رواية قلب الدموع الجزء الاول 1 بقلم مني سلامه
رواية قلب الدموع الجزء الاول 1 هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة مني سلامه رواية قلب الدموع الجزء الاول 1 صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية قلب الدموع الجزء الاول 1 حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية قلب الدموع الجزء الاول 1
رواية قلب الدموع الجزء الاول 1
توجهت الى المبنى الإدارى حيث مكتب صاحب المزرعة .. طرقة الباب طرقات خفيفة ..سمعت صوت من الداخل :
- اتفضل
دخلت .. فرفع رأسه ليجدها أمامه .. هز رأسه لتتقدم .. تركت الباب مفتوحاً كما المرة الماضية ودخلت وقفت أمام المكتب قائله :
- صباح الخير يا بشمهندس
رد بهدوء :
- صباح النور
نظر الى الباب المفتوح .. ثم نظر اليها قائلا :
- هو مينفعش الباب يتقفل .. لازم اللى رايح واللى جاى يتفرج علينا
ارتبكت ونظرت الى الباب ثم اليه .. كان يرقب ردود أفعالها .. قالت بتوتر :
- آسفه مش هينفع أقفله
همت بالإنصراف ثم قالت :
- خلاص مفيش مشكلة شكراً
أوقفها قائلاً :
- استنى
الفتت اليه فنظر اليها قائلاً :
- انتى على طول متسرعة كدة
صمتت ولم تجب .. أشار برأسه الى الكرسي أمام المكتب قائلا بصرامة :
- اعدى
تقدمت منه وجلست .. نظر اليها .. كانت تحاول استجماع قواها وترتيب أفكرها .. صمتت لحظات ثم التفتت اليه تنظر اليه قائله :
- فى واحدة كانت بتشتغل هنا فى الحلب .. هى ست كبيرة فى السن .. وشكلها على أد حالها .. كانت واقفة على البوابة الراجل مش راضى يدخلها .. اتكلمت معاها .. طردوها من الشغل عشان كانت بتغيب كتير.. بس هى معذوره ابنها كان تعبان فى المستشفى وهى كنت أعده جمبه
كان يراقبها وهى تتحدث وعلى وجهها ملامح التأثر لحال تلك السيدة .. بلعت ريقها ثم استطردت قائله :
- هى غلبانه أوى .. وملهاش شغل تانى تصرف منه على ولادها .. يعني لو ينفع .. يعني .. حضرتك ..
قاطعها قائلا :
- بتتوسطيلها عندى يعني ؟
بللت شفيها بلسانها وقد شعرت أن حلقها جاف من التوتر .. قالت :
- لو ينفع حضرتك ترجعها الشغل تانى يبقى خدت فيها ثواب .. لأن فعلا شكلها محتاجة للشغل أوى
صمت لحظات ثم نظر اليها قائلا :
- لو فعلا مشوها للسبب ده يعني بسبب غيابها .. فأنا هقول لرئيس العمال يرجعها تانى
لم تصدق ما سمعت .. شعرت بفرحة عارمة أن استطاعت مساعدة تلك السيدة الفقيرة .. نظرت إليه وهتفت والابتسامه تعلو شفتيها :
- بجد ؟ .. يعني هترجعوها الشغل ؟
راقب ابتسامتها والفرحة التى تعلو وجهها من أجل سيدة لا تعرفها ولم تلتقى بها من قبل .. ساد الصمت .. لاحظت تفرسه فيها .. فشعرت بحمرة الخجل وهى تتصاعد الى وجنتيها فخفضت بصرها .. قال بعد برهه :
- أيوة .. لو كان زى ما قالت هو ده السبب اللى طردوها عشانه .. يعني متكنش عملت حاجه غلط سرقت مثلا أو سببت تلفيات
- شكراُ لحضرتك .. وهى عامة بتيجي تقف كل يوم أدام البوابة .. وهى هتيجي بكرة عشان تعرف اذا كانت هترجع الشغل ولا لأ
هز رأسه .. فنهضت ونظرت اليه قائله :
- متشكره مرة تانية
ثم خرجت وأغلقت الباب وراءها .. ظل ينظر الى الباب المغلق و هو يفكر فى رقة قلب تلك الفتاة التى شعرت بالفرح الذى أنار وجهها من أجل تلك السيدة الفقيرة ... كان مستغرقاً فى تفكيره عندما طرق باب غرفة مكتبه
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
داعبت النسمات الناعمة شعر "ياسمين" , كانت ملامحها الهادئة الساكنة تشير الى استغراقها فى النوم فلم تسمع والدتها "سمية" وهي تفتح نافذة حجرتها التي تسللت منها تلك النسمات فأخذت تداعب شعيراتها السوداء المتساقطة على جبينها فى رقة , اقتربت الأم من فراشها ونادتها بنبرة حانية:
- "ياسمين" .. "ياسمين" قومى يا بنتى أبوكى نزل
تململت "ياسمين" في فراشها وفتحت عينيها في بطء وارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها ونظرت الى أمها قائلة :
- ماما ... صباح الخير يا ست الكل
- صباح الفل يا حبيبتى .. قومى أبوكى نزل يصلي الجمعة .. بلا عشان نشوف اللى ورانا
أزاحت "ياسمين" الغطاء الذى تدثرت به ونهضت فى تكاسل وطبعت قبلة على وجنتة أمها
- حاضر يا قمر .. هدخل الحمام وآجي أشوف هنعمل ايه
- أنا هدخل المطبخ أبدأ في تحضير الغدا وانتى يا حبيبتى عليكي التنضيف زى كل جمعة .. يلا شهلى أوام قبل ما أبوكى يرجع .. انتى عارفه ما بيحبش يرجع يلاقي البيت مكركب
نظرت "ياسمين" الى الفراش الفارغ الموجود بجوار فراشها والتفتت الى أمها قائلة :
- أمال فين "ريهام" ؟
- نزلت تجيب شوية طلبات .. أنا عارفة اتأخرت ليه
دخلت "ياسمين" الحمام وتوضأت وصلت ركعتي الضحى وشرعت فى مساعدة والدتها فيما اعتادت أن تقوم به من أعمال.
كانت "ياسمين" ابنة لأسرة متوسطة الحال أو أقل من المتوسطة بقليل , من تلك الأسر التي نقول عنها (عايشين مستورين) , والدها موظف على المعاش لا يملكون من حطام الدنيا إلا هذا البيت الذى يأويهم والذى يقع فى أحد الأحياء البسيطة ب
القاهرة , أمها من تلكم الأمهات اللاتي تراهن فى معظم البيوت المصرية من هذه الطبقة , سيدة طيبة لم تنل حظها من التعليم لكنها تراعي ربها فى بيتها وزوجها وبناتها على أكمل وجه , سيدة حانية تجمع بين الطيبة والبساطة , لدى "ياسمين" شقيقة واحدة تصغرها بـ 4 أعوام تدرس فى السنة الأخيرة بكلية تجارة جامعة عين شمس .
أما "ياسمين" فكانت في ال السادسة والعشرون من عمرها طبيبة بيطرية لا تعمل منذ أن تخرجت , نجحت البنتان فى نيل حظ وافر من التعليم , فكان هذا هو ما يطمح اليه والدهما الذى يفتخر بهما كلما اجتمع بأصدقائه على المقهى الذى يجلس عليه عادةَ , كم يشعر بالفخر لأنه بالرغم من مستواه المتواضع إلا أنه لديه ابنتان كانتا سبب فخره دائماً ليس بتعليمهما فحسب بل بأدبهما وأخلاقهما وتربيتهما أيضاَ .
رن جرس الباب فنظرت "ياسمين" من العين السحرية ثم فتحت الباب لأختها "ريهام"
- طبعا "ريهام" هانم هربانه على الصبح من شغل البيت
- يا باي على الظلم .. كنت بجيب حاجات ماما طلباها
- طيب , يلا يا حلوة شوفى ماما فى المطبخ ساعديها
- من غير ما تقولى كنت داخللها
كانت "ياسمين" و "ريهام" على وفاق دائماً ويحبان مشاكسة بعضهما البعض والمزاح والضحك وساعد على ذلك تقارب سنهما.
وفى وقت الغداء التف الجميع حول طاولة الطعام وشرعوا في تناول طعامهم واشتركوا في الحديث والمزاح , ثم بعد فترة قال رب الأسرة "عبد الحميد" :
- النهاردة جه عريس لـ "ياسمين"
احمرت وجنتا "ياسمين" بشدة , فهذه هي المرة الأولى التي يتم فتح مثل هذه المواضيع أمامها , فقد كانت تتسم دائماً بالخجل والهدوء خاصة في الحديث مع والدها الذى تقدره وتحترمه كثيراَ
الأم "سمية" : بجد يا "عبد الحميد" , طيب هو مين ؟ وقالك ايه ؟
"ريهام" بمزاح : ايه ده بجد .. أخيراً حد عبرك
لم تستطع " ياسمين" الجلوس أكثير فنهضت بسرعة
"سمية" : ايه يا بنتى مش هتكملى أكلك
"ياسمين" : شبعت يا ماما
دخلت مسرعة الى غرفتها ونظرت الى وجنتيها الحمراوان فى المرآة , وشعرت بدقات قلبها تتسارع وتساءلت فى نفسها ( يا ترى شافني فين ؟ وعرفني منين ؟ يا ترى ليه اخترنى أنا بالذات ؟ )
كانت " ياسمين" طوال سنين دراستها الجامعية ترفض تماماً الإختلاط بالشباب والإنضمام الى مجموعات التى تضم الجنسين معاً فيما يسمى بالصداقة , فلم تكن تهتم إلا بدراستها وتفوقها , وساعدها تربيتها وتدينها على المحافظة على نفسها ومشاعرها , كانت "ياسمين" تتمنى دائماً أن يكون زوجها هو أول من يطرق باب قلبها فإحتفظت بكل مشاعرها وعواطفها له وحده , فكانت ترى أن الحب الحلال أبرك كثيراً من أى علاقة محرمة تغضب ربها.
ومن جهه أخرى لم تكن "ياسمين" تحظى بإهتمام الشباب وخاصة أولئك الذين يبحثون عن حب سريع وعلاقات عابرة لأنها لم تكن تملك مقاومات جمال تبهر الرجال , فملامحها الهادئة ليس بها شئ مميز بإستثناء عينيها السوداوين برموشها الكثيفة التي تشكل مع ابتسامتها الرقيقة جمالاً هدئاً ناعماً بريئاً
فتحت "ريهام" الباب ونظرت الى "ياسمين" ضاحكة : قومتى ليه يا عروسة ؟
"ياسمين" وهي تشير الى الباب : بطلى بأه واقفلى الباب ده
دخلت "ريهام" وأغلقت الباب خلفها قائلة بشقاوتها المعهودة:
- تدفعى كام وأقولك المعلومات اللى بابا قالها عن العريس؟
"ياسمين" بلهفة : قولى بأه ما تبقيش رخمة
-ايه هى سايبه .. مش هقول إلا لما آخد الحلاوة
- حلاوة ايه هو لسه حصل حاجة
- هيحصل ان شاء الله وبكرة تقولى "ريهام" قالت
- قولى بأه يا "ريهام" , بابا قال ايه؟
"ريهام" باستسلام مصطنع : طيب صعبتى عليا , هرأف بحالك وأقولك من انتى زى أختى برده
- أوف , مش هنخلص النهاردة
جذبت "ريهام" "ياسمين" من ذراعها وأجليتها على السرير : بصى يا موزة .. العريس اللى أمه داعية عليه .. يوووه قصدى اللى أمه دعياله عنده 35 سنة خريج هندسة بيشتغل مهندس بترول .. جاهز من مجاميعة .. عنده شقة بتاعته فى منطقة راقية مش ناقصها غيرك يا جميل
- اسمه ايه؟
"ريهام" ضاحكة : ههههههه هيفرق ايه اسمه معاكى .. افرضى مثلاً اسمه "عتريس" هترفضى؟
"ياسمين" غاضبة: عشان أما أجى أصلى استخارة يا أذكى اخواتك أقول اسمه فى الدعاء
"ريهام" بهيام : اسمه "تيفه"
"ياسمين" بإستغراب : "تيفه" .. ايه "تيفه" دي
- "تيفه" يا "ياسمين" .. يعني "مصطفى"
صمتت "ياسمين" قليلاً ثم قالت : طيب هو شافني فين يعني ؟
- لا هو أنا ما قولتلكيش .. يقطعني
"ياسمين" وهى تقرص "ريهام" في ذراعها: بطلي أم الاستظراف ده .. مش وقتك خالص
"ريهام" وهى تفرك ذراعها : آآآآآآه .. يا متوحشة , ربنا يكون فى عونك يا "تيفه" .. بصى يا موزة أبو "تيفة" الله يمسيه بالخير هو و بابا وبيصيعوا مع بعض على القهوة وصحاب من زمان
- احترمى نفسك ايه بيصيعوا دى
- الله .. ما تسبينى أكمل بأه .. المهم شكل كدة الواد "تيفه" شافك فى مرة وانتى واقفة مع باب وعرف من أبوه كل حاجة عنك , وشكل الصنارة غمزت يا جميل
رغم محاولات "ياسمين" الاستغراق فى النوم إلا أن النوم أبى أن يسيطر عليها وقضت معظم ليلتها فى التفكير فى شكل هذا الـ " مصطفى" , وأهم شئ أخلاقه وطباعه , ولم تنسى قبل أن تخلد الى النوم أن تصلى صلاة الاستخارة لتسأل الله -عز وجل- أن ييسر لها إن كان هذا الأمر خير لها وأن يصرفه عنها إن كان فيه شر لها .. وفى النهاية استسلمت "ياسمين" الى سلطان النوم.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
ارتدت "ياسمين" ملابسها التي اختارتها بعناية ولفت حجابها وتأملت نفسها في المرآة , كانت في غاية التوتر والقلق فهذه هي المرة الأولى التى يتقدم أحدهم بطلب يدها , شعرت أنها تريد أن تسأله عشرات الأسئلة لتتأكد من أنه الشخص المناسب لها , وفى نفس الوقت شعرت أنها لن تستطيع أن تتفوه ببنت شفه.
دخلت "ريهام" الغرفة لتُخرج "ياسمين" من شرودها
- ايه أخبار عروستنا ؟
- هموت يا "ريهام" حسه انى هيغمى عليا
- ههههههه معلش حبيبتى كلنا لها
- حسه اني متوترة أوى ومكسوفة أوى
في هذه الأثناء دخلت "سمية" : يلا يا "سوسو" أبوكى قالى أندهلك
"ياسمين" بفزع : بسرعة كدة .. خليهم يعدوا مع بعض شوية
"ريهام" : يعني الراجل دابب المشوار ده كله عشان يعد مع أبوكى .. يلا يا بت بلاش دلع
سارت "ياسمين" الى الصالون وهي تناجى ربها فى سرها وتدعوه أن يقدر لها الخير حيث كان , كانت تشعر أن قدميها لا تستطيع حملها , جذبتها أمها قبل أن تدخل اليهم قائلة :
- استني هتدخلى كدة وايدك فاضية .. خدى قدمى صانية الحاجة الساقعة دى
- ماما أبوس ايدك شيليها انتى أنا شايلة نفسي بالعافية
دخلت "ياسمين" وألقت السلام وهى تنظر الى الأرض : السلام عليكم
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
- وعليكم السلام أهلا بالعروسة
- وعليكم السلام ازيك يا بنتى
لم ترفع "ياسمين" عينيها لترى محدثيها ولكنها ميزت من أقدامهم أنهم امرأة ورجلين
- "عبد الحميد" سلمي على طنط "كوثر" يا "ياسمين"
توجهت "ياسمين" الى القدم الأنثوية وسلمت فجذبتها "كوثر" وقبلتها قائلة:
- بسم الله الله أكبر .. ازيك يا عروسة
تمتمت "ياسمين" بصوت خافت : الحمد لله
جلست "ياسمين" فى المقعد الفارغ بجوار السيدة "كوثر" والدة "مصطفى" , تمنت "ياسمين" أن ترفع عينها لتراه لكنها لم تجرؤ على ذلك , تحدث الجميع فى مواضيع متفرقة وتشاركوا الضحكات والمزاح الخفيف , وظلت "ياسمين" مستمعة اليهم دون أن تشاركهم الحديث
- "عبد الحميد" : "ياسمين" يا بنتى شوفتى عريسك ؟
- "ياسمين" : _____________
- "عبد الحميد" : لازم تشوفيه يا بنتى ده جواز يعني لازم قبول من الطرفين
- " ياسمين" : ____________
- "كوثر" : اظاهر عروستنا مكسوفة
- "صادق" والد " مصطفى" : والعريس كمان شكله محرج
- "عبد الحميد" : طيب يا جماعة نسيبهم شوية لوحدهم عشان يعرفوا يتكلموا براحتهم
نهض الجميع وتوجههوا الى المجلس الذى لا يبعد كثيرا عن المكان الذى يجلس فيه "مصطفى" و "ياسمين"
- " مصطفى" : ازيك عامله ايه؟
- "ياسمين" بخجل : الحمد لله
- انتى دكتورة بيطرية مش كدة ؟
- أيوة
- طيب أنا عارف كل حاجة عنك من والدك انتى بأه عايزة تعرفى عني ايه ؟
- "ياسمين" : ______________
- طيب بصيلي على الأقل
- حضرتك اتكلم عن نفسك أنا مفيش عندى أسئلة معينه
- طيب أنا اسمي "مصطفى" عندى 34 سنة و 9 شهور , مهندس بترول فى شركة كبيرة فى البحر الأحمر بنزل القاهرة اسبوع كل شهر , يعني عايز واحدة مستعدة تتحمل ظروف شغلى لأني هغيب عنها 3 أسابيع كل شهر , هواياتى هى لعب الملاكمة وكمان بحب سباق السيارات.
أثناء حديثه كانت "ياسمين" تختلس النظر اليه , رأته شابا هادئ الملامح عينيه بنيتين خمرى البشرة بنفس لون بشرتها لديه شعر قصير جدا أسود اللون , أكمل "مصطفى" قائلاً :
- شقتى جاهزة على الفرش بس , ولو قبلتيني وكان لينا نصيب مع بعض ان شاء الله الفرح هيكون خلال شهرين بالكتير
- شهرين ؟!
- أيوة ان شاء الله الأمر مش هيطول عن كدة أنا متكلم مع والدك فى الموضوع ده , وأنا هاخد أجازة من شغلى الفترة الجاية عشان أقدر أخلص الشقة قبل معاد الفرح
انتهت الزيارة ورحلوا فى انتظار رد العروس
, توجهت "ياسمين" الى الحمام وتوضأت وصلت استخارة مرة أخرى فهى لم تتوقف عن أدائها منذ أن بدأ هذا الموضوع , شعرت بأنها لم تستطع أن تكون فكرة واضحة عنه ولا تستطيع الحكم جيداً على مشاعرها فهى لا تشعر بشئ على الاطلاق , لا برغبة فى القبول ولا برغبة فى الرفض لذلك تركت الاختيار بيد الله -عز وجل- , كان أكثر ما يقلقها هو هذه الخطوبة القصيرة التى لن تتعدى الشهرين , تساءلت فى نفسها هل تستطيع أن تتعرف عليه وتعتاد عليه فى هذه الفترة القصيرة ؟!
كان من الواضح أن "عبد الحميد" سعيداً جداً بـ "مصطفى" فهو لم يكن ليتمنى شخص أفضل منه لابنته , وما زاد من تمسكه به هو أن "مصطفى" اتفق معه أن يتكفل بمعظم الجهاز والفرش حتى ينتهى سريعاً من اعداد شقة الزوجية فرفع بذلك عن كاهلة حمل ثقيل من النفقات.
أخبرت "ياسمين" والدها عن مخاوفها من قصر فترة الخطوبة , لكنه لم يلتفت لذلك وأخبرها أنه سأل عليه جيداً وأنه شاب ممتاز لا غبار عليه.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
جاء اليوم الموعود وارتدت فيه "ياسمين" فستانها الذى عثرت عليه بعد عناء وأجرته من أجل هذا اليوم , فكان اختيارها موفق اذ أنها لطالما كانت تتمنع بذوق راقٍ في اختيار ملابسها رغم بساطتها , كان فستانها ذو لون موف هادئ بسيط وارتدت طرحه من نفس اللون .. كان وجهها بلا زينة فبدت بمظهر هادئ برئ
كانت الزغاريد لا تنقطع منذ الصباح فهي البكرية والفرح بها له مذاق خاص , كانت حفلة الخطوبة صغيره فى منزلها المتواضع تضم الأسرتان فقط , و "سماح"احدى صديقات " ياسمين" المقربات من أيام الثانوية
- " سماح" : قمر يا اخواتى .. قمر اللهم بارك
- "ياسمين" : بجد يا "سماح" .. حلو الفستان والطرحة
- "سماح" : بقولك قمر
- "ياسمين" : قمر بالستر يختى
- "ريهام" : يلا يا عروسة الناس مستنيه بره
- "ياسمين" : حاضر خارجه أهو
خرجت "ياسمين" من غرفتها وتعالت الزغاريد مرة أخرى فى أرجاء المنزل.
قبل يومين خرجت الأسرتان وانتقت "ياسمين" دبلة الخطوبة والشبكة المكونة من خاتم رقيق و سلسلة بسيطة يتدلى منها قلب صغير , كانت سعيدة للغاية فهذه هى المرة الأولى التي ترتدى فيها ذلك المعدن الذهبي النفيس الذى يخطف عقول النساء , فلم تكن ظروف اسرتها تسمع بشراء مثل هذه الرفاهيات.
جلست "ياسمين" بجوار "مصطفى" وقدمت "كوثر" صنية ذهبية اللون مزينة بالورود عليها الشبكة الى ابنها ليلبسها لعروسته , قالت "ياسمين" بحرج :
- معلش يا طنط ممكن حضرتك اللى تلبسيني الشبكة
- "كوثر" : ليه يا حبيبتى ده "مصطفى" خلاص بأه خطيبك وقريب أوى هيبقى جوزك
- "ياسمين" بحرج أكبر : معلش يا طنط مش هينفع
نظرت اليها أمها نظرة معناها (عديها مفيهاش حاجة)
لكن "ياسمين" أصرت ألا يلمس يدها قبل كتب الكتاب فمازال رجل غريب عنها , شعرت بضيق "مصطفى" من تصرفها لكنها حدثت نفسها قائلة (من أرضى الله بسخط الناس رضى الله عنه وأرضى عنه الناس) , ألبستها "كوثر" الشبكة , شعرت "ياسمين" بأن قلبها يرقص فرحاً فها هى لحقت بركب صديقاتها وجاراتها المخطوبات.
==========================
فى هذه اللحظة وفى حديقة فيلا كبيرة فى المعادى كان هناك حفل خطوبة لأحد أكبر رجال الأعمال بالقاهرة .. "عمر نور الدين الألفي" .. كان "عمر" في الـ السابعة والثلاثون من عمره , أسمر طويل عريض المنكبين ذو شعر أسود حريري , تجمع ملامحه بين الوسامة والرجولة .. رجل تتمناه الكثير من النساء ليس لشكله ووسامته فقط بل لمركزه الإجتماعى وثراءه الفاحش أيضاً , فبالرغم من صغر سنه إلا أنه يملك ويدير العديد من المصانع والأراضى والشركات التي كانت ملكاً لأجداده ولكنه بذكائه وحسن ادارته لأعماله نجح فى توسيع أعماله حتى ذاع صيته داخل مصر وخارجها.
أقبل رجل فى العقد السادس من عمره على "عمر" قائلاً :
- ابني حبيبى , أخيراً عشت وشوفت اليوم ده
- "عمر" وهو يقبل يد والده : بابا , ربنا ما يحرمني منك
- مبروك يا "عمر" أخيراً هنفرح بيك , بقولك ايه ما تطولش فى الخطوبة هاا عايز أشيل ولادك قبل ما أموت
- "عمر" ضاحكاً : ربنا يديلك طولة العمر يا بابا , ما تقلقش هو ده أصلاً اللى أنا ناوى عليه
رأى "عمر" والدته "كريمة" مقبلة عليه فإستقبلها بإبتسامة قائلاً : أمى الغالية , هى فين العروسة مش هتنزل بأه
- الأم ضاحكة : هههههه اصبر على رزقك , خلاص خلصت لبس والكوافير كمان خلص شغله
- "عمر" واجماً : كوافير ؟ يعني راجل اللى بيزوقها ؟
- "كريمة" : بقولك ايه ما تضايقش البنت النهاردة , يوم سيبها تفرح بيه وبعدين انت ابقى طبعها بطبعك
أقبلت "نانسي" فى فستانها زهرى اللون الذى صُمم على يد أشهر مصممي الأزياء فى العالم , كانت فاتنة تخطف الأنظار بعينيها الخضراويين وشعرها الأشقر الذى رفعته الى الخلف , وبشرتها الملساء ناصعة البياض , كانت كالأميرة تنزل على سلالم الفيلا ليستقبلها أميرها الساحر.
- أمسك "عمر" يديها وقبلها وهمس لها : حبيبتي
- "نانسي" بإبتسامتها الساحرة : عجبتك ؟
- امتلأت عيناه بنظرات الحب والإعجاب قائلاً : عجبتيني بس , ده انتى هوستيني .. اعملى حسابك فترة الخطوبة هتكون قصيرة جدا
ضحكت "نانسي" بنعومة , وسارت يدها فى يده بينهما يهنئهما الجميع وباركون لهذين العروسين , كانت نظرات الجميع اليهم تجمع ما بين الحسد والإعجاب والانبهار , فالإثنان يمثلان ثنائي العام , " نانسي" ابنة رجل أعمال شهير ولا تقل ثراءا عن " عمر" , فكان الجميع يراهما مثاليان لبعضهما البعض.
أقبلت "نيرمين" صديقة "نانسي" المقربة حاملة وسادة من الستان الوردى موضوع عليها دبل الخطوبة , كانت الدبلتان مربوطتان ببعضهما البعض بشريط ستان أحمر , ألبس "عمر" الدبلة لـ "نانسي" وفعلت "نانسي" معه بالمثل , وأقبل والد "عمر" ليقص الشريط .. ووسط تصفيق ومباركة الحضور قبلها "عمر" على وجنتيها قائلاً :
- مبروك يا حبيبتى أنا النهاردة أسعد راجل فى الدنيا
رقص الخطيبان على أنغام موسيقى حالمة .. كانت نظرات "عمر" اليها تحمل الكثير من معانى الحب والحنان ود لو تمر الأيام سريعاً ليجتمعا معاً فى بيت واحد , نظر اليها قائلاً :
- فاكرة أول مرة شوفتك فيها ؟
- "نانسي" ضاحكة :
- طبعاً ودي حاجة تتنسي
- كنت راجع من الشغل وشوفتك راكنه عربيتك على جمب وكان شكلك مضايقك .. طلبت من السواق يوقف العربية ونزلت أعرض عليكي المساعدة.. قولتيلي ان عربيتك عطلت فجأة ومش راضية تدور , سبت السواق مع عربيتك وخدتك معايا فى عربيتي
- أهاا وفضلت تعاكسنى طول الطريق
- حد يبقى جمبه القمر ده وميعاكسهوش
أسعدتها كلمات "عمر" فلطالما أحبت سماع كلمات الاعجاب التى يلقيها الرجال على مسامعها دائماً , كانت مدركة لمدى جمالها وجاذبيتها جيداً
وعلى احدى الطاولات جلست سيدتان تنظران اليهما وتتحدثان
- "جيهان" : بنتك وقعت واقفة يا "نادين"
- "نادين" ضاحكة : طول عمرها شاطرة , جابت الراجل على ملا وشه , شايفة بيبصلها ازاى
- لا ومش أى راجل , ده "عمر الألفى" يعني هتضمنى ان بنتك هتعيش ملكة طول عمرها وطبعا هينوبك من الحب جانب
- "نادين" بإستعلاء : ما هى كانت عايشة ملكة طول عمرها , انتى نسيتي هى بنت مين وانا مراة مين ولا ايه ؟
- لا منستش يا حبيبتى , بس أنا وانتى عارفين كويس ان جوزك غرقان فى الديون بسبب لعب القمار اللى أدمنه
- "جيهان" بغضب : وطي صوتك انتى عايزة تفضحينا
- لا أبداً يا قلبي هو أنا قولت ايه يعني
- اقفلى على الموضوع ده , مش عايزاه يتفتح تانى ,الحيطان ليها ودان , انتى عايزة الجوازة تبوظ ولا ايه
- مش قصدى , أنا ...
- قالت "نادين" والشرر يتطاير من عينيها : قولتلك مش عايزة أسمع كلمة تانية فى الموضوع ده , انتى عارفانى كويس يا "جيهان" اتقى شرى أحسنلك
- بلعت "جيهان" ريقها بصعوبة قائلة : طيب يا "نادين" خلاص أنا آسفة .. مش هفتح الموضوع ده تانى
كانت تعلم جيداً أن "نادين" امرأة قاسية ولن تتردد فى أذيتها فآثرت الصمت.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
في صباح اليوم التالي للخطوبة , تململت "ياسمين" في فراشها وفتحت عينها ببطء وأول ما نظرت اليه هو تلك الدبلة الذهبية التى تزين يدها اليمنى .. ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها وهي تتذكر أحداث الليلة الماضية وكأنها حلم جميل .. ها هى أخيراً أصبحت فتاة مخطوبة وما هى إلا أسابيع قليلة وتصبح زوجة لها بيتها وحياتها الخاصة .. كانت مستغرقة في أحلام اليقظة عندما فتحت "ريهام" باب الغرفة :
- أهو هو ده اللى أنا كنت خايفة منه
- "ياسمين" بإستغراب : هو ايه ده اللى خايفة منه ؟
- بدأنا نسرح ونروح فى دنيا تانية ونبتسم , وشوية شوية هلاقيكي بتكلمى نفسك
قذفتها "ياسمين" بوسادتها وتعالت ضحكاتهما معاً
, اقتربت "ريهام" من "ياسمين" وعانقتها قائلة:
- مبروك يا أحلى عروسة فى الدنيا , ربنا يوفقك فى حياتك ويجعلها كلها سعادة فى سعادة
- أنا فرحانة أوى يا "ريهام"
- ههههههه مش محتاجة تقولى , كل حاجة باينه على وشك .. ربنا يبعد عنك الحزن ويديم عليكي الفرح يا "ياسمين" ... ثم رفعت يديها الى السماء وأضافت مازحة : وأحصلك قريب ياااااااااارب.
ضحكت "ياسمين" وقالت لها : متستعجليش , كل حاجة فى أوانها , ربنا يرزقك انتى كمان بالراجل اللى يصونك ويقدر قيمتك يا "ريهام" يا أحلى أخت فى الدنيا
تعانقتا مرة أخرى ودخلت عليهم "سمية" لتراهما هكذا فرغماً عنها تترقرق الدموع فى عينيها ودعت الله أن يبارك فى بنتيها ويصرف عنهما كل سوء.
****************************
********************
توقفت سيارة فارهة أمام مقر مجموعة شركات الألفى للاستيراد والتصدير .. كان البناء ضخماً شامخاً ذو طابع معمارى حديث يتسم بالرقى والفخامة .. نزل السائق ليفتح الباب الخلفي لينزل منه "عمر" وهو يرتدى جاكت أسود اللون أنيق تحته بلوفر رمادى ذو رقبة عاليه وبنطلون جينز رمادى , ونظارة شمس ماركة شهيرة , كان أنيقاَ ساحراَ يخطف الأنظار .. سار بسرعة ورشاقة وعبر أروقة المبنى الرخامية .. فهز الحارس رأسه محيياً وهو يقول :
- صباح الخير يا باشمهندس "عمر"
- صباح النور
دلف "عمر" الى المصعد واختار الطابق الأخير الذى يحوي مكتبه ومكاتب أعضاء مجلس ادارة الشركة , توقف المصعد في الطابق المطلوب , خرج "عمر" وسار على السجادة الطويلة ذات اللونين الزيتي و البيج والتى تمتد على طول الرواق من المصعد الى مكتبه .. بمجرد أن مر على مكتب السكرتيرة هبت واقفة :
- صباح الخير يا باشمهندس "عمر"
- صباح الخير يا مدام "حنان"
دخل "عمر"مكتبه وخلفه سكرتيرته الخاصة ومديرة مكتبه ذات المظهر الجاد والتي يبدو عليها أنها فى العقد الرابع من عمرها, والتي يأتمنها على الكثير من أسرار الشركة لثقته الشديدة بها
- باشمهندس , محتاجين امضة حضرتك على الملف ده حالاً
- "عمر" وهو يجلس على مكتبه ويلتقط منها الملف ويتصفحه : ها .. جمعتوا الكمية المطلوبة ؟
- أيوة يا فندم وقبل المعاد المحدد كمان
- ممتاز .. الشحنة هتدخل الجمارك امتى ؟
- هى حالياً فى الطريق وفى انتظار امضة حضرتك
ذيل "عمر" الملف بتوقيعه الأنيق وأغلقه وأعطاه لمديرة مكتبه , وبمجرد خروجها من المكتب أغلقت الباب الفاصل بين مكتبها ومكتبه , تناول "عمر" هاتفه النقال من جيبه واتصل برقم يحفظه عن ظهر قلب .. صوت جرس .. ثم :
- ألو
- حبيبي صباح الخير
- صباح النور يا "عمر"
- وحشتيني أوى
- وانت كمان
- كنتى امبارح زى القمر , لا زى القمر ايه ده القمر كان مكسوف منك
- "نانسي" بدلع : امبارح بس ؟
- لا طبعاً انتى يوم انتى قمر .. قمري اللى بينور لياليا واللى قريب أوى هيبقى معايا ومش هيفارقنى لحظة
- "نانسي" بجدية : "عمر" يا ريت مانستعجلش , يعني احنا لسه خطوبتنا كانت امبارح مش معقول هنتكلم فى جوازنا النهاردة
- "عمر" فى ضيق : يعني انتى مش حبه تكونى معايا فى بيتي ؟
- تداركت "نانسي" خطأها بسرعة : لا طبعا يا حبيبى عايزة أكون معاك النهاردة قبل بكرة , بص خلينا دلوقتى نفرح بخطوبتنا , ها هتوديني فين النهاردة ؟
- أى مكان حبيبي يختاره , أنا تحت أمره
- مممممم ايه رأيك نطلع يومين شرم ؟
- يومين .. بس يا "نانسي" اليومين دول أنا مضغوط جامد فى الشغل
- "نانسي" في ضيق واضح : خلاص متبقاش تتكلم بقلب جامد وتقولى أختار وتحت أمرك طالما شغلك أهم منى
- خلاص يا عمرى أنا ميهونش عليا زعلك هفضى نفسى عشانك , ولا تزعلى نفسك , أنا مفيش عندى أهم منك
- "نانسي" ضاحكة : تسلملى حبيبى , هجهز نفسي وانت خلص اللى وراك وعدى عليا فى الفيلا , اوعى تتأخر
- "عمر" باسماً : مقدرش أتأخر على حبيبتي , بحبك , هتوحشيني لحد ما أشوفك , سلام يا عمري
- سلام.
بعد انتهاء المكالمة قالت "نادين" لـ "نانسي" والتى كانت تستمع الى المكالمة :
- انتي غبية يا بنت انتى .. بيتكلم عن الجواز تقوليله أما اتمتع بخطوبتنا .. انتى عايزة تنقطيني
- يوم يا مامى أنا مش مستعدة للجواز ولتقييد الحرية دلوقتى
- هو بمزاجك .. انتى مش عارفه المصيبة اللى احنا واقعين فيها
"نانسي" بتأفف :
- عارفة عارفة مش كل شوية تفكريني
- لا لازم كل شوية تفتكرى ومتنسيش أبداً إن كل أملاكنا تقريباً مرهونة.. وإن ما أنقذناش نفسنا هنلاقى نفسنا قريب أوى فى الشارع
- "نانسي" بعصبية : كل ده بسبب جوزك ولعبه للزفت القمار
- "نادين" غاضبة : بنت احترمي نفسك ده أبوكى مايصحش تتكلمى عنه بالطريقة دى
- أوف
- اسمعيني كويس , "عمر" مش عايزاه يفلت من ايدينا .. فهمانى .. محدش غيره هيقدر يخرجنا من الورطة اللى احنا فيها
- عارفة .. مع انه مش الشخصية اللى كنت أحلم انى أتجوزها بس فلوسه تخليني أتغاضى عن كل حاجه تانية
- أهم حاجة ان الجوازة تتم في أقرب وقت ممكن .. عشان لو حصل أى حاجة يكون خلاص اتجوزك وانتى ملزمة منه وبالتالى مش هيقدر يسيب أهلك فى ورطتهم دى وأكيد هيساعدنا
- "نانسي" بإبتسامة خبيثة : متقلقيش ده خلاص بأه بيتنفس حاجة اسمها " نانسي" ومايقدرش يعيش من غيري .. انتى عارفه كويس ان مفيش راجل يقدر يقاوم سحر "نانسي"
- عارفة يا بنت أمك
تبادلتا نظرات ماكرة والابتسامة تعلو شفاههما.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
أثناء استغراق "عمر" وانهماكه في مراجعة الأوراق التي أمامه .. سمع دقات صغيرة على الباب ثم انفتح ليدخل شاباً طويل أبيض البشرة عسلي العينين يرتدى بدلة أنيقة ويهتف بمرح :
- مبروك يا عريس , عقبال ما نشوفك فى الكوشة
اتسعت ابتسامة "عمر" وهو ينهض ليعانق صديقه :
- الله يسلمك يا "كرم" ,عقبالك
- بعد الشر تف من بقك
- "عمر" ضاحكاً : ليه بس كده
- محلاها عيشة الحرية , ايه اللى يخليني أجيب لنفسي القرف ووجع القلب يا ابنى , أنا كدة 100 فل و 10
- بكرة تيجي اللى تغيرلك رأيك ده وألاقيك بتقولى الحقنى يا "عمر" أنا طبيت
- هههههههه ما أظنش ان اليوم ده هييجي أبداً
- لا هييجي بكرة تشوف
- ماشي يا عم أنتم السابقون ونحن اللاحقون إن شاء الله
عاود "عمر" الجلوس خلف مكتبه وجلس "كرم" على المقعد أمامه : ها أخبار حفلة امبارح ايه؟
- كانت ممتازة .. مكنش ناقصها غيرك
- يا راجل قول كلام غير ده .. آل يعني افتقدتني أوى .. لو كان همك انى أحضر خطوبتك مكنتش حدفتنى الحدفة السودة دي وبعتنى السفرية دى يوم خطوبتك
- "عمر" معللاّ ذلك : أعمل ايه يا "كرم" .. انت عارف اللخبطة اللى حصلت فى تسليم شحنة العنب ومكنش فى حد غيرك هيقدر يقوم بالمهمة دى ولو كنا اتأخرنا شوية كان زمان الشحنة كلها فسدت وكانت الخسارة هتبقى كبيرة
- عارف يا سيدي انى دراعك اليمين .. وانى أكتر حد انت بتثق فيه
- مش بس كدة .. انت صاحبى وأخويا اللى ما ولدتهوش أمى .. احنا صحاب من أيام ابتدائي يا "كرم" ولحد دلوقتى ما افترقناش أبداً
- آه أيام .. فاكر أما كنا فى ثانوي والبنت أخت "أيمن المنشاوى" أم عنين زرقا دى اللى كانت كل ما تشوفك فى بيتهم تعاكسك .. حركاتها كانت مفقوسة أوى
دوى ضحك الصديقان فى مرح وهما يستعيدان ذكرياتهما معاً :
- آه طبعا فاكرها .. دى كان عليها تقل دم مفيش بعد كدة
- هتقولى ده أنا كنت لما بشوفها بحس انى مخنوق أكن روحى بتطلع
دوت الضحكات مرة أخرى , ثم نظر "عمر" الى ساعته ونهض فجأة قائلاً :
- ياه ده أنا كدة هتأخر , سلام يا "كرم"
- سلام يا "كرم" ؟! .. استنى يا ابني سلام ايه ملحقناش نقعد مع بعض ولا قولتلك تفاصيل السفرية
- معلش أصلى هعدى على "نانسي" طالعين يومين شرم
- ماشي يا عم الله يسهلووو .. أنا مش بحسد أنا بقر بس
- "عمر" فى جدية : "كرم" مش هوصيك على الشغل ولو فى أى حاجة كلمنى فى أى وقت صبح أو ليل
- يلا انت بس ومتقلقش كله هيمشى أكنك موجود بالظبط
- ربت "عمر" على كتفه قائلاً : عارف يا "كرم"
ثم حمل هاتفه النقال وانصرف.
********************************
نظرت "نانسي" من نافذة غرفتها الى سيارة "عمر" الفارهه وهى تعبر بوابة الفيلا .. كانت الفيلا تتكون من طابقين ويحيط بها حديقة كبيرة يبدو عليا علامات الاهمال وكأنه لم يراعيها أحد منذ وقت طويل.. نزلت "نانسي" الدرج وجدت والدتها تجلس فى الطابق السفلي فقالت لها :
- مامي "عمر" جه .. يلا سلام
- "نانسي" زى ما نبهت عليكي ركزي فى كل كلمة وفى كل تصرف مش عايزة غلطات يا "نانسي"
- متقلقيش قولنا.. سلام
نزلت "نانسي" درجات الفيلا تتبعها خادمتها بحقيبه تحوى بعض ملابسها
, كانت ترتدى بنطلون جينز وبالطو أحمر شكل مع شعرها الأشقر المتطاير لوحة فنية مثيرة
.. وجدت عمر قد خرج من سيارته بعدما فتح له السائق الباب :
- حبيبي وحشتيني
- وانت كمان
قبلته نانسي على وجنتيه , ابتسم لها عمر :
- جاهزة؟
- جاهزة أوى يلا بينا
- مامتك موجودة ؟
- ايوة جوه
- طيب حبيبي ما يصحش آجي هنا وتكون ومامتك موجودة وأنا ما أسلمش عليها
- "نانسي" وهى تحاول أن تخفى ضيقها : اهاا طيب يلا بسرعة سلم عليها
دخل الاثنان الفيلا واستقبلتهما "نادين" التى سلمت على "عمر" : "عمر" ازيك يا حبيبى
- الحمد لله .. ازى حضرتك مدام "نادين"
- بخير يا "عمر" .. رجعتوا تانى ليه .. "نانسي" نسيتي حاجة
- لا يا مامى "عمر" حب يسلم عليكي أما عرف انك موجودة
- ابتسمت "نادين" قائله : حقيقي يا عمر كلك ذوق
- : نانسي" : يلا يا "عمر" بأه
- "نادين" : مستعجلة ليه يا "نوسة" لسه مشبعناش من "عمر" , ان شاء الله بعد ما ترجعوا من شرم كل العيلة يا "عمر" معزومة عندنا
- تسلمي يا مدام "نادين" أكيد طبعاً يشرفنا اننا نلبي دعوة حضرتك
- "نادين" : صحيح يا "عمر" هتجيب ايه لـ "نانسي" هدية الخطوبة .. توعى تكون سفرية شرم هى هدينها كدة هقولك عليك بخيل على طول
- "عمر" : لا طبعاً مقامها عندى أكبر من كدة
قال ذلك ثم أخرج من جيي معطفه علبه قطيفة والتفت الى "نانسي" قائلاً :
- مبروك عليكي يا حبيبتى
- قالت "نانسي" وقد لمعت عيناها من الفرحة : ميرسي يا "عمر"
فتحت العلبة لتجد سوار رائع من الماس , كادت "نادين" أن تشهق من فرط حماستها لرؤية السوار والتقت عينها بعين ابنتها وقد اتسعت عيناها هى الأخرى , التفتت "نانسي" الى "عمر" قائلة بدلع :
- لبسهولى انت يا "عمر" بليز
نظرت "نادين لـ "نانسي" نظرة رضى وقد أعجبها ما فعلت ’ ألبسها "عمر" السوار فى يدها اليسرى فتحسسته بيدها اليمني وداعبت فصوصه التى تساوى كل منها مبلغاً لا يستهان به , ثم طبعت قبلة على وجنت "عمر" قائلة :
- حبيبي ميرسي بجد على الهدية الجميلة دى
- "عمر" مبتسماً : المهم انها تكون عجبتك
- نظرت اليه نظرات معبرة قائلة : عجبتنى جدا كفاية انها منك انت
قالت فجأة بمرح : يلا بأه عشان منتأخرش أكتر من كدة
- التف " عمر" الى "نادين" قائلاً : مع السلامة يا مدام "نادين"
- مع السلامة يا "عمر" .. مع السلامة يا "نانسي" .. خلى بالك منها مش هوصيك
- دى فى عنيا متقلقيش عليها
تابعتهما "نادين" بعينيها وابتسامة كبيرة مرسومة على شفتيها حتى ركبا الاثنان السيارة وانطلقا الى المطار ومنه الى شرم.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
بعد صلاة المغرب رن جرس الباب ففتح "عبد الحميد" واستقبل القادم :
- أهلاً بيك يا "مصطفى" يا ابني اتفضل
-أهلاً بيكي يا عمى ازى صحتك
دخل "مصطفى" حاملاً علبة جاتوه كبيرة
- بخير يا ابني اتفضل اعد .. ليه بس مكلف نفسك
- لا أبداً ده فضلة خيرك يا عمي
جلس "مصطفى" وتوجه "عبد الحميد" الى المطبخ ليجد "ياسمين" وأمها يعدان العصير , نظر اليها قائلاً :
- يلا يا "ياسمين" يا بنتى خطيبك جه بره
ازدادت سرعة دقات قلبها عندما سمعت كلمة (خطيبك) فلكم تمنت سماعها وها هى أحلامها تتحقق شيئاً فشيئاً
حملت صنية العصير والكيك وتوجهت الى الصالون بعدما ألقت نظرة على نفسها فى المرآة المعلقة علي الحائط بجوار الحمام , دخلت اللى الصالون قائله :
- السلام عليكم
- وعليكم السلام
توجهت حيث يجلس "مصطفى" وقدمت اليه العصير قائله :
- اتفضل
- متشكر تسلم ايدك
وضعت "ياسمين" الصنية على المنضدة الصغيرة التى أمامه وجلست فى معقد بعيد عنه
- " عبد الحميد" : اتفضل يا "مصطفى" يا ابني .. دوق عمايل عروستك شوف هيعجبك ولا لأ
- طالما هى اللى عملاه أكيد هيعجبني
ضحك "عبد الحميد" .. ودخلت "سمية" مرحبة به :
- ازيك يا "مصطفى" يا ابنى وازى الست الوالده والحاج ان شاله يكونوا بخير
نهض "مصطفى" ومد يده وسلم عليها قائلاً:
- الحمدلله بخير يا طنط بيسلموا على حضرتك
- "عبد الحميد" : شوية وراجعلك يا "مصطفى" .. البيت بيتك
- براحتك يا عمي اتفضل
خرج "عبد الحميد" جاذباً معه "سمية" وتركا "مصطفى" و "ياسمين" بمفردها لأول مرة بعد الخطوبة
- ازيك يا "ياسمين"
ردت "ياسمين" بخجل وهى تنظر الى الأرض : الحمد لله
- ايه .. كل مرة هتفضلى بصه للأرض كدة ؟
ابتسمت بخجل قائله : يعني لسه مخدتش على حضرتك
- وكمان حضرتك ..لأ كدة كتير احنا خلاص بقينا مخطوبين
تناول "مصطفى" قطعة من الكيك الذى أمامه , ثم نظر اليها قائلاً :
- تسلم ايدك شكلك ممتازة فى المطبخ
ابتسمت قائله : ماما عودتنى أنا و "ريهام" على دخول المطبخ من صغرنا
- ممتاز يعني دكتورة وفى نفس الوقت ست بيت كمان
اتسعت ابتسامه "ياسمين" وسعدت كثيراُ لهذا الإطراء
- احم احم .. "ياسمين" أنا هطلب من والدك اننا نخرج مع بعض بكرة .. يعني عشان نتعرف على بعض أكتر ونكون براحتنا أكتر
- مفيش مشكلة بس هسأل الأول "ريهام" اذا كانت فاضية بكرة ولا لأ
- "مصطفى" بإستغراب : "ريهام" مين ؟
- "ريهام" أختى
- ضحك "مصطفى" قائلاً : أنا عايز أخرج معاكى انتى مش مع أختك
- ما أنا فاهمة .. بس مينفعش نخرج من غير "ريهام"
- قال لها بحده : ليه مينفعش يعني ؟
- قالت بحرج : كده .. عشان مينفعش أنا وحضرتك نخرج لوحدنا
- قال وقد ازدادت حدته : أنا خطيبك مش واحد من الشارع
- تضايقت "ياسمين" وازداد ارتباكها بسبب حدته : مش قصدى .. بس مينفعش نخرج لوحدنا قبل كتب الكتاب
- ما تقلقيش .. لو على باباكى أنا هعرف أقنعه
- قال له بحزم : ما أعتقدش ان بابا ممكن يوافق وحتى لو وافق أنا مستحيل أخرج معاك لوحدى .. لو مصر على الخروج لازم "ريهام" أختى تكون معانا
استسلم "مصطفى" مضطراً لانضمام "ريهام" اليهما .. لكنه شعر بالضيق من هذا الأمر فلكم كان يتمنى أن يخرجا بمفردهما مثلما يفعل أصدقائه مع الخطيبه .. كان يتوقع مثل هذه العلاقة وأن يُباح له الخروج والتجاوز بما انه قد أصبح خطيبها .. لكنه لم يتوقع أن يخطب فتاة تفكر بهذه الطريقة.
============================
تناولت " كريمة" هاتفها واتصلت بـ " عمر " أتاها صوته عبر الهاتف :
- السلام عليكم حبيبة قلبي
- وعليكم السلام .. وصلت بالسلامة يا "عمر" ؟
- أيوة يا أمى الحمد لله
- طيب يا ابنى كنت بتطمن عليك .. "نانسي" جمبك ؟
- لأ "نانسي" فى اوضتها أنا آعد تحت فى المطعم منتظرها
- طيب يا حبيبى سلملى عليها
- يوصل يا أمى .. مع السلامة
- مع السلامة
انهى المكالمة ووضع هاتفه على طاولة الطعام أمامه , نظر الى ساعته وأخذ يتململ فى جلسته , كان يرتدى حلة داكنة اللون أضفت عليه وسامة وجاذبية كبيرة .. لم ينتبه لنظرات تلك الفتاة التى تجلس على الطاولة التى أمامه .. كانت تتفرس فيه بجرأه .. وتلك التى تجلس على يمينه تختلس اليه النظر رغم جلوسها مع رجل .. كان "عمر" يعلم تماماً بأنه محط أنظار النساء بل ومحط أطماعهن أيضاً .. ورغم ثقته الكبيرة فى نفسه إلا أنه لم يتلفت أبداً لتلك العلاقات العابرة ولا لتلك النساء اللاتى يحاولن ايقاعه فى شباكهن ونيل صداقته .. كان التفكير بالمرأة يمثل له معنى واحد فقط .. وهو الحب الذى يتوج بالزواج والاستقرار .. فلم يكن رجل هوائي أو عابث .. بل كان جاداً نشيطاً طموحاً .. نظر مرة أخرى الى ساعته وأمسك هاتفه وأوشك على الاتصال بها عندما وجدها تتوجه نحو.. نهض "عمر" وعلامات العبوس واضحه على محياه .. أزاح لها الكرسى المواجه له لتجلس عليه
- أنا واقعة من الجوع .. ياريت تطلبلنا الأكل
عندما لم تتلقى رداً رفعت نظرها اليه فواجهتها نظراته الصارمة .. لم تفهم "نانسي" سبب تلك النظرات .. فقالت له :
- ايه فى حاجة ؟ مالك ؟
- ايه اللى انتى لابساه ده ؟
نظرت الى فستانها زهرى اللون الذى يصل الى ركبتها ويكشف عن ذراعيها وعنها وجزء من مقدمة صدرها , رفعت نظرها اليه قائلة :
- ايه ماله ؟ وحش؟ ده فستان من تصمم ....
- قاطعها فى صرامة : ما يهمنيش مين صممه .. انتى مش شايفة انه مفتوح زيادة عن اللزوم
- قالت بتأفف : مفتوح ايه يا "عمر" .. ما الناس كلها بتلبس كده
- أنا ماليش دعوة بالناس .. ليا دعوة بواحدة بس من الناس وهى انتى يا "نانسي"
- محسسنى انى لابسه لبس فاضح .. ده فستان عادى جدا ومحترم
- ده محترم ؟!
