رواية مفاجأة السرور كاملة جميع الفصول بقلم سيد المطعني

رواية مفاجأة السرور كاملة جميع الفصول بقلم سيد المطعني

رواية مفاجأة السرور كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة سيد المطعني رواية مفاجأة السرور كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية مفاجأة السرور كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية مفاجأة السرور كاملة جميع الفصول

رواية مفاجأة السرور بقلم سيد المطعني

رواية مفاجأة السرور كاملة جميع الفصول

تقول فرح:
خطيبي كان شغال «جرسون» في قرية سياحية كبيرة في شرم الشيخ، وكنت الدنيا ماشية معاها حلو، وكان يعمل في الشهر حوالي عشرة آلاف جنيه بالمرتب والحوافز والحاجات دي..
وكان بيشطب في شقته وكان فاضل على فرحنا شهرين خلاص.
وفجأة حصلت ضربة إرهابية للطيارة الروسية في مصر، ودي أثرت على شغل السياحة خالص، وبدأت القرية السياحية تستغنى عن عمالة كتير عندها، ومنهم خطيبي..
كانت فترة صعبة أوي، لأنه للأسف مش بيعرف يشتغل أي حاجة غير السياحة، ومش هيسلك في أي شغلانة علشان مش هيلاقي دخل غير السياحة..
وفي يوم كده قال لي إنه عايز يبيع توينس كان اشتراه لي هدية علشان يخلص بيه سفر للخارج وكده..
قلت له هتسافر فين وهتشتغل ايه؟ وازاي لاقيت شغل بالسرعة دي؟
قال لي ملكيش دعوة انتي، هاتي بس التوينس والفاتورة أبيعه بيهم..
وبما إنه هدية منه، قمت على طول بدون تردد عملت له اللي عايزه، وباع التوينس، وفي خلال شهرين كان سافر بسرعة رهيبة، خلت أهلي وأهله يستغربوا.

سنة كاملة مفيش أي أخبار عنه، وأهله نفسهم ميعرفوش هو فين، بس دايما يقولوا هو بخير وكويس وزي الفل وبيبعت فلوس للبيت، مساعدة في المصاريف..
وبعد السنة لاقيت أخته الصغيرة «١٧ سنة» جايبة لي توينس مغلف في علبة هدايا، وبيقول لي هدية من خطيبك، وبيطمنك أنه لسة على العهد وهيرجع يتمم إجراءات الجواز..
طيب هو فين؟ بيشتغل ايه؟ جاي امتى؟
مفيش حد يعرف..
شهر ورا شهر، وأمه جات تقول لي إن عادل لما طلب منها يبيع التوينس، مكانش عايز يقول لها إنه قرر يتجوز واحدة ألمانية عرفها في القرية السياحية اللي كان شغال فيها، والست عرضت عليه الزواج أكتر من مرة، وقدمت له كل المغريات، لكن هو كان ميسور الحال وقتها ورفض كل مغرياتها..
وفي يوم أمها قالت له إن بنتها عندها «كانسر» وعملت جراحة، ومع ذلك لسة بتعاني وبتاخد علاج صعب، وأول مرة في حياتها تتعلق بحد كده، ولو ارتبطت بيه ممكن ظروفها النفسية تتحسن، و ده في حد ذاته هيساعدها في العلاج..
وقالت له كمان إن البنت يتمتلك شركة أساس في ميونيخ، وممكن تنفذ له كل طلباته، وتأمن له مستقبله لو ارتبط بيها..
ومع ذلك عادل رفض للمرة الثانية، لان حوار الكانسر خلاه يخاف أكتر..
وبعد تدهور حركة السياحة، اتصل بيهم عادل يبلغهم أنه موافق، وسافر ميونيخ، ووصى أهله إنهم ميعرفونيش حاجة..

أنا في اللحظة دي اتلخبطت، ومعرفتش أزعل ولا افرح..
معرفتش اتعاطف مع بنت عندها كانسر، ولا ازعل على خطيبي اللي كنت اتمنى اكون اول زوجة ليه؟ ولا أفرح أنه متمسك بيا لآخر لحظة، وكمان بقى ميسور ماليا، خصوصا أنه خلى مراته تبني له خمس أبراج في منطقة جديدة عندنا في القاهرة، البرج الواحد عشرين دور، وفي كل دور أربع شقق، ومكتوبين باسمه..

المهم..
أنا سلمت للي حصل، وصدقته، لأن طنط مامت عادل عمرها ما هتكدب عليا في حاجة زي كده..
واستنيت عادل ينزل من السفر وجهزت كل حاجة، وطبعت دعوات فرح زي ما قال لي، وحجزت قاعة كبيرة، وبصراحة باباه ومامته كان معايا في كل حاجة..
لكن للأسف الحلو ميكملش، والكارثة حصلت في يوم وصول عادل..
أول ما عادل وصل المطار كانت مراته الألمانية معاه، جاية تعيش فترة نقاهة في مصر، ومصممة إن عادل يروح معاها شرم الشيخ، وينزل جيست في القرية اللي كان يشتغل فيها جرسون.
طاب ازاي، احنا فرحنا بعد يومين، والهانم عايزة تقضي أسبوع كامل في شرم الشيخ، وعادل مستحيل يقدر يقول لها إنه قرر يتجوز تاني في مصر، وإلا ممكن تلفق له مصيبة سودة.
أقنعها بصعوبة إنها تسبقه على شرم الشيخ، وأنه هيروح يسلم على أهله وبعد كده يسافر وراها، لكنها صممت كمان تروح تسلم على أهله معاه، وتقابل أبوه وأمه واخته وتتعرف عليهم..
واتصل بيا يعتذر لي، ويقول لي أنه مش هيروح يسلم على اهله، بس مراته معاه ومش هيقدر يروح يسلم عليها، ولحد اللحظة دي مش عارف هيعمل ايه في الفرح..

أنا اتنرفذت جدا، وبدأ الطفح الجلدي يظهر على وشي، أهو كل ما اتعصب الجلد يطفح، وقفلت الفون في وشه..
المسكين حاول يتصل كتير علشان يبرر الموقف لكن أنا قفلت في وشه كل الخطوط.
وفجأة..
جات لي فكرة، قمت اتصلت بيه أقولها له يمكن تنجح..
قلت له يبلغ مراته إن الشارع اللي جنب بيتهم، فيه مصنع أسمدة كيماوية، وبيطلع ريحة وحشة جدا، والمصنع ده خطر جدا على صحتها، خصوصا إنها طالعة من عملية كانسر وده ممكن يهيج خلايا السرطان عندها يجيب أجلها..
عادل كان سعيد بالفكرة، ووصف لمراته الكلام ده، وقال لها أننا متعودين ع الحياة بالقرب من المصنع، ومش هينفع هي تروح معاه، واقتنعت مراته أنها تغور في داهية على شرم الشيخ لوحدها، وهو يزور أهله..
وفعلا جه عادل، وكان لقاء كله دموع وفرح، ومشاعر متلخبطة، ومأذون وكتب كتاب وزغاريد، وفرحة ما بعدها فرحة.
عادل كان مخبي حاجة جواه مش عايز يقول عنها، حاجة بتخليه دايما سرحان، دايما بيدمع، ومستكتر على نفسه الفرحة، وخايف..
قال لي إنه اشترى شقة في القاهرة، وكتب لي عنوانها، وساب لي نسخة من المفاتيح، وقال ان مراته متعرفش حاجة عنها..

وقال لي:
_ الشقة دي جاهزة من كل حاجة يا فرح، واحتمال تكون هي عش الزوجية لينا مدى الحياة
أنا استغربت, وقلت له:
_ احتمال! احتمال ليه يا عادل؟ هو مش احنا المفروض هنتجوز فيها؟

لاقيته خايف ومتردد وبيقول إنه مستحيل يقدر يتجوز بشكل رسمي طول ما مراته الألمانية معاه في مصر، وهو كويس خالص إنه قدر يكتب الكتاب ويضمن إننا بقينا لبعض..

_ مستحيل؟ مستحيل ليه؟ هي مراتك الألمانية دي ماسكة عليك ذلة ولا إيه؟ مالك يا عادل؟
عادل بكى زي الطفل وسابني ومشي، وكانت حالتي صعبة، ووقعت من طولي، ومكنتش حاسة بالدنيا غير وانا في المستشفى..
كل شيء راح، لا بقى في فرح، ولا معازيم، ولا عادل....
وياريتني كمان حرة، ده انا اتكتب كتابي على عادل وبقيت مراته رسمي، ومش هقدر أخلع منه إلا إذا طلقني..

