الذي أتى به إلى هنا وكيف ، لكن حبل أفكارها انقطع عندما قال : حمدلله علي سلامتك يا انسة نسمة والف مبروك علي خطوبتك من الاستاذ
نظرت نسمة إليه بدهشة ، وكأنه قال جملة باللغة الهيروغليفية ، ليتحدث والدها إنقاذًا للموقف ، فقد أخبره مراد بما قاله للطبيب قبل إجرائها للعملية : الله يبارك فيك يا بني عقبالك
قال يوسف بنبرة إستخفاف واضحة لم يستطيع مدارتها : غريبة اننا ماسمعناش قبل كدا بخبر الخطوبة دي
هنا فهمت ما كان يحدث حولها ، ووجدت نفسها تلقائيًا تقول ما جعل كل من في الغرفة دون استثناء ينظرون إليها بصدمة ، حتى يوسف الذي تمنى أن يكون الأمر كله مجرد خدعة : لان زي ما انت شايف كنت تعبانة لما نعمل الفرح اكيد هتكون أول المعازيم
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد عدة ساعات في قصر البارون
دخلت كارمن غرفة نومها ، وهي تحمل ملك على ذراعها ، فوجدت أدهم جالسًا على السرير مستلقيًا ، وعيناه تحدقان في السقف.
كارمن برقة : دومه
نظر أدهم إليها بنصف عين دون أن يجيبها بينما كانت عيناها تلمعان بشقاوة ، وهي تقترب منه ثم وضعت الفتاة الصغيرة في حضنه وسط دهشته ، وقالت للطفلة بلطف : موكة خدي بالك من بابا لحد ما أخلص
أمسك أدهم بمعصمها قبل أن تتمكن من الابتعاد وقال بتساءل ، بينما كانت حاجبيه معقودين : رايحة فين؟
إبتسمت كارمن بحرج ، وقالت مفسرة سريعا دون أن تلتقط أنفاسها : هدخل أخد دوش ريحتي بنج خالص بدأت أدوخ منها ولوكة هتفضل معاك انت عشان ماما ومعاها مامتك راحو يطمنو علي نسمة في المستشفي وكريمة مشغولة بالمطبخ
تمتم أدهم بتفاهم : ماشي
تركتهم ودخلت الحمام ، بينما هو حمل ملك بين يديه وظل يداعبها ويلعب معها بألعابها الصغيرة حتى خرجت كارمن بعدها بفترة وجيزة تسبقها رائحة الشامبو الرائعة التي تسللت إلى أنف أدهم فوجه بصره نحوها.
سرعان ما ظهرت ابتسامة علي محياه من جمالها الطبيعي ، وهي ترتدي رداء الحمام ، وشعرها المبلل على كتفيها وملتصق على وجهها ، إنتبه من تأمله فيها علي سؤالها الناعم : اتأخرت عليكو
قال أدهم بنظرات ثاقبة نحوها ، وهو يوجه كلماته للفتاة الصغيرة : لا مش أوي أحنا كنا بنلعب سوا صح يا لوكة
هزت ملك رأسها لهم ببراءة ، فأرسلت لها كارمن قبلة في الهواء قبل أن تذهب إلى المرآة ، وتلتقط المشط لتمشط شعرها به.
دعاها أدهم للمجيء إليه ، فتوجهت نحوه مرة أخرى بدهشة ، فجلسها أمامه بينما كان يجلس هو وملك خلفها.
مد أدهم يده إليها ليأخذ منها المشط وسط حيرتها ، وقال للطفلة بحماس : يلا يا لوكة ساعديني نسرح لماما شعرها
هتفت كارمن فيهم بتحذير رقيق : براحة من غير ما تقطعو شعري في ايديكو
بدأوا مهمتهم بحماس ، بينما أدهم أمسك كف ملك الصغيرة على المشط ومشطوا شعر كارمن برفق وهو يشجع الفتاة الصغيرة التي كانت تبتسم ببهجة مسرورة : شطورة يا روحي أيوه كدا من فوق لتحت براحة
سحب أدهم الخصلة الموجودة على كتف كارمن من الأمام إلى خلف ظهرها ، ليكشف عن بياض عنقها المرمر.
لم يستطع مقاومة رغبته في تقبيلها بأنفاس حارة ، لذا همست بتنبيه وهي توجه رقبتها بعيدًا عن وجهه : أدهم عيب ملك بتبصلنا
همس أدهم في أذنها بنبرة أجش : الحق عليكي محدش قالك تبقي بالجمال دا وتنسيني نفسي
ابتسمت كارمن بخجل عفوي لكلماته الجميلة دون أن تنظر إليه ، بينما ظهرت ابتسامة ماكرة على فمه ، وهو يسحب جسدها للوراء فجأة حتى استلقت على ظهرها بينه ، وبين ملك التي كانت تنظر إليهما بحماس طفولي دون أن تفهم ما كان يحدث حتى صاح أدهم ، وهو يتحدث معها بضحك ، بينما يسيطر على كارمن التي كانت تحاول النهوض ، لكنها فشلت عندما بدأ يدغدغها علي بطنها : يلا يا ملك زغزغي ماما بيدك هنا بسرعة
بدأت الطفلة تفعل ما يفعله أدهم وسط ضحكات كارمن التي تلهث ، وهي تضرب قدميها في الهواء محاولة إبعاد يد أدهم عنها ، لكنه مستمر بما يفعله ، ثم بعد لحظات أشار إليّ ملك بأصابعه ، وقال بذهول وحماس مزيف : لوكة بصي العصفورة
نظرت الطفلة إلى الوراء بالتزامن مع انحناء رأس أدهم ، وتقبيل شفتي كارمن بخفة وعمق معًا ، بينما كانت تنظر إليه بنظرات فرحة ممزوجة بعشق جارف.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد عدة ساعات في المستشفي
بعد أن تركتها مريم وليلي ، عاد والد نسمة إلى المنزل ليجلب لها بعض الملابس ، بينما كانت تأخذ قسطًا من الراحة ، أو هكذا اعتقد ، لكنها في الحقيقة لم تستطع النوم من التفكير كثيرًا.
نسمة تحادث نفسها بحيرة ممزوجة بالتوتر : انا ليه اتوترت لما فتحت عيني ولاقيته قدامي ليه حسيت أن قلبي هيخرج من مكانه من كتر مابيدق بسرعة لما سمعته بيقول انه خطيبي وايه الهبل اللي عملته دا ازاي اقول كدا عايزة اثبت ايه و لمين و متلخبطة كدا ليه يا ربي وخايفة دماغي هتشت مني وفوق كل دا عطشانة اوي كمان
….: ماتفكريش في الميه وانتي مش هتحسي بالعطش
فتحت عينيها بسرعة ، عندما سمعت صوته معها في الغرفة ، وقالت بإستفهام : انت .. انت دخلت امتي هنا
أجاب مراد بإختصار بارد : مابقاليش كتير
شعرت بالخجل من كونه معها بمفردها هكذا ، وهي مازالت محرجة مما حدث قبل ساعات قليلة ، ولا تريد مناقشة الأمر الآن ، فقالت متسائلة : وايه اللي رجعك تاني هنا
ظهرت ابتسامة صغيرة علي جانب فمه ، ثم نطق ببساطة : انا ماتحركتش من هنا عشان ارجع
أردف بجدية : عموما انا مش هطول لما يرجع باباكي همشي
تحدثت نسمة بهدوء دون أن تنظر له : مافيش داعي تقدر تتفضل
هتف مراد بنفي : انا حر مش عايز امشي
رفعت بصرها له وقالت بإندفاع : مايصحش تفضل موجود وبابا مش هنا
قال مراد وهو ينظر لها بتمعن : هو بنفسه قالي افضل موجود لحد مايرجع واتأكد بنفسي انك ماشربتيش من وراه
زمت شفتيها بحسرة ، تبدو لطيفة كالأطفال الصغار قائلة بحزن : انا ماكنتش بعمل حاجة من ورا بابا المرة اللي عملت فيها حاجة و ماقولتلوش عليها ظهرتلي انت فيها
قاطع علي مراد الاستفسار عما قالته دخول ممرضة بجسم رشيق ووجه جميل ، لكنها جعلته مشوه بكثرة المكياج ، قائلة بابتسامة : انسة نسمة ميعاد دواكي
نظرات تلك الممرضة لم تترك مراد الذي كان جالسًا على كرسي بجانب الباب من الداخل كانت تتبعه بابتسامة عريضة ، فقد ظنت تلك الحمقاء أنها بذلك تلفت انتباهه إليها ، فمنذ قدومه ذلك الصباح لم يغادر مطلقا.
كان هو حديث الممرضات في غرفتهن ، لذا أرادت أن تستفزهم من خلال إيقاعه في شبكها قبلهن.
: مش خلصتي اللي جاية عشانه هتفضلي واقفة كدا كتير
استيقظت من شرودها علي صوت نسمة التي لاحظت تلك الابتسامة الحمقاء التي استفزتها بشدة ، لذا تلون وجه الممرضة بالإحراج ، لكنها قالت بابتسامة رقيقة : انا كنت عايزة اعرف لو الاستاذ عايز يشرب حاجة من الكافتيريا لانه قاعد من بدري برا ماتحركش
وزعت نسمة نظراتها بينه وبينها ، فلاحظت شبح الابتسامة التي ظهرت على فم مراد ، لا تعلم سبب غليان الدم في رأسها ، ولكن قبل أن تجيب عليها سمعته يقول بصلابة باردة : شكرا زي ما قالتلك طالما خلصتي اللي جيت عشانه اتفضلي علي شغلك
حقًا ، هذه المرة شعرت بالحرج الشديد ، وقالت بتلعثم حتى لا تسبب مشكلة في عملها : حاضر عن اذنكم
قام من على كرسيه ومشى نحوها ، ثم انحنى قليلا حتى كانت المسافة بينهما صغيرة بينهما ، متسائلا بصوت خافت مليء بالمكر : كأني شميت من عندك هنا ريحة غيرة
فرت الكلمات هاربة من عقلها عندما سمعت تلك الكلمات منه ، لكنها سحبت الغطاء على وجهها المتورد بخجل ، وقالت بتهرب جعلت الإبتسامة تتسع على شفتيه برضا : اطلع برا واطفي النور عشان انا نعست
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ليلا في منزل مالك البارون
يجلس كل من مالك ويسر يشاهدان التلفاز ، لكن في الحقيقة ثرثرة يسر تلقي بظلالها على صوت التلفاز ، ومالك يجلس بجانبها كل حين يتنهد بضجر بسبب مزاجها المتغير في كل لحظة منذ حملها ، أصبحت مزعجة وكثيرة البكاء وطلباتها غريبة للغاية.
اقتربت منه فجأة لدرجة أنها تقريبا تجلس على ساقه ، بينما كان يلاحقها بزاوية عينه يريد أن يعرف ما كانت تخطط له تلك المرة ، حتى سمعها تهمس في دلال بينما كانت تتلاعب بأزرار قميصه : ميكي
قام بزفر الهواء من صدره بحرارة اجتاحت جسده من قربها المهلك منه ، وأنفاسها الحارة على رقبته ، وهو يتمتم بقلق لما قد يسمعه : أستر يا رب!!
تغاضت عن نبرة تكدره ، واردفت بغنج أكبر : كنت عايزة أطلب منك طلب؟
ضحك بخفة علي حيلتها التي تلجأ لها عندما تريد شيئا لن يحدث ، وقال بإستسلام : قولي
همست يسر بدلال وهي تطالعه بعيون واسعة بريئة : انا نفسي في خاتم سولتير مقلمظ
عقد حاجبيه بعدم فهم وقال مرددا : و دا بيتباع في انهي سوبر ماركت
سألت بتعجب : هو ايه دا!!
أجاب ببلاهة : البتاع اللي بتقولي عليه
صاحت به في استنكار شديد : ماتستعبطش يا مالك انت فاهم انا قصدي ايه
تساءل مالك بحيرة : ودا ايه اللي جابه علي بالك يعني؟
زمت شفتيها في تفكير ، ثم قالت وهي تلعب بحافة ثوبها الحريري : معرفش فجأة لاقيت نفسي رايحاله
كان ينظر إليها بحاجبين مرفوعين من استغرابه لطلبها الغريب ، هل هذا وحم أم ماذا ، لكنه صاح بابتسامة : عيوني يا قلبي أوعدك لما يعدلو برج بيزا المائل هبقي اجيبهولك .. انا قايم أنام يا روحي
قبل خدها بلطف ، مردفًا ، بينما ينهض من جانبها : تصبحي علي خير
أوقفه صوتها قبل أن يبتعد ، بينما قالت بلا مبالاة ، وقد نسيت ما قالته من بضع لحظات ، وهكذا كانت حالتها مؤخرًا : قبل ما تطلع تنام اطفي نور المطبخ و الريسبشن
خرجت منه ضحكة مندهشة مما يحدث معها ، وهو يضرب راحة يده علي كفه الأخر ، قائلاً بابتسامة ملتوية بينما يميل نحوها بطوله الفارع : قومي وريني طريق الزرار
نظرت إليه بقهر من وقوفه أمام التلفزيون ، ومنعها من رؤيته ، لكنها سرعان ما ابتسمت بلطف عندما وجدته ينظر إليها بنظرة حنونه ، فقامت معه ليصعدوا إلى غرفتهم.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في اليوم التالي
داخل قصر البارون
هتفت كارمن مستاءة ، وهي تغلق الجريدة في يديها وتنظر إلى مراد ، الذي كان جالسًا بجانب مريم بإسترخاء علي الأريكة : ايه اللي انت عملته دا يا مراد!!
هز كتفيه بعدم إكتراث وقال ببرود : انا معملتش حاجة
نظرت له بحاجب مرفوع ، وهي تقول بسخط مستنكر : لا والله .. انا قولتلك صارحها مش حطها قدام الأمر الواقع و مع كدا ادعيت انك خطيبها قدام الدكتور وسكتنا .. طلبتها من ابوها و قولنا ماشي بس كدا كتير الخبر دا هيخليها تثور في وشك
أشاح بصره عنها ، وهو هتف غاضبًا بعد أن تذكر أنه حاول التحدث معها أمس في المستشفى ، لكنها رفضت ، مدعية أنها منهكة من العملية : هي كدا ماتجيش غير بالعافية دماغها حجر .. وانا متأكد انها ماعترضتش واحنا في المستشفي عشان يوسف دا كان واقف
وأضاف ، ناظرًا إلى أدهم الذي كان يقف أمام الشرفة وفي يده فنجان قهوة ، يكتم ضحكته بصعوبة على غضب زوجته : وأصلا دي كانت فكرة جوزك ودخلت دماغي فنفذتها
ابتسمت بسخرية ، مستديرة برأسها إليه قائلة بخفوت ساخط : اه وانا اقول الحركة دي مش غريبة عليا
أومأ مراد بضحكة وقال بشماته : عمل نفس الحركة فيكي
أجابت كارمن بضحكة بينما تنظر له بغيظ : ايوه واتخانقنا جامد وقتها
أرسل لها أدهم قبلة في الهواء مبتسمًا باستفزاز
قالت مريم بحنان ، وهي تنظر إلي مراد : يا حبيبي كان المفروض تاخدها بالسياسة عشان ماتعاندش معاك
عبس مراد يعلم أنه أخطأ بفعلته ، لكنه كاد أن ينفجر من الغضب الذي تفاقم بداخله كلما تذكر نظرات ذلك الأبله إليها ، وقال بإصرار : كان لازم اعمل كدا و الا كان ممكن أخلص علي الزفت يوسف دا بسبب تلزيقو ليها في المستشفي
هزت رأسها كارمن مستسلمة من عناده ، ووقفت بجانب زوجها تلومه بلطف.
إلتفت مراد إلي مريم التي ربتت علي يده ، لتغمغم بحنان : ربنا يهديكم لبعض يا بني و تكون من نصيبك
إبتسم لها مراد بمحبة ، وقال بصوت خافت : اطمني يا خالتي انا ماعملتش كدا الا بموافقة ابوها شخصيا
إتسعت عيناها بصدمة ، وهتفت بعدم تصديق : بتكلم جد!!
أردف مراد بثقة : اكيد الراجل مرحب بالموضوع بس اتفق معايا انه هيقولها ان الصحافة هي اللي نشرت كدا لما شافوها وانا بوديها المستشفي عشان ماتثورش في وشنا كلنا علي رأي كارمن
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الصعيد
داخل منزل الحج عبدالرحمن الشناوي
هبطت روان من غرفتها بحذر ، وهي تشعر بدوخة خفيفة في رأسها ، ولمدة يومين أصيبت بنزلة برد شديدة ، لكنها بدأت تتعافى منه قليلاً ، كما أن زوجها لم يقصر برعايته لها ، وهذا ما هون عليها الشعور بالتعب المفرط الذي أصابها.
نزلت حيث سئمت كثيرا من الجلوس في السرير لأنها معتادة على الحركة ، وزين في العمل الآن ، فقررت النزول والجلوس مع والدتها وعمتها حتى تتحسن قليلا ، وتنسى ألمها.
هتفت حنان وهي ترى ابنتها تتجه ببطء نحو مقعدهم في الصالة الفسيحة دون إحداث ضجيج كالمعتاد : ايه يا بنتي مالك بتمشي براحة كدا ليه؟
بينما سألت حياة بإهتمام : روان حبيبتي انتي لسه تعبانة!!
قالت روان بهدوء وهي تنفي برأسها : ماتقلقوش عليا انا احسن دلوقتي هو بس شوية دوخة من الرقدة
إلتمعت عينان والدتها التي رددت كلمتها بشك : دوخة
أجابت روان بهمس ، وهي جالسة على الأريكة بجانب عمتها ، بينما كانت والدتها جالسة على كرسي منفرد : ايوه يمه
مسدت حياة بكف يدها علي ظهر روان برفق قائلة بعطف : الف سلامة عليكي يا قلبي
روان بإبتسامة : الله يسلمك يا عمتو
تسائلت حنان بنبرة ذات مغزي : رورو تحبي اجيبلك تاكلي؟
عبست روان عندما اتت تلك السيرة أمامها قائلة برفض : لا يا ماما ماليش اي نفس للاكل
نهضت حنان من كرسيها وجلست بجانبهما على الأريكة قائلة بحماس : بت يا روان لا تكوني حامل!!
رفرفت روان بعيناها في صدمة وهي تردد بهمس : حامل!!؟
أردفت حنان بتأكيد : ايوه ليه مستغربة كدا انتي و زين زي الفل الحمدلله و مافيش اي حاجة تمنعكو من الخلفة نسيتي التحاليل اللي عملتوها قبل الجواز
نظرت روان إليها بتردد قبل أن تقول ببلاهة من تفكير والدتها ، وهو ما لم تفكر في حدوثه الآن : لا يمه فاكرة عادي بس ماظنش ان دا حمل يعني اكيد من تعب دور الانفلونزا اللي أخدتو
حملقت حياة في حنان باستنكار من هجومها علي الفتاة وقالت بتحذير : بالهداوة علي البت يا حنان
ردت حنان بعد أن التقطت أنفاسها ، منتظرة بفارغ الصبر رد ابنتها : ما انا هادية اهو بسألها عادي
ثم أضافت بتحذير وهي تطلع مرة أخري نحو روان : اوعي تكوني بتاخدي موانع حمل يا روان؟!
نفت روان برأسها بسرعة وقالت بصدق : موانع ايه يا ماما!! لا طبعا مابخدش اي حاجة
زفرت حنان براحة وقالت بأمل : الحمدلله اسمعي قولي لجوزك و خلينا نروح نكشف و نتأكد احسن
هزت رأسها استسلاماً لكلام والدتها ، لأنها علمت أنها طالما توصلت إلى هذه الفكرة فلن تتغاضى عن التأكد بنفسها قائلة برجاء : ماشي بس خليني اريح يومين انا بجد جسمي كله بيوجعني ومش قادرة اخرج و حتي الكتب ماليش اي نفس افتحها وابص فيها و الامتحانات قربت
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور عدة ايام
صباحا في شركة مراد عزمي
كان جالسًا يفحص بعض الأوراق باهتمام ، لكنه نظر إلى باب مكتبه ، وعقد حاجبيه في دهشة ، عندما سمع بعض الضجة في الخارج دون أن يفهم أي شيء منها.
صرخت السكرتيرة على من كانت تحاول عنوه الدخول لكي تمنعها : يا انسة لحظة استني
بينما لم تستمع الأخرى لها من غضبها المفرط ، واقتحمت المكتب دون إذن
هتفت السكرتيرة بتبرير ، وهي تنظر نحو مديرها بخوف : اسفة يا مراد بيه ماقدرتش امنعها
تمتم لها ببرود : خلاص روحي انتي
انتظرت حتى أغلقت الباب من خلفها ، ثم زأرت عليه بغضب رغم شحوب وجهها الظاهر من التعب : ممكن افهم انت ازاي تسمح لنفسك تعمل اللي عملته دا!!
قام من كرسيه ومشى من خلف مكتبه حتى وصل إليها ، قائلا بحزم : نسمة اهدي ووطي صوتك انتي في شركة مش في سوق خضار
كانت نسمة تحدق به بنظرات نارية ، وتعافت قليلاً بعد أن أصرت على خروجها من المستشفى قبل أيام ، بعد أن صدمت عندما قرأت خبر خطوبتها على الإنترنت ، وبالتأكيد عرف كل هذا من والدها وتوقع تلك الزيارة.
خرج من شروده علي صوتها ، بينما تقول بإحتجاج : لا والله يعني بتعرف تميز الاماكن والاحداث اهو .. ممكن تفهمني يا محترم ليه ادعيت اني خطيبتك
تمتم مراد بحاجب مرفوع : ادعيت!!
ثم أضاف بإختصار مستفز : انا قولت الحقيقة
اتسعت عيناها الخضراء ، وهي تصيح به في إنزعاج مستنكر : حقيقة ايه اتكلم بسرعة ماتنقطنيش ببرودك دا
إبتسم بجانبية وهو يقول ببرود : عيب لما تعلي صوتك علي خطيبك
هدرت فيه بإنفعال : ماتقولش خطيبي
رد عليها بعناد مستفز : لا هقول وغصب عنك .. انا طلبتك من ابوكي وهو وافق
إهتزت حدقتيها وهي تطالعه مباشرة في عيناه ، وقالت بإرتباك : لا هو قال هيفكر وياخد رأيي وانا ماوفقتش
تمتم مراد بخبث ، وهو يضع كلتا يديه في جيب بنطاله : افتكرتك كدا سكوتك في المستشفي كان معناه انك مش رافضة
ثم أضاف بعد تجهمت ملامحه فجأة : ولا انتي سكتي عشان البيه بتاعك كان موجود وعايزة تنتقمي منه!!
كيف يمكن أن تخبره أن قلبها سيطر علي عقلها ، واجابت بعفوية عليهم ، لكنها لن تعترف بذلك حتي لذاتها ، وهي تحاول اقناع نفسها بأنها كانت تحت تأثير المخدر لا أكثر.
على الفور أنكرت ، بينما تحاول تغيير الموضوع حتى لا ينفضح أمامه خجلها من نفسها ، بعد أن لم ترفض فعلاً هذا الحدث في المستشفى : ايه الهبل اللي بتخرف بيه دا انا مابفكرش بالطريقة دي .. انا مش همجية زيك باخد الشئ بالغصب وحالا تنزل تكذيب للخبر المنشور بالجرايد دا
أردفت بعناد مجددا : انا مش خطيبتك
كانت على وشك أن تتركه وتغادر بسرعة ، لكنه سرعان ما أمسك معصمها ، وسحبها برفق تجاهه حتى لا تتألم من الحركة المفاجئة بعد العملية ، وقال بعينين تطلقان شرزا من الغضب : اسمعيني هنا كويس اوي .. انا مش علي كيفك ولا وقت ماتحبي يكون الموضوع علي هواكي توافقي ولما توصلي لهدفك عايزة تهربي
حاولت شد معصمها من يده ، لكنه أمسك به بإحكام أكثر ، فقالت بإستياء : سيب ايدي انت فعلا واحد وقح
هدر بها بغضب ، بينما يضغط على أسنانه بغيظ ، هذه القطة العنيدة ماهرة حقًا في سلب هدوئه بشكل احترافي : وانتي مجنونة ومتمردة بس انا هعرف ازاي اربيكي من اول وجديد
رفعت سبابتها على وجهه وقالت بتحذير : احفظ ادبك انا متربية كويس اوي
أجابها بنبرة أهدأ من ذي قبل ، لكن عينيه ما زالتا حادتين : يمكن لو كنتي اتكلمتي بأدب من الاول كنت نفذت اللي انتي عاوزه
وأضاف بعيون تتألق بإصرار وتنوي تنفيذ ما ينطق به : بس خلاص دخلتي عريني برجلك وهدفعك تمن تحديكي ليا وكل كلمة قولتيها هتتحاسبي عليها
ثم بحركة سريعة ، ميل رأسه نحو أذنها ، يتمتم بصوت خافت غليظ ، بينما أنفاسه تصطدم علي رقبتها : لكن هأجل العقاب لحد كتب الكتاب وبعدين هفكرلك بطريقة هادية اعمل فيكي ايه؟
حدقت نسمة به في خوف من لهيب الغضب الذي أضاء في عينيه ، وأجابته بصوت خافت جاهدت إخفاء الرجفة الخائفة به ، لكنها لم تتمكن من ذلك لأنه استشعرها بسهولة : انت مخبول مش طبيعي وانا مش خايفة منك
رد مراد عليها بتهكم ساخر : يبقي خافي علي اللي حواليكي حد فيهم يتأذي بسببك وتعيشي طول عمرك ضميرك بيعذبك انك كنتي سبب في اذيتهم
حدقت نسمة فيه بعدم تصديق من نبرته الواثقة ، وقالت بتساءل : انت بتهددني ازاي بالبجاحة و القوة دي!!