- والله ده لبسي وانت شايف لبسي من أول ما اتعرفنا .. احنا اتعرفنا لمدة 3 شهور قبل الخطوبة وشوفتنى بلبس أصعب من كدة كمان
- أيوة قبل كدة مكنش في رابط بيربطنا ببعض أما دلوقتى انتى خطيبتي يعني اللى يمسك يمسنى .. وأنا ما أحبش مراتى حد يشوف جسمها غيري أنا وبس
- صاحت بغضب : شوية شوية تقولى غطى شعرك
- لأ مش هقولك البسيه دلوقتى .. أنا عارف انك لسه مش مستعدة للخطوة دى
- انفعلت قائله : لا دلوقتى ولا بعدين .. بص يا "عمر" أنا كدة عشت واتربيت كدة ومش ممكن أبداً ألبس البتاع ده على شعرى .. انت عايز تدفنى بالحيا
- قال بصرامة : ادفنك بالحيا عشان بغير عليكي ومش عايز راجل غيري يشوف أى حاجة منك
- الكلام ده ما يقولوش راجل راقى ومثقف زيك .. وبعدين انت جايبنى هنا عشان تعكنن عليا وتتخانق معايا
- حاول "عمر" احتواء الموقف قائلاً : لا مش جايبك عشان أعكنن عليكي يا "نانسي" .. بس راعي انى راجل وبغير على مراتى
- قالت بدلال وهى تحاول تغيير الموضوع : مش لما أبقى مراتك
أمسك يدها وقبلها ووضعها على وجنته ونظر الى عينيها قائلاً : قريب أوى هتكونى مراتى .. مراة "عمر نور الدين الألفى"
وهنا حضر النادل ليسألهما ماذا يحبان لطعام العشاء.
==========================
- يا مامي ده بجد متزمت جداً وتفكيره غريب .. تصورى كنت لابسه فستان على الركبة بيقولى انه مكشوف أمال لو شافنى بالبكيني كان قال ايه
- قالت "نادين" عبر الهاتف : حاولى تمتصى غضبه وتكسبيه على أد ما تقدرى
- أنا مش متخيلة ازاى واحد فى مركزة وفى مستواه يفكر بالإسلوب المتخلف ده .. عايز يرجعنا لزمن سي السيد .. هو يأمر وأمينة تنفذ .. وأمشي فى الشارع بالملاية اللف .. ما بنت عمته بتلبس نفس ستايلي محدش بيوجهلها كلام ليه
- "نانسي" حاولى تسيطرى على أعصابك شوية
- مش قادرة ده بجد انسان مستفز وقال ايه عايزنى أغطى شعرى ناقص يقولى اعدى فى البيت وماتخرجيش الا بإذني
- لا مش للدرجة دى "عمر" انسان متحضر وابن ناس ومتعلم
- ما هو واضح التحضر !
- خلاص يا "نانسي" أفلى على السيرة دى .. وحاولى تكسبيه وتطاوعيه وتوافقيه على كلامه حتى لو مش هتنفذيه بعد كده .. المهم دلوقتى ان الدبلة اللى فى ايدك تتنقل لايدك الشمال بأسرع وقت
- قالت بغنج : متقلقيش "عمر" بأه زى الخاتم فى صباعى
- أيوة كدة ده الكلام اللى عايزة أسمعه .. يلا باى عشان خارجه
- باى.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
انتهت "ياسمين" من ارتداء ملابسها وخرجت حيث يجلس "مصطفى" ووالدها ووالدتها وأختها "ريهام" , بمجرد أن رآها "مصطفى" نهض ومد يده ليسلم عليها :
- ازيك يا "ياسمين"
- "ياسمين" : الحمد لله
وقفت أمام يده الممدودة بالسلام اليها لا تدرى ماذا تفعل , فهى ليست معتادة على السلام على الرجال بيدها وفى نفس الوقت لا تريد احراجه , تمتمت بصوت خافت :
- معلش أنا اسفة مش بسلم بالإيد
شعر "مصطفى" بمزيد من الضيق والحرج , سحب يده وجلس فى مكانه وعلامات التبرم ظاهرة على محياه قال فى نفسه ( قال ما بتسلمش بالايد قال ده أنا شكلى هشوف معاكى أيام بمبي منقطة باسود ) , جلست "ياسمين" على المقعد الفارغ بجوار والدها
- "عبد الحميد" : ما فيهاش حاجة يا بنتى أما تسلمي عليه ده برده خطيبك
لم ترد "ياسمين" لأنها لا ترغب فى الجدال مع والدها أمام "مصطفى".. جلسوا قليلاً ثم انصرف "مصطفى" و "ياسمين" و "ريهام" معاً.
========================
التف ثلاثتهم حول مائدة أحد المطاعم التي تطل على النيل , كان الوضع غريباً بالنسبة لـ "ياسمين" فهذه هى المرة الأولى التى تخرج فيها مع رجل ولم تستطع حتى الآن أن تعتاد عليه كخطيب .
حاول "مصطفى" استدراجها للاشتراك فى الحديث معه و بالفعل تخلت "ياسمين" شيئاً فشيئاً عن جمودها وشاركته الحوار .. تحدث عن عمله وعن أسرته وعن أحلامه ونظرته للمستقبل .. أعجبت "ياسمين" بطموحه وتفائله .. تحدثت معه عن دراستها وعن رغبتها فى العمل والتى لم تضعها حيز التنفيذ .. كانت "ريهام" صامته معظم الوقت تفسح لهما المجال ليتحدثا معاً .. كانت سعيدة برؤية أختها وهى تعتاد شيئاً فشيئاُ على خطيبها .. كانت "ياسمين" أيضاً فى غاية السعادة لأنها وجدت موضوعات مشتركة كثيرة يتحدثان فيها .. كانت "ياسمين" شخصية قوية واثقة فى نفسها لكن حيائها كان يعطى انطباعاً خاطئ عنها بالضعف.
استمتع "مصطفى" بالحديث مع "ياسمين" وشعر بالألفة معها , وبعد ساعتين أوصلهم الى المنزل وعاد هو الى بيته .
=========================
فى اليوم التالى وقف "عمر" على الشط ينظر الى البحر تارة وتارة أخرى ينحني ليلتقط شيئاً ويعبث به .. رأته "نانسي" وهى مقبلة من بعيد , بمجرد أن رآها ابتسم وأقبل نحوها قائلاً :
- وحشتيني
- ضحكت بنعومة : ده أنا كنت لسه معاك من ساعة
- أنا عايزك معايا كل ساعة
نظرت "نانسي" الى ما يحمله فى يده , قائله :
- ايه ده ؟
- دي قطع صخور صغيرة متكسرة بتلاقيها على الشط دايماً , كل صخرة منهم ليها شكل وأبعاد وألوان وملمس مختلف
قالت وهى ترفع حاجبيها بإندهاش :
- وانت بتعمل بيهم ايه ؟
- ابتسم قائلاً : بجمعهم
- بتجمعهم ازاى يعني ؟
- مسمعتيش عن هواية جمع الطوابع وهواية جمع العملات أنا بأه أختلف عن الآخرين طول عمرى مميز عشان كدة أما فكرت أجمع حاجة جمعت ضحور
قال ذلك و أطلق ضحكة عالية ثم قال :
- دى هواية كانت عندى وأنا طفل صغير .. كل مكان ماما وبابا ياخدوني فيه ويكون فيه بحر .. أجمع شوية من الصخور الصغيرة وأفضل فترة طويلة أنقيهم زى ما أنا عايز عشان تكون ذكرى حلوة لليوم ده .. عندى مجموعة كبيرة منها لسه محتفظ بيها لحد دلوقتى.
صمتت " نانسي" فهى لا تدرى ماذا تقول , حدثت نفسها قائلة (مجنون ده ولا ايه بأه ده رجل أعمال ده ولا عيل فى كى جى )
فى هذه الأثناء أقبلت مجموعة تضم رجلين وثلاث نساء .. هتف أحد الرجلين :
- " نانسي" عاش مين شافك
التفتت "نانسي" الى محدثها وانفرجت أساريرها وهتفت :
- "عماد" هاى هاو آر يو
أقبل المدعو "عماد" قائلاً : مبروك يا "نانسي" وآسف انى مقدرتش أحضر الخطوبة
انحنى "عماد" ليقبل " نانسي" .. وقبل أن يفعل دفعه "عمر" فى صدره وصاح غاضباً :
- ايه يا كابتن أنا مش مالى عينك ولا ايه
قال ذلك ثم سحب "نانسي" من ذراعها وانطلق عائداً وسط دهشة "عماد" الذى أخذ يراقبهما .. كانت "نانسي" تجرى للحاق بـخطوات " عمر" وهو مازال مطبقاً على ذراعها ويسحبها منه .. توقفت فجأة وسحبت ذراعها من يده بقوة قائلة :
- انت ايه اللى انت عملته ده
قال لها غاضباً :
- ايه اللى أنا عملته ولا ايه اللى الحيوان ده كان عايز يعمله
- ده كان هيسلم عليا ويباركلى على الخطوبة عادى يعني
صاح عمر وقد ازداد غضبه : عادى يعني ايه , يبوسك وأنا واقف .. ليه شيفانى قفص جوافه أدامك
- ده "عماد" ابن صاحبة مامى الأنتيم يعني مش حد غريب ومتربيين مع بعض و "عماد" بجد حد كويس أوى
- كل اللى انتى قولتيه ده ما يسواش عندى حاجه
أخذ نفس عميق يحاول به السيطرة على غضبه : اسمعي يا "نانسي" أنا ليا طباعى ومبادئى اللى اتربيت عليها ومش هتنازل عنها أبداً فى يوم من الأيام .. حاولى انك متعمليش الحاجات اللى بتضايقني منك .. والحاجه اللى هقولهالك مرة هتبقى خط أحمر متقربيش ليها تانى .. وأولهم اللى اسمه "عماد" ده
- يعني ايه ؟ انت عايز تلغى شخصيتي تماماً وتمشيني وراك ..مين بأه اللى هتسمحلك بكده
نظر اليها مهدداً : ده اللى عندى ومفيش كلام تانى أقوله
ثم انصرف وتركها تغلى من الغضب
=========================
- وبكدة نكون خلصنا محاضرة النهاردة .. اتفضلوا
تعالت الأصوات داخل المدرج وهم ينهضون لمغادرته , سارت "ريهام" نحو بوابة الجامعة فقد كانت تلك هى المحاضرة الأخيرة لها اليوم .. سمعت صوتاً يناديها :
- "ريهام" .. "ريهام"
التفتت لتجد "معتز" الذى يسرع فى خطواته ليلحق بها .. التفتت "ريهام" يميناً ويساراً تخشي أن يراها أحد زملائها أو زميلاتها , أقبل "معتز" قائلاً :
- "ريهام" مالك بتعامليني كدة ليه ؟
نظرت اليه قائله : نعم ؟ .. عايزنى أعاملك ازاى ؟
- "ريهام" قولتلك مليون مرة أنا مش بلعب .. ولو هلعب بأى حد مش ممكن ألعب بيكي انتى بالذات
- أستاذ "معتز" أنا معنديش إلا الكلام اللى قولتهولك قبل كدة .. اللى عايزنى هيدخل البيت من بابه مش يفضل مستنى تحت الشباك منتظرة الفرصة اللى يلاقى فيها الشباك مفتوح يمكن يعرف يدخل منه .. وأظن انت عارف باب بيتنا كويس لأنه أدام باب بيتكوا على طول .. عن اذنك
التفتت لتغادر المكان فجذبها "معتز" من ذراعها ليوقفها , نزعت ذراعها منه بقوة وصاحت غاضبة : انت ازاى تسمح لنفسك تمسكنى كدة
- أنا آسف بس عايزك بس تسمعيني
- مش محتاجه أسمع لأنى عارفه الكلام اللى هتقوله كويس
- لا مش عارفه .. اديني بس فرصة أتكلم .. ماشي ؟
نظرت اليه صامتة تاركه له المجال ليتحدث بما لديه
- قولتلك قبل كدة ان بابا مستحيل يوافق يخطبلى قبل ما أخلص السنة دى انتى عارفه اننا فى آخر سنة فى الكلية
قاطعته قائلة : خلاص اصبر لحد ما تخلص السنة دى زى ما باباك عايز
- ما أنا صابر أهو أصلا مش فى ايدي حاجة غير انى أصبر .. بس ليه تحرميني منك وتفضلى بعيده عنى كل ده .. لسه السنة طويلة يا "ريهام"
- انت عايز ايه بالظبط يا "معتز"
- يعني فيها ايه لو خرجنا مع بعض فى مكان عام والناس كلها شيفانا .. مفيهاش حاجة وطالما انتى واثقة فى نفسك خلاص يبأه مش هتخافى من حاجة , فيها ايه لو اتكلمنا فى التليفون بكل احترام مجرد نطمن على بعض من وقت للتانى أحس انك معايا وتحسي انى معاكى انا مش عايز غير انى أطمن عليكي وتطمنى عليا , أعتقد ده مش غلط ولا عيب
صمتت "ريهام" لبرهه ثم قالت له فى حزم :
- عارف .. الكلام اللى انت قولته دلوقتى خلاك تنزل فى نظرى من سابع سما لسابع أرض
قالت ذلك ثم تركته وانصرفت , تابعها "معتز" بعينيه والشرر يتطاير منهما قائلاً :
- ماشي يا "ريهام" .. مش "معتز" اللى يتعامل بالطريقة دى .. انتى لسه متعرفيش مين هو "معتز".
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
جلس "عمر" فى شرفة الفيلا واجماً , أقبلت "كريمة" وتطلعت الى ابنها الساكن , اقتربت منه ووضعت كفها على كتفه , فإنتبه "عمر" لوجودها وأمسك يدها وقبلها وابتسم لها , بادلته أمه الإبتسامه وجلست على المقعد المجاور له قائله :
- مالك يا "عمر" شكلك مش عاجبنى من ساعة ما رجعت انت و "نانسي" من شرم .. حصل حاجة يا ابنى ؟ .. قولى احكيلي .. أنا أمك ويمكن أقدر أساعدك
- لا أبداً يا أمي مفيش حاجة
- "عمر" انت طول عمرك صريح معايا , مش عايز تقولى مالك خلاص هحترم رغبتك لكن ما تكدبش عليا
شعر بالحرج من كلامها واعتذر اليها قائلاً :
- آسف يا أمى بس مضايق شوية
- من "نانسي" ؟
- لا مش من "نانسي" .. من تصرفات "نانسي"
- فزورة دى ولا ايه ؟
- لا مش فزورة .. "نانسي" اتربت تربية مختلفة عنى شوية .. وده لأن أصلاً أهلها مختلفين عنك وعن بابا .. ادوها حرية بدون حدود او قيود .. ويمكن كانت فاكرة عشان أنا راجل وغني يبقى مفيش عندى خطوط حمرا .. بس أنا بحاول أطبعها بطبعي بس شكلها هتتعبنى شوية
- فكرت كريمه فى كلامه ثم قالت : "عمر" انت لسه على البر , يعني لو شايف ان "نانسي" .......
قاطعها "عمر" قائلاً :
- ماما أنا بحب "نانسي" ومش هسيبها .. وبعدين أنا واثق انها تقدر تتغير للأحسن وتقدر تتنازل عن الحاجات اللى بتضايقني .. لأنها بتحبني .. وطالما بتحبنى يبأه هتحاول على أد ما تقدر انها ترضيني زى ما أنا بحاول أرضيها .. هى بس مشكلتها مدلعه شويتين تلاته ومش واخدة على ان حد يقولها اعملى كذا وما تعمليش كذا .. بس بكرة تتعود وتفهم يعني ايه جواز ومسؤليه
- انت أدرى بمصلحتك يا ابنى .. وأنا من جهتى مش هبطل الدعوة اللى بدعيهالك ليل ونهار وفى صلاتى وفى كل وقت ( ربنا يحميك وينورلك بصيرتك ويكفيك شر ولاد الحرام)
**********************************
- ده انسان لا يُطاق
هتفت "نانسي" بهذه العبارة فى غضب بعدما قصت على "نادين" نا حدق بينها وبين "عمر" فى شرم ..
- تمتمت "نادين" قائله : مضطرين نستحمله
نظرت "نانسي" اليها وقالت فى عصبيه :
- لا أنا مش مضطرة أستحمل أى حاجة .. مستحيل أتجوز بني آدم متخلف وعديم الذوق بالشكل ده , نفسي أفهم ازاى ده واحد المفروض انه من أرقى عائلات مصر.. ده ابن رئيس الخدم بتاعنا متحضر عن اللى اسمه "عمر" ده
قالت "نادين" فى برود :
- بس ابن رئيس الخدم بتاعنا مش هيقدر ينقذنا من ورطتنا .. مفيش حد غير "عمر" يقدر يلحقنا قبل ما نتفضح أدام الناس
استعادت "نانسي" هدوءها بعدما تنبهت لمشكلتهم الأساسية و قالت بتأفف:
- طيب أعمل ايه دلوقتى من ساعة ما رجعنا مكلمنيش وقبل ما نرجع يدوب قالى كلمتين بالعافية
ألتقطت "نادين" هاتف "نانسي" وناولتها اياه قائله :
-اتصلى بيه انتى .. متستنيش اتصاله .. اعتذريله .. وصلحى الموقف بكلمتين حلوين .. واياكى ثم اياكى تحصل مشكلة تانية .. خلى الموضوع يعدى على خير لأن شكل "عمر" مش سهل أبداً .. ثم أردفت بسخرية :
- فالحة بس تقوليلى ده زى الخاتم فى صباعى يا مامى
أمسكت "نانسي" هاتفها متبرمة واتصلت به
**********************************
تررررن تررررن تررررن
أخرج عمر خاتفه من جيبه وارتسمت ابتسامه صغيره على محياه عندما رأى أن المتصل "نانسي" .. ابتسمت "كريمة" لابتسامة ابنها وعرفت المتصل دون أن تنظر الى الهاتف , ربتت على كتفه وغادرت فى صمت
- "عمر" وهو يتصنع الجديه : ألو
- "نانسي" بصوت ناعم : ألــــو
ثم صمت كلاهما .. تكلمت "نانسي" أخيراً وقالت :
- وحشتنى أوى
اتسعت ابتسامة "عمر" ولكنه صمت ولم يتفوه ببنت شفه
- قالت له بنبره مستكينه : أتا عارفه انك زعلان منى .. أنا فعلاً غلطت .. ومهنش عليا تنام وانت زعلان منى .. أنا آسفة يا حبيبي
اتسعت ابتسامته أكثر ولمعت عيناه لكنه ظل محتفظاً بنبرته الجادة وقال لها :
- آسفة على ايه بالظبط ؟
- انت كان معاك حق .. ما ينفعش بعد ما اتخطبتلك انى أستمر بنفس الطريقة اللى كنت بتعامل بيها قبل الخطوبة مع صحابي .. عشان دلوقتى أنا بتاعتك انت وبس
لم يستطع "عمر" الاستمرار فى التظاهر وهمس قائلاً :
- وانتى كمان وحشتيني أوى
ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها وأطلقت نفساً عميقاً فقد استطاعت احتواء المشكلة وعاد لها "عمر" كما كان
**********************************
كانت "ريهام" تجلس ساهمة على فراشها ولم تشعر بـ "ياسمين" وهى تفتح باب الغرفة وتدخل وتغلقه خلفها , لاحظت "ياسمين" شرود أختها فسألتها :
- فى حاجة يا "ريهام" ؟
لم تجبها "ريهام" بل لم تسمعها أصلاً , فنادتها "ياسمين" بصوت أعلى :
- "ريهام" .. "ريهام"
- هه .. بتنادى ؟
- بنادى ؟ .. ايه يا بنتى فين عقلك ؟
- مفيش أصلى بفكر فى مشكلة واحدة صحبتى
- مشكلة ايه ؟
توجهت "ياسمين" اليها وجليت بجوارها على السرير .. شعرت "ياسمين" بأن المشكلة خاصة بـ "ريهام" وليس بصديقتها كما ادعت , لكنها لم تُفصح عما يدور فى عقلها لتتركها تتحدث بحرية
- ها .. ايه بأه يا ستى مشكلة صحبتك ؟
اعتدلت "ريهام" فى جلستها ووضعت يديها فى حجرها وفركتهما بتوتر وقالت :
- بصى هى حكتلى المشكلة دى وأنا معرفتش أرد عليها فقولت أحكيلك انتى .. لأنك أختى الكبيرة وأنا بثق فى نصايحك يا "ياسمين"
مررت "ياسمين" كفها على شعر أختها فى حنان وقال لها :
- قولى يا حبيبتى سمعاكى
- فى واحد معانا فى الجامعة فى نفس الكلية بتاعتنا وفى نفس السنة .. يعني تقدرى تقولى انه .. يعني .. بيحب صحبتى دى
سكتت "ياسمين" قليلاً ثم قالت :
- يعني ايه بيحبها ؟
- نظرت اليها "ريهام" بإستغراب قائلة : مالك يا "ياسمين" هى فيزيا .. بيحبها يعني بيحبها
- ايوة يعني ايه بيحبها .. ايه اللى هو عمله وهى فسرته انه حب
- بصراحة هو قالهالها بطريقة مباشرة
شعرت "ياسمين" ببعض القلق لكنها سيطرت على ردود أفعالها :
- وهى بتتكلم معاه فين ؟
- لا .. هى مش بتتكلم معاه خالص .. هو وقفها بس كذا مرة فى الجامعة وقالها الكلام ده .. بس هى لا بتخرج معاه ولا بتعد معاه لا فى الجامعة ولا بره الجامعة ولا مدياله ريق حلو أصلاً
شعرت "ياسمين" بالإرتياح , سألتها قائله :
- طيب فين المشكلة تحديداً ؟
- المشكلة انها بتصده جامد لأنه طبعا عايز نظام خروج وموبايلات وكدة يعني .. زى أى اتنين بيحبوا بعض
- طيب طالما بيحبها زى ما بتقولى ليه ما يتقدملهاش وكل ده يبقى فى النور
قالت "ريهام" بإحباط : أبوه السبب .. مش راضى يخطبله قبل ما يخلص دراسته وياخد شهادته
- طيب برده يا "ريهام" معرفتش فين المشكلة
- المشكلة انها مضايقة يا "ياسمين" وحسه انها بتظلمه , يعني هو بيحبها وأكيد بيحب يكلمها يعني غصب عنه عشان بتوحشه , وهى آخر مرة صدته جامد أوى وقالتله كلام صعب وهو أكيد زعل منها ..
وقصت عليها "ريهام" تفاصيل آخر حوار لها مع "معتز" .. ثم قالت :
- يعني فيها ايه لو كانت استجابت لكلامه .. يعني هو مش عايز حاجة وحسة هو كل اللى طلبه انه يطمن عليها بالتليفون كل فترة بكل احترام مش أكتر من كدة , هو ممكن يفهم صدها له ان هى مش عايزاه فيصرف نظر عنها
- طيب هو وبتقولى بيحبها .. طيب هى مشاعرها ايه ناحيته ؟
- بصراحة هى حسه انها معجبه بيه جداً وشكلها كده بتحبه
صمتت "ياسمين" قليلاً لتفكر جيداُ فيما ستقوله ,, فهى تعلم الآن أن الشيطان يلعب فى رأس أختها , قالت بعد تفكير :
- يعني هو بيحبها وهى بتحبه .. طيب قوليلى يا "ريهام" مين الوحيد اللى فى ايده انه يجمع بينهم أو يفرق بينهم ؟
- قالت "ريهام" فوراً : ربنا
جميل .. يعني هى عايزه الولد ده وبتحبه واللى فى ايده انه يجمع بينها وبينه هو ربنا .. طيب انتى لما بتعوزى حاجة من ماما أو من بابا بتعملى ايه ؟
- مش فاهمة
- يعني أما بتعوزى تخرجى , أو تزورى صحبتك , أو لما بتعوزى فلوس , أو لبس جديد .. بتحاولى تراضى بابا وتكوني مطيعة ليه وتسترضيه وبعدين تطلب طلبك , ولا بتغضبيه وتضايقيه منك وبعدين تطلب اللي انتى عايزاه ؟
- أكيد بطيعه وأرضيه عشان يرضى يعملى اللى أنا عايزاه
- هى عايزه من ربنا اللى فى ايده قلبه وقلبها انه يجمع بينهم , ازاى بأه عايزه تعصيه وبأى وش هتقدر تطلب منه وتدعوه يحققلها طلبها وهى مخلياه غضبان منها
تسللت علامات الارتياح على وجه "ريهام" وابتسمت ابتسامة كبيرة وحضنت أختها ثم قالت :
- معاكى حق يا "ياسمين" .. الى هى عملته هو الصح , ربنا ما يحرمني منك يا أحلى "سمسمة" فى الدنيا
استسلمت "ريهام" للتوم أخيراً , فلقد اطمئن قلبها أن ما فعلته هو الصواب , أغمضت عينيها وقبل أن تغوص فى سبات عميق تمتمت قائله :
-يارب لو هو خير ليا قربنا من بعض فى الحلال ولو هو شر ليا متعلقش قلبي بيه.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
- معقولة .. يعني عايزة تفهميني انك لحد دلوقتى محبتيهوش ؟!
خرج هذا السؤال من فم "سماح" صديقة "ياسمين" وهى تجلس معها على سريرها فى غرفتها .. فلقد اعتادت الصديقتان على التزاور من فترة لأخرى فكل منهما تمثل للأخرى الأخت والصديقة المخلصة
- بصي بصراحة مشاعرى حيادية .. يعني أيوة مش بحبه بس برده مش بكرهه .. هو انسان كويس ومشتفش منه حاجة وحشة ومناسب ليا
- أمال بأه خايفة ليه ؟
- تنهدت "ياسمين" قائلة : عشان معدش فاضل على الفرح غير اسبوعين بس .. حسه ان فترة الخطوبة كانت قصيرة أوى , حسه انى لسه ما أعرفوش ولسه مش قادرة أفهمه أو أكون رأى واضح فى شخصيته .. مش متخيله ان بعد اسبوعين بالظبط هيتقفل عليا أنا وهو باب واحد
- بسيطة قولى لباباكى انك مش عايزة تتجوزي دلوقتى وانك محتاجه فترة خطوبة أطول
تنهدت مرة أخرى فى حسرة قائلة :
- للأسف بابا مصر ان الفرح يكون فى معاده ومش شايف أى معنى لكلامي ولا مديه أى أهمية , بيقولى هتبقى تعرفيه بعد الجواز
- قالت "سماح" بإستغراب : منطق عجيب
بالطبع يجب أن تتعجب "سماح" من تفكير والد "ياسمين" لأنها تربت فى بيئة مختلفة عن تلك التى تربت فيها "ياسمين" .. "سماح" هى ابنة لتاجر كبير يعمل فى مجال التصنيع يملك مصنعاً لإنتاج المربي والعصائر , ووالدتها دكتورة نسا ناحجة ومشهورة .. رغم اختلاف المستوى الإجتماعى للفتاتين لكن هذا لم يمنع خيوط الصداقة من أن تمتد بينهما وننحول تلك الخيوط مع الأيام والسنون الى روابط متينة لا تنقطع أبداً .. ولربما ساعد فى ذلك أن أسرى "سماح" كانت أسرة طيبة ومحترمة , لم يكن كل اهتمام والداها منصب على المادة وتوفير المستوى اللائق لإبنتهما بل اهتما أيضاً بالجانب التربوى وبث الأخلاق والفضائل فيها ولم يتركا لها الحبل على الغارب ككثير ممن تراهم من هذه الطبقة.
- قالت "ياسمن" لصديقتها فى حزن : ياريت كان عندى أب يسمعني ويفهمني ويعبر اعتبار لرأيي ولكلامي خاصة فى الحاجات اللى تخصني .. زى باباكى يا "سماح" ما شاء الله عليه ربنا يحفظهولك عرف ازاى يكسبك ويصاحبك عشان كدة انتوا دايماً متفاهمين مع بعض وعشان كدة انتى مستغربة من تفكير بابا
- قالت "سماح" وهى تحاول التخفيف على صديقتها : بصي ارمي حمولك على ربنا وإن شاء الله ربنا يقدملك اللى فيه الخير .. المهم ما تبطليش استخارة لحد معاد الفرح
- "ياسمين" فى استسلام : حاضر.
==========================
عبرت "ريهام" بوابة الكلية عائدة الى منزلها بعد انتهاء يومها الدراسي فى الجامعة .. لم تنتبه لتلك العينان اللتان تتابعانها من مكان قريب.
وقت "معتز" مع صديقٍ له يتابعها بعينيه حتى اختفت عن الأنظار
- ضحك صديقة بسخرية قائلاً : آه من الحب وعذابه
- التفت اليه "معتز" قائلاً : حب ايه يله انت عبيط
- لا بس البت دى جامدة أوى يا برنس اديتك دوش بارد انما ايه اللى هو ورجعتك وانت أفاك يقمر عيش
- قال "معتز" محتداً : ما عاشت ولا كانت اللى تعمل كدة فى "معتز" .. ده أنا أطلعه عليها وعلى اللى خلفوها كمان
- يا عم روح وانت بق على الفاضي
- قال "معتز" وقد ازدادت حدة انفعاله : بق ! .. طيب هتشوف البق ده هيعمل ايه في بنت التييييييييييت دي
- هتعمل ايه يعني هتضربها على ايدها وتقولها كده كخ متعمليش كدة تانى ؟
- هضربها آه .. بس مش على ايدها .. على نفوخها .. عشان تفوق وتعرف ان مش أنا اللى حتت بت تيييييييييت تعاملنى المعاملة دى .. مش هى راسمة دور ست الخاضرة وقالتلى انى فى نظرها فى سابع أرض .. أهو أنا بأه وبجوز جنيهات هنزلها معايا لسابع أرض
- سأله صديقه وقد بانت على ملامحه علمات الاستمتاع : ازاى يعني هتعمل ايه ؟
- بكرة تشوف يا معلم
- أمتعز أحبيبي
=====================
كانت ليلة هادئة تلتمع فيها بعض النجمات على استحياء حينما توقفت سيارة "عمر" الجيب فى احدى المناطق الهادئة على كورنيش المقطم .. نزل ورفيقته لينعما بجمال المنظر وبالسكون من حولهما , استندا بظهريهما الى السيارة ولف "عمر" ذراعه حول كتفيها يضمها الى صدره.. ثم نظر اليها وهو يبتسم فى صمت .. تطلعت اليه "نانسي" قائله :
- مالك .. مبسوط ليه ؟
- يعني مش عارفه ؟
- لأ مش عارفه
- مبسوط عشان من يوم ما رجعنا من شرم وانتى بقيتي "نانسي" تانية وبطلتى تعملى الحاجات اللى تضايقني .. خاصة لبسك
- يعني عجبك لبسي دلوقتى
- قال "عمر" فى تردد : أحسن كتير عن الأول .. بس .. يعني .. برده لسه
شعرت "نانسي" بالغضب وهو يبدأ فى الإشتعال بداخلها , فهى ومنذ خلافهما الأخير لم ترتدى شئ مكشوف رغم عشقها لفساتينها وتنوراتها القصيرة .. فكانت تظهر أمامه دائماً ببناطيل جينز و اسكيني وعليها شيميز أو توب ذو أكمام طويلة .. كانت تشعر بالضيق والإختناق من الإلتزام بهذه النوعية من الملابس فهى تحب التنويع ولا تحسب السير على وتيرة واحدة .. لكنها فى نفس الوقت كانت حريصة ألا يحدث بينهما خلاف آخر
- قالت له فجأة : "عمر" انت ما بتحبنيش
- اندهش قائلاً : ليه بتقولى كدة ؟!
- قالت فى دلال معاتبه اياه : عشان اللى بيحب حد بيحب يشوفه كل يوم وكل ساعة وما يفترقش عنه أبداً
- أزاح بيده خصلات شعرها الذهبية التى تساقطت على جبهتها فى حنان قائلاً :
- ومين قال انى مش عايز كدة
- قالت بحزن مفتعل : عشان لحد دلوقتى محددتش معاد الفرح , رغم انك قولتلى ان خطوبتنا مش هتطول
- قال لها فى جدية : أنا آسف يا حبيبتى بس فعلاً الفترة اللى فاتت كان عندى ضغط كبير فى الشغل .. بس خلاص هانت
- طيب متيجي نحدد المعاد دلوقتى
- ضحك قائلاً : ده انتى واقعة أوى
تظاهرت "نانشي" بالغضب مما قال وأزاحت ذراعه التى تحيط بكتفيها وهمت بأن تتركه وتبتعد عنه , لكن "عمر" لم يفسح لها المجالى وجذبها من ذراعها الى حضنه مرةأخرى قائلاً :
- شهرين كويس ؟
- حاولت رسم علامات الفرح على وجهها وقالت : بجد يا "عمر"
- نظر اليها فى حب قائلاً : أيوة بجد .. شهرين وتكونى مراتى
- عانقته وقالت : با حبيبي أهو أنا دلوقتى اتأكدت ان انت فعلاً بتحبني
- عاتبها قائلاً : هو انتى كنتى لحد دلوقتى متأكدتيش
- نظرت اليه وقالت فى دلع وهى تلف ذراعيها حول عنقه : كنت متأكده بس كنت عايزة أتأكد أكتر
- طب تفتكرى عندك فى البيت هيكون فى أى اعتراض على المعاد ؟
قال لنفسها ( يعترضوا ايه بس دول هيغمى عليهم من الفرحه )
- لا يا حبيبتى ما اعتقدش يعارضوا وحتى لو حد اعترض أنا هقفلهم
- قال لها "عمر" بعتاب : لا يا حبيبتى ما ينفعش تتحدى أهلك كدة وتقفى أدامهم .. لو حصل واعترضوا أنا اللى هتفاهم معاهم .
==========================
دخلت "نانسي" الى غرفتها بعدما أخبرت "نادين" بتلك البشري التى استقبلتها بفرحة عارمة فالتفتت الى هاتفها الذى أعلن عند ورود مكالمة لها .. التقطته وردت قائله :
- "عماد" ازيك
- أهلاً بالناس الوحشة
- ضحكت قائلة : أنا وحشة ؟ .. ده انت ما بتشوفش بأه
- هو أنا عارف أشوفك انتى فين غطسانه فين من يوم الموقف الزباله بتاع شرم مشفتكيش ولا اللى بتتخطب اليومين دول بيحبسوها فى بيتها
- قالت "نانسي" فى حزن : والله وحشنى أوى وكل الجروب وحشونى أوى ازي "أنور" و "مهاب" و "خالد" و "جيرمين" .. كلهم وحشونى
- واضح أوى اننا وحشينك بدليل ان سيادتك بتسألى وبتعبرى
- أوف .. أعمل ايه يعني "عمر" مش حابب انى أروح الديسكو خالص وانتوا ما بتتقابلوش غير هناك
- تعالت ضحكاته قائلاً : أمال عايزانا نتقابل فين .. فى الجامع .. وبعدين استنى هنا من امتى حد بيمشى كلامه على "نانسي"
- قالت بحده واستعلاء : محدش يقدر يمشي كلامه عليا يا "عماد"
- ما هو واضح أهو .. قالك ما تروحيش الديسكو يا "نانسي" وانتى قولتيله حاضر يا سي "عمر" اللى تشوفه .. ده حتى لبسك سمعت انك بقيتي عاملة زى يتى الحاجة .. بس تعرفي مش لايق عليكي دور أمينة ده خالص
- غضبت "نانسي" قائله : "عماد" ما تستفزنيش
- اسكتى بأه ده انتى طلعتى فشنك وأنا اللى كنت فاكرك شخصية
- أنا شخصية غصب عنك وعن الكل
- طيب اثبتيلى
- قالت بإندفاع : انتوا هتروحوا امتى ؟
شعر "عماد" بالسعادة لأنه استطاع تحقيق هدفه , قال لها :
- شويه وهنكون هناك
- خلاص استنونى عشان أنا جايه النهاردة
-ضحك "عماد" بصوت عالٍ قائلاً : أحبك يا "نانسي" يا جامد .. مستنيك ما تتأخرش عليا
أغلقت "نانسي" هاتفها وفتحت خزانة ملابسها لتختار فستان يتكون من قطع رقيقة من القماش التى فشلت بأن تبقى على اتصال ببعضها البعض !.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
أنهى "عبد الحميد" صلاة العشاء وظل يسبح ربه ويستغفره , أقبلت زوجته من خلفه قائله :
- ربنا يتقبل منك يا سى "عبد الحميد"
نهض فأسرعت "سمية" بأخذ سجادة الصلاة من يده وطوتها ووضعتها على الكرسي
- الله يكرمك
اتجه "عبد الحميد" الى السرير , فأسرعت "سمية" بفرد الغطاء عليه , ووقفت بجوار الفراش ويبدو عليها علامات التردد , انتبه اليها قائلاً :
- خير فى حاجه ؟
- قالت بتردد : بصراحة فى موضوع كنت عايزه أكلمك فيه
- خير إن شاء الله ؟
- لأ خير .. خير إن شاء الله .. أصل .. يعني .. الموضوع بخصوص "ياسمين"
اعتدل "عبد الحميد" فى جلسته قائلاً :
- خير حصل حاجة بينها وبين خطيبها ؟
أسرعت "سمية" بإجابته :
- لأ .. لأ كفى الله الشر , ده الجدع بصراحة ما يتعيبش
- أمال في ايه ما تقولى وقعتى قلبي
- أصل بصراحة كدة "ياسمين" مضايقة ان معاد الفرح اتحدد بسرعة
قال وقد ظهرت عليه ملامح الغضب : بسرعة ايه وزفت ايه .. هو لعب عيال .. المعاد متحدد من يوم ما الجدع جه اتقدم
- آه يا أخويا ما قولناش حاجة .. بس هي يعني بتقول انها لسه معرفتهوش كويس وعايزة فترة الخطوبة تطول شوية عشان تفهم شخصيته
ازدادت حدته قائلاً : بلا داه بنات بلا مسخره .. قال تفهم شخصيته قال .. ما كلنا اتجوزنا وبعد الجواز فهمنا كل حاجة .. ده أنا خطبتك وأنا معرفش شكلك يا وليه
حاولت "سمية" امتصاص غضبه قائله : أيوة معاك حق يا أخويا .. هى بس عايزه ....
قاطعها فى غضب : لا عايزه ولا مش عايزه .. البت المتربيه كويس بتسمع كلام أبوها .. أنا مش هضرها الجدع ده مش هتلاقى زيه .. متربي ومتعلم وكفاية انه شايل الليله لوحده ومطلبش مننا أكتر من طاقتنا .. أما بقى تروح بيته تبقى تفهم شخصيته براحتها .. دلع مرئ
- خلاص متزعلش نفسك يا أخويا .. انت برده أبوها وأدرى بمصلحتها
- اطفى النور خلينا ننام .. ومش عايز كلام فى الموضوع ده تانى
****************************
تعالت أصوات الموسيقي وامتلأ البست برجال ونساء وقد أخذتهم حمى الرقص والميل مع نغمات تلك الموسيقي الصاخبة
قال "عماد" لـ "نانسي" الجالسة بجواره :
- يلا نقوم نرقص
قامت من فورها وهى تبتسم له , وشرعا اللإثنان فى الإنغماس والإندماج فى تلك الرقصة المحمومة , قال بصوت مرتفع لتستطيع سماعه :
- كنت خايف متجيش
- ليه بأه
- يعني .. قولت هتخافى من خطيبك
- أنا مبخفش من حد أنا أعمل اللى أنا عايزاه
- وربنا انت جامد
انتهت الرقصة فإقترب "عماد" منها ونظر الى عينيها قائلاً :
- وحشتيني على فكرة
- قالت له فى دلال : وانت كمان
- مين اللى وحشك .. "عماد" صحبك .. ولا "عماد" حبيبك ؟
ابتسمت وأخذت خصله من شعرها تتسلى بلفها حول صابعها وقالت:
- الاتنين
- لو كنت فارق معاكى مكنتيش اتخطبتى
- قال يعني لو مكنتش اتخطبت كنت انت هتخطبنى , أنا وانت عارفين كويس انك مش بتاع حواز
- بس ده ميمنعش انك تهميني أوى , ومش قادر أعيش من غيرك
- لا انت عايش وعايش أوى كمان
- دى حلاوة روح , أنا بموت من غيرك
- "عماد" أنا دلوقتى مخطوبة وهتجوز قريب
- بالسرعة دى ؟!
- أهاا
- انتى حكايتك ايه بالظبط .. خطوبة وبحاول أبلعها .. لكن جواز ومن واحد معقد زى ده .. أكيد فى ان فى الموضوع
تنهدت "نانسي" بحسره فجذبها من ذراعها وسار بها نحو طاولتهم قائلاً :
- أنا برده قولت كده .. تعالى قوليلى بأه حكايتك ايه بالظبط
***************************
كانت "ريهام" تقف مع زميلاتها خارج المدرج , كانت الكلية مزدحمة فى ذلك اليوم لوجود امتحان لطلاب الفرقة الرابعة , كانت تتحدث مع صديقتيها وتراجع اجابات ما جاء فى الإمتحان من أسئلة حينما اقترب منها "معتز" فجأة ووقف أمامها , نظرت اليه وقلبها يدق بشدة وقال فى نفسها (اتجنن ده ولا ايه) , رمقته بنظرات دهشة ممزوجة بالتوتر .. انتظرت أن يتحدث .. لكنها فوجئت به وقد أخرج سلسلة صغيرة ذهبية من جيبه وحركها أمام وجهها حيث كانت تحمل السلسلة فى نهايتها حرف
نقلت نظرتها من السلسلة الى "معتز" وهى مندهشة ولا تفهم ما يرمى اليه , قال بصوت مرتفع وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة ساخرة :
- "ريهام" نسيتي دى معايا امبارح
خفق قلبها بشدة وقالت بإندهاش
- مش فاهمة
- قال لها وهو يرمقها بنظرات التشفى : وقعت منك لما كنتى معايا يا حبيبتى .. فجيت أرجعهالك
- قالت بصوت خافت مبحوح : دى مش بتاعتى
شعرت بأن الأرض تنهار تحت أقدامها , ونظرت حولها لتجد بعض زملائها وزميلاتها يتابعون ما يحدث ويتهامسون , وفجأة أظلمت الدنيا أمام عينيها.
*********************************
دخل "عمر" الى غرفة الطعام وقد ارتدى حلة أنيقة داكنة اللون , سار عبر الغرفة وتوجه الى والده الذى يجلس على رأى الطاولة ومندمجاً فى قرءة جريدته قائلاً:
- صباح الخير يا بابا
رفع والده رأسه ونظر اليه قائلاً :
- صباح الخير يا "عمر"
التفت الى أمه التى تجلس على يسار الأب وأمسك يدها وطبعا عليها قبلة صغيره وقال :
- صباح الخير يا أمى
- صباح الخير يا حبيبى .. يلا عشان نفطر سوا
جلس "عمر" فى مكانه على يمين الأب الذى ترك الجريده من يده وشرع ثلاثتهم فى تناول طعام الفطور , قالت "كريمة" موجهه حديقها الى "عمر" :
- ازى خطيبتك ؟
- الحمد لله يا ماما بتسلم عليكي كتير
- مش المفروض يا "عمر" نعزمها عندنا هى وأهلها ؟
نقل نظرة بين أمه وأبيه وقال :
- اللى تشوفوه .. أساساً كانت مدام "نادين" قالتلى انها هتعزمنا ملنا على الغدا عندهم فى الفيلا بس محددتش معاد
- مفيش مشكلة احنا أو هما واحد مش هتفرق .. بس احنا خلاص هنكون عيلة واحدة فلازم يكون بينا زيارات وود عشان نقرب من بعض أكتر
- معاكى حق يا ماما .. بابا ايه رأيك ؟
- طبعاً يا ابنى وأنا بنفسي هكلم باباها النهاردة وأعزمهم
- "كريمة" : وأنا هكلم "نادين"
- ابتسم "عمر" قائلاً : يا سلام هى جت عليا .. أنا كمان هكلم "نانسي" أعزمها
ضحك ثلاثتهم فى مرح .. وبدأت "كريمة" فى الاتفاق مع الخدم والأعداد لترتيبات تلك الزيارة.
************************************
وقفت "ياسمين" شارده فى شرفة حجرتها تتسلى بالنظر الى الناس فى الشارع .. كان عقلها يعمل بدون توقف .. لديها عشرات الأسئلة فى رأسها لا تجد لها اجابه .. ولديها الكثير من المخاوف .. كانت تفكر فى شكل حياتها الجديدة ومستقبلها مع "مصطفى" .. نــُرى ماذا تُخبئ لها الأيام ؟...
أفاقت من شرودها على جرس هاتفها .. ابتسمت وهى ترد :
- السلام عليكم .. "سماح" ازيك
أتاها صوت "سماح" عبر الهاتف وعلامات الحزن باديه عليه :
- وعليكم السلام .. ازيك انتى يا "ياسمين"
- ايه يا بنتى مال صوتك فى حاجة حصلت ؟
- عايزة أتكلم معاكى
- خير قلقتيني .. انتى كويسة .. و طنط وعمو كويسين
- آه يا بنتى ماتقلقيش بس فى موضوع يخصنى عايزة أتكلم معاكى فيه
- طيب اتكلمى سمعاكى
- لا مش هينفع فى التليفون .. يا تجيليى يا أجيلك .. بصراحة أفضل انى أجيلك عشان أعرف أتكلم معاكى براحتى
- انتى بتستأذنى يا "سماح" .. طبعا تعالى يا بنتى ده بيتك
- تسلمى يا حبيبتى .. طيب يناسبك بكرة الساعة 5 كده ؟
- لا خليها الضهر عشان نتغدا سوا
- غدا ايه بس مش وقت كدة خالص
- قالت "ياسمين" بإصرار : هستناكى الضهر .. ما تأوحيش
- قالت "سماح" فى استسلام : حاضر .. أشوفك بكرة ان شاء الله
- ان شاء الله يا حبيبتى .. منتظراكى
- سلام
- سلام
أغلقت "باسمين" وهى تحاول أن تخمن ما هو هذا الموضوع الذى يخص "سماح" وتريد أن تحدثها فيه ؟!
*****************************
نادت "نادين" خادمتها وسألتها قائلة :
- فين "نانسي" ؟
- قالت الخادمة : فوق حضرتك لسه مصحتش
- ايه ده لسه نايمة .. طيب روحى انتى
صعدت "نادين" لحجرة "نانسي" ونادتها قائلة :
- "نانسي" .. "نانسي" .. قومى عايزاكى بسرعة
لم تجد استجابة منها .. فاقتربت من فراشها وهزتها بيدها :
- "نانسي" قومى .. "نانسي"
تململت "نانسي" فى فراشها وهى لا تستطيع فتحت عينيها وانزاح الغطاء عنها قليلاً فرأت "نادين" فستان السهرة الذى مازالت ترتديه
- ايه ده ايه اللي انتى لابساه وانتى نايمه ده .. انتى خرجتى امبارح ؟
قالت وهى تجد صعوبة فى ابقاء عينيها مفتوحتين :
- آه خرجت
- خرجتى روحتى فين .. خرجتى مع "عمر" ؟
ضحكت "نانسي" بشدة قائلة :
- وانتى متصوره ان "عمر" ممكن يسبنى أخرج بالفستان ده .. انتى مش عارفه خطيب بنتك ولا ايه
- أمال خرجتى فين
قالت وهى تجلس بصعوبة على السرير :
- خرجت روحت الديسكو .. قابلت "عماد" وباقى الشلة هناك
شعرت "نادين" بالغضب صرخت فى وجهها قائله :
- ديسكو ؟ .. ديسكو يا "نانسي" .. افرضى "عمر" شافك .. افرضى حد شافك وقاله .. انتى مش عارفه انه منعك تماماً انك تروحى المكان ده
أزاحت "نانسي" الغطاء عنها وهبت واقفة :
- أوف أوف .. كل شوية "عمر" قال .. "عمر" عاد .. أنا اتخنقت أنا مش متعودة على كدة .. متعودة أعمل اللى أنا عايزاه وفى الوقت اللى أنا عايزاه
- انتى هتفضلى مدلعة لحد امتى .. لحد ما نضيع كلنا .. أنا مكنتش عايزة أقولك عشان ما أثرش على نفسيتك بس طالما انتى ما عندكيش احساس كدة هقولك .. البنك حجز على كل حاجة بنملكها .. مافضلش غير الفيلا دى وعربية أبوكى وعربيتي وعربيتك واللى قريب أوى هيضيعوا هما كمان
امتقع وجه "نانسي" بشدة .. كانت تعلم الظروف التى يمرون بها لكنها لم تتوقع أن تتدهور أمورهم الى هذه الدرجة وبهذه السرعة , ظلت واجمة لا تنطق بشئ .. اقتربت منها "نادين" قائله :
- فهمتى بأه ان الموضوع جد مش هزار .. وإن "عمر" هو آخر أمل لينا وان الوضع مش متحمل أبداً استهتارك ودلعك ده .. أنا كنت جايه أصحيكي عشان أقولك ان حماتك المستقبليه كلمتنى وعزمتنا كلنا بعد بكرة وهيكون موجود عمة "عمر" وولادها كمان .. مش عايزة غلطة يا "نانسي" خلى الموضوع يتم على خير .. انتى سامعه
قالت ذلك وتركتها وخرجت ...
******************************
أثناء انهماك "ياسمين" فى مساعدة والدتها فى تحضير طعام الغذاء سمعت باب الشقة يُفتح ثم يُغلق .. التفتت لوالدتها قائله :
- دى أكيد "ريهام" .. بابا لسه نازل من شوية
نادتها قائلة :
- "ريهام" .."ريهام"
سمعت باب حجرتما يُغلق بقوة .. فقالت لنفسه (مالها دى )
تركت ما بيدها وذهبت لترى أختها .. صدمت "ياسمين" عندما فتحت باب الغرفة ووجدت "ريهام" منهارة من البكاء .. أغلقت الباب بشرعة وتوجهت اليها قائله بلوعه :
- "ريهام" مالك فى ايه .. ايه اللى حصل .. قوليلى
كانت "ريهام" ترتجف من شدة البكاء فجلست "ياسمين" بجوارها وأخذتها فى حضنها قائله :
- بس يا حبيبتى .. بس متعيطيش .. فى ايه مالك .. طمنيني وقعتى قلبي
أزاحتها قليلاً لتنظر اليها ومسحت ما تساقط على وجهها من دمعات ثم قالت :
- حبيبتى استعيذى بالله من الشيطان الرجيم واحكيلى اللى حصل
استعاذت "ريهام" بالله وروت لأختها ما حدث بالتفصيل .. قم أردفت :
- اتفضحت يا "ياسمين" .. متخيلة الكلام اللى قالهولى يوحي بإيه .. والمصيبة ان صحابي كانوا واقفين .. ومش بس صحابي ده كمان زمايلي فى الدفعة .. هيقولوا عليا ايه دلوقتى
قالت ذلك ثم انفجرت فى البكاء مرة أخرى .. فقالت لها "ياسمين" :
- حسبي الله ونعم الوكيل .. بني آدم معندوش ريحة الضمير .. كويس انه ربنا كشفه بدرى عشان تعرفيه على حقيقته
- أنا خلاص معدتش راحه الكلية دي تانى .. معدش ينفع أورى وشى لحد
قالت لها "ياسمين" بصرامة :
- بتهرجى .. صح .. انتى ما غلطتيش عشان تستخبي من الناس .. هو اللى غلط وهو اللى المفروض يتكسف يورى وشه للناس .. اوعى تخلى واحد زى ده يكسرك .. انتى لسه صغيره وياما هتشوفى فى حياتك .. مينفعش تسمحى لحد انه يدوس عليكي بالشكل ده .. اوعى تدى لحد فرصة انه يجرحك أو يهينك .. انتى هتروحى الكلية بكرة وانتى رافعة راسك لأنك مغلطتيش وربنا عارف انك مغلطتيش وأكيد هيجبلك حقك منه .. لأنك مرضتيش تغضبى ربنا وعملتى الصح فأكيد ربنا مش هيسيبك وهيكون جمبك
- اوعى تقولى حاجة لبابا يا "ياسمين" لو بابا واجهه معرفش الولد ده ممكن يتبلى عليا ويقول ايه وانتى عارفه بابا صعب أد ايه وممكن يصدقه
- متخافيش بابا مش هيعرف .. بس الولد ده لازم يتربي .. لان لو محدش وقفله هيسوق ويتمادى فيها .. قالوا لفرعون ايه اللى فرعنك قال ملقتش حد يلمنى
- ازاى يعني هتعملى ايه ؟
- اسمها هنعمل .. بكرة هتشوفى
**************************
فى اليوم التالى وفى مكتب سكرتيرة عميد كلية التجارة بجامعة عين شمس وقفت "ياسمين" مع "ريهام" فى انتظار السماح لهما بالدخول , خرجت السكرتيرة من حجرة العميد ونظرت الى الفتاتان قائله:
- اتفضلوا
شعرت "ريهام" بالتوتر وكادت أن تتراجع فجذبتها "ياسمين" من يدها ودخلوا الى داخل الغرفة , قالت "ياسمين" :
- السلام عليكم يا دكتور
- قال العميد : وعليكم السلام .. اتفضلوا
جلست كل منهما على مقعد مواجهه للمكتب .. نظر اليهما العميد قائلاً :
- اتفضلوا .. ايه الموضوع المهم اللي عايزني فيه
روت له "ياسمين" تفاصيل ما حدث من "معتز" واهانته لـ "ريهام" أمام زملائها .. ثم أردفت قائله :
- أنا بعد اللى حصل فكرت نيجي ونتكلم مع حضرتك لأنك المسؤل الأول عن الكلية هنا وأنا عارفه ان حضرتك بمركز يُملى عليك تحمل مسؤلية الكلية كلها وأكيد كل البنات والولاد اللي هنا هما أبنائك وبناتك اللى لازم حضرتك تحافظ ليهم عشان كدة احنا جينا لحضرتك النهاردة يا دكتور لأن أكيد مترضاش ان حد يهين بنت من بناتك اللى مسؤلين منك طول وجودهم فى الكلية وتحت اشرافك
- رد العميد قائلاً : طبعاً .. أكيد اهانة بنت من البنات وان ولد يتعرضلها ويضايقها ده ما أسمحش بيه أبداً فى كليتي .. والولد اللى ذكرتى اسمه فعلاَ مشاغب وبيجيلى اسمه كتير
- ثم وجه حديثه الى "ريهام" قائلاً :
- ما تقلقيش .. محدش يقدر يتعرضلك ولا يتعرض لأى بنت داخل الكلية والولد ده لازم يتعاقب
- شكرته "ريهام" قائله : أنا متشكره جدا يا دكتور .. بجد ربنا يكرمك
وفى اليوم التالى كانت سعادة "ريهام" غامرة عندما قرأت التنويه الموضوع فى بهو الكلية (قررنا فصل الطالب معتز محمود صبحى لمدة اسبوعين عقاباً له على اهانته لزميلاته ومشاغبته فى الكلية)
حمدت الله عز وجل وأيقنت أن من يصدق الله يصدقه
*********************************
- يعني ايه الكلام ده ؟
نطق "عمر" بهذه العبارة فى غضب هادر وهو يتطلع الى الملف الموضوع أمامه على مكتبه بالشركة . قالت السكرتيرة :
- ده الفاكس اللي جلنا يا فندم
هب "عمر" واقفاً وقال فى غضب :
- أنا مشغل شوية ناس لا يعتمد عليهم .. يعني كدة الصفقة هتضيع علينا
حمل هاتفه وساعته والجاكت وتوجه الى البا قائلاً :
- الغي كل مواعيدي النهاردة وبكرة
قالت السكرتيرة بنبرة روتينيه :
- حاضر يا فندم
********************************
أقبل "عمر" على والدته التى تجلس فى حديقة الفيلا وقبلها على رأسها وجلس على المقعد المجاور لها .. رأت أمه علامات القلق والضيق باديه على محياه فسألته :
- خير يا حبيبى فى حاجة ؟
تنهد فى ضيق قائلاً :
- للأسف هنضطر نأجل عزومة "نانسي" وأهلها اللي كانت المفروض تكون بكرة
- ليه ايه حصل ؟
- فى مشكلة فى الشغل ولازم أسافر النهاردة ضرورى ومعرفش هغيب كام يوم
- ما ينفعش حد غيرك يقوم بالمهمة دى
- لا مينفعش لازم أروح بنفسي
سكت قليلاً ثم أردت قائلاً :
- لازم أسافر النهاردة على المزرعة.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
سمعت "ياسمين" جرس هاتف المنزل وهمت بترك الرواية التى تقرأها وتذهب لترى من المتصل لكن الصوت توقف فجأة فعلمت أن أحداً ممن فى البيت رد على الهاتف , ما هى الا لحظات حتى فتح والدها باب غرفتها بعدما طرق الباب وقال لها :
- كلمى يا "ياسمين" تليفون عشانك
تعجبت "ياسمين" من الذى يتصل بها على هاتف المنزل فمنذ أن تخرجت لم يبقى على اتصال بها الا "سماح" فقط والتى تتصل دائماً على هاتفها المحمول , نهضت من فراشها وتركت روايتها وسألت والدها :
- مين يا بابا
- خطيبك
- قالت بإندهاش : "مصطفى" !