روحت أسأل عنه في بيتهم:
_ عادل فين يا طنط؟
_ عادل راح شرم الشيخ، ومن هناك هيسافر ألمانيا..
_ ولما هو مش ناوي على جواز كان بيكتب كتابه عليا ليه يا طنط؟ بيعمل فيا كده ليه يا طنط؟
_ كلها سنة ويرجع ويتجوزك يا بنتي، عادل بيحبك، ومش عايز يفرط فيكي أبدا..

أخته كانت سامعة حوارنا، وخرجت من أوضتها ماسكة كتاب أصفر، متغلف بكيس أبيض شفاف..
_ فرح، كويس انك هنا، أنا كنت لسة جاية البيت عندك

«قدمت لي الكتاب الأصفر»
_ عادل محملني أمانة إني أسلمك الكتاب ده، وبيقولك لو فعلا بتحبيه، لازم تقرأي الرواية دي من أولها لآخرها بتركيز عالي.

أخدت منها الكتاب، ورجعت بيتنا، ومش عارفة ليه كده حسيت إن عادل عايزني أفهم حاجة من الكتاب ده من غير ما أهله يعرفوها، هو متعود على الطرق دي في تعامله معايا من زمان..
رجعت البيت، فتحت الكيس الأبيض، لاقيت كتاب بعنوان «رواية جرعة نكد» تأليف سيد داود المطعني، دار ببلومانيا للنشر والتوزيع..

بدأت اتضايق أكتر، هو أنا نكدية علشان عادل كمان يسيب لي رواية اسمها جرعة نكد، هو مصمم يستفزني حتى بعد ما مشي مع السنيورة بتاعته..

بس مش بعيد يكون في حاجة في الرواية هو متأكد إني هلمحها، وافهم منها عايز ايه..
بدأت فعلا قراءة في الرواية، واندمجت في الأحداث، واتفاجئت أنها رواية ساخرة، وضحكت على مواقف كتير منها رغم الغلب والأسى والقهر اللي انا كنت فيها..
وفجأة..
في صفحة ٩ لاقيت خط أحمر تحت كلمة «ورقة»
مش عارفة ليه شكيت إنه عايز يكتب لي رسالة بالخطوط الحمرا دي..
بس لو هو عايز يبعت رسالة فعلا، كان بعتها واتساب، أو ماسنجر، أو حتى SMS ليه شغل الألغاز ده، ليه مش بعتها مع أخته مثلا..
المهم..
بدأت أقلب صفحات الرواية أجمع منها باقي كلمات الرسالة اللي عايز يبعتهالي ..
وفعلا في صفحة ١١ لاقيت خط أحمر تحت كلمة إقرار، وفي صفحة ١٣ خط أحمر تحت كلمة حقك، وفي صفحة ١٥ خط أحمر تحت كلمة موجودة، صفحة ٢٣ خط أحمر تحت جملة على ترابيزة السفرة، صفحة ٣١ خط أحمر تحت جملة الخاصة بي، صفحة ٣٢ تحت كلمة في، صفحة ٣٤ خط أحمر تحت كلمة شقة القاهرة..

جمعت الكلمات كلها في جملة واحدة، فكانت «ورقة إقرار حقك موجودة على ترابيزة السفرة الخاصة بي في شقة القاهرة»

يا الله!!
كأن عادل حافظ رواية جرعة نكد ل سيد داود المطعني، لدرجة إنه قادر يحط لي رسالة في خطوط تحت كلماتها وجملها..
أنا عارفة عنوان الشقة، ومعايا نسخة من المفتاح، وقربت أتجنن خلاص من تصرفات عادل..
ورقة ايه؟ وحق ايه؟ وليه مش بعت الرسالة مع حد؟ ليه مش قال لي لما كان معايا؟ ليه سافر فجأة؟ هو ايه اللي بيحصل؟ والست الألمانية دي مالها؟
قررت خلاص أروح للشقة دي بنفسي، من غير ما اقول لحد، واللي يحصل يحصل، مفيش خراب اكتر م اللي انا عايشة فيه..
وفعلا..
وصلت البرج اللي واخد فيه الشقة، بسأل البواب عنها أسئلة عابرة، لاقيته بيقول إن اللي اشتراها دفع فيها ستة مليون جنيه..
مبلغ كبير جدا، مستحيل تكون مراته دفعتهاله، ده كفاية الأبراج اللي مامته بتقول عليها..
طلعت فوق، فتحت الشقة، وروحت لترابيزة السفرة، لاقيت دوسيه فيه أوراق..
وتقريبا بدأت أفهم كل حاجة..
الأوراق موجودة على ترابيزة السفرة زي ما قال لي بالظبط..
سحبت كرسي، وقعدت عليه، وفتحت الدوسيه، لاقيت نسخة من الكتاب الأصفر، نفس العنوان ونفس الكاتب «رواية جرعة نكد» الكاتب سيد داود المطعني..
ركنت الكتاب على جنب، وبدأت أقرأ الأوراق اللي سايبها، وكلها مغلفة بغلاف شفاف يحميها، معظمها أوراق وعقود مكتوبة باللغة الألمانية، طبعا ركنتها لأني معرفش غير إنجليزي، وانجليزي بتاع مدارس كمان، يعني آخري أقول «my name is Farah» .. ولاقيت تحتهم ورقتين مكتوبين باللغة العربية..
أول ورقة كانت عبارة عن صورتين من عقد جوازه منها، نسخة باللغة العربية ونسخة بالألمانية، وبند في العقد بيحرمه من الزواج بأخرى ما دامت مراته الألمانية على قيد الحياة..
وورقة تانية مكتوبة على يد محامي مصري لعقد شراكة بينه وبينها في إنشاء أبراج داخل القاهرة، بحيث يكون ليها خمسة وسبعين في المية وهو ليه خمسة وعشرين في المية بس منها..