قال مراد كلماته وهو يقترب من وجهها ، وهو يتكئ على كل حرف ينطقه بجدية شديدة : عشان روحك بقت بتاعتي كل نفس بتتنفسيه ملكي انا وخديها مني نصيحة بلاش تستفزي جناني عليكي لانه هيوجعك اوي
لا تدري لما خارت قوة أعصابها أمام طغيان نظراته نحوها ، لكنها تيقنت الآن أنه استولى على روحها بطريقة ما ، وقد سُجنت في زنزانة مفاتيحها بيده فقط.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهرا في الصعيد
داخل منزل الحج عبدالرحمن
ذهبت إلى غرفتها بعد عودتها من الخارج مع والدتها وعمتها بعد زيارة الطبيب ، فوجدت زوجها جالسًا على الكنبة وفي يديه سيجارة كان يدخنها ، فقالت بتساءل : زين انت قاعد كدا من أمتي!!
رد زين بهدوء بعد أن أطفأ السيجارة ، حيث قام مستقيماً بظهره مشياً نحوها : خلصت المستشفي و رجعت علي طول لاقيتكو مشيتو
تطلعت روان إليه في صمت ، ثم تجاوزته وذهبت إلى المرآة وهي تخلع حجابها ، وتحرر شعرها من قيده ، حتى إنسدل برقة على ظهرها تحت نظراته عالما أنها بالتأكيد غاضبة منه الآن.
زفر الهواء من صدره بصبر وهو يمشي نحوها ، ثم وقف خلفها ، يرفع أصابعه ويمررها بين خصلها الناعمة ، وعيناه تنظران إليها من خلال المرآة ، مستفهما بلطف : رورو طمنيني عملتو ايه عند الدكتورة؟؟
نظرت روان إليه في المرآة وقالت بلوم : لو مهتم تعرف كنت جيت معانا
تنهد زين بضيق قائلا بتبرير ، وهو يقبل كتفها ويطوقها بين ذراعيه : صدقيني اكيد كنت عايز اكون معاكي سامحيني ماتزعليش مني يلا قولي قالت ايه الدكتورة؟
انزلت يديه على كتفها واستدارت لتواجهه قائلة بهدوء : ماقالتش حاجة
نظرت إليه وهي تحاول أن تكتم ابتسامتها بصعوبة على ملامحه التي بهتت بعد أن نظر إليها بعيون مشرقة بأمل ، ثم أضافت : يعني ماقالتش حاجة جديدة زي ما بسمع في المسلسلات خدي بالك من صحتك واتحركي براحة عشان مايضرش الجنين و انتي حامل في شهرين و…
قاطع كلامها وهو يميل عليها ويعانقها بسعادة ، فامسكت عنقه وحركت قدميها في الهواء وسمعته يزفر براحة وعمق قائلا بفرح : يا بنت الايه نشفتي دمي يا مجنونة مش كنتي قولتي كدا من الأول
تمتمت روان ، وأغمضت عينيها متشبثة به أكثر : سلامتك يا قلبي .. انا فرحانه اوي اوي يا زين
أنزلها بلطف على الأرض قبل أن يحتضن خديها بكلتا يديه ، وهو يقول بذهول من صدمته : مش مصدق يعني أنا هبقي بابا
زمت شفتيها قائلة بمرح طفولي : مش لوحدك انا كمان هبقي ماما
قرص طرف أنفها بلطف ، وقال بمشاكسة : احلي ماما دي ولا ايه
إبتعدت بوجهها عنه وهي تهتف به بتذمر لطيف : بطل رخامة
وافق علي طلبها وهو يغمز لها ، وقال بضحكة مستفزة : ماشي مضطر استحملك لحد ما تجبيلي ولي العهد وبعدين امرمطك بين ايديا
حدقت فيه بعيون تتلألأ باستياء طفولي ، وقالت بتحذير : يا بوختك اسكت بدل ما اكل دراعك
أومأ برأسه قائلا بخفوت و عيناه تناظرها بخبث : اهدي طيب عشان النرفزة غلط علي النونو وانا عايز ابني يطلع هادي مش مجنون زي امه
زجرته روان بإمتعاض : زييييين!!
قام بتقبيل بين حاجبيها المعقودين بلطف ، وتغيرت لهجته إلى الجدية ، بينما يسير معها نحو الأريكة : خلاص يا روحي بهزر معاكي تعالي اقعدي هنا
تساءل زين بعد قليل من صمتها الذي طال منذ جلوسهم : مالك مضايقة ليه دلوقتي؟
نظرت له بإبتسامة وهي تقول بخفوت : مش مضايقة انا بفكر يا زين
طالعها بحنان قبل أن يردف بحيرة : في ايه يا روحه!
فركت يديها في بعضهما بتوتر طفيف ، وهي تجيب علي سؤاله : متلخبطة شوية يعني خلاص فاضل اسبوع بس علي الامتحانات و بعديها هننقل مصر ازاي هقعد لوحدي في مصر وانا في بداية حملي!!
تنهد زين بارتياح وهو يقول بهدوء ، بينما كان يمسك أصابعها التي كانت تفركهما بتوتر : ممكن ناخد الامور واحدة واحدة
أردف وهو يشير علي سبابتها : الأول امتحاناتك دي سهلة هتذاكري وانتي علي السرير هنا و كل طلباتك هتكون عندك
ثم أضاف وهو يمسك إصبعها الأوسط قبل أن يقبل راحة يدها بلطف : تاني حاجة السفر .. انا قولتلك ان مش قبل شهرين هنسافر .. يعني هتكوني دخلتي في الشهر الرابع وفترة التعب بتاع أول الحمل عدينا منها ان شاء الله وثالثة حاجة بقي انا هتفق مع ماما تسافر تقعد معانا لحد ما تولدي بالسلامة عشان ماتحسيش انك لوحدك
حملقت فيه قبل أن تسأله ببراءة : طيب و امي بقي مش هتسافر معانا برده!!
قمع ضحكته التي تسللت إلي فمه بصعوبة قبل أن يقول بهدوء : لا طبعا يا قلبي ممكن تسافر بس في حالة من الاتنين يا تتطلق من ابوكي يا تترملي انتي وتفقديني لانه مش هيرحمني
ضحكت بصوت عالٍ على ما قاله ، وهو يشاركها ضحكاتها ، ثم اقتربت منه بسرعة وهي تعانق رقبته بلطف ، لتهمس بحب : انا بحبك اوي يا زين ربنا يخليك ليا
زاد من ضمها بين ذراعيه ، وهو يتمتم بخفوت : وانا يا روح قلبي بموت فيكي يا ام عبده
خرجت من حضنه ، لتهتف بذهول : عبده مين!!
ضرب مؤخرة رأسها بخفة وهو يقول : ابننا يا بت هنسميه عبدالرحمن
زمت شفتيها المغرية قبل أن تنطق بتفكير : ماشي بس افرض جت بنت
همس زين بحنان قبل أن يلثم شفتيها بخفة : ومالو البنات حلوة برده كل اللي يجيبه ربنا رضا حبيبتي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عصرا في شركة البارون
: ماجدة
تطلعت فيه بدهشة قائلة بإبتسامة صافية : ايوه يا يوسف
تسائل يوسف ببعض الحرج : كنت عايز اسألك اخبار نسمة ايه دلوقتي!!
ردت ماجدة ببساطة : هي بخير الحمدلله روحنا عندها البيت انا والبنات امبارح و باركلنالها علي الخطوبة
أومأ لها يوسف قائلا بهدوء : ايوه تمام يا ماجدة شكرا
ماجدة : العفو
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
داخل مكتب كارمن
هتفت كارمن بفرحة وهي تتحدث في الهاتف : الف مبروك يا حبيبتي
روان بإبتسامة : الله يبارك فيكي يا روما قولت ابلغك بالخبر طازجه علي طول زي ما وعدتك
إبتسمت كارمن قبل أن تقول بتحذير حنون : خدي بالك من نفسك وبطلي شقاوة وتنطيط خلاص هتبقي ام
ضيقت عينيها وقالت بتعب : الجملة دي سمعتها كتير منهم كلهم انا مش قادرة اصلا اتنطط يا اختي
كارمن بإبتسامة : معلش يا حبيبتي لازم الفترة الاولي تستريحي
عبست روان قليلا ثم قالت بخفوت : امتحاني بعد يومين يا كارمن وانا متوترة جامد
طمنئتها كارمن قائلة بهدوء : انتي ذاكري كويس وهتعدي ان شاء الله بلاش افكار سلبية
هتفت روان بحماس فجأة كأنها تذكرت شيئا : حاضر صحيح انتي ماشوفتيش الحرب اللي قامت بين سكان البيت هنا من شوية
كارمن بتساءل : حصل ايه!!
أجابت روان بتفسير : ماما لما عرفت ان عمتي هتيجي معانا مصر مسكت في زين وقعدت تعيط عشان هنسيبها لوحدها بس بابا حل المشكلة بذكاء
كارمن بفضول : عمل ايه؟
روان بعدم فهم و حسرة : معرفش والله هو اخدها وطلعو فوق نزلت بعد شوية مغيرة رأيها ومن ساعتها هتجنن واعرف قالها ايه محدش راضي يقولي
خرجت من كارمن ضحكة عالية علي كلماتها قائلة بأنفاس لاهثة : يا بت بطلي حشارية
روان بعناد : مش هسكت قبل ما اعرف اصورلهم جناية وبرده هعرف
ثم أضافت بجدية : سيبك انتي عاملة ايه طمنيني عليكي وعلي صحتك بتاخدي دواكي
ردت كارمن بهدوء : الحمدلله منتظمة فيه زي الدكتور ما قال وكل فترة بروح اعمل تحليل عشان اعرف النتيجة
روان بطيبة : ربنا يكرمكو بالذرية عن قريب يا قلبي
كارمن بإبتسامة : امين يارب انهاردة عندنا ميعاد عند الدكتور هنروحلو بعد .. شوية اقفلي دلوقتي ادهم جاي شكلو هياخدني اهو ونروح
روان بسرعة : ماشي ابقي طمنيني سلام
كارمن : باي
دخل أدهم المكتب قائلا بإبتسامة : ايه يا مزتي
قامت من علي كرسيها ، وهي تمشي نحوه قائلة بمرح : لو سمحت احنا في مكان شغل مديري لو سمعك هيذبحك
قبلها علي خدها بحنان قائلا بهدوء : وحشتيني يلا عشان مانتأخرش
كارمن بإبتسامة : حاضر حبيبي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب مراد
دخل حاتم المكتب ووجده واقفا أمام النافذة الواسعة بصمت ، فخرج زفير غاضبًا منه ، وقال ساخرًا : كنتو موطيين صوتكو ليه!! في خمس ست موظفيين ماسمعوش كويس .. اصواتكم كانت مسمعة في الشركة كلها يا بني ايه دا!!
نظر إليه وكان فمه مثل خط مستقيم من كتمه بشدة لسخطه ، ثم قال بضيق : انا لو هتشل هيبقي بسببها قربت أتجنن خلاص
حاتم بسخرية : مين اللي رماك علي المر!!
ثم أردف بجدية : اوعي تفتكر للحظة واحدة يا مراد إنك هتكسبها بالشكل دا كل ما تقسي عليها كدا هتعاند معاك اكتر
نظر مراد له بملامح حائرة قائلا بتساءل : اعمل ايه معاها يعني؟
هز رأسه بعدم تصديق ، وقال بإستنكار : ليه محسسني انك مراهق ولا اول مرة تتعامل مع بنات يا مراد!!
أومأ له مراد ، وقال بقلة حيلة : انا بكون كدا بالظبط معاها مش بعرف اتحكم في نفسي
صاح حاتم بحزم قبل المغادرة حيث سئم غضب مراد المفرط : اسمع انت هببت الدنيا وانت اللي هتصلحها قدامك بالكتير الصبح .. يلا سلام انا هروح علي شغلي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند الطبيب
تحدث الطبيب بهدوء ، وهو جالس خلف مكتبه ، وأمامه أدهم وكارمن : احنا بقالنا فترة ماشيين علي العلاج وانا شايف في التحاليل المرة دي أن في تحسن كبير جدا عن الأول
تومضت نظراتهم عليه بأمل ، وقالت كارمن بحذر : حقيقي يا دكتور
أومأ لها الطبيب برأسه متسائلا : ايوه انتي لسه بتجيلك اعراض الدوخة والصداع زي الاول
نفت كارمن على الفور : لا خالص راحو بقالهم مدة كبيرة
الطبيب بجدية : تمام كدا عايزك تستمري علي العلاج والميعاد الجاي لينا زي ما هو
أدهم بهدوء : تمام يا دكتور
كارمن بإبتسامة : شكرا لحضرتك
الطبيب ببشاشة : العفو ربنا يشفيكي قريب يا بنتي
★★★
أمام المستشفي
قال أدهم وهو يسير معها نحو السيارة ، ملاحظًا ابتسامتها : شايف التوتر اللي كان ملازمك وجايين في الطريق اختفي
نظرت كارمن إليه بإبتسامة مشرقة ، ثم تنهدت براحة قائلة بصدق : بعد ما سمعت كلام الدكتور انهاردة حاسة أن ربنا هيكرمنا عن قريب ان شاء الله بقيت متفائلة اكتر
قبل جبينها بحب قائلا بإبتسامة : يارب يا روحي وهقولهالك تاني انتي وملك عندي بالدنيا
غمغمت كارمن بحب : ربنا يخليك لينا حبيبي
قال أدهم مقترحا بلطف : طيب بمناسبة ان مزاجك راق ايه رأيك نطنش رجوعنا للشركة ونروح نتغدي في أي مكان
أومأت كارمن برأسها وهي تشعر بأن شهيتها مفتوحة : ماشي بس ناكل سمك
ضحك أدهم قائلا بمزح : مايضرش نديها فسفور
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ليلا في منزل شاهين
جلست نسمة في غرفتها بعد أن تعشت مع والدها وتحدثت معه قليلاً كالمعتاد ، لكن عقلها كان شاردا في مكان آخر ، تفكر في تلك الرسالة التي تلقتها على هاتفها من رقم غريب ، ولكن من كلمات المرسل التي اقتحمت قلبها دون جهد ، عرفت من هو على الفور.
نظرت نحو الهاتف ثم التقطته ، وفتحت الرسالة للمرة التي لا تكن تعلم عددها ، ثم قرأتها مجددا.
“إِحْتَدَمَت بعينيَّ جمرة الغيرة ولم تنخمد ، لأن حبك جعلني إنسانًا ملتهب بنار مشتعلة ، ولا أبالي إن أحرقتني بها ، ولن أعتذر عما بدر مني ، لأني مغرم بك بروحي وكياني ، وهذه طريقتي المجنونة في التعبير عن حبي فلا تغضبي منها ، بل إحتويها بقلبك ، الذي هو بالنسبة لي بيتي ، ووطني ، ومأمني لبقية حياتي”.
“الوقح”
ظهرت ابتسامة صغيرة على شفتيها قبل أن تغلق الهاتف وتضعه على جانبها ، ثم استلقت على السرير حتي تنام ، وهي تكرر هذه الكلمات مرارًا وتكرارًا في ذهنها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في اليوم التالي
داخل شركة البارون
مكتب نسمة
تفاجأت بدخوله الهادئ ، وقد اصابها التوتر عندما تذكرت كلمات رسالته متسائلة بدهشة : انت ليه جيت هنا؟
أجاب مراد ببساطة ، ليجلس أمامها متكئًا بشموخ علي الكرسي : بردلك الزيارة علي فكرة انا بشرب القهوة علي الريحة
تمتمت نسمة بإستنكار : انا ماسألتكش!
ظهرت ابتسامة ساخرة على فمه ، قائلا ببرود : عيب انا ضيفك فين كرم الضيافة!!
قلبت نسمة عيناها بتفكير ، لتسبل جفنيها نحو الأوراق علي طاولة مكتبها ، قائلة بجدية كاذبة : دا مكان شغل مش كافيه
سأل مراد مقررًا تغيير الموضوع بشكل جذري : انا لحد دلوقتي معرفتش ليه كنتي متنكرة في شخصية كارمن؟
فوجئت بتحويله المفاجئ للكلام ، لكنها اجابت بما حدث بالضبط لكي تغلق هذا الموضوع تماما : الموضوع ماكنش كدا ابدا .. دي كانت فكرة استاذ ادهم عشان يتجنبو الصحافة مش اكتر وانا كنت بساعدهم
أومأ بخفة وقال بإبتسامة صغيرة : ماشي لما إتنين يكونو زعلانين .. الغلطان بيعتذر و الموضوع بيخلص
نظرت نسمة إليه بعد أن تشكلت عقدة بين حاجبيها ، وقالت بعناد : انت اللي غلطت الأول وكنت وقح معايا
زفر مراد بضجر قائلا بضيق : يوووه وانتي يعني لسانك دا ماطولش عليا .. نسمة مش هنفضل نلف وندور علي بعض
حاولت أن تخرج عن اطار ذلك النقاش ، وقالت بينما ترمش بإضطراب : لو سمحت احنا في مكان شغل و ماينفعش تفضل قاعد كدا
ابتسم بجانبية ، متفهمًا ما كانت تحاول القيام به هروبا منه ، فقال بهدوء ممزوج بالاصرار : مهما تحوري أنا مش هتحرك من هنا ومابيهمنيش المكان طالما عايز اكون معاكي هكون حتي لو روحتي اخر الارض
لا تعرف لماذا هز هذا الكلام كيانها ، وجعلها أكثر انجذاباً إليه بدلاً من نفورها منه ، لكنها جمعت بعض الأوراق بشكل عشوائي ، لتقول بسرعة : انا عندي اجتماع مهم دلوقتي ومضطرة اروح وانا اسفة لو الكلمة دي هتخليك مبسوط اديني قولتها
وقفت من علي كرسيها ، لتتحرك من خلف المكتب سريعا ، لكنه وقف أمامها مسرعاً مانعاً إياها من المغادرة ، وقال بينما ينظر في عينيها بعمق : لو تقفي وتسمعيني بدل ما تهربي مني انا هكون مبسوط بجد
عضت علي شفتيها بتوتر يغزو جسدها من قربه ، وقالت بنبرة مرتجفة : مافيش .. حاجة تتقال اكتر من كدا بينا .. كان سوء تفاهم سخيف واعتذرت عنه ومش عايزاك تعتذرلي حتي
رد عليها بجدية لكن نبرته كانت حنونة : ماتيجي نبطل استعباط و لف و دوران علي بعض .. انا خطيبك وكلها كام يوم وهيتكتب كتابنا يبقي ليه البرود اللي بتعامليني به دا؟
أرادت أن تهرب من نظراته العميقة ، ووجوده الطاغي علي قلبها وحاولت أن تتجاوزه لكي تهرب منه حقًا ، لكنه كان أسرع منها.
أمسكها من كتفها هذه المرة ليمنعها من التحرك ، والابتعاد عنه إطلاقا إلا إذا أراد ذلك ، متسائلا : رايحة فين!!
قالت بتلعثم وارتباك شديد : اا لو سمحت مايصحش تمسكني كدا احنا في مكان شغل
تحرك نحوها خطوة إلى الأمام ، فتراجعت خطوة إلى الوراء بتلقائية ليكمل ماشيا على نفس الخطوات الهادئة ، بينما هي تتراجع مع كل خطوة منه حتى اصطدم ظهرها في باب المكتب ، ليحتجزها بين ذراعيه التي رفعهما يسند بهما علي كلتا الجانبين حولها ، ثم بعد ثوانٍ ، تتبعت حدقتيها يده اليمنى التي انحرفت من جانب ذراعها حتى وصل إلى المقبض المعدني ، وحرك المفتاح الموجود في الباب من الداخل حتى أغلقه ، ليحدجها بنظرة التحدي ، قائلا بجمود هادئ : محدش دلوقتي يقدر يدخل هنا ولا انتي هتروحي أي مكان قبل ما نخلص كلامنا
هتفت بإستماته ضعيفة : مافيش كلام بينا لو سمحت كفاية لحد كدا
زجرها قائلا بنفاذ صبر : ايه اللي كفاية انا هبقي جوزك ومش عارف اتكلم معاكي كلمتين علي بعض
حدقت فيه بقوة متصنعة ، لتقول بجدية : ومفيش حد بيتجوز حد و هو مايعرفوش انا وانت مانعرفش بعض كفاية عشان نرتبط حتي مش نتجوز
ضيقت عيناه عليها ، حيث استفزته بكلماتها قليلا ، ليقول بغضب : وانتي كنتي استفادتي ايه من معرفتك سنين لخطيبك السابق وفي لحظة غدر بيكي و خانك
اتسعت عيناها عليه بدهشة وهي تتساءل : انت عارف..ازاي!
خفض بصره يفكر قليلا في إجابة ، ثم حدق فيها بنظرات غريبة قائلا بهدوء : كل حاجة عنك انا عارفها و هتجوزك يا نسمة و وقتها بس هتعرفيني كويس .. فكري في كلامي شوية وانا خلاص مش هزعجك لحد يوم كتب الكتاب انا وباباكي اتكلمنا في التفاصيل وهو هيبلغك بنفسه لما تروحي
أنهي كلماته تزامنا مع فتحه للباب بالمفتاح ، ليغادر في غمضة عين ، وتركها تتخبط في أفكارها بتشتت أكبر ، لكنها مع ذلك كانت سعيدة ولا تعرف سبب تلك السعادة ، لكن خفقات قلبها كانت تصرخ شوقًا مطالبة بقربه مرة أخري.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد قليل
في مكتب نسمة
دخل يوسف المكتب كإعصار من الغضب ، صائحاً بحدة : بقي هي الحكاية كدا!
تفاجأت عندما دخل يوسف دون استئذان وبكلماته المبهمة ، لتجز على أسنانها وقالت بانزعاج : انت داخل بالشكل دا ازاي .. في حاجة اسمها اصول لازم تخبط علي الباب قبل ما تدخل!!
أجاب عليها بفظاظة ، وهو يضرب بكفوفه علي سطح المكتب : والله ولما انتي بتفهمي في الاصول كنتي بتعملي ايه مع استاذ مراد اللي معرفش ظهر منين فجأة و قافلين الباب عليكم في الشغل
فغرت فاهها بصدمة ، وهتفت بإستنكار : انت اتجننت ايه الهبل اللي بتخرف به دا
زفر بقوة مطلقا الهواء المنحبس في صدره قبل أن يقول بغضب : عايزاني اكون عاقل ازاي بعد اللي شوفته دا و اللي حصل في المستشفي و موضوع خطوبتكم المزعومة دي مادخلتش عليا و حالا لازم تفهميني كل حاجة
أخذت نفسًا عميقًا حتي تهدأ قليلا ، لأن الغضب لن يحل الأمور ، ويكفي هروبا من المواجهة كما قال مراد ، فاستخدمت كل قواها لضبط نفسها ، وقالت بنبرة هادئة : اتفضل اقعد
نظر إليها بانشداه ، لكنه صمت على مضض وجلس لسماعها.
اردفت نسمة بنفس النبرة ، وهي تنظر إليه بوجه صارم : انت مش عدوي يا يوسف لكن ماينفعش تلومني .. انا فقدت الثقة فيك بعد ما خذلتني و اهانتني خليت نظرات الكل ليا مليانه عطف و شفقة و شماته بعد الشركة كلها عرفت .. دا خلاني نفرت منك اكتر
سحبت الهواء إلي رئتها بهدوء مكملة حديثها بثقة : انا اعتبرت ان دي مجرد تجربة في حياتي .. سعيت فترة طويلة عشان اعدي منها بصعوبة وحاليا انا بحب انسان تاني..
قاطع يوسف جملتها قائلا بسرعة : لا يا نسمة انتي بتهربي مني و عشان كدا وافقتي عليه
لا تعرف سبب زيادة دقات قلبها عندما اعترفت بتلك العفوية بحبه ، لكنها وجدت قلبها هو الذي لا شعوريًا يخرج منه هذه الكلمات.