- ايوة هو انتى ليكي خطيب غيره
كانت هذه هى المرة الأولى التى يتصل بها "مصطفى" , كانت العلاقة بينهما تقتصر على زيارته مرة كل اسبوع وأحياناً كل اسبوعين بسبب انشغاله بتجهيز عش الزوجية بالإضافة الى عمله الذى يلتهم معظم وقته , توجهت الى الهاتف وقالت :
- السلام عليكم
أتاها صوته عبر الهاتف :
- وعليكم السلام .. ازيك يا "ياسمين" أخبارك ايه
- تمام الحمد لله ازيك انت عامل ايه فى شغلك
- كويس الحمد لله مش ناقصنى غيرك .. وحشانى أوى
تضرجت وجنتاها بحمرة الخجل فلم تعتاد سماع مثل هذه الكلمات منه أو من غيره .. كانت تحاول قدر الإمكان الالتزام بوضع حدود للكلام بينهما .. فهى مازالت تعتبره رجلاً غريبا عنها لا يحق لها سماع تلك الكلمات منه إلا بعدما يُكتب الكتاب ..استطرد "مصطفى" قائلاً :
- مش عايزة تقوليلى حاجه ؟ .. موحشتكيش زي ما وحشتيني ؟
التزمت "ياسمين" الصمت ولم تدرى ماذا تقول له .. أتاها صوته وقد استطاعت تمييز نبرة الضيق فى صوته :
- خلاص براحتك ..
ثم قال فى برود :
- طبعا عارفه ان الفرح بعد أقل من اسبوعين .. أنا بس حبيت أعرفك ان خلاص تقريباً الشقة جهزت فيما عدى بعض الأمور البسيطة .. أنا حاليا فى البحر الأحمر وان شاء الله هنزل قبل الفرح ب 3 أيام أخلص الحاجات اللى فاضله .. فى حاجه انتى عايزاها أو حاجه حابه تقوليها
تمنت لو تقول له (أيوة عايزة أقولك كلام كتير أوى واسمع منك كلام أكتر نفسي أعرفك وأفهمك نفسي أعد معاك فترة أطول مش تقولى انك نازل قبل الفرح ب 3 أيام , نفسي فى خطوبة أطول نفسي أتجوز وأنا حاسه انى فرحانه ومبسوطه زى أى بنت بتتجوز نفسي حد يزيل القلق والخوف اللى جوايا نفسي أطمن على حياتى معاك) لكنها لم تستطع أن تنطق بحرف مما ودت أن تقوله .. وردت قائله :
- لا شكراً .. مش عايز انت حاجه
رد فى برود :
- لا شكراً .. سلام
- مع السلامة
وضعت "ياسمين" السماعة ونظرت الى غرفة والدها وقالت لنفسها ( كان نفسي تفهمنى يا بابا .. أنا مبحبش أعصيك ولا عايزة أكسرلك كلمة .. بس ياريت تفهمنى شوية .. وتحس بيا ) قامت ودخلت غرفتها مرة أخرى وجلست على فراشها لتستكمل قراءة الرواية لعلها تستطيع أن توقف عقلها عن التفكير لترتاح قليلاً
************************
أنهى "مصطفى" اتصاله بـ "ياسمين" وأخذ يعبث فى ملفات هاتفه .. كان فى غرفته حينما طرق عليه الباب صديقه الذى يشاركه فى السكن وفى العمل .. قال "مصطفى" :
- ادخل يا "رأفت"
دخل صديقه فوجده ممدداً على السرير يعبث بأزرار هاتفه .. فاقترب منه قليلاً وقال بمرح :
- فينك يا عريس .. انت هتختفى من دلوقتى ولا ايه .. لا اسمع لو الجواز هيغيرك متتجوزش خليك كده أحسن
- ليه مالى في ايه
- شكلك زى اللى واخد ألم على وشه ده منظر واحد فرحه بعد اسبوعين .. المفروض اللى زيك يكون طاير من الفرحه يا ابنى
قال "مصطفى" لصديقه فى تبرم :
- والله ما عارف , انا لا مبسوط ولا فرحان
- ليه بأه .. انت مبتحبش خطيبتك ولا ايه ؟
- بصراحة هى انسانه كويسه وكل حاجة يعني زوجة مناسبه لكن مش حاسس نحيتها بأكتر من كدة
- ليه بأه .. طيب قولى هى حلوة ؟
- يعني .. عاديه .. مفيهاش أى حاجة مميزة
- مادمت شايفها عادية ومفيهاش حاجه مميزة كنت بتخطبها وهتتجوزها ليه ؟
- عشان بنت محترمة سألت عليها طوب الأرض محدش قالى عنها حاجة وحشة بالعكس الكل شكر فيها وفى أهلها جدا والبنت فعلا قطة مغمضة
- يعني هتتجوزها عشان كدة بس
- بص يا "رأفت" انت عارف طبيعة شغلنا 3 أسابيع هنا و اسبوع أجازة .. لازم أتجوز واحدة أبقى واثق منها وأنا سايبها فى البيت ومسافر .. والبنت دى هبقى سايبها فى البيت وأنا مطمن لأنها زى ما قولتلك محترمة وقطة مغمضة
- بس يا "مصطفى" ده ميكفيش عشان الحياة الزوجية بينكوا تستمر لازم يكون فى مقاومات أكتر من كدة تخليها تستمر
- تقصد الحب والتفاهم و الكلام ده .. يا حييبى الحب والغرام ده بيكون قبل الجواز بس .. الراجل بيعمل اللى هو عايزه لحد ما يوصل لسن خلاص لازم يتجوز ويفتح بيت لكن مفيش حاجة اسمها اتنين متجوزين بيحبوا بعض بلاش جو أفلام الأبيض واسود ده
- تفكيرك غريب
- لا تفكيري واقعى جدا
- طيب و "نهله" مش انت برده كنت بتحبها
شعر "مصطفى" ببعض الضيق للتحدث فى هذا الموضوع لكنه قال :
- بص يا "رأفت" من الآخر كدة مفيش راجل بيتجوز واحدة كان ماشي معاها
ويلا سيبنى بأه عشان أكلت ودانى وصدعتنى أكتر ما أنا مصدع
**************************
اقتربت سيارة "عمر" من المزرعة التى كانت تقع فى احدى القرى بالقرب من محافظة المنصورة وبمجرد أن وصل الى البوابة ظل يطلق زمور السيارة وينادى وأخرج رأسه من الشباك منادياً الغفير :
- عم "عويس" .. عم "عويس"
فتح البوابة رجل فى العقد السادس من عمره وقال وهو يمد رأسه مستطلعاً القادم :
- مين .. انت مين ؟
نظر اليه "عمر" وقال :
- افتح يا عم "عويس" .. أنا "عمر"
أسرع الغفير بفتح البوابة على مسرعيها مردداً :
- "عمر" بيه يا أهلا يا مرحباً .. المزرعة نورت .. اتفضل يا بيه
انطلق "عمر" بسيارته وتوقف أمام بين كبير مكون من طابقين . .. على الرغم من أنه يبدوا قديماً إلا أن له هيبه لا تغفلها العين
لحق به الغفير الذى أغلق البوابه وأسرع يجرب خلف السيارة حاملاً طرف جلبابه فى فمه .. قال الغفير فى حبور :
- يا أهلا وسهلاً المزرعة كلها نورت .. ليه ما قولتلناش ان سعادتك جاى كنت خليت "صفية" تنضف البيت زمانه مترب
قال "عمر" فى عجالة :
- تسلم يا عم "عويس" أنا أصلا مش هطول احنا ولو خلصت احتمال ارجع النهاردة .. فين مدير المزرعة ؟
- الباشمهندس "محمد" تلاقيه دلوقتى فى استراحة الغدا
- شكرا يا عم "عويس"
قال ذلك وهو يربت على كتف الرجل وأسرع ليبحث عن مدير المزرعة
كانت المزرعة ميراث والد عمر من أبيه .. أى أن هذه المزرعة ملكاً لعمر أباً عن جد .. كانت مزرعة كبيرة تخطف الأبصار بذلك الون الأخضر الساحر الذى يريح العين والأعصاب .. تم تقسيم المزعة وتخصيص أكبر مساحة بها لزراعة العنب الذى تميزت بزراعته مزرعة "عمر" على مر الأعوام السابقة فكان يتهافت علي محصوله التجار وأصحاب المصانع بسبب عناية "عمر" الشديدة بجودة المحصول وتوفير أجود أنواع الأسمده والمبيدات فلم يبخل عليها بشي فأعطته كل شئ .. وتحتوى المزرعة أيضاً قسما لزراعة العديد من الموالح الأخرى .. لم يكن انتاج المزرعة نباتياً فقط فلقد توسع فيها "عمر" وخصص قسماً للإنتاج الحيواني أيضاً
عبر "عمر" بوابة المبنى الإدارى الذى خصصه لإدارى المزرعة وللعاملين فيها .. توجه الى قسم الطعام وألقى نظرة على الموجودين ثم توجه الى طاولة يجلس عليها رجل فى العقد الخامس من عمره كان يتناول طعامه فى نهم حينما قال له "عمر" :
- ازيك يا باشمهندس "محمد"
هب الرجل واقفاً بمجرد أن رآى "عمر" وابتلع ما بفمه من طعام بسرعة ومد يده ليسلم عليه قائلاً :
- اهلا وسهلا ازيك يا باشمهندس "عمر"
صافحه "عمر" ثم جلس على المقعد المواجه له قائلاً :
- ايه الفاكس اللي بعتهولى النهاردة ده .. عايز أعرف المشكلة بالتفصيل
ابتلع الرجل ريقه وجلس فى مقعده مرة أخرى وقال :
- زى ما قولت لحضرتك فى الفاكس تشخيص المرض "البياض الدقيقي"
حاول "عمر" السيطرة على غضبه قائلا:
- الاصابة وصلت لفين بالظبط؟
توتر الرجل قائلاً:
- للأسف يا باشمهندس الاصابة وصلت للأوراق والأغصان والأزهار والثمار
ضرب "عمر" بيده على الطاولة فإنتفض الرجل فزعاً والتفت جميع من فى القاعة اليهما .. هدر صوت "عمر" قائلاً:
- وكنت فين حضرتك يا باشهندس لما المرض انتشر فى الزرع بالشكل ده ؟ .. ومخدتش احتياطاتك ليه عشان تمنع الإصابة من قبل ما تحصل ؟
- والله يا باشمهندس "عمر" أنا عملت اللى عليا و .....
قاطعه "عمر" قائلاً:
- هنشوف .. هنشوف اذا كنت عملت اللى عليك ولا لأ .. يلا قوم هنلف على المحصول كله توريني الإصابات
- نهض الرجل معه فى استسلام
انهى الرجل جولته مع "عمر" الذى ازدادت حدة غضبه قائلاَ:
- ده اسمه اهمال يا باشمهندس انت عارف كويس ان عدم ازالة الأوراق اللى على جذر الشجيرات ده له دور كبير فى انتشار المرض
وقف الرجل وقد أخذت حبات العرق تنبت فوق جبيه ولم يستطع النطق
أكمل "عمر" فى غضب :
- والحشائش دى ما بتتشلش أول بأول ليه انت عارف انها بتسبب الإصابة بأمراض زى الزفت للزرع .. ده تسيب أمال بتقبض مرتبك على ايه بالظبط
بُهت الرجل ولم ينطق ببنت شفه
*************************
فى المساء أغلق الغفير بوابة المزرعة بالحديد والسلاسل وتوجه الى غرفته ونادى زوجته :
- "صفية .. "صفية"
لم ترد فبحث عنها فلم يجدها .. هم بالتوجه الى باب الغرفة ليبحث عنها بالخارج عندما وجدها تدخل وتغلق الباب خلفها :
- كنتي فين يا "صفية"
- هكون فين يعني .. كنت بجهز الأكل للباشمهندس "عمر" وبنضفله الأوضة اللي هينام فيها
- طيب يلا عشان ننام
نام عم "عويس" وتدثر بغطائه ودخلت زوجته الفراش بجواره وأخذت تتطلع الي زوجها الذى أولاها ظهره لتتأكد من أنه أغمض عينيه ويغط فى النوم فأولته ظهرها وأخرجت من صدرها حفنه من المال أخذت تنظر اليها فى فرح ثم أعادتها الى صدرها مرة أخرى
*************************
قامت "كريمة" من نومها فزعة وهى تردد :
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
انتفض زوجها واستيقظ على صوتها وقام وأضاء نور الغرفة وقال لها :
- خير فى ايه مالك يا "كريمة" ..
كان حلقها جاف فلم تستطع التحدث وأشارت الى ابريق الماء الموضوع على الكمودينو .. فهم زوجها اشارتها وصب لها كوبا من الماء وأعطاه لها قائلا :
- اتفضلى يا حبيبتى .. اشربي واهدى
شربت "كريمة" كوب الماء بسرعة ونهم وكأنها كانت تسير فى صحرا .. أعطت له الكوب الفارغ فوضعه على الكمودينو مرة أخرى و قال لها :
- هنياً .. مالك فى ايه ؟ انتى تعبانه
قالت بعدما هدأت قليلاً وبدأت ضربات قلبها فى الانتظام :
- لا .. بس شوفت حلم وحش أوى
- خير اللهم اجعله خير
- حلمت بـ " عمر" .. كان قلبي هيقف من الخوف
- يارب سترك .. خير شوفتى ايه ؟
بلعت ريقها فى صعوبة وكأن تذكر الحلم يعيد اليها خوفها مرة أخرى .. قالت :
- شوفت عمر وهو واقف فى مكان فاضى مفيش أى حد شايفه وفى حيه كبيرة فاتحه بقها و وماشيه ناحيته أول ما شافها فضل يرجع لوره وهى برده عماله تتقدم ناحيته وكان منظرها مرعب جدا وكانت مصره تأذيه
"عمر" كان وراه بير عميق وكان ضلمه مكنش شايف البير ده فضل يرجع لوره عشان يبعد عن الحيه فضلت أصرخ وأقوله "عمر" حاسب البير اللى وراك لكنه مكنش سامعنى حاولت أجرى عليه لكن كنت فى الحلم حاسه ان رجلى زى ما تكون مشلوله مش عارفه أتحرك
لحد ما "عمر" وقع فى البير والحية أول ما لقته وقع بعدت عنه بسرعة وجريت بعيد عنه.. جريت عليه وقلبي هيقف من الخوف وفضلت أنادى من فوق البير عليه لحد ما شوفته رغم ان البير كان ضلمه بس نور القمر كان منوره وكان شكله بيتألم أوى ومش قادر يتحرك فضلت أعيط وأنادى عليه ..لحد ما رفع راسه وقالى ما تقلقيش يا ماما أنا هقدر أقوم أقف تانى"
أنهت "كريمة" كلامها ونظرت الى زوجها قائله :
- تفتكر ايه الحيه وايه البير ده ؟ أنا خايفة على "عمر" أوى
قال لها زوجها يطمئنها :
- ما تخفيش ربنا هيحميه ان شاء الله .. لعلها تكون أطغاث أحلام ..انتى بس ادعيله انتى عارفه ان دعوة الوالدين مستجابة ان شاء الله
- والله بدعيله دايما وعمرى ما بطلت دعا ليه .. ربنا يحميه وينورله بصيرته ويكفيه شر ولاد الحرام
**************************
جلست "ياسمين" مع "سماح" فى غرفتها بعدما انتهيا من تناول طعام الغداء .. قالت "ياسمين" لها :
- ها يا ستى ايه بأه الموضوع اللى كنتى عايزانى عشانه
- بصى يا "ياسمين" من الآخر كده فى واحد تعرفت عليه فى المطار أما كنت رايحه أجيب بنت خالى من السفر
سألتها "ياسمين" :
- اتعرفتى عليه ازاى يعنى ؟
- بصراحة حاول يكلمنى وصديته جامد .. والطيارة كانت اتأخرت عن معادها ففضلت وقت كبير فى المطار منتظرة بنت خالى .. والراجل ده فضل يحوم حوليا كتير وبعد ما اتأكد انى مستحيل أكلمه أو أعبره .. تقريبا كدة عجبه رد فعلى ده وأول ما بنت خالى وصلت وسلمت عليها .. جينا نمشي لقيته بيوقفنى
- ها .. كملى
- طبعا لسه هفتح بقى عشان أديله اللى فيه النصيب .. لقيته فجأنى وقالى انه عايز يتقدملى
قالت "ياسمين" وهى مندهشة :
- نعم .. خبط لزق كده
- آه والله ده اللى قاله .. وفضل يتكلم ويعرفنى بنفسه .. طبعا بنت خالى كانت واقفه وهو كان محترم مطلبش اننا نعد في مكان ولا طلب رقمى ولا أى حاجة .. وبعد ما خلص كلامه طلب منى رقم بابا
قالت "ياسمين" وقد اتسعت ابتسامتها :
- ها وبعدين كملى
- بنت خالى اديته الرقم .. وبعدها محطتش الموضوع فى دماغى .. لكن بعد يومين لقيته بيتصل ببابا وطلب يقابله وفعلاً اتقابلوا بره البيت وشرحله ظروفه كلها
صاحت "ياسمين" فى فرح طفولى :
- الله ,, حب من أول نظرة يعني ,, ها كملى وبعدين
- بصى يا "ياسمين" أنا مش هكدب عليكي بصراحه أنا ارتحتله أوى .. مش بس ارتحتله تقدرى تقولى انا فعلا معجبه بيه أوى .. بس فى مشكلة
- ايه هى ؟
- هو من ساعة ما اتخرج وهو عايش بره .. بيكون مستقبله .. وللأسف من سنة خسر كل فلوسه اللى حوشها لأن دخل شركة مع ناس فى البلد اللى كان مسافر فيها ونصبوا عليه وخسر كل اللى حوشه طول السنين اللى فاتت
قالت "ياسمين" فى حزن:
- لا حول ولا قوة إلا بالله
- بصراحة يا "ياسمين" أنا مش فارق معايا الموضوع ده .. هو بيقول انه لسه بيبدأ يكون نفسه من أول وجديد .. وانه مش مرتاح فى شغله وبيفكر يشتغل مع واحد صحبه .. هو لا يملك غير عربيته بس .. حتى الشقة اللى اشتراها هنا اضطر يبعها عشان يسدد ديونه .. يعني هعيش معاه على مرتبه بس
- طيب وانتى رأيك ايه فى كل ده
- زى ما قولتلك كل ده مش فارق معايا .. بصراحة عجبنى وحساه راجل بجد .. وكمان بابا انتى عرفاه بيفهم الناس بسرعة .. هو كمان أعجب بيه أوى
- تمام أوى
لا مش تمام .. لسه ماما معرفتش واللى خايفه منه انها ترفض .. انتى عارفه ماما راسمه فى خيالها شخص مثالى لبنتها الوحيدة .. خايفة أوى ترفضه عشان ظروفه
- طيب وباباكى رأيه ايه
- بابا ده حبيبى .. قالى انتى اللى هتعيشي معاه يبأه انتى اللى تختارى .. والحاجه الوحيدة اللى هيتدخل فيها هي انه يطمن انه انسان محترم ومؤدب ويسأل عنه كويس هنا فى مصر وفى البلد اللى كان شغل فيها
.. أنا خايفة أوى يا "ياسمين" ادعيلى الموضوع يتم على خير
حضنتها "ياسمين" قائلة :
- ان شاء الله يا حبيبتى ربنا يقدرلك الخير ويسعدك ويفرح قلبك يارب
***************************
أثناء انهماك "مصطفى" فى دراسة أحد المخططات أمامه شعر فجأة بشخص يقف خلفه .. التفت ليجد فتاة جميلة تقف وتنظر اليه فى حزن .. بُهت لرؤيتها والتفت اليها قائلاً :
- "نهلة"
قالت الفتاة بعتاب وبصوت خافت :
- أيوة "نهلة" .. ازيك يا بشمهندس
توتر "مصطفى" وقل لها :
- ايه اللى جابك هنا
تقدمت الفتاة بخطوة وأمسكت كفة اليمنى التى احتوت دبلته , ورفعتها أمام عينيه قائله فى مرارة :
- جيت أباركلك على خطوبتك .. وأباركلك على فرحك اللى هيكون كمان اسبوعين
جذب "مصطفى" يده وتنهد وقال اليها :
- "نهلة" لو سمحتى مفيش داعى للكلام ده ومفيش داعى أصلاً انك تيجي لحد هنا ده مكان شغلى
- بس انت يا باشمهندس مكنتش بتعترض لما كنت بجيلك قبل كدة هنا فى مكان شغلك .. وكنت بتفرح وتنسي الدنيا واللى حواليك
قال لها بنبرة محذره :
- "نهلة" مش عايز مشاكل
قالت فى مرارة :
- متخفش أنا مش جاية أسببلك مشاكل .. أنا خلاص فهمت .. صحيح فهمت متأخر بس فهمت
قال وقد بدأ يشعر بالضيق :
- فهمتى ايه ؟
قالت والدموع تتساقط من عينينها :
- فهمت ان مفيش راجل بيفكر يتجوز واحدة غلط معاها .. حتى لو هو اللى دفعها لكده وحتى لو هو السبب فى كده
قال بحدة :
- أنا مضربتكيش على ايدك .. كل حاجة كانت برضاكى وبرغبتك
انفجرت فى البكاء قائلة :
- كنت بحبك .. وكنت فاكراك بتحبنى .. كنت بعمل زى ما قولتلى .. بحاول اسعدك عشان متبصش لغيري .. ورغم انى عملت كل اللى طلبته منى وفرط فى كل حاجة عندى برده سبتنى وهتتجوز غيري .. سبتنى لانى فى نظرك بنت رخيصة سلمت نفسها لراجل مش جوزها .. ولما فكرت تتجوز اخترت واحدة نضيفة مش كدة ؟
قال بغضب :
- الكلام اللى قولتيه دلوقتى لو اتكرر تانى مش هيحصل كويس يا "نهلة" .. ويكون فى علمك لو فكرتى تقلى عقلك وتقولى الكلام ده لأى حد أو توصليه لأهل خطيبتى بأى طريقة أنا هنكر انى أعرفك أصلاً ومش هيحصلك كويس
قالت وهى تمسح الدموع التى تساقطت على وجهها :
- دى مش غلطتك لوحدك أنا غلطت أكتر منك ودلوقتى بدفع التمن .. أنا زى ما قولت أنا مش جاية أسببلك مشاكل أنا جايه بس أقولك ان أى حاجة عملتها كانت عشان بحبك .. بحبك أوى
قالت ذلك ثم تركته وانصرفت .
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
فى الصباح عبرت سيارة "عمر" بوابة الفيلا , خرج من سيارته وصعد الدرج استقبلته سيدة فى العقد السادس من العمر , بش وجهها لرؤيته قائله :
- حمدالله على السلامه يا باشمهندس "عمر"
ابتسم لها وقال :
- الله يسلمك يا دادة "أمينة" أخبار صحتك ايه النهاردة
ردت وقد أسعدها سؤاله عن صحتها :
- بخير الحمد لله اتفضل والدتك مع والدك فى الجنينه منتظرينك
توجه "عمر" الى الحديقة الخلفية للفيلا , وبمجرد أن رأته والدته هبت واقف وأقبلت عليه قائله :
- "عمر" حبيبى حمدالله على سلامتك يا ابنى
- عانقها "عمر" وقبل رأسها قائلاً :
-الله يسلمك يا أمى
ثم وجه كلامه الي أبيه قائلاً :
- صباح الخير يا بابا
- صباح الخير يا ابنى حمدالله على سلامتك
- الله يسلمك
نظرت اليها والدته وهى تُملى عينيها برؤيته , استغرب "عمر" نظراتها وقال :
- مالك يا أمى فى حاجه
قالت بشئ من التأثر :
- لا يا حبيبى بس وحشتنى أوى
ضحك "عمر" قائلاً :
- انتى ايه حكايتك بالظبط مستقبلانى أكنى بقالى سنة غايب مش يوم .. وكمان مبطلتيش اتصالات بيا من امبارح .. هى دى أول مرة أسافر فيها يا ماما ..
كادت أن تخبره عن حلمها الذى أفزعها ليلة أمس لكنها أحجمت عن ذلك فهى لا تريد أن تثير قلقه .. شعر زوجها بما يعتمل داخل صدرها فقال :
- عادى يا ابنى هى أمك كده لما حد فينا بيسافر بتعامله أكنه طفل صغير
نظرت "كريمة" الى زوجها بعتاب قائلة :
- يعني مش من حقى أقلق على جوزى وابنى لما يسافروا
قال زوجها وهو يحاول اغاظتها :
- لا من حقك طبعا بس انتى بتتصلى بيا كتير وأنا مسافر وبتقلقى أما ما أردش .. افرضى كنت مشغول ولا كانت معايا عميلة زى القمر يعني أسيبها وأرد عليكي ازاى ؟
ضحك "عمر" قائلاً :
- أوباااااااااااا .. لا يا بابا انت كدة دخلت فى الغميق
نظرت "كريمة" الى زوجها وقد نسيت ما كان يدور فى داخلها من قلق وقالت في مرح :
- سيبه يا "عمر" يقول اللى هو عايزه .. أنا عارفه ان مفيش ست فى الدنيا دى تملى عين باباك غيري أنا بس
ضحك كليهما .. وقال "عمر" :
- أحبك وانت واثق من نفسك يا "كريمة" يا قمر انت
نهض والده وأحاط كتفى زوجته بذراعه ونظر اليها قائلاً :
- طبعا مفيش واحده ست تملى عيني وحياتى وقلبي غيرك
قال "عمر" فى مرح :
- احم .. من الواضح كدة انكوا عملتونى شجرة , ناقص اتنين لمون وأطلع منها انا بقه
ضحك ثلاثتهم .. وقد سعد "نور الدين" لرؤية زوجته مبتسمه فى مرح بعدما قضت ليلتها فى قلق وتوتر بسببها حلمها
التف ثلاثتهم حول الطاوله وأحضرت لهم الخادمة عصير فريش .. وجه "نور الدين" حديثه الى ابنه قائلاً :
- ها يا "عمر" ما قولتليش ايه أخبار المزرعة والمشكلة اتحلت ولا لسه
شعر "عمر" بالضيق فجأة بعدما كاد أن ينسي الهم الذى يعتمل فى صدره ورد قائلاً :
- للأسف المحصول حالته صعب جداً .. اهمال فظيع .. محتاج مجهود جبار عشان نقدر ننقذ أى شئ منه
- للدرجة دى ؟
- أيوة للأسف .. غلطتى انى فى الفترة الأخيرة أهملت المتابعة الدورية اللى كنت بعملها للمزرعة .. وللأسف وثقت فى الشخص الغلط .. مدير المزرعة طلع شخص لا يعتمد عليه أبداً
شاركتهم "كريمة فى الحديث قائله :
- وناوى على ايه .. لازم المدير يتغير فوراً .. وكمان متزعلش نفسك ان شاء الله حتى لو جزء من المحصول ضاع .. ان شاء الله السنة الجايه تعوض الخسارة دى ؟
تنهد "عمر" فى حسره قائلاً :
- للأسف يا ماما المحصول متباع أصلاُ .. متباع لشركة عصائر ومربي والفلوس قبضناها من زمان لأننا بنمضى تعاقد كل سنتين ودى السنة التانية
- يعني ايه ؟
- يعني لو الكمية اللى اتفقنا عليها متسلمتش فى معادها أولا لازم نرد العربون كاملاً .. ثانيا هندفع شرط جزائي كبير .. ده غير ان مش متوفر حاليا السيوله اللى مطلوبه دى كلها .. يعني الخسارة كبيرة فعلاً
نظر اليه والده قائلاً :
- وناوى على ايه دلوقتى يا "عمر" ؟
- زى ما ماما قالت أول حاجه هعملها هغير مدير المزرعة وأجيب مهندس زراعى بيفهم وأقدر أعتمد عليه
- وانت ليه ما تتابعش الموضوع ده لحد ما الأزمه تعدى
- أكيد هتابع يا بابا بس حضرتك عارف ان جوازى كمان أقل من شهرين يعني مش هبقى متفرغ كلياً للمزرعة فمحتاج حد أثق فيه وأعتمد عليه
- "كرم" ؟
- فعلاً كلمت "كرم" فى الموضوع ده .. بس "كرم" بعيد عن الشغل العملى فى الزراعة من زمان ودلوقتى ملوش الا فى الإدارة وبس .. وأنا عايز حد خبره فى الشغل العملى
رد هاتف "عمر" وأخرجه من جيبه واتسعت ابتسامته عندما راى اسم المتصل , هب واقفا وقال :
- عن اذنكوا
سار مبتعداً وهو يتحدث قائلاً :
- ألو .. تصدق انك واطى
ضحك المتصل بشده ورد قائلاً :
- عارف
- عارف ايه
- ان أنا واطى وكل اللى انت عايز تقوله قوله
- سنتين ما اعرفش عنك حاجة يا "أيمن" انت بتستهبل بجد
- معلش يا "عمر" لو عرفت اللى حصلى هتعذرنى بجد
- لا مفيش أى اعذار .. مكنتش عشرة عمر دى يا ابنى ..
- صدقنى والله لما تعرف ظروفى هتقول الواد ده جبل انه اتحمل كل ده
قال "عمر" فى قلق:
- خير يا "أيمن" قلقتنى ؟
- خير ان شاء الله .. عايز أقابلك مينفعش نتكلم كده فى التليفون
- طبعا يا ابنى قولى انت فين ومسافة السكه وأكون عندك
- لا خلينا بعد العصر لانى فى الشغل دلوقتى ايه رأيك نتغدى سوا
- تمام يا باشا وهجيب الواد "كرم" معايا
- "كرم" يخرب بيته ازيه
ضحك "عمر" قائلاً :
- زى ما هو
- لسه غتت ولسانه طويل ؟
- لا عقبال عندك طول أكتر
ضحك الصديقان .. وقد كان يبدو عليهما الاستمتاع بتلك المحادثة التى اشتاقا اليها
- والله وحشتنى جدا الواد ده وانت كمان يا "عمر"
- والله وانت يا ابنى ده أنا سألت عليك طوب الأرض ومعرفتش أوصلك حتى شقتك قالولى انك بعتها و رقمك ده على طول مقفول
- أما أقابلك هحكيلك على كل حاجة
- خلاص اتفقنا وأنا مش هسيبك
- خلاص معادنا العصر ان شاء الله يلا سلام
- ان شاء الله سلام
*************************************
وقفت "ريهام" تنظر الى الجدول المعلق فى ردهة الكلية وهى تضم كتبها الى صدرها , عندما شعرت بشخص يقف خلفها مباشرة .. التفتت لتجد شاب متوسط القامة نحيف يرتدى عوينات أخذ فى تعديلها وقد بدا عليه شئ من الإرتباك .. ظنت "ريهام" أنها تحجم الرؤية عنه وأنه يريد بدوره الإطلاع على مواعيد المحاضرات .. فنظرت الى الأرض ومرت بجواره وأفسحت له المجال .. وبعدما خطت بضع خطوات مبتعده وجدته ينادى من خلفها :
- يا آنسه .. يا آنسه لو سمحتى
نظرت الى الخلف وتوقفت مستفهمه عما يريده
اقترب منها بضع خطوات فتراجعت لتترك مسافة بينهما وقالت فى حزم :
- ايوة فى حاجه ؟
ازداد توتره وأعادت ضبط عويناته مرة أخرى وقال وقد بدا عليه الارتباك :
- أيوه لو سمحتى .. يعني .. احم احم .. أنا كنت عايز أعرف اسمك
نظرت اليه "ريهام" فى غضب وتركته وانصرفت .. قالت فى نفسها (مجنون ده ولا بيستهبل ) ظل الشاب واقفا فى مكانه وعيناه تتابعانها فى صمت.
*******************************
دخل "عمر" مطبخ الفيلا والذى كانت تقف فيه والدته تعد شيئاً ما .. وتأمر الخادمة بأن تأتى لها ببعض الأغراض من المبرد .. أقبل ناحيتها قائلاً :
- بتعملى ايه يا ست الكل
نظرت اليه قائله فى غضب :
- بره يا "عمر"
ضحك "عمر" الذى يعرف مدى كره والدته لرؤية أى رجل فى المطبخ حتى ولو كان والده .. كانت "كريمة" تهتم بأن تتعلم بعض الوصفات التى تجذبها وتحاول تطبيقها لزوجها وابنها وكانت تسعد عندما تجد أن ما صنعته لاقى اعجابهما ولم تكن لتسمح لأى منهما بمشاهدتها وهى تعمل .. قال "عمر" مبتسما :
- طيب هقولك بس حاجة وهطلع فوراً
تركت ما بيدها والتفتت قائله "
- ها أفندم بسرعة مشغوله
- هنعزم نانسي وأهلها امتى .. احنا أجلنا المعاد لأجل غير مسمى .. يعني محددناش معاد جديد ..
فكرت "كريمة" قليلاً ثم قالت له :
- شوفهم مناسب ليهم بكرة ولا لأ
- طيب تمام هشوف نانسي وأرد عليكي
- خلاص اتفقنا
قالت ذلك ثم التفتت مرة أخرى لتكمل عملها الذى يبدو وأنه يأخذ كل تركيزها
هم "عمر" بالانصراف ولكنه تراجع وقال وعينه تلمع فى مرح :
- ماما انتى بتعملى ايه .. ممكن أعرف على الأقل الاسم العجيب اللى هتصدم لما أعرفه
التفتت اليه قائله :
- ولد
- ما هو يا ماما بصراحه انتى بتختارى أكلات ليها أسماء عجيبه .. لما بتعجبنى حاجة مبعرفش أطلبها منك تانى .. دى أسماء محتاجه خريطه
التقطت أحد الأوانى الموضوعه على الطاولة وهمت بأن تضربه بها .. لكنه اسرع بالخروج من المطبخ وهو يضحك
*************************
انهمكت "ريهام" فى مطالعة أحد كتبها وهى جالسة فى كافتيريا الجامعة .. قالت لها صديقتها التى تجلس بجوارها :
- "ريهام"
- همممم
- فى واحد بيراقبك
رفعت عينيها من الكتاب ونظرت الى صديقتها قائله :
- بيراقبنى ازاى يعني ؟
- معرفش منزلش عينه من عليكي
- هو فين ؟
- فى الترابيزة اللي على يمينك
نظرت "ريهام" فوجدته نفس الشخص الذى سألها عن اسمها فى الصباح .. كان يجلس وينظر اليها .. فأشاحت بوجهها عنه قائله :
- سيبك منه ده عبيط
- عبيط ..عبيط ازاى يعني؟
- تصورى جه فجأة بيقولى ممكن أعرف اسمك
ضحكت صديقتها بصوت خافت قائله :
- آه .. جو ممكن نتعرف ده عارفاه .. بس دى كانت موضه وبطلت .. ده شكله قديم أوى
- قديم ولا جديد ملناش فيه ويلا نقوم من هنا أحسن
نهضت الصديقتان وغادرتا الكافتيريا وعيون الشاب تتابعهما فى صمت
******************************
كان "عمر" يجلس فى الصالون منتظراً "نانسي" التى ذهبت والدتها لإيقاظها من النوم .. تململ فى جلسته وبعد وقت طويل وجدها تنزل الدرج فى سرعه قائله :
- حبيبى وحشتنى أوى أوى
أحاطت عنقة بذراعيها وعانقته , لف "عمر" يديها حولها قائلاً :
- وانتى كمان يا حبيبتى وحشتيني أوى
أرجعت رأسها قليلا الى الوراء ونظرت فى عينيه قائله :
- لو كنت وحشتك مكنتش لغيت العزومه وسبتنى وسافرت
- حبيبتى أنا شرحتلك سفرى كان مفاجئ وكان مهم
- يعنى عايز تفهمنى ان كل الناس اللى شغالين عندك دول مفيش حد فيهم كان ينفع يسافر بدالك
مرر أصابعه فى خصلات شعرها الذهبية قائلاً :
- لو كان ينفع حد غيري يسافر مكنتش أجلت العزومة وسافرت ..
أرجع رأسه قليلا الى الوراء وقال وقد ضاقت عيناه :
- وبعدين أنا سافرت يوم واحد بس .. عايزة تفهميني انى لحقت أوحشك يعني
قالت وهى تنظر له بعينين ناعستين :
- كل ثانية بتكون فيها بعيد عنى بتكون صعبة أوى عليا وبحس انك واحشنى أوى
اتسعت ابتسامة "عمر" قائلاً :
- لا أنا مش أد كلامك ده
قالت له فى دلال :
- اعمل حسابك بعد كدة رجلى على رجلك أى مكان هتسافر فيه هتاخدنى معاك .. فاهم يا باشمهندس
- عيون الباشمهندس .. خلاص السفريه الجاية هتكونى معايا ان شاء الله .. أنا اصلا هسافر تانى المزرعة .. وهاخدك معايا لانى نفسي تشوفيها أوى المزرعة دى كبرت على ايدي وليها مكان خاص فى قلبي عشان كدة عايز أخدك هناك أنا واثق انها هتعجبك أوى
قالت بسرعة :
- طالما عجباك يبقى هتعجبنى يا حبيبى
ابتسم عمر .. قم قال :
- قوليلى بأه مناسب بكرة للعزومة اللي اتأجلت دى .. نفسي انتى وماما تكونوا صحاب وتقربوا من بعض أكتر وكمان عايز أعرفك على عمتى وولادها انتى اتعرفتى عليهم بس يهمنى انكوا تكونوا قريبين من بعض
قالت وقد شعرت ببعض الضيق والضجر لكنها أخفت ذلك سريعاً :
- اه طبعا يا حبيبى .. أهلك هما أهلى دلوقتى .. ومامتك زى مامى بالنسبه لى
اتسعت ابتسامة "عمر" وقد سعده ما قالت :
- خلاص اتفقى مع بابا وماما عشان منتظرينكوا بكرة ان شاء الله
- اوك حبيبى
نظر "عمر" فى ساعته ثم قال :
- حبيبتى معلش أنا مضطر امشي دلوقتى
تظاهرت بالضيق وقطبت جبينها قائله :
- زهقت منى بالسرعة دى
رد بسرعة :
- طبعا لا .. ازاى تقولى كدة .. أنا مبشبعش منك ومن وجودك معايا .. بس عندى معاد مهم ومش عايز أتأخر
قالت بحدة مصطنعه :
- معاد .. ها وشكلها ايه بأه ؟
قال "عمر" باستغراب :
- هى مين اللى شكلها ايه ؟
- البنت اللي هتقابلها واللي مهتم انك متتأخرش عليها
قال "عمر" بجدية :
- "نانسي" حاجة زى دى مفيهاش هزار .. انتى عارفانى كويس .. مش "عمر" اللى يعمل كدة ..
قالت وهى تحاول اصلاح الموقف :
- عارفه طبعا يا حبيبى وواثقه فيك .. انا بس بغير عليك
لانت ملامحه وقال :
- ماشي وأنا مقدر ده لانى عارف ان اللى بيحب حد لازم يغير عليه .. وعشان أطمنك أنا هقابل واحد صحبى كان زميلى من أيام الجامعة وبعد ما اتخرجنا فضلنا مع بعض .. اختفى فترة بس رجع ظهر تانى وهنتقابل على الغدا أنا وهو و "كرم"
نظر اليها قائلاً :
- ها حبيبى اطمن ان مفيش فى قلبي ولا فى عيوني غيره ؟
قالت بدلال :
- ايوة اطمنت
ثم طبعت قبله على ثغره وقالت فى خبث :
- خد دى .. عشان تفكر فيا لحد بكرة
***********************************
انتهت "ياسمين" من توضيب بعض الأغراض التى اشترتها لجهازها مؤخراً فى حقيبة سفر .. رتبتهم بدقة وعناية وهى تنظر الى كل قطعة فى فرح
, دخلت "ريهام" الغرفة وابتسمت عندما رأت وجه أختها الفرح قائله :
- خيانه .. انتى ناويه تعيني حاجتك من غير ما أشوفها
قالت لها "ياسمين" ضاحكة :
- يا مفترية ده انتى هريتيهم من كتر الفرجه عليهم ده انتى حفظتى شكلهم أكتر منى
أقبلت عليها أختها وحضنتها قائله :
- ربنا يسعدك يا "ياسمين" انتى طيبة أوى وتستهلى كل خير
عانقتها أختها وقد تأثرت بكلامها .. وشعرت "ياسمين" بعينها وقد اغرورقت بالدمع قائله :
- انتى كمان يا "ريهام" هتوحشيني اوى .. مش قادرة اتخيل انى هنام فى مكان انتى مش موجودة فيه
- "ياسمين" بالله عليكي متعيطيش هتخليني أعيط أنا كمان .. انا اللي مش عارفه هعمل ايه من غيرك
نظرت كل منهما الى الأخرى والدموع فى عينينهما عندما افتح الباب ودخلت أمهما عندما رأتهما هكذا أقبلت عليهما وضمنتهما الى صدرها قائله :
حبايب قلبي انتوا الاتنين .. يارب أفرح بيكوا وبعيالكوا ويهنيكوا ويسعدكوا فى حياتكوا يارب .. ويرزقك يا "ريهام" يا بنت "سمية" بابن الحلال اللى يصونك ويتم فرحك يا "ياسمين" على خير
قال ذلك ثم قبلت كل منهما على رأسها
************************************
التف الأصدقاء "عمر" و "كرم" و "أيمن" حاولة احدى الطاولات فى أحد المطاعم الفخمة .. قال "عمر" فى حزن :
- ياه يا "أيمن" كل ده حصلك واحنا منعرفش
- شوفت بأه مش قولتلك لما تعرف هتعذرنى
- طيب وليه يا "أيمن" متقلوليش حاجة زى كده .. مش احنا اخوات يا ابنى ولا ايه
- طبعا اخوات يا "عمر" وأكتر من الإخوات كمان .. وأنا الحمد لله الديون كلها اتسددت وبشتغل حاليا فى شركة للأسمدة الزراعية
قال "كرم":
- انت أهبل يا ابنى فى حد يعمل عملتك السودة دى
قال "أيمن" :
- اللهم طولك يا روح يا ابنى مش هتبطل طولة لسانك دى
- طولة لسان ايه وبتاع ايه خلينا فى مصيبتك انت مش عيب واحد شحط طويل عريض زيك وعنده 37 سنة يضحك عليه ويتنصب عليه ويخسر كل اللى وراه واللى أدامه
- يعني خسرتهم بمزاجى يا "كرم"
- يا ابنى انت اللى طيب زيادة عن اللزوم ازاى تشارك ناس متعرفهمش وتثق فيهم كدة وتحط فلوسك بين ايديهم
قال "أيمن" فى حزن :
- أهو اللي حصل بأه قدر الله وما شاء فعل
قال "كرم":
- ونعم بالله .. بس برده حاول تغير من طبعك ده واتنحرر كده .. يا ابنى الطيب فى الزمن ده بيفتكروه أهبل
- ما تحترم نفسك يا "كرم" ايه أهبل دى
ضحك "عمر" وهو ينظر اليهما قاشلاً :
- انتوا مش هتبطلوا نقار أبداً .. من أيام الجامعة وانتوا كده .. اكبروا بأه
ابتسلم "أيمن" و "كرم" .. وقال "أيمن" :
- تعرفوا انكوا وحشتونى أوى ووحشنى أيام ما كنا ما بنفترقش الا على النوم
ووجه حديثه الى " كرم" قائلا :
- وبصرف النظر عن غتاتك وطولة لسانك الا ان النقار معاك واحشنى
قال "كرم":
- وبترجعوا تزعلوا
ضحك ثلاثتهم .. ثم سأله "عمر" بإهتمام :
- وانت مرتاح فى شغلك يا "أيمن":
- بصراحة يا "عمر" هو ده الموضوع اللى كنت عايز أكلمك فيه
- خير يا "أيمن"
تنهد "أيمن" قائلاً :
- أنا مش مرتاح فى الشغل مع الناس دول خالص يعني بحس ان فى غش ورشاوى ولعب من تحت الطرابيزة وأنا مليش فى الجو ده
قال له "عمر" بسرعة :
- طيب ما تيجي تشتغل معانا
نظر له "أيمن" بإمتنان لأنه حافظ على عدم ماء وجهه ولم يتركه ليطلب ذلك بنفسه .. قال "أيمن"
- بجد ؟ يعنى انتوا فعلاً محتاجنى ولا قولت كدة عشان قولت انى مش مرتاح فى شغلى
قال "عمر" على الفور :
- لا محتاجينك ومحتاجينك جدا كمان .. لاننا واقعين فى مصيبة
- مصيبة ايه يا "عمر"
تحدث "كرم" قائلاً :
- المهندس الزراعى اللى كان مسؤل على المزرعة عك الدنيا اخر عك والزرع حالته منيلة بنيلة وكدة جزء كبير من المحصول هيضيع ان مكنش كله ده لو ملحقناش نفسنا ورشينا واهتمينا بالموضوع ومحدش فينا فاضى لمتابعتها المتابعة الكاملة
أكمل "عمر" حديث "كرم" قائلاً :
- احنا فى موقف صعب يا "أيمن" لأن المحصول اصلا متباع وفى شرط جزائى لو متسلمش فى معاده أو لو اتسلم أقل جودة من اللي اتفقنا عليها
- خلاص طالما محتاجينى فعلا فأنا معاكوا يا شباب
قال "عمر" فى فرح :
- تمام أوى .. حضر نفسك باه يا باشا عشان السفر وطبعا اقامتك هتكون فى بيت المزرعة
- تمام هبدأ أحضر نفسي للسفر بس هروح وأرجع فى نفس اليوم .. يعني مش هبدأ اقامه فى المزرعة الا بعد اسبوع ولا اتنين كده
سأله "عمر" قائلاً :
- واشمعنى يعني
قال "أيمن" وهو يبتسم :
- أصل أخوكوا هيخطب قريب
سعد كل من "عمر" و "كرم" لهذا الخبر .. وقال له "كرم ":
- ياااه .. اخيراً فى واحدة رضيت تعبرك
قال له "أيمن" :
- "كرم" اتلم
- "عمر" : سيبك منه وقولنا بالتفصيل الممل عرفتها ازى وفين وامتى
ضحك أيمن قائلاً :
- حيلك حيلك ايه هو تحقيق ده أبويا وأمى الله يرحمهم لو كانوا عايشين مكنوش هجموا عليا بالأسئلة كده
قال له "عمر" فى مرح :
- خلص .. مش هسيبك الا لما آخد منك اعتراف كامل
- طيب يا سيدى وأنا هعترف .. كنت فى المطار بوصل واحد صحبى .. لفت نظرى بنت كانت واضح انها مستنيه حد
ابتسم "عمر" قائلاً :
- حب من أول نظرة يعني ؟
ابتسلم "أيمن" وقال :
- يعني حاجة زى كدة
سأله "عمر" :
- ايه اللى لفت نظرك فيها ؟
- لما شوفتها حسيتها غير كل الناس اللي حواليها .. أكنها فى دنيا تانيه لوحدها .. يعني المطار كان زحمه وناس داخله وناس خارجه .. ودى كانت أعده على الكرسي و ماسكه مصحف صغير وبتقرأ فيه كانت محجبه ولبسها محترم .. لفت نظرى انها كانت بريئة وعلى طييعتها يعني مش زى ما بنشوف الأيام دى الواحدة بتبقى خارجه وناقعه وشها فى شوال دقيق قبل ما تخرج
ضحك "كرم" قائلاً :
- ايوة عارفهم بتوع الدقيق دول
حثه "عمر" على الحديث قائلاً :
- كمل .. وبعدين
- بصراحة فضلت أحوم حواليها عايز أعرف هى لابسه دبله ولا لأ .. وبعد ما اتأكدت ان ايديها الاتنين مفيهمش دبله حاولت أقرب منها واتكلم معاها .. لكنها صدتنى جامد ومدتنيش فرصة أبداً وقامت وسابت المكان اللى كانت أعده فيه ..بعدها جت البنت اللي كانت مستنياها فى المطار و لقيتهم خلاص ماشيين وأنا فعلا كنت حاسس ان هى دى الانسانه اللى بدور عليها
قال له "كرم" بلوعه :
- اوعى تكون سيبتها تمشي .. عارفك يا "أيمن" هبل وطلعله راس ورجلين
- لا يا غتت مسبتهاش تمشي وقفتها وبدون ما اديها فرصة قولتلها السي فى بتاعى وطلبت رقم باباها والبنت اللي كانت معاها واللى عرفت انها قريبتها ادتهولى
ابتسم "عمر" قائلاً :
- قصة غريبة .. خبط لزق كدة خدت رقم باباها
- بصراحة يا "عمر" انا فضلت أكتر من ساعة ونص براقبها فى المطار وبجد معرفش حسيت حاجه جوايا بتقولى هى دى
- وكلمت باباها
- ايوة كلمته وشرحتله ظروفى كلها مخبتش حاجة .. وأديني منتظر رد منهم
ربت "عمر" على كتف صديقه قائلاً :
- ان شاء الله خير .. انت مفيش زيك يا "أيمن" ويا بختها اللي هتكون من نصيبها
انتبه "أيمن" لأول مرة للدبلة التى تحيط باصبع صديقه قائلاً :
- ايه ده انت خطبت ؟
قال "كرم" بسخريه :
- لا لابس الدبلة يتصور بيها
لكمه "أيمن" فى كتفه قائلاً :
- يا اخى بطل أم الغتاته بتاعتك دى
رد له "كرم" اللكمة قائلاً :
- اااه .. ايدك تقيله يا بنى آدم
نظر اليهما "عمر :
- والله أنا حاسس انى آعد مع اتنين فى الكى جى
قال "أيمن" موجهاً حديثه لـ "كرم" :
- طيب ادى "عمر" خطب وأنا أهو شوية وهخطب أنا كمان .. سيادتك بأه مش ناوى تتأهل انت كمان
" عمر" ضاحكاً :
- بصراحة انا معنديش استعداد اتدخله فى جوازه يعني مقدرش أعمل كده فى بنات الناس
- "كرم" :أيوة أيوة غنوا أدام بعض انتوا الاتنين .. بكرة تشوفوا عروستى دى هتكونى عاملة ازاى .. هتكون ست البنات ان شاء الله
قال "أيمن" بجدية :
- اعملوا حسابكوا لو فى خطوبة ان شاء الله وقبلوا بيا .. انتوا الاتنين معزومين مفيهاش كلام انتوا عارفين انى مقطوع من شجرة وانتوا اكتر من الاخوات بالنسبة لى
قال له "عمر" :
- طبعاً يا "أيمن" من غير ما تقول .. وان شاء الله تكون الخطوبة تكون قريب أوى
*****************************
خيم الحزن على الجميع وانبعث من المسجل صوت الشيخ المنشاوى وهو يتلو "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي"
جلست الفتاتان وقد ارتديتا السواد وأحاطت بهما العديد من النساء اللاتى أتين لتقديم العزاء .. وفى تلك اللحظة دخلت "سماح" من الباب قائله :
- السلام عليكم
هبت "ياسمين" واقفة وجرت عليها وعبراتها تتساقط على خدها .. حضنتها "سماح" وهى لا تستطيع كبح جماح عبراتها هى الأخرى .. هتفت "ياسمين" وهى تبكى فى حضن صديقتها :
- ماما ماتت يا "سماح" .. ماما ماتت
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
التفت العائلة حول احدى الطاولات الكبيرة فى حديقة الفيلا , استقبل "عمر" ووالده ووالدته عمة عمر وأبنائها "علاء" و "ايناس"
كانت عمة "عمر" السيدة "ثريا" فى العقد الخامس من العمر يبدو عليها علامات القوة والصرامة , سيدة نحيفة قصيرة القامة ترتدى السواد وحجاب أسود اللون .. يظن الناظر اليها أنها امرأة لم تعرف الإبتسامة طريقا الى ثغرها .. توفى زوجها منذ زمن بعيد.. أما "علاء" فكان الابن الصغير لها فى الثلاثينات من عمره طبيباً بيطرياً يعمل فى احدى شركات الأدوية الكبرى فى مصر .. وسيم رياضى البنية كانت نظراته للحاضرين تتسم بالبرود ولا المبالاة , أما "ايناس" فهى الابنة الكبرى هيفاء ممشوقة القوام صارخة الجمال فى التاسعة والعشرون من عمرها تعمل فى شركة "عمر" مديرة للعلاقات العامة .. لم تكن محجبه كوالدتها بل كانت تقل عنها التزاما باللباس المحتشم .. تحدثت الى "عمر" السيدة "ثريا" :
- أمال فين خطيبتك يا "عمر" ؟
رد "عمر" على عمته وهو يخرج هاتفه من جيبه :
- ثوانى ان شاء الله يا عمتو ويكونوا هنا
هم بأن يتصل بـ "نانسي" عندما وجد والدته ووالده يقفان ليرحبان بـ "نانسي" ووالدها ووالدتها .. شعر "عمر" بالغضب يتصاعد داخله عندما نظر الى ما كانت ترتديه خطيبته .. وقف وحاول السيطرة على غضبه أمامهم وسلم عليهم ومد يده ليسلم على خطيبته ببرود دون أن ينظر الى وجهها
.. رحب الجميع ببعضهم البعض وتبادلوا عبارات المجاملة ثم جلس الجميع ينعمون بتجاذب أطراف الحديث وبالنظر الى روعة ما يحيط بهم من خضره .. شخص واحد فى الحاضرين كان يجلس متبرماً ألا وهو "عمر" كان يكتفى بالرد عليهم بابتسامه صغيرة يرسمها بصعوبة .. كانت تراقبه منذ البداية عينان عسليتان .. كانت تصوب اتجاهه نظرات حب ممزوجة بالحسرة والألم .. عينا "ايناس" .. ما لم تبح به "ايناس" لأحد إلا "عمر" .. هو حبها الشديد له منذ الصغر فلقد تربوا معاً , من صغرهم كانت مشاعر "عمر" تجاهها لا تتعدى مشاعر الأخ الكبير اتجاه أخته الصغيره أما هى فلقد تجاوزت مشاعرها كل الحدود وكل القيود .. حملت سرها فى صدرها ولم تكشف النقاب عنه إلا لـ "عمر" ليلة خطبته صارحته بمشاعرها التى طالما عذبتها وأحرقت قلبها .. لكن رد "عمر" كان (انتى مش أكتر من أختى يا ايناس) حاولت استجدائه بكل الطرق لكنه لا يرى فيها إلا الأخت الصغيره .. حانت التفاته من "نادين" الى "عمر" ولاحظت ما يبدو عليه من عبوس فالتفتت الى "نانسي" قائله :
- "عمر" ماله يا "نانسي"؟
- ماله يا مامي ؟
- من ساعة ما جينا وهو مركب الوش الخشب
- وأنا أعرف منين !