يا نهار ابيض، يعني كمان الأبراج مش ملكه، وهي صاحبة نصيب الأسد فيها..
ظرف جواب أبيض مقفول ومكتوب عليها حبيبتي فرح، فتحته بسرعة ولاقيت فيه جواب مكتوب بخط اليد، ومن حسن حظي إن عادل خطه حلو، فتحت الجواب وقرأته، وكان مكتوب فيه:
حبيبتي فرح..
أنا مش عارف أقول لك ايه بصراحة، أنا آسف جدا على كل اللي المأساة اللي انتي عايشة فيها بسببي..
أنا عملت كل ده علشان كان حلمي حياتي أخليكي تعيشي في مستوى يليق بيكي، وكنت أقدر أعمل ده من شغلي..
لكن بعد اللي حصل الدنيا ضاقت في وشي، ومفيش قدامي غير السفر والزواج من الست دي..
هي بعتت لي التذاكر وخلصت لي كل الإجراءات اللازمة، والتوينز اللي أخدته منك اشتريت بفلوسه لوازم السفر لأني حرفيا كنت متشفر، ومش هاين عليا آخد فلوس من البيت في الظروف الصعبة دي..
ولما سافرت يا فرح، لاقيت أمها وباقي أسرتها بيفرضوا عليا شروط تعجيزية للارتباط بيها، والأوراق عندك نسخ أصلية من كل العقود..
شروط تحرمني من السفر بدون موافقتها، تحرمني من الزواج عليها طول ما هي عايشة، وكمان خلوني أشتغل عندها في شركة الأثاثات بتاعتها وبمرتب كبير جدا..
ولما اقترحت عليها نعمل مشروع تشييد أبراج في القاهرة والمشروع يكون باسمي، لاقيتها بتوافق بسرعة، وخلت الأرض باسمي، والمشروع مشترك بحيث يكون لها النصيب الأكبر، وواخدة عليا شيكات محتفظة بيها عندها بقيمة الأرض وبقيمة نصيب ال ٢٥ في المية بتاعي..
على فكرة يا فرح..
أنا كنت نازل اتجوزك فعلا وبدون علمها، ولما حددت ميعاد السفر اتفاجئت إنها بتراقب اتصالاتي بأسرتي، وبتراقب الواتساب والتليجرام والماسنجر، وبتراقب حتى الأبلكيشنات اللي على الفوت بتاعي، مش عارف اعمل حاجة من وراها..
وواجهتني بكل ده، وصممت تنزل مصر علشان تمنع الجوازة دي، وهددتني إنها هتشردني لو فكرت أتمم الجواز وهتطالبني بقيمة الشيكات، ده غير إنها تقدر تلفق لي أي مصيبة في ميونيخ..
أنا بقيت أسير الست دي لحد ما تموت يا فرح، من يوم ما حالتها النفسية والصحية اتحسنت، وهي متحولة لكائن تاني خالص، كائن متوحش مفترس، أناني، ومش عايز تفرط فيا، واللي غايظني أنها اتمسكت بيا أكتر يوم ما عرفت أني نازل مصر علشان اتجوزك..
سامحيني يا فرح، أنا كتبت كتابي عليكي وانا مخبي عنك كل ده، لأني مش قادر أتخيل أنك تكون عروسة جنب حد غيري، ولا زوجة لحد غيري، وانا هعمل المستحيل علشان أعوضك، هعمل المستحيل علشان أتخلص من السجن اللي فيه ده وانزل لك..
للأسف كنت عايش على أمل أن عمرها في الحياة دي مش هيزيد عن ست شهور أو سبع شهور، معرفش إن الطب عندهم أقوى من الكانسر، و دي ضريبة الطمع، هفضل أدفعها العمر كله..
مش عارف أوصف لك مدى القرف اللي انا عايش فيه هنا، ولولا خوفي عليكي وعلى أهلي كنت سبتها ونزلت، لكني مش عارف اتوقع رد فعلها ايه، خصوصا إني مطالب بشروط جزائية أكبر من إمكانياتي.
فرح..
أنا بحبك، وزعلان على زعلك، وزعلان على نفسي أكتر، لكن عندي أمل نكون لبعض، وعلشان أثبت لك حسن نيتي، افتحي كتاب «جرعة نكد» اللي ع الترابيزة عندك، هتلاقي ورقة في الصفحة اللي بتتكلم عن «قانون حبس الزوجة النكدية»..
افتحي الورقة، الورقة دي يا فرح فيها تعويض كافي ليكي يعوضك عن كل الأسى اللي شفتيه معايا..
وأكيد دلوقتي عرفتي ليه أنا مش بكلمك فون او واتس أو مسنجر، وده علشان مراتي..
ياريت كمان متخليش أمي وابويا واختي يعرفوا حاجة عز الشقة دي، وعن اللي هتشوفيه في الورقة دي دلوقتي..
وعلى فكرة، بعد ما ترجعي، ممكن أختي تطلب منك رواية جرعة نكد للكاتب سيد داود المطعني، كأنها عايزة تستعيرها..
ياريت تاخدي اللي ع الترابيزة دي معاكي علشانها، وتحتفظي باللي تحتها خطوط حمراء علشان مفيش حد يفهمها غيرك..
فرح..
هتوحشيني لحد ما اقابلك ... ولو اتكتب عليا أترمي في السجن في ميونيخ، ياريت تشوفي حياتك، وتفتكريني بالخير..
خالص تحياتي/ عادل

ياااه، ايه كل ده يا عادل، ده انت وقعت في مافيا، أنا مش قادرة أستوعب اللي بيحصل ده، ياريتك اشتغلت اي حاجة في مصر، كان أحسن من البهدلة دي كلها..

فتحت كتاب جرعة نكد، ولاقيت الورقة، لاقيت فيها كلام مكتوب:
مفاتيح الشقة اللي في يدك فيها المفتاح الوحيد لغرفة المكتب، وأرقام الخزنة هي نفسها أرقام صفحات الكتاب اللي فيها الخطوط الحمراء..

أنا بصراحة مش فاهمة ليه التعقيدات دي كلها، الحياة اللي عايشها عادل خلته بقى أوڤر خالص..
روحت الغرفة، وفتحت الخزنة، لاقيت فيها فلوس وشوية ورق..
ورقة موثقة بيقول فيها إنه لو منزلش مصر لحد سنة من تاريخ كتب كتابنا، أبقى أعتبر نفسي طالق..
وورقة فيها تنازل منه ليا عن الشقة في حالة عدم نزوله مصر في نفس الفترة دي..
وورقة بيقول لي فيها إن الفلوس دي عشرين ألف يورو، مصاريف شخصية ليا لحد ما يرجع بالسلامة..

بجد مش عارفة أزعل ولا أفرح، حالة متلخبطة، خوف ويأس وإحباط وأمل وفرح وأمان ورعب.
خلاط مشاعر خلاني عايشة في كابوس، وخايفة أوي على عادل، اللي بيحاول يأمن لي حياتي رغم كل المخاطر اللي هو ليعيش فيها..
أنا مش زعلانة إنه دبسني في كتب الكتاب من غير ما يحكي لي، لأني باختصار أنا مطمنة إني بتعامل مع راجل مش ناسيني في كل تصرفاته..

قفلت الشقة، بعد ما خليت فيها الرواية أم خطوط حمرا، وأخدت معايا الرواية التانية اللي من غير خطوط، وأنا متشوقة أقرأ بقية الرواية دي، وأشوف ايه القانون ده اللي بيحبس الزوجة النكدية..

وأول ما وصلت البيت، لاقيت أخته منتظراني فعلا، وشافت الكتاب في ايدي..
واتضح أن عادل كان عنده حق، أخته هتموت وتعرف ايه الكتاب ده اللي وصى إنها تسلمهولي متغلف كده..
اتكلمنا كتير، وفي نص الكلام قالت لي:
_ بس أكيد عادل سايب لك رسالة مهمة في رواية جرعة نكد دي
_ عادل خايفني أكون زوجة نكدية، راح بعت لي الرواية دي علشان أتعلم منها
_ وهو سيد داود المطعني هيعلم الستات في رواياته ازاي متكونش نكدية؟
_ مش عارفة، بس أنا لاحظت إن في واحد من ابطال الرواية اسمه عادل، و ده مراته نكدية وبتتقمص كتير
_ ممكن تسلفيني الرواية كام يوم اقراها
_ وماله يا حبيبتي، خديها، ولو انها هدية من عادل
_ تسلم لي يا قمر

سبتلها الرواية، خليها تدور ع السر اللي سايبه أخوها فيها، لما تشوفها هتقول ايه بعد ما تخلصها..

هي أخدت الرواية ومشيت، وكأنه بابا وماما منتظرينها تمشي، ولاقيت بابا فجأة بيقول لي أنه سيرفع قضية على عادل وهيطلقني منه بالمحكمة

_ ليه يا بابا كده؟
_ علشان طلع ولد مهزأ، عديم الرباية، وهرب بعد منك يوم الفرح وسافر برة
_ بس عادل مهربش يا بابا، والدليل أننا كتبنا الكتاب
_ كتب كتاب ايه؟ ده ولد حقير، بيتلاعب بينا علشان سحلية ألمانية تصرف عليه وعلى أهله، أنا مستحيل أخليكي على ذمته بعد النهاردة..
وخرج بابا يشوف محامي يرفع لنا قضية، ويطلقني، ويطلب كمان تعويض..
واتضح إن بابا سمع من حد إنه من حقه يطلب تعويض.. وبابا للأسف طمعان في التعويض، وفي ستين داهية فرح ومشاعر فرح..
ومش عارفة اعمل ايه؟ مع اني لو قلت له أن عادل ساب لي شقة وفلوس، هبقى كشفت سر عادل، وبابا هيستولى ع الشقة..
ولو خليته يرفع قضايا على عادل، ممكن مرات عادل تعرف أنه كتب عقده عليا، وتشرده في بلادها هناك، وأخشى عادل للأبد..
أعمل ايه في الورطة الممثلة دي بس، اعمل ايه؟
ايه الحيرة دي بس؟ بابا مش هيسيب محامي في البلد إلا أما يسأله عن طريقة ياخد بيها فلوس كتير من عادل كتعويض..
أنا مستحيل أخلي بابا يعمل في عادل كده، مراته هتدمره لو عرفت بموضوع كتب الكتاب ده..
أووووووف، لازم أتصرف بسرعة، لازم أعمل أي حاجة أنقذ بيها الموقف..
أعمل ايه؟
أعمل ايه؟
التوتر مش مخليني أعرف أركز..
بس .. مفيش غير طريقة واحدة ولازم أنفذها حالا ويارب تنجح وتجيب نتيجة مع بابا..