صرفت عنها تلك الأفكار مركزة نظراتها علي يوسف ، وقالت بإصرار : لا عشان اللي بيحبني دا عينه مليانة بيا حتي لو بيتعامل مع مليون بنت بس مش هيتخلي عني عشان نظرة من وحدة تانية
اكتسي وجهه الحرج ، وهو يشيح بصره بعيدا عن نظراتها بينما كانت صامتة ، تشعر أنها لا تريد إطالة هذه المحادثة أكثر من ذلك ، وأردفت بتنهيدة : انا قولت اللي عندي وانت متأكد ان قرار جوازي مالوش اي علاقة بيك .. انا وانت انتهت خطوبتنا قبل ما اشوفه او اعرفه .. الإحساس اللي كنت بحس بيه ناحيتك اختفي من وقت طويل .. واكيد انا مش هوافق عليه اذا مش واثقة اني بحبه
مدت يدها إليه لتصافحه ، قائلة بابتسامة هادئة : ربنا يرزقك باللي تسعدك و تكون نصيبك
تجاهل ما قالته وهو يصافحها ، ​​ويقول بعيون كانت تتلألأ منها الألم والحزن بعد أن شعر حقا بحبها لهذا الشخص : ماشي يا نسمة صدقيني خلاص مش هضايقك تاني بكلامي و متأسف علي اللي قولته
★★★
عند مراد
أغلق الهاتف وابتسامة عريضة على شفتيه لم تفارق وجهه ، وهو يستمع إلى كلماتها الرقيقة عنه ، متذكراً عندما رأى يوسف واقفاً في زاوية أمام باب مكتبها عندما قابله بالخارج قبل أن يدخل عندها ، فتعمد إغلاق الباب ورائه حتي يستفزه وأيضا حتي يتحدث معها بأريحية ، ثم عندما كانت الآخري تعبث في أوراقها بتوتر ، ترك مراد أحدى هواتفه على المنضدة بعد أن أجرى مكالمة لنفسه ، لأنه كان متأكداً من أن ذلك اليوسف سيأتي إليها بعد أن يغادر.
همس مراد لنفسه بعشق ازداد بعد سماعه لاعترافها بحبها له ، أثناء تشغيله لمحرك سيارته ، ليقودها بعد أن كان يقف أمام الشركة يستمع لما حدث منذ فترة في مكتب نسمة : كنت ناوي اعلمك درس يربيك لكن واضح أني حبيت قطة شرسة بتقدر تاخد حقها بإيديها ودي اكتر حاجة عجباني فيها
★★★
عند نسمة
بعد أن تركها يوسف جلست شاردة الذهن ، لكنها لاحظت وجود هاتف على المنضدة الصغيرة أمام مكتبها.
همست بصوت منخفض تكلم نفسها بدهشة : ايه دا هو يوسف نسي تليفونه هنا ولا ايه!!
نهضت لأخذه عازمة على نداء ممدوح حتى يتمكن من توصيل الهاتف إليه ، لكنها تذكرت أنها رأت هاتف يوسف من قبل ، وكان مختلفًا عن ذلك الهاتف ، فأضاءت شاشته بلا مبالاة.
اتسعت عيناها من الصدمة عندما رأت صورتها في حفلة تنكرية قد تم تعيينها كخلفية لهذا الهاتف.
عضت علي شفتها بفضول ، لتفتح قفل شاشة الهاتف ، وهي تنظر إلى الصور الموجودة في المعرض.
رمشت في ذهول عندما أدركت أن هذا هو هاتف مراد من مجموعة الصور له في مناطق مختلفة على البحر ، وفي مناطق جبلية في كثير من البلدان.
إرتسمت ابتسامة غاضبة على شفتيها ، وهي تري بعض صور فتيات يرتدين ملابس السباحة معه على الشاطئ ، لا إراديا شعرت بالغيرة تنهش في قلبها منهم ، ولكن رغماً عنها لم تستطع منع الابتسامة السعيدة التي تسللت إلى ثغرها الوردي بعد أن نظرت مجددا إلى خلفية هاتفه.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ليلاً في قصر البارون
جلس أدهم بجانبها على الأريكة ، وهي جالسة تشاهد التلفاز باهتمام ، ثم شعرت به وهو يضع رأسه فى حجرها ، ويمسك بيدها ويضعها في شعره ، حيث أوصل لها رسالة صامتة باللعب فيه ، لتغمر أصابعها مستمتعة بنعومته ، وتداعبه برفق دون الحاجة لسؤاله.
أغمض أدهم عينيه بتعب ، وتنهد مسترخيًا للغاية قبل أن يتمتم : اوووه ايه الراحة دي؟
ضحكت كارمن علي منظره اللطيف قائلة بمزح : اخدت انت علي الدلع بزيادة
نظر لها بعين واحدة وقال بتذمر : واحد وبيدلع علي مراته حبيبته عادي
همهمت بإبتسامة مرحة : ماشي يا سي دومه من حق الجميل يدلع
غمز لها بمكر متسائلا : هي الأمورة بتعاكس؟!
أجابت بشقاوة : انا عن نفسي اه انت ايه
قبل أصابعها التي علي خده مغمغما بحنان : انا بحبك ومعاكي بس برتاح .. لما بحب أهرب من الدنيا كلها بستخبي في حضنك
مررت ظهر كفها علي ذقنه ، وقالت بحب : حبيب قلبي انت
تسائل أدهم بهدوء : فين ملك؟!
ردت كارمن ببساطة : نيمتها في أوضتها من شوية
قال أدهم بإبتسامة : قشطة نايميني انا كمان
قوست شفتيها بحزن مزيف وقالت بصوت خافت : يا حسرة عليا بقيت دادة ليكو
أرسل لها قبلة في الهواء ، بينما كان رأسه في حجرها ، وينظر إليها بحنان قائلا بابتسامة : انتي الحب والحنية كلها
قرصت خده بخفة قائلة بمرح : بكاش اوي
زفر الهواء من صدره وقال بهدوء : مراد كلمني انهاردة اتفق مع ابو نسمة علي ميعاد كتب الكتاب
سألته بإندهاش : بسرعة دي البت لسه قايمة من عملية!!
أجابها بمزح وهو يضحك علي دهشتها : اعتقد كدا انه اداها حقنة بنج وخايف تفوق منها قبل ما يتجوزها
ضحكت بقوة علي كلماته قائلة من وسط ضحكتها : دي انصدمت اكتر من صدمتي انا شخصيا لما عرفت انه ابن خالتي لا ولا ماشوفتش لما قرأت الجرايد اتصلت بيا تعيط
أضافت بإبتسامة هادئة : بس انا متأكدة انها بتحبه
عقد حاجبيه مستفسرًا بسخرية : ايه الثقة دي!!؟
أجابته بثقة وهي تشرد بتفكيرها : اصلها بتفكرني بنفسي بالظبط هي محتارة ومتلخبطة حاسة ومش قادرة تعترف لنفسها عشان خايفة تخسر و دا اكبر دليل انها بتحب من قلبها
ابتسم لها بحب نابع من أعماقه لترد له الإبتسامة بأجمل منها ، وهي تنحي رأسها لمستوي شفتاه ، وتطبع عليها قبلة خفيفة زادت من ابتسامته السعيدة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
يوم كتب كتاب مراد و نسمة
في غرفة نسمة
الفتيات يجلسن في غرفة نوم نسمة ، حيث ارتدت فستانها الرقيق باللون النبيتي الداكن الذي اشتريته بمساعدة كلا من كارمن ويسر التي قالت بأسي ، حالما سمعت صوتًا عاليًا من الخارج : العيال شكلهم مسكو في بعض برا انا هخرج اشوفهم
نهضت من كرسيها مرتدية فستانها باللون الأزرق الداكن الأنيق ، ومكياجها الهادئ وبطنها الحامل البارز جعل جمالها يزداد أضعافا ، فهي الآن في شهرها الرابع ، فومأت إليها كارمن وقالت بخفوت : ماشي
نظرت نسمة التي كانت مزينة وجهها بمكياج خفيف للغاية ، لكنه زادها جمالا على جمالها موجهة حديثها إلى كارمن ، متمتمة بسخط داخلي على مراد ، الذي نفذ كلماته ولم يتصل بها منذ أن كان في مكتبها وهذا جعلها تفتقده كثيرا لكنها لم تتجرأ ، لتبادر هي وتتصل به : ابن خالتك دا عليه غرور يشل يا اختي
ابتسمت كارمن قائلة بسخرية منها : نسيتي كلامك اهو ربنا حقق امنيتك وبعتلك المغرور بتشتكي منه ليه بقي!!
زفرت بقهر ، وقالت بعد أن جلست بجانبها علي الفراش بعد أن كانت تقف أمام مرآتها : عندك حق انا اللي جبته لنفسي .. عارفة اني ببقي بتنفض قدامه من هيبته بس مع كدا مطمنة .. ماجاش في بالي احتمالية الخيانة والغدر منه رغم اسلوبه القاسي معايا شوية بس هو حنون برده مش هنكر انا حقانية
اومأت لها كارمن برأسها ، وقالت بتأكيد راسمة علي شفتيها ابتسامة جميلة : ماهو دا الحب اصغر التفاصيل المتناقضة بتحبيها فيه و بتوترك منه في نفس الوقت
زمت شفتيها بتهكم ، وقالت بسخرية : ربنا يطمنك يا اوختشي
قامت كارمن من علي الفراش ، لتقول بضحكة : طب يلا الراجل مستني برا خلينا نخرج بقي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد قليل في الخارج
تم عقد قران مراد علي نسمة التي تجلس بجانبه في غرفة الضيوف ، بعد أن تركهم الجميع ، ليبارك العريس عروسه في خصوصية ، لكن الصمت ظل سيد الموقف حتى الآن.
سأل بعد أن تملكه الملل ، وهو يراها علي حالها : هتفضلي ساكته كدا كتير!!
ردت بهدوء وهي في داخلها تشعر بالخجل والغرابة أنها أصبحت زوجته بهذه السرعة : هقول ايه!؟
أخذ نفسا عميقا قبل أن يزفره ، قائلا بخفوت كأنه يحادث نفسه : قوليلي انتي ليه عنيدة كدا!؟
نظرت له بإستغراب من سؤاله ، لكنها ردت بصدق : دا مش عناد .. انا بس ماتعودتش حد يخليني اعمل حاجة غصب عني
إلتفت لها بوجهه ، فأصبح مقابل لوجهها مباشرة ، قائلا بإصرار رافعا وجهها بأصابعه التي مررها تحت ذقنها : يعني انتي مش عايزة تبقي مراتي بصي في عيني وقوليها كدا!!
نظرت إليه بعيون تشعان بعاطفة لم تستطع إخفاءها ، لكنها همست بصوت به بحة مميزة : في حاجة اسمها اصول لازم عشان تنول اللي انت عايزو تمشي بأصولها
أجاب مراد بإندفاع دون تردد : وانا مستعد انفذها
ابتسمت نسمة بهدوء رقيق علي موافقته ، وهي تشيح ببصرها عنه بخجل متوهج من قربه منها ، فقال بابتسامته الجذابة : افهم من كدا اننا اتصالحنا يا نوسه!!
حملقت فيه بغيظ ، لتهتف بعفوية : انا مبحبش حد يقولي نوسه
غمز مراد لها بمكر جعلها تخفض بصرها بخجل قائلا بهمس : بس انا جوزك مش اي حد
أنهي كلماته تزامناً مع إخراجه شيئًا لامعاً من جيب بنطاله ، جعل عينيها تتسعان بدهشة حقيقية ، وهي تلتقطه من يده بخفة ، وقالت متسائلة : ايه دا سلسلتي .. لاقيتها فين؟؟!!!
فرك أرنبة أنفه بخفة قائلا بهدوء : اقولك من غير ما تتنرفزي
أومأت بقوة كالأطفال وهي تهتف بإهتمام : مش هتنرفز انا يلا قول
تمتم بهدوء وهو يفرك مؤخرة رأسه بحرج طفيف ، لأنه في المعتاد لا يتعرض لهذه المواقف مطلقا : وقعت منك يوم حادثة الخطف وفضلت معايا من يومها
اقتربت نسمة منه بعفوية من فرط سعادتها وقبلت خده ، ثم ابتعدت عنه بابتسامة تقلصت تدريجياً ، حيث رأت عينيه الزرقاوتين ، اللتين انعكس فيهما لون الغدير ، تأسر عينيها الخضرتين اللامعتين.
في تلك اللحظة ، أدركت ما فعلته ، فإنصبغ خديها بحمرة الخجل وهما يشعان حرارة ، لكنها لم تندم على ما فعلته من شدة فرحتها هامسة بتبرير ناعم : شكرا يا مراد دي كانت أخر ذكري من ماما وكنت زعلانه اوي عشان ضاعت مني
ابتسم لها بحب واضح من نظراته المشرقة نحوها ، وداخله شعور بسعادة كبيرة من نطقها بأحرف اسمه بتلك الرقة المفرطة الذي اتسمت به منذ أن رآها لأول مرة ، قائلا بعفوية : تعرفي اني حبيت اسمي مخصوص لما خرج من بين شفايفك و بقيت مبسوط عشان قدرت افرحك واشوف ضحكتك
وقف مراد من مقعده ، وتحرك باتجاه باب الغرفة حتى يخرج فإتبعت هي خطواته بتلقائية ، لكن فجأة توقف مكانه مستديرا نحوها ، وسحبها من خصرها بيد واحدة حتى التصق جسدها بصدره ، ووضع يده الأخرى على خدها وقبل أن تترجم ما كان يخطط له.
كان يقبلها بعاطفة جياشة ، يبث فيها مشاعره العميقة تجاهها ، بينما تجمد جسدها بين ذراعيه للحظة ، ساكنة في مكانها بصدمة هائلة من هجومه عليها ، بعد أن شعرت أن توازنها اختل ، ولولا ذراعه حول خصرها ، كانت سقطت على الأرض.
حاولت التملص منه ، لكن يدها اليمني تجمدت في الهواء عندما رفعتها لدفعه بعيدًا عنها ، لكنها لم تستطع ان تبعده لأنه كان أسرع منها حيث أمسك يدها في قبضته ، وقيدها على صدره وهو يميل نحوها ، ضاغطا بجسده على جسدها أكثر بعد أن شدد قبضته الآخري على خصرها ، ، مما سمح له بالتعمق أكثر في تقبيلها ساحقًا أي مقاومة أخرى لها.
أرادت الهروب منه ، وهي يعتريها الخجل الشديد مما يحدث ، لكن جسدها وقلبها الصاخب أعلنا التمرد على عقلها العنيد ، واستمتعت باحتضانه رغم إرادتها.
أغمضت عينيها في استسلام حيث شعرت بصاعقة كهربائية خدرت جسدها بالكامل ، و تغيبت تمامًا عن هذا العالم أمام الشعور الغريب الذي اجتاح جوارحها بقوة ، ولكنه مع ذلك شعور ساحر جدًا تختبره للمرة الأولي في حياتها جاعلا قلبها يترنح بسعادة.
بينما كان مراد يحلق بسرور في سماء عشقه ، يقبلها بكل لهفة وحب و شغف ، مدمجاً في قبلته الأولي لهم كل مشاعره التي داهمته وأرهقته طوال المدة الماضية ، فهي الآن زوجته دون قيد أو شرط ، ولا يستطيع أن يمنع نفسه عنها ، بعد أن رأى قبولها له واضحًا في عينيها المتلألئة.
ابتعد عنها قليلا ، هامسا بأنفاس لاهثة ، بينما كانت جفونه منسدلة : جهزي نفسك لاكتشافات كتير عني الفترة اللي جاية .. اولها اني جريئ اوي ومابيهمنيش حد .. اذا ماردتيش عليا لما اتصل بيكي قبل ما تنامي هجيلك الصبح الشركة واحرجك بالشكل دا انا مجنون
فتح زرقاوتيه محدقا في وجهها المشع توهجاً بإحمرار طبيعي لطيف زاد جمالها ، وعيناها مغلقة بقوة من شعورها بالإحراج الشديد بعد إنجرافها معه في عاصفة المشاعر اللاهبة منذ ثوان.
إبتسم بخفة مردفاً بجوار أذنها : وحاجة أخيرة مفيش حفلات هتروحيها متنكرة تاني الا معايا انا وبس!!
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في سيارة أدهم بعد أن غادروا منزل شاهين
قال بإبتسامة بينما كانت عيناه موجهة علي الطريق : انتي جمعتي عصافير حب جداد
ضحكت بخفة قائلة بمرح : نسمة قالتلي كدا
ثم أردفت بهمس خافت كأنها تحادث ذاتها : بس عارف انا يعني زي اي بنت نفسها تحب و تتحب .. مش هكذب عليك انا كنت راضية بحياتي الهادية قلبي ساكن مابسمعش صوته
أضافت وهي تنظر له بحب : لحد ما انت دخلت حياتي بقي بيدق كتير علي طول بقيت ببص للحب بنظرة مختلفة وعايزة نسمة كمان تعيش الاحساس دا هي طيبة وتستاهل تلاقي حد يحبها بجد
قبل يدها بلطف و هو يقول بتساءل : تفتكري ابن خالتك دا بقي حب حياتها؟!
ابتسمت بإتساع وقالت بنبرة عميقة : مين عارف القدر دايما بيجمع ابعد اتنين عن بعض وفجأة يلاقو نفسهم مايقدروش يستغنو عن بعض
نظر لها من زاوية عينه التي علي الطريق أمامه ، وقال بإستفهام : كأنك بقيتي بتكلمي عننا فجأة!!
أومأت إليه بخفة وقالت بتأكيد : دي حقيقة تعرف اني لما بكلم في اي موضوع مع أي حد بلاقي نفسي من غير ما أحس شيفاك انت وبكلم عنك انت
وضع ذراعه خلف كتفها وجذبها نحوه ، ثم قبلها برفق في شعرها قائلاً بابتسامة : بحبك
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور عدة أيام
داخل منزل مراد القديم
دخل معها بعد أن أقنعها بالحضور معه إلى هنا ، فقد قرر أن يخبرها بنفسه عن كل شيء مر عليه في حياته السابقة.
تحديدا في ذلك المكان الذي يحتوي علي ذكريات كثيرة وعميقة ذات قيمة هائلة له ، وحتي يمكنه أن يفرغ ما في قلبه دون خجل أو إحراج حتي يجعلها تختار أما الاستمرار معه أو تركه.
رغم أن ذلك صعب عليه لأنه أحبها بشدة ولا يستطيع تقبل فكرة التفريط فيها ، لكنه لا يريد إجبارها على فعل شيء لا تريده بكامل حريتها.
سألت بنوع من الخوف ظهر في نبرتها المهزوزة بعض الشيء : انت .. ليه جبتني هنا!!؟
ألقى بمفاتيحه على الطاولة أمامه في أهمال ، أثناء ما كان يجلس على الأريكة وقال ببحة مرهقة : مش كنتي عايزة نمشي بالاصول و تعرفي عني كل حاجة اقعدي واسمعيني وقتها هتفهمي جبتك هنا ليه!
جلست بجانبه بهدوء عندما شعرت بالإرهاق الذي كان واضحًا عليه من نبرة صوته المتعبة
تحدث بنفس الهدوء دون أن ينظر إليها موجهًا عينيه نحو الفراغ : اسأليني اي سؤال وانا هجاوب
سألت بصوت خافت : دي شقة مين!!؟
نظر بحزن حول المنزل بأثاثه العتيق قليلاً الذي لم يتغير منذ وفاة والديه ، وأجاب بجمود : دا البيت اللي اتولدت فيه انا واختي بين ابويا وامي الله يرحمهم
اتسعت عيناها بصدمة مما قاله ، لكنها سرعان ما وضعت هذه الصدمة جانبًا عندما سمعته يستأنف حديثه : جبتك هنا عشان دا المكان الوحيد اللي بستريح فيه
تمتمت بإستفهام : هما ازاي اتوفوا!!؟
بدأ يخبرها بكل شيء عن عائلته الهدوء والحزن يخيم علي المكان حولهما.
★★★
مسحت الدموع التي كانت تنهمر على خديها بغزارة ، بينما كان قلبها ينقبض حزنًا على قسوة القدر الذي عاني منه ذلك الصبي الصغير.
أردف بتنهيدة بينما كانت متشكلة عقدة بين حاجبيه بقوة : اللي عملته كان تهور وغلط اكيد .. انا اللي زرعت الشرطة اصلا وسطهم عن طريق رجالة ليا .. في الاول كنت عايز انفذ انتقامي منهم بعد قتلهم لأبويا وامي واختي بأي طريقة حتي لو غلط .. لكن حاتم ماسبنيش اعمل كدا و اتفق مع الشرطة عشان يتعاونو معانا
نظر لها بحنان مكملا حديثه : عارف انك دلوقتي خوفتي وقلقتي علي نفسك مني .. لكن انا وعدت باباكي يوم كتب كتابنا اني هفديكي بروحي عارف
تطلعت فيه بصدمة قائلا بصوت مبحوح : بابا كان عارف كل دا!!
أومأ بخفة و أجاب بصدق : طبعا يا نسمة لما طلبتك منه حكيتلو كل حاجة وانتي متأكدة ان عمره ما كان هيوافق لو مش واثق من كل حرف قولته
هزت رأسها بإقتناع وقالت بهدوء : ايوه عارفة
زفر الهواء من صدره بصوت عالٍ ، متأملاً صورة والديه معلقة على الحائط.
وجهت عينيها إلى حيث كان ينظر ، ثم قالت بتأمل أيضا : شكلهم كانو بيحبو بعض اوي
رد عليها بإبتسامة حزينة : فعلا و كانو بيحبونا جدا
ابتسمت له بهدوء ، وقالت بحزن بعد أن شردت في أفكارها قليلاً ، بينما تتلامس العقد الذي يتوسط عنقها : تعرف اني نفسي اوي امي تكون معايا يوم فرحي زي اي بنت وتدعيلي ربنا يسعدني .. اتحرمت منها بدري اوي ماكنش ليا اي ذكري او صورة معها .. انت محظوظ انك جربت حضنها
مد ذراعه بحذر وتردد ، ومرر كف يده علي شعرها بحنان قبل أن يسحبها على صدره ، فإرتمت عليه وهي تنهمر دموعها ، التي كانت تنزلق بهدوء على خديها ، مبللة معطفه الشتوي ، وهي تلف ذراعيها حول خصره بقوة ، وتغمس رأسها أكثر في صدره ، فتتحطم الحواجز بينهما ، وتعلن القلوب عن خفقاتها الصاخبة داخل ضلوعهما.
تمتم وهو يسند رأسه علي رأسها ، وهي لا تزال قابعة بين ذراعيه : انا كذاب يا نسمة
سألت بصوت مكتوم : ازاي!!
أجاب مراد مستنشقًا أريجها بعمق : معرفش ازاي هعيش وانتي مش جنبي هتعذب اوي لو بعدتي عني
رفعت وجهها العابس بلطف من فوق صدره ، وقالت بصوت مبحوح ، بينما كانت وجنتاها مبللة بحبات دموعها مع احمرار طفيف : مين قالك اني هبعد انت عايز تخليني مطلقة وانا في عز شبابي .. دا انا اموتك واترمل ولا انك تطلقني ووحدة تانية تقرب منك غيري
نظر إليها بصدمة حقيقية وقد نال كلامها إعجابه للغاية ، وسرعان ما ضحك بشدة ، ثم قال بخوف مزيف : انتي فظيعة ايه الشر دا كله!!
قالت بخفوت وهي تنظر له بحاجب مرفوع : هو دا انا اذا كان عجبك
همس لها بلطف ، وبالكاد يصدق أنها قد وافقت على الزواج منه بعد كل ما قاله ، وتنسجم معه أيضا في الحديث بذلك المرح : انتي مش عجباني .. انتي جننتيني بيكي .. فاكرة لما سألتيني في اول مرة شوفنا بعض انا مين !!
أضاف بعيون تتلألأ بعشق جارف دون أم ينتظر ردها ، بينما ترتفع دقات قلبه بصوت عالٍ في صدره ، حتى هي سمعتها بوضوح لقربها الشديد منه : ودلوقتي بقولك اني قرصان مسكين من برا صخر صلب وبارد .. بس من جوا العكس مجرد طفل يتيم مايعرفش حاجة عن ظلم وقسوة الدنيا .. عاش دايما خايف وبيدور علي الأمان ولقاه معاكي بقيتي روحي .. وانسي اصلا فكرة اني اسيبك لغيري يا تقبلي تكوني شريكة حياتي لاخر يوم في حياتنا يا هموتك واقتل نفسي بعدك
ابتلعت ريقها بصعوبة من كلماته الإجرامية التي راقت لها لا تدري السبب ، وقالت بخوف مزيف لمعرفتها من أنه لن يؤذيها في يوم ، فهو منقذها منذ البداية : لا خلاص العمر مش بعزقة نتجوز وامري لله
اتسعت عيناه بصدمة ، قائلا بحذر كأنه يريد التأكد مرة أخري مما سمعه : يعني موافقة
أومأت له براسها ووجهها يشع توهجا من الخجل دون أن تنطق.