- طيب ما تتحركى وتشوفيه ماله !
قامت "نانسي" وقالت لـ "عمر" :
- مش هتفرجنى على الجنينة يا "عمر"
قام "عمر" معها وسارا معاً بعيدا عن الجميع غير منتبهين لعينا "ايناس" التى كانت ترمقهما فى حقد
بعدما ابتعدا عن أنظار الجميع أوقفته "نانسي" قائله :
- مالك يا "عمر" فى ايه ؟
التفتت اليها ينظر الى وجهها وهو يشير بإصبعه على ملابسها من فوق لتحت قائلاً :
- مش عارفه في ايه ؟ .. ايه الزفت اللى انتى لابساه ده
بدأت "نانسي" بالشعور بالغضب والعصبيه هى الأخرى فتحكماته كانت أكثر مما تستطيع تحمله فتاة مدلله مثلها لم تعتاد على تحكمات الآخرين فى تصرفاتها .. قالت له فى عصبيه :
- ايه ماله لبسي .. فستان برقبة طويله وتلت تربع كم ..
أكمل "عمر" قائلاً فى غضب :
- وقصير فوق الركبة
- قولتلك 100 مرة انت عرفتنى كدة وحبتنى كدة وخطبتنى وأنا كده ليه بأه عاوز تتحكم فيا بالشكل ده وعايزنى اغير من نفسي ؟
ندمت لتسرعها فيما قالت وتذكرت تحذيرات أمها جيداً .. فحاولت امتصاص غضبه قائله :
- حبيبى أنا بس كنت حابه ان شكلى يكون حلو أدام أرايبك .. وبعدين ما فيش هنا حد غريب و "علاء" ابن عمتك يعني مش غريب
كان ينظر اليها فى صمت لم تستطع استنتاج ما يفكر فيه اقتربت منه محاوله عناقه قائله :
- وبعدين انت مسلمتش عليا كويس ولا قولتلى كلمة حلوة من ساعة ما وصلت
أزاح عمر ذراعيها اللاتان التفتا حول عنقه .. وقال بهدوء :
- يلا عشان منتأخرش عليهم
عاد بها الى حيق يجلس الجميع , عندها تقدمت والدة "عمر" داعيه الجميع الى الدخول لتناول طعام الغذاء
**************************
وجهت والدة "سماح" حديثها الى "أيمن" قائله :
- "سماح" دى بنتى الوحيده يا "أيمن" وأنا وباباها مكناش هنوافق نديهالك لو مكناش متأكدين من أخلاقك وحسن سلوكك
قال "أيمن" فى خجل :
- متشكر جدا يا دكتورة
- "سماح" دى بنتنا الوحيدة يا "أيمن" أتمنى انك تحافظ عليها وتصون الأمانة
- حضرتك متقلقيش ولا عمى كمان يقلق "سماح" هتكون دايماً فى عنيا وان شاء الله مش هتكون هى بنتكوا الوحيدة أنا كمان هكون ابنكوا .. أنا يتيم زى ما شرحت ظروفى لعمى وأنا شايف فيكوا العيلة والجو الأسري اللي اتحرمت منه
قال والد "سماح" :
- طبعاً يا ابنى انت خلاص غلاوتك من غلاوة "سماح" بنتى
قالت والدة "سماح" له :
- مفيش أى طريقة يا "أيمن" تنقل شغلك هنا القاهرة
- للأسف يا دكتورة المزرعة اللي هشتغل فيها ان شاء الله فى قرية جمب المنصورة وهناك هتكون اقامتى ان شاء الله .. وكمان المزرعة دى بتاعة واحد صحبى وأنا حابب الشغل معاه خاصة انه اتفق معايا ان شغلى مش هيكون بأجر .. هيكون بنسبه يعني أكنى بشتغل فى مكان بتاعى مش بشتغل عند حد
- ربنا يوفقك يا ابنى ويقدم اللى فيه الخير .. وزى ما اتفقنا ان شاء الله الخطوبة بعد اسبوع
قال وقد اتسعت ابتسامته :
- ان شاء الله
****************************
- بس وقعت واقف يا "عمر" .. "نانسي" زى القمر
قال "علاء" هذه الجملة وهو ينقل بصره من "نانسي" التى يرمقها بظزرات اعجاء جريئة وبين "عمر" الذى يجلس أمامه مباشرة على طاولة الطعام .. وجه "عمر" حديثه الى "علاء" بنبره محذرة :
- "علاء"
قال "علاء" على الفور :
- ايه أنا مش بعاكسها أنا بقول الحقيقة بس
اتسعت ابتسامة "نانسي" لهذا الإطراء فهى لطالما أحبت سماع تلك الكلمات من أفواه الرجال .. التى تشعرها بالزهو .. تضايق "عمر" كثيرا من تلك الابتسامة التى ارتسمت على شفتى "نانسي".. ألقت عليها "ايناس" نظرة حاقدة قائله :
- بس "عمر" عرف بنات حلوة كتير .. يعني مفيكيش حاجة مميزة عنهم
التقت أعين الفتاتان فى تحد صارخ .. كان "عمر" مدرك لدوافع "ايناس" ولمشاعرها لذلك آثر الصمت وغير مجرى الحديث قائلاً :
- ها يا "علاء" أخبار شغلك ايه؟
قالت عمته :
- شغله كويس أما حياته الخاصة هى اللي مش كويسه أبداً
ضحك "علاء" قائلاً :
- ليه بس مش كويسه يا ماما
- عشان مش عايز تتجوز , رجاله فى سنك ومعاهم أطفال دلوقتى
قال "علاء" بخبث موجها نظراته الى "نانسي" :
- أنا مبحبش حد يقيد حريتي .. ايه اللى يخلينى أقطف وردة واحدة فى حين ان أدامى جنينه بحالها أستمتع بيها
تلاقيت عين "علاء" بعين "عمر" فى تحدٍ .. فما لا يعرفه البعض هو أن "علاء" و "عمر" بينهما الكثير من المشاحنات التى سببها الأكبر هو شعور "علاء" منذ صغره بتفوق "عمر" عليه وبالغيرة منه فقد كان "عمر" مميزاً فى العائله وهذا ما دفع "علاء" لأن يكن لابن خاله حقد دفين
انتهى الجميع من تناول الطعام وتفرق الجميع حيث جلس والد "نانسي" ووالدتها مع عمة "عمر" ووالده .. أما والدة "عمر" فذهبت الى المطبخ لإعطاء الخدم بعض الأوامر .. وذهب "عمر" الى مكتبه داخل الفيلا ليجري اتصالا هاماً .. أما ايناس فكانت تتمشي بلا هدف فى الحديقه
عندما خرجت "كريمة" والدة "عمر" للبحث عن "علاء" وجدته واقفا فى الحديقة مع "نانسي" يتضحكان معا وتضرب بكفها على كفه ويبدو عليهما الاستمتاع .. اقتربت منهما فانتبها لوجودها رسمت ابتسامه صغيرة على شفتيها وقالت لـ "علاء" :
- خالك بيدور عليك يا "علاء"
اعتذر "علاء" من "نانسي" ودلف لداخل الفيلا .. وهمت "نانسي" بأن تدخل هى الأخرى عندما استوقفتها "كريمة" قائله :
- "نانسي" عايزاكى شويه
- ايوة
- بصى يا "نانسي" انتى خلاص شويه وهتكونى مراة "عمر" ابني وعشان حياتكم يا بنتى تمشي كويس مع بعض لازم تفهمى طبع "عمر" كويس
عقدت "نانسي" ذراعيها أمام صدرها وقد ارتسمت عليها علامات التبرم .. فأكملت "كريمة" قائله :
- "عمر" طبعه حامى من صغره .. بيغير على أى حاجة يحبها أو أى حد يحبه .. كان بيغير عليا أنا من باباه .. كان بيغير على لعبه .. ممكن يخلى الأطفال يلعبوا معاه بلعبه لكن دايما كانت له لعبه مميزه جدا وبيحبها جدا وميحبش حد يلعب بيها غيره و دايما مهتم بيها وبيحافظ عليها .. "عمر" كده مع الناس اللي يخصوه وانتى تخصيه يا "نانسي"
- وبعدين ..
تجاهلت "كريمة" ضيق "نانسي" قائله :
- عشان متحصلش مشاكل بينك وبين "عمر" يا "نانسي" افهمى طبعه ده انه بيغير عليكي لأنه بيحبك فمتحاوليش تضايقيه يا بنتى بتصرفاتك
استشاطت "نانسي" غضباً قائله :
- مالها تصرفاتى .. كل ده عشان كنت واقفه بتكلم مع "علاء" .. انتوا بجد ناس غريبة أوى .. أكنكوا عايشين فى كوكب تانى
قالت "كريمة" بهدوء لكن بحزم :
- مفيش داعى للكلام ده يا بنتى انا بنبهك بس عشان مش عايزه مشكله تحصل بينك وبين "عمر"
- لا اطمنى مفيش مشاكل هتحصل بيني وبينه ريحي نفسك ولو سمحتى متدخليش تانى فى حاجة خاصه بيا خليكي بس في اللى يخصك أنا مش صغيره ومش محتاجه نصايح من حد
وفجأة سمعا صوتاً يهتف من خلفها فى غضب :
- "نانسي"
أقبل "عمر" وهو يشتعل غضباً .. كانت أمه تفهمه جيداً ولم ترد حدوث مشكله بينهما فقالت له :
- خلاص يا "عمر" مفيش حاجه حصلت
قال لها :
- لو سمحتى يا ماما ادخلى دلوقتى وسبيني مع "نانسي" شويه
حاولت "كريمة" التحدث لكنه قاطعها قائلاً بحزم :
- ماما لو سمحتى
دخلت "كريمة" الفيلا ووقف "عمر" ينظر الى "نانسي" التى تحاول التفكير فى طريقه لامتصاص غضبه
قال "عمر" بحزم شديد:
- ماما فى حياتي خط أحمر لو اتعديتي حدودك معاها فأنا من سكه وانتى من سكه
قفز قلب "نانسي" من مكانه وحاولت التحديث :
- "عمر" أنا مكنش قصدى .. أنا بس ...
أوقفها وهو يرفع أصبعه محذراً قائلاً :
- شششش .. اسمعيني كويس
نظر لها قائلاً بهدوء ممزوج بالغضب وهو يضغط على الحروف جيداً :
- ماما .. ما أسمحش لا ليكي ولا لأى واحدة غيرك مهما كانت هى مين بالنسبه لى انها تتكلم معاها بالشكل ده نهائي ..لو اتكرر الموضوع ده يا "نانسي" يبقى انتى بتنهى علاقتنا بإيدك
حاولت "نانسي" السيطرة على الموقف واحتوائه قائله :
- انا بجد مكنش قصدى دى مامتك زى مامى بالظبط .. أنا هروح دلوقتى واعتذرلها يا حبيبى .. ها
حاولت تقبيل وجنته لكنه أبعد وجهه عنها
فأسرعت الى الداخل تبحث عن "كريمة" لتعتذر عما بدر منها
*******************************
تدثرت "ياسمين" بغطائها وأولت ظهرها الى أختها تاركه العبرات تنساب على وجنتيها فى صمت .. أخذت تحدث نفسها قائله ( آآآآآآه يا ماما .. وحشانى أوى .. وحشنى حضنك وحشتنى ريحتك .. مش عارفه ازاى هعيش من غيرك انتى كنتى الحضن الحنين اللى بيحميني من الدنيا .. فى حضنك مكنتش بخاف وكنت بحس بأمان .. سبتيني فى اكتر وقت انا محتجاكى فيه .. وحشتيني اوى .. نفسي ارمى نفسى فى حضنك .. انا جوايا كتير يا ماما كتير اوى وتعبانه اوى .. ) .. سمعت "ياسمن" شهقات صغيرة فالتفتت الى حيث تنام "ريهام" فوجدت جسدها ينتفض فى خفوت فمسحت دموعها وحاولت التماسك وتوجهت الى أختها قائله :
- "ريهام" حببيتى انتى كويسه ؟
جلست بجوار "ريهام" التى أولتها ظهرها .. فأدارتها "ياسمين" من كتفها لترى العبرات وقد تساقطت على وجنتيها فأخذت رأس أختها فى حضنها وقالت لها :
- حبيبتى متعيطيش .. وادعيلها بالرحمه والمغفره
قالت "ريهام" من بين شهقاتها :
- انا مش متخيله ان ماما ماتت يا "ياسمين" .. مش قادرة أصدق انى خلاص مش هشوفها تانى .. هنعمل ايه من غيرها ؟ .. دى كانت كل حاجه لينا يا "ياسمين"
ثم ازدادت حدة بكائها قائله :
- وشوية وانتى كمان هتسبيني وهبقى لوحدى
رفعت "ياسمين" وجه "ريهام" بيدها ونظرت اليها قائله :
- انتى عبيطه يا "ريهام" مين قال انى هسيبك .. انتى عارفه ان "مصطفى" بيسافر 3 اسابيع وبيرجع اسبوع واحد .. ان شاء الله بعد ما نتجوز هستأذنه ان ال 3 أسابيع هقفل فيهم الشقة واجى اعد معاكى هنا انتى وبابا
نظرت اليها "ريهام"وقالت بلهفه :
- بجد يا "ياسمين" .. يعني وهو "مصطفى" تفتكرى يوافق ؟
طمأنتها أختها قائله :
- وايه هيخليه يرفض .. ان شاء الله هيوافق
اعتدلت "ريهام" جالسه وحضنت أختها قائله :
- يا حبيبتى يا "ياسمين" ربنا ما يحرمنتيش منك .. انتى الحاجه الوحيدة اللى مهونه عليا فراق ماما الله يرحمها .. انا بحس انك أمى يا "ياسمين" مش بس أختى الكبيره
مسحت "ياسيمن" على شعر أختها قائله :
- وأنا بحبك اوى يا "ريهام" وفعلا بحس انى أمك وانك بنتى .. بحبك أوى وبخاف عليكي اوى أكتر ما بخاف على نفسي ..ربنا ما يحرمنا من بعض أبداً
**************************
فى احد المطاعم الفاخرة جلس "عمر" مع "كرم" يتحدثان عن أمور العمل .. عندما قال "كرم" :
- وانت ناوى على امتى ان شاء الله ؟
قال "عمر" بعدم فهم :
- مش فاهم ناوى على ايه ؟
- الجواز يا ابنى .. ناوى تتجوز امتى .. قولت شهرين بس مش شايفك يعني بتاخد خطوات فى الموضوع ده .. عشان كدة بسألك انت غيرت المعاد ولا ايه
شرد "عمر" قليلا ثم قال لصديقه:
- لا المعاد زى ما هو متغيرش
- مالك يا "عمر" فى حاجه حصلت .. شكلك فى عاجبنى .. انت متخانق مع "نانسي"
- لا مش متخانق ولا حاجه
- امال ايه .. على بابا يا "عمر" .. أنا عارفك كويس فى حاجه مضايقاك أو شغلاك
تنهد "عمر" تنهيده صغيره ثم قال :
- لا متحطش فى بالك .. كله تمام
- خلاص برحتك مش هضغط عليك .. بس لما تحب تتكلم .. انت عارف انى موجود
ابتسم "عمر" ابتسامه صغيره قائلا :
- عارف يا "كرم"
**************************
أنهت "ياسمين" اعداد طعام الغداء وذهبت كى توقظ زالدها من نومه .. عندما اقتربت من الغرفه سمعته يبكى فى الداخل .. اغرورقت عيناها بالدموع ووقفت قليلاً ثم تركته وذهبت .. فى الداخل كان والدها يمسك صورة صغيره بالأبيض والأسود تجمعه مع والده "ياسمين" والعبرات تتساقط على وجنته .. ضم الصورة الى صدره .. ورفع رأسه الى السماء وقال :
- يارب ارحمها برحمتك .. أنا قلبي راضى عنها .. أنا قلبي راضى عنها يارب
رن جرس الهاتف فأسرع "عبد الحميد" بمسح عبراته جيداً وفتح الباب وخرج لكى يرد على الهاتف :
- السلام عليكم
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ازيك يا عمى أنا "مصطفى"
- أهلا بيك يا "مصطفى" يا ابنى
- البقاء لله يا عمى
- البقاء لله يا يا بانى
تنحنح "مصطفى" قائلاً :
- أنا اسف يا عمى انى اتأخرت فى الاتصال والتعذيه بس الشغل كان لخمنى جداً .. وكنت فى مأموريه تبع الشغل .. معلش أنا آسف
- ولا يهمك يا ابنى ربنا يعينك ويوسع رزقك
- احم احم .. عمى أنا كنت حابب أتكلم معاك يعني فى معاد الفرح .. حضرتك عارف اننا حجزين القاعه من شهرين ودخنا على ما لقينا المعاد ده .. يعني أنا بس أقصد أقول ان لو المعاد اتلغى صعب نلاقى معاد تانى دلوقتى .. وكمان كل حاجه جاهزة خلاص مفضلش حاجه ناقصة فى الشقة .. انا حبيت أتكلم مع حضرتك قبل ما أعمل أى حاجه وأشوف رأي حضرتك ايه
صمت "عبد الحميد" قليلاً ثم قال :
- الفرح ان شاء الله فى معاده يا ابنى
شهقت "ياسمين" رغماً عنها والتى سمعت ما قاله والدها دون قصد .. كيف يفكر والدها هكذا كيف يصر على عدم تأجيل معاد الفرح .. أى فرح هذا ووالدتها لم يمضى على موتها الا اسبوع واحد .. أخذت العبرات تنساب على وجنتها فى صمت
بعدما أنهى "عبدالحميد" المكالمة .. خرجت من المطبخ وواجته قائله :
- بابا ازاى تقول ان الفرح فى معاده .. بابا ازاى ده ماما الله يرحمها مافتش على وفاتها الا اسبوع واحد .. ازاى انا اتجوز يا بابا فى الظروف دى
اتسمت على ملامحه الجديه وقال بتماسك :
- زى ما سمعتى الفرح فى معاده بعد اسبوع مفيش داعى يتأجل والحى أبقى من الميت
بكت "ياسمين" بقوة :
- ازاى يا بابا ازاى ؟ .. ليه ما نأجلش الفرح .. لسه لازم أتجوز دلوقتى ؟؟ أنا مش مستعجله
قال لها فى غضب :
- انتى سمعتى اللى أنا قولته هى كلمة واحدة الفرح فى معاده مفيش داعى للتأجيل
وفجأه انهار تماسكه أمام حدة بكائها وجذبها الى حضنه قائلاً :
- يا بنتى أمك ماتت فجأه .. كانت نايمه جمبي على السرير وهى كويسه مفيهاش حاجه أبدا وصحيت لقيتها ميته .. أنا مش ضامن عمرى.. خايف أموت من غير ما اسيب معاكوا راجل .. انتوا بنتين .. انتى شايفه الزمن اللي احنا فيه يا بنتى .. أنا نفسي أطمن عليكوا قبل ما أموت .. أنا لو أطول أجوز "ريهام" كمان كنت جوزتها .. عشان خاطرى يا بنتى متحرقيش قلبي أكتر ما هو محروق .. عايز أسيبك فى الدنيا دى وأنا عارف ان معاكوا راجل يحافظ عليكوا .. انتى واختك ملكوش حد بعد ربنا .. أنا خايف عليكوا يا بنتى
حاولت "ياسمين" تفهم مشاعر والدها .. التى دفعته فى البدايه للموافقه على الزواج السريع من "مصطفى" وعدم الانصات الى رغبتها فى اطالة فترة الخطوبة والآن يريد اتمام هذه الزيجة خوفاً عليها .. رغم تفهمها لمشاعره ونيته الحسنه الا أنها لم تستطع تقبل الأمر .. لكنها رضخت لما أراده والدها فهذه هى المرة الأولى التى ترى والدها يبكى أمامها .. فشعرت أن الأمر جلل خطير .. أرادت اراحته وازاحه هذا الحمل الثقبل عن صدره :
- خاص اللى تشوفه يا بابا
قبلها "عبد الحميد" فى جبينها وقال لها :
-ربنا يكملك بعقلك يا بنتى
تراجعت "ياسمين" قليلا لتنظر الى والدها جيداً وقالت فى جديه :
- بس بشرط يا بابا .. أنا مش عايزة فرح ..مش ممكن أعمل فرح وأمى لسه ميته .. وكمان مش عايزة ألبس فستان فرح.. هلبس فستان عادى .. لكن مش فستان فرح
قال لها بتأثر :
- ليه يا بنتى عايزه تحرميني انى أشوفك عروسه
قالت وقد شعرت أن هذا الحديث أرهقها كثيراً:
- أرجوك يا بابا أنا هنفذ رغبتك وأتجوز فى المعاد ..بس أنا لا عايزه فرح ولا عايزه فستان فرح .. أرجوك يا بابا متضغطش عليا أكتر من كدة .. لانى بجد مش هقدر أتحمل أكتر
قالت ذلك وأسرعت الى غرفتها وألقت نفسها على سريرها وتركت لدموعها العنان
**************************
"سماح" عبر الهاتف : بكرة خطوبتى أنا عارفه ظروفك بس منتظراكى
"ياسمين": انتى أختى و ده يوم مش ممكن أفوته
- "ياسمين" لو بضغط عليكي خلاص متجيش يا حبيبتى وأنا هعذرك
- "سماح" انتى ملكيش صحاب ولا اخوات بنات .. وأنا مش بس صحبتك أنا كمان أختك ازاى مش عيازانى آجى وأقف معاكى فى اليوم ده
- يا حيبتى يا "ياسمين" أنا عارفه انك بتيجي على نفسك أوى عشان ترضى اللى حواليكي .. بجد أنا كنت خايفه أوى متجيش .. زى ما قولتى مليش غيرك وأنا حسه اني قلقانه ومتلخبطه على الآخر .. كان نفسي أأجل الخطوبة عشان ظروفك بس لولا ان "أيمن" مضطر يسافر عشان شغله وعايز نلبس الدبل والشبكة قبل ما يسافر لانه هينشغل أوى الفترة الجايه
قالت لها "ياسمين" فى حنان :
- متقلقيش يا حبيبتى هاجى من الصبح وهكون جمبك انتى وطنط
- بجد انتى ونعم الأخت ربنا يفرح قلبك دايماً زى ما بتفرحى اللى حواليكي
***********************
"أيمن" وهو يجلس مع صديقه فى مكتبه بالشركة
- بكرة الخطوبة ومستنيك عشان نروح سوا
- "عمر": طبعا يا أيمن ومبروك يا عريس
- والواد "كرم" أنا كلمته وعزمته هو كمان
- متقلقش يا عريس أنا و"كرم" هنكون هنا فى الشركة وهنخرج سوا نعدى عليك ونطلع على بيت العروسة ان شاء الله
- ان شاء الله
*********************
قالت "ريهام" وهى تنظر لأختها التى ترتدى ملابسها :
- هتروحى الخطوبة
- أها .. متيجي انتى كمان على الأقل تغيري جو انتى حتى مبتروحيش الكليه يا "ريهام"
- لا مليش نفس
- ليه .. انتى عارفه ان "سماح" ملهاش حد وهتفرح أوى لما تلاقينا احنا الاتنين معاها
- بجد يا "ياسمين" مش حسه انى عايزه أخرج ولا أعمل أى حاجه
- براحتك يا حبيبتى بس لو غيرتى رأيك عرفيني وأنا أستناكى فى المترو
- خلاص ماشي
- بس انتى ليه رايحه بدرى كدة
- عشان أساعد طنط وكمان "سماح" حساها قلقانه أوى فحابه انى أكون معاها ونظبط كل حاجه مع بعض
- ماشي
- مع السلامه .. ولو غيرتي رأيك كلميني
- ماشي .. مع السلامة
************************
نظرت "سماح" اللى نفسها فى المرأة والتفتت الى صديقتها قائله :
-ايه رأيك يا "ياسمين" شكلى حلو ؟
- زى القمر يا "سماح" ما شاء الله لا قوة الا بالله
- ولفة الحجاب حلوة
- أيوة حبيبتى منورة وشك أوى
- أنا حسه انى قلقانه
- القلق والتوتر ده عادى انتى فاكره أنا كنت فى خطوبتى عامله ازاى
- ده انتى كنتى فظيعه
ضحكت الاثنتان معا ورن هاتف "ياسمين" فردت قائله :
- السلام عليكم يا "ريهام"
- وعليكم السلام
- خير يا حبيبتى فى حاجه
- آه يا "ياسمين" أنا حسه انى مخنوقه أوى ومش طايقه البيت .. لو أعدت فيه ثانيه واحده كمان هموت
قالت لها "ياسمين" فى حنو:
- عشان كده قولتلك تيجي معايا
- ينفع اجى دلوقتى ؟
أخذت "سماح" الهاتف من "ياسمين" وقالت لـ "ريهام"
- ايوة يا "ريهام" أنا "سماح"
- ازيك يا "سماح" وألف مبروك
- الله يبارك فيكي يا قمر عقبالك .. أنا منتظراكى يلا تعالى بسرعه
- مش هسببلكوا ازعاج
- ده على أساس اننا هنشيلك ونقف بيكي فى وسط الصاله
ضحكت "ريهام" قائله :
- خلاص ماشي أنا هنزل حالا
- متتأخريش
أخذت "ياسمين" الهاتف من صديقتها وقالت لأختها :
- أول ما تنزلى من المترو كلمينى وأنا أنزل أخدك
- خلاص اتفقنا سلام
- سلام
******************************
جلس "عمر" و"كرم" فى السيارة منتظرين صديقهم الذى أتى يرتدى حلة رمادية اللون وعلامات السرور والفرح ترتسم على محياه فتح باب السيارة الخلفية ودلف قائلاً :
- السلام عليكم يا شباب
- وعليكم السلام
- وعليكم السلام يا عريس
انطلق "عمر" بسيارته الى بيت "سماح" ..مروا أولا على محل زهور وابتاع "أيمن" باقى كبيرة حمراء وأحضر سلة من التشوكليت الفاخرة .. وصلوا الى حيث تقطن "سماح" وأهلها .. وركن "عمر" سيارته واستعدوا للنزول عندما رن هاتف "عمر" فرد قائلاً :
- ألو
- أيوة يا باشمهندش أنا "حنان" مديرة مكتبك
- أيوة يا "حنان"
- الملف يا فندم بتاع انتاج اللحوم اللى هندخل بيها المناقصه
- آه ماله ؟
- مش موجود ومندوب اللجنة عندى ومنتظر الملف
قال "عمر" بغضب:
- ازاى يعني مش موجود
- حضرتك يا فندم خدته منى امبارح عشان تراجعه لأخر مرة ولأن الملف سري أكيد حضرتك حطيته فى الخزنه بتاعة المكتب
ضرب عمر بيده على جبيته قائلاً:
- آخ .. فعلا الملف فى الخزنة
- طيب أقول ايه للمندوب ؟
- ما تقوليلوش حاجه .. قدميله حاجه لحد ما آجى أنا فى الطريق
أغلق "عمر" هاتفه والتفت الى صديقيه قائلاً :
- لازم أرجع المكتب دلوقتى .. بس مش هتأخر عليكوا هدي المندوب الملف واجى على طول
قال له "كرم" وهويخرج من السيارة :
- طول عمرك فالح
نبهه "أيمن" قائلاً :
- اوعى تتأخر يا "عمر"
- لا متقلقش يا "أيمن" هروح وآجى بسرعة
- تمام
أدار "عمر" سيارته وانطلق فى طريقه
************************
رن جرس الباب فقفز قلب "سماح" من مكانه .. فابتسمت "ياسمين" قائله :
- ايه من أولها كده .. اجمدى
- أجمد ايه أنا حسه ان ركبي بتخبط فى بعضها
سمعت صوت "أيمن" وصوت آخر لم تتعرف عليه كان والدها ووالدتها يرحبان بهما , وبعد قليل دخلت والدتها قائله :
- بسم الله ما شاء الله زى القمر يا حبيبتى .. ربنا يتم عليكي بخير
والتفتت الى "ياسمين" قائله :
- وانتى يا "سمسم" ربنا يباركلك يا حبيبتى مسبتيش "سماح" فى اليوم ده لوحدها هى كانت متوتره جدا وانتى عارفه انها بتحبك جدا وملهاش صاحبه غيرك تثق فيها وتعتبرها زى اختها
- طبعا يا طنط وربنا عالم أنا بحب "سماح" أد ايه ومبفرقهاش عن "ريهام" أختى
- ربنا يخليكوا لبعض ويوفقك انتى وأختك أمال هى فين "ريهام" مجتش ليه
- هتيجي يا طنط .. شويه وهنزل أجيبها من المترو
فى هذه الأثناء دخل والد "سماح" قائلاً :
- يلا العريس بره
أقبل على ابنته وقبلها من جبينها قائلاً :
- مبروك يا حبيبة قلب بابا .. ربنا يسعدك يارب
قالت "سماح" :
- خلاص يا جماعة بأه هتخلونى أعيط
فى هذه الأثناء رن هاتف "ياسمين" وكانت المتصله "ريهام" فالتفتت لـ "سماح" قائله :
- أنا هنزل أجيب "ريهام"
- خلاص ماشي بس متتأخريش
نزلت "ياسمين" وأسرعت الخطى .. كانت سعيده لسعادة "سماح" وتمنت لها الخير والتوفيق .. وفكرت فى حالها وفى نفسها .. تمنت أن تستطيع إدارة حياتها ومستقبلها كيفما تريد .. قالت فى نفسها :
( يا ربي انت عالم بحالى .. قدرلى الخير .. أنا مش عارفه فين الخير وفين الشر .. أنا قلبي مش مرتاح ..ومش فى ايدي حاجه أعملها .. يارب أنا عارفه انك كريم أوى وعند حسن ظن اللى يحسن الظن بيك .
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
انطلق "عمر" بسيارته عائداً الى بيت "سماح" بعدما أنهى مهمته فى مكتبه .. رن هاتفه فأخرجه من جيب ونظر اليه فوجد "كرم" المتصل :
- أيوة يا "كرم"
- ايه يا "عمر" انت فين ؟
- خلاص أنا فى الطريق أهو
- طيب يلا بسرعة شهل شويه
- خلاص أنا أهو دقيقتين وأبقى أدام البيت سلام
- سلام
أغلق "عمر" هاتفه" وزاد من سرعة سيارته وفجأه ..............
انطلق فى الشارع صوت فرامل السيارة وهى تكبح جماحها بشدة .. بعدما صدم شخصاُ ما ظهر أمامه من العدم فلم يستطيع تفادى الإصطدام به .. سقط الشخص أمامه على الأرض بعدما دفعته السيارة عنها بضعه خطوات أوقف سيارته ونزل بسرعة ليجد فتاتنا وقد ارتسم على ملامحها الألم الشديد .. لم تستطع "ياسمين" تحمل الألم الذى كانت تشعر به فى ساقها فسقطت مغشياً عليها .. اقترب منها "عمر" وجثا على ركبتيه قائلاً :
- يا آنسه .. يا آنسه
لكن "ياسمين" كانت فى عالم آخر
تجمع بعض الماره من الناس مرددين :
- لا حول ولا قوة الا بالله
- مش تفتح يا أخينا
- حد يسوق العربيه بالسرعه دى
وجه اليهم "عمر" حديثه وهو ينظر الى "ياسمين" قائلاً :
- هى اللى ظهرت أدامى فجأه
فقال له أحد الماره :
- يعني ايه ظهرت فجأه طلعت من تحت الأرض يعني .. أنا شايفك بعيني وانت سايق بسرعه والبنت ملهاش ذنب انت الغلطان .. اتقى الله يا أخى هو عشان ما انتوا أغنيه هتيجوا على الفقرا اللى زينا .. اه ما احنا أرواحنا فى البلد دى رخيصه ملهاش تمن
انفعل عليه "عمر" قائلاً :
- لزمته ايه الكلام ده دلوقتى .. المهم دلوقتى أوصل البنت دى المستشفى
- اه توصلها المستشفى !! .. رجلى على رجلك يا بيه .. معلش بس ولاد الحرام كتير .. ومنضمنش نسيبك توصل البنت دى لوحدك خاصة وانت خابطها والموضوع ده لازم يتبلغ عنه ويكون في محضر عشان حق المسكينة دى ميضعش
قال "عمر" فى غضب :
- اعمل اللى تعمله أنا مش هخاف منك ..
حمل "عمر"جسد "ياسمين" بخفه ووضعها فى المقعد الخلفى لسيارته .. ووجد الرجل الذى تشاجر معه يركب فى المقعد الأمامى وهو يخرج هاتفه ليتصل بالشرطة .. أدار "عمر" السيارة وتوجه الى المستشفى .
*********************
تعالت الزغاريد فى بيت "سماح" بعدما ألبستها والدتها الشبكة .. كانت تعلو شفتيها ابتسامة سعاده ممزوجه بالخجل .. قبل والدها رأسها قائلاً :
- مبروك يا حبيبة قلبي
وسلم على "أيمن" قائلاً :
- مبروك يا ابنى عقبال الفرح ان شاء الله
وقف "أيمن" وحضنه قائلاً :
- الله يبارك فيك يا بابا .. واسمحلى انى أقولك بابا
ابتسم الأب قائلاً :
- طبعاً يا ابنى انت خلاص بقيت ابنى .. ده انت واخد حته من قلبي
وجهت "سماح" حديثها الى والدتها الجالسه بجوارها قائله:
- ماما فين "ياسمين"؟
- والله يا "سماح" ما أعرف .. هى قالت هتروح تجيب أختها من المترو بس اتاخرت أوى
- طيب معلش يا ماما اتصلى بيها
اتصلت الأم بـ "ياسمين" ثم قالت :
- ما بتردش
شعرت "سماح" بالقلق قائله :
- ربنا يستر
طمئنتها أمها قائله :
- متخفيش زمانها جايه ان شاء الله
وفى هذه الأثناء قال "أيمن" لـ "كرم" :
- فين سي "عمر" باشا ؟
- والله يا ابنى ما أعرف قالى دقيقتين وهكون أدم البيت الكلام ده من ساعة الا ربع .. مش عارف بيت مين اللي يقصده بالظبط !! .. شكله بيتكلم عن بيت "نانسي" !!
- طيب اتصل بيه
اتصل "كرم" بـ "عمر" قائلاً :
- ايه يا ابنى انت فين .. كل ده الدقيقتين مخلصوش .. ولا انت بتمشى جوه الجزمة الأول
تنهت "عمر" قائلاً :
- أنا فى المستشفى يا "كرم" عملت حادثه بالعربيه
قام ليبتعد عن "أيمن" ثم قال :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. انت كويس ؟ طمنى عليك
- اه كويس بس خبطت بنت بالعربيه وكانت مغمى عليها معرفش جرالها ايه .. الممرضة بتقولى انهم عملولها اشاعه وبيجبسولها رجلها
- لا حول ولا قوة الا بالله
- ودلوقتى فى ظابط عندها بياخد أقوالها
- ظابط ؟؟ وايه اللى وصل الموضوع لكده
قال "عمر" فى ضيق :
- واحد من اللى كانوا ماشيين اتدخل فجأة وقعد يبرطم بالكلام ومرتحش الا أما بلغ البوليس وجم وبياخدوا أقوالها دلوقتى .. استنى أهو الظابط خارج من عندها
قال "كرم" بسرعة :
- "عمر" اوعى تتكلم مع الظابط أو تقول أى حاجه اتصل بسرعة بأستاذ شوقي المحامى بتاع الشركة وما تتكلمش مع حد قبل ما يوصل
- هو ده اللي أنا عملته وآديني اعد مستنيه .. "كرم" اقفل دلوقتى المحامى جه .. سلام
- سلام بس قولى الاول انت فى مستشفى ايه ؟
- مستشفى ....
- طيب أنا جايلك سلام
أغلق "عمر" هاتفه وقال للمحامى الذى أقبل عليه :
- استاذ شوقى كويس انك جيت بسرعه
- خير يا "عمر" ان شاء الله اطمن .. البنت حالتها ايه دلوقتى ؟
- سألت الممرضة قالتلى ان رجلها اتجبست وفى كدمات فى جسمها
- مين اللي بلغ .. أهلها ؟
- لا أهلها لسه مظهروش .. اللي بلغ واحد شاف الحادثه وشهد اني كنت سايق بسرعه
- و انت فعلا كنت سايق بسرعه ؟
ارتبك "عمر" قائلاً :
- ايوة كنت سايق بسرعه
ثم أردف بسرعه :
- بس هى اللى ظهرت أدامى فجأه
- طيب اتكملت مع حد .. حد خد أقوالك
- لأ حاولت أتجنب الظابط عشان ميشوفنيش وانتظرتك تيجي عشان نشوف هنعمل ايه .. ايه الحل دلوقتى أنا مش عايز قضية عايزها تخلص ودى
- ان شاء الله تخلص ودى .. هنديها مبلغ مقابل انها تتنازل عن القضية الموضوع بسيط متقلقش
- أخرج "عمر" دفتر شيكاته وقلمه الأنيق وقال :
- مفيش عندى أى مشكلة .. عشر تلاف كويس
- زودهم شويه يا "عمر" عشان تملى عينيها ومتديهاش فرصه للرفض
- تمام آدى شيك بعشرين ألف .. وكل مصاريف العلاج والمستشفى أنا هدفعهم .. بس عايز الموضوع يخلص دلوقتى
أعطى الشيك للمحامى الذى أخذه منه قائلاً :
- متخفش .. هى فى انهى اوضه
أشار له "عمر" على الغرفة المجاوره قائلاً :
- دخلوها هنا
طرق المحامى الباب وفتحت له الممرضه ثم دخل وأغلق الباب
جلس "عمر" قلقاً متوتراً
**********************
أتصلت "ريهام" بأبيها فرد قائلاً :
- ايوة يا "ريهام" وصلتى ؟
- لا يا "بابا" أنا لسه فى الطريق
- محدش كلمك تانى ؟
- لا يا بابا الممرضة متصلتش تانى .. أنا خلاص عشر دقايق وأكون فى المستشفى
- أنا كمان تقريبا أدامى عشر دقايق ربع ساعه .. جيب العواقب سليمه يارب
- متقلقش يا بابا الممرضة طمنتنى ان شاء الله خير
أغلقت الهاتف فى المترو وهى تبكى فى صمت و تستغفر ربها وتدعوه أن يحفظ أختها
**********************
خرج المحامى من غرفة "ياسمين" فهب "عمر" واقفاً فوقف الرجل أمامه ومد يده له بالشيك .. نظر "عمر " الى الشيك فى يد المحامي فغضب وأخرج دفتر شيكاته مرة أخرى وقال بحده :
- مفيش مشكلة هزودلها المبلغ .. هى طالبه كام؟
- مش طالبه حاجة مفيش قضية أصلاً
قال "عمر" بدهشة :
- ازاى يعني مفيش قضية
ابتسم المحامى قائلاً :
- زى ما بقولك كده .. قالت فى أقوالها للظابط انها هى اللى غلطانه وانها كانت ماشيه مش مركزه وانها مش عايزة تقدم بلاغ ولا تشتكيك
صمت "عمر" وهو مندهش .. فقال له المحامي:
- طيب بما ان مهمتى انتهت أستأذن أنا
- معلش تعبتك معايا يا أستاذ "شوقى"
- مفيش مشكلة يا "عمر" أشوفك فى الشركة .. مع السلامة
- مع السلامة
ظل "عمر" واقفاً وهو يفكر فيما فعلته الفتاه .. فى تلك اللحظة خرجت الممرضة من غرفتها فقال لها "عمر" :
- هى عامله ايه دلوقتى ؟
- كويسه .. عندها كسر فى رجلها والدكتور حطهالها فى الجبس وان شاء الله الجبس هيتفك بعد اسبوعين .. وفى شوية كدمات بسيطه هتاخد وقتها
- طيب متشكر أوى
انصرفت الممرضة فتوجه "عمر" الى الغرفة التى ترقد فيها "ياسمين" وطرق الباب بخفه ثم فتحه ودخل.
رفعت "ياسمين" نظرها لتجد رجلاً غريباً أمامها كان يرتدى بدلة سوداء عليها معطف أسود اللون .. رفعت يدها لتتأكد من ضبط حجابها .. قال لها بصوت رخيم :
- ازيك دلوقتى ؟
قالت وقد شعرت بالخجل من نظراته المتفحصه فأطرقت بوجهها :
- الحمد لله
- أنا اطمنت عليكي انك ان شاء الله هتشيلي الجبس بعد اسبوعين
أومأت برأسها وهى مازالت لا تدرى من هو وماذا يفعل فى غرفتها .. فسألته قائله :
- حضرتك ظابط ولا محامى ؟
ابتسم "عمر" ابتسامه زادته وسامه وقال :
- لا أنا لا ظابط ولا محامى أنا مهندس
شعرت "ياسمين" بجاذبيه عينيه السوداويين وكأنهما مغناطيس .. فأبعدت عينيها بسرعه واحمرت وجنتاها لهذا الوضع الذى تبدو فيه أمام هذا الزائر الغريب فلم تعتد أن يراها رجلا ً غريبا وهى ممده هكذا فى فراشها فشعرت بالارتباك وحاولت جذب الغطاء عليها أكثر ودت لو طلبت منه الانصراف .. شعر "عمر" بتوترها فلم يزيده هذا الا تفحصاً فيها .. ثم استطرد بجديه قائلاُ :
- أنا آسف على اللى حصل .. بس بجد مشفتكيش انتى ظهرتى أدامى فجأه
نظرت اليه "ياسمين" بدهشة قائله :
- حضرتك اللي خبطنى ؟
تنحنح قائلاً :
- ايوة .. بس بجد مشفتكيش
أطرقت "ياسمين" برأسها وقالت :
- أصلا أنا اللي كنت ماشيه ومش مركزة لو مكنتش سرحانه مكنش ده حصل
- وأنا كمان كنت سايق بسرعة لو كنت بطئت شوية مكنتش خبطتك
- قدر الله وما شاء فعل .. نصيبي كده
- أنا متشكر أوى انك ما اشتكيتيش عليا
- زى ما قولت لحضرتك وللظابط وللمحامى دى غلطتنى أنا
أخرج الشيك من جيبه واقترب من فراشها ومد يده به قائلاً :
- طيب لو سمحتى اقبلى المبلغ الصغير ده
رفعت "ياسمين" نظرها اليه قائله :
- قولت لحضرتك أنا اللي غلطانه وخلاص حصل خير
- بس أنا حاسس بالذنب لاني فعلا كنت سايق بسرعه فلو سمحتى اقبليه
احتدت "باسمين" قائله :
- لا طبعا مش هقبله
- ليه
- لأنه مش من حقى .. وحتى لو كنت انت اللي غلطان أنا مش بقبل عوض
- طيب أنا آسف أنا مكنش قصدى أضايقك
حاولت السيطرة على غضبها وقالت :
-حصل خير .. ولو سمحت ممكن بعد اذنك تتفضل لأن مفيش ممرضة معانا وميصحش كده
اندهش "عمر" مما قالته فقال :
- انا اسف مرة تانية أنا بس كنت عايز أطمن عليكي وأشكرك يا انسه ....
سكتت ولم تجيبه .. فحثها قائلاً :
- لحد دلوقتى معرفتش اسمك
قالت بصوت خافت :
- أنا اسمى "ياسمين"
- وأنا اسمى "عمر" .. وبشكرك مرة تانية .. ولو احتجتى حاجه أنا .....
قاطعته قائله دون أن تنظر اليه :
- شكراً
هز "عمر" رأسه وتوجه الى الباب وفتحه وخرج .. وجد أمامه رجلا يرثى لحاله وبجواره فتاة باكيه , جرى ناحيته وقال له بلوعه :
- بنتي كويسه ؟.. "ياسمين" جرالها ايه ؟
ربت "عمر" على كفته قائلاً :
- متقلقش حضرتك هى كويسه
- هى جوه فى الاوضة دى ؟
- ايوة جوه اتفضل
دخل والدها وأغلق الباب .. وقف "عمر" قليلا ثم انصرف
***********************
خرج "عمر" من المستشفى ليجد "كرم" أمامه , توجه ناحيته قائلاً :
- خير يا "عمر" طمنى ايه اللي حصل ؟
- لا خير الحمد لله تعالى نعد فى أى مكان ونتكلم
- طيب هات عربيتك وتعالى نروح الكافيه بتاعنا
- طيب تمام
توجه كل منهما الى سيارته وغادرا المستشفى
*********************
- كده يا "سمسم" تخضينا عليكي
- معلش يا "ريهام" مكنش قصدى .. أنا أول ما فوقت قولت للمرضه تكلمك عشان عارفه انك واقفه مستنيانى فى المترو
- ده أنا كنت هموت لما اتصلت بيا وقالتلى ان عربيه خبطتك
قال لها والدها وهو يجلس بجوارها على الفراش :
- الحمد لله يا بنتى جت سليمه قدر ولطف
- الحمد لله يا بابا
- والجبس محدش قالك هيتفك امتى
- اه الدكتور قالى هيتفك كمان اسبوعين ان شاء الله
- ان شاء الله
سكت الأب قليلا ثم قال :
- مين الجدع اللي كان خارج من اوضتك ده
ارتبكت "ياسمين" قليلا ثم قالت :
- ده الراجل اللي خبطنى بالعربيه
انفعل الأب قائلاً :
- وله عين كمان .. أنا لو أعرف كنت مسكت فى زمارة رقبته
أسرعت "ياسمين" قائله :
- هو ملوش ذنب يا بابا أنا اللي مكنتش مركزه وكنت ماشيه سرحانه
- وليه يا بنتى كده مش تركزى يعني كنت هعمل ايه أنا دلوقتى لو كان حصلك حاجة
تدخلت "ريهام" قائله :
- خلاص يا بابا حصل خير
- أنا قايم أشوف حساب المستشفى .. شكلها مستشفى غالية أوى ربنا يستر
شعرت "ياسمين" بالذنب لما كبدته لوالدها من مصاريف .. خرج الأب فجلست "ريهام" بجوارها وأخرجت قلما وبدأت فى الكتابه على ساقها المتجبره .. ضحكت "ياسمين" قائله :
- بتعملى ايه يا بت انتى
- بكتبلك ذكرى على الجبس بتاعك
- على أساس انى هفضل متجبسه طول عمرى يعنى
- بس ايه الواد المز ده يا "ياسمين" يا خراشي ده يحل من على حبل المشنقة .. ده نضيف نضافه .. بياكل ايه ده
ضحكت "باسمين" قالئه :
- يخربيت عقلك هو انتى كنتى فى ايه ولا فى ايه
- اه أنا صحيح كنت قلقانه عليكي ومفطوره من العياط بس ده ميمنعش انى أخدت بالى من لهطة القشطة اللى كان عندك
ازدادت ضحكات "ياسمين" من اسلوب أختها قائله :
- اه لو ابوكى سمعك
- أبويا مين ده أنا مستعده أخسر أهلى كلهم .. ده ريحة البرفيوم بتاعه لسه معبأه الأوضة .. ايه الناس دى
سمعا طرقا على الباب فقالت "ياسمين" :
- طيب اخرسى بأه أبوكى جه
دخل "عبد الحميد" وقد ارتسمت ابتسامه على محياه .. لاحظتها "ياسمين" فقالت له :
- خير يا بابا ؟
- والله جدع ابن حلال دفع مصاريف المستشفى واقامتك فيها اسبوع
قالت "ياسمين" بدهشة :
- اسبوع ؟! .. بس الدكتور قالى انى ممكن أروح كمان يومين
أخذت "ياسمين" تفكر فى كرم هذا الرجل الغريب
*************************
أحضر النادل الطعام ووضعه أمام الصديقان, ثم انصرف .. قال "كرم" :
- هاا وبعدين ؟
- مفيش شكرتها ولما جيت أخرج قابلت باباها على الباب ومعاه بنت بتعيط وكان واضح انهم قلقانين عليها أوى
سكت قليلا ثم قال :
- الراجل كان شكله بسيط أوى .. اللى أنا مستغربله انها رفضت تماما انها تاخد الفلوس رغم ان واضح جدا انهم ناس على أد حالهم
- ما هى قالتلك انها هى اللى غلطانه
- حتى لو هى اللي غلطانه فى حد فى الزمن ده يجيله فلوس كده لحد عنده ويرفضها .. ومش بس كده ده أنا لما أصريت عليها حسيت انها هتقوم تضربني
ضحك "كرم" قائلاً :
- ياريتها كانت عملتها
قال "عمر" بجديه :
- بصراحه لما المحامى قالى انها مشتكتش ضدى استغربت لأن أى حد مكانها كان اشتكى عشان يساومنى على تعويض .. وكمان هى غريبه أوى تصور لقيتها بتطلب منى أخرج من الأوضة عشان الممرضة مش موجوده ومفيش حد فى الاوضة الا أنا وهى
نظر اليه "كرم" وهو يبتسم
أكمل "عمر" قائلاً :
- ولا لما ببصلها كل ما عيني تيجي فى عينها ألاقى وشها يحمر وتبعد عينيها
- شكلها خجوله أوى
ابتسم "عمر" قائلاً :
- هو لسه في بنات كده
****************************
- ألف سلامة عليكي
قال "مصطفى" هذه العبارة عبر الهاتف , فقالت "ياسمين" :
- الله يسلمك
- أنا زعلت عشانك أوى وزعلت أكتر ان فرحنا هيتأجل اسبوع كمان يعني بدل ما كان أدامنا اسبوع بأوا اسبوعين
أطرقت "ياسمين" فى خجل ولم تجب
- أنا نفسي الوقت يمر بسرعة عشان أخدك فى حضنــ ...