فتحت اللاب توب بتاعي بسرعة، وعملت إيميل جديد باسم عادل، وبنفس الايميل عملت حساب باسم adel saif eldeen
فضلت أنشر منه صور لعادل قديمة، وبوستات، وصور فنادق، وصور مطاعم، وصور شوارع في شرم الشيخ، وصور كان باعتهالي زمان من جوة شغله..
وعملت بحث عن شوارع وأماكن مشهورة في ميونيخ، ونشرتها، لحد ما الحساب بقى مليان منشورات..
وفتحت مسنجر، وبعتت منه رسالة لنفسي بقول فيها:
_ فرح، أنا آسف إني سافرت فجأة، وأوعدك إني مش هتأخر، وهبعت لك كل أول شهر مبلغ ٥٠٠٠ جنيه مصاريف شخصية ليكي، بس ياريت مفيش حد يعرف عنها حاجة غير أهلك، علشان أهلي لو عرفوا ممكن يقسموا فيها معاكم، وأول ٥٠٠٠ جنيه هتنزلي تستلميها الصبح بنفسك

«الرسالة طويلة شوية، وهبلة كمان شويتين، بس اهم حاجة بابا يرتاح شوية، وكمان يحفظ السر، وما يقول حاجة لبابا عادل عنها»

اتصلت بيه أسأله انت فين يابابا، وتعالى ضروري قبل ما تكلم أي محامي، عندي ليك مفاجأة حلوة..
رجع بابا البيت بسرعة، فتحت له رسالة المسنجر وقراها، وبعد كده فتح الحساب يقلب فيه شوية..
وبص عليا يقول لي:
_ أهو ده تعويض مناسب، لا يمكن هنوصل له بالمحكمة، خصوصا أن السنة كده بستين ألف جنيه.
_ طبعا يا بابا .. علشان كده كلمتك تيجي يا حبيبي
_ بس تخليه يبعت الفلوس على اسمي واستلمهم أنا
_ ما اهو حط الاسم ع السيستم وهتتبعت الفلوس تلقائي كل أول شهر باسمي
_ سيستم ايه؟ هو انتي هتقبضي من الشؤون الاجتماعية؟
_ مش عارفة يا بابا، بس أوعدك كل أول شهر استلم الفلوس واجيبهالك، تاخد منها اللي عايزه وتسيب لي الباقي
_ كنت انتي بنتي وتربيتي بصحيح..

وفي الصبح من بدري طلعت ع الشقة، فتحت الخزنة، وأخدت منها ٣٠٠ يورو، وروحت حولتهم بالمصري، ورجعت ع البيت على طول سلمت لبابا ال ٥٠٠٠ جنيه..

في الليل كده، جات أخت عادل تقول لى عن خبر حلو وكانت فرحانة بيه أوي..
مرات عادل الألمانية صحتها اتدهورت خالص، ودخلت الإنعاش بسبب جرعة مخدرات وخمور كبيرة في سهرة عائلية، وبتصارع الموت، وعادل هينتهز فرصة مرضها وينزل مصر يتمم إجراءات الزفاف..

سألتها، هو عادل كلمكم على ايه؟
قالت: ع الفون عادي
سألتها:
هو الفون مش متراقب؟
قالت:
معرفش، بس هو دايما يكلمنا فون، ومراته بتكون جنبه.

ايه اللغز المحير ده؟ هو ازاي متراقب، وازاي قدر يتصل بأهله يقول لهم ان مراته في الانعاش وهو هينزل مصر يتجوز؟
طلبت منها رقمه الدولي، لكنها رفضت، وقالت عادل هو اللي طلب منها تعمل كده..
_ يعني عادل قال لك بلاش فرح تعرف رقمي؟
_ اه .. حاجة زي كده

« أخته مشيت وسابتني في حيرتي»

ومفيش نص ساعة وسمعت صوت بابا عادل جاي عند بابا يخلصوا شوية اتفاقات..
قلبي وقف ساعتها وبقيت في نص هدومي، واتخضيت وحسيت برعشة شديدة.

روحت عند أوضة الضيوف، واتصنت عليهم، رغم إن ماما زعقت لي مرتين تلاتة علشان عيب كده، وسمعت الحوار اللي بينهم..
_ طيارة عادل ابني هتكون في مطار القاهرة عشرة الصبح بكرة، عايز يعمل فرح كبير من داخل الأسبوع ده
_ غريبة أنه مقالش لفرح بنتي إنه جاي
_ علشان مفيش أي وسيلة تواصل بينه وبينها غيرنا
_ ما هو بعت لها ع المسنجر يقول لها هتأخر، وبعت لها كمان خمستلاف جنيه مصاريف
_ خمستلاف جنيه؟ بتوع ايه؟ أنا ابني مقاليش حاجة زي كده، ثم إنه صفحته ع الفيسبوك مقفولة من أول ما سافر ألمانيا
_ متعطلة ايه؟ إذا كنت أنا شايفها بنفسي مع فرح، وقال لها بكرة الصبح الفلوس هتكون عندك، وفعلا نزلت البنت جابت الفلوس..
_ والفلوس دي بعتها على ايه؟ بنك، ولا شركة، ولا مع حد جاي..

«في اللحظة دي حسيت برعشة شديدة، والدنيا بتلف بيا، ووقعت من طولي، فقدت الوعي»
ومع اني مغمى عليا الا أني سامعة بابا جوة بيقول لأونكل بابا عادل «استنى أنادي لك فرح نسألها»

خرج بابا م الأوضة لاقاني مغمى عليا، صرخ كده، وجري غ الفون بتاعه وطلب الإسعاف، وطلعوا بيا ع المستشفى..

كان نفسي في اللحظة دي يكون عندي حاجة تستاهل عملية، أو حجز في العناية المركزة، المهم حاجة تخليني أسبوع بعيد عن تحقيقاتهم وأسئلتهم، لحد ما يوصل عادل ويستقر واحتمي بيها..
لكن للأسف، أنا بدأت أفوق في الاسعاف وانا في الطريق، و دي في حد ذاتها مصيبة سودة، كارثة، ورطة..
ماما وبابا في الإسعاف، واونكل وطنط أهل عادل ورانا بتاكسي..

لو قمت وبابا عرف أني كويسة، مش بعيد ينزلني م الإسعاف في الطريق علشان يشبع فضوله ويعرف انا جبت الفلوس دي ازاي ومنين، وانا مستحيل اكشف سر عادل.
روحت عاملة نفسي ميتة خالص، واندمجت في الدور، وغبت عن الوعي تماما..

الدكاترة في الطوارئ عملوا كل حاجة علشان افوق، وانا عايشة في نفس الدور..
وبصراحة كانوا صعبانين عليا أوي، لأنهم متأكدين اني كويسة ومفيش أي حاجة، وعملوا رسم قلب ورسم مخ، وأشعة وتحاليل دم، وسخروا كل إمكانيات المستشفى، وفي الآخر دكتور منهم قال خلوها تاخد لها يومين في العناية المركزة، يمكن عايزة تهرب من أهلها شوية..
دكتور تاني قال:
حرام عليك ياخي دي بنت، وأي شك يمس سمعتها
رد عليه الدكتور الأول:
شك ايه أنت كمان، هو انا قلت عنها حامل، ولا شايفني ماسك ميكروفون ونازل افضحها في الشوارع؟

وهنا الدكتور قال طلعوها العناية المركزة يا جماعة، وبلغوا أهلها أنها كويسة بس هتقعد معانا في العناية المركزة شوية..

طلعت العناية فوق، وسمعت بابا عادل بيقول لمراته:
والله البنت دي وش فقر، وانا مستحيل أخلي عادل ابني يرتبط بيها

مامت عادل قالت له:
_ متقولش كده، ده ابنك بيموت فيها

بابا عادل قال لها:
_ يارب تموت، زي ما ماتت مراته الألمانية، خلينا نخلص منها هي كمان

«في اللحظة دي كنت هقوم من مكاني، لولا إن الأسانسير كان وصل، والممرضين دخلوني الاسانسير وطلعنا»

بس مرات عادل ماتت امتى وازاي؟ وأخته ليه ما قالتليش أنها ماتت؟ والراجل ده ناوي يعمل ايه مع عادل علشان يعطل جوازتنا؟
أووووووف .. يا ترى انت مخبي لي ايه يا بكرة بس
دخلت العناية المركزة وقضيت أصعب ليلة في حياتي، سهر الليل كله، وتفكير، وخوف من اللي جاية، دي غير اللخبطة اللي مش فاهمة منها حاجة دي.
بابا أكيد مستني يسألني جبت الفلوس دي منين وازاي، وليه خبيت عليه..
ثم ان مراته الألمانية ماتت امتى، وأخته الحيزبون دي تقول لي انها في غرفة الإنعاش، هو ايه الفيلم الهندي ده..