تمتم بإستفهام : ليه موافقة؟
قالت بإنشداه بعد أن نظرت له بإستنكار : ايه السؤال الغريب دا!! بس هقولك ليه اصلي انا بحب الاكشن جدا
زم شفتيه بتعجب قائلا بحاجب مرفوع : بس كدا!
أومأت برأسها في خفة ، وهي تنهض من بين ذراعيه في حرج سيطر عليها بقوة ، قائلة بسرعة : اه و يلا بقي روحني بسرعة عشان اتأخرت علي بابا
هز رأسه استسلامًا لمزاجها المتقلب ، بينما ارتفعت ابتسامة ماكرة على شفتيه من تهربها الخجول منه ، متوعدا لها في داخله بالكثير عندما يقيمان الزفاف ، والتي أصرت على أنه سيكون بعد ثلاثة أشهر من الآن.
تمتم بصوت وصل لمسمعها ، لكنها تجاهلته : صبرني يارب
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
اليوم التالي
شركة البارون
داخل مكتب نسمة
كانت تجلس أمام مكتبها بنشاط وتبتسم بسعادة ، ثم رفعت وجهها نحو الباب ، حالما سمعت صوت كارمن المفاجئة بإبتسامة نسمة المشرقة : ايه دا!!
قالت بإستفهام : مالك؟
اقتربت منها بخطي سريعة ، وحدقت فيها عن كثب بتمعن ، وقالت بريبة : انا حاسة ان في حاجة متغيرة فيكي .. مبتسمة و وشك منور
تنحنحت ببعض الحرج ، وهي تخفض عينيها بينما تجلس كارمن على منضدة المكتب أمامها ، وتنظر إليها حتي تحثها علي الحديث : احم
أعتري كارمن الفضول فقالت بسرعة ، وهي تضربها بخفة علي رأسها : انطقي ماتهربيش
سألتها بخجل : هو باين اوي كدا
أجابت بثقة : باين من ابتسامتك ولمعة عينك شكل مراد هو السبب
أومأت بقوة كطفلة صغيرة وقالت بحماس : اخدني شقة اهلو وحكالي كل حاجة بنفسه بس محسستوش اني كنت عارفة منك حاجة انا هطير من السعادة
فتحت ذراعيها وعانقتها بحب ، لتقول بفرح : يا نهار ابيض اخيرا رضيتي عنه فرحتيني بجد
أغمضت عينيها وتنهدت بارتياح ، وهمست بسعادة غمرت قلبها : انا بحبه اوي يا كارمن ونفسي اعوضه عن كل حاجة وحشة حصلت في حياته
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد قليل في الشركة
عادت كارمن إلى مكتبها وكانت سعيدة للغاية ، وفجأة دخل أدهم المكتب ، فقالت بدهشة : حبيبي انت عندك اجتماع بعد عشر دقايق كدا تتأخر!!
رفع يده ودفع غرة شعرها برفق عن جبهتها ، قائلا بابتسامة : في دقايق تستاهل وبعدين انا رايح اهو هو في نفس الدور هنا .. بس حبيت اشوفك لانك وحشاني
تطلعت كارمن فيه بإبتسامة واسعة ، وقالت بعفوية : بحبك
اغمض عيناه متنهدا بشوق ، وقال بهمس : لما بتطلع منك كدا من غير انذار بتخطف قلبي
شبكت اصابعها خلف عنقه تتدلل عليه قائلة بتساءل ناعم : بتخطفه يعني ماكنتش خطفاه من الاول؟
ابتسم لها بمحبة مردفا بصدق متلألئًا في نظراته العاشقة لها : اسمك محفور علي قلبي ومابيقولش غير كارمن
مالت رأسها قليلاً ، وهي تحدق فيه بإنشداه ، لتغمغم بعدم تصديق : ادهم باشا شاعر كمان
عض شفتيه وهمس بتلاعب : واعجبك اوي
ضحكت بخفة ، وهي تنظر له بمكر مماثل قائلة برقة : قولي جملة تانية عشان اقدر احكم بضمير
ثبت رأسها براحة يده من خلف رقبتها ، وقطف قبلة من كرزتيها الناضجة برقة بالغة ، ثم غادر المكتب بخطوات هادئة تاركاً إياها تلهث بشوق ، ووله من شدة ولعها بهذا الرجل الذي كلما غمرها بشغفه تزداد رغبتها في المزيد منه أكثر.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور يومان
دخل مراد مكتب أدهم دون أن يطرق الباب ، فهذا أصبح روتينه معه مؤخراً ، قائلاً ساخرًا بعد أن رأى كارمن جالسة على الأريكة أمام طاولة المكتب الجالس عليه زوجها ، وهو محدقا بتركيز في ملفات خاصة بالعمل أمامه : انتي مالكيش مكتب في الشركة دي ولا مابتعرفوش تقعدو من غير بعض
هتف أدهم فيه بتذمر : هو انا خلصت من مالك عشان اتبلي بيك انت وايه اللي في ايدك دا كأننا قلبنا الشركة مستشفي
نهضت كارمن وتوجهت نحو مراد ، وعيناها تتألقان بإنبهار تجاه باقة الورد الرائعة التي كان يحملها بين يديه الكبيرتين ، متسائلة بإبتسامة : الله ايه الورد الحلو دا!!
ابتسم مراد بفخر علي ذوقه المميز ، وقال بغرور مزيف : عجبك!!
أطلقت صفيرًا بإعجاب وقالت بفضول : خطير .. دا لنسمة طبعا
أومأ برأسه لها وقال بثقة : اكيد ليها
حدقت كارمن في أدهم وهي تضيق عينيها عليه بغيظ ، وهي تتجه نحوه بخطى سريعة ، قائلة بسؤال يتغلغله العبوس : انت ليه عمرك ما جبتلي ورد يا ادهم!!
أطلق مراد ضحكة خافتة عليهم ، وقال بابتسامة شامتة ، وهو يتلاعب بحاجبيه حتي يغيظ أدهم قبل مغادرته المكتب : طيب انا هسيبكو تصفو حسابتكو سوا
هتف أدهم بغيظ بينما تعالت ضحكات الأخر بمرح : خربتها وماشي يا زفت الطين انت .. علي فكرة دي شركة مش كافتيريا للعشاق اتجوزها وخلصنا منكو
التقطت ربطة عنقه ، وسحبته منها حتى أصبح على بعد بضع بوصات فقط من وجهها ، بينما كانت أنفاسها الساخنة تلفح بشرته بحرارة خدرته قليلا مع استنشاقه لعطرها العاشق له ، قائلة بنبرة طفولية متذمرة غير منتبهة لذلك المسحور بتعبيراتها اللطيفة : انت تخليك معايا هنا سيبك منه وقولي ليه مابتجيبلش ورد!!
حاول السيطرة على مشاعره ، وهو يتطلع إليها في إنشداه بما تقوله ، ويتمتم بدهشة حقيقية من طموحها الذي أقصي مداه هو باقة ورد : اما انتي امرك عجيب اللي اعرفو ان الستات تتخانق مع ازواجهم عشان مايجبلهاش فستان عجبها و لا حتي تلاجة نفسها فيها مش عشان مابيجبش ورد
أفلتت ربطة عنقه من بين أصابعها ، وهي تستقيم في وقفتها ، قائلة بعبوس لطيف يتخلله الكبرياء بعد أن وضعت يديها على خصرها ، وطرقت الأرض بقدمها اليمنى : انا بحب الورد المفروض تدلعني وتجيبلي كل يوم ورد
عض أدهم علي شفته السفلى بمكر قبل أن يفاجئها بسحبها من ذراعها ، وأجلسها في حجره خلف طاولة المكتب ، قائلا بنبرة أجش مثيرة ، وهو يقبّل خدها المحمر بغضب : مش محتاج للورد في حياتنا عشان عندي احلي و اجمل وردة قدام عيوني و بين ايدي
نظرت إليه بصدمة ، فقد سيطر على قلبها ببضع كلمات رقيقة منه فقط ، لتهمس بهدوء من دهشتها : انت تنفع تشتغل دبلوماسي صدقني انت كنز متحرك
غمز لها بحب ، ليقول بضحكة : نبقي نفكر فيها دي
★★★
في مكتب نسمة
دخل مراد بخطوات هادئة ورآها جالسة مشغولة ببعض الأوراق في يديها ، ولذلك لم تنتبه لدخوله.
شرد قليلاً لا يعرف ما الذي يبعثر حاله حين تكون أمامه ، يصبح مثل المراهق ، لا يستطيع أن يبعد عينيه عنها ، ولا يتحكم في يديه التي تحرق شوقا حتي تلمس يديها من حين لآخر ، بينما ينبض قلبه بداخل صدره ، ويتفاقم إحساسه بالسعادة وكأنه طفلاً سعيداً بقدوم العيد.
ابتسم علي أفكاره بقلة حيلة ، فهو حقًا أمامها مثل طفل صغير ، يتصرف بشكل عفوي للغاية دون ذرة عقل أو وقار ، قائلاً بابتسامة : مساء الخير
ردت بتفاجئ وهي ترفع خضرواتيها نحوه : مساء النور
تحرك نحو مكتبها ثم إنحني قليلا لمستوي رأسها بينما يقدم لها باقة الورد ، قائلاً بلطف : اتفضلي يا جميلتي
همهمت نسمة بسعادة : كل دا عشاني
همس لها بحب : انتي تستاهلي كل الحاجات الحلوة
تنحنحت بخفة قبل أن تقول بتساءل : طيب ممكن اعرف دا كله بمناسبة ايه!!
قال بابتسامة ماكرة بعد أن ابتعد عنها ، ومشى حتى جلس على الكرسي أمام طاولة مكتبها : اني معاكي في مناسبة احلي من كدا
تمتمت بعبوس : مغرور اوي
هز رأسه لها بخفة وقال بحنو : بس بحبك اوي .. يلا ننزل نتغدي انا جعان اوي
قالت بإعتراض بعد أن عضت علي شفتيها تكبح حماسها علي فكرة تناول الغداء معه : بس عندي شغل كتير
رفع حاجبه بإستنكار وقال بعدم إكتراث : مديرك موافق و راضي
زفرت الهواء بضيق وقالت بحسرة : انا حاسة انهم هيستغنو عني بسببك انت
قهقه قائلا بإستخفاف : مش مهم .. بيتك وجوزك هيكسبوكي يا قلبي
حدقت فيه بدهشة ، وسرعان ما قالت بعناد : يعني ايه بقي!! انا هشتغل حتي بعد الجواز
قال سريعًا وهو يقف ذاهباً نحوها ، ثم أمسك بيدها وجعلها تنهض حتى رحلوا : ماشي هنشوف الموضوع دا واحنا بنتغدي .. يلا تعالي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد عدة أيام
كان جالسًا في منزل شاهين بعد أن دعاه لتناول العشاء معهم في جو عائلي دافئ أحبه كثيرًا ، ثم نهض شاهين ليأخذ دوائه ، فقالت نسمة بإبتسامة مازحة : اتفضل بقي امشي ورايا بكرا يوم طويل
مط شفتيه بحزن متصنع وقال هامسا : لحقتي زهقتي و عايزة تخلصي مني يعني
انفرجت شفتيها في إبتسامة تظهر أسنانها وقالت بنعومة : انا مابزهقش منك ابدا
حدق فيها قائلا بإبتسامة مليئة بالكبرياء : ايوه كدا ارضي غروري شوية
رفعت حاجيبها بغيظ وقالت بمكر : انت يعني ناقص غرور .. يلا خلاص بقي ادبسنا ومفيش مهرب
عبس بلطف قائلا بتذمر : ما كنتي ماشية كويس لازم تعكيها في الأخر
أردف بتهكم وهو يعقد ذراعيه علي صدره : عموما هترتاحي مني بكرا بحالو
فتحت فمها بغباء وسألت بينما اقتربت منه قليلاً بعفوية : ليه يعني؟
أكمل حديثه بجدية محاولا كتمان ضحكه متصاعدة في حلقه : هسافر اسكندرية في شحنة بضاعة في الجمارك محتاج اخلصها بنفسي وهرجع تاني يوم الصبح
حزنت قليلا لإبتعاده عنها قائلة بخفوت : علي فكرة انت مش بتتعبني عشان ارتاح منك
هتف بعدم تصديق : بجد
أومأت له بخفة وقالت بصدق : ايوه يعني بالعكس انا اتعودت علي وجودك قدامي كل يوم وببقي مبسوطة لما بتيجي الشركة
ابتسم بحب وهو يحثها على التحدث أكثر : وايه كمان!!
رمشت عدة مرات بخجل قائلة برقة : لما ترجع من السفر هقولك
عبست ملامحه وهو يقول بإستسلام مؤقت : ماشي مع اني مش صبور .. مش عايزة حاجة من هناك؟
نفت بإبتسامة : شكرا تعالي بس بالسلامة
نظر لها بحب وهمس بإستماته : الله يسلمك بس مش شايفة ان 3 شهور كتير علي الفرح
حركت رأسها بنفي وقالت برجاء : لا يا مراد انا اصلا خايفة وحاسة انه مش هلحق اجهز نفسي كويس
تنهد بقلة حيلة وقال بهدوء لعله يقنعها : نسمة حبيبتي كل حاجة جاهزة وانا مش قادر تفضلي بعيد كل الوقت دا عني
أضاف بضيق ممزوج بشوق : عارفة ان لما بتحصل حاجة تضايقني او اتعصب حتي لو منك بكون عايز اجيلك لو نص الليل عشان اخدك في حضني واشم ريحتك الحلوة دي اللي بتهديني
صاحت بسخافة ، في محاولة لإخفاء خجلها الواضح من كلماته : ليه هو انا مهدئ .. لو علي كدا خد ازازة البرفان بتاعتي وخلاص
اتسعت بؤبؤ عينه وهو يتابع ردود أفعالها قائلاً بعفوية : انتي كل حاجة حلوة في حياتي
ابتلعت ريقها بتوتر من همسه اللطيف ، وقالت بصوت وَاهِن : بلاش الحنية دي كلها عشان كدا هضعف واوافق
برقت زرقاوتيه بوميض خبيث ، وقال بابتسامة شغوفة : لو علي كدا بقي ازود الجرعة
وكزته فجأة بخفة علي صدره ، وحاولت أن تجعله ينهض من مكانه : لا يلا قوم بقي
ضحك على نظرتها الخجولة بشدة ، قائلا بقلة حيلة علي حالته التي تلين معها فقط ، فهي بجرأة تطرده ، ولا يمكنه إلا الإذعان لها : خلاص ماشي بس ماتزقيش جامد كدا ايدك توجعك
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور ثلاثة أشهر
في قصر البارون
كانت كارمن جالسة تشاهد فيلمًا بمفردها في الجناح ، لأن أدهم ذهب لكي يسهر بصحبة مالك ومراد وزين ، الذي انتقل مع زوجته إلى القاهرة منذ وقت ليس ببعيد ، بمناسبة زواج مراد و نسمة غدًا ، لكنها غفت دون أن تدرك في مكانها.
دخل أدهم القصر وصعد إلى الجناح مباشرة ، ثم دخل الغرفة ليجدها فارغة.
جعد حاجبيه بتساءل ، ثم خرج منها بسرعة ، واستدار حوله في غرفة الجلوس حتى وجد جسدها الصغير يحتل الكنبة أمام التلفاز.
مشى نحوها بخطوات هادئة ، نازعا عنه سترته ، تبعها حل أزرار قميصه حتي ظهرت عضلات صدره بارزة بصلابة ، و بطنه المحددة من ممارسة للرياضة ، ثم دني إلى مستواها قليلاً ، مستنشق عطرها الجميل ، ثم رفعها برفق بين ذراعيه ، واتجه نحو الغرفة.
فتحت عينيها بنعاس بعدما شعرت أنها ليست على الأرض ، لتجد نفسها بين ذراعيه في الهواء.
همست بصوت نائم وهي تلف عنقه جيدا بذراعيها ، وغمست وجهها في تجاويف رقبته ، ممَ تسببت له في دغدغة لطيفة بعثت الحرارة في جسده بالكامل : انت شايلني ليه!!؟
دخل بها الغرفة وأغلق الباب بقدمه ، ثم أجابها بهدوء بعد أن زفر الهواء بإضطراب من تأثيرها عليه ، بينما كان يسير بها إلي الفراش : موديكي علي الاوضة كنتي نايمة علي الكنبة
صعد ركبة واحدة على السرير ، ووضعها في المنتصف بحذر وكأنها قنينة فخارية أثرية رقيقة يخشي عليها من الكسر ، ثم حاول الإستقامة حتي يبتعد ، لكنها بقيت متعلقة برقبته ، فنظر إليها بتساؤل.
همهمت برقة ، وهي تحملق في وجهه ببعض الخجل : انا جعانة وكنت مستنياك
ابتسم علي لهجتها الطفولية الممزوجة بالنعاس ، بينما يخفض ذراعيها عن رقبته ، وقال بلطف : هنزل اشوفلنا حاجة ناكلها من المطبخ واجي
إنمحي النعاس من عينيها في لمح البصر بعد أن رأت أدهم قد نزع القميص عن جسده.
نهضت على السرير بقدميها ، وسألت كما لو أنها تريد إستبعاد الفكرة التي خطرت في رأسها ، وهي تنظر إليه بعيون منفرجة علي مصراعيها : هتنزل ازاي وانت كدا؟
أخفض بصره إلى المكان الذي أشارت إليه بإصبعها ، فوقعت نظراته على صدره العاري.
رفع حدقتيه يتطلع إليها بتساءل ، وقال بدهشة ، كأن هذا الفعل إعتيادي بالنسبة له : كدا ازاي يعني!!
دقت نواقيس الخطر في قلبها الذي بدأ يخفق بعنف من شدة الغيرة التي اعترتها من برودة أعصابه ، لأنه من غير المعقول الا يكون هذا الأحمق مدركاً مدى وسامته التي يمكن أن تسبب كوارث فادحة.
جزت علي أسنانها بقوة قبل أن تتمتم بحنق من بين شفتيها : عريان يا بيه .. وفي شغلات مراهقات موجودين في البيت علي فكرة
كان مسرورًا جدًا بنبرة صوتها الحادة بسبب غيرتها الشديدة عليه ، ولاحظ التحديق المستمر من عينيها في عضلات صدره ، فاجتاحت موجة حرارة في جسده ، ليبتسم بخبث واستمتاع بداخله قبل أن يقترب منها بتأني ، مطلقاً ضحكة رجولية تردد صداها في جميع أنحاء الغرفة مرددا كلمتها بنبرة ماكرة : مراهقات!!
نفخت بفمها إلى الأعلى ، غاضبة من خصلات شعرها المتساقطة على عينيها ، لتطير بعيدًا قائلةً بحدة ، فيما ظهر احمرار وجنتاها من شدة الغيرة المشتعلة في قلبها : ماتضحكش .. انا مابهزرش
رفع كتفيه ، غير مقتنع قائلا بمماطلة : ماهو انا مش فاهم ايه اللي هيحصل يعني لو نزلت كدا
اجابت باندفاع دون أن تبطئ لالتقاط أنفاسها : اه عايز وحدة من البنات دول يشوفوك و يتجننو بيك .. خصوصا بعد لما طلعلك كام شعرة بيضاء في راسك فطبعا هتبقي مز احلامهم ومراهقتهم ونعيد فيلم العذراء والشعر الابيض تاني
أتسعت عيناه عليها بإنشداه مما يسمعه منها ، هاتفا بصوت ساخر بعد أن وضع يد في خصره ، و يده الأخري أشار بها في وجه كارمن حتي تتوقف عن الكلام : بس بس .. مسورة ميه وفرقعت في وشي .. ايه دا كلو عقلك صورلك الفيلم الهندي دا امتي وانا اللي كنت فاكرك عاقلة طلع لسانك مترين
دفعت شعرها للوراء بحركة متعجرفة قائلة بضحكة ، وقد هدأت قليلاً من زوبعة غيرتها التي تأججت بداخلها منذ قليل ، بعد أن قالت ما كان يثقل صدرها : لالا مايغركش وش الهدوء و الحنية دا .. انت اصلا ماتعرفش انا في الاساس اجن من المجانين .. كل الحكاية اني الاول كنت بخاف منك وبكتم كل دا جوايا قدامك
سأل أدهم محدقا فيها بحاجب مرفوع : اه قصدك انك دلوقتي بطلتي تخافي مني؟!
أكدت بإبتسامة شقية كلماته : بالظبط كدا خلاص يعني اخدت عليك و بقينا زي السكينة في الحلاوة
تمتم بعد أن زفر بقلة حيلة ، وهو يشير برأسه نحو غرفة الملابس : ماشي يا مجنونة هانم اجري هاتيلي تيشرت من جوا عشان انزل به
قفزت بخفة على الأرض ، قائلة بامتعاض زائف لم يخلو من شعورها بالملكية تجاه ذلك الوسيم الذي استشف ذلك بمنتهي السهولة ، وزاد إحساسه بالرضا حيث كانت ابتسامته تتسع على شفتيه أكثر على غيرة من ملكت فؤاده : ماشي بس رجلي علي رجلك انا مش ضامنه الظروف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يوم زفاف مراد و نسمة
داخل أحد الفنادق الفخمة ، يقع مكان الزفاف في قاعة واسعة مزينة بأناقة و رقي على مستوى عالٍ.
الجميع يجلس على الطاولات المزينة بالورود البيضاء و الحمراء ، والمنظمة بطريقة مذهلة ، ويتحرك حولهم الأضواء الملونة ، ويستمعون إلى الموسيقى الصاخبة التي أضافت إلى العرس أجواء من البهجة والسرور في قلوبهم.
بينما كان العروسين يرقصون في ساحة الرقص ، كانت الرقصة الأولى ، حيث كانت نسمة تتمايل بهدوء وسلاسة بين ذراعيه ، بفستان زفافها البسيط والأنيق للغاية ، من تصميم أزياء شركات البارون ، واتفقت كارمن مع زوجها على إهدائه للعروس كهدية زفاف ، ووافق أدهم بسعة رحب عندما رآها متحمسة للغاية لذلك الأمر.
لكن مراد كان لهم جميعا بالمرصاد ، حيث رفض العديد من الفساتين التي قدموها لنسمة ، التي كادت تختنق من السخط على أفعاله ، حتى استقر اختيارهم على هذا الفستان ، مما أجبر مراد على الإذعان لهم على مضض عندما رأى بريق عينيها في الإعجاب به ، بينما كان الجميع على وشك الانفجار بسببه.
كان شعر نسمة على شكل كعكة أنيقة فوضوية ، حيث قامت بلف الأجزاء الجانبية من شعرها مباشرة فوق خط أذنيها ، وتم تثبيتها بدبابيس الشعر ، ثم إدخال باقي شعرها في حلقات فضفاضة مثبتها في مكانها.
كانت كارمن ترتدي فستاناً طويلاً خالي من التموجات ، أو الطبقات العديدة من قماش الساتان الأحمر القاني الذي يتميز بنعومة ملمسه وبريقه الشديد ، كان يتدفق في قالب واحد ، راسماً بوضوح نحافة خصرها ورشاقة جسدها الساحر ، بدون أكتاف فقط شريطين عريضين يتدليان من الأعلى بجانب الكتفين بطريقة أنيقة ، مع ترك شعرها منسدلا دون قيود ، فكانت رائعة الجمال والأنوثة بكل ما تحمل تلك الكلمة من معني.
أما روان كانت ترتدي فستاناً من الساتان باللون البيج العاجي يظهر بروز بطنها المنتفخ قليلاً ، مع طرحة أنيقة بنفس اللون.
بينما كانت يسر ترتدي فستان ساتان بني فاتح مع قماش شيفون من الخصر إلى القدمين بأناقة شديدة ، ومن الأكمام والصدر مغطاة بقماش دانتيل أبيض رائع يتناسب للغاية مع انتفاخ بطنها الكبيرة ، مع أيضا تسريحة شعر مفرود على كتفيها مع اكسسوار شعر من الكريستال واللؤلؤ على جانب شعرها ، لذلك كان لديها اطلالة مميزة وانيقة.
كان العروسين يرقصون في انسجام تام ، وهم يتحدثون بصوت منخفض ، بينما كانت عيناه تائهة في ملامحها الأنثوية المبهرة مع مكياجها الخفيف ، وابتسامتها السعيدة التي تزين ثغرها الصغير ، همس لها بشغف : مش مصدق اخيرا هعيش تفاصيل كل يوم معاكي
زمت شفتيها بخجل ، ثم همست بتوتر طفيف : علي فكرة ممكن تمل مني كدا!
ابتسم لها بعفوية وأجاب نبرة منخفضة نابعة من صمام قلبه : مش هيحصل عشان انا بحب اجمل وارق بنت في الدنيا
همست له بنبرة خافتة بسبب خجلها دون أن تنظر له : وانا كمان بحبك يا مراد
تسمرت عيناه الزرقاوان بإنشداه للحظات ، وقلبه يخفق بقوة بعد سماعه لهذه الكلمة من فمها ، و هما وجهًا لوجه للمرة الأولي ، واقترب منها بأذنه وقال بصوت هامس من صدمته : قوليها تاني!!