قاطعته "ياسمين" بسرعة قائله :
- لو سمحت .. مينفعش حضرتك تكلمنى كده
احمرت وجنتاها بشده من الخجل ومن الغضب
أتاها صوته وهو يتحدث ببرود قائلاً :
- ليه مينفعش خلاص كلها اسبوعين وتكونى مراتى
- أما ابقى مراتك
- طيب براحتك سلام
- مع السلامه
أغلقت "ياسمين" وهى تشعر بغضب شديد من جرأته فى الكلام معها .. ومن قلة ذوقه عندما أسرع بإنهاء المكالمة ..
************************
أثناء جلوس "عبد الحميد" على المقهى وهو شارد يفكر فى حاله وحاله بناته أقبل عليه شاب وقف أمامه ويبدو عليه علامات التردد .. نظر اليه "عبد الحميد" مستفهما فلم يتحدث الشاب .. فقال له "عبد الحميد ":
- خير يا ابنى فى حاجه ؟
عدل الشاب من وضع عويناته التى يرتديها وقال فى ارتباك :
- حضرتك أستاذ " عبد الحميد منصور"
- أيوة يا ابني أنا
- أنا .. يعني .. حضرتك .. أنا "وائل"
انتظره "عبد الحميد" ليكمل كلامه لكن الشاب صمت .. فقال له :
- أهلا بيك يا ابنى .. اتفضل اعد
فجلس الشاب وقد ازداد ارتباكه قائلاً :
- أنا .. كنت عايز أتكلم مع حضرتك فى موضوع .. يعني .. أنا .. يعني .. بنتك .. "ريهام"
قال "عبد الحميد" بسرعة :
- مالها "ريهام" بنتى جرلها حاجة فى الكليه ؟
أسرع الشاب قائلاً :
- لأ لأ هى كويسه أنا لسه شايفها من شويه
تصاعد غضب "عبد الحميد " قائلاً :
- يا ابنى اتكلم مش فاهم منك حاجه
- احم احم .. يعني .. أنا كنت عايز .. أقول لحضرتك .. انى عايز "ريهام"
قال الأب فى غضب :
- اللهم طولك يا روح يعني ايه عايز "ريهام" ؟
- قصدى يعني أنا عايز .. يعني أنا وهى نتجوز
هدأ "عبد الحميد" قليلاً وهو يرمق الشباب بنظرات غيظ .. فقال الشاب :
- بصراحة يا أستاذ "عبد الحميد" ماما قالتلى انى أجى لحضرتك عشان أقول لحضرتك اننا عايزين نزوركوا فى البيت
- طيب يا ابنى .. يشرفنى ده طبعا .. بس فرح بنتى الكبيره كمان أربع أيام فلما يخلص الفرح الأول وأطمن عليها نبقى نشوف موضوع "ريهام"
- طيب يا أستاذ "عبد الحميد" ياريت تحدد معاد عشان أقول لماما عليه
نظر اليه "عبد الحميد" شزراً وقال له :
- قولها اسبوع كده وان شاء الله تشرفونا فى البيت
قام الشاب ومد يده وسلم عليه وقال بفرح :
- متشكر جدا لحضرتك .. ومبروك لبنتك الكبيرة .. السلام عليكم
- وعليكم السلام
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
- "عمر" انت ليه متغير معايا
قالت "نانسي" هذه العبارة أثناء جلوسها مع "عمر" فى أحد المطاعم .. رد "عمر" قائلاً :
- مش متغير ولا حاجه يا "نانسي" بس الفترة اللى فاتت كنت مشغول جدا وكمان كنت بسافر المزرعة كتير عشان انتى عارفه ان أمورنا مش مظبطه هناك
- مش انت خلاص شغلت واحد صحبك فيها
- أيوه بس مش هطمن الا أما نخلص الرش ونشوف النتيجه ونعرف هننقذ أد ايه بالظبط من المحصول
- أنا يا "عمر" مغلطاك بصراحه .. يعني ازاى تسيب ادارة مزرعه كبيرة كده لواحد أول مرة يشتغل عندك
احتد "عمر" قائلاً :
- أولا "أيمن" ده صاحبي وأخويا مش واحد من الشارع .. ثانياُ "أيمن" مش بيشتغل عندى "أيمن" بيشتغل بنسبه يعني أكنه بيشتغل فى ملكه
احتدت "نانسي" هى الأخرى :
- وانت شايف ان ده صح .. "عمر" انت كده بتطمع الناس فيك
- "نانسي" لو سمحتى أقفلى على الموضوع أنا أدرى بشغلى .. أنا مش عيل صغير ..لا اسألى عنى فى السوق كويس وانتى تعرفى مين هو "عمر الألفى"
- طبعا يا حبيبى عارفه وواثقه فى قدرتك على ادارة شغلك
غير "عمر" الموضوع قائلاً :
- أنا خلاص يعتبر خلصت تعديلات الديكور فى الجناح بتاعنا فى الفيلا .. مفضلش غير اننا ننزل نختار الأثاث سوا
قالت "نانسي" بتبرم:
- انت لسه مصر اننا نعيش عند أهلك فى الفيلا .. ليه يا "عمر" ميكنش لينا مكان خاص بينا
قال "عمر" وقد ضاق ذرعاً :
- "نانسي" احنا فتحنا الحوار ده مليون مره .. وكل مرة بعيد نفس الكلام .. ماما وبابا ملهمش غيري .. وبابا معظم الوقت فى الشغل أو مسافر .. وأمى لوحدها طول اليوم .. ايه اللى يخليني أعيش فى مكان تانى وفيلتهم طويله عريضه هيكون لينا فيها مكان خاص بينا يعني اكنك عايشه فى شقه مستقله خاصه بيكي بس الفرق ان الشقة دى هتكون جوه فيلتنا
رسمت ابتسامه صغيره على شفتيها قائله :
- خلاص يا حبيبى اللى تشوفه
صمت "عمر" قليلا ثم نظر اليها قائلاً :
- "نانسي" انتى حسه اننا مناسبين لبعض
قالت بدهشة :
- مش فاهمه قصدك ايه
قال فى حيره :
- مش عارف ساعات بحس اننا مفيش حاجه متفقين عليها
- "عمر" انت معدتش بتحبنى ؟
- لا بحبك وعيني مش شايفه غيرك .. بس حاسس ان عقلى مش بيبطل تفكير
حاولت "نانسي" معرفة ما يدور فى عقله قائله :
- بتفكر فى ايه بالظبط
- لا متحطيش فى بالك ويلا عشان نطلب الأكل
- طيب قولى الأول انت مسافر المزرعة تانى امتى ؟
- مسافر بكرة ان شاء الله
- طيب انت مش وعدتنى انك هتاخدنى معاك
- خلاص مفيش مشكلة لو عايزة تيجي تعالى بس شوفى ظروف مامتك وباباكى الأول
قالت "نانسي" بدهشة :
- مامي وبابي ليه ؟ هما هييجوا معانا ؟
نظر اليها "عمر" نظره طويله ثم قال :
- أمال هنعد أنا وانتى فى بيت المزرعة لوحدنا ؟! هناك بلد أرياف مش زى هنا .. يعني أكيد الناس هتتكلم عنى وعنك .. وكمان فرصه عشان أهلك يغيروا جو
- خلاص يا حبيبى اللى تشوفه
*********************
رن جرس الباب فأسرعت "ريهام" بفتح الباب وقالت مبتسمه :
- ازيك يا "سماح" منوره
دخلت "سماح وقبلتها ثم قالت :
- ازيك انتى يا "ري ري " .. أمال فين "ياسمين" ؟
ضحكت "ريهام" قائله :
- اهى جوه على السرير هتروح فين يعني برجليها المسلوخه دى
سمعتها "ياسمين" فصاحت :
- أنا رجلى ملسوخه .. ماشي يا أم لسان طويل
قلبتها "سماح" وقالت :
- أخبارك ايه النهارده .. ها هتفكى البتاع ده امتى
- خلاص هانت بكرة ان شاء الله هفكه
- طيب الحمد لله أحسن كان شكلك هيبقى وحش أوى فى الفرح
تجهم وجه "ياسمين" عندما تذكر أن فرحها بعد 3 أيام .. لاحظت "سماح" ذلك فقالت لـ "ريهام" :
- ايه معندكوش حاجه تتشرب ؟
- لا طبعا في .. حالا هعملك كوباية الشاى أبو لبن بتاعتك
- تسلميلى يا "ريهام"
خرجت "ريهام" من الغرفة , وافتربت "سماح" وجلست بجوار "ياسمين" على السرير قائله :
- مالك يا "ياسمين" شكلك مش عاجبنى خالص .. ده شكل عروسه فرحها كمان 3 أيام ؟
قالت "ياسمين" فى حزن :
- عروسه ؟! .. لما بتقولوا الكلمه دى بحس انكوا بتقولوها لحد تانى .. أنا مش حسه أبدا انى عروسه
- ليه يا حبيبتى بتقولى كده ؟ عشان والدتك الله يرحمها ؟ هى أكيد حاجه صعبه عليكي بس انتى لازم تفكرى فى حياتك ومستقبلك يا "ياسمين" مش بقولك انسي والدتك بالعكس افتكريها وادعيلها واعمليلها صدقة جاريه كمان بس متوقفيش حياتك انتى
تنهدت "ياسمين" قائله :
- مش بس موت ماما الله يرحمها هو اللى مضيع فرحتى يا "سماح"
- أمال فى ايه ؟
- أنا مش حسه انى عايزه أتجوز .. يعني حسه انى معرفش الانسان ده .. أنا معرفش أى حاجه عنه يا "سماح" لا أخلاقه ولا طباعه .. بالعكس فى حاجات كتير بتضايقني منه .. مش عارفه ازاى المفروض يتقفل عليا باب واحد أنا وهو مش قادرة أتخيل ده أبداً .. حسه انى بموت يا "سماح" حسه انى مخنوقه أوى وجوايا ضيق رهيب .. حسه انى عايزة أصرخ وأصرخ لحد ما اتعب
- طيب متكلمى باباكي عشان ......
قاطعتها "ياسمين" قائله :
- بابا مصر على اللى فى دماغه .. أنا عذراه انه خايف عليا وعايز يسيبنى فى ضهر راجل هو ماشي بمبدأ ضل راجل ولا صل حيطه .. بس أنا تفكيري مش كده ... أنا عندى الحيطة أحسن مليون مرة من راجل مش عايزاه
- انتى مش عايزه "مصطفى"
احتدت "ياسمين" قائله :
- هو أنا أصلا أعرفه عشان أحس انى عايزاه ولا مش عايزاه.. تعرفى يا "سماح" لو "مصطفى" جه دلوقتى وفسخ الخطوبه أنا مش هزعل .. لاني مش حسه بأى حاجه نحيته ولا شايفه ان فيه حاجه واحده تشجعنى على الارتباط بيه
صمتت قليلا ثم قالت :
- أنا رميت حمولى على ربنا يا "سماح" وواثقة انه مش هيضيعني .. أنا عارفه ان ربنا هيختارلى الخير .. وأنا راضيه بقصاءه أى ان كان .. حتى ولو كان ضدرغبتى
- ربنا يريح قلبك يا "ياسمين"
- عارفه يا "سماح" قصه السفينه اللى فى سورة الكهف ؟
- آه عرفاها
- سيدنا الخضر عليه السلام خرق السفين بتاعة ناس مساكين بيتشغلوا بيها وهى مصدر رزقهم ولما شافه سيدنا موسي عليه السلام بيعمل كده حزن ولامه عشان عمل كدة فى سفينه ناس غلابه .. بس ربنا كان له حكمه من كده ان كان فى ملك بياخد السفن غصب من الناس وبيصاردها ولما مرت السفينة على خدام الملك مرضوش ياخدوها لأنها كانت معيوبة بعد ما سيدنا الخضر خرقها .. لو مكنش سيدنا الخضر عليه السلام عمل كده كان زمان الناس المساكين دول خسروا سفينتهم والملك صادرها .. أنا كل ما بفتكر القصة دى برتاح أوى .. وبطمن ان ربنا أكيد رايدلى الخير "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"
- ونعم بالله .. وعشان انتى أحستنى الظن بالله أنا واثقه ان ربنا هيكتبلك الخير يا "ياسمين" ومش ممكن حد يضرك أبداً
- ان شاء الله
- لسه مصره انك متلبسيش فستان فرح
- أيوة يا "سماح" مش حبه ألبس فستان فرح هلبس فستان حلو أنا اشتريته وجبت عليه طرحه حلوة اوى هيعجبك
- ماشي يا حبيبتى المهم تكونى انتى مبسوطة
عانقت "سماح" صديقتها وهى تدعو الله فى سرها أن يبدل حزنها فرحاً
***************************
جلست "نانسي" مع والدتها فى التراس قائله :
- حسه ان "عمر" كل مدى بيبعد عنى
قالت "نادين" بإهتمام :
- ازاى ؟
- مش عارفه بس حسه بكده .. معدش ملهوف عليا زى الأول
صاحت أمها بغضب :
- فالحه يا "نانسي" فالحه
- أوووف يا مامي أنا مش بقولك كده عشان تقطميني
- أمال بتقوليلي ليه عشان تحرقى دمي
- لأ عشان أقولك اننا رايحين بكره مع "عمر" على المزرعة بتاعته اللى فى المنصورة دي
- لا أنا مليش فى الجو ده
قالت "نانسي" بتبرم :
- ولا أنا عايزاكى معايا بس الباشمهندس "عمر" أصر انك وبابا تيجوا معايا
- طيب خلاص مش مشكله الغى السفريه ومتسافريش
قالت "نانسي" بإصرار :
- لأ لازم أسافر معاه
- ليه بأه
- عشان هناك هعرف ازاى أرجعه "عمر" اللى هيموت عليا
- والله انتى بتاعة كلام وبس
قالت "نانسي" بزهو وتفاخر :
- بكرة تشوفى
********************
دخل "كرم" الى مكتب "عمر" بالشركة قائلاً :
- ها يا "عمر" ناوى على السفر امتى ؟
- النهاردة ان شاء الله
- طيب تمام أنا جاى معاك
- لا مفيش داعى خليك انت
- لا جاي معاك أهو أساعد فى أى حاجه انت شايل الحمل لوحدك
- مش لوحدى ولا حاجه "أيمن" موجود
- أهااا "أيمن" موجود .. يبقى "كرم" شكرا .. مش كده
ضحك "عمر" قائلاً :
- تصدق أنا اللى غلطان .. عايز تيجي تعالى
ثم استطرد قائلاً :
- على فكرة "نانسي" ومامتها وباباها جايين هما كمان
- أهااا .. تمام .. طيب يعني أجى بعربيتى ولا ايه
- لا مفيش داعى هاخدك انت و"نانسي" فى عربيتي وأهما هيجوا بعربيتهم ..
- متأكد .؟ .. مش عايز أبقي عزول وداخل بين البصلة وقشرتها وتدعى عليا طول الطريق
ضحك "عمر" قائلاً :
- لا يا "كرم" متقلقش أنا أصلا بدعى عليك من غير حاجه
- تًشكر يا ذووووء
********************
فى الطريق الى المنصورة انطلقت سيارة "عمر" وبجواره "نانسي" وفى المقعد الخلفى يجلس "كرم" وخلفهم سيارة والد "نانسي" ووالدتها .. التفتت "نانسي" قائله لـ "كرم" :
- كده برده متحضرش الخطوبة يا "كرم" .. ده انت أقرب صديق لـ"عمر"
قال "كرم" معتذراً :
- معلش يا "نانسي" يومها كان نفسي أحضر بجد .. بس كان فى سفريه مهمة يومها ومينفعش يقوم بيها غير أنا أو "عمر" ..
ثم ضحك قائلاً :
- يعني لو كنت حضرت مكنش العريس هيعرف يحضر عشان كده ضحوا بالجنين عشان الدكتور يعيش
أطلقت "نانسي" ضحكة عاليه قائله :
- انت مصييه بجد
توقف "عمر" بجوار احدى الكافيتريات على الطرق قائلاً :
- هجيب مايه .. عايزين حاجه أجيبهالكوا
- "نانسي" : لا ميرسي
- "كرم" : آه يا "عمر" الله يكرمك عايز شيتوس ولمبادا
التفت له "عمر" قائلاً :
- نعم يا أخويا .. شيتوس ولمبادا
- آه يا "عمر" بس لمبادا بالشكولاته مليش فى الفراولة
أطلقت "نانسي" ضحكة عاليه أخرى
- محسسنى انى خلفتك ونسيتك يا ابنى .. انزل هات لنفسك
- ما انت نازل يا "عمر" هاتلى فى ايدك وانت جاى
قال وهو يخرج من سارته :
- حاضر اللهم طولك يا روح
التفتت "نانسي" الى "كرم" الجالس خلفها قائله :
- معرفش ان دمك خفيف كده يا "كرم"
- دى أقل حاجه عندى
ضحكت مرة أخرى قائله :
كان نفسي صحبك يطلع زيك كده
- "عمر"؟
- آه .. بحس انه جد أوى ومتنشن على طول
- بالعكس "عمر" دمه خفيف وتحبي تتكلمى معاه .. هو بس يمكن اليومين دول اللى شادد شوية عشان ضغط الشغل
- طيب ما انت معاه فى الشغل ومع ذلك مش متنشن كده
صمتت قليلا صم قالت :
- الا قولى يا "كرم" انت بتشتغل ايه عند "عمر" ؟
ابتسم بسخريه قائله :
- مين ضحك عليكي أصلا وقالك انى شغال عند "عمر"
قالت مستفهمه :
- أمال ايه ؟
- أنا شغال مع "عمر" مش عند "عمر" .. أنا شريك فى مجموعة شركات الألفى بنسبة 30%
رفعت "مانسي" حاجبها فى دهشة ..ولمعت عيناها ببريق خبيث وقالت :
- تصور مكنتش أعرف .. يعني انت و"عمر" شركا
- أيوة شركا
فى تلك الأثناء عاد "عمر" وشعر بالضيق عندما وجد "نانسي" ملتفه تماما للخلف بهذه الطريقة .. صعد الى سيارته فاعتدلت "نانسي" فى مقعدها وانطلق يكمل طريقه الى المزرعة
***********************
طرق "رأفت" باب حجرة صديقه , فقال "مصطفى" :
- ادخل يا "رأفت"
دخل "رأفت" ونظر الى "مصطفى" الذى يرتب ملابسه فى حقيبته قائلاً :
- ها يا درش خلاص ناوي
- اه يا ابنى معدش الا يومين على الفرح يدوبك أظبط البدله واتفق مع الحلاق
- طيب والشقة مش ناقصها حاجه ؟
- لا كله زى الفل .. أبويا قام بالشغل كله
- أخدت أجازة أد ايه
انفعل "مصطفى" قائلاً :
- ولاد الـ تيييييييييييت مرضوش يدولى إلا اسبوع واحد طبعا منهم اليومين دول وخمس أيام بعد الفرح .. بالله عليك فى عريس يخسفوا الأرض بشهر العسل بتاعه من شهر لخمس أيام .. حاجه تيييييييييييت
ضحك "رأفت" قائلاً :
- معلش يا درش .. أصلك الفترة الى فاتت كنت واخد أجازات كتيره فطبيعي ميرضوش يدوك أكتر من أجازتك اللى بتاخدها كل شهر
- يلا خير
- هتمشي امتى ؟
- حالا ان شاء الله .. آه بالحق مستنيك فى الفرح اوعى متجيش تبقى ندل وابن تييييييييت
ضحك "رأفت" قائلاً :
- لا متقلقش قاعد على قلبك .. ومبروك يا عريس
- الله يبارك فيك يا "رأفت" أشوفك على خير .. يلا سلام
- سلام
ثم حمل حقيبته وانصرف .
*********************
قال "عمر" لـ "نانسي" وهما يسيران معاً داخل المزرعة :
- ايه رأيك فيها ؟
- فى ايه ؟
- المزرعة
- آه .. آه حلوة
- عارفه يا "نانسي" ده أكتر مكان برتاح فيه لما باجى هنا بنسي كل حاجه فى الدنيا مبفتكرش غير الخضرا والسما والنيل
قالت "نانسي" ويبدو عليها علامات الضجر :
- بس يا "عمر" المكان هنا ممل شوية
قال "عمر" بإستغراب :
- ممل ؟
- أيوة .. متفهمنيش غلط ..بس دى قريه ومفيش فيها أى حاجه الواحد يسلى بيها نفسه
- أولا بينا وبين المنصورة نفسها ربع ساعه بس وفيها أماكن حلوة كتير .. وثانيا لما باجى هنا مببقاش عايز لا دوشة ولا زحمه .. بحب أستمتع بالهدوء والسكينه اللى هنا فى المزرعة
رأى شجرة فأسرع الخطى ومسح على جزعها بكفه وارتسمت على شفتيه ابتسامه كبيره قائلاً :
- شايفه الشجرة دى زرعتها بنفسي من زماان .. كنت فى اعدادى وجدى ساعدنى وعرفنى ازاى أزرعها
أقبل "رأفت" عليهما فانفرجت أسارير "نانسي" لقدومه فلقد وجدت فيه فرصه للهروب من حديث "عمر" الذى أشعرها بالضجر ..التفتت الى "عمر" قائله :
- هسيبكوا بأه تشوفوا شغلكوا
ثم وجهت حديثها الى "أيمن" قائله :
- ازيك يا "أيمن"
هز رأسه مردداً :
- أهلا بحضرتك
انصرفت "نانسي" وتركت الصديقان بمفردهما .. قال "أيمن" معتذراً :
- معلش يا "عمر" جيت فى وقت مش مناسب ولا ايه .. أصل فى ورق محتاج امضتك عليه ومخدتش بالى ان خطيبتك معاك الا لما قربت منكوا
ابتسم "عمر" لصديقه قائلا :
- لا يا "أيمن" محصلش حاجه .. هات الورق
قرأ "عمر" الورق ثم أخرج قلمه وذيله بتوقيعه .. وقال لـ "أيمن" :
- اعتقد كده ماشيين بمعدل كويس مفضلش الا الجهه الغربيه
- بالظبط كده .. وكلها يومين ونخلص الرش هناك ان شاء الله
- ربنا يستر ونلاقى نتيجة ومتكنش مصاريف على الفاضى
- لا ان شاء الله أنا مستبشر خير
سار الصديقان معاً .. فسأله "عمر" :
- ها ايه أخبارك مع خطيبتك
ابتسم "أيمن" قائلاً :
- كله تمام الحمد لله
- الحمد لله .. ناوبين على امتى ان شاء الله
- بصراحة محددناش معاد محدد .. سايبنها بظروفها .. يعني لما نحس احنا الاتنين اننا مقتنعين ببعض واننا مستعدين للخطوة دى
ربت "عمر" على كتف صديقه قائلاً :
- انت ابن حلال وتستاهل كل خير يا "أيمن"
- تسلم يا "عمر" .. وانت ايه أخبارك مع خطيبتك ؟
أزاح "عمر" يده من على كتف صديقه ونظر أمامه ولم ينطق بشئ .. فحثه "أيمن" قائلاً :
- ايه فى مشاكل بينكوا ؟ لما شوفتكوا من شوية كنتوا كويسين
قال "عمر" وهو شارد :
- مش عارف يا "أيمن" ساعات بحس انى بحب "نانسي" أوى .. وساعات ...
- وساعات ايه ؟
- ساعات بحس ان دماغنا مش راكبه على بعض
- ازاى يعني ؟
تنهد "عمر" قائلاً :
- مش عارف حقيقي مش عارف .. حاسس انى متلخبط .. وعقلى مبيبطلش تفكير
وجدا جدولاً من الماء فجلسا على صخرة أمامه , سكت "أيمن" قليلا ثم نظر الى صديقه وسأله قائلا :
- انت ايه اللي عجبك فى "نانسي" و خلاك تقول هى دى الانسانه اللى عايزها تبقى مراتى ؟
أخذ "عمر" يفكر وهو يلقى ببعض الحصى فى الماء . ثم قال :
- جميله , جذابه , مرحه , ذكية , من عيلة كبيرة
قال "أيمن" مستنكراً :
- بس كده ؟
سكت "عمر" وهو يشعر بالحيره .. ثم وجهه نفس السؤال الى صديقه قائلاً:
- طيب انت ايه اللى عجبك فى خطيبتك وخلاك تقول هى دى .. غير حكاية المصحف والمطار
- عجبنى حاجات كتير ولما عرفتها وعرفت أهلها حبيتها أكتر واقتنعت بيها أكتر .. عجبنى أخلاقها وأدبها وحيائها .. لما ببصلها بشوف فيها أم لولادى
صمت قليلا ثم أكمل قائلاً :
- أنا مش بدور على واحدة تكون زوجة وبس يا "عمر" أو واحدة عشان أشبع رغباتى معاها وشكرا .. لا أنا بدور على أم لولادى .. نربهيم سوا ونكبرهم سوا ونعلمهم سوا يكونوا رجاله بجد .. بدور على واحدة تكون سند ليا لما أتعب أو لما أكبر في السن وأعجز ألاقيها جمبى ومعايا .. بدور على واحدة تكون سكن ليا وأكون سكن ليها واحده تفهمنى وأفهمها وأحس بيها وتحس بيا وأحس معاها اننا بنكمل بعض وان أنا وهى شخص واحد مش شخصين
أعقب حديث أيمن صمت طويل لا يتخلله الا تغريد العصافير على الشجر .. وبعد فترة نظر "أيمن" الى "عمر" قائلاً :
- انت حاسس بكده مع خطيبتك ؟
صمت "عمر" وعاود القاء الحصى فى الماء .. ثم التفت الى "أيمن" وابتسم قائلاً :
- لو انت حاسس بكده مع خطيبتك يبقى يا بختك بيها
ابتسم "أيمن" ولم يعقب بشئ
*****************************
- صحى النوم يا عروسه
هتفت "سماح" بهذه العبارة وهى توقظ "ياسمين" من نومها .. لكنها لم تدرى أن "ياسمين" لم تذق غمضاً منذ يومين كانت تنام على سريرها مغمضة العين لكنها متيقظه ومنتبهه تفكر وتفكر وتفكر .. تململت "ياسمين" فى فراشها ونظرت الى صديقتها قائله :
- صباح الخير ايه اللى جايبك بدرى كده
- بدرى ايه يا بنتى الساعه 10 والنهارده فرحك قومى ورانا حاجات كتير
قامت "ياسمين متكاسله وقالت :
المأذون هييجى العشا هعمل ايه أنا من دلوقتى للعشا
هتفت "سماح" قائله :
- يا ربي وبتقولى هتعمل ايه .. قومى يا بنتى مفيش وقت يلا
نهضت "ياسمين" وتوجهت الى الحمام وأخذت دش ساخن لتريح أعصابها المشدودة
****************************
قام والد "عمر" من نومه ليجد زوجته جالسه على السرير وعلامات القلق بادي على محياها .. فاعتدل جالسا وقال :
- صباح الخير يا "كريمة" صاحيه من بدرى ؟
تنهدت قائله :
- أنا منمتش أصلا من بعد الفجر
- ليه يا حبيبتى ايه اللي مصحيكي
قالت بصوت باكى :
- شوفته تانى يا "نور"
- هو ايه اللي شوفتيه
- الحلم اللي حلمته لـ "عمر" من فتره .. شوفته تانى النهارده بنفس الشكل ونفس التفاصيل .. الحية بتجرى عليه وهو بيقع فى البير وبعدها الحية بتهرب منه .. أنا خايفه أوى
أمسك يدها فى يده قائلاً :
- متخفيش ان شاء الله ربنا يحفظه
- يارب .. يارب احميه يارب واصرف عنه السوء
**************************
- مبروك يا عروسه طالعه زى القمر فى فستانك
قال "سماح" هذه العباره وهى تحتضن صديقتها .. كانت "باسمين" ترتدى فستانا بسيطاً لونه سيمون وبوليرو وطرحه نفس اللون .. كانت رقيقه وبسيطه للغايه .. اقتربت منها "ريهام" قائله :
- مش كنتى لبستى فستان فرح يا "ياسمين" فى عروسه ما بتلبسش فستان فرح؟
ابتسمت لها "ياسمين" قائله :
- أنا مرتاحه كده يا "ريهام"
عانقتها "ريهام" عناقاً طويلا لم تتحدث فيه وكأن الكلام يعجز عن وصف شعورها فى هذه اللحظة ,, قالت "ياسمين" والدموع تتجمع فى عينينها :
- كان نفسي أوى ماما تكون معايا النهاردة
أسرعت والدة "سماح" قائله :
- وأنا روحت فين يا بنتى .. مش أنا زى ماما برده
التفتت اليها "ياسمين" والدموع فى عينينها تهدد بالسقوط وابتسمت قائله :
- طبعا يا طنط ربنا عالم أنا بحب حضرتك أد ايه
عانقتها والدة "سماح" وربتت على ظهرها قائله :
- وربنا يعلم انك عندى من غلاوة "سماح" بنتى .. انتى و"ريهام" ربنا يحميكوا بنتين زى الفل ومتتخيروش عن بعض
قالت "سماح" :
- ايه يا جماعة هنقلبها نكد ولا ايه .. لا بقولكوا ايه النهارده فرح وضحك وزغارط وبس .. مش عايزة أشوف دمعه واحدة فى عين حد فيكوا النهارده .. فاهمين
ابتسم ثلاثتهم .. وبدأوا فى الغناء والرقص واطلاق النكات والضحك محاوليين اسعاد "ياسمين" ورسم البسمة على شفتيها
************************
سألت "نانسي" "صفية" زوجة "عويس" الغفير والتى كانت تقوم بتغيير شراشف الأسرة فى حجرات بيت المزرعة قائله بصوت منخفض :
- هو فين "عمر" ؟
قالت "صفية" على الفور:
- فى أوضته يا هانم تؤمرى بحاجه ؟
قالت "نانسي" وهى توليها ظهرها وتنصرف :
- لا ميرسي
تابعتها "صفية" بعينيها ولوت شفتيها قائلاً :
- لا ميرسي
ثم عادت لاكمال عملها ..
***********************
دخلت "نانسي" حجرة "عمر" وسمعت صوت الدش فى الحمام الملحق بغرفته فارتسمت ابتسامه خبيثة على شفتيها .. وبعد فترة توقف صوت الدش وخرج "عمر" يلف وسطه بمنشفه .. توقف فجأه عندما وقعت عيناه على "نانسي" الجالسه على فراشه نظر الى فستانها القصير المكشوف الذى لا يكاد يغطى شيئاً .. تسمر فى مكانه .. فابتسمت "نانسي" قائله فى دلال :
- كنت حسه انى جعانه عملت شوية سندويتشات ناكلهم مع بعض
أخذت ساندوتش من الصنية التى وضعتها على الكمودينو ووضعت ساقاً فوق ساق ثم نظرت اليه قائله :
- ايه مش هتيجي تاكل ؟
تقدم "عمر" حتى أصبح فى مواجهتها لا يدرى لما وفى هذه اللحظة بالذات تذكر تلك الفتاة التى صدمها بسيارته والتى كانت ترقض على السرير فى المستشفى لا يظهر منها الا وجهها وكفيها ومع ذلك كانت تخجل من نظراته وتتورد و جنتاها بحمره الخجل وتبعد عيناها عن عينيه .. لم يشعر بنفسه الا وهو يقارن بينها وبين تلك الفتاه الجالسه أمامه بجرأة بلا أدنى شعور بالخجل .. شعر بشئ من التقزز وقال لها بصرامة شديدة :
- فى واحده محترمة تعمل كده ؟ .. تدخلى اوضة شاب أعذب وانتى لابسه لبس زى ده ؟
قالت وعلامات الدهشة مرسومه على محياها :
- ايه المشكلة احنا بنحب بعض و خلاص هنتجوز
ثم أضافت بدلع :
- ولا انت معدتش بتحبنى ؟
نظر اليها نظرات غاضبة وأطبق أصابع كفيه بشده وكأنه يريد أن يلكم أحداً وقال لها بصوت هادر :
- نانسي اطلعى بره أنا مش طايق أشوف وشك
قالت فى عدم تصديق :
- نعم ؟ بتقول ايه
صاح غاضباً :
- بقولك اطلعى بره يا "نانسي" .. حالاً يا إما بجد هتندمى
نهضت "نانسي" وهى تشعر بالمهانه وقبل ان تغادر الغرفة قال لها :
- جهزوا نفسكوا عشان هنرجع مصر حالا
خرجت من الغرفة وأغلقت الباب بقوة .. ذهبت الى والدتها وقالت بعصبيه :
- يلا .. "عمر" طردنا من هنا .. لازم نمشي
صاحت والدتها فى فزع :
- مش فاهمة يعني ايه طردنا
صرخت "نانسي" فى وجهها قائله :
- بقولك طردنا يلا قومى
وما هى الا لحظات حتى جاء "عمر" حيث تتحدث المرأتان ووجه حديثه الى "نادين" قائلاً :
- معلش يا طنط جالى تليفون شغل مهم ولازم أنزل مصر حالا .. لو حضرتك عايزة تستنى انتى وعمى و"نانسي" مفيش مشكلة بس أنا راجع مصر حالا
تصنعت نادين" الابتسامه ثم قالت :
- لا يا حبيبى واحنا ايه اللى يقعدنا هنا .. احنا قضينا 3 أيام وحقيقي لازم نرجع مصر عشان أشغالنا
- طيب تمام أنا منتظركوا تحت فى العربية عشان تمشوا ورايا بالعربية بتاعتكوا زى ما جينا عشان متتوهوش فى الطريق
- ماشي يا حبيبى
خرج "عمر" فوجهت الى "نانسي" نظرات صارمة قائله :
- هنتكلم فى البيت
ركب "عمر" سيارته وانتظرهم ..كان يشعر وكأن بداخله بركان بغلى من الغضب .. كان هذا الغضب موجه أكثر الى نفسه كيف كان أعمى الى هذه الدرجة كيف لم يستطع تمييز الغث من السمين .. كيف لم يرى أن خطيبته لا تتناسب أبدا مع قيمه وأخلاقه .. كيف اهتم بالقشور ونسي اللب .. كان يسأل نفسه هذه الأسئلة وهو لا يدرى أيغضب من "نانسي" أم من نفسه .. رآي ثلاثتهم وهم ينزلون الدرج ويركبون سيارتهم .. شغل محرك سيارته ولكنه انتبه الي صوت محرك سيارتهم حيث أصدر صوتا عاليا ثم توقف تماما
فأخرج رأسه من الشباك ونظر الى الخلف قائلاً :
- مش عايزة تدور ؟
أخرج والد "نانسي" رأسه هو الآخر وقال :
- ايوة النور كان والع وشكل البطاريه فضيت
- طيب سيبوها وأنا أخلى حد من العمال يجيب ميكانيكي يوصلحها وحد من المزرعة يوصلهالنا على القاهرة .. وتعالوا اركبوا معايا
نزل ثلاثتهم فى صمت .. همت "نانسي" أن تركب فى الخلف لكن "مادين" دفعتها الى الباب الأمامى .. فجلست متبرمة بجوار "عمر" .. وانطلق بسيارته قاصدا القاهرة وفى رأسه ألف سؤال وسؤال
**************************
تعالت الزغاريد فى بيت "ياسمين" والتف الجميع حولها من أصدقاء وجيران مهنئين ومباركين لهذا الزواج .. دخل "عبد الحميد" حجرة ابنته و العبرات تملأ عينيه وقبلها فى جبينها وأمسك يدها وقبلها فأسرعت "ياسمين" بسحب يدها والعبرات تختنق فى عينيها , نظر اليها والدها وأمسك رأسها بين كفيه قائلاً :
- الحمد لله ان ربنا أحيانى وشوفت اليوم ده .. بنتى أنا عروسه
تركت "ريهام" لعبراتها العنان كانت سعيده لزواج أختها لكن فى حلقها غصه كيف ستحيا بعيداً عنها .. كيف وهى الأم والأخت والصديقة وكل شئ بالنسبه لها ..وما هى الا لحظات حتى تعالت الأصوات لتنبئ بوصول المأذون فتعالت الزغاريد مرة أخرى
كان "مصطفى" يقف سعيداً وسط الحضور عندما وقع نظره على آخر شخص أراد رؤيته فى تلك اللحظة .. نعم انها "نهلة" كانت تقف أمام الباب ترمقه بنظرات غاضبة ناريه ,أسرع الخطى اتجاهها وجذبها من ذراعها وخرج من الشقة وقال لها
بغضب :
- بتعملى ايه هنا ؟ ايه اللي جابك
قالت له ونظرات الاحتقار تملأ عينيها :
- متخفش أوى كده يا عريس أنا لو كنت عايزة أبوظلك الجوازه كنت جيت البيت ده من زمان
قال بحده وهى ينظر حوله خوفاً من أن تنتبه "ياسمين" أو والدها :
- أمال ايه اللى جابك ؟
قالت بسخريه :
- جايه أشوفك وانت عريس
وفى تلك اللحظة خرجت "ياسمين" من حجرتها وجلست على الطاولة التى ضمت المأذون ووالدها فألقت عليها "نهلة" نظرة حاقدة وقالت :
- هى دى بأه ربت الصون والعفاف؟
قال "مصطفى" محذراً اياها :
- "نهلة" .. انتى عايزة ايه بالظبط ؟
نظرت اليه قائله :
- مش عايزة حاجه .. قولتلك جايه أشوفك وانت عريس ..يلا عروستك مستنياك
تركها "مصطفى" وهو يشك فى أمرها .. دخل وقلبه يكاد يقفز من مكانه من الخوف وقدميه تصطك ببعضهما البعض جلس بجوار المأذون
نظرت اليهم "نهلة" محدثه نفسها يصوت منخفض ( بكرة أحرقك زى ما حرقتنى يا مصطفى )
.. كانت "ياسمين" في تلك اللحظة تشعر بأن ما يجرى حولها هو مجرد حلم .. حلم ستستيقظ منه بعد لحظات .. أغمضت عينيها قليلا ثم فتحتهما .. لكن نفس المشهد ونفس الوجوه الضاحكة .. كانت تشعر وكأن روحها تسحب منها .. شعرت وكأن الأصوات اختفت من حولها فلم يبقى الا صوت دقات قلبها الذى يكان يخرج من صدرها من قوة ضرباته لم تسمع الا كلمة واحدة :
- قبلتً زواجها
*************************
دخلت بيتها وهى تقدم رجلاً وتؤخر الأخرى .. كانت تراه لأول مرة بعدما انتهت والدة "مصطفى" وأختها و "سماح" من تنظيمه وترتيبه
دخلت ووقفت وسط الصالة وكأنها عابرة سبيل ضلت طريقها ولا تهتدى الى وجهتها .. أفاقت من شرودها على صوت باب الشقة الذى أغلقه "مصطفى" عليهما .. التفتت لتنظر اليه وقلبها يكاد يصم أذنيها من علو صوت دقاته .. ثم .. ابتسم "مصطفى" واقترب منها بخطوات بطيئه ...
************************
كان "عمر" يسير بسيارته مسرعاً وهو لا يشعر بأولئك الجالسون معه فى السيارة .. كان عقله يدور ويدور بدون توقف .. كانت "نانسي" تنظر اليه ولا تصدق أن كل شئ سينتهى فى لحظة أرادت التحدث اليه فى محاولة لمعرفة ما يدور داخل رأسه لعلها تنقذ شيئاً .. نادته قائله :
- "عمر" .. "عمر "
لم ينتبه "عمر" لصوتها فمدت يدها لتلمس كفه الموضوع على مقود السيارة .. انتفض "عمر" وكأن حية لدغته ونظر اليها بعينين كادتا أن تخترقاها .. وعندئذ هتفت "نادين" التى كانت تجلس فى المقعد الخلفى :
- "عمر" حاااااااسب .... حاااااااااااااااااااااااسب
نظر "عمر" أمامه فأعمته أضوار التريلا القادمة أمامه وما هى الا لحظات تعالت فيها أصوات الصراخ .. ثم سكن كل شئ .. توقف سائق التريلا لينظر الى تلك السيارة التى أخذت تلف وتدور حتى انقلبت على أحد جانبيها .. ثم أعقب ذلك صمت رهيب..
لو كان بإمكاننا الاستماع الى دقات الأربعه قلوب الموجوده داخل السيارة .. لوجدنا قلباً واحداً أخذت خفقاته فى الخفوت شيئاً فشيئاً حتى توقف تماما .. بوم بوم بوم بوم بوم بوم ــــــــــــــــــــــــــــ
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
دخلت "ياسمين" بيتها وهى تقدم رجلاً وتؤخر الأخرى .. كانت تراه لأول مرة بعدما انتهت والدة "مصطفى" وأختها و "سماح" من تنظيمه وترتيبه
دخلت ووقفت وسط الصاله وكأنها عابرة سبيل ضلت طريقها ولا تهتدى الى وجهتها .. أفاقت من شرودها على صوت باب الشقة الذى أغلقه "مصطفى" عليهما .. التفتت لتنظر اليه وقلبها يكاد يصم أذنيها من علو صوت دقاته .. ثم .. ابتسم "مصطفى" واقترب منها بخطوات بطيئه ...
عندما مد يده وأمسك ذراعها وأراد ضمها اليه أوقفته بإشاره من يدها .. فقال متبرماً :
- ايه تانى مش خلاص .. اديكي بقيتي مراتي أهو ..
أطرقت "ياسمين" برأسها وقالت بخجل :
- مش هينفع
احتد "مصطفى" قائلاً :
- هو ايه ده اللى مش هينفع ؟
"قالت "ياسمين" وهى مازالت مطرقه برأيها :
- الحادثة هى السبب
- حادثة ايه ؟
- العربية اللى خبطتنى من اسبوعين .. هى السبب
ازدادت حدة "مصطفى" قائلاً بدهشة :
- ايه اللى جاب القالعه جمب البحر
ازداد احمرار وجنتاها وجاهدت لتخرج صوتها قائله :
- يعني أقصد أقول معاد الفرح اتأجل اسبوع عشان رجلى كانت فى الجبس
- وايه علاقة ده بينا دلوقتى
ازداد ارتباكها قائله :
- يعني المعاد الجديد .. مكنش مناسب بالنسبه ليا .. يعني .. يعني .. مش هينفع
قال "مصطفى" وقد ثارت ثائرته :
- وأما هو المعاد الجديد مكنش مناسب لجنابك ما قولتيش كده ليه من الأول كنا غيرنا الزفت المعاد
قالت وقد تساقطت عبراتها على وجنتيها :
- اتكسفت أقول لبابا
- وموضوع مش هينفع ده .. هيستمر أد ايه ؟
- 6 أيام
- الله أكبر يعني الأجازة اضربت
تركها "مصطفى" وسط الصاله ودخل يبدل ملابسه وهو يغلى من الغضب ..
**********************
- يارب .. يارب .. احميه يارب .. يارب احميه يارب
تفوهت "كريمة" بتلك العبارة هى جالسه بجوار زوجها أمام غرفة العمليات بالمستشفى .. ثم أكملت قائله :
- ليه ابنى يحصله كده .. ليه يارب
قال زوجها الجالس بجوارها :
- انتى مؤمنة يا كريمة حرام اللى بتقوليه ده
قالت باكيه :
- عارفه بس غصب عنى قلبي محروق على ابنى أوى
- طيب استغفرى ربنا وادعيله زى ما بدعيله بدل الكلام اللي يغضب ربنا ده
- استغفر الله .. استغفر الله .. يارب ده ابنى الوحيد اللى مليش غيره .. يارب احميه يارب
ثم التفتت الى زوجها قائله :
- "نانسي" و "نادين" كويسين ؟
تنهد بحسره قائلاً :
- ايوة انا لسه كنت عندهم من شويه كلها خدوش بسيطه .. لكن اللى تاعبنى موت والدها الله يرحمه
- الله يرحمه ويغفرله ويتجاوز عن سيئاته .. طيب هما عاملين ايه دلوقتى ؟
سكت قليلاً ثم قال :
- ولا أى حاجه
- يعني ايه ولا أى حاجه
- مش عارف هما كده من الصدمة ولا ايه بالظبط .. بس مش باين عليهم أى تأثر
- غريبة ازاى يعني دى جوزها .. ودى أبوها
- مش عارفه .. أكيد لسه مفاقوش من الصدمة
عاود "كريمة" قلقها على ابنها الذى يرقد داخل حجرة العمليات وأخذت تستغفر ربها وتناجيه
**********************
قام "مصطفى" بتغيير ملابسه وتوجه الى حجرة المعيشة يشاهد ويقلب فى قنوات التلفاز .. دخلت "ياسمين" حجرة النوم بعدما خرج منها "مصطفى" جلست على طرف الفراش والدموع تتساقط من عينيها .. تشعر وكأنها غريبه فى مكان غريب معزوله عن العالم ... شعرت بالإشتياق لـ "ريهام" وللحديث معها .. وشعرت بالحنين الى والدها الذى رغم قسوته عليها الا أنها تحبه بشده وتشعر بالأمان وهى فى بيته .. كم تمنت ترك هذا البيت والعودة الى بيتها مرة أخرى .. تذكرت أمها وتمنت أن تلقى بنفسها فى حضنها ولو لمرة أخيره .. مسحت عبراتها وقامت لتغير ملابسها .. ارتدت عباءة طويلة ذات أكمام طويله واحتارت هل تترك شعرها أم ترتدى حجابها .. فمازالت تشعر بأنها فى بيت غريب ومع رجل غريب .. جاهدت نفسها لتترك حجابها ولا ترتديه مذكره نفسها بأن هذا الرجال الجالس فى الخارج حتى ولو شعرت بأنه غريب إلا أنه الآن زوجها ويجب عليها حسن التبعل له والطاعه .. ولو رآها بالحجاب لإزداد غضباً على غضب .. خرجت من غرفة النوم وتوجهت حيث يجلس "مصطفى" وقفت على استحياء أمام الباب ,, ألقى عليها "مصطفى" نظرة ساخره على ما كانت ترتديه ثم أعاد نظره الى التلفاز مرة أخرى .. وقفت قليلا ثم قالت :
- تحب تتعشى
قال بحده :
- لا مش عايز زفت
تركته ودخلت غرفة النوم مرة أخرى وهى تشعر بأن هناك أيام بائسه تنتظرها فى بيت "مصطفى"
**********************
خرج الطبيب من غرفة العمليات فنهضت "كريمة" وزوجها بسرعه وتوجها اليه ,, قالت "كريمة" بلهفه :
- خير يا دكتور الله يباركلك طمنى على ابنى
طمأنها الطبيب قائلاً :
- لا اطمنى هو كويس الحمد لله
قال والده :
- يعتي مفيش فيه أى مشكلة
- الحمد لله حاله أحسن من غيره كل المشكله ان أعصاب دراعه الشمال اتضررت بشكل جزئي بالإضافة للكسور اللى في دراعه .. يعني هيحتاج فترة من العلاج الطبيعي والحجامه عشان الأعصاب تنشط تانى .. بس اطمنوا ان شاء الله خير
قالت "كريمة" فى قلق :
- يعني يا دكتور واثق انه هيكون كويس بالله عليك ما تخبي عليا
- أنا هنا طبيب يا حجه وبصارح أهالى المرضى بحالتهم بالتفصيل مينفعش أخبى عليهم حاجه .. وزى ما قولت لحضرتك هو بس بعد الجبس ما يتفك هيحتاج فترة من العلاج الطبيعي عشان ايده ترجع زى ما كانت
- اد ايه هياخد الموضوع ده
- حسب حالته وحسب استجابته .. منقدرش نحدد دلوقتى الا لما يفك الجبس ان شاء الله
- وايده هتفضل فى الجبس أد ايه يا دكتور
- مش أقل من شهرين .. عن اذنكوا
غادر الطبيب .. فالفتت "كريمة" لزوجها قائله :
- تفتكر الدكتور مخبي حاجه
- انتى عايزه تقلقى نفسك وخلاص قالك انه لازم يكون صريح معانا وشرحلنا حالته بالظبط
- الحمد لله اللهم لك الحمد
ثم استطردت قائله بقلق :
- بس أنا خايفه دراعه ميرجعش تانى زى الأول
- احنا فين وبقينا فين يا "كريمة" قدر ولطف الحمد لله انها جت على أد كده
فى هذه الأثناء خرج من غرفة العمليات ترولى محمولاً عليه "عمر" فتوجهت اليه "كريمة" مسرعه وربتت بكفها على رأسه قائله :
- "عمر" انت كويس .. رد عليا يا ابنى
قالت لها الممرضة :
- هو دلوقتى فى البينج .. ان شاء الله شويه ويفوق
..أدخلوه الغرفة المخصصه له وجلست "كريمة" بجواره تمسك مصحفها وتتلو آيات من كتاب الله
**************************
نظرت "نانسي" الى الكدمات الى تعلو وجهها فى مرآة صغيره بيدها فى غرفتها بالمستشفى .. وقالت بعصبيه :
- اتشوهت .. وشى اتشوه
نظرت لها "نادين" النائمة على الفراش ققائله :
- انتى معندكيش دم ؟ ابوكى مات يا "نانسي"
نظرت لها "نانسي" قائله :
- يعني عايزه تفهميني ان انتى زعلانه عليه ؟.. بصراحه أنا مش حسه بأى حاجه .. عارفه ليه .. لأنه عمره ما حسسنى ان ليا أب .. يخاف عليا وياخدنى فى حضنه ويقولى كده صح وكده غلط .. عمرى ما حسيت بوجوه فى حياتي .. كان طول الوقت اما مسافر واما فى الشغل .. ايه اللي يخليني أزعل انى فقدت حاجه أصلا مكنتش موجوده فى حياتي
- حتى لو كده .. برده خلى عندك دم شويه أهل خطيبك يقولوا ايه علينا
قالت "نانسي" بسخرية :
- خطيبي ؟ .. هو بعد اللي أنا حكيتهولك و اللى حصل فى بيت المزرعة متوقعة ان "عمر" هيفضل خطيبي
قالت لها "نادين" بعصبيه :
- ما انتى واحده غبيه .. لسه مفهمتيش "عمر" وعشان كده عماله تحطى نفسك فى مواقف غبيه زيك
- اوووووف .. خلاص مفيش داعى للكلام ده .. خلاص الموضوع انتهى
نظرت لها "نادين" بغل قائله :
- مش بقولك غبيه .. موضوع ايه اللي انتهى .. الأمور هترجع بينك وبين "عمر" زى الأول وأحسن
قال "نانسي" بسخرية :
- ازاى ان شاء الله
ابتسمت ابتسامه خبيثة وقالت :
- هقولك ازاى
***********************
دخل "مصطفى" الى غرفة النوم فأسرعت "ياسمين" الجالسه على طرف الفراش بالنهوض والتفتت وأولته ظهرها وأخذت تمسح عبراتها التى تساقطت على وجنتيها .. دخل "مصطفى" الفراش وتدثر بالغطاء وأغمض عينيه دون التفوه بكلمه
أخذت "ياسمين" وسادة صغيره وغطاء من الدولاب وتوجهت الى غرفة المعيشة .. نامت على الاريكة وتدثرت بغطائها وأقد أخذت العبرات تتساقط على وجنتيها مرة أخرى
استيقظت فى اليوم التالى عندما شعرت بيد تهزها بقوة وبصوت "مصطفى" وهو يقول :
- انتى يا هانم .. قومى عايز أفطر
هبت "ياسمين" جالسه على الأريكة .. وأعادت خصلات شعرها الثائرة الى الخلف وأغمضت علينيها للحظات تحاول تذكر أين هى وماذا تفعل هنا
- يلا أنا جعان
عادت "ياسمين" الى الواقع مرة أخرى .. فنهضت من على الأريكة وقال:
- صباح الخير .. حاضر هحضره دلوقتى
لم يرد "مصطفى" فأخذت غطائها ووسادتها ودخلت غرفة النوم وأعادت ترتيب السرير ثم توجهت الى الحمام وأخذت دش ساخن لعلها تشعر بالإرتياح .. أنهت حمامها ودخلت المطبخ تحضر الفطور لأول مرة فى هذا البيت الغريب .. نظرت الى مقتنياتها وأدواتها المطبخية وتذكرت كل قطعة فيه .. كان لكل قطعة بهجه خاصة .. تذكرت كيف كانت أمها ومنذ كانت "ياسمين" صغيره تشترى لها ولأختها أشياء لجهازهما .. كانت تفرح كلما اشترت لها أمها شيئاً جديدا وتسعد وهى تضيفه الى ذلك الصندوق الكبير الذى احتوى جهازها والذي كانت تضعه تحت فراشها .. تذكرت كم حلمت بإستخدام تلك الأشياء عندما تتزوج ويصبح لها بيت خاص بها وزوج محب ..وهنا اختف الإبتسامه من شفتيها .. نعم حصلت على البيت .. لكن أين هو الزوج المحب ! ..لم ترد لليأس أن يسيطر عليها وينغص عليها عيشها .. كانت تكره الفشل والاستسلام له .. عاهدت نفسها أن تبذل قصارى جهدها فى انجاح زواجها وبث الألفة والود داخل جدران هذا البيت .. شرعت تحضر طعام الفطور فى مرح والابتسامه تعلو شفتيها
**********************
تململ "عمر" فى فراشه فى غرفته بالمستشفى وفتح عينيه وأخذ يدور بهما فيما حوله ويحاول تذكر ما حدث له .. نظر بجواره ليجد "كرم" وهو يغط فى النوم على كرسي مجاور لفراشه .. انتبه "عمر" ليده اليسرى والتى كانت موضوعه من الكف لبداية عظمة الكتف فى الجبيره .. نادى صديقه قائلا :
- "كرم" .. "كرم"
استيقظ "كرم" ونهض ليتفحص صديقه بعينيه قائلاً :
- "عمر" حمدالله على السلامه .. انت كويس
قال "عمر" وهو حائراً :
- أنا فين وايه اللى حصل ؟
- انت مش فاكرة حادثة امبارح
قال "عمر" بإندهاش :
- حادثة ايه ؟
صمت قليلا ثم قال :
- اه .. أنا آخر حاجة فاكرها ان كان فى عربية جايه مخالف ومش فاكر أى حاجه بعد كده
تنهد صديقه قائلاً:
- ايوة كان فى تريلا جت مخالف وللاسف العربيتين خبطوا فى بعض
قال "عمر" بسرعة :
- و "نانسي" وأبوها و مدام "نادين "
قال "كرم" فى شئ من الأسى :
- "نانسي" و مدام "نادين" بخير .. حصلهم كدمات بس لأن العربيه اتقلب على الجهه اللى كنت انت وأبو "نانسي" أعدين فيها
- طيب ووالد "نانسي" حصله حاجه
- البقاء لله يا "عمر" .. توفى
هتف "عمر" قائلاً :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. لا حول ولا قوة الا بالله
وفجأة انفتح الباب لتدخل "كريمة" التى انفرجت أساريها لرؤية "عمر" مستيقظاً وأقبلت نحوه فى سرعة وعانقته قائله :
- "عمر" حبيبتى حمدالله على سلامتك يا ابنى .. حمدالله على سلامتك
وأخذت تبكى بشده .. طوقها "عمر" بديه اليمينى وهدءها قائلاً :
- انا الحمد لله يا أمى ..بخير زى ما انتى شايفه .. الحمد لله
وضعت رأسه بين كفيها تملى عينيها برؤيته قائله :
- الحمد لله .. الحمد لله كنت هموت لو كان جرالك حاجه
جذب "عمر" رأسها يقبله قائلاً :
- بعد الشر عليكي يا حبيبتى .. أنا بخير أهو والحمد لله
أقبل والده يحتضنه وبقبل رأسه مرددا :
- الحمد لله انك رجعتلنا بالسلامه يا ابنى
قال "عمر" لوالده بقلق :
- ازى "نانسي" ومدام "نادين" دلوقتى
- كنا من شوية فى الدفنه و سبنا "كرم" معاك هنا عشان لو فوقت
شعر "عمر" بالأسى الشديد لفقدان "نانسي" والدها فقال :
- لا حول ولا قوة الا بالله أكيد اللى حصل صعب أوى عليهم
هتفت "كريمة" قائله بعصبيه :
- "عمر" دى آحر مرة تسوق فيها العربية بنفسك .. عندك سواق مبتخليهوش يسوقها ليه
- يا ماما الحادثة مكنتش غلطتى التريلا هى اللى جايه مخالف
- ولو ..مفيش سواقه عربية تانى
فلم يرد "عمر " مجادلة والدته التى يعلم جيداً ما تشعر به فى هذه اللحظة فردد قائلاً :
- حاضر يا ماما
فى تلك اللحظة سمعوا طرقات على الباب ثم انفتح الباب ليدخل الطبيب .. كشف على "عمر" وأخبره بنفس ما أخبر به والده ووالدته يوم أمس .. شعر "عمر" بالقلق وقال :
- يعني يا دكتور ان شاء الله ايدي هتبقى كويسة مش كده
- ايوة ان شاء الله بس الموضوع محتاج شوية وقت وزى ما قولت لوالدك امبارح منقدرش نحدد الوقت ده الا لما نفك الجبس ونشوف مدى استجابتك للعلاج الطبيعي .. بس متقلقش الضرر مكنش كبير أوى وان شاء الله فى وقت قصير ايدك ترجع تتحرك طبيعي تانى
قال له "عمر" بإمتنان :
- شكرا يا دكتور
فتح الطبيب باب الحجرة ليغادر فوجد "نانسي" التى وقفت على باب الغرفة لمحتها "كريمة" فنادتها قائله :
- تعالى يا بنتى
دخلت "نانسي" الغرفة بعينيها المتورمتين وبعض الكدمات التى تظهر على وجهها .. رآها "عمر" فى هذه الحاله فشعر بالأسي عليها ..نظر والد "عمر" الى زوجته و "كرم" نظره ذات معنى .. فغادر ثلاثتهم الغرفة .. اقتربت "نانسي" من فراشه وانسابت العبرات على وجنتيها قائله :
-" عمر" انت عامل ايه دلوقتى
قال بأسى :
- الحمد لله ..المهم انتى عامله ايه .. البقاء لله يا "نانسي"
انفجرت "نانسي" باكية وجلست بجواره وألقت بنفسها على صدره وقالت :
- بابي مات يا "عمر" .. مش عارفه هعمل ايه من غيره .. كان كل حاجه في حياتي .. مش قادره أتحمل ده .. أنا تعبانه أوى يا "عمر "
ربت "عمر" على ظهرها قائلا بأسى :
- قدر الله وما شاء فعل .. ربنا يرحمه ويغفرله
أبعدها عن صدره ليرى وجهها ومسح بكفه عبراتها وقال :
- اهدى يا "نانسي" وبطلى عياط وادعيله ..اللى هيفيده دلوقتى هو الدعاء
نظرت له بعتاب قائله :
- بابي سابنى .. وانت كمان هتسبنى يا "عمر" خلاص معدش ليا حد فى الدنيا دى
- انتى ليه بتقولى كده
انفجرت فى البكاء مرة أخرى وقالت :
- لأن دى الحقيقة انت هتتخلى عنى وتسيبنى
ألقت نفسها على صدره مرة أخرى وقالت :
- أرجوك يا "عمر" ما تسبنيش أنا محتجالك أوى .. أنا مليش غيرك دلوقتى .. لو سبتنى هموت نفسي
شعر "عمر" بمزيد من الأسى قائلاً :
- "نانسي" استغفرى ربنا .. ايه اللي بتقوليه ده ..