الممرضة دخلت العناية تعلق لي محلول ملح، اهو أي حاجة بديل عن الأكل وخلاص..
أنا خفت بصراحة من وخزة الإبرة، فتحت عيني وكأن الوعي رجع لي وقلت لها:
_ أنا ممنوعة من أي محاليل يا حبيبتي، لو أكل المستشفى نضيف هاتيلي وجبة العشا، أو كلمي ماما تشتري لي أكل من برة
_ بس الدكتور قال المحلول مش هيضرك
_ هيضرني، الدكتور مش متابع حالتي من زمان، وميعرفش ايه الحاجات اللي أنا ممنوعة منها
_ طيب بالنسبة للأكل، ممنوعة م البيض والجبنة النستو والمربى؟
_ كل أصناف الأكل مباحة، ابعتي أي حاجة عادي، بس لو الوجبة صغيرة كلمي لي ماما تجيب لي ديليڤري أحسن

الممرضة مستغربة، ومشيت من جنبي، وجابت لي وجبة المستشفى، أكلتها، وبصراحة لا طعم ولو غذاء، ولا حتى شبعتني، لكن معلش الصبر لحد النهار ما يطلع..

وفي النهار ماما وبابا طلبوا من الدكتور نوبتجي النهار يزوروني، والراجل مش عارف حالتي ايه، والتقارير قدامه بتقول اني كويسة، ومع ذلك رفض يدخل بابا، وسمح لماما بس تدخل لي، بشرط إنها متتكلمش كتير معايا..
أول جملة ماما قالتها هي إن عادل وصل من ألمانيا، وسأل عني، وأهله قالوله إني سافرت عند خالتي في دمنهور، ومامت عادل طلبت من ماما تقول له نفس الكلام، علشان ميقلقش عليا وهو لسة راجع من السفر.
قلت لها:
_ لا يا ماما، دول مش خايفين أنه يقلق عليا، دول عايزين يبعدوه عني بأي شكل، لازم يا ماما عادل يعرف ان انا هنا في المستشفى لازم..

ماما وعدتني تكلمه، وفي وسط الكلام سألتني عن ال خمس آلاف جنية اللي جبتهم لبابا منين، لما هو عادل قاطع الإتصال..
في اللحظة دي، عملت نفسي بدأت أتعب، وصوتي بدأ يروح مني، وأتقنت الدور لحد ما ماما قالت لي بلاش تتعبي نفسك، وقامت خرجت..

وعلشان ماما دي ست عظيمة زي كل أم في الدنيا، راحت بنفسها لعادل البيت وقالت له قدام أهله إني محجوزة في العناية المركزة ونفسي اشوفه، وأنه لازم يزورني..

وفي العصر دخلت ممرضة تبتسم لي، وكان في إيدها خمسين جنيه متكرمشة، بتحطها في جيبها وهي بتفتح الباب، وبتشاور عليا..
وفجأة دخل عادل يبص مكان إشارتها عليا..
مشى عادل ناحيتي، وفهمت أنه هو اللي ادالها ال 50 جنيه، وقالت له لحد الساعة خمسة مفيش دكاترة هتمر..

قعد عادل وبدأ يشرح لي الألغاز اللي حصلت في الفترة الأخيرة..
وعرفت منه إنه مش عايز أبوه وباقي أسرته يعرفه حاجة عن الشقة اللي كتبها باسم فرح والفلوس اللي فيها، لأن باباه للأسف استولى على حقه في الأبراج اللي شيدتهم مراته الألمانية، نسبة ال 25٪ مع أن عادل موقع شيكات على قيمة النسبة دي مع مراته، ولو بابا عادل عرف حاجة عن شقة فرح، مش هيبطل زن عليه إنه يغير عقد الملكية بأي طريقة ويكتبه باسم الأب نفسه..
عادل قال لي كمان إن مراته الألمانية عندها انفصام في الشخصية، وبتتحول في أي لحظة..
يعني لما تكون مريضة، بتحس إن الموت قرب منها، وبتكون عاطفية جدا، وبتتعامل معايا بمنتهى اللطف، وبتصرف لي فلوس كتير..
ولما أبقى لطيف معاها وأدعمها لحد ما تخف، وصحتها تتحسن، نفسيتها بتبقى أفضل، لكن بتحس بقيمة الحياة، وبتخافني أسيبها، وأهلها بيحرضوها تخليني أوقع لها على كل يورو أخدتها منها..
دي حتى فلوس الشقة والفلوس اللي في الخزنة أخدتهم منها في ساعة كانت فيها عاطفية جدا وكان المرض شديد عليها، وأهلها ميعرفوش عنها حاجة، علشان كده مفيش ورق وقعت عليه..
ولما مراته تعبت الفترة الأخيرة دي حررت له شيك بمليون يورو، راح جري ع البنك صرف، وفتح حساب بإسمه، ورجع فسح مراته في برلين وميونيخ، وعمل بيها جولة برية في أوروبا استمرت عشرة أيام، ومفيش حد خد باله من أسرتها من حوار الشيك ده..

ولما سألته ليه أهله عايزين يخبوا عني أن مراته ماتت، قال لي وبكل صراحة، أن أهله مش عايزين فرح تكمل معاه لسببين:
الاول هو أنهم عارفين عادل بيحب فرح أد ايه، وممكن يعمل عشانها ايه
والسبب التاني هو إن فرح عارفة كل حاجة عن الفلوس اللي عملها عادل من الست الألمانية، ومن الطبيعي أنها تنتظر تعيش في مستوى أعلى م اللي هي فيه..
وفي الحالة دي أهل عادل مش هيلحقوا غير دعم منه، ومهما كان قيمته مش هيشبعهم..
عادل بكى هو وبيقول لي:
_ للأسف يا فرح، بابا وماما وأختي مستكترين عليا أعيش سعيد مع البنت اللي بحبها، علشان متشاركهمش في الفلوس اللي عندي.

أنا بسرعة رديت عليها أوقفه، وقلت له وانا مقتنعة:
_ خليهم يا عادل ياخدوا اللي عايزين، مش مهم الفلوس، المهم نكون لبعض وبس
_ بس انا مضيعتش سنتين من عمري عايش في قرف وفي الاخر أعيش حياة صعبة
_ ما انت معاك فلوس غير الأبراج اللي استولى باباك على نصيبك فيها
_ يا فرح انتي مش فاهمة .. بابا مش طمعان في الابراج، لأن النسبة بتاعتي خلاص بقت ملكه، بابا طمعان في الفلوس اللي معايا نفسها

بصراحة أنا كنت مصدومة، ومش قادرة اقول له ليه باباك بيعمل كده، لأني أنا كمان شفت بابا طمعان في خطيبي، وكان عايز يرفع عليه قضية علشان يطلع بأي تعويض..
الناس بقت وحشة أوي، كله باصص للي في ايد غيره، وفي ستين داهية راحة أو سعادة غيره..
بابا عادل مش طمعان في ابنه، هو مستكتر على فرح المسكينة إنها تعيش في عز.
وبابايا انا مش طمعان فيا، هو بس عايز ياخد حتة من العز اللي عايش فيه عادل..
لكن الطمع ده أي الخراب كله، وحصلت كارثة أكبر مما كنا نتخيل كلنا..

أنا خرجت من المستشفى، وكان بابا وعادل اتفقوا على مواعيد الفرح، وأهله كانوا موافقين غصب عنهم، بالرغم أن عادل كان قال لباباه أنه مسامح في نسبة ال ٢٥٪ بتاعته اللي في أبراج الست الألمانية، والاب بغير رضا قال له يعني انت فكرك أنهم بيعملوا كام في الشهر، ومع إنهم ميعرفوش حاجة عن المليون يورو، إلا إن باباه مفكرش يصرف له مبلغ للفرح والشقة والجواز، وكل ده علشان العروسة هي فرح..
لكن كل ده اتطربق فوق دماغنا...