عضت علي شفتيها بإبتسامة قبل أن تهمس مجدداً : بحبك يا مراد
همس مراد بصوت أجش لا يخلو من الشوق ، وهو يمرر يده بلطف على خدها : خلاص مش قادر اسيطر علي مشاعري واكبت احساسي اكتر من كدا ما تيجي نمشي من الفرح دا بقي
نظرت حولها في إرتباك ، وقالت بتحذير رقيق : اعقل يمراد والناس دي كلها هنسيبهم
هتف بحماس ، وهو يضمها أكثر بين ذراعيه بسعادة : ما انتي طيرتي عقلي مني حاسس اني محظوظ اوي و ربنا رضي عني بأنه رزقني بيكي
أسترسل حديثه وهو ينظر لها وعيناه تشع بلمعة صدق وحب : بقيتي عيلتي و وجودك معايا محسسني ان حياتي ليها معني مش عايش وخلاص
تمتمت بنبرة حب ممزوجة بالمرح جعلته يضحك بخفة : ربنا يقدرني واطلع عينك قصدي اسعدك واهنيك
ردد مجددا بإلحاح : مصممة برده نستني!
قالت بتبرم و تذمر طفيف : وبعدين معاك يا مراد حد يسيب فرحه برده مايصحش .. قولي صحيح احنا هنخرج من هنا علي المطار
همس لها بحنان : ايوه يا قلبي
إلتمعت عيناها بفرحة قائلة بحماس طفولي : متحمسة اوي دي اول مرة هركب طيارة .. بس انت طبعا متعود علي السفر يا بختك
أجابها بثقة صادقة ، وهو يتأمل ملامحها بعشق جارف : انا فعلا سافرت كتير .. بس السفرية دي مختلفة لانك هتكوني معايا دا مخليني مبسوط و متحمس اوي
عانقته بشدة دون خجل لأول مرة ، لتهمس في أذنه بقلب يخفق بعشق لذلك الرجل : بحبك بجنون يا مراد
شدد من معانقته لها قائلا بشغف : وانا بعشقك يا روحي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند مالك و يسر
يرقصون معًا بحذر بالرغم من اعتراضات مالك علي ذلك ، ولكن بعد إلحاح يسر المستمر رضخ لطلبها ووافق.
ضحك وهو يحركها ببطء بين يده قائلا بسخرية : شكلك غريب وانتي بترقصي ببطنك الورمة دي
وكزته برفق في صدره قائلة باستياء : اخس عليك يا مالك انا ورمة
تأوه من ضربتها الخفيفة قائلا بسخط : انا بقول بطنك
ابتسمت يسر بإلتواء وقالت بخبث : علي فكرة هقول لبنتك لما تيجي انك قولت عنها ورمة واخليها تطلع عينيك
تنحنح مالك بصوت خافت قائلا بإبتسامة حنونه : لا خلاص دي عسل هي وامها المزة دي حتي وهي حامل
تنفست براحة وهي تضمه قائلة بحب : ايوه كدا احبك
مسد براحة يده على ظهرها بإستسلام من تقلباتها اللامتناهية ، لكنه يحب كل شيء منها رغم تعبه أحياناً ، قائلا بنبرة عميقة : وانا بموت فيكي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند روان و زين
كانوا يرقصون معًا رغم أنهم لا يعرفوا شيئًا عن الرقص ، والأسوء من ذلك ، هو أن روان حامل في شهرها الخامس.
خرج أنين خافت من شفتيها ، قائلة بألم طفيف : ما براحة يا زين دوست رجلي
تمتم بغضب وهو يبتعد عنها قليلا ، لينظر إلى وجهها : مش انتي اللي اصريتي نرقص .. بذمتك انتي عمرك رقصتي قبل كدا؟
سألته بإستياء ساخر : وهو انت بتوديني في حته عشان نرقص يعني .. وبعدين كارمن هي اللي علمتني وانا بعلمك اهو
ثم أردفت بتصميم مغري : فكر بقي هتوديني فين عشان تصالحني انا و النونو
تنهد بإستسلام ثم سألها : عايزة تروحي فين يا قدري؟؟
زمت شفتيها بتفكير ثم قالت بدلع : اي حته رومانسية كدا دلعني شوية
رفع حاجبيه ينظر لها بحب وقال بتذمر طفيف : هو انتي فضيالي خالص الايام اللي فاتت كنتو بتحضرو العروسة
ضحكت بخفة ، وهي تقوّي ربطة عنقه بإغراء متعمد جعله يتنهد بحرارة من حركاتها قائلة بهدوء ، بينما شفتيها مقوسة بلطافة : انت بقيت غيور اوي .. علي فكرة دا الواجب نسيب البنت لوحدها يعني!!
زمجر بإمتعاض قائلا بنظرة شغوفة : لا بس انا جوزك برده بدأت اندم اننا جينا علي مصر من وقتها دايما عند بنت عمك
ابتسمت إليه قائلة برقة بالغة أذابته بها أكثر : حقك عليا يا زيزو هتفرغلك الايام الجاية كلها انا ليا غيرك اصلا
زين بتمتمة : ثبتيني كالعادة
قبلت خده الشائك بجراءة دون أن تهتم بنظرات أحداً لتهمس بجوار أذنه : بحبك
غمغم بصوت مرتعش بمشاعر غامرة فؤاده ، وهي بين ذراعيه : وانا بعشقك يا بنت الشناوي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند أدهم و كارمن
إبتسم وهو يهمس لها بجوار اذنها : مرتاحة يا قلبي
لفت ذراعها حول عنقه أكثر قائلا بإبتسامة رقيقة : اوي يا حبيبي
عانقها أكثر سانداً خده بجانب رأسها قائلا بصدق : وانا مش عايز غير اننا انا وانتي وموكة نكون مبسوطين و مرتاحين سوا
غمغمت بنبرة خفيضة بجوار أذنه بكلمات مبهمة : يعني مش هترتاح اكتر لو زيدنا واحد كمان!؟
رمش بعدم فهم وقد إستحوذت علي كامل اهتمامه متسائلاً بفضول : ازاي يعني!!
ابتلعت لعابها بقليل من التوتر قبل أن تقول بنفس نبرة الصوت الهامس ، بينما كانت عيناها تتابعان ردود أفعاله بتمعن : بصراحة انا روحت للدكتور من يومين و عملت التحاليل
أومأ لها بخفة وقال بسرعة : وبعدين!!
سحبت نفساً عميقاً ، وقالت بابتسامة رقيقة جدا على شفتيها : الدكتور قال انه دلوقتي انا سليمة .. ومابقتش محتاجة للدواء يعني اقدر ابقي حامل من غير مشاكل
همس بحماس أمام شفتيها ، وقلبه ينبض بسعادة : بتكلمي بجد!!
أغمضت عينيها ، وأومأت مؤكدة بعد أن رأت تعبيرات وجهه المندهشة وعيناه التي تتألقان من الفرح : اه والله
سند جبهته فوق جبهتها ، متشرباً أنفاسها الدافئة بشغف ، وقد تحولت الدهشة في عينيه إلى مشاعر عميقة وسعيدة : يعني عن قريب هتجبيلي نونو صغير يبقي أخ لملك!!
أومأت برأسها وهي تنظر له بأمل : ان شاء الله يا حبيبي
ضمها علي صدره بعشق يسري في دمه ، وهو يقبل شحمة أذنها بلطف ويهمس لها : انا بعشقك يا كارميلة قلبي
همهمت بإبتسامة مشرقة : وانا كمان يا روحي
استمعوا إلى من يهتف لهم ، فذهبوا إليهم ، ووقف الجميع حول العرسان ، وتم التقاط صورة جماعية لهم ، وحيث كانوا سعداء جدًا في تلك اللحظة ، و ترتسم الابتسامة زاهية على شفاههم ، والسعادة تملأ قلوبهم العاشقة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
مرت ثلاثة أشهر على تاريخ زواج نسمة ومراد
في قصر البارون
أدهم الغرفة ليجد كارمن جالسة ، و حولها ورق مبعثر في كل الاتجاهات على السرير ، وشعرها مبعثر على وجهها بطريقة فوضوية من كثرة فركها فيه أثناء ما كانت تفكر بالتصميم الذي تعمل عليه ، لكن الأمر أصبح مزعجًا للغاية معها ، وبدأت تحاول إبعاده عن وجهها بغضب حتى تتمكن من التركيز في عملها.
كانت ملامحها بريئة وجميلة جدا ، وملك الصغيرة كانت جالسة على الأرض ممسكة بقلم تلوين بين أصابعها الصغيرة ، وأمامها ورق رسم كبير وتحاول تقليد والدتها بما فعلته بطفولة محببة.
ابتسم في مظهرهما اللطيف أمامه الذي نال إعجابه ليصفر بشكل عفوي ، فالتفت إليه ملك لتراه يفتح ذراعيه لها في دعوة صريحة لضمها ، فتركت ما كان في يدها وركضت إليه فالتقاطها من علي الأرض ، رافعا إياها بين ذراعيه مقبلا خدها الوردي بحب كبير.
ظهرت ابتسامة جميلة على وجه كارمن ، وهي سعيدة علي منظرهما الرائع معًا.
ظلت تحدق في أدهم بعشق وشوق جارف ينبع من أعماقها ، حيث لم تعد تذهب إلى الشركة كثيرًا في تلك الأيام لرعاية طفلتها قليلاً ، لكنها أيضًا تحاول استغلال الوقت أحيانا في العمل حتى لا تتكاسل ، بينما هو ملاحظ نظراتها مطولة إليه.
أنزل ملك من يديه بلطف بعد أن سألها عن أحوالها وماذا تفعل ، ثم تحرك نحو كارمن ، وجلس بجانبها على السرير ، طابعاً قبلة على جبهتها بعمق ، نزولاً إلى عينيها ، تبعها خدها المتورد مع عضة خفيفة عليه ، لتطلق كارمن ضحكة مدللة على مداعبته اللطيفة لها.
دمدم أدهم بإعتراض ، وهي تحرك وجهها بعيدًا عن شفتيه : لسه ماشبعتش عايز اكل التفاح اللي علي خدودك دول
همست كارمن بإرتباك وخجل : عيب يا ادهم ملك بتبصلنا
سعل أدهم بخفة ، بعد أن تدارك نفسه فتلك الجميلة سلبته ببساطة عقله ، متسائلاً بإبتسامة : بتعملي ايه؟
أجابت كارمن وهي تجعد حاجبيها بقليل من الحيرة : بشتغل علي موديل جديد بس لسه مش ظابط معايا كويس
زم شفتيه بتفكير ، بينما كانت عينيه علي الورقة التي بين أصابعها ، ثم قال بتساءل : اومال فين ماما و مامتك؟
أجابت بهدوء ، بعد أن التقطت الأوراق المتناثرة حولها ، وبدت كأنها تشعر بالملل : راحو النادي يغيرو جو مع بعض
مرر أصابعه في شعره ، وهو يشرد في أفكاره ، قبل أن يقول بصوته العميق : طب ايه رأيك اخدك انتي و موكة ونخرج احنا كمان!؟
رمشت كارمن بعينيها في براءة ، وهي تحدق فيه قائلة بحنان : بس انت لسه راجع من الشغل ومحتاج ترتاح!!
ابتسم لها بلطف ، وأمسك بيدها طابعا عليها قبلة رقيقة ، وقال بنفس نبرة الصوت العميقة : ماكنش فيه شغل متعب انهاردة .. اهي فرصة نغير جو البيت شوية وانتي تسترخي عشان تعرفي تشتغلي ببال رايق
عضت شفتيها ، وبدأ الشعور بالحماس يتصاعد داخلها متسائلة بحيرة : طيب نروح فين؟
قفزت ملك على ظهر أدهم ، تهتف بحماس طفولي ، بعد أن كانت تقف بالقرب منهم ، فيما كانت تتابع حديثهما بترقب : نروح الملاهي يا مامي
اتسعت عيني أدهم علي كارمن بصدمة ، لتقول بضحكة : انت ليه بتبصلي انت اللي طمعتها فيك اشرب بقي
قالت ملك بنبرة طفولية ، وتتوسل أدهم ببراءة : بابي عايزة اروح الملاهي بليز
انفجر أدهم ضاحكا على حماس الطفلة ، قائلا بعد أن سحب ملك برفق ليجلسها على قدميه ، ويبدأ في دغدغتها بلطافة : خلاص موافق يلا جهزو نفسكم
حدقت كارمن به ، تكاد تصدق ما سمعته ، قائلة بسؤال : انت بجد هتسمع كلامها!!؟
قال أدهم بابتسامة حنونة ، وهو يبعثر شعر ملك بأصابعه ممَ جعل ضحكاتها البريئة ترن في المكان : انا مقدرش افرض طلب لموكة قلبي ابدا
نظرت إليهم كارمن بغضب مصطنع ، وغيرة طفولية : طب روحو انتو انا مش رايحة
نظر أدهم إلى ملك ، وهو يغمز في لها ثم هاجم كارمن معها ، ودغدغها وسط اعتراضها وصرخها وهي تضحك معهم بشدة ، ثم طبع قبلة على خدها بخفة ، وقال بصوت هامس : انا كلي ليها ولأمها ام عيون زرقه مدوخاني
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد ساعة
داخل مدينة الملاهي
بعد أن قضوا وقتًا سعيدًا في لعب العديد من الألعاب ، قرروا بعد إصرار ملك الدخول إلى بيت الرعب وسط اعتراضات كارمن ، لكنها أذعنت لهم بعد أن استفزها أدهم ، ووصفها بأنها جبانة لأنها كانت تخاف من الدخول.
فجأة بعد دخولهم بيت الرعب بفترة وجيزة ، فقدت كارمن وعيها من شدة خوفها.
أصاب أدهم بالذعر وهو حملها بسرعة ، وتوجه بها مباشرة إلى المستشفى ، وتبعوه إلى ليلي ومريم بعد أن تلقوا هذا الخبر منه خلال الهاتف.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في ممر بأحد المستشفيات
كان أدهم يقف متوتراً أمام غرفة الفحص ، وبجانبه والدته التي كانت تحمل ملك النعاسة بين ذراعيها بعد أن كانت تبكي بخوف رغم عدم فهمها لما كان يدور حولها ، بينما كانت مريم بالداخل مع إبنتها.
خرجت الطبيبة من الغرفة ، وهرع إليها أدهم يسألها بقلق : طمنيني عليها يا دكتورة؟
قالت الطبيبة بإبتسامة : مافيش داعي ابدا للقلق المدام بس ضعيفة شوية وماكنتش واكله حاجة طول اليوم لكن هي افضل دلوقتي بس انا فهمتها ان ماتعملش مجهود مالوش داعي الفترة الجاية
سألت ليلي بعدم فهم : في ايه يا دكتورة انتي كدا قلقتينا!؟
ابتسمت لها الطبيبة وقالت بنبرة عادية : اطمني حضرتك دا اجراء طبيعي لكل اللي في بداية حملهم
تسمرت حدقتي أدهم عليها ، ليسأل مرة أخرى ببلاهة واضحة حتي تعيد ما قالته ، بينما دقات قلبه زادت ، وكأنه يريد التأكد مما سمعه منها : يعني كارمن حامل
أومأت له برأسها وقالت بإبتسامة لطيفة : ايوه يا فندم الف مبروك احنا عملنا ليها تحاليل و كشف هي حاليا حامل في شهرها التاني
لم ينتظر حتي لكي تنهي كلامها فقد تجاوزها ، و ركض بسرعة إلى الداخل فقالت ليلي بابتسامة سعيدة ، وهي تشكر ربها سرًا : الله يبارك فيكي يا دكتورة متشكرين جدا
ردنت الطبيبة بلطف ، وقد اتفاهمت شعور ذلك الرجل من خبرتها وتجاربها مع العديد من الحالات التي مرت بها بنفس الطريقة : دا وجبي عن اذنك تقدر تمشي معاكم بعد محلولها مايخلص
دخل أدهم الغرفة بابتسامة مليئة باللهفة ، وبالكاد يصدق أن أمنيته قد تحققت بالفعل ، وأن معشوقة قلبه ستلد له طفلًا.
وجدها جالسة على السرير ، وقد توجهت عيناها نحوه ، وظهرت ابتسامة مشرقة على وجهها ، رغم التعب الذي بدت عليه فقالت مريم بابتسامة : مبروك يا ابني
تمتم أدهم مبتسمًا ، وعيناه تتجهان إلى كارمن : الله يبارك فيكي يا روما
ابتسمت مريم بسعادة ، وقالت بلطف حتي تترك لهم فرصة التحدث معًا على انفراد ، فهي تعرف جيدًا كم من الوقت انتظروا قدوم تلك اللحظة المميزة : طيب انا هروح اشوف ليلي و راجعة
قالت كارمن بخفوت بعد أن رأت عينيه تلمع بالدموع ، بعد أن جلس على حافة السرير الذي تجلس عليه ، ثم شدها برفق نحوه وعانقها بحب ، فبادلته العناق بالمثل ، وهي تضم خصره بذراعيها بقوة لأنها كانت في حاجة ماسة إلى الدفء ، والطمأنينة التي يغمرها بها بسخاء كالمعتاد : مبروك حبيبي
مرت عدة لحظات قبل أن يبتعد أدهم عنها قليلًا مقبلا جبينها ، وقلبه قد أرتاح بعد أن كاد يخرج من ضلوعه من خوفه الشديد عليها ، رافعا وجهه المقتضب إليها قائلاً بهدوء : الله يباركلي فيكي بس قبل اي حاجة انا زعلان منك ومن نفسي
عبست كارمن بغير فهم ، وسألت بهدوء : ليه كدا؟!
أردف حديثه بعتاب يتخلله ندم الضمير الذي شعر به بسبب ما فعله دون التفكير في العواقب : زعلان منك عشان ما أكلتيش حاجة من الصبح وانتي عارفه انه غلط .. وزعلان من نفسي عشان غصبتك تدخلي بيت الرعب دا رغم اني كنت ملاحظ خوفك منه
ابتسمت له كارمن وهي تتنهد بارتياح ، إذ خطر ببالها أفكار كثيرة بعد أن رأت الحزن على ملامحه.
تحركت للأمام قليلاً ، ثم وضعت قبلة لطيفة على خده الشائك ، قائلةً بصوت خافت : حقك عليا انا بس ماكنش ليا نفس للأكل ونسيت اقولك
تلاشى تجعد حاجبيه تلقائيًا بعد أن قبلته ، وظهرت ابتسامة دافئة على وجهه قائلا بتحذير : بعد كدا هتاكلي قدامي وتهتمي بصحتك كويس مفهوم
ضحكت بخفة على كلماته ، وهي سعيدة لذلك الإهتمام منه ، وأقسمت أنها ستستغل هذا الشئ لصالحها من اليوم فصاعدًا ، هامسة بدلال : حاضر بس عايزة اقولك علي حاجة؟
مط أدهم شفتيه إلى الأمام ، وقال بحذر بعد أن لاحظ النبرة الماكرة في صوتها : قولي!!
قالت كارمن ، مشيرة بإصبعها السبابة ، محذرة أياه بطريقة مضحكة : اوعي لما يجي النونو تلعب معاه و تنساني
رفع حاجبيه ، وهو يضحك بصوت عالٍ على كلماتها التي احتوت على غيرة محمودة ، وتظاهر بالتفكير قبل أن يهمس بصوت أجش مثير ، وهو يغمس رأسه في رقبتها ويمرر أنفه بخفة عليها ، شعرت كارمن بدغدغة لطيفة تسري في جسدها بسبب لحيته التي مررها علي فكها ورقبتها الناعمة : انتي و ملك والنونو حياتي كلها و هنقسم اللعب علينا كلنا
ابتسمت كارمن بينما تسللت ذراعيها حول خصره تطوقه بها واضعة رأسها علي صدره ، بينما كانت تغلق عينيها مستمتعة بحنان همساته ولمساته التي يغدقها بها ، قائلة بتنهيدة عميقة : اااه يا روحي انت كل يوم بحبك اكتر و اكتر
رفع وجهه عن رقبتها المرمرية ، وكانت الابتسامة السعيدة لا تزال على وجهه ، قائلا بشغف ملئ بالعشق ، وهو يميل جبهته ضد جبهتها تزامنا مع دخول ليلى ومريم لكي يطمئنوا عليها : وانا بموت فيكي يا دنيتي ربنا مايحرمنيش منك ابدا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور أكثر من شهرين
في قصر البارون
حيث كان الحال اليوم غير مألوف بالنسبة لسكان هذا المنزل ، في ذلك اليوم يكتمل العام الكامل من زواج أدهم وكارمن ، لذلك قرر أدهم الاحتفال به مع جميع أفراد الأسرة بعد أن دعاهم بنفسه للحضور.
كما أصر على أن ترتدي كارمن ثوباً أبيض من تصميمه الخاص ، في منتصفه فوق بروز بطنها الكبيرة شريط على شكل قوس أبيض أسفل الصدر مباشرة بفيونكة له تموجات عليه بالطول ، له اكمام طويلة و واسعة ، ومن اعلى الرسغ يضيق بشريط صغير ، وينزل للأسفل بإتساع بشكل انيق مع تموج بسيط ، وهذه هديته لها في هذا اليوم.
نزلت كارمن الدرج بحذر شديد بمساعدة زوجها ، فقد أصبحت حركتها ثقيلة بعض الشيء بعد أن أكملت شهرها الرابع من الحمل ، برزت بطنها بشكل ملحوظ للغاية.
توقفت عن النزول من منتصف الدرج بتردد طفيف.
نظر إليها أدهم ، وهو يجعد حاجبيه بعدم فهم ، وسألها بلهفة : حاسة بحاجة بتوجعك!!
هزت كارمن رأسها بنفي ، قائلة بنبرة هادئة : لا انا كويسة بس…
رمش أدهم بعيناه المتسمرة عليها قائلا بإستفهام : بس ايه؟
عبست كارمن بشدة ، بينما كانت على شفير البكاء ، قائلة بصوت مبحوح يتخلله التذمر : شكلي غريب يا ادهم وبطني كبيرة يعني كان لازم تحكم رأيك وتلبسني الفستان دا كلهم هيشكو دلوقتي من منظر بطني
تسللت ابتسامة بإرتياح على وجهه وأمال رأسه تجاهها ، وقبلها بخفة على جبهتها ، محاولًا طمأنتها حتى لا تصاب بالذعر كالمعتاد مؤخرًا ، قائلاً بأكثر نبرة هادئة يمتلكها ، بينما يكمل نزوله معها ببطء : انتي دخلتي في شهرك الخامس يعني عادي ان بطنك تبقي كبيرة و بطلي تبصي عليها عشان كدا هتخليهم يلاحظو بجد
رفعت كارمن حاجبًا واحدًا من كلماته الواثقة وقالت بقليل من الاقتناع : انت شايف كدا يعني!!
أومأ أدهم برأسه لها ، متابعًا خطواتها باهتمام شديد ، قائلاً بابتسامة واثقة : اتوكلي علي الله وانزلي براحة ولو حد سأل سيبهولي
قالت بضحكة مرحة تزيح بها التوتر الذي كان يرافقها في الأيام الأخيرة ، وهي تخفض نظرها للأسفل لأنها بالكاد تستطيع أن ترى الدرجات من بطنها البارزة أمامها : بدأت اشفق علي الحد دا من دلوقتي
ضحك أيضا معها بخفة على جملتها الساخرة ، واستمروا في نزول السلم بهدوء بينما كان الجميع متجمعين في انتظار مجيئهم.
هتفت كارمن بسعادة ، وهي تتجه نحوه بعد أن وصلوا إلى القاعة الفسيحة : جدو حبيبي
عانقها الجد بحب وحنان ، تبادلت معه كارمن العناق بمحبة وفرح من رؤيته مرة أخرى ، وكانت تشتاق إليه كثيرًا قائلا لها بنبرة خشنة : قلب جدك كيف صحتك يا بنتي!!