نظرت اليه قائله بحزم :
- بقول اللى هعمله لو انت سبتنى يا "عمر" .. لو سبتنى هموت نفسي
قال "عمر" بقلق :
- طيب ممكن تهدى وتبطلى الكلام اللى بتقوليه ده ..
صمت قليلا ثم قال :
- وبعدين مين قالك انى هسيبك .. أنا مش هسيبك متخفيش
نظرت اليه بلهفه وابتسمت وسط دموعها قائله :
- بجد يا "عمر" مش هتسبنى
نظر لها وابتسم فى حنان قائلا :
- أيوة مش هسيبك .. بس يا خوفى انتى اللى تسيبينى
قالت بسرعة :
- مستحيل اسيبك أبدا .. أنا أموت من غيرك
نظر "عمر" اليها بشئ من الشك ثم شرح له وضعه ذراعه الصحى كما وصفه الطبيب .. فقالت :
- طيب يعني الدكتور قالك انك هتخف
- الله أعلم .. ده لسه ميقدرش يحدده دلوقتى .. ده على حسب استجابتى للعلاج الطبيعي وعلى حسب الضرر اللى حصل فى دراعي
أسرعت قائله :
- حتى لو مرجعتش ايدك طبيعيه تانى انا مش ممكن اسيبك ابدا
نظر لها "عمر" نظره طويله يحاول الغوص داخلها ليتبين صدقها ثم قال :
- واثقه ؟
قالت بحزم :
- ايوة واثقه
ابتسم لها "عمر" ثم طوقها بذراعه مرة أخرى
خرجت "نانسي" من حجرة "عمر" لتجد "كرم" فى الردهة يتحدث مع الطبيب .. انتظرت أن أنهى حديث ثم توجهت نحوه قائله :
- "كرم" خلى بالك من "عمر" أنا هروح أستريح فى البيت شويه
- متقلقيش عليه يا "نانسي" كلنا هنا معاه
قالت له فى براءه مصطنعه :
- أنا مش عارفه هروح البيت ازاى .. ومش هقدر استنى الشفير لحد ما يجيليى بالعربيه .. حسه انى تعبانه أوى
أسرع "كرم" قائلاً :
- طيب مفيش مشكلة أوصلك أنا
- بجد .. ميرسي يا "كرم"
- ثوانى بس هدخل أطمن على "عمر" وأقوله انى ماشي
انتظرته "نانسي" حتى جاء وانطلقا معا الى بيتها .. أوصلها ثم تركها وعاد الى المستشفى مرة أخرى
***************************
- مش كنتى تعملى حسابك بدل ما تعككنى على الواد يوم فرحه
ألقت أم "مصطفى" بهذه العباره عندما دخلت على "ياسمين" المطبخ وهى تعد العصير .. ارتبكت "ياسمين" وشعرت بالخجل الشديد ولم تتفوه ببنت شفه .. شعرت بالضيق والغضب فما بينها وبين زوجها لا يحق لأحد غيرهما معرفته بل والسؤال عنه أيضاً .
قالت لها والدته بحده :
- أهلك علموكى لما حد كبير يكلمك مترديش عليه ؟
ارتبكت "ياسمين" وتمتمت:
- آسفه يا طنط
- طنط مين يا روح طنط .. أنا مش طنط
ازداد ارتباك "ياسمين" وشعرت بغصه فى حلقها وهى تقول : :
- آسفه قصدى يا ماما
تركتها أم "مصطفى" لتغادر المطبخ وهى تنظر اليا شذراً
.. بعدما انصرف المهنئين من أهله دخلت غرفة المعيشة لتجد "مصطفى" جالساً على اللاب توب منهمكاً .. فقالت له بنبره خافته :
- انت قولت لطنط ايه
رفع رأسه وكأنه تفاجئ بوجودها ثم نظر الى اللاب توب مرة أخرى قائلاً :
- طنط مين ؟
- قصدى مامتك
ترك اللاب توب وهب "مصطفى" واقفاً وقال بحده :
- ااااااه بدأنا.. أمك قالت وأمك عادت .. بصى يا بنت الناس شغل الحموات الفاتنات ده ومشاكل الحريم اللى مبتخلصش أنا مليش فيه .. أنا راجل مش فاضى .. أمى دى تحطي جزمتها فوق راسك .. ومسمعكيش تشتكى منها أبداً ..أهو رسيتك على الدور من أولها يا بنت الناس مش عايز بأه أسمع كلمه تانية فى الموضوع ده
تجمعت الدموع فى عينيها لكنها تماسكت أمامه وقالت :
- أنا ما قولتش حاجه أنا بس كان قصدى أقول ...
- لا تقولى ولا تعيدي .. أنا راجل البيت وأنا اللى أقول .. خلاص
عاود الجلوس مرة أخرى على الأريكة والتفت لللاب توب .. وقفت قليلاً ثم انصرفت ودخلت غرفة النوم تجلس على الفراش وتفكر ..قالت لنفسها (ايه يا ياسمين .. هى مش هتتظبط بأه .. هو من جهه ومامته من جهه .. أعمل ايه بس ياربى .. أنا لا بحب المشاكل ولا بطيقها .. يارب أنا مليش غيرك .. أصلح ما بيني وبين زوجى وأمه )
فى اليوم التالى أعدت "ياسمين" طعام الغداء وحاولت التنويع فى الأصناف وزينت الأطباق بطرق جميله وجذابه .. كانت"ياسمين" تحاول التأقلم على حياتها الجديدة ومحاولة كسب زوجها الذى أصبح جنتها ونارها .. وضعت الطعام على طاولة الطعام مع لمساتها الرقيقه فى التزيين .. دخلت لتنادى "مصطفى" القابع خلف شاشة حاسوبه .. قالت بإبتسامه رقيقه :
- "مصطفى" الغدا جاهز
نهض "مصطفى" والفت الإثنان حول طاولة الطعام .. نظر "مصطفى" الى الأطباق المرصوصه أمامه وقال بشئ من السخريه :
- هو ده بأه اللى أخرك فى عمايل الغدا
ابتسمت "ياسمين" قائله بسعادة :
- كنت دايما بدخل على النت وبتعلم ازاى أزين الأطباق بالشكل ده وكنت بتمنى انى أطبق اللى اتعلمته فى بيتي أما أتجوز .. عجبك ؟
بدأ فى الأكل وقال بلا مبالاة والطعام فى فمه :
- بصرحه مليش فى الجو ده .. يعني حاسس انه ملوش لازمه تعبتى نفسك على الفاضى .. كده كده الأكل هيتاكل سواء ذوقتيه كده أو مذوقتيهوش
صدمت "ياسمين" بكلامه وشعرت بالإحباط .. لكنها تذكرت عهدها مع نفسها بألا تدع اليأس يتغلب عليها ويتمكن منها .. تذكرت عزمها على انجاح زواجها وكسب زوجها لتنال رضى ربها .. أمسكت ملعقتها وأخذت بتناول الطعم ..حانت منه التفاته اليها فتلاقت نظراتهما فشعرت بالخجل وأطرقت برأسها تنظرالى طبقها .. فقال "مصطفى" :
- انتى على طول أكلك أكل عصافير كده .. لا أنا مبحبش النظام ده .. أنا مبحبش الست الرفيعه وشغل الرجيم والتنتفه فى الأكل .. أنا عايزك تملى شويه
قالت دون أن تنظر اليه :
- أنا مش بعمل رجيم ولا حاجه .. أنا أكلى كده .. مش بعرف أكل كتير
- لا تتعودى ... الست لازم تسمع كلام جوزها .. أما أقولك عايزك تتخنى يبقى لازام تتخنى يا اما هبص بره
وقعت كلماته كالصاعقة على رأسها .. ألا يكفيها ما تلاقيه منه منذ أول يوم .. لم تتخيل أبدا أنها ستسمع زوجها بعد ثلاثه أيام من زواجها يهددها بالنظر الى غيرها .. قد شعرت بشي من المهانه لكنها تماسكت قائله :
- أصلا اللى انت بتقوله ده يغضب ربنا قبل ما يزعلنى
- وحياة أبوكى بلاش فزلكه
- قول لا اله الا الله
- ليه بأه ؟
- عشان حلفت بغير ربنا
قال "مصطفى" بسخرية :
- شكلى اتجوزت شيخه و أنا معرفش
قالت بهدوء :
- لا شيخه ولا حاجه بس دى حاجه معروفة
قال "مصطفى" بغضب :
- يعني أنا جاهل و مبفهمش
ارتبكت قائله :
- أنا ما قولتش كده
هب واقفاً وصاح قائلاً :
- ولا تقدرى أصلا تفكرى تقولى كده .. شكلها هتبقى جوازه هم من أولها ..مش واكل اطفحى لوحدك
تركها وانصرف .. لم تشعر "ياسمين" الا والعبرات تتساقط على وجنتيها فى صمت
فى المساء أعدت كوب من الشاي .. رصت فى طبق صغير كيك وبسكويت أعدته بيدها .. وأقبلت على غرفة المعيشة تحتسب فى سرها أجر ارضاء زوجها وحسن التبعل له .. وضعت على المنضده بجوار الصنيه الصغيره .. فالتفت اليها قائلاً :
- تسلم ايدك
ابتسمت"ياسمين" واعتبرتها بداية مبشرة ..عاود النظر الى اللاب توب أمامه .. حاولت "ياسمين" فتح حوار معه قائله :
- بتعمل ايه ؟
قال دون أن ينظر اليها :
- عادى .. بكلم واحد صحبى
- مش هتدوق الكيك أنا اللى عملاه
التفت وأخذ قطعه قطم منها ثم قال :
- حلوة أوى تسلم ايدك
ابتسمت قائله :
- بالهنا والشفا
ران الصمت عليها .. نظرت اليه وسألته فجأة :
- "مصطفى" انت ليه اتجوزتنى ؟
التفت اليها وقال فى دهشة :
- يعني ايه ليه اتجوزتك
- يعني ليه اتجوزتنى .. الجواز بالنسبه لك بيمثل ايه ؟
أخذت رشقه من كوب الشاى الموضوع بجواره ثم قال :
- الجواز يعني يبقى عندى بيت وزوجة وولاد
نظرت اليه قائله :
- بس كده ؟
ضحك قائلاً :
- وهو في ايه غير كده
تسلل الحزن الى قلب "ياسمين" تمنت لو سمعت منه كلاماً آخر يعطيها دفعه أمل وحماسه لبذل نفسها من أجل انجاح زواجها ..الزواج بالنسبه لـ "ياسمين" لا يمثل مجرد بيت وزوج وأولاد فقط .. بل يمثل كيان يضيف للمجتمع ويخدمه .. أرادت زوجاً يأخذ بيدها ويعينها على التقرب من ربها .. أرادت زوجاً يكن سنداً لها ودعامة ترتكز عليها .. أرادت زوجاً يعرف واجباته قبل حقوقه .. أرادت زوجاً يعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم "رفقاً بالقوارير" .. أرادت زوجا يحثها على ألا تترك وردها .. أرادت زوجا تشاركه اهتماماته ويشاركها اهتماماتها .. أردت زوجاً يكن الحضن الدافئ لها فى ليالى الشتاء البارده .. أرادت زوجا تترك عبراتها تنساب أمامه ليمسحها بكفه بحب وحنان .. أرادت زوجا تبثه مشاعرها وعواطفها التى أغلقت عليها ولم تتركها مهانه ومتاحه لأى رجل غيره .. أرادت زوجا ليس جافا فى اسلوبه او حديثه وانما الفاظ الحب والمودة تعرف طريق لسانه .. أرادت زوجا تشاركه بناء مستقبل أبنائهما واعداد رجال يضيفون للمجتمع .. أرادت زوجا تشعر معه بالسكينه والموده والرحمه وان تكون قرة عينه ويكون قرة عينها ..أفاقت من شرودها على صوت هاتفها المحمول فنهضت لترد عليه انسابت عبراتها فى صمت وهى تتحدث الى أختها التى اشتاقت اليها بشده
****************************
كانت "نانسي" جالسه برفقه "عمر" بالمستشفى فلم تتركه طيلة الأيام الماضية .. تهتم به وتعمل على اراحته .. كان "عمر" مسرورا بهذا التغيير الذى طرأ عليها .. لكنه كان محتاراً هل موت والدها هو السبب فى هذا التغيير ؟ هل تهتم لأمره فعلاً ؟ هل تغيرت وتخلت عن استهتارها وعدم تحملها للمسؤليه .. هو يرى تصرفاتها وكلامها وكأنه يتحدث الى "نانسي" أخرى وكان سعيداً بهذا التغيير الا أنه كان يشعر بالريبة وعدم الطمأنينة .. فى اليوم الخامس بدأ "عمر" يشعر بالضجر من بقاءه حبيساً داخل هذه الجدران الأربعه فلم يعتاد المكوث هكذا بلا حراك وبلا شئ يفعله .. تحدث مع الطبيب الذى سمح له بالإنصراف مع اعطاءه تعليمات مشدده بالراحة والالتزام بالدواء فى موعده .. وصل الى الفيلا بصحبة والده ووالدته و "كرم" ونانسي" و "أيمن" الذى حضر للإطمئنان على صحة صديقه .. تركهم "عمر" يتحدثون معا وطلب من "نانسي" اللحاق به فى مكتبه بالفيلا .. دخلت"نانسي" وهى تشعر بالقلق .. أغلق الباب ووقف أمامها ينظر اليها فى صمت .. قالت "نانسي":
- خير يا "عمر" فى حاجه حصلت
- ايوة
- فى ايه طمني
صمت قليلا وهو يراقب تعبيرات وجهها ثم قال بصوت هادئ :
- الدكتور قالى ان مستحيل دراعى يرجع طبيعي تانى وانى هعانى من شلل دائم
اتسعت عينا "نانسي" وحاولت التماسك قائله :
- بس انت قولتلى ان الدكتور قال غير كده
- ايوة قالى انه اضطر يقول كده لاني كنت لسه خارج من العمليات ومحبش يصدمنى وخاف ده يأثر عليا فستني لحد ما ما أفوق من صدمة الحادثه
ابتلعت ريقها قائله :
- وبعدين هتعمل ايه ؟
- مش هعمل حاجه .. ده قضاء ربنا وأنا راضى بيه واساسا مفيش فى ايدى حاجه اعملها
ثم أطرق برأسه وتنهد قائلاً :
- بس مش دى الحاجه الوحيدة اللى تعبانى
- أمال فى ايه اكتر من كده ؟
- المزرعة .. انتى عارفه المشاكل اللي كانت فيها للأسف يا "نانسي" الشركة اللى كنا متعاقدين معاها عرفت بمشكلة المحصول وطالبونا بفلوسهم وبالشرط الجزائي وخسرت خسارة كبيرة أوى
قالت بتوتر :
- خسرت أد ايه يعني ؟
- نسبة كبيرة من الأسهم بتاعتى فى الشركة اضطريت أبيعها لـ "كرم" عشان ألاقى سيوله أدفعها للناس
- طيب و"كرم" مش المفروض انه معاك فى الخسارة دى
- لأ .. المزرعة بتاعتى مش بتاعة الشركة يعني ادارتها وأرباحها خاصيين بيا أنا .. "كرم" ملوش علاقه بيها وعشان كدة الخسارة عليا لوحدى
شعرت "نانسي" بالضيق الشديد لكنها انتبهت لنظرات "عمر" التى تتفرس فيها فرسمت ابتسامه بصعوبة على شفتيها قائله :
- ولا يهمك يا حبيبى بكرة كل حاجه تتعوص .. وأهم حاجه اننا مع بعض
نظر لها بشك قائلا :
- يعني مش هتسبيني رغم كل اللى قولتهولك .. خسارتى و اصابة ايدي
- لأ طبعا يا "عمر" مش هسيبك
اتسعت ابتسامة "عمر" قائلاً :
- طمنتيتى كنت خايف أوى
- انا تقولت لوالدك ووالدتك على اللى حصل
- لأ لسه ما قولتلهمش .. اللى يعرف بس "أيمن" و "كرم"
- طيب يا حبيبى يلا نخرج عشان زمانهم منتظرينا بره
خرجا الاثنان وفى داخل "نانسي" غضب هادر .. التف الجميع حول طاولة الطعام .. كانت "نانسي" شارده واجمة لكنها حاولت التظاهر بالإندماج معهم فى الحديث .. بعد العشاء وجدت "أيمن" يقف خارج الفيلا يتحدث فى هاتفه وبعدما انهى حديثه التفت ليعود الى الداخل لكنه وجد "نانسي" خلفه تبتسم اليه قائله :
- ازى خطيبتك أخبارها ايه
- كويسة الحمد لله
- مش ناوى تعرفنا بيها ولا ايه
- اكيد طبعا فى اقرب وقت ان شاء الله
صمتت قليلا ثم قالت :
- زمانك أكيد مضايق دلوقتى من اللى حصل
فسألها "أيمن" مستفهماً :
- ايه اللى حصل ؟
نظرت اليه "نانسي" تراقب ردود أفعاله قائله :
- المزرعة .. بتاعة "عمر"
كان لديها شك بأن "عمر" يكذب عليها وأرادت التأكد ...سادت لحظة صمت .. تنهد أيمن " بحسره ثم أطرق برأسه قائله :
- قدر الله وما شاء فعل .. "عمر" ميستهلش الخسارة ... بس أكيد ربنا بيحبه وهيعوضه باللى أحسن منها
قالت بإندهاش :
- بيحبه ليه عشان خسر خساره كبيره
نظر اليها "أيمن" فى صمت .. ثم قطعه قائلا :
- بكرة تعرفى ربنا بيحبه ليه
ثم تركها مندهشه تفكر فيها قال ودلف داخل الفيلا
***********************
أعدت "ياسمين" حقيبة "مصطفى" بعناية فائقه .. أرادت أن يشعر بالإختلاف بعدما دخلت حياته .. أغلقت الحقيبة ووضعتها بجوار الباب .. أنتهى من ارتداء ملابسه وصفف شعره .. ابتسمت له قائله :
- تروح وترجع بالسلامة
- ان شاء الله .. انا هغير معاد اجازتى الجاى يعني بدل ما هغيب 3 اسابيع هغيب شهر .. تمام كده المعاد مناسب ؟
شعرت "ياسمين" بالخجل وأطرقت رأسها .. توجه الى الباب وحمل حقيبته وقال :
- متفتحيش لحد متعرفيهوش .. وخلى بالك من الغاز اقفليه كويس قبل ما تنامى
- حاضر .. بس كنت عايزه أطلب منك طلب يا "مصطفى"
- خير
- بما انك يعني هتغيب شهر وأنا هنا اعده لوحدى فلو سمحت ممكن أروح أعد عند بابا
التفت اليها قائله بحده :
- ليه تعدى عند أبوكى ملكيش بيت ؟
- لأ ليا .. بس انت هتغيب شهر
- ولو .. حتى لو هغيب سنه تفضلى اعده في البيت ..
- بس انا هستفاد ايه لما اعد فى البيت لوحدى ..
- تستفادى انى عايز كده انا مسمحش مراتى تتنطط فى كل بيت شوية .. اركزى فى بيتك .. يا اما تروحى تعدى عند امى
قالت "ياسمين" وهى تشعر بالضيق :
- انا مش هرتاح عند طنط .. مش هبقى واخده ارحتى هناك عشان باباك
- خلاص يبقى تعدى فى بيتك واختك وابوكى عايزين ييجى يزوروكى اهل وسهلا لكن انتى تروحى هناك وانا مسافر لأ
نظر اليها ثم قال :
- سمعتى
شعرت بالغضب لكنها كبحت جماح نفسها وقالت :
- سمعت
- يلا سلام
- مع السلامة
أغلقت الباب وأغمضت عينيها وتنهدت بحسرة ...
مر الشهر عليها ببطء شديد كانت "ريهام" تأتيها يوميا بعدما تنهى كليتها تجلس معها ساعة أو اثنتين ثم تنصرف لتتركها وحيده حزينة حبيسه تلك الجدران التى مازالت تراها غريبه عنها ولا تستطيع أن تألفها وتعتادها .. لا يسليها الا زيارات "سماح" و "ريهام" والتحدث معهما على الهاتف .. فى يوم وصول "مصطفى" من السفر اتصل ليخبرها بأنه سيصل فى المساء .. فرحت كثيراً لعودته فعلى الأقل ستجد من يونس وحدتها .. أرادت أن تبدأ حياتها كزوجة وأن تستمر فى محاولة كسب قلب زوجها كانت تشعر بالكثير من الحماس والتفائل فهى تعلم جيداً أن الزوجة الذكية تستطيع تحويل بيتها الى جنه وتستطيع أن تحصل على كل ما تريد اذا استخدمت ذكائها ووجته بطريقة صحيحه .. كانت والدتها تنصحها دائماً بكيفية العناية بنفسها وبيتها و كيف تكون زوجة ناجحة مطيعة لزوجها وفائزة برضا ربها .. فى هذا اليوم استيقظت مبكراً وأعدت ما يحبه "مصطفى" من طعام ررتبت البيت ونظمته .. فتحت دولابها لتختار فسان أحمر من الستان الرقيق وضعته على الفراش وهى تنظر اليه فى سرور .. كانت قد انهت الكثير من الأعمال عندما رن جرس هاتفها فى منتصف النهار وجدت رقماً غريباً فردت قائله :
- السلام عليكم
أتاها صوت أنثوى قائلا :
- وعليكم السلام
- أيوة .. مين حضرتك
- انا واحدة متعرفيهاش
شعرت "ياسمين" بالدهشة و قالت :
- طيب اسمك ايه ياللى معرفكيش
اتاها الصوت الأنثوى بعد لحظة صمت :
- اسمي "نهلة"
***************************
كان "كرم" يشاهد احدى المباريات فى منزله عندما رد جرس هاتفه فرد قائلا :
- ألو
- ألو .. أيوة يا "كرم" ازيك
- مين معايا ؟
- ايه مش عارف صوتى
- لا مش واخد بالى
- أنا "نانسي"
اعتدل "كرم" فى جلسته قالاً :
- آه "نانسي" ازيك
- تمام ازيك انت
- بخير الحمد لله .. خير "عمر" كويس
- معرفش .. أنا مش بكلمك بخصوص "عمر"
- أمال خير فى ايه
- بصراحة يا "كرم" أنا عايزة أتكمل معاك شوية بس ... مينفعش فى التليفون .. لازم أشوفك
صمت "كرم" قليلا ثم قال :
- أنا فى البيت دلوقتى ومش هعرف أنزل .. تحبي تيجي نتكلم براحتنا
- اوك .. اديني العنوان
أعطاها "كرم" العنوان ثم قال :
- أدامك أد ايه ؟
- مش هتأخر ساعة بالكتير
- خلاص مستنيكي
- سلام
- سلام
بعد مرور ساعة ونصف طرقت "نانسي" الباب .. ففتح "كرم" ابتسمت له وقالت :
- اوعى أكون اضايقت من زيارتى
بادلها "كرم" الابتسامه قالئ :
- لا طبعا ده انت نورتيني .. اتفضلى
دخلت "نانسي" وهى تنظر لما حولها قائله :
- بيتك يجنن يا "كرم"
- من ذوقك يا "نانسي" .. تشربي ايه
نظرت الى عينيه وابتسمت قائله :
- اختارلى انت
أحضر "كرم" كوبا من العصير وعاد ليجدها واقفة فى منتصف الردهة تنظر الى احدى اللوحات قدم لها العصير قائلا:
- اتفضلى
- أخذت الكوب ووضعته على منضده صغير ثم قالت :
- "كرم" أنا فى حاجه عايزة أقولهالك ومش عارفه أبدأ منين
- خير يا "نانسي" قلقتيني
- لا مش حاجه مقلقة
- أمال ايه
اقتربت منه وارتسمت ملامح الحزن على وجهها قائله :
- خايفة تفهمنى غلط
- لا قولى وأنا مش هفهمك غلط
- "كرم" أنا حسه انى مشاعرى اتغيرت ناحيه "عمر" .. حسه انى أصلا عمرى ما حبيته .. وعمرى ما عرفت أحبه .. لأنه مش الإنسان اللى اتمنيته طول عمرى .. أنا اتمنيت واحد تانى خالص .. من يوم ما شوفته وأنا عرفت ان هو ده الانسان اللى بتمنى ارتبط بيه
صمتت قليلا ثم اقترابت منه قائله :
- أنا بحبك انت يا "كرم"
ظهرت علامات الدهضة على وجه "كرم" ثم قال :
- "نانسي" انتى مدركه للى بتقوليه
- ايوة يا "كرم" أنا مقدرتش أخبي مشاعرى أكتر من كده .. أنا مبحبش "عمر" .. وبحبك انت .. وحسه ان انت كمان معجب بيا نظراتك بتقول كده
صمتت قليلا ثم قال :
- منكرش اللى قولتيه بس "عمر" هنعمل معاه ايه
قالت بسرعه :
- مش لازم يعرف بعلاقتنا دلوقتى .. أنا هخترع اى حجه وافسخ خطوبتى .. وبكره "عمر" ينساني .. وساعتها نرتبط احنا الاتنين
نظرت له قاله بنعومه :
- قولت ايه يا "كرم".. عايزنى ولا لأ .... ؟
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
كانت قد انهت الكثير من الأعمال عندما رن جرس هاتفها فى منتصف النهار وجدت رقماً غريباً فردت قائله :
- السلام عليكم
أتاها صوت أنثوى قائلا :
- وعليكم السلام
- أيوة .. مين حضرتك
- انا واحدة متعرفيهاش
شعرت "ياسمين" بالدهشة و قالت :
- طيب اسمك ايه ياللى معرفكيش
اتاها الصوت الأنثوى بعد لحظة صمت :
- اسمي "نهلة"
ثم ساد الصمت مرة أخرى .. فقطعته "ياسمين" قائله :
- حضرتك تعرفينى ؟ وجبتى رقمى منين ؟
- لأ معرفكيش معرفة شخصية .. أما جبت رقمك منين فأنا جبته من موبايل جوزك
قالت "ياسمين" بدهشة :
- "مصطفى" ؟
- ايوة "مصطفى"
قالت "ياسمين" بنفاذ صبر :
- لو حضرتك ما قولتيش عايزة ايه أنا هقفل
- اللى عايزاه هو انك تعرفى جوزك على حقيقته .. لو قولتلك ان جوزك خانك وبيخونك تصدقيني ؟
قالت "ياسمين" ببرود وقد شعرت بالخوف يدب فى أوصالها :
- لا طبعاً مش هصدقك .. مع السلام ومتتصليش بيا تانى
انهت "ياسمين" المكالمة وهى تفكر من هذه الفتاه . وما مصلحتها فى الإيقاع بينها وبين زوجها .. وما هى إلا لحظات حتى رن الهاتف مرة أخرى لكن هذه المرة صوت نغمة الرسائل .. وجدت رسالة من نفس الرقم فتحتها وهى تشعر بالتوتر وقرأتها :
( كنت متوقعة انك مش هتصدقيني ده ايميل وباسوورد بتاع أكاونت جوزك على الفيس بوك ادخلى واقرأى رسايل بينه وبين nona star )
ازدادت خفقات قلبها وحاولت تجاهل الرسالة وطرد هذه المحادثة من رأسها .. أكملت عملها بنصف عقل ..ماذا لو كانت الفتاة صادقة ؟ .. لماذا لا تلقى نظرة لتتأكد مما قالت ؟ بالتأكيد هذه دعابة سخيفة أو شخص حقود أراد الوقيعه بينها وبين زوجها ... لا يمكن أن يكون "مصطفى" بهذه الصورة البشعة ؟ لا يمكن أن تكون هذه هى أخلاق زوجها .. لن تسمح للشك بأن يدخل قلبها .. حاولت اقناع نفسها بكل ذلك لكن الفضول كان قد تملك منها فتركت المطبخ مسرعة وتوجهت الى الحاسوب القابع فى أحد أركان غرفة المعيشة .. فتحت المتصفح وأدخلت الايميل والباسوورد وأغمضت عينيها وهى تقول لنفسها (دى أكيد واحدة كدابة .. أكيد كدابة) ..فتحت عينيها لتصطدم بصورة زوجها مصغرة .. ضغطت على اسمه لتجدها فعلا صورته .. ارتجف قليها بشدة تطلعت الى بياناته .. نعم هى بيانات زوجها .. أسرعت بالدخول الى الرسائل والبحث عن الإسم الموجود فى الرسالة بأصابع مرتجفة .. جحظت عيناها من هول ما رأت .. وضعت كفها على فمها وكأنها تكتم صرخة كادت أن تخرج من أعماق قلبها المطعون .. جالت بعينيها فى الحوار الذى أقل ما يوصف به هو البذاءه .. كانت تنظر الى الحوار ثم تلقى بنظرها الى التاريخ .. أدركت أن هذه الفتاة ليست مجرد ماضى فى حياة زوجها بل موجودة فى حاضره أيضاً فتاريخ آخر محادثة بينهما قبل يومين فقط .. يتواعدان باللقاء فى مكانهما المعتاد
!! .. لم تشعر إلا بالدموع وهى تنساب ساخنة على وجنتيها فى صمت .. شعرت بالغثيان فأغلقت الشاشة بسرعة فلم تعتاد مثل هذه البذاءات .. دخلت الحمام مسرعة لتريح معدتها التى تقلبت عليها بشدة .. نظرت الى وجهها فى مرآة الحمام فترة طويلة مصدومة مطعونة مجروحة .. غسلت وجهها وأسرعت الى غرفة النوم ارتدت ملابسها وأخذت حقيبتها وهاتفها وأسرعت بمغادرة البيت .
**************************
((فلاش باك قبل ساعتين من الآن))
- "نانسي" انتى مدركة للى بتقوليه
- ايوة يا "كرم" أنا مقدرتش أخبي مشاعرى أكتر من كده .. أنا مبحبش "عمر" .. وبحبك انت .. وحسه ان انت كمان معجب بيا نظراتك بتقول كده
صمتت قليلا ثم قال :
- منكرش اللى قولتيه بس "عمر" هنعمل معاه ايه
قالت بسرعه :
- مش لازم يعرف بعلاقتنا دلوقتى .. أنا هخترع اى حجه وافسخ خطوبتى .. وبكره "عمر" ينساني .. وساعتها نرتبط احنا الاتنين
نظرت له قاله بنعومه :
- قولت ايه يا "كرم".. عايزنى ولا لأ .... ؟
صمت "كرم" وصمتت "نانسي" منتظره جوابه ... عندها جحظت عيناها بشدة وهى تنظر الى نقطة ما خلف "كرم" التفت "كرم" ليلقى نظره على صديقه ثم ينظر الى "نانسي" مرة أخرى قائلا بصرامة :
- متخلقتش البنت اللى تخليني أخون أخويا وصاحبي عشانها .. ده ردى يا "نانسي"
قال ذلك ثم حمل معطفه وفتح باب البيت وخرج ...ران الصمت طويلا .. كانت "نانسي" فى موقف لا تحسد عليه حاولت تشغيل عقلها لتبحث عن مخرج لهذا المأذق .. تقدم "عمر" منها ووقف أمامها وترك مسافة بينهما ونظر اليها قائلاً :
- على فكرة أنا ايدي ان شاء الله هترجع طبيعيه تانى .. مش هتشل زى ما قولتلك
نظرت اليه بدهشة فأكمل قائلاً :
- والمزرعة الحمد لله بفضل الله ثم "أيمن" قدرنا ننقذ جزء كبير جدا من المحصول والطلبيه هتتسلم فى معادها وبالجودة اللى اتفقنا عليها كمان
ازدادت دهشتها فعقد لسانها ولم تستطيع التفوه ببنت شفه .. فأكمل "عمر" بشراسه هو يرمقها بنظرات نارية :
- ده كله كان اختبار ليكي .. ومش بس فشلتى فى الاختبار .. انتى فشلتى وبجداره انك تكونى انسانه محترمة .. أقصى حاجه توقعتها هو انك تسبيني و تفسخى الخطوبة أو تماطلى فى الجواز أو تقبلى وانتى غاصبه على نفسك ومضطره .. لكن مكنتش متخيل أبداً انك بالقذاره دى .. بس دى مش غلطتك دى غلطتى أنا لأنى كنت أعمى البصر والبصيرة لما اخترت واحدة زيك .. انتى كبيرك أوى يا "نانسي" تتصاحبي أو يتخرج معاكى أو تتحبيلك يومين لكن جواز لأ ملكيش فيه .. لو أطول أرجع الفترة اللى فاتت وأشيل صورتك واسمك من حياتى كنت عملت كدة .. بس للأسف مش هقدر ومضطر انى أتحمل انك تكونى ذكريات سيئة فى حياتى .. انا عرفت بديون والدك وعرفت واتأكدت ان كل اللي جذبك ليا هو انى غني وهنقذك انتى وعيلتك المحترمة من اللى انتوا فيه .. يعني كنتي مستعدة تتجوزى واحد لا بتحبيه ولا عايزاه .. بس عشان فلوسه .. عارفه بنات الليل اللى بيبعوا نفسهم عشان الفلوس انتى فى نظرى زيهم بالظبط متفرقيش حاجه عنهم .. اوعى تكونى فاكرة انى حبيتك .. لأ .. أنا حبيت صورة نضيفه فى خيالى فضلت معايا طول عمرى للبنت اللى أحب أرتبط بيها وحاولت انى أخليكي زيها بس كان لازم أفهم من الأول انى هفشل .. لأن مستحيل الوردة اللي مرميه على الأرض واللى بيدوس عليها الناس برجليهم أقدر أنضفها وأخليها ترجع تانى وردة جميلة الناس تحب تشتريها ..
خلع دبلته وألقى بها على الأرض أمام قدميه ثم قال :
- ده مقامك .. يلا اتفضلى ومش عايز أشوف وشك تانى فى أى مكان .. ولو حاولتى تتصلى بيا أو تتكلمى معايا هخليكي بجد تندمى على اليوم اللى عرفتيني فيه.
كانت "نانسي" تشعر بذل ومهانه لم تعتدهما من قبل .. أطرقت برأسها وتوجهت الى الباب فتحه ثم خرجت ..مرت على "كرم" الذى كان ينتظر فى الردهة أمام باب الشقة فنظر اليها نظرة احتقار ثم تركها ودخل الى بيته .. أقبل على صديقه وربت على كتفه قائلا :
- انت كويس يا "عمر"
نظر اليه "عمر" وقال بهدوء :
- ايوة كويس ما تقلقش
- دى واحدة بنت تيييييييييييت اوعى تزعل عليها
- لأ أنا مش زعلان عليها أنا زعلان انى كنت غبي للدرجة دى
- هون على نفسك محدش بيتعلم ببلاش .. المهم انك خلصت منها قبل ما تتجوزوا والفاس تقع فى الراس
- حتى لو كنت اتجوزتها واكتشفت حقيقتها كنت هطلقها فورا .. أنا مستحيل أعيش مع واحدة زى دى
- خلاص انسى ومش عايزين نتكلم عنها تانى .. متستهلش أصلا اننا نجيب فى سيرتها .. ويلا عشان عازمك على أحلى أكلة سمك وجمبرى ولو قولتلى ملكش نفس هاخدك معايا غصب عنك
ابتسم له "عمر" قائلا :
- بتهرج .. سمك وجمبرى وأقولك مليش نفس .. ليه هوأنا عبيط
ابتسم "كرم" وجذب صديقه من ذراعه وتوجه الى الباب قائلا :
- قولتلك من الأول بلا جواز بلا قرف مصدقتنيش .. أهو هما الستات كدة مبيجيش من وراهم غير وجع الدماغ
*********************
فتحت "ياسمين" باب بيت والدها بمفتاحها ودلفت الى الداخل هب والدها و"ريهام" واقفان وينظران اليها فى لوعه .. قال والدها :
- خير يا بنتى مالك فى ايه
جلست "ياسمين" على أول مقعد وجدته وانخرطت فى بكاء هستيري .. أسرعت "ريهام" بإحضار كوب من الماء لها وقالت لها :
- حبيبتى اهدى اشربي ده واهدى
أمسكت "ياسمين" الكوب بأصابع مرتجفة ورشفت منه رشفه واحدة وأبعدته عنها ..وقف والدها أمامها ووضع يده على رأسها يقرأ آيات من كتاب الله ..بعدما هدأت حدة بكائها قال بقلق :
- خير يا بنتى ايه اللى حصل احكيلي
قصت عليه "ياسمين" كل ما حدث .. ران صمت طويل ثم قال :
- لا حول ولا قوة الا بالله
رفعت "ياسمين" نظرها الى والدها وقالت بصوت مرتجف :
- بابا أنا عايزة أطلق
نظر اليها "عبد الحميد" ثم هتف قائلا :
- معندناش حاجة اسمها طلاق انتى عايزه تفضحينا
وقفت "ياسمين" فى مواجهته وهتفت باكية :
- أنا مستحيل أقدر أعيش مع واحد زانى زى ده .. دى مش بس علاقة قديمة لأ ده خنى يا بابا وأنا لسه عروسة
- مينفعش اللي بتقوليه ده الناس تقول ايه لما يلاقوكى اطلقتى وانتى مكملتيش شهر جواز
هتفت فى غضب :
- يقولوا اللى يقولوه أنا مش هسامح حد يتكلم عنى ربع كلمة وهقتص منهم يوم القيامة .. لكن أنا مستحيل أعيش مع راجل حقير زى ده بس عشان خايفة من الناس
هتف "عبد الحميد" فى غضب :
- قولتلك مفيش حاجة اسمها طلاق .. الموضوع هيتحل ان شاء الله
- هيتحل ازاى يا بابا بقولك جوز بنتك زانى وخاين ومبيراعيش حرمات ربنا ازاى أأمن على نفسي معاه
- هتصل بيه واجيبه هنا وأخليه يوعدنى ان اللى حصل ميتكررش تانى
استجدته قائله وهى تبكى :
- بابا ارجوك أنا مش عايزة أرجعله تانى .. أرجوك يا بابا متعملش فيا كدة .. مش هقدر أعيش معاه أبدا
صاح فى غضب :
- قولتلك انسى موضوع الطلاق
ذهب الى غرفته وأحضر هاتفه واتصل على "مصطفى" :
- ألو ازيك يا عمى
- أيوة يا مصطفى منتظرك فى البيت تعالالى
- خير يا عمى فى حاجه .. "ياسمين" كويسة
- أما تيجي هتعرف ..أدامك أد ايه
- نص ساعة وأوصل القاهرة
- خلاص مستنيك
- سلام
جلست "ريهام" بجوار أختها وأخذتها فى حضنها .. دخل والدها الى غرفته وتركها .. هبت واقفة فجأة وأحضرت هاتفها واتصلت .. سألتها أختها :
- هتكلمى مين .. "مصطفى " ؟
دخلت "ياسمين" الى حجرتها القديمة وأغلقت الباب ..رد الطرف الآخر :
- ألو
- السلام عليكم ازيك يا ماما
- وعليكم السلام
قصت "ياسمين" على والدة "مصطفى" ما حدث بالتفصيل ثم قالت :
- يرضيكي يا ماما اللي حصل من "مصطفى" ده
قالت أمه فى غضب :
- ايه اللي انتى بتقوليه ده .. أنا ابنى "مصطفى" متربى أحسن تربيه
- بقول لحضرتك شوفت كلامهم مع بعض بعيني كل حاجة كانت واضحة انهم اتقابلوا من يومين وكلامهم مع بعض كان بطريقة بشعه جدا مش طريقة واحد محترم أبدا
صاحت أمه قائله :
- لا بقولك ايه .. احترمى نفسك والزمى حدودك ابنى متربي ومحترم غصب عنك وعن أهلك .. وحتى لو كان عمل كدة فيها ايه راجل وغلط ومحدش معصوم من الغلط .. وبعدين ما انتى السبب .. لو كنتى بنت عدله زى بقيت البنات مكنتيش خليتى جوزك يبص لبره .. انتى اللى معرفتيش تملى عين ابنى ..امشي ارجعى بيتك قبل ما جوزك يوصل .. وحسك عينك تخرجى من البيت بعد كدة الا بإذنه انتى فاهمة ولا لأ
كظمت "ياسمين" غيظها لأنها مهما كانت فهى سيدة كبيرة فى السن وقالت :
- مع السلامة يا ماما مضطرة أقفل دلوقتى
أنهت المكالمة وبكت فى أسى
*********************
جلس الصديقان فى انتظار احضار الطعام عندما رن هاتف "عمر" فرد قائلاً :
- ألو .. حماتك بتحبك
ضحك "أيمن" قائلا :
- عارف .. بس ليه
- عشان احنا دلوقتى أعدين منتظرين أكلة سمك وجمبرى انما ايه فى الجووون
- من غيري يا أندال
- أما تيجي القاهرة نبقى نطلع تانى سوا
- أنا فى القاهرة .. قولى انتوا فين .. ولو حد مد ايده على الأكل قبل ما أجى هحط السيخ المحمى فى صرصور ودنه
ضحك"عمر" قائلا :
- طيب هنستناك
**********************
بعد ساعة ونصف حضر "مصطفى" الى بيت والدها تركتهم "ياسمين" يتحدثون معا ودخلت هى و "ريهام" غرفتهما .. وقفت "ياسمين" خلف الباب تستمع الى الحوار .. دار الحوار فى اتجاه لم ترضاه أبداً .. عاهد "مصطفى" والدها بأنها غلطة ولن تتكرر أبداً وطلب منه أن يسامحه على ما بدر من فى حق ابنته .. أغلظ عليه والدها فى القول ثم لان بعد ذلك لكى يتم حل الموضوع واحتواء المشكلة .. قام "عبد الحميد" ودخل الحجرة وطلب من "ياسمين" أن تعود مع زوجها الى بيته .. قبلت "ياسمين" يده وقالت له باكيه :
- أرجوك يا بابا مش عايزاه مش عايزه أرجع معاه البيت
- انتى تسمعى اللى أقولك عليه .. خلاص هو اعتذر ومش هيحصل منه حاجة تضايقك تانى هو وعدنى
- بس أنا مش ممكن أسامحه ..أنا بحتقره أوى .. أوى
- هى كلمة واحدة اخرجى يلا عشان تروحى مع جوزك
امتثلت "ياسمين" مرغمة لكلام والدها .. وقال لها أمام "مصطفى" :
- بعد كدة أى مشكلة تتحل بهدوء بينك وبين جوزك ومينفعش تخرجى من بيته من غير اذنه .. سمعانى يا "ياسمين"
أطرقت "ياسمين" برأسها وقالت بصوت خافت :
-حاضر
ثم التفت الى "مصطفى" قائلا:
- وانت يا "مصطفى" انت وعدتنى انها غلطة ومش هتتكرر تانى متخربش على نفسك وعلى بيتك
- ان شاء الله يا عمى
عانقت "ياسمين" أختها وسارت خلف زوجها .. تمنت شئ واحد فى هذه اللحظة .. تمنت أن يقبض الله روحها قبل أن تصل الى بيت زوجها .. قكرت فى ذلك ثم استغفرت ربها وظلت تستغفر طول الطريق .. صعدا الى البيت فدخلت الى الحمام وأغلقت الباب وجلست على طرف البانيو تحيط جسدها بذراعيها علها توقف ارتجافة جسدها
سمعت جرس تليفون "مصطفى" .. دخل "مصطفى" الى غرفة النوم وأغلق الباب ورد قائلا :
- أيوة يا ماما
- أيوة يا "مصطفى" طمنى عملت ايه
- خلاص لميت الموضوع وجبتها وجيت البيت
- دى عايزة كسر رقابتها على صدرها .. بص يا "مصطفى" اوعى تسكتلها .. لو سكلها هتركبك بعد كده .. هو فى بنت متربية تعمل اللى هى عملته ده وتفضح جوزها كده .. لو خليت الموضوع يعدى بالساهل كده لا انت ابنى ولا أعرفك .. الراجل اللى ميعرفش يسيطر على مراته يبقى تييييييييييييييت
قال "مصطفى" بانفعال :
- ايه لازمة أم الكلام ده دلوقتى
- أنا بقولك عشان مصلحتك .. لازم تعرفها حدودها من أولها وانها زى الجزمة اللى فى رجلك .. هى هتتنطط على ايه تحمد ربنا وتبوس ايديها وش وضهر انك عبرتها واتجوزتها غيرها مش لاقيه ضفر عريس
- طيب اقفلى دلوقتى
أنهى "مصطفى" محادثته مع أمه .. وعندها خرجت "باسمين" وتوجهت الى غرفة النوم لتجد "مصطفى" أمامها .. أخجرت عباءة للبيت و همت بالخروج مرة أخرج لتغير ملابسها فى الحمام .. مرت بجواره فأمسك ذراعها قائلا :
- استنى هنا
حاولت أن تفلت ذراعها قائله :
- لو سمحت أنا مش عايزة أتكلم دلوقتى
اشتدت قبضته على ذراعها ولطمها على وجهها بقوة وصرخ فيها قائلا :
- ما هو مش بمزاج أهلك .. أما أقولك استنى تستنى
شهقت "ياسمين" من هول الصدمة وبكت بشده .. فأكمل قائلا :
- أنا مش نبهت عليكي متخرجيش من البيت وتروحى لأهلك .. حصل ولا محصلش
كانت "ياسمين" ترتجف من شدة البكاء ومن شدة الخوف فلم تنطق بكلمة
وعندها خلع "كصطفى" حزامه ولف طرفه على يده وأخذ يضربها وبصرخ فيها قائلا :
- راحة تفضحيني عند أهلك .. فاكرانى هسكلتك .. أهم رجعوكى ليا تانى زى الكلبة
ارتمت "ياسمين" على السرير تصرخ وتبكى من شدة الألم .. زاد من قوة ضرباته ولكماته قائلا :
- اخرسى خالص مش عايز أسمع صريخك .. يا اما هموتك فى ايدى النهاردة .. أنا هربيكي وأعلمك يعني ايه تكسري كلمتى
قالت "ياسمين" وسط بكائها :
- حسبي الله ونعم الوكيل فيك .. ربنا ينتقم منك .. انت فاهم الرجولة غلط .. ربنا ينتقم منك
توقف عن ضربها وجذبها اليه قائلا :
- طيب تعالى بأه أفهمك الرجولة صح
نظرت اليه "ياسمين" برعب وكادت أن تسقط مغشياً عليها .. اغمضت عينيها بشدة وناجت ربها بدعاء سيدنا يونس عليه السلام وهو فى بطن الحوت والذى ما دعا به مكروب قط إلا فرج اللّه كربته .. (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)
أخذت ترددها بلسانها وقلبها وعقلها وبكل جوارها ... وفجأة رن جرس الباب وسمعا طرقات عالية علي الباب حتى كاد أن يتهشم .. سب "مصطفى" ثم توجه الى الباب ففتحه ليجد رجل فى وجهه فقال ليه بحده :
- ايوة أفندم
- أنا جارك اللى ساكن أدامك سمعنا صوت صريخ جاى من عندكوا
انفعل "مصطفى" قائلا :
- وانت مالك انت .. مفيش حاجه اتفضل
عندها هبت "ياسمين" واقفة متحملة الألم الذى ينغز فى كل أنحاء جسدها الرقيق ارتدت عباءه تستر بها نفسها وارتدت حجابها بسرعة وخرجت الى الصالة وبمجرد أن وقعت عينا الرجل على وجهها الدامى وعيونها الباكية حتى هتف قائلا :
- لا حول ولا قوة الا بالله انت عملت فيها ايه
هتف "مصطفى" فى غضب :
- وانت مال أهلك انت .. مراتى وأنا حر فيها .. يلا امشي من هنا
قالت "ياسمين" للرجل باكيه :
- أرجوك مشيني من هنا .. أنا عايزة أورح لأهلى .. لو فضلت هنا هيموتنى
صرخ "مصطفى" فيها قائلا :
- امشي ادخلى جوه
نظرت الى الرجل مستجديه اياه ودموعها تختلط بالدماء على وجهها :
- أرجوك امسكه لحد ما أمشي .. أنا عايزه أروح لأهلى
اشتعل غضب الرجل وأمسك "مصطفى" وطوقه بذراعيه قائلا لــ "ياسمين" :
- امشي بسرعة .. وروحى على أى مستشفى اعملي تقرير طبي باللى حصلك
التفت اليه "مصطفى" ليتعارك معه لكن الرجل كان قوى البنية فلم يستطع تخليص نفسه من قبضة ذراعيه .. أسرعت "ياسمين" بهبوط الدرج متحملة ما بها من آلام .. سمعت الرجلين يتعاركان معا فأسرعت الخطى ووجدت سيارة أجرة أمام البيت .. يهم بالانصراف فنادته وركبت بسرعة وهى ترتجف .. نظر الرجل اليها فى لوعه قائلا :
- لا حول ولا قوة الا بالله ايه اللى عمل فيكي كدة يا بنتى
قالت بصوت مبحوح من شدة الصراخ و البكاء :
- لو سمحت وديني علي أى مستشفى
انطلق الرجل فى طريقه وهو يرمقها فى المرأة بنظرات التعاطف والأسى ..وصلت "ياسمين" الى المستشفى ونزلت من السيارة بصعوبة شديدة .. بعد الفحص أخذت تقريرا مفصلاً بالإصابات التى لحقت بها .. وأسرعت بإيقاف سيارة أجرة وتوجهت من فورها الى قسم الشرطة لكى تثبت واقعة الأعتداء بالضرب .. نظر الضابط الى وجهها والإصابات التى لحقت به وطلب منها الجلوس .. جلست وعلامات الالم مرسومة على وجهها وقالت بصوت مبحوح :
:
- لو سمحت عايزة أقدم شكوى
- فى مين ؟
- جوزى
- هو اللى ضربك كده
بكت فى صمت وأطرقت برأسها قائله :
- أيوة
وأخرجت التقرير الطبي وأعطته له .. استمع الضابط لشكواها وكتب محضراً بالواقعة وأعطاها رقم المحضر ونصحها بالبحث عن محامى جيد فى حال ما اذا أرادت رفع قضية بالخلع .. وكان هذا هو ما تنويه "ياسمين" بالفعل .. لن تعود الى هذا الكائن المنعدم الرجوله مرة أخرى .. خرجت من قسم الشرطة لا تدرى أين تذهب .. أتذهب الى والدها ؟ .. فكرت كثيرا وخافت أن يجبرها والدها على العودة الى زوجها مرة أخرى .. فتجهت الى أقرب صديقه اليها .. "سماح"
*************************
شعرت "سماح" بالصدمة عندما فتحت الباب ورأت صديقتها بهذا الشكل وهتفت قائله :
- "ياسمين" مالك فى ايه .. مين عمل فيكي كده ؟
كانت "ياسمين" لا تجد فى نفسها القدرة على الحديث ولا على الوقوف .. ساعدتها "سماح" وأخذتها الى غرفتها .. أقبلت والدة سماح وتفحصت جروحها وندوبها وكدماتها وجلستا تستمعان لما ترويه عليهما وملامح الأسى والألم تعلو وجهيهما .. ذهت والدة "سماح" لتعد شئ ساخن ليهدئ أعصابها وأعطته لها بعدما دخلت فى الفراش ودثرتها "سماح" بالغطاء وجلست بجوارها ترمقها بنظرات التعاطف والشفقة وعينيها تمتلآن بالدموع ..تركت "ياسمين" الكوب من يدها على الكودينوا وقالت ل "سماح" :
- أنا عايزة أتوضا يا "سماح" عايزة أصلى
- العشا ؟
- لأ صليت العشا .. بس حسه انى عايزة أصلى
- طيب يا حبيبتى ارتاحى دلوقتى
قالت وهى على وشك البكاء :
- لأ عايزة أصلى .. حسه انى مخنوقة ومش قادرة آخد نفسي .. الصلاة هتريحنى
ساعدتها لتنهض وتتوضأ ثم عادت وجلست على الفراش فلن تتمكن أبداً من الصلاة واقفة تركتها "سماح" وخرجت وأغلقت الباب .. كانت تأتى بوضع السجود الصحيح فتضع جبهتها على الأرض وتتضرع الى الله باكية أن يفرج كربها ويخرجها مما هى فيه .. دخلت عليها "سماح" بعد فترة لتجدها جالسه فى وسط الفراش ومتدثره بالغطاء اقتربت منها وجلست بجوارها وقالت :
- مش هتطمنى باباكى عليكي يا "ياسمين" .. زمانه قلقان دلوقتى .. و "ريهام" كمان
- كلميهم انتى يا "سماح" أنا مش قادرة أتكلم مع حد
مسحت "سماح" بكفها على كف "ياسمين" وقالت :
- ماشي يا حبيبتى هكلمهم أنا وأطمنهم عليكي
قالت "ياسمين" فى أسف :
- أنا اسفه يا "سماح" بس ملقتش مكان تانى أروحه .. وخفت أرجع البيت بابا يصر انه يرجعنى له تانى
- انتي بتقولى ايه .. بطلى كلام عبيط .. انتى عارفه اننا اكتر من الاخوات
- ربنا يخليكي يا "سماح" .. وعشان كدة هطلب منك طلب .. أنا عايزاكى تشوفيلى رقم محامى كويس
- انتى ناويه ترفعى قضيه ؟
- أيوة مش ممكن أعيش معاه لحظة واحدة بعد كدة .. وأنا واثقه انه مش هيرضى يطلقنى
- طيب يا حبيبتى حاضر .. لو كان بابا هنا كنت سألته بس هو مسافر بره وزمانه نايم دلوقتى عشان فرق التوقيت هكلمه بكرة ان شاء الله وكمان هخلى ماما تكلم "أيمن" وتسأله على محامى كويس
نظرت اليها "ياسمين" برجاء :
- "سماح" أرجوكى خليها تكلمه دلوقتى أنا عايزة رقم المحامى دلوقتى .. أنا خايفه أوى .. أنا عايزة أبتدى القضية فى اقرب وقت
امتثلت "سماح" لطلب صديقتها التي كانت فى حاله يرثى لها .. قالت لها :
- طيب يا حبيبتى متقلقيش هخلى ماما تكلمه دلوقتى
- تسلمي يا "سماح"
***********************
رن جرس هاتف "أيمن" فنهض واستأذن من صديقيه قائلاً :
- ثوانى وراجع
وقف خارج المطعم يتحدث مع والدة "سماح" .. وبعد فترة رجع الى صديقيه وسألهما قائلا :
- متعرفوش محامى كويس ؟ .. كان فى محامى كويس فى الشركة عندكوا اسمه ايه ؟
رد "عمر" قائلا :
- أستاذ شوقى ؟
- آه أستاذ شوقى .. ياريت تديني رقمه يا "عمر"
- خير يا "أيمن" لو فى مشكله قولى وأنا أحاول أحلها
- لأ دى مش مشكلتى أنا دى مشكلة "ياسمين"
قال "عمر" باستغراب :
- "ياسمين" مين ؟
تنهد "أيمن" قائلا :
- دى أقرب صديقه لـ "سماح" .. تصور جوزها الحيوان خانها بعد شهر واحد جواز ومش بس كده ضربها وبهدلها
قال "كرم" :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. ده ايه البنى آدم الزباله ده
قطب "عمر" جبينه قائلاً :
- وهى عايزه المحامى ليه ؟
- هترفع قضيه خلع
- هو مش عايز يطلقها ؟
- معرفش بس أكيد مش راضى وعشان كده هترفع القضية
أسرع "عمر" بإخراج هاتفه وأعطى صديقه رقم المحامى قائلا :
- خليها تطمن أستاذ "شوقى" محامى ممتاز لو مكنتش كدة مكناش عيناه فى الشركة عندنا هو اللى ماسك كل المسائل القانونية فى الشركة
أطرق قليلا ثم استطرد قائلا :
- ان شاء الله تخلص منه بسرعة
قال "أيمن" وهو يرسل رسالة بالرقم :
- يارب
*********************
اتصلت "سماح" بـ "ريهام" وقصت عليها ما حدث لأختها فأسرعت بالذهاب الى بيت "سماح" مع أبيها ويمجرد أن خرجت لوالدها بهذا الشكل انفجر باكيها وضمها الى صدره قائلا :
- سامحيني يا بنتى .. سا محيني أنا اللي جنيت عليكي
قالت "ياسمين" والدموع تغرق وجهها :
- مش عايزه ارجعله تانى يا بابا .. ارجوك .. مترجعنيش ليه تانى
نظر اليها والدها قائلا بحزم شديد :
- متخافيش مش هيطول ضفرك بعد كده
ثم عانقها مرة أخرى وأخذ يقبل رأسها وهو يشعر بمزيج من الألم والندم.