أهل الست الألمانية بعتوا خطاب للسفارة الألمانية في القاهرة، يبلغوهم إن شاب مصري كان متجوز بنتهم، وهي ماتت بالسرطان، وأنها ليها خمس أبراج منفصلين والأرض باسم حد في أسرته، وأنه موقع على شيكات بقيمتها، والأسرة بتطالب السفارة انها ترجع كل ده من الشاب عادل..

السفارة الألمانية طبعا رشحت محامي مصري عنها يروح يتفاوض مع عادل وأهله، وهنا كانت صدمة كبيرة جدا..

المحامي راح البيت عند عادل، وقابله وكان معاه باباه، والمحامي قال له:
_ السفارة بتطالبك بتسليم الابراج بأوراق ملكية الأرض، بأوراق نسبة ال ٢٥٪ للأسرة الألمانية، لأنك موقع على أوراق تثبت إن مراتك هي اللي دفعت فلوس كل ده

عادل سألهم إن ما سلمتهم هيحصل ايه؟
المحامي قال له هنرفع قضية قدام المحاكم المصرية بالاوراق اللي وقعتهم، وممكن تتحبس، وبردو هتتسحب منك كل الحاجات دي..

عادل طلب من أبوه يسلمهم الأوراق، ويرجعوا يبدأوا حياتهم من الأول..

وقام بابا عادل يصرخ ويزعق ويقول:
_ الأرض دي أرضي أنا، وباسمي أنا، والمباني حق الأسرة الألمانية بنسبة شراكة ٢٥٪ ليا، والأوراق بتاعتي مش هسلمها لحد..

المحامي قال له:
_ بس الست حصلت على توقيع ابنك على أوراق تثبت أنها مالكة كل شيء وأنه واخد منها فلوس للغرض ده

بابا عادل قال:
_ انا مليش علاقة بابني، أنا المالك..
ومشى المحامي، رجع السفارة ناوية على ايه، وكانت صدمته في باباه كبيرة ...

عادل كان منهار جدا، وجالي البيت وكان بيبكي، واعتذر لي عن تأجيل الفرح، وإنه مضطر ياخد الورق من أهل مراته مقابل المليون يورو اللي خدها منها، علشان يجنب نفسه القضايا والحبس..
وانا قلت له بيع الشقة وخد أي فلوس، والفرح يتأجل مليون سنة، المهم سلامتك..
عادل حس نفسه قوي بكلامي وأخد الثقة، وراح يتواصل معاهم يقول لهم أنه مستعد يدفع لهم مليون يورو مقابل الاوراق..
وكانت المفاجأة أنهم رفعوا قضية عليها في المانيا والمحكمة جمدت رصيده في البنك، بدعوى إنه خدع بنتهم في مرضها الاخير وخلاها توقع له على شيك بمليون يورو، والمحكمة الألمانية جمدت رصيده لحين مثوله أمامها..

صدمة هزت عادل، وهزتني، وكان يا عيني منها، وقلت ياريته ما حدد ميعاد تاني للفرح النحس اللي كل ما نحدده تحصل مصيبة..

وللأسف الحل الوحيد دلوقتي في ايد بابا عادل، لو سلم أوراقه للسفارة كل شيء هيخلص، لكن الطمع خلاه متمسك، وفي ستين داهية سلامة ابنه وحريته
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
عادل فكر فعلا يبيع الشقة، لكن للأسف سعرها مش هيوفي المبالغ اللي موقع عليها، ومفيش حل غير إنه يسلمهم اللي عايزينه حتى لو هيسرق الورق من باباه..
وخد عادل القرار من غير حتى ما يقول لي وقتها، وخد يوم كامل في البيت يراقب باباه علشان يشوفه شايل الورق فين، والمفاتيح فين، ويخطط هيتعامل ازاي..
ونوى المجنون فعلا إنه يعمل مصيبة، وعرف كل تحركات باباه وشافه وهو بيشيل المفاتيح في جيب الجاكيت اللي خرج بيه الصبح..
ودخل في نص الليل أخد المفاتيح، ونزل عمل نسخة منه في المحل، ومن حسن حظه إن المحلات في القاهرة بتفضل فاتحة للصبح..
عمل النسخة ورجع حط كل حاجة في مكانها، ودخل أوضته ونام وكأن شيئا لم يكن.
بابا عادل صحي الصبح وشاف المفتاح، واستغرب لما لقى عليه زيت ميعرفش جاله منين..
مفاتيحه دايما في جيب الچاكيت، يبقى الزيت ده جاي منين..
وهنا بدأ يشك إن عادل عمل حاجة زي كده، وقال لمراته وبنته عادل عايز يسرقني وبتحريض من خطيبته فرح..

جات أخته بدل ما تعاتبه، جات لي البيت تشرشح لي، وتتهمني اتهامات حقيرة زي وشها ووش باباها ومامتها، واني بحرض أخوها على سرقة باباه..
اتصلت يعادل واتأكدت أنه فعلا ناوي يعمل كده، وكان باباه بيتصنت عليه، ودخل عليه فجأة بعد ما سمعه، وزعق له ..
_ انت ولد عديم التربية، عايز تسرقني علشان البنت دي، أمشي أخرج من بيتي يا حقير، وكانت النهاية أن عادل صاحب كل الأملاك دي انطرد من البيت..
اتصلت بيه ونزلت قابلته في كافيه، وكان منهار خالص، وفي وسط الكلام قال حتة لفتت انتباهي كانت تايهة مننا كلنا مع زخم الأحداث، جملة استوقفتني وهو بيقول:
_ أنا ضيعت فترة من عمري مع ست مريضة كانسر، يوم كويسة وشهر بتصارع الموت، يومين لطيفة وشهر متعصبة ومقرفة، وكل دي انا صابر ومتحمل واقول بكرة تموت وأورث أنا شركتها ومكاتبها في المانيا، ورصيدها في البنك يبقى بتاعي، لكن كنت غبي، وبوقع على اي حاجة آخدها منها، واقول وماله، ما انا فعلا أخدت منها كذا ..

أنا وقفته هنا:
_ عادل .. هو انت من حقك تورث مراتك الألمانية حتى لو مش كاتبة لك تنازل؟
_ اه طبعا، ما انا جوزها، وأشارك أسرتها في ميراثها
_ كل ده يا عادل وانت خايف من كام ورقة طالبوك بيها

_ ما هم اتهموني اني استغليت مرضها الاخير ودي تهمة مش سهلة
_ سهلة ايه وصعبة يا عادل، انت بتستهبل، تعبت اعصابنا معاك وانت ناسي ميراثك، انت تبلغ المحامي يقول للسفارة انك بتطالب بميراثك في مراتك هناك في ميونيخ، وفي مصر، وبعدها نشوف حوار الورق والرصيد اللي اتجمد في البنك.
عادل كان فرحان خالص بالفكرة، وروحنا مع بعض لعنوان المحامي، بس مكانش موجود في مكتبه وقافل كل تليفوناته..
طلعت مفاتيح الشقة اللي اشتراها عادل واديتهاله

_ عادل، دي مفاتيح الشقة اللي انت اشتريتهالي، وفيها الورق اللي يثبت ملكيتي ليها، خليه معاك ربما تحب تلغي الملكية أو تعمل أي حاجة، وفيها كمان الفلوس اللي خليتهالي، مش خدت منها غير ٣٠٠ يورو علشان اشتري سكوت بابا عن سفرك بعد كتب الكتاب، عيش في شقتك وبفلوسك لحد ما الموضوع ده ينتهي يا عادل

_ انتي عظيمة أوي يا فرح، وجدعة ومحل ثقة
_ مفيش عظمة أكتر من أنك تكون راجل معايا وتفكر في مصلحتي في عز ما كنت عايش في خطر، وتعمل حاجة تغضب أهلك عشاني، الشقة بتاعتك والفلوس فلوسك يا عادل

_ تؤتؤ، لا شقتي ولا فلوسي يا فرح، انا هعتبر نفسي حد لجألك وانتي آويتيه

_ متقولش كده يا حبيبي، مفيش لاجئ في موطنه

كلام كبير خرج مني معرفش ازاي، مع أن عادل مش جديد عليا، وحسيت اني فعلا لازم اقف جنبه، خصوصا بعد ما أهله عملوا فيه كل ده..