خرجت من بين ذراعيه ، ووقفت بجانبه تمسد على ظهره برفق قائلة بسرور : الحمدلله مبسوطة جدا انك جيت اخيرا وشوفتك كنت وحشني اوي
بادلها الجد الابتسامة بحنان ، وقال بمودة : وانتي كمان يا حبيبتي كل سنة وانتو طيبين و ربنا يسعدكم يارب
رد أدهم باحترام ، وابتسامة جذابة على وجهه : وانت بألف صحة وسعادة يا جدي
أجابته كارمن أيضاً بابتسامة رقيقة تزين ثغرها : ربنا يخليك لينا يا جدو
وأردفت بعد أن التفتت للذين يقفون على يمينها ، وكان قد بادر أدهم بالترحيب بهن عندما دخل معها مباشرة ، قائلة بابتسامة سعيدة وهي تقبل خدود كلتا المرأتين بمودة واحترام : ازيك يا عمتو و انتي يا طنط حنان عاملين ايه
ردت حياة بإبتسامة : الحمدلله يا حبيبتي .. انتي اللي اخبار حملك ايه؟
أجابت كارمن بإبتسامة صادقة : يعني الحمدلله تمام
ابتسمت حنان وهي تنظر إليها قائلة بمحبة : ربنا يقومك بالسلامه يا بنتي
جاءت روان إليهن من خلف كارمن قائلة مازحة : نحن هنا علي فكرة .. كل سنة وانتي طيبة يا كوكي
قالت كارمن بضحكة خافتة : وانتي كمان كل عيد جواز وانتي طيبة يا وزة .. اومال فين بنوتك هنا!!؟
ابتسمت روان ابتسامة عريضة وقالت بخبث : وانتي بالصحة والسعادة .. يا ستي هنوشة حبيبة امها نايمة فدبست زين فيها وقولت اجي نقعد مع بعضينا علي رواقة
صاحت حنان غاضبة على أسلوب ابنتها التي أفسدها زوجها كثيرا بعد أن أنجبت ابنتهما الصغيرة “هنا” : مفترية والله البنت يدوب تمت شهر مش هيعرف ياخد باله عليها سيبتها معه فين اروح عشان اخدها منه قبل ما تصحي
ردت روان بعبوس يتخلله الغيظ : انتي مش ملاحظة انك امي انا اقفي معايا شوية وبعدين هو ابوها كمان لازم يشيل برده اشمعنا انا اشيلها تسع شهور لوحدي يعني
مطت كارمن شفتيها مستاءة ، وهي تضرب رأس روان برفق قائلةً بسخرية : ياعيني علي الراجل انا بشفق عليه
حركت روان رأسها بعيدًا ، وهي تئن بتلقائية من ضربتها ، وقالت بتذمر طفولي وهي تخاطب والدتها : بس يا بت هو موجود برا مع باقي الرجالة يا ماما
وصل صوت الجد إليهما مخاطبا حنان بعد أن استمع إلى حديثهما وهو يقف مع أدهم : تعالي معانا يا حنان احنا هنقعد معاهم كمان خدي منه البنت
أومأت حنان بطاعة وهي توبخ ابنتها بازدراء واستسلام من جنونها الدائم : ماشي يا عمي ربنا يصبرني
★★★
تكلمت كارمن بصوت عالٍ قليلاً عندما دخلت الصالة الشاسعة المساحة في أحد أركان القصر ، حيث جلست جميع الفتيات بحرية : طمنوني عليكم يا بنات اخباركو ايه!!
قالت يسر بلا مبالاة وهي ترضع طفلتها الصغيرة “بسنت” ، التي كانت تبلغ من العمر أربعة أشهر فقط ، وكانت نسخة مصغرة من يسر ، حيث كانت تتميز بلون عينيها الواسعتين ، ورموشها الكثيفة ، وخديها ممتلئان بحمرة جميلة : احنا تمام اهو
رفعت نسمة يدها فقط وقالت بابتسامة كسولة : بالنسبالي تعالي انتي سلمي عليا انا مش قادرة اتحرك
هزت كارمن رأسها مستاءة من كلماتها ، وهي تمشي ببطء نحوها ثم عانقتها برفق قائلةً بابتسامة لا تخلو من التذمر : يالهوي علي كسلك يا نسمة بقيتي كسولة اوي اتحركي كدا انتي لسه داخله في شهرك الرابع اومال انا اعمل ايه!!
سألتهم روان بفضول ، وهي جالسة بجانب نسمة : اه قولولي صحيح عرفتو نوع الجنين؟
حركت نسمة رأسها ، نافية هذه الكلمات ، وسألت بحيرة : لسه شوية بس انا دايما نايمة علي نفسي ماعرفش مالي!!
قالت يسر بصوت خفيض حتى لا توقظ ابنتها التي كانت تنام ببراءة بين ذراعيها بعد أن أطعمتها : نسمة بتفكرني بنفسي ايام حملي في ياسين كنت بنام و اكل كتير .. دا الحمدلله اني قدرت اخس بعد الولادة .. كان زمان مالك اتجوز عليا يا اوختشي واخدت انا الصابونة .. عشان كدا مستنية شوية وهلعب رياضة من تاني عشان اخس بدل ما رجلي تيجي في الصابونة المرة دي بجد
ضحك الجميع علي ما قالته ، ثم أومأت إليها كارمن بفهم ، وهي تجلس بجانبها بارتياح قائلة بإصرار ، بعد أن خافت من فكرة اكتسابها للوزن ، مشيرة إلى نسمة بإصبعها : كويس انك قولتي الكلام دا عشان هنفذو انا والبت دي بعد ما نولد
مدت نسمة يديها باتجاه طبق الفاكهة على المنضدة أمامهما ووضعته في حجرها قائلة بلا مبالاة : ماشي بس حاليا خلينا ناكل براحتنا بقي عشان نعمل ريجيم جماعي عن اقتناع
اتسعت عينان كارمن بصدمة عندما رأتها تقطم التفاحة بشراهة ، قائلة بأسي علي حالتهم : مافيش فايدة لسه بتاكل برده
مدت روان يدها نحو طبق نسمة وتناولت منه موزة ، وهي تقول مؤيدة لرأي نسمة ، ثم قشرتها بخفة وأعطتها لكارمن التي أخذتها منها وأكلتها بتلذذ ، ونسيت أمر تخسيس الوزن تماما : ما عندها حق يا اختي هي حامل واحنا بنرضع لازم نتغذي كويس وبعد مدة كدا نبقي نعملو هي الدنيا هتطير
دخلت حنان عليهم بعد قليل حاملة طفلة صغيرة جدا بين ذراعيها ، قائلة بصوت خفيض حتى لا تصاب بالذعر وهي في حضنها : بت يا روان خدي هنا رضيعها
أخذتها روان من يديها بالطريقة الصحيحة وبحرص شديد ، فهي طوال فترة حملها ، كانت تقرأ كل ما يتعلق بتربية الأطفال حتى تعرفت على كل المعلومات عنها لتعتني بابنتها بشكل سليم ، وهذه كانت نصيحة كارمن لها ، و أيضا نسمة الحامل الآن في شهرها الرابع بدأت بقراءة الكتب على الإنترنت لفهم ما تحتاجه لتربية الأطفال.
همست روان بحنان وهي تتأمل في ملامح الطفلة بحب عميق ، رغم أن ملامحها غير واضحة حتى الآن ، لكنها جميلة بعيون عسلي فاتحة ، مثل بحر من العسل الصافي بنظراتها البريئة للغاية : تعالي يا روح امك عند ماما عشان تأكلك
★★★
سرعان ما إنسدل عليهم المساء في جو عائلي دافئ مليء بالضحك ، والقيل والقال بينهم دون توقف.
اجتمع الجميع في البهو الداخلي الفسيح بعد العشاء
قاطعت كارمن الحديث بين الجميع بالوقوف فجأة ، وجعلتهم ينظرون إليها بذهول وإستفهام.
لاحظت ذلك بعد أم وزعت نظراتها الهادئة عليهم ، وقالت بصوت عالٍ قليلاً وهي ترفع إصبعها السبابة : معلش تركزو معايا لحظة واحدة من وقتكم يا جماعة
أنهت جملتها ثم نادت علي كريمة التي جاءت مع بعض الخادمات ، أثناء جر حامل اللوحات الذي كان مغطى بقطعة قماش سميكة وكبيرة تخفي ما تحتها.
أصبح الجميع أكثر فضولًا مع مرور كل لحظة من الصمت ، منتظرين بفارغ الصبر فهم ما كان يحدث أمامهم
تحركت كارمن بخطوات بطيئة وهادئة نحو اللوحة ، بعد أن تراجعت كريمة وأولئك الذين يقفن بجانبها للخلف ، أثناء انتظارهم لمعرفة ما كان في اللوحة أيضًا بحماس.
وقفت كارمن تنظر إلى بريق الفضول الذي برَّق في أعينهم المتسمرة نحوها ، وخصَّوصا أدهم الذي كان يحدق بها في ترقب كبير ، وهو يضع يده اليمنى على حافة مقعده ورأسه مرفوعًا عالياً بكبرياء.
تحنحت كارمن بخفة لتوضيح صوتها بعد أن بدأت تتوتر قليلاً من النظرات المصوبة عليها ، وحاولت ترتيب كلامها قائلة بنبرة هادئة إلى حد ما ، بينما كان قلبها يدق مثل الطبول بين ضلوعها ، وهي تنظر إلى أدهم الذي يبتسم لها بفضول : انهاردة مر سنة كاملة علي جوازي منك يا أدهم .. كانت سنة فيها احداث كتير و مواقف اكتر .. كبرت معاك سنة قدمتلي حاجات كتير حلوة فيها .. وفي أخر السنة دي حابة أنا اهديك ذكري حلوة مني ليك يارب تعجبك
أنهت كلماتها وهي ترفع الغطاء عن اللوحة وهي تعض بتوتر طفيف على شفتها السفلى ، إتسعت عيون الجميع بدهشة وإعجاب بما رأوه.
لم يتمكن مالك من الصمت مطلقاً صفيراً عالياً من إعجابه بجمال رسمها.
أضافت بابتسامة رقيقة ، وبدأت ثقتها تزداد من نظرات أدهم اللامعة بصدمة التي كانت تراقبها بتمعن شديد : كل سنة وانت معايا وجنبي علي طول
كانت عيناه تتألقان بموجات من المشاعر تخصها وحدها ، حيث ألجمت الصدمة لسانه للحظة قبل أن ينهض من مقعده ويسير نحوها ، ثم أمسك كفها الرقيق بكلتا يديه ليرفعه إلى فمه ، ويقبله بحب وحرارة.
تسللت الحرارة إلى وجنتاها اللتين احمرتا خجلاً قبل أن يحتوي جسدها بين ذراعيه قدر المستطاع بسبب انتفاخ بطنها.
غمرت رأسها أكثر في صدره بابتسامة تطوق خصره بذراعيها ، وسعيدة بنظرات الجميع التي تشع إعجابا على جمال اللوحة التي رسمت عليها ملامح أدهم بوضوح وإتقان عاشقة لأدق التفاصيل في زوجها الذي يملأ حبه قلبها ، و كان كل الواقفين يبتسمون بسعادة على منظرهم الرومانسي.
استمعت إلى همسه الرقيق بجوار أذنها وهو يشدد عناقه لها ، بينما يكاد يصدق أنها نفذت تحديها السابق له دون أن يعلم أنها كانت تخطط لهذا الشيء منذ ذلك الحين ، وحتى الآن لتفاجئه بتلك المفاجأة الجميلة : كل سنة وانتي دايما معايا وفي قلبي وعيني و علي راسي يا احلي وارق ست في الدنيا .. كل سنة واحنا طيبين وربنا يخلينا لبعض و يبعد عننا وعن ولادنا كل شر
استنشقت كارمن عطره الذي أصبحت تدمنه أكثر فأكثر منذ حملها ، قائلة بصوت خفيض : امين يارب العالمين .. ربنا مايحرمنيش منك حبيبي .. كفاية بقي عشان بتكسف قدامهم
ضحك أدهم عليها بخفوت قبل أن يطلق سراحها من بين يديه ، ثم نظر إليها بتمعن ، ملاحظا احمرار خدها بإحراج من عناقه لها هكذا أمام الجميع ، ومتسألا بابتسامة بجوار اذنها : طيب تحبي تقولي المفاجأة دي كمان؟
هزت كارمن رأسها برفض ، وشبكت أصابعها في أصابع يده ، وأجابت بحرج : لا قول انت
تمتم أدهم بإبتسامة جانبية : ماشي
ثم أضاف بنبرة عالية لفت بها أنظار الجميع إلى حديثه : يا جماعة عندنا خبر كنا عايزين نقولكم عليه
تسائلت ليلي بإبتسامة : خبر ايه يا حبيبي!!
شدّ أدهم علي أصابعها بإبتسامة قائلا بنبرة هادئة تتخللها الحماسة : كارمن حامل في توأم ولاد
نظر إليهم الجميع بنظرات مندهشة قبل أن يتجهوا نحوهم ، يباركهم ويهنئهم على ذلك الخبر السعيد ، حيث كانت الابتسامة ترتسم علي شفاههم بسعادة حقيقية.
أكملت كارمن حديث أدهم الذي قاطعته التهاني التي أمطروها عليهم بفرح : قررنا إن شاء الله نسمي ولادنا محمد و عمر
هنا كانت الابتسامة حقًا لا توصف على وجوه الجميع ، وخاصة مريم وليلي اللتان احتضنتا كارمن معًا بحنان وحب كبير ، بينما أرسل لها أدهم الذي كان يقف ورائهما قبلة في الهواء دون أن يلاحظها أحد غيرها.
★★★
بعد عدة دقائق
وقف زين أمام المسبح ، بعيدًا عن التجمع في الداخل ، حتى يستطيع تدخين سيجارة في هدوء ، فجاءت روان من ورائه ، ثم وقفت بجانبه ، تهمس بمشاكسة : انت مش ملاحظ انك ناسي حاجة!؟
نظر إليها مندهشا ، مع رفعة حاجبه متظاهرا بالتفكير ، وقال ببرود ، وهو ينفث دخان سيجارة بين أصابعه : مش واخد بالي
نظرت روان إليه بحزن قبل أن تتنهد بضيق يثقل صدرها ، و تقول بنبرة خافتة بسبب الغصة التي تشكلت في حلقها من لا مبالاته مثلما حدث في الماضي : لا والله .. طيب
أمسك زين بمعصمها ، يمنعها من الابتعاد عندما رآها تتحرك من جانبه قبل أن يغلق عينيه بقوة ، متنهدا داخله بغضب لرؤية الحزن في عينيها ، ثم فتح عيناه ناظرا إليها بغضب من نفسه لأسلوبه القاسي معها عن غير قصد ، حيث أراد أن يراوغها قليلاً حتى يعودوا إلى منزلهم ، لكنها ستجعله يتراجع عن ذلك الآن حتي لا يزداد حزنها أكثر.
ألقى بعقب سيجارته على الأرض ، وداس عليها بقدمه قائلاً بتمتمة : لو بتعرفي تصبري علي رزقك كنت قدرت افجئك بالهدية اللي الفضول بياكلك عشان تعرفي اذا جبتها ولالا
دمعت عيناها رغماً عنها ، وضغطت على شفتيها بشدة لتبتلع الغصة في حلقها ، ثم همست بتحشرج : لا مش عشان كدا انت مش مخليني محتاجة حاجة او نفسي في حاجة بس دي غريزة جوايا عايزة اتأكد في كل مناسبة انك بتفكر فيا مش ناسيني بس كدا
لف زين ذراعه حول كتفها ، وقبل جبهتها بحرارة قائلا بحنان محاولا تهدئتها : ماقدرش أنساكي وانتي عارفة كدا ماتزعليش مني بس والله كنت محضرلك مفاجأة وباستعجالك حرقتيها
تغير مزاجها من حزن إلى مرح مرة أخرى بعد أن استطاع زوجها أن يملأ قلبها بالسعادة ، عندما علمت أنه يتذكرها في هذا اليوم المميز رغم عمله طوال الوقت ، قائلة بشقاوة وهي تتكئ أكثر على صدره الصلب : طب ما تيجي نروح البيت وتقدمهالي وانا هعمل نفسي متفاجئة بيها
هز زين رأسه بالموافقة على تفكير زوجته المشاكسة التي مهما كبرت ستظل كما هي ، بقلب أبيض نقي تغضب سريعا و بنفس السرعة ترضي ، قائلاً باستسلام : موافق يا مجنونتي
بعد مرور سنة
في فيلا مراد عزمي
تجلس نسمة في حديقة الفيلا الواسعة ذات المساحات الخضراء الرائعة ، حيث كان الطقس ربيع المشمش ، وبجانبها يحيي طفلها البالغ من العمر سبعة أشهر في عربته ، حيث كان نائمًا بعد أن تناول وجبته من الحليب.
أما هي فقد كانت تنظر إلى صور حفل زفافها بابتسامة شاردة ، وتتذكر تلك الليلة المميزة والخاصة جدًا في حياتها التي لن تنساها أبدًا.
Flash Back
في النمسا
بعد وصولهم إلى الفندق الذي سيقيمون فيه لقضاء شهر العسل ، والذي يطل علي بحيرة ورثير سي.
دخل كلاهما إلى الجناح المزين بالورود والشموع وتفوح منها رائحة رائعة.
ركضت نسمة إلى النافذة ، تشاهد جمال المناظر الطبيعية الجميلة في النمسا ، كانت منبهرة وسعيدة جدًا أنها سافرت لأول مرة في حياتها مع عريسها و حبيبها.
قالت نسمة بنبرة رقيقة عفوية مليئة بالحماس : المكان من هنا ساحر يا مراد .. تعالي بص كدا
همس مراد بجوار أذنها بعد أن وقف خلفها ، وهو يطوق خصرها ساندا جسدها على صدره : انا شايفو يجنن لانك معايا فيه يا قلب مراد
شعرت نسمة بتوتر طفيف ، وسرعان ما رفرفت بعينيها ، وقالت متلعثمة بسبب أنفاسه الساخنة التي تلفح جانب وجهها : مراد .. اهدا عليا شوية .. انا محتاجة كام دقيقة اخد نفسي واتعود علي المكان
زم مراد شفتيه بضيق طفيف ، لكنه تفاهم اضطرابها الطبيعي قبل أن يهز رأسه ، ليقول بهدوء : ماشي اذا عايزاني اسيبلك الاوضة لحد…
قطعت نسمة جملته ، وهي تستدير إليه بسرعة ، ثم لفت ذراعيها حول خصره واضعة رأسها علي صدره ، قائلة بإعتراض ناعم على فكرة ابتعاده عنها : ممكن تحضني وبس .. مراد انا محتجالك يمكن اكتر ما انت محتاجلي..
رفع مراد يديه ، وطوقها بذراعيه في استسلام كامل مستمتعا بدفئ جسدها ، ومسد على ظهرها برقة ، بينما كان يستمع إلى صوتها الخجول الهامس : معرفش ليه كنت بتحداك واتعصب كل ما اقابلك .. بس حقيقي انت حركت قلبي من اول مرة شوفتك فيها
ظهرت ابتسامة راضية من شفتي مراد من اعترافها له بما يدور في خلدها ، فسمعته يهمس لها بعاطفة صادقة : وانا مابقتش اشوف غيرك انتي وبس .. لكن خايف اكون بوترك بسبب قربي منك وكمان كنت خايف تضايقني من غيرتي عليكي في الطيارة
رفعت نسمة رأسها من علي موضع قلبه الذي كان ينبض بشدة من تأثير قربها منه ، قائلة بدهشة ممزوجة بجدية شديدة لا تتناسب مع كلماتها : مين قال اني مضايقة بالعكس .. انا كمان بغير اوي وممكن ارتكب جناية لو ابتسمت وفي بنت موجودة جنبنا عجبتها ضحكتك .. بتجيلي افكار شرانية اوي وممكن افقعلها عينيها بصوابعي
انفجر مراد ضاحكا عليها ، لأن هذا الجانب من شخصيتها لأول مرة تظهر به أمامه ، فهي لا تعلم أنه مهووس بها أيضا ، وربما أكثر منها ، قالت بغيظ عند رؤية ضحكته بتلك الطريقة الجذابة : يا غلس بتضحك علي ايه بقول نكتة انا!!؟
قهقه مراد مرة أخري بلطف ، ورفع وجهه لأعلى قبل أن يقول بهدوء بعد أن قرص أنفها برفق : لا يا قلبي بس دايما عجباني فيكي حتة الشر دي يا قطتي البرية
أومأت إليه نسمة ، وقالت بمرح : ماشي لو كدا اضحك براحتك حبيبي قدامي انا بس
اتسعت الابتسامة على فمه ، قائلا بسؤال ماكر ، بينما كانوا لا يزالون علي نفس وضعية وقوفهم : حبيبك مين!!
ضمت نسمة شفتيها متظاهرة بالتفكير ، وأجابت عليه بمراوغة : ابن الجيران كان معجب بيا جدا من واحنا صغيرين
فجأة احتدت عينان مراد من تلك المزحة الثقيلة على قلبه ، قائلا بزمجرة غاضبة : نسمة!!
رمشت بعينيها متصنعة البراءة ، وقالت بابتسامة ملتوية : نعم
انزعج جدًا من ابتسامتها الاستفزازية ، و دون تفكير دني برأسه إلى مستواها ، ووضع شفتيه بعنف لطيف على شفتيها مقبلاً أياها بقوة بعد أن ثبت رأسها بكلتا يديه.
ابتعد بعد لحظات قليلة بابتسامة انتصار علي إحمرار وجنتيها الخجولين كحبتين من التفاح الأحمر الداكن يشتهي قطفهن ، وعيناها مغمضتان بشدة.
مرت عليهم بضع ثوان في صمت ، محاولة تنظيم نبضاتها المتناثرة من حركته المفاجئة لها ، همست بصوت مصدوم لاهثًا ، بينما كانت عيناها تتجهان نحو صدره بخجل ، حيث تبخرت بوادر الجراءة التي ظهرت عليها منذ قليل : ايه اللي عملته دا!!
همس لها مراد بصوته العميق ، ناظراً مباشرة في عينيها ، بعد أن وضع أصابعه تحت فكها ، ورفع رأسها إلى أعلى : انتي السبب عشان عصبتيني .. هسألك تاني مين حبيبك!!
همست نسمة بعفوية شديدة ، بينما يطبع مراد قبلة صغيرة بين حاجبيها المتشابكين ، ليفرقهما بعيدًا عن بعضهما البعض : انت
ابتسم مراد لها بسعادة و رضا عن إجابتها هذه المرة ، وبينما كانت هي تفكر في شيء آخر.
سألته بإحراج ، وكانت تنظر إليه تارة وتغض بصرها عنه تارة أخرى : معلش كنت عايزة اسألك عن حاجة كدا!!
سحبها من يدها وجلس على حافة السرير الوثير في منتصف الغرفة ، ثم جعلها تجلس على إحدى رجليه ، ملاحظ خجلها الواضح منه ، ليتمتم بهدوء : اسألي اللي انتي عايزه
تنحنحت نسمة بخفة لتنقية صوتها ، بعد أن وضعت يدها اليمنى بشكل تلقائي خلف رقبته ، دون النظر إلى وجهه قائلة بإستفهام : هو انا المفروض دلوقتي اناديلك مراد ولا يحيي؟
سحب مراد الهواء إلى صدره بقوة قائلا بسؤال آخر : انتي حابة تناديني ايه؟
قامت نسمة بإمالة رأسها قليلاً ، وهي تفكر قبل أن تغمغم بصوت خافت لا يخلو من الفضول : قبل ما اجاوبك انت ليه مايبقاش اسمك يحيي!!
تنهد مراد ، وهو يزفر الهواء الذي ملأ صدره ، مردفا حديثه : لان يحيي طلعله شهادة وفاة لما كان عنده عشر سنين وكل فلوسي والشركات كمان بأسم مراد عزمي دلوقتي
كانت نسمة تنظر إليه بحزن وأسي علي حاله ، ويغمرها شعور قوي بأنها تريد تعويضه عن الحنان الذي فقدها طوال حياته ، فستكون له النور الذي يضيء أيامه ، لكنها رفعت كتفيها حائرة من كلماته ، ، وتمتمت مرة أخرى : طب انا احتارت صراحة قولي انت اناديك بإيه؟
أزاح خصلة من شعرها كانت شاردة على جبهتها بأطراف أصابعه من ناحيته ، لأنها كانت تعيق تأمله إلى وجهها بوضوح.
قال بهمس أجش أمام شفتيها ونظراته الحنونة لم تفارق عينيها : وانا معاكي بكون يحيي الطفل المحتاج دايما وجودك جنبه في كل وقت وانا برده مراد اللي بيعشق كل حاجة فيكي وبيتمني يفضل في حضنك عمره كله
كلماته الهادئة المنبعثة من صمام قلبه ، امتزجت بقبلة طويلة على شفتيها بث فيها جزء من حبه وولعه بها.
كانت في البداية قبلاته رقيقة ومتمهلة علي وجهها ورقبتها ، ثم تحولت إلى قبلة عميقة بشغف اكبر ، بعد أن تجرأت يده على لمسها
تبادلت معه القبلة بحب ممزوج بالخجل ، ليأخذها إلى عالمه الخاص المليء بالمشاعر الدافئة والعاطفة الجياشة حتى أصبحت زوجته قولاً وفعلاً.
Back
★★★
مازلنا في منزل مراد عزمي
….: كانت أيام جميلة
انقطع شرودها في ذكرياتها بصوت أجش سرعان ما تعرف عليها وهي تدير رأسها نحوه ، وهي تجيب بابتسامة : فعلا يا عمو حاتم
جلس بعد أن طبع قبلة صغيرة على جبين الطفل الصغير الذي كان غافي ببراءة ، يعبأ صدره برائحته النقية.