فى كذا نقطة
اولا كان ممكن بعيدا عن اللى عملته نانسى كرم وعمر يدفعوا دين والدها علشان متذلش نفسها لحد.
ثانيا المفروض الست متصدقش اى حاجة على جوزها المفروض كانت تتطلب منها فيديو او اثبات قوى.
ثالثا ودى احسن حاجة وهى موقف ايمان مستسلمتش لايذاء جوزها وخافت من كلام الناس أهم حاجة رضا ربنا.
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
اجتمعت "ياسمين" ووالدها مع المحامى الأستاذ "شوقى" فى مكتبه لبحث تفاصيل القضية .. فقال المحامى مطمئناً اياها :
- متقلقيش يا مدام "ياسمين" .. أحسن حاجة عملتيها هو التقرير الطبي والمحضر اللى اتعمل فى نفس اليوم اللى حصلت فيه واقعة الضرب
قالت "ياسمين" والأمل يدب فى أوصالها :
- يعني يا أستاذ "شوقى" القاضى هيحكملى بالخلع؟
- أيوة ان شاء الله أنا متفائل ده طلاق للضرر ولإستحالة العشرة بينهم
قال والد "ياسمين" يشكره :
- ربنا يباركلك ويجزيك عنا خير
ثم أردف المحامى قالاً :
- لازم تعرفى يا مدام "ياسمين" انك هتتنازلى عن جميع حقوقك المالية والشرعية وهي مؤخر الصداق ونفقة العدة ونفقة المتعة إضافة إلى ردك مقدم الصداق اللى أخذتيه من الزوج
أسرعت "ياسمين" قائله :
- مفيش أى مشكلة هتنازله على كل حاجة المهم أطلق منه
- تمام كده يبقى على بركه الله هنبتدى فى اجراءات القضية من النهاردة ان شاء الله
- ان شاء الله .. بس ممكن أعرف هو الموضوع ده هياخد وقت أد ايه ؟
- على حسب القاضى اللى هيحكم وعلى حسب القضية نفسها بس متخفيش ان شاء الله تخلص من أول جلسه
- يارب ان شاء الله
خرجت "باسمين" بعدما طمأنها المحامى بأن القانون والشرع فى صفها ان شاء الله
***************************
- ماما , بابا .. أنا عايز أعرفكوا ان الفترة الجايه أنا حابب أكون فى المزرعة
نطق "عمر" بهذه العبارة ووجها لوالديه وهم يجلسون معاً فى حديقة الفيلا يحتسون أقداحاً من الشاي .. قالت والدته :
- خير حصل حاجه تانى يا "عمر" .. مش خلاص مشكلة المحصول انتهت
- أيوة انتهت الحمد لله .. بس بصراحه حابب أغير جو حاسس انى مخنوق شوية .. ومحتاج فترة نقاهه
نظرت "كريمة" الى ابنها بأسي قائله :
- موضوع "نانسي" برده
- لا يا ماما أنا خلاص شلتها من تفكيري تماما .. بس محتاج فعلا أعد فترة فى المزرعة .. انتى عارفه انى برتاح جدا هناك .. ده أكتر مكان بحس فيه انى مرتاح ومفصول عن الدنيا ومشاكلها
سأله والده قائلا :
- وشغلك اللى هنا
- البركة فى حضرتك وفى "كرم" وباقى أعضاء مجلس الادارة وكمان أنا هتابع الشركة من هناك بإستمرار
- خلاص اللي تشوفه يا ابنى
قالت "كريمة" بقلق :
- طيب ودراعك
رفع "عمر" ذراعه الموضوع فى الجبيره قائلا :
- ماله دراعي لسه معاد فك الجبس مجاش وعامة فى دكاترة هناك كويسين جدا
- خلاص ماشي بس ابقى طمنا عليك بإستمرار
ابتسم قائلا :
- أكيد طبعا .. وانتوا لو حبيتوا تغيروا جو أنا مستنيكوا
قالت "كريمة" بمرح :
- أكيد طبعا يا باشمهندس هو انت فاكرنى هقدر أبعد عنك وأسيبك هناك لوحدك ولا ايه .. شوية كدة وهتلاقيني طابه عليك
- خلاص وأنا فى انتظارك
- هكلملك "عويس" يخلى "صفية " تنضف البيت عشان متروحش تلاقيه مترب زى المرة اللي فاتت
رن جرس هاتف "عمر" فرد قائلاً :
- ألو .. ازيك يا "أيمن"
- تمام الحمد لله ازيك انت يا "عمر"
- بخير الحمد لله
- بص بأه أنا بتصل بيك عشان أعزمك على فرحي لاننا خلاص حددنا المعاد
ضحك "عمر" قائلاً :
- بتهرج .. أخيراً
- محسسنى انى كنت قاعد على قلبك
- لا مش قصدى .. أنا أقصد ان واحد من شلتنا المنحوسه دى اتفك نحسه وخلاص هيتجوز
- آه يا سيدى عقابلك انت و المنحوس التانى "كرم" ان شاء الله
- يدينا ويديك طولة العمر يا "أيمن"
- ليه ناوى تتجوز فى الخمسين ولا ايه
- لا أبوس ايدك متكلمنيش دلوقتى فى الجواز أنا مقفول منه أفله طين
- بكرة أفرح فيك وانت واقع لشوشتك انت و "كرم"
ابتسم "عمر" قائلا :
- لا أنا مش متفائل زيك .. بس سيبك منى قولى امتى الفرح
- حجزنا خلاص القاعة وان شاء الله الفرح بعد عشر أيام
- بجد ألف ألف مبروك فرحتيني جدا .. وأنا اللى كنت ناوى أجيلك على المزرعة من بكرة .. خلاص هأجلها ان شاء الله
- آه أبوس ايدك أنا لوحدى وملبوخ آخر لبخة ..
- شقتك فى المنصورة مش كدة
- ايوة وخلاص ظبطت الدنيا هناك باقى بس وضوع الفرح اللى مش عارف فيه راسي من رجلى
- لا تقلقش أنا و "كرم" معاك ان شاء الله
- تسلم يا "عمر" وده برده العشم .. آه على فكرة كتب الكتاب هيكون كمان 3 أيام ان شاء الله
- مش هتكتبوه يوم الفرح
- لا هنكتبه بعد 3 أيام يعني قبل الفرح بإسبوع
- طيب تمام على خيرة الله .. شوف هتيجي القاهرة امتى عشان ننزل نظبطلك البادله وموضوع المأذون
- ان شاء الله بكرة هكون فى القاهرة
- خلاص في انتظارك ان شاء الله
- سلام
- سلام
ابتسمت والدة "عمر" قائله :
- "أيمن" خلاص هيتجوز
-أيوة كتب كتابه بعد 3 أيام وفرحه كمان 10 أيام ان شاء الله
- ربنا يتممله على خير الواد ده ابن حلال ويستاهل كل خير
ثم نظرت لـ "عمر" نظره ذات معنى قائله :
- عقبال اللي فى بالى
تجاهل "عمر" ما قالت واشاح بوجهه وشرد قليلا .. أخذ يفكر هل من الممكن أن يثق فى فتاة مرة أخرى ؟ هل من الممكن أن يسمح لنفسه بأن يقع فريسة لعواطفه مرة أخرى ؟ هل من الممكن أن يجد الفتاة التى تراوده فى أحلامه ؟ .. لكن ظلت هذه الأسئله فى رأسه بلا اجابه
*******************
كانت "ياسمين" جالسه فى مكتب المحامى مع والدها عندما هتفت قائله :
- ازاى يعني ؟
قال المحامى :
- زى ما بقول لحضرتك .. "مصطفى" طلبك فى بيت الطاعة وطلب من المحكمة انذار للطاعة واتهمك بالنشوز
وقع قلب "ياسمين" فى قدمها .. وابتلعت ريقها بصعوبة قائله :
- طيب ودلوقتى ايه اللى هيحصل .. هيرجعونى له غصب عنى
ابتسم المحامى قائلاً :
- لا متقلقيش .. الحمد لله انك كنتى أسرع منه بخطوة
- يعني ايه
- يعني طلب الخلع والطلاق للضرر اللى قدمتيه .. أوقف طلبه ليكي فى بيت الطاعة لأنك بتدعى استحالة العشرة بينكوا فالقاضى وقف القضية التانيه واللى رفعها زوجك لحين البت فى قضيتك انتى .. فهمتيني يا مدام "ياسمين"
تنهدت "ياسمين" فى ارتياح قائله :
- أيوة فهمت حضرتك .. يعني ميقدرش يقدم الطلب ده الا بعد ما القضية اللى أنا رفعاها يتحكم فيها
ابتسم قائلاً :
- بالظبط كده
- الحمد لله .. طيب وهنعمل ايه دلوقتى
- عايزك تكونى مستعدة للمثول أمام القاضى وتقديم شكواكى .. وخلى بالك ان ممكن "مصطفى" يتبلى عليكي ويتكلم أى كلام أدام القاضى عشان ينفى اساءته ليكي فعايزك تكونى مستعدة لأى كلام هتسمعيه وتكونى قوية فى الرد على كل اتهاماته
- اتهامات زى ايه مثلا ؟
- للأسف كتير من الأزواج معدومى الضمير بيلجأوا للكذب عشان القاضى ميحكمش بالخلع ممكن مثلا يتهمك فى عرضك مثلا .. أو انك تعرفى حد تانى وده سبب طلبك للطلاق .. أو ..
قاطعته "ياسمين" بسرعه :
- لا ميقدرش
سألها مستفهما :
- ليه ميقدرش
أطرقت "ياسمين" برأسها فى خجل قائله :
- عشان أنا فى حكم المكتوب كتابها
صمت لحظات ثم استوعب ما قالت واتسعت ابتسامته قائلا :
- كويس أوى كده يبقى مفيش أدامه أى فرصة للكذب أو الادعاء عليكي بإدعاءات باطله
- الحمد لله .. بجد طمنتنى يا أستاذ "شوقى"
- أيوة أنا عايزك كدة مطمنة وواثقه من نفسك خاصة وانتى بتتكلمى أدام القاضى .. وكمان عشان أطمنك زيادة جاركوا اللى شاف اللى حصل واللى أنقذك من زوجك
قالت بلهفه :
- ماله ؟
- ان شاء الله وعدنى انه هيشهد معانا فى القضية يعني مفيش فرصة أبدا أدام "مصطفى" للكذب أو انه يقول انك وقعتى على السلم مثلا وده اللي سبب اصابتك .. لأن معانا شاهد فى القضة
تنفست "ياسمين" الصعداء مردده :
- الحمد لله .. اللهم لك الحمد
خرجت هذه المرة من مكتب المحامى وقلبها يقفز فرحاً .. أخيراً ستتخلص من ذلك المدعو زوجها .. نظرت الى يدها والتى احتوت دبلة زواجها وأخرجتها وظلت تنظر الى يدها الفارغة والابتسامه تعلو شفتيها ثم وضعت الدبلة فى جيبها وانطلقت عائدة الى بيت والدها .. بيتهـــا ..
*************************
جلست "ياسمين" مع "سماح" فى غرفة هذه الأخيره .. وقالت "ياسمين" :
- شوفتى يا "سماح" كان عايز يطلبنى فى بيت الطاعة .. يعني مش مكفيه اللي عمله فيا .. لأ وكمان عايزنى أعيش معاه غصب عنه
قالت "سماح" بقرف :
- أعوذ بالله .. هو فى رجاله كده .. عايزك ازاى تعيشي معاه غصب عنك ازاى هيكون بينكوا حياة طبيعية وانتى مش طيقاه
- هو مش همه ان يكون فى حياة طبيعية بينا .. هو همه بس انه يذلنى ويجيب مناخيري الأرض
ثم قالت بأسى :
- أنا مش عارفه أنا عملت فيه ايه عشان يعمل فيا كده .. مشفش منى حاجه وحشه
عانقتها صديقتها قائله :
- بكرة تخلصى منه خالص وتنسي انه دخل حياتك أصلا
ثم نظرت اليها قائله وهى تبتسم :
- بس أهم حاجه انك لسه زى ما انتى شكل ده اللي مجننه
ضحكت "باسمين" قائله :
- وده اللى مصبرنى ومخليني لسه محتفظه بشوية عقل فى راسى والا كان زمانى اتجننت
صمتت قليلا ثم قالت :
- فعلا وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم .. تعرفى ان حادثة العربية هى السبب
قالت "سماح" بإستغراب :
- الحادثة اللى حصلتلك قبل فرحك
- أيوة .. لولا الحادثة كان الفرح تم فى معاده .. عارفه أنا دلوقتى مستشعره قول النبي صلى الله عليه وسلم (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)
- فعلا سبحان الله
- وعشان كده أنا حسه انى مطمنه ومش قلقانه وعارفه ان آخرة المشاكل دى كلها أكيد ربنا هيعوضنى .. مش ربنا بيقول "وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" أنا مستبشره خير
ابتسمت لها "سماح" قائله :
- وأنا كمان مستبشره خير ان شاء الله ..
قالت "سماح" بجديه :
- اسمعى بأه مش عايزين نجيب سيرة اللى اسمه "مصطفى" ده تانى أنا لما بسمع اسمه بيركبنى مليون عفريت
قال لها "ياسمين" بخبث :
- طيب واسم "أيمن"
ابتسمت قائله :
- "أيمن" .. هو فى زى "أيمن" وطيبة "أيمن" وحنية "أيمن" وخفة دم "أيمن
ضحكت "ياسمين" قائله :
- حيلك حيلك نحن هنا
- بجد يا "ياسمين" أنا حسه ان هو ده الإنسان اللى فعلا أتمنى ان يكون زوج ليا حسه اننا شبه بعض في حاجات كتير
- انتى بنت حلال يا "سماح" وتستاهلى كل خير
ثم أضافت فى حزن :
- بس أكتر حاجة تعبانى انك هتبعدى عنى مش متخيله انى مش هعرف أشوفك وقت ما أنا عايزه
- ودى فعلا الحاجة الوحيده اللي مضايقانى فى سفرى انى هبعد عنك انتى وماما وبابا مش عارفه ازاى هعيش فى بلد غريبة لوحدى
هونت عليها "ياسمين" قائله :
- مش لوحدك يا بنتى "أيمن" معاكى وانتوا الحمد لله متفاهميش وكمان أكيد هتيجى زيارات
- أكيد طبعا ان شاء الله
- ها قوليلى جهزتى لبسك وكل حاجتك
- أيوة كله تمام بابا جابلى فستان جميل أوى معاه وهو جاى استنى أوريهولك
قفزت "سماح" تخرج الفستان من خزانتها لتريه لصديقتها فى مرح .. كانت "ياسمين" سعيدة للغاية لرؤية "سماح" سعيدة وفرحه بهذا الشكل ودعت ربها أن يديم عليها فرحها وهناءها
**********************
جاء موعد الزيارة التى تأجلت كثيراً .. نعم زيارة "وائل" ووالده ووالدته لبيت "ريهام" وطلب يدها .. صدمت "ريهام" عندما رأت "وائل" وتذكرت ملاحقته لها فى الكلية .. كانت جالسه فى صمت تستمع لما يدور حولها من أحاديث وتركز أكثر كلما تحدث "وائل" تحاول استكشاف شخصيته .. ثم تركوها معه بمفردها وجلسوا فى مكان آخر لا يبعد كثيرا عنهما مثلما فعلوا مع "ياسمين" و "مصطفى" .. ران صمت طويل لم تقطعه هى وانتظرت أن يبدأ بالكلام لكن يبدو أن انتظارها سيطول حانت منها اتفاته اليه لتجده يتصبب عرقا ومرتبك ربما أكثر منها قالت فى نفسها ( يا حلاوة ده مكسوف أكتر منى ) ..قطعت هذا الصمت قائله :
- ممكن أسأل حضرتك سؤال
ازداد ارتباكه قائلا :
- اتفضلى
- ليه حضرتك اخترتنى أنا بالذات
ابتسم والتفت اليها قائلا :
- بصراحة لما مرضتيش تكلميني فى الكلية أنا روحت حكيت لماما وقالتى ان انتى بنت مؤدبة وعشان كدة أنا اخترتك
قالت فى نفسها ( آآآه ماما .. قسم واشجيني )
- طيب ايه مواصفاتك فى البنت اللي عايز ترتبط بيها
ارتبك وتنحنح كثيرا قم قال :
- يعني تكون مؤدبة وكويسة
- بس كدة ؟ مؤدبة وكويسة ؟
- لا وتكون كمان بتعرف تطبخ
لكنه أسرع قائلا :
- بس عادى لو مبتعرفيش تطبخى ماما تعلمك .. ماما بتعرف تطبخ حلو أوى .. أنا بموت فى أكلها
- (عليك وعلى أمك فى يوم واحد يا بعيد ..)
- طيب حضرتك ممكن تقولى ايه هى عيوبك اللى شايفها فى نفسك
استغرب قائلا :
- عيوبى ؟
- أيوة عيوبك
- يعني .. أنا ممكن أكون طيب زيادة عن اللزوم
- يعني ايه طيب زيادة على اللزوم
- مش عارف بس ماما دايما بتقولى كده
- ( امشى اطلع بره يا ابن ال تيييييييييييت )
- طيب حضرتك موافق انى أشتغل لما اتخرج ولا بترفض الشغل
احتار قليلا ثم قال :
- لأ مش رافض الشغل طبعا لأن ماما بتشتغل ومع ذلك هى ست عظيمة جدا
- ( كفاااااااية كفاااااااااية هو أنا هتجوزك انت ولا هتجوز أمك .. مين شال الشبشب من هنا )
استأذنت قائله :
- طيب بعد اذنك
ذهبت حيث يجلس والدها وأهل "وائل" فعلموا ان حديثهما انتهى .. تبادلوا عبارات المجاملة وأعطوها مهلة لتفكر وأخبروها أنهم منتظرون ردها .. قبل أن يغادر "وائل" التفت اليها قائلا وهو مرتبك :
- ممكن بعد اذنك يا انسه "ريهام" آخد رقمك .. يعني أقصد عشان نتعرف ببعض أكتر
- ( حد يشيل الواد ده من أدامى يا اما هرتكب جنايه)
قالت ببرود :
- لا مش ممكن .. شرفتنا يا أستاذ "وائل"
بمجرد أن رحلوا التفت والدها الهيا قائلا :
- ها ايه رأيك يا "ريهام" أظن الراجل ميتعيبش
قالت بدهشة :
- راجل .. هو فين الراجل ده .. أنا شوفت راجل كبير وست كبيرة ومعاهم كائن هلامى مقدرتش أحدد كينونته بصراحة
قال والدها بعدم فهم :
- مش فاهم تقصدى ايه ؟
- بابا أنا مش موافقة تماما على الكائن اللى اسمه "وائل" ده
- ليه يا بنتى ده الجدع طيب وابن حلال وظروفه كويسه وكمان شغله مضمون فى شركة أبوه وشقته موجودة
قاطعته قائله :
- مش ده كل حاجه يا بابا فى حاجات كتير أهم من ان العريس يكون جاهز وعنده شقة ويبقبض مرتب كويس .. والحاجات دى أنا ملقتهاش فيه اطلاقا
قال والدها بشئ من الحزم :
- بس الولد شريكي يا بنتى وكمان ...
قاطعته قائله :
- بابا انت عايز تعمل معايا زى ما عملت مع "ياسمين" ؟
بهت الأب وصمت فأكملت قائله :
- غصبتها انها تتجوز واحد هى مش مرتحاله بس لمجرد انه جاهز وعريس مناسب من وجهة نظر حضرتك
أطرق الأب وقد دمعت عيناه وظهر على ملامحه الأسى :
- معاكى حق يا بنتى .. أنا اللى جنيت على بنتى
اقتربت منه "ريهام" وقد ندمت على ما تفوهت به :
- أنا اسفه يا بابا مكنش قصدى والله .. حقك عليا
نظر اليها والدها قائلا :
- اسمعى يا "ريهام" أنا مش ممكن أغلط نفس الغلطة مرتين لو مش مرتحاله يا بنتى خلاص يغور فى داهية
- ايوة يا بابا مش مرتحاله
- خلاص يا حبيبتى متشليش هم
عانقته "ريهام" قائله :
- ربنا يخليك ليا يا بابا .. ومتقلقش ان شاء الله "ياسمين" هتخلص من اللى اسمه "مصطفى" فى اقرب وقت
- على الله يا بنتى .. على الله
*********************
تحدد ميعاد استماع القاضى لشكوى "ياسمين" وبالطبع سيتواجد "مصطفى" للرد على ما تقدمت "ياسمين" فى حقه .. حزنت عندما علمت أنه فى نفس يوم كتب كتاب "سماح" لكن المحامى طمئنها بأنه اجراء روتيني ولن يأخذ وقتاً .. كانت تثق فى المحامى الى حد كبير وكان يبث فيها دائما روح التفائل والأمل .. وفى الموعد المحدد شعرت بالكثير من الارتباك والتوتر وهى تعبر أروقة المحكمة مع المحامى .. فهذه هى المرة الأولى التي سترى فيها "مصطفى" من بعد تلك الليلة التى اعتدى عليها فيها بوحشية .. ظلت تستغفر ربها وترجوه أن يهون عليها ما هى فيه .. ثم رأته أمامها قادم فى اتجاهها مع محاميه خفق قلبها بشدة وودت الهرب من أمامه .. كان يوجه اليها نظرات شرسه والحقد يملء عينيه .. أشاحت بوجهها عنه فهى لا تريده أن ينجح فى توتر أعصابها .. حان الموعد ودخلت مع محاميها ومع "مصطفى" ومحاميه ووقفوا جميعاً أمام القاضي .. طلب منها القاضى شرح ما تقدمت به فى شكواها قصت عليه كل ما حدث منذ أن علمت بخيانته وحتى ضربه لها .. تعمدت ألا تنظر الى "مصطفى" ولذلك كانت تتحدث بقوه وثقه .. بعدما أنهت حديثها شعرت بصدرها يعلو ويهبط بسرعة وكأنها انتهت من سباق للعدو .. وجه القاضى سؤاله الى "مصطفى" قائلا :
- سمعت يا " مصطفى" شكوى زوجتك ضدك .. ايه ردك على كلامها ؟
حانت من "مصطفى " التفاته الى "ياسمين" قبل أن يتحدث فالتقت نظراتها الواثقه بنظراته المتحدية ونظر الى القاضى قائلا :
- أنا بنفى كل اللى هى قالته يا حضرة القاضى
شعرت "ياسمين" بالتوتر لكنها تذكرت كلام المحامى بأنه من المتوقع أن يلجأ زوجها للكذب
قاله له القاضى :
- يعني انت مضربتهاش ؟
قال "مصطفى" :
- لأ ضربتها بس مش للسبب اللى ذكرته
- أمال ضربتها ليه ؟
- عشان لما كنت مسافر عرفت انها كانت على علاقة بواحد تانى طول فترة سفرى
شعرت "ياسمين" وكأن صاعقة ضربت برأسها .. التفتت الى "مصطفى" فى حده قائله :
- كداب
نظر اليها بسخرية ثم وجه حديثه الى القاضى قائلا :
- ده اللى وصلنى عنها وأنا مسافر كانت بتستغل سفرى عشان تقابل حبيبها فى بيتي .. ولما عرفت اتجننت طبعا وضربتها بدون ما أحس بنفسي
تساقطت العبرات على وجنتيها وهى تشعر بالقهر والظلم ووجهت كلامها اليه قائله :
- اتقى ربنا .. ده قذف محصنات .. مش خايف من عقاب ربنا ؟
- بلاش دموع وتمثيل انتى عارفه كويس انى مش كداب والقاضى هيجبلى حقى منك
لم يكن هدف "مصطفى" من هذا الادعاء هو الاطاله والمماطله فى هذه القضية .. وهنا تدخل محامى "ياسمين" قائلاً :
- حضرة القاصى احنا بنرفض الادعاء اللى وجهه زوج موكلتى وبطالب بإجراء كشف عذريه وكمان هنرفع دعوة سب وقذف وتشهير بسبب الكلام اللى وجهه ليها دلوقتي
وجه القاضى حديثه الى "مصطفى" قائلا :
- عندك شهود بكلامك ده؟
- أيوة عندى طبعا .. أمى ربنا يخليهالى
ابتسمت "ياسمين" بسخرية وهى تقول فى نفسها (حسبي الله ونعم الوكيل فيكوا انتوا الاتنين)
انتهت المقابلة بعد تحديد معاد أول جلسه والسماع الى الشهود من الطرفين
خرجت "ياسمين" من المحكمة وأسرعت بإيقاف سيارة أجرة وذهبت الى منزل "سماح" التى وعدتها بأن تساعدها فى هذا اليوم .. كانت تتحرك بآليه وهى غير مدركة لكل ما يدور حولها .. كانت تشعر بالقهر والظلم .. لم تكن تدرى كيف يستطيع شخص مثل "مصطفى" أن يدعى ما ادعاه دون أن يخاف الله .. كيف يأمن مكر الله .. يكف ينام ملء جفونه وهو ظالم لعبد من عباد الله .. كيف لا يخشى ما أعده الله من العذاب لقاذف المحصنات .. أى رجل هذا الذى تزوجته .. بل أى ذكر هذا .. فكل رجل ذكر وليس كل ذكر رجل .. حاولت نفض كل ذلك من رأسها وحاولت الإندماج مع ما يحيط بها من جو مبهج
***********************
كانت "سماح" تبدو كأميرة صغيره ووجهها يشع نوراً وأضافت ضحكاتها الصافية على وجهها المزيد من التألق .. حان موعد كتب الكتاب .. كانت "ياسمين" فى المطبخ تعد صوانى التقديم وترص ما بها من أطباق .. صممت طوال اليوم أن تهتم هى بأمور المطبخ وبإنجاز ما يحتاجونه من أعمال لتصرف ذهنها عن التفكير فى "مصطفى" وقضيتها .. سمعت فى الخارج الزغاريد بعدما حضر المأذون .. ابتسمت لا شعورياً وهى تتخيل فرحة صديقتها الآن .. دخلت "ريهام" الى المطبخ وسحبتها من ذراعها قائله :
- سيبك من اللى بتعمليه ده دلوقتى وتعالى هيكتبوا الكتاب
خرجت "ريهام" مسرعة وهى تسحب "ياسمين" خلفها .. أزاحتا طرف الستارة التى كانت تفصل بين الردهة وبين الصالون .. ابتسمت الفتاتان ونظرتا الى بعضهما البعض .. كانت "سماح" ترسم على وجهها ابتسامة صغيره تشى بما يعتمل داخل قلبها من فرحة .. حانت التفاته من "سماح" فتلاقت نظراتها مع نظرات "ياسمين" واتسعت ابتسامتها حركت "ياسمين" شفتيها بدون صوت قائله :
- مبروك
فهمت "سماح" ما قالت فحركت شفتيها هى الأخرى قائله :
- عقبالك
بدأ المأذون فى بدء مراسم العقد .. كان الحاضرون نفر معدودون على الأصابع .. والد "سماح" ووالدتها وعمها واثنان من خالاتها وبالطبع "ريهام" و "ياسمين" أما من طرف العريس صديق والد "أيمن" منذ الصغر و "كرم" ........ و بالطبع "عمر"
.. كانت نظرات "ياسمين" مصوبه على "سماح" .. الابتسامه تعلو شفتيها بدأت المراسم وانتهت بجملة ( قبلت زواجها)
تذكرت "ياسمين" تلك الجملة وهى تسمعها من فم "مصطفى" يوم عرسها فأعادت تلك الذكرى المزيد من الشجون اليها فالتفتت لتهرب الى المطبخ لتخفى دمعه كادت أن تسقط من عينيها ... كان شهود العقد هما "عمر" و عم "سماح" .. تعالت الزغاريد مرة أخرى ..
دخلت والدة "سماح" المطبخ وقالت ل "ياسمين" :
- "سمسم" كفاية انتى تعبتى أوى النهاردة أنا و"ريهام" هنقدم الحاجة اعدى انتى ارتاحى
ابتسمت "ياسمين" اليها قائله :
- متقوليش كدة يا طنط والله أنا فرحانه جدا ل "سماح" ومن فرحتى مش عارفه اعمل ايه ولا ايه
ربتت والدة "سماح" على ظهرها قالئه :
- يا حبيبتى .. ربنا يخليكوا لبعض ويرزقك بإبن الحلال اللى يعوضك
اختفت ابتسامة "ياسمين" وحاولت تغيير الموضوع قائله :
- حضرتك خدى الصنية بتاعة الرجالة قدميها وأنا هقدم الصنية التانية للستات
- طيب يا حبيبتى هاتيها تسلم ايدك
تناولت أم "سماح" الصنية من "ياسمين" وخرجت لتقديمها الى الضيوف .. رآى "عمر" والدة "سماح" وهى تهم بتقديمها فأسرع يأخذها منها وابتسم قائلا :
- عنك يا طنط
ابتسمت له والدة "سماح" قائلا :
- تسلم .. انت صاحب "أيمن" مش كدة
- أيوة تقدرى تقولى احنا اكتر من الاخوات
- ربنا يخليكوا لبعض نخدمك يوم فرحك ان شاء الله
- متشكر
قام "عمر" بتقديم الجاتوه والمشروب الى الرجال
.. خرجت "ياسمين" ورائها واتجهت حيث تجلس النساء وقدمت اليهن ما تحمله .. وعندما اقتربت من "سماح" ابتسمت كلتاهما للأخرى .. أشارت لها "سماح" بالاقتراب فاقتربت منها "ياسمين" فقالت لها :
- باركيلى بقيت مودام
ضحكت "ياسمين" قائله :
- مبروك يا مودام .. عقبال ما أشوفك فى الفستان الأبيض ان شاء الله
انتهى "عمر" من مهمة التقديم فالتفت ليضع الصنية فى مكان ما أو يعطيها لشخص ما .. رأى فتاة تحمل صنية التقديم الفارغة وتتوجه الى المطبخ فأوقفها ومد يده بالصنيه التى يحملها قائلا :
- لو سمحتى خدى دى معاكى مش عارف أحطها فين
التفتت "ياسمين" تجاهه دون أن تنظر اليه .. عقد "عمر" ما بين حاجبيه وهو ينظر اليها متذكراً اياها .. نعم انها هى .. الفتاة التى صدمها بسيارته منذ فترة .. تفرس فيها ليتأكد من أنها هى نفسها .. أيقن أنه لم يخطئ هى نفسها تلك الفتاة التى صدمها وتسبب فى كسر ساقها .. أخذت "ياسمين" منه الصنية دون أن تنظر اليه
أعادت كلتاهما الى المطبخ ثم خرجت مرة أخرى لتجلس على أحد المقاعد فى هدوء .. استعادت ذكريات المحكمة مرة أخرى .. كانت تهرب من تلك الذكرى طوال اليوم لكنها عادت اليها لتعكر صفو مزاجها .. كانت ترى الجميع من حولها مبتسما سعيدا ضاحكا .. لكنها كانت فى عالم أخر ودنيا أخرى .. ترى هل ستستطيع الحصول على الطلاق ؟ .. ترى ماذا سيكون رد فعل مصطفى ؟ .. هل سيتركها لتنعم بحياتها ؟ .. أم يبقى شبحا يطاردها ويعكر صفو حياتها .. ماذا ان خسرت القضية هل سيجبرها على العيش معه ؟ .. كيف ستتحمل ذلك ؟ .. هى لا تطيق مجرد ذكر اسمه .. اسمه بين شفاهها كالسباب بالنسبة لها .. تنهدت فى حسرة ولفت ذراعها حول جسدها وأسندت خدها بقبضة يدها .. كانت تنظر الى الأرض أمامها غير واعية لما يدور حولها من أحاديث .. حانت من "عمر" التفاته اليها .. ربط على الفور بين اسمها والاسم الذى ذكره "أيمن" وقال انها أقرب صديقات خطيبته وتذكر مشكلتها مع زوجها الذى خانها بعد شهر من الزواج .. دقق فى ملامحها وتبين تلك الكدمات التى تقع على جبينها والجرح بجانب شفتها العليا .. تنهد فى أسى كيف يستطيع رجل ضرب زوجته وترك تلك الكدمات على جسدها .. بل كيف يكون وضيعا لدرجة أن يخونها وفى بداية زواجهما .. وجدها حزينه هادئة كزهرة الحائط التى تزينه فى صمت .. تسائل فى نفسه .. الى أى مدى وصلت فى قضيتها .. هل تحدثت الى الأستاذ "شوقى" .. هل طلبت الخلع بالفعل أم عادت الى زوجها مرة أخرى .. حانت منه اتفاته الى يدها فوجدها خاليه من أى دبله تطوق أصابعها .. أعاد النظر الى وجهها ليجد عينيها تلمع بعبره تهدد بالسقوط .. شعر بالأسى لحالها .. عندها تقدمت نحوها الفتاة التى رآها فى المستشفى والتى كانت تبحث عنها باكية .. قالت "ريهام ل "ياسمين" :
- "ياسمين" انتى كويسة
رفعت "ياسمين" نظرها الى أختها وقالت بصوت مختنق :
- أنا عايزة أمشى يا "ريهام" حسه انى مخنوقة أوى
- طيب يا حبيبتى و "سماح"
التفتت الى صديقتها لتجدها تتحدث مع زوجها والابتسامة تعلو شفتيها فالتفتت الى أختها قائله :
- ان شاء الله مش هتلاحظ غيابى استنى بس هقول لطنط انى ماشية
وجدها "عمر" تنهض وتتحدث قليلا مع والدة "سماح" .. ثم عانقتها والدة "سماح" وغادرت مع الفتاة التى خمن أنها أختها .. تابعها "عمر" حتى فتحت باب البيت وغادرت فى صمت
***********************
عادت الأختان الى البيت وقبل صعودهما قالت "ياسمين" :
- هو فى عشا فوق
- مش عارفه أعتقد لأ
- طيب اطلعى انتى اسبقيني هروح أجيب حاجه من السوبر ماركت
- أجى معاكى ؟
- لا مفيش داعى مش هتأخر
ذهبت "ياسمين" الى السوبر ماركت أمام البيت وابتاعت منه طعام للعشاء وأثناء عودتها وبمجرد أن خطت أول خطوة لصعود الدرج وجدت يد تلتف بقوة على ذراعها التفتت وكادت أن تشهق بقوة وهى ترى "مصطفى" أمامها فأسرع "مصطفى" ليغطى فمها بيده وألصق ظهرها على الحائط ونظر اليها بشراسه قائلا :
- بتتحديني يا "ياسمين" .. أنا هعرفك ..حتى لو القاضى طلقك منى مش هسيبك فى حالك يا "ياسمين"
حاولت الصراخ لكنه زاد من ضغط يده على فمها واقترب منها بشدة وتفرس فى وجهها قائلا :
- راحه تفضحيني وترفعى عليا قضية خلع ومكملناش شهر جواز .. فضحتيني وسط الناس مبقتش عارف ارفع عيني فيهم .. وكمان راحة تقولى انك لسه بنت
صرخ فيها بغضب هادر قائلا :
- اتنازلى عن القضية وارجعى البيت والا يا "ياسمين" وعزة جلال الله لتشوفى منى اللى عمرك ما شوفتيه فى حياتك
تساقطت العبرات على وجنتيها وتصاعدت شهقات بكائها كادت أن تموت من الرعب ..وفجاة سمعا صوتا لشخص ينزل من الأعلى فأسرع "مصطفى" وغادر البناية .. وقفت وجسدها يرتعش بشدة ودموعها تنزل كالشلال .. وجدت احدى جاراتها تنزل فقالت لها بلوعه :
- ايه ده مالك يا "ياسمين" فى ايه يا بنتى ؟
لم تجيبها "ياسمين" بل أسرعت تجرى على الدرج وفتحت باب الشقة وأغلقته بسرعة ووقفت خلفه تبكى وهى ترتجف بشدة
************************
مر الأسبوع سريعا .. وحان موعد زفاف "سماح" .. اعتذرت "ياسمين" عن حضور الفرح فمنذ تلك الليلة التى هاجمها فيها "مصطفى" لم ترى الشارع ولو لمرة بل أنها كانت تخشى أن تفتح شباك حجرتها لئلا تراه واقفاً فى الشارع أمامها .. بالطبع تفهمت "سماح" موقف صديقتها حزنت كثيرا من أجلها ودعت لها أن يخلصها الله منه فى أقرب وقت .. مر اليوم على خير وزفت "سماح" الى عريسها وانطلقت معه الى عش الزوجية فى المنصورة
*************************
بعد مرور اسبوع على الفرح وفى ذات يوم كان "عمر" جالسا على اريكة فى بيت المزرعة واضعا أمامه منضدة عليها اوراق وملفات يراجعها عندما سمع صوت طرقات الباب فقال :
-اتفضل
دخلت "صفية" حاملة صنية صغيرة موضوع عليها شاى وطبق من الكعك المحلى .. وقفت أمامه قائله بغنج :
- عملتلك شاى يا سي "عمر"
قال دون أن يرفع عينيه عن الأوراق التى فى يده :
- متشكر يا "صفية" بس أنا مطلبتش شاى
ابتسمت له قائله بدلع :
- عارفه .. بس لقيتك مكلتش كويس فى الغدا قولت أجيبلك شاى وشوية كحك على ما أحضرلك العشا
قال وهو مازال ينظر الى الأوراق :
- طيب متشكر حطيه عندك
أثنت قامتها لتضع الشاى أمامه وعيناها تراقبان عينيه ..تعمدت أن تبطئ من حركتها .. فرفع "عمر" نظره ليصطدم بفتحه جلبابها والتى كانت أكبر من اللازم .. أكمل صعودا بعينيه ونظر الى عينيها بحده ثم أعاد النظر الى الورق أمامه .. ابتسمت "صفية" بعدما حققت هدفها وأخذت تتهادى فى مشيتها وهى تغادر الغرفة وتغلق الباب خلفها ..
لمحها "عويس" وهى تخرج من بيت المزرعة فهب واقفاً يعترض طريقها قبل أن تدخل غرفتها قائلا :
- كنتى فين السعادى
- يوه .. كنت فى بيت المزرعه ما انت شايفني وانا نازلة من هناك
- فى الوقت ده بتهببى ايه هناك
قالت بنفاذ صبر :
- هكون بعمل ايه يعني بحضر العشا لسي "عمر" وبوضبله فرشته
- طيب .. بس ابقى خلصى شغلك بدرى مفيش داعى تتأخرى لحد السعادى
ازاحته بيدها ودخلت الى غرفتهما .. ظل "عويس" يتقلب فى فراشه وكأنه نائم على جمر ..كان يشك كثيرا فى تصرفات زوجته .. لكنه لم يستطع أن يمسك عليها شيئا .. لكن الشك كاد أن يدمر عقله .. فعزم على مراقبتها .. وبعد ليلتين شعر بها وهى تغادر الفراش فتظاهر بالنوم .. وجدها تفتح باب الغرفة بهدوء وتغلقه خلفها قام مسرعا ولبس جلبابه .. وفتح الباب قليلا وجدها تفتح البوابة وتخرج منها وتضع حجرا صغيرا حتى لا تغلق البوابة باحكام ..أسرع بمغادرة غرفته ولحق بها .. ترك بينها وبينه مسافة حتى لا تشعر به .. كان الشك قد تملك منه وأصبح يقيناً .. شعر بالدماء تتصاعد بسرعة الى رأسه حتى كاد أن ينفجر .. وجدها تدلف الى بيت قديم مكون من طابق واحد لا يبعد كثيرا عن المزرعة .. دخلت واغلقت الباب الخشب ورائها .. أخذ يلف ويدور حول البيت عله يجد فتحه ما .. وأخيرا وجدها فتحه صغيره فى الجدار .. صوب عينيه اتجاهها وهاله ما رأى .. زوجته "صفية " تقف معانقة رجلاً يوليه ظهره تفرس فى وجهها وهى تبتسم لذك الذى تقفأمامهه ويتحدثان معا .. سمع صوت ضحكاتها العالية فازداد افراز الأدرينالين فى دمه .. وفى اللحظة التالية وجد الرجل وهو يحاول فتح أزرار جلبابها فاستشاط غضبا وظل يدور حول نفسه كالطير المذبوح .. التفت حوله فوجد أمامه جيركن كبير فأسرع نحوه وفتح غطائه وشم الرائحة النفاذة المتصاعده منه فلمعت عيناه وهب واقفا وأخذ يدو حول البيت ويفرغ محتويات الجيركن على جدرانه من الخارج وبعدما انتهى أخرج علبة ثقاب من جيبه وأشعل عودا ونظر اليه ثم نظر الى البيت وبصق عليه ثم ...... فى لحظة اشتعلت النيران فى البيت ووقف رافعا رأسه منتشياً بفعلته فها هى زوجته الخائنة تكتوى بنيران الخطيئة .. أسرع يعدو مبتعدا غير عابئاً بأصوات الصراخ التى تصاعدت من خلفه ....