افترقنا كام ساعة كده لحد المغرب، واتصل عادل بالمحامي وخدني ميعاد وبلغني بيه، وروحنا مع بعض..
المحامي كان راجل ذكي خالص، وبيحب أولاد بلده، وكان متعاطف جدا مع عادل خصوصا لما عرف أنه شاب كويس، وفي بداية كلامه قال لعادل أنه لقى فكرة يخلص بيها عادل من الورطة دي
_ ايه هي؟

المحامي قال لعادل أن أبوه امتلك الأرض دي والنسبة دي بعقد من عادل نفسه، وبما إن عادل لا يملك الأرض ولا الشركة علشان يتنازل عنها بسبب الأوراق اللي وقعها هناك، يبقى كده ابو عادل لا يملك هو كمان حاجة، لأن فاقد الشئ لا يعطيه، وعادل يعتبر فاقد الشئ، وكده والد عادل يولع في الورق اللي معاه ده ملوش لزوم، وعادل يطلع سليم.

أنا تدخلت وسألت المحامي:
_ طيب بالنسبة لميراث عادل في مراته، يضيع بالقضية اللي رفعوها عليه هناك؟
_ لا طبعا، هما طالبوا بتجميد رصيده اللي حصل عليه منها دفعة واحدة، لكن ميراثه في ألمانيا ومصر محفوظ..
وهنا عادل طار من الفرحة، وطلب من المحامي يساعده ويدعمه في موقفه ده..
والمحامي طلع راجل عطوف بجد، ووعد عادل أنه يخلص له كل الأوراق ده..

رجعت البيت، لاقيت أخت عادل لسة داخلة البيت عندنا، ومتضايقة ومقهورة وبتسألني:
_ اخويا عادل فين؟ وقافل موبايله ليه؟
_ وانا هعرف منين؟ هو انا اللي طفشته؟
_ يا فرح الدنيا بايظة في البيت وعايزين عادل ضروري

أنا اتخضيت وكنت هكلمه، اعتقدت أن مامته عيانة ولا حاجة، لكن هي كملت كلامها وبسرعة وقالت لي:
_ المحامي بعت لنا ورقة بيقول فيها أن العقود اللي مع بابا ملهاش لزوم، لأن اللي حررها وتنازل عن الأرض ونسبة في العمارة لا يملك فيها شيء، يعني نبل الورق ونشرب ميته

_ اه يا ولاد المفجوعة، بتسألوا عنه علشان النصباية اللي نصبتوا عليه فيها، أنا مش عارفة عادل فين، وبعد اذنك أنا تعبانة وعايزة انام

أخته طبعا مشيت وهي بترطن بكلام وتهديدات كده ملهاش لزوم..

شوية كده وعادل كلمني وقال لي إنه عايز يتفق مع بابا يحدد معاه مواعيد فرحنا، والشقة موجودة، والفلوس موجودة، وأنه هيشتغل أي حاجة لحد مواعيد الفرح, صرخت فيه بجد وقلت له:
_ عادل، انت مش بتحرم يا ابني، ده احنا كل ما نحدد ميعاد فرحنا بتحصل مصيبة، انت ناوي يحصل لنا ايه تاني..
_ الأول كنت احدد وانا طمعان في فلوس مراتي يا فرح، لكن دلوقتي انا مستعد اعيش معاكي بالقليل اللي معانا، حتى لو المحامي فشل أنه يجيب لي حقي في الميراث..

_ يبقى نتجوز في صمت بدون فرح ومعازبم وهيصة .. أصحابنا بس، وكام حتة چاتوه في أي نادي كأنها فسحة أو خروجة، ونصورها وننشرها ع الفيس ونخلص..

_ خلاص يا فرح اللي تشوفيه، اقنعي أبوكي، ونعملها الاسبوع اللي جاي..

ولأول مرة بابا يوافق على حاجة زي كده بدون ما يتعبني، قال لي سترتك اهم كفاية كده..
وبابا عادل وأسرته رفضوا طبعا يحضروا، ما اهو خلاص معادش الفرخة اللي بتبيض لهم بيضة دهب..
عزمنا أصحابنا، وحددنا الخميس، وكل شيء على التنفيذ.
وفجأة..
اتصل المحامي بعادل يقول له، أن أسرة مراته الألمانية هتنزل مصر مخصوص علشان تخلص معاه كل حاجة ودي، وتشوف هو عايز ايه، وهما طالبين ايه، ولازم يحضر المقابلة دي..

عادل كان خايف من مواجهتهم، ومتوتر، وقال بردو مش هتنازل عن الجوازة دي، وانا قلت له نؤجلها يوم ولا يومين نشوف ايه اللي هيتم مفيش مشكلة..
قال خلاص نحتفل بجوازنا الاربع، مش هتفرق..
بابا رفض، وقال يشوف الأجانب دول عايزين منه ايه؟ لو كان خير، يبقى بنتي يتعمل لها فرح كبير يعوضها عن كل صدماتها في عادل
وإن كانوا عايزين أذى لعادل، تبقى بنت لسة ع البر وفي أمان..

عادل احترم رأي بابا، وانتظرنا لحد ما جه يوم الخميس، وعادل أصر إني اروح معاه السفارة فندق إقامة الناس دول في وجود المحامي، ومترجم كان جايبه المحامي علشان يترجم له المصطلحات القانونية اللي عايز يكلمهم فيها..