التقط حاتم صورة جماعية من وسط مجموعة الصور سارحاً فيها قليلا حتى افاق على صوت نسمة التي ، قالت بسؤال : ليه عمو ماقولتلهاش انك بتحبها؟
تمتم حاتم بابتسامة هادئة ، وعيناه لم تبتعد عن التي أمامه في الصورة : عشان حبي ليها مش محتاج اقوله او حتي اعبر عنه .. حبها عاش جوا مني سنين وهيفضل عايش حتي لو عمرها ماحست بيه
ابتسمت له وهي تنظر إليه بأسي ، ثم وصل لمسمعها صوت ذو بحة خشنة تحفظه بقلب محب لصاحبه : ايه الجمال دا .. هو القمر بيطلع بالنهار ولا ايه!!
طيرت شعرها بخفة ودلال إلى ظهرها دون أن تنظر إليه ، لكنها لم تستطع إخفاء ابتسامة جميلة تسللت إلى شفتيها ، لتتساءل بغرور زائف : عمو هو الراجل الوسيم دا بيعاكسني ولا انا بيتهيألي!؟
وضع حاتم الذي كان جالسًا على كرسيه قدمًا على الأخرى ، وأجاب بابتسامة ساخرة علي الذي يقف أمامهما ينظر إليهما بغيظ ، وحاجب مرفوعًا على استفزازهما له : اظاهر كدا انه بيعاكس
زمت نسمة شفتيها ، قائلة بتساءل بعد أن وضعت أصابعها على جبينها متظاهرة بالتفكير : ونعمل معه ايه دا؟!
ابتسم مراد بخبث و دهاء معروف عنه قبل أن يدنو بطوله المهيب إلي جوار أذنها ، ليهمس لها ببعض الكلمات بصوت لا يسمعه أحد غيرها : انا اقولك….
سرعان ما تلون وجهها بحمرة الخجل ، وجميع ألوان قوس ، إذ خرج منها شهقة عالية ، وكادت أن تنفجر من شدة الحنق والإحراج ، لجرأة ما قالها لها زوجها الذي لا يتنازل عن ثأره مطلقاً.
قامت نسمة بإلقاء إحدى الوسائد من خلف ظهرها عليه بغضب بعد أن رأته يضحك ، ويشاركه حاتم الضحك بصخب ، عندما صرخت بصوت خفيض حتى لا يستيقظ طفلها بسبب خجلها المفرط الذي يعشقه فيها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في قصر البارون
داخل جناح أدهم
استيقظت بقلق من نومها العميق ، حالما تحسست مكانه بجوارها ووجدته فارغًا ، متذكرة جيدًا أنهما ذهبا للنوم معًا هذه الليلة ، قالت بصوت نعسان ، وهي تدير رأسها في الغرفة : ادهم .. يا ادهم .. انت فين!!
نهضت كارمن من تحت الغطاء ، مرتدية رداءها المنزلي الخفيف ، ثم لبست في قدميها الخف الخاص بها ، بينما كانت تفكر إلى أين سيذهب في مثل هذه الساعة المتأخرة.
خرجت من الغرفة توزع نظراتها على المكان الهادئ ، ثم وجهت عينيها إلى الغرف الأخرى وهي تتذكر التغييرات التي حدثت في هذا الجناح بأكمله في الفترة السابقة ، حيث تم تغيير غرفة مكتب الخاص بأدهم إلى غرفة للتوائم ، وأصبحت الغرفة الصغيرة حضانة صغيرة بها ألعاب بسيطة للأطفال ، أما بالنسبة لملك الصغيرة ، حيث نقلت غرفتها إلى طابق الأوسط بجوار جدتيها ليلي ومريم ، لأنها لا تستطيع تحمل صراخ وبكاء التوائم طوال الليل.
سمعت صوت بكاء قادم من غرفة الأطفال.
دخلت كارمن غرفة التوأم بجدارها أزرق ، مثل ألوان عيونهم ، فقد أخذوا ذلك اللون من والدتهم ، مع حدة نظرات أبيهم ببراءة محببة ، فتلك الحدة لم تظهر بشكل جيد بسبب صغر سنهم.
فوجئت جدا بما تراه أمامها ، فكان أدهم جالسًا على كرسي بين السريرين ، يحمل أحدهما بين ذراعيه ، ويربت على ظهره بحنان.
بان الطفل البالغ من العمر ثمانية أشهر صغير الحجم جدًا على صدر أدهم العريض ، لكن شكلهما معًا كان أجمل مشهد في عيني كارمن المفتونة بزوجها الوسيم الحنون جدًا مع أطفالهما ، وقد ظهر ذلك بوضوح بعد ولادتها لذلك التوأم.
خرجت كارمن من شرودها قائلة برقة : حبيبي
رفع أدهم نظراته إليها ، ليتساءل بإبتسامة هادئة : ايه يا روحي صحيتي ليه؟
همست له كارمن بعد أن اقتربت منه ماشية على أطراف أصابعها حتى لا تُحدث ضجيجًا للنائمين بوداعة : انت اللي بتعمل ايه هنا!!
ألقى أدهم نظرة فاحصة على الطفل الغافي في حضنه ، وهو ينهض ببطء ، ثم يمشي بهدوء إلى السرير الصغير ويضع الطفل برفق فيه ، ويضع قبلة رقيقة على جبهته ، مستنشقًا رائحته الجميلة التي تغمره بالسعادة ، قبل أن يلتفت إليها ممسكاً راحة يدها في يده ، أخرجها من الغرفة ، وأغلق الباب خلفها بهدوء تحت نظرتها المستفهمة.
سار أدهم معها بخطوات هادئة باتجاه غرفتهما بصمت ، ثم أجاب على سؤالها قبل لحظات بهدوءه المعتاد بعد أن دخلوا غرفتهم معًا ، وأغلق الباب خلفهم جالسا معها على الأريكة الواسعة أمام سريرهم : كل يوم بقوم بعد مابنام بشوية وادخل اطمن عليهم
اتسعت عيناها مصدومة لما سمعته قائلة بهمس : بجد بتعمل كدا .. ازاي ماكنتش بحس بيك
تمتم أدهم وهو يرفع كتفيه بلا مبالاة ، بينما كانت عيون كارمن تلمع بفخر أن هذا الرجل الحنون هو زوجها : وفيها ايه لو عملت كدا بخفف من عليكي شوية .. نسيتي قد ايه كنتي تعبانة في حملهم وبعد ما اتولدو كنتي مش بتنامي خالص طول الليل من عياطهم!!
همست كارمن برقة ، بعد أن وضعت رأسها على صدره ، وطوقت خصره بذراعيها ، فيما ظهرت شبح الابتسامة على فم أدهم بحب علي حركتها العفوية ، التي تشعره بالسعادة عندما تفعلها ، محاصرا جسدها بذراعيه في المقابل : قد ايه انت حنون عارف ان كل يوم بيعدي بعرف فيك ميزة جديدة ماكنتش عارفها!؟
لثم شعرها بحنان ، قبل أن يسند رأسه على رأسها ، ويغمض عينيه مستنشقًا عطرها الخلاب ، ليتمتم بصدق : انا كلي ليكي انتي وهما ليا مين غيركم اهتم بيه!!
رفعت رأسها عن صدره ، وهزتها متفقة مع كلماته التي نالت أعجابها كثيرا ، ونظرت إلى الأعلى حتى ترى وجهه جيدا قائلة بشقاوة : اه انا بحسب اصلا هنفضل شغلينك كدا طول العمر في كل مكان
قرص أدهم خدها المتورد بخفة وقال بمرح : وانا علي قلبي زي العسل يا ستي
أردف بإستفهام : لسه ماقررتيش امتي هتبدأي شغل!؟
اعتدلت كارمن في جلستها ، وهي تعض علي شفتها السفلى ، قائلة بدلال يتخلله لا مبالاة بهذا الأمر : لا يا دومي انا أم لأربع اطفال دلوقتي محتاجين وقتي اكتر من اي شغل انا سيبت عليك انت كل الشغل
نظر إليها أدهم بعيون اتسعت في دهشة ، وتشكلت عقدة بين حاجبيه بطريقة لطيفة تعشقها ، وهو يتسائل بإنشداه : اربعة ازاي يعني!!
رفعت كارمن أصابعها ، وعدت عليها بهدوء أمام عينيه : قصدي علي ملك والتوأم وانت طفلي الكبير
مد أدهم فمه إلى الأمام مع رفعة حاجب واحد ، ضحكت كارمن بخفة على تعابير وجهه ، قائلاً بفكر مصطنع : كأنك بتثبتيني عشان مافتحش سيرة شغلك معايا تاني مش كدا
خرجت منها ضحكة خافتة ، وهي تعض شفتها السفلى وتومأ برأسها قائلة بمرح : هو كدا بالظبط لكن دا مايمنعش اني هجي الشركة في كبسات مفاجأة قصدي في زيارات ودية
ضحك بصوت عال على مزحتها المضحكة ، وقال بصوت أجش محذرا إياها : اذا كانت كبسات ودية ماشي .. بس اوعي يكون دا كلام ليل و يطلع عليه النهار يتنسي وبعدها اتركن علي الرف
همست له كارمن قبل أن ترفع نفسها قليلاً على حجره ، وتقبّل شفتيه بحب : ماعاش اللي يركنك علي الرف يا روحي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد مرور سنتين
في منزل زين الاسيوطي
داخل المطبخ ، الذي بدا فوضويًا ، مما يشير إلى عاصفة شديدة اندلعت فيه منذ لحظات.
خرج زين بوجه مغبر بالدقيق ، وتعبيرات وجهه المقتضبة لا تبشر بالخير ، إذ إمتلكته موجة من الغضب والسخط جعلت الدم يغلي في رأسه من تصرفات زوجته الحمقاء.
يسير خلفها بخطوات سريعة تكاد تشبه الركض حتى استطاع الإمساك بها من ذراعها ، لأنها لم تكن قادرة على الفرار من بين براثن ذلك الغاضب خوفا علي جنينها.
سحبها نحوه ، وهو ينظر إليها بنظرات إجرامية ، لكنها تتناقض تمامًا مع مظهره الفوضوي المضحك ، هادراً فيها بغضب : عارفه اني هعلقك علي باب الشقة زي الدبيحة بسبب افعالك اللي تشيب دي
حاولت روان التحدث بأرق نبرة تمتلكها ، لتستعطفه بها متظاهرة بالضعف و التعب ، ممسكة ظهرها حتى تنبهه إلى وجود طفلهما الذي عرفت نوعه منذ عدة أيام ، والذي سيأتي إلى العالم بعد أربعة أشهر كاملين : حرام عليك يا زين عملتلك ايه انا عشان تشخط فيا كدا!!
تركها برفق ، وهو يمسح وجهه بكلتا يديه محاولاً السيطرة على غضبه خوفاً عليها من نفسه أثناء فورة غضبه ، قائلا في سخط رغم إرادته بعد أن خفض عينيه على ملابسه المتسخة بالدقيق والبيض والزيت وغيرها : البهدلة دي كلها يا زفتة الطين و معملتيش حاجة
نظرت روان إلى مظهره المثير للسخرية ، حيث امتلأت ملابسه ووجهه ببقايا الكعكة مع بعض المكونات التي بقيت منها على طاولة تحضير الطعام في المطبخ ، وهي تكاد تكبح ضحكة عالية على مظهره المضحك حتى لا يغضب أكثر ، قائلة بشفاه ممدودة في تذمر مثل الأطفال : انت اللي بدأت الاول واكلت الكريز كله اللي هزوق بيه تورتة بنتك .. اعمل ايه بقي دلوقتي بعد ماخلصته!!
حالتها لم تكن أقل سوءًا منه ، فقد أصبح فستانها الأخضر الفاتح ملونًا بعدة ألوان طبيعية ممَ حدث بالداخل ، وشعرها الطويل أشعثًا بشكل فظيع ومضحك.
ضحك الآخر عليها بسخرية ، قبل أن يردف محذرًا أياها بعد أن أمسك شحمة أذنها شاداً عليها يعتصرها بين إصبعيه ، ممَ جعلها تعض علي شفتها بالألم من تلك القوة التي لم تكن شديدة ، ولكنها مؤلمة : كنت بهزر معاكي تقومي تهدي المطبخ فوق دماغنا .. انتي اللي هتنظفيه انا بقولك من دلوقتي عشان ماتجيش تعيطي بعد شوية .. وبعدين تعالي هنا بصيلي .. فيها ايه لما اكل الكريز انا بحبه ايه المشكله يعني!!
أنهى كلماته ، تاركًا شحمة أذنها ممسكًا بها من تلابيب ثوبها الواسع قليلاً ، لكنه أظهر بروز بطنها الكبيرة ، ثم همس في حنق من بين شفتيه ، حتي إستمعت صرير أسنانه المتكئ عليها بقسوة ، بدت وكأنها سنجاب ضئيل الحجم أمام صقر غاضب : عجبك كدا بذمتك دا منظر دكتور محترم وله هبيته وسط الدكاتره والعيانين في المستشفي
سحبت روان الهواء بقوة على صدرها ، وهي تتذكر عندما زارت المستشفى حيث يعمل زوجها ، ورأت ببؤبؤ أعينها نظرات الطبيبات والممرضات التي تكاد تغتصبه من كثرة التحديق به.
منذ ذلك الحين ، وهي تحاول كبح جماح غضبها حتي لا تنفجر فيه مثل القنبلة الموقوتة ، ولكن عند هذا الحد طفل الكيل ، قائلة بحدة تظهر فقط في أوقات سخطها الشديد ، موجهة نظرات التحذيرية إليه ممزوجة بالتهديد الصريح : كلمة زيادة عن منظرك ووقارك قدام البنات البسكوتش دول والله لا اجيب التليفون واصورلك بمنظرك دا عشان انزلها علي صفحتك عالفيس بوك يا دكتور يا وقور و هتبقي فضيحتك بصجات قدام العالم كله
تم عكس الأدوار هنا تمامًا ، حيث أصبحت نظرتها نحوه حادة مثل السيف الذي على بعد خطوة واحدة من قطع رقبته.
ابتلع زين لعابه بعد أن ترك تلابيب فستانها بسخط من بين قبضته ، وأقسم بداخله أن لا شيء سيمنعها ، وأنه إذا حاول استفزازها أكثر من ذلك ستفعل ما قالته دون ذرة تفكير واحدة ، بعد أن لاحظ جديتها ، حينما جاءت سيرة الطبيبات ، مدركًا غيرتها عليه ، قائلا بتذمر مزيف : عارفك مجنونة و تعمليها
روان ضحكت بخفة على رد فعله المضحك ، وهي تمد يديها لتلتقط قطع الكعكة من علي وجهه ، وهي تتذوقها بتلذذ قائلةً بأسي لا يخلو من الإغراء غير مقصود ، وهي تضم شفتيها وتاكل بقايا القطع المتساقطة بجانب فمها : والله طعمها حلو خسارة تعبي فيها الساعات اللي فاتت .. بقولك ايه ابقي اتصرف انت مع بنتك يا حلو انا مش هعملها تورته تانية كفاية ابنك اللي قاعد يضرب برجله في بطن…ي…
أما هو فقد نسي ما كانوا يتحدثون عنه منذ برهة ، بينما يراها وهي تبرم شفتيها الكرزية بهذه الطريقة ، لذلك اقترب منها مثل المسحور دون أن يحيد نظره عن حركات شفتيها ، ثم جذبها إليه بعد أن وضع كلتا يديه خلف رقبتها وانقض عليها ، يقبل شفتيها بعاطفة جياشه في قبلة شغوفة بعدما ابتلع بقية عباراتها في جوفه ، بينما روان صدمت بفعله المفاجئ ، لكنها سرعان ما اندمجت معه في قبلتهما بعمق أكبر.
نتيجة لذلك ، نسوا المكان الذي يقفون فيه وحالتهم المزرية.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في فيلا مراد عزمي
دخل مراد المنزل بهدوء ، ولكن سرعان ما اتسعت بؤبؤ عينه في حالة ذعر شديد ، عندما وجد دخانًا كثيفًا يتصاعد من المطبخ ، فقفزت إلى ذهنه العديد من السيناريوهات قد حدثت لحبيبته و طفله الصغير.
ركض بسرعة إلى هناك بعد أن كاد يقسم أن قلبه توقف عن النبض للحظة من شدة هلعه ، وهو يصرخ بقوة بينما الرؤية مشوشة بسبب الدخان الكثيف : نسمة .. ماجدة .. ايه اللي حصل هنا!!؟
جاءت صرخة مذعورة يتخللها الإختناق إلى أذنيه : مراد الحقني!!
رفع مراد رأسه وهو يحدق في كل الاتجاهات ليحدد مصدر صوتها من أين يأتي ، بينما ينبض قلبه بألف نبضة في اللحظة من شدة خوفه ، وهو يصيح باستنكار بعد رؤيتها واقفة على المنضدة الرخامية ، ويبدو أنها لم تصاب حتي بخدش يذكر : انتي ايه اللي مشعلك فوق كدا .. وراحت فين الدادة والبت اللي معاها!!
شعرت نسمة بالتوتر بعض الشيء ، وهي تحاول صياغة كلماتها حتى لا تلقي حدفها على يده ، فكيف تخبره أنها سئمت الجلوس دون عمل يشغلها حتى أعمال المطبخ ممنوع عليها فعلها ، فهي تعلم أنه حريص على راحتها ، لكنها تشعر بالملل الشديد واغتنمت هذه الفرصة لتسلية نفسها قليلاً ، لكن سوء حظها كان لها بالمرصاد في النهاية.
سحبت نسمة الهواء بقوة إلى رئتيها بينما كان مراد في المقابل يحدق بها ، منتظرًا تفسيراً لما حدث.
عضت شفتها بعد أن أغمضت عينيها بشدة في محاولة لتخفيف توترها ، ثم قالت بسرعة قبل أن تخونها شجاعتها ولا تستطع التحدث بتاتا : بنت الدادة بتولد راحت تشوفها .. و البت التانية اول ما الدنيا ولعت كدا .. جريت وسابتني لوحدي .. انا دخلت اعمل الغدا ويدوب ولعت علي الأكل لاقيت .. فار بيجري من ورا التلاجة والله دا اللي حصل
كانت عيناه مثبتتين عليها بفاهاً منفرج قليلا من الدهشة ، وتلجم لسانه لعدة ثوانٍ من الهراء الذي سمعه ، لا يستطيع تصديق فعلتها السخيفة التي كادت أن تودي بحياتها ، و وتوقف قلبه بسبب خوفه عليها ، مزمجراً بإنفعال وعيون حمراء من شدة الغضب : يا سنتك الطين يا نسمة .. كنتي هتولعي في نفسك وفي البيت و وقعتي قلبي في رجلي من الخوف عشان حتة فار!!
عبست ملامح نسمة بلطف ، وقالت بسخط رغم أنها كانت ترتجف من الذعر داخلها : هو دا اللي فارق معاك هولع في البيت .. ليه يعني مجنونة و لا بردانة وعايزة ادفي .. دا بدل ما تدور عليه و تموته!!
تمتم مراد بين شفتيه صراً علي أسنانه بقوة ، صارخًا في نهاية جملته بصوت عالٍ : انزلي يا نسمة من عندك بسرعة .. يلا
إنكمشت نسمة علي نفسها أكثر من غضبه الناري عليها ، ثم همست بتلعثم من شدة خوفها ، وهي تسب نفسها لعجزها الذي أدى إلى كل تلك الفوضى ، وأشد لأنها تعرضت لذلك الموقف السخيف أمامه : مش هعرف .. المكان..عالي وانا بدأت ادوخ مش هعرف..انزل لوحدي
تمتم مراد بكلام سئ يسب فيه نفسه ، لأنه في فورة غضبه نسي خوفها من المرتفعات ، وبالتأكيد ما حدث لم يكن بإرادتها.
توجه نحوها بعد إطفاء شعلة موقد الغاز ، حيث أمسك بخصرها بذراعيه القويتين ، فإرتمت على صدره متشبثة جيداً في عنقه ، وخبئت وجهها في تجاويف رقبته بعد أن لفت ساقيها حول خصره ، وشعور بالأمان والدفء يغزو جسدها المتيبِّس.
طوقت احدى يديه خصرها حتى لا تسقط ، ومسد على ظهرها برفق بيده الأخرى عندما شعر بها وهي تضع رأسها على كتفه وتعانقه بإرتجاف ، ثم صعد بها إلى غرفتهما في الطابق العلوي دون أن ينبس ببنت شفة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
غربت الشمس معلنة حلول المساء في منزل مالك البارون
وقفت يسر أمام مرآتها ، وبالكاد تصدق أنها إرتاحت قليلاً من صخب أطفالها الدائم الذين وضعتهم عند والدتها اليوم ، حتى تتمكن من تكريس القليل من الوقت لنفسها ، قائلة بصوت خافت ملئ بالأسي علي حالها لإنعكاسها في المرآة : اخيرا لاقيت شوية وقت صغنن لنفسي .. يا لهوي دا انا بقيت مقشفة بسببهم!!
كانت تضع ماسك للبشرة على وجهها ، وتشعر بالانتعاش والحيوية تضخ في جسدها وبدأت تغني بصوت خافت ثم بعد أن أنهت ما كانت تفعله ، صاحت بتذمر وإحباط : يالهوي عليا مش وقت كهرباء تقطع خالص انا لسه مخلصتش
ذهبت يسر إلى المطبخ بخطوات بطيئة ، متحسسة الجدار بيديها ، حتى وصلت إلى الرف حيث كانت تحتفظ ببعض الشموع.
في ذلك الوقت
دخل مالك إلى المنزل ، محبطًا من انقطاع التيار الكهربائي ، وهو يمشي بحذر ، ويخرج هاتفه المحمول من بنطاله ، ثم يضيء ضوء المصباح الصغير الموجود فيه حتى يرأى أمامه في ذلك الظلام.
صاح مالك بنداء علي زوجته التي فوجئ بأنها ليست في غرفة المعيشة كالمعتاد مع أطفاله : يا يسر انتي فين .. واد يا ياسين !!؟
وصل إلى مسمعه صوتها المتذمر قادمًا من المطبخ : مالك انا هنا في المطبخ .. تعالي نورلي مش شايفة حاجة!!
ذهب مالك إلى المطبخ بخطوات سريعة ، ولكن تسمرت قدميه عندما رآها واقفة مولية ظهرها إليه ، بينما كانت يسر تبحث عن ولاعة لإضاءة الشمعة ، وكانت ترتدي ثوب نوم قصيرًا وناعماً للغاية.
أدى إلى اندفاع الحرارة في جسده بقوة ، وعيناه اسودت برغبة عارمة من مظهرها الفاتن أمامه وهو يراها هكذا من خلال الضوء الخافت للمصباح ، فكيف عندما تأتي الكهرباء؟
تعجبت يسر من وقوفه عند باب المطبخ دون أي رد فعل ، وقالت بعبوس مستنكر : حبيبي لو معاك ولاعة نولهالي .. مش لاقية حاجة هنا و مفيش كشاف خالص معرفش وديتهم فين!!
لم تكد تنتهي من كلامها حتى شعرت بذراعيه يطوقان خصرها بشدة ، وأنفاسه ثقيلة حارة ، على رقبتها البيضاء تحرقها بحرارتها ، ثم سمعته يهمس بصوت أجش ممتلئ بالمشاعر : سيبك من الشمع دلوقتي .. فين العيال!!
لم تلاحظ يسر التي كان عقلها مشغولاً بالعديد من الأفكار عن مقصده بكلماته ، قائلة بعفوية : هيباتو عند ماما انهاردة
لمعت عيناه بموجة عالية من الشوق عندما سمع كلماتها ، وهو يقبل بشرة عنقها العاجي بشغف ، هامساً بصوت عميق بينما تضرب أنفاسه الحارة رقبتها مسببة دغدغة لطيفة في جسدها : طيب انسي الشمع والولاعة وخليكي معايا .. بشرتك ناعمة اوي و ريحتها تجنن هتموتيني بحلاوتك اللي بتزيد يخربيت جمالك
ارتفعت وتيرة أنفاسه بجانب وجهها ، وهو يضع يده على فكها ويجعله يستدير نحوه ، موزعا قبلاته الدافئة على خديها ، وعيناها مغمضتان بقوة.
ابتلعت يسر ريقها بصعوبة من المشاعر التي اجتاحتها ، وحاولت إبقاء أصابعه وفمه بعيدًا عن وجهها بتوتر واضح قائلة بلطف : بس انا يا حبيبي مش مستعدة!!
كانت تتلوى بين ذراعيه ، وهو يغمس رأسه في رقبتها بإلحاح ، ويهمس بصوت اجش : هش انا عايزك زي ما انتي كدا
فوجئ الاثنان باستعادة الكهرباء في المكان الذي أضاء بقوة وبشكل واضح من حولهما ، وسرعان ما رمشت أعينهما من ذلك الضوء القوي الذي ضرب في أعينهما.
حاولت يسر أن تستدير إليه ، لكنها سمعت زمجرته المصدومة قائلا بتمتمة كأنه يتحدث إلى نفسه : ايه البتاع الازرق اللي في ايدي وعلي بوقي دا .. جه منين!!!