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
بعد مرور "شهر" على زفاف "أيمن" و "سماح" .. عاد "أيمن" الى عمله فى المزرعة بعد انقطاع ..أقبل على "عمر" الذى كان يقف أمام احدى الأشجار يتفحص جودة ثمارها ..:
- ايه الهمة والنشاط دول كلهم يا باشمهندس
انفرجت أسارير "عمر" عندما رآى صديقه "أيمن" فترك ما بيده وأقبل عليه معانقاً اياه قائلاً :
- اهلا بالعريس اللى مصدق يتجوز عشان يهرب مننا
ضحك "أيمن" قائلا :
- أهو العريس رجعلكوا تانى وهيرجع يتفرم تانى فى شغل المزرعة
- طيب يلا عشان فى شغل كتير مستنيك
- طيب سبنى آخد نفسي الأول
سار الصديقان معاً يتحدثان فى أمور المزرعة .. وفجأة سأله "عمر" :
- صحيح يا "أيمن" بقالى فترة عايز أسألك على حاجه بس اتلبخنا بموضوع فرحك
- خير يا "عمر"
- صاحبة مراتك عملت ايه فى مشكلتها
قال "أمين" بإستغراب :
- صاحبة مراتى مين
- "ياسمين" اللى خدت منى رقم الأستاذ "شوقى" عشانها
- آآآه
- عملت ايه كلمته ؟ رفعت القضية فعلا ولا رجعت لجوزها ؟
- ترجع ايه هو ده راجل أصل ده انسان مريض يارب تخلص منه على خير
سأله "عمر" مستفهماً :
- رفعت القضة يعني
- أيوة رفعتها ومستنيه الحكم فى القضية
أطرق "عمر" برأسه ثم صمت .. حنت من "أيمن" التفاته الى الجبيرة التى تحيط بذراع "عمر" اليسرى فأشار اليها قائلا :
- هتفك الجبس امتى ؟
- المفروض خلاص كام يوم وأفكه وأبدأ العلاج الطبيعي ان شاء الله
- متقلقش ان شاء الله هتبقى زى الفل
انتبه "أيمن" لكف "عمر" الأيمن فأشار اليه وهتف قائلا بدهشه:
- ايه الحرق اللى فى ايدك ده يا "عمر" ؟
توتر "عمر" وتغيرت تعبيرات وجهه صمت قليلا ثم قال :
- موضوع مش حابب أفتكره .. هبقى أحكيلك بعدين
سأله "أيمن" بشك :
- موضوع ايه ده يا "عمر" .. خير ايه اللى حصل
قال "عمر" بنفاذ صبر :
- "أيمن" قفل على الموضوع ده دلوقتى
استسلم "أيمن" قائلاً :
- خلاص برحتك
***********************
دخلت والدة "مصطفى" غرفته لتجده مستلقيا على السرير وهو شارد .. فقالت له :
- اه خليك قاعد كده ومراتك دايره على حل شعرها
هب جالسا على السرير وصاح قائلا :
- مش هنخلص فى يومنا ده
- الناس كلت وشنا .. أنا مش عارفه أقولهم ايه .. مراتك فضحتنا وجرستنا وسط الناس
صاح "مصطفى" غاضبا :
- يعني عايزانى اعمل ايه دلوقتى
- أنا لو منك كنت جبتها من شعرها وحبستها فى البيت ومخلتهاش تشوف الشارع طول عمرها .. وتبقى عاملة زى البيت الوقف و مذلوله كده لا هى طايله جواز ولا طلاق
- حاولت كتير ارجعها ومش راضيه
صاحت أمه فى غل :
- لازم ترجعها ..حتى لو غصب عنها .. عايز الناس تقول ايه معرفش يمشى كلمته على مراته .. مش كفايه القضية اللى رفعتها عليك وكلامها انها لسه بنت .. فضيحتك بأت على كل لسان
غادر الغرفة وهو يصيح فى غضب :
- سبينى فى حالى بأه أنا مش ناقصك انتى كمان
***********************
كانت "ياسمين" جالسه على فراشها تقرأ وردها عندما دق جرس الباب .. كانت فى ذلك اليوم بمفردها فى لمنزل .. "ريهام" فى الجامعة .. ووالدها كالعادة يجلس مع أصدقائه على المقهى الذى لا يبعد كثيراً عن البيت .. تركت مصحفها ونهضت لتنظر من القادم .. بمجرد أن وصلت الى الباب وجدت ورقة مطوية موضوعه أسفله يظهر نصفها ..اقتربت من الباب بخفه ونظرت فى العين السحرية لكنها لم تجد أحد .. انحنت لتلتقط الورقة وفتحتها بقلق وقرأت ما بداخلها
(اذا كنتى فكرة انى هسيبك فى حالك تبقى غلطانه .. أنا ممكن أعمل حاجات متخطرش ببالك .. اسمعى الكلام بالذوق أحسن .. مستنيكي )
قفز قلبها داخل صدرها .. أى رجل هذا .. ألن يتركها وشأنها أبداً .. أسرعت الى غرفتها وأحضرتك هاتفها واتصلت بالمحامى .. بعد فترة من الرنين رد المحامى قائلا :
- ألو
- السلام عليكم يا أستاذ "شوقى"
- وعليكم السلام أهلا يا مدام "ياسمين"
قالت بصوت متهدج :
- أهلا بحضرتك .. أنا دلوقتى لقيت ورقة من "مصطفى" سابها تحت الباب
- الورقة معاكى
- ايوة معايا
- طيب تمام احتفظى بيها وعديها عليا فى المكتب عشان نطلب ضمها لملف القضية
قالت بصوت أوشك على البكاء :
- حاضر بابا ييجي وأنزل أنا وهو ونعديها على حضرتك .. بس هو أنا مش هخلص منه بأه .. أنا تعبت أوى وعلى طول خايفه ومرعوبة
- متقلقيش ان شاء الله القضية هتخلص قريب وساعتها هترتاحى منه ان شاء الله .. هو اللى مخليه بيتصرف بجرأه كده انك لسه على ذمته
- يارب أخلص منه وأرتاح بأه
- ان شاء الله .. بس الصبر
- متشكرة أوى يا أستاذ "شوقى" وآسفه بتعبك معايا ..
- لا أبداً مفيش حاجة .. مع السلامة
- مع السلامة
أغلقت "ياسمين" هاتفها وأخذت تستغفر ربها .. كانت تعلم فضل الإستغفار لذلك عودت لسانها فى الفترة الأخيرة ألا يفتر لسانها عنه ... كانت تذكر نفسها بفضل الاستغفار دائما وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم : من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، و من كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب
فظلت تستغفر ربها حتى عاد والدها من الخارج فوجدته مستنداً الى أحد أصدقائه لا يقوى على السير وحده .. شعرت "ياسمين" بالهلع فطمأنها الرجل الذى معه قائلاً :
- متقلقيش يا بنتى الضغط بس على عليه شوية
قالت "ياسمين" بلوعه :
- ليه ايه اللى حصل ؟
- مفيش اتخانق مع حماكى على القهوة
نظرت بحسرة الى والدها الذى تمدد على فراشه فى اعياء :
- ليه بس كدة يا بابا .. صحتك بالدنيا وانت عارف ان الانفعال بيعليلك الضغط
أعطاها الرجل شنطه بها بعض الأدوية وقال لها :
- خليه ياخد الدوا ده فى معاده
ثم وجه حديثه الى والدها قائلا :
- ربنا يطمنا عليك يا "عبد الحميد" ريح نفسك ومتعملش مجهود خالص .. وأنا هبقى اتصل اطمن عليك
- شكرا يا "شكرى" متحرمش منك
خرج الرجل .. أغلقت "ياسمين" الباب وجلست على الفراش بجوار والدها تبكى بصمت :
- كل ده بسببي
ضمه والدها الى صدره قائلا :
- لأ كل ده بسببي أنا
رفعت "ياسمين" رأسها لتنظر الى والدها متسائله :
- ايه اللى خلاك تتخانق معاه
ظهرت علامات الغضب على ودهه ورد قائلا :
- ابن التييييييييت ده جه أعد على الترابيزة اللى جمبي وفضل يلقح بالكلام وقال عليكي كلام ميتقلش .. مقدرتش أمسك نفسي قمت هبيت فيه ومسكته من زمارة رقبته
أطرق رأسها بأسى قائله :
- حسبي الله ونعم الوكيل فيهم .. ربنا هيجبلى حقى منهم
نظرت الى والدها لتجد علامات الارهاق باديه على وجهه فطلبت منه النوم ثم دثرته بغطائه وتركته يغط فى نوم عميق .. خشيت أن تخبر والدها بالورقة التى وجدتها من "مصطفى" لئلا يرتفع ضغطه أكثر .. فاتصلت بصديقتها التى تهون عليها وتشد من أزرها :
- السلام عليكم ازيك يا عروسه
- وعليكم السلام ازيك يا "ياسمين" وحشتيني اوى اوى اوى
قالت "ياسمين" بتأثر :
- انتى أكتر يا "سماح" لو تعرفى أنا محتجالك أد ايه .. ياريتك كنتى هنا كنت جيتلك ورميت نفسي فى حضنك
قالت "سماح" بقلق :
- خير فى حاجه حصلت ؟ .. الزفت "مصطفى" ده هعمل حاجه تانى
أغلقت "ياسمين" باب حجرتها حتى لا يسمع والدها وهتفت لصديقتها باكية :
- لقيته النهاردة سايبلى ورقة تحت باب الشقة بيهددنى فيها عشان أرجعله
- حسبي الله ونعم الوكيل فيه .. راجل معندوش دم
- مش هيرتاح الا لما يكسرنى أنا عارفه
- قولى للمحامى يا "ياسمين"
- قولتله ومنتظر منى الورقة النهاردة عشان هيحطها مع ملف القضية .. كنت ناوية أنزل مع بابا لكنه رجع من بره ضغطه عالى ومش قادر يقف على رجله .. اتخانق مع أبو "مصطفى" على القهوة .. بابا بيقول انه قال كلام وحش أوى عنه
قالت "سماح" بحنق :
- هى العيلة دى مفيهاش حد بيخاف ربنا .. أمه تشهد زور .. وأبوه يتبلى عليكي .. ربنا يخلصك من العيلة دى على خير
قالت بصوت متعب :
- يارب يا "سماح" ادعيلى بالله عليكي .. محتاجه دعائك أوى
قالت "سماح" فى حنو :
- حاضر يا حبيبتى .. ولله بدعيلك دايماً .. خلى بالك من نفسك
- وانتى كمان .. ومعلش بعكنن عليكي بمشاكلى وانتى لسه عروسة بس حسيت انى هتخنق لو متكلمتش مع حد
- عيب عليكي اللى بتقوليه ده احنا اخوات .. وربنا عالم انك شاغله بالى على طول .. معلش يا "ياسمين" هانت بكره تخلصى منه وتنسي كل اللى فات
قالت "ياسمين" بمراره:
- أنسى .. مظنش انى ممكن أبداً أنسى .. بس الحمد لله على كل حال .. يلا اسيبك تشوفى اللى وراكى
- ماشي حبيبتى وأنا هتصل بالليل أطمن عليكي
- ماشي يا "سماح" .. مع السلامة
- مع السلامة
أغلقت "سماح" الهاتف وتنهدت فى حسرة .. قال لها "أيمن" الجالس بجوارها على الأريكة :
- خير يا حبيبتى .. حصل حاجه جديدة
نظرت الى زوجها قائله :
- "مصطفى" مش راضى يسيب "ياسمين" فى حالها
- ليه ايه اللى حصل تانى ؟
قصت عليه "سماح" ما حدث .. ثم قالت بقلق :
- أنا خايفه على "ياسمين" أوى .. من الواضح انهم ناس ميعرفوش ربنا .. يعني تتوقع منهم أى حاجه
طمئنها "أيمن" قائلا :
- متقلقيش يا حبيبتى ..هشوفلها حل
*****************************
انتظرت "ياسمين" عودة أختها من الجامعة وأخبرتها بما حدث من "مصطفى" وما حدث لوالدهما .. طلبت منها "ياسمين" أن تبقى مع والده لحين أن تذهب الى المحامى فى مكتبه لتعطيه الورقة التى وجدتها .. قالت لها "ريهام" بقلق :
- طيب خدى بابا معاكى
- ازاى يعني يا "ريهام" انتى مشوفتيش كان عامل ازى .. مكنتش قادر يقف على رجله .. لو عرف بموضوع الورقة هيتعب أكتر
- طيب آجى أنا معاكى
- ونسيب بابا لوحده ؟ .. افرضى تعب ولا احتاج حاجه .. خليكي انتى جمبه وأنا مش هتأخر
- طيب يا حبيبتى خلى بالك من نفسك
- ماشي وانتى خلى بالك من نفسك ومن بابا ومتفتحيش لأى حد وأنا أما اجى هفتح بالفتاح
- ماشي
خرجت "ياسمين" توجهت الى مكتب المحامى والذى كان يقع فى منطقة هادئة بالمعادى ..أعطته الورقة وقرأها وطمئنها قائلا :
- التهديد ده هيعزز موقفك فى القضية ان شاء الله .. وأنا متفائل جدا ان الحكم يكون من أول جلسه
قالت تفائل :
- يارب
- لا متقلقيش ان شاء الله خير
انصرفت "ياسمين" وهى تشعر بالأمل الذى بثه اياها المحامى .. كانت الشمس قد قربت على المغيب .. وأوشك الليل أن يسدل أستاره على تلك البقعة الهادئة .. عندما شعرت "ياسمين" بخطوات خلفها .. شعرت بالخوف .. أسرعت الخطي .. فإزدادت سرعة الخطوات خلفها .. التفتت فجأة لتصطدم بوجه "مصطفى" أطلقت صرخه عاليه وحاولت الجرى .. لكنه لحق بها وكمم فهمها وقال بعنف :
- تعالى معايا من سكات يا مدام.. متفضحيناش أكتر ما انتى فضحانا
حاولت أن تفلت منه لكنها كانت أرق من أن تستطيع مجابهة "مصطفى" جرها جراً وهو مازال مطبق على فمها .. حاولت الصراخ فلم يخرج صوتها .. حاولت الافلات فلم تستطيع .. فتح "مصطفى" باب سيارته وحاول ادخالها بالقوة .. عضت كفه التى تطبق على فمها فأبعد كفه متئلماً أخذت تصرخ وتصرخ .. لكنه أطبق على فمها مرة أخرى ..وصاح بها :
- ادخلى العربية من سكات لهموتك وانتى واقفة مكانك
من حسن حظها .. أن سخر الله لها شابين كانا يسيران فى هذا الشارع فى ذلك الوقت رأتهم "ياسمين" حاولت الافتلات من "مصطفى" .. وهو مازال يحاول اجبارها على الدخول الى السيارة أفلتت فمها مرة أخرى ونادت الرجلين قائله :
- أرجوكوا الحقونى عايز يخطفنى
أسرع الشابين باتجاههما وقال أحدهم لـ "مصطفى" :
- انت يا أخينا بتعمل ايه
صاح "مصطفى" بغضب :
- وانت مالك انت .. دى مراتى
نظرا اليه الرجلين بشك فصاحت "ياسمين" -بإعتبار ما سيكون- :
- لأ أنا مش مراته .. ده عايز يخطفى أرجوكوا خلوه يسيبنى
نظر الشابين الى بعضهما البعض وقال الآخر لـ "مصطفى" بشك :
- بتقول انها مش مراتك
صاح "مصطفى" بغضب :
- لأ مراتى .. بس فى مشكلة بينا وهتتحل
صاحت "ياسمين" باكية :
- لو سيبتوه ياخدنى ذنبي فى رقبتكوا انتوا
التفت اليها "مصطفى" ليصفعها على وجهها قائلا :
- اخرسي بأه فضحتينا
صاح الشابين فى "مصطفى" وأقبلوا عليه ليخلصوا "ياسمين" :
- مراتك ولا مش مراتك اللى يتعامل كدة مع واحده ست يبقى حيوان . ومش هنسيبك تاخدها غصب عنها
سألها أحدهم قائلا :
- عايزه تروحى معاه يا آنسه
قالت باكيه :
- لأ .. والله ده عايز يخطفنى
أمسك أحدهما بـ "مصطفى" وتعاركا معاً .. أما الشاب الآخر فتوجه بـ "ياسمين" مسرعا وأوقف سيارة أجرة وانتظر حتى رحلت السيارة ثم عاد الى صديقه وقال لـ "مصطفى" :
- بتتشطر على واحدة ست
ثم أمسك الاثنان بـ "مصطفى" وأخذوا يكيلون له اللكمات والضربات حتى لقنوه درساً لن ينساه
******************************
عادت "ياسمين" الى بيتها وهى فى حالة يُرثى لها .. أخذتها "ريهام" الى غرفتهما وأغلقت الباب قائله :
- مالك يا "ياسمين" ايه اللى حصل .. فى ايه ؟
هتفت "ياسمين" باكية :
- الحيوان "مصطفى" كان عيز يخطفنى
- يخطفك .. ازاى يعني
قالت من بين شهقاتها :
- كنت واثقه انه مش هيسبنى فى حالى .. هو فاكر انه لما يرجعنى البيت غصب عنى كده يبقى راجل وعرف يسيطر عليا .. بجد أنا بحتقره أوى أوى أوى .. وعندى الموت أهون مليون مرة من انى أعيش معاه
أخذتها "ريهام" فى حضنها قائله :
- ربنا ينتقم منه .. معلش يا "ياسمين" ربنا يخلصك منه
- اوعى تقولى لبابا يا "ريهام" مش عايزاه يتعب أكتر
- متقلقيش مش هجيبله سيره
باتت "ياسمين" ليلتها ولم يغمض لها جفن من الخوف والقلق .. أخذت تفكر في حالها .. وتشعر بالقلق مما سيحدث غداً .. تمنت أن تنتهى القضية فى أقرب وقت لتعود حره مرة أخرى.
*****************************
- صاحبة "سماح" اللى سألتنى عنها امبارح
تفوه "أيمن" هذه العبارة وهو جالس مع "عمر" فى مكتبه بالمزرعة .. فقال "عمر" :
- أيوة "ياسمين" مالها ؟
- الحيوان جوزها مش سايبها فى حالها وكل شوية قارفها رسايل تهديد وحاجه قرف
عقد "عمر" ما بين حاجبيه قائلاً :
- بيهددها بإيه
- عايزها ترجعله وتتنازل عن القضية
قال "عمر"بدهشة :
- ازاى يعني عايزها تعيش معاه غصب عنها ؟
- واحد مخه تعبان تقول ايه بأه
التفت اليه "أيمن" قائلاً بإهتمام :
- بص يا "عمر" البنت دى زى ما قولتلك هى زميلة "سماح" من أيام الجامعة وأقرب صاحبه ليها والاتنين زى الاخوات بالظبط .. و"سماح" فعلا مضايقه عشانها أوى .. وبصراحة هى كمان صعبانه عليا .. هى بنت بسيطة ومن أسرة على أد حالها .. وملهاش غير أبوها وأختها .. يعني مقطوعين من شجره وملهاش حد يحميها أو يدافع عنها
أومأ "عمر" برأسه وهو يتذكر الرجل والفتاة اللاذان رآهما فى المستشفى .. فأكمل "أيمن" قائلاً :
- أنا بصراحة فكرت فى حل .. وقولت أعرضه عليك وأشوف رأيك
قال "عمر" بإهتمام :
- قول
- ايه رأيك لو البنت دى تيجي تشتغل هنا فى المزرعة .. ان شاله لحد ما قضيتها تخلص وتطلق من جوزها .. بس على الأقل هتبقى بعيد عنه الفترة دى ومش هيقدر يعرف طريقها
قال "عمر" بسرعة :
- مفيش مشكلة بالنسبة لى .. تعد الفترة اللى هى عايزاها .. قولى هى خريجة ايه
- ايه يا "عمر" متركز بقولك زميلة "سماح" .. يعني دكتورة بيطرية
رفع "عمر" حاجبيه قائلا :
- كويس أوى .. كدة هتلاقى أكتر من شغلانه فى المزرعة .. تشوف ايه اللى يناسبها وأنا معنديش أى مشكلة
ابتسم له "أيمن" قائلا :
- وأنا كنت متوقع ردك ده .. بس فى نقطة تانية
- خير يا "أيمن"
- بالنسبة للسكن بتاع البنت مش معقول هتروح المنصورة كل يوم وترجع وانت عارف ان بين المنصورة والمزرعة ربع ساعة وكمان هى غريبة فى البلد دى ومتعرفهاش كويس
أسرع "عمر" قائلا :
- ودى كمان محلوله انت عارف ان عندنا مبنى كامل لسكن العمال اللى بييجوا من المحافظات والقرى التانية وقت الحصاد .. تقدر تقعد في اوضة منهم مفيش مشكلة
اتسعت ابتسامة صديقة قائلا :
- تمام كده الحمد لله
ثم وقف وتوجه الى الباب قائلا :
- هكلم بأه "سماح" أقولها البشرى دى
**************************
رن جرس هاتف "ياسمين" قامت من فراشها متثاقله لتحضره وردت بصوت مبحوح قائله :
- السلام عليكم
- وعليكم السلام .. اوعى أكون صحيتك
قالت "ياسمين وهى تجاهد لتتماسك :
- لأ .. كنت صاحيه
قالت "سماح" بقلق :
- مال صوتك حصل حاجه ؟
تساقطت العبرات من عينيها قائله :
- لأ مفيش .. مش عايزة أشغلك بهمومى اللي ما بتخلصش .. انتى أخبارك ايه
قالت "سماح" بحده :
- سيبك منى دلوقتى وقوليلى اللى حصل يا إما لا أنا صحبتك ولا أعرفك
تنهدت "ياسمين" بحسرة وقصت على صديقتها محاولة اختطاف "مصطفى" لها .. صاحت "سماح" قائله :
- معقوله توصل للدرجة دى
قالت "ياسمين" بأسى :
- وأكتر من كده كمان .. ده واحد انتهك حرمات ربنا وارتكب جريمة بشعة زى الزنا بدون ذرة ندم وبدون ما ضميره يوجعه .. يبقى توقعى منه أى حاجه
- طيب بصى .. عندى ليكي حل هيخلصك من الأرف اللى انتى فيه ده لحد ما تطلقى منه
- حل ايه ؟
- بصى انتى عارفه ان "أيمن" شغال فى مزرعة واحد صحبه .. هو كلمه عن ظروفك وصاحبه ده وافق انك تيجي تشتغلى فى المزرعه .. أهو تبعدى عن القاهرة وتسبيها لـ "مصطفى" مخضرة .. وميقدرش يعرف طريقك
قالت "ياسمين" بشك :
- أسيب القاهرة ازاى يعني
- ركزى يا "ياسمين" .. المزرعة اللى بيشتغل فيها "أيمن" فى بلد جمب المنصورة .. شغلك واقامتك هتكون فى المزرعة
قالت "ياسمين" بدهشة :
- انتى عايزانى أسافر بلد معرفهاش وأشتغل عند ناس معرفهمش وكمان أقيم فى البلد دى .. انتى بتهرجى يا "سماح"
قالت "سماح" محاولة اقناع صديقتها :
- لأ مش بهرج .. ده حل عملى .. وبعدين بالنسبة ان البلد متعرفيهاش انا هيكون بيني وبينك ربع ساعة يعني هجيلك وتجيلى مش هسيبك لوحدك .. وبالنسبة للناس اللى هشتتغلى معاهم .. ده "أيمن" جوزى وصاحبه وهو وصاحبه ده زى أنا وانتى كده
- ولو يا "سماح" .. اذا كنت وأنا أعده فى بيتي مش بسلم من كلام الناس وانتى عارفه "مصطفى" وأهله بيقولوا ايه عليا .. ما بالك بأه لو روحت عشت لوحدى فى بلد غريبة هيقولوا عليا ايه
- يا بنتى محدش هيعرف مكانك .. ما احنا عاملين كل ده عشان محدش يعرف مكانك ولا يعرف انتى فين ولا مع مين
قالت "ياسمين" بحزم :
- مينفعش يا "سماح" مش هدى فرصة لحد انه يتكلم عليا أو يسئ الظن بيا .. مستحيل أسافر
قالت "سماح" بحزن :
- وأنا اللى أول ما "أيمن" كلمنى كنت طايرة من الفرحه وقولت أتصل بكي أفرحك
قالت "ياسمين" بأسف :
- معلش يا سماح أنا اسفه .. بس مش هقدر أسافر
- طيب يا حبيبتى ربنا يحلها من عنده
- يارب
- لو احتجتى حاجه كلميني .. ومتخرجيش من البيت الفترة دى
قالت بمراره :
- هخرج أروح فين .. اديني محبوسه أهو .. خايفة حتى أبص من الشباك ألاقيه أدامى
- ربنا يخلصك منه على خير .. يلا سلام هكلمك تانى اطمن عليكي
- متحرمش منك بجد يا "سماح" .. مع السلامة
*****************************
اتصل "أيمن" بصديقه ليخبره برفض "ياسمين" العمل فى مزرعته .. صمت "عمر" قليلا ثم قال :
- طيب هى رفضت ليه ؟
- قالت لـ "سماح" انها مش عايزه مشاكل تجلها بسبب شغلها فى المزرعة .. لأن جوزها وأهله مطلعين عليها كلام مش كويس عشان يخسروها القضية فمش عايزة تديهم فرصة انهم يمسكوا عليها غلطه
سكت "أيمن" قليلا ثم قال :
- تصور الحيوان حاول يخطفها امبارح وهى نازله من مكتب المحامى
صاح "عمر" بدهشه :
- يخطفها !! ازاى يعني
- اه والله كان عايز يركبها العربية غصب عنها لولا كان فى شباب ماشيين فى الشارع ضربوه وأنقذوها
قال "عمر" فى أسى :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. ايه الاصرار العجيب ده على انه يرجعها
- قولتلك واحد مخه تعبان .. أنا بس حبيت اقولك على ردها .. وعلى العموم تسلم يا "عمر" .. يلا أشوفك بكرة
صمت "عمر" يفكر ولم يجب .. فقال "أيمن" :
- "عمر" معايا ؟
- "أيمن" قولها تيجي هى وأهلها
صمت "أيمن" قليلا ثم قال فى دهشة :
- ازاى يعنى هى وأهلها ؟
- أبوها وأختها .. مش هى كل مشكلتها انها مش عايزة تيجي لوحدها عشان محدش يتكلم عليها .. خلاص تيجي معاهم وبكده محدش يقدر يفتح بقه
- اه يا "عمر" بس أهلها هيجوا يعملوا ايه يعني
- هى اختها خريجة ايه
- مش عارف بصراحة
- طيب بالنسبة لأختها لو حبه تشتغل فى المزرعة مفيش مشكلة انت عارف ان المزرعة كبيرة جدا وبنحتاج فيها تخصصات كتير اوى يعني اكيد هنلاقى حاجه مناسبة ليها .. وكمان والدها لو عايز يشتغل مفيش مشكله نشوفله حاجه مناسبه ..
قال "أيمن" بشك :
- أنا مش فاهم .. انت ليه مهتم بالموضوع أوى كده .. يعني مستغرب بصراحة من كلامك .. هتجيبها هى وأهلها يشتغلوا فى المزرعة !
- انا كمان مستفيد من الموضوع ده مش خسران حاجه .. هيشتغلوا ويكون ليهم مرتبهم وانا ليا الانتاج والفايده اللى هاخده من ورا شغلهم .. يعنى تقدر تقول منفعه متبادله
- بس كده ؟
تنهد "عمر" قائلا :
- لأ مش بس كده .. بصراحة صعبانه عليا وحابب أساعدها ..و طالما فى امكانى انى أساعدها فعلاً ليه لأ
ابتسم "أيمن" قائلا :
- انت حد طيب أوى يا "عمر"
- سيبك بس من الكلام ده .. وخلى مراتك تعرض عليها الموضوع وابقى عرفنى ردها
- خلاص تمام هخليها تكلمها وارد عليك
- خلاص اتفقنا وأنا منتظر ردها
أغلق "عمر" الهاتف وأخذ يفكر فى "ياسمين" وما يحدث لها
*****************************
لم تستطع "سماح" الانتظار الى الصباح وقامت من فورها لتتحدث الى صديقتها .. قالت "ياسمين" بشك :
- وهو صاحب جوزك ايه مصلحته فى كده
- ايه اللى ايه مصلحته .. مصلحته انك هتشتغلى بمقابل ولو عايزة عمو و "ريهام" كمان يشتغلوا مفيش مشكلة
- طيب يعني هو ليه يعمل كده .. هو ميعرفناش عشان يساعدنا كده
- أقول طور تقول احلبوه .. بقولك صاحب "أيمن" جدا و"أيمن" قاله انك صحبتى جدا
- يعني بيعمل كده عشان يجامل صاحبه
- لأ هو قاله انه فعلا عايز يساعدك .. هتعدى هناك انتى وأهلك فى المزرعة لحد ما تخلصى من الزفت "مصطفى" ده خالص ويتحكملك بالطلاق
صمتت "ياسمين" ولم تجب فحثتها "سماح" قالئله :
- ساكته ليه انطقى
- بصراحة مش عارفه يا "ٍسماح" خايفة يكون اتحرج من صاحبه فاضطر يعمل كده عشان ميزعلوش
- يا بنتى ده رجل أعمال يعني ميعرفش المجاملات يعرف الشغل وبس .. وهو أصلا مش خسران حاجه ..بالعكس كسبان ناس تشتغل فى المزرعة .. يلا بأه متعقديهاش
- القرار مش ليا لوحدى يا "سماح" ده قرار "ريهام "وبابا كمان .. وبعدين انتى ناسية كلية "ريهام"
- لأ مش ناسية وبسيطة الترم ده اخر ترم ليها وممكن تروح ع الامتحان على طول و"ريهام" انتى عارفه كليتها مبيهتموش بالحضور أوى زى كليتنا
- مش عارفه .. هعرض الموضوع عليهم وأشوف هيقولوا ايه
- خلاص وأنا هستنى ردك
أغلقت "ياسمين" مع صديقتها وظلت تفكر .. فى كرم ذلك الرجل .. لماذا يفتح لها مزرعته هى وأهلها .. أمجامله لصديقه ؟ أم بالفعل شعر بالأسى لحالها وأراد مساعدتها ؟ .. استخارت ربها أولا .. ثم عرضت الامر على والدها و "ريهام" .. كان رد فعل "ريهام" هو الموافقة على الفور فهى تعلم المشاكل والخطر المحيط بأختها .. أما "عبد الحميد" فقد تردد قليلا .. ثم ما لبث ان وافق من أجل حماية ابنته حتى موعد النطق بالحكم ... تحدد ميعاد السفر بعد اسبوع .. رحل ثلاثتهم بعد الفجر لئلا يراهم أحد .. وركبوا منطلقين الى تلك المزرعـــة
متنساش ان الرواية موجودة كاملة في قناة التلجرام والواتساب
للانضمام لقناة التلجرام اضغط هنا
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
لقراءة الفصل التالي اضغط علي السهم الموجود في جهة اليسار و لقراءة الفصل السابق اضغط علي السهم الموجود في جهة اليمين
↚
انطلقت السيارة بالمسافرين فى طريقهم الى المنصورة .. جلست "ياسمين" بجوار النافذة فى المقعد الخلفى وبجوارها "ريهام" ووالدهما .. كانت "ياسمين"شارده طوال الطريق .. أسندت رأسها بقبضة يدها وأخذت تسترجع ذكرياتها ..أول يوم لها فى الجامعة والفرحه التى كانت تشعر بها .. يوم تخرجها وفخر والدها ووالدتها بها ... والدتها لكم اشتاقت اليها تجمعت فى عينيها عبره حائره .. لماذا تسقط ؟ .. أتسقط لأنها فقدت حضن والدتها الحاني ؟ أم تسقط على حالها وما يحدث لها ؟ .. تذكرت يوم جاء "مصطفى" الى بيتهم لطلب يدها .. آه لو كانت تعلم لكانت طردته يومها شر طرده .. لكنها لم تكن تعلم الغيب .. ومازالت لا تعلم الغيب .. فلعل طريق الأشواك الذى تسير فيه ينتهى نهايه جميله .. لعل الله يخبئ لها خيراً لا تعلمه ..
ظلت تفكر فى الضربات التى تعرضت لها .. كانت "ياسمين" تملك قدراً كبيراً من العزيمة والإصرار .. ليست ممن يستسلمون لآلامهم وأحزانهم وينكبون عليها .. صممت ألا تدع شيئاً أو أحداً يحطمها .. الضربة التى تأخذها ستقويها ولن تكسرها .. ستظل عزيزة النفس أبيه .. لن تسمح لأحد بإهانتها أو اذلالها .. وقريباً ستتخلص من "مصطفى" وتصبح حرة نفسها .. لن تسمح لأحد أن يجبرها مرة أخرى على شئ ترفضة خاصة لو الأمر متعلق بحياتها هى .. ستتعلم من كل ما مر بها .. ولن تقع فى الخطأ مرتين .. عزمت على بدء حياة جديدة لا وجود فيها لليأس .. هى تثق بالله عز وجل .. وتثق بأنه لن يضيعها مادامت قريبه منه .. حانت من "ريهام" التفاته الى أختها .. شعرت بغصه عندما رأت الدمعه التى تلمع فى عينيها .. أرادت أن تخفف عنها فمالت عليها قائله بصوت منخفض :
- هو احنا ليه حظنا فقر مع الرجالة ؟
ابتسمت "ياسمين" رغماً عنها والتفتت تنظر الى "ريهام" التى أكملت قائله :
- "معتز" و "مصطفى" وآخرهم ابن أمه "وائل" .. رجاله عرر
لم تتمالك "ياسمين" نفسها ووجدت نفسها تضحك بشدة .. حاولت كتم ضحكاتها حتى لا يسمعها أحد الركاب .. نظرت لها "ريهام" قائله :
- أنا قلبي حاسس ان القاهرة دى كانت نحس و ان شاء الله بدون مقاطعة المنصورة دى هيكون وشها حلو علينا ..
ابتسمت لها "ياسمين" قائله :
- هو انتى ناوية على ايه بالظبط ؟
- يختى مش ناوية على حاجة غير الدعاء .. ايه مدعيش .. ربنا كبير وان شاء الله نطلع من البلد دى بفردتين لوز واحد ليا وواحد ليكي
- فردتين ؟! .. لا شكرا كفاية فرده واحده ليكي
- لا .. وان شاء الله فردتين متقاطعيش انتى بس .. ده أنا متفائله من ساعة مطلعنا على الطريق وأنا حسه ان النحس ابتدى يتفك .. بكرة تشوفى
ابتسمت لها "ياسمين" وعادت لتنظر من النافذة تراقب الأشجار على الطريق
فى المزرعة كان "عمر" فى مكتبة يدقق فى الملفات أمامه عندما طرق "أيمن" الباب ودخل .. ابتسم له قائلا :
- صباح الخير يا "عمر"
بادله "عمر" الابتسامه قائلا :
- صباح الخير يا "أيمن"
ثم استطردت قائلا :
- الجماعه اتحركوا
- مش عارف بصراحه بس أكيد أيوة
قال بجديه :
- مش تكلمهم يا ابنى عشان تعرف ركبوا ولا لسه وعشان تتابعهم وهما على الطريق دى أول مرة ييجوا هنا
- طيب حاضر ..هجيب رقم "ياسمين" من "سماح"
اتصل "أيمن" بـ "سماح" وطلب منها رقم "ياسمين" ليتابعهم على الطريق .. أخبرته أنهم ركبوا بالفعل وأعطته الرقم فدونه "أيمن" ثم انهى المكالمة معها واتصل بـ "ياسمين"
نظرت "ياسمين" الى هاتفها وهى تشعر بالتردد فسألتها "ريهام" :
- مين اللى بيتصل
- مش عارفه رقم غريب
- طيب ردى
قالت "ياسمين" بخوف :
- لأ خايفه يكون "مصطفى"
صمتت قليلا ثم أكملت قائله :
- ممكن يحس من الصوت انى فى المواصلات ويشك اننا مش فى البيت .. بلاش أرد أحسن
- طيب ممكن يكون حد من المزرعة .. افتحى ولو سمعتى صوت "مصطفى" اقفلى على طول
- خلاص فصل
عاود الهاتف الرنين مرة أخرى .. فحثتها "ريهام" قائله :
- ردى
فتحت "ياسمين" الخط وانتظرت أن يتحدث المتصل .. فأتاها صوت لا تعرفه :
- ألو السلام عليكم
ردت بحذر :
- وعليكم السلام .. مين حضرتك
- أنا "أيمن" جوز "سماح" .. كنت عايز أعرف انتوا فين بالظبط وأدامكوا أد ايه
- طيب لحظة واحدة لو سمحت
نظرت الى والدها وقالت له :
- بابا جوز "سماح" .. كلمه انت عايز يعرف أدامنا أد ايه
تكلم مع والدها وعرف أن أمامهم ما يقرب من ساعة .. أنهى المكالمة وقال لـ "عمر " :
- أدامهم ساعة تقريباً ويوصلوا
- طيب تمام
صمت "عمر" قليلا ثم قال :
- هى مكنتش راضية تكلمك ؟
- أعتقد كانت خايفه ترد حسيت بصوتها فى البدايه بتتكلم بحذر أوى .. شكل جوزها ده مربيلها الرعب
- لأ مش قصدى .. قصدى لما قولتلها ان انت جوز "سماح"
- قالتلى لحظة واحدة وبعدين لقيت باباها بيكلمنى
أومأ "عمر" برأسه ولم يعقب
- طيب هقوم أشوف شغلى ..أشوفك بعدين .. أما يوصلوا هعرفك
رد "عمر" قائلا :
- تمام
خرج "أيمن" وترك "عمر" يفكر فى تصرفات تلك الفتاة الغريبة
*************************
اقتربت السيارة من المزرعة فأعطت "سماح" الهاتف لوالدها ليتصل بـ "أيمن" .. وصلوا أخيرا الى المزرعة بعد عناء ثلاث ساعات على الطريق .. كانت الشمس فى كبد السماء .. استقبلهم "أيمن" على بوابة المزرعة ورحب بهم .. أدخلهم الى الداخل .. وقعت "ياسمين" فى حب المزرعة من أول وهله .. كانت بطبيعتها تحب الهدوء والخضرة والطبيعة الساحرة .. وكانت المزرعة فعلا ساحرة .. خطفت لُبها من أول نظرة .. بمجرد أن عبرت البوابة شعرت بمزيج من الهدوء والسلام والطمأنينة .. تغريد العصافير على الشجر كان يبعث فى نفسها التفائل والأمل .. وجدت نفسها تبتسم وهى تتأمل الطبيعة الساحرة حولها ... كان يبدو أن مالك المزرعة ذو ذوق خاص .. لم يبخل على مزرعته بشئ .. فكانت من أجمل ما يكون ..كان "أيمن" يسير مع والد "ياسمين" فى المقدمة و"ياسمين" و"ريهام" خلفهما .. التفت "أيمن" الى الفتاتان قائلاً:
- عجبتكوا المزرعة
قالت "ياسمين" بحماسه :
- جداً ..شكل صاحبها مهتم بيها أوى
- فعلاً "عمر" على طول مهتم بيها
إذن فـإسم صاحب المزرعة "عمر" .. تساءلت فى نفسها .. ترى هل هو شخص طيب ومحترم مثل "أيمن" .. أم أنها ستجد مشاكل فى العمل معه .. كانت "ريهام" تسير بجوار أختها تتأمل المزرعة بدورها عندما حانت التفاته منها لترى رجلين يتحدثان معاً أمام احدى الشجيرات .. دققت النظر وفجأه فتحت فهمها دهشة عندما تعرفت على أحد هذين الرجلين .. أدخلهم "أيمن" الى مكتب "عمر" والذى كان فارغاً .. ثم طلب لهم مشروب واستأذنهم فى الذهاب للبحث عن "عمر"
بعدما رحل "أيمن" .. انحنت "ريهام" على أذن "ياسمين" هامسه :
- "ياسمين" عارفه شوفت مين بره ؟ .. الراجل الجامد اللى كان عندك فى المستشفى
قالت "ياسمين" بإستغراب :
- راجل مين ؟
- ايه يا "ياسمين" دماغك ساحت من الشمس ولا ايه .. الراجل اللى خبطك بالعربية
- ماله ؟
- لسه شايفاه واقف بره
قالت "ياسمين" لأختها بعدم تصديق :
- وده ايه اللى هيجيبه هنا يا "ريهام" .. شكل دماغك انتى اللى ساحت من الشمس
أصرت "ريهام" قائله :
- والله هو أنا واثقه مش هتوه عنه .. أبو برفيوم يجيب لآخر الشارع ده
ضحكت "ياسمين" ضحكه خافته .. والتفتت الى حقيبتها تفتحها لتخرج منها الهاتف ..سألتها "ريهام" :
- هتكلمى "سماح"
- أيوة هطمنها اننا وصلنا
فى هذه الأثناء ذهب "أيمن" للبحث عن "عمر" فوجده قادما نحوه ..فقال "أيمن" :
- الجماعة وصلوا وفى مكتبك
- طيب كويس
سارا الاثنان معاً فى اتجاه المبنى الذى يحوى مكتبه ومكاتب الموظفين العاملين فى المزرعة .. خطر لـ "عمر" سوال .. تُرى ماذا سيكون رد فعلها عندما تراه .. فهى حتى الآن لا تعلم أنه هو نفسه من صدمها بسيارته منذ فترة .. بالتأكيد ستُصدم لرؤيته .. ابتسم لنفسه وهو يتوقع الصدمة التى ستشعر بها .. طرق "أيمن" الباب ودخل أولا ثم لحقه "عمر" وأغلق الباب كانت "ياسمين" جالسه بجوار أختها .. و"عبد الحميد" يجلس على أريكة أمامهما .. تقدم الرجلان تجاه "عبد الحميد" .. فرفعت "ياسمين" رأسها لترتطم نظراتها بنظرات "عمر" .. خفق قلبها بشدة .. نظرت الى "ريهام" لتنظر لها تلك الأخيرة بنظره معناها (مش قولتلك ) .. حاولت "ياسمين" ربط الخيوط ببعضها .. ما علاقة ذلك الرجل بـ "أيمن" هل هو صديقه صاحب المزرعة .. وهو نفسه من صدمها .. هل يعلم بأنها هى هى .. أم أنه صُدم مثلها .. تابعته بعينيها وهو يسلم على والدها .. كلا لا يبدو عليه أنه صُدم أو دُهش .. اذن فقد كان يعلم بأنها هى صديقة " سماح" ..لماذا اذن عرض عليها العمل فى المزرعة .. أمجامله لصديقه ؟ .. أم محاوله منه لتخفيف شعوره بالذنب بسبب تلك الحادثه ؟ ..
قدم "أيمن" الرجلين لبعضهما البعض قائلا :
- أستاذ "عبد الحميد" والد مدام "ياسمين ... الباشمهندس "عمر" صاحب المزرعة
مد "عمر" يده لوالد "ياسمين" فسلم عليه والدها ونظر اليه قليلا وقال :
- أهلا بيك يا باشمهندس .. بس أنا حاسس انى شوفتك قبل كده
حانت من "عمر" التفاته الى "ياسمين" فتلاقت نظراتهما .. فأسرعت بخفض بصرها بعدما تضرجت وجنتاها خجلاً .. قال فى نفسه اذن فقد تذكرته كما تذكرها .. التفت "عمر" الى والدها مرة أخرى قائلا :
- اتقابلنا فى المستشفى بعد الحادثة بتاعة مدام "ياسمين"
قال والدها وقد تذكر :
- أيوة أيوة انت اللى خبطها بعربيتك
كان "أيمن" يتابع ما يحدث فى دهشه فسألهم :
- حادثة ايه مش فاهم
قال له "عمر" :
- هبقى أشرحلك بعدين
بعدما سلم الرجلين على بعضهما البعض التفت "أيمن" حيث تقف "ياسمين" و "ريهام" وقال لـ "عمر" :
- مدام "ياسمين" و أختها الآنسه " ريهام" ..
اقترب "عمر" منهما ولدهشتها مد يده ليسلم عليها .. عقد لسانها .. نقلت بصرها من يده الى وجهه فى توتر .. ثم استجمعت شجاعتها وقالت بصوت خافت دون أن تنظر اليه :
- أنا أسفه مبسلمش بالإيد
عقد ما بين حاجبيه فى دهشة .. ثم أعاد يده الى جواره قائلا :
-أهلا بيكي فى المزرعة
ردت قائله :
-أهلا بحضرتك
التفت الى "ريهام" مبتسماً قائلا :
-أهلا بيكي يا آنسه "ريهام"
- أهلا بحضرتك
جلس الجميع .. كانت "ياسمين" تحاول استيعاب الأمر .. سمعت صوت "عمر" الرخيم يقول :
- احنا عندنا هنا فى المزرعة أقسام كتير .. منها قسم خاص بالانتاج الحيواني .. تربيه وتسمين .. أنواع كتير بنربيها هنا فى المزرعة .. وكمان فى معمل عشان نفحص نتايج التحليلات اللى بنعملها أول بأول ..
ثم التفت الى "ياسمين" قائلا :
- شوفى المكان اللى تحبي تشتغلى فيه وأنا معنديش أى مشكلة
انتظر "عمر" ردها ..فكرت فترة وساد الصمت فى الغرفة .. ثم قالت وهى تحاول قدر الإمكان تلافى النظر اليه :
- بصراحة دى أول مرة أشتغل فيها .. وأنا بعيد عن الدراسة بقالى 5 سنين .. يعني أى مكان هشتغل فيه محتاجه أتدرب فيه الأول .. فأنا مش فارق معايا حاليا هشتغل فى ايه تحديدا لانى معرفش ايه اللى هقدر أعمله وايه لأ .. لازم التجربة الأول .. عشان كدة أقترح انى أساعد القسم اللى محتاج مساعده .. لحد ما أشوف ايه اللى أنا أصلح للشغل فيه
أومأ "عمر" برأسه وقد أعجبه ما قالت .. فهى إذن لا تعتبر نفسها فى نزهه هنا .. بل انها تنوى العمل بالفعل .. نظر اليها قائلا :
- مفيش مشكلة عندى .. زى ما تحبي .. ولو واجهتك أى مشكلة عرفيني .. هسيبكوا النهاردة ترتاحوا من السفر .. وبكرة ان شاء الله هعرفك على المزرعة وتبتدى شغلك
ثم نظر الى والدها قائلا :
- اتفضلوا معايا عشان أوريكوا مكان السكن
أخذهم "عمر" الى المبنى الذى يضم غرف العمال .. كان قد جهز غرفتين .. غرفة لـ "عبد الحميد" وغرفة بفراشين لـ "ياسمين" و "ريهام" .. كانت غرف متواضعه لكنها تفى بالغرض .. شكره "عبد الحميد" وذهب الجميع الى غرفهم ليرتاحوا .. دخلت "ريهام" الغرفة بعد "ياسمين" وأغلقت الباب وهتفت قائله :
- مش قولتلك هو .. مكنتييش مصدقانى
نظرت اليها "ياسمين" قائله :
- بصراحة أنا مصدومة .. آخر حاجه كنت أتصورها ان الراجل اللى خبطنى بالعربية يكون صاحب "أيمن" جوز "سماح"
- سبحان الله .. الدنيا صغيره .. بس باين عليه ابن ناس أوى
قالت "ياسمين" تغير الموضوع :
- أنا تعبانه وعايزه أنام نوم عميق .. أنا معرفتش أنام طول الليل من التوتر كنت خايفه "مصطفى" يطب علينا ومنعرفش نسافر
اقتربت منها "ريهام" مطمئنه اياها :
- خلاص انسي حاجه اسمها "مصطفى" احنا فى مكان مش ممكن يعرفه .. اطمنى
أومأت "ياسمين" برأسها ودخلت فراشها وغطت فى سبات عميق .. بعد ساعتين استيقظت على صوت طرقات على باب الغرفة .. استيقظت فزعه .. ونظرت الى "ريهام" التى استيقظت بدورها .. ارتدت "ياسمين" اسدال الصلاة ووقفت خلف الباب وقالت :
- مين ؟
أتاها صوت رجل من خلف الباب :
- الباشمهندس "عمر" باعت الحاجات دى
فتحت الباب وأخذت من الرجل لفة شعرت بسخونتها .. أغلقت الباب ونظرت لما تحمله بدهشة .. سألتها "ريهام" قائله :
- ايه ده ؟
قالت "ياسمين" بحده :
- الأفندى ده فاكر ايه بالظبط .. جايين نشحت منه ..
هبت "ريهام" واقفة وقالت :
- ليه ايه اللى حصل
تركت "ياسمين" اللفة التى تحملها وخلعت اسدالها وقالت بغضب :
- الباشا باعت أكل
- والله كتر خيره
قالت بحده :
- احنا مش مستنيين منه حاجه .. هو فاكر نفسه ايه بالظبط عشان يبعتلنا أكل أكننا جايين هنا نشحت منه
هدئتها "ريهام" قائله :
- أكيد مش قصده كده يا "ياسمين" .. أكيد كل اللى قصده ان احنا فى بلد غريبه مبقلناش كام ساعة ولسه معرفناش النظام هنا ولا الأماكن هنا .. متأفوريش الموضوع كده
تنهدت "ياسمين" قائله :
- معلش أنا اليومين دول حسه ان أعصابى متوتره على طول
فتوجهت "ريهام" الى لفة الطعام تفتحه قائله :
- مممم ريحته تجنن
تركتها "ياسمين" وتوجهت الى فراشها .. فسألتها "ريهام" :
- ايه مش هتاكلى
قالت "ياسمين" :
- لا مش عايزه .. هكمل نومى .. تصبحى على خير
لكنها كانت متوترة لدرجة هرب معها النوم .. بعدما فشلت فى النوم .. قامت وارتدت ملابسها فسألتها "ريهام" بإستغراب :
- رايحه فين ؟
- هتمشى شوية .. هحاول استكشف المكان هنا .. احنا هنعد هنا فترة ولازم نعرف الأماكن اللى حوالينا كويس
خرجت "ياسمين" من البناء فإستقبلتها النسمات تلفح وجهها .. ورائحه الزهور تملأ أنفها .. تمشت فى المزرعة وهى تنظر خلفها بين الحين والأخر حتى لا تضل طريقها وتنتبه الى علامات حوالها حتى تهتدى الى طريق العودة .. فعلا كما قالت "سماح" المزرعة كبيرة جداً .. ويتم العناية بها الى حد كبير .. فجأة تذكرت صديقتها فأخرجت هاتفها لتتحدث معا :
- السلام عليكم
- وعليكم السلام .. المنصورة نورت
ضحكت "ياسمين" قائله :
- منوره بأهلها
قالت "سماح" بحماس :
- ها ايه رأيك المزرعة حلوة ؟
- حلوة بس دى جنه
- بجد عجبتك
- جدا جدا فوق مالا تتصورى .. ما انتي شوفتيها وأكيد عارفه انها تجنن
ضحكت "سماح" قائله :
- تصورى أنا لسه مشفتهاش لحد دلوقتى
قالت لها بدهشه :
- بجد ؟
- أيوة .. بس "أيمن" وعدنى ياخدنى يفرجنى عليها .. آه صحيح قبل ما انسى .. انتى و"ريهام" وعمو معزومين عندنا بكرة على الغدا
قالت لها "ياسمين" فى حرج :
- "سماح" بلاش تتعبى نفسك مفيش داعى
- احترمى نفسك يا "ياسمين" .. لو بجد اتعاملتى كده معايا أنا هزعل منك جدا .. متحطيش فرق بينا لو سمحتى
ابتسمت "ياسمين" قائله :
- مش بحط فرق بس مش عايزة أتعبك
- تعبك راحة يا ستى .. ملكيش دعوة هو حد اشتكالك
صاحت "ياسمين" فجأة :
- صحيح نسيت أقولك
- خير
- تصورى صاحب المزرعة طلع مين ؟
- يعني ايه طلع مين
- طلع الراجل اللي خبطنى بالعربية يوم خطوبتك
قالت "سماح" بإندهاش :
- بتتكملى جد
- آه والله .. أنا اتصدمت أما شوفته
ضحكت "سماح" قائله :
- يعني اللى خبطك بالعربية يوم خطوبتى هو صاحب "أيمن" اللى محضرش الخطوبة
- اه .. عشان كان فى المستشفى معايا .. شوفتى الصدف
- صدفة غريبة فعلا .. زمانه هو كمان اتصدم لما شافك
قالت "ياسمين" بإستغراب :
- أهو هو ده اللى أنا مستغرباله .. مبنش عليه أنه اتفاجئ .. اما انه كان عارف .. واما انه من النوع اللى بيعرف يخبى فعله .. أو انه مفتكرنيش أصلا
انهت "ياسمين" المحادثة بعدما أكدت عليها "سماح" عزومة يوم غد .. فجأة نظرت "ياسمين" حولها لتجد أنها قد ضلت طريقها .. فكانت تسير بغير هدى أثناء حديثها مع "سماح" ..
فجأة سمعت صوت من خلفها قائلاً :
- كنت واثق انك هتوهى
التفتت لتجد نفسها فى مواجهه "عمر".. الذى استطرد قائلا :
- شوفتك وانتى ماشيه الجهه دى وكنت واثق انك هتوهى لان الطرق من هنا متداخله وشبه بعضها
قالت "ياسمين" بإباء :
- كنت بتكلم فى الموبايل وعشان كده مركزتش .. لو مكنتش بتكلم كنت عرفت أرجع لوحدى
التقطت أذنا "عمر" نبرة التحدى فى صوتها .. فقال فى تحدى مماثل :
- سواء كنتى مركزة أو مش مركزة المزرعة كبيرة وصعب حد غريب يمشى فيها لأول مرة وميتهش
صمتت وهى تحاول أن تكتم غيظها .. فأشار بيده على الطريق الذى جاء منه قائلا :
- امشي من هنا على طول بدون ما تحودى هتلاقى مبنى السكن فى وشك على طول
مشيت خطوتين ثم التفتت اليه قائله :
- أحب أوضح لحضرتك حاجه مهمة
التفت "عمر" بجسده ليواجهها وقد أولاها كامل انتباهه .. قال لها :
- اتفضلى
قالت بحزم :
- أنا جيت هنا بعد ما "سماح" أكدتلى ان المنفعة بينا هتكون متبادلة يعني شغل مقابل مرتب .. يعني اللى عايزه أقوله ان مفيش داعى ان الصحوبية والمجاملات يكون ليهم تأثير على وجودى هنا .. أنا هنا فى شغل وزيى زى أى حد بيشتغل فى المزرعة هنا .. بدون تمييز.
قالت "ياسمين" ذلك ولم تعطيه فرصه للرد و توجهت الى الطريق الذى أشار اليه.