ولأول مرة اشوف أسرة ألمانية بالجشع ده كله، ده انا كمان أول مرة اشوف أسرة ألمانية في حياتي.. بس ايه القرف اللي هما فيه ده، هو عادل استحمل ازاي يعيش معاهم كل ده .. أووووف
ربع ساعة قاعدين مع الأسرة الألمانية المقرفة دي، وانا مش فاهمة حاجة، خصوصا إن المترجم اللي المحامي جايبه، بيترجم بصوت واطي في ودن المحامي، كان الموضوع سر عني أنا بس 
وكان يوم صعب من أوله، وكنت مرعوبة من أول اليوم لآخره، مش عارفة إن كنت خايفة الشقة والفلوس يضيعوا مني، ولا خايفة الألمان دول يتعرضوا لعادل بأذى، ولا عادل نفسه يشوفني عروسة نحس ويتخنق مني..
أسئلة كتير ملهاش إجابة، وخوف من غير مبرر، بس اللي كان مخليني مطمني أكتر إن أهل عادل ميعرفوش أي حاجة عن موضوع الأسرة الألمانية اللي جات من برة دي، ومعنى كده أن عادل يثق فيا أكتر من أهله، وبصراحة وبدون غرور، أنا فعلا أمينة أوي على عادل، وبخاف على مصلحته، وأول ما وقع في ورطة، كنت جنبه، وقلت له بيع الشقة مش عايزاها، مع انها ملكي بكل الفرش اللي فيها، وعليهم الفلوس اللي في الخزنة..
الست الكبيرة شخطت في المحامي، زعقت له، والمترجم كان شكله محرج يقول للمحامي الكلام بالظبط، لكن عادل بسرعة قال باللغة العربية للمحامي:
_ دي بتقول لك انت طماع، وعايز عمولة أكبر. 
المحامي بص للمترجم يسأله عن صحة ترجمة عادل، والمترجم قال له:
_ للأسف قالت كده بالظبط..
وهنا قام المحامي يزعق بالعربي، ويشاور للمترجم علشان يترجم لها:
_ أنا اللي طماع، ولا انتوا اللي عايزين تحرموا شاب مصري من حقه في تركة مراته، واستغليتوا جهله بالقوانين الداخلية في ألمانيا والقانون الدولي الخاص، بس على مين، ده انا من بكرة هسافر المانيا وأجيب له حقوقه
قلت لعادل أنا مش فاهمة حاجة يا عادل..
عادل كان مركز جدا مع الست وأهلها، مش معايا خالص، والمترجم بيترجم لهم الكلام، وواحد من الأسرة الألمانية قال المحامي عبارة، والمترجم ترجمها بصوت عالي مع حدة الحوار، وقال:
_ هو انت فاكر أنها كان عندها ثروة، دي صرفت كل فلوسها على علاجها، واحنا كنا نصرف لها إعانات..
عادل قام يسخر منهم، وللأسف المترجم مش بيترجم، بس فهمت من كلامه أنه قال كلمة مليون يورو..
وأعتقد أنه قال لهم، ازاي ملهاش ثروة وهي كتبت لي شيك بمليون يورو، وانا صرفته بدون معيقات في البنك..
قام واحد حكيم من الأسرة الألمانية واتفاوض الأول مع قرايبه، وبعدها اتوجه لعادل والمحامي بالكلام وقال كلام كتير، والمترجم ترجمه بصوت عالي:
_ احنا ممكن نترك لعادل كل ما تملكه زوجته هنا في مصر، مقابل أنه يتنازل عن ما حقه في ثروتها بألمانيا..
قام المحامي يسخر:
_ يعني عندها ثروة يا مدام؟ وفاكرين نفسكم رعاة الحق والإنسانية .. ومع ذلك أنا مصمم أن عادل يعرف ميراثه كام في ألمانيا ويقسم معاكم فيه
الست الكبيرة صرخت وقالت كلمة ألمانية معناها لاااااا..
عادل سأل المحامي:
_ انت نسيت نفسك يا متر ولا ايه؟ انت المفروض المحامي بتاعهم
_ احنا مصريين زي بعض يا استاذ عادل، وانا فهمت متأخر انها لعبة عليك للاستيلاء على ثروتها اللي هناك..
عادل قال لهم كلام كتير، وفهمت منه أنه راضي على اقتراحهم وقال لهم جملة مليون يورو..
المحامي بيعاتبه لما المترجم قال إن عادل موافق يتنازل عن حقه في تركة ألمانيا، مقابل تنازلهم عن حقهم في مصر، وكمان ياخد المليون يورو المتجمدة..
المحامي قال له:
اصبر يا استاذ عادل ممكن نطلع منهم بأضعاف المبلغ ده، شكل التركة كبيرة
عادل كان جاب آخره وراضي باللي طلبه، وكانت أم مراته رافضة وبشدة، لولا أن المحامي هددها أنه ممكن يحرمها من كل ده 
الأسرة اقنعت الست دي توافق، واتفقوا على تجهيز العقود وتوقيعها وتوثيقها في السفارة الألمانية، وكان الميعاد الجمعة الصبح، وكل حاجة خلصت..
ورجعنا انا وعادل من السفارة معانا خمس أبراج في مصر، وشقة في القاهرة غالية جدا، ومبلغ صغنن أقل من عشرين ألف يورو، ومعانا كمان مبلغ مليون يورو دخل حساب عادل من رصيد مامت مراته..
احنا زعلنا أوي لما عرفنا أن راس مال شركة مراته حوالي ١٦ مليون يورو، غير رصيدها في البنوك، لكن مش مهم في ستين داهية، المهم سلامتنا..
بس سلامة ايه؟
ده عادل مش مسامح نفسه، خايف من المجتمع، خايف من الفلوس.
بيقول لي أول مرة يشوف أب يطمع في ابنه، وأخت تطمع في اخوها، والست الألمانية طمعانة في تركة بنتها، واول حاجة فكرت فيها بعد وفاة بنتها هي حماية الثروة..
حتى انا يا فرح كنت طمعان، كنت صابر عليها لحد ما تموت علشان أورثها..
حتى أبوكي كان طمعان فيا وفيكي يا فرح، الناس دي لو عرفت معانا المبالغ دي مش هيسيبونا في حالنا، هيقرفونا في عيشتنا..
الصاعقة هنا لما بص لي وقال لي:
_ حتى انتي يا فرح كنت طمعانة في مراتي، وصابرة عليا لحد ما أورثها، الطمع ده هو اللي عطل جوازنا، ومش عارف هيعطلها لحد امتى..
أنا اتصدمت، وكان هيغمى عليا بجد، وبصيت له وأنا بعيط:
_ عادل أنا حبيت فيك رجولتك، ومكنتش متخيلة اكون لغيرك، ولما انت اتنيلت اتجوزت الزفتة دي، كنت بلتمس لك عذر الظروف..
وكنت خايفة عليك منهم، وعليك من بابا، وعليك من أهلك انت..
لما كتبت لي الشقة يا عادل سبتها وخليت الفلوس اللي فيها مكانها، وال ٣٠٠ يورو الوحيدة اللي صرفتها، كانت علشان أحميك من بابا..
لكنا تتهمني اتهام شنيع زي ده، يبقى انت تشوف طريق يا ابن الناس، وانا راضية باللي وصلت له، واتمنالك كل الخير، وربنا يحميك من شر الفلوس اللي جات بالطمع، وأول ما جات خلتك تظن السوء في اكتر حد بيحبك..
خليته مكانه وجريت، أخدتها جري لحد البيت، والضغط ارتفع عليا جدا، وعيني كانت تسح دموع معرفش جاية منين..
صدمة عمري في عادل، آخر حاجة كنت أتوقعها..
في عز ما الضغط عندي مرتفع عليا، جات أخت عادل ترجع لي دبلة الخطوبة بتاعته، وتقول لي هاتي دبلة عادل..
المستفزة عايزة تموتني ناقصة عمر، عايزة تقهرني، وبابا كان متعاطف معايا بشكل غريب، أول مرة أعرف أني غالية عليه علشان ذاتي كده...بابا من يوم ما خرج معاش مبكر واتعلم يدخن الحشيش والبلاوي دي، وأخلاقه اتغيرت معايا، كان كل همه الفلوس بس..
بس عطفه وحنانه معايا محسسني أنه رجع تاني، حتى السجاير بدون مخدرات بطل يشربها..
صحيت م النوم يوم الأربع على ما اذكر، وكانت آثار الضغط بتروح مني، وسمعت صوت عادل بيحكي مع ماما يقول لها:
_ ما الاقيش عندك عروسة تكون مقموصة وزي القمر تجوزيها لي..
أمي كانت حادة في ردها وقالت له:
_ كان عندي قمرين في عروسة واحدة، بس ابن الحرام تلف أملها وخلاها راقدة..
عادل حس بالاحراج وقال لها:
_ ربنا يسامحك يا طنط
خرجت له وانا شعري منكوش، ووشي أصفر، وباين عليا التعب..
راح بهزار يقول لي:
_ اجري يا شاطرة نادي فرح هانم من جوة
_ للأسف معندناش هوانم هنا، احنا ناس غلابة
_ الغلبان الوحيد في العالم ده هو الراجل اللي رميتي له دبلته، ومع ذلك جاي يصالحك ولسة متمسك بيكي..
أنا استغربت، بيقول ايه ده؟ انا امتى رميت له الدبلة، وسألته دبلة ايه اللي انا رميتها؟
قال لي الدبلة اللي بعتيها مع أختي..
_ أختك جابت لي دبلتك، وقالت لي هاتي دبلة عادل..
عادل اتفاجئ كمان، وشتم أخته بصوت مسموع، وقال لي:
_ أنا قلت لها اشتريت دبلتين جداد للخطوبة، غير الدبل النحس دي، وقلت لاختي تقول لك احتفظي يالدبلتين في أي مكان عندك، ويوم الفرح نلبس الدبل الجديدة..
بس للأسف يبدو إن أختي حاولت توقع ما بيننا..
_ انت حكيت لهم عن اللي حصل؟
_ أنا جبت لهم ربع مليون جنيه يعيشوا منها، لاني مهما حصل مش هخليهم يحتاجوا حاجة، وسألوني وحكيت لهم عن كل حاجة، وقلت لهم ع الدبل الجديدة
_ وانت عايز ايه دلوقتي؟
_ عايزك تحددي ميعاد الفرح
_ مواعيد تاني، لا يا عادل، مفيش مواعيد افراح، انا بجد بقيت اتشائم من التحديدات، احنا ممكن نحجز مركب ع النيل لوجبة عشا النهاردة، ونشوف اكبر عدد من الترابيزات فاضي ونعزم صحابنا وخلاص
عادل صمم أنه لازم فرح ومعازبم ودوشة وحاجة تعوضني عن اللي راح..
ورغم التشاؤم والخوف من صدمة جديدة الا أني وافقت
وافقت وانا حرفيا مرعوبة..
وبعد كام يوم عدى الفرح على خير، ومكانش فيه يوم الفرح أي صدمة جديدة لفرح..
انتهت القصة

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-