سرعان ما أطلق صرخة خشنة عندما التفتت إليه بشعرها الأشعث الذي لم يكن مرتبًا على الإطلاق بسبب أصابعه فيه ، ووجهها كان ملطخ ببقايا الماسك ، وأصبح فوضويًا جدًا ومخيفًا بسبب أصابعه عليه أيضًا.
هتف مالك بذهول بينما كانت حالته لا تقل فوضوية عنها ، فجوانب وجهه ويديه ملطخة بقايا الماسك ، وهو يشير إلى وجهها بعيون جاحظة من محجريها : انتي عاملة في نفسك كدا ليه يا ولية!!؟
إنها لا تعرف ما يجب عليها أن تفعله حقًا ، إنها تريد أن تضحك بشدة على شكلها وشكله ، لكنها في تلك اللحظة غاضبة منه أكثر من أي وقت مضى ، فقد ضاعت كل جهودها بسببه هباءاً.
نظرت إليه يسر بعبوس ، وقالت بحسرة على حالتها : دا ماسك للبشرة .. يوه منك يا مالك بهدلتني وبهدلت نفسك
أطلق الآخر زفير مرتاحًا ، حيث كان مذعوراً حقًا مما رآه فجأة ، وقال مازحا : وقعتي قلبي يا شيخة .. افتكرتك اتحولتي وهتاكليني
عبست يسر أكثر ، ثم لكزته بخفة على صدره ، وتحركت راغبة في الخروج من المكان : بايخ
أمسك بعضدها ، يمنعها من المغادرة ، وقال بدهشة من هروبها : تعالي هنا .. رايحة علي فين!!
سحبت يسر ذراعها من بين قبضته بغضب ، وقالت بحدة : أحسنلك تبعد عني الساعة دي .. مش كفاية بوظتلي كل اللي كنت بحضرو عشانك من الصبح .. دا انا ماصدقت عرفت أسرب العيال من حضني عشان افضالك شوية تقوم تعمل فيا كدا!!
هز مالك رأسه بإنكار ، وهو يرفع كلتا يديه في الهواء قائلا ببراءة : انا معملتش حاجة
إتسعت عيناها بصدمة وقالت بإستنكار من لا مبالاته : كل دا ومعملتش حاجة!!
أومأ مالك بخفة ، وهي ينظر إلى عينيها بحب عميق ، قائلا بحنو ممزوج بالمرح لتخفيف حزنها : اه ماعملتش ولا حتي انتي كمان محتاجة تتشقلبي كدا عشان تعجبيني .. انا بحبك في كل حالاتك حتي بشعرك المنكوش دا .. بس ابوس ايدك روحي اغسلي وشك عشان مش قادر امسك نفسي عن الضحك اكتر من كدا
ابتسمت يسر على مزحته رغماً عنها قائلةً باستسلام للأمر الواقع : وربنا انك رخم
قال مالك بابتسامة حنونة ، ونبرة صادقة تفيض بمشاعر عميقة تجاهها : بس بعشقك يا عمري كله
ضحكت يسر بصوت عالٍ على نفسها مثل الحمقى ، وهي تحاول تمشيط خصلات شعرها الغير مرتبة بأصابعها ، قائلة بدلال و مرح بابتسامة صافية : وانا كمان بحبك اوي يا حبيبي .. هروح انقذ مايمكن انقاذه وارجعلك ماهو لازم نستغل الفرصة اللي مش هتتكرر كتير
أنهت كلماتها ، وهي تطبع قبلة حانية على خد زوجها على غفلة منه ، ثم ركضت خارج المطبخ.
قهقه مالك على طفولتها ، وجنونها اللطيف الذي لن يتغير مهما مرت سنوات عديدة عليهم.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في نفس التوقيت بفيلا مراد عزمي
دخلت نسمة غرفتها بعد أن إطمئنت إلى أن طفلها نام بسلام وبراءة محببة لقلبها ، بعد أن سردت له حكاية أسطورية يحبها كثيرا.
مررت نسمة عينيها في الغرفة متسائلة لماذا لم يكن زوجها في المكان ، لكن لم تمضي سوي برهة حتى سمعت مقبض باب الحمام ينفتح ثم خرج مراد منه ، وأدركت أنه استحم من خصلات شعره الأشعث المبتلة والملتصقة بجبهته ، مما ضاعفت من وسامته أكثر.
كان مراد يرتدي سروالًا قطنيًا أسود فقط ، تاركًا صدره عاريًا ، مما أبرز عضلاته الصلبة ومعدته السداسية التي عليها سقطت قطرات ماء من خصلات شعره المبللة ، و تسير ببطء متعرج على ثنايا بطنه ، قبل أن يمسك بمنشفة صغيرة ويجفف بها شعره.
سعلت نسمة بخفة وهي تشيح ببصرها بعيدًا عنه ، بمجرد أن لاحظت أن عينيه تتسلطان عليها ، بعد أن كانت تدقق النظر في جسده المثالي ، من كتفيه العريضتين إلى أصابع قدميه ، قائلة بسؤال ناعم عندما رأته يتجه نحو السرير الوثير : حبيبي .. انت هتنام ولا ايه!!
أومأ مراد إليها بعد أن تسلق السرير ، ووضع جسده عليه مسترخياً ، سألها بهدوء : ايوه يا حبيبتي .. ورايا شغل بدري .. نيمتي يحيي!!؟
أومأت نسمة برأسها متفهمة قبل أن تخلع عنها رداءها الحريري ، لتكشف عن ثوب نومها الجذاب ، جعل ذلك الشخص المستلقي على السرير تتحفز كل خلية في جسده ، بينما عيناه متسمرتان على هيئتها المغرية.
ابتلع مراد ريقه بصعوبة ، وبقيت نظراته مسلطة عليها ، متمعناً بالنظر إلى جسدها ، أثناء اقتربها منه وهي تتمايل في مشيتها أمامه كغصن البان حين تهزها الريح فسلبت عقله كلياً ، حيث اختفي النعاس من عينيه تماما.
سارت نسمة بخطوات غير مسموعة مثل فراشة ترفرف دون صوت باتجاه السرير ، لتتسلق بجانبه ، هامسة بنبرة متعبة : ايوه اخيرا نام بعد ما غلبني طول اليوم وهو بيلعب
رمش مراد بعينيه عدة مرات بعد أن أشاح النظر عنها ، ليستعيد شتات وجدانه التي فقدها أمام جمال زوجته الساحرة ، وتمتم باهتمام مغلف البرود ، لأنه لم ينس ما حدث منها في ذلك اليوم وهو يحاول يحاول جاهدًا السيطرة على أعصابه : وانتي بقيتي احسن دلوقتي!
شعرت نسمة بالحزن يخيم علي قلبها بعد أن لاحظت تجاهله بالنظر إليها ، لم تكن تعلم شيئاً عن الحرب المستعرة دخله بسبب شغفه بها الذي يزداد أضعافاً مضاعفة ، كلما وقعت عيناه عليها ، ويكاد يذوب من رقة صوتها الذي يجعله أكثر جنونا ، وهي تقول : الحمدلله .. هو انت لسه مضايق مني!!
زفر مراد الهواء المحبوس في صدره بإختناق على ذكر ذلك الحدث الذي تسبب له في هلع حقيقي ، قائلا بعد أن سلط عينيه عليها من جديد : اكيد مضايق لازم تاخدي بالك بعد كدا وماتخافيش من الفيران
زمت نسمة شفتيها بعبوس طفولي وهي تحدق به تارة ، ثم تخفض نظرتها تارة أخري ، قائلة بتذمر طفيف مليئ بالحرج : اي حد بيخاف منهم مش انا لوحدي
ابتسم مراد بخبث قائلا بهمس عابث : طب تعالي هنا
أنهى جملته تزامناً مع سحب ذراعها إليه بخفة حتى صعدت على حجره ، ولم يستطع مقاومة رغبة قلبه أكثر من ذلك ، حيث اعتاد على لمسها والاقتراب منها عندما تكون بجانبه.
غمرها مراد بين ذراعيه القويتين ، مطوقاً اياها بقوة لطيفة ، لتتكئ نسمة بجسدها علي صدره ، والتصقت به التماساً للدف براحة تامة كرد فعل لا إرادي منها ، وكأن هذا هو مكانها الصحيح غريزيًا.
مرر مراد عيناه الزرقاوان على وجهها ، محدقًا في ملامحها الجميلة ، من أول الغرة الناعمة على جبهتها ، وصولاً إلى عينيها الخضرتين الواسعتين ، التي يكاد يقسم أنها مثل الجنة بالنسبة له ، و لا يود الخروج منها لبقية حياته.
نزل إلى أنفها الصغير الذي لا يمل من مشاكسته ، محدقاً بعدها في التفاحتين اللتين توردان من ملاحظتها له بعد أن أطال النظر بها في صمت.
تسمرت حدقتيه علي شفتيها التي مثل الكرز الطازج الذي يود قطفه حتى يشبع جوعه .
أكمل مراد همسه بجوار أذنها بأنفاس ثملة من جمالها الذي أرهق فؤاده كثيراً : محلوية انتي بزيادة انهاردة!!
ابتسمت نسمة بخجل لإطراءه اللطيف ، لكنها سرعان ما رفعت كتفيها قائلة بثقة وغطرسة زائفة تفشل في إتقانها ، خاصة أمامه ، حيث تفضحها ردود أفعال جسدها لأقل لمسة منه : انا كدا كل يوم يا قلبي
صدر من فم مراد صفيراً بإعجاب علي كلامها الواثق ، ثم أحاط بجسدها أكثر على صدره قبل أن يتمتم بخفوت ملئ بالشغف : اموت انا في التواضع دا .. قربي عليا شوية
ابتعدت نسمة قليلا بوجهها حتى نظرت إليه مباشرة أمام وجهه متسائلة بدهشة : ليه بقي .. عايز ايه
رفعت مراد حاجبًا بإستنكار على كلماتها الحمقاء ، لكنه قال بنفس الهمس : ايه اللي عايز ايه دي .. هو انا ماوحشتكيش
توردت وجنتيها وهي تشيح بصرها عنه ، قائلة بخجل : لا .. وحشتني
أمسك مراد بفكها بين أصابعه برفق ، موجهاً وجهها أمامه مجددًا ، وسأل بنبرة ملتوية وهو يحرك طرف أنفه على طرف أنفها بمشاكسة محببة : طب ايه!؟
استنشقت كمية لا بأس بها من الهواء ، قائلة بتلعثم ممزوج بإحراج شديد : انت..انت..وراك شغل كتير الصبح..لسه قايل كدا وكمان أحم انا عندي حظر
إحتقن وجهه بقوة بعد سماعه كلماتها التي دمرت كل خططه ، لكنه مع ذلك يبقى مراد ، الذي لا يفقد الأمل بسهولة طالما أنه يريد شيئًا ، خاصة من التي أطاحت بعقله وتشتت قلبه ، فسيحصل عليها بأي وسيلة.
ابتسم لها مراد بفهم ، وقال بغمزة من عينيه الزرقاوين اللامعتين بلهيب ماكر تجاهها : طيب .. يعني مافيش حاجة كدا تحت الحساب لحد ما يتفك الحظر
أدعت نسمة الغباء حتى تستطيع فهم ما يصبو إليه ، وقالت بسؤال : حاجة زي ايه يعني!؟
أجاب مراد بإمالة رأس و إبتسامة واسعة : بوسة صغنتوته مثلا
شهقت نسمة في وجهه بطريقة مضحكة ، وهي تصفع خديها وتقول بذعر مزيف : لالالا يا فضحتي
رمش مراد عدة مرات لفهم ما قالته وصاح باستنكار : فضيحة ايه يا بت .. هو انا شاقطك .. انا ابقي ابو ابنك يا هبلة
تمتمت نسمة بمكر أنثوي تعلمته علي يدي ذلك الرجل ، وهي تمرر إصبع السبابة ببطء على فكه حيث أحرق جسده من الداخل ، وجعل تنفسه أثقل من ذي قبل : نام يا مراد
زم مراد شفتيه حتى أصبحا كخط مستقيم من الغضب ، وتمتم برفض متذمر خشن : لا مش نايم قبل ما اخدها
ابتسمت نسمة بإتساع محدقة بعقدة حاجبيه ، وملامحه الرجولية الوسيمة التي تجعل دمها يغلي ولعاً و شغفاً ، بمجرد النظر إليه تنسى أحيانًا أن تتنفس من حبها المفرط لذلك المخلوق.
لاحظ إطالتها النظر فيه ، وقد نال إعجابه ذلك كثيرًا ، حيث ظهرت ابتسامة خبيثة على وجهه قائلا ببرود استفزازي ، حتى يثير غضبها الطفولي عليه الذي يعشقه : لو خلصتي عد شعرات ذقني يلا انا مستني البوسة
جعدت نسمة حاجبيها بعبوس شديد ، وهي تنظر بعيدًا عنه بعد أن شتمت نفسها علي سلبه عقلها بهذه السهولة ، ثم همست بخفوت استمع إليه مراد ، وكأنها تتحدث إلى نفسها قبل أن تنظر إليه قائلة بقهر ، والابتسامة الماكرة عادت على وجهها مرة أخرى ، وهي ترفع سبابتها في وجهه بتحذير : بقي كدا .. طب اسمع مفيش بوس بعد كدا الا كل 8 ساعات ليك بوسة واحدة بس
حاول مراد أن يقطم إصبعها بأسنانه ، لكن في اللحظة الأخيرة لاحظت حركة فمه ، وأبعدت إصبعها عن متناول فمه بخفة بعد أن صرخت بذعر ، وزادت دقات قلبها رعباً ، ثم سمعت صوته الساخر يقول بتهكم على كلماتها ، متزامنًا مع رفع رأسها بعد أن وضع أصابعه تحت فكها ، بعد أن كانت نظرتها موجهة إلى إصبعها الذي كادت تفقده أمام براثن ذلك الفهد الخبيث : ليه هي بوسة ولا مضاد حيوي يا عبيطة .. هتجلطيني مش هتبطلي عنادك دا ابدا!!
ردت نسمة عليه بعد أن مدت لسانها إلى الأمام لتثير غيظه بإيماءة صبيانية مدللة منها وهي تتمايع بكلماتها : لا انا بموت في العناد
تمتم مراد بصوت أجش قبل أن يطبق شفتيه على ثغرها الوردي ويقبلها بشغف ، واضعا إحدى يديه على وجنتها والأخرى خلف رقبتها ، وهو يقبلها بشغف وحب ، ثم أخذ نفساً عميقاً وضربت أنفاسه الحارة بشرتها بتخدر سري في جسدها بمشاعر لذيذة معلنة استسلامها لقبلته العميقة بحب جارف : وانا بموت فيكي انتي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منتصف الليل داخل قصر البارون
داخل الشرفة الفسيحة في جناح أدهم
كان يجلس هو وزوجته مسترخيين على أرجوحة هزازة تتسع لشخصين بعد أن نام جميع سكان القصر ، وتحديداً التوأم المشاكس عمر ومحمد ، اللذين يبلغان من العمر ثلاث سنوات ونصف ، حيث إنهما كتلة من النشاط والحيوية والشقاوة غير طبيعية ، فقد دللتهم جداتهم بشكل مفرط ، وهذا يجعل زمام الأمور تفلت من كارمن أحيانًا ، وبالتالي تلجأ إلى أدهم حتى يسيطر على الموقف بصرامة ، والتي تستغلها جيدًا في هذه الظروف ، لأنها تعالجها بحكمة وحزم شديد.
تحت نظرات وضحكات ملك الساخرة ببراءة منهم ، و التي بلغت السادسة من عمرها ، ودخلت الصف الأول الابتدائي أيضا ، وينتهي بها الأمر مع التوأم في معركة كبيرة بينهم ، وبين ياسين الذي يبلغ من العمر الآن تسع سنوات ضدهم وحده حتى ينقذ ملك من براثنهم الوحشية بشجاعة ، لكن هذا في وقت اللعب فقط ، لأنهم جميعًا أصدقاء رغم فارق السن بينهم.
أما عند حدوث شجار في النادي يقاتلون سويًا على جبهة واحدة ضد الآخرين ، بتدخل يحيى الصغير أيضًا ، وفي النهاية ينالون عقابًا شديدًا من والديهم.
غمغمت كارمن بعيون مغلقة وهي تطوق ذراعيها حول خصر أدهم ، كهرة مدللة نائمة بين ذراعي مالكها : حبيبي انا عايزة شيكولاته
أتاها صوته الهادئ الذي لا يخلو من بعض الدهشة من كلماتها : ايه دا اوعي تكوني بتتوحمي!؟
رفعت وجهها عن صدره الدافئ حتى راحت تنظر مباشر إلى عينيه المتسعة بذهول ، منتظرا إجابتها باهتمام فقالت برقة : لا انا مش حامل .. كانت نفسي رايحة لها بس
غمغم أدهم بتفاهم قائلا بإبتسامة ماكرة : اصل انا فاكر موضوع الشيكولاته دي كويس من ايام حملك
أدارت جسدها للأمام من بين ذراعيه التي تحاوطها ، بحيث التصق ظهرها بصدره ، ورأسها أصبحت على كتفه ، تمتمت بدهشة بعد أن تذكرت تلك الواقعة : ياااه علي ذاكرتك الحديدية أمسك الخشب .. دا انا كنت نسيت اصلا
قال أدهم بينما كانت أصابعه تداعب شعرها من الخلف : والله نسيتي انا عمري ما هنسي .. يوم ما دخلتي عليا الاجتماع في ايدك الشيكولاته وملحوسة بيها بوقك وانا قاعد مع عملاء مهمة وبوستيني قدامهم وبهدلتيني
أغلقت عينيها بحرج ، ووضعت كلتا يديها على فمها لمنع صوت ضحكتها المرحة من الصعود في حلقها ، ثم قالت بأنفاس لاهثة ، وهي تلوح بيديها في الهواء ببراءة وتبرير : كنت مبسوطة اوي ساعتها .. انك افتكرت وبعتلي الشيكولاته .. اللي كان نفسي فيها ومن فرحتي عملت كدا .. مقدرتش امنع نفسي اني اشكرك
إبتسم أدهم وهو يميل برأسه ، ويقبل رقبتها وتحديداً على عرقها النابض بقوة ، بسبب إخفاء ضحكها ، وهمس بصوت رجولي عميق : دي كانت اول مرة في حياتي احس بالاحراج الجامد دا
أطلقت العنان لضحكها الشديد على كلماته ، ثم همست بدلال أنثوي بعد أن أدارت وجهها إليه ، ونظرت طويلاً داخل حدقتيه : اذوب انا في حبيبي المحروج
ابتسم لها أدهم بطريقته الجذابة وهو ينتقل ببؤبؤ عينيه إلى شفتيها ، التي تحركت أثناء الحديث بطريقة مغرية ، مما تسببت في زيادة خفقات قلبه بعنف داخل ضلوعه.
خفض رأسه نحوها أكثر ، ممسكًا بفكها بأصابعه ، متناولاً شفتيها بقبلة متأججة بالعاطفة ، باثاً غرامه و عشقه اللامنتهي لها بهذه القبلة التي ألهبت مشاعرهما معًا.
همست كارمن وهي تلهث بعد أن فصلت القبلة ، وإستدارت بوجهها إلى الأمام محاولة تهدئة تنفسها قليلاً : كنت .. عايزة اقولك .. علي حاجة!
تمتم بلطف وهو يمرر لحيته الخشنة على خدها المحمر من حرارة شعورها تجاهه ، مما تسبب في ارتعاش جسدها ، بينما كان يشابك أصابعه مع أصابعها : قولي
رمشت كارمن بعينها عدة مرات ببعض التوتر ، و هي تردف كلماتها بأنفاس متقطعة : ملك .. سألتني انهاردة .. ليه اسمها مش زي اسم اخواتها
وصل إليها صوته الهادئ قائلا بطريقة بإستفهام بعد أن جفل وكأن ماء بارد قد سكب عليه سهواً : وقولتلها ايه؟
اردفت كارمن بعد أن ارتسمت الجدية على وجهها : شرحتلها الموضوع بطريقة مبسطة عشان تقدر تستوعبها ووريتها صور ليها مع عمر كمان وهي صغيرة .. فرحت اوي لما شافتهم .. قولتلها انها بنوتة محظوظة عشان عندها اتنين بابا و كل الولاد عندهم بابا واحد بس
تنفس أدهم زفيرًا بطيئًا ، ملاحظًا أنه كان يحبس أنفاسه ، بينما كان يستمع لها بترقب كبير ، ثم قال بإعجاب لذكاء وفطنة زوجته : برافو عليكي يا حبيبتي .. دايما انا وانتي هنحكي لملك عنه الفترة الجاية اكتر .. دا حقها علينا
تمتمت كارمن في اتفاق مع رأيه ، بينما كانت عيناها تتجهان نحو السماء تحديدا إلى النجمة الوحيدة التي كانت تتوهّج في السماء المعتمة : معاك حق يا ادهم
حل صمت مطبق على المكان ، وسبحا كلاهما في أفكارهما حتى سمعته يقول بصوت عالٍ قليلا لجذب انتباهها : اسمعي
همست له كارمن بصوت خافت ، مترقبة لما يريد أن يقوله وقد اعتراها الفضول : نعم!!
أردف أدهم بجدية بعد التفكير في الأمر بعمق : احنا لازم الفترة دي نهتم زيادة عن الاول بملك كمان .. امي وامك كل واحدة واخدة واد منهم وماسكين فيهم بطريقة غريبة.
أومأت كارمن برأسها وهي تستدير نحوه بجسدها ، حيث راق لها جدًا كلامه ، محدّقة في زرقاوتيه الداكنة التي كانت تنظر إليها بحب واضح ، قائلة بدعم يتخللها بعض الاعتراض على تصرفاتهم : اه والله معاك انا بدخل علي ماما اوقات عشان اخد محمد أحميه او اغير هدومه الاقيها قاعدة تكلم معاه و مش راضية تسيبه وهو ماسك في الشيكولاته اللي بتديهالو كأنها راضعة مع اني قولتلها انها غلط عليه كتير
غمغم أدهم بصوت خفيض لا يخلو من السخرية : نفس الوضع مع ماما برده .. اكيد ملك هتبدأ تحس بغيرة منهم ومش هتستوعب دا كلو
خرجت غمغمة خافتة من فمها ، وهي تومأ برأسها في موافقه.
وأضاف أدهم بصوت أجش مليء بالمرح ، مشيرا إليها بإصبعه السبابة بتحذير ، محاولاً إخفاء ضحكته ، وهو يغمس وجهه في رقبتها بمشاكسة حتي تسللت له رائحة عطرها الهادئ : بس بقولك ايه .. انتي عارفاني مجنون هخطفك منهم كلهم واستفرد بيكي لو انشغلتي بيهم واهملتيني
رفعت كارمن رأسه عن عنقها وقرصت خده الشائك ، وقالت مازحة بينما كانت تقوس شفتيها بأسي مزيف : اخس عليك يا حبيبي مقدرش اعمل كدا طبعا .. انا هاخد اول طيارة علي طنطا بسببكو كلو
سرعان ما ضحكا معاً بصوت عال هز المكان فرحا قبل أن يقول أدهم بابتسامة حنونة تعلو شفتيه : انا دلوقتي بس بالي مرتاح .. اتحقق كل حاجة كنت بتمناها من ربنا الحمدلله .. وعوضنا عن كل حاجة خسرناها .. والأهم انه راضي عني عشان رزقني بيكي انتي في حياتي
همس لها أدهم بصوت خفيض ذو بحة خاصة لامست سويداء قلبها بعد أن دني رأسه إلى مستوى أذنها : انا بعشقك اكتر من نفسي يا كارميلة قلبي
ابتسمت كارمن بحب علي رقة كلماته ، واسمها المميز من فمه قبل أن تطوق عنقه بذراعيها ، وهي تغرس أصابعها في شعره البني الكثيف ، وتخبئ وجهها في تجاويف رقبته حتى تسللت رائحته الرجولية إلى أنفها.
همست بنبرة مليئة بالعشق ، خدرت جسد أدهم حرفيًا من أنفاسها الحارة التي تلفح جلده ، مغمضاً جفونه براحة وهو يشدد عناقه لها أكثر : وانا حياتي كلها ليك يا عمري كله
★★★
إن وجودهم معًا يشبه إلى حد بعيد ظاهرة الشفق القطبي ، حيث إنه أيضًا مزيج من الألوان الخلابة وهالة من الأضواء القطبية التي تضفي البهجة على الناظر ، لعل حدوثه لم يكن مقصوداً ، فهو مجرد خطأ وقع بالصدفة و ربما في نفس الوقت كان قدرهمها منذ البداية ، ولكن بالنهاية هذا الخطأ كان جميلاً بالنسبة لهم بقدر ما كان من المستحيل توقعه وحدوثه ، و هذا يؤكد أن الخطأ يمكن أن يكون جميلًا أيضًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمت بحمد الله

